آخر 10 مشاركات
307- عودة الحب - ليندا بيوتشستر - م.د (عدد جديد)** (الكاتـب : Gege86 - )           »          306 - الخداع الرقيق - ليندا هوجز - روايات عبير المركز الدولى (الكاتـب : samahss - )           »          يسألونني......❤❤ (الكاتـب : لبنى البلسان - )           »          305- جنون الغيرة -كاي بيسويل - عبير مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          304-صفقة زواج-بربارا بيكر - عبير جديدة -مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          303 - مشكلة فتاة - فران ريتشاردسون - م.د ( حصريا )** (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          302 - الحنين للسعادة - بات جيل - م.د** (الكاتـب : angel08 - )           »          301- موعد مع القدر-شارلوت بيكر - عبير مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          300 - ثمرة الحب - جودي هوبر - م.د** (الكاتـب : angel08 - )           »          16 - زواج في المزاد - ديانا هاميلتون - م.د - حصرياااا** (الكاتـب : شوشولاف82 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: إيه رأيكم بأول بارت من روايتى .. يا رب تعجبكم لأن اللى جاى أقوى و أطول .
أكمل تنزيل 43 81.13%
أوقف كتابة 1 1.89%
الفصل يكون طويل 17 32.08%
الفصل يكون قصير 1 1.89%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 53. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree52Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-11-19, 10:34 PM   #271

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
Flower2


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة taheni مشاهدة المشاركة
متحمسة لفصل بكرة و الأمور رح توضح تدريجيا و أسرار غزل رح تنكشف ❤️❤️


تسلمى يا قلبى و فصل بكرة حماسى و إتأثرت جدا و أنا بكتبه .... يا رب يعجبك 😘😘😘😘


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-19, 08:17 PM   #272

Om mtab

? العضوٌ??? » 457744
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 10
?  نُقآطِيْ » Om mtab is on a distinguished road
افتراضي السودان

رواية جميله جدا ومشوقه ..اشتركت مخصوص لأعبر عن مدي اعجابي ..انبسطت جدا لرحيل ميناس واتمني عودتا مقرونه بشفاء حمزه ..واتمني أن تتحرك ليال قليلا وتعلن رفضها لهيمنه رامي وتسترد كرامتها ..أما غزل فاعجبني سردها كما هو وأتطلع لمزيد من التشويق في قصتا ...وتسلم الايادي

Om mtab غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-19, 09:14 PM   #273

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
Elk

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة om mtab مشاهدة المشاركة
رواية جميله جدا ومشوقه ..اشتركت مخصوص لأعبر عن مدي اعجابي ..انبسطت جدا لرحيل ميناس واتمني عودتا مقرونه بشفاء حمزه ..واتمني أن تتحرك ليال قليلا وتعلن رفضها لهيمنه رامي وتسترد كرامتها ..أما غزل فاعجبني سردها كما هو وأتطلع لمزيد من التشويق في قصتا ...وتسلم الايادي
حبيبتى إنتى شكرا على ذوقك و رقتك و أكتر حاجة بتسعدنى فى الدنيا إنه حد يشترك مخصوص فى المنتدى علشانى ...
يا رب أكون عند حسن ظنك دائما حبيبتى ....
الحقيقة أتمنى عودة حمزة لميناس و أتمنى أيضا شفائه .. رنا يخبئ لهما القدر أيام سعيدة ....
ليال ... مش هتتحرك بمزاجها للأسف ... رغم هيمنة رامى و سطوته و قسوته القادمة عليها ... سيكون رغما عنها ...
و غزل ... ففصل اليوم به مفاجآت كثيرة منتظرة لها و لفارسها ....

سأنتظر تعليقك دائما ... أسعدتينى جدا يا قلبى و الله ... 😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-19, 11:54 PM   #274

taheni

? العضوٌ??? » 264520
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 287
?  نُقآطِيْ » taheni is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور 🎉🎉🎉❤️❤️❤️

taheni غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 12:19 AM   #275

شوشو العالم

? العضوٌ??? » 338522
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,012
?  نُقآطِيْ » شوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond reputeشوشو العالم has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير..تسجيل حضوووور

شوشو العالم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 12:25 AM   #276

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

مساء الورد على عيونكم حبيباتى ...

ثوانى قليلة و أنزل البات الأول من الفصل ...

😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 12:27 AM   #277

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير تسجيل حضوووور

Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 12:37 AM   #278

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الحادى و العشرون .. الجزء الأول :
***********************************



بى رغبة شديدة أن أكتبك .. أن أحلق معك فى محاولة للطيران لن تكون متاحة لغيرك ...
بى رغبة شديدة فى لمس كفيك لتهمس لك كفى بأننى هنا و لن أكون يوما سوى هنا ...
لطالما رغبتك الآمر الناهى لقلبى أن يعزف أنشودته الخالدة فى محراب وجودك .. كنت أتمنى أن أشبك أنامل يدى فى أناملك و نركض متشابكين كالأطفال على البحر و نشعر أننا أخف من الريشة .. كنت أتمنى أن نفتح أيدينا فتتطاير منها الأحلام الجميلة على رؤوس العشاق ...
كنت أظنك لحظة من جنون المشاعر و سرعان ما تبدلت لتحل محلها لحظة واقع يخلو منك .. و لكننى ما سلوتك و ما توقفت عن إحساسى بك .. منذ زلزلت كيانى وسحبتنى من الناس و منى و أخذتنى إليك .. وقتها شعرت أنه كان هناك شئ مهم ينقصنى و لن يكتمل إلا معك ..
أصبحت أراك بكل شئ فى المرايا اللامعة و الشمس و المطر و قطرات الندى و الموسيقى الناعمة المتسللة فى خدر لذيذ إلى أعصابى كالحرير و التى أعشقها لأنها منك .
أشعر أن الأرض من حولى تنبت ملائكة و أن أنامل السماء تمتد لتلاعب خصلات شعرى الغجرى و تشبك نجومها فيه و هى تحكى لى عنك حكايتك الأولى و الأخيرة ...
و لكنك دائما ستبقى حبيبا للروح و القلب حين أشتاق لحديثهما و حين أتوه فى عتمات الليل الطويل ..
بدونك ..
و لتعلم أنك أنت لى وحدى مهما كان من أمرك و أمرى .. من بعدك و بعدى ... أو غياب يستطيل بيننا .. أنت لى .. وحدى ...

نعم لى وحدى .. إستندت برأسها على زجاج السيارة و أنفاسها ترسم غبارا كثيفا و هى تحمل بيدها صورتهما ثلاثتهم و عيناها لا تغادرها ...
ستفتقدهما حتما .. ستشتاق لنظراته و همساته و طلته البهية الآخذة لعقلها و الآسرة لقلبها .. حبيبها الوحيد ...
و لكن ..
مهاب .. هل سيتفهم سبب غيابها .. هل سيغفر لها .. هل إستحقت لقب أمى الذى منحها إياه ..
لم تشعر بدموعها المنسابة بصمت مؤلم و هى تذوب و تنصهر بضحكاتهما و كأنها تنفصل عن عالمها المحيط .. حتى رنين هاتفها لم يخرجها من دوامتهما التى إبتلعتها كليا ...
تطلع نحوها سائق السيارة الأجرة بقلق .. و صاح بها قائلا بتوتر بالغ :
- يا آنسة ... يا آنسة سمعانى .. طب ردى على موبايلك لو سمحتى .
لم تتحرك أو تعطيه أى إشارة أنها تسمعه من الأساس .. فصف السيارة على جانب الطريق و إلتفت للخلف و حمل هاتفها الجديد و التى إشترته منذ دقائق و الموضوع بجوارها و أجاب الإتصال قائلا بجدية :
- ألو .
أتاه رد الطرف الآخر و المتعجب من صوته قائلا بتوجس :
- أيوة .. مين معايا و فين غزل ؟!!
إلتفت السائق برأسه ناحيتها و طالع جمودها بتلك الصورة التى بيدها و أجابه قائلا بحدة :
- يا باشا أنا سواق التاكسى .. و الآنسة صاحبة الموبايل عمالة تعيط و شكلها كده عندها إنهيار عصبى .. دى مش حاسة بأى حاجة خالص .. و المشوار طويل لسه .. أكمل و لا أوديها أى مستشفى .
أتاه الرد صارما و قاطعا :
- ﻷ كمل طريقك و أنا هفضل أتصل بيك طول الطريق و هديك كل اللى إنت عايزه .
رد عليه السائق بقوة :
- يا باشا الآنسة عطيانى فلوس فوق ما أنا عايز .. بس صعبانة عليا قوى .. دى لو كانت وقعت فى سواق إبن حرام يا عالم كان عمل معاها إيه .
أجابه قائلا بإمتنان :
- شكلك إبن ناس و محترم .. فياريت تكمل طريقك و أنا هفضل أتواصل معاك .. تمام .
أومأ السائق برأسه و قال بإبتسامة خافتة :
- تشكر يا برنس .. و أنا هخلى الموبايل جنبى و كل ما تتصل هرد عليك و أنا تقريبا بقيت فى نص السكة .
- كويس جدا .. لما تقرب هقولك أنا على عنوان مستشفى تجيبها عليه .
أدار السائق السيارة و قال بهدوء :
- ماشى يا برنس .. سلام .
و أغلق الهاتف و إنطلق بالسيارة و هو يطالع ذلك الملاك الساحر بملامحه الحزينه .. و هز رأسه بشفقة على حالتها و قال بخفوت :
- من لبسها الإسود ده واضح إنه مات لها حد عزيز عليها .. ربنا يصبرها .. ده الواحد لو معاه فرسة زى دى عمره ما يزعلها فى يوم .
و تطلع أمامه للطريق .. بينما هى مازالت محاصرة بضحكاتهما الجميلة .. بتلك الصورة الحميمية و التى تمنت لو تحولت لحقيقة ....



