آخر 10 مشاركات
تناقضاتُ عشقكَ * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ملاك علي - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          منطقة الحب محظورة! - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::سارة عاصم - كاملة+روابط (الكاتـب : noor1984 - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وإني قتيلكِ ياحائرة (4) *مميزة ومكتملة *.. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طريقة صنع البخور الملكي (الكاتـب : حبيبة حسن - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree269Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-11-19, 01:01 AM   #261

me@nhoO

? العضوٌ??? » 422533
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 152
?  نُقآطِيْ » me@nhoO is on a distinguished road
افتراضي


انهيت قراءة الفصول اهنئك عزيزتي علي ما ابعدت في كتابته
ولدي تسائل هل تعاني ياسمين من حالة مرضية لقد شككت في البداية بكونها مدمنة لكني استبعدت هذا الامر بعدها


me@nhoO غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 09:15 PM   #262

اشراقه حسين

? العضوٌ??? » 311685
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 381
?  نُقآطِيْ » اشراقه حسين is on a distinguished road
افتراضي

مسا الخيرات.في انتظار الفصل الجديد ي كاتبتنا العزيزه

اشراقه حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 10:09 PM   #263

اسماء155

? العضوٌ??? » 439830
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » اسماء155 is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير في انتظار الفصل 😍😍😍

اسماء155 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 10:22 PM   #264

كلي جنون

? العضوٌ??? » 146824
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,105
?  نُقآطِيْ » كلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond repute
افتراضي

نحن في انتظارك ياعسوله

كلي جنون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 10:31 PM   #265

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخيرات على كل الجميلات اعتذر على التأخير فقد انهيت مراجعت الفصل حالا ...كان اسبوعا حافلا ولم اكن قد كتبت به شيئ حتى صباح امس حتى انني كنت افكر بالاعتذرا لولا انني كقارئة قبل كوني كاتبة اعرف مدى احباط انتظار الفصل دون فائدة ...فقررت أن اضغط نفسي تماما لأكتب رغم كل ما ورائي من ضغوط لا يسع المجال لذكرها ...ارجو ان ينال الفصل الذى ابقاني ساهرة امس حتى الصباح واليوم طوال اليوم رضاكم وبانتظار رأئيكم بالاحداث ...بمجرد انهائي للتنزيل سأقرأ كافة التعليقات على الفصل السابق واقوم بالرد عليها ...دمتم بالف خير


رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 10:34 PM   #266

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل التاسع

بعد مرور أسبوع

الجامعة

نظر للأوراق أمامه مناديا باسم صاحب ورقة العمل التالية لتقوم إحدى الفتيات فيبدأ بمناقشتها كمن سبقها حول بعض النقاط التي استخرجها لها من ورقتها موضحا لها جوانب القوة والقصور فيها ثم أعطاها ورقتها ... و نظر في ساعته ليقول وهو يقف جامعا أوراقه:
"للأسف انتهى وقت المحاضرة ...ولم أتمكن من إنهاء مناقشتكم جميعا ...أظن لم يتبقى منكم إلا عدد محدود ..(ورفع الأوراق أمامه مضيفا ) لم يتبق سوى أربعة فقط "
ونادي أسمائهم وهو يكتم في داخله ابتسامة ماكرة خاصة وهو يعلم أن ثلاثة منهم متغيبين لترد ياسمين وحدها على مناداته اسمها فادعى الجدية وهو يقول :

"الأسماء التي ناديت أصحابها يحضرون لمكتبي اليوم بعد انتهاء محاضراتهم حتى انهي معهم مناقشة أوراقهم البحثية ...وابلغوا الغائبين انه سيتم خصم نصف درجاتهم ما لم يحضروا لي عذرا مقبولا"

ورفع إصبعه معدلا من إطار نظارته الأنيقة فوق عينيه وهو ينظر للجالسة أمامه في الصف الأول بوجه مضطرب وهي تتطلع فيه بقلق وحيرة ...فكتم ضحكة كادت تفلت منه على لكزات صديقتها التي تنقل نظراتها بينهما .. ثم استدار خارجا بخطوات واثقة وهو يمني نفسه بلقائها بعد ساعتين ...متمنيا أن تأتي وحدها ...وسيكون يوم حظه فعلا لو لم يكن أحد من زملائه متواجدا ساعتها ...إنه يرغب في أن يتحدث معها على انفراد ...

هو ليس بشاب لاهي ...ولن يخاطر بطلب لقاء معها في الخارج ...فقد تحرجه أو تظن به السوء ...فهي فتاة محترمة ...لقد تابعها باهتمام طوال الفترة السابقة ...ولاحظ تعاملها الجاد والحازم مع زملائها الذكور وتلك الحدود التي لا تسمح لهم بتخطيها ...

لقد شغلت عقله هذه الفتاة ومست مشاعره بقوة ..وأصبح لا يكف عن التفكير فيها...ويتمنى أن يعرف عنها أكثر...
بل إن الفكرة المرفوضة سابقا للارتباط قبل إنهاء الدكتوراه ...لم تعد تلقى بداخله نفس الرفض الآن!...
×××××
بعد ساعتين

طرقة خفيفة على باب المكتب تبعها دخول خجول متردد لها دفعه لابتسامة أخفاها سريعا وهي تنظر له من وقفتها أمام الباب لينظر لها مدعيا الجدية وهو يقول بصرامة مفتعلة :
"تفضلي يا آنسة "
اقتربت ببطيء وهي تهرب بنظراتها بعيدا عنه حتى وقفت بالقرب من مكتبه ليشير لكرسي مقابل له يدعوها للجلوس وهو ينظر بطرف عينيه لزميليه في المكتب .. ليجد أحدهما منشغل بأوراقه والآخر متابع لها فكاد أن يحدجه بنظره ناهرة .. لكنه أوقف نفسه بصعوبة فهو لا يريد لفت الانتباه لهما قبل أن يحدد موقفه معها .. فاعتدل رافعا ورقتها البحثية من أمامه وبدأ يناقشها فيها بمهنية شديدة .. وتفصيل دقيق لكل نقطة ....الأمر الذي جعلها تسترخي للحظات وتركز بكليتيها معه ترد على أسئلته وتناقشه ببعض النقاط .. وقد تعمد إطالة الوقت دون أن يشعرها بذلك ..

ولحسن حظه خرج زميليه تباعا كلا إلى عمله دون أن تنتبه هي فوضع الأوراق أمامه واسترخي يطالعها وهي تسترسل بحماس موضحة الفرق بين كيفية تحليل النصوص الأدبية والنصوص السياسية وقواعد واشتراطات كلا منهما ليقاطعها فجأة قائلا :
"هل أنتِ مرتبطة آنسة ياسمين؟! "
صمتت للحظات تحدق فيه بذهول كما لو كانت غير مستوعبة لما يقول ..حتى بدأت تعي معنى سؤاله ففتحت فمها باندهاش وبدأ وجهها في الاحتقان وهي تتراجع على كرسيها وتمسك بيد حقيبتها التي كانت تضعها على حجرها تشدها بين أصابعها حتى كادت تمزقها وردت بارتباك وهي تنظر حولها بتشتت:
"ماذا ...لا أفهم ....ما ....أستاذ .....آآآآ... (وحاولت تمالك نفسها للحظة وهي تدعي التماسك وثم قالت متجاهلة نظرته المركزة عليها) ما سبب ومعنى هذا السؤال؟ ... وما علاقته ببحثي أستاذ أنا لا افهم ؟!!"

