آخر 10 مشاركات
ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          ارقصي عبثاً على أوتاري-قلوب غربية(47)-[حصرياً]للكاتبة::سعيدة أنير*كاملة+رابط*مميزة* (الكاتـب : سعيدة أنير - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          حصريا .. تحميل رواية الملعونة pdf للكاتبة أميرة المضحي (الكاتـب : مختلف - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          حصريا .. رواية في ديسمبر تنتهي كل الأحلام .. النسخة الكاملة للكاتبة أثير عبدالله (الكاتـب : مختلف - )           »          حصريا .. تحميل رواية رمانة فارس والهيئة للكاتبة السعودية شادية عسكر (الكاتـب : مختلف - )           »          27 - مطار 77 (الكاتـب : MooNy87 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree269Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-03-20, 01:31 AM   #601

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي


المنتدى حصلت فيه مشكله فنية يابنات

حذف كل المشاركات والفصول من شهر فبراير

لذلك ان شاء الله ريدا هتعيد تنزيل الفصول اللى اتمسحت

وربنا يعوضها خير عن المجهود والتعليقات اللى راحت




ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 07:49 AM   #602

ديناعواد

? العضوٌ??? » 412620
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,188
?  نُقآطِيْ » ديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond repute
افتراضي

فاين باقى الفصول الرواية والفصل الجديد لو سمحتى

ديناعواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 03:14 PM   #603

زهوور بيضاء

? العضوٌ??? » 460254
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 55
?  نُقآطِيْ » زهوور بيضاء is on a distinguished road
افتراضي

أتمنى من الكاتبة تعيد إلنا فصل الأسبوع هادا فقط
لأنه مهمم أما باقي الفصول ما تعيدها لأنو قرأناها وكمان تعب عليها
هيك عملوا كل الكاتبات😊


زهوور بيضاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 10:22 PM   #604

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

خسارة كنت مرة متحمسه لفصل هالاسبوع الله يعطيك العافيه حبيبتي ويسهل امورك تأخير خير انشاء الله🌼🌼

نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-20, 12:43 AM   #605

Hadef

? العضوٌ??? » 436230
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 74
?  نُقآطِيْ » Hadef is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله

Hadef غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 12:55 AM   #606

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم متابعاتي الغاليات نتيجة للعطل الذى اصاب المنتدى الفترة السابقة وادى الى اختفاء الفصول على مدى ما يقرب من شهر نصف فسأقوم باعادة تنزيل الفصول مرة اخرى وارجو ان لا تبخلوا على بتعليقاتكم ولايكاتكم التى فقدتها ...مع خالص حبي وتقديري لكن جميعا


رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:00 AM   #607

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن عشر

"سايااااد!… هل جننت ؟"
بوجه ممتقع أفاق سيد على والد رؤى الذي اقترب يخلص ابنته من يده هاتفا بصرامة :
" ماذا يحدث هنا ؟؟.. ماذا تفعل بابنتي ؟!!"
ماذا فعل؟؟
يا الله ماذا فعل؟؟؟ ...تساءل عندما انقشع موجة جنونه ...لا يعرف كيف يرفع عينيه في وجه والدها ...
كيف يبرر ...
ماذا يقول له ؟..
أيخبره أن غيرته سبقت عقله !...وبأي حق ...بأي حق يخبره بأنه يغار عليها.. بأي حق يلمسها ...
آآآه شقت صدره ولم تغادر شفتيه ...يغمض عينيه للحظة يتمنى أن تطول قبل أن يواجه النظرة الغاضبة المستنكرة والمنتظرة لتفسير بعيني مسعد ...لكنه لا يملك تفسيرا ...لا يملك واحد يرضيه ...لأن ما عنده بالتأكيد لن يرضي والدا غاضبا ..
فتح عينيه وحاول شد قامته وهو يواجه ملامح الرجل الذي احترمه دوما ...رجل وثق به وأدخله بيته وائتمنه ...وهو ماذا فعل ؟!..ازدرد لعابه بصعوبة ...لا يدرى ما يقول ...حقا لا يعرف كيف يبرر ...حادت عيناه للحظة خاطفة يهرب من النظر له لتلتقي عيناه بعينيها ...تلك المشاغبة التي سلبت عقله ...تلك التي أفقدته قدرته على التمييز فتجاوز في حقها وحق أسرتها ولمسها دون أن يحق له ذلك ..زفر بقوة وهو يعود للرجل الواقف منتظرا ليقول بارتباك ومحاولة واهية للتبرير:
"أستاذ مسعد ...أنا ...لقد كنت.. "
قاطع صوتها أيا ما كان يحاول قوله حين اندفعت تقول :
"آسفة أبي ...الخطأ منى ...لقد أخذني الحديث مع ياسمين ولم انتبه أني ابتعدت عن المكان ...و...و ...نعم ...لقد كان هناك شخص ما ...آه شاب حاول معاكستي ...و...كنت ابتعد عنه بسرعة ...فكدت أتعثر ...وسيد ...سيد رآني وكان يحاول إسنادي قبل أن أقع ...وأيضا كان يعنفني ..اقصد يعاتبني لأني ابتعدت ...و ..و.."
صمتت بعدها ...ولم تجد ما تضيفه أكثر.. بينما ارتفع حاجب أبيها باستنكار ...فلم يصدق حرفا مما قالته ابنته ..لكنه أيضا لم يفهم سببا لمحاولاتها تبرير ما فعله سيد...هناك ما يحدث بينهما ...شيء ما لا يفهمه ولابد أن يجد له تفسيرا...فنظر لها بصرامة قائلا :
"عودي فورا لأمك وإخوتك واخبريهم بأننا راحلون ..."
نظرت له للحظات بتردد فقال بحدة:
"الآن ... تحركي من أمامي فورا"
انتفضت مستديرة ومهرولة ناحية حفل الزفاف .. وعاد هو للنظر لسيد المطرق بملامح غير مقروءة وسأله بصرامة بعد ابتعاد ابنته:
" ما قالته ليس الحقيقة أليس كذلك؟"
رفع عينيه وهز رأسه قائلا بصوت خشن:
"لا ليس هذا ما حدث "
هز رأسه يقول بحدة:
"إذا اخبرني عن ما حدث وجعلك تتجاوز حدودك وتمسك بيد ابنتي وتقترب منها بهذه الطريقة المشينة؟!"
تقبض يدي سيد بقوة على جانبي جسده ووقف مطرقا برأسه لا يجد ما يقوله ...ماذا سيخبر أباها ..أنه جن من الغيرة عندما رآها تحادث هادر ...تتبادل معه أرقام الهاتف ..وحتى لو اخبره ...ما تبريره لتدخله بالأمر ..ما شأنه هو؟...لكنه لم يجد بدا من الاعتراف ..ولو بجزء من الحقيقة على الأقل فرفع رأسه لثانية ينظر لمسعد قبل أن يهرب من عينيه قائلا:
"لقد رأيتها تسلم على ضابط صديق لي ...(ليتدارك الأمر ما أن لمح بطارف عينيه احتداد ملامح مسعد ) هي تعرفه فهو المسئول عن محطة المترو التي تركب منها وقد ساعدهم عندما تعرضت صديقتها لمشكلة مع احد الموظفين هناك بسبب عطل اشتراكها ...لقد غضبت لوقفتها وحديثها معه وحدها حتى لو كان لمجرد تحية ...فالأمر كان غير لائق ...لذا انفعلت رغما عني وأنبتها ولم انتبه ولم اقصد أن أمسك يدها أو اقترب منها لتلك الدرجة "
واطرق برأسه ليضيف بخزي مستسلم "أعرف أن الأمر لا يحق لي ..واني تجاوزت حدودي ...أنا .. أتوقع بأن الفترة الماضية جعلتك تأخذ عني انطباعا وتعرف بأني لست شابا عابثا أو مستهترا … ( وعاد ليعترف بخزي) واعترف بأني تجاوزت حدودي بدون قصد أو نية سيئة .. أرجو أن تسامحني "
ران الصمت لثوان .. فرفع عينيه للواقف أمامه ينظر له بملامح غامضة وأضاف بحرج شديد :
"أرجو أن تقبل اعتذاري ...وأنا أعدك ...لن أقترب من محيطها ثانية "
ظل مسعد ينظر له للحظات طويلة ...ملامحه مغلقة ...فمه مذموم بحدة قبل أن يقول له بخشونة ما أن لمح اقتراب زوجته وأبنائه :
"لقد تجاوزت حدك مع ابنتي ...وهذا أمر لا أتسامح به ...خاصة ونحن ضيوف لديك ...إن رأيت تجاوزا منها كان يجب أن تخبرني ...لا أن تسمح لنفسك بلمسها والاقتراب منها بتلك الطريقة ...سأتجاوز عن الأمر هذه المرة ...لكن ..."
ليقاطعه سيد بصوت بات:
"بدون لكن سيد مسعد ...أعدك سأبتعد عن محيطها تماما ...واعتذر مرة أخرى "...
كانت زوجة مسعد وأبنائه قد وصلوا إليهم فالتفت سيد محييا التوائم وشاكرا لوالدتهم حضورها متقبلا تهنئتهم ...وتجاهل رؤى التي تناظره بقلق ..وأومأ برأسه للجميع وابتعد دون أن يسمح لعينيه بالنظر ناحيتها ... أو ينتبه للنظرة المتأملة في عيني أبيها والتي تتفحص كليهما بقلق...
....................
واشنطن

