آخر 10 مشاركات
مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          موعد مع القدر "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : athenadelta - )           »          حب في الباهاماس (5) للكاتبة: Michele Dunaway *كاملة+روابط* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          محاربة الزمان - فيوليت وينسبير - روايات ديانا*إعادة تنزيل (الكاتـب : angel08 - )           »          عبير القديمة جانيت ديلي نهاية أسبوع غريبة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حرب الذكريات والحب-قلوب أحلام شرقية(77)-حصرياً -*مميزة* للكاتبة::رشا باعلوي*مكتملة* (الكاتـب : رشا باعلوي - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          أميرتى العنيدة (87) للكاتبة: جين بورتر ..كاملة.. (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          البديلة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hollygogo - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: إيه رأيكم بأول بارت من روايتى .. يا رب تعجبكم لأن اللى جاى أقوى و أطول .
أكمل تنزيل 43 81.13%
أوقف كتابة 1 1.89%
الفصل يكون طويل 17 32.08%
الفصل يكون قصير 1 1.89%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 53. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree52Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-09-19, 10:16 AM   #11

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


الفصل الثالث :
**************************

إستيقظت غزل من نومها متثاقلة .. تمطأت قليلا فشعرت بشخص ما ممدد بجوارها .. ففتحت عيناها مسرعة و قد تملكها الذعر فى البداية لم تتعرف على الغرفة .. حتى إلتفت برأسها لجوارها فرأت بسمة إبنة عمها غافية .. بدأ عقلها فى تجميع أفكاره حتى تذكرت أنها بمصر و نائمة بشقة عمها ....
أخرجها آذان الفجر من تخبطها فإعتدلت جالسة و هزت بسمة برفق لإيقاظها قائلة بهدوء :
_ بسمة .. قومى يا بسمة الفجر بيأذن .
أجابتها بسمة بصوت ناعس خفيض :
_ سبينى يا غزل و نامى .. أنا تعبانة .
هزتها غزل مجددا و قالت بإصرار أكبر :
_ لأ قومى يالا علشان تصلى .
صرخت بسمة بوجهها و قالت بحدة :
_ يووه .. سبينى بقا مالكيش دعوة بيا عاوزة أنام .
صكت غزل أسنانها بغيظ من صراخ بسمة بها .. فقررت الإنتقام و بطريقتها الخاصة فمن الواضح أن تلك البسمة لا تعرفها جيدا .. إذا .. فلنتعارف ......
فكرت بسرعة حتى هداها عقلها لفكرة جهنمية و بسيطة بعض الشئ .. فوقفت على الفراش و هى تتركه دعست على قدم بسمة بقوة .....
صرخت بسمة متألمة من قدمها و لامسته قائلة بألم :
_ آآه .. رجلى يا متخلفة .. إيه عامية مش بتشوفى .
أكتر أنواع البشر و التى تبغضهم غزل بشدة هم من لا يتعلمون من أخطائهم .. فتلك البسمة قد زادت نيران غزل المشتعلة و لولا ظلام الغرفة لرأت إندلاع شرارات عيناها الفيروزية .. بينما إرتسمت إبتسامة خبيثة على ثغر غزل التى قالت بنبرة تكاد تكون آسفة :
_ sorry يا بسمة بجد أصل النور مقفول و جيت أنزل نمش شوفت رجلك بس أوعدك مش هدوس عليها تانى .
و تحركت قليلا و دعست قدمها الآخرى بقوة أكبر .. فصرخت بسمة بصوت عالى و قالت بغضب :
_ آآآآه .. رجلى التانية يا بنتى حرام عليكى .
ضحكت غزل بصوت مكتوم و هى تلامس الأرضية بقدميها و قالت ببرائة طفولية :
_ sorry كمان مرة يا بوسى .. بس أنا وفيت بوعدى و مش دست على رجلك الأولى شوفتى بقا أنا طيبة إزاى .
و حملت منشفتها و هى تبتسم بنصر و خرجت من الغرفة .. بعد قليل عادت و إرتدت إسدالها و صلت بهدوء و صوت أنين بسمة من ألم قدميها لا يتوقف .. بعدما فرغت من صلاتها قرأت وردها الصباحى من القرآن كما عودتها والدتها قبل موتها .. أو بالأحرى قبل قتلها .. عادت لها ذكريات مؤلمة و هى تتذكر ملاكها الحارس .. أمها .. بجمالها الساحر و إبتسامتها الوضائة و عيناها الفيروزية و التى ورثتهم غزل منها ...
نفضت أفكارها الحزينة من رأسها و وقفت فى الشرفة تتابع الشروق .. أغمضت عيناها و هى تستمتع بمداعبة نسمات الصباح لوجهها الناعم ....
فتح فارس عينيه متأملا جمال خلقه و هو يطالع أشعة الشمس الخافتة و كأنها تستحى أن توقظ النائمين .. رفع سيجارة ناحية فمه و تمسك بها بشفتيه و أشعلها نافثا دخانها يخرج معه غضبه و تلك الطاقة المتوحشة بداخله .. قبل أن تتقاذفه أفكاره كمضربين للعبة التنس و هو بينهم .. ما بين الماضى المؤلم و الحاضر الأكثر إيلاما و كلها تنتهى عند تلك الطفلة التى بسببها تغيرت حالته تماما و زاد توحشه أكتر ...

إلتف الجميع حول مائدة الإفطار .. و زينب تسكب لهم فى أطباقهم ما أعددته .. مال مهاب بجسده ناحية فارس و قال برجاء طفولى زامما شفتيه :
_ خدنى معاك الوكالة يا بابا .. جدو مش راضى فا قولت أميل عليك .
إبتسم فارس بهدوء و تطلع ناحية رامى المتصنع البرائة و قال ساخرا :
_ تميل عليا .. جرى إيه يا رامى إنزل من على ودان الولد شوية .. ده عنده خمس سنين لسه .
إرتشف رامى القليل من قهوته و قال بإبتسامة هادئة :
_ أنا و مهاب صحاب .. مالكش دعوة بينا يا عوو .. صح يا هوبا .
أجابه مهاب بثقة :
_ صح يا زميلى .
وقف فارس منتصبا و قال بإبتسامة ساخرة بصوته الرجولى الخشن :
_ زميلك !!! منك لله يا رامى أنا أدخله مدارس إنجليزى و إنت مصر تربطه بالحارة أكتر .. مصمم تبوظ اللى عملته معاه .
رفعت زينب حاجبيها بضيق و هى تراه يقف فقالت مسرعة :
_ إقعد إفطر زى الناس يا إبنى .
أجابها فارس و هو يلتقط هاتفه و مفاتيحه قائلا بعبوس كعادته :
_ فطرت الحمد لله يا ست الكل .. مش يالا يا حاج أوصلك فى طريقى للوكالة علشان همشى بدرى .
وقف صبرى و إستند على عكازه و قال بصلابة تلائم هيبته :
_ توكلنا على الله .. يالا يا إبنى .
ثم توقف للحظة و إلتفت ناحية رامى و سأله بنبرة ثابتة :
_ لسه هتأخر يا رامى .
أجابه و هو يداعب مهاب و قد تعالت ضحكاتهم :
_ إوصل إنت الوكالة هتلاقينى راشق فيك يا عمى .
هز صبرى رأسه بيأس و قال بضيق :
_ واد يا مهاب ما تقعدش معاه كتير .. و الله فارس عنده حق .. قال راشق فيا قال .

جلست غزل أمام التلفاز تطالعه بضيق فى إنتظار أن يصحو أحدهم من نومته .. فطيور معدتها كلها تصرخ طلبا للطعام . فمنذ كانت بالطائرة لم تتناول شيئا .. بعد ساعة خرجت هناء من غرفتها .. تطلعت ناحية غزل بإبتسامة ودودة و قالت :
_ صباح الخير يا بنتى .
بادلتها غزل إبتسامتها و قالت بود :
_ صباح النور .
_ معلش إتأخرت فى النوم بس نص ساعة يكونوا صحيوا و أكون حضرت الفطار أكيد جوعتى .

بعد قليل جلس الجميع على المائدة .. إقتربت منهم بسمة و هى تعرج بساقيها .. فسألتها هناء بقلق :
_ مال رجلك يا بسمة ؟!
تطلعت ناحية غزل و قالت بغضب :
_رجليا الإتنين فرمهم قطر .
ضحكت غزل ضحكة عالية و قالت بدلال :
_ سلامتك يا بوسى و سلامة رجليكى .
بينما إقترب إسلام منها و قال هامسا :
_ إيه رأيك بعد الفطار نخرج و أخدك فى جولة أفرجك على مصر أكيد وحشتك .
أجابته غزل بهمس متعجبة :
_ طيب موطى صوتك ليه ؟!
إعتدل إسلام فى جلسته و قال بقوة :
_ عادى يعنى .. بابا أنا هنزل أفسح غزل و أفرجها على البلد .
أومأ عونى برأسه و هو يطالع جريدته الصباحية و قال بفتور :
_ براحتكم بس ما تتأخروش .
أنهت غزل فطورها و إلتفتت بجسدها ناحية عونىو سألته بلؤم :
_ هتعمل إيه فى موضوع الشقة يا عمى .
ثنى الجريدة و وضعها على الطاولة و قال بضيق :
_ بصى يا بنتى أنا مش فاهم إنتى عيزاها ليه .
إبتسمت غزل بسخرية مضيقة عينيها و قالت ببساطة :
_ أكيد يعنى علشان أسكن فيها .
ضحك ضحكة ساخرة و كبل ذراعيه و إستند بهما على الطاولة و قال بصوت هازئ :
_ إنتى مش فى أمريكا علشان تعيشى لواحدك فى شقة طويلة عريضة زى دى .. لما أبوكى يرجع نبقى نخرج منها السكان .
فطنت لما يحاك حولها .. فإن ظنوها لقمة سائغة فهم حتما يتوهمون .. عقدت ذراعيها و إستندت بهما على الطاولة أيضا و قالت وهى تحدجه بتحدى قوى :
_ عندك حق يا عمى الأصول أصول برضه .. بس بقا .. إيجار الشقة و المحل هاخدهم منك كل أول شهر .
هذا مالم يكونوا يتوقعوه .. تطلعوا جميعا ببعضهم بتوتر من جملتها الأخيرة و كأنهم على رؤوسهم الطير .. وزعت غزل نظراتها عليهم تتابع صدمتهم .....
قرر إسلام تدارك الموقف فقال مسرعا لتغير دفة الحوار :
_ قومى دلوقتى إلبسى و بالليل تبقوا تتكلموا تانى .
وقف عونى و قال بعبوس غاضب :
_ أنا كمان هنزل أفتح المحل .. يالا سلام .
إستندت غزل بظهرها على ظهر مقعدها و شردت قليلا بعدما لاحظت إستيائهم من طلبها الشرعى .. تنهدت بأسى على أب إكتشفت أنه لص .. و أخ أنانى لا يهمه سوى ذاته .. و عم سيلتهم حقوقها .. وخزها إسلام فى ذراعها و قال بتعجب :
_ بكلمك مش بتردى ليه .
إنتبهت إليه و قالت بإبتسامتها الساحرة بعدما قررت أنه ضحيتها الجديدة للوصول لمبتغاها :
_ sorry يا إسلام .. إدينى نصاية و هبقى جاهزة .
هز رأسه متعجبا و قال بمرح :
_ نصاية .. إنتى متأكدة إنك كنتى فى أمريكا و لا كنتى فى شبرا .
أجابته بسمة بسخرية :
_ لأوكمان محجبة .. غريبة مع إن لبسك مش محتشم يعنى .
تطلعت إليها غزل بقوة .. فها هى تعود لأخطائها مجددا و لا تتعلم .. إذا فلتصمدى أمام ما سأفلعله بك .. خرجت غزل من صمتها وقالت بحزم :
_ أنا سواء كنت فى أميريكا أو مصر .. فأنا مسلمة .. و حجابى ده اللى خلانى سبت أميريكا و رجعت مصر .. أما بقا لبسى .. فواحدة واحدة هغيره .
ثم وقفت و قالت لإسلام بهدوء متزن :
_ جهز نفسك على ما أجيلك .
وتركتهم و دلفت لغرفة بسمة تنفث نارا من أنفها .. جلست على طرف الفراش و تبست به بقبضتيها تفكر فى بدايتها التعيسة بمصر .. وهذا مالم تتوقعه .. حتى خطر ببالها جدتها والدة أمها .. حاولت جاهدة تذكر عنوانها و لكن دون جدوى .. فقد كانت حينها طفلة صغيرة عمرها خمس سنوات .. تنفست بهدوء و وقفت أمام حقيبتها و أخرجت منها شيئا لترتديه ...
إرتدت بنطال چينزى ضيق و أعلاه كنزة بيضاء من الشيفون يصل طولها لطرف بنطالها و إرتدت حجاب ملون عقصته خلف عنقها .. و تزينت بالقليل من مكياجها و وضعت عطرها و أغلقت الحقيبة بكلمة السر حتى تطمئن أن لن يعبث بأشيائها أحد .. و إرتدت حذاء رياضى مريح و خرجت من الغرفة ....
تطلع إليها إسلام بإعجاب من جمالها الزائد عن الحد .. و إقترب منها مسحورا قائلا بتنهيدة حارة :
_ فى كده برضه .. أخاف تخرجى معايا تتخطفى منى .
إبتسمت غزل و قالت ببحة صوتها المغرية لإخضاعه إليها أكثر و أكثر :
_ و إنت كمان چان جدا .. يالا بينا .
أشار إليها بيده فتقدمته حاملة حقيبتها اليدوية محدجه بسمة بغرور واثق و خرجت مع إسلام بهدوء .. فضغطت بسمة شفتيها بغضب و قالت من بين أسنانها :
_فى ستين داهية .. أنا مش طايقة البت دى يا ماما .. فاكرة نفسها حلوة و هى بشعة .
أجابتها هناء بضيق و هى تنظف الطاولة :
_ مش عارفة هى قوية كده لمين .. دى أمها الله يرحمها ما كانش ليها صوت .. و أبوها حرامى بس أهبل .. سيبك منها هنطبخ إيه خطيبك جاى .
عرجت بقدميها قليلا و قالت بتفكير :
_ مش عارفة .. تعالى ندخل المطبخ و نشوف هنعمل إيه .