اعتدل عمرو في جلسته وقال موضحا بشكل مباشر :
" لا علاقة له بدراستك بأي شكل آنسة ياسمين ...لكن له علاقة بي ...بصراحة أنا معجب بك ...(وتحكم في ابتسامة لإجفالها وشحوب وجهها وتلك النظرة المتفاجئة والمرتبكة في عينيها الهاربتان منه والتي سحره لونهما قبل أن يضيف بتأكيد وإصرار) نعم أنا معجب بك وجدا ...ولا أريد أن تظني بي أي شيء سيئ ..فأنا غرضي شريف تماما ...لكني ارغب في أن أتأكد مسبقا بأنك غير مرتبطة ...كما أرغب في التعرف عليك أكثر ..وأيضا تتعرفين أنت عليّ قبل أن نتخذ أي خطوات رسمية ...(وصمت لحظة قبل أن يضيف ..) هذا إن أردت أن نتعرف قليلا على بعضنا قبل اتخاذ الإجراءات الرسمية ..أما لو...(وصمت لحظة.. ناظرا لشفتيها المرتعشتين والتي تعضهما بأسنانها البيضاء الجميلة.. ثم أضاف ) أردتها رسمية من البداية ...فلا مانع عندي ( ووضع أمامها ورقة وقلم وهو يضيف) اكتبي هنا عنوانك وهاتف والدك حتى أتحدث معه "

انتفضت واقفة وهي تنظر له بذهول ...وظلت للحظات تفتح فمها وتغلقه دون أن تستطيع إخراج صوت واحد .. قبل أن تستدير هاربة منه متجاهلة صوته المنادي عليها ..

ولم تنتبه لمحاولته اللحاق بها لكنه ما أن خرج ورائها ناظرا في الرواق بحثا عنها وجدها قد اختفت .. فاضطر للتراجع عندما لمح عودة زميله الذي سأله بتعجب عن سبب وقوفه على الباب .. فهز رأسه بلا شيء وهو يفكر أنها لابد قد شعرت بالإحراج ومن الأفضل أن يترك لها الوقت الكافي للتفكير واستيعاب حديثه معها..
×××××



Layla Khalid and noor elhuda like this.


التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 16-11-19 الساعة 02:49 PM
رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 10:39 PM   #267

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

في المساء
منزل سيد العسال في الحارة


أنهت ارتداء ملابسها وجلست على حرف الفراش ...تشعر كما لو كانت معزولة عن كل ما يحدث حولها ..لديها حالة من التبلد تعيشها منذ أسبوع كامل ..ترفض أن تفكر ...
أن تشعر بشيء ...
سمعت صوت جرس الباب وتلاه أصوات السلام والترحيب ..

كل ما يحدث حولها تراه وتشعره بشكل مبهم .. إنها تعيش حالة عجيبة من التيه كما لو كانت مشاهد بعيد لأحداث لا علاقة لها بها ... لا تقوم بأي رد فعل لما يحدث رغم أن الأمر يخصها ...

هل تفاجأت برغبة سمير في خطبتها؟ ...
لا... الحقيقة أنها لم تتفاجأ ...فمجسات الأنثى بداخلها نبهتها ...وستكون غبية بالتأكيد لو لم تلاحظ اهتمامه بها ...منذ أن أوصلها وأمها للمنزل بعد احتجاز والدها بالمشفى ورؤيتها لنظراته التي انتبهت لها أكثر من مرة وهي تتركز على عينيها في مرآة السيارة الداخلية التي تعكس صورتها...

ربما وقتها لم تركز في الأمر ...لكن عندما رأته في اليوم التالي.. وتعمد إطالة الوقوف معها وسؤالها عن أحوالها وعن إن كانت بحاجة لشيء رغم محاولتها للتنصل منه بتهذيب.. بدأت تنتبه.

عادت سما بذاكرتها لتلك اللحظات أمام حجرة أبيها وهي تراه أمامها لتجفل عندما كادت أن تصطدم به وتتراجع خطوة للخلف وهي تسمعه يحييها بابتسامة:
"مرحبا آنسة سما ...سعيد بلقائك ...لقد كنت عند والدك حالا واطمأننت انه بخير ... "

كانت نظراته المتمعنة فيها ووقوفه أمامها بهذا الشكل يربكها فردت بحرج وهي تشتت نظراتها بعيدا عنه :
"شكرا أستاذ سمير ...أتعبناك معنا ...لم يكن هناك داعي لحضورك ثانية اليوم ...يكفي ما فعلته معنا أمس... جزاك الله خيرا"
لتفاجئ به يقترب منها أكثر حتى لم يعد يفصل بينهما سوى خطوة واحدة فنظرت له باستهجان وهي تقطب حاجبيها وتتراجع بجذعها قليلا لتجد نظراته تزداد حدة وتمعنا فيها و ابتسامته تتسع أكثر وهو يرى احمرار وجهها وعلامات الغضب التي تعلوه بسبب اقترابه فتراجع قليلا وهو يقول:

"لا يوجد تعب يا ....سما ....( ويكمل متجاهلا استهجانها الواضح لرفعه التكليف) ...نحن جيران ..وأنا …. معجب … ( وسارع بالقول قبل أن تنفجر فيه بعدما شعر بازدياد غضبها من احتقان وجهها الشديد ...) بأخيك سيد جدا ...ووالدك كوالد لي ...كما أن والدتي تعرف والدتك ...وكنا زملاء بالمدرسة سابقا أنا وأنت وشقيقتي حنان ...أي أن بيننا العديد من الصلات ...(ليخفض من وتيرة صوته قليلا وهو يضيف بنظرة التمعت بإعجاب صريح ...) وأنا أتمنى أن تزداد تلك الروابط أكثر قريبا "

لم تتح له الفرصة لقول المزيد ...ولم تسأله عن معنى كلماته ...بل أجفلت بوضوح وقالت بحدة وهي تحاول تجاوزه :
"عن إذنك سأدخل لأبي"
حاول وقتها اعتراض طريقها لمزيد من الكلام لكنها أوقفته بنظرة غاضبة جعلته يتنحى من أمامها مع ابتسامته التي لم تفارق وجهه .

بعد يومين كانت موجودة مع أمها بالمشفى بعد ذهاب سيد لعمله فتفاجأت بحضوره مرة أخرى بصحبة والدته وشقيقته بحجة زيارة أبيها ...لتتيقن لحظتها أنها أمام خطيب محتمل ...فقد كانت تصرفات أمه التي أخضعتها للتحقيق المفصل لدرجة أشعرتها بالاختناق واضحة ....حتى أنها مارست عليها بعض تلك الطقوس التي كانت تقوم بها الفنانة ماري منيب وكانت تظنها قد اندثرت مع أفلام الأبيض والأسود ...لقد كانت تتحسس جسدها وتشُمه بوضوح وهي تسلم عليها محتضنة ...وحمدا لله أنها لم تحضر معها حبات البندق لتختبر قوة أسنانها! ...لكن الأمر لم يخلوا من اختبارات أخرى أثارت غيظها ومنعها التهذيب عن قول شيء حيالها ...فقد كانت أمه تعقد لها اختبار حرفيا عن مهاراتها المنزلية كيف تستطيع إزالة البقع من الملابس البيضاء ..كيف تتخلص من الدهون الزائدة بأواني الطهي ...كيف تحافظ على لمعة سيراميك الحمام دون تجريح ... بل وأضافت بخبث سؤالا عن إن كان لديهم سيراميك أم ما زالوا يعيشون على البلاط القديم؟!! ...سؤال تعرف يقينا أنها تعرف إجابته ...فشقتهم القديمة الطراز بنيت في عهد البلاط القديم ذلك الابيض المرقط بنقاط سوداء ...لكن أمها ورغم كل شيء لم تترك الأمر يمر فردت عليها بسخرية متعمدة :
"شقتنا نفس نظام شقتك قبل أن يعيد ابنك بنائها ... أظنك كنت تملكين نفس بلاطها حتى وقت قريب"