تقبله بشغف ..تغوص بأصابع يدها اليسرى بين خصلات شعره بينما اليمنى تفك أزرار قميصه بعد أن جذبته تخرجه من حافة البنطال ..وقبل أن تمتد يدها لحزامه ...كان يتراجع منسحبا من بين يديها ...يتنفس بعمق ...يستدير مخفيا عنها ملامحه المتشنجة ...وفقدانه للقدرة على الاستجابة لها ...يسب جسده الخائن الذي يرفض التفاعل والشعور...
بين يديه واحدة من أجمل نساء العالم ...راغبة ...شغوفة تضج حرارة ...بينما هو أقرب للوح ثلج باردا ...شعر بها تقترب منه أكثر تلصق جسدها بظهره ..تلف ذراعيها حول خصره وتمرر كفيها صعودا وهبوطا على جسده بطريقة مغوية...و خبيرة ..فأغمض عينيه يحاول استجماع شتات ذاته المبعثرة ...يبحث عن استجابة يستجديها بلا فائدة ... ليبتسم ساخرا من ذاته وهو يفكر أنه حتى محاولة الهرب من خيالاته عن حبيبة أصبحت ملك آخر قد فشل بها ...لقد أصبح الفشل عنوانه حاليا ...فشل في عمله ...فشل في حماية صديقه ...فشل في الحب ...
لتعود خيالاته لتعذبه ...يراها بعيني خياله بين ذراعي آخر يتملكها ...
أتراه أتم زواجه بها ؟...هل لمسها ؟...رآها بكليتيها ؟..شم رائحة جسدها التي لم يعرفها هو؟ ..لمس شعرها الذي لم يراه هو؟ ...استحل منها ما كان يجب أن يكون حقه هو؟ ..
آه مختنقة أفلتت من بين شفتيه فسرتها الأخرى تأثرا بملامستها فزادت بها لدرجة ماجنة ليفيق محاولا الانسحاب ...فما ظنه علاجا لألمه اثبت أنه غير ناجح ...ليستدير إليها محاولا إنهاء الأمر دون أن يجرحها فقال باعتذار :
"عفوا اندريا ...لقد تذكرت الآن أني لا املك أي وسائل حماية هنا ...لنؤجل الأمر لـ…"
لتقاطعه بسرعة وهي تقترب منه أكثر ملتصقة به تلف ذراعيها حول رقبته بينما تقول:
"أنا معي ...هناك عبوة كاملة من الواقي بحقيبتي ...لا تقلق حبيبي "
حاولت تقبيله ثانية فابتعد عنها بنفس اللحظة التي رن بها هاتفه ليتجه ناحيته بسرعة في محاولة للابتعاد ثم رفع حاجبه متعجبا وهو يرى اسم ستورم مدير أمنه .. وتعجب وهو يفكر بالسبب الذي جعله يتصل وقد تركه منذ قليل بالأسفل ...
لم يكد يفتح الخط حتى جاءه صوت ستورم اللاهث هاتفا بقلق:
"سيد آسر هل لمستها ...هل أقمت علاقة مع اندريا ..أرجوك إن لم تكن بدأت معها فلا تقربها"
ارتفع حاجب آسر ذهولا وهو يقول:
"ماذا؟!...هل جننت ...ما شأنك أنت بالأمر؟! "
جاءه صوت اندريا من الخلف تمس كتفه وتقبل وجنته وتمد يدها أمامه تهز عبوة بلاستيكية لأحد أنواع الحماية وهي تقول بخفوت:
" سأسبقك للحجرة ...لا تتأخر "
لم ينتبه لها بينما يأتيه تحذير ستورم :
"لا تمسها سيد آسر وأنا سأكون عندك بعد لحظات وأخبرك بالأمر ؟؟أنا في طريقي لأعلى"
لم تكد تمر دقيقتين حتى كان آسر يفتح الباب لستورم ويسحبه للداخل يسأله مباشرة:
"ماذا هناك؟"
نظر حوله وهو يسأل بملامح صارمة :
"أين هي؟!"
رد آسر ببرود وحدة :
"لا شأن لك ..تحدث بما عندك "
زفر بحنق وهو يقول :
"لقد أثار ظهورها فجأة في طريقك ومحاولاتها التقرب منك قلقي ...اندريا مشهورة بغرورها الفائق ...وحبها لمطاردة الرجال لها وليس العكس ...إلقائها بنفسها عليك بتلك الطريقة أثار توجسي ... فقمت ببعض التحريات السريعة عرفت منها أنها كانت مختفية لفترة ..لذا قمت بتحريات أكثر دقة...وكلفت احد رجالي بمراقبتها ..وجاءني التقرير منذ لحظات لقد اكتشفت أنها مصابة بالايدز ...الأمر لم يعرفه أحد حتى الآن فقد أخفته عن الجميع ...لكن يبدو أن فرانكو عرف بالأمر بطريقة ما وحاول استغلالها لتوقع بك "
تشنج جسد آسر وانقبضت ملامحه وهدر بخفوت بينما يعتصر كفه :
"هل أنت واثق ...وكيف عرفت بصلة فرانكو بالأمر؟ "
رد الأخر بسرعة :
"لقد التقت به اليوم صباحا ...اخبرني رجلي الذي كان يراقبها ....هل لمستها سيد آسر ؟! "
زفر آسر أنفاسه المختنقة وهو يهز رأسه نفيا وتجاهل تنهيدة الراحة من فم استورم وهو يضيف بضيق :
"حتى لو حدث ...أنا دوما حريص واستخدم وسائل الحماية"
هز ستورم رأسه معارضا وهو يقول :
"تعرف أنها ليست آمنة تماما ..كما أنها طالما متفقة مع فرانكو فلابد أنها ستعمد للتلاعب بطريقة ما ...الأمر واضح ...يريدون الانتقام منك عن طريق إصابتك بالمرض "
لمعت عيني آسر غضبا وهو يتخيل لو كان استجاب لها ...لتقع عينيه على حقيبتها الملقاة أمامه فاقترب منها واخرج العُلبة التي تحوي عبوات من الواقي ففتحها وسحب واحدة ينظر لها بتمعن دقيق فلاحظ تلك الثقوب الصغيرة غير الواضحة والتي تبدو كما لو كانت تمت عن طريق إبرة ...ثقوب يستحيل أن ينتبه لها في الأحوال العادية ...فاغمض عينيه ولعنها في سره قبل أن يتجه ناحية الغرفة وهو يقول لستورم بصرامة :
"أبقى هنا"
دلف للحجرة بنفس لحظة خروجها من الحمام لا ترتدي سوى ثياب داخلية مثيرة لا تكاد تستر شيئا من مفاتنها ...فنظر لها آسر من أعلى لأسفل بغموض يخفى بداخله اشمئزازا ونيرانا من الغضب ..ولمح عبوة
الواقي ملقاة على المنضدة الصغيرة بجوار الفراش فالتوي فمه ببسمة ساخرة وهو ينظر لها قائلا:
"يبدو انك قد استعديت عزيزتي ...لكن لدي اعتراف صغير ...لابد أن أكون صريحا معك قبل أن نقوم بالأمر "
واقترب منها يمرر يده بوقاحة على جسدها والأخرى تمسك بكتفها وهو ليقول بهمس و فمه يلامس أذنها:
"أنا مصاب بالايدز ...لا أظن أن الأمر سيكون مقلقا لكِ ...طالما نستخدم الوقاية .. أليس كذلك عزيزتي؟!"
أخذت تنظر له ذاهلة فاقدة للقدرة على استجماع الكلمات للحظات قبل أن تتمتم بتلعثم ..."ماذا ..كيف ..يا الهي ..اقصد ..أعني ..لا بأس ...الأمر غير هام ...اعني كما قلت ..طالما نستخدم الواقي فلا بأس ..."
نظر لها للحظات باشمئزاز جلي قبل أن يدفعها بعيدا وهو يقترب من العبوة يرفعها مقربا إياها من المصباح مدققا بها بينما يبتسم ساخرا وهو يقول :
" يال شجاعتك وتفانيك عزيزتي ...لا أظن امرأة أخرى يمكن أن تخاطر تلك المخاطرة ...لابد أنكِ تعشقيني بجنون لتفعليها ...رغم أننا لم نتعرف إلا مؤخرا ..."
واقترب منها بعينين تطلقان شررا غاضبا بينما بدأت ملامح الفهم والخوف تعلو وجهها وهي تتراجع حتى اصطدمت بالجدار خلفها ليجذبها من معصمها بيده اليسرى مشيرا لما بين يده اليمنى قائلا:
"كم كانت ستكون تضحية قاتلة منك عزيزتي خاصة مع فساد تلك العبوة المثقوبة أليس كذلك"
ازدردت لعابها بارتجاف وهي تقول بتوتر مرتعب:
"ماذا ...لا افهم ما تعنيه ...أنا .."
ليقاطع كلامها صوت طرقة متعجلة على باب الحجرة سبقت دخول عاصف لستورم وهو يقترب من آسر بوجه مقطب جعل الأخير يجفل خاصة وهو يقترب منه هامسا بأذنه بكلمات جعلت عينيه تتسع وقلبه يرتج وهو يهمس داخله باسم صديق عمره فهد ...فانتفض ملقيا اندريا بعيدا عنه حتى ارتطمت بالجدار خلفها واتجه للباب مسرعا وهو يعدل من ثيابه ويقول لستورم :
"دع رجالك يستخرجون منها كل ما تعرفه ...والحق بي ..."
رفع ستورم هاتفه لينبه رجاله وهو يقذف لها ثوبها قائلا بصرامة:
" ارتدي ملابسك بسرعة … هيا"
****************
الحارة شقة سمير بعد انتهاء الحفل