يتبع



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 08-09-19 الساعة 03:02 AM
ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-19, 05:57 PM   #12

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثالث جزء 2

وقفت غزل أمام المنزل تتطلع إليه بضيق .. و هى تفكر كيف ستسترد حقها فيه من عمها المتسلط .. لم يعلم أحد بعد أنها تمتلك نصيب والدها و لكن إن علوا ماذا ستكون ردة فعلهم ..سألت نفسها بجدية هل حقا تخشى على نفسها منهم ؟!!! و منذ متى و هى تخشى شيئا أو شخصا ....
عادت بعينيها للطريق فوجدت إسلام يقترب منها بسيارته .. إستقلتها بهدوء فسارع هو قائلا بمداعبة :
_ و الله وحشتينى الشوية دول .
صكت أسنانها من مداعبته السمجة و تصنعت الإبتسام و قالت برقة :
_ Thanks .
إنطلق بسيارته يقطع الطرق و هى فى قمة سعادتها .. عيناها تلتقط كل شئ بفرحة.. واجهات المحلات و الطرقات و الناس كل شئ يعيدها لطفولتها .. رغم التطور الملحوظ فى المنشآت و لكن يبقى الناس على حالهم ملامحهم الطيبة و السمحة و الدافئة ......
بين الحين و الآخر كان يتابعها بإهتمام .. و إعجاب .. سعادتها جعلتها تبدو مشرقة كزهرة ندية تمت سقايتها فتفتحت أكثر و صار عبقها يملأ الأجواء .. أما هى فشعور من الراحة والسكينة قد غمرها شعور إفتقدته كثيرا فى غربتها .. ولكن فلتنتهى تلك الأيام و ترحل عن رأسها فها هى الآن بمصر كما حلمت كثيرا .. تتجول بشوارعها و تنعم بدفء نسماتها .. إلا إن عقلها قرر إفساد لحظة المتعة تلك و ذكرها بعمها و ما ينتظرها منه و من جشعه و طمعه ....
ضاقت من الزحام و توقفهم المستمر فتلفتت حولها وتسائلت بضيق :
_ إيه الزحمة دى هو فى حادثة .
ضحك إسلام ضحكة عالية و قال ببديهية :
_ يا بنتى ده العادى .. أهلا بك فى مصر .. عموما بكرة تتعودى .
ساد الصمت للحظات فسألها بفضول :
_ صحيح يا غزل إنتى درستى إيه أو بتشتغلى إيه ؟!
أجابته و هى مازالت تتطالع الطريق و لكن هذه المرة قد تعلقت عيناها بشريان مصر .. نهر النيل .. إبتسمت بخفوت وقالت :
_ أنا دكتورة .. زى ما بتقولوا فى مصر دكتورة باطنة و معايا ماجستير ... ااااا ... مش عارفة أترجمها كويس بس تقريبا ماجستير جراحة .. يا رب أكون بترجمها صح .
لمعت عينيه بفرحة و قال متعجبا :
_ أوبا بقا .. يعنى قمر و كمان دكتورة .. يا جامد إنت .
إلتفتت إليه لأول مرة منذ إستقلالهم لسيارته و قالت ببحة صوتها الماكرة :
_ سولى .. إنت فاكر عنوان بيت تيتة رأفة والدة ماما الله يرحمها .. إنت كنت بتروح معايا عندها و إحنا صغيرين .
فكر قليلا و قرر إستغلال تلك المعلومة لصالحه فيمكنه إبتزازها بها .. و خصوصا و هو يرى مدى لهفتها .. لذا فلينتظر قليلا .. أجابها بهدوء مدعيا عدم التذكر قائلا :
_ ياااه .. ده من سنين طويلة جدا أنا دلوقتى مش فاكر بس لو إفتكرت هقولك فورا .
علت الخيبة و الحزن ملامحها و عادت لمطالعة الطريق مجدداو لكن بحزن عميق .......

فى وكالة السعيد للخردة و القابعة بإحدى الحارات الكبيرة و التى لها قوانينها الخاصة و الحازمة فتلك المناطق شائكة و دائما ما يكون لديها كما يقال .. كبير المنطقة .. و بدوره الحاج صبرى و ولده كانا كبيريها ......
جلس صبرى على مكتبه الكبير غاضبا و هو يضرب الأرض بعكازه و جلس أمامه فارس و رامى بهدوء ما قبل العاصفة .. تطلع ببعض الأوراق التى أمامه و قال بضيق بنبرة صوته الرخيمة :
_ ما إنت لو مركز فى شغل الوكالة يا عوو ماكناش طلبنا المساعدة من حد و لا دفعنا مليم واحد إكراميات .
زفر فارس بضيق و هو يسيطر على إنفعاله بكل قوت و أجابه بتريث :
_ هو بس مافيش ورانا غير الوكالة .. ما المصنع شغال و زى الفل و نفعنا فى شغل الوكالة جدا و بدل ما كنا بنبيع الخردة بقينا نصنعها و نستثمر فيها أكتر .
أومأرامى برأسه و قال مصدقا على كلماته :
_ فعلا .
أشار فارس بيده ناحية رامى و قال بقوة :
_ و شغل المصنع كله شايله رامى و ممشيه زى الساعة .. أما بقا المستشفى الإستثمارى اللى أنا إشترتها و بتدخل لينا فلوس ماكناش نتخيلها كل سنة و لميت حقها من زمان .. أقطع نفسى يعنى يا حاج .
ربت رامى على ساق فارس و قال للتهدئة قليلا :
_ إهدا يا عوو مش كده .. الحاج عنده حق برضه الوكالة هى أساس اللى إحنا وصلنا ليه و لازم نرجع نهتم بيها أكتر .. و باعدين ما إنت عارف إن روح الحاج هنا ده لأنه قضى عمره كله فيها .
أومأ فارس برأسه وقال بنبرة آسفةو لكن حازمة أيضا فمثله لا يليق به الضعف أو الإعتذار :
_ ما تزعلش منى يا حاج بس راسى مشغولة شوية اليومين دول .
هز صبرى رأسه متفهما .. ثم سألهم بألم :
_ ربنا يعينك يا إبنى .. صحيح محدش منكم راح لحمزة يطمن عليه .
أجابه فارس بغضب و هو ينقر بأصابعه على ساقه :
_ أنا لو روحت عنده مش عارف تصرفى معاه هيبقى إزاى .. ده واد ظالم و مفترى .
مرر رامى أنامله فى شعرات ذقنه و قال بتنهيدة أسى :
_ يا عوو ده أخوك برضه .. هو صحيح مفترى على الغلبانة مراته .. بس ما هو غصب عنه .
ثم إلتفت برأسه ناحية عمه و قال لطمأنته :
_ أنا آخر النهار هروحله علشان مايزعلش منى و علشان أطمن على الغلبانة مراته ليكون موتها المرة دى .
رفع فارس كفه ملوحا و قال بتذمر غاضب :
_ هى اللى تستاهل حاولت معها كتير علشان تبعد عنه و هى اللى مش موافقة و مش فاهم ليه و لا عاوز أفهم .
وهم واقفا و قال و هو ينصرف :
_ أنا همشى السيرة دى بتعصبنى .
و تركهم و غادر .. حرك صبرى رأسه بيأس وقال بأسى :
_ ربنا يهديكم يا ولادى يا رب .
مال رامى على مكتبه بجذعه حتى إقترب وجههما و قال بإستعطاف :
_ مش ناوى تفرح بيا بقا يا حاج .. هموت عالبت إرحمونى بقا .
دفعه صبرى بيده وقال بصرامة :
_ يا أخى إنت كمان أنا ناقصك .. قوم غور من قدامى على مصنعك يالا جاتكوا نيلة إنتم التلاتة .
ثم رفع كفيه ناحية السماء و ناجى ربه قائلا :
_ ليه يا رب بلتنى بالمصايب دول .. أستغفرك ربى و أتوب إليك .
أجابه رامى بضيق وهو ينتزع نظارته الشمسية من قميصه و إرتداها قائلا بتحذير :
_ مش هتاكلنى بالكلمتين دول يا عمى و مش هسيبك غير لما تحدد ميعاد الفرح مع ستى .. و إلا هخطفها و أهرب و الله .
فتح صبرى درج مكتبه و أخرج سلاحه و رفعه بوجهه وقال مهددا :
_ ده أنا كنت خطفت روحك من جسمك .. غور من قدامى لأطخك و الله و ما لكش عندى دية .
ركض رامى من أمامه و هو منهار من شدة الضحك قائلا بمزاح :
_ صلى على النبى يا عمى السلاح يطول .. ده أنا يتيم يا جدعان .
و تركه و إستقل سيارته و هو مازل منهار من الضحك و لا يشغل باله سواها .. فتاته الجميلة و التى سحرته من أول نظرة .. نعم كانت فى وقتها طفلة و لكنه إنسحر بذهبيتها اللامعة .. قاد سيارته و هو يمنى نفسه بها منطلقا لمصنعه .


عاد إسلام و غزل من نزهتهما و صوت ضحكهم لا يتوقف .. بداخل شقة عونى لاحظت غزل جلوس شخص غريب فى ردهة المنزل لأول مرة تراه .. إقترب منه إسلام و قال مرحبا :
_ منور الدنيا يا حسام .. أخبارك إيه ؟
أجابه حسام خطيب بسمة و قد تعلقت بغزل و رفضت الإنصياع لأوامره بالإبتعاد عنها و لو بخجل قائلا بشرود :
_ أنا كويس الحمد لله .
إنتبه إسلام لنظرات حسام ناحية غزل فقال معرفا :
_ تعالى يا غزل ده حسام خطيب بسمة .
ثم إستدار ناحية حسام و قال :
_ ودى بقا يا حسام غزل بنت عمى لسه واصله طازة من أمريكا .
رفع حسام حاجبيه متعجبا من جمالها الساحر و قال هامسا بنبرة مشتعلة :
_ غزل !!!
ثم تمالك نفسه و مد يده نحوها و قال و هو يتفحصها بجرأة :
_ إزيك يا آنسة غزل .. نورتى مصر .
إنتبهت لنظراته الوقحة فقررت أن تلقن بسمة درسا جديدا فى ذلك الوقح .. فإبتسمت برقة و صافحته بعدما سلطت مقلتيها الفيروزيتين على عينيه لتتلاعب بهماةو بقلبه و بعقله أيضا و قالت ببحتها القاتلة :
_ هاى.. مصر منورة بأهلها .
إزدرد حسام ريقه بصعوبة يجلى به حلقه الذى جف فجأة و هو يغوص فى بحر عينيها الكاريبى .. و قد زادت دقات قلبه وبات يقصف بشدة لاحظتها غزل فإبتسمت بمكر بعدما وصلت لمبتغاها بمنتهى السهولة و ولجت لغرفة بسمة و هناك زوجين من العيون تتابعانها ببنطالها الضيق و حركة خصرها المذيبة للأعصاب .....
خرجت بسمة من المطبخ فوجدتهما واقفان يتطلعان للاشئ و على ثغر كلا منهما إبتسامة بلهاء فقالت بتعجب :
_ مالكم .. واقفين كده ليه ؟!!
إنتبها الإثنان عليه فأجابها إسلا مسرعا :
_ هاه .. مافيش .. خلصتوا الغدا و لا لسه .
أجابته بسمة و هى تطالع شرود حسام و تلك الإبتسامة البلهاء و قالت بنبرة عالية حتى ينتبه إليها :
_ أيوة خلصنا دقايق و السفرة تبقى جاهزة .
لم ينتبه عليها حسام فوخزته بذراعه و قالت بضيق :
_ حسام .. مالك ؟!
إلتفت إليها برأسه و طالعها من فوق كتفه و قال بتنهيدة طويلة :
_ ما أنا كويس أهه و زى الفل و الورد و الياسمين .
زمت بسمة شفتيها بعدم فهم و قالت بإستسلام :
_ طب إقعدوا بابا زمانه جاى أكون حضرت السفرة .
بعد قليل إلتف الجميع حول الطاولة فصاحت هناء قائلة :
_ يا غزل .. يالا. علشان تتغدى يا حبيبى .
خرجت غزل من الغرفة و فور رؤيتهما لغزل وقفا مسرعين حتى جلست .. طالعهم الجميع بتعجب و خصوصا .. بسمة ....
وزعت هناء الطعام على الأطباق و قالت لغزل :
_إيه رأيك فى مصر يا غزل .. زى ما هى و لا إتغيرت .
أجابتها غزل بفرحة ملأت قسمات وجهها :
_رغم الزحمة و الدوشة .. بس مصر تجنن .. So beautifull .
مصمصت بسمة شفتيها و قالت بضيق من طريقتها الناعمة بالحديث :
_ أنا مش فاهمة إيه اللى خلاكى تسيبى أمريكا و رجعتى مصر .. هى المشرحة ناقصة قوتلى .
إبتسمت غزل بسخرية و قالت مازحة :
_ عندك حق يا بوسى .. بس بقا المضطر يركب التاكسى .
ضحك إسلام و حسام على مزحتها فال لها إسلام من بين ضحكاته :
_ يعنى قمر و دكتورة و ماجستير و بتقلشى كمان .. عاش يا وحش و الله .
لمعت عينى حسام و سألها بلهفة :
_ إنتى دكتورة يا آنسة غزل .
أومأت برأسها مؤكدة و قالت و هى تمضغ ما فى فمها :
_ أيوة دكتورة .. و قريب هقدم فى كذا مستشفى علشان شغل .
زم عونى شفتيه بضيق فتلك المصيبة الجالسة معهم تنوى الإستقرار بمصر و ستتسبب فى إصابته
بصداع مزمن بموضوع شقتهم ..
إنتبهت بسمة لنظرات حسام ناحية غزل .. فإمتعض وجهها و هى تقول بضيق :
_ مش بتاكل ليه يا حسام .
تطلع إليها بإبتسامة باهتة و قال بهدوء :
_ لأ باكل يا حبيبتى تسلم إيدك الأكل يجنن .
أمنت غزل على كلماته و قالت برقة :
_ فعلا الأكل يجنن .. تسلم إيدك يا أنطى هناء .
كلما تحدثت زاغت مع شفتيها عينى إسلام و حسام بوله .. سحرتهم بعيناها آسرة القلوب .. تعلم جيدا أنها تمتلك سلاحا قويا تكفيها فقط نظرة واحدة لتردى من أرادت قتتيلا بحبها .. إنهمكت هى فى تناول وجبتها بنهم متذكرة طعام والدتها التى تفتقده بشدة كما تفتقدها ...
بعد إنتهائهم من الأكل جلسوا أمام التلفاز و تحدثوا بأمور شتى .. بينما تركتهم غزل و بقيت بغرفة بسمة حتى المساء ...