فاعتدلت أم سمير بوزنها الثقيل على الكرسي الخشبي بجوار السرير وقالت بتفاخر وهي تحرك يديها بتعمد ليرتفع صوت رنين أساورها الذهبية:
"لم نعش ابدا في شقة يا حبيبتي ...هو بيتنا الملك ...ومساحته كبيرة يجري فيها الخيل ...ما شاء الله ...نحن أبناء عز طول عمرنا ...وجاء ابني سمير اسم النبي حارسه وصاينه ( لتربت بكفها الممتلئ على صدر سمير الواقف بجوارها مطأطئ الرأس حرجا) ...ليعيد بنائه حتى أصبح ما شاء الله ...الله أكبر .. أكبر بيت وأجمل بيت بالحارة )
قالتها وهي تحرك كفها فاردة أصابعها يمينا ويسارا كما لو كانت تخمّس في وجوههم ..

فتشنجت أمها وما أن كادت ترد عليها حتى قاطعهم سمير وهو يسأل والدها عن حالت صحته ...وعن إن كان في حاجة لشيء ليحضره ...لكن أمه لم تكن قد أنهت الاختبار بعد فاستغلت صمت أبيها الذي يكتفي بجمل مختصرة بسبب مرضه .. لتعود لسؤالها عن مدى إجادتها الطهي وما هي الأكلات التي تبرع فيها ...حتى المخبوزات ومقاديرها سألتها عنها ...وطبعا والدتها التي يبدو أنها استشعرت أسباب ما يحدث فكت تقطيبتها وانفرجت أساريرها وهي تبرز مهارات ابنتها بطريقة استعراضية هي الأخرى ...
لكن يبدو أن والدة سمير لم تكتفي بتأكيدات أمها وأرادت التأكد فأخذت تسألها عن طريقة طهيها لعدة أطباق...وقتها شعرت باختناق شديد مما يحدث ..لكنها لم تستطع تجاهل المرأة وعدم الرد عليها ..لتتنفس الصعداء ما إن ذهبوا ..وتدعوا الله أن يكون ظنها خاطئا ...
لكن أملها خاب ..وها هم بعد عودة أبيها بيومين قد اتصلوا أمس وابلغوهم برغبتهم بالحضور للزيارة لخطبتها.

لقد أيقظتها أمها منذ الفجر لحملة تنظيف شاملة للمنزل وصناعة العديد من أصناف الحلوى المختلفة..واستعارت طقم أطباق فاخر من خالتها ...ونبهت على سيد أن يكون حاضرا ..وحرص سيد على شراء العديد من أنواع الفاكهة عند حضوره مبكرا من عمله ..فيبدو أن أخيها مرحب بالأمر ... أو هذا ما تظنه فهو لا يتحدث معها منذ أسبوع بعد أن علم بتفاصيل تركها للعمل ...التفاصيل التي تعمدت هي إخفاء الكثير منها خاصة ما فعله آسر مكتفية بالإشارات المبهمة حول مدير المكان الذي حكم على الموقف وأصر على أن تعتذر للعميل قبل معرفته بالتفاصيل ورفضها الاعتذار وتركها للفندق ومحاولتهم بعدها إعادتها بعد تأكدهم من خطأ العميل ...لكن نظراته لها وصمته بعد أن انتهت من حديثها معه لم يشعراها بالراحة ..لتأتي كلماته لتوجع قلبها المثخن بالجراح ..وهو يخبرها بحزنه وخيبة أمله لإخفائها الأمر عنه وإقصائها إياه رافضا أي محاولة منها للتبرير والاعتذار ..

أجفلت سما من شرودها عند دخول أمها المفاجئ والملهوف وهي تقول لها بسعادة تقفز من قسماتها :
"سما هيا بسرعة...(وقطبت جبينها وهي تطلع فيها بغضب وتقول بصوت مكظوم ) ما هذه الملابس التي ترتدينها يا حمقاء! ..ألم اطلب منك ارتداء ثوبك الأزرق الذي حضرت به زفاف ابنة خالتك...لمَ لا تسمعين الكلام؟!! ...الناس بالخارج قادمون لخطبتك ...تريدين أن تقابليهم بتنورة سوداء قديمة وبلوزة رمادية باهتة؟!!... هذه ثياب تذهبي بها لجنازة وليس لمقابلة خاطب ! ...أجننت يا ابنة فوزية ...تريدين تطفيش هذا العريس اللقطة !!..."

لم تتح لها فرصة الرد وهي تجرها من جلستها على السرير لتوقفها بغيظ أمام الدولاب الصغير الذي فتحته بعنف لتخرج الثوب الذي أرادت منها ارتدائه ..

حاولت سما التملص وتخليص معصمها من كف أمها وهي تقول بعناد:
"أمي لن ارتدي الثوب الذي تريديه ...فهو مبهرج جدا لجلسة عائلية ...كما أن ثيابي ليست سيئة ولو أصريت أن أبدلها لن أخرج لهم "

همت أمها بالرد غاضبة لكن دخول سيد ألجمها بقوله :
"أمي دعيها على راحتها واذهبي أنت .. فلا يصح ترك والدته وشقيقاته وحدهن أكثر من ذلك "

ردت أمه بحنق وهي تنقل نظراتها بينهما "عَقّل أختك قبل أن تنقطني .. واعملا حسابكما أنني لن أضيّع عريس مثله من يدينا .. لا أريد دلالا فارغا...(ووقفت عند الباب تضع كف يدها على الأخرى تنظر لكيلهما وتقول بوعيد) سمير تتمناه كل بنات الحي ...عريس قيمة ومركز ومال ولديه بيت ملك له به شقة منفصلة يجرى فيها الخيل ... وسنه صغير وأخلاقه يحلف بها الجميع ..أي لا يوجد فيه غلطة يُرفض بسببها ....أم ستنتظر ليدبسها والدك في مصيبة أخرى كالمكيانيكي السابق؟! ...أو تتبطر على كل متقدم لتعنس بجواري ...والله إن لم تخرج وتفرد وجهها وتقابلهم جيدا لأتركن لكم البيت (صمتت لثوان تنهت ثم أضافت قبل أن تغلق الباب خلفها بحدة ) سأقدم العصير والحقي بي بأطباق الحلوى "

التفت سمير لأخته بعد خروج أمه واستشعر حزن ملامحها ...
لا يدرى السبب لكن داخله شعور يقلقه ناحيتها ...هناك هاجس يشغل عقله يحاول الهرب منه يربط حالتها بقريب خالد ...لكنه يحارب هذا الظن ...