- بتقول إيه !!!!!!!
قالاها رامى و ليال بتعجب .. بينما أكمل فارس طريقه فجذبه رامى من ذراعه و أوقفه أمامه عنوة و سأله بحدة :
- أنا طول الوقت ساكت و مش راضى أتدخل .. بقالكم إسبوع على حالتكم دى .. و فى الآخر تقولى هربت .. هو إنت كنت حابسها بجد و لا إيه ؟!
حاول فارس نزع يده من قبضة رامى و هو يقول بغضب :
- سبنى أدور عليها قبل ما تبعد .. بقولك سبنى .
قبض على ذراعه الأخرى و سأله بقوة قاطعة :
- مش هسيبك غير لما تفهمنى كل حاجة .
بينما جلست ليال بوهن و هى تنتحب و تقول بحزن طفلة فقدت أمها :
- كنت عارفة إنها مش هتستحمل .. يعنى كده خلاص مش هشوفها تانى .. يا حبيبتى يا غزل .
كلماتها أشعلت فتيل غضب فارس أكثر و هو يفكر أنه من الممكن ألا يراها مجددا ..
هز رأسه بقوة نافيا ورافضا لتلك الفكرة و دفع رامى من صدره و خرج راكضا و صعد سيارته مسرعا .. أول ما جاء فى باله منزل رأفة .. فتوجه إليه مباشرة ..

جثى رامى أمام ليال و هدأها قائلا بحذر و هو يضم وجهها بين راحتيه :
- إهدى يا لولو .. علشان البيبى يا حبيبتى .. هو دلوقتى حاسس بيكى و هيزعل معاكى .
طالعته بحزن و قالت بصوت مرتجف متأثر :
- هشوفها تانى .
أومأ برأسه و قال بإبتسامة مطمأنة و عيناه تبثها راحة :
- أكيد إن شاء الله .. فارس عمره ما هيسيبها و أنا هدور معاه .. و أكيد يعنى هى فى بيت ستى رأفة مع ميناس و هو دلوقتى هيصالحها و يرجعها .
رفعت كفها و حاوطت كف رامى المحيطة لوجهها بحنو و قالت بتمنى :
- يا رب يا رامى .. مش عارفة ليه قلبى واكلنى عليها .
إتسعت إبتسامته و قال بثقة :
- لا يا عسلية غزل ما يتخافش عليها .. دى قوية و جامدة و إنتى عارفة و متأكدة .. تعالى أرجعك أوضتك علشان ترتاحى .
إبتسمت بسخرية و قالت بقنوط و هى تتنفس بإرتجاف :
- أرتاح .. و أجيبها منين الراحة .. يا رامى غزل أضعف مما تتخيل .. و ممكن تتعب و أنا مش معاها .
إحتضن كفيها بين راحتيه و قال بهدوء :
- لأ عارفها و عارفها كويس كمان .. و مش خايف عليها .
هزت ليال رأسها بيأس و طأطأتها بحزن و قالت بشجن :
- صدقنى و لا أى حد يعرفها قدى .. أنا اللى كنت بشوفها لما كانت بتنهار .. دى أغلب من الغلب .
وقف و دس ذراعه أسفل ركبتيها و الأخرى لفها حول خصرها و حملها قائلا بمداعبة :
- ما تفكيها شوية يا أمينة يا رزق سودتيها على دماغنا ليه .. هو دلوقتى هيصالحها و يرجع بيها .
لفت ذراعيها حول عنقه و إستندت برأسها على كتفه و قالت بتمنى :
- يا رب .


تقاذفته الأفكار يمينا و يسارا حتى صف السيارة أسفل منزل رأفة و صعد مسرعا .. طرق الباب بقوة .. ففتحت له دنيا و هى تهتف بغضب :
- مين اللى بيخبط بالشكل ده .
و قالت بخحل عندما رأته أمامها :
- أستاذ فارس .. أهلا يا عريس .. منور الدنيا .
سألها فارس بقلق و ملامحه متصلبة بشكل مرعب :
- غزل هنا .
هزت رأسها نافية و قالت بتعجب :
- ﻷ مش هنا .. ليه !!
خرجت ميناس مسرعة بعدما إرتدت حجابها و قالت بقلق :
- أبيه فارس .. مالك فى إيه .. و غزل مالها .
فسألها بضيق و بنبرة قاطعة :
- غزل هنا و لا ﻷ .
أجابته ميناس بتعجب :
- ﻷ .. بس هى هتروح فين .. تلاقيها فى مشوار و هترجع تانى .
خلل أنامله بشعراته وهو يفكر أين سيبحث الآن .. ثم قال لميناس برجاء جديد كليا على نبرته الحازمة :
- لو غالى عندك يا ميناس أول ما تكلمك و تعرفى مكانها قوليلى تمام .
أومأت ميناس برأسها و قالت و هى تزم شفتيها بعدم فهم :
- حاضر .. و لو إنى مش فاهمة إنت قلقان ليه .
أكد عليها بقوة قائلا و جسده ينتفض إنفعالا :
- ميناس .. بس تعرفى عنها حاجة كلمينى .

و خرج مسرعا كالمجنون .. أغلقت دنيا الباب و تطلعت بميناس و قالت بريبة :
- أنا مش فاهمة حاجة .. إنتى فاهمة ؟!
ضيقت ميناس عيناها و قالت بحدة :
- برافو عليكى يا غزل .. عملت اللى إحنا مقدرناش نعمله .. بس ياريتها خدتنا معاها .
إقتربت منها دنيا و ملست على ظهرها و قالت بعتاب رقيق :
- و أنا مقصرة معاكى فى حاجة .
إبتسمت شفتى ميناس الصغيرتين و قالت بهدوء :
- بالعكس .. أنا من غيرك مش عارفة كنت هعمل إيه .. بس أنا عاوزة أبعد عن هنا فترة يمكن أرتاح .
بادلتها دنيا إبتسامتها و قالت بثقة :
- غزل عمرها ما هتسيبنا .. أنا متأكدة إنها مش هتتأخر علينا .
أومأت ميناس برأسها و عادت لقوقعتها مجددا تجر أحزانها و آلامها معها ....