بعد إنصرف حسام ولجت بسمة لغرفتها وهى تستشيط من الغضب ..و ما أن رأت غزل تجلس على فراشها مرتدية ملابس متحررة بعض الشئ أظهرت جمالها الزائد عن الحد فصفعت ورائها باب الغرفة بقوة .. فرفعت غزل عينيها ناحيتها و قالت ساخرة :
_ بشويش عالباب أعصابك يا بوسى إنتى لسه صغيرة .
أجابتها بسمة بغضب :
_ سبينى فى حالى يا غزل أنا مش نقصاكى .
فسألتها غزل بفضول و هى تنثر شعراتها السوداء الناعمة خلف ظهرها بنعومة :
_ قوليلى صحيح يا بسمة إنتى خريجة إيه ؟
_ آداب .. و مش بشتغل علشان حسام بيغير عليا جدا .
باغتتها غزل قائلة بإبتسامة ماكرة :
_ و إنتى كمان واضح إنك بتغيرى عليه جدا مش كده .
عقدت بسمة ذراعيها أمام صدرها و قالت بحدة :
_ طبعا مش خطيبى وبنحب بعض .. عقبالك .
رفعت غزل حاجبهاةو قالت لإغاظتها أكثر :
_ بس خطيبك قمور و كيوت جدا .. خلى بالك منه لواحده تخطفه منك .
عضت بسمة على شفتيها و قالت بغضب وقد إشتعلت نيران عينيها :
_ حسام بيحبنى و عمره ما هيشوف واحدة تانية غيرى .
ضحكت غزل على سذاجتها و قالت بجدية :
_ قوليلى صحيح يا بسمة إنتى فاكرة عنوان تيتة رأفة لأنى مش فاكراه خالص .
فكرت بسمة قليلا .. فها قد أتتها فرصة للتخلص من تلك المتطفلة المغرورة .. فعادت إليها الإبتسامة المشرقة و قالت مسرعة :
_ ثوانى و هعرفلك العنوان من بابا أو ماما و هقولك .
و تركتها و خرجت .. إستندت غزل على الفراش بذراعها و قد عاد إليها الأمل فى العثور على جدتها الحنون .. بعد دقائق مرت على غزل ساعات عادت بسمة و بيدها ورقة أعطتها لغزل قائلة بإشمئزاز :
_ ده عنوانها .. بس الصراحة فى حارة بيئة جدا .. ربنا معاكى .
إلتقطت غزل الورقة بأناملها و فتحتها بإبتسامة ملأت وجهها و هى تدعوا الله أن تكون جدتها ما زالت على قيد الحياة .....

إنتظرونى فى الفصل الرابع

قراءة ممتعة




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 08-09-19 الساعة 03:01 AM
ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-19, 11:41 PM   #13

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

بداية جميلة ومشوقة
بالتوفيق ان شاء الله


Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-19, 01:19 AM   #14

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mona roro مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمها ملفت بجد
ان شاء الله متابعه معاكي
وبالتوفيق
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moon roro مشاهدة المشاركة
بداية جميلة ومشوقة
بالتوفيق ان شاء الله

شكرا حبيبتى بفرح بتعليقك جدا


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-19, 04:30 PM   #15

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الرابع :
************************



فى المساء إستقل رامى سيارته متوجها لزيارة حمزة إبن عمه .. و صديقه .. ربما لم يعودوا كالسابق و سبب ذلك هو عزوف حمزة عن الجميع .. خرج رامى من الطريق الطويل لحارتهم و إنطلق على الطريق الرئيسى و إستدار مجددا و إنحدر بسيارته للطريق المقابل لتلك الحارة ..
إقترب بسيارته من ذلك القصر الكبير و الذى لا يمت بصلة لهذه المنطقة الشعبية المقابلة له .. هدأ سيارته ووقف أمام بوابة القصر.. ضغط بوق سيارته ففتحت البوابة الكبيرة و حياه حارسين من حراس القصر و أشاروا له بالولوج للداخل .. فدلف بسيارته للداخل و أغلقت البوابة ...
تطلع ناحية القصر بإنبهار ككل مرة يراه به .. فالقصر قد إمتاز من الخارج بطراز رومانى نسبة لتلك التماثيل التى تحيطه .. و أعطته فخامة غير مسبوقة كأنه متحف أثرى .. سار بسيارته قليلا داخل هذه الحديقة الواسعة و الخلابة .. وقف بسيارته أمام باب القصر و صفها بهدوء ثم ترجل منها و صعد الدرجات الرخامية المؤدية لبابه . دق الجرس و إنتظر حتى فتحت له إحدى الخادمات و قالت بإبتسامة هادئة :
_ أهلا وسهلا يا باش مهندس نورت الدنيا .. إتفضل .
أجابها و هو يدلف للداخل :
_ أخبارك إيه يا نشوى .
_ الحمد لله .. سألت عليك العافية .

