شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   رواية الحلم الرمادي *مميزة ومكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t452736.html)

هند صابر 31-07-19 11:10 PM

رواية الحلم الرمادي *مميزة ومكتملة *
 




احبتي اطل عليكم بعد غياب برواية جديدة تحت عنوان الحلم الرمادي ارجو ان تنال رضاكم


ادعوكم اصدقائي لمتابعة روايتي الجديدة وسأكون ممتنة وشاكرة لاهتمامكم ومتقبلة لارائكم


الرواية حصرية لمنتدى روايتي


الحلم الرمادي

الغلاف إهداء من وحي الأعضاء



المقدمة


خيوط القدر نسجت شباكها لتحبسها في بيئة ومكان مغاير لواقعها ومختلف عما كانت تتخيل

ولم تجد امامها سوى امرين لا ثالث لهما اما ان تكون الفريسة التي ستبقى تنتظر ميعاد قدوم من نسج الشباك حولها او انها تتكيف مع البيئة الجديدة بصورة مؤقتة وتستنهض المرأة القوية بداخلها وتظهر مخالبها لتمزق بها الخيوط شيئا فشيئا وتنفذ ........ لنرى ماذا ستختار هتان ومامصيرها في رحلتنا معها بتلك الرواية.



الحلم الرمادي



الفصل الأول


(انا محبطة)


تنهدت هتان وهي تدخل الى الشقة الصغيرة وبداخلها تشعر بشيء من التأنيب وفي رأسها تزدحم الأفكار وتتلاطم بدوامة الحيرة والتردد

وكأنها ارتكبت حماقة صغيرة وقرارها صدر منها بعدم تروي والمام!


القلق انتابها منذ اول لحظة خطت يدها توقيع العقد يبدو انها تسرعت وان الحماقة كبيرة وليست صغيرة

كان الاجدر بها ان تشرك ذلك الرجل العجوز الطيب كعادتها باتخاذ أي قرار مصيري ومستقبلي

كأنها حاولت الخروج عن المألوف هذه المرة!

رغبة منها بالتجربة والمغامرة وتذوق طعم التفرد بالرأي في الخوض في امورها وقراراتها الشخصية بمفردها ودون الاعتماد على أحد واتخاذ خطوة جديدة ستغير من نمط حياتها ومسيرتها وربما من شخصيتها الانطوائية المتقوقعة بعض الشيء!


وقبل ان تجلس في مقعدها المفضل قرب المدفأة ابتسمت ونادت بملاطفة: " كأني اشم رائحة حساء الفطر مع اننا اتفقنا على غير ذلك تماما .... كنت وعدتني بطبق الكوسا المحشي ام تقاعست أيها العجوز الضعيف"

ورمت حقيبتها واتجهت بخطواتها الرشيقة الى المطبخ ثم استندت على الباب واحاطت جسدها بذراعيها وهي تتأمله بعين الامتنان والرضا وشعور خفي بالندم لانها ركنته جانبا وتصرفت بأنانية

كان يضع سيجارته بين اسنانه بينما يداه الرطبتان تتخبطان بين الاواني والملاعق وكأنه يبحث عن احدى علب توابله التي اعتاد على تغيير اماكنها بفوضاه المعتادة وضجيجه المحبب

قال بليغ دون ان يتطلع بها وعبر السيجارة وبنبرة باردة ومتأنية جدا: "منذ متى وانا اعد ما نتفق عليه؟ ..... انا اشاورك وبعدها اعد ما اراه مناسب"

تأملت جانب وجهه مركزة على التجاعيد التي استوطنت تحت عينيه وقرب فمه ثم ارجحت بصرها بين شعره الذي يغزوه الشيب وبنظرة ودية وقبل ان تقول شيء تغيرت ملامحها عندما بادر بلا مبالاة مكررا: "اشاورك وبعدها اعد ما اراه مناسب"

ثم التفت اليها ورمقها بجمود وواصل: "لكن انت لم تشاوري حتى"

بهتت وقالت بتلعثم: "علم.... علمت؟"

عاود انشغاله بما في يده وأجاب وهو يغطي الاناء بروية: "اتصل بي خليفة قبل قليل"

أطلقت تنهيدة غير مسموعة واستدارت وخطت بعدم انتظام عدة خطوات واحتارت كيف تصلح الامر معه؟

لكن سرعان ما عادت الى المطبخ وهتفت متسلحة بالثقة: "كان علي ان اتحرك .... ان اتخذ خطوة حاسمة .... كنت واثقة من ردة فعلك لذلك"

أكمل لها بنبرة مثلجة: "لذلك تجاهلتني"

هزت رأسها برفض وقالت بتأكيد: "لم اتجاهلك وبحياتي لا يمكن ان اتجاهلك لكن أعطني فرصتي هذه المرة .... أعطني مساحة من حرية الخيار .... لم اعد طفلة اريد ان اخوض التجربة .... اريد ان ابتعد قليلا ان اعرف معنى المسؤولية ان اتحمل نتائج قراري ان القن نفسي درسا مرة واثنين وثلاثة على اخطائي حتى اعرف الخطأ من الصواب"


تأملت عينيه ولمست بهما بريق من الحيرة والتردد وكأنه يستوعب ما تقوله لكنه يخشى مما شجعها على مواصلة ابداء ما تشعر به دون تقيد: "انت حكيم ورائع وصاحب تجارب وانا واثقة من قراراتك كل حياتي وسرت خلفك كالعمياء واتكلت عليك بكل صغيرة وكبيرة بحياتي الرتيبة المملة ولم اندم يوما على ذلك لكن .... ان الأوان لأسلك طريق جديد لأبحث عن ذاتي لأتسلم القيادة .... دعني اخبط قليلا وبعدها بالتأكيد سأهتدي .... ارجوك"


بعد هنيهة من الصمت اومأ لها برأسه الاشيب وبنظرة فيها شيء من الود هدأت قلبها الخافق تحت وطأة انفعالاتها وبادلته النظرة قائلة بامتنان: "اقتنعت برغبتي؟ هذا يعني إنك موافق صحيح؟"

سار بجسده النحيل وقامته الطويلة واتجاهها واقترب قائلا: " وان لم أوافق؟ ستمضين قدما؟"


