آخر 10 مشاركات
مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          دجى الهوى (61) -ج1 من سلسلة دجى الهوى- للرائعة: Marah samį [مميزة] *كاملة* (الكاتـب : Märäĥ sämį - )           »          قلبُكَ وطني (1) سلسلة قلوب مغتربة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          مع كل فجر جديد"(58) للكاتبة الآخاذة :blue me كـــــاملة*مميزة (الكاتـب : حنان - )           »          255- ثقي بي يا حبيبتي- آن هولمان -عبير الجديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          493 - وعد - جيسيكا هارت ... (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )           »          506 - والتقينا من جديد - كارول مورتيمر - ق.ع.د.ن (الكاتـب : * فوفو * - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          442 - وضاعت الكلمات - آن ميثر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-09-19, 12:48 AM   #1

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 انت مجرتي ،للكاتبه / فرح صبري " فصحى " ( مكتملة)






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

(( انت مجرتي ))

للكاتبه / فرح صبري



قراءة ممتعة للجميع ...



التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 15-09-19 الساعة 09:35 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 12:52 AM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية هنــــــــــــــــا






انتِ مجرتي


فرح صبري


اهداء لعائلتي الصغيرة

لمجرتي (امي) دوماً وابداً، لعائلتي وصديقاتي.



***************

اهداء لعائلتي الكبيرة

مع كل خطوة اخطوها تجاه نجاحي، اجدكم ترافقونني، شكراً لوجودكم في حياتي.



صديقي القارئ عدني أنك ستحتفظ بالسر، لا تحدث به احداً.

(الخوف لا يمنع من الموت، ولكنه يمنع من الحياة)

نجيب محفوظ





التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 13-12-19 الساعة 06:08 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-09-19, 12:54 AM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول



على متن قارب مطاطي، يسبح في بحر ايجه، فارق البر منذ ساعات ليهرب بمن على سحطه لبر اخر يحتضنهم. على متن هذا القارب كنت انا. بآلامي، بذكرياتي، واوجاع جسدي. الوجع الذي لم يغادرني وكأن هناك مطرقة كبيرة تضرب جدران رأسي من الداخل، صداع يمسك بي بقوة يلازمني منذ فترة طويلة يأبى تركي، عيناي ذابلتان وجسدي مرتخي بأكمله، يضرب أسفل عامودي الفقري بقوة، اشعر بتشنجات أحيانا لكنه ينسحب ليترك عضلاتي ترتخي كلها حتى أفقد السيطرة عليها، حرك الهواء البارد شعري ليلثم وجهي بتجاهل تركته. شعرت بأخي الصغير يحتضن ذراعي أكثر باحثاً عن الدفء بقربي، لكن هيهات فلا وجود له بداخلي ولا في محيطي، أصوات بكاء الأطفال الصغار الذين تحملهم امهاتهم يتعالى شيئا فشيء، مع كل هبة ريح عاتية، مع كل موجة قوية. قارب في عرض البحر يحمل ثلاثون فرداً جميعهم اتفقوا على الهروب من الوطن، قارب بدائي الجميع مدرك اننا قد نغرق بسببه ولكنه الامل او ربما الايمان الذي سمح لهذا العدد بالوثوق به. نظرت ببرود لجدتي أمامي تمسك بيدها مسبحها وتسبح وبجانبها امي تبكي وتقرأ القران في سرها بينما تتحرك شفتاها بلا صوت، بضيق دسست يدي تحت زاوية ابطي، نظرت لأخي الصغير عندما سألني وهو ينظر لكل شيء بدهشة: هل سنموت؟
طفل يبلغ التاسعة من عمره يتساءل ان كانت حياته ستنتهي على مبنى قارب! أيمكن للحياة ان تكون أبشع من ذلك؟ سؤاله الموجع أعاد الي ذكريات شوهت طفولتي. بقي يحدق بي ينتظر إجابة بينما انا اراقب عيناه اللتان تلمعان برعب، لا ملامح لي ولا يمكنني ان اشعر بشيء، انا لست خائفة مثله ولا حزينة، انا تائهة.
- لا، لن نموت بل سنصل وسنعيش كما يجب ان نعيش.
التفت انا وهو لننظر لأختي التي بادرت بالإجابة، كانت تبتسم وكأنها في عالم غير هذا الواقع الحقير الذي نحن به الان! لم استغرب فهذا هو حالها المعتاد. مسحت على شعر اخي القصير لتقترب وتطبع قبلة على وجنته، ثم رفعت رأسها لتنظر الي بابتسامة دافئة، كانت هذه اخر مرة اشاهدها تبتسم بها او اشاهد ابتسامة على الاطلاق.
كانت الامواج تتلاعب بالقارب بقسوة، ترميه من موجة لأخرى لنتهاوى نحن ونمسك بقوة خوفاً من السقوط من على سحطه. أمواج تتوالى الواحدة تلو الأخرى وتهيئ لاقترابنا من نهايتنا، تضع بطريقتها خاتمة هذه الحكاية. كنت اُغمض عيناي لأمنعها من رؤية بشاعة ما نتعرض له، اثناء طيراننا على الامواج. الصراخ يزداد والبكاء يلعو بينما صوت انفاسي يطغي على الأصوات جميعها. اصطكت اسناني بحدة فوق بعضها عندما شعرت بشيء قوي يضرب القارب صوته كان عال شيء جعل يدي تفلت وتتحرك، لاُجرب الطيران للمرة الاولى، لتصبح هذه اول مرة أتحدى الجاذبية للحظات. أجزاء من الثانية انتهيت فيها من التحليق لأسقط سقوطا حرا بداخل شيء بارد، ها هي المياه التي لطالما خفت من السباحة فيها، سقطت اليوم بها شعرت انني على وشك ان ادفن داخلها، حركت يداي بحركة لا ارادية يمنيا ويساراً حتى رفعت جسدي للأعلى لأسمح لرأسي بالخروج منه لألتقط انفاسي، بدأت اسعل بقوة وانا اخذ كم كبير من الهواء، انتفخ صدري كله وهو يسحب الهواء لداخله، كنت أستطيع ان أرى الجميع وهم يصرخون ويحاولون النجاة، رأيت امي كانت بعيدة بعض الشيء تحاول ان تنجو وتصرخ تنادي علينا، حركت يداي لكن جسدي ابى ان يستجيب. ارتخى كله، حاولت الصراخ لأستنجد أحدهم، لكن لساني عجز، عقلي توقف عن العمل! يحاول ان لا يستوعب ما يحدث امامه، لا انه كابوس فقط! هذه ليست نهايتنا.
لحظة واحدة في الحياة سنرجو فيها انها ليست حقيقة، وأنه مجرد كابوس، نتمنى ان تكون حلم مزعج نستيقظ منه لنجد اننا ما زلنا نمارس حياتنا كما هي، لكن جميع تمنياتنا لن تحقق.
موجة قوية ضربتني لتصدر صوتا ترك صدى قوي على اذناي. صوت عالِ صدر ودفعة قوية قذفتني لداخل المياه من جديد لأسقط في الأعماق ويداي ترتخيان للأعلى. لأول واخر مرة اُجرب النظر تحت الماء.
هذه نهايتي وهنا انتهت قصتي
بل انتهت قصة ثلاثون شخصا كانوا في طريقهم لأرض قيل ان فيها سلام
قد نذكر في نشرة اخبار المساء، كمجرد رقم، عدد لا أكثر، لن يذكر أحدهم اسماؤنا، او حكايتنا، كيف ولدنا وعشنا
ستشرق الشمس، يذهب الطلاب لمدارسهم، وتتزوج احداهن ويذهب الرجال لعملهم. وسنُنسى! لأننا عشنا منسيون، ومتنا منسيون.
نحن قوم عشنا على ارض من المفترض ان اسمها دار السلام.
غنينا للسلام
قلنا عنه الشعر والقصائد
كان اسمه له الحصة الكبيرة من دعاؤنا
تحيتنا سلام
لكننا لم نره يوماً، سمعنا به كأسطورة
الا اننا لم نشعر به
مات بعضنا وهو ينتظره
ومات اخرون بسبب غيابه
سافر الكثيرون بحثا عنه
وهاجرنا نحن في البحر طالبين لقائه
حتى متنا ونحن لم نقابله بعد
سلام على سلام تركنا منذ زمن
سلام على من تمنى السلام
سلام على أرواح عانت بسببه
لا سلام لنا






ظلام طويل لا اعلم كم دام، لكنني الان اشعر بأن هناك نوراً، أصوات مختلفة رغم ذلك أعجز عن تمييزها، فتحت عيني ببطء لأرى سماء زرقاء صافية، حركت رأسي جانبا لأرى عشبا اخضر هو الذي اضع رأسي عليه، بخفة وجدت نفسي انهض، وقفت انظر لنفسي مرتدية فستان ابيض يصل لركبتي، قدماي عاريتان تلامس العشب لكنني في الواقع لا اشعر به، لا وجود لصداعي المزمن او آلام ظهري، لا اشعر بأي شيء. نظرت لما يحيط بي، مساحة كبيرة من الشعب الأخضر ومبنى يشبه الكوخ الذي كنت اراه في التلفاز في طفولتي، كبير جدا لونه بني، به شرفات واسعة. رأيت بعض الناس يجلسون فيها واخرون يتجولون في الانحاء، لكن الجميع لا يراني! ولا انا! لا يمكنني تمييز ملامحهم، اراهم وكأنهم متشابهين لا يحملون ملامح ولا اختلافات، عبارة عن هيئات شيء اشبه بالخيالات. حملني جسدي الخفيف لأسير بينهم، لأسير وانا نكرة انظر لكل شيء بدهشة. ما هذا المكان! ولم انا به! إقتربت من هذا المنزل الكبير لأدخل بخفة هل كانت بواباته مفتوحة ام انني مررت من عبرها؟ توقفت لألتفت وانظر للباب الخشبي الكبير كان مغلقا! تلفت حولي لأجد شيء اشبه بالردهة لكن المكان بسيط جداً طاولة خشبية عالية يقف خلفها رجل هيئته بيضاء، يرحب بالوافدين وكأنه موظف استقبال، نوافذ كبيرة خشبية تسمح بمرور اشعة الشمس للنفاذ للداخل، ارض خشبية تعزف النساء عليها صوتا مميزا بخطواتهن بتلك الكعوب العالية، سرت وانا اراقب المكان لتأخذني خطواتي لسلم خشبي يتوسطه سجاد احمر. لا اعلم أي سرعة او خفة تلك التي جعلتني اصعد بها للطابق الثاني، وجدتني وسط ممر طويل به سجاد احمر في المنتصف، على الجانبي غرف منتشرة علق على أبوابها ارقام. سرت في الممر حتى توقفت امام باب مفتوح، دخلت لداخل الغرفة، كانت غرفة متوسطة الحجم بها نافذة واحدة وستارة بيضاء شفافة تتطاير استجابة للهواء المنبعث من النافذة، سرير خشبي بسيط فردي. التفت لأري جانبا كان هناك أحدهم، رجلا ًيجلس امام مكتب يوليني ظهره، مكتب وجهته على الجدار وبجانبه مدفئة كبيرة علق اعلاها لوحة غير مفهومة، باب صغير أخر بجانب المكتب الصغير وغرفة يغلفها ورق جدار ذهبي مزخرف باهت، بينما كانت عيناي تدوران في الارجاء أفزعني صوت: من انتِ؟
رأيت الرجل يقف امام المكتب لكنني أستطيع ان اميز ملامحه! كان شاباً ربما في أواخر العشرين، ابيض وشعره اسود مموجه، لديه شعر ذقن مرتب، يرتدي نظارة ذات إطار اسود عريض، طويل بعض الشيء. نظرت له وانا مصدومة، هل يتحدث معي! أيمكنه رؤيتي حتى؟ كرر سؤاله وهو يعقد حاجبيه بتوتر: من انتِ، كيف دخلتِ الى هنا؟
مددت يدي مشيرة ببلاهة تجاه الباب نظرت للباب كان مغلقا! اقترب وهو ينظر لي بغضب ليقول بفضاضة: اخرجي من هنا.
مد يده ليمسك بيدي ويجرني للخارج لكن تعلقت يده في الهواء، رفعت نظري له ثم عاودت النظر ليده ويدي! انا لا اشعر بشيء وهو قد لمس الهواء! ابتعد خطوة للخلف برعب كان فاهه مفتوحا من الصدمة، بقي ثوان ينظر الي يحاول ان يستوعب ما يحدث حتى انطلق بسرعة تجاه الباب فتحه بقوة ليصرخ لأحدهم، بقيت انا انظر أحاول تفسير ما يحدث. لقد مت لكن لم انا هنا؟ اليس من المفترض ان أكون في مكان اخر، لم تحديدا هو يراني؟ عاد ليدخل الغرفة وهو يصرخ وخلفه رجل بدا من هيئته انه أحد عاملي الفندق لكنني لم اميز ملامحه. توقف امامي وصرخ قائلا: كيف دخلت هذه الانسة الصغيرة الى غرفتي؟
لم أستطع رؤية ملامح الرجل لكنه بدا كأنه ينظر الي، أعاد النظر له قائلا: أي انسة؟
أشار الشاب تجاهي وهو يؤكد: هذه، امامك.
اجابه العامل: لا أرى أحد في هذا المكان سوانا.
اتسعت عينا الشاب وهو ينظر الي، نظر للأسفل ليغمض عينيه، اخذ نفسا عميقا ثم طلب من العامل الانصراف. رحل العامل بعد ان اغلق الباب خلفه، سار وهو مازال يتجاهلني تجاه مكتبه والتقط هاتفه من عليه ليعلق بينه وبين نفسه: هي ليست موجودة انت متعب فقط ستتأكد الان.
رفع هاتفه كأنه يهم بالتقاط صورة لي، صدر صوت التقاط صورة من هاتفه، نظر لهاتفه وهو يبتسم كأنه على وشك الانتصار لكن تغيرت ملامحه ليصدم بشيء شاهده، ليسقط من يده الهاتف. سرت مقتربة منه فانحنيت لأرى الهاتف الذي سقط على الأرض، نظرت للصورة كانت فارغة! نفس المكان الذي كنت أقف به لكنني غير موجودة! انا فعلا ميتة؟ بقيت مدهوشة لم انا هنا، اليس من المفترض ان أحظى بحياة برزخ؟ ان احاسب على حياتي!
دخل هو للحمام وتوقف امام الحوض فتح صنبور المياه وبدأ يغسل وجهه بقوة، غسل رأسه بأكمله. خرج من الحمام وهو ينظر الي بغضب والمياه تتساقط من على شعره الى وجهه، كانت عيناه بنيتان له رموش كثيفة، بقيت اُحدق بوجهه وانا في حيرة لم يمكنني رؤية ملامحه! اُغمض عينيه بقوة وضرب بكفه وجهه ليوليني ظهره قائلا بصوت مرتفع: لا انا اهلوس، انا بخير، هي ليست موجودة.
سار ليجلس على الكرسي الذي يقابل مكتبه ابتسم ليقل: انه ضغط فقط، كل شيء على ما يرام.
اقتربت منه وانا حائرة الشخص الوحيد الذي يراني ويمكنه مساعدتي قد جن! ببرود علقت: انا أيضا لا أستطيع فهم ما يحدث.
وضع يداه على اذناه واُغمض عينيه، نهض من مكانه بسرعة ودفع الكرسي بقوة ليسقط ارضا اغمضت عيني تبا أكره الاصطدامات، رفع نبرة صوته ليسألني: هيييي ما لذي تريدينه مني، توقفي عن هذا.
- ليتني أستطيع.
ساد الصمت في المكان الا أنفاسه السريعة، اقترب مني وهو متردد مد يده ليلمس كتفي ولكن أيضا علقت يده في الهواء، وانا لم اشعر بشيء، زم شفتيه واخذ نفسا عميقا ليكلم نفسه: لقد جننت، انا اتوهم.
قلت له: سبق وان اخبرتك أنك لست كذلك، انا أيضا، بقيت صامتة لثواني حتى أكملت: أستطيع، رؤيتك.
رفع أحد حاجبيه وسأل بدهشة: أأنتِ شبح؟ ام جن؟ ملاك؟
رفعت كتفي لأجيب: انا، اعتقد، انني، ميتة.
ابتسم بسخرية وهو لم يقتنع بعد بما قلته، دار حول نفسه وهو يتحدث بصوت مسموع: لا، لا يمكن لهذا ان يحدث، ماذا هل ستصدق ان هذه روح فتاة! هييي هل جننت، بل هل ستصدق ان لهذه الأشياء وجود!
بقيت اراقبه وانا صامتة، المثير للسخرية انني حتى عندما اموت لا أجد لنفسي مكان في عالم الأموات، صمت هو لدقائق وانا فعلت المثل. أكثر شيء اجدته عندما كنت على قيد الحياة هو الصمت. اقترب مني وقال وقد لمعت بداخل رأسه فكرة واقتدت عيناه حماسا ليقل: هذا رائع، ان كنت سأصبح مجنون برؤيتي لكِ فمرحبا بهذا الجنون.
نظرت له ببلاهة ليكمل هو: سأكتب قصتكِ، اشار بيداه وحاول اقناع نفسه، وان كنتِ وهم او هلوسات اصابتني فعلي الاستفادة منها، عاود النظر الي مستطردً اووه مثلا لم اعرفكً بنفسي.
اعتدل بوقفته ليسترسل بحماس: انا الكاتب محمد القيسي، بالطبع سمعتي عني.
حركت رأسي نافية، رفع حاجباه وقال بفخر: يبدو انكِ لا تقرئين فلو كنتِ كذلك كنتِ قد عرفتني فورا.
اشرت بإيجاب، اعتقد انني اكتشفت انني عشت ومت ولم اقرأ كتابا! قال مقترحا: لدي عرض لكِ.
أيضا لم اُبدي أي رد فعل فأكمل هو بحماس: سألتني ما هو وسأجيبكِ، العرض هو ان تحكي لي قصتكِ وسأساعدكِ في أي شيء تريدينه.
قلت في حيرة: انا ارغب، فقط بمعرفة لم انا هنا، أعني لم روحي هنا اليس من المفترض ان أكون في عالم الأموات؟
سألني بدهشة: انتِ لم تظهري هنا بإرادتكِ؟
حركت رأسي نافية، سألته: اين نحن؟
اجابني باستغراب: في إسطنبول، أعني في ضواحيها، أحد المنتجعات الهادئة.
علقت قائلة بشرود: لكنني غرقت في بودروم، أعني كنا هناك.
- سأحاول ان ابحث عن حادثة غرق كهذه مسح وجهه بكفه وهو يزفر، اقترب خطوة مني أكثر وهو يلوح في الهواء قائلا: لذلك انتِ تحتاجين مساعدتي، وانا احتاجكِ.
- من اجل؟
- كتابة قصتكِ.
قلت ببرود: لا أحد يرغب بسماع قصتي، صدقني هي ليست مشوقة.
قال مصراً: انا متشوق، احكي لي.
سار مسرعا تجاه مكتبه والتقط ورقة وقلم سحب الكرسي الخشبي وأشار الي، نظرت له أي انه لا يمكنني، فهم هو مقصدي فجلس هو وسألني بحماس: مهلا في البداية أخبريني ما اسمكِ؟
لم اجبه، بقيت صامتة، هل علي ان اخبره بإسمي الحقيقي، ذاك الاسم الذي كانوا يدعونني به الجميع عندما كنت حية! قبل ان انطق سألني قائلا: جوى!
!!
أشار بيده علي ليقول: هناك سلسلة تتعلق برقبتكِ عليها اسم جوى، هل كنت تضعينها قبل ان تتوفي؟
اجبت وانا اطرق برأسي. قال بابتهاج: ما رأيك ان اُطلق عليكِ اسماً اخر غير اسمكِ الحقيقي؟
اجبته ببرود: موافقة.
فرك ذقنه وهو يفكر بينما تدور عيناي في المكان، لقد مات الجميع جدتي، امي، ابي، اخي، اختي والجميع لكن لماذا علقت روحي هنا بمفردي! هل ستلازمني الوحدة حتى بعد موتي! قطع تفكيري صوته وهو يقول وبدا كأنه وجد اسما يناسبني: روح، سأسميك روح.
رفع كتفيه ليُكمل: لا اعتقد انكِ ستجدين اسما يناسبكِ أكثر منه.