تنهد بقلق وهو يحدق في عينيها ...دوما ما عرف حالتها من نظراتها ...مهما حاولت الإخفاء ...كان دوما يكشفها منهما ...
إن اخته تتألم .. هذا ما استشعره ..
في عينيها استغاثة صامتة .. فسحبها إلى صدره يضمها بقوة بين ذراعيه وسمع نشيجها الذي انطلق ما أن استشعرت دفئ ذراعي أخيها حولها ..فمال مقبلا رأسها من فوق حجابها.. ليقول لها بحنان :
"ما بك صغيرتي ...لمَ أنت حزينة؟ ...أي فتاة يأتيها خاطب تكون سعيدة ...فلمَ لست كذلك؟ ..ألديك اعتراضا على سمير؟ ...هل ترفضينه لسبب ما؟ ...اخبريني بما ترغبيه ولا تخافي شيئا ...لن يجبرك مخلوق على شيء لا تريديه ..لكن لابد من سبب يا سما .. فهل هناك سببا أو تعرفين شيئا عنه يجعلك رافضة له ؟"
تراجعت للوراء قليلا وهي تخفف من ضغط يديها حول جذعه وردت بخفوت وهي تطرق برأسها هاربة من عينيه :
" لا سيد ...لا سبب اعرفه عنه ..أنا لا اعرفه أساسا...فقط ...أنا لا أرغب في الزواج "

أبعدها قليلا دون أن يفلتها من بين يديه وقال بلوم رافض:
"لا صغيرتي ...في هذه النقطة أنا اتفق مع أمي ...لا يوجد ما يسمى بـ (لا أرغب في الزواج ) ...لابد من سبب للرفض ..حتى لو كان النفور وعدم التوافق ...وأنت لم تجلسي معه بعد ...اخرجي واجلسي وتحدثي معه ..أعطيه وأعط نفسك فرصة معه ..وبعدها صل استخارة ...أبي وأمي راغبين في إتمام الأمر بسرعة ...لكني سأقف لهم ..وأعطيك وقتك كاملا للتفكير ...فهي عشرة عمر ..لكن إذا قررت الرفض فاخبريني بسبب يقنعني"
طأطأت برأسها أكثر وابتعدت عن سيد وهي تقول بتردد وبعض التأتأة:
"سيد ...كيف يمكن أن اتزوج الآن ...تعرف ظروفنا المادية...الوضع لا يسمح بـ… "
قاطعها بصوت غاضب قائلا بحمية:
"هل عدمت أخاك يا سما ؟!!!...هل سترفضين الزواج لأن أخاك عاجز عن تجهيزك؟!! ...هل ستقللين مني وترين اني لست رجلا كفاية لـ…."

قاطعته بلهفة وهي تمسك بكفه قائلة باعتذار لاهث:
"ما عشت أخي إن قللت منك ...وعشت سندا لنا ...والله لم أقصد ...لكن الحمل زاد عليك ..وأنا تركت العمل ...وأنت وحدك أمام كل تلك الأعباء ..ومحمود أخي ...(لتصمت للحظة قبل أن تضيف باختناق وشعور بالخذلان ..) لا أمل في أي مساعدة منه ...لقد اتصلت لأخبره بمرض أبي ونقله للمشفى فلم يكلف نفسه حتى عناء الحضور متحججا بصعوبة الحصول إجازة وأن ابنه متعب ..واكتفى باتصالات هاتفية باردة وربما لولا الملامة لما قام بها من الأساس ...وأنت تعرف تكاليف الزواج الآن ومدى …"
اقترب سيد منها وقال بحزم:
"تكاليف زواجك أنا قائم بها ولن ينقصك شيء بعون الله ..وإياك سما أن اسمعك تتحججين بها كسبب ..إن كان لديك سببا فلن يكون أبدا هذا.. هل تفهمين؟ ..والآن اخرجي للجلوس معهم والحديث مع سمير ...وبعدها سأمنحك يومين للتفكير والصلاة دون أي ضغوط "
قالها وقبّل رأسها ثم سحبها معه للخارج حيث الجلسة العائلية.

××××××××


Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 10:43 PM   #268

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

واشنطن الثالثة عصرا ( العاشرة مساء في القاهرة )

صرخ بحدة في الهاتف قائلا "لا تقبلي أي دعوات أخرى هذا الأسبوع ...ولن أشارك في مزيد من الحفلات أيضا ...لقد اكتفيت "
ليغلق الهاتف بحدة ويمد يده نازعا رابطة عنقه وفاتحا زر قميصه العلوي وهو يتنفس بعمق ...قبل أن يعود للتحديق بتركيز في الأوراق أمامه

زفر بحنق حين قطع تركيزه صوت هاتفه فتطلع فيه بدون اهتمام سرعان ما تبدل وهو يرى اسم خالد ظاهرا على شاشته ..ليسرع برفعه على أذنه وهو يعود بظهره للخلف بينما يحي خالد بمحبة قائلا بمزاح ساخر:
"خالد يا ابن العم أصبحت أسوأ من زوجة مزعجة غيور من كثرة اتصالاتك بي ليل نهار متمما عليّ "

أتته ضحكة خالد وهو يرد عليه ببشاشة"
" وسأكون أسوء منها بمراحل لو تجاهلت اتصالاتي ولم تجبني ..لأنني وقتها سأهبط عليك بجولة تفتيشية ...(وصمت للحظات قبل أن يسأله باهتمام) هل وجدت حلا لما لديك ؟"
رد آسر بسخرية :
"أي حل هذا الذي سأجده بين ليلة وضحاها ...ما زلت أحاول تدارك المصائب المتلاحقة بلا فائدة حتى الآن رغم كل محاولاتي ..... لكني لا أزال صامدا أمامهم ...لا تشغل بالك ...واخبرني كيف حالكم أنتم؟ ...كيف عمتي وهمس والشقي الصغير أمجد؟"

رد خالد بحنان يغلف نبراته ما أن تأتي سيرة عائلته:
"جميعهم بخير ..أمي لا تكف عن السؤال عن موعد عودتك حتى همس سألتني أيضا وكلتاهما تخبرانك بضرورة تواجدك بعد ثلاثة أسابيع لتحضر حفلة عيد مولد أمجد الأول ...ومعي تحذير شديد اللهجة من كليهما بعدم قبول أي أعذار عن الحضور "

ابتسم آسر بحنو وهو يقول :
"لابد أنهما يحضران حفلا صاخبا احتفالا بالعيد الأول لحفيد آل الراوي"
قال خالد بحنق:
"لا تذكرني يا رجل ...كلتاهما تشعراني بأنه حفل زفاف ولي العهد لا حفل مولد طفل ...إنهما غارقتان بالتجهيزات منذ عدة أيام رغم أن الموعد باقي عليه ما يزيد عن ثلاثة أسابيع ...لقد أصاباني بالجنون حرفيا بسبب طلباتهما التي لا تنتهي وقائمة مدعويهم التي تتزايد ...اقسم أني أكاد انزع شعري كلما جلست معهما ...وأتمنى أن اهرب بعيدا حتى ينتهوا من تجهيزاتهم العجيبة...لقد كادت همس أن تصاب بحالة هستيرية عندما مرض زوج خالتها ودخل المشفى ...خوفا من أن يستمر مرضه لفترة أطول وتضطر لإلغاء الحفل ...وبيني وبينك كنت أتمنى أن يحدث ذلك...لا أقصد أن تتأخر حالة الرجل أو أنني أتمنى له الضرر لا قدر الله ولكن تمنيت أن يطول بقائه بالمشفى بعض الشيء...حتى تلغي الحفل الموسع وتكتفي باحتفالية أسرية صغيرة بيننا ...لكنه تحسن وخرج لتتنفس همس وأمي الصعداء وأصاب أنا بالإحباط "