خفقت اهدابها الفاحمة بتردد وارادت ان تجيب لكن تمرد ما منعها مما جعله يقول وهو يقترب ويمد ساعده القوي ليربت على كتفها بكفه الداعم: "فهمت الإجابة .... سأوافق لكن .... ليس بملأ ارادتي بل مضطر .... مضطر لتلبية رغبة ملحة لديك بالاعتماد على نفسك .... لكن لا أنكر خوفي وقلقي بشأنك .... تمكثين في منزل غرباء هذا ما لا اطيقه على ابنتي الوحيدة والبريئة ابنتي النقية البيضاء تماما من الداخل"


وضعت يدها على كفه المجعد المستقر على كتفها وداعبت انامله قائلة بنبرة مطمئنة: "سأريح بالك تماما .... ذلك المنزل الذي تراودك الشكوك والمخاوف نحوه لا تسكنه سوى امرأة .... سيدة تعيسة جليسة الكرسي المتحرك .... امرأة بحاجة الى المعونة والرفقة .... اقعدها حادث مؤلم عن كل تفاصيل الحياة .... سيدة عاجزة لا تريد سوى الرفقة والعناية .... لا تقلق ابي .... المسافة بيني وبينك بضعة ساعات كلما طلبتني سعيت اليك وبأي وقت .... شهادتي تؤهلني لهكذا ظروف وانا اعتبرها فرصة تاريخية لي فالأجر مغري والشروط قليلة والجهد محدود .... اريد ان أكون نفسي ان اعمل ان استحصل المال من جهدي ان ادخر لمستقبلي وكفاني تشبثا بك كالأطفال .... أيضا اريد مساعدتك .... انت تعبت وان الأوان لترتاح يا ابي .... عملك شاق ومضني وبنيتك لم تعد كالسابق انا سأرسل لك شهريا واريدك ان تستريح من العمل"

ابتسم باستخفاف مما ضايقها عدم وثوقه بقدراتها وابعد يده عنها وابتعد وهو يتمتم: "حسنا .... افعلي ما شئت هذه المرة"

ثم التفت اليها وأشار بإصبعه نحوها وبثقة: "قرري لنفسك لكن ليس لي .... ما زلت بكامل قدراتي ومهاراتي بإمكاني ان اعيل نفسي واعيلك لم اشتكي ولن اشتكي .... ابتعدي يا هتان لكن هذا لا يعني إنك ستخرجين من خيمتي ومن طوعي ومن رعايتي ورقابتي .... سأبقى الداعم والسند"


ابتسمت عبر دموعها وقالت بهمس: "اكيد"


.................................................. .......................

انزلت حقيبتها الى الأرض واستنشقت الهواء بعمق عندما وصلت الى مدينة التل في ريف دمشق شمال العاصمة وانشرح صدرها لما رأته من طبيعة جبلية خلابة واستمتعت كثيرا بسماء الحرية وطيب الهواء وكثافة الأشجار وتراكم بقايا الثلوج على السفوح اطلالات رائعة بالفعل وكأنها كانت بحاجة الى هكذا تغيير كبير وجذري

مازالت امامها خمسة كيلو مترات باتجاه الشمال حتى تصل الى البيت المعني في قرية منين .... كانت البيوت تنتشر على ضفاف الوادي إضافة الى كثير من المنتزهات والمقاهي .... هواء عليل بالفعل ومناظر ساحرة خاصة في أواخر الشتاء

كان الطقس بارد مما جعلها تحيط عنقها البض بشالها الأحمر الذي نسقته مع فستانها الأسود المتوسط الطول وحذائها الطويل الأحمر وبدت بهيئتها كفتاة من طبقة أرستقراطية عكس حقيقتها تماما ومناقض لما جاءت من اجله لكن هي هكذا كانت دائما تهتم بمظهرها وساعدها قوامها على ان تكون مختلفة فهي تملك قامة طويلة وشعر اسود جذاب منسدل على كتفيها بتموجات ناعمة وبشرة بيضاء صافية وبأرنبة انف مرتفعة قليلا وتقاسيم طفولية وشفاه رقيقة غير ممتلئة وعيون سوداء كحيلة ومفعمة بالحيوية .... جميلة لكن شخصيتها ليست قوية تماما لديها تكتم وانطواء ورغبة بالعزلة وربما اعتمادها واتكالها على والدها السبب والعامل الأساس في تكوين شخصيتها البليدة .... لم تكن راضية بتاتا عن نفسها وتود ان تحصل على أي فرصة تساهم في تغييرها وثقتها لهذه الأسباب قررت الخروج من قوقعتها والاعتماد على نفسها بخوض تجربة العمل والابتعاد.

.......................................

عندما وصلت الى المنزل المعني وقبل ان تطرق الباب الخارجي اوقفها إحساس كئيب وتملكتها الرهبة!

إحساس غريب اعتراها وأضعف عزيمتها وضيق اجتاح صدرها واستاءت من شعور القلق والتردد وانزعجت من رغبتها بالعدول وترك ما خططت له والرغبة بالعودة واحباط مخططها!

ابتلعت ريقها واخذت نفسا عميقا واجبرت نفسها على تجاهل اختلاجاتها الحالية والمواصلة.

قبل ان تطرق وجدت الباب مفتوح تقريبا فدفعته برفق وتأملت الحديقة الصغيرة وتبادر الى ذهنها فورا سؤال أهذا البيت مهجور؟

لكنها سرعان ما سخرت من نفسها بالتأكيد بيت تقيم به امرأة عاجزة ماذا عليه ان يبدو؟

حديقة مهملة بكل للكلمة من معنى الشجيرات الصغيرة مكتظة بالأغصان الغير منظمة والعشب مرتفع كالأدغال

دخلت ببطء وهي تتأمل ارجاء الحديقة ومجموعة السنادين الموزعة بعدم اهتمام قرب الجدران والتي تخلو من الزروع بل اغصانها جافة وكأن العشب والشجر نمى بفعل هطول الامطار بدون أي يد تدخلت بأحيائه .... لا اهتمام ولا عناية ولا حياة ولا إحساس مريح بداخلها فقد غلبها الضيق والاكتئاب من المنظر

تطلعت الى السماء بسرعة عندما سقطت قطرة ندية على ارنبة انفها وسرعان ما هطل المطر فسارعت مهرولة قرب النوافذ المليئة بالغبار من الخارج وتأملت الستائر المعتمة وزادها الامر استياء ان المكان هنا خلاف الطبيعة في الخارج والجمال الخلاب.

طرقت على احد ابواب الدار مرارا دون جدوى فاضطرت الى الاتصال بالرقم الخاص بصاحبة الدار لكن الذي اذهلها وجعلها متوترة اكثر ان الصوت الذي اجابها صوت رجل!