جوى


٨ ابريل ٢٠١٥

يقولون ان لكل شخص يحمل نصيبا من اسمه، وانا حقا تنطبق هذه المقولة علي، انا المولود الاول الذي وضعته امي، كنت سأقول انني الفرحة الاولى ولكنني لست كذلك، لقد كنت عبارة عن خيبة امل للجميع، نعم منذ ولادتي وانا افعل عكس توقعاتهم. ارادت جدتي (ام ابي) وابي مولودا ذكر. وشاء الله ان يخلقني من رحم امي التي كانت تدعوه ان يكون ذكرا خوفا من كلام (الناس)، حتى عندما ولدت امي القابلة عبست في وجهها حتى ظنت ان الطفل قد فارق الحياة ولكن الحروف تسربت من بين شفتاها العابستان لتقول: انها فتاة.
جدتي والدة ابي حمدت الله ان امي قد انجبتني في المنزل والا ما كان يلزم ان اولد في مشفى وفي النهاية سيكون المولود فتاة!
تهرب ابي من تسميتي كما ارادت امي ان تسميني على اسم والدة ابي (سعدية) لكن والد امي (جدي نعيم) حبيبي الاول بدلا من ابي، هو من سماني جوى لحسن الحظ انه فعل كذلك والا كنت سأكون سعدية.
وشاء القدر أيضا بعد سنتان ان تلد امي فتاة وتولى أيضا جدي نعيم تسميتها سماها (نجمة) اسمها كان رائعاً، حينها قد حرضت جدتي والدي على الزواج بأخرى لأن امي لم تنجب سوى فتيات، لكن كالعادة تصدى له جدي نعمان واقتلع تلك الفكرة الفاسدة من عقله، جدي نعمان كان مؤمن ان الفتيات ما هن الا أبواب جنة يرزق الله لمن يحبه من الإباء وكلما كثرت بناته كثرت أبواب جنته، وتؤمن جدتي سعدية اننا لسنا الا عار وعبئ لن ينفذ ابي منه الا بزواجنا او موتنا. شتان ما بين الاثنين!
منذ طفولتي وانا كنت متمردة، لم أكن عادية لا اشبه الفتيات العاديات، لم تكن تجذبني العرائس الألعاب ولا العاب المطابخ على عكس السيارات والعاب الصبيان، لطالما فضلت اللعب في الشارع، اللعب على الدراجات الهوائية بالطبع كنت اتلقى عقابا قاسياً بسبب أفعالي هذه لكنني بعد كل ضربة كنت اعود اقوى بإرادة أكبر، الضرب لم يكن يعلمني سوى العصيان أكثر لا الخضوع، يضربون الأطفال ليتعلمون واضرب انا لأتمرد عليهم أكثر. وها انا اليوم في نظر الجميع متمردة.
ولأنني كذلك فلم يكن سيليق بي سوى رجل مثله هو، ليس كمثله رجل ولا بعد سيأتي رجل مثله، هو ذاك الشخص الذي عندما تلتقيه تلعن كل تلك الايام والسنوات التي ضاعت وهو لم يكن فيها، هو الرجل الذي تهبه عمراً بأكمله.
كلانا كوكبان معتمان في فضاء واسع، كوكبان باردان بعيدان عن ضجة المجرات، لنا عالمنا الخاص بعيدا عن الواقع بلا منطق ولا قوانين، معه اتحرر من أي قيود واُصبح طيراً حراً. عشقه هو العشق الذي يستحق ان تنتظره طويلاً، كالمطر بعد فصل الصيف. معه أكون طفلة لا اخت كبيرة عليها تحمل المسؤولية، معه أكون انثى مثيرة، حبيبة مجنونة، صديقة وفية، معه أكون جوى حقاً.
كنت قد غفوت في احدى المرات التي أزوره فيها على السرير، منزله يشبهه جداً، كل شيء يطل على الاخر لا وجود للجدران، سرير واسع اسود جانبا امامه شاشة تلفاز كبيرة، مطبخ في الجهة الأخرى صغير، بار، ومكتبه الذي يعج بالفوضى.
استيقظت وشعري مبعثر ابتسمت بنعاس وانا انظر اليه يجلس امام مكتبه ويضع تلك السماعات الكبيرة الدائرية على اذناه، ولكن صوت الروك الصاخب قد استطاع ان يضع بصمته على الارجاء لأستمع اليه، نهضت وانا مرتدية قميصه الواسع الذي وصل لأعلي ركبتي، سرت تجاهه حتى احتضنته من خلف الكرسي ازلت السماعات وطبعت قبلة على وجنته فرك بيده الكبيرة شعري المموج البني ليبتسم قائلا: دعيني اريكِ شيئاً.
سألته بفضول: ماذا؟
جرني ليجلسني على أحد فخذيه ويشير الى حاسوبه المحمول، للصور الظاهرة عليه، قال وهو يريني اياها: ما رأيكِ؟
كانت صوري وانا نائمة، صورة وانا احتضن الوسادة وشعري يغطي وجهي، صورة أخرى بزاوية منخفضة قد صورت من قدماي حيث تظهران بوضوح ويظهر بقية جسدي مشوش، صورة وانا اقبض يدي كطفلة. أغلق الصور وقال: هذا يكفي.
مددت يدي أحاول فتح الملف الذي به الصور فأمسك بيدي ليعضها عضة خفيفة صرخت: اااه، هييي انت متوحش.
ابتسم ليقول: طعمكِ كالسكر.
ابتسمت وانا اقبل وجنته قائلة: وانت طعمك كالملح بالنسبة لي، كل شيء سيبدو بدونك بلا طعم.
علق ساخرا: أتقولين ذلك لأنك تحبين الملح كذلك.
سألته بالمقابل: لم قلت كالسكر وانت لا تضع سكر في قهوتك او شايك حتى.
ابتسم ليقول وهو يحاول النهوض: طمعه رائع لكنني اعلم جيداً انه مضر، بالرغم من انني اشتهي وضعه في كل شيء لكنني أحاول قدر الإمكان عدم الاقتراب منه، وهكذا انتِ ارغب بكِ بقوة لكنني لا يجب ان اقترب منكِ أكثر من ذلك.
بالمناسبة هو عكسي تماماً يهتم بطعامه، يحرض على تناول ما يفيده، عدا المشروب انه شيء استثنائي لديه، الا انه يتبع جميع المظاهر الصحية في الطعام والحياة.
نهض فاحتضنته من الخلف لأضع جبهتي على ظهره وابتسم وامرر يدي على صدره ذاك الكنز القوي الذي يخبئ قلبه الذي لي به مكان أكثر منه هو.
ان تشعر المرأة بأن لديها رجل، لا ذكر في حياتها، رجل تستند عليه عندما تنحني، رجل تضع رأسها على كتفه ليتساقط منها همها، وبلمسة منه تتأجج وصالها ومشاعرها، رجل يجعلها ملكة تشاركه في حكمه، رجل يصنع لها عالماً لا يضع عوالم بينهما، كل ما تريده المرأة هو رجل، لا ذكور بوعود مراهقين، بأحلام كاذبة.