تجلس بثوبها الأبيض على الفراش ...تنظر للأرض ...لا تكاد تصدق أن الأمر انتهى ...تحاول كتم دمعات ترغب بالفرار من اسر عينيها ...تطبق كفيها بقوة تمنعهما من الالتفاف حول جسدها ...تشعر بالبرودة تغزو أطرافها ...تجعلها تختض من الداخل والخارج ...لتنتفض فزعا ما أن شعرت بلمسة كفه على كتفها الأيمن ... بينما يرفع بالكف الثاني وجهها لتنظر إليه ...لأول مرة تنظر له من هذا القرب ترى ابتسامته السعيدة ...نظرته التي تتأملها بوله ورغبة ...يضرب وجهها أنفاسه التي بدأت تتعالي فتشعر بغيمات الدمع تشوش رؤيتها بينما يصلها صوته :
" أخيرا حبيبتي ...أخيرا ...لا تتخيلي سما مدى فرحتي بأنك صرت زوجتي ...لقد وقعت أسير عينيك الجمليتين منذ رأيتك لأول مرة تسيرين بالحارة .... "
اطبق بكفيه على كتفيها يرفعها لتقف مواجهة له ...فهربت بعينيها بعيدا وازداد اختضاض جسدها ...لكنه فسر الأمر على أنه خجل عروس ...فضمها محاولا طمأنتها بقوله:
" اهدئي حبيبتي ...لا داعي لكل هذا الذعر ...أنا لست همجيا ...لن أؤلمك ...رغم شوقي لكِ .."
ومد كفه المرتعش من شدة اللهفة ينزع الدبابيس التي تثبت حجابها ...ثم قال بعد لحظات بنزق :
"اللعنة ..ألا نهاية لكل تلك المشابك ...هل وضعوا لك مئة مشبك "
حاولت التراجع وهي تقول بارتباك :
"أنا سأفكهم ...دعني لـ "
لم يمنحها الفرصة .. بل جذبهم ليرفع الطرحة بما تحتها بعد أن نزع اللفة التي تحيط بعنقها وجذب البقية بعنف غير عابئ لو تمزق قماشها ..ثم القى بها بعيدا ونظر لشعرها الذي انكشف أمامه للمرة الأولى ...فجذب الماسكة التي ترفعه ليراه يتساقط كشلال داكن حريري على أصابعه فيتخلله بوله وهو يقول بإعجاب :
"ما أجمل شعرك وأنعمه"
فتقول بارتباك :
"لا ...شعري ليس ناعما ...لقد سرحته لي زوجة ابن خالتي باستخدام الجهاز الكهربي ...لذا يبدو بهذا الشكل ...طبيعته اقل نعومة وأكثر تموجا"
تجاهل كلماتها وهو يقترب أكثر ويضم جسدها المرتعش لصدره ...يدفن انفه بين طيات شعرها قبل أن يزيحه للجانب مظهرا عنقها ملاحظا النبض الضارب به فمال مقبلا إياه .. ثم ارتفع بفمه ناحية فكها وجانب فمها قبل أن يتوقف للحظة متنفسا بعمق وهو ينظر لشفتيها المرتعشتين بشغف أطار صوابه فانهال عليها مقبلا إياها قبلتها الأولى ...قبلة بلا خبرة يملكها.. يتخبط بها بينما تقوده غريزته ...
أما هي فأغمضت عينيها ...تحاول أن تتماسك ..تذكر نفسها بأنه زوجها ...تقاوم شعورها بالنفور ...بالرغبة بدفعه بعيدا ...بالابتعاد عنه وضم جسدها بين يديها تحميه من هجوم لمساته ...لكنها تعود لتذكر نفسها بأنه زوجها ...أنها حلاله ...أن رفضها وتمنعها حرام ...أن نفورها خوف عذراء ...إنها مسألة وقت حتى تعتاده ...فقط لابد أن تمنحه وتمنح نفسها الفرصة ...لتفقد قدرتها على التماسك وهي تشعر بيده تتطاول على مفاتنها فتنتفض بعيدا وتدفعه بينما تقول بأنفاس متهدجة :
"سمير ...انتظر ...أنا "
ابتلعت لعابها بصعوبة وخوف وهي تراه يعاود الاقتراب ..تشعر بثوبها يكاد يسقط من عليها فتمسك بياقته بسرعة ...لا تعرف متى فك السحاب وكيف ...تحاول التراجع أكثر فتدوس قدمها على طارف ثوبها فتفقد توازنها وتكاد تسقط لتترك كفها الثوب تحاول إسناد نفسها فتجد كفه تجذبها بينما انحصر الثوب عن نحرها كاشفا الكثير ومسببا تعالي أنفاس سمير ليفقد قدرته على التماسك فيميل بها على الفراش فاقدا القدرة على الصبر محاولا تهدئتها وهو يقبلها بشغف ويقول بتقطع:
"أنا احبك ...اريدك ...مشتاق لوصالك ...لا تخافي"
كانت تحارب يده التي تحاول نزع ثوبها بلا ادراك ...تمنعه عنها بلا قدرة على التنازل ...تشعر أن ما يحدث خطأ ...لكنها لا تعي أين هو الخطأ ...لتسيل دموعها وهي تحاول منعه للمرة الأخيرة بقولها:
"ألن نصلي أولا"
لكنه كان مغيبا ...فاقدا للقدرة على التوقف ...بعد أن اسقط الثوب عن جذعها...وبدا يمرغ رأسه فوق جيدها يقبل ما تطاله شفتيه ..فغمغم من بين أنفاسه اللاهبة :
"نعم ...سنصلي ...لكن بعد قليل ...لن استطيع التوقف الآن ...صدقيني لن استطيع "
ليكمل نزع ثوبها بينما تغمض عينيها مستسلمة دون أن تستطيع منع دموعها التي سالت بغزارة ..
.................
الحارة عصر اليوم التالي

تبكى بحرقة وهي تسمع أمها تنهرها بحدة قائلة:
"لن أعيد كلامي ...أبو محمود اخبرني انه عريس جاهز ومقتدر ولن يكلفنا شيئا...وأنا لن أضيعه إن كان كما يقول ...ولن أبقيك بجواري أكثر ...من في مثل سنك أبنائهم دخلوا المدارس ... ولا تظني أني غافلة ولا اعرف سبب رفضك ...ترفضين لأجل عوض الصعيدي ...أيتها الحمقاء الغبية إنه لا يجد قوت يومه ...لن يستطيع تدبر نفقات الزواج ...وحتى لو استطاع فلن يتمكن من الإنفاق عليك ولا إحضار شقة لكِ ...كفى عن التعلق بالحبال المهترئة ...وفكري بعقلك "
قاطعتها صباح تقول من بين نشيجها :
"لا يهمني أنا راضية ...سأعيش معه في غرفة السطح هي تكفيني وترضيني "
عوجت امها فمها وثار غضبها فقالت تحاول إقناعها :
"هئ .. أتظنين نفسك في أغنية عش العصفورة ...وماذا عندما تنجبان اطفالا ؟.. أين ستضعينهم إن شاء الله ؟.. على باب الحجرة!"
مطت صباح شفتيها وهي تقول بعناد :
"وقتها يحلها الحلال أنا لن أتزوج هذا العريس ..لن أتزوج إلا عوض "
جن جنون أمها من عنادها فمدت يدها تجذبها من شعرها قائلة بصراخ غاضب:
"بل ستتزوجين العريس الذي سيحضره الحاج شحاته رغما عنك ..أنا لن أخيب أملك بيدي ونندم بعدها عندما أجدك تعانين شظف العيش ولا تجدين قوت يومك ...ومن يدري ...ربما بعدها يتركك تجُرين خلفك قطيع أطفال ويعود لبلدته ..ولا نعرف له طريقا ..."