قالت بارتباك: "عفوا اريد التحدث مع مدام ديم هذا الرقم يخصها صحيح؟"

الرجل وبهدوء بالغ: " نعم .... انت الانسة هتان؟"

هي وباهتمام: "نعم .... نعم انا وصلت الان وطرقت الباب دون جدوى"

هو ويبدو مستعجلا: "حسنا"

واغلق الخط مما جعلها تفكر من هو؟

وقبل ان تسترسل بفضولها سمعت صوت الباب الخشبي الضخم يفتح ببطء فاعتدلت وابتلعت ريقها واستعدت للقاء ولما لم ترى او تسمع شيء اقتربت من الباب أكثر ولم تلاحظ سوى الظلمة في المدخل واستغربت لعدم استقبالها وتقدمت خطوات حتى وجدت نفسها قد أدخلت رأسها خلال الباب والذي اثار استيائها انها وجدت الكرسي المتنقل يبتعد وكأن السيدة فتحت الباب وذهبت دون اكتراث او ترحيب!

قالت بانقباض: "مرحبا .... انا هتان لقد وصلت لتوي"

قطبت جبينها عندما جاءها الرد البارد ودون ان تلتفت اليها: "اغلقي الباب خلفك"


راقبت هتان عجلات الكرسي التي تبتعد بإحباط .... ماذا يعني ذلك؟ احتقار؟

من تظنها؟ تمنت ان تقول لها لست خادمة يا مدام .... انا ممرضة ولدي كرامة وما جئت الى هنا الا لكي امد يد العون لك وصدري مليء بالإنسانية.

لم يعجبها الاستقبال ولا المنزل بأكمله .... ظلمة ومصابيح مطفأة وستائر معتمة ونظافة معدومة وسيدة عديمة الذوق أيضا!

انزلت حقيبتها ببطء وانتبهت عندما قالت السيدة وبدى لها الصوت لامرأة ليست كبيرة: "اختاري الغرفة التي تعجبك .... كل شيء متوفر في المطبخ .... يؤسفني ان الماء بارد فقد تعطل سخان الماء البارحة بإمكانك تسخين ماء للاغتسال"


كل ذلك الكلام وهي تعطيها ظهرها لماذا؟

تمنت ان تسرع وتقف امامها وتقول لها لست نكرة انا بنت مثقفة ومحترمة.

غادرت السيدة المكان لتدخل في احدى الغرف وجالت هتان ببصرها في الصالة وبين قطع الأثاث والارائك المغطاة بشراشف بيضاء متدلية بعدم تنظيم ثم تأملت طاولة في المنتصف مليئة بالمنحوتات .... تماثيل صغيرة لكن كل منها يحكي فكرة معينة مما اثار اهتمامها وارادت الاقتراب والتمعن لكن موقف السيدة أربكها وأفسد عزيمتها وشتتها.

عليها ان تختار غرفتها وتعد طعامها وتسخن مائها؟ تبدو الحياة صعبة هنا ومملة.

بحثت بين الغرف الخالية وجذبت اهتمامها غرفة صغيرة جدا بسرير ومكتبة وطاولة امام نافذة وقررت ان تمكث هنا الليلة على الأقل لتعرف حالها ومصير قرارها فيما بعد.


هدوء مطبق وصوت الرعد بالخارج زاد الوضع غلظة وشعرت هتان بضيق أنفاسها وفتحت الخزانة القديمة لتجدها فارغة سوى من كيس فيه شرشف جديد ووسادة جديدة فأخرجتهما وأول خطوة رتبت السرير ثم ازاحت الستارة الثقيلة لترى المطر يطرق النافذة وخيط الظلام امتد ليغزو الأركان.

افرغت حقيبتها ووضعت صورة والدها على الطاولة ووضعت كتابها المفضل قربه ورتبت بعض ادواتها على الرف قرب النافذة وعندما انقطع التيار الكهربائي تهاوت على السرير وفتحت مصباح هاتفها لينعكس خيالها على الجدار وقاومت رغبتها بالبكاء .... الوضع هنا بائس جدا .... تصورت ان تجد امرأة مسنة ودودة ومريحة وتقضي معها وقت طيب لكن يبدو ان الامر مختلف تماما عما تصورت والابتعاد والتفرد أقسى بكثير مما كانت تتخيل.


خشيت ان ينفذ شحن بطارية هاتفها فغيرت ملابسها على عجل وارتدت بيجامة قطنية حتى بدت أصغر سنا خاصة عندما رفعت شعرها وطوته اعلى رأسها وبكل تحدي خرجت باحثة عن المطبخ.


أخيرا وجدت غرفة المطبخ واوقدت الشمعدان على الطاولة وجالت ببصرها لتجد أغراض مكدسة وعلب كثيرة واواني مصفوفة بكل ركن وناحية ورائحة الطعام القديم تنبعث من الارجاء والموقد فيه اثار قهوة مسكوبة!

كيس من الخبز على الطاولة وخضار في سلة صغيرة وقطع جبن معلب!

لا تعلم ما وظيفتها هنا بالضبط؟ ظنت انها ستعتني بالسيدة صحيا وطبيا لكن يبدو انها ستنغمس بأكثر من ذلك!


فتحت الثلاجة وشهقت عندما سقطت الاكياس المكتظة على الأرض وانهمكت بإعادة الأغراض ومما زاد حرجها سقوط بيضة لتنكسر قرب قدميها .... رباه!


فكرت بالفرار بمجرد طلوع الصباح الليلة فقط وستمضي وتعود الى بيتها ولتعترف لوالدها بإخفاقها وعدم قدرتها على الانفكاك عنه وفشلها باتخاذ خطوة جديدة وتجربة بدونه لكن الغرامة المالية المترتبة على نقض شروط العقد؟


حاولت التغلب على صدمتها واحباطها وقررت ان تعد لنفسها فنجان قهوة وتفكر بمنطقية أكبر.

