آخر 10 مشاركات
إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الطائرة - سوزانا فيرث - روايات ديانا** (الكاتـب : angel08 - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          [تحميل] سأخبرك سراً أفنى بدونك / للكاتبة انجل ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          " بين الصمت والهمس ...حكايا تروى " * مميزة * (الكاتـب : همس القوافي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree269Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-19, 10:08 PM   #321

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 34 ( الأعضاء 15 والزوار 19) ‏um soso, ‏رغيدا, ‏rowdym, ‏همهمات صاخبة, ‏hind el, ‏خلود السيد, ‏موجة هادئة, ‏shdn, ‏sira sira, ‏sosomaya, ‏مهيف ..., ‏مريم@, ‏نور الدنيا, ‏الوفى طبعي الوفى



ريدا حكومتي الان يعزف سمفونية بتهوفن للشخير

مافي امل تحني علينا وتنزلي الان


um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:11 PM   #322

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
وبمناسبة التمييز بوستات خفيفه


سيد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
كنت ساختار همس وخالد

بس قلت كبروا واصبح عندهم ولد
لذا ساختار ماهي والمتعوس المسكين الذي سيختفي من قلة الاكل



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
مدحت لما تشتغل عنده عرق النذاله



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
هههههههههههه يسعدلي قلبك يا احلى أم سوسو ...بس كلام الندالة ده يدي على سيد او سامح مدحت حبيب قديم يعرف يغازل الذهبية بتاعته هههه


رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:12 PM   #323

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

عيوني يا أم سوسو حنزل حالا شدوا الأحذمة ...بس أنا حختفي بعد التنزيل لأن غالبا حطالبوا برأسي


رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:16 PM   #324

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العاشر

أمام مدخل شركة الذهبية


يقف مستندا بظهره على سيارة مدحت ..يثني قدمه اليمنى رافعا إياها عن الأرض مستندا بباطنها على الإطار الأمامي شاردا بوضعه المتأزم...لقد تعب من التفكير ...غير قادر على اتخاذ قرار ....متألم ...موجوع ...ناقم ...و...مشتاق ...آآآه كم هو مشتاق ...أسبوعين مضيا حتى الآن ...أطول أسبوعين بحياته ...أبدا لم تبتعد عنه طوال تلك المدة منذ ارتباطهما لم تغب عن عينيه كل هذا...حتى بعد اكتشافه لماضيها وما حدث بعده من غضب وجنون جعله لأول مرة بحياته يضرب أنثى ...
ضربها هي ..حبيبته بكل غضبه وشكه وجنونه ونقمته ...لكنه لم يسمح لها بالابتعاد ...هو من ابتعد غاب لأسبوع كامل ...وعاد أكثر نقمة ليستمع لقصتها مرة منها ومرة من شقيقتها ...وصمت بعدها محاولا التفكير ...محاول اكتشاف الحقيقة ..محاولا التقبل ..أو التغاضي ..أو حتى النسيان...
لكنه لم يستطع ..لم يصدق ...لم ينسى ..ولم يرتاح ...سنوات مرت دون راحة...ودون قدرة على حسم موقفه واتخاذ القرار ..لكنه طوال تلك الفترة لم يبتعد ...ولم تبتعد هي كل هذا الوقت رغم كل ما كان يفعله معها ..
.يعترف أنه كان يقسو عليها دون قدرة على ردع نفسه ...وكيف لا يفعل وهو يتخيلها بين أحضان آخر ... لقد كان اكتشافه لماضيها هو إجابة السؤال الذي حيره منذ ابلغوه بموافقتهم عليه... سؤال عن كيف لمثلها بكل.. جمالها ..وبهائها...وتعليمها ...أن ترتبط برجل مثله لا يملك مالا أو وسامة أو حتى لسانا حلوا يجيد الغزل ...ومثلها يستحق جمالها كل الغزل ...
أغمض عينيه فتشكلت صورتها خلف الجفون بعينيها الواسعتين بلون البندق ... وأمواج شعرها البني بلمعة من ضوء الشفق الأحمر ...وعبق رائحتها العطرة التي يستنشقها بنهم كمدمن لا يستطيع الفكاك دون جرعته المخدرة ... شفتيها الممتلئتين ...أهدابها المكحلة بلا زينة ... جسدها الريان ومفاتنها التي تدعو راهبا للخطيئة ...
هي بكلها رباب...بكل كينونتها تجعله ضعيفا ناحيتها فلا يستطيع المقاومة رغم اضطراب فكره ومشاعره ناحيتها......
كم ليلة باتها ساهرا يتملى بملامحها الساكنة ...يتلمس بشرتها الناعمة ......
كم مرة احترق عقله بالشكوك فدخل عليها مهتاجا غاضبا ليذوي الغضب وتشتعل حواسه ما أن تقع عيناه على قدها البهي .....
كم نهر نفسه واحتقرها لضعفه ناحيتها... لاشتعال حواسه كلما مرت من أمامه حتى لو كانت ترتدي ثوبا من الخيش ...فيتحول في عينيه للباسٍ مغرى ..
أهو جمالها السافر ما يحوله لمهووس بها ؟!!..
أم أنها سحرته فأضحى أسيرا تسجنه تعويذة عشق وقيود من نار ملفوفة حول قلبه وحواسه تشعلها ليل نهار؟!!..
"يوسف !!"
أخرجه النداء الحاد من شروده فرفع رأسه مقطبا ليجد محمود يقف أمامه متجهم الوجه ...فاعتدل واقفا يغتصب ابتسامة يداري بها حالته وهو يقول محييا :
"مرحبا محمود ...كيف حالك وحال العمل الجديد؟ ...هل استرحت فيه ..وتأقلمت عليه؟ ...الأستاذ مدحت كان يشيد بك بأمس ...لقد أخبرني وأنا أوصله أنك هدية جاءته من السماء ...وأنه لم يتوقع أنك بكل تلك البراعة في عملك ...لقد رفعت رأسي أمامه يا رجل "
لم يجبه محمود ...ولم تنفرج أسارير وجهه بل كانت تزداد تجهما وهو ينظر له حتى شعر بالقلق يغزوه فأنزل يوسف قدمه للأرض واقترب منه قائلا بقلق:
"ماذا هناك محمود؟ ...ماذا حدث؟ ...لمَ أنت صامت وتنظر ليّ هكذا ...أهناك مشكلة بالعمل ؟"
واضطربت ضربات قلبه وازداد القلق بداخله وهو يسأله بتوتر :
"هل حدث شيء بالمنزل؟ ..هل....(وازدرد لعابه بصعوبة) ...هل الجميع بخير؟... )لترتفع وتيرة صوته أكثر ويمد يده يمسك بتلابيب محمود الصامت يهزه صارخا) ماذا هناك يا رجل انطق أوقعت قلبي ...هل رباب بخير ؟؟!"
رد محمود من بين أسنان شبه مطبقة :
"وهل هي كذلك ؟!! ...هل أختي بخير يا يوسف ؟...هل أمانتي التي أمنتك عليها منذ سبع سنوات بخير ؟..اجبني أنت؟!"
ارتد يوسف خطوة للخلف وهو ينظر لعيني محمود ..ويوقن بأنه قد علم ...كان طوال الفترة السابقة يشك في الأمر ..إن كان على علم ويصمت لأنهم مخطئون بحقه ...أم أنه جاهل بما حدث واخفت شقيقتيه الأمر عنه ..والآن علم الإجابة ...لكنه تعمد ادعاء الغباء وهو يقارعه:
"ماذا تعني ...هي لديكم من أسبوعين ..كيف لي أن أعرف إن كانت بخير أم لا ...أنت من يجب أن يعرف ...( وناظره بحدة لائمة قائلا بسخرية )..الست رجل البيت الذي يجب أن يكون على علم بكل ما يدور بداخله! ...الرجل الذي كان يجب أن يحافظ على أهل بيته من كل شيء ...من كل خطأ يمكن أن يقعوا فيه ...ويجب أن يكون صريحا مع كل من يأتيه طالبا أمانة لديه فلا يخدعه "
ارتفعت أنفاس محمود ونظر ليوسف بحدة قائلا بتحفز:
"بمَ تتهمنا أنا وأختي بالضبط يا زوج أختي؟..."
زفر يوسف أنفاسه باختناق وصمت لحظات هو يدير عينيه بعيدا قبل أن يقول مغمغما بقنوط:
"ليس هذا وقته ولا مكانه يا محمود ...عد لعملك ...أنت ما زلت موظفا جديدا هنا ولا يجب أن تتغيب عن عملك هكذا من أولها ...ولنتحدث فيما بعد "
انفجر محمود هاتفا بحدة رغم محاولته الحفاظ على نبرة صوته منخفضة:
"بل سنتحدث الآن ...وإياك أن تمن علي بالعمل الذي أحضرته لي ..فليذهب عملك للجحيم ..أنا متنازل عنه لو كان ثمنه إذلالك لي وظلمك لأختي"
احتدت ملامح يوسف ورد بغضب مستنكر وهو يعود ليحدق في عيني محمود:
"أنا ؟!! أنا أمن عليك وأحاول إذلالك؟؟ ..أنا من ظلمت أختك ..أم أنتم وهي من ظلمتموني وانتم تخدعوني ببراءتها وطهرها ...وأخفيتم عني ماضيها المشين ؟!"
انقض محمود عليه قابضا على تلابيب قميصه وهو يهزه بغضب قائلا بجنون:
"ألزم حدك وأحفظ لسانك ..وإياك أن تخطئ في حقها ..أختي أشرف وأطهر فتاة بالدنيا ...وهي أشرف منك ومن عائلتك بأكملها "
فقد يوسف أعصابه وامسك بيدي محمود القابضة على ملابسه لينزلها بعنف وهو يصرخ به مخرجا ما يختزنه من غضب متراكم وقيح مختزن بثنايا روحه :
"أي شرف وأي طهر وصورها المخلة وسمعتها المشينة كانت على كل لسان ...أي أخلاق وانتم قد أخفيتم عني ماضيها وخطبتها لعدة مرات وأظهرتموها أمامي كملاك بريء لم يمس .. هه حقا !....يال أخلاقكم وشرفكم ... وأخواتك المبجلات يختلقن كذبة تافهة لا يصدقها طفل عن زوجة الرجل الغني التي تقصّدتكم رغبة في إيذائكم بسبب حب زوجها لأختك الكبرى ..ومن المفترض أن أكون أنا الغر الأهبل الساذج الذي يصدق هذا الهراء ...وأن ابقي عليها وأغمض عيني عن ماضيها ..كما لو كنت رجلا أهطل أو بقرون "
كانت أنفاس محمود تتعالي وعيونه تحتقن بلون الدم وهو يسمع كلمات يوسف السامة ففقد أعصابه وقدرته على الاحتمال ودفعه فجأة بقوة حتى ارتطم بالسيارة خلفه وكادت نظارته تسقط عن أنفه بينما يقاطعه بفحيح متوعد :
"لا تزد حرفا عن إخوتي وإلا قتلتك الآن ولن أبالي ... وقسما بربي لن تبيت أختي على ذمتك يوما واحد بعد الآن ..."
دفع يوسف بجسده عن السيارة وتصلب وهو يرفع نظارته فوق انفه بيد بينما يمد الأخرى ممسكا بقميص محمود من كتفه بشدة جعلته يتشدد على جسده وينقطع زره العلوي من شدة جذبه ويلتف به حتى أصبح ظهر محمود للسيارة بينما يقول بوعيد:
"إياك أن تهددني ...أختك ستظل على ذمتي رغما عنك وعنها ..وأنا لن أطلقها وأعلى ما بخيلك اركبه...أنا سأتركها معلقة هكذا ...كما علقتموني لسنوات بها ..."
مد الآخر كفه ممسكا هو الآخر بقميصه دون أن ينتبه كلاهما لمن خرج من التاكسي خلفهما ووقف ينظر ذاهلا لوجه يوسف الماثل أمامه يصرخ وهو يتشاجر مع آخر لم يتبين ملامحه من وقفته الجانبية فهتف بتساؤل واستنكار:
"يوسف ؟!! ..ماذا يحدث هنا؟؟؟ ...هل جننت لتتشاجر في الشارع و أمام باب الشركة ؟!!!..."

Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:17 PM   #325

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

أفاق يوسف لحظتها من ثورة الجنون التي تملكته فترك ملابس محمود وانزل يد الآخر من فوق ملابسه وهو ينظر لعز بخزي ويعتذر بصوت متقطع :
"عفوا سيد عز ...أنا لم ...لم أكن ( وزفر بعمق وازدادت الغصة في حلقة وهو يحاول تجميع إجابة) ...لم أكن أتشاجر ...لقد كان ...كنت ...كنا ...هذا صهري محمود ...وكان بيننا فقط مناقشة حامية بعض الشيء و..."
لم يكمل يوسف كلماته وهو يرى محمود الذي التفت أثناء حديثه ناحية عز الدين يهتف بصوت صارخ ونبرة غير مصدقة:
"يا الهي ..أنت؟!! ..انه أنت !!...هو أنت أيها اللعين"
وازداد ذهول يوسف أكثر وهو يرى محمود يندفع ناحية عز الدين الذي تسمر مكانه صامتا ذاهلا ينظر للأخر كمن يرى شبحا في الوقت الذي امسك محمود بملابس عز الدين يهزه صارخا فيه بجنون:
"أنت السبب.. أنت أيها الحقير السبب في كل ما حدث ويحدث لنا "
لم يحرك عز ساكنا وهو يتلقى دفعات محمود المهتاج ويستمع لسبابه الغاضب ...ولم يتخل يوسف عن تسمره وهو يناظر ما يحدث باندهاش مصدوم ..قبل أن يفيق على دفعة لكتفه من مدحت الذي مر من جانبه بسرعة ليخلص أبيه من يدي محمود الرافض لتركه.. فاندفع يوسف هو الآخر محاول السيطرة على محمود وممسكا به من الخلف وهو يسأله بتعجب:
" ماذا تفعل أيها المجنون؟؟ ...هذا هو السيد عز الدين المنشاوي صاحب الشركة التي نعمل بها !!!"
أتاه صوت هتاف محمود الذي تلوى محاولا الفكاك من بين يديه :
"اللعنة عليك يا يوسف ...كيف تحضرني لأعمل لدى هذا الحقير!! ..كيف تفعل بي ذلك ؟!!.."
في الوقت الذي وقف مدحت بين والده ومحمود هادرا في الأخير بصرامة " ماذا تفعل يا محمود !!!.. أجننت !!"
كان حارس الأمن قد عاد من الحمام وأسرع نحو المشاجرة سائلا مدحت الواقف بجوار أبيه يناظره بقلق :
"ماذا هناك سيد مدحت ...سيد عز ...ماذا فعل هذا الرجل ؟...هل اطلب الشرطة ؟"
تجمد محمود ما أن سمع كلمة الشرطة وقد عادت له ذكريات مريرة عن احتجاز ظالم ومعاملة مهينة وضربات نالته ظلما فكسرت بداخله شموخا وعنفوانا كانا يغلفان روحه الشابة وقتها ...فاستغل مدحت الهدوء اللحظي واستدار للحارس قائلا بحدة لا تقبل الجدل :
"لم يحدث شيء...عد لعملك "
ثم عاد بنظراته لأبيه الصامت بشحوب أقلقه و لمحمود المتحفز بوجه محتقن وجسد متشنج وقال بصرامة:
" اسبقني يا محمود إلى أعلى لنتحدث في هذا التجاوز والتهور الذي صدر منك ( واستدار لوالده الذي لا يزال يحدق في محمود ذاهلا وقال بلهجة اهدأ) تفضل يا أبي لا تقف هكذا في الشارع "
خلص محمود نفسه من ذراعي يوسف التي ارتخت من حوله وهو يقول بجمود ورفض :
"لن اصعد معكم لأي مكان ...ولن أبقى مع هذا الرجل في مكان واحد ...فلا آمن له أن يقوم بتلفيق تهمة لي ما أن أدخل شركته ...
ونظر لمدحت قائلا بتساؤل مرير :
"أنت ابنه؟!! ..كيف لم انتبه لأسمك الكامل؟ ..كيف استطعتم التلاعب بي وإدخالي جحر الأفاعي مرة أخرى؟!!"
..واستدار محاولا ترك المكان قبل أن يوقفه صوت مدحت الهادر بتحدي:
"عن أي تهم تتحدث يا هذا !!"
...وأضاف مدعيا الجهل بأسباب ما يحدث
" اسمع أنا لا أعرف سببا لما فعلته من تجاوز في حق أبي لكني رغم قصر مدة معرفتي بك ظننتك رجلا محترما مستقيما يواجه نتائج ما يصدر منه لكن يبدو أني كنت مخطئا"
احتدت ملامح محمود ورد على مدحت بصوت ناقم:
"وهل لأمثالكم ضمير وأخلاق تجعل أمثالي يستطيعون مواجهتهم بحقيقتهم الشائنة دون أن يخشى منهم غدرا مستغلين معارفهم ومناصبهم ...لو كنت اضمن أن تواجهونني باستقامة ..رجلا لرجل لما ترددت "
اقترب منه مدحت قائلا باقتضاب صارم:
"وأنا لن ادعك تذهب حتى أعرف سبب ما فعلت ...وأمنحك وعدي وكلمتي أنه لن يصيبك أذى مني أو من أحد من طرفي أيا كان ما سيحدث بيننا الآن "
تواجهت نظرات كليهما للحظات طالت ...احدهما ينظر بألم وحزن ممزوج بقلق ومحاولة واهنة لادعاء الشجاعة ...والآخر ينظر بثقة وتصميم ويمنحه بنظراته وعدا بالأمان ..
بعد دقائق كان الجميع يقفون معا في غرفة مكتب مدحت ..الذي قال باقتضاب :
"لنجلس حتى نتحدث "
اتجه عز لأحد المقاعد يلقي بجسده المنهك وقد أصابه الخرس رغم عاصفة الأفكار التي تموج برأسه .. أشار مدحت ليوسف ومحمود ليجلسا فتحرك الأول بحرج ليجلس على أحد المقاعد والأفكار تعصف برأسه هو الآخر ...بينما ظل محمود واقفا بعناد رافضا الاستجابة أو الرد يناظر عز عن بعد بعيون تنضح بالغضب والكراهية
...أغمض مدحت عينيه للحظة وهو يستدير زافرا أنفاسه المتألمة على حال هذا الرجل الذي تسببت أمه له بألم يبدو انه يفوق ما كان يتخيله.. وتحرك ليجلس خلف مكتبه وساد صمت متوتر لعدة لحظات قبل أن يقطعه قائلا :
"أرجوك محمود ...تفضل بالجلوس حتى نتحدث ونفهم سبب ما حدث ...اخبرني ما مشكلتك ..وما سبب هجومك على أبي ...وقبلها رأيتك من النافذة تتشاجر مع صهرك ...ما سبب كل هذا ...( ليضيف بتلاعب ) هل تعرف أبي من قبل ؟!!"
نظر له محمود بحدة للحظات متفرسا في ملامحه الهادئة ..محاولا استشفاف مدى الصدق من الكذب في حديثه وهو يسأله بسخرية:
" أتحاول ادعاء عدم معرفتك بمن أكون ؟!!"
