آخر 10 مشاركات
1133 - ليتك تحبني - دونيز روبن - دار النحاس .. (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )           »          الزوجة العنيدة - روايات ياسمين (الكاتـب : Just Faith - )           »          سيد القصر - جيم آدامز - غولدن كايدج** (الكاتـب : angel08 - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          موقع افلام بلس (الكاتـب : ابراهيم احماا - )           »          رواية بحر من دموع *مكتملة* (الكاتـب : روز علي - )           »          310 - الإنجذاب الناري - إيما ريتشموند - احلامي (تصوير جديد) (الكاتـب : Just Faith - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-12-19, 05:41 AM   #31

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




الفصل التاسع والعشرون


محمد

الحاضر

خرجت برفقة نجمة للسير في الحديقة، كانت هي صامتة بجانبي، تنظر للأرض اثناء سيرها، يداها مرتخيتان، حركة جسدها هذه تنبئني انها ما زالت تعاني من الاكتئاب، بالرغم من ظهور جوى الا انهما لا يجب ان يبقيا معاً على الأقل هذه الفترة، جوى نفسها تحتاج للعلاج، ستذكر نجمة بالماضي، بكل شيء مر عليهما، لكنني عندما قررت ان اجعلها تقابل جوى كان الهدف ان تذكرها بالذكريات الجميلة.
اثناء سيري شعرت بيد نجمة تمسك بيدي، ادرت رأسي تجاهها فقالت وهي ماتزال تنظر للأمام: اريد ان أبقى ممسكة بيديك.
ابتسمت: موافق لكن بشرط.
توقفت لتنظر الي فأكملت: أخبريني لم؟
دارت عيناها في المكان تبحث عن إجابة، بعد وهلة: اشعر بالأمان، لا اعلم، أأخبرك بسر؟
ابتسمت لأقترب منها: أخبريني.
مطت شفتيها لتردف: اشعر ان تلك الرحلة لنبحث عن سر ظهوري، ما مررنا به كان شيء مختلف، جديد، انا لم اخض مغامرة في حياتي مطلقاً.
سألتها لأجعلها تتحدث أكثر عن هذا الجانب: لماذا؟ لم تجربي.
رفعت كتفيها: كنت أخاف، شيء كان يمنعني.
- ربما والديكِ؟
- هما سبب في ذلك ايضاً، لكنني أخاف من خوض أي تجربة.
- لم؟
اخذت نفساً عميقاً: خوفي من الفشل، او الوقوع في الخطأ وربما، أأأأ، الخوف من المجهول.
سرت ممسكاً يدها لأعلق: ليست كل التجارب تأتينا بالفشل، وان فشلنا فيكفي اننا خضنا شيء جديد اكتسبنا منه خبرة.
اضافت هي: اتعلم، كنت اغلق جميع الأبواب المؤدية لقلبي، لا اسمح حتى للرجال بمحادثتي، اتجنبهم دوماً بشتى الطرق، كنت اريد ان اُحب.
صممت تنظر جانباً لتتذكر ماضيها لتردف: لكنني خفت من ان اتعلق بأحدهم وافشل، اُريد ان يكون رجلي الاول هو حبيبي، زوجي، وكل شيء، لا اريد لأي رجل ان يدخل حياتي قبله.
كم هي بريئة وكأنها فتاة مراهقة من تتحدث، لا انسة تبلغ الواحد والعشرون، قهقهت: ههه لا، يمكنكِ التحكم بهذا، اختاري شخصاً مناسباً.
- لا يمكننا ان نختار من نحب.
- لكن يمكننا تمييز ان كان هو مناسب لنا ام لا.
- لا، عندما نقع في الحب لا نرى العيوب، نحبه بسيئاته قبل حسناته.
ضيقت عيني لأقل بمزاح: ما هذا يا انسة؟ تملكين كل هذه الخبرة؟
ابتسمت هي لأول مرة لتقل: لا، هذه وجهة نظري.
اشرت اليها قائلاً: عليكِ دوماً فعل هذا، الدفاع عن وجهة نظركِ، لا تسيري مع الاخرين، احتفظي برأيكِ الخاص ولا تنسي ان تصرحي به.
توقفت لتنظر الي بحزن: اتعلم اننا، في الماضي، كان يُقال لنا ان كلام من أكبر منا هو الصائب دوماً، لذلك لم يكن لنا الحق في ابداء آرائنا.
- الان انتِ روح، ولدتِ من جديد، بأفكار وشخصية مختلفة.