ملأت رائحة القهوة الزكية ارجاء المطبخ مما ساعدها على الاسترخاء قليلا وقبل ان ترتشف شيئا من فنجانها شعرت بفظاظتها كيف لها ان لا تقدم فنجان القهوة الى صاحبة الدار؟

وضعت الفنجانين في صينية صغيرة وقصدت الغرفة بآخر الرواق ولما وجدت الباب ليس مغلقا تماما دفعته برفق وقالت بعفوية: "اعددت القهوة لنشرب معا"

توقفت رويدا وتسمرت نظرتها عندما واجهت رد فعل غريب من المرأة التي وضعت الشال على رأسها بسرعة وقالت بنبرة زاجرة: "من الذوق ان تطرقي على الباب قبل ان تدخلي .... ومن الأصول ان تسألينني ان كنت ارغب بتناول القهوة في هذا الوقت؟"

تحركت الصينية بيدها بسبب ارتجافه بسيطة سرت بأنحائها وضعفت جدا امام نظرات المرأة الصقرية الحادة وصوتها المبالغ بالغضب وقالت بتبرير: "الباب كان مفتوح و.... ووجدت ان من اللطف ان اشاركك فنجان القهوة لنتحدث .... على كل حال .... اعتذر"


اثناء كلامها كانت غير متمالكة لدهشتها بشكل المرأة وسنها بدت صغيرة ثلاثينية وجميلة بعيون شقراء واهداب وشعر فاتح جدا لكن الذي اثارها ذلك الايشارب الأسود الذي يغطي الكثير من جوانب وجهها وشعرها!

فقد اضفى عليها هيئة سخيفة وبدت كامرأة كبيرة معقدة!


ديم وبنبرة آمر: "ضعي الفنجان هنا"

وبينما هتان تقترب كانت ديم ترمقها بنظرات قاسية وشديدة جدا وكأنها خصمها او غريمتها حتى ان هتان استغربت كل ذلك!

وفائجتها بالسؤال: "انت التي وقعت العقد؟"

اومأت هتان موافقة وشعرت بضآلتها امام حدة المرأة التي هتفت: "من اجل ماذا جئت؟"

هتان وبدهشة وتردد: "نعم؟"

ديم وبصوت يفيض بالاتهام: "عرفت كل ظروفي؟ فهمت وضعي؟ قبلت بكل الشروط؟"

بهتت هتان وقالت بتردد: "بالتأكيد.... انا قرأت العقد ووافقت على رفقتك واعانتك لدي شهادة معهد التمريض ولدي خبرة من خلال دخولي بدورات الخبرة صحيح انني لم امارس المهنة في المستشفيات لكني واثقة من مقدرتي"


بدت ديم متوترة وفركت جبينها ببطء ثم اكتفت بالصمت وهتان واقفة بعدم ثقة امامها وشعرت ان هذه السيدة لم ترتح لها ابدا.


اتسعت عينا هتان عندما قالت ديم بنبرة استياء: "لست انت.... لست انت التي طلبتها"

ابتلعت هتان ريقها وبقيت متسمرة.


ديم بعد ثوان من التفكير وبلهجة فوقية: "حسنا قهوتك بردت .... سخني لي الفنجان"


تضايقت هتان وودت ان تقول لها لست خادمتك لكنها تمالكت اعصابها واخذت الفنجان من الطاولة وديم تراقبها بتفحص حتى خرجت.

وبينما كانت تسير الى المطبخ لامت نفسها لانها بالغت بمجاملتها وقدمت لها القهوة انها لم تستحق ويبدو انهما لن يتفقا.


سخنت القهوة وفكرت بكلامها لست انت التي طلبتها؟ ماذا تعني؟

ترى من هي ديم؟ وأين أهلها؟ ولماذا هي وحيدة؟ ومن اقاربها؟

ولماذا هي هكذا متعالية وحادة؟ ولماذا لم تطيقها؟

كل الذي عرفته عنها انها امرأة وحيدة ومقعدة بسبب حادث وأنها بحاجة الى رفقة ممرضة .... كان عليها ان تبحث في امرها أكثر وتعرف تفاصيل أكثر دقة.



https://upload.rewity.com/uploads/156648849740373.gif

المقدمة والفصل الأول .... اعلاه
الفصل الثاني .... بالأسفل
الفصل الثالث والرابع نفس الصفحة
الفصل الخامس ج1 و ج2
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الحادي والثلاثون
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
الفصل السادس والثلاثون
الفصل السابع والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون
الفصل الأربعون
الفصل الحادي والأربعون
الفصل الثاني والأربعون
الفصل الثالث والأربعون
الفصل الرابع والأربعون
الفصل الخامس والأربعون
الفصل الأخير


https://upload.rewity.com/uploads/156648849742714.gif


متابعة قراءة وترشيح للتميز : مشرفات وحي الاعضاء
التصاميم لنخبة من فريق مصممات وحي الاعضاء


تصميم الغلاف الرسمي : Heba Atef



تصميم لوجو الحصرية ولوجو التميز ولوجو ترقيم الرواية على الغلاف :كاردينيا73

تصميم قالب الصفحات الداخلية الموحد للكتاب الالكتروني (عند انتهاء الرواية) : كاردينيا73

تصميم قالب الفواصل ووسام القارئ المميز (الموحدة للحصريات) : DelicaTe BuTTerfLy

تنسيق ألوان وسام القارئ المميز والفواصل وتثبيتها مع غلاف الرواية : كاردينيا73

تصميم وسام التهنئة : كاردينيا73
تصميم البنر الاعلاني : Heba Atef



https://upload.rewity.com/uploads/156648849744925.gif
يمنع تداول رابط الكتاب خارج المنتدى وجروب وحي الاعضاء قبل تاريخ 22/3/2020
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

https://upload.rewity.com/uploads/15664884974826.gif



bobosty2005 01-08-19 02:56 AM

مرحباً بك عزيزتى 💐💐
لقد سعدت بعودتك 😍



فصل أول غامض و هتان تريد أن تحصل على تجاربها الخاصه فهل هذا سيكون لصالحها فكلام ديم مقلق 🤔



لقد جعلتى الحلم رمادى والحمد لله ليس أسود أو كابوس اذا هناك أمل 🤗 لقد سمعنا عن الحلم الوردى فلنرى الرمادى 😂 ربنا يستر 🙏




بالتوفيق بالقادم 💝💝💝💝💝💝😘

um soso 01-08-19 10:45 AM

اهلا بهنوده وجديد هنوده

واكيد روايه رائعه جديده

ولا يمكن التعليق

فصل اول وغموض في غموض

عادي مادام الكاتبه هند

هتان ماذا ينتظرها ومن الصوت الرجولي وماذل حصل لديم ومن الذي كانت تنتظره

اسئله فقط هذا هو التعليق

وبانتظار الاجابات في الفصول القادمه

هند صابر 01-08-19 11:39 PM

الحلم الرمادي ..... الفصل الثاني
 
الحلم الرمادي

الفصل الثاني....
(ضيف غير متوقع)

قضت هتان ليلة متعبة في ذلك المنزل المعتم المتجرد من كل ألوان الحياة قضت اغلب الليل تستيقظ من نومها بفزع بين الحين والأخر بسبب الاحلام الكثيرة المبهمة وبرودة الغرفة الخالية من التدفئة كأنها معطلة وتهرول الى النافذة تراقب السماء لأنها بصراحة استوحشت المكان والمبيت في تلك الغرفة الباردة وانتظرت طلوع الصباح بفارغ الصبر.