روح


٢٠ مارس ٢٠٠٣

لأنك عراقي فالطبع لا يمكنك نسيان هذا التاريخ المعتم وذاك اليوم الأسود، لا اعلم ان كان يجب على ان أقول على الايام او الساعات انها سوداء فلطالما نهتني جدتي امل أفضل جدة في العالم على نقيض جدتي سعدية، منعتني عن تلقيب الايام بذلك وان جميع الايام هي لله وكل شيء قدره وقضاه هو خير، أي خير يا جدتي هو الذي ناله العراق بعد ذلك؟ أي خير شهدناه في الحرب؟ حرب اندلعت بيننا وبين دولة اسمها أمريكا لم أكن اعلم بشيء أكثر من هذا، لا اذكر جيداً ولكنني حينها كنت طفلة وصدقني ان الأطفال العراقيين قد ينسون كل الا ذكريات الحرب كيف لا وهل يرى الأطفال العاديون أشياء كهذه كل يوم؟ اعتقد انه بدأ الفجر، لأستمع للمرة الاولى لأبشع صوت يدخل اذني، واعتقد ان الجميع يتفق معي ان صوت (الغارة) هو الابشع، بل مرعبة هي كأنما تنذرنا ان النهاية اقتربت، بأننا على وشك الموت. بدت الأصوات مرتفعة جدا ومخيفة للغاية، كل شيء يهتز من حولنا، امي وجدتي امل تقرأن القران، اختي صامتة تبكي بصمت حينها اخي لم يكن قد ولد بعد، بينما ابي منزوي بمفرده، بكائي لم يكن عاديا بل كنت ارتعش، ابكي وانظر لمن حولي عل أحدهم يطمئنني، يخبرني اننا بخير وأننا لن نموت! هل شاهدتهم هذا المشهد من قبل؟ من طفل سألني نفس السؤال؟ انه اخي.
كانت امي تضع الكثير من القطن على اذني وكأنها ستمنع وصول الصوت لطبلتي. ذات مرة قد هدأت الأصوات فزاغت عينا اختي نحو التلفاز الذي كان يعرض أفلام تخص الحرب أيضا، تركت القران يستقر على جحرها، وفجأة عادت أصوات المدافع من جديد لتفزع اختي وتبدأ بتقليب صفحات القران وهي تحاول ان تتذكر ماذا كانت تقرأ من قبل. على ذكر الأفلام التي تخص الحرب أتذكر فيلمين وهما (الأرض) و (ما زالت الرصاصة في جيبي)، بالمناسبة بعد ان كبرت كلما كانوا يذيعون على القنوات المصرية أحدها كنت اتجنب مشاهدتها، الأفلام أيضا ترياق تحيي الذكريات داخلنا. اختي كانت تحب مشاهدتها في تلك الفترة، تلهيها عنما يحدث في الخارج. مدينتنا التي لم أتمكن من رؤية ازدهارها واكتشاف ينابيع جمالها كانت تصرخ مستنجدة، كانت تُضرب، تحاول الصمود.
مضى أسبوع على بدأ الحرب ولكنها كانت تزداد سوءً حتى قررنا ان نترك منزلنا في بغداد والذهاب الى أحد المحافظات الهادئة قليلاً، ذهبنا الى (ديالى) استأجرنا منزلا قديماً جدا. قبل الولوج اليه هناك ردهة لمحلات مغلقة وفي الداخل باب صغيرة تؤدي للمنزل حيث به باحة كبيرة، جميع افراد عائلة امي وابي اجتمع فيه، بحيث قسمنا المنزل علينا بل ضاق أكثر مما نظن. هناك الوضع اختلف لأننا كثيرون هذا يملك موضوعا للتحدث عنه وهذه تخبرنا بقصص حتى كدنا ان ننسى الحرب، ولكن الحرب لم تنسنا، وعاد القصف يقترب منا فخرجنا في تلك الليالي التي كان يشتد بها فنبيت في ردهة المحلات بعد ان نغلقها من الخارج، الجميع كان ينام على فراش نفرشه على الأرض. كانت جدتي امل تحاول ان تنسينا قلقنا واصوات القنابل، حكت لنا حكايات عن سندباد وبغداد التي لم نرها مزدهرة، وعلي بابا والاربعون حرامي على الأقل في ذاك التاريخ كانوا أربعين فقط، اعتقد انهم ازدادوا الان وأصبح اعدادهم بالآلاف، الغريب انني لا املك أي ذكرى عن بلادي قبل الحرب، صماء كانت قبل ذاك التاريخ وبدأت بتدوين الذكريات العصيبة من بعدها. قد ننسى كل شيء الا لحظات شعرنا بها ان هذه نهايتنا، ننسى العسل ولا يبقى لنا سوى المر لنتذكره.
جدي نعيم هو أكثر شخص كان في هذا الكون الذي اجده معه راحتي وفي كلامه متعتي، من خلال ذكرياته كنت أرى بلادي في ازمان مختلفة، عن زمن كنا فيه في المكان الاول حيث ننتمي، في زمن كنا وجهة للسلام لا للحرب، ولم يكن يذكر فيها اسم مدينتنا الا في تلك الاخبار التي تبث التقدم والحضارة، في الواقع جميع من في بلدي يعيشون على كلمة (كنا) هي من تصبرهم وتقويهم، الماضي الجميل هو الذي يبقيهم، في حين ان الجميع ينادي المجد للمستقبل ونحن ننادي المجد للماضي الذي لم نخضه من الأساس بل سمعنا عنه.
كانت من ضمن المتع ايضاً هو وجود دكان، يبيع أكياس رقائق البطاطا التي طبع عليها صور للاعبي كرة القدم، لم أكن افهمها ولم أكن مهتمة في فريق معين، الا انني كنت اشتريهم واقص الصور واجمعهم، كنا نتفاخر بأعداد الصور التي نملكها.
جدتي امل كانت تحضر لنا ايضاً (نستلة) هي تسميها كذلك، اختراع منزلي رائع يغنينا كان عن جميع الحلويات التي كنا نطالب بها، طبقة من البسكوت تصطف في قعر صحن مقعر ليغطيها طبقة من الشوكولا، ويترك ليجمد، فنأكله ليلاً وننسى الصواريخ، نلعق ملاعقنا لنترك لهم العالم ونطارد طعم بقايا الشوكولا.
اذكر يوم سقوط مدينتي، يوم ظنه البعض انه الخلاص، السبيل للخروج من القبو، لكنهم وجدوا ان القبو يسلك طريقاً نحو المجاري. كان المنزل في ذاك اليوم منقسم قسمين، ما زلت اذكر تجمع البعض امام شاشة التلفاز التي نقلت انباء سقوط بغداد تحت الاحتلال الأمريكي، نقلوا صور لتمثال صدام وهو ينحني لهم، هتف ذاك الطرف من المنزل، لأسير منطلقة للجهة الأخرى حيث كان الصمت سيد الموقف، كانوا هادئين، في اعينهم خيبة وانكسار، في عينيهم حب ودمار، في عينهم امل قد تبخر وطار.
بعد ذاك اليوم قد آن الاوان لنعود لبغداد، ولأننا كُثر فاستأجروا حافلة تقل الجميع، جلست على فخذ جدتي بجانب النافذة، راقبت الطريق بهدوء، رأيت مركبات روعتني للمرة الاولى، كانت مركباتهم ودباباتهم قد انتشرت كالمرض على جسد بغداد والطرق المؤدية اليها، وصلنا اخيراً بعد طريق طويل لمنزلنا في الكرادة، كانت نوافذ المنزل محطمة بأكملها، المنزل قد تلحف بالغبار، يبكي ويشكو الينا وحدته، يسرد لنا تفاصيل معاناته، بقدر الإمكان بدأنا حملة للتنظيف لنساعد امي، قبل حلول الليل، لأن الكهرباء حينها لم تكن قد عادت لوضعها الطبيعي بعد، كانت منقطعة بشكل تام. عدنا لمنزلنا ولم يعد حينها شيء على حاله، لا نحن ولا ارضنا.




عبدالله

٩ فبراير ١٩٨٥


هذا تاريخ يوم مولدي اللعين، يوم خرجت فيه الى هذا العالم القذر، وجودي ربما ازاده قذارة، أكره هذا اليوم وأكره اسمي، ما معنى ان يختار لي والدي اسم لا ارغب به، بل حتى انني لا أؤمن به، عبد، لا انا لست عبداً لأحد هذا ما ارغب ان يتقبله الجميع، انا رجل يراني المجتمع فاسد ويجلس رجال الدين على منابرهم ليلعنوني، ختموني بختم الترحيل لجنهم وأنها مصيري، فماذا اذن؟ ان كان مصيري واحد لم لا اعبث في هذا العالم ان كنت سأخلد غدا في نار يظنونها حقيقية، رجل يمتلئ جلده بالوشوم، وشوم لا أحد يفهمها، فقط يلعنونها، رجل يعشق الدخان والكحول بل انها تجري في أوردته أكثر من دمه. رجل صعب الطباع والمعاشرة، لا ضوء في عالمي مجرد ظلام دامس اعتادت عليه عيناي، امسيات معتمة لا نجوم في سمائي ولا قمر، الا نجمة واحدة قد زينت لياليي، نجمة اسمها جوى، تفاحتي المحرمة، المرأة التي رغبتي تفوق أي رغبة، امرأة استثنائية لا عطر يشبه عطرها ولا ملمس لأنواع الحرير يشبه ملمسها الناعم، القي بكل ما بي من شهوة في أجساد غريبة لأتخلص بما بي من دنس بعيدا عنها كي لا تتسخ بما اكنه لها من شبق.
لأنها تحب جميع الأعياد حتى الرسمية منها والغير رسمية كانت تحب ان تحتفل بيوم ميلادي بالرغم من معرفتها انني امقته، ما المذهل في ان سنوات عمري تزداد وانا عالق هنا على هذه الأرض انتظر حتفي. في ذاك المساء عدت للمنزل فتحت الباب لأدخل كان المكان مظلما كالعادة، أغلقت الباب خلفي لتفتح فجأة الأضواء لا لم اتفاجأ ثم ان عطرها قد حلق في المكان بأكمله وملأه، التفت لأراها تقف عند ازرار الإضاءة بجانب الحائط لتقول بمرح: انه يوم ميلاااااااادك.
خمنت قيامها بشيء كهذا، سرت لأرمي بمفاتيحي على الكرسي القريب من الباب، اقتربت منها حتى بقيت أقف امامها، كان ظهرها يلامس الجدار تبتسم ابتسامة واسعة وعيناها تشعان حيوية ولهفة. اقتربت أكثر حتى أسندت نفسي على راحة يدي التي استقرت بجانب رأسها، اقتربت منحنيا برأسي تجاهها وانا ارغب بتلقين هذه الصغيرة درساً، ثنت ذراعيها لصدرها لتسأل وهي تضييق عيناها ضاحكة: ماذا؟
ببطء امتدت يدي الثانية لتداعب خصلات شعرها المموج، قدر المستطاع أحاول ان اسجن قريني السيء، ارجوه ان لا يتهور ويلتهم بشهوته كل شيء، اقتربت هي مني لترفع نفسها مقتربة مني كانت ستهم بتقبيلي وهذا جل ما اتمناه لكن ليس الان وليست هذه الليلة بالذات، لم تكن قبلتنا الاولى ولكن قبلة هذه الليلة تعتبر تهديدا بالنسبة لي ولها فكل شيء بي منتصب متأهب لسلوك طريق يصعب عليها هي سلوكه، كل شيء اشعر به الان قد يجعلها تهوى في عالم من العتمة. لذلك قاومت وابتعدت لآخذ نفسا قائل: ماذا الم تحضري أشياء (خرابيط) كالعادة في مثل هذه المناسبات؟
صفقت بيداها وهي تجري تجاه المطبخ: بالطبع انتظر.
سرت لأخلع معطفي لأرميه على الاريكة واجلس عليها بكامل ثقلي لألتقط من امامي الكيس الصغير لأبدأ بلف سيجارتي بطريقتي، زاغت عيني ولساني يلحس طرف الورقة ناظرا لتفاحتي وهي في المطبخ منشغلة في حركتها السريعة للتحضير، راقبت جسدها الذي يفتك بي كل يوم، وهي مرتدية تحديدا هذه الليلة هذا الفستان الأسود الذي يصل لفخذها، خصرها المنحني المرسوم بعناية، شعرها الطويل المموج، ذاك اللون الأحمر قاتم الذي لونت به شفتاها، كل شيء بها انثوي يطمع برجولتي، الا انني هنا عاجز مكتفي بالمراقبة، اراقب قطعة حلوى لاذعة الطعم يسيل لعابي عليها كلما اقتربت مني، افقت من شرودي وصراعي مع شيطاني على صوتها وهي تغني لي حاملة كعكة بها شموع ابتسمت رغما عني لأعتدل بجلستي، وضعت الكعكة امامي لتقترب مني وتنحني طابعة قبلة قوية على وجنتي لتمد بيدها بالسكين.
- اقطع بالمقلوب وتمنى امنية.
علقت ساخرا: من المفترض ان تُحقق؟
ضربت كتفي بخفة مازحة: تمنى فحسب ربما تحقق.
تنهدت لأغمض عيني واقل بصوت مسموع: أتمنى ان اهجر هذه الأرض، ان لا اعود وابدأ من مكان اخر.
نفخت الشموع لألتفت ناظرا اليها، كانت عيناها خائفتان حدقتاها ترتعش، ابتسمت بسخرية لأقرص وجنتها قائلا: لا تخافي لن تتحقق على أي حال، اطمئني فمصيري ان اموت هنا.
دفعتني بغضب لتجلس بجانبي قائلة: اكرهك.
جررتها لأجعل رأسها يستقر على صدري لأضحك: احبكِ.
قبلت رقبتي هي مبتسمة: أتمنى ان لا نفترق ابدا.
لكن النجوم في تلك الليلة لم تكن عادلة لأنها تحيزت لأمنيتي وقررت ان تحققها لي، واهملت امنيتها.





التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 12-12-19 الساعة 02:54 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-12-19, 03:00 PM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الثاني

روح


الحاضر

توقفت عن الكلام وتوقف هو عن الكتابة، نظرت للأوراق التي يكتب عليها ظننت انه قد بدأ بكتابة قصة متكاملة لكنها لم تكن الا عبارة عن ملاحظات سجلها، اثار فضولي فسألته: لِمَ لَمْ تكتب القصة، أعني انها مجرد ملاحظات.
ابتسم وهو ينهض ليجيبني وهو يشير بقلمه تجاهي: انتِ ذكية بالمناسبة، بالطبع لن اكتب قصة كاملة امامكِ، أولا انا اكتب قصصي على حاسوبي المحمول واحتاج وقت طويل ريثما أجد الأسلوب الذي سأبدأ به.
سار تجاه مكتبه ووضع الدفتر والقلم ليلتف الي مسترسلا: انا ادون اهم ما قلته ومن خلاله سأكتب القصة.
سرت تجاهه وانا اُعلق بنفاذ صبر: متى ستساعدني؟
ابتسم ابتسامة خفيفة ثم رفع كتفيه وسألني: الستِ متحمسة لأنك عدتِ للحياة مرة أخرى؟
علقت ببرود: انا لم اعد.
قال بتفهم وهو يثني ذراعيه لصدره: فعليا ربما، ولكن روحكِ مازالت معلقة في الحياة، صمت لثواني بعدها عاود النظر الي من جديد، ثم شيء غريب من المفترض ان لا تبقى روحكِ هنا.
بقيت اراقبه نعم بالفعل هناك شيء غريب، سار ليجلس على حافة سريره المفرد وبقي يجول بعينيه في المكان اثناء تفكيره، اقتربت منه لأقف امامه، وجهه مألوف علي، ملامحه وشيء به يخبرني انني قد رأيته من قبل لكنني لا اذكر.
أيقظني من التحديق في وجهه صوته فسألني: لم تحدقين بي هكذا؟
اجبته وانا اضيق عيناي ناظرة اليه: اعتقد انني رأيتك من قبل لكنني لا اذكر اين ومتى.
ابتسم بسخرية وأجاب: لا اظنه انا، لأنني قد هاجرت مع اسرتي منذ خمس عشر سنة تقريبا، حينها كنتِ مراهقا اعتقد ذلك.
لا، شيء يخبرني انه هو لكن ذاكرتي تخونني، سألني: ربما عندما كنت مراهقا في العراق؟ هل رأيتني؟
حركت رأسي نافية لأجيبه: لا بل وانت هكذا، كبير بهذه الهيئة،
اغمضت عيني بقوة لأفتحها، اردفت: لا، لا يمكنني التذكر.