حاولت تخليص شعرها من يد امها وهي تعاندها بالقول أنها لن توافق أبدا لتزيد أمها من شده وتعنيفها بحدة غاضبة رغم محاولتها ألا يرتفع صوتها أكثر خوفا من أن يصل لأحد بالحارة .....فشقتهم الأرضية الصغيرة المنخفضة حتى عن مستوى أرض الحارة تجعل أي مار بالشارع يسمع ما يدور بداخلها خاصة لو كانت نافذتها مشرعة ...ورغم أنها مغلقة حاليا ...لكن الأمر لن يسلم ...لتدفع بها ناحية الحمام قائلة :
"اذهبي لتغسلي وجهك قبل مجيئهم ...واقسم بالله يا صباح ...لو حاولت فعل شيء لأكون واضعة إياك تحت قدمي وأضربك حتى يظهر لك صاحب ...وستتزوجين من أرضاه لكِ شئتِ أم أبيتِ"
لتدفع بها ناحية الحمام الصغير وتغلقه خلفها في نفس اللحظة التي دق بها باب شقتهم الضيقة فزفرت أم صباح بعمق وحاولت تعديل هندامها وهي تتجه ناحية الباب تفتحه فتجد شحاته واقفا وحده …
مدت رأسها تنظر ورائه لعل من معه يقف متأخرا ثم قطبت عندما لم تجد أحدا لكنها فكرت أن العريس ربما سيلحق به بعد قليل ...فأشارت له بالدخول مرحبة به و متجهة معه للكنبة قديمة الطراز والتي تكاد تكون هي الاثاث الوحيد بصالة المنزل الضيقة تاركة باب الشقة مواربا فلن تستطيع إغلاقه تماما بحضور رجل غريب ..ثم سألته عن ما يشرب واتجهت لموقد صغير بجانب الصالة تضع عليه الماء.
أما صباح فكانت قد تسلقت شباك الحمام الصغير المطل على منور العمارة الضيق وانسلتت منه خارجة للشارع تهرول باتجاه المنزل الذي يقيم به عوض ...تفكر كيف يمكنها أن تناديه ...فهي لا تعرف إن كان موجودا أم انه بالعمل ...فهي لم تره منذ ظهر أمس ...ولم تلمحه طوال حفل الزفاف بالمساء ..الأمر الذي أقلقها واثار استغرابها فهي تعرف ارتباطه بسيد...
وقفت للحظات تتلفت حولها تحت البيت ..لا تعرف كيف تتصرف ... لتستدير للأطفال التي تلعب حولها تفكر هل تنادي احد منهم وتطلب منه أن يصعد إليه ليناديه إن كان موجودا ...وماذا لو لم يجده ...ماذا ستفعل حينها ؟! ..كانت ما تزال بحيرتها عندما فاجئها صوت سيد الخارج من الباب:
"كيف حالك صباح ...لما تقفين هكذا؟!"
ما أن سمعت صوته حتى استدارت ناحيته تنظر له باستنجاد بينما تقول له بارتباك:
"أستاذ سيد ..هل ...هل عوض فوق ...لو لم يكن فيها إساءة أدب مني ...هل يمكن إن تناديه ...احتاجه بأمر ضروري"
لاحظ سيد ارتباكها وقلقها واحمرار وجهها ...وقطب متعجبا من طلبها ...ليقول لها:
" عوض سافر مساء أمس لبلدتهم يا صباح" ...
شحب وجهها وملأت الدموع عينيها وهي ترفع يدها تضرب بكفها على خدها قائلة بخفوت سمعه سيد جيدا:
"يا ويلي ...سافر ...الآن ...ماذا سأفعل ..ماذا سأفعل؟!"
شعر سيد بالقلق فقال موضحا:
"زوج شقيقته نقل للعناية الفائقة وحالته خطرة ...كان لابد أن يسافر ...لكن أنا هنا مكانه ...اخبريني ما حدث ..ولكِ علي أن أساعدك بالأمر أيا ما كان ...لا تقلقي ..أنا كأخيك ومكان عوض حتى يعود"
أخذت تنظر له بوجل ...تعض على شفتها كما لو كانت غير قادرة على الحسم هل تبوح ...وله بالذات ام تصمت ...لتجد أن لا حل أمامها فقالت بصوت باكي:
"أرجوك يا أستاذ سيد ...لا تجعل أباك يحضر العريس الذي اخبر أمي عنه"
ارتفع حاجب سيد ذهولا وهو يقول بتوجس:
"عريس ...أبي أحضر لكِ عريس؟!! ...متى ..ومن يكون؟"
لتشيح بيدها قائلة بخفوت وهي تتلفت حولها قلقة أن تخرج أمها بحثا عنها:
"لا أدرى من يكون ...لقد أخبر أمي بالأمس أن لديه عريسا جاهزا لن يكلفها شيئا لجهازي ...وسيحضره اليوم لعندنا ...بل الآن تحديدا ...لقد تسللت قبل حضورهم"
قطب سيد ..وأومأ برأسه قلقا وهو يقول لها :
"حسنا صباح ...عودي الآن للبيت ولا تقلقي ...لن يجبرك أحد على شيء ..ودعي أمر أمك علي"
أومأت برأسها بينما عينيها ظلت تنظر له للحظات باستنجاد صامت قبل أن تستدير عائدة...ليقف سيد للحظات ينظر لها وهي تتجه ناحية بيتهم قبل أن يلحق بها ..ولم ينتبه وسط شروده ومحاولاته للتحليل والتخمين أنها عندما دخلت من باب المنزل لم تتجه لباب الشقة ...بل ناحية المنور لتعود لتسلق شباك الحمام ...بينما هو اقترب من الباب الموارب ليتسمر قبل أن يطرقه وتتسع عينيه ذهولا حينما سمع صوت أم صباح الصارخ بغضب والتي ضربت على صدرها بيدها تقول بذهول:
"ماذا... أنت العريس الذي تريد الزواج بابنتي يا أبا سيد ...أنت نفسك؟!"
تسمر سيد مذهولا بالخارج بينما رفع شحاته رأسه بالداخل بكبر قائلا:
" نعم أنا ...ماذا بكِ ...لما هذا التعجب ...أنا رجل مقتدر ...وما زلت بصحتي ...ولدي خميرة جيدة كنت احتفظ بها ...تحويشة العمر سأؤجر شقة جيدة لابنتك وأؤسسها أثاث لم تكن تحلم به ...سأحضر لها كل الأجهزة الكهربية ...وسأحضر لها شبكة ذهبية ...ليست فضة أو ذهب صيني كالبعض الآن ...ولن أكلفكم جنيها واحدا لجهازها "
نظرت له أم صباح بعدم تصديق قبل أن تصرخ قائلة بغضب:
"يبدو أنك قد كبرت وأصابك الخرف ...هل تظن لأني امرأة فقيرة ووحيدة قد أبيع ابنتي لعجوز خرف...هل تظن أن كونك تملك بضع قروش زائدة عن حاجة بيتك سيسيل لعابي ويجعلني أعض اليد التي امتدت لي ...يد المرأة الطيبة زوجتك ...ويد الأستاذ سيد ابنك الشهم ...الذي لولا وقوفه معي بعد موت زوجي لكنت أتسول أنا وأبنائي ...هو من اقترح على فكرة نصبة بيع الخضروات وساعدني بها...ومنع أي مخلوق من التعرض لنا يكون جزائه منا خطف أبيه من أمه...وحتى لو كنت قليلة الأصل...هل سألقى ابنتي لرجل مثلك مريض وقدمه على حافة القبر"
انتفض شحاته واقفا وهو يقول بغضب رغم محاولته إقناعها:
"لا تنسي نفسك يا أم صباح ...أنا لست بقليل ...وصحتي من حديد...ثم أنا أريد ابنتك على سنة الله ورسوله ...وسأجلسها معززة بالمنزل بدلا من بهدلة العمل بالشارع والتعرض لكل من هب ودب ...معي ما يزيد على مائة وخمسون ألف جنيها بدفتر البريد...سأؤجر لها شقة لم تحلم بها وسأمنحك عشرة آلف جنيه مهرا لها ...اي أنني ليس فقط لن أكلفك شيئا بل سأمنحك أيضا نقودا تساعدك على نفقات أبنائك الصغار ...لن تجدي لابنتك فرصة كهذه ...لو رفضتي رجلا مثلي ستندمين ...وستجلس ابنتك بجوارك عانس دون زواج ...أو تتزوج من شاب فقير لا يملك أن يطعمها خبزا جافا ...وفوقها يطالبكم بجهاز لا تملكون ثمنه "
رفع سيد يديه يمسك برأسه متسع العينان متفاجئا بالمبلغ الذي يسمع والده يتحدث عنه بينما ناظرت أم صباح شحاته بالداخل بحدة ثم عوجت فمها تقول :
"على رأي المثل ..(قعدة الخزانة ولا زيجة الندامة) اسمع يا رجل أنا ليس عندي بنات للزواج ...فأرني عرض اكتافك ...والله لولا قدر أم محمود والأستاذ سيد عندي لأريتك مقامك وفضحتك في الحارة كلها ... (وعوجت فمها وقالت بخفوت ) رجل ناقص ..(ثم عادت لرفع صوتها عندما وجدته مسمرا مكانه لا يرغب بالذهاب تصيح ) اذهب من هنا ولا تريني وجهك ثانية وإلا قسما بربي أرفع صوتي وأفضحك أيها الخرف المتصابي "
قالتها وهي تتجه للباب توسع فتحته بغضب لتشهق بحدة وتتراجع خطوة وهي ترى سيد يقف أمامها ينظر لأبيه مذهولا للحظات قبل أن يضغط على نواجذه ويقول بسخرية تقطر قهرا:
"أظن الزيارة انتهت يا أبي ( والتفت ناحية أم صباح مكملا) أصيلة يا أم صباح ......لكن خذيها مني نصيحة...زوجي صباح لمن تريد ..حتى لو كان فقيرا لا يجد الخبز الحاف ...سيكون أحب لديها ويسعدها ويحمل لها وقوفها جواره ...ويوما ما سيكرمهم الله ويزداد رزقهم ..الشاب الفقير أيا كان سيكون أفضل من عجوز متصابي لا يرعى حق الله فيها "
وعاد ينظر لأبيه الذي بادله النظرات بصلف وقال بلهجة متهكمة مُرة :
"أظن انك تحتاج للعودة للبيت وأخذ دوائك يا أبي ...صحتك لن تتحمل أن تنسى جرعات الدواء ...( وازادت مرارة لهجته وهو يضيف ) خاصة انه غالي الثمن ...ادفع جزءا كبيرا من ما اكسبه حتى احضره لك النوع المستورد منه ...حتى لا تنفق أنت من تحويشة العمر التي تحفظها لنا للمستقبل ...أليس كذلك يا أبا محمود!"
تجاهل أبوه الرد عليه وهو يمر من جواره متجها للخارج ...فنظر سيد لأم صباح قائلا باعتذار :
"آسف ....اعتذر عما بدر من أبي ...وشكرا لردك عليه"
ربتت أم صباح على صدرها قائلة :
"لا شكر على واجب يا بني ...نحن نعرف الأصول ...ولا نعض اليد التي ساعدتنا ...وأفضالك وأمك علينا ...هدى الله أباك وأعانك عليه"
باختناق وضيق صدر أومأ سيد برأسه وتحرك مغادرا بعدما لمح بطارف عينه صباح التي تتوارى خلف باب الحمام الموارب تزين البسمة وجهها بسعادة ....