استقر نومها وأصبح عميقا في ساعات الصباح الأولى وذلك من حسن الحظ حتى تستعيد طاقتها وحيويتها وتتصرف بالمنطق والعقل السليم.

عندما افاقت على رنين منبه هاتفها اعتدلت بسرعة ووضعت يدها على رأسها وهي تشعر بتحسن كبير وعندما جالت ببصرها بالغرفة بدت اهون لها من الليل فضوء النهار بث الإيجابية بداخلها ونهضت بحيوية وهي تستمتع بصوت العصافير تتشاجر على نافذتها وتنقر الزجاج برفق
رتبت السرير وتطلعت بطلاء الجدران البني وتنهدت لو كان الطلاء ازرق فاتح او زهري او ناصع البياض لأضفى على المكان رونقا لكن يبدو ان الذوق هنا متماشيا مع حالة ووضع صاحبة المنزل المقعدة الناقمة.
حاولت فتح النافذة بصعوبة حتى نجحت محدثا ضجة مزعجة وعندما دخل تيار الهواء الى الحجرة تنفست بارتياح وهي تتأمل الجمال الخارجي .... كيف لتلك السيدة ان تحبس نفسها بين جدران العتمة وتحرم نفسها من الاستمتاع بكل ذلك السحر الاخاذ؟
وكأن داخل تلك الجدران عالم وبالخارج عالم اخر مختلف تماما لكن بالنهاية لا عليها ان تحكم على الحياة هنا بسرعة وتصدر احكام مجحفة على ظروف السيدة ومزاجها
ربما بالغت وتحفزت ضد المكان والتصرفات قبل ان تفهم ما يجري هنا بالضبط
عاودتها روح التحدي مجددا وقررت ان تجرب وتخوض الصعب وتثبت لوالدها انها قادرة ومتمكنة وعليها ان لا تستسلم منذ اول عقبة تواجهها
لتعتبر نفسها في اختبار ولتمضي في هذه القرية بضعة أيام على الأقل حتى تتأكد من صحة قرارها بالعودة.

عندما خرجت من غرفتها كان الصمت مطبق العتمة على حالها عدى نور النهار المتسلل من أطراف الستائر وقررت ان تسمح للشمس باختراق الارجاء فأسرعت الى الصالة بنشاط وكشفت عنها الستائر وبدى لها الامر جيدا ثم اقتربت من الطاولة وتأملت القطع الخشبية ولمستها وجذبت اهتمامها منحوتة لطفل رضيع بأجنحة صغيرة يتطلع الى السماء كأنه يحلق وبقيت تتأمل بالقطع وهي تتساءل ترى تلك السيدة مولعة بالمنحوتات لتأخذ كل تلك المساحة من البيت؟
التفتت بسرعة عندما سمعت صوت عجلات الكرسي وفوجئت بديم تغطي وجهها بساعدها وتهتف بانزعاج: "النور ساطع يؤذي عيني .... اسدلي الستائر بسرعة لا اتحمل"
اطاعت بسرعة وهي تهمس: "اسفة .... اسفة"
ثم تطلعت بها قائلة بتبرير: "ظننت ان المكان بحاجة الى التهوية واشعة الشمس المفيدة"
ديم وبجمود: "تعتقدين انني لا افهم ولا اعرف ان الشمس مفيدة؟ .... النور يؤذي عيني ويزعجني"
مازالت ترتدي ذلك الايشارب الأسود كأنها في حالة حداد وبدت اكثر جمالا وبشرتها اكثر بياضا ورونقا لكن للأسف هي تقلل من جاذبيتها بإهمالها لشكلها وتغطية رأسها كالمسنة!

ديم وبنبرة اقل حدة: "هذا الدار كما ترين مهمل ومتسخ بعض الشيء ... لست مجبرة على فعل أي شيء بإمكانك ان تتركي كل شيء كما هو فلا أحد سيلومك لكن ان شئت وقمت ببعض الترتيب فعلى راحتك لكن لا تنتظري الشكر لاني لم اكلفك ولا تنتظري ان ازيد لك الاجر .... لدي من يقوم بكل شيء واكون حينها مرتاحة أكثر .... سأضعك تحت التجربة هذا الأسبوع وأقيم عملك حينها ان كنت تستحقين البقاء هنا او الرحيل .... مهمتك تنظيم مواعيد الدواء لي واعداد الوجبات الصحية وجلسات المساج لساقي والقيام بمساعدتي اثناء الاستحمام ولا اريدك ان تغيبين عن عيني ابدا .... لا شأن لك بالخارج وكل متطلباتي ومتطلباتك اكتبيها في ورقة وعلقيها في المطبخ وعندما يحضر اخي سيجلب كل شيء .... لا أحب استقبال الضيوف فلا اريد ان اسمع عن زيارة أحد يقرب لك او صديق او صديقة او حتى من اقاربي دائما أخبريهم انني لست مستعدة لمقابلتهم بأي حجة .... قد ترين ان كلامي مزعج لكن حتى نضمن ان نعيش معا بدون صدامات .... صحيح نسيت ان اخبرك .... لك يوم واحد في الأسبوع إجازة اختاري أي يوم شئت بإمكانك ان تخرجي في نزهة او التبضع خلاف يوم الاجازة غير مسموح خروجك من البيت بتاتا"

شعرت هتان بالضيق من القيود لكنها تقبلت الامر لتجرب قابليتها وقدرتها وإذا أخفقت فستختفي وتحاول ان تدفع الغرامة بأي وسيلة.
فاجأتها بالسؤال: "اعجبتك المنحوتات؟"
اومأت بسرعة وأبدت رأيها: "جدا .... أحببت الأفكار"
ديم وبشيء من الارتياح: "انه عمل يدي .... العمل الوحيد الذي أجد فيه ضالتي"
هتان وبتشجيع: "سلمت يداك .... انها تحفة .... أتمنى ان تهديني قطعة من عملك"
وامسكت هتان منحوتة الطفل قائلة: "حبذا لو وهبتني هذه لأضعها في"

قاطعتها قائلة بتوتر كبير: "لا .... مستحيل .... ليس من حقك ولا من حق أي امرأة أخرى ...."