جوى

٢١ ديسمبر ٢٠١٤

كنت قد ذهبت الى منزله بعد انتهائي من الجامعة، بالطبع كذبت واخبرت امي انني ذاهبة عند صديقتي، انا لست مع الكذب واكرهه ولكن عائلتي بالذات يستحقون ان يُكذب عليهم لا يحبون الصراحة، ليس هم فقط بل مجتمعي بأكمله، يمجدون الكاذبين ويدوسون على الصادقين، لأنهم يعلمون ان بالصدق يرون انفسهم على حقيقتهم وان الصدق يعيبهم، لو اخبرتهم انني اذهب لمنزله سيقيمون علي القصاص وسأتهم بالزنا بالطبع، وهم لم يسمعوا ولم يروا ما نفعله، لا يعلمون انه لم يلمسني قط، لا يعلمون ان لقاءاتنا عذرية اكثر من أولئك الذين يتضاجعون كل ليلة في منزلهم عبر سماعات الهاتف، نلتقي في منزله لأن العيون تلتهمنا في أي مكان، تنبذنا وتأكل لحمنا وهم لي يتعرفوا حتى على اسمائنا.
عندما دخلت لمنزله بنسخة مفتاحي بالطبع وكأنني زوجة. كان هو يجلس على الاريكة البيضاء ذات الوسادات السوداء الكبيرة والغير مرتبة، يجلس امامه على الطاولة الكبيرة المربعة حاسوبه المحمول وكاميرته بجانبه، والسيجارة بين شفتاه اللذيذتان. رفع ذراعه التي تمتلئ بالوشوم يحيني دون ان ينطق بحرف، ابتسمت واقتربت لأنحني واقبل وجنته. رميت بجسدي على الاريكة بتعب لأشاهده وهو يقوم ببعض التعديلات على صور احداهن من جلسات التصوير التي يجريها، اعتدلت بجلستي وانا انحني قليلا للأمام واٌركز على صورة الفتاة ذات الشعر الأشقر الطويل هي جميلة.
علقت وانا اشعر بالغيرة بداخلي لكنني تظاهرت انني بخير: انها جميلة.
نفث دخانه ليقول وهو مازال مستغرقا في عمله: الصورة؟
نهضت من مكاني مجيبة: لا، الفتاة.
سرت تجاه السرير وانا العنه بداخلي، تبا له ولعمله هذا، ماذا الى متى سيبقى يصور الجميلات والاعلانات لهن، ويلمس احداهن ويخرج برفقتهن لأماكن أعجز انا عن الخروج معه فيها.
رميت بجسدي على سريره المبعثر، حاولت ان اهدئ من نفسي لأغمض عيني واتنفس فحسب، اعتقد انه لم يكن قرارا صائبا عندما تنفست، كان هناك عطر نسائي على الفراش بالطبع هو ليس عطري. اعتدلت وانا افتح عيني بصدمة، جززت على اسناني لأناديه: حبيبي.
- ممممم.
اجابني ببرود وهو يعمل، نهضت لأقترب منه وانحني اليه متسائلة: ضاجعت من في الامس؟
رفع رأسه ونظر لي بصدمة، ابتسمت بسخرية معلقة: اجل عطرها قد بقي على سريرك ولكنه نوع رخيص.
نهض وتوقف امامي وهو يتأفف: الن تتوقفي عن هذه الهلوسات، انه عطركِ.
اشرت بسبابتي تجاه نفسي لأعلق ونبرة صوتي ترتفع: لا ليس عطري.
رفع كتفيه بتجاهل: اذن اعتقد انكِ توهمت.
ضربت صدره بقبضتي لأصرخ: لست كذلك، انت تعلم ان ما أقوله صحيح.
امسك بمعصمي وهو يجز على اسنانه ليقول: اجل فعلتها يكفي.
جررت ذراعي من قبضته لأبتعد خطوة للوراء، أكمل هو بصوت مرتفع: ماذا تريدينني ان افعل؟ أبقى قديسا من اجلكِ، انا رجل ولدي احتياجات، انا لست بيوسف.
صرخت قائلة: وانا لست بمريم، انت تريدني ان أكون كذلك وانت حتى لا تستطيع ان تكون مثلي، تطلب مني ان اصون نفسي وانت مباح للجميع.
ككل رجل يتظاهر انه متفتح ولكن عند موقف معين يعود لجذوره: انا رجل هييي.
قلت باشمئزاز: انت مقرف، جميعكم مقرفين.
دفعته واقتربت من الاريكة لألتقط حقيبتي فلمحت صورة الفتاة التي كان يعمل عليها سألته: هذه هي أليست كذلك؟ اخبرتني بالأمس ان لديك جلسة تصوير وأنك مشغول.
صرخ بي: لم اكذب بالفعل كنا نعمل وبعدها.
انحنيت لأحمل جهازه وارميه بقوة على الأرض ليتحطم بينما هو بقي ينظر الى بصدمة، حملت حقيبتي وانا اشعر انني لم اشفي غليلي توجهت تجاه الباب قائلة بصوت مرتفع: كان عليكما اجراء جلسة تصوير وانتما في الفراش.
أغلقت الباب خلفي بقوة وانطلقت خارجة وانا أحاول التقاط انفاسي، اخذت فورا سيارة اجرة واتجهت للمنزل، كنت أحاول منع دموعي بصعوبة وانا اراقب نظرات السائق الذي يسددها لي عبر المرآة وهو يحاول ملاطفتي، تبا لكم جميعاً. وصلت للمنزل بسرعة قصوى انعزلت في غرفتي لأبكي، وكأن هناك بركان انفجر بداخلي، اُغمض عيني بقوة واحاول منع دموعي كفي يا فتاة كفي عن ذلك، أهي المرة الاولى التي يكسر بها قلبكِ؟ من المفترض ان تكوني قد اعتدتِ على الوجع. صوت بداخلي أجابني لكنني تعب منه، في كل مرة اعتقد ان حجم الألم سيتضاءل مع كل جرح الا انه لا يفعل، الجرح لا يكف عن النزيف والدموع لا تنفذ ابداً. دخلت اختي نجمة للغرفة فتوقفت عند الباب تنظر الي بحزن، لقد اعتادت على رؤيتي وانا ابكي، وانا منكسرة في أحضان هذه الغرفة، حاولت مسح دموعي بقوة لأنهض من على السرير وانا ابتسم امامها قائلة: انا بخير، انا على ما يرام.
في الواقع لا اعتقد انني كنت أقول لها هذا بل لنفسي، أحاول اقناع نفسي انني بخير، دخلت للحمام لآخذ حماما منعشاً وبعدها اتصلت بصديقة لي اُخبرها انني ارغب بالخروج فوراً، لا لن انزوي بين هذه الجدران، المي سيبقى يؤلمني أينما كنت، وانا اُفضل ان يؤلمني وانا ارتدي ثياب جميلة واتبضع في المركز التجاري.
قمت بوضع (الماكياج) وضعت بالتحديد احمر شفاه أحمر، ارتديت حذاء بكعب عالي لا اعلم أي علاقة تلك بين كعب حذائي العالي وبين شعوري بأنني قوية عند ارتدائي له. اخذت صورة لنفسي وانا ابتسم ابتسامة مزيفة واضعها على (الفيس بوك)، لا لن أقوم بنشر اُغنية حزينة او كلام يبين ما اشعر به. خرجت برفقة صديقتي ياسمين، هاتفي لم يتوقف عن الرنين لكنني مع كل رنة كنت ابتسم فيها بنصر، اسفة لأنني خيبت ظنه ولم أسقط.
سمعت صوت رنين يعلن عن وصول رسالة الي فتحتها لأجده قد كتب لي (انتِ مصيبة)، كتبت له (بل انا لعنة حلت عليك اليوم)، بقي يبعث الي برسائل يتساءل فيها عن مكاني لكنني تجاهلته. جلست مع ياسمين في أحد المطاعم، فتحت قائمة الطعام قائلة: أرغب بطلب الكثيييير من الطعام.
لا انا كاذبة وانا لست بخير واقسم انني في أي لحظة قد اضع رأسي على الطاولة وافضح نفسي بنحيب في هذا المكان لكنني متماسكة لدرجة السقوط.
قالت ياسمين مقترحة: دعينا ننتظر علي سيأتي بعد قليل لنأكل معاً.
لا ارجوكِ لا اطيق وجود أحد إضافي الان، لا وقت لجلوس حبيبكِ معنا ليسألني عنه، لأجيبه انه مشغول بخيانتي مع احداهن كعادته. كنت مستغرقة بتصفح قائمة الطعام حتى سمعت صوت علي وهو يحينا، رفعت رأسي لأراه يقف معه! ابتسم حبيبي الخائن الي بنصر واقترب ليسحب الكرسي الذي بجانبي، جززت على اسناني لأحكم قبضة يدي بقوة. سألني علي: كيف حالكِ جوى.
بلعت ريقي واُجبت بابتسامة مزيفة: بأفضل حال.
علق هو ليجيب علي: الا تراها انها في أفضل حالاتها، حتى انها قد وضعت احمر شفاه احمر، هي رائعة.
التفت اليه وانا امسك سكين الطعام واهدده قائلة: اياك ان تتحدث معي.
قهقه بصوت مرتفع ليقول: افعليها.
حاولت ياسمين التدخل قائلة: هييي اهدئا، نحن وسط الناس يمكننا حل الموضوع بالتفاهم.
قلت وانا اتظاهر الهدوء ساخرة: اووه تفاهم، رائع لأن حبيبي قد خانني كالعادة مع احداهن.
بعجز سألتني: ربما اسئتِ الفهم.
اشرت تجاهه: لقد اعترف.
صمتت لأنها تعلم ان موقفه سيئ جدا. علق هو: انتِ لا تفهمين انها ليست خيانة، عندما تدخل غيركِ امرأة لحياتي اعتبريها كذلك.
صفقت لأضحك: واو ما هذا المبدأ جسدك للعاهرات وقلبك لي! كم انت عظيم.
نهضت لأحمل حقيبتي وانا اضيف بغضب: شكرا ياسمين لأنكِ اخبرته عن مكاني.
حاولت ان تناديني لكنني خرجت فورا، تبعني هو للخارج حتى استطاع اللحاق بي والامساك بذراعي، كنت اقاومه لكنه قال لينهي الموضوع: حسنا اعتذر انا اسف.
هدأت حركتي لأعلق ساخرة: في كل مرة تعتذر وتكرر فعلتك.
حاول الهجوم علي متحججاً: وانتِ لا تملين دوما من عتابي، تعجزين عن فهمي.
قلت له: عليك ان تفرح عندما اعتابك، لأن بعتابي لك ارغب ببقائك، بسماع كذبة وعذر منك، ان لم اعاتبك يوما فتأكد أنك حينها لم تعد تعني لي شيئا من الأساس.
امسك يداي ورفع احداهما لشفتيه قائلا: انا اسف، عاتبيني، اغضبي حسنا موافق، ان كنتِ ترغبين بالابتعاد لأيام، لكن لا يمكنك انهاء أي شيء بيننا هكذا.
بقيت انظر لعيناه، سحقا عيناه دوامة ضياعي، عيناه لا تكذبان اعلم انه ليس ملاك لكنه صادق. جوى اصمدي أكثر، دعيه يلم نفسه أكثر، دعيه يُعذب بالابتعاد عنكِ أكثر، دعيه يتألم كما تألمتِ، لكن قلبي اللعين سيؤلمني ان تألم هو، المه لن يشفيني بل يمرضني.
قلت له وانا أحاول ان أبدو متماسكة: حسناً، لكنني بحاجة للتفكير واخذ وقتي، أعني انني غاضبة منك سأهدأ لاحقا.
أشار بكفاه يحاول تهدئتي: مذهل، اهدئي وخذي وقتكِ، المهم اننا معا.
هذه هي الحقيقة التي لا يمكننا انكارها هي اننا معا دوما رغم ما يبدر منه، وان حاولت انكار هذه الحقيقة فكأنني أنكر أحد تلك الحقائق التي تخص الكون، وهي ان الشمس ليست كروية مثلا. سنفترق عندما تنطفئ الشمس وتصبح كتلة من الجليد لا من نار.














روح


٣ مارس ٢٠٠٥

أكره مدرستي لا اعلم هل كل الأطفال يكنون هذه المشاعر تجاه المدرسة ام انني الوحيدة؟ ام لأن مدرستي بائسة فهي الوحيدة التي كذلك؟ بل أكره التعليم برمته، طرقهم، كتبهم، صفوفهم القديمة، واروقتهم المزدحمة.
أضف الى ذلك الطابور الصباحي ذاك الذي يجعلنا نتراقص مرتعشين من البرد ونحن نستمع لخطبة كتبتها معلمة لأنها أوامر اُمليت عليها ليستمع اليها طلاب قد تركوا اذهانهم في المنزل قرب المدفئة.
لم أكن اشعر انني عادية حينها، لأنني لم أكن أرضى بالصمت، في ذاك الوقت لم يكن الخضوع قد سلك طريقه معي. كانت معلمة الدين قد انتهت من الشرح وتركتنا لنفعل ما نشاء، حينها كنت احمل في حقيبتي الزهرية دفتر للتلوين لسندريلا، بدأت اُلون صفحة احدى الصفحات التي تحمل رسمة الأمير يرقص مع سندريلا. اقتربت مني احدى صديقاتي لتلقي نظرة على الدفتر، لتفتح ثغرها الصغير بأعجاب قائلة: انه رائع، هل لي بألقاء نظرة عليه؟
ابتسمت لأسمح لها بتصفحه، لم انتبه للمعلمة وهي تقترب لتقف امام مقعدينا، امسكت بعنف بالدفتر قائلة بصوت مرتفع: ما هذا؟
اجابت صديقتي وهي تنحني ببصرها للأسفل: انه لها.
أشارت بإصبعها الصغير تجاهي، بلعت ريقي لم أكن مخطئة، اين الجريمة التي ارتكبتها؟ اقتربت مني وهي تنظر لي بعينين متقدتين لتصرخ بي متسائلة: ما قلة الادب هذه؟ كيف تقتنين هذه الأشياء؟ انها شياطين، الله سيدخلكِ في النار.
رفعت رأسي لأنظر لها بتعجب، لم قد يدخلني الله النار وانا لم افعل شيء سوى انني لونت؟ ام ان الحياة هكذا تعاقب من يلونون، من يضعون شيئا مختلفا، من يُحَسنون من تلك اللوحة القبيحة؟
قلت ببراءة وانا اشعر بإحراج لأن الجميع كان ينظر تجاهي: لكنني لم اخطئ، انها ليست حرام.
صفعة قوية ادارت من رأسي تلقتها وجنتي، قالت وهي تصرخ: انا من احدد، ستعاقبين.
جعلتني انهض واقف في الزاوية بجانب سلة المهملات هكذا اخبرتني انه المكان الذي استحقه. وقفت وانا أرى تلك العيون التي تشمت فيمن يقف هنا، هكذا علمونا ان من يخالف رأي المعلم يعاقب ويستحق السخرية، لمجرد ان له رأي مختلف، وان كان محقا. ومن هنا تتربى الأجيال على ان من يختلف عنا هو شخص منبوذ، شخص سيئ، لا نحاوره ولا نسمعه، نشتمه ونقذف به خارج علمنا، لا نصحح من المخطئين ولا نحاول ان نفهم لم اختلف تفكيرهم عنا.
رأيت حينها ابتسامات واستهزاء، هم من قسمونا من هنا بدأت امراضنا على الكراسي الدراسية، من هنا بدأت الفجوة، عندما كانوا يفرقون بيننا، من كان جيدا في الدراسة يستحق المقدمة ويستحق ان يُفصل عن أولئك الفشلة، حتى صنعوا لهم طبقات.
لم يخبروننا ان استيعابنا مختلف، ظروفنا مختلفة، حياتنا ومقدار دراستنا.
صادفت على مر السنوات لاسيما في المرحلة الابتدائية فتيات لم يكن مرتبات، لكنهن أصبحن محط سخرية للمعلمة قبل الفتيات، كانت بعض المعلمات تسخر منهن ومن شكلهن امام الصف بأكمله لتتعالى الضحكات، لأراهن وحيدات في الفسحة تجد كل واحدة زاوية تحت ظل لتختفي فيها وتراقب العالم بصمت وحسرة.
لم يتساءل أحد لم هي كذلك؟ هل لديها من يعتني بها؟ هل أمها على قيد الحياة؟ ما الظروف التي جعلتها منسية حتى في منزلها؟
المهم ان بعد تلك الصفعة في يومها عدت للمنزل اخبرت امي عنما حدث، سألتني امي بقلق: ما الذي اقترفته؟
حكمت علي انني اقترفت شيئا قبل ان تسمع الحكاية، اجبتها بحزن: لم افعل شيئا، لكنها طلبت رؤيتكِ.
نهضت امي من مكانها لتذهب للمطبخ وهي تحدث نفسها بصوت عال غاضبة: يا إلهي لقت تعبت من هذه المشاكل اليومية، (هم البنات يبقى للممات).
وضعت يدي على وجنتي امسحها هي لم تقبل ذاك المكان الذي المني، لم تسألني عن الوجع ولا عن السخرية التي حظيت بها، هي لم تفعل شيئا.
في اليوم التالي ذهبت معي للمدرسة وهي طوال الطريق ممسكة بيدي توبخني.
- الى متى سأظل اتحمل مشاكلكِ ومشاكل اختكِ، ليتكما كبيرتان لأزوجكما وارتاح من هذا الهم، ااه يا اللهي.
وصلنا للمدرسة بعد ان امتلأت اذاني وثمل عقلي من التوبيخ، كنت برفقة امي عندما تحدث مع المعلمة، حاولت امي ان تلاطفها قائلة: نحن نعتذر، ما كان بيدها مجرد دفتر رسوم للأطفال وانا بنفسي اشتريته لها.
ابتسمت لأن امي قد دافعت عني للمرة الاولى، لكن ما صدمني هو ما قالته المعلمة وهي باردة: مشكلتي لم تكن مع الدفتر، بل لأنها كانت تلعب به اثناء الدرس وانا اشرح، وعندما طلبت منها ان تتوقف جادلتني تخيلي!
عفوا اليس من المفترض انها تعلمنا الدين؟ هل في الدين كذب؟ اليس الكذابين في النار؟
بقيت انظر اليها بصدمة، بينما اذناي تجاهلتا عتاب امي وتوبيخها الي امام المعلمة، نعم لقد قللت من شأني امامها ووعدتها انني سأعاقب أيضا في المنزل. لم أنسى ذاك اليوم ولم انس شكلها هي أيضاً، ولا حتى امي وانا في أمس الحاجة لتنصرني.
