قطع الطرقات كالمجنون و هو يبحث عنها .. و عقله يكاد ينفجر من شدة إنفعاله ..
ليس لها أحد تذهب إليه حتى عمها لفظها و لن يستقبلها و لكن شقة والدها ربما ذهبت إليها ..
فأدار السيارة مجددا و توجه لبناية عمها .. صف السيارة و صعد مسرعا طرق باب شقة والدها أولا .. لم يأته رد فصعد لشقة عمها و طرق الباب ففتحت له بسمة التى ما إن رأته حتى تعجبت و قالت بتوجس :
- إنت !!! إنت عاوز منا إيه تانى .
فسألها فارس مسرعا :
- غزل جت هنا لو سمحتى يا آنسة .
قطبت بسمة حاجبها و قالت بضيق :
- ﻷ طبعا .. هى إيه اللى هيجيبها هنا الشيطانة دى .
تمالك غضبه بدل أن يصبه فوق رأسها فما هم به الآن بسبب غبائه أنه إستمع لها و قال بحدة و هو منصرفا :
- عموما شكرا .
تابعته بسمة بعيناها حتى إختفى من أمامها و أغلقت الباب بتشفى ..
هبط الدرج مسرعا و صعد سيارته و هو يفكر أين يبحث عنها .. و كلماتها القاسية تدور برأسه دون توقف عندما قالت :
- لو مشيت مش هتشوف وشى تانى .
إتسعت عينيه بخوف و قال بذعر :
- ممكن تسافر برة مصر .. ﻷ .. هى مش هتسيب مصر تانى .. أنا متأكد .
ثم طأطأ رأسه بحزن و قال بأسى :
- ليه كده يا أميرتى بس .. أدور فين دلوقتى .. مش همل و هلاقيكى إن شاء الله .


تلفت سائق السيارة الأجرة حوله حتى رأى ذلك المتصل يتقدم ناحيته فقال و هو يعتدل بوقفته :
- خلاص شوفت حضرتك .. سلام .
و أغلق الهاتف و صافحه قائلا بهدوء :
- أهلا ياباشا .. أنا وصلت الأمانة أهه .. بس دى تعبانة قوى .
صافحه أحمد بقوة و قال له بإمتنان :
- مش عارف أشكرك إزاى .
إبتسم السائق بخفوت و أجابه بزهو :
- لا شكر على واجب يا باشا .. الدنيا لسه بخير .. و لولا إن ربنا وقعها فى واحد إبن حلال زيى يا عالم كان جرالها إيه .
أومأ أحمد برأسه و قال بهدوء :
- عندك حق .
و إنحنى قليلا و تطلع داخل السيارة و لاحظ وجوم غزل و شرودها و ثبات نظراتها فرفع رأسه و أشار لأحد العاملين بالمشفى و صاح به بقوة :
- هات كرسى بعجل هنا بسرعة .
أجابه العامل بجدية :
- حاضر يا دكتور .
عاد بعينبه ناحية غزل الشاحبة و فتح الباب بجوارها و هزها من ذراعها و هو يقول بقوة :
- غزل .... غزل ردى عليا .... سمعانى يا غزل .

رفعت مقلتيها نحوه و التى تحول لونهما للون سماوى باهت و إنطفأت أشعتها الفيروزية و خبى سحرها .. أصبحت شبح إمرأة كانت مشتعلة .. تفحص مقلتيها بأنامله و حمل يدها و قاس نبضها .. فإقترب منه العامل و هو يجذب كرسيا و قال بعملية :
- الكرسى يا دكتور .
دس أحمد ذراعه تحت ركبتيها و لف خصرها بذراعه الأخرى و حملها و فجأة بدأت تأن .. ثم تحول أنينها لآهات .. و ما زاد الموضوع تعقيدا صراخها المذعور .. و أخذت تركل بساقيها الهواء و هى تضرب أحمد و نقشت خطوطا بالدم بأظافرها على وجهه و هى تصرخ بهيستيرية .. ركض السائق ناحيته و كبل ذراعيها بقوة .. حتى وضعها أحمد على الكرسى و قال للعامل مسرعا :
- إدى خبر لدكتور عاصم يجى على الإستقبال فورا .
أومأ العامل برأسه و إنطلق مسرعا .. و هى مازالت على حالتها من الإنهيار و الصراخ و صوتها يتعالى و أصبحت تهذى بكلمات مبهمة غير مفهومة ..
تم نقلها للإستقبال و حقنت بمهدئ قوى كى تهدأ و بالفعل هدأت و تراخى ذراعيها و زاغت أبصارها و هدأ أنينها حتى أغمضت عيناها و راحت فى سبات كامل ..
وقف أحمد بجوارها يتأمل حالتها بحزن .. متمنيا لو بإستطاعته العودة للوراء قليلا و حمايتها منه و من نفسها .. أخرجه السائق من شروده و هو يضع حقائبها بجواره و مد يده بهاتفها ناحيته و قال بإشفاق :
- سلامتها يا دكتور .. دى كل حاجتها .. و ده الموبايل بتاعها و حضرتك معاك نمرتى لو حاجة ناقصة كلمنى فورا .
وضع أحمد يده بجيب بنطاله و أخرج مبلغا ماليا كبيرا و وضعه براحة السائق قائلا بشكر و عرفان :
- ده مبلغ بسيط .. و إوعى تكسفنى .
رفض السائق رفضا قاطعا و قال بقوة :
- لا يا دكتور الآنسة سبق و إديتنى و الله .. تشكر يا ذوق .
شدد أحمد على يده قائلا بإصرار :
- معلش دى حاجة بسيطة أشكرك بيها .. و خدها ماتتعبنيش .
أومأ السائق برأسه قائلا بضيق :
- أنا علشان عارف إنها دشدشتك و إنك مش قادر لمناكفتى .. هاخد الفلوس و مش هتعبك .
إبتسم أحمد براحة و ربت على ذراعه قائلا بهدوء :
- ربنا يكتر من أمثالك .. شكرا بجد .
أجابه السائق بجدية :
- معملتش غير الواجب .. سلامو عليكو .
و تركه و مضى .. وقف أحمد مجددا يطالع غزل بإشفاق و هو يتأمل ذبولها و نحافتها .. سائلا نفسه بقلق :
- يا ترى إيه اللى حصلك يا غزل خلاكى كده .. أنا عمرى ما هسامح نفسى إنى هربت و سبتك لواحدك .. سامحينى .
ردها كان دمعة ساخنة إنسابت على وجنتها بصمت .....


بعد يومين إجتمع الجميع بشقة الحاج صبرى .. الذى ضرب الأرضية بعكازه بغضب و قال بحدة :
- هو أنا بيجينى من وراكم غير تعب القلب .. أدعى عليكوا بإيه بس .
تنحنح رامى بضيق و قال له :
- إنت بتجمع ليه بس يا حاج و أنا مالى .
رفع صبرى عينيه ناحيته بحدة و قال بنبرة قاطعة :
- إنت تخرس خالص .. فاهم .
زم رامى شفتيه بتذمر بينما جلست ليال بجواره و قالت بحنو لتهدأته :
- إهدا يا عمى علشان ضغطك هيعلا كده .
إلتفت بجسده ناحيتها و قال بحزم :
- مالكيش دعوة باللى حاصل ده علشان الواد ما يطلعش نكدى زى أعمامه .
وضعت دنيا أمامه كوبا من الشاى الساخن و قالت بمداعبة رغم قلقها على غزل :
- عملتلك كوباية شاى بالقرنفل تعدل مزاجك يا عمى .
إبتسم بخفوت و طالعها قائلا بود :
- تسلم إيدك يا بنتى .. هى ميناس فين .
برقت عينى حمزة بترقب بينما أجابته دنيا بتلقائية :
- فى البيت يا عمى .. قافلة على نفسها و مش بتشوف حد .. خصوصا بعد موضوع غزل .
خبى ذلك البريق بعينيه متخيلا إنكسارها و ضعفها و هو ليس بجوارها ..
إنتبهوا جميعا على طرقات بباب الشقة .. فتوجهت دنيا ناحيته و هى تقول بإبتسامة هادئة :
- ده أكيد مهاب .
و بالفعل فتحت له الباب .. فدخل متجهما و عابسا على غير عادته و تجاهلهم جميعا و سار ناحية غرفته مباشرة .. فأوقفه فارس قائلا بتذمر :
- مهاب .... إستنى هنا .. من إمتى بتدخل على حد و مش بتقول السلام عليكم .
وقف مهاب بمكانه و نزع حقيبته المدرسية و ألقاها على الأرض و إلتفت نحوه قائلا بحدة :
- مش عايز أشوف حد .
إندفع فارس نحوه بغضب و قبض على ذراعه و هزه بعنف قائلا بشراسة :
- بتكلم مين ياض بالطريقة دى .. إنت قليل الأدب .
ركض الجميع ناحيته لإبعاده عنه و جذبت دنيا مهاب من يده .. و ضمته إليها بخوف .. بينما دفعها مهاب عنه قائلا بصراخ و بكاء شديد :
- أنا مش بحبكم .. مش بحب حد .. ربنا أخد أمى و سكت .. بس ياخد ماما غزل كمان .. ﻷ .
وقف الجميع يتابعونه بصدمة من حديثه المقهور .. فإستند بظهره على الحائط و قال من بين شهقاته :
- إنت السبب .. إنت اللى زعقتلها و ضربتها .. أنا سمعتك فى التليفون .
وقف صبرى مذهولا مما سمع و طالع فارس بقوة و هو يهدر به بعصبية :
- كلام الواد ده صح .. إنت ضربتها ؟!!
إبتلع فارس ريقه بتوتر و هو يتذكر تلك الصفعة القوية التى جعلتها تترنح أمامه و نظرات الحقد بعينيها و لازم الصمت .. فوخزه والده بقبضته فى صدره و سأله مجددا بغضب :
- إنطق .. إنت مديت إيدك على عروستك .
أتاهم جميعا الرد من مهاب و هو يقول بصوت مرتجف :
- أيوة ضربها .. و زعقلها .. و خلاها تمشى و تسبنى .
ثم رفع عينيه ناحية فارس و إنتصب بوقفته و قال بغضب عارم :
- أنا بكرهك .. بكرهك .. و بكره غزل كمان .. لما هى هتمشى و تسبنى خلتنى أقولها يا ماما ليه .
و طأطأ رأسه و تابع نحيبه و الجميع يطالعه بعيون ملأتها الدموع .. بينما إندفع فارس ناحية باب الشقة و فتحه و خرج مسرعا .. و كلمات مهاب تنهش فى قلبه ...
هل هو بهذا السوء .. هل آذى الجميع دون أن يشعر .. و لكن .. ماذا كان بيده ليفعله .. لقد تلاعبت به و حطمت قلبه .. ألا يحق له تأديبها ..
أغلق عليه باب مكتبه بالوكالة و إنهار جالسا على الأريكة الجلدية ممسدا أعلى أنفه ربما تهدأ ألام رأسه قليلا ..و هو يهتف بإسمها بشوق ...