تلاحقت انفاس هتان لغضب ديم ولا تدري بماذا أخطأت ولا تعلم ما الذي غير مزاجها هكذا وعما تتحدث وماذا تقصد؟
انها امرأة غامضة ومعقدة!

بعد ما غادرت ديم المكان وهي منزعجة دخلت هتان المطبخ واعدت لنفسها وجبة خفيفة وبينما هي ترتشف العصير تطلعت بقائمة معلقة على الثلاجة وعندما اقتربت وجدت مجموعة من الوجبات مقسمة على ساعات اليوم وأدركت ان ذلك ما تتناوله ديم وعليها ان تعده لها بالمضبوط وقفز الى مخيلتها اخ ديم .... ديم لديها اخ وهو مسؤول عن توفير احتياجات المنزل هذا جيد وربطت بين هذه المعلومة وبين من رد عليها في الهاتف انه اخ ديم .... لكن لما يتركونها وحيدة؟ ما قصتها؟
بدأت تشك ان وراء ديم قصة وسر وحكاية كبيرة.

شعرت بالارتياح من مساحة الحرية في التصرف في المنزل التي منتحتها ديم فقد جعلتها مخيرة لكن الذي تستغربه عدم وجود عاملة تقوم بترتيب كل تلك الفوضى!
......... لدي من يقوم بكل ذلك؟ من يا ترى؟ لديها خادمة خاصة؟ ام قريبة تعتني بها؟ لكن لا أثر لوجود لمسات تنظيم او تنظيف مسبق وكل شيء متراكم!
ابتسمت بسعادة عندما رأت بليغ المتصل على الهاتف وردت عليه بكل حماس وشوق لكنها سرعان ما تجهمت وشعرت بالغربة عندما أخبرها عن اضطراره للسفر الى الهند مع قريبه المريض مستغلا فترة غيابها عن الدار وأخبرها ان عمتها وابنتها ستقيمان في الشقة لحين عودته التي قد تستغرق شهرين!
تمنت ان تقول له لا يا ابي لا تسافر ولا تشغل عمتي بيتنا ان الأمور هنا ليست كما اشتهي وان إمكانية عودتي قريبة لكن قرار والدها الصريح منعها يبدو انه مستعد للسفر وبكامل رغبته.

لا تدري ماذا أصابها بعد تلك المكالمة كأنها فقدت حماسها وطاقتها وأصبحت هشة من الداخل وكأن وجود والدها في بيتهم ورغم بعد المسافة بينهما يمدها بالعزيمة والاطمئنان والأمان يكفيها إحساس حمل حقيبتها والعودة الى بيتها بأي لحظة تشاء لكن الان الوضع اختلف فعندما تعود لم تجد بليغ في الشقة وانما تجد عمتها وابنتها تحتلان المكان وتشغلان الحجرتين!
.............................

باشرت هتان بأعداد وجبة الغداء لديم وكانت تبدو كحمية صارمة فكل طعامها يعتمد على حساء الخضار وقطع التونة او الفواكه ومشروبات الأعشاب وماء الرز واللبن .... حسنا يبدو الامر سهلا لكن يتطلب التزام وانضباط مواعيد وديم تبدو ليست سهلة ولا مرنة.

بدأت بتدوين الاحتياجات وواجهت صعوبة بالعثور على الأشياء وضاق صدرها من الفوضى وعدم التنظيم!

لم تشعر هتان بانقضاء ساعات النهار لكونها شغلت نفسها بتنظيف وتنظيم بعض المرافق المهمة بالبيت وما ان حل الغروب حتى شعرت بألم بمفاصلها بسبب استخدام الماء البارد في عملها ومن برودة الطقس داخل الدار فقط غرفة ديم مجهزة بالتدفئة والحمام الخاص بها فباقي مرافق البيت شبه مهجورة.

دخلت الى غرفتها للراحة وتناولت الكتاب الصديق في وحدتها ثم سرعان ما ركنته جانبا واستغرقت في التفكير ماذا لو جرت كل الأيام على هذا المنوال؟ ماذا لو تكررت احداث اليوم المملة بشكل رتيب يومي بالتأكيد ستموت من الوحدة والعزلة وحياتها السابقة لا تقارن بالحياة هنا فبدت لها جنة مقابل الأوضاع في هذا المنزل.
استلقت على السرير وبقيت تراقب الساعة الجدارية وتستمع الى صوت اميالها الى ان سرقتها غفوة ويبدو انها استغرقت في النوم!

ربما مضت ساعتين حين افاقت كالمفزوعة وتطلعت بالساعة التي بلغت الحادية عشر قبل منتصف الليل ونهضت وهي تشعر بالتقصير كيف تركت ديم لوحدها كل تلك الفترة حتى ان موعد الدواء فات وقته!

ارتدت روبها الأزرق الغامق على عجل ولم تأبه لخصلات شعرها المتناثرة بإهمال وخرجت من غرفتها وهي تفرك براحتيها لتبث بهما الدفأ ومستغربة نومها الغير مناسب واثناء سيرها ابطأت خطواتها على إثر سماع بعض الأصوات الخفيفة صادرة من ناحية المطبخ رباه ربما ديم تعد لنفسها الشراب او الطعام يا للحرج ما وظيفتها هنا؟

سارت في الرواق المظلم واقتربت من باب المطبخ بهمس وهي تستعد لتبرر موقفها ولما خطت لتدخل انكمشت فجأة بمكانها وتراجعت خطوة لتخفي نفسها في الظلمة وتراقب عن كثب الشخص الموجود هناك!
وضعت خصلة شعرها خلف اذنها ببطء شديد وهي مستغربة بل مندهشة من وجود رجل بهذا الوقت من الليل في البيت!
ربما لص استغل الهدوء والصمت وتسلل الى داخل البيت؟ ارعبتها الفكرة وابتلعت ريقها لكن لا ان قفاه وهيئته لا تدل على انه لص ابدا .... اه .... ان لديم اخ ربما هو جاء لزيارتها؟
لفتت انتباهها حقيبة سفر صغيرة موضوعة على طاولة المطبخ واحتارت وبنفس الوقت شعرت بالخوف والحرج
ماذا عليها ان تفعل الان؟ ان تقتحم المكان وتسأله عن هويته ام ان تعود ادراجها وتجلس في غرفتها ام تذهب الى ديم وتخبرها بوجود رجل مجهول في البيت؟