جوى
الحاضر

جالسة في الشرفة اسند رأسي على مرفقي الذي استقر على السور، اراقب العالم، ما زال مستمراً بينما انا هنا عالقة بين الماضي والحاضر، اعجز عن لعق جراحي والنهوض لأبدأ من جديد، بالرغم من انني في شقته الا انني اشعر بغربة رهيبة، اليس من المفترض ان يكون حبه كافياً؟ بداخلي كلام كثير يصعب البوح به لأحد وان كان هو، احتاج لجدي او جدتي ليدلاني عن الصواب، احتاج ليد جدتي لتعبث بشعري وتقرأ القران علي. مقيمة هنا بلا منزل، وطن او عمل، مجرد عال عليه، ملزم هو بي باسم الحب الذي بيننا لكن الى متي؟
رن هاتفي لينتشلني من هذه الدوامة، ببرود التقطته من على الطاولة لأنظر لهوية المتصل، دكتور محمد، اجبته بفضول: هل حدث شيء لنجمة؟
جاءني صوته الهادئ: ههه، لا اهدئي، انا في إسطنبول أيمكنكِ رؤيتكِ؟
- بالطبع، ابعث لي العنوان وسآتي.
خرجت على عجلة من الشقة، لم اهتم لمظهري، ارتديت الثياب التي وقعت عيني عليها بدون تنسيق او ربما كي. اتجهت للمشفى المركزي حيث ارسل طلب لقائي هناك. خائفة من سماع أي شيء عن حالة نجمة، ماذا ان ساءت حالتها؟ اخذت نفساً عميقاً وانا مرتادة سيارة الأجرة، رن هاتفي الذي اقتناه عبد الله لي ايضاً، الم اقل انني أصبحت عال على الجميع!
اجبته ببرود: مرحبا.
جاءني صوته الذي لم يعد بداخلي شيء: اين انتِ؟ عدت لم اجدكِ.
- اتصل الطبيب وطلب رؤيتي بخصوص نجمة.
- سآتي اذن.
باندفاع قلت: لا، لا، لا داع لقدومك.
بقي هو صامت لوهلة، ثم علق: ان احتجتِ شيء اتصلي بي.
لم اتفوه ببته كلمة بل انهيت المكالمة فوراً، اعدت رأسي للوراء لأغمض عيني، جوى تماسكي فقط.
واخيراً وصلت للمشفى، سلكت الطريق المؤدي لمكتبه كما دلني هو، كانت ضربات قلبي تتسارع مع اقترابي من المكتب، حتى وصلت لأطرق الباب الموارب، ابتسم لينهض هو من خلف مكتبه، دخلت لأغلق الباب خلفي، شعرت ان وجهي قد احتقن اكثر، اقتربت من الكرسي الذي يقف بالقرب من مكتبه سألته وانا اجلس: هل هناك اخبار سيئة؟
سار تجاه الطاولة التي تقف جانب الحائط الذي يقابلني ليحض قهوة قائلاً: اخبرتكِ ان لا تخافي، لا شيء سيء.
تنهدت وانا اغمض عيني، شددت قبضة يدي على مرفق كرسيي، التفت الي ليسير تجاهي مقرباً كوب القهوة لي: تفضلي.
اخذته منه ويدي ترتعش، شعرت بالكأس وهو يتراقص بين يدي، سألني وهو يجلس على الكرسي الذي يقابلني: أنتِ بخير؟
وضعت الكوب جانباً وانا انظر اليه لوهلة، ثم انفجرت باكية اغطي وجهي بكلتا يدي.