مر إسبوع و فارس لم يستسلم .. عاونه والده رغم غضبه منه بعدما علم بأمر سجنه لها و خلافاتهما التى خبأها عنه فى البحث بكل مكان .. و عاد حمزة لشقة والده ليبقى بجوارهم و عله يرى ميناس مرة أخرى ..
شوقه لها يقتله و لكنه لن يظهر و لن يضعف و ينهار امامها .. هى من تركته فلتتحمل ...

ذهبت زينب لليال و ميناس للإطمئنان عليهما .. و بعد الترحيب بها لاحظت حزنهم البادى بملامحهم الشاحبة ..
و هى رغم صمودها الواهى أيضا حزينة .. تفتقد غزل جدا .. تفتقد مرحها و إنطلاقها و مزاحها ..
تعلم مدى حبها لفارس فما لم تفهمه كيف تركته هكذا و رحلت دون إخبار أحد .. تنفست زينب طويلا بألم و قالت بعد تفكير :
- يا بنات لازم تفتكروا هى تعرف مين ممكن تروحله .. هى مالهاش حد فى مصر .
ردت ليال بدموعها :
- مالهاش حد غيرنا يا طنط .. يا ترى إنتى فين يا غزل .
زفرت ميناس بحدة و قالت بحزن :
- هتكون راحت فين .. فارس سأل عنها فى كل المستشفيات و الأوتيلات و كلف ناس متخصصة يدوروا عنها .. بس برضه مش لاقيها .. يا رب ساعدها و إهديها ترجع تانى لينا .
رفعت زينب عينيها للسماء و قالت برجاء :
- يا رب .
مسحت ليال أنفها بمحرمة ورقية و سألت زينب بأسى :
- مهاب عامل إيه يا طنط ؟!
مصمصت زينب شفتاها و قالت بضيق :
- الواد يا قلبى مقهور .. مش بيتكلم مع حد حتى حمزة اللى روحه فيه مش بيتكلم معاه .
وقفت دنيا مسرعة و قد لمعت عيناها بفكرة ليست سيئة و قالت بإنتشاء :
- بنات .. إنتوا نسيتوا سالى الدكتورة زميلتها فى المستشفى .. هى كانت بتحبها مش بعيد تعرف عنها حاجة .
ردت ميناس بأمل :
- عندك حق يا دنيا أنا هكلم أبيه فارس أقوله .
و بالفعل هاتفته .. و أخبرته بأمر سالى و لام نفسه و بشدة .. لماذا لم يتذكرها من قبل ..
كيف غفلها عقله أثناء بحثه المستميت عن غزل ...
صعد سيارته و توجه للمشفى للحاق بها قبل إنصرافها .. و بالفعل وجدها أنهت عملها و منصرفة .. إقترب منها و قال مباشرة :
- غزل فين يا سالى .
أعادت سالى نظارتها للخلف و قالت بقلق :
- غزل !!! هى مش لسه فى شهر العسل .
فقال لها بغضب :
- يعنى إنتى مش عارفة هى فين و لا عند مين .
هزت سالى رأسها من الصدمة و قالت بإندهاش قوى :
- أنا مش فاهمة حاجة .. هى هتروح فين يعنى .. هو حصل بينكم حاجة .
تنفس فارس مطولا و زفره دفعه واحدة و قال بنبرة ملتاعة :
- أعمل إيه دلوقتى إنتى كنتى آخر أمل ليا .
وقفت أمامه و سألته بقلق :
- إنت عملت فيها إيه خلاها تسيبك و تمشى بالطريقة دى .

إبتلع فارس ريقه و قال بتهكم و حدة و هو يطالعها بنظراته النارية :
- مافيش بس سمعتها قبل فرحنا بيوم و هى بتشرحلك إزاى وقعتنى و لعبت عليا .. و الرهان اللى عملته مع نفسها علشان تخلينى أحبها و تلعب بيا بعدها .
ضحكت سالى بسخرية و قالت بطريقة تهكمية :
- أكيد سمعت الكلام ده و مشيت على طول صح .
رد عليها فارس بغضب و قال بصوته الجاف :
- ﻷ كنت أقف و أسمع باقى الخطة مش كده .
ضربت سالى كفيها ببعضهما و قالت بضيق :
- إنت واضح إنك خسرتها للأبد .. عموما هى كان لازم تراهن نفسها إنها توقعك .. و تلعب عليك كمان عارف ليه .
حدجها بنظرات ساخرة و قال بقوة :
- ليه بقا .. علشان غبى و صيدة سهلة صح .
تنهدت سالى بألم و قالت بهدوء :
- للأسف ﻷ .. هى عملت كده علشان بتحبك و إنت كنت بتعاملها ببرود و كانت خايفة تخسرك .. زى ما خسرت كل اللى حبيتهم .. لعبت عليك علشان توصل لقلبك اللى إنت كنت قافله بمليون قفل .. لو كنت سمعت باقى كلامها كنت هتسمع إعترافها بإنك إنت اللى إصطدتها و خليتها تموت فيك و إنها حبت ضعفها معاك و لقت الأمان بيك .
وقف مصدوما و هو يستمع لها بتعجب .. فهل فهم الأمر بشكل خاطئ و حاسبها عليه بتلك القسوة .. عاد الشيطان للتلاعب بعقله و سألها قائلا بتوجس :
- طب و إيه حكاية إنها وقعتنى زى اللى قبلى .
إبتسمت سالى بسخرية و قالت بفقدان أمل :
- برده هتشك فيها .. إنت ما تستاهلهاش يا فارس .. و أحسن ليها و ليك ما تدورش عليها .
و تركته فى تخبطه و رحلت .. بسهولة فجرت قنبلتها بوجهه و إتهمته بأنه لا يستحقها و رحلت .. الكل يلومه و يوبخه و لا يشعرون بتلك النيران التى تلتهمه كلما فكر كيف هى الآن .. و هل يأذيها أحد ..
يعلم أنها قوية و لكنها كانت تحتاجه دائما بجوارها .. ليخذلها هو الآخر .