بعد دقيقة وقف سيد في الشارع للحظات مطرقا برأسه .. يبتسم بسخرية وحزن وهو يفكر كيف أنه يقتل نفسه في العمل يوميا بينما أبيه يملك مالا يخفيه عنهم ... ويدعى الفقر ...
مالا كاف لجهاز أخته والإنفاق على البيت ...وليس هذا فقط ...بل يرغب في إنفاقه على عروس جديدة وكسر قلب أمه التي تحملت منه ومعه الكثير ...يريد الزواج عليها بعد كل هذا العمر ...

رفع سيد رأسه يتطلع في وجوه الناس أمامه حائرا والألم يتصاعد في صدره والمرارة بطعم العلقم في حلقه لا يدرى ما يفعل ؟...وكيف يتصرف ؟..
أيخبرها ؟.. يخبر والدته ..أم يصمت؟...
اخرجه من شروده رنين هاتفه برقم غير مسجل .. فأجلى صوته ورد بقنوط .. قبل أن تتسع عيناه ويهتف قائلا:
"ماذا ...من ؟؟؟ يا الهي ؟!"
***********
يتبع




noor elhuda likes this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:08 AM   #608

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي


يضمه بقوة والآخر يبادله الآخر الاحتضان .. فانطلقت آه مكتومة من فم سيد وهو يضرب بكفه على ظهر صديقه العائد بعد افتراق سنوات يحبس دمعات تقاومها رجولته حتى لا تتحرر من أسر عينيه فحاربها بسبة وضربة لظهر صديقه وهو يقول له بعتاب :
" خمس سنوات يا (.....) خمس سنوات نسيتني بها ولم تحاول التواصل معي حتى باتصال "
ابتعد ياسر عن سيد يمسح دمعات لم يستطع التحكم بها وأمسك مرفق سيد يجذبه معه ليجلسا على احد مقاعد مقهى شعبي اعتادا الالتقاء به قديما ليقول بصوت محتقن :
"أعرف أنك غاضب منى ...ولك كل الحق يا صديقي"
نظر له سيد قائلا بعتاب لائم:
"صديقك؟!"
رد ياسر:
"نعم صديقي ...رغم ما فعلته كنت وستظل دوما صديقي ..(واضاف بخفوت حزين) بالماضي كنت الضلع الثالث في مثلث الأصدقاء ..الآن أصبحت صديقي الوحيد ...أعرف أنك تلومني لما فعلته ...ولك كل الحق ...لكني لم استطع يا سيد ...ما كان يحدث كان فوق احتمالي وقتها !...كنت بحاجة لأبتعد ..أهرب من هنا...كنت أحاول أن أنسى وامحي كل ما فات في حياتي وابدأ من جديد"
اشار سيد لعامل المقهى بإحضار كوبين من الشاي قبل أن يعود بنظره لياسر ويقول متهكما:
"وقررت محوي مع تاريخك القديم ...نسيت عشرة السنوات وعهود الصداقة ووعدنا ألا نفترق "
رفع له ياسر عينين نادمتين وهو يقول:
"لم أنسى يوما يا سيد ...رغم كل محاولاتي ...ظلت ذكرياتنا معا هي نقطة الضوء في ماضي ...لكن الباقي ظلام ...ظلام كنت أظن أني بابتعادي سأنساه لكن لم اعرف أنني احمله معي وبداخلي ...يقتلني أينما كنت ...كنت أحاول أن أنسى كل من وما جرحني أو ظلمني ...كنت اعتقد أن البعد سيمحو تلك الظلمة التي كانت تبتلعني وتحولني لمسخ مشوه لأجد أن البعد والمكان لا يهم ..لأننا مهما ابتعدنا نحمل ماضينا بما فيه معنا لتبتلعنا ظلماته حتى لو سافرنا لآخر الدنيا"
رد سيد عليه ساخر:
"أصبحت فيلسوفا في الغربة "
ابتسم بمرارة وقال :
"الغربة تغير الكثير يا صديقي "
نظر له سيد بصمت ثم اعتدل مزيحا مرفقيه من على الطاولة الصغيرة في الوقت الذي وضع العامل أكواب الشاي الساخن والماء البارد وعلبة سكر وهو يقول بصوت منغم " أحلى شاي في الخمسينة سكر برة للأستاذ سيد وضيفه "
ليومئ سيد برأسه له شاكرا وينتظره حتى ابتعد قبل أن يسأل ياسر بمرارة:
"ولمَ عدت إذا ...لمَ تذكرتني الآن ...ألست جزءا من الماضي الذي تحاول محوه؟"
هز ياسر رأسه نفيا وهو يمد يده ممسكا بمعصم سيد يشده بقوة :
" بل كنت دوما أجمل ما في ماضي ...أنت ورامي رحمه الله كنتما السند والعزوة والأخوة التي لا تربطها الدماء ...أنت تعرف يا سيد ما حدث لي...وفاة أمي تلاها وفاة أبي بعدها بعدة أشهر ...وما فعله بي إخوتي من أبي ...وسرقتهم لميراثي ...وفسخ ريهان لخطبتنا بعد معرفتها أن أخوتي استولوا على نصيبي... كانت الضربات تأتيني متتالية موجعة لتأتي وفاة رامي المفاجأة قاسمة لظهري ...لم استطع البقاء ...كنت خائفا من أن اجن في لحظة وانهي حياتي من شدة الوجع والقهر ...لم أكن أرى سوى السواد والألم ...اردت السيطرة على شعوري بالغضب وإحساسي بالخيانة ..احتجت للابتعاد ...لنزع الصفحة كاملة من تاريخي والبدء من جديد "
ضرب سيد بقبضته على المنضدة قائلا بغضب:
"ونزعتها وسافرت ..ونزعتني معها غير عابئ بي وبأني أيضا كنت موجوعا مثلك لموت رامي ...كنت انا أيضا في حاجة لك لصديقي المتبقي لي ...لكنك اختفيت بين يوم وليلة تاركا خطابا غبيا مثلك تعتذر فيه لي وتخبرني بأنك مسافر ولن تعود ...أغلقت هاتفك وحساباتك على وسائل التواصل وكل وسيلة يمكن الوصول بها اليك واختفيت غير عابئ بي ...هل كنت تظنني فتاة تطاردك وتتهرب منها مثلا ..إن كنت لا اعني لك شيئا...فلمَ عدت الآن واتصلت بي "
نظر له ياسر بحزن وقال:
"لأني اكتشفت أني أينما ذهبت لن اهرب من ماضي ..من ذكرياتي ......كنت اجلس هناك بمقاهيهم الفخمة الهادئة فاشتاق لهذا الصخب ( مشيرا للمكان حوله الممتلئ بالأصوات والحركة) كنت انظر للثلج المنهمر وأنا ملتف بمعطفي وملابسي الثقيلة ...وأغمض عيني احلم بالشمس التي كنا نشكو حرها ..كنت أتعامل مع الشباب هناك وارى عمليتهم وبرودهم فاشتاق لجمعتنا ...لضحكاتنا ...لشجاراتنا ...لدفئ علاقتنا ...كنت أقع فلا أجد من يسندني امرض فلا أجد من يداويني ...ابكي فلا أجد يدا تربت على كتفي ...قتلتني الوحدة حتى بت بعد مرور عامين هناك اهلوس بكما ...كنت اجلس هناك بمقهى أو بشقتي وأتخيلك أنت ورامي معي .. أتحدث لكم ...اشتكي ...احكي ...حتى أني كنت أحيانا أتشاجر معكما ..شعرت أني اقترب من حافة الجنون وأنا وحيد هناك "