استدعي مدحت كل قدراته القديمة على التلاعب والتمثيل وهو يلوى ملامحه بحيرة مفتعلة ويقول بتعجب:
"وهل بيننا معرفة سابقة ...هل هناك علاقة ما تربطنا (ليقطب وهو ينظر لأبيه سائلا(هل تعرفه قبلا يا أبي؟!!"
قاطع سؤاله صراخ محمود الغاضب الذي اندفع نحو عز ينحني بجذعه أمام وجهه جاعلا مدحت ويوسف يتحفزان بتوتر خوفا من فعل متهور منه:
"انظر لي يا هذا واخبرني ...هل تعييني للعمل هنا في شركتك لعبة جديدة منك ...شرك ما تريد إيقاعي مجددا به؟!"
هتف مدحت هادر بتحذير" محمود!"
بينما رفع عز عينيه إلى محمود يجيبه بثبات لا يعكس دواخله:
"أقسم بالله أني لا علاقة لي بتعيينك هنا لا من قريب ولا من بعيد ...ولم اعلم به من الأساس إلا من لسانك الآن"
اعتدل محمود متخصرا وهو يشخر قائلا بسخرية:
"أتريد إقناعي أن الأمر غير مدبر!! ...عملي وعمل زوج أختي من قبلي لديكم من بين كل شركات البلدة كانت مجرد صدفة ؟!"
ليقرر لحظتها مدحت التدخل خوفا من أن يرتبك أبيه أمام المتحفز أمامه فيزداد شك الأخر فضرب بكفه على المكتب أمامه وهو يقف مزيحا كرسيه للخلف وهدر بغضب مفتعل:
"محمود ...إلى هنا وكفى ..أنا من يريد أن يعرف...ما الذي يجعلك تتصرف هكذا ..وما الصلة أو سابق المعرفة التي تستدعى تلك التصرفات الشائنة غير المقبولة منك ؟"
التفت له محمود صارخا:
" التصرفات الشائنة تسأل عنها أبيك وأمك ...هما خير من يجيبك عنها ...إن كنت بالفعل لا تعلم! ولم تتعمد أن تجعلني اعمل لديكم لغرض ما!"
ليرد عليه مدحت باستنكار:
"كيف تتحدث هكذا عن والداي!! ...وأي تصرفات شائنة تقصد ؟!...ولمَ أصلا؟!! سنسعى لتعمل لدينا ..اسمع يا هذا ...أنا لم أطلبك للعمل ...ولم أعرفك أو أرك قبلا ...صهرك من رشحك وكاد يتوسل لي لأقبل بمقابلتك بمجرد أن علم أن محاسب الشركة سيستقيل ونريد من يحل محله ...وهو عندك أسئله ..(مشيرا ليوسف المطرق بصمت يحاول فهم وتحليل ما يحدث أمامه رابطا الخيوط برأسه مستنكرا ما توصل له عقله فيقرر البقاء صامتا ليصل لحل تلك الأحجية)...ليستطرد مكملا)
"حتى هو نفسه رشحه زوج أختي لأنه جارهم بالحي عندما علم بحاجتي لسائق مؤتمن للعمل بدوام جزئي عندنا...أي أننا لم نطلبه بالعنية ولم نعرفه مسبقا ...والآن أريد أن افهم سبب حديثك "
ليقاطع الصمت المتوتر دخول سريع من نسرين بعد طرقة حادة والتي رفعت حاجبها وهي تنظر للوجوه المتحفزة أمامها مستشعرة الأجواء المتوترة ليخرجها من تحديقها الفضولي لهم صوت مدحت سائلا بحدة:
"ماذا تريدين نسرين ...الم أخبرك قبل دخولي أني لا أريد مقاطعات ولا أي إزعاج اخرجي الآن ...اخرجي فورا هيا "
لتشد قامتها وهو تنظر له باستهجان و ترد عليه بتوبيخ :
"وهل دخلت هنا لأتساير معكم أو أقطع جلسة السمر الذكورية تلك )وتجاهلت زفرة الحنق منه وهي تقول بلهجة آمرة ( مندوبي الشركة الدولية للأسمدة بالخارج حسب الموعد .. (ورفعت إصبعها مشيرة له ولأبيه قبل أن يقاطعه) ولا مجال لتأجيل موعدهم ..ولا لإبقائهم بالخارج حتى تفرغون من تلك الجلسة الغريبة أيا كان سببها ...هذا عقد هام نعمل عليه من أسابيع ...ليخرج أحدكما أنت أو أبيك لمقابلتهم وإبرام العقد معهم ...أنا أبلغت المحامي وهو صحبهم لغرفة الاجتماعات ...تحركا خلال دقيقتين على الأكثر..أو.. واحد منكما على الأقل "
وأعطت ظهرها للجمع الناظر لها بذهول وهي تخرج و تغلق الباب خلفها بعنف تاركة مدحت يرغى ويزبد وهو يسبها بداخله ليأتيه صوت عز أخيرا قائلا بحسم:
"مدحت أذهب للاجتماع بهم ... (ورفع يده مانعا إياه من الاعتراض وهو يقول بصوت بدا التصميم فيه واضحا ) اذهب الآن وسأشرح لك الأمر لاحقا.....( ليضيف بنظرة مقصودة ) واستمع لك أيضا ..الآن أنا ارغب بالحديث مع محمود...بيننا بعض الأمور العالقة تحتاج لتوضيح ..هيا اذهب"
تردد مدحت للحظات ناقلا نظره بينهما قبل أن يزفر وهو يرى التصميم في عيني أبيه فاتجه للخارج وهو يقول بصرامة:
"حسنا أبي لكني قريب منك ...أرجو أن لا تنفعل لأجل صحتك ...وسأعود بسرعة ..(التفت من أمام الباب قبل فتحه ناظرا لمحمود بتوعد) ولو حاول أحد التجاوز في حقك بأي صورة فقط نادني سأكون عندك في لحظة "
وقالها خرج مغلقا الباب خلفه ليلتفت عز ليوسف طالبا بهدوء:
"لو سمحت يوسف انتظر بالخارج قليلا فأنا أريد محمود على انفراد "
فوقف يوسف متجاهلا عز وهو ينظر لمحمود سائلا بتحفز:
"هل هو الرجل الذي حكت لي شقيقاتك عنه؟"
ليجيبه الأخر بسخرية مريرة:
" لمَ تسأل ؟!!...ألم تكن بالنسبة لك قصة حمقاء لا يصدقها طفل إلا الغر الساذج وأنت لست غبيا لتصدقها!! "
رفع يوسف كفه خالعا نظارته بيد ممررا الأخرى على وجهه وهو يقول بحنق وتصميم:
"هذا ليس الوقت المناسب لهذا الحديث ..أريد ردا بكلمة واحدة ...نعم أم ..لا "
ليرد محمود بعد هنيهة بينما تتهدل كتفيه بانهزام :
"نعم ...هو "
فأعاد يوسف نظارته لعينيه وهو يلتفت لعز قائلا بصرامة وتحفز:
"إذا سأبقى ...فأيا كان ما ستقوله له ...فهو يعنيني أيضا"
نظر عز لكليهما بحيرة وتوجس ...شاعرا بأنه ربما يكون بشكل مباشر أو غير مباشر سبب لمشكلة ما لا يعرف أبعادها بين الرجلين...وبداخله يزداد شعور التوتر والقلق ..والإحساس المتوجس من قادم يشعر أنه لن يعجبه..
لن يعجبه أبدا .....