جلس بالردهة و قال برجاء :
_ معلش يا نشوى فنجان قهوة و إدى خبر لحمزة و ميناس لو سمحتى .
_ حالا .
بعد قليل إقتربت منه فتاة فى العشرين من عمرها .. مجرد النظر بوجهها يبتسم ثغرك دون إرادة منك .. فجمالها هادئ كالملائكة .. رغم طولها المتوسط و لكن جسدها ممشوق بطريقة خلابة تخفيه أسفل ملابسها الواسعة .. ربما تستطيع أن تخفى جسدها و شعراتها السوداء الناعمة.. و لكن وجهها سيظل يشع راحة غريبة لكل من براها بعيناها الخضراء المائلة على اللون العسلى و أنفها الصغير و فمها الذى يشبه حبة الكرز من صغره وإكتنازه .. و وردية بشرتها اللذيذة ..
وقف رامى لإستقبالها و تنهد بشفقة على حالتها المذرية و قد صبغ وجهها البرئ باللون الأزرق فى أماكن متفرقة نتيجة ضرب مبرح .. هزرامى رأسه بأسى و قال بصوته الرخيم :
_ هو ضربك تانى يا ميناس .
طأطأت رأسها و قالت بحزن :
_ لأ .. أنا إتخبطت فى الباب .. عامل إيه يا رامى .
تنهد بضيق و قال بإبتسامة هادئة :
_ أنا كويس الحمد لله .. و ياريتك إنتى كمان تكونى كويسة .
إبتسمت برقة و أجابته بمواربة :
_ صدقنى كويسة جدا الحمد لله .
_ هو حمزة فى أوضته ؟!
أومأت ميناس برأسها و قالت بنبرة خافتة :
_ أيوة .. إدخله لهو النهاردة عصبى جدا و أنا خايفة عليه .
هتف رامى بإستنكار متطلعا لوجهها و الذى تلون بمختلف الألوان قائلا بسخرية :
_ ما هو واضح إنه عصبى باين على وشك .
إنتبه لتبدل ملامحها و هذه الإبتسامة الخافتة التى ظهرت على ثغرها .. إلتفت ورائه فرأى ظلا يسبق صاحبه و هو يخرج ناحيتهم من أحد الغرف ....
أصابتها تلك الرجفة الخفيفة و التى تصاحبها دائما فور رؤيته بهيبته و جماله .. حبيب عيونها و قلبها .. لم تشعر بإنفراجة شفتيها و تبسمهم و هى تتطلع ناحيته .. تتمنى دائما أن يشعر بها و يقدر تضحياتها من أجله ... إختارته بملأ إدارتها و إن عاد بها الزمن مجددا .. ستختاره حتما .. تاركة دراستها و طموحها و جدتها و إختها و التى لا تراهم سوى مرات قليلة .. و لكن كل هذا فى كفة و قربها منه فى كفة أخرى .. إستكفت به عن الجميع ...
خرج حمزة من غرفته .. و هو يحرك كرسيه المتحرك بيديه و فور رؤيته لرامى إبتسم إبتسامة متسعة و قال بصوته الرجولى الدافئ :
_ وحشتنى يا صاحبى .. إنت فين يا رامى .
ضحك رامى ضحكةعالية وهز رأسه مستنكرا و قال بسخرية :
_ تعلى يا حاج صبرى شوف إبنك و هو عامل ديل حصان .
رفع حمزة حاجبه بضيق و قال بحنق مستندا بذراعيه على كرسيه :
_ ده قصر ديل يا أذعر .. بتغير منى و متضايق علشان شعرى أحسن من شعرك .
جلس رامى أمامه و قال بغرور مدافعا عن نفسه بثقة :
_ صحيح مقصر شعرى بس لو طولته همسحك يا معلم .. المهم .. أخبارك إيه ؟
أشار حمزة بذراعيه على جلسته الإجبارية و قال بضيق :
_ عادى زى ما أنا .. إنتم اللى كويسين و مهاب عامل إيه ؟!
حك رامى أسفل أنفه و قال بنظرات كمن مسك بالجرم المشهود :
_ كلنا كويسين الحمد لله .. بس مهاب بسببك و بسببى بقا ولا ولاد الشوارع .. و العوو بقا على آخره .
ضحك حمزة ضحكة عالية و قال بحزم :
_ إحنا لينا فى مهاب أكتر من العوو نفسه .. ياباختك يا رامى بتشوفه كل يوم ... إنما أنا بشوفه لما بيجى مع أمى .
شرد حمزة قليلا متذكرا تلك الحادثة و التى كانت نتيجتها أنه الآن سجين ذلك الكرسى المتحرك .. إنجرف وراء أصدقاء السوء و تبعهم كأنه مسلوب الإرادة حتى بات الجميع يحذره من ذاك الطريق الخطر و نهايته المحسومة مقدما و لكنه صم أذنه و ضرب على قلبه حتى حصد ما زرعته يديه .... و ما يؤلمه أكثر أنه لم يكن المتضرر الوحيد من تهوره بل كان مهاب أيضا أكثر المتضررين فخسارة هذا الطفل كانت الأكبر بلا شك .......
عاد من شروده فوقعت عينيه على زوجته .. كما يلقبوها .. طاف بعينيه عليها كليا و تأمل جمالها المخفى وراء ملابسها الواسعة و تورم وجهها و صبغته التى مصدرها كفيه .. ثم صك أسنانه بغضب و صاح بها قائلا بغلظة :
_ إنتى واقفة كده ليه إتخفى فى أى حتة لغاية ما أعوزك .. يالا .
أومأت ميناس برأسها و إتجهت لغرفتها بهدوء و كالعادة دموعها تسبقها لزنزانتها .. سبب تلك الدموع لم يكن صراخه بها و إحراجها .. بل نظرات التحقير منها .. متى ستشتعل تلك العينان بحبها .. لمتى ستنتظر أمل واهى ربما لن يتحقق .......
تابعتها عينى رامى بحزن .. ثم إلتفت برأس ناحية الصخرة الحجرية القابعة أمامه و نهره قائلا بنبرة عالية شفقة على تلك المسكينة :
_ هى عملت علشان تحرجها كده .. إنت ماعندكش دم و لا إحساس و الله .
إشتعلت عينى حمزة مع نظرات رامى لميناس حتى و لو من باب الشفقة .. و إستدار بكرسيه مبتعدا عنه و إبتعد قليلا ثم توقف و إستدار إليه مجددا و قال بغضب أعمى كقلبه :
_ قولتلك كام مرة مالكش دعوة باللى بينى و بينها .. إتفضل إمشى و متشكرين على الزيارة .
و إستدار مجددا متوجها لغرفته تسبقه نيران عينيه المتوعدة لتلك المسماة زوجته .......
أسرع رامى و وقف و إعترض بجسده تقدم حمزة و قال معتذرا بأسى :
_ خلاص بقا أنا آسف يا زميلى .. متكرمشليش وشك كده يا حمزة .
هدأت نيرانه قليلا فرامى لم يكن له مجرد إبن عمه وفقط بل كان أخيه كفارس و أكثر .. أخيه الذى تقاسما معا غرفته بعد وفاة والديه و أصبحا رفيقين فى اللحظات السعيدة و الحزينة .. تحولت أخوتهم لصداقة قوية مع مرور الوقت حتى أنهما إختارا مجال دراسة واحد و تفوقا حتى وصلا لمبتغاهما .. و لكن حمزة من إبتعد عنه و إختار طريقا آخر رغم محاولات رامى المستميتة بإبعاده عنه و لكن للقدر كلمة أخرى .....
عقد حمزة ذراعيه أمام صدره و أجابه ببرود :
_ هقبل أسفك بس بشرط واحد .
إبتسم رامى رغما عنه و هو يطالع حمزة بيأس .. لن يتغير .. حمزة المدلل و المستغل .. ذكى بدرجة شيطانية و يستطيع قلب الموازين ناحيته دائما .. فسأله بفضول قائلا بحذر :
_ ده إنت بجح بجاحة .. سمعنا شرطك يا فنان .. ربنا يستر .
لوى حمزة ثغره مداريا إبتسامته و أجابه بهدوء :
_ هاتلى مهاب أشوفه وحشنى .. و بكرة زى دلوقتى كمان .
أومأ رامى برأسه موافقا و قال بجمود :
_ و ماله يا صاحبى .. بس برضه بشويش على الغلبانة اللى جوة دى علشان فى يوم هتمشى و تسيبك و ساعتها هتندم و ندمك مش هيفيدك .
ضغط رامى دون قصد منه على جرحه بقوة و نثر فوقه ملحا مزيدا من ألمه من تلك الحقيقة المؤكدة .. رحيلها .. لن تصمد كثيرا أمام ما يفعله بها .. عن قصد ......
فطأطأ رأسه و كسى الحزن ملامحه و تنفس بعمق و زفره مرة واحدة قائلا بنبرة فاترة :
_ ما هى أكيد هتسبنى فى يوم .. أنا مش فاهم أصلا هى مستحملة اللى بعمله فيها ليه .
تطلع إليه رامى بتعجب .. هل هو غبى لهذه الدرجة أم أنه يتصنع الغباء .. ما التى ستحتاجه فتاة مثلها تركت حياتها و أسرتها و تعليمها و إختارته هو رغم رفض الجميع لتلك الزيجة المحكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ .....
مال ناحيته قليلا و تطلع بقوة داخل عينيه و قال موضحا .. بطريقته .. الفجة :
_ تبقى حمار لو مش عارف هى مستحملاك ليه .. ما هو كده ربك لما بيريد بيرزق ال ***** .
قطب حمزة حاجبيه بغضب و فجأة صدمه بكرسيه بقوة .... تألم رامى من ساقيه و تأوه قليلا بينما إبتسم حمزة و قال ساخرا :
_ بتسوء العوء عليا ليه و إنت ما بتعرفش تسوقه .
كور رامى قبضته أمام وجه حمزة و الذى يحدجه بتحدى قوى رغم عجزه و قال له كاظما غضبه :
_ لولا إنك حبيبى يا حمزة كنت حطيت عليك و وقتى .. بس هعديها يا هندسة .
ها هو رامى مجددا يضغط جرحا جديدا .. حلم حياته دراسة الهندسة والذى فعلةكل ما بوسعه و أكثر للحصول على درجات عالية من أجل الوصول لحلمه .. و بعد أربع سنوات دراسه و قربه من الوصول لحلمه و ملامسة النجوم .. سلسلته سلاسل حديدية ربطته بالأرض و منعته من الطيران و ملامسه حلمه القريب ......
إبتسم بسخرية و قال شاردا بالبعيد :
_ وحشتنى يا هندسة منك .. بس ربك ما أردش إنها تتحقق .
إنتبه رامى لحزنه فلعن لسانه الطويل ولعن نفسه أيضا هل أتى للترويح عنه قليلا و لا زيادة همومه و تقليب أحزانه مجددا .. فقال برأفة على حاله :
_ ما هو إنت اللى رفضت ترجع الكلية تانى معايا .. كان زمانك متخرج زيى و بقيت أحلى باش مهندس فى الدنيا .
طأطأ حمزة رأسه و قال بإنكسار متطلعا بساقيه الميتتين بحزن :
_ كنت عاوزنى أرجع الجامعة و أنا على كرسى بعجل بعد ما كنت الباشا الكبير بين صحابى .. عاوزنى أشوفهم بيبصولى بشفقة .. لا يا صاحبى كده أحسن و باعدين كفاية علينا إنت يا هندسة .. عيلة السعيد ما تستحملش إتنين مهندسين .
ضغط رامى على كتفه و هزه قليلا و قال بجدية :
_ ما هو إنت لو توافق على العملية هترجع أحسن إن شاء الله من الأول بس زناخة مخك ما شوفتهاش على حد .
رفع حمزة حاجبه بحنق فقد إكتفى من لسان رامى الجامح .. فأشار بذراعه ناحية باب القصر و قال بصوت محتقن :
_ إطلع بره .. أنا اللى أستاهل إنى باخد و أدى مع أمثالك .. يالا بره .
ضحك رامى ضحكة عالية و رفع ذقنه بإيباء و قال بثقة :
_ يا صاحبى أنا ليا فى القصر ده نصه و إنت و إخواتك النص التانى .. يعنى أنا اللى أطردكم مش سموك اللى تطردنى .
أجابه حمزة مؤكدا ساكبا الوقود على النار دون أن يشعر :
_ إطلع بره برضه و ما أشوفش وشك هنا غير و إنت داخل بالعسلية عروستك ... مفهوم .
زم رامى شفتيه و إنتصب فى وقفته نافشا عضلاته فى حركة متحفزة للهجوم و قال محذرا و هو يسيطر على كل ذرات غضبه :
_ أنا بس اللى أقولها عسلية مفهوم و لا هيوحشنا لسانك ده .
إبتسم حمزة بمكر و هو يتطلع بالطاووس الواقف أمامه نافشا ريشه و مستعد للإنقضاض عليه فقرر إغاظته أكثر و لم يدرى عواقب تسرعه قائلا بمزاح:
_ آخر مرة شوفتها كانت زى القمر ... فعلا إسم عسلية لايق عليها هى وبس .. حاجة كده بشمعها .
وصل رامى لأقصى مراحل غضبه فجذب حمزة من سترته و قربه من وجهه المحتقن من الغضب قائلا بزمجرة مخيفة :
_ شوفتها إمتى إن شاء الله .. و إنت إزاى تسمح للسانك ده يجيب سيرتها و إنت عارف إنى ساعة الشر حانوتى و ممكن أدفنك مكانك .. دلوقتى .. و مش بهزر .
إبتلع رامى ريقه بصعوبة و هو يطالع ذلك الوحش الغاضب و الذى حرره بكلمات مازحة .. فقط مزحة .. فقال له مهدئا بنبرة حذرة :
_ سيكا ها .. إهدا يا وحش و الله بهزر .. دى أخت مراتى يا معلم يعنى زى أختى بالظبط .
دفعه رامى بغضب و إعتدل فى وقفته قائلا بصرامة عابسا :
_ ماةتلعبش بالنار معايا تانى يا حمزة .. إنت عارف إنى من ناحيتها مش بتحكم فى نفسى .
رفع حمزة كفيه بالهواء و قال معتذرا :
_ آسف يا عمونا ما تزعلش بقا مش هعملها تانى خلاص .
زفر رامى بضيق نافثا نيرانه و قال و هو ينصرف متحكما بصعوبة فى مشاعره :
_ أشوفك باعدين يا هندسة .. سلام .
و تركه و إنصرف .. ضحك حمزة ضحكة عالية و هو يتابع إنصرافه الغاضب .. يعلم جيدا مدى عشقه و تعلقه المرضى بحبيبته .. لم يكن يجدر به العبث بتلك المنطقة ..... هدأت ضحكاته و تلاشت عندما وقعت عينيه على باب غرفتها .. فصاح قائلا بصوت رخيم :
_ إنتى يا هانم تعالى هنا .
إرتعدت و هى جالسة تقرأ قليلا .. فقذفت كتابها و ركضت ناحية الباب ثم توقفت و عادت لمرآتها تطلعت لهيأتها و ما أن إطمأنت من هندامها فركضت مسرعة ناحية باب غرفتها يسبقها قلبها المتلهف لرؤيته .....
خرجت من غرفتها ترتجف من رعبها .. و إقتربت منه بخوف و قالت بصوت مبحوح :
_ أيوة .
فى هذه اللحظة و كل لحظة يراها بها يلعن برائتها و جمالها و صفائها و نظرتها الملتاعة و الناطقة بعشقه ... تحكم فى دقات قلبه العاصفة من مجرد رؤيتها و قال ببساطة :
_ دخلينى أوضتى .. يالا .
إلتفت حوله و عطرها يجعله يستشيط و يريد جذب رأسها و ضربها بأقرب حائط .. ألم ينهرها سابقا على عطرها ذاك .. ولجتةبه لغرفته فتوقفت عن الدفع و إنتظرت باقى أوامره .. فأتاها صوته قائلا بهدوء :
_ دخلينى البلكونة و سبينى .
دفعت ميناس الكرسى مجددا بإتجاه الشرفة .. حتى ولجا بها .. عدلت من وضعية الكرسى حتى أصبح مقابلا لحديقة القصر الرائعة الجمال و تركته و إنصرفت ...
أوقفها حمزة قائلا بنبرة آمرة :
_ إقعدى هنا على الكرسى اللى قدامى ده .. وإياكى تتحركى مفهوم .
أومأت برأسها بسرعة و جلست قبالته بهدوء .. أشعل سيجارته و أخذ ينفث دخانها بشرود .. بينما إكتفت ميناس بمتابعته بعينيها و دقات قلبها تكاد تصم أذنيها من شدتها ....
لو إجتمع أمهر الرسامون الآن لما إستطاعوا رسمه بدقة كما رسمته هى بداخلها .. تراه خلابا فى شروده رغم ملامحه الصارمة و عبوسه الدائم بوجهها إلا إن وسامته تشعل بداخلها نيران عشقه فتدفء روحها .. لأنها المتيمة بعشقه من رأسها حتى قدميها .....


يتبع


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-09-19, 03:55 AM   #16

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

كعادتها .. منذ عودتها تظل بغرفة بسمة منطوية على نفسها لإحساسها بالغربة و الهجر بينهما .. على الرغم من أنهم عائلتها و لكن إن لم يكن هناك خير فى والدها و أخيها فهل سيكون فى عمها و أسرته و التى لم تلتقيهم منذ عشرون سنة .. تنهدت غزل بأسى و هى تطلع الغرفة من حولها جالسة على الفراش تضم ركبتيها لصدرها بقوة .....
تصنعها للقوة بات يرهقها .. إلى متى ستظل متصنعة حتى الإبتسامة تتصنعها .. كم تتمنى أن تعود كسابق عهدها كالفراشة المنطلقة و ضحكاتها و سعادتها و شغبها يملأ أى مكان تكون به .. و لكن .. كل ذلك قد دفن مع والدتها كثقتها بالبشر و شعورها الأمان ..
خرجت منها آهه خفيضة و هى تتذكر والدتها و ما حدث معها .. عند هذه النقطة إحتضنت ساقيها أكثر و أخذت تتحرك بسرعة للأمام و الخلف نافضة صورة ما حدث من عقلها .. و عندما إنتبهت لحالة الضعف التى تملكتها و قفت منتصبة و حاولت السيطرة على إنفعالاتها و قررت أن المواجهة أقصر الطرق و أصعبها أيضا .....
إرتدت إسدالها و خرجت تبحث عن عمها فلتقطع عرقا و تسيل دمه .. بحثت حولها فلم تجده و لكنها وجدت هناء جالسة تتابع التلفاز فإقتربت منها و سألتها مستفهمة :
_ هو عمى فين يا أنطى .
أجابتها هناء ببرود و هى ما زالت عينيها على التلفاز :
_ نام يا غزل .
رفعت غزل حاجبيها بحدة و هى تشتعل من غضبها لمتى سيعاملها عمها بهذه الطريقة .. إنه حقها و تريده ما هو الشئ الصعب فى ذلك .. إلتفت هناء برأسها ناحيتها نصف إلتفافة و قالت بإيجاز :
_ أحضرلك عشا .
زمت غزل شفتيها بضيق و قالت بنبرة فاترة :
_ لأشكرا .
و عادت للغرفة مجددا .. نزعت إسدالها عنها بقوة كادت تمزعه و جلست على الفراش تفكر و شرر عيونها الفيروزى يكاد يحرق كل شئ حولها .. دلفت بسمة لغرفتها فوجدت غزل على حالتها فإبتسمت بغل و تشفى و إقتربت منها عاقدة ذراعيها و قالت ساخرة :
_ بشويش على نفسك يا غزل ليطقلك عرق و لا حاجة إنتى لسه صغيرة على زعلك ده .
لقد زاد إشتعالها الآن من تلك البغيضة و لكنها و بهدوء متمرس تصنعت الإبتسام و رسمت إبتسامة ماكرة على ثغرها و هى تطالعها بقوة و قالت بتحدى :
_ ما تحاوليش تقلدينى يا بوسى لأنه قدامك كتير قوى علشان تبقى زيى .. و أظن إنه مستحيل .
مصمصت بسمة شفتيها و سألتها بنبرة هازئة :
_ أبقى زيك إزاى يعنى مش فاهمة ؟
وقفت غزل قبالتها و نظراتها تزداد عمقا و تحدى و قالت بنبرة منذرة :
_ بلاش تفهمى لأنى هخليكى تشوفى بعنيكى .. و برضه مش هتفهمى .
و تركتها و عادت للفراش إندست به و سحبت فوقها الغطاء بغضب .... بينما تطلعت إليها بسمة بغيرة و حقد و تركت لها الغرفة و صفعت ورائها الباب بقوة ..
أزاحت غزل الغطاء من فوقها و جلست مجددا ضامة ركبتيها لصدرها و هى تقاوم دموعها .. رفعت عيناها للسماء و ناجت ربها قائلة برجاء :
_ يا رب دلوقتى ماليش غيرك .. أنا مخنوقة قوى و إنت بس اللى حاسس بيا .. يا رب ألاقى تيتة لسه عايشة هى و خالتو نغم ده آخر أمل ليا .
و تمددت بهدوء مرددة الإستغفار كعادتها كل يوم كما علمتها .. والدتها .....