وجدت نفسها اختارت الخيار الأخير وبسرعة اقتحمت غرفة ديم لكن المفاجأة ان ديم مختفية!
دخلت الحمام وقلبها يطرق ولم تجدها ما الذي حدث؟
مجرد نومة سرقتها أحدثت كل ذلك التغيير؟ رجل في البيت وديم مختفية؟

لم تجد الا ان تعود الى المطبخ وتواجه الرجل
جرت خطواتها ودخلت المطبخ وقالت بعزيمة مصطنعة: "هلا اعرف من انت؟"

يبدو انها ارتكبت حماقة وسرعان ما ندمت على تصرفها الهمجي عندما استدار وبدت الدهشة على محياه وبدى كأنه كان يعد لنفسه الطعام!
فاجئها بنفس نبرة الصوت الذي تلقته بالهاتف وهو يقول: "آنسة هتان؟"
هي وبحرج: "نعم .... اعتذر"
اومأ وقال وهو يعاود وضع السلطة في الاناء وبهدوء: "تنامون باكرا هكذا؟"
بقيت صامتة للحظات لأنها انشغلت بالتطلع به بدى لها يألف المكان ومعتاد عليه وبدى عفوي وأكثر من ذلك انه اتهمها بالتقصير بطريقة ما دون عبارة صريحة.
وجدته ينظر اليها مطالبا بالتجاوب معه واربكتها نظرته حتى قالت بسرعة:" لا .... بالعادة انام بعد الثانية عشر لكن لا اعرف كيف غلبني النعاس"
شعرت بالقلق ناحية ديم وتساءلت اين هي وموقفها سخيف الان امام اخوها سيعتبرها مهملة ومقصرة بعملها.

أشار لها لتجلس وشعرت بتواضعه عكس اخته واستقبالها وابتسمت له بمجاملة ثم قالت محاولة تخفيف وطأة حرجها: "لقد اعددت لك القائمة"
ابدى استغرابه وهو يقول: "قائمة؟"

ساد صمت واثار فضولها عندما وجدته يعد شراب الأعشاب ويتركه على نار هادئة وأكثر ما جذبها انه يرتب الأغراض على الادراج!
تأملت حقيبته وبدى لها مقبل من سفر والان هو يلف اكمام قميصه ويستغرق في التنظيم وفاجئها بقوله: "أجريت تعديلات ملحوظة .... لست مضطرة .... اشكرك فالحالة هنا يرثى لها لكن ظروف البيت تبرر "
نهضت وقالت باهتمام: "بإمكانك ان تستريح واترك لي تلك الأمور فكرت ان انسقها وفق تخطيط أكثر تنظيما"
وتأملها بصمت عندما تناولت حقيبته من الطاولة ووضعتها جانبا ثم رتبت الاطباق على المنضدة ووضعت المنديل والملعقة والشوكة والسكين وكل ما يشغل بالها اختفاء ديم
اما عنه فقد شعرت بارتياح غريب اتجاهه وخمنت ان يكون لطيفا وربما صديق مميز
سألها بنبرة هادئة وعفوية عن كيفية تقبلها للوضع هنا وانسجامها وما الذي واجهته من مشاكل او مصاعب وعن احتياجاتها
وكانت تجيبه باختصار وشيء من الحياء تسلل بداخلها اتجاهه فمظهره وجاذبيته الطاغية لها دور بإرباكها خاصة وإنها قليلة الاحتكاك والتعامل مع الرجال
ساد صمت قصير ورفعت بصرها اليه لتجده يتناول طعامه وكأنه تناسى وجودها فبدى لها شارد الذهن وعملي التصرفات
فجأة انقطع التيار الكهربائي وجفلت بمكانها وقالت بلا تفكير: "مدام ديم .... مدام ديم" ونهضت

انار ولاعته واوقد الشمعدان وهو يقول بهدوء: "لا تخشي عليها .... اجلسي .... ديم عندما تنغمس بعملها لا تحب ان يقاطعها أحد كما اني اوقدت لها النور تحسبا"
رغم انها لم تفهم شيء لكنها شعرت بالارتياح وجلست وبقيت تستمع اليه وهو يخبرها انه سيقوم بتصليح سخان الماء وتدفئة غرفتها
وشعرت به ضيف ظريف وخفيف وتمنت بداخلها الا ينقطع عن زيارتهما لا تدري أي شعور اعتراها اتجاهه كأن وجوده اشعرها بالأمان فشكله يوحي بمقدرته وثقته وتمكنه من حل أي معضلة واغتبطت لديم لوجود اخ بحياتها بخلافها هي وحيدة لا اخت ولا اخ يشاركها حياتها .... الأخ جدار متى ما مالت بها الدنيا تميل عليه لكن حكمة الله.

تشاركت معه احتساء الشاي وتناولا مواضيع بسيطة وكل عبارة وكلمة تخرج منه تزيدها ارتياح لشخصه ولم تستطيع بهذه الفترة القصيرة ان تكون انطباع كامل عن شخصيته فكلما احسته ان رجل ومسؤول.
فجأة شعرت وهي برفقته وحدهما في الظلام وبعد منتصف الليل ان ذلك غير لائق وعليها ان تستأذن.
...................
عندما دخلت الى غرفتها كانت تبتسم لا اراديا وكأن وجود شخص جديد غير من رتابة المكان .... شقيق ديم مميز .... اه حتى انني لم اعرف اسمه.... ترى سيبقى الليلة؟ وغدا؟ متى سيذهب؟
عندما تنغمس ديم بعملها؟ أي عمل؟
.................................................. ..........................................
بعد مرور ساعة من الوقت وضعت كتابها جانبا عندما استوقفها صوت منبعث من داخل البيت وكأنه حديث ولغط غير واضح!
اعتدلت واسرعت واقتربت من الباب لتتأكد .... بالفعل هناك حوار .... ربما هو كلام بين ديم واخوها ما شأنها بهما؟
عادت وجلست وقبل ان تتناول كتابها نهضت مجددا وقررت ان تذهب الى الحمام وبصراحة يبدو ان الفضول اختلق لها حجة الحمام لتسمع ماذا هناك خاصة في هكذا ساعة متأخرة.
عندما خرجت سرت قشعريرة برد بأوصالها وحرصت ان تسير بهمس وهدوء كي لا يشعرا بوجودها ويتقيدان
وقبل ان تدخل الحمام نظرت الى اخر الرواق حيث غرفة ديم ولاحظت الانارة الخافتة من تحت الباب وتبين لها انهما هناك معا.