محمد

الحاضر

نهضت من مكاني فور بكائها، سكبت لها الماء في كأس لأقترب منها: اهدئي ارجوكِ.
التقطته مني وهي ترتعش والماء يكاد ان ينسكب من الكأس، شربته كله دفعة واحدة ويداها ما تزال ترجف. منذ وقت طويل علمت ان جوي ليست بخير، بل ما تمر به يكاد ان يكون اضعاف قساوة مما مرت به نجمة، لكنها تحاول الصمود، لا تعلم ان كثرة إخفاء الالام هو نوع من أنواع السقوط وجلد الذات.
علقت: اعتقد انه حان دوركِ لتتحدثِ.
مسحت وجهها بكلا كفيها لتعيدهما للوراء، لشعرها: انا تائهة، رمشت عدة مرات لتكمل: عالقة في مكان، لم اعد كالسابق، هو بجانبي لكنني لا اشعر بشيء معه كما كنت، بل لا يمكنني الإحساس بأي شيء.
ترمش كثيراً اثناء حديثها، تمر بضغط نفسي اثناء بوحها بما تشعر به، تفرك يدها اليمين بيدها اليسار، تحاول ان تجعل جانبها العلقي او المجرد من المشاعر هو المسيطر عليها. أكملت هي لتركز بصرها خلفي للاشيء: لكن اعتقد ان ما اشعر هو جيد، اعني انني في النهاية سأتركه، لن ابقي معه عند خروج نجمة، بل لن اتركها مطلقاً.
نظرها لشيء فارغ غيري، يدل على انها تحاول اقناع نفسها بهذا الكلام، لا احد غيرها. بل هي لا تكترث ان كنت سأصدق ام لا، تريد ان تصدق هي نفسها.
اقتربت بصدري للأمام، أسندت مرفقي على فخذي لأشبك اصابعي قائلاً: لندع نجمة على جنب الان، هل وجودكِ مع عبد الله يضايقكِ؟
- اشعر انني ضعيفة معه، تلك القوى التي كانت موقدة بداخلي انطفأت، اشعر انني عبء عليه، انا لم اعد كالسابق، اكره نفسي حتى كيف سيحبني هو؟
قلت بصدق: جوى انتِ اقوى مما تعتقدين، لأنكِ اعتدتِ ان تتصنعي القوة دوماً ومروركِ بهذه الفترة التي عجزت عن تكرار التمثيل، بدى لكِ الامر سيء للغاية، لكنه الطبيعي، جميعنا بشر، نحتاج لأن نضعف، نحتاج لأن نبكي، ننزوي لفترة، هذا شيء طبيعي، أكملت وانا عود بظهري للوراء، الغير طبيعي ان كنتِ الى الان صامدة.
رفعت رأسها للأعلى لتغمض عيناها لتقل بصوت منخفض: علي ان أكون قوية من اجل نجمة.
نهضت من مكاني لأسند مرفقي على ظهر كرسيي: انتِ تضغطين على نفسكِ، دعي جراحكِ تلتئم، ستسقطين فور أي مهب ريح يقابلكِ ان استمريتِ.
سرت تجاه مكتبي، لأجلس خلفه وابتسم معلقاً: ثم ان عليكِ ان تستريحي لفترة لأنكِ مقبلة على مرحلة جديدة محمسة.
اخفضت رأسها لتنظر الي وتعلق بسخرية: محمسة! ههه.
ثنيت ذراعي لصدري لأدور قليلا بكرسيي: لم اخبركِ عن سبب طلبي لرؤيتكِ؟
عقدت حاجبيها لتقل: اووه نسيت، اخبرني.
قلت بحماس: قمت بالتواصل مع الكثير من المؤسسات الانسانية والتي تخص اللاجئين.
- اجل؟
أكلمت بابتسامة واسعة: تم تبني حالتكما انتِ ونجمة من قبل منظمة اليونسكو، انتِ بالذات ستمثلين العراق.
اتسعت عيناها بصدمة، رأيت الاف من الأسئلة تتجمع في وجهها فحاولت ان أوضح اكثر: اولاً، لم اختاروكِ؟ لأنك قمتِ بإنقاذ اختكِ، فتاة في الرابع والعشرون تمر بهذه المصاعب وما زالت مستمرة فهو شيء خارق.
غطت فمها بكلتا يديها بشكل عامودي، حاولت ان تنظم أنفاسها فأردفت انا: ولأن نجمة أصيبت بمرض نادر بسبب الضغوطات التي تعرضت لها في العراق وهنا.
رفعت يداها لتقل: مهلاً، دعني استوعب ما الذي يحدث.
- سأمثل بلدي؟
- ونجمة سيتكفلون هم بها كل شيء تعليمها، وجميع متطلباتها، وانتِ كذلك.
تدحرجت الدموع من عيناها، يصعب عليها التصديق، اعلم جيداً ان حملاً ثقيلاً قد اُزيل من على ظهرها، اضفت انا بابتسامة: لذلك عليكِ ان تتعافي، لتقفي على ناصية وتصبحي قدوة.
ابتسمت رغم دموعها، هي ونجمة تحتاجان وقت لتشفيا، المشكلة اننا نُقلل من شأن آلامنا، نظن ان كل كلمة سيئة نسمعها، بكاء الساعة او الساعتان سيمضي، الجروح الصغيرة تُشفى، لكن الحقيقة ان كل ما سبق يترك اثر بداخلنا، ينحت بمستقبلنا، بتصرفاتنا، ان لم نمنح حتى الألم فرصة فلن نقضي عليه، بل سيفر منا ليعود بشكل اكبر ووقع اوجع.
في النهاية نحن عبارة عن مشاعر، فرح، حزن، خوف وريبة، أي شيء يؤثر بنا، وهذا ليس ضعفاً بل نعمة ربما، لأننا نشعر. لكن الأهم ان لا نترك هذا الألم يستوطننا.
جوى تعشق عبد الله بل تتنفسه، لكنها خائفة من خسارته، تخاف عليه ومنه، ومن نفسها، تخاف ان تغرق بالعسل لتنسى نجمة، مع ان ما يحدث ليس ذنب احد.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 13-12-19, 05:44 AM   #32