فى آخر الليل ولج رامى لشقة صبرى متأخرا ليجد زينب فى إنتظاره مستندة برأسها على الأريكة و تقاوم النوم .. إبتسم بهدوء و هو يطالع تلك السيدة الطيبة والتى إعتبرته إبنها و لم تفرق فى معاملته بينه و بين أولادها .. و سهرت فى مرضه و فى أوقات مذاكرته و لهفتها لإنتظار نتيجة إختباراته و فرحتها بنجاحه و خطبته .. لم يشعر لثانية أنها زوجة عمه بل هى أمه بكل ما تحمله الكلمة من معنى ...
إتجه ناحيتها فوجدها مغمضة العينين بإرهاق فإنحنى لمستواها و حمل كفها و قبله بإمتنان .. فإنتفضت من نومتها فوجدته يقبلها فسألها بضيق :
_ إيه اللى مصحيكى يا ست الكل .
رغم هدوئها بعودته و إطمئنان قلبها .. إلا إنها زمت شفتيها و عبست قليلا و قالت بغضب :
_ بستناك يا باش مهندس .. إتأخرت ليه ؟!
جلس بجوارها و قبل مقدمة رأسها و قال متأسفا .. لكم أن تتخيلوا شاب فى نهاية العشرينات من عمره فاره الطول و العرض بنظرة من عينيه يرعب أكبر شنب بمنطقته الشعبية و حزمه فى عمله جعله ناجح فى إدارة شئون مصنع كبير كمصنعهم .. يعتذر .. عامة قال بهدوء :
_ معلش أنا آسف اللى سهرتك كده .. مش هعمل كده تانى يا ست الكل .
ثم إبتسم بوجهها و قال بحب :
_ ربنا يخليكى ليا و ما يحرمنيش من قلقك عليا .
بادلته إبتسامته و ربتت على كفه و قالت بحنو :
_ و يخليك ليا يا حبيبى و أفرح بيك و بعيالك إن شاء الله .
ثم عقدت حاجبيها و سألته بقلق :
_ إتعشيت و لا أقوم أحضرلك أكل بسرعة .
أومأ برأسه نافيا و قال بإبتسامة ممتنة :
_ لا يا حبيبتى شكرا أنا إتعشيت .
و بحث بعينيه حوله و سألها بتعجب :
_ هو عمى نام .
وقفت زينب تنوى تركه و أجابته وهى تتثائب بكسل :
_ أيوة و مهاب و فارس كمان ناموا .
حرك عنقه بإرهاق و وقف قائلا بكسل :
_ أدخل أنام أنا كمان .
ثم إستوقفها قائلا_ أدخل أنام أنا كمان .
ثم إستوقفها قائلا بقوة :
_ صحيح قبل ما أنسى .. جهزى مهاب بكرة علشان حمزة عاوز يشوفه .
إتسعت عيناها و إلتفتت إليه مسرعة و سألته بتلهف :
_ إنت روحتله النهاردة .
نزع سترته و قال بضيق :
_ أيوة .. و ما تقلقيش عليه إبنك زى الفل .. بس مراته الغلبانة متصبغة من كتر الضرب .. مش عارف آخرتها معاه إيه ؟!
تهدلت ملامح زينب فزادتها تقدما فى العمر و تنهدت مطولا بأسى و قالت بحزن :
_ قلبى بتقطع على حال ولادى الإتنين .. مالهمش حظ .. ربنا يهديهم و يحميهم .
شعر رامى بغصة مؤلمة فى حلقه من رؤيتها حزينة بهذا الشكل المؤلم .. فقال لمداعبتها :
_ و أنا ماليش دعوة كده و لا كده .
ضحكت بخفوت و قالت بحنان يغرقه :
_ بس يا واد .. إنت عارف و متأكد إن غلاوتك من غلاوتهم .. إنت أمانة فى رقبتى لغاية آخر نفس فى صدرى .
ضمها رامى مسرعا مستنكرا حديثها عن الموت و الفراق قائلا بحدة :
_ بعد الشر عنك يا حبيبتى ربنا يعلم إنى بحبك زى أمى الله يرحمها بالظبط و من غير حبك و حنيتك كنت ضعت .
إبتعدت عنه قليلا و مررت أناملها على وجهه و قالت بإبتسامة هادئة :
_ ربنا يباركلى فيك .. يالا إدخل يا حبيبى إتشطف و نام .
ثم إبتعدت عنه و رفعت سبابتها بوجهه و قالت محذرة بمداعبة :
_ و ناااام .. هاه .. نام على طول و بلاش واقفة فى الشبابيك .. تصبح على خير .
تركته و دلفت لغرفتها و هو خلفها مبتسما على تلميحاتها الساخرة .. إتجه هو أيضا لغرفته و أغلق ورائه الباب و أخرج هاتفه أجرى إتصالا و إنتظر الرد .....
أتاه صوتها الرقيق مثلها و الذى سيفقده عقله يوما .. مؤكدا .. قائلة :
_ ألو .
زادت دقات قلبه و تنهد مطولا متلذذا بذبذبات صوتها الرقيق مثلها و أجابها بجنون :
_ وحشتينى قوى .. إفتحى الشباك هموت و أشوفك .
أجابته بخجل بادى بصوتها قائلة :
_ حاضر ثوانى بس .
وقف فى نافذته يتطلع بنافذتها بفارغ الصبر .. حتى سطعت شمس قلبه برؤيتها .. فهى كالشمس بنقائها بأشعتها الذهبية .. و لم لا و هى ذهبية فى كل شئ فى شعراتها فى لون بشرتها فى عينيها العسلية و التى تشبه الذهب فى لمعانه .. لم يرى بحياته سواها ملأت كيانه منذ طفولتها إمتلكها و دمغها بإسمه فورا ......
كعادة كل يوم يحادثها ثم يقفا كلا فى نافذته .. من ناحيته هو يتمنى أن يتوقف الزمن و الكون من حوله و يظل يحدق بها دون ملل أو حديث .. أما هى فتستسلم لنظراته الجائعة إليها دائما و التى لن و لم تشبع يوما ...
خرج عن صمته بصعوبة كأنه ينتزع صوته إنتزاعا من حلقه قائلا بلهفة و قد لفحته أنفاسها المشتاقة إليه :
_ ليال .....
بمجرد سماع إسمها من بين شفتيه ينتفض جسدها بالكامل مع زيادة دقاته قلبهاو سرعة أنفاسها .. فتضطر للسيطرة على مشاعرها التى بعثرها و لملمتها قائلة بصوت مرتجف :
_ أيوة .
تعلم جيدا بما سيجيبها و لكن لهفتها لسماعها كل مرة تجعل منها أول مرة تسمعها .. كم يتمنى هو لو تعلم هى ماذا تفعل به ذبذبات صوتها الرقيق و الذى يسحبه معه لتيار عشق جارف .. رغم المسافة بينهم إلا إنه يشعر بها أمامه و لو أنه مد يده ناحيتها سيشعر بها .. إزدرد ريقه بصعوبة و قال متعمقا فى شهد عيناها :
_ بحبك .
إبتسمت بخجل و أشاحت ببصرها عنه فقال مسرعا :
_ إرجعى بصيلى .. ما تبعديش عنيكى عنى .
رفعت عينيها نحوه بخجل يفقده ما تبقى من رشده .. إبتسم بهدوء و سألها :
_ أخبارك إيه يا عسلية .
_ الحمد لله .. و إنت ؟!
إتسعت إبتسامته و أجابها بتنهيدة طويلة :
_ أنا لما شوفتك بقيت زى الفل .. على فكرة أنا شوفت ميناس النهاردة و هى كويسة .
إتسعت عيناها و زاد تقطر شهدهم و هى تقول بتلهف :
_ بجد كويسة .
أومأ برأسه و قال مؤكدا نافيا ما رآه من إيذاء بدنى لميناس خوفا عليها من القلق :
_ ما تقلقيش عليها .. هى مش بتكلمك دايما .
إكتست ملامحها بموجة حزينة و أجابته بضيق :
_ أيوة .. بس أنا بحس بيها و عارفة إنها بتكدب عليا و إنها مش مبسوطة .
آلمته نظرات حزنها فقال لها بمداعبة :
_ ما تكلمى ستك بقا خليها توافق على جوازنا ده أنا خاطبك بقالى تسع سنين .
هزت كتفيها بطفولة وقالت بخجل :
_ أنا أتكسف أكلم تيتة فى حاجة .. لما تيجى تزورنا مع عم صبرى و العوو إبقى قولها إنت .
أومأ برأسه و هو يتأملها و قال بضيق :
_ ربنا يسهل و توافق المرة دى .. إنتى كويسة .
_ أيوة الحمد لله .
حاول جاهدا الثبات أمام نبرتها الحانية و قال بسرعة قبل أن يذهب إليها و يختطفها و يتزوجها و إنتهت :
_ طب إدخلى يلا و إقفلى الشباك و خلى بالك من نفسك .. ولو إحتاجتى أى حاجة .. أى حاجة كلمينى فورا و لو مش موجود هبعتلك الواد بونجا تمام .
نظرت إليه بعينين يملؤهما الحب و أومأت برأسها دون أن تنبس بحرف .. تعلقت عيناه بها و أبت تركها فسيطر على نفسه للمرة المليار أمامها و قال بضيق :
_ تصبحى على خير يا عسلية .
إبتسمت إبتسامة مشرقة و قالت بهمس :
_ و إنت من أهله .. باى .
و لوحت إليه بيدها و أغلقت الهاتف .. ثم إتجهت لنافذتها حدجته قليلا بخجل و أغلقتها بهدوء .. ليدخل كلا منهما فى نوبة شوق مرهقة .....

فى الصباح إستيقظت غزل و كلها عزم و قوة فى الإمساك بعمها قبل أن يهرب منها مجددا .. إرتدت ملابسها و خرجت تتلفت حولها بحثا عنه .. فلم تجده .. أظلمت عيناها و توجهت ناحية المطبخ فوجدت هناء تعد طعام الإفطار .. فإقتربت منها قائلة :
_ صباح الخير يا أنطى .
أجابتها هناء بإبتسامة باهتة :
_ صباح النور يا حبيبتى .. هى بسمة لسه نايمة ؟
إلتقطت غزل ثمرة خيار و قضمتها قائلة ببرود :
_ أيوة لسه نايمة .. هو عمى لسه نايم .
تصنعت هناء إنشغالها مبتعدة بعينيها عنها قائلة ببساطة :
_ نزل راح شغله و إسلام كمان نزل .
رفعت غزل غرتها بغضب و هى تزفر بضيق و قالت بداخلها و قد إشتعلت نيران عيناها :
_ و باعدين بقا .. و آخرة لعب العيال ده إيه هتهرب منى لغاية إمتى يا عمى .
لاحظت هناء شرودها و الشرر المنطلق من عيناها فقالت لها بهدوء :
_ روحى صحى بسمة يا غزل علشان تفطروا مع بعض على ما أجهزه .
أومأت غزل برأسها .. ثم قالت برجاء :
_ بعد إذنك يا أنطى ممكن أروح أسأل على تيتة رأفة لو سمحتى بعد الفطار .
أجابتها هناء و هى تضع البيض المخفوق بالمقلاة قائلة بقلق :
_ بس إنتى ممكن تتوهى يا حبيبتى لواحدك .. إستنى لما يرجع إسلام يبقى ياخدك .
زمت غزل شفتيها و قالت بإستعطاف :
_ please يا أنطى وافقى .. وأنا هنزل أشترى فون و هكلمك كل شوية و هركب تاكسى كمان .
أومأت هناء برأسها و قالت بحزم :
_ ماشى .. بس إنزلى أول حاجة إعمليها إشترى موبايل .
قضمت غزل من ثمرة الخيار مجددا بسعادة فإلتفت إليها هناء نصف إلتفافة و سألتها بهدوء :
_ معاكى فلوس كفاية .
أجابتها غزل بتلقائية :
_ أيوة معايا كاش كفاية .. ده غير إنى حولت كل رصيدى من أميريكا لبنك هنا فى مصر .
لمعت عينى هناء و سألتها بإهتمام :
_ كويس .. المبلغ اللى حولتيه ده كبير يعنى يا حبيبتى .
لاحظت غزل سؤالها الفضولى و إهتمامها الزائد فقالت بتوتر من غبائها :
_ يعنى يكفينى لغاية ما ألاقى شغل .
ثم تجهم وجهها و هى تتابع حديثها بتحدى :
_ و عمى يدينى إيجار الشقة و المحل .
زمت هناء شفتيها و تجهم وجهها و قالت بضيق :
_ أه .. أه .. روحى بقا صحى بسمة .