روح


الحاضر

ابتسم هو بحزن ورفع كتفاه بعد ان انتهيت من السرد ليقل معلقاً: اعتقد ان الجميع قد عانى على تلك الأرض.
بقيت انظر اليه ببرود وكأنها ليست قصتي ولا تعنيني، وكأنني لم اعشها. قلت وانا انظر للأرض بشرود: لحسن الحظ انني مت وتخلصت من هذ العالم.
قال وهو ينهض من مكانه ويفتح ذراعيه مشيراً: الا تحلمين بعالم أفضل؟ تصنعينه انتِ، لا يملى عليكِ شيئا.
سرت تجاهه وانا اُعلق بصوت منخفض: لم احلم وانا حية، هل سأحلم وانا ميتة؟
أصبحت اُواجهه سألته: متى ستساعدني؟
ترك دفتره وقلمه على الطاولة وقال وكأنه مستعد لشيء: حسنا لنبحث أولا في الاخبار أي شيء يخبرنا انكِ غرقتي.
قلت له وانا اشير الى نفسي: أليست هذه روحي! ماذا أكثر؟
سار تجاه حاسوبه المحمول وجلس على حافة السرير ليفتحه قائلا: لا، اشك ان هناك شيئا اخر، رفع رأسه ونظر الي مباشرةً، هناك فليماً قد شاهدته البطلة تتعرض به لحادث فتنام في غيبوبة لتظهر روحها، أعني انه.
صمت وهو يدور ببصره باحثا عن كلمات تمكنه من الشرح لي: ان كنتِ قد متِ فلا يجب ان أرى روحكِ ولا يجب ان تتواجدي هنا، بينما ان كنتِ في غيبوبة او شيء ما شابه ذلك قد يفسر ما يحدث.
قلت وانا اعقد حاجباي: حاول فقط البحث عن مركب قد غرق منذ فترة.
بدأ يعبث، يتأفف مرة ويتنهد مرة أخرى، وضع حاسوبه جانبا ليستقر على السرير وانحنى للأمام يفرك يداه ببعضهما نظر لي بتركيز ليقل: هناك قارب غرق في بودروم، تمكنوا من انقاذ أربعة اشخاص، وتمكنوا من إيجاد أربع جثث، لكن هناك أكثر من عشرون فرداً لم يتمكنوا من إيجاد جثثهم حتى.
قلت بصدمة: ربما وجدوا جثتي.
نهض من مكانه والاف الأشياء تدور في ذهنه، ضيق عيناه وهو ينظر الي ويبتسم ليقل: وربما تكونين أحد الأربعة الناجين.
نظرت له بخيبة لأعلق: لا اريد ان أكون من بينهم.
بدهشة وحاجباه يرتفعان في جبينه علق: الستِ سعيدة؟ فكرة ان تكوني على قيد الحياة فكرة عظيمة.
ببرود رفعت كتفي قائلة: لا. ما الرائع في ان تكون على قيد الحياة وانت وحيداً؟ بل ما الرائع في ان تكون جزءً من هذا العالم الموحش؟
اقترب مني خطوة وكأنه يأمرني: المشكلة انهم لم يذكروا ما جنسهم او أعمارهم او أي شيء يخصهم لكن يجب ان اتقصى عن الامر. رفع كتفاه ليكمل، لذلك سأحاول اقناعكِ ان الحياة تستحق خلال هذه الفترة ستكملين سرد تفاصيل حياتكِ لأكتبها، اتفقنا؟
بقيت اُفكر لدقائق، ماذا ان كنت على قيد الحياة وهو اخر شيء اتمناه؟ لا رغبة لي بخوض الحياة مرة أخرى، ارغب بأن تفنى روحي وتتلاشى لترحل الي أي مكان موقنة انه سيكون أفضل من هذا العالم، أشار لي بيده ليعلق: لا اعتقد انكِ قد خضتي تجربة من قبل، جربي ماذا ستخسرين أكثر من كونكِ روحا؟
قلت وانا اطفو بعيدا في عالم الذكريات: خسرت الكثير.
- اذن يجب ان تجربي.
سألته بقلق: ماذا ان لم أكن على قيد الحياة؟
عاد ليجلس على حافة السرير ويعود بظهره للخلف ليستند على يداه التي استقرتا على الفراش: انا واثق انكِ على قيد الحياة، ان لم تكوني فأصاب بالجنون حينها.
اقتربت منه لأقل بتردد: حسنا، مواف...
لكن ظلام باغتني، لم أستطع اكمال كلامي لأغيب عن هذا العالم مرة أخرى.































عبدالله

٣٠ يوليو ٢٠١٥


منذ الليلة الماضية وانا اتصل بجوى لكنها لا تجيب، لم يحدث بيننا شيء والقلق ينخر جسدي بقوة للمرة الاولى اشعر بشيء غير طبيعي. اتصلت بصديقاتها لكنهن مثلي لم يسمعن صوتها حتى ولم تذهب للجامعة، حاولت ان امارس عملي ويومي بشكل طبيعي لأطرد أي وساوس بداخلي وأنها بخير وانني وقعت في شرك مزاجها المتقلب، حتى انتهى اليوم وقاربت الxxxxب على ان تقف عند منتصف الليل وهي لم تظهر، نظرت امامي لزجاجة الكحول عشيقتي الثانية كانت تستقر على الطاولة تدعوني لأفرغ ما بداخلها بي لكن هذه المرة محاولتها فشلت. نهضت حاملا هاتفي ومعطفي وخرجت من منزلي متجها للسيارة، لا ثم شيء غير طبيعي بها، اتجهت فورا الى منزلها أوقفت سيارتي امامه اخذت نفسا عميقا وانا اراقب ذاك السجن الذي تُحبس به، الجحيم الذي لا يمكنني إخراجها منه، ماذا علي ان افعل للقائها أأطرق الباب واخبرهم انني قلق عليها.. سيسألونني من انت؟ ماصلتك بها؟ أأخبرهم انها تعني العالم بأكمله؟ الجميع يرانا غرباء ولا أحد سوانا قادر على تقدير مدى ترابطنا، كمحاولة أخيرة يائسة بعثت لها رسالة (انا امام منزلكِ اخرجي والا سأفعل شيء مجنون واقتحمه).
امهلتها دقائق ومنحت لعقلي فرصة للتأني وإيجاد حل، راقبت باب المنزل تفتح لتظهر هي وتراقب الجوار بحذر، خرجت وهي تضع على رأسها شال يلثمها، سارت بحذر مقتربة تجاهي فبدأت ضربات قلبي تزداد مع كل خطوة تخطيها، فتحت الباب وجلست بجانبي لأدفع كل ما بداخلي من ثوران لأوبخها: اين انتِ؟ لم لا تجبينني؟
كانت هادئة على غير العادة مما دفعني لأمسك بمرفقها بقوة واديرها لتواجهني ناظرا لوجهها، وهنا كانت الصدمة، وجهها متورم، عيناها منتفختان شحوب وتتلون وجنتيها باللون الأزرق والاحمر، اتسعت عيناي ليقف كل ما بي وكل ما يحيط بنا. مدد يدي وهي ترتعش تجاهه وجهها ولكنها عادت للوراء حيث تدور عيناها في الفضاء الذي لا يشملني، سألت بعجز: من فعل هذا؟
ابتسمت وهي تدير وجهها ناحية المنزل القذر ذاك لتعلق: من غيره، ابي.
همت بفتح الباب لتترجل قائلة: علي الذهاب.
تركتها تتلاشى من امامي وانا صامت، ضعيف بل جبان، رأيت ظلها يمحى من على الأرض لتترك صدمة بي. أسندت يداي على المقود ووضعت جبهتي على يداي، الى متى سأراقب ذاك الرجل وهو يبغي عليها؟ لم لا املك صلاحية اقتحام المنزل والوقوف امامها لأحذره عن مس شعرة منها؟ لم انا جبان مع أكثر امرأة اُحبها في هذا العالم؟ جبان عن امتلاكها، جبان عن الدفاع عنها، فقط أقف مكبل اليدين لا حول لي ولا قوة، اعتدلت لأحرك السيارة وابتعد عن هذه المنطقة التي تحنقني واعود لوكري. عدت للمنزل أغلقت الباب بقدمي ورميت مفاتيحي ارضاً، بدأت اخلع معطفي ثم تبعه قميصي، توالت قطع ثيابي تقلد بعضها وتهبط ارضا حتى أصبحت عاريا اسير في مملكتي التي أكون فيها كما اشاء. سرت تجاه البار الذي تصطف عليه عشيقاتي، التقت احداهما وانا انظر اليها بشهوة بدأت اشربها لأرتوي بعشيقتي من ظمأ حبيبتي، مسكينة افرغت كل ما بها بداخلي لأخونها مع اختها التي لم تفتح بعد، وهكذا جلسن فارغات ينظرن الي بحيرة بعد ان عجزن عن اسكاري، سرت وانا اتخبط قليلا بين الارائك أحاول الوصول لهاتفي اللعين، بحثت في قائمة الأسماء التي تكثر في هاتفي عن احداهن. عن بديلة تحل مكانها على سريري كما افعل دوماً، أحاول اخماد ما بي بأخريات، لكنني اتناسى دوما ان ماء البحر لا يشبع الظمئان كذلك هي. اتصلت بإحداهن وطلبت حضورها، جلست ارضاً وانا ممسك بزجاجة جديدة، مع كل رشفة كنت العن فيها نفسي، والعن الساعة التي دخلت فيها هي حياتي، لتجعلني عاجز عن كل شيء، عن تركي لهذا البلد القاتل، عن اقترابي من امرأة اشتهيها، عن دفاعي عنها، عن الشعور بأنني قذر لتركها هكذا، أتذكر ذات مرة سخرت مني متسائلة: لم تخاف فعلها معي، علقت ساخرة، لا تخبرني أنك تخاف الله؟
حاولت ان اسألها متهربا من الإجابة: لكنك تخافينه لذلك لا ترغبين بي.
هي ذكية أصرت على المطالبة بإجابة فكذبت عليها قائلا: حبيبتي، انتِ تفتقرين للخبرة.
رفعت حاجبيها لتقل بدهشة: خبرة!
اشرت لنفسي موضحا: انا في سن لا يمكنني ان اعلم فتاة من البداية كل شيء، برأيكِ لم يترك الرجال زوجاتهم ويلجؤون لعاهرات؟
ثنت ذراعيها لصدرها تنتظر الإجابة، أكملت: لأنهن ينقصن للخبرة، لا يمكن للزوج توضيح كل ما يرغب هو به، او شرح ما يريدها ان تفعل، هههه سيكون حينها محاضرة لل.
ضربتني بمخدة قائلة: سخييييف، اذن لم يتزوج من الأساس؟
جررتها لأضمها لصدري: يتزوجون لأنهم يرغبون بالاستقرار، استقرار مظهري امام الناس، زوجة جميلة وفية تربي الاولاد جيدا وتصون سمعته.
حاولت ان تقنعني: لا، بل يتزوجون لأنهم يرغبون بإمضاء عمرهما معا.
سخرت: هذه كذبة أيضاً، لهذا انا لن اتزوج ابدا، نحن لن نتزوج، لأنكِ حينها ستكونين عادية بالنسبة الي، ستفقدين بريقكِ.
تابعت كلامي وانا اُدخن ببرود: ستكونين مملة وانتِ تنتظرينني يومياً، تنامين بجواري كل ليلة.
ابتسمت هي بسخرية حاولت ان تخفي حزنها، لكنني كذبت حينها في كل شيء قلته، لن اثمل منها ابداً، لن ارتوي مهما شربت منها.
عدت من ذكرياتي على صوت طرق الباب رميت تلك البائسة الفارغة من يدي ارضا ونهضت لأفتحه الدوار يراقص رأسي، ضيقت نظري وانا أراها احداهن لكنني حتى لا اذكر اسمها، ابتسمت لتقترب وتطبع قبلة على شفتي، أغلقت الباب خلفها بينما هي سارت متجهة للمكان الذي تنتمي اليه، لوثت جسدي مجددا ومرارا بجسد غيرها، وامارس ما منعه إلاهها والعن نفسي على عجزي، والعنها، والعن اسمي وهذه الأرض التي تمد من جُبني.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-12-19, 03:02 PM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الثالث