**************


Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:19 PM   #326

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

عز الدين
يجلس ساهما محدقا بالباب المغلق أمامه دون أن يراه ...يشعر بألم في صدره ...ألم لا يماثل مقداره رغم شدته الألم بداخل قلبه ...يا الله ...كيف كان بكل هذا الضعف ...بكل تلك الأنانية ليهرب تاركا كل تلك المآسي خلف ظهره ..مآسي كان هو المتسبب بها حتى لو لم يكن الفاعل ...دمر أسرة بسيطة مستقرة ...تكافح في الحياة ...لكنها رغم كل ظروفها كانت تعيش بسعادة ...أغمض عينيه بألم يخفي دموع ملأتها.....لتسيل دون أن يشعر على وجنتيه وهو يتذكر تلك الأسرة التي كان يراقبها بإعجاب قبل سبعة عشر عاما ...آآآه كم راقب من مكتبه المفتوح على مكتب السكرتارية الصغير ابتسامة سامية الطيبة وهي تستمع لمشاكسات أختها الشقية لها كلما مرت عليها ...الحنان المطل من عينيها وهو تنظر بفخر لأخيها وهو يمر عليها حاملا شهادة تخرجه بسعادة ...يريها لأخته قائلا بفخر ورجولة أنه تخرج بدرجة جيد جدا وسيبحث عن عمل ليحمل عنها العبء ..
تلوى فمه بألم يعكس الألم المتزايد بجسده ..وهو يتذكر كيف حاول التقرب منها عن طريق توفير فرصة عمل لأخيها ...فرصة ظن بها انه يساعدهم ويتقرب منهم بها لتكون طريقا له بينهم ...فكانت طريقا لتحطيم شاب واعد وتدمير أسرة .
آآآآآه أخرى خرجت تشق صدره ففتح عينيه على وجه ابنه القلق وهو يميل عليه بلهفة سائلا بخوف :
"أبي ..أبي هل أنت بخير ...هل اطلب طبيبا ...ما بك ...ماذا حدث؟ "
نظر عز لوجه مدحت المرتعب وقال باستسلام قانط:
"ألديك طبيبا يداوى جروح الماضي ...يعالج ألم الذكريات ...يملك مسكنا لوجع الروح ......يوقف نزف دماء القلوب الطاهرة ... لو تعرف طبيا كهذا احضره لي"
اهتزت نظرات مدحت بقلق ...وسأل بتوجس وهو يمد يده ماسحا الدموع عن وجنة أبيه :
"أبي ...أتبكى ...ماذا جرى ...ماذا قال لك ...كيف تشعر ...ما يؤلمك ...طمئني أرجوك "
لينظر لأبنه بوجع يطل من حدقتيه وينزف وجعا من حروفه وهو يقول :
"ليتني استطيع طمأنتك ...ماذا أخبرك ...كيف أخبرك عن امرأة عاشرتها سنوات ...عاملتها بما يرضي الله رغم كل صلفها وغرورها وتهميشها لي ..امرأة لم تراعي الله في لتحرمني من أبنائي وتدمر حياتي ومهنتي وسمعتي عندما فاض بي الكيل معها وأردت أن اركن لراحة القلب مع أخرى لم تفعل شيئا يوما للفت نظري لها ...لكنها أسرت قلبي بحنانها واحتوائها لأسرتها ...ليكون عقابي تدمير تلك الأسرة تماما "
ازدرد لعابه وهو يستمع لأبيه يقول بوجع كما لو كان يهذي بلا تركيز:
" ليت انتقامها طالني فقط ...ليتها اكتفت بما فعلته بي وبكم ...لكن شهوة انتقامها اكتسحت الجميع ...وما زالت أسرة كاملة تدفع نتائج انتقامها الأسود حتى اللحظة ...من سمعتهم ...شرفهم ...حتى قوت يومهم "
ارتكن مدحت بردفه على المكتب خلفه وهو يسأل بصوت هامس غلفه التوجس:
"هل فعلت أمي أكثر مما أخبرتني به سابقا يا أبي؟ ...اخبرتني انها تسببت بفصل سامية من عملها وسجن محمود بتهمة اختلاس ملفقة مما أدي لانهيار أمهم ووفاتها...رغم أنها أخرجته من السجن عندما وافقت أنت على الابتعاد عن أخته وعدم الزواج بها"
ابتسم عز ساخرا وهو يخبر ابنه بكلمات تقطر خزيا:
"نعم وافقت على الابتعاد عنها تحت الضغط ...لكن أصررت على الانفصال عن أمك رغم كل شيء ...وهربت بعدها تاركا كل شيء خلفي كأي جبان ...لتقرر أمك إكمال انتقامها من سامية وأسرتها .. تفرغ بها حقدها مني مستغلة ضعفها وقلة حيلتها ...أمك لم تكتفي بما فعلته بمحمود بل سدت في وجهه ووجه أخته كل منافذ العمل الجيدة حتى كادوا أن يتوسلوا لقوت يومهم ... لتختم سلسلة أفعالها بتشويه كامل وتام لسمعة شقيقتهم الصغرى رباب ...لفقت لها صورا مخلة ونشرتها في حيهم ...جعلتها مضغة بأفواه الناس وعرضة لكل وضيع نفس طامع ...جعلتهم يخرجون من بيتهم بجنح الليل منكسي الرؤوس يتخفون عن أعين الجميع ...يتنقلوا لعدة سنوات من حجرة صغيرة لشقة حقيرة ..حتى استطاع محمود بعد جهد جهيد أن يجد عملا يعيلهم به "
أغمض عينيه وارتكن برأسه للخلف عائدا للمواجهة بينه وبين محمود قبل وقت قليل متذكرا وقفته المتحفزة أمامه ...عينيه الكارهة التي تطل منها رغبته بقتله ... رغبة لم يستطع لومه عليها بينما يستمع لإجابته المريرة لسؤاله عن سبب استمرار غضبه وكرهه له بعد كل تلك السنين :
"تريد أن تعرف لمَ ؟!! لأن آثار ما فعلته أنت وزوجتك بنا لم تنتهي حتى اليوم ...حتى هذه اللحظة ...(وأشار لزوج أخته بمرارة وحزن قائلا بصوت يقطر الما (ها هو صهري كان منذ قليل يعايرني ...يتهمني بخداعه ...يهين شرفي وسمعتي ...بسببك "
شحب وجهه ساعتها وسأله بتوجس :
"يهين شرفك بسببي أنا ..!كيف ولماذا ؟؟ماذا فعلت ؟!...أنا سافرت منذ سبعة عشر عاما ...لم اعد إلا منذ ما يقرب من عام واحد فقط ...كيف أكون سببا في معانتكم إلى اليوم؟!"
رد عليه محمود بمرارة :
"آثار جريمتك أنت وزوجتك ما زالت سارية ...ما فعلته بنا زوجتك ما زلنا نعاني تبعاته حتى اليوم"
سأله بوجوم و داخله يختض من القادم:
"أتقصد تلفيق تهمة الاختلاس لك وفصلك من العمل وفصل سامية من العمل بالجامعة ...وما تبعها من انهيار والدتكم ووفاتها رحمها الله...لكن هذه المشاكل مر عليها سنوات طويلة ...لقد حاولت تعويضكم بعدها لكنكم رفضتم ...بل لقد حاولت الوصول لكم قبل سفري لكني وجدتكم تركتم منزلكم واختفيتم ..ولم استطع الوصول إليكم وقيل لي وقتها أن سامية تزوجت من قريب لها ببلدتكم وأنكم جميعا انتقلتم للحياة بجوارها ...حتى رباب علمت أنها سحبت أوراقها من الكلية لنقلها لأخرى خارج العاصمة ...فتأكدت حينها من صحة الخبر "
تعالت ضحكة مريرة من محمود ورد عليه ساخرا:
"تأكدت من صحة أي خبر !! ...هل أخبرك مصدر أخبارك عن كيف خرجنا نتخفى تحت جنح الظلام تاركين شقتنا الصغيرة التي ولدنا وعشنا عمرنا بها وكانت لنا سقفا يؤوينا من نوائب الدهر ...لنتجول بالشوارع نلتحف السماء ليلة كاملة حاملين متاعنا معنا لا نجد مكانا نذهب إليه ...ولماذا؟ ...لأن زوجتك المصون لم تكتفي بما فعلته بي وبسامية وبأمي التي ماتت قهرا بل نشرت صورا ملفقة لشقيقتي الصغرى بالجامعة والحي ...جعلتها مضغة بأفواه الناس وأصبحنا عرضة للامتهان والسب والقذف حتى لم يعد احدنا بقادر على مغادرة باب شقتنا ...وحتى بقائنا بداخلها لم يحمينا من التنمر والإهانات ...شقيقتي لم تستطيعا الخروج بعد أن أصبحتا عرضة لكل طامح ..طامع ...لم تجد سامية عملا آخر ...لم تستطع رباب الذهاب للجامعة ...وضاع منها العام الدراسي وقتها ...لم أعد أحصي عدد المشاجرات التي دخلت بها بسبب دفاعي عن سمعة أختي ...ومحاولاتي الوقوف أمام من يرمون شرفنا بالباطل ...كدت افقد حياتي بدل المرة مرات في شجارات لا تنتهي حتى أصرت سامية على ضرورة تركنا الحي ...رغم أننا لم نكن نملك ما نستطيع بها استئجار آخر ..لكن الوضع أصبح فوق قدرتنا على التحمل ...ولولا خالة بعيدة لنا استضافتنا متضررة لعدة أيام لبقينا في الشارع نفترش الأرصفة ..حتى استطعت توفير حجرة حقيرة على سطح منزل أقمنا بها عدة أشهر بينما أتنقل أنا من مهنة وضيعة لأخرى أكثر وضاعة لأجد فقط إيجارها وخبز جافا يقينا قرصة الجوع ...ومنها لأخرى تحت بئر سلم أكلت جدرانها الرطوبة حتى كدنا نختنق بداخلها ...حتى استطعنا بعد عدة سنوات ...وبعد جهد جهيد توفير بعض المال ..."
كان يستمع لصوت محمود الناضح بأوجاعه بينما يزداد شحوب وجهه وألم صدره ...وهو لا يكاد يصدق كل ما مروا به من مآسي كان هو المتسبب بها ولو بدون قصد ...يزداد كرها واحتقارا لنفسه على جبنه وهربه وهو يسمعه يستطرد:
" كنت وقتها قد استطعت إيجاد عمل بشركة صغيرة لم يصلها نفوذ زوجتك ...ولم يسمعوا بها عن سمعتي الملوثة بسببها ...ووجدت سامية عملا بسيطا بمكتب كومبيوتر ...بينما رباب التي ظلت لما يزيد عن العام تعاني انهيارا ورهابا من الخروج للشارع ومواجهة الناس بعد ما تعرضت له من محاولات تعدي نتيجة نشر زوجتك تلك الصور المسيئة عنها ...استطعنا أن نجعلها تكمل العامين المتبقيين لها بجامعة أخرى ...واستطاعت بعدها إيجاد عمل بمدرسة خاصة ...لتتحسن ظروفنا قليلا ونستطيع الانتقال لشقتنا الحالية ...كنت أظن أحوالنا استقرت ...لكن لا فائدة ...الماضي الأسود الذي تسببت لنا فيه دون ذنب أو جريرة ارتكبناها سوى انك كنت قدرنا الأسود.. رغبتك بالزواج من شقيقتي ...سببت لنا الوبال....رغم أن سامية لم تقبل بك ...ولم توافق على طلبك ...لكننا عوقبنا على رغبتك بها ... دفعنا ثمن جنون زوجتك وحقدها "
ما سمعه عز كان صادما مؤلما فقال بصوت متحشرج :
"لا اصدق ...يا الهي ...لا اصدق "
ليصرخ به محمود بغضب :