فى وكالة السعيد جلس فارس على مكتبه منكبا يطلع بعض الأوراق أمامه حتى إنتهى .. يحاول جاهدا الإنغماس فى عمله يصارع وحدته و أفكاره المتخبطة و صورة تلك الطفلة التى لم ترحمه يوما سواء فى غفوته أو أثناء يومه ..
رفع عينيه عن الأوراق و صاح قائلا بصوت عالى :
_ وله يا بونجا .
ركض بونجا ناحيته مسرعا و قال مجيبا :
_ أيوة يا مريتة .
إبتسم فارس بخفوت و قال ساخرا :
_ لأ إحنا لسه على الصبح .. إبعد عن أى كلمة فيها حرف السين .. تمام .
رد عليه بونجا بإبتسامة هادئة قائلا :
_ مقبولة منك يا ريت .
ضحك فارس فى سابقة لا تحدث كثيراو مد يده بورقة ناحيته و قال بعملية :
_ ريت ..... المهم روح المخازن و جهز لرامى شحنة الحديد دى و خليهم ينقلوها على طول على المصنع و روح معاهم.. تمام .
أدى بونجا التحية العسكرية و قال بجدية :
_ تمام يا مريتة .. هخليهم يجهزوها بترعة و هرجع أنا جنبك هنا علشان لو إحتاجت حاجة .
إستند بذراعيه على مكتبه و قال بهدوء :
_ طيب .... عامل إيه مع مراتك .. إوعى تزعلها دى بنت حلال .
_ دى فى عنيا و قلبى .. ربنا يخليها ليا .. صحيح المعلم تبرى باعتنى بشوية طلبات لحمزة باشا على العترية كده .
ضرب فارس كفيه ببعضهما و قال مازحا :
_ تبرى .. و عترية .. إمشى يا بونجا أنا عاوز لسانى سليم .. إمشى .
_ ماشى يا كبير .. لو عوزت حاجة بت إنده عليا .
وتركه و خرج .. إنهمك فارس مجددا فى مطالعة الأوراق التى أمامه حتى دلف عليه رامى قائلا بشغبه المعتاد :
_حبيبى يا عوو .. أخبارك إيه يا مريسة .
أجابه و هو يحرك عنقه بإرهاق :
_ كويس الحمد لله .. الشحنة اللى إنت طلبتها هتوصلك على العترية .
ضحك رامى ضحكة عالية و قال محذرا :
_ عترية .. هو الواد بونجا بهت عليك .. ما تقعدش معاه كتير بقا .
إلتف فارس بجسده و وضع أوراقه بخزنته و أوصدها قائلا بهدوء :
_ هروح أنا للمستشفى عندى إجتماع مهم .
وضع رامى كفيه فى جيبى بنطاله وقال بحزم :
_ و أنا هروح المصنع و بعد كده هاخد مهاب لحمزة عاوز يشوفه .. مش ناوى تروح له يا عوو .
لملم فارس أشيائه و أجابه بوجه متجهم و نبرة فاترة :
_ لأمش ناوى .. سلملى عليه و خلاص .
و هم منصرفا فوقف رامى أمامه معترضا تقدمه بجسده و قال بإستعطاف :
_ سامحه بقا يا فارس .. حرام عليك يا أخى .. هو صحيح غلط بس دفع تمن غلطته غالى و المسامح كريم .
إبتسم فارس بسخرية و قال بصوت قاتم كنظراته :
_ أسامحه ..... بسبب تهوره إبنى بقا يتيم و هو قعد على كرسى بعجل .. يعنى ضيع نفسه و ضيعنى معاه .. و كل ده ليه علشان القرف اللى كان بيتعاطاه .. و أنا و إنت ياما نصحناه بس هو ركب دماغه و ساقها بسرعة و عمل حادثة فمراتى ماتت و هو إتشل .
تنهد مطولا بأسى و قال بحدة :
_ ربنا يسامحه و يشفيه . و يالا إدينى سكة علشان ما أتأخرش على إجتماعى .
و خرج مبتعدا تاركا رامى فى تخبطه .. فهو يعلم جيدا أن فارس رجلا بحق .. رجلا بكل ما تحمل الكلمة من معنى .. إبن بلد كا يقولون طيب القلب .. و لكن موقفه الصلد مع أخيه سبب ضيقا للجميع ...
خرج رامى هو الآخر متوجها المخازن و بعدما إطمئن من إتمام نقل شحنته توجه لسيارته مغادرا و ما أن فتح الباب حتى جحظت عيناه بغضب و صفع باب سيارته بقوة و إتجه نحوها و عينيه تشع شرارا .....
إبتلعت ليال ريقها بصعوبة و هى تطالع تقدمه نحوها و إحمرار عينيه كجمرتين مشتعلتين .. فإرتجف جسدها خوفا و تصنمت مكانها ... إقترب منها و قبض على ذراعها و سحبها ورائه حتى دلفا لمدخل بنايتهم فدفعها بالقوة على الحائط و حاصرها فاقدا صبره و قال بقوة :
_ إيه اللى نزلك من البيت يا ليال .
حاولت إستجماع قوتها و قالت بصوت مرتجف :
_ كنت .... كنت بجيب الدوا لتيتة و الله .. أهه .
و رفعت الدواء أمام عينيه بذراعها الحرة فأجابها بغضب كاد أن يلتهمها هى و دوائها اللعين قائلا بصوته الأجش :
_ و مكلمتنيش ليه .. مش أنا قايل ما فيش نزول للشارع أبدا .
رمشت بعينيها بسرعة و قالت بذعر :
_ آخر مرة خلاص مش هعمل كده تانى .. أنا آسفة .
زفر بضيق فإنتبه لحركة عينيها المذعورة منه .. فأرخى قبضته بعدما شعر أنه سحق ذراعها و تطلع إليها مطولا قائلا بهدوء:
_ إبقى إسمع الكلام علشان أنا معاكى مش ضامن ممكن أعمل إيه فى أى حد هيفكر بس يبصلك . و نزول للشارع تانى يزعلك منى .. تمام .
أومأت برأسها بعدما هدأت قليلا .. ذاب مع ذهب عينيها اللامع فأطرقت رأسها بخجل .....
لاحظ تورد وجنتيها فقال بإبتسامة هادئة :
_ إطلعى يالا .. و مرة تانية لو إحتاجتى حاجة كلمينى .. و سلميلى على ستى .
فقالت و هى تهرب من أمامه مسرعة :
_ حاضر ..... باى .
تطلع إليها حتى إختفت من أمامه و عاد لسيارته .....


أثناء قيادته للسيارة لاحت أمام عينيه صورة تلك الصغيرة كأنها تأبى تركه فينساها .. هز فارس رأسه محاولا نفضها من رأسه حتى صف سيارته أمام مبنى عالى و فخم .. ترجل من سيارته و صعده بالمصعد الذى توقف أمام إحدى الشقق .. دلفها مسرعا متوجها لغرفة النوم .. خلع ملابسه و إتجه للمرحاض إغتسل و خرج يلف خصره بمنشفه ..
فتح خزانته و مرر عينيه على تلك البذلات الفاخرة و الباهظ الثمن و إنتقى إحداهم و إختار قميصا و إرتداهم مسرعا ... وقف أمام مرآته يصفف شعراته و قد تحول من فارس العوو رجل الحارة الأول بعد والده .. إلى فارس السعيد رجل الأعمال و المستثمر الناجح صاحب مستشفى إستثمارى كبير .. حمل أشيائه و حقيبته و إنطلق مسرعا خارج شقته الخاصة متوجها لمشفاه .....



إنتظرونى فى الفصل الخامس

قراءة ممتعة


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-19, 12:49 PM   #17

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس :

***********************


بدأت يومها بجرعة زائدة من الطاقة الإيجابية و الحب ....... و لكن دائما هناك قطرة سوداء صغيرة تصر على تعكير صفو عشقها له .. و هى تحكمه الشديد بها و الذى يحوله فجأة لشخص آخر .. مخيف أحيانا .. و هذا ما يعيق إتمام زواجهم فجدتها أصبحت تماطل و تأجل على أمل ألا تمر ليال بما تمر به أختها بسبب ...... الحب .....
إنتهت ليال من تحضير الفطور و حملت الصينية و توجهت بها لغرفة جدتها .. دفعت بابها بقدمها و ولجت بظهرها دافعة الباب أكثر ثم إلتفتت لتتقابل نظراتها مع نظرات جدتها الغاضبة و الحنونة فى نفس الوقت ... و غضبها ظهر فى تحريكها لحبات سبحتها بسرعة ..
إبتسمت ليال بخفوت و وضعت الصينية على الفراش و قالت بمداعبة :
_ إيه ده هو الجميل زعلان منى و لا حاجة .
هزت الجدة رأسها بيأس و مدت ذراعها بجوارها و وضعت سبحتها على الكمود و عادت إليها بعينيها تتصنع الحزم و قالت بضيق :
_ إتأخرتى فى نومك ليه يا أستاذة ليال .. أكيد سهرتى تستنى رجوع الباش مهندس لنص الليل صح .
لملمت ليال شعراتها الذهبية و عقدتها برابطة كذيل حصان و قالت بآسف و خجل :
_ آسفة يا تيتة بس ما سمعتش المنبه لكن إن شاء الله هتكون آخر مرة .
ربتت الجدة على ذراعها وقالت برأفة على إرتباكها :
_ خلاص يا حبيبتى أنا بهزر .. صباح الخير .
عادت ليال لإبتسامتها المشرقة و طاقتها الإابية مجددا وقالت بهدوء :
_ صباح الفل على عيونك يا قمر .. يالا بسرعة كلى علشان تاخدى الدوا فى ميعاده .
أومأت الجدة برأسها و قالت بضيق :
_ و الله مش لاقية لازمة للدوا ده .. أهه مصاريف على الفاضى و الحاج صبرى مش متأخر عننا فى حاجة لما الواحد بقت عينه فى الأرض منه .
قبلت ليال كفها و قالت بصوت مختنق :
_ لازم تاخدى الدوا يا تيتة ده إنتى اللى ليا و مش هعرف أعيش من غيرك .
جذبتها الجدة لصدرها و حاوطت كتفيها بذراعها و قالت بحنو ... و بعض من اللوم :
_ و إنتى و إختك كل دنيتى و ربنا عوضنى بيكم عن بناتى اللى راحوا و سابونى أشرب نارهم ... بس لما بشوف حالكم بكرهكم عمى .. واحدة ضيعت نفسها علشان بتحب واحد بيذلها و بيضربها و إنتى سايبة نفسك لرامى يلعب بيكى الكورة و حابسك و لا المسجونين .
إمتعض وجه ليال من النشرة اليومية لجدتها و بثها قلقها الدائم من رامى و تحكمه الزائد بها و إستسلامها المثير للشفقة له .. فإعتدلت فى جلستها و قربت الصينية من الجدة و قالت لتغيير الحوار بذكاء :
_ يالا نفطر جعت جدا .. تحبى أعملك إيه على الغدا .
حملت الجدة كوب الشاى بالحليب و إرتشفت منه قليلا و قالت بإبتسامة باهتة :
_ أى حاجة منك حلوة .. تسلم إيدك .
و إلتفت رأس الجدة ناحية الصور الموضوعة بجوارها و طالعتهم بشوق و دمعة حبيسة .. صورة إبنتها الكبرى نغم و التى توفت بعض صراعها مع المرض و صورة إبنتها الصغرى حور و التى بموتها كسرت ظهرها و أصبحت جليسة الفراش لتفاجأها بخبر موتها .. و تلك الطفلة الصغيرة و الوحيدة التى تشبهها بعيونها الزرقاء الفيروزية وملامحها القوية و الناعمة بنفس الوقت ....

تلك الملامح الناعمة و التى كستها راحة غريبة اليوم و كأنه يوم عيد عندها و ستكتمل راحتها و سعادتها بمقابلة جدتها .. إنتبهت بسمة لإبتسامة غزل التلقائية و التى لم تعهدها منها .. فإبتلعت ما فى جوفها و سألتها ساخرة :
_ ده إيه الإنشكاح اللى إنتى فيه ده .
لم تعرها غزل إهتمام و هى تكمل وجبتها بصمت .. فعادت بسمة و قالت بنبرة ماجنة :
_ كل ده علشان هتروحى تدورى على جدتك و يا عالم هتلاقيها و هتكون .. ماتت .
صكت غزل أسنانها و قالت بضيق :
_ خليكى فى حالك يا بسمة .. أفرح أو أزعل ما يخصكيش على فكرة .
أشاحت بسمة بيدها فى وجه غزل و قالت بحدة :
_ إنتى حرة .
وقفت غزل و تركت الطاولة و توجهت للغرفة بدلت ملابسها و كانت دائما ما تعيد أشيائها لحقيبتها التى لم تفرغها لإستعدادها للرحيل عن هذه العائلة بأى وقت .. و بعدما إنتهت حملت حقيبة يدها و خرجت .....
زمت بسمة شفتيها و حركتهما بسخرية و قالت و هى تمرر سبابتها على غزل طلوعا و نزولا :
_ إنتى هتروحى حارة جدتك بجد و إنتى لابسة كده .... دول يغتصبوكى هناك يا قطة .
أخفضت غزل عيناها ناحية ملابسها تطالعها بتعجب .. بينما للحق و لأول مرة تكون بسمة على جانب كبير من الصواب فغزل كانت مرتدية سروال أبيض ضيق للغاية و رسم ساقيها و منحنياتها بدقة و تلك السترة و التى يصل طولها لحافة السروال بلونها الكشمير و حجاب رأسها و الذى تعقده دائما خلف عنقها و حذائها الرياضى .. لم تجد بملابسها شئ مثير فهى دائما بين رفقائها و زميلاتها بأميريكا كانت الأكثر حشمة .....
رفعت عيناها و قالت ببرود :
_ عادى يعنى لبسى مش عريان و لا مبين أى حاجة .
لطمت بسمة وجهها و قالت موضحة بغيظ :
_ إنتى مش محتاجة تنبينى أى حاجة .... ما كله لايڤ بلبسك الضيق ده .
رفعت غزل عيناها بملل و تطلعت ناحية هناء و قالت بهدوء :
_ بعد إذنك يا أنطى أنا نازلة و هبقى أكلمك أطمنك ..... سلام .
أجابتها هناء ببرود :
_ سلام يا حبيبتى .... هستنى تليفونك .