جوى
٣١ يوليو ٢٠١٥

ندمت كثيراً، اجل ندمت لأنني اخبرته ان ابي ضربني لكن كيف كنت سأضع مسما للوحة التي رسمت على وجهي؟ لم يكن امامي خيارا لكنني الان ادرك مدى خطئي، بأن اخبر اهم رجل في حياتي ان ابي ضربني، بدلا من ان يخاف من تلك اليد التي ستعاقبه مستقبلا ان مسني بسوء امتدت يد والدي لتضربني انا، ليمنح شريك حياتي بحق التعنيف، ان فعلها فلن اصدم واخبره انها المرة الاولى التي تلمس شعرة مني بسوء لأنه يعلم ان ابي مارس هذا العنف مراراً، اهانني اول رجل في حياتي قبل الغريب، على مرار سنوات حاول صقل مني امرأة سلبية يتسع وجهها وجسدها للكمات واهانات سواء منه او من زوجي، يحاول ان يعلمني الصمت والخضوع منذ صغري، كما امي هي اليوم، سلبية وبائسة.
تذكرت قبل يومان، كنت في غرفتي متنفسي الوحيد في هذا المنزل، حتى سمعت صوت صراخ امي وبكائها المنكسر وصوت ابي الظالم وهو يمارس ظلمه علينا، قفزت من سريري مسرعة لأخرج لغرفة المعيشة، دخلت لأرى نجمة تقف جانبا تبكي بصمت خائفة بينما امي على الأرض ينهال ابي عليها ضربا ويترك صوته ليزعج كل جدران المنزل، اندفعت بينهما وانا اصرخ أحاول ابعاد يداه القذرتين عنها، صرخت في وجهه: كف عن هذا.
لكنه أنهى كلامي بصفعة قوية ساخنة على وجهي، بيد ثانية جر شعر امي وهو يجز اسنانه: هذه تربيتكِ أترين يا.......؟
دفعته بيديي بقوة لأبعده عنها وانا ما زلت اصرخ عليه، حتى شعرت بلكمة قوية ضربت وجهي شعرت ان عظم وجنتي تكاد ان تتحطم، لحظات حتى شعرت بجذور شعري تتمسك بفروته لأنه امسك بشعري بقوة يكاد ان يخلعه من مكانه وهو يشتمني بأقذر الالفاظ ليرميني ارضاً، رفع سبابته ليهدد كالعادة وهو ينظر الي بمقت: ان تدخلتِ مرة أخرى سترين ما سأفعله بكِ.
تهديده لم يردعني لأقل وانا اشعر بشيء لزج يسيل من انفي الى شفتي قلت بحقد: اكرهك.
ركلة قوية بقدمه تجاه بطني لأشعر ان احشائي قد تقلصت وإنحشرت في مكان وكأنها اصطدمت بجدار ظهري من الداخل، وضعت ذراعي على بطني لأنكمش على نفسي وانا اصارع صوتي في التصريح عن الألم، رأيت اقدامه تغادران المكان ثم صوت الباب وهو يغلق بقوة ليخرج ويبدأ البيت بالتنفس.
عقدت حاجبي بغضب وانا أرى امي تحاولان تلملم نفسها بعد ان قد ثوبها بقوة وعشرها الذي أصبح اشعثاً. اقتربت مني وهي تحاول انهاضي وطرح المبررات لطغيانه: لم تدخلتِ؟ كان غاضبا لا بأس.
ابتعدت عنها وانا أحاول النهوض: كان علي ان اترككِ تضربين اليس كذلك؟
ابتسمت بحزن معلقة: لا بأس هو هكذا عندما يغضب ولكنه طيب.
صرخت بها حتى شعرت ان حبالي الصوتية ترجوني لأصمت: كفىييييييي عن هذااااا، كفي عن التبرير له، لقد اكتفينا منه.
هممت بالخروج بعد ان مررت من جانب اختي التي تشبك يداها بالقوب من وجهها وتبكي، التفت لأمي لأبصق الدماء التي تجمعت في فمي أيضا ارضاً: اكرهكِ بقدر كرهي له، أكره ظلمه، وأكره ضعفكِ.
دخلت غرفتي لأرمي نفسي على السرير وانا احتضن بطني واُقرب ركبتاي لصدري واتلوى الما، اولم يقولوا انه لا يدخل أحد الجنة ان لم يسامحه شخص اساء اليه! سأقف حينها في طريقه في حال دخلوه الجنة، ان كنت بابا للجنة لأبي فسأكون انا بابه المقفل، لن اسامحه على كل إهانة، على كل ضربة تركت بي اثراً.
دخلت نجمة الغرفة وأغلقت الباب بهدوء لتقترب وتجلس على حافة سرير، مدت يدها لتمسح الدماء من على وجهي، بضعف ابتسمت لها: انا، بخير، ههه لقد اعتدنا اليس كذلك؟
قالت بحزن: انتِ لستِ كذلك.
علمت انني اكذب امسكت بيدها اللطيفة وقبلتها: سأكون بخير، اعدكِ.
عدت من ذكرياتي وانا أقف امام مرآتي، ابتسمت بحزن وانا اشغل اغنية (اليسا – يا مرايتي) بدأت اضع مساحيق التجميل، لا أحد يعرفني كمراتي، لا أحد شاهد انكساري ونشأتي مثلها، مرآتي رأتني عندما بكيت امامها، وواستني عندما قررت المواجهة، صبرتني وارتني كيف يجب ان أكون، مرآتي عكست ملامحي البائسة ورسمت على وجهي ابتسامة قوة مزيفة، راقبتني وانا اضع الأقنعة كل صباح واخرج لأواجه العالم،
مرآتي يا مرآتي أخبريني هل أبدو لهم انني بخير؟
وضعت كعادتي قناع اكثرت من المكياج لإخفاء ما على وجهي، لأنني سيئة فأنني استغل أوقات دوامي في الجامعة بالذهاب لرؤيته، طرقت الباب ففحته هو بقي ينظر الي بصمت بحزن، ابتسمت لأحتضنه واضع رأسي على قلبه، دلفنا للداخل لأبتعد عنه واحاول التظاهر انني بخير: انا جائعة للغاية، هل نطلب لنا شيئا نأكله؟ ام ماذا ترغب بأن اعد الطعام انا؟
كنت سأنطلق متجهة للمطبخ ولكنه امسك بيدي وادارني اليه امسك بيده يدي الثانية، بقي ينظر في عيني وعيناه تلمعان بلع ريقه وهو يقول: انا اسف.
اقتربت منه لأضع يداي على ذقنه: انا بخير.
ابتسم بعدم تصديق لينحني ويفاجئني وهو يحملني بين ذراعيه قائلاً: اليوم ستكونين اميرة تأمرين فقط.
وضعني على السرير لأتربع واقل وانا اقهقه كأنه لم يزر قلبي هما يوماً: لنطلب الطعام اذن.
انحنى وهو يضع ركبته على السريري ويقبل شفتي بلطف: حاضر سمو الاميرة.
استلقيت على السرير على ظهري لأراقب السقف الذي رسم عليه لوحة لجميع دول العالم، جميعها كانت ملونة الا العراق كان لونه اسود، عبد الله رسمها بنفسه، علقت وانا احملق باللوحة: يوما ما سألون تلك الخريطة.
اقترب هو فور انتهائه من المكالمة واستلقي بجانبي ليلصق رأسي برأسه كلانا ننظر للوحة، علق: تستحق هذه البلاد اللون الأسود، لو كنا على ارض غير هذه كنتِ ستقاضين والدكِ، كنتِ ستبلغين الشرطة عنه.
ادرت رأسي تجاهه: لكل مكان جانب مظلم، الأرض بأكملها تظلم من جهة ليشرق النور من جهة أخرى، لو كنت في مكان اخر كنت سأعاني بطريقة ما.
زفر: لما كنا هكذا تعساء.
ابتسمت وانا امسك يده: من قال انني تعيسة!
اقترب وقبل ارنبة انفي ليبتسم: احبكِ لأنك اقوى تعيسة شاهدتها.
شبكت اصابعنا بين بعضها واشرت بيدي الاخرى تجاه الخريطة، علقت: قد ترى انت انها سوداء معتمة، هذه المشاكل وما يقابلنا من مصاعب، لكن وسط تلك العتمة توجد نجوم لامعة مضيئة، تنير وتزين هذه العتمة، انت كذلك بالنسبة لي، انت نجمة تزين ليلتي المعتمة.
شد أصابعه على يدي وانا اراقبه يبتسم ثم عاودت النظر للسقف لأكمل: انت نجمة، اختي نجمة، جدي نعيم نجمة، جدتي، اخي وكل النعم التي تحيط بي نجوم تؤنس وحشتي.





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-12-19, 03:04 PM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الرابع


روح

الحاضر

بعد انقطاع لا اعلم اين ذهبت او ماذا فعلت لكنني فجأة أجد نفسي الان في حديقة لم يسبق لي رؤيتها، مكان واسع به أشجار لا صوت في الارجاء سوى قرير الماء وتغريد العصافير، رفعت رأسي للسماء لأري الشمس كان نورها مختلف تماما دافئ ونقي، سرت بقدمي العاريتان على العشب حتى رأيت امامي منزل صغير امام بابه شرفة من الحجز وتنتشر بها اوعية للنباتات، امام المنزل كانت هناك اريكة خشبية مطلية باللون الأبيض، اقتربت وانا المح أحدا يجلس عليها بعد ان اقتربت أكثر أدركت من يستقر عليها، جدي نعيم! قلتها بتعجب رفع رأسه ونظر الي وعلى وجهه ابتسامة عذبة، فتح ذراعاه لي سرت بخطوات سريعة تجاهه لكنه اوقفني وهو يضع كفه لأتوقف على مسافة تبعد عنه، قال لي بهدوء والابتسامة لم تفارقه: ابقي في مكانكِ.
نظرت له بدهشة لم لا يريد الاقتراب مني، ركزت النظر على ملامحه لم يكن يرتدي نظارات طبية كما كان، ثم ان وجهه بدى صافيا ابيض، عيناه تلمعان بالحياة وتعكسان لون الحديقة الخضراء من حولي، سألته بحزن: لم لا تريدني ان اقترب؟
- احذري من الاقتراب، تمسكِ في المكان الذي هناك.
رمشت عدة مرات لم افهم مقصده، تلفت حولي وانا اسأله واُخبره ما يدور في رأسي: هل هذا يعني انني في الجنة؟
التفت اليه مجددا لكنني لم اره! واُصبح المكان الذي كان يقف به ظلاما وكأن الظلام بدأ يأكل المكان ليصبح فضاء معتم.
ظلام دامس وهدوء مريب دام لفترة فقد بت أعجز عن اُدراك الوقت والمكان، حتى سمعت صوت رنين وكأنه رنين ساعة، تلاشى الظلام لأنظر لشيء لونه ابيض عليه مروحة، نهضت فأصبحت في وضع الجلوس لأتلفت حولي وجدتني على ارض خشبية في غرفة سبق وان رأيتها من قبل، نهضت لأقف على قدمي هي ذاتها غرفة ذاك الكاتب وذات الفندق. نظرت للسرير كان فارغاً، سمعت صوت جري المياه من الحمام بقيت أقف انتظر خروجه لم عدت مجددا هنا وأين كنت؟ فتحت باب الحمام خرج هو يجفف وجهه بمنشفة بيضاء صغيرة ازالها ثم توقف ينظر الي بصدمة عاد للوراء اغلق باب الحمام مجددا وفتحها خرج بخطوة للأمام ثم خاطب نفسه قائلاً: عدت لأتوهم من جديد!
اقتربت منه حتى بت أقف امامه: اتعلم ما الذي حدث لي؟
رفع رأسه للأعلى وهو يأخذ نفسا عميقا ثم عاد ينظر الي مبتسماً: ههه لقد اختفيتِ يا انسة روح او شبح، او أي شيء كنتِ.
لا أتذكر أين رحلت او أي شيء سوى انني رأيت جدي، وضع يده على خصره وسأل بفضول: هل وجدتِ مثواكِ؟
حركت رأسي نافية بلا، سار تجاه مكتبه ليلتقط هاتفه متسائلا: وما الذي تنوين فعله؟
لا اعلم اشعر ان رأسي فارغ تمام لا فكرة لدي حول أي شيء، اقترب مني ليقل بجدية: الا ينتابكِ فضول في البحث عن الحقيقة؟ في خوض هذه التجربة بين الموت والحياة؟ هل تجدين ما يحدث معكِ عاديا لتتركيه هكذا؟
سألته ببرود: ما الفائدة؟
حاول ان يشرح لي: ستتعلمين الفائدة فور خوضكِ للتجربة، التجربة نفسها تعود بفائدة وان كانت فاشلة فقد تكون اكسبتكِ خبرة.
ازحت نظري عنه لأنظر للأسفل: الأموات لن يُفيد شيء، ارغب بالعودة لذاك المكان الذي رأيته مع جدي.
حرك يده امام وجهي ليجعلني اترك تحديقي في الفراغ وانظر تجاهه: رأيتِ جدكِ؟
اجبته: اجل.
ضيق عيناه ليسألني: وهل جدكِ متوفِ؟
حركت رأسي ببطء. سار خطوات امامي ليفكر بصوت عالِ: يقولون انه قد التقى بشخص ميت في حلمه واُخبره انه سيصبح معه او يمسك بيده فأنه سيموت، توقف في المنتصف وسألني بدهشة: هل امسكتِ بيده؟
اجبته: لا، لم يسمح لي طلب مني التوقف.
صفق بيده وهو يبتسم بنصر: رائع، اذن ما فكرت به صحيح.
سار تجاه خزانة ثيابه واخرج معطفه ليكمل: هيا نخرج لنتحدث في الخارج.
خرجنا من الغرفة معا لننزل للأسفل قال لي اثناء سيرنا: ستكملين سرد قصتكِ لي.
سألته وانا انظر اليه: ما الذي استنتجته؟
غطى وجهه بكفيه بخجل ليقل: لا تكلميني، الجميع يراني اُحدث نفسي وكأنني مجنون.
لم أكن أستطيع رؤية ملامحه، كيفية نظرت له او استنكارهم منه، مجرد ظلال بدون أصوات او تعابير. خرجنا للخارج بدأنا في السير متجهان الى مكان يشبه الغافة تتزاحم فيه الأشجار. قال وهو يسير بجانبي: فكرت انكِ في غيبوبة لذلك ربما منعكِ جدكِ من الاقتراب منه بمعنى انكِ ستموتين ان اقتربتِ.
سألته: الم تتحقق من هوية المفقودين؟
رفع كتفيه ليجب: بلى، ثلاثة رجال، لكن هناك فتاة في المشفى المركزي لاسطنبول في غيبوبة، لا يعرفون عنها أي شيء.
- هل هذه انا؟
ابتسم بحماس ليجيبني: انا اشعر انها انتِ سترين.
تساءلت: وان لم أكن؟
ابتسم وهو يحاول ان يطمئنني: ستكونين انتِ انا واثق، والان أكملي لي قصتكِ فأنا متشوق.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-12-19, 10:09 PM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الخامس


روح

٢١ ابريل ٢٠٠٥

في منزل جدي نعيم تكمن الراحة فقط هناك كنت اشعر انني في منزلي لا ذاك الجحيم الذي يسمى بيتي مع ابي وامي، بيت جدي هادئ دافئ به حديقة كبيرة في مقدمة المنزل تأكل من مساحته بها نخلتان شامختان تقفان لتحرسان المنزل وشجرة زيتون تجلس بينهما يخبرانها عن ما يرياه من هذا الارتفاع، ارجوحة بيضاء لطالما كانت تأخدني في احضانها وتطير بي ليداعب الهواء شعري وبشقاوة منه يرفع فستاني للأعلي، جدي وجدتي امل يعيشان في زمن بعيد عن زحمة الحاضر، بين اثاثهما القديم وتلك الصور التي تفتقر للألوان ولكنها تشع بالحياة، يجلس دوما في مكتبه المزدحم بالكتب القيمة التي بعد وفاته وموتي انني كنت غبية لم اكحل عيني بحبرها، على كرسيان تقفان امام النافذة التي تستر النافذة ستارة بيضاء شفافة، نجلس في كل مرة عليهما نشرب شاي صنعته جدتي بطعم الهيل.
في ذاك اليوم سألني جدي عن احلامي، اخبرته بفرح حينها: ارغب بأن اُصبح رائدة فضاء.
مد يده ليقرص وجنتي: حينها ستأخذيني لأي كوكب؟
وضعت يدي على ذقني اُفكر ثم اجبته: مممم زحل.
امسك بيدي واخذني لأجلس على فخذه ليسأل: لم زحل تحديدا؟
- لأنني سمعت ان به أقمار عديدة، اليس كذلك؟
اجابني مؤكداً: بالطبع.
قلت وانا أزم شفتي: هناك لن يغيب القمر، لن أخاف.
مسح براحة كفه على وجهي: لا داعِ للخوف، لقمر وان غاب يظهر مجدداً.
اسكنت رأسي على كتفه لأعلق: لكنه يتأخر.
مسح على شعري: وان تأخر فلا بد من ظهروه، وان لم يظهر فهناك نجوم تزين عتمتكِ.
حينها كان القمر يطل كل ليلة الى ان بدأ في الاختفاء شيئا فشيء حتى باتت ليالنا بدون قمرا معتمة.
احلامنا متضادة مع اعمارنا، احلامنا كبيرة ونحن أطفال تصغر كلما كبرنا حتى نصل لمرحلة نفقد فيها القدرة على التطلع للمستقبل، كان حلمي حينها في الطيران للفضاء، بعدها كبرت وحلمت ان أكون رسامة، مصممة أزياء، ثم مراسلة، ثم صفعة من ابي.