"أتتهمني بالكذب!!! ...أتتنكر لما فعلته زوجتك بنا دون أن تردعها أو تمنعها تاركا إيانا لقمة سائغة لانتقامها منا بسبب رغبتك بالزواج من أختي "
رد عليه بتهدج :
"لم تعد زوجتي ...طلقتها منذ سبعة عشر عاما ...من قبل أن تختفوا ولا استطيع الوصول لكم .....ولا محمود ...أنا لا أكذبك ..بل أصدقك تماما ...أنا فقط مصدوم مما تقوله ... كنت أظن أن تعهدي لها بعدم الزواج من سامية سيجعلها ترتدع عن فعل المزيد لإيذائكم وتبتعد عنكم ... ظننتها ستكتفي بالانتقام مني فقط ...خاصة وقد أخبرتها بوضوح أن سامية رفضت الزواج مني...يا الهي ... لم أتصور أن تستمر بانتقامها منكم رغم كل شيء"
ناظره الآخر بعيون ممتلئة بغضب وقال ساخرا بمرارة تقطر من كلماته :
"كنت تظن !!!!..ما أسخفها كلمة...اكتفيت بتخليص ضميرك بإخبارها برفض أختي ...وطبعا لم تصدقك ...وربما ظنتها لعبة ...وطلقتها أنت وسافرت تعيش حياتك بالخارج بالطول والعرض ...وتعود لتفتح شركة وتعيش هانئا ...ونحن ...نتلقى الصفعات والضربات حتى اليوم ...أختي الصغرى ما زالت تعاني أثار دمار سمعتها ...ما زالت تتعرض للإهانة والشك بسلوكها وأخلاقها "
حرك عز رأسه برفض يمينا ويسارا بينما ينظر لوجه يوسف الصامت بجمود منذ البداية هاتفا باستنكار :
"من هذا الذي يمكن أن يشك بتلك الصغيرة البريئة التي كانت ضحكتها الطفولية عندما تزور سامية بالعمل تشع طهرا وبراءة ...كيف لمخلوق أن يظن بمثلها سوءا ؟!!"
صرخ محمود بقهر قائلا:
"الجمييييع ...الجميع صدق الصور التي نشرتها زوجتك ...الجميع اتهمها بالعهر والانحلال ...هربنا حتى نحميها منهم وينساها الناس وينسوا الفضيحة ...بلا طائل ...طاردتنا بكل مكان ذهبنا إليه ... تسببت بفقدانها القدرة على الاحتفاظ بأي خاطب بمجرد معرفته بماضيها الذي لا ذنب لها فيه حتى تخطت الثلاثين بلا زواج ... فمن نصارحه يهرب غير مصدق ...ومن أخفينا عليه الأمر ظانين أن عشرته لها ستجعله يتبين معدنها الحقيقي ويثق بها ويوقن زيف أيا ما يمكن أن يعرفه عن الماضي يوما ...لكنه لم يرى نقائها ...لم يشفع لها عنده عشرتها الطيبة وتحملها لكل ما لاقته معه ومنه...لم يحمها من شكه وإهاناته لها أبناءا تجمعه بها...اتهمنا واتهمها بالخداع ...صهري طعن بسمعة أختي وشكك بشرفها قبل قليل ...بسبب انتقام تسببت أنت لنا به "
اعتدل يوسف مقاطعا بحدة واستنكار رافض :
"محمووود ...لا تزد ...أنا لم اشكك لحظة بشرف زوجتي ...إياك أن تخلط الأمور ...زوجتي شريفة وطاهرة ...أنا فقط كنت غاضبا لإخفائكم أمر الماضي عني و ..."
قاطعه محمود صارخا :
"بل شككت ...وأهنت ...وكذَبت ...أنت اتهمتني بخداعك ...واتهمت شقيقتي بتلفيق القصص ...أنت لم تصدق أن ما تعرضت له رباب مكيدة ..وأن الصور ملفقة ...لم تصدق وجود هذا الرجل ..."
قالها مشيرا لعز فاطرق يوسف بوجوم وهو يغمغم :
"ربما لم اصدق قصة الرجل الغني والصور الملفقة ...لكن هذا لا يعني أني شككت بشرف زوجتي ..أنا فقط ...فقط ...الصور ...هي كانت ...هم اخبروني أنها ...آآآآ....رباب نفسها قالت أن الصور حقيقية ..
ليرد عليه عز مقاطعا وهو يقول بتقرير :
"أنا أصدقك محمود ...فرقية تفعلها ...بل هي هددتني بالأمر بالفعل...هددتني بتدمير سمعة سامية وأسرتها ..لكني لم أتخيل أن تقوم بتنفيذ الأمر فعلا ظننته اقتصر على تلفيق التهمة لك والتسبب لسامية بخسارة عملها...كنت غبيا ونسيت أنها قادرة على أن تستأجر من يدمج صورا عادية أو حتى بها بعض التجاوز البسيط الذي لا يشكل فعلا مخلا لتحولها لصور فاضحة تقضي على سمعة ومستقبل أي إنسان لتتمكن من ابتزازه بها ...تلك لعبتها المفضلة ..سبق و فعلتها معي ابتزتني بصور افتعلتها لي لتجبرني على إعادتها لعصمتي وعندما رفضت الخضوع لها ...تسببت بفضحي بالجامعة مما اضطرني لترك عملي بها مرغما ......وهددتني بفضحى بكل مكان حتى لدى أبنائي وتسببت بحرماني منهم ...مما دفعني للسفر خوفا من مزيد من الفضائح"
ضحك محمود بسخرية وقال بصوت يقطر قهرا:
"لتهرب أنت ناجيا بنفسك وتتركنا نحن نواجه حقدها وانتقامها الأعمى ...تغرقنا بوحول زوجتك وتهرب لتعيش مرتاحا ...تتركنا نعاني تبعات انتقام امرأة حاقدة نتيجة قصة لم نكن سببا بها ولا جزأ منها وليس لنا بها ناقة ولا جمل ...لكنها دمرت حياتنا ولا زالت تدمرها ...ألا لعنة الله عليك وعليها وعلى كل صاحب مال وسلطة يستغل ما بيده لإيذاء الناس ...اذهب أنت وهي للجحيم واتركونا بحالنا ( ليشير له بأصبعه محذرا ( ...أسمع يا هذا أنا لا أريد عملك ...ولا أريد رؤيتك ...لا تقترب من أي مكان أتواجد به أنا أو احد من عائلتي أتفهم) استدار متجها للباب وهو يقول بتصميم ...(
أبلغ ابنك بأني مستقيل.. وأنت ) قالها وهو يستدير مشيرا ليوسف الصامت طوال الوقت بتجهم ( أريد أن تصلني ورقة طلاق أختي اليوم قبل غدا ...فلا تظن معرفتك بالحقيقة ستشكل فارقا عندي ...أنت لا تستحق ظفرها "
وخرج صافعا الباب خلفه بعنف تاركا رجلين كلا منهما يعاني جرحا غائرا بصدره ...ليرفع عز نظره للواقف أمامه مطرقا وهو يقول بقنوط:
"أنا لا ادري تفاصيل ما حدث بينك وبين رباب ...ولا كيف ارتبطت بك ...لكن ما اعرفه جيدا أنك كنت محظوظا بزواجها منك ...فرغم مرور سنوات طوال على آخر مرة رأيتها بها ..إلا إنني واثق أن الفتاة الباسمة ذات النظرة البريئة والقلب الطيب التي كنت أصادفها على مدى عامين في ذهابها وإيابها لأختها بحجرة القسم...تلك الفتاة بضحكتها الرائقة وعيونها الممتلئة بالسعادة والرضي .. فتاة ربتها سامية بكل الحب والاحتواء حتى جعلتني أتمنى أن تربي ابنتي مثلها ...هي فتاة لا تخطئ ...ولا تستحق أن تُطعن بسمعتها وتُتهم بشرفها"
انتفض يوسف بغضب وهو يقول بحمية:
" لا احد يطعن بشرف زوجتي أو يجرؤ ...من يمسها بكلمة أدفنه مكانه ... " ليلتوى فم عز باستهجان ساخر وهو يقول بحزن:
"مما فهمته منذ قليل أنك أنت من شكك بها واتهمها ظلما
" ليملئه الشعور بالذنب بينما يصله صوت يوسف المتشنج بغضب حاد :
"لا شأن لك بي وبزوجتي ...بل بنا جميعا ...ربما تكون صدفة تلك التي جمعتنا بك ...أو هي تصاريف القدر رحمة من الله بي ليكشف لي الحقيقة ...لكن أيا كان السبب الذي جمعنا ..فانا أريدك أنت وعائلتك بعيدا عنا ...وكما قال محمود ...يكفى ما حدث حتى الآن بسببك وبسبب زوجتك ..أو زوجتك السابقة لا يهم "
واستدار هو الآخر خارجا باندفاع تاركا إياه يجلد نفسه ندما على ماض كان فيه عاجزا عن الدفاع عمن كانت حبه الحقيقي ...عن هروبه كجبان تاركا إياها في مهب الريح ...دون أن يتحقق من ما حدث لها..
وعاد بعينيه لأبنه بعد أن انتهى من سرد ما حدث منذ قليل .. ليجده مطرقا بصمت ......وجهه لا يعكس أيا من أفكاره ...فقام هو من مكانه بصعوبة محاولا التماسك ...متجاهلا الألم المتنامي في صدره ...ليرفع مدحت له عينين متسائلتين ...فأجابه عز باستسلام حزين :
"سأعود للمنزل ...أرغب بالراحة ...لم يعد لوجودي هنا داعي أو معنى ...أرجوك ...اتصل بأختك واعتذر لها عني ...الأفضل أن لا تخبرها بعودتي حتى لا تقلق وتحضر ...اخبرها أني اضطررت للبقاء مزيدا من الوقت بالإسكندرية لدواعي العمل ...احتاج للبقاء وحدي قليلا"
هب مدحت متجها لأبيه يمسك بيده عندما لاحظ خطواته المترنحة باتجاه الباب ...وحاول منعه من الذهاب بمفرده مخبرا إياه انه سيحضر مفاتيح سيارته ويوصله ويبقى معه ..فجذب عز يده قائلا بحدة ويقول بصوت خرج باترا رغم وهنه :
"لا احتاج لمن يوصلني سآخذ سيارة أجرة للبيت .. أريد البقاء وحدي قلت لك "
وخرج بخطوات مهتزة فاتبعه مدحت حتى رآه يستقل سيارة الأجرة ..ثم عاد بعدها لمكتبه ملقيا جسده عليه بقنوط دافنا وجهه بين كفيه متألما... مثقلا بذنب لم يرتكبه ...لكنه يحمل وزره على كتفيه ...ألا يرث الأبناء ذنوب آبائهم ...ليتذكر مقولة سمعها مرة ) الآباء يزرعون الحصرم ..والأبناء يدرسون (
فدفن وجهه أكثر بين كفيه مخفيا عينيه خلفهما وهو يتوجع من ثقل ما يشعر به من ذنب ارتكبته أمه بحق تلك الأسرة...غارقا بالتفكير بطريقة تمكنه من معالجة جزء مما حدث ...
يعرف باستحالة العلاج الكامل ...فتلك الجروح لن تشفى أبدا وستترك دوما خلفها ندوبا غائرة ...لكن على الأقل ليحاول تخفيف بعضها قدر ما يستطيع ...
سمع صوت الباب يفتح بعد الطرقة الحادة المعتادة لنسرين دون أن يهتم برفع رأسه إليها ...تجاهلها وتجاهل كل ما تقوله عن العقود والأوراق والعمل المتراكم ...كما تجاهل سؤالها عن الموظف الجديد للحسابات الذي ترك عمله ولا تعرف لمن تسلم أوراق الاتفاقية الجديدة حتى يتم عمل الميزانية ، لم يهتم بالرد عليها وهو يسمعها تتهمه بوقاحة بالإهمال بعمله هو وموظفيه الذين يختارهم ...ليلقي برأسه على المكتب بمجرد سماعه صوت انغلاق الباب بعد خروجها المتذمر المصاحب كالعادة لدمدماتها عن فشل وسخافة جنس الرجال!!
******

Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:21 PM   #327

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

محمود

ظل يدور بالطرقات لساعات ساهما بلا هدف ...يكاد لا يرى ما حوله ...ولا يشعر بتعب ساقيه اللتين كلتا من طول المسير ...تدور رُحى الأفكار برأسه ..فتعذبه الذكريات ...وتحنى هامته الخضوب التي نالته عبر السنوات ...
تذكر أحلام شاب غر يرى الدنيا والمستقبل بعيون حالمة بغد أفضل ومستقبل مشرق ...ينتظر يوم تخرجه بفارغ صبر حتى يحمل عن كتفي شقيقته حمل الأسرة التي حملتها لسنوات طوال ...يحلم أن يريحها من الشقاء وهي التي رفضت بتعنت أن تتزوج أو أن يعمل ليساعدها ..مصرة على أن يتفرغ لدراسته أولا ليتمكن من التفوق ...وبعدها يفعل ما يشاء ...يقضى سنواته محاولا أن يجمع قدر ما يستطيع من مهارات بمجال المحاسبة ...يلتحق بكل دورة يعلم عنها خاصة إن كانت مجانية أو مخفضة التكاليف سواء تابعة للجامعة أو أي مكان آخر ليزيد من قدراته وشهاداته حتى يضمن عملا جيدا عند تخرجه ...وما أن وصلت اللحظة التي تمناها ...وحين ظن أن أحلامه كلها على وشك التحقق ...يطير من السعادة وأخته تخبره عن تلك الوظيفة التي توسط له فيها رئيس القسم لديها ...فذهب له شاكرا مطمئنا إياه انه سيكون عند حسن ظنه ...ولم يعلم وقتها انه دخل بقدمه إلى جحر أفاع أطبق عليه و توالت الأحداث والمصائب عليه تباعا بعد أسابيع قليلة من تسلمه العمل ...بدءا من معرفته برغبة رئيس القسم عز الدين المنشاوي الرجل الغني المنتمي لعائلة كبيرة بالزواج من سامية ...وإخبارها له أنه رفضته لأنه متزوج ولديه أبناء ...ليجد نفسه بعدها بيوم واحد متهما بالاختلاس والتلاعب بالحسابات ...ويقبض عليه ليقضى أسابيع في سجن ناله فيه صنوفا من التعذيب بلا جريرة ارتكبها ...ليصرخ ببراءته دون أن يجد أذنا تسمعه ...يتناوب عليه العساكر والأمناء يضربونه بعنف بينما يخبرونه بصلف أنه تم التوصية عليه لتأديبه وتوصيل رسالة له بأن هذا جزاء من يتطلعون لأعلى ويطمعون فيما لا حق لهم به ..
ولم يكن ساعتها يفهم أي طمع وأي تطلع ...كان يصرخ سائلا دون مجيب سوى استهزاء وسخرية وصفعات متتالية كسرت شموخ روحه وصبغت نظراته الوردية للمستقبل بلون اسود ...ليخرج بعدها مكسورا فيجد أمه مريضة بالمشفى ...وشقيقته الكبرى فُصلت من الجامعة ...والصغرى تختبئ في حجرتها كجرذ مرتعب ...
أيام سوداء قضاها ما بين أمه التي تحتضر ..وأخته التي انتشرت لها صورا فاضحة جعلتهم عرضة لكل أشكال التنمر ..انتهاء بموت الغالية ...وهروب كان ضرورة من شدة ما نالهم من السنة الناس ونظراتهم ...وسنوات شقاء وعذاب عاشها مع شقيقتيه ...
وما أن ظن الدنيا بدأت تلين ...واستقرت حياته بهدوء نسبي جعله يحاول اللحاق بركب الأحلام ...فيقبل تقربات فتاة بسيطة الجمال والنسب.. طمعا بحلم أسرة واستقرار وإشباع فطرة خلقها الله بداخله ..... ليصارحها بصعوبة ظروفه ومسؤوليته عن شقيقتين وإن لم يكن ماديا فكلتاهما وقتها كانت تعمل ...فمعنويا وأنه لن يستطيع الاستقلال بمسكن أو توفير تكاليف زواج باهظة ...فوافقت ... فأسرتها فقيرة ولن يستطيعوا المعاونة بأي صورة في تكاليف زواجها ...ليبدأ حياته معها ظنا أن السعادة ستدق بابه أخيرا ..لكنها كانت وهما سرابا لم يتحقق ولا حتى لأيام قلائل ...فزوجته المصون لم تكن السكن الذي تمناه ولا الحضن الدافئ الذي طمع بنيله يوما ..فهي منذ أيامها الأولى معه لم تكف عن التذمر والشجار من كل شيء وعلى كل شيء ...
من ضيق مسكنه ومشاركة شقيقاته لها به ..كما لو كان خدعها ولم تكن تعرف مسبقا ...حتى بعد زواج رباب واقتصار الأمر على سامية والتي كانت تقضى معظم يومها بالعمل وتعود مساءا لتلتزم حجرتها اغلب الوقت ...لم تكف عن الشكوى والتشاحن مع الجميع...كما كانت تمنع نفسها عنه بالأسابيع بعد كل شجار حتى زهدها...لم تكن تكف عن الضغط عليه بطلباتها التي تعلم انه غير قادر على الاستجابة لها وهي تطلع دوما لكل ما عند غيرها بحقد وحسد...وخاصة شقيقتها التي تزوجت رجلا ميسور الحال لتظل كلما زارتها تتحسر لأيام على حظها الذي أوقعها به ..حتى فقد أي شعور بالمودة ناحيتها.....ولولا حملها بمازن ربما كان طلقها منذ البداية ...لتأتي روان بعدها ليقرر التحمل لأجلهما وخاصة بعد اكتشاف مرض مازن الذي قسم ظهره ...
ابتسم محمود ساخرا بألم من نفسه وهو يفكر في أنه رضي بالهم والهم لم يرضى به ...فقد طلبت زوجته الطلاق وأصرت عليه بعد ولادة روان بأشهر قليلة مشيعة بكل مكان أنه يسئ لها ولا ينفق عليها وانه بخيل وانه... وانه...
العديد من الافتراءات التي علم بعدها أنها كانت تجمل بها صورتها على حسابه كامرأة احتملت وصبرت على زوج سيئ حتى فاض بها معين الصبر كل هذا حتى تضمن تعاطف زوج أختها التي كانت قد توفيت بالمرض الخبيث قبل شهر من طلبها الطلاق...وذلك حتى تضع نفسها كبديل مناسب لأختها في تربية أبنائه ...خاصة بعد أن أشاعت انه اجبرها على التنازل عن حضانة أبنائها مقابل الطلاق .. صحيح هو لم يفعلها ...لكنه بالتأكيد لم يكن ليترك أبنائه لها..
وظن بعدها أن الحياة لا يمكن أن تحمل له المزيد من المآسي ...لكن يبدو أن حظه في الدنيا سيظل يعانده ...فقد عمله وأفلست الشركة التي كانت مصدر رزقه لأعوام طوال ...وتخبط لعامين بين مختلف المهن بعد أن عاندته السبل لإيجاد عمل لائق ...وما كاد يظنها بدأت تبتسم من أسبوع واحد ..حتى أدرك الآن بأنها ابتسامة الشماته والسخرية من تفاؤله الذي يتمسك به رغم كل ما ناله...فها هو الماضي يعود ليضربه في وجهه ...فما بين رباب وعز ...يظل الماضي يجلده بسياط الألم بلا هواده ..
**********