جلست كعادتها كل يوم أمام البحر .. تقضى النهار بأكمله أمامه و الليل بغرفة مغلقة عليها .. أصبحت هى و البحر رفقة تتحدث معه و يرد عليها .. يصبرها على الفراق و يقويها لتعود لها الحياة مرة أخرى .. بعدما إستسلمت لضعفها و إنهيارها .. لقد ذبلت كثيرا و هزل جسدها أكثر .. كلما تذكرت قسوته و شكه بها تتألم و بشدة ..
لقد إختارته بنفسها بعدما شعرت بالأمان معه فيأتى هو و يفقدها ثقتها بالجميع .. شعرت ببعض البرودة تتخلل جسدها فارتدت سترة جينزية لتدفأها ..
و جذب عيناها صورة كانت أقصى أحلامها و تلك السيدة ترفع صغيرها من ذراعيه و تدور به بسعادة و صوت ضحكاتهما يخترق قلب غزل التى رأت نفسها تدور حاملة مهاب و شعراته الناعمة تغطى وجهه و فارس يقترب منهما و يحملها بين ذراعيه و يدور بها بسعادة كالتى تشعر بها تلك السيدة الآن و هى تركل الهواء بساقيها و زوجها يداعب أذنيها بهمس رقيق ....

وقف أحمد يتابعها من بعيد و هو يتحسر على حالها .. كيف تبدلت و أصبحت ضعيفة لهذا الحد .. إقترب منها بخطوات هادئة حتى لا يفزعها لأنه واثق من شرودها كعادة كل يوم .. جلس على مقعد بجوارها و هى لا تشعر به .. فقال بضيق :
- غزل .. غزل إنتى كويسة .
إنتبهت إليه فقالت بإبتسامة باهتة :
- أيوة كويسة الحمد لله .. خلصت شغلك .
أومأ برأسه و قال بإرهاق :
- أيوة خلصت و كنت عارف إنى هلاقيكى هنا .
ثم وقف بهمة و قال بقوة و هو يشير بذراعه :
- قومى يالا علشان نتغدى أم أشرف خلصت الغدا .
إتسعت إبتسامة غزل و قالت بهدوء :
- رغم إنها رغاية جدا بس طيبة و أنا حبيتها قوى .
غمز لها بعينيه و قال بتنهيدة طويلة :
- يا بختها .
قطبت غزل جبينها بضيق و قالت بحدة :
- أحمد .. بطل تضايقنى لو سمحت إنت عارف إنى مش بحب طريقتك دى فى الهزار .
رفع يديه أمامها و قال مسرعا :
- آسف و الله آسف .. مش ههزر معاكى تانى .. بس يالا بقا جعااااان.
وقفت و هى تهز رأسها بملل و توجهت معه لفيلا صغيرة جدا من طابقين و جلسا سويا على مائدة مطلة على البحر بحديقة المنزل ..

وضعت أم أشرف و هى سيدة فى بداية عقدها السادس ممتلئة قليلا ملامحها بشوشة و طيبة القلب و لم يرزقها الله بأطفال الطعام أمامهما و هى تقول بتبرم و ضيق :
- عارفة يا ست غزل لو ما أكلتيش كويس النهاردة كمان .. مش هطبخلك بكرة و هسيبك من غير أكل .
ضحكت غزل عليها و قالت ساخرة :
- بتخوفينى كده يعنى .. طب مش هاكل بقا .
ملأت أم أشرف الطبق أمامها و قالت بهدوء :
- لأ و على إيه الطيب أحسن .. بس كلى طبقك كله و حياة إبنك .
تذكرت غزل مهاب و قالت بوهن :
- حلفتينى بحبيب قلبى .. خلاص يا ستى هاكل كويس .
تطلعتا الإثنتان لأحمد و الذى يأكل بنهم دون أن يعير لحديثهما إهتمام .. مصمصت أم أشرف شفتيها و قالت بإشفاق :
- يا عينى يا داكتور .. ده إنت جعان قوى .
رد عليها أحمد و هو يلوك ما فى فمه قائلا بشراهة :
- ميت من الجوع .. تسلم إيدك الأكل يجنن .
إبتسمت بهدوء و تركتهم و عادت للداخل .. تناولت غزل طعامها بشرود فسألها أحمد قائلا بجدية :
- ناوية على إيه الأيام اللى جاية يا غزل .
وضعت شوكتها من يدها بجوار صحنها و قالت بخجل :
- عارفة إنى تقلت عليك .. و خليتك سبت بيتك و بتنام فى هوتيل .. بس أنا ن...... .
قاطعها أحمد قائلا بغضب :
- أنا زهقت من كلامك ده بجد .. كل يوم تقوليلى نفس الكلام .. أنا قصرت معاكى فى حاجة .
ردت مسرعة :
- لا و الله .. بس بقالى إسبوع كامل قاعدة أكلة شاربة نايمة و إنت مش ملزوم بيا .
زم شفتيه بحزن و قال لائما :
- كده يا غزل .. شكرا و أنا اللى بعتبر نفسى أخوكى و صاحبك .. براحتك و أنا مخاصمك بجد .
ضحكت على طريقة كلامه الطفولية و قالت بمداعبة :
- خلاص .. بتفكرنى بمهاب وحشنى قوى .
إرتشف قليلا من كوب الماء و وضعه على الطاولة و قال بهدوء :
- قولتلك كلميه فون على الأقل .
حركت رأسها نافية و قالت بحزن :
- ﻷ ممكن فارس يعرف مكانى عن طريق الفون .. و أنا لسه مش مستعدة .
فسألها ببديهية :
- و هتفضلى هربانة كده لغاية إمتى .. لازم تكونى عارفة إنتى عايزة إيه .
إلتفتت بوجهها ناحية البحر تستمد منه قوتها و قالت بعد تنهيدة طويلة مرتجفة :
- عندك حق .. بس أنا لسه مش قادرة أفكر فى أى حاجة .. مخى مشلول .
ثم عادت بعيناها لوجهه و قالت بأسف و هى تطالع آثار الخدوش التى سببتها أظافرها :
- وشك بقا كويس .. سامحنى يا أحمد أنا و الله مش فاكرة إيه اللى حصل اليوم ده .
هز رأسه بهدوء و قال براحة :
- أنا مش مصدق لغاية دلوقتى إنك قدرتى تتجاوزى المرحلة دى .. ده إنتى كان عندك إنهيار عصبى شديد و كنتى ممكن تأذى نفسك و أى حد من غير ما تحسى .. ده دكتور عاصم لغاية دلوقتى مصدوم من قدرتك على الرجوع بالسرعة دى .
أطرقت برأسها و عبثت بطبقها بشرود و قالت بوهن :
- من كتر ما شوفت يا أحمد .. خلاص مافيش حاجة ممكن توقعنى تانى .. بس و الله راضية بقضاء ربنا و مش معترضة .
إبتسم براحة و قال بإعجاب :
- إنتى مثال للصبر و الإحتساب ماشوفتوش بحياتى .. أكيد ربنا هيعوضك فوق ما تتخيلى .
أكملوا تناولهما للطعام بصمت بعدما غرقت غزل بأمواج أفكارها و شوقها مجددا .. لم تستطع التغلب على محنتها بعد و لكن مكانته بقلبها لم تقل مثقال ذرة .. بل بالعكس شوقها إليه يقوى و يعمق جذور حبه بقلبها .. قلبها الذى ما زال يأن من ألمه منه و رغم ذلك يلتاع على نظرة واحدة من عينيه ..


عينيه الحزينة المنكسرة منذ رحيلها .. عاد فارس للقصر و قد زُينت الدنيا بليلها الجميل .. صعد لجناحه و هو يمنى نفسه برؤيتها بإنتظاره ..
دلف جناحه و هو يشعر بإرهاق غريب .. ليس غريبا فهو لم ينم منذ تركته سوى ساعات قليلة .. دلف لغرفة مهاب و هو يتخيلها جالسة هنا .. و نائمة هنا .. و تصلى هنا ..
إرتمى بجسده على الفراش .. و هو يشتم رائحتها عليه .. حتى وقعت عيناه على الصندوق الذى يحتوى على عروستها القديمة ..
إستند على الفراش بمرفقيه رافعا جسده قليلا و قطب حاجبيه بتعجب .. لقد وضع ذلك الصندوق فى الغرفة الذى جهزها لصغيرتهما .. فمن أتى به إلى هنا ....
وقف مسرعا و حمله و جلس مرة أخرى على الفراش و فتحه بفضول .. و حمل العروسة و إحتضنها بشوق كعادته .. فلاحظ المذكرة الصغيرة تحتها ..
ترك العروسة بجواره و حمل المذكرة و فتحها متعجبا .. حتى إتسعت عيناه بعدما قرأ أول كلمات بها من أميرته التى قررت أن تحدثه عن نفسها ......


قراءة ممتعة ....


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 12:39 AM   #279

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

يارب البارت ده ينول إعجابكم ...

هنزل بقا بالبارت التانى ....

إستعدوا لألغاز غزل و رسائلها إليه ...