جوى


٤ أغسطس ٢٠١١


هل يمكن للأحلام ان تُعدم؟ أليست هي الشيء الوحيد الذي نحصل عليه بالمجان؟ لم حاربونا حتى في الاحلام في التطلع للاُفق، صفعة قوية تلقتها وجنتي من كف اعتادت على البطش، لكن هذه الصفعة لم تؤلمني بل صفعته عندما صرخ بي: اعلام! أي اعلام هذا الذي ترغبين بدراسته؟ مجنونة انتِ الستِ كذلك؟
حاولت جاهدة ان اُقنعه، حينها توسلت له علي غير عادتي: ارجوك، دعني ادرس ما احب.
قاطعتني امي وهي تقف خلف ابي قائلة: حققتِ هذه النسبة العالية لتدرسي في النهاية هذا الشيء.
امي أي شيء؟ هل احلامي أصبحت رخيصة ليقال على ما احبه (شيء)، هل طموحي بأن أكون شخصية إعلامية قوية ناجحة احقق ذاتي يعتبر (شيء)! اذن لمن سأعطي المسميات بعد ذلك ان كانت الاحلام لا تستحقها؟
سار ابي تجاه الاريكة وجلس عليها ليفرد ظهره على ظهرها ويخرج من جلبابه علبة سجائره، احرق طرف السيجارة كما يفعل بمستقبلي، نفث الدخان في الهواء ليقل: لا اسمح لأبنتي ان تخوض في هذا المجال وتكون عرضة للجميع.
أكمل وهو يشير بيده التي تتحكم بلفافة التبغ: ستختارين التخصص الذي اريده انا، سترفعين اسمي، ستدرسين الطب او الهندسة.
اعترضت بجزع: لكنني لا اُحبهما، لا اريد ان أدرسهما.
هددني والشرار يتطاير من عيناه ليصل الي ويقتلني: ستفعلين، لا يمكنكِ تجاوز اوامري.
بقيت اقف امامه مقيدة عاجزة، تارة انظر لأمي المطيعة له وتارة أرى اختي نجمة تقف خلف الباب ملامحها حزينة تراقبني والخذلان في عيناها، تركته واتجهت لغرفتي لأسمعه يلقي خطاب على امي لسوء تربيتها لي، انعزلت في غرفتي حينها لأيام افكر بين الخضوع والتمرد، بين المجازفة والتحدي، افكر بما علي فعله تجاه نفسي أولا لا احد غيري، انا استحق ان أكون سعيدة، نفسي عليها حق قبل الجميع، ان كنت سأنجح يوما فسأكون من اجلي انا لا من اجل احد، لن انصر سعادة احد وادع سعادتي تبكي مهزومة، طريقي هو ملكي انا سأسلكه بنفسي واشقه لنفسي لا لأحد.
لم انم لأيام، صليت كثيرا ودعوت الله ناجيته وطلبت منه ان يقف بجانبي، ان يلهمني الصبر ويمد من عزيمتي، ومرت أسابيع وحان وقت التقديم للجامعات ومن هناك سلكت طريق العصيان لأخطو تجاه تحقيق نفسي، ان كان العصيان من يجعل من احلامي حقيقة فسأكون عاصية، اخذ ابي ما يستحق من الحياة لن امنحه حياتي ومستقبلي ليكونا عجينا في يداه يشكله كيفما يشاء، ذهبت حينها واخترت من خلال الخيارات تخصص الاعلام. اثناء خروجي من المقر الرئيسي صادفت جارنا سائق اجرة لأنني حينها كنت في الثامنة عشر فقد عرض علي توصيلي، شجعني ونحن في الطريق بل اخبرني انني اليق بأن أكون مذيعة او صحفية، كان ابي للتو عائدا من السوق يحمل كيسان ليدخل شارعنا فأوقف السيارة ليحي ابي، صدم ابي عندما رأني وتجمدت الدماء في اوعيتي، ترجلت من السيارة بينما كان هو يتحدث معه، قال لأبي مباركا: صادفت جوى وهي خارجة وعرضت عليها ان اوصلها. مبارك لك ستصبح إعلامية رائعة.
ادار ابي رأسه تجاهي ليجز على اسنانه ويسألني: إعلامية!
قبضت يدي بخوف أحاول منعها من الارتعاش، جوى لقد سلكتِ طريقاً الان لا بأس من المواجهة، كان سيعلم عاجلا ام اجلاً! قلت بصوت خائف: اخترت تخصص الاعلام.
فور انهائي لجملتي تلك تساقط الكيسان اللذان كان يحملهما ابي ارضاً، تدحرجت كرات البرتقال والتفاح واقترب هو مني، بلعت ريقي برعب فور رؤيتي لملامحه، مد يده القذرة ليمسك ويقبض على شعري من المقدمة من الفروة، لأصرخ بصوت عالٍ، جرني من شعري لأسير معه وانا اصرخ بينما اسمع صوت جارنا يحاول ان يهدئه ويتدخل، لم اره لأنني كنت اُغمض عيني بقوة من قوة الألم، صرخ ابي به يمنعه من التدخل لأجر كبهيمة يسوقها للذبح، لينظر كل من في الشارع للراعي وتلك البهيمة التي تصرخ الماً، اهاناتنا في المنزل كانت سرا طوال حياتنا، اما الان فأصبحت علنية مصرحة، دفعني لداخل البيت لأتوازن وابدأ بالجري تجاه غرفتي .. جريت حتى اصطدمت بنجمة لنسقط معا ارضاً. اقترب مني ليهم بضربي ولكن نجمة احتضنتني تمنعه من ذلك، كانت حينها صغيرة مراهقة للتو، صرخ بها وجرني انا وهي للغرفة ليرمينا ارضا قائلا: تتخطيني! تخالفين رأيي!
مد يداه بسرعة لحزامه يحاول خلعه، فانتصبت شعيرات جسدي جميعاً، وانا اسمع امي تقف خلفه ترجوه ليتركني وانني طفلة واخطأت، لكن وقع حزامه كان اسرع من توسلاتها، ليحرق جسدي ذاك الحزام، كانت تلك المرة الاولى التي يذق جلدي فيها طعم جلود الاحزمة، كانت نجمة تصرخ وهي بعيدة اكثر من كلما هوى علي الحزام، ضربات لم اعدها لأنها كانت ثقيلة وحارقة نسيت من خلالها علم الحساب الذي تعلمته في حياتي/ خرج من الغرفة وتركني لأيام مسجونة بها، خيرني ما بين طاعتي له وما بين البقاء خادمة في المنزل دون شهادة، كان بي حينها رمق من الإصرار لم انم لليال متألمة ومتأملة. حتى تلك الليلة التي أتت امي فيها بعد ان نام الجميع الا جفناي المتعبان. دخلت غرفتنا لتقترب من سريري بهدوء خشية ان توقظ نجمة، جلست على طرفه وهي تنظر لي وعيناها تلمعان، قلت بغضب: لم لا تتركيه، تطلقي منه لقد جزعنا.
قالت وقد ازداد عيناها بالبريق: انتِ ما زلتِ صغيرة لا تفهمين شيئاً.
قهقهت ساخرة: هههه لست كذلك.
مدت يدها لتمسك بيدي الباردة وتمسحها بلطف: عندما تكبرين وتصبحين اما ستفهين ان الرحيل سيكون كالموت بالنسبة لكِ، سيشتتكِ ويشتت اطفالكِ، والطلاق سيكون كابوس يطاردكِ تخشيه خشية الموت.
دافعت عن رأيي: العيش مع رجل كهذا هو الموت بحد ذاته والطلاق هو الحياة.
حاولت ان توضح لي أكثر: كيف لي ان اتطلق واعيش بمفردي وانا لدي ثلاث أطفال، بل لدي ابنتان ناضجتان، ما الذي سيقوله الناس عنا؟
اعدت رأسي للوراء بضجر: ما شأننا بهم؟
- نحن نعيش بينهم، ملزمون بالاستماع لكلامهم، ثم تخيلي ان يطرق أحدهم بابنا ويطلبكِ للزواج، هل سيوافق ان سمع ان امكِ مطلقة.
ضحكت من فكرتها تلك وقلت بإقتناع: لا اتزوج رجلا يفكر هكذا من الأساس.
اخذت نفسا عميقا ثم طردته من صدرها لتقل: انتِ تعيشين في مجتمع ينصر الرجل ويدوس على المرأة، ولا سيما المطلقة والارملة.
اعتدلت بجلستي وقد بدأ الغضب يزداد داخل صدري: المجتمع! أي مجتمع هذا؟ انا وانتِ هو المجتمع ان لم تتغيرين انتِ وان لم اتغير انا لن يتغير أحد.
التفت هي لسرير اختي بعد ان انهيت كلامي الذي بدت نبرته مرتفعة لتتأكد انها ما زالت نائمة، قالت بهم: أتعلمين ما قاله عنكِ الجيران؟ انكِ عاق لا تستمعين لكلام ابيكِ.
صمتت لثواني وبقيت انا ببرود صامتة لتكمل: جوى، انتِ دائما تجلبين لنا الكلام السيء ابيكِ يغضب وانتِ تزيدين الوضع سوءً.
نهضت من على السرير وتجاهلتني بيأس لتخرج من الغرفة وتتركني لأشباح اليأس ترعبني طوال الليل.
حتى تخليت عن حلمي حينها، وقررت ان ادرس ما يرغب هو به ليكون اسمي طالبة جامعية اضيع وقتي كله في الخروج مع حبيبي، ودراسة أشياء أكرهها، اجهضت حلمي الصغير ودفنته بداخلي لأزور قبره كلما شاهدت أحدهم يخطو تجاه حلمه ويناله.
ارتدت الجامعة التكنلوجية لأدرس هندسة مدني، شيء يفخر به ابي، لكنني لم اكن احب هذا التخصص، من الأساس لا اجد الشغف في الأرقام والحساب، لكنني مضطرة، عاهدت نفسي انني سأختار الجامعة التي اريدها والتخصص الذي يعجبني عندما استقل عنهم، بذلك سيصبح لي شهادتين عوضاً عن واحدة.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-12-19, 10:11 PM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل السادس


عبدالله
١١ أكتوبر ٢٠١٥

عدت لمنزلي العصر بعد ان انهيت عملي في احدى جلسات التصوير، دخلت للداخل لأرى حذاء جوى بالقرب من الباب لمحت سرير حيث احتضن جسدها المغري، ابتسمت وانا اضع اغراضي على الأرض واقترب من السرير لأراها عليه تنام على بطنها وتفتح ذراعيها ليستلقيا بجانب رأسها، شعرها المموج مفروش على الوسادة، كانت ترتدي أحد بيجاماتي لكنها لم ترتدي السروال بل اكتفت بالقميص فقط لأنها طويل، تثني احدى ساقيها وتمد أخرى، فخذاها كانا ظاهران يدعواني بجمالهما الفاحش، اغمضت عيني لأتنفس بقوة، تبا لكِ ما الذي تسببينه لي ولرجولتي. كيف اصمد امام صرح معالمها ومفاتنها؟ اقتربت من السرير وألف شيطان يجرني من ياقتي نحوها وتقد الملائكة قميصي من دبر وانا اتخبط بينهم. جلست بجانب ساقيها لأمد سبابتي نحو كاحلها بحذر كأنني على وشك ملامسة شمعة، بيدي قبضت على الفراش اشد عليه لأقوى لأمسد زمام الامور، لأمنع نفسي من نفسي، رفعت صوتي قليلا لأجعلها تصحو وترجم شياطيني معي، ناديتها لتفتح عينياها وترمش حتى تتضح رؤيتها، ابتسمت واستلقت على ظهرها لتقل: انتظرتك حتى غفوت.
امسكت بقدمها ووضعتها على جحري لأعزف بأصابعي على كاحلها وساقها، اغمضت عيناها وهي تبتسم بعذوبة مستمتعة بهذا الإحساس.
- كفي عن ارتداء ثيابي.
فتحت عيناها لتقل بغنج: لكنني اُحبها مريحة.
ارتفعت اصابعي لركبتها لأقل: لكنكِ تتركين عطرك وملمسكِ داخلها، تتركين أثر لمفاتنكِ داخلها لأبدو كمراهق اشتهي امرأة من عطرها فقط.
اشارت الي لتقل كأنها امسكت بي: اذن تعترف ان عطري يثيرك.
قهقهت قائلا: كان يجب ان يُحرم عطركِ انتِ فقط، لا على جميع النساء.
نهضت لوضع الجلوس وتقترب بوجهها امام وجهي لتقل بجراءة: عطرك أيضا كان يجب ان يُحرم كالخمر لأنه مسكر أيضاً.
امتدت يدي لألامس وجهها الناعم واقترب بشفتي المتلهفة تجاه شفتيها لنغرق في قبلة محمومة، قبلتها فقط تستحق ان تسمى قُبلة وتستحق ان تكون لي قِبلة، هي لا تعلم انني عندما اخونها مع اخريات لا اقبلهن وانني الوث جسدي بالكامل عدا شفتاي، اعتقد انها الشيء الوحيد في العلاقة الذي يخلو من أي قذارة شيء يجب ان يكون مخصصا للحب. هي لغة من لغات الحب، زجاجات (بيرة) كاملة غير قادرة على اسكاري كشفتيها وكأنها خلقت من العنب لتعتق سنوات طويلة تسقيني بطعم كالسكر غير موجود بالخمور وتأثير اقوى، اقتربت هي مني أكثر راحة يدها تمسح عنقي من الخلق ورأسي الأملس، فتحت عيني لأدوس على ما بداخلي وابتعد لألتقط انفاسي، ازلت يداها من علي ونهضت لأقل: سأحضر لكِ القهوة.
برعشة امتدت يدي لتضغط على رز جهاز تحضير القهوة، بدأت انفاسي تنتظر وكل شيء في جسدي يعود لمكانه اقتربت هي لتقفز وتجلس على الطاولة التي تستقر عليها الة صنع القهوة. قالت بمرح: حلمت انني حامل منك.
نظرت اليها لأجد ابتسامة واسعة تظهر اسنانها واضعة يدها على بطنها، أكملت: ارغب بأولاد يشبهونك.
التقط الكوب الذي احتضن القهوة الساخنة بين جدرانه ناولتها إياها لأقل بخبث: هيا اذن لنفعلها.
قهقهت لتضرب صدري: هييييي تبا لك هههههه.
ارتشفت هي قليلا اخبرتها بجدية: لا تحلمي حتى بذلك، لن اُصبح يوما زوجاً او اب.
لمعت عيناها وابتلعت ريقها أكملت بقسوة: ما دمت هنا لن اُفكر في مستقبل، لن اُنجب أولاد في هذا الوطن يعانون منه ليقتلهم هو في النهاية او يكبتون قدراتهم، لن افعل.
بقيت صامتة تنظر الي، حتى رفعت كوبها لتكمل قهوتها، نزلت للأسفل وضعته على الطاولة ورفعت كتفيها قائلة: لقد كان مجرد حلم لا أكثر، ههه متى تحققت احلامي من الأساس؟
راقبتها وهي تسير تجاه مشغل الموسيقى لتشغل اغنية وتبدأ بالرقص بساقيها العاريتان بدت خفيفة كفراشة تتمايل بين الزهور، خصرها يتحرك بانسياب كل شيء بها كامل على اتم وجه كل شيء بها اُتقن صنعه وخلقه، لم تكن ترقص من السعادة بل ترقص وجعاً ترقص لتنفض همومها من فوق جسدها، سرت تجاهها حتى بت اتوقف امامها وادير ظهرها تجاه صدري لأحكم بذراعي على خصرها انحنيت برأسي تجاه اذنيها لأهمس بأنفاس ساخنة: انا اسف.
بقيت هي هادئة بين ذراعي. أكملت وجسدي يحترك بروية يمينا ويسارا كبندول ساعة مع جسدها: انتِ لا يليق بكِ ان تكوني زوجة لي فقط، ولا حتى يمكنني ان اراكِ ام لأطفالي، انت تعنين العالم بأسره بالنسبة لي.
علقت بهدوء: تكره العالم الذي نعيش به، لكني انا وانت نستطيع خلق عالم بل امة بمفردنا.
طبعت قبلة على رأسها وانا ابتسم بحزن، لأنها تطمئن نفسها بهذا الكلام لست انا، بيني وبين فكرة تكوين عائلة حاجز لا يمكن اختراقه مطلقا.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-12-19, 10:13 PM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل السابع