يوسف

فتح باب شقته ...ودخل ساهما ...ثم وقف بمنتصف الصالة للحظات متطلعا في الهدوء القاتل حوله ...قبل أن يفتح باب حجرة أمه يطمئن على نومها.. فلفتت نظره تلك الورقة المستندة على علبة الدواء بجوارها والتي خطتها سامية تخبره فيها أنها أعطت أمه الدواء وألا يعطيه لها ثانية ...فدثر أمه بالغطاء جيدا وتركها متجها لحجرته ...يسقط بجسده المنهك جالسا على حافته مطرقا ...تتدافع الأفكار برأسه بلا هواده ...تجلده مرة بالذنب ...ومرة تبرر له ما قام به ...فكيف كان سيعلم أنها بالفعل قد ظُلمت وتم التلاعب بها ؟...
كيف كان بإمكانه التأكد وقد حيكت المكيدة بمهارة على يد أُناس قادرين؟ ...كيف كان سيعلم ؟!!...
أحنى رأسه بينما يكاد كفيه تبيض مفاصلها القابضة على حافة الفراش ...فراش جمعه بها بلحظات من العشق الملتهب ببداية الزواج ...تلتها لحظات من الغضب الذي لا يقل التهابا لسنوات تالية ...وفى كليهما كان العشق والغضب من ناحيته هو ...
أما هي ...رباب ...فلم يعرف يوما مشاعرها نحوه ...هل قبلته بالبداية كآخر فرصة متاحة لها بعد ما حدث معها ...أم أنها شعرت نحوه بميل وقبول ...ليسخر من نفسه وهو يفكر في أنها حتى لو شعرت بهذا في البداية ...فما فعله معها وبها طوال السنوات الماضية لابد و أنه قد قتل أي ذرة مودة كان يمكن أن تنمو بداخلها ناحيته ...لتنغلق ملامحه مع عينيه وهو يفكر ...
أتراه أضاعها بعدم ثقته؟ ...بقسوته ...أم ما زال هناك أمل لهما؟...
ألقى بجسده للخلف مستلقيا على الفراش بنصف جسده بينما ما زالت ساقيه تلامسان الأرض وضحك بمرارة هازئا من نفسه و مفكرا ...
"أي أمل هذا الذي تمني نفسك به ...بعد ما قلته لشقيقها اليوم !!...قطعت آخر خيط كان يربطك بها ...فإن غفر محمود وهو ما لا يظنه سيحدث ...فلو كان مكانه لم غفر هو ...فلن تغفر رباب له يوما ..."
وهو واثق أن محمود سيخبرها بما حدث ...كلماته التي ألقاها برعونة على مسامع شقيقها في لحظات انفلت فيها لجام تعقله ..كانت الحبل الذي التف على عنقه ليقتله ...
همس لنفسه ببوح متوجع :
"كنت ترغب صباحا في حقيقة تمنحك اليقين لتخطو نحو قرار يريحك من التيه ...فها قد عرفت الحقيقة ...واتُخذ القرار ..لكن لا الحقيقة جاءت حسب ظنك ولا القرار كان قرارك ...ولا الراحة ستكون نصيبك بعد اليوم بعيدا عنها ..."
أغمض عينيه محاولا الهرب من مصير يلوح أمامه عن أيام عجاف قادمة ومرارة يتزايد طعمها بحلقة ووجع يحتل روحه بلا بارقة أمل تلوح بالأفق..
**************

Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:24 PM   #328

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

محطة المترو قبيل المغرب
يحدق بالورقة بيده للمرة التي فقد عددها ..
ورقة تحمل اسمها ...عنوانها ...ورقم هاتفها ...
ورقة حفظ كل ما فيها من كثرة تطلعه لها بعد أن تحايل عليها لتكتبها ...
غامت عيناه عشقا وصورتها ترتسم أمامه بثوبها الأزرق اللون الذي اكتشف حبها له فمعظم ملابسها بهذا اللون ...ثوبا رقيق مثلها يصل للكاحل مطبع بزهور صغيرة بتلاتها صفراء.. ليغمض عيناه مستعيدا كل ما حدث صباح اليوم.
صباح اليوم
بعدما اكتشف أن الحقيبة المسروقة تعود لها ...انتفض واقفا وهو يجمع محتوياتها ويغلقها حين فكر بهلع بأنها مصابة بمرض السكر .. ولم تأخذ جرعة دوائها ...فأخذ يدور حول نفسه لا يدري ما يفعله ...فحبيبته ربما تصاب بنوبة نقص سكر ... إن تلك الحمقاء المفروض أن تأخذها صباحا قبل نزولها وتفطر بعدها جيدا إفطارا صحيا ...لا أن تحملها ممتلئة معها ...
لم لا تهتم بنفسها!! ... إنه يعلم الكثير عن مرض السكر بنوعيه الأول والذي يصيب المواليد وصغار السن ...والثاني والذي يصيب الكبار ما بعد الأربعين ...فوالده مصاب بالنوع الثاني بينما كان لديه صديقا مقربا منذ الابتدائية حتى انهوا الثانوية العامة مصابا بالنوع الأول ...عماد صديقه العزيز الذي دوما ما كان مهملا كثيرا في الاهتمام بطعامه ودوائه مما كان يتسبب له بنوبات إغماء متكررة تصيبه بالرعب والقلق عليه ... فأخذ على عاتقه وقتها مهمة العناية به فكان يمنعه عن الإفراط بالأطعمة غير الصحية والسكريات ..ويذكره بمواعيد جرعات العلاج ...
أخذ يشد شعره بإحدى يديه بينما الأخرى تمسك بالحقيبة قرب صدره محاولا التفكير في طريقة يصل بها إليها بسرعة ليطمئن عليها ويمنحها دوائها ...
هل يذهب للجامعة؟ ...معه بحقيبتها الكارنيه ويعلم الآن بأي كلية وسنة وقسم هي ...
لكن ماذا لو لم يجدها هناك؟ ...
ليقرر أن يعيد البحث في حقيبتها محاولا إيجاد أي دليل أو رقم هاتف يمكن من خلاله أن يصل إليها ..
لكن القدر كان رحيما به فقبل أن يحاول إعادة فتحها سمع تلك الطرقات الرقيقة على باب مكتبه تبعها ظهور متردد لعينين زرقاوان تشعان ارتباكا..وهي تقول بهمس سحره ...
"حضرة الضابط ..أنا ارغب في عمل بلاغ ...فقد سر ....( لتصرخ فجأة ما ان لمحت ما بيده ) حقيبتي!!! .. ..."
لتقترب بسرعة دون أن تنتبه لتعلق قدمها بساق الكرسي أمام المكتب وكادت أن تقع لولا أنه اندفع نحوها بسرعة يمد يده لها لتستند بكفها الرقيقة على ساعده المغطى بقماش بذته الرسمية ..وترتطم رأسها بصدره ...
ورغم الحائل القماشي بينهما إلا أن القشعريرة سرت بجسده من ملمسها الذي استشعرته حواسه ...وتمنى أن تظل متمسكة به ملقية برأسها على صدره طوال حياته ...لكنها ابتعدت برأسها بسرعة وإن ظلت كفها ممسكة به للحظات تستعيد توازنها بها قبل أن تبعدها وتضمهما لصدرها ..ففقد قلبه اتزان نبضاته مع رفعها لعينيها المرتبكتين إليه وهي تهمس باعتذار مضطرب ... فنسى هادر الزمان والمكان و قلبه يهدر وعقله يغيمه العشق ويمنعه التفكير ..ففتح فمه ناويا الاعتراف لها بمشاعره ورغبته في الزواج منها ..لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن لتقطع صديقتها اللحظة المرتبكة بينهما وهي تدخل مكتبه بسرعة قائلة لياسمين بنزق :
" لمَ لم تنتظري أمام الباب حتى أتخلص من تلك الثرثارة التي عطلتني بأسئلتها الغبية وآتي إليك لندخل سويا لعمل المحضر؟ ..."
لتستطرد بحديثها دون أن تنظر ناحيته لحسن حظه ...فقد كان يشعر بأن حالته المضربة سيكشفها كل من يراه ...لكنها ظلت تثرثر بسرعة قائلة :
" تلك السوسة الحمقاء ...تدعّي أمامنا دوما بأنها لم تذاكر أو تفتح كتابا ولا تفهم شيئا من المنهاج ..لنجدها بنهاية كل ترم دراسي حاصلة على أعلى التقديرات" ...
لتشهق بحدة وهي ونظراتها تلتقط الحقيبة التي وضعها هادر على المكتب أمامه بينما يلتف جالسا عليه محاولا استغلال ثرثرتها لاستجماع شتات نفسه والتمسك بهيئته الحازمة مذكرا نفسه بأن مقاطعتها ربما جاءت في وقتها ورغم اعتراض قلبه ...لكن عقله نبهه لضرورة إنهاء أمر اشكي وأبيها أولا قبل أن يخطو أي خطوة ناحية ياسمين ..
اقتربت رؤى وخطفت الحقيبة من أمامه ..دون أي اهتمام بوجوده ليرتفع حاجبه حتى كاد يصل لمنابت شعره وهي تناولها لياسمين قائلة بأمر ...
"ها هي حقيبتك ..افتحيها وتأكدي أن كل ما بها سليم ...وهيا لنذهب بسرعة لنحاول اللحاق بالمحاضرة قبل إغلاق الباب علمت أن الدكتور سيقوم اليوم بالمراجعة وتحديد النقاط الهامة التي قد تأتي بالاختبار ولابد لنا من الحضور ...فلن آمن أن يمنحنا أحد الزملاء كل ما قيل دون أن يخفوا شيئا "..
مد هادر يده بسرعة جاذبا الحقيبة من بين يديها وهو يقول بابتسامة حاول جعلها رسمية مداريا رغبته بالضحك على هذه الفتاة المتهورة بينما ينعي بداخله حظ سيد لوقوعه بحمقاء مثلها :
" لابد يا آنسة أن تقوم الآنسة ياسمين بالتوقيع على محضر رسمي تشرح فيه ما حدث عند وقت السرقة تفصيليا قبل أن نسلم لها الحقيبة .."
لكن ياسمين قالت برجاء جعله على استعداد لتجاهل كل القوانين :
"ألا يمكن لي الحصول عليها الآن والذهاب بسرعة للكلية للالتحاق بالمحاضرة ..وأعود بعدها لاحقا لإنهاء المحضر ...أرجوك ..اليوم هام لنا ولا نستطيع التأخر ...فلدينا محاضرة مراجعة وأخرى للتقييم وسيتم خصم درجات من لا يحضر "
لم يستطع هادر الرفض أمام زرقة عينيها الآسرة فأومأ برأسه موافقا و هو يمد يده لها بورقة ويقول :
"حسنا ..رغم مخالفة ذلك للقانون ..لكني لن أعطلك ...فقط أكتبي هنا بيانتك كاملة الاسم والعنوان ورقم البطاقة و الهاتف حتى أحاول إنهاء المحضر واتركه فقط على توقيعك حين تعودين ..."
أخذت ياسمين منه القلم وقالت شاكرة وهي تميل لتكتب ما قاله :
"شكرا حضرة الضابط ...سأعود بمجرد إنهاء محاضراتي "
ظلت عيناه متعلقة بأمواج شعرها الداكنة التي التفت مخفية عنه وجهها ليقبض كفيه الراغبتين بالغوص بهما بقوة بينما يخفى اضطرابه خلف ملامح جامدة وهو يرفع عيناه لتلتقي بنظرة متمعنة من صديقتها إليه ..قبل أن تسحبها من يدها وتخرجا معا تاركين إياه يشعر بالفراغ ..
عاد هادر يتطلع في ساعته بضيق فهي لم تعد كما وعدت ...
انه ينتظرها حتى الآن .. حتى أنه وافق بسعادة عندما استأذنه زميله المناوب بعده أن يكمل عدة ساعات أخرى لاضطراره للتأخر لظرف عائلي ...
نظر للورقة أمامه ولرقم الهاتف الذي حفظه وحاول مرة ثانية الاتصال بها بحجة الاتفاق على موعد حضورها للتوقيع على المحضر ...لكنه وجد هاتفها ما زال مغلقا ...
ليتملك القلق منه ..
ترى هل فرغ شحن هاتفها ؟
أم حدث أمر آخر ؟...
إن القلق سيقتله ..ولا يدري ماذا يفعل ...زفر بحنق ووقف جامعا أشيائه مع دخول زميله شاكرا ومعتذرا عن التأخير ...
*******