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


ثلاثون


عبدالله


الحاضر

مضت اشهر طويلة، كانت ثقيلة لكنها كانت كفيلة بجعل جوى تعود لعهدها السابق لتدب فيها الحياة وبقوة، وكأنها ولدت من جديد، ليعود الربيع، لتتورد وجنتيها، عادت كأنها خُلقت من جديد. راقبتها وهي تضيئ الشموع التي انتشرت في سطح المبنى، راقبتها وانا اعقد اصابعي خلف عنقي بشغف، سارت لتقوم بتشغيل اغنية لفيروز، تعودت على سماع فيروز صباحاً ومساءً، بل في كل وقت. اقتربت هي مني لتسند ذقنها على صدري، أحاطت ذراعيها بخصري لتقل: كف عن التحديق بي.
مسحت وجهها بكفي لأخفض رأسي واقبلها ليرتفع بداخلي التروستجين. ابتعدت قليلاً اقاوم أنفاسها: اشتقت لجوى القديمة، كان علي ان اراقبكِ اكثر.
اخذت يدي بين يديها لتعلق: سأعود كما كنت، اعدك.
أحاطت ذراعي بخصرها لأديرها واجعل ظهرها يقابل صدري، جسدينا يتمايلان متناغمان أكثر: المهم اننا معاً.
كانت الهواء منعشاً، تتخلله بعض البرود لكن قربها يُدفئني، تمايلنا وكلانا يغمض عينه، كلانا صامتان، سألتها: انتِ متحمسة للغد؟
اجابتني باسترخاء: خائفة.
ادرتها تجاهي لأخبرها: في الغد بعد المحاضرة سأعرض عليكِ عرضاً.
قهقهت هي لتضيق عيناها تتصنع الغباء، كأنها لم تفهم: ما هو؟
- وكأنكِ لا تعرفين؟
- هههههه لم بعد المحاضرة؟
ميلت رأسي قليلاً لأجيبها: اشعر انه الوقت المناسب.
عضت شفتيها لتقل: ماذا تتوقع مني ان اجيب على عرضك؟
تصنعت التفكير: عندما كنا في بغداد وافقتِ حينها، ولكن بعد ان اتيتِ لاسطنبول رفضتِ مراراً هههه.
- هههههههه والان؟
شبكت اصابعي بين اصابعها: اشعر هذه المرة انكِ ستوافقين.
ابتعدت عني لتدور حول نفسها وتبدأ الرقص ليتطاير اطراف فستانها قائلة بحميمية: عليك دوماً الوثوق بإحساسك.
اقتربت منها وهي تغويني اكثر لأرقص معها ونترك العالم للجميع لنغرق في عالمنا نحن.