روح

١٤ نوفمبر ٢٠١٢

كنت حينها مراهقة للتو أحاول اكتشاف العالم انقب عن مشاعر جديدة، أحاول ان الفت انتباه احدهم، مدرستي حينها كانت بجانب مدرسة للبنين عند دخولنا وخروجنا منها نراقبهم وتراقبنا اعينهم بمتعة وهم مقبلين على التعرف على جنس جديد لطيف يختلف عنهم، كنت عند دخولي صباحا ارى دوما ان هناك صبي يقف عند باب المدرسة ينتظر الى حين وصولي، اعتقد انه كان يكبرني بعامين كان جميلا شعره اسود ابيض وعيناه بنيتان وقد بدأت شاربيه بالنمو قليلاً، اعتدت على رؤية وجهه صباحا لم يكن يكتمل يومي دون ان اراه، كان هناك شعور جديد ومختلف يكبر كل يوم في صدري، شعور غريب لأول مرة اجربه عندها تزداد نبضات قلبي لتسرع اكثر تحاول الطرق على صدري من الداخل تخاطبني ان هذا الصبي مختلف، رغم خوفي وتحفظي حينها الا انني لم اكن استطيع السيطرة على شفتاي فور رؤيتي لإبتسامته، في ظهيرة وعند خروجي من المدرسة وقد بدأت قدماي تقوداني عائدة للمنزل سيراً، شعرت ان هناك احداً خلفي، التفت لأراه يسير على بعد مسافة يتبعني وشفتاه تبتسمان كالعادة، توقفت لألتفت واقل وانا اقضب حاجباي: لم تتبعني؟
سألني: ما اسمكِ؟
- لا شأن لك، لم تجبني لم تتبعني.
سار مقتربا الي فعادت احدى قدماي خطوة للوراء، رفع يداه ليقل: لا تخافي مني، مد لي ورقة صغيرة قال لي: هذا بريدي الالكتروني.
التقطته منه وهرولت للمنزل خائفة وسعيدة بشيء اكاد ان اقبل عليه، لم انوي ان اُخبر أحداً لكنني لم أستطع كتم هذا الحدث الرائع الذي أصاب حياتي للمرة الاولى، اخبرت جدي نعيم أولاً.
سألني كصديق بعد ان سردت له ما حدث: وانتِ ماذا تشعرين؟
رفعت كتفاي لأعلق: لا اعلم، لكنني خائفة.
مد يده ليمسك بيدي بلطف ضغط عليها قليلا ليقل: هذه المشاعر خاصة جميلة احتفظي بها، ما رأيكِ ان تصبحي انتِ وهو أصدقاء، لا تستعجلي وتطلقي على ما تشعرين به حب.
ركز نظراته علي ليكمل: لم تجربي من قبل ان يدخل أحدهم من الجنس الاخر حياتكِ، لذلك لا تتسرعي في الحكم، وايضاً امنحي مشاعرك فرصة.
ابتسمت اليه وانا اشعر باطمئنان لا يوجد بعده، وجود جدي نعيم في حياتي كوجود القمر في الليالي المعتمة من خلاله أرى الأشياء وافسرها بوضوح، ارتاح له ومعه، أجد نفسي كالماء العذب صافية انا بدون مخاوف، بدون هواجس او تحفظ.
حينها ولأنني فتاة عادية اشبه الكثيرات قررت ان اطلع صديقاتي في المدرسة على ما حدث، اريتهن الورقة التي كتب عليها بريده الالكتروني ففرحن وبدأن يبين امامي قصورا ويحيكن قصصن من نسيخ الخيال، أيام تلذذت وانا اراه يوميا يقف يبادلني النظرات لتتضخم فكرة اضافته وبدأ الحديث معه.
كنت جالسة في الصف في احدى الدروس الشاغرة التي أتت فيها مدرسة أخرى تراقبنا من خلالها، كنت جالسة اتحدث مع صديقاتي حتى أتت مجموعة من الفتيات في نفس الصف توقفت احداهن لتسألني بمكر: اذن ما اسم حبيبكِ.
صدمت أي حبيب! التفت لصديقاتي لأجدهن صامتات ضيقت عيناي لأقرأ ملامحهن، وجهت كلامي الجاف للفتيات: انا ليس لدي حبيب.
قالت بإصرار: انا اعلم جيدا قصتكِ معه، هيا أخبرينا.
نهضت من على الكرسي بغضب لأقل: ما شأنكِ انتِ؟
اقتربت لتقل باستفزاز: أتخافين ان يحبني انا ويترككِ؟
دفعتها لأقل: انتِ سخيفة.
فدفعتني احدى صديقاتها لأسقط، ثم بدأنا بمشاجرة عنيفة وصراخ وصل للممرات حتى انتهى بنا المطاف في مكتب المديرة جميعنا.
ارتعدت اوصالي اثناء ضرب المديرة مكتبها وهي تصرخ بنا، سألتنا بتهجم: ما سبب الشجار ومن بدأه؟
قبل ان اُفكر بشيء وجدت جميع الأصابع قد اتهموني ودارت نحوي، صدمت! لأنني رأيت من بين تلك الأصابع، صديقاتي وقد وقفن ضدي حتى! قالت الفتاة التي بدأت في المشكلة: لقد بدأت تسرد لنا هي حكاياتها مع حبيبها وتقنعنا ان ما تفعله صواب وعندما اخبرناها انها لا يجب ان تكلم صبي هاجمتنا.
!!!.. كانت جميع علامات الاستفهام والتعجب مرسومة على وجهي، وشهدت صديقاتي مؤكدات لكلامها، كم الظلم بشع لكنه ان اتى من المقربين يصبح أقذر، بقيت أقف مصدومة عاجزة او مذهولة، حتى انني لا اعلم بم اصدم بقدراتهم على تأليف وتلفيق كلام! او بما فعلته صديقاتي!
كانت جميع تلك التساؤلات تدور في ذهني تمنعني من الاستماع لتوبيخ المديرة ولم استمع لها قالته وهي ترفع الهاتف وتتحدث عبره بل بقيت متوقفة لفترة عاجزة عن الإحساس بأي مؤثر خارجي، حتي رأيتها من بعيد تدلف للمدرسة وتقتحم بوابة الإدارة والشرار يتطاير من عيناها، انها امي! هل اتصلت بها المديرة؟ لم أكن سريعة في التفكير لأنها وقفت امامي وصفعتني لتجعلني افيق مما انا عليه، كانت دموعي تتساقط دون صوت بحرارة تحريق طريقها اثناء جريانها على وجنتاي، كلمات خرجت من افواه كاذبة جعلت مني ما انا عليه في موقفي هذا لأسمع كلام توبيخ امي والمديرة معاً، لأنصت لأمي وهي تتوعدني امام المديرة انها ستعيد تربيتي، جرتني من ذراعي بقوة وهي تسحبني لنخرج وتتوعد انها ستخبر ابي بكل شيء، حاولت قدماي غرز جذورها في الأرض لأقف واتوسل اليها: ارجوكِ لا تخبريه، اتوسل اليكِ، صدقيني لم افعل شيئاً، كاذبات صدقيني اقسم لكِ.
صفعتني صفعة أخرى لتجعلني اصمت وهي تقول: لقد وضعتني بموقف محرج، ستعاقبين على فعلتكِ هذه.
قضيت طريقي كله وانا اقسم بجميع أسماء الله الحسنى انني لم افعل انني بريئة مظلومة، لكن لا حياة لمن تنادي، وصلنا للمنزل لأجري لغرفتي خائفة من ابي استلقيت على سريري وغطيت جسدي لأرجف أسفل فراشي وانا اقنع نفسي انني في امان هنا، دقائق ربما مرت كأنها ساعات وصوت انفاسي الساخنة تعلو في الارجاء حتى شعرت فجأة ان الغطاء قد ازيل من علي لأنتفض برعب وارى ابي يقف عند سريري عيناه تقتد بغضب وامي خلفه كتابعة بعد ان وشت واخربته بكل شيء، اقترب منحنيا ليصل الي ويجرني من ذراعي ليقل: تحدثين أحدهم! تحاولين فضحنا!
اُنهى جملته بصفعة لأنفجر باكية اطلب منه الانصات الي، رأيت اختي قد عادت للتو من الخارج لترمي حقيبتها وتندفع نحوي تحاول حمايتي، لكنها ضربت معي يومها وحبس كلانا في هذه الزنزانة.
من يومها وانا أكره شيء يسمى صداقة، لم اتخذ أي صديقات في بقية مراحلي الدراسية، لم اسمح حينها لأحد بالاقتراب مني، المشكلة انني بت مشوهة في نظر الجميع وانا لم اقترف أي خطأ.
كرهت أيضاً امي حينها، لم تسترني، بل عرتني أكثر، كان عليها تصديقي، بل مساندتي وان كنت مخطئة، وجدت متعة بتسليمي لقبضة والدي.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-12-19, 10:16 PM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الثامن

جوى

٢٤ ديسمبر ٢٠١٥

كنت اقف امام النافذة التي تطل على الحديقة الخارجية، تجمعت قطرات المطر على عليها فبدأت تمنع الرؤية بعض الشيء صوت الأغاني التي يفضلها (alternative rock ) مذاع في المكان كانت لأحدى فرق وسط البلد المصرية، اغمضت عيني بهدوء ودعوت الله دعوت له ثم له ونسيت ان ادعو لنفسي، صوت انفاسي كانت عالية اعلى من وقع قطرات المطر على النافذة، حاولت ان ابتسم لأقترب بفمي من الزجاج وانفث فيه بخار فمي لأمد سبابتي وارسم نجمة، علاقتي بالنجوم مختلفة ربما هي مصدر الهام لي، شعرت بوقع خطواته وهو يقترب خلفي حتى التصق ظهري بصدرك، سألني بهدوء: بم تفكرين؟
اجبته وانا ما زلت امد النظر فيما هو موجود امامي: ادعو الله لك.
علق ساخراً: بم دعوتي؟
التفت لأقل بمزاح: سر.
وقف جانبي حتى لامست ذراعه كتفي قال وهو ينظر للأمام: وكأنه سيجيب دعواتكِ او دعوات أحد.
قلت بتأكيد: سيفعل.
التفت الي ليقل: انتِ متناقضة، تدعين انكِ قريبة من الله وانتِ تعصيه اليس كذلك؟
رفعت كتفاي لأبرر: انا بشر، اعصي ربي واعود له لأن لا ملجأ لي سواه.
سخر مني مقهقهاً: هههه من قال انه سيغفر لكِ، أتعرفين كم جرما ترتكبين وانتِ معي؟
بقيت صامتة فثنيت ذراعي لصدري انتظره ان يكمل فاستطرد: اليس لمسي لكِ يعتبر زنا وان لم يحدث بيننا شيء صريح! أكملت: اليس مجالسة شخص يشرب الكحول يعتبر ملعون؟ الجميع يدعي ان بينه وبين الله شيئا خاصا وهو يعصيه.
اعتدلت اثناء وقوفي امامه لأبدأ بالتبرير اليه: انا اعلم انني لست ملاكاً وانا اسبح في بركة مليئة بالمعاصي لكنني أيضا مؤمنة انني في يوم سأترك كل شيء، سيهديني الله، ثم انني حقا متأكدة ان هناك شيئا خاصة بيني وبين الله.
صمت لثوانِي احاول ان اعبر ثم أكملت مشيرة: مثلا شعوري الدائم انه معي، وجوده في قلبي وانه سيجعلني سعيدة في يوم ما، الله هو الامل.
ابتسم بسخرية وسار تجاه الاريكة ليلقي بجسده عليها واستلقي مسندا رأسه على يده قائلاً: هراء مجرد هراء، ان كان كذلك لم يفعل هذا بنا، لا اقصد نفسي لأنني عاصِ ولا اتبع أي دين، بل مثلا جدكِ.
شعرت بوخزة حزن تملكتني عندما ذكره امامي ورغم ذلك أكمل قائلاً: الم يمت بشكل مروع؟ ماذا عنكِ الا تصلين له ورغم ذلك يترككِ تعانين من والدكِ؟
اقتربت لأجلس على ذراع الاريكة لأجب: هذه الحياة بها شيء الحزن والفرح، ثم ان الله يبتلي المؤمن ليمتحن صبره وايمانه.
بقي صامت لم يعلق لأنه لم اقتنع بشيء.. اقتربت حتى جلست بجانبه على الطرف لأمد يدي لأمسح ذقنه: لدي يقين ان الله سيهديك ويهديني، اعلم ان دعائي لن يكون عبثا وانه سيستجيب لي يوما.
بقي صامتا ينظر الي ببرود، اعلم انني عاصية جدا لله ورغم ذلك فهو دائما يمنحني الفرص يخبرني من خلالها انه ينتظرني لأعود له فأستغفر تائبة، هو لن يقذفني بعيدا عنه لأنني عاصية وان سمعت وان فتى الجميع بحقي وبحق افعالي فذاك النور الذي بصدري يخبرني انني قريبة منه وانه قريب مني.
اعتدل هو قليلا ليقل امراً: اجلسي بجانبي لأضع رأسي.
جلست بجانبه فعاد ليستلقي ويريح رأسه على فخذاي، امتدت يدي لتداعب شعرات ذقنه، نظر الي بتركيز ليقل: الدين لا يجلب لمن هنا سوى الخراب، باسم الدين يقتلون وباسمه يبيحون ما يشاؤون.
زفر لينظر بعيدا بعينيه: تخيلي انه لا يوجد لنا دين هنا، لم يكن ليقتل أحدهم بسبب خلاف ديني او طائفي، كنت سأعيش اليوم بين عائلة واُنجب من رحمكِ أطفال.
اعدت رأسي للوراء بهم اعلم جيدا لم يكره أي معتقد ديني، اعلم ان خسارته اسم الدين والطائفية لن تعوض وانني غير قادرة على فعل شيء حتى. أيقظني من طوفاني بعالم التساؤلات بيده التي امتدت لوجهي فأخفضت رأسي لأنظر اليه وابتسم قال لي مداعباً: ما رأيكِ ان تسافري معي، نترك كل هذه القذارة ونرحل.
ضحكت بسخرية: اووه هيا لأحزم حقائبي اذن.
اعتدل ليجلس ويقل بجدية: تعلمين جيدا انكِ السبب الوحيد الذي يجعلني مستمرا في العيش هنا، لنرحل.
اقتربت منه لأضع رأسي على كتفه لأقل: لا أستطيع، انا شجرة لا يمكنها ان تبقى بلا جذور او تربة.
- تربة فاسدة، ما الفائدة منها؟
وهنا أيضا مشكلة أخرى لن يفهمها، انني حقاً وبرغم ما يدور في هذا البلد الا ان هناك شيء يربطني به، جذوري مزروعة بداخل ارضه، دمي خلق من نهريه وتلون جلدي بلون شمسه، يمكنني تصور انني اسير في شوارع غير هذه وان كانت بالية وان غطت ارصفته القمامة، في النهاية هذه الشوائب التي ظهرت على سطحه فهي من افعالنا لا افعاله، هو لم يسئ الينا بس نحن كدنا ان نخنقه بكل ما اوتينا من جشع، ثم رابط بيننا شيء يجعل تفقد دمي يزداد كلما ذكر اسمه او حدثني احدهم عن تاريخه، لا يمكن لأحد ان يفسر سر هذه الأرض، ان يعيش الموت والحياة كلاهما عليها! ان تسمع فيروز صباحا على ضفة نهرها ويشيع الناس جثمان أحدهم مساءً. ان تُطلق الألعاب النارية من منطقة ويطلق الرصاص من جهة أخرى، ارضه غريبة وسرها اغرب، تجذب البعيد عنها وتقتل القريب منها.
قلت لعبد الله بعد تفكير طويل: ان رأيت كل شيء معتم من حولك، ضع نجوم لتصبح هذه العتمة لوحة.
ابتسم الي وقد فهم ما ارمي اليه، لهذا انا اُحب النجوم، لأنها تزين كل شيء مظلم.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:39 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.