كان آسر يستمع له بانتباه وهو يفكر بأن زوج خالة همس لابد أن يكون هو والد سما ...فهو يذكر أن همس أخبرته أن سما هي ابنة خالتها الوحيدة ...وقبل أن يحاول الاستفسار أكثر من خالد دخل فهد الحجرة هاتفا بحنق بأنه يريده في أمر عاجل ...ليأتيه صوت خالد الذي سمع حديث فهد قائلا:
"لن أعطلك أكثر فقط أريدك أن تعلم أني توليت أمر ماجد الزعفراني ولن يضايقك ثانية ...والأمور استقرت هنا في فندق القاهرة ...ومدحت يكثف حمالات الدعاية ...فقط بضع أسابيع وتعود الأمور للاستقرار الكامل وترتفع نسبة الإشغالات من جديد ...وسأرسل لك تنبيها بموعد حفل أمجد ..فأحرص على التواجد وإلا لن تسامحك أمي وهمس ...استودعك الله "

ليرد آسر تحيته ويغلق الهاتف وهو ينظر لملامح فهد المتجهمة سائلا بقلق :
"ماذا هناك ؟ ماذا حدث "
رد فهد بغضب وهو يناوله ملفا كان بيده :
"مارجريت اشترت أسهم كل المساهمين الصغار ...واستطاعت رفع نسبتها ، وأصبح الآن من حقها معارضة أي قرار نتخذه نحن"

ضرب آسر كفه بقوة فوق مكتبه حتى اهتز كل ما فوقه وصاح بغضب حاد:
"ماذا ؟ كيف حدث ذلك؟؟ ..ألم تكن تتفاوض أنت أيضا معهم على الشراء ...لقد عرضنا عليهم سعرا أعلى من قيمتها بكثير لنضمن موافقتهم ..وكنا على وشك إبرام الصفقة معهم ...فماذا حدث ؟"

ليرد فهد بامتعاض قانط قائلا"
"فرانكو هو ما حدث يا عزيزي ...سياسة الجزرة والعصا ...مارجريت تمد الجزرة بعرض سعر أعلى منا ...وفرانكو يلوح بالعصا لمن يفكر بالبيع لغيرهم (وصمت قليلا يبلع ريقه الجاف ثم أكمل بغضب ) اللعنة عليهم ...نحن نحارب في معركة خاسرة ...فلن نستطيع مجاراة أساليبهم القذرة ...(وزفر بعمق وهو يتجه للخارج قائلا) ...أنا في حاجة للابتعاد قليلا ...أحتاج لبعض الراحة لأتمكن من التفكير "

ليخرج تاركا آسر خلفه يدفن رأسه بين كفيه بيأس...

×××××

الثانية عشر منتصف الليل


غير قادرة على النوم ...تتقلب يمينا ويسارا على سريرها الضيق الذي تستشعره أكثر ضيقا حتى يكاد يخنقها ...يكاد الألم برأسها يدفعها للصراخ ...وتدمع عينيها بلا قدرة لها على إيقافها ...فأغمضتهما تدفن وجهها في وسادتها الصلبة ...

لقد صلت الاستخارة قبل نومها آملة أن تستطيع أن تحسم أمرها بقرار لا تندم عليه لاحقا ...لقد جلست مع سمير وعائلته لما يزيد على الساعة كادت تختنق خلالها ...ليس خجلا ككل عروس ...وليس حنقا من طريقة والدته التي لا تكف عن التفاخر بمناقب ابنها ...وليس ضيقا من أسلوب شقيقتيه المتعجرف وأسئلتهما الفضولية إلى حد الوقاحة عن عملها وكم كان أجرها فيه ولماذا تركته رغم الأجر الكبير فبررت لهما بالمواعيد الغير مناسبة ... ورغم ذلك هناك ما كان يجسم على صدرها دون أن تحدد ماهيته

رغم أنها تعترف بأن سمير كان مهذبا جدا معها ...وقد حاول فتح أحاديث متنوعة خاصة بعدما قامت أخته من جوارها وطلبت من سمير أن يأتي مكانها حتى يستطيعا التحدث سويا ....الأمر الذي لم يمانع به أيا من المتواجدين ...حسنا ليس الأمر كأنه سينفرد بها ...فالشقة الضيقة لا تدع مجالا لذلك ...والشرفة خيار غير مقبول مع عيون الجارات المتلصصة والمترقبة ...خاصة مع تلاصقها مع شرفات الجيران بطريقة تفقد أي خصوصية فيها ...لذا فجلوسه جوارها على نفس الأريكة يفصل بينهما مسافة قدم هو اقرب خيار ممكن للحديث المنفرد بينهما ...لكنها لم تستطع التفاعل معه ...كانت تكتفي بردود مقتضبة من مقطعين على كل أسئلته ومحاولاته لجرها للحديث ..حتى محاولته المزاح حول يديها التي أصبحت كالطماطم من شدة دعكها لهما والتي ضحك عليها البقية وسط كلمات عن مدى خجل العروس الرافضة لرفع رأسها ...الأمر الذي يبدو أنه نال استحسان أمه واختيه ...المشكلة أنها لم تكن تشعر بالخجل ...بل بالضيق والاختناق !..

فتحت سما عينيها المحتقنتين واللتين غاب لونهما خلف حمرة قانية ...لتنظر للسقف ساهمة وهي تدعو الله أن يلهمها الصواب ... فسمعت لحظتها صوت وصول عدة إشعارات لهاتفها ..لتمد يدها تأخذه من جوارها وتفتحه لتجد عدة رسائل من همس رأتها من الخارج دون أن تفتحها لتعلم أنها تسألها عن أخبار العريس ...فابتسمت بحزن وهي تفكر في أن أمها قد نشرت الخبر بسرعة ...