هبطت الدرج مسرعة حتى خرجت للطريق و بالفعل أول شئ قامت به أنها إشترت هاتف غالى جدا و بعدما إبتاعته هاتفت هناء لطمأنتها عليها ... و أشارت لسيارة أجرة و إستقلتها و أعطته الورقة و التى بها دون العنوان و بعد قليل .... إنطلقت السيارة .
طوال طريقها الطويل ظلت تتابعه بشغف و فجأة إختفت تلك المبانى العالية و الفخمة و حلت مكانها مبانى صغيرة أو قديمة بعض الشئ و إختلف مظهر البشر من الثراء و الراحة للفقر و العناء ....
توقف سائق السيارة و أشار لها بيده قائلا :
_ شايفة الطريق ده يا آنسة ...... هتمشى فيه شوية هتبقى جوة الحارة .
عقدت حاجبيها و سألته بتعجب :
_ ممكن حضرتك تدخل بالعربية و توصلنى .
هز رأسه نافيا و قال بإعتذار :
_ آسف بس التاكسى مش بيدخل جوة الطرق المكسرة والضيقة دى .
أومأت برأسها و شكرته و أعطته مبلغا ماليا و ترجلت من السيارة .. فوقعت عيناها على قصر كبير فى الضفة الثانية من الطريق .. وقفت تتأمله و قد شعرت بإنقباض فى قلبها فور رؤيته و كأنها رأته من قبل .. تلاحمت صور مبهمة أمام عيناها لم تستطع تفسيرها و قد دب بداخلها رعبا إمتلكها .. رغم فخامة القصر و جماله لكن شعورها بالضيق جعلها تبتعد بعينيها عنه تطالع تلك المبانى القديمة و الطرق الجانبية الضيق و كأن ذلك القصر قد هبط من السماء على هذه المنطقة الشعبية ....
أولته ظهرها و عبرت الطريق ... ولجت للطريق المؤدى للحارة بقلق و لكن شغفها غلبها و هى تتطلع حولها كسائح ..... عاد إليها القلق مع نظرات الجميع و التى تتبعها فى صمت ... تجاهلتهم و هى تحاول عصر عقلها لتتذكر أى شئ حتى رأت رجلا كبيرا يجلس أمام أحد المحلات فإقتربت منه و قالت بأدب :
_ السلام عليكم .
أجابها الرجل بإبتسامة هادئة :
_ و عليكم السلام .
إبتسمت غزل على إبتسامته و سألته بتوجس :
_ لو سمحت كنت عاوزة أسأل على بيت واحدة ست كبيرة ساكنة هنا و إسمها الحاجة رأفة .
أومأ الرجل برأسه مؤكدا و قال :
_ طبعا عارف الحاجة رأفة .. هخلى حد من الولاد يوصلك .
و صاح بأحد الأطفال و الذين كانوا يلعبون كرة القدم بجدية لا تتناسب مع أنهم يلعبونها بالطريق ...
أوقف الطفل الجميع بيديه و إقترب منهم مشدوها بجمال غزل .. فطلب منه الرجل آمرا :
_ وصل الآنسة دى لبيت الحاجة رأفة بسرعة .
تطلع إليها الطفل بإعجاب إرتسم على وجهه فى شكل إبتسامة بلهاء .. وقال بغمزة من عيناه :
_ إتفضلى معايا يا موزة .
رفعت غزل حاجبيها متعجبة من طريقته .. ثم حركت كتفيها بحيرة و سارت بجواره ... و بعد قليل رأت منزل جدتها من بعيد و التى تذكرته على الفور ... إبتسمت بشوق و هو يتضح أكثر كلما إقتربت منه ....
وقف الطفل أمامها و قال بمداعبة :
_ هستناكى هنا علشان لو حبيتى ترجعى من مكان ما جيتى يا قمر .
أجابته بشرود و هى هائمة بذلك المنزل القديم :
_ مافيش داعى .
_ لأ إزاى .. ده أنا موقف الماتش علشان عيونك الزرقا دى .
إبتسمت غزل و مالت عليه قائلة و هى تقرص و جنته :
_ شكرا يا عسل .
تنهد مطولا و قال بهيام :
_ و لما أنا عسل إنتى إيه ...... إنتى حلوة قوى .
زادت ضحكات غزل على كلماته و بعثرت شعراته بكفه و تركته و دلفت للبناية ... صعدت الدرج و دقات قلبها ترتفع كلما إرتفعت درجة حتى وقفت أمام باب الشقة .....
تنفست مطولا و زفرته مرة واحدة و طرقته .... بعد قليل أتاها صوت فتاة رقيق من خلفه قائلا :
_ مين ؟!
أجابتها غزل بقلق :
_ مش ده بيت الحاجة رأفة .
فتحت ليال الباب و تطلعت لهيئة غزل و سألتها بفضول :
_ أيوة هو البيت ... إنتى مين ؟!
إبتسمت غزل و هى تطالع تلك العيون العسلية و الصافية و التى لم تغيرها السنين سوى أنها زادتها جمالا و بهاءً .... فتنهدت براحة و قالت :
_ مش مصدقة إنى شوفتك تانى يا ليال .
قطبت ليال حاجبيها و قد زادت دهشتها و قلقها ... فسألتها بتوجس :
_ إنتى تعرفينى منين .... أنا أول مرة أشوفك .
أومأت غزل برأسها متفهمة و قالت و قد بهتت إبتسامتها :
_ فعلا ... بقالنا عشرين سنة ما شوفناش بعض ليكى حق ما تعرفنيش .
عشرين سنة .... قطبت ليال جبينها ثم إتسعت عيناها و إرتفع حاجبيها و رفعت كفها على فمها بصدمة و قد تجمعت بعض العبرات بعينيها و قالت بصوت متحشرج متعمقة فى بحر عينى غزل :
_ غزل !!!!
هزت غزل رأسها و قالت برقة :
_ وحشتينى جدا يا ليال .
إجتذبتها ليال لحضنها و ضمتها بقوة قائلة بدموعها :
_ إنتى اللى وحشتينى يا غزل ..... دى تيتة كانت هتتجنن عليكى .
ربما تعجبت فى البداية من مشاعر ليال القوية و لكن دفء ضمتها جعلها تشعر بإطمئنان غريب إفتقدته لسنوات طويلة ... ملست على ظهرها برقة و قالت :
_ خلاص يا بنتى بطلى تعيطى .
أجابتها ليال بصوت مكتوم من إثر ضمتها القوية :
_ إنتى وحشانى قوى .
هزت غزل رأسها بيأس و قالت :
_ و الله و إنتوا كمان و حشتونى .
إبتعدت ليال عنها قليلا و قالت و هى تكفف عبراتها :
_ إتفضلى إدخلى .. تعالى يا غزل .
أتاهم صوتا حنونا يسأل بتعجب :
_ مين اللى جه يا ليال ؟!
إلتفت غزل برأسها ناحية ذلك الصوت الدافئ متطلعة بغرفة جدتها و قد سرى بجسدها تيار بارد جعل قلبها يرتجف بشوق ... إبتسمت ليال و قالت بصوت عالى :
_ دى ضيفة يا تيتة و جاية تشوفك .
أجابتها رأفة بترحاب :
_ خليها تتفضل يا بنتى .
إقتربت ليال من غزل و قالت هامسة :
_ ما تقوليش إنتى مين و شوفيها هتعرفك و لا لأ .
أومأت غزل برأسها فجذبتها ليال من يدها و ولجت بها لغرفة رأفة ...... توقفت أنفاس غزل و هى تتطلع إليها تشبع عيناها برؤيتها .... لقد هرمت كثيرا و أصبحت جليسة الفراش و لكن كل ذلك لم يؤثر بجمالها و الحنان المطل من عينيها ....
إبتلعت ريقها بتوتر و هى تطالعها بقوة ... بينما إكتفت رأفة بالصمت سابحة بعينيها على تلك الملامح التى طالما ما رأتها بمرآتها قديما ... شبه غريب بينها فى شبابها و بين تلك الفتاة الواقفة أمامها و لتزداد دهشة ... نفس لون العينين النادر ....
إبتسمت ليال و هى تتابع حوارهم الصامت و قالت قاطعة لتلك الحالة و التى ربما تمتد لفترة أطول :
_ مش هتسلمى على الضيفة يا تيتة .
أشارت رأفة بيدها على الفراش بجوارها تربت عليه بكفها المجعد قائلة بصعوبة :
_ تعالى جنبى يا حبيبتى .
إقتربت غزل منها بخطوات خفيفة كأنها طائرة لا تلامس الأرضية بقدميها و جلست بجوارها مستنشقة تلك الرائحة العذبة لها .. فسألتها رأفة بتوتر :
_ إنتى مين ؟!!!
لم تستطع الرد و كأن شفتيها قد إلتصقتا و جف حلقها .... طالت بينهما النظرات فحركت رأفة مقلتيها بجوارها و حملت صورة لحفيدتها صاحبة العيون الفيروزية و حملتها .. لقد عادت صغيرتها و التى عمرها بتلك الصورة خمس سنوات فقط .... سقطت دموعها على الصورة و هى تقول بوهن :
_ ما فاتش يوم عليا نسيتك فيه يا غزل .... كنت بتخيلك دايما و برسملك صورة جوايا .... بس ما كنتش عارفة إنك هتبقى حلوة قوى كده .
مسحت غزل دمعة فرت من عينها و قالت :
_ و أنا كمان كنت بفكر فيكى دايما .
رفعت رأفة عيناها عن الصورة تطالع الأصل ... فأردفت غزل قائلة بقوة :
_ وحشتينى قوى .
مررت رأفة كفها المرتعش على وجه غزل و هى تتأملها بشوق .... فعقدت ليال ذراعيها و قالت بصوت مختنق :
_ هتخلونى أعيط ... إيه هو إنتوا مش هتحضنوا بعض .