روح

الحاضر

مرت أشهر وانا مقيمة في المصح، لكنني لم اشعر قط انه مصح ولو لوهلة، فكل العوامل التي تحيط بي مهيئة لراحتي، بل وجدت به هدوءً اكثر من مما كنت في منزلي هناك. ولأن احدى المؤسسات قد تبنت حالتي انا وجوى فقد تم منحنا شقة، لم ازرها بعد، لكن جوى خلال زياراتها لي كانت تُحدثني عنها، كيف قامت بترتيبها، كيف اختارت اثاثها، وقد حضرت أشياء كثيرة لي ان تعافيت تماماً وخرجت سأجد شيئاً رائعاً.
يخبرني محمد انني اتعافى، لكنني احتاج وقت، يصعب محو عشرون عاماً من الألم خلال اشهر، وجوده مهم في حياتي، اجد نفسي معه اتحدث كثيراً، اثرثر لساعات، أقوم بأشياء لم افعلها سابقاً، حتى انني تعلمت الرسم، في البداية طلب من ان ارسم ليعرف ما اشعر به من خلال رسوماتي، لكنني بت في أوقات فراغي ارسم، عندما اشعر بشيء غريب ارسم، وجدت الرسم يداوي جروحي، وجدت في الألوان حياة، في الفرشاة طرق جديدة اسلكها.
ارتديت فستان زهري قد احضره لي محمد لهذا اليوم بالتحديد، لأن اليوم ستُلقي جوى أولى المحاضرات التي فيها ستمثل العراق، لتتحدث ايضاً بالسنة كل من مر بهذه التجربة.
نظرت للمرآة، كان الفستان يصل لركبتي، رقيق جداً، اكمامه قصيرة وفضفاض من الأسفل، مددت يدي لألامس شعري، سمعت صوت طرق الباب لتفتح فالتفت لأرى محمد، وقفت في مكانه: اوووه تبدين جميلة جداً.
اكتفيت انا بالابتسامة، فاقترب حتى اُصبح يقف خلفي، رأيته غبر المرآة الطويلة التي اقف امامها، سألني وهو ينظر الي عبر المرآة: أترغبين ان امشط لكِ شعركِ.
التفت الي لأقل باندفاع: اجل.
احضر لي كرسياً لأجلس عليه، قال وهو يهم بتسريح شعري: بالمناسبة اعرف كيف اجدل الشعر.
قلت: جدتي كانت تجدله لي.
- اذن سأقوم انا بذلك.
بدأ يجدل شعري، بينما انا انظر اليه مستغرق بعمله، أتساءل كيف لغرباء يمكنهم استيطان مساحة كبيرة فينا؟ نحن لم نخض شيئاً معاً، لم نعش طفولة برفقة بعض، لم نكبر معاً، لكن برغم ذلك أصبحوا اقرب من اخرين يحملون نفس جيناتنا ودمائنا.
انتهى هو فنهضت لأنظر لشعري بابتسامة واسعة: انها جميلة جداً.
- أرأيتِ انني لست بطبيب نفسي جيد فقط!
- هههه انت كذلك.
خرجنا من المصح لأرافقه في سيارته متجهين للمكان الذي منه سنتطلق جوى نحو الأفق، لأول مرة استمتعت بالنظر للناس، للخارج، ارغب ان اخوض هذا معهم، ان ادخل بداخل هذه اللوحة، رأيت الألوان، الأطفال، الحياة.
علقت وانا انظر عبر النافذة: ارغب ان أعود للحياة الطبيعية، كما يفعل هؤلاء الناس.
التفت الي ثم عاد لينظر امامه وهو يقود السيارة: ستعودين، جوى اخبرتني انكِ في طفولتكِ كنتِ تتمنين ان تعيشي في سكن طلابي معها، كما في الأفلام.
التفت اليه وانا اعلق مبتسمة: اجل، كنت اريد ان أعيش مثل (التوأمان) احد الرسوم المتحركة عن اختان تعيشان هكذا.
- وهذه الفرصة ستكون رائعة لكما، فقط ستكونين في شقة مع اختكِ لا سكن طلابي.
ارتخت اعصابي لكنني تذكرت شيئاً فسألته: ماذا عنك؟ ان تعافيت وخرج من.
صمت لأفكر، لكنه اجابني: بل ربما سترينني كثيراً. ربما بصفة طبيب نفسي يلتقي بحالة على شكل جلسات، ربما كصديق مع صديقة نخرج معاً نتسكع، وربما شيء اخر من يدري؟
قطبت حاجبي لأسأل: ماذا تعني.
ابتسم بخجل ليقل: دعِ كل شيء لوقته اتفقنا!
عدت برأسي للوراء وقلت: موافقة.


