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 12:50 AM   #280

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الحادى و العشرون .. الجزء الثانى :
****************************

رسائلى إليك ....
جلست غزل على مقعدها المدداد أمام البحر تطالع موجاته الصغيرة المتحطمة على الشاطئ .. كأحلامها البسيطة ...
تأوهت بألم و هى تفكر بكل ما مر بها ....
طفولة معذبة ...
مراهقة لعوب ...
نضج مبكر ...
و شريط حياتها يمر أمام عيناها بألم مرهق ...


لم يشعر بنفسه و هو يلتهم تلك المذكرة بعينيه و كأنه يراها أمامه الآن و يسمع صوتها و هى تقص عليه ما مر بها و هو بعيدا عنها و فقط يشعر بصراخها ...
إحساس شديد بالعجز إنتابه و هو يمرر عينيه على حروف كلماتها الموجعة و المؤلمة و هى تعرى نفسها أمامه ...
كانت عيناه غريبتين ... بهما قهرا و نارا مستعرة ... و خلف كل ذلك حزن عميق دقيق ....
أجفل فارس قليلا و شعر و كأن قلبه قد فقد إحدى دقاته .. فإختل توازنه كليا و هو يقرأ أول كلماتها ...

《 فارس حبيبى 》

و كأن حية لسعته فوقف منتصبا بفزع جعل الدنيا تميد به و قد عجزت قدميه عن تحمل ثقل جسده .. فتهاوى مجددا و جلس ببطء شديد و عيناه مازالت تطالع تلك الكلمتين الرائعتين و المؤلمتين بشدة ....

تحركت مقلتيه قليلا لمتابعة حديثها متشربا حبر كلماتها بشوق مهلك و تحركت عضلات حلقه بتشنج و توجس من القادم ...

《 رغم إنى مجروحة منك قوى .. بس هتفضل حبيبى .. و مش بضحك و لا بلعب عليك .. حابة أكلمك عن غزل اللى إنت ما تعرفهاش .. عنى .. 》

عند هذه النقطة توقفت أنفاسه و لمعت عينيه ببريق خاطف و خطير و فى عمق تلك العينين تلهف و قسوة و ... شئ يشبه الألم ...

《 حابة أبدأ من حكايتنا أنا إفتكرتك كنت دايما بلعب معاك .. و إنت اللى جبتلى العروسة و لما سألتك و إنت فين عروستك قولتلى إنى أنا عروستك .. يا ريت ما بعدتش عنك .. و لا سبت مصر .. كنت هحتفظ ببرائتى اللى إختفت مع كل اللى مر بيا .. 》
و كأن الضياع قد لازمه الآن .. و سيظل يلازمه للأبد بعد خسارته لحبيبة عمره .. و هو يطالع الأسطر بذهول كالذى يطفو على حافة بركان كان خامدا و الآن يوشك على قذف حممه الغاضبة و القاتلة .....

《 سافرنا و سبنا مصر بسرعة غريبة قبل حتى ما جرحى يطيب .. و لما وصلنا أميريكا إختفى جو الأسرة من حياتنا تماما .. ماما كانت طول الوقت بتتخانق مع بابا و كنت بسمعه دايما بيضربها كنت بقفل ودانى بإيديا علشان ما أسمعش صراخها .. كانت رافضة تاكل أو تشرب من فلوس بابا الحرام .. أنا ما كنتش فاهمة حاجة .. 》

كلما تذكر صفعته المتسرعة و التى سقطت على وجنتها الرقيقة بقوة .. لعن غباؤه و ثقته الغبية بنفسه و هو يتابع قراءة بنظرات نهمة و مجنونة .. و قبضته على المذكرة تزداد قوة كادت أن تحول تلك الكومة من الأوراق لرماد واهى سهل إذابته بين أنامله ....

《 تصدق إنها رفضت تمس أى حاجة بابا جايبها .. و إشتغلت و إتكفلت بمصاريفها .. و فضلت تزرع فيا الدين اللى ما كانش موجود فى أى مكان حواليا .. علمتنى الصلاة و الصوم و لبستنى الحجاب .. كانت كل الدنيا ليا .. لغاية ما سابتنى لوحدى و ماتت 》
لاحظ فارس تشوه كلمة ماتت بدموعها .. فإعتدل فى جلسته وأنا لا أستطيع أن أصف لكم ملامح الجنون على وجهه و التى بدأت تتعمق و تصبح أكثر شراسه و توجس من القادم ..
و على وجهه قدرا كافيا من الجدية الكابتة لصراخ أسد جريح .. و لكنه قاوم و أكمل قرائته بشغف ليتعرف أكثر عليها ..

《 بس هى ماتت مقتولة .. و أنا الوحيدة اللى عارفة هى ماتت إزاى و ليه .. إتقتلت علشان دافعت عن دينها و مبادئها .. تخيل إنها كانت أجمل منى بمراحل .. أنا جمالى جزء صغير من جمالها ..أكيد أنت لسه فاكرها .. يبقى ليه جزاءها القتل .. ليه ؟!! 》
تسمر مكانه و الصدمة إرتسمت على تشنج جسده و تصلب فكه القوى و هو يضغط أسنانه بقوة كادت تحطمها دون أن يشعر بأى ألم ..
و شعور بالإنقباض فى صدره لا يبارحه ..
إرتفع حاجبيه بشدة و هو يتابع و شعور الغضب و القتامة بداخله يزداد و يقوى و يستهلكه بشدة ...

《 رجل أعمال عربى طمع فيها لما شافها فى شغلها .. و هو عارف إنها متجوزة .. بس هو إفتكر إنه بفلوسه يقدر ياخد كل اللى هو عاوزه .. و اللى يصدمك ....
إن بابا ما كانش عنده مانع .. طالما الراجل هيدفع .. و صدمتها فيه كانت أكبر من طاقتها .. 》

كان كالتمثال .. من الذهول و الخطر .. و تلك الصدمة الصاعقة مرتسمة على وجهه بقوة ..
متسائلا بملامح مرعبة .. أى رجل هذا الذى يذيق زوجته ذلك العذاب و يقبل أن يمسها غيره ..
تحولت ملامحه المتصلبة فجأة لملامح مزدرية باهتة و عيناه ترسمان نارا توشك على الإندلاع ...
و هو يجبر عقله على الصمود و المتابعة بعدما قرأه فهل ما رآه حقيقة أم هو مجرد وهم يتلاعب بعقله المشتت و المصدوم ..
أخذ حاجبيه ينعقدان ببطء و تركيز قبل أن يشدد قبضته على المذكرة متابعا بنظرات هائجة ....

《 و رفضت و كان جزائها إنه بقا يضربها أكتر و عذبها و أنا حاولت أحميها منه بس ما قدرتش .. ما قدرتش أعملها حاجة .. و بعد يومين سمحلها ترجع شغلها و بصراحة .. كان كمين قذر منه ..
و بالليل لقيناها مقتولة بطلقة فى المخ .. و مرمية فى الشارع .. و اللى عرفته بعد كده إن اللى قتلها إيد الراجل العربى اليمين لما قاومت و رفضت إنه يغتصبها و ضربت الراجل ده على وشه جزائها كان قتلها .. قتلوها بدم بارد كأنها فرخة .. أو شئ مالوش لازمة .. يا ريتنى ما سبتها تروح شغلها فى اليوم ده ... 》

رفع كفه و كتف فمه بقوة .. غير مستوعبا لما تقصه عليه أميرته و صدره ينهج بقوة و إرتجاف .. و قلبه يصرخ بعنف .. خالتى حور .. هل صدقا هذا ما حدث معك ..
يتذكرها و يتذكر حنانها معه و إبتسامتها العذبة و القادرة على إشفاء العليل ..
و ملامحها الجميلة الرقيقة و الملائكية كميناس ...
هل تألمت بهذا الشكل .. و هو يدور بعينيه فى الغرفة غير مدرك لما يحدث معه و ما يقرأه ...
و الرؤية تهتز أمام عيناه .. و هو يلهث بألم و حالة من الذعر تنتابه قبل المتابعة ....