يتبع


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-19, 04:36 PM   #18

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

فى إنتظار أرائكم و تعليقاتكم اللى هتسعدنى طبعا

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-19, 08:45 PM   #19

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

غم حالة السعادة التى ملأتها إلا أنها مازالت خائفة من أن يكون ما تمر به الآن مجرد حلم .. و لكن ملمس أنامل جدتها على بشرة وجهها أخبرتها أنها تحيا واقعا جديدا .. دافئا ...... لم تشعر غزل بنفسها و هى ترتمى فى حضن جدتها كما كانت تفعل سابقا .. للحظة عادت تلك الطفلة الصغيرة و البريئة و التى لم تلوثها الأيام و الظروف و تنهدت مطولا و قالت من أعماق روحها :
_ ياااه يا تيتة .. ماحستش بالراحة دى من زمان قوى .. وحشتينى .. وحشتينى جدا .
ربتت رأفة على ظهرها بحنان و قالت من بين دموعها :
_ إنتى وحشتينى أكتر يا حبيبتى .
و أبعدتها عنها قليلا و سألتها بتوجس :
_ إنتى خلاص رجعتى مصر على طول و رجعتى لحضنى و لا هترجعى تسافرى تانى .
إنحنت غزل و قبلت كفها و أجابتها بإبتسامة مرحة :
_ لأرجعت على طول و هزهقك منى .
زفرت رأفة براحة إرتسمت على ملامحهاو التى تبدو لمن يراها أنه إنتقص من عمرها العشرون عاما التى إبتعدتهم غزل و أمها عنها ... إبتسمت بهدوء و سألتها بتلهف :
_ الحمد لله .. علاء فين هو مش رجع معاكى نفسى أشوفه .
قطبت غزل جبينها و علت ملامحها بداية حزن و قالت بفتور :
_ لأ .... أنا جيت لواحدى .
صفعت الجدة صدرها و شهقت بقوة قائلة بتعجب :
_ ياااالهوى .... جيتى لواحدك من بلاد بره ... و أبوكى و أخوكى ما خافوش عليكى .
تنهدت غزل بألم و طأطأت رأسها متطلعة بالأرضية و قالت بإنكسار :
_ أنا هربت منهم أصلا .. و مش هرجع ليهم تانى مهما حصل .
جلست ليال بجوارها و سألتها بدهشة :
_ هربتى !!!! ليه يا غزل إحكيلنا كل حاجة .
إعتدلت فى جلستها و قصت عليهم كل شئ من تعامل الجميع معها بعنصرية لمجرد أنها محجبة .. و خطة علاء لإنقاذ مستقبلهم المادى ببيعها لأحد رجال الأعمال رغما عنها .... و هربها ليلة زواجها و أخيرا بعد وصولها طمع عمها بحقها و الذى إستاء من عودتها و طلبها المُلح لإسترداد شقتها و محلها ... كل هذا و قد سقط منها الحديث عن والدتها ... أو بالمعنى الأدق هى تعمدت إسقاطه حتى لا تقتل جدتها بيدها و التى تمسكت بها كآخر ذكرى من إبنتها .. حور .....
إحتضنتها رأفة مجددا و قالت بإشفاق على ما مرت به حفيدتها :
_ يا حبيبة قلبى ... ما تخافيش من حاجة .. دلوقتى إنتى معايا و أنا مش هسمح لحد يأذيكى إنتى روحى شقة عمك هاتى حاجتك و تعالى عيشى معايا هنا .... مفهوم .
أومأت غزل برأسها و تمسكت بها أكثر و قالت بإرتياح :
_ حاضر يا تيتة .... فوق ما تتخيلى أنا مرتاحة دلوقتى إزاى .. ربنا بيحبنى إنى لقتكم .
وقفت ليال و صفقت بفرحة و نزعت حجابها و نثرت شعراتها الذهبية و قالت بحماس :
_ أخيرا لقيت حد أقعد و أتكلم معاه .. أنا مبسوطة قوى إنك هاتيجى تعيشى معانا .
إبتعدت غزل عن جدتها و سألتها بتعجب :
_ ليه هى أختك اااا ... إسمها إيه دى فين ؟!
أجابتها ليال بضيق :
_ قصدك ميناس ..... لا دى إتجوزت و عايشة مع جوزها .
وقفت غزل بحدة و هزت رأسها تستوعب ما سمعته و سألتها بدهشة :
_ إتجوزت إزاى .... هى عندها كام سنة دى أصغر واحدة فينا .
تنهدت ليال بأسى و أجابتها بعبوس :
_ متجوزة من سنة و هى يا حبيبتى دلوقتى عندها عشرين سنة و لما هتشوفيها هتلاقيها ملاك فى شكل بنت .
حملت غزل حقيبة يدها و قالت بعصبية :
_ لا ... ده أنا أروح أجيب الباج بتاعتى من عند عمى و أرجع على طول .. ده إنتوا وراكوا حكايات و رويات ... مش هتأخر عليكى يا تيتة .
جذبتها رأفة من كفها و قالت بخوف :
_ لأ .. ما تمشيش .
إنحنت غزل ناحيتها و قبلت وجنتها مطولا و قالت بمداعبة :
_ صدقينى مش هتأخر عليكى .
أجابتها رأفة و هى متمسكة بكفها بقلق :
_ هستناكى يا حبيبة قلبى ..... خدى رقم ليال علشان أكلمك كل شوية أطمن عليكى لغاية ما ترجعى .
إبتسمت غزل إبتسامة متسعة و قالت بهدوء :
_ حاضر .... هحاول ما أتأخرش ... هتوحشونى الشوية دول ... سلام .
و خرجت من الغرفة تبعتها ليال التى سجلت رقم هاتفها و قبلتها و تركتها و خرجت تشع سعادة و فرحة و إبتسامتها زادتها جمالا ......

ما أن خرجت حتى وجدت ذلك الطفل الذى أوصلها ينتظرها جالسا على أحد الأرصفة .... حرك رأسه قليلا فرأى غزل تتقدم نحوه فوقف مسرعا و قال بفرحة :
_ إيه يا قمر محتاجة مساعدة .
ضحكت ضحكة عالية و قالت بمداعبة :
_ بصراحة أيوة .... ممكن تخلينى أوصل للطريق الرئيسى اللى جيت منه ... عاوزة أركب تاكسى .
أشار إليها بيده قائلا :
_ إتفضلى قدامى و أنا هوصلك ....... بس بشرط .
نثرت شعراته الطويلة و قالت بتوجس :
_ شرط إيه بقا .
_ ترجعى تانى .... بصراحة أنا حبيتك قوى .
سارت بجواره و قالت بحب :
_ و أنا كمان حبيتك جدا .... و هرجعلك تانى مش هتأخر عليك .... تمام .
تنهد مطولا و هو يسير بظهره مقابلا لها يطالعها بوله ثم قال بخفوت :
_ تمام يا موزتى .
خرجت غزل على الطريق تبحث عن سيارة أجرة .. فإستوقفها ذالك القصر مجددا ... و لكن هذه المرة إتضحت لها الخيالات المرتبطة به و رأت نفسها طفلة تركض ناحيته ... ثم تجهمت الرؤية مجددا و لكنها إستمعت لصوت صراخها و تذكرته ... فمسدت جبهتها المتألمة ...
لاحظ الصغير عبوسها و ضيقها فسألها بقلق :
_ إنتى كويسة ؟!!!
نفضت تلك الأفكار و الأصوات من رأسها و أجابته بإبتسامة مرتجفة :
_ أيوة كويسة .. شكرا .
و أشارت بيدها لسيارة توقفت على الفور ... فأشارت للصغير بيدها مودعة و إستقلتها و إنطلقت بها .


وقفت ميناس فى مطبخ القصر الواسع تتابع تحضيرات زيارة مهاب إليهم بسعادة .. فذلك الصغير يمثل شئ كبير بحياتها ... لأن حمزة يتبدل فور رؤيته و يتحول لصغير مثله و يتخلى عن الوحش الذى بداخله و يترك كل أسلحته على جانب ... فهتفت قائلة بقلق :
_ بودينج الشوكولا جاهز .
أجابتها نشوى بإيجاب قائلة :
_ أيوة يا هانم جهز .. و السوفليه كمان جهز و سخن .
تنفست ميناس براحة و إبتسمت بشدة فظهرت غمازتيها و هى تلتفت برأسا مستمعة لصوت جرس الباب ... فأشارت لنشوى التى تحركت لفتح الباب و أوقفتها قائلة :
_ خليكى أنا هفتح .
و خرجت مسرعة و فتحت الباب الذى إندفع منه مهاب و إرتمى بحضنها الذى إستقبله بسعادة وترحاب قائلا بفرحة :
_ وحشتينى يا مينو ...... وحشتينى قوى .
قبلته ميناس فى وجنته مطولا و قالت بإبتسامتها الهادئة :
_ إنت كمان وحشتنى يا حبيبى .
إقترب منهم حمزة محركا كرسيه و زم شفتيه بضيق قائلا بلوم :
_ و أنا ماوحشتكش .
إبتعد مهاب عن ميناس و ركض ناحية عمه الذى حمله و أجلسه على ساقيه .. فإحتضنه مهاب قائلا بمشاغبة :
_ وحشتنى قوى يا صاحبى ... بس ميناس وحشتنى أكتر .
صفعه حمزة على رأسه برقة وقال بسخط :
_ إنت هتعاكس مراتى قدامى ياض .
شهقت ميناس بخفوت .. فسماعها لكلمة زوجتى منه جعل قلبها ينتفض بقوة ... هل يراها حقا زوجته ... هل تحتل ولو جزء بسيط من حياته كونها زوجته ... إنتبه رامى لشرودها فإقترب منها قائلا بتعجب :
_ أخبارك إيه يا ميناس .
إنتفضت فى مكانها مذعورة لأنها لم تنتبه لدلوف رامى فهذا الجالس على مقعده يسلبها رشدها فتبدو للجميع بلهاء .. إبتسمت بخفوت و أجابته :
_ الحمد لله كويسة .
مرر عينيه على وجهها و قال بجدية :
_ شكلك النهاردة أحسن هو نسى يضربك و لا إيه .
تطلعت ميناس بحمزة و الذى يداعب مهاب و يدغدغه و تنهدت مطولا و قالت :
_ بس طيب و الله .
رفع رامى طرف شفتيه بإمتعاض و مطهما قائلا بتبرم :
_ طيب !!! طيب يا أختى و ماله .. براحتك .
إقترب رامى من حمزة و ضرب كفيه ببعضهما متعجبا و قال ساخرا :
_ هو أنا كل مرة أشوفك يا حمزة ألاقيك عامل فورمة شعر جديدة .... مرة ديل حصان و مرة بندانة .... صحيح الفاضى يعمل شعره .
رفع حمزة حاجبه بضيق و قال بغضب :
_ هو إنت مش جبت مهاب ورينا جمال قفاك و إختفى .
ضحك مهاب ضحكة عالية ... فعض رامى على شفته السفلى و قال بقوة :
_ بتضحك يا إبن العوو ماشى يا مهاب تمامك عندى قل .
قفز مهاب من على ساقى حمزة و ركض ناحيته قائلا لإضحاكه :
_ ما تزعلش يا عم الناس .... أنا ماكنتش بضحك أنا كنت بريح بوقى بس .
دخل الجميع فى نوبة ضحك على مزحته .. فتطلع حمزة ناحية ميناس المبتسمة بتلقائية .. كانت أجمل من أن توصف بعدما ظهرت غمازتيها الرقيقة .... ثم أشاح ببصره عنها كى لا تلحظ تأمله لها ... حمل رامى مهاب و قبله فى وجنته و قال برجء :
_ أبوس إيدك يا هوبا يا حبيبى إوعى تتكلم كده قدام أبوك ... لهيعلقنى أنا و عمك حمزة على باب الحارة .
أطرق مهاب بأنامله على وجنته متصنعا التفكير و قال بقوة :
_ هدورها فى دماغى و أحاول أسيطر على لسانى.
صفع حمزة كفيه ببعضهما و قا بتعجب:
_ ياض ده إنت عندك خمس سنين بس و محسسنى إنك راجل زينا .
أجابه مهاب بضيق و هو عابسا :
_ أنا راجل من ضهر راجل من ضهر راجل ... و مخاصمكم .
ثم تململ بجسده حتى أنزله رامى على قدميه فسار ناحية ميناس و جذبها ورائه قائلا :
_ تعالى يا مينو عندى ليكى سيكرت من لولو و مش عاوزهم يسمعوه .
صاح به حمزة بغضب :
إنت ساحبها وراك و أخدها فين .... هو أنا كيس جوافة قدامك .
إلتفت إليه مهاب و قال ببرائة غاضبة :
_ لو سمحت خليك فى حالك .
ثم رفع سبابته ناحية رامى وقال له بنبرة آمرة :
_ رامى تحفظ عليه لغاية ما أرجع .
ضحك الجميع عليه بينما قال له رامى من بين ضحكاته :
_ تمام بس بسرعة ماتتأخرش .
مرر حمزة أنامله فى شعراته الطويلة وقال بإبتسامة باهتة :
_ الواد ده ضحكة العيلة كلها .... بس لو كبر و عرف إنى كنت السبب فى موت أمه هيسامحنى .
قطع رامى حالته الحزينة و قال مسرعا :
_ بقولك إيه الحادثة دى كانت قدر .... فا متحملش نفسك الذنب ده عمرها و كويس إن مهاب طلع من الحادثة دى كويس .
أجابه حمزة بأسى و هو مطأطأ رأسه بخزى :
_ لأ ... أنا السبب لولا الزفت اللى كنت شاربه ... ما كنش حصل حاجة .... ربنا يسامحنى .

جلس مهاب بجوار ميناس على فراشها و قال هامسا :
_ هاتى بوسة بسرعة يا مينو .
ضحكت ميناس وقالت بمداعبة :
_ هات بوسة إنت الأول و باعدين هات بوسة ليال .
أعطاها قبلتين على وجنتيها و قال :
_ هاتى بوستى بقا .
إقتربت منه و أعطته قبلة فى وجنته و قالت بتلهف :
_ قولى بقا أخبار تيتة رأفة و ليال إيه ... هما كويسين .
_ كويسين الحمد لله و إنتى وحشاهم جدا .
رغم حالة الحزن التى إمتلكتها من شوقها لرؤية جدتها و أختها إلا أنها إبتسمت برقة و أعطت حقيبة بلاستيكية مليئة بالحلويات لمهاب الذى لمعت عيناه و قفز بسعادة قائلا :
_ حبيبتى يا مينو ... إنتى أصلى .
قرصت وجنتيه بأناملها و قالت بمعاتبة :
_ مش هتبطل طريقتك دى فى الكلام ... ده إنت دراستك إنجلش .
_ أهه كده شوية و كده شوية ...... لما أروح أقعد مع حمزة شوية عاوز أرقص معاه زى كل مرة .
حمل حقيبة حلوياته و ركض ناحية حمزة و قال له برجاء :
_ حمزة شغل أغنية شعبى نرقص عليها سوا .
أدى حمزة التحية العسكرية و قال بمرح :
_ إنت تؤمر يا مريسة و كلنا تحت أمرك .
أخرج حمزة هاتفه و عبث به قليلا فإنطلقت النغمات الصاخبة منه .... فرقص مهاب على أنغامها شاركه حمزة محركا كرسيه يمينا و يسارا وصوت ضحكاتهم ملأ هذا القصر الكئيب .....
عقدت ميناس ذراعيها و وقفت بجوارها رامى يتطلعان بسعادة حمزة و التى ترافق وجود مهاب بجواره دائما كأنه الشمس التى تشرق معها إبتسامته ........


إنتظرونى فى الفصل السادس


قراءة ممتعة


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-19, 10:10 PM   #20

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

حبيت كتير لقاء غزل بجدتها
يبدو ان غزل لها ذكريات حزينة مع القصر
بس ليش عائلة صبري مو مقيمة بالقصرمع حمزة
ام ان هناك لغز ما
موفقة حبيبتي ياسمين ابدعتي 😍😍😍


Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
...

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:32 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.