جوى

وقفت في الكواليس، خلف المسرح بينما يد احدى المساعدات تعبث لتضع لي الميكروفون في قميصي، اخذت نفساً عميقاً، ضربات قلبي تتسارع وانا مقبلة على هذا الحشد الكبير من الناس الذي سيراني للمرة الاولى، فتيات سيجدن تشابه كبير بين حياتي وحياتهن، لأجل نجمة لأجلهن، ولأجلي انا ايضاً سأقف، سأبوح بكل شيء، سأسلك هذا الطريق علي أكون بصيص امل لغيري، لأضع أولى خطواتي لتحقيق النجاح لنفسي اولاً قبل الجميع.
قدمتني منسقة المحاضرة، سمعت صوت تصفيق الجمهور وترحيبهم بي، دارت عيني في المكان، مسرح كبير احمر، ناصية، جمهور يجلس بترتيب تترقبني ابصارهم، نجمة جالسة بجانب عبد الله ومحمد، صور لي ان جميع من كانوا يكرهونني يجلسون هناك، ومن تمنوا سقوطي ايضاً، من بينهم حتى ابي، وايضاً تخيلت جدي وجدتي يجلسان ليفخرا بي، صعدت السلم القصير لأنظم انفاسي، واسير متجهة لمنتصف المسح، لأقف في المكان الذي استحق الوقوف به، في المكان الذي مت واحيت مراراً حتى وصلت اليه.
ابتسمت لأعدائي ولأحبابي وبدأت:
مرحباً، اعتقد منذ قليل قد تم التعريف بي وباسمي، لذلك لن اخوض في هذا، انا هنا لأن يجب ان يصل صوتي، لفتاة تشبهني، لامرأة عانت، لمن فقد الامل وانطفأت روحه.
أكملت قائلة: انا فتاة لم يسعد احد بولادتي لأنني لم اكن ذكراً، ولأنني كنت الكبرى كان علي ان أكون قدوة لكنني لم اكن، اشرت لنفسي لأعلق: انا سيئة، لا انكر ذلك، بل متمردة في اعين الجميع، لم اكن فتاة عادية جُل ما تتمناه زوج وبيت، لم اكن اخجل من البوح بمشاعري، لم اطأطأ رأسي لأحد، كنت دوماً الرأي المعارض، لذلك بعضهم نبذوني، منهم والداي، كانا يضيقان على اختي لكي لا تصبح مثلي.
حتى انني عانيت في مجتمعي، لأن صوتي كان عالِ ارفض الرضوخ واصرخ، ومنهم طبعاً من كان يرى صوتي عورة، منهم حتى ابي يراني هاوية لسمعته وشرفه، برغم كل هذه المؤثرات وايضاً ما تعرضنا له في العراق الا انني لم اكن اشعر بالسوء.
سأعترف لكم بشيء، انا لم اعاني من بلدي، بل عانيت خارجه، بما انني ايضاً هنا، سأخبركم ان الصورة ليست سيئة جداً كما تروها من مكانكم، ربما عليكم تغيير الزاوية، وان كانت معتمة فهناك نجوم.
اشرت بيدي قائلة: وطني ليس افضل الأوطان، هذه حقيقة ربما ايضاً هناك دراسات تعلن عن مدى سوئه، لكن يبقى به شيء به لا يمكن لأبحاثهم تفسيره، وهي ان جميع من يسكنه يملكون صبراً، وايماناً غير طبيعي، يحتفلون، يتزوجون، ويرقصون، يبنون منازلاً جديدة، ينجبون أطفالاً، الحياة لم تقف به بل مستمرة، وهذا هو السر الغريب.
وجدت نفسي في فترة كانت اختي تتلقى العلاج لمرض غريب لم اسمع عنه قط ويسمى (متلازمة كوتار) وجدتني اسقط، وكأن تأثير تلك الأرض علي قد نفذ مني، او لأنني بعيدة عنها، تشتت، واستسلمت، لأنني في النهاية بشر، لي طاقة.
ابتسمت: تركت الامي تُشفى لأعود كطير العنقاء، ولدت من الرماد، بعد ان احترقت مراراً، بدأت من جديد. لكن هذا لا يعني انني سأكمل حياتي برفاهية، بنهاية سعيدة ابدية، لا يوجد شيء كذلك، بل سأحزن مراراً وان كنت في ارض تنعم بالسلام، سأعاني بسبب الناس، لأن الناس تكثر عيوبها في كل مكان وجميع المجتمعات.
وجهت كلامي للجميع قائلة: صدقوني السعادة ليست مرتبطة بمكان، ولا بالأشخاص، بل ترتبط بنا، أينما نكون، بالتفاصيل الصغيرة، بفهمنا الصحيح للحياة.
اكدت قائلة: وكلي يقين، بالرغم من مرض مدينتي، الا ان هناك أناس يجدون السعادة في رشفة شاي اثناء جلوسهم في منزلهم البسيط قرب المدفئة، او سيرهم على ضفاف دجلة، يدهم تحتضن يد من يحبون.
اضفت قائلة: وهناك أناس هنا، في مطعم راقِ جداً واجهته البسفور الا انهم غير سعداء، بائسين.
ابتسمت لأضيف كلامي: السعادة بالنسبة لي، بقرب حبيب بقي كما هو رغم ما مررنا به، وسعادتي الأكبر هو ان أرى اليوم (اختي) ومجرتي تتعافى امامي وتبتسم بعينيها هاتان.
صمت قليلاً لأخذ نفساً عميقاً ثم اعود للحديث موجهة كلامي للجميع: قد تجدون فيما تعرضت له الكثير من الالام وتتساءلون كيف لها ان تتحدث عن السعادة وهي كذلك؟
أكملت: وانا أيضا تساءلت طوال حياتي لم انا الوحيدة التي اقاسي؟ لم اعاني بهذه الطريقة، بل ازدادت اسئلتي بعد حادثة الغرق، لم انا تحديداً من غرق افراد عائلتها امام عينها؟ لماذا لم أمت؟
شعرت بالدموع تتجمع في عيني لأجيب: اليوم فقط عرفت الإجابة، وهي لأصبح بهذه الشجاعة، لأقف هنا، لأكون بصيص النور لأحدهم، العظماء لم يدولوا كذلك، كانوا يوماً اشخاص بائسين، مروا باختبارات شكلت منهم.
ألقيت نظرة لنجمة كأنني اذكرها: جدي دوماً كان يقول، ان الحديد يتعرض لحرارة عالية جداً لتشكله، كان سيكون مجرد قطعة لا نفع لها لولا ان تم صهره وطرقه مئات المرات الى ان اُصبح له قيمة.
انهيت خطبتي: شكراً لكم، فخورة بوقوفي هنا، فخورة لأن جوى نضجت كثيراً، فخورة بأختي التي تقاوم مرضها وستعود للحياة من جديد، شكراً.
اتسعت ابتسامتي فتجمعت الدموع في عيني، جريت وانا اسمع صوت تصفيق الجمهور لي لأتجه لنجمة واحتضنها بقوة، شدت علي اكثر.
ابتعدت عنها وانا أرى وجهها مضيئ فأمسكت بيداي وجهها الجميل قائلة: انتِ لستِ نجمة، انتِ مجرتي.