ظل الهاتف في يدها للحظات وهي تنظر إليه مترددة لكنها لم تستطع منع نفسها من الدخول على صفحة الانترنت وكتابة اسمه على محرك البحث ...لتظهر لها فورا عشرات النتائج .. ففتحت التحديث الأخير والذي وجدت أنه لم يمر عليه سوى عدة ساعات .. لتقابلها صور له في حفل افتتاح مطعم جديد ملحق بأحد فنادقه ...كبرت حجم الصور وتطلعت فيها بألم وسالت دموعها الصامتة بغزارة وهي تراه محتضنا لممثلة شقراء .. يليها صورة أخرى يقبل عارضة أزياء صهباء .. وثالثة يضحك مع مقدمة برامج سمراء ...ورابعة ...وخامسة ...وسادسة ...وفي كل الصور هناك كأس في يده ...دوما هناك كأس يحمله أو يرتشف منه ....ولم تكن بحاجة لمن يخبرها ماهية ما يوجد بهذه الكأس ...فهي على يقين بأنها خمر...
أغلقت سما الهاتف وانقلبت على جنبها مغمضة العين تخبر نفسها "ها هي العلامة يا سما ...إنه لا يصلح لك ..ولن يكون يوما ...فلا هو يشبهك ولا حياته تليق بك ...( ليميل فمها ببسمة ساخرة مملوءة بالألم وأضافت تسخر من نفسها ) وهل هو محل مفاضلة أو اختيار ؟!!...إنه لم يكن لك من البداية ...ولم يعدك أو حتى يلمّح لك بشيء ...لم يربطك به إلا شعور أحمق من جهتك عززته بعض نظرات وتصرفات منه فسرتها أنت حسب هوالك ...بينما الحقيقة هي أنها طبيعته المغازلة التي تلقى بالنظرات العابثة يمينا ويسارا لتفسرها الحمقاوات مثلك على هواها ...أو ربما كانت محاولة لمساعدة قريبة زوجة ابن عمه ...أيا كان ...هو قصة لابد أن تطوى ...وآن أوان محوه من ذاكرة قلبك ووضع قناع فوقها يخفيه خلفه حتى يختنق ويختفي أثره ...وغدا سيكون موعد فتح صفحة جديدة في تاريخك يا سما ...صفحة لا تحوى اسمه أو ذكرى لعطره الذي حفظه أنفك.. أو لمعة عينيه حين يراك ..صفحة لا تفكرين فيها بلمعة شعره حين يقف تحت الثريا في صالة الفندق فيشع بلون كالذهب ...ولا ينتفض قلبك مع صدى ضحكة تعمق تلك الغمازة بذقنه .. ولا تثير ابتسامتك حين تسمعين لغته العربية بتلك اللكنة التي تعمق من حروف أبجديتها فتخرج كحروف غزلية تتراقص على دقات القلب .."
ودفنت رأسها تحت الوسادة تعد نفسها بأنه من الغد ستضع القناع فوق قلبها لتخفيه خلفه حد الاختناق ..أما الليلة فلتكن موعد ذرف آخر الدمعات على قصة لم تكتب ولن تكتب ...
×××××
في نفس الوقت
كان سيد يتقلب يمينا ويسارا على تلك الأريكة بصالة منزله ...مكان نومه المعتاد بعد أن كبر شقيقاه وترك لهم الحجرة الضيقة يتقاسمان سريريها الصغيرين ...يؤرقه التفكير بما يمكن أن يفعله ليغطي تكاليف زواج سما إن كان لها نصيب مع سمير ...أو حتى مع غيره ...شقيقته ستتزوج يوما ...ويظنه قريبا ...ولابد أن يفكر في حل أو طريقة لتوفير المال اللازم ...فسما لم تعد صغيرة ولن يترك الفرصة لأبيه ليفاجئهم يوما بإيقاعها بزيجة لا تناسبها ...يرى سمير مناسبا لها رغم أسلوب أمه المتملك ناحيته ...لكنه شاب محترم ...قد لا يستسيغ نمطه ممن يعيشون حياتهم لجمع المال ...لكن أليس الكل كذلك؟! ...هو نفسه يسعى ليل نهار لنفس السبب وأن اختلفت الأسباب والطرق ...سمير وجد لنفسه طريقا مربحا للكسب الحلال وهذا لا يعيبه ...
لقد عرض عليه سمير العمل معه ...بل وألح وأخبره أن هذا كان سبب مجيئه له أول مرة ...لكنه أعتذر فالتدريس ليس مجالا يجيده أو يستطيع مزاولته ...طبيعته الحادة وعصبيته يجعلانه مدرسا فاشلا بامتياز ..إنه يوشك أن يخنق أخويه كلما جلس للاستذكار معهم ...ولولا أنه مضطر لذلك حتى لا يدفع لهما ثمن الدروس لما احتمل الأمر ...لكن هذه أقصى قدراته ...حتى تلك الفترة التي درّس فيها في المشروع الخيرى ...لم يستطع أن يستمر أكثر من عدة أسابيع وساعدهم بعدها في إيجاد بديل عنه مكتفيا بمعاونتهم في باقي احتياجات المشروع ..

زفر سيد أنفاسه بمرارة وهو يتذكر تلك القصيرة ابنة مسعد التي يهرب منها بلا فائدة ...ليجد يده تمتد لهاتفه ويفتح تطبيق الفيس بوك على صفحة منع نفسه من النظر إليها منذ أسابيع ...ليفقد قدرته على المزيد من المقاومة وهو يتصفح منشوراتها ...ليعتدل جالسا في حدة وغضب وهو ينظر لمنشور مر على نشره عدة أسابيع لكن ما زال يحصد العديد من التعليقات والاعجابات ...منشور لتلك الحمقاء الغبية القصيرة مرتدية ذلك الثوب الأسود الضيق ذي الكتف العاري الذي تشاجر معها بسببه ...فتطلع في التاريخ فيجد الصورة منشورة في توقيت مقارب لتلك المشاجرة بينهما ...

كبر الصورة بأنفاس لاهبة شقت صدره كجمر مشتعل وهو يراها تقف شبه ملتصقة برجل وسيم ضخم لا تكاد رأسها لا تصل حتى لقرب كتفه ...فتعالت أنفاسه المختنقة وهو يقرأ تعليقات أصدقائها من الجنسين وردودها الوقحة عليهم وهي تتغزل في هذا الرجل بلا حياء ...وفهم من الحديث انه ملحن مشهور يدعى سيد صبرة ...

أرتفع حاجباه واتسعت عيناه مع فتحتي أنفه وهو يرى تعليقا لها عن سعادتها بلقاء هذا (السيد ) وكيف أنها أصبحت تعشق اسم سيد بسببه ..فتمتم لنفسه بصوت مكظوم من شدة غيظه:
"اسم سيد بات يعجبك الآن !!...ولم يعد لديك مشكلة في عشقه أيتها الوقحة القصيرة الحمقاء الغبية !..."
أغلق التطبيق والهاتف بعصبية وألقي به بجواره وعاد للارتماء على الأريكة واضعا وسادة فوق رأسه يكتم بداخلها سبابا لتلك القزمة التي تفقده عقله ...ولف يده فوق الوسادة ضاغطا بها أكثر على رأسه ووجهه لينتقل من سبها .. لسب نفسه لتفكيره فيها مجبرا عقله وقلبه على محاولة طردها من تلافيفهما...
وتساءل .. هل سيتمكن من وضع قناع عليها أم ستظل تتسلل إليه من خلف الأقنعة رغما عنه ..

××××

Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 10:47 PM   #269

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح اليوم التالي :

محطة المترو


صرخ في الهاتف قائلا بحدة وغضب :
"هشااام ...لقد نفذ صبري ...هل الأمر بمثل تلك الصعوبة ...لو كنت غير راغب في مساعدتي اخبرني لألجأ لغيرك من الزملاء..."
ليصمت لحظات قبل أن يحتد أكثر وهو يدور حول نفسه ويقول:
"أخبرتك سابقا ...ليست خطيبتي ...لم أعد إليها ...لا يهمني ما ينشره والدها في الوزارة ...اللعنة عليه وعليها ...أريد أن اعرف لمَ يفعلون ذلك؟ ...أريدك أن تنبش خلف هذا الأمر ..."

لتتجمد ملامح هادر للحظات قبل أن يقول بخفوت:
"اعد ما قلت ...لا تهتم حتى لو كانت مجرد إشاعات غير مؤكدة ...اخبرني بكل ما سمعته بالتفصيل"

واتجه للجلوس على مكتبه واستكانت ملامحه وكساها البرود وهو يستمع لهشام الذي قال :

" تتناثر إشاعات بين بعض الضباط بالوزارة تتحدث حول تورط صهر اللواء عدنان السابق وأبيه بصفقات مشبوهة لإدخال كميات كبيرة من الأسلحة ..وسمعت أن هناك بحث وتحقيق يجرى حولهما على درجة عالية من السرية نظرا لحساسية مناصبهم .. فالأب عضو في مجلس الشعب ولديه حصانة والابن من أهم رجال الأعمال الشباب على الساحة الآن ... (وأضاف بتردد ) بل سمعت من ضابط صديق في حجرة العمليات الخاصة أن هناك تحقيقا داخليا تتولاه رتبا كبرى وبمنتهى السرية حول اللواء عدنان نفسه للوقوف على مدى تورطه مع خطيب ابنته ..فيبدو أنهم يظنون أنه ربما يكون مشتركا أو على الأقل سهل لهم أمر دخول بعض تلك الشحنات للبلاد …لكن يا هادر ..الأمر كله مجرد كلام مرسل بلا أي أدلة أو تأكيدات ...وربما يكون مجرد إشاعات فقط ... لذا لم أكن أريد إخبارك حتى أصل لبعض الحقائق والتأكيدات "