قطب سيد ويسأله بخشونة:
"ولمَ لم تحاول أن تتواصل معي ...لم انتظرت كل تلك الأعوام .."
أغمض ياسر عينيه للحظات قبل أن يفتحهما مقرا:
"كنت اشعر بالخجل ... لا أعرف كيف اطلب مسامحتك .."
رفع سيد حاجبه ويسأله ساخرا:
" خجل !! أنت ...منذ متى يا (...) أصبحت حسيسا وتخجل!! ...ولو افترضت انك كما تقول ...ماذا أذاب خجلك وأعادك "
اطرق ياسر برأسه وبدأ وجهه الأبيض بالاحتقان بينما ترتسم ابتسامة شقية على شفتيه جعلت حاجبا سيد يرتفعان بتعجب وهو ينظر لصديقه الذي تنحنح عدة مرات وهو يستدير بوجهه يمينا ويسارا قبل أن يقول بخفوت :
" احم ...لقد قابلت فتاة ...فتاة ليست كأي فتاة أخرى ...محاربة صغيرة جعلتني اشعر جوارها بالصغر ...أشعرتني بضعفي وجبني السابقين ...حثتني على مواجهة ماضي ومخاوفي ...وشجعتني على العودة "
اتسعت عيني سيد وهو يميل برأسه ويقترب من عيني صديقه الهاربتين قائلا بتهكم :
"يا حبيبي ...أصبحت فيلسوفا وشاعرا أيضا ...ترى من تلك المحاربة التي غيرتك هكذا؟ ...لا تخبرني انك قابلت فتاة كندية شقراء هي من قلبت كيانك وأعادت لك هويتك الضائعة فقررت استعادة ماضيك وصديقك "
قلب ياسر وجهه ويمط شفتيه وهو يقول بقرف:
"أي كندية تلك ...إنهم ابرد من ألواح الثلج رغم جمال وجوههم الشقراء ...بل هي فتاة عربية سمراء( وضحك ملئ شدقيه وهو يقول ) تستطيع القول أنها تجمع في دمائها توليفه تجعلها اتحادا للدول العربية فأمها مصرية ووالدها عراقي وجدتها لأبيها سورية وجدتها لأمها أردنية "
ارتفع حاجبا سيد قائلا :
"وأين مقر إقامة الآنسة منظمة الوحدة العربية هذه ؟"
ضحك ياسر مليء شدقيه ورد هو يلعب حاجبيه :
" قبلا كانت جارتي بالشقة المقابلة لي بكندا ... حاليا في شقتي ( لتتعالى ضحكاته أكثر مع وجه سيد المصدوم وهو يوضح ) لقد عذبتني لعامين كاملين أول عام قضيناه في شجار والثاني نصفه الأول أحارب إعجابي ومشاعري لها والثاني أطاردها لتقبل الزواج مني واخييييرا وبعد طول عذاب وافقت على الزواج مني لكنها اشترطت فترة خطبة طويلة لنخطب ثمانية أشهر وتزوجنا من شهرين ...(ليلعب حاجبه أكثر ويقول ) وللعلم هي حامل بنفس الشهرين "
غامت عينا سيد وهو يقول بغيظ ممزوج بعاطفته للجالس أمامه :
"تزوجت يا (...) تزوجت بعيدا دون أن أكون معك ...دون أن اشهد على عقد زواجك كما كنا نحلم ...دون أن أشاكسك وأثير جنونك ..وارقص معك على الأغاني الشعبية في زفافك "
أطرق ياسر وهو يقول بحزن:
" لم يكن هناك زفاف ولا أغاني ... ذهبنا للسفارة وثقنا الزواج ...شهد على العقد موظفين غريبين هناك .. زوجتي كانت وحيدة مثلي .. فقدت أسرتها في انفجار بالعراق قبل عدة سنوات ..وأصيبت هي إصابة بالغة أدت لبتر ساقها اليمنى ...لكنها محاربة يا صديقي ...حاربت الحزن ...المرض ...الظروف ...واستطاعت أن تنجح وحدها .. أتعرف أنا بالبداية لم أكن أعرف شيئا عن ظروف حياتها أو أنها تستخدم طرفا صناعيا بل كنت أظنها فتاة متحررة تعيش وحيدة باختيارها لتفعل ما يحلو لها ....فلو رأيتها ..رأيت ابتسامتها الدائمة .. مشيتها الواثقة لظننتها فتاة مدللة بلا هموم ...ألم اقل لك أنها هي من غيرتني ...أشعرتني بالضعف أمامها عندما عرفت الحقيقة ...سأعرفك بها ما أن تعود ...فقد تركتها بكندا حتى تنهي أمورنا العالقة هناك وأكون جهزت أمورنا هنا "
نظر له سيد وقال بتساؤل :
"أتخبرني أنك قررت العودة الدائمة ...أم أنها فترة وستختفي ثانية"
رد ياسر بسرعة :
"بل إقامة دائمة بإذن الله ... أريد أن استقر وأمد جذوري بأرضي ...أريد أن ينشأ أطفالي هنا ...يكون لهم أهل ...ليس بالضرورة من دمائهم ...أريد أن يكبروا فيجدوا عمهم سيد أمامهم يتعلموا منه الرجولة والجدعنة ... أريد أن اعرف أني إذا حدث لي شيء فستجد أسرتي بعدي من يقف معها "
دارى سيد تأسره بقوله:
" ما كلام الحريم المائع هذا ...أصبحت طريا يا (...) أين جلافتك القديمة التي اعتدت عليها ..أنا لا أكاد أتعرف عليك بتلك المشاعر الفياضة "
ضحك ياسر وغمز بعينه قائلا :
"لا تقلق الجلافة ما زالت موجودة .. إنها فقط محاولة مني لتليين قلبك حتى تنسى فعلتي و لا تتشاجر معي ...( ليصمت للحظة وتختفي ابتسامته وهو ينظر لسيد الصامت والمطرق قبل أن يقول بحزن ) لقد ذهبت فور عودتي للمقابر وزرت رامي ...حدثته كثيرا وحكيت له أكثر ..وطلبت سماحه لغيابي ..وأنا واثق انه سامحني"
مال فم سيد ببسمة جانبية وهو يقول بحزن :
"بالتأكيد سامحك ...كنت دوما تجيد التلاعب به ليسامحك على كل مصائبك ..(.وزفر بألم وهو يقول) ..كان أطيبنا قلبا ....لا يحمل ضغينة أبدا "
رفع ياسر وجهه قائلا :
"أريد زيارة والديه ...اشعر بتقصيري معهما ...ولا اعرف كيف أريهم وجهي بعد تلك السنوات "
زفر سيد وهو يقول :
"سأتصل بأخيه هادر واخبره ..والآن أريدك أن تحكي لي بالتفصيل كل ما حدث معك بهذه السنوات ...اليوم لن اذهب للعمل ...فليحترق العمل فداء لعودة صديقي النذل "
اتسعت ابتسامة ياسر وهو يقول بغموض :
"فاليحترق العمل يا صديقي ...فأنا عدت وآن آوان تحقيق أحلامنا القديمة "
.................
منزل ياسمين