تمت بحمد الله
النهاية


٢- فبراير – ٢٠١٨
مع خالص حبي
فرح صبري





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 28-12-19, 08:45 PM   #33

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-01-20, 12:06 AM   #34

Rima08

? العضوٌ??? » 410063
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,391
?  نُقآطِيْ » Rima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond repute
افتراضي

عزيزتي فرح روايتك من الروعة والواقعية م مؤلمه حد الموت وجميله قدر الحياه

Rima08 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-04-20, 11:30 PM   #35

سيلينا(إم السوس)
 
الصورة الرمزية سيلينا(إم السوس)

? العضوٌ??? » 470745
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 2
?  نُقآطِيْ » سيلينا(إم السوس) is on a distinguished road
افتراضي

شكراً لكم على هذه الرواية الجميلة 💕🌛

سيلينا(إم السوس) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-20, 09:15 AM   #36

Purple-Flower

? العضوٌ??? » 325908
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 61
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » Purple-Flower is on a distinguished road
افتراضي

رواية جميلة
شكرا لك


Purple-Flower غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-20, 08:04 PM   #37

lolo*

? العضوٌ??? » 353543
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 406
?  نُقآطِيْ » lolo* is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

lolo* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-20, 06:39 PM   #38

jouliet

? العضوٌ??? » 463362
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 258
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » jouliet is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
افتراضي

رائعة جدااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااا

jouliet غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.