أجابه هادر بهدوء يخفي خلفه حمما من الغضب الممزوج بالقلق :
"بل كان لابد أن تخبرني بكل شيء مهما كان يا هشام ...شكرا صديقي ...أعرف بأني أثقل عليك ...لكن الأمر هام جدا لي ...لذا أريد منك مزيدا من المتابعة والتقصي ...وما أن تصل لشيء مهما كان اخبرني ......أنا مدين لك بواحدة يا صديقي "

أغلق الخط بعد تبادل التحيات ثم اسند رأسه للخلف يحدق أمامه مضيقا عينيه بتفكير ...قبل أن ينتبه على صوت فتح الباب بحدة بعد طرقة سريعة ليدخل الآمين عارف يجر فتاة قصيرة ونحيلة يمسكها من قفاها ويلقي بها أمام مكتبه قائلا وهو ينهت:
"سيدي أمسكت بتلك اللصة وهي تسرق حقيبة فتاة خطفتها من يدها أثناء دخول الضحية لعربة القطار شدتها من يدها لحظة انغلاق الباب ...وحاولت الهرب ( ليضيف معجبا بنفسه وهو يناوله الحقيبة المسروقة ) هذه الحقيرة ( بنت ال....) تظن أن بإمكانها السرقة من المحطة التي يخدم فيها الأمين عارف وأثناء مناوبة عمله! ...هه! ..أنا لها ولأمثالها بالمرصاد ...لقد لمحتها منذ دخلت محطتي .. وبفراستي وحسي الأمني علمت بأنها لصة .. فتتبعتها دون أن تشعر بي وهي تحوم حول الواقفين ..وما أن قامت بفعلتها وحاولت الهرب بسرعة مستغلة الارتباك والزحام حتى لحقتها ممسكا بها فورا ( ليقف نافخا صدره بفخر وهو يكمل ...) وها قد أحضرتها لسيادتك ومعها الحقيبة المسروقة"

استقام هادر واقفا يناظر الفتاة الباكية أمامه بحدة وهو يسألها :
" ما اسمك؟!"
ردت بصوت مرتعش:
"خادمتك شادية يا باشا"
ناظرها هادر بنظرة جمدت الدم في عروقها فانكمشت على نفسها أكثر وازداد صوت نشيجها وهو يقول معنفا:
"لا أريد سماع بكائك ...ما اسمك الحركي ...وهل تعملين وحدك أم معك داعم"

صمتت الفتاة دون رد فضرب المكتب بقوة جعلتها تنتفض وهو يصرخ فيها:
"اجيبي"

أتتها ضربة قوية على قفاها من عارف انتزعتها من مكانها وكادت تلقي بها أرضا وهو يأمرها:
"أجيبي الباشا بلا لوع وإلا أخرجت الكلمات من حلقك بطريقتي "
ناظره هادر بغضب وهتف بحدة:
"عااارف !!!"
انتفض الأخير واختفت ملامح الانتشاء من وجهه وهو ينظر لوجه هادر المحتد ولتلك النظرة الناهرة في عينيه فانخفضت يده التي كانت على وشك توجيه ضربة ثانية للمنكمشة أمامه .. وتراجع خطوتين ليقف خلف الباب صامتا بينما اقترب هادر من الفتاة مقربا وجهه منها وهو يقول من بين أسنانه بخفوت مرعب :
"أجيبي بلا مراوغة وبسرعة ...وإلا..."
وترك الجملة بلا تكملة لترفع الفتاة عينين مرتعبتين ناحيته وهي تقول :
"اقسم بالله يا باشا ...هي المرة الأولى التي افعلها ...أنا لم أسرق من قبل ...غصب عني ..(وَزِّة ) شيطان ولن تتكرر ...اقبّل يديك يا باشا ( وانحنت محاولة تقبيل يده وهي تكمل ) اعتقني هذه المرة فقط ولن أكررها ..أنا اجري على كوم لحم ...إخوتي الصغار وأمي في رقبتي ولا أجد ما أنفقه عليهم "

نظر لها قائلا بسخرية :
"فقررتِ الإنفاق عليهم من السرقة ...واخترتِ المحطة وقت الذروة ...لتبدئي أولى خطواتك في الإجرام ...والمفروض أن أصدق هذا ..."

حاولت إقناعه وهي تحكي بسرعة عن ظروفها وتقسم بأنها مرتها الأولى ...في الوقت الذي أخذ يتطلع فيها هادر بتمعن فيأكد له حدسه إنها كاذبة ليقول لعارف مقاطعا هذرها:
"عارف ...خذها لمليكة لتفتشها ذاتيا وتخرج لنا بطاقتها المختفية ...وبعدها خذ بصماتها وصورتها و اكشف لي عليهما...أنا واثق بأنك ستجد لها ملفا عندنا ...لكني أظنها تعمل خارج منطقتها المعتادة "

تقدم عارف جارا إياها بعنف بينما تصرخ هي منادية على هادر طالبة منه تصديقها وتركها لكنه تجاهلها ومد يده بعد خروجهما يفتح الحقيبة أمامه للاستدلال على صاحبتها .. وإن كان يتوقع حضورها في أي لحظة فلابد أنها ستهبط في المحطة التالية وتعود إلى هنا لعمل محضر بالسرقة ..

كانت الحقيبة زرقاء دائرية الشكل لها قفل معقد عجيب لم يفهم كيف يُفتح فظل يقلب الحقيبة في يديه بغيظ وهو يحاول ببعض الشدة فتح القفل الذي انفتح فجأة في وجهه فسقطت معظم محتوياتها على مكتبه ...

تطلع بسرعة في المحتويات الأنثوية العادية التي وقعت من الحقيبة وهو يحاول لملمتها مجددا ليلفت نظره هذا المحقن الذي وقع منها والذي يعرفه جيدا .. فلديهم في المنزل شبيها له يعطي به والده جرعات الأنسولين اليومية ...

حمله بحذر ووضعه جانبا ..خاصة حين لاحظ بأنه ممتلئ دلالة على أن صاحبة الحقيبة لم تأخذ جرعتها بعد .. وشعر ببعض الشفقة على صاحبتها أن تحتاج لجرعات من الأنسولين فهي تبدو من حديث الأمين عارف ومن هيئة وموديل الحقيبة ومحتوياتها صغيرة في العمر ..
نظر لباقي محتوياتها...مرآة صغيرة .. إصبع حمرة شفاه ..مشط ...بعض قطع الحلوى والبونبون ...قصافة أظافر...بعض الأقلام.. وابتسم وهو يجد كيسا صغيرا به لب ..وآخر به سوداني ومسليات ..ميدالية مفاتيح على شكل دبدوب أبيض صغير ومعها حرف jبالإنجليزية ...و محفظة عسلية.

فتح المحفظة فوجد مبلغا ماديا كبير نسبيا بعدها اتسعت عيناه وانتفض قلبه وهو يخرج كارنيه جامعي وخلفه بطاقة رقم قومي ..ويرى تلك الصورة تطل عليه منهما ..
صورة لفتاة بعينين زرقاوان سبق أن سرقت نبضه منذ رآها ..
فتجمدت أطرافه لثوان قبل أن يغمغم ذاهلا وهو يحدق فيها :
" يا إلهي …ياسمين ؟!!!!"
×××××

عصرا
شركة الذهبية للإعلان


أنهى محمود مراجعة أوراق الحسابات أمامه يجبر نفسه على التركيز بصعوبة بينما يفكر بشقيقتيه بحزن مغلف بالغضب ...لقد أصر أمس على معرفة سبب مكوث رباب لديهم وعدم عودتها لشقتها ...وسبب رفض يوسف الحضور لديهم كلما دعاه ...لتنهار رباب باكية وهي تخبره برغبتها بالطلاق ...وتضطر سامية لأخباره بالموضوع كله ..