دخلت الحمام وغسلت كفيها بالماء المثلج ولما شعرت ان الامر أكثر من حوار بل هو جدال خرجت بسرعة وبدأت تقترب من الغرفة كالمتخفية ولعلمها ان ليس من اللائق التنصت لكن الفضول قتلها خاصة وان صوت ديم أصبح واضحا ونبرتها بدت غاضبة حزينة وهي تقول باتهام: "لا تبرر .... انا فهمت .... انها مؤامرة"
هو وبنبرة اقناع: "لم ابرر ولم تفهمي شيء ابد"
ديم وبتهدج: " لا تلمسني .... انت اخترتها يا جاسر من بينهن اخترتها انت فرضت وجودها علي .... يبدو انها اعجبتك"
هو وباستنكار: "ماذا تقولين؟ انا؟"
ديم وباتهام وعتاب: "قل انك سئمت مني والا لما عرضتني لتلك المهزلة تريني صورة لامرأة وتوقع العقد مع أخرى .... سئمت مني وجلبت شابة وجميلة حتى ترضي "
قاطعها وبصوت يكتم الكثير من الصدمة: "كيف تفكرين؟ انت لا تثقين بي بعد كل هذه السنوات يا ديم؟ كيف تعجبني امرأة غيرك؟ كيف تصدقين انني يمكن ان أرى غيرك؟ انت مخطئة كثيرا وتماديت كثيرا بشكك ... انت فوق كل النساء بالنسبة لي .... انت حبيبتي ويهمني رضاك أكثر من أي شيء اخر بهذه الدنيا .... تلك البنت لا تعني لي أي شيء لا تشكل لي أي مشاعر أخرى لا اعجاب ولا أي شيء مما تفكرين .... كل ما في الامر ان التي ارادت توقيع العقد اعدلت باللحظة الأخيرة وغيرت رأيها واضطررت ان اقبل بتلك البنت بعد ان أرسلوا لي ميزاتها بدون أي تفكير مريض كالذي يخطر ببالك"
وضعت هتان يدها على فمها والأمور كلها تلخبطت برأسها .... من جاسر؟ ان هذا الجدال لا يدور بين الاخوة! .... جاسر حبيب ديم؟ يا للصدمة
يبدو انها تعرضت لسوء فهم كبير ووقعت في مأزق.
جاسر وبنبرة عتاب بعد ان ازعجته ديم: "لقد جرحتني وشككت بحبي لك .... لو كنت ابحث عن الفتيات كالمراهق لفعلتها منذ وقت بعيد وذلك علي يسير لكنني كنت اصون حبنا بكل ما لدي .... كرست كل مشاعري لك وحدك وبالأخر استحق منك كل ذلك الاتهام؟ كل ما في الامر انني وجدتها مناسبة ولكونها صغيرة السن ونشيطة فكرت ان تكون كفؤ وبحيويتها ربما تغير من واقعنا واقسم بالله انني"
قاطعته ديم وقد زادت الأمور سوء: "ما به واقعنا يا جاسر؟ تشعر بالملل معي؟ واقعنا لم يعد يعجبك اليس كذلك؟ قل ذلك؟ اعترف...... قل انك كرهت حياتنا معا وكرهت شكلي وكل ما في بالطبع فانا لا املك الان الجمال مجرد عاجزة وقبيحة وعالة على الجميع لم اعد البي طموحاتك ورغباتك"
هو وبغضب: "ان كان وجود تلك البنت اوصلك الى هذه المرحلة من الحماقة من غدا سأطردها .......... لكن للأسف مع كل الأسف فقدت الثقة بيننا ولم اسامحك على كل ما قلته"

هرولت هتان وهي مصدومة عندما شعرت به سيخرج من الغرفة وبسرعة دخلت الى غرفتها ووضعت يديها على صدرها وقد هالها ما سمعت وشعرت برغبة ملحة للبكاء وتدفقت دموعها رغم محاولتها تمالك نفسها.










هند صابر 02-08-19 12:05 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bobosty2005 (المشاركة 14387053)
مرحباً بك عزيزتى 💐💐
لقد سعدت بعودتك 😍



فصل أول غامض و هتان تريد أن تحصل على تجاربها الخاصه فهل هذا سيكون لصالحها فكلام ديم مقلق 🤔



لقد جعلتى الحلم رمادى والحمد لله ليس أسود أو كابوس اذا هناك أمل 🤗 لقد سمعنا عن الحلم الوردى فلنرى الرمادى 😂 ربنا يستر 🙏




بالتوفيق بالقادم 💝💝💝💝💝💝😘


اهلا بك غاليتي وانا سعدت ايضا بترحيبك كعادتك


شكرا للمتابعة والحضور
تحياتي وودي





هند صابر 02-08-19 12:08 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso (المشاركة 14387580)
اهلا بهنوده وجديد هنوده

واكيد روايه رائعه جديده

ولا يمكن التعليق

فصل اول وغموض في غموض

عادي مادام الكاتبه هند

هتان ماذا ينتظرها ومن الصوت الرجولي وماذل حصل لديم ومن الذي كانت تنتظره

اسئله فقط هذا هو التعليق

وبانتظار الاجابات في الفصول القادمه

كل الهلا بام سوسو الغالية

سعيدة بترحيبك وثقتك برواياتي
في الفصل الثاني اجبنا عن بعض الاسئلة ولنا رحلة طويلة معا

شكرا لك
تحية تقدير

الوفى طبعي الوفى 02-08-19 06:24 AM

ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر

samam1 02-08-19 12:02 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا بك هند وبالحلم الرمادي. ان شاء الله تكون رحلتنا مع هذه الرواية في روعة ما سبقها

هند صابر 02-08-19 02:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوفى طبعي الوفى (المشاركة 14389583)
ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر

شكرا لحضورك
تحياتي

هند صابر 02-08-19 02:38 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة samam1 (المشاركة 14389899)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا بك هند وبالحلم الرمادي. ان شاء الله تكون رحلتنا مع هذه الرواية في روعة ما سبقها

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بك غاليتي انرت
ان شاء الله تنال استحسانك
كل الود لك


الساعة الآن 05:15 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.