الحارة صباح اليوم التالي
"ريـــان يااااا فجـــــل ....ورور يـــا جرجــــير "
صوت صباح الصادح بالنداء على بضاعتها يتلاعب على دقات قلبه وهو يقترب منها قائلا :
"صباح الخير يا ست الصبايا"
ارتبكت بخفر ورفعت يدها لتتأكد من لفة طرحتها حول وجهها وهي ترد عليه بابتسامة تذيب قلبه الصعيدي :
"يسعد صباحك يا سي عوض .." لتمد يديها بارتباك منتقية له ربطة فجل وجرجير موضوعة بجانب سلتها وتمدها له بخفر قائلة:
" هاتين الربطتين لأجلك جهزتهما لك"
انحنى عوض أمامها بجذعه وهو يمد يده ليأخذهم قائلا بصوت فاض بعشقه :
" سلمت يداك يا ست الصبايا ..متى تناوليني إياهم في بيت يجمعني بك وأنت حلالي" ...
ازداد احمرار وجهها من حديثه الصريح برغبته بالارتباط بها ...رغبة بدأ منذ أيام يصرح بها بعد أن ظل صامتا لسنوات مكتفيا بالنظرات أو الكلمات المستترة ...أخفضت رأسها غير قادرة على مواجهة عيناه قبل أن ينتفض كليهما على الصوت الخشن الصادح خلفه:
"بنت يا صباح ..ناوليني ربطيتين فجل وجرجير بسرعة ...وأنت يا عوض ..تحرك من أمامي ..هل ستظل ساعة تشترى ربطة جرجير !!!"
استقام عوض معتدلا والتفت للعم شحاته كاظما غيظه وهو يقول:
"السلام عليكم يا عم شحاتة ...حمدا لله على سلامتك ...لمَ تتعب نفسك وتنزل لإحضار الإفطار"
نظر له شحاته بعنجهية وهو يرد عليه باستهانة:
"وما شأنك أنت ؟! عالم هم !!"
ثم مد يده ملقيا بضع قروش فوق سلة صباح قبل أن يأخذ الربطات الخضراء من يدها ويستدير متجها لمنزله القريب ...فزفر عوض أنفاسا ضائقة وهو يقول بخفوت :
"سبحان الله ...كيف يكون هذا الرجل والدا لسيد بكل جدعنته وأخلاقه وتواضعه ...حقا يخرج من ظهر الفاسد عالم !"
ليعود بنظراته لصباح مبتسما ومومئا لها برأسه قبل أن يذهب بطريقه
*****
ما أن سمعت صوت باب الشقة يفتح حتى أسرعت ناحيته تنظر للداخل بقلق وتأخذ ما بيده وهي تقول بلوم :
"لمَ خرجت بنفسك لتحضر الإفطار يا شحاته ؟...الأولاد كانوا سيحضرونه قبل نزولهم للمدرسة ..أنت ما زلت مريضا "
هتف شحاته في وجهها بحدة وهو يشيح بيده:
"أولادك الكسالى الذين لا فائدة منهم كانوا سيحضرونه بعد ساعة ..وأنا جائع يا امرأة ...وأخبرتك مئة مرة أنني لم اعد مريضا ...كانت وعكة وذهبت لحالها ...اذهبي لإعداد الطعام وكفي عن النق فوق رأسي ...نساء هم !!"
خرج سيد لحظتها من الحمام بشعر رطب ..ونظر لأبيه قائلا :
"صباح الخير أبي ...لا تضايق نفسك ...أمي فقط قلقة على صحتك"
رد والده بجلافة :
" صحتي أفضل منك يا ابن فوزية ...لا تشغل بالك بي ...وفكر كيف ستتصرف في زواج أختك ...لعلمكم ...أنا لن ادفع قرشا واحد ...إذا وافقت أختك على هذا الشاب عليه أن يحمل الجمل بما حمل ويتحمل كافة التكاليف فلا بأس...ويكفي أنني لن أطالبه بمهر لها "
ثم أضاف مغمغما بغيظ :
"أضعتم مني يا اولاد ال( ....) الرجل الذي كان سيدفع لي مهرا محترما ولن يكلفنا قرشا في زواجها ..أنا انفق عليها كسوة وطعاما وتعليما ويريدون أيضا أن ادفع لزواجها بدل أن اخذ بدل ما أنفقته !! "
لتخرج زوجته من المطبخ واضعة ما بيدها على المنضدة وهي تشهق بلوعة وتضرب يدها على صدرها نائحة:
"يا فضيحتي ...أتريد أن تصغر بنا و بابنتك أمام الناس يا رجل!! ..كيف لن نشارك في جهازها !! ...كل الفتيات تشارك في الجهاز بل اغلبهم الآن يتحملن نصفه "
ضرب شحاته المنضدة أمامه بحدة هاتفا:
"أنا لا أشارك ...من يعجبه أهلا ومن لا يعجبه الباب يفوت جملا ...وان لم يرضى لدي بدل العريس اثنين مستعدين للزواج منها دون أن يغرموني قرشا واحدا"
كظم سيد غيظه وحاول التماسك وهو يرد علي أبيه بسخرية مستترة :
"عرسان من نوعية الميكانيكي الحشاش ! ... على كل حال لا تشغل بالك أبي ..أنا سأتكفل بكل ما تحتاجه أختي ...وبعد إذنك ...دع لي أنا الاتفاق معه على تكاليف الجهاز ...( وأضاف بتجهم) ...هذا إن وافقت هي "
لحظتها خرجت إليهم سما من غرفتها بوجه شاحب وشعر مشعث وملابس مجعدة تنظر لهم بعينيها الذابلتين لثواني قبل أن تقول بصوت ميت:
"أنا موافقة على الزواج من سمير "
*********
انتهى الفصل


Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:45 PM   #329

كلي جنون

? العضوٌ??? » 146824
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,105
?  نُقآطِيْ » كلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond reputeكلي جنون has a reputation beyond repute
افتراضي

ياااااااااسمين ياااااسمين ابداع بليز طولي في الاحداث التي تدور عن ياسمين

كلي جنون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 10:57 PM   #330

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

تسجيل حضور وربنا يستر
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 108 ( الأعضاء 39 والزوار 69)
‏ام زياد محمود, ‏haa lo, ‏ياسمين78, ‏hopehopa, ‏نصرة محمد, ‏نور ضياء, ‏sira sira, ‏حنان الرزقي, ‏رزان قنيو, ‏موضى و راكان, ‏Um-ali, ‏الاء ابراهيم, ‏simsemah, ‏سيد النساء, ‏اميرة دعبول, ‏عبير دندل, ‏frau zahra, ‏رغيدا+, ‏همهمات صاخبة, ‏فاطمة زعرور, ‏samam1, ‏الاميرة البيضاء, ‏اسماء155, ‏حلا المشاعر, ‏Dalia.7rb, ‏ام توتا, ‏الفراشه النائمه, ‏um soso, ‏د/عين الحياة, ‏أمل متجدد, ‏Eman Mohamed1977, ‏سرى النجود, ‏hind el, ‏خلود السيد, ‏موجة هادئة, ‏shdn, ‏sosomaya, ‏مهيف ...




ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:03 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.