تجلس متجهمة تنظر لصديقتها بعد أن أجبرتها على أن تخبرها تفاصيل ما حدث باليوم السابق ... وتحاول بصعوبة كتم غيظها فلا تستطيع لتنفجر قائلة بحنق :
"الحقير ...لم أتخيله بتلك الوضاعة والغباء ...كنت أظنه رجلا مثقفا يملك عقلا راجحا "
نظرت لها ياسمين بجمود وهي تقول :
" لكن أنا كنت أتوقع ذلك ...أخبرتك أنه لا يوجد رجل أو أسرة ستقبل الارتباط بفتاة مريضة"
انتفضت رؤى بصراخ غاضب:
" أنت لست مريضة بعاهة ...بل هم المعاقين في عقولهم ...ما المشكلة ان عندك السكر لا افهم ؟...أهي جريمة ...أو مرض عضال ...غباء ...اقسم بالله من يفكرون هكذا أغبياء... حمقى ...جهلة ..آ..آ"
بدت كما لو كانت فاقدة للقدرة على إيجاد تصنيفات جديدة لتبتسم ياسمين بحزن وهي تقول:
"اهدئي رؤى ...الأغلب يفكرون كعمرو وأسرته ...أنت فقط الحالة الشاذة ...( لتشرد وهي تضيف) سيخافون أن لا أكون قادرة على القيام بواجباتي كزوجة ...أن أنجب أطفالا مرضى ..أنا أتفهم موقفهم و لا ألومهم ...أنا من أخطأت ...أخطأت حين صمت لم أوضح الأمر منذ البداية وسمحت لنفسي بحلم كنت اعرف انه مستحيل ....كان يجب أن اخبره لأنهي الأمر منذ البداية ... ( لتغمض عينيها للحظة قبل أن تفتحها بتصميم ممزوج بألم) لكن الأمر انتهى ..خطأ لن أكرره ثانية ...من مثلي ليس من حقها أن تحلم بالزواج والأسرة "
قاطعها رؤى بغيظ وهي تقف أمامها متخصرة وقالت بحنق:
"ما هذا الكلام الفارغ ... عمرو وأسرته ليسوا مقياس ...واحد اتضح انه أحمق غبي لا يعني أن البقية مثله ...لعلمك هناك من... "
قاطعها ياسمين تقول بحزم :
"رؤى ...لا أريدك أن تفتحي معي أي مواضيع تخص هذا الأمر ...لا أريد أن تكرري اسم عمرو وما حدث ...ولا أريد مطلقا أن اسمع سيرة الزواج والارتباط ...أبدا رؤى ...إن أردت استمرار صداقتنا فلا تتحدثي بهذا الأمر ثانية"
عضت رؤى شفتيها بحنق وهي تنظر لصديقتها الشاحبة بملامحها الجميلة وتفكر إن كان من المناسب مفاتحتها بأمر هادر الآن ...لتجد بعد لحظات من التفكير أن الوقت غير مناسب ...فياسمين لا زالت غاضبة وموجوعة ...ولو أخبرتها ستعاند ...بل قد تكون ردود فعلها عنيفة ومتطرفة ...لتتركها لفترة حتى تهدأ الأمور …

لاحظت هاتفها الملقى على السرير والذي أضاء برقم أبيها ..فأغمضت عينيها بحنق فأبيها رغم انه لم يحدثها أو يسألها عن ما حدث أمس لكنه يتصرف معها بحدة وتجهم ..فالتقطت الهاتف ترد :
" نعم أبي ...(واطرقت تقول بضيق) ...حسنا سأنزل حالا "
غلقت الخط وتلفتت حولها تبحث عن حقيبتها وهي تغمغم بضيق :
" لابد أن أتركك الآن ياسمين فأبي ينتظرني بالأسفل"
رفعت ياسمين حاجبها متفاجئة وهي تقول :
" لماذا بهذه السرعة ..أنت لم تجلسي معي وقتا يذكر "
ردت رؤى وهي تتجه للباب تتبعها ياسمين :
" لقد أصر على إيصالي واخبرني انه سيعيدني للمنزل بنفسه ( والتفتت عند الباب تقبل ياسمين الساهمة وهي تقول ) لقد حدث موقف مع سيد بالأمس وأبي غاضب بسببه ...رغم انه لم يواجهني مباشرة لكن يبدو أنه بدأ في حصاري ومعاقبتي ...( وشاحت بيدها أمام صديقتها المندهشة تقول مغادرة ) قصة سخيفة سأخبرك بها لاحقا سلام الآن "
*********************
الحارة شقة سمير

تكتم سما غيظها بصعوبة وعيناها تنظران لأطفال شقيقتي زوجها الذين يعيثون فسادا بكل ما هو أمامهم ...لقد اسقطوا العصير على السجادة ...واتلفوا لونها ...وكسروا كوبا من طاقم كؤوس العصير .. وكادوا يقضون على قطع الحلوى و الشيكولاته الموضوعة بعلبة التقديم ...وليتهم يأكلونها بل يفتحون الأوراق ليقضموا قضمة ويلقوا البقية ..والأسوأ أيديهم الملوثة التي لوثوا بها الحائط والأثاث ...وأمهاتهم جالسات دون اهتمام ...لم تحاول واحدة منهن أن تمنعهم أو تنهرهم ...سمير حاول أكثر من مرة منعهم لكن أمه نهرته أن يترك الأطفال براحتهم فالتزم الصمت …
ألا يكفي أنهم حضروا منذ الصباح الباكر بحجة الاطمئنان على أخيهم ...ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا يسألون بوقاحة عن حاله وصحته ومزاجه ...وناهد شقيقته الكبرى دخلت عليها حجرة النوم بوقاحة وهي لم تنهي ارتداء ملابسها وأخذت تنظر لها ولشعرها الرطب وللفراش المبعثر والذي لم تجد فرصة لترتيبه وتبديل الملاءة الملوثة بقطرات الدماء لتجدها تقول بابتسامة سمجة:
"صباحية مباركة يا عروس لا داعي لأي زينة ...نحن لم نعد أغرابا ... ويجب أن تكوني على طبيعتك أمامنا "
ساعتها أحجمت سما لسانها بصعوبة وردت :
"أنا لا أضع أي زينة ...ولو سمحت لا تدخلي حجرتي مرة أخرى دون استئذان ..."
فعوجت ناهد فمها وردت ساخرة:
"حجرتك!! ..إنها شقة أخي وندخلها كما نريد وقتما نريد ..أم تريدين أن تقطعيه منا من أول يوم يا عروس! "
ردت سما بحدة حاولت بصعوبة التحكم فيها:
" وهل معنى أنها شقة أخيك أن تدخلي علي هكذا وأنا ارتدي ملابسي"
قالت ناهد بسماجة:
"وجدناك تأخرتِ علينا فجئت اطمئن عليك .. فلا يصح أن تتركي حماتك جالسة كل هذا الوقت وأنت في حجرتك تتطلعين لنفسك في المرآة ...فقلت أنبهك للأصول لتراعيها حتى لا تغضب منك أمي ... (وعوجت فمها تضيف ) لكن يبدو أنه خيرا تعمل شرا تلقى"
قالتها وتحركت مغادرة فلحقت بها سما التي من لحظة خروجها ولم تسلم من لسانهم ... تغضبها كلمات حماتها السامة وفمها المعوج وهي تنتقد كل شيء جهازها ...ملابسها ...ضيافتها لهم ..وهي تتحمل وتمسك لسانها حتى فقدت قدرتها حين قالت حماتها :
" كنت أظن أمك فوزية تعرف الأصول لكنها أثبتت أنها لا تعرف شيئا ..وهي تحضر العشاء بالأمس دون أن تحضر صينية مماثلة لي ولأخوته اللاتي بقين معي .....ألا يكفي وقاحة أخيك أمس بالزفاف وهو يحضر ضيافة فاخرة لمعارفه متجاهلا أقاربنا ومعارفنا ..."
انتفضت سما واقفة بغضب وهتفت بحدة :
"إلى هذا الحد وكفى ..أنا لن اسمح لكِ بأن تهيني أمي وأخي "
عوجت حماتها فمها ثم أطلقت صوتا مستنكرا وهي تقول بحدة وتضرب باطن كفها بظاهر الأخرى :
"من هذه التي ستسمح لي أو لا تسمح يا بنت فوزية ...أنسيت نفسك ..أنا هنا ست البيت ...بيت ابني ...أقول ما أريد ..أنا هنا من اسمح ولا اسمح ..وأنت تسمعي وتضعي لسانك بفمك ..(والتفتت لسمير المرتبك الذي يحاول تهدئة الوضع مضيفة) افهم زوجتك حدودها يا ابن بطني "
احتاجت سما لبعض ثوان لاستيعاب ما يحدث أمامها ومنظر سمير المرتبك الذي ابتسم وغمز لها لتمرير الأمر وعدم تصعيد المشاكل
فاندفعت الدماء في رأسها وتخصرت ترد على حماتها بغيظ :
" لماذا إن شاء الله؟ ...هل تمسكون علي زلة مثلا ... أنا لن اسمح لمخلوق أن يهين أسرتي ...حفل الزفاف على العريس وكون ابنك لم يحضر ضيافة مشرفة لأقاربكم أمر يخصكم...يكفي أن أخي داري الأمر أمام أقاربنا واحضر لهم ضيافة على حسابه ...ومن بيته من زجاج ...لا يرمي الناس بالطوب"
شهقت أم سمير وبناتها وما أن هممن بالرد حتى كانت الطرقات تتعالى على الباب مصحوبة بأصوات الزغاريد .. فتنفس سمير الصعداء وأسرع بالذهاب بوجه محتقن لفتح الباب ليجد حماته تحمل على رأسها صينية كبيرة ومعها شقيقتها وبعض أقارب سما من السيدات يقفن بالباب ..
تنحى مرحبا بهن وهو يدعو الله بداخله أن يمر الأمر بخير ...وسارع بأخذ الصينية من على رأس حماته التي تقول بسعادة:
"إفطار الصباحية يا عريس "
أغمض عينيه وهو يضعها على طاولة السفرة حينما سمع صوت أمه المتهكم :
"تعبت نفسك يا أم محمود ...ما لزوم صينية يتيمة تحملينها أمام الناس...أم هي للمفاخرة الكاذبة "