《 كان عندى وقتها 18 سنة .. و فضلت ورا الموضوع ده لغاية ما سمعت دادى و هو بيتكلم مع الراجل اللى قتلها و بيلومه .. ساعتها صدمتى فيه كانت أوجع من خبر موتها ..
تخيل هو اللى بعتها ليه .... إتغلبت على ضعفى و صدمتى و قررت إنى هجيب حقها منهم .. و دى كانت أول مرة أستغل جمالى فيها و ألعب عليهم .. و قدرت و وصلت للراجل الكبير و علقته بيا و أحسنلك ما تعرفش إزاى .. 》

تجمدت مقلتيه على آخر كلماتها و رأسه منحنية بحدة و بات العجز متملكا منه و هو لا يرى أمامه سوى الدم ..
لو بإمكان قبضته التى على إثرها إبيضت مفاصل أصابعه و إنغرست أظافره بلحم كفه غير عابئا بذلك الألم المفرط .. أن تطال تلك الأوغاد للقنتهم درسا لن ينسوه ...
فألم قلبه و كرامته و رجولته أكثر وقعا ... و صدره ينقبض أكثر و شحبت ملامحه أكثر .. إلا أنه تمالك نفسه ..
و سيطر على ذلك الشعور البغيض و نظراته المشتدة كالوتر تتابع إسترسالها ....

《 و فى نفس الوقت لعبت على إيده اليمين و خليته يحبنى و يستنى اليوم اللى هبقى ليه فيه .. خصوصا إنى لسه فيرجن و دى هناك الجايزة الكبرى .. 》

تلك الجائزة و الذى تحصل عليها هو فى ليلتهم الأولى ...
نعم فاز بتلك الجائزة و خسرها كليا ...
قذف ذلك الدفتر فى آخر الغرفة و وقف منتصبا و هو يدور حول نفسه بإهتياج أسد مذبوح ...
متطلعا حوله بعينين حمراوين بلون الدم .. و لم يشعر بيده التى إمتدت و حطمت أقرب لوح زجاجى قابله على المكتب الصغير .. فهشمه محدثا به شروخ عميقه كالتى بقلبه و روحه الآن ...
لم يهدأ بعدما أفرغ شحنته المجنونة تلك .. إلا إنه إستند على ذلك المكتب بيديه متنفسا بصعوبة ..
مستجديا الأكسجين أن يملأ رئتيه .. مطأطأ رأسه بحدة و هو يحاول السيطرة على أعصابه و غضبه الظاهر بتحفز عضلات جسده و قبضتيه المشتدتين ....
و بعد وقت طويل من الصمت و الجمود الذى لا يقطعه سوى صوت تقطير الدماء من يده التى جرحت من قوة ضربته للزجاج ...
و صنعت بركة دماء سائلة من طول وقفته المتصنمة .. و أخيرا رفع وجهه و هو يتنفس بصعوبة كالذى كان يعدو لساعات دون توقف ....
إلتفت برأسه قليلا و طالع ذلك الدفتر بعينين بهما طاقتين من حمم صامته داخل جحيم مستعر و تحركت عضلات عنقه بتشنج غارقا بتفكيره الغامض العميق ...

توتر فك فارس أكثر و إزداد إنقباض أصابعه على ذلك المكتب المسكين و هو يقنع نفسه بالتوجه ناحية ذلك الدفتر و مطالعه الباقى ...
و بالفعل تحركت ساقيه المتشنجتين و تركت قبضتيه المكتب و إلتف بجسده كاملا و سار ناحيته بخطوات ثقيلة و مخيفة .. على نحو إستثنائى رغم تماسكه ...
كان العالم يدور من حوله و هو شبه يترنح يمينا و يسارا ..
و الصداع يكاد يفتك برأسه ..
و قدماه تتابع تقدمها و هو يزفر بتنهيدة مكبوتة معذبة .. قبل أن ينحنى و يلتقطه بطرف أصابعه و يعود به ..
و كأنه طريق طويل يفصله بينه و بين ذلك الفراش الذى إحتواها من قبل ..
و جلس عليه بصمت و هدوء شاعرا بقرب إنهياره و الأسوء هو تلك النظرة المنكسرة بعينيه ..
و هو يفتحه بقلق و يعود بعينيه لأسطره متابعا ببطء .. شديد ..

《 و أقنعت الراجل ده بدلعى و إستغلالى لحبه ليا إن اللى بيشتغل عنده حاطط عينه عليا رغم إنه عارف إنى بحبه هو .. و لعبت عليهم هما الإتنين فترة .. و فى يوم قرأت خبر قتل الراجل الكبير و عرفت بعدها إن اللى قتله إيده اليمين .. و بدأت أكتشف بعدها موهبتى فى إنى أقدر أركع أى راجل تحت رجليا ..
و الأخطر إنى كرهت كل الرجالة حتى دادى .. و بقيت أمشى كل أمورى بطريقتى .. بس تصرفات العنصريين هناك خنقتنى و كان حلم حياتى إنى أرجع مصر تانى 》

تسارعت دقات قلبه مع كل كلمة قرأها .. و هو يراها أمامه الآن و تقص عليه ما حدث معها و هو بعيدا عنها .. سائلا نفسه بوهن هل تألمت و عانت لهذه الدرجة لو أنها أمامه الآن لضمها إليه بقوة كى تذوب بعظامه ..
توقف قليلا و هو يعود للهاثه المتعمق .. غير مستوعب بعدما تعطلت كل تروس عقله من شدة سخونتها و ذلك الصداع القوى يعصف بها ..
و هز رأسه بخفوت و عدم تصديق .. و كأنه ببساطة غير قادر على الإستيعاب ..
و شعور غريب بأن هناك من نال من رجولته و هو لا يعلم يخنقه ..
بل يحرقه حيا و يذيب جلده و يسوى لحمه بقسوة ..
بينما إمتقع وجهه و هو جالسا بتصلب كالطود .. و صوت أنين منهكا هو ما قطع ذلك الصمت الذى بات يصم أذنيه من قوته ...
و تلك الدماء المنسابة تغرق سرواله دون أن يشعر بتدفقها ...
تنهد مطولا بأسى و تابع القراءة ...

《 صحيح كنت بتعامل مع دادى عادى .. و أنا جوايا نار منه .. بس للأسف إبنه ما فرقش عنه كتير .. قرر يبيعنى لراجل أعمال مصرى هيدفع فيا مبلغ خيالى .. أقنعنى فى مرة إن بابا تعب و هو عند الراجل ده فى قصره و لما وصلنا إختفى بحجة إنه هيشوف بابا و بعدها هشوفه أنا و قبض التمن و سابنى و مشى .. الحقير ... 》
رفع عينيه للسماء مناجيا ربه بقوة فذلك القذر كان بين يديه و تركه .. رغم تطاوله عليه و عليها إلا أنه ترفق به من أجلها فابالنهاية ظنه أخ لها مهما كانت أطماعه ..
و لكن ذلك المستوى المتدنى أخلاقيا لم يصل إليه عقله ..
أى نوع من الرجال هؤلاء .. يستبيحون أعراضهم و شرفهم من أجل المال ...
كانت عيناه تهتزان بألم .. و أصبح يرتجف فعليا .. و بداخله رغبة عنيفة للبكاء ..
و أخذ يلتقط أنفاسه بصعوبة أكثر و الألم بقلبه يزداد تشعبا و قسوة ..
و أغمض عينيه متنهدا بقهر و حدة و بمنتهى السلاسة خرجت من بين شفتيه شهقة بكاء خافتة ..
نعم فهو على وشك البكاء و لم لا و هو بشر مثلنا ربما ظروفه صنعت منه جلمودا ثلجيا ...
و لكن ما أخبرته به أميرته وصل به لمراحل غضب مشتعلة أذابت معها بروده الثلجى و حطمت ذلك الجلمود الواهى بداخله ...
و أخيرا فتح عيناه فجأة بقوة بعدما أصبحتا جاحظتين من شدة نظرتهما و بأسها و بمنتهى الهدوء الغير مناسب لحالته رفع ذلك الدفتر مجددا و تجول على طرقات أسطره بنهم ...