يا الله! ...كل هذا يحدث لشقيقته وهو غافل.. لاهي عنهما بمشاكله ...ليسخر من نفسه متسائلا :
"وهل كنت غافلا فعلا يا محمود ؟!...ألم تلاحظ طريقة يوسف الحادة معها؟ ...منعه إياها من الخروج ...منعه لها من العمل !...شجاره المتكرر معها .. عصبيته الدائمة!"

أغمض عينيه دافنا وجهه بين يديه وهو يعترف لنفسه أنه لاحظ لكنه ادعى العمى ..ادعى أن كل شيء بخير طالما لم يخبره أحد ...

أي شقيق لعين هو !..كيف يترك شقيقته الصغيرة عرضة للتنمر والألم والعذاب! ..والله لن يكون ...مهما كانت معزته ليوسف وخاصة بعد موقفه الأخير وتوفير فرصة العمل الرائعة هذه له والتي كاد ييأس من الحصول على مثلها.. لكن هذا لا يعني أن يرضخ ويغض الطرف عن أفعاله مع شقيقته .. حتى لو كان بداخله يمنحه بعض العذر كرجل ...

لقد كان راغبا في مصارحته بالأمر منذ البداية ويترك له حرية القرار ...لكن بكاء رباب وقتها وخوفها أن يفعل كسابقيه جعله وسامية يصمتون على مضض داعين الله أن يمر الأمر على خير وأن تكون عشرته لها كافية ليتأكد من حسن خلقها وطيب أصلها ...

لكن ما دام لم يحدث بعد كل تلك السنوات فلن يترك أخته لمزيد من المعاناة .. حتى لو خسر فرصة العمل هذه ...

فنظر لساعته ليجدها الثالثة وبضع دقائق ...ولابد أن يوسف موجود بالأسفل عند سيارة المدير ...
لذا لم يستطيع الانتظار أكثر ...فخرج متجها لأسفل ناويا التحدث معه ....

بعد دقائق
مكتب مدحت

وقف مدحت منتفضا من كرسيه وهو يقول بذعر:
"أي سيارة التي اقتربت من الوصول للشركة ...أبي ألست بالإسكندرية ؟...ألم تخبرني أمس بأنك ستمد إقامتك يومين آخرين حتى تنهي كل شيء وتسترخي بعدها قليلا "
ليأتيه صوت أبيه المختلط بأصوات ضوضاء السيارات حوله قائلا:
"استطعت صباح اليوم انجاز كل الأمور العالقة وأنهيت الاتفاقات تماما ...والعميل متعجل لإنهاء التعاقدات القانونية فأردت أن اعرضها على المحامي بسرعة ...كما أن شقيقتك اتصلت بي غاضبة مني لطول سفري وراغبة بعودتي بسرعة لأنها اشتاقت لي"
شتم مدحت شقيقته المدللة في سره وأجاب والده هازئا:
"طبعا مدللتك اشتاقت لاتخاذك حجة للذهاب إليك كل يوم وآخر مجبرة زوجها المسكين على القدوم معها حتى تجعل عم مصيلحي يطهي لهما وجبة لائقة تصلح للطعام وتهرب هي من شجار زوجها معها على طهيها الفاشل... وفي الوقت نفسه تحظي بأحضانك ودلالك وعرائسك التي ما زلت تحضرها لها كل يوم وآخر كما لو كانت طفلة في الثالثة من عمرها"
صدحت ضحكات عزالدين وهو يقول بحنان:
"يحق لأميرتي الدلال أيها الغيور ..لا شأن لك ...عندما تنجب زوجتك أميرة مثلها ستدللها أكثر مني"
رد مدحت محاولا المزاح وهو يتحرك ليخرج من مكتبه :
"المفروض أن تدللها أنت ألست الجد ...هذا دورك أن تعطي ابنتك استمارة تقاعد وتدلل حفيدتك فكما يقولون أعز الولد ولد الولد يا أبي "

ليرد أبيه بتأكيد " ومن أخبرك بأني غير قادر على دلالكم جميعا دون أن ينقص من أيكم ذرة أهدوني أنتم الأحفاد ولا شأن لكم ...هيا اذهب دقائق وسأكون لديك بالمكتب "

حاول مدحت مقاطعته قائلا :
"ولما لا تذهب للبيت للراحة أولا؟ ...أبي ...الو ...أبي ...اللعنة قُطع الخط .."
ليحاول إعادة الاتصال بلا طائل لا يدري إن كان عيبا في شبكة أو شحن أو أي شيء لعين آخر ..

كان المكتب الذي يجلس فيه محمود فارغا فعاد لنسرين ليسألها عنه قائلا:
"نسرين هل رأيت الأستاذ محمود؟ "
رفعت نسرين عينيها عن شاشة جهازها أللوحي المنشغلة بكتابة التقارير عليه قائلة ببرود:
"أنا لست سكرتيرة لموظفيك حتى أعرف من ذهب ومن أتي.. ...تلك ليست مهنتي "

صاح بحنق وهو يعود لمكتبه:
"يا الهي ألا تعرفين الرد بكلمة نعم أو لا دون ثرثرة!"

ألقى بالهاتف على مكتبه ورفع يده يشد شعره قلقا ...لقد قام بتعيين محمود منذ أسبوع ...ولم يخبر والده بعد ...كان يرغب في إخباره اليوم مساء بالهاتف قبل عودته ...لقد أجل إخباره حتى يقضى وقتا كافيا مع الرجل ...

أراد التعرف عليه أكثر عن قرب دون أن يشوش عليه أي موقف أو رد فعل من والده ..وأيضا حتى لا يربك والده أو يشتته تركيزه أثناء مفاوضاته ...لكن كل شيء ارتبك بعودة أبيه مبكرا وقدومه للمكتب الآن...

وقف أمام شباك مكتبه يفكر بقلق .. واتسعت عيناه وهو يلمح وقوف محمود أمام باب الشركة بجوار سيارته يتحدث مع يوسف وتبدو على وجهه معالم غضب واضح ...ولمح سيارة أجرة تقترب من بداية الشارع وتبدأ بالتهدئة حتى توقفت أمامهما بجوار سيارته لينزل منها والده ليسب بحنق وهو يتحرك بسرعة...خارجا من المكتب داعيا الله أن تكون السنوات الماضية كافية لجعل كلاهما لا يتعرف على الآخر بسرعة ..

نهاية الفصل التاسع

Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 10:57 PM   #270

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

تسجيل حضور لأحلى ريدا



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 62 ( الأعضاء 24 والزوار 38)

ام زياد محمود, ‏الطاف ام ملك, ‏Samaa Helmi, ‏reham nassef, ‏رغيدا+, ‏shammaf, ‏ام توتا, ‏نور الدنيا, ‏بيبووووو, ‏Fatma Mahmoud 99, ‏shatoma, ‏منال سلامة, ‏yawaw, ‏اشراقه حسين, ‏لولا عصام, ‏دلال الدلال, ‏maryam ghaith, ‏Miraayassen, ‏همهمات صاخبة, ‏الحب الأول, ‏نور علي عبد, ‏سلوى محمد محمد, ‏s.saif, ‏shimaa saad


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.