قطبت فوزية والتفتت لزينات تسألها:
" ماذا تعنين يا أم سمير؟ "
أسرع سمير بالاقتراب من أمه وهو يقول بمهادنة :
"لا تقصد شيئا يا حماتي ...أنرتم البيت تفضلوا "
ومال على رأس أمه مقبللا ويقول لها بترجي خافت :
"أرجوك أمي ...أنها صباحية عرسي ...لا تكسري بخاطري وتفتعلي مشكلة ...حماتي معها سيدات أغراب ..وستكون فضيحة لابنك "
ناظرته أمه بغضب وغيظ ثم هتفت في بناتها الواقفات بترقب :
"هيا يا بنات ...لنترك العريس ..فلم يعد هناك داعي لوجودنا.. لنترك الشقة لأهل العروس "
وتحركت مغادرة تاركة الباقين يحدقون فيها وفي بناتها المغادرات بتعجب وغضب وغيظ وعدم فهم.
..................


الحارة منزل يوسف

فتح عينيه محدقا بالسقف للحظات دون تركيز قبل أن يستفيق تماما وينتفض معتدلا من نومته غير المريحة بعرض السرير بكامل ملابسه وقدمه المتدلية خارجه ..
لقد سقط فوقه أمس من شدة إرهاقه بعد عودته قرابة الفجر من توصيل زبون اتفق معه على تأجير التاكسي للذهاب للإسكندرية والعودة بنفس اليوم ...ورغم عدم ميله للأمر لكن المبلغ الذي عرضه جعله يقبل …
اعتدل محاولا فرد عضلاته المتشنجة وهو يئن بألم قبل أن يرفع يده ناظرا لساعته ويستغفر بضيق وهو يمسح وجهه ...فالوقت تخطى الثانية عشرة ظهرا.. لقد تأخر على عمله ...وأيضا لم يرها صباحا ...ألا يكفي أنه أمس لأول مرة لم يكن معها لا في ذهابها ولا في عودتها من عملها كما اعتاد .. فما بال أن يفتقدها اليوم أيضا ..شيء صعب …
ألا يكفيه أنه يراها فقط دون حديث ... فحبيبته أثبتت أنها عنيدة وقاسية ...لم تلن ولا للحظة طوال الفترة الماضية ..أذاقته من كأس جفائها حتى الثمالة ...لكنه راضي بأن يتجرعه تكفيرا عن ذنبه في حقها …
يكفيه أنها كفت عن إصرارها على طلب الطلاق ...مكتفية بالصمت والتجاهل …

حسنا ...رغم اشتياقه ...لكن يظل الصمت الحالي أفضل من طلبها الانفصال عنه ...فهذا ما لن يقدر عليه …

دخل الحمام لينعش نفسه ويتوضأ حتى يحاول اللحاق بها قبل أن تخرج من عملها .

في نفس الوقت و في الشقة المقابلة كانت رباب تدخل شاردة في وقت مبكر عن موعدها وضربت الباب بكفها لتغلقه .. ولم تنتبه في خضم أفكارها أنه لم يغلق تماما …
تفكر بقلق عن سبب اختفائه أمس واليوم ... ترى هل حدث شيء لحماتها؟ ...لكنها علمت من ابنها منصور أن عمته أخذت جدته لتقيم لديها عدة أيام …
هل مل يوسف منها؟ ...حسنا فليمل ...وما يهمها ...هي لا تهتم به ...أليس كذلك؟ …
إذا فلم تشعر بالقلق ؟…
لا إنه ليس قلقا عليه لأجله ...بل لأجل أبنائها ...فهو رغم كل شي يظل والدهم …
شعرت بالغضب من نفسها فدخلت حجرتها باندفاع وهي تقول لنفسها بلوم وهي تفك حجابها وتهم بتبديل ملابسها :
" كفي عن التفكير فيه يا رباب ..أغلقي صفحته تماما من حياتك ...ألم تكتفي منه بعد "

بعد دقائق فتح يوسف شقته وهو ينظر في يده يتأكد من أن هاتفه به شحن كافي ثم وضع المفاتيح بجيبه وهو يغلق الباب قبل أن يرفع رأسه فينتبه للباب المقابل ..
قطب جبينه بقلق حينما لاحظه غير مغلق تماما ...فتساءل بريبة ..أ يوجد احد بالداخل ..المفروض أنهم جميعا بالعمل الآن والأطفال بالمدارس ؟.
قرر أن يطمئن فاقترب يطرق الباب بخفة مرتين فلم يجد إجابة ...فدفعه بهدوء وهو يمد برأسه رافعا صوته :
"هل احد هنا ...محمود ...ست سامية ...يا أهل البيت "
حين لم يتلق ردا اخذ يوسف يفكر هل يدخل ليفتش المنزل ليطمئن أن لا لص بالداخل ..أم أن الأمر لا يعدوا خطأ مِن من أغلق الباب ويكتفي بإغلاقه منعا للحرج ..
بنفس الوقت كانت رباب في الحمام بقميصها الداخلي تغلق صنبور المياه وهي تشعر أنها سمعت صوتا بالخارج ففتحت باب الحمام القريب من باب الشقة لتتفاجأ برأس يوسف المطل من الباب .
بارتباك تراجعت رباب خطوة للخلف بسرعة وأغلقت باب الحمام باندهاش ومفاجأة.. فلاحظ يوسف ما حدث وقبل حتى أن يشيح بعينه حرجا من أن تكون سامية أو محمود كانت عيناه قد أدركتها بسرعة .. بل مشاعره وكل نقطة فيه تعرفت عليها في هذه الثانية بشعرها المفرود على كتفيها العاريين … ما حدث بعد ذلك في الثانية التالية .. كان دون إرادة منه .. دون سيطرة .. حين دخل وأغلق الباب وأسرع لباب الحمام المغلق يقول بغضب :
"رباب افتحي ..( ونظر حوله في لحظة إدراك متأخر لأنه أصبح في داخل الشقة فسألها) هل من أحد هنا معك ؟"

السؤال كان صادما لها ومهينا .. نكأ جرحا تحاول تجاهل وجوده.. فأسرعت بفتح الباب باندفاع تقول هاتفة بغضب "ماذا تقصد بهل هناك أحد معك ؟؟؟"
بلع ريقه بصعوبة وهيئتها المغرية تتكشف أمام عينيه المشتاقتين في قميص داخلي اسود قصير جعل بشرتها البيضاء الندية تضيء أمام عينيه…
يا الله كم اشتاقها!
صرخت رباب فيه وقد وعدت نفسها ألا تسمح لأحد بإهانتها مجددا خاصة هو "أنطق يا يوسف ماذا قصدت بسؤالك ؟"

عاد إليه غضبه فأمسك بذراعها يقول معنفا "قصدت أخوك أو أختك .. كنت أتأكد أني لم اقتحم حرمة البيت حينما وجدتك تفتحين باب الحمام بهذه الهيئة .. الباب كان مفتوحا رباب هانم هل جننت ؟"

ارتبكت رباب وغمغمت" لا اعرف اعتقدت بأني أغلقته .. عموما الباب يحتاج لإصلاح محمود كان ينوي إحضار النجار فأحيانا يحتاج لدفعة قوية ليغلق تماما"

قال بلوم وهو لا يزال يأكلها بعينيها غضبا واشتياقا "ومادمتِ تعلمين بأن الباب به مشكلة لماذا لم تتممي على إغلاقه يا هانم "
بارتباك شديد وبشعور بالحمق غمغمت رباب معترفة "نسيت .. كنت شاردة ونسيت .. (ورفعت أنظارها تسأله سؤالا تفاجأت بأنها تهتم بشدة لإجابته هو بالذات عليه )
هل قصدت بالفعل ما قلته .. حين سألت عن .. عن وجود أحد معي ؟"
ترك ذراعها ووقف أمامها يتطلع لها بشوق فاض من مقلتيه بينما كفه يرتفع ليلمس شعرها مارا بكتفها العاري ورد بلهجة حارة صادقة :
"قد تتعجبين لكني اقسم بربي لم أظن فيك ظنا سيئا يا رباب .. لو كنت أظن بك ظنا واحدا لما استمريتِ على ذمتي يوما واحدا.. حتى لو كانت روحي معلقة بك "
تحركت رباب للخلف تحاول