《 و فجأة لقيت نفسى لوحدى مع مجد .. إتكلم معايا بهدوء الأول و بعد كده حسيت إن فى حاجة غريبة .. نظراته ليا و جلسته المتحفزة .. فوقفت و كنت ماشية فشد حجابى بالقوة .. و لفنى ناحيته و حاول إنه ... إنه يغتصبنى ..
دافعت عن نفسى كتير و إتخيلت أمى و هى فى نفس الموقف قبل ما يقتلوها .. إحساس صعب قوى .. و مرعب قوى .. 》

ضرب فارس الفراش بجواره بالقوة و هو يتخيلها أمامه و أحد يعتدى عليها .. و يستبح لمسها و إنتهاكها بهذه الطريقة البشعة .. لم يشعر بدموعه التى بدأت فى الإنهمار و منعت عنه الرؤية ..
و شعر بنفاذ الهواء من رئتيه تدريجيا .. و هو يلهث بقوة و شياطين الأرض كلها تآمرت على عقله البائس ..
و شعور غريب بالإنتقام يتملكه .. لو طال ذلك الحقير لنزع جلده ببطء شديد و إلتهم لحمه بأسنانه و إتساع عينيه أصبح مرعبا .. و مجنون ....
و دموعه تنهمر بصمت مؤلم .. و باتت ملامحه أشبه بالرخام البارد .. و هو على وشك الإصابة بالإغماء من شدة شحوب وجهه ...
و وجع غريب يغزو روحه الجامحة و يوشك أن يهزمه إلا أنه قاومه ..
و كفف تلك العبرات الساخنة بقوة و هو يعاود القراءة بألم على ما أصاب أميرته الصغيرة ...

《 جريت على المطبخ و مسكت سكينة و هددته إنى هموت نفسى لو قربلى .. خاف عليا .. و هنا إتأكدت إنه بيحبنى .. فلعبت على شعوره ده ..
و أقنعته إنى ممكن أتجوزه بس محتاجة فترة أفكر و أنسى خوفى منه .. فرح قوى .. و طلب منى أنزل السكينة رفضت .. و لبست حجابى و خرجت من عنده منهارة ..
مش عارفة كنت بعيط ليه يمكن من خوفى أو من صدمتى فى أخويا و سندى فى الدنيا .. بس هو راجل زى أى راجل .. مش غريبة يعنى ..
أنا متأكدة إن اليوم ده أنا صدعتك بصراخى يا فارس ..
المهم رجعت البيت و ما كلمتش علاء فى حاجة .. كأنه ماحصلش حاجة بينا .. وهو مسألش ..
بعدها بأيام عرفت إن مجد عاوز يتجوزنى .. رفضت و باعدين وافقت بس بشرط إن بابا يتنازلى عن نصيبه فى بيته اللى فى مصر .. و وافقوا .. لأن جوازى من مجد كان هينقذهم من موقف شركتهم المالى و اللى كان فى أسوء حالاته بسبب علاء و جريه ورا البنات و القمار ..
أقنعتهم و ضحكت عليهم و رجعت مصر علشان ألاقى عمى خسيس زى أخوه .. آسفة كلمة بابا مالهاش لزوم دلوقتى .. لعبت على إسلام علشان أعرف عنوان تيتة رأفة و عرفته من بسمة الحقودة .. و جيت إنت و حمتنى من إسلام .. حسيت يومها براحة غريبة لما شوفتك و حكيت عنك لليال و أنا مبسوطة قوى إن لسه فى رجالة بجد فى دنيتنا دى 》

صرخ فارس بضيق و قال بدموعه بنبرة متوحشة عنيفة :
- شيفانى راجل يا غزل بعد اللى عملته فيكى .. طب إزاى .. أنا آسف يا عمرى .. و الله آسف .
و إرتجف أكثر و تلك الصرخة المتوحشة التى أطلقها منذ برهة صداها برأسه يكاد يفتك به ...
تابع قراءته و هو يتشبث بالدفتر أكتر قبل أن تخونه يديه و يسقط منه ....

《 نفسى تصدقنى فى اللى جاى .. لما قابلتك تانى .. يوم ما وقفت للبلطجى مسعد .. ما صدقتش نفسى لما شوفتك تانى .. كنت حاسة نفسى بحلم بس أول ما لمستنى و وقفتنى وراك إتأكدت إنك حقيقة مش خيال .. و عرفت بعدها من ليال إنك أخو حمزة و إبن عم رامى ..
فرحت أكتر إنى هقدر أشوفك تانى .. بقيت أيقونة الآمان فى حياتى .. و مرت أيامنا و أنا بتعلق بيك أكتر و أكتر .. كأب شديد و حنين .. و أخ سند و ضهر ..
كحبيب بيوحشنى و قلبى دق بس ليه هو .. لما عرفت موضوع إنك بتحس بيا و إن فيه بينا صلة و رابط أكبر من وصفه أو تصنيفه .. حبيتك أكتر .. و لما إستفزك مسعد و غلط فيا و إتخانقت معاه كنت هموت عليك من قلقى .. و كنت على إستعداد ياخد روحى و لا يأذيك .. 》

تنفس فارس مطولا وهو يشعر بخناجر تخترق قلبه مع كل حرف من كلماتها المؤلمة و قال بصوت متحشرج مضطرب :
- بعد الشر عنك يا عمرى .. ليه بتعذبينى كده يا غزل .. قاصدة توجعينى كده .. ياريتك ضربتينى و صرختى فيا و عرفتينى إنى حمار و مش بفهم و لا تسبينى بعد ما أعرفك بجد .

《 برودك كان بيقتلنى .. كنت خايفة تكون مش بتحبنى .. كنت خايفة تضيع منى .. حبيتك حب مرضى و كنت مستعدة أعمل أى حاجة بس تبقى ليا .. بعترف إنى راهنت نفسى إنى هقدر أوقعك زى اللى قبلك بس مهمتى معاك كانت صعبة قوى ..
لأنك أنضف من اللى قبلك .. كنت فرحانة قوى و إنت بتحمينى من علاء .. و لما طلبت تتجوزنى شفقة .. كان نفسى أخنقك بإديا .. حسستنى إنك مش بتحبنى و إنك بس عاوز تكمل مسلسل إنك أبويا أو أخويا ..
رفضتك و أنا هتجنن .. و لما إتكرر الطلب وافقت لما عرفت بإصرارك عليا .. أقنعت نفسى إنك فعلا بتحبنى .. رغم إن غيرتك عليا فى مواقف كتير قالتها .. نظراتك ليا قالتها .. بس خوفى إنى أكون بوهم نفسى هو اللى سيطر عليا ..
لما بوستنى و إعترفتلى بحبك .. قلبى كان هيقف من الفرحة .. و قولتلك فورا باللى جوايا ليك و إنى بموت فيك .. و إتجوزنا .. و حلمى إتحقق .. بقيت ملكى لوحدى .. 》

قالت له تلك الكلمات بيومهما الأخير .. و أخبرته أنها لن تفارقه و ستظل معه و هو يشعر بها و يحتفظ بها داخل أعماق قلبه ..
كلماتها صادقة .. رغم لين قلبه إليها إلا أنه قاوم غزو أشعتها الفيروزية لقلبه ..
خوفا من الحب ..
وقتها ظنه ضعفا .. و أكثر شعور كان يبغضه هو الضعف ..
لم يكن يقاومها هى .. بل كان يقاوم شعورا لم يختبره من قبل و يغزوه بسرعة جعلته يرتدى قناعه الرخامى أمامها ...
هل عشقته لهذا الحد ..
هل رهانها كان على إخراج حبها من غابات قلبه المهلكة إلا النور ..
إبتسم بسخرية حزينة سوداء على غبائه و تصلب عقله المزرى ..
عائدا بعينيه إليها و هو يراها أمامه و تقص عليه جرحها الدفين المتقرح ...

《 ما كنتش عارفة إنه هيبقى كابوس و وجع أكبر من إحتمالى .. كنت ببان قوية قدامك و أنا بتقطع من وجعى.. قررت أبعد عنك و أنا بحكم على نفسى بالموت .. بعدت عنك غصب عنى بس مش هقدر أشوف الكره ليا فى عنيك .. و برضه مش هقدر أسامحك على اللى عملته معايا ..
هتوحشنى قوى .. ﻷ إنت وحشتنى من دلوقتى .. أكيد هنتقابل تانى بس مش دلوقتى محتاجة أرمم اللى إتكسر جوايا منك .
حبيبى و روحى و أخويا و أبويا و أمانى
فارس
مراتك الشريفة و الله العظيم
غزل 》
أغلق المذكرة و هو فى عالم آخر .. و تمدد بالفراش على جانبه و وضع كفه تحت رأسه إحتضن بكفه الآخر الدفتر .. و غفى فورا ..
سمه هروب من الواقع .. سمه تأنيب ضمير .. سمه قلب متألم .. لا أستطيع تفسير شعوره .. لأنه ببساطة ..
غفى ...


إنتظرونى فى الفصل الثانى و العشرون .........

قراءة ممتعة ......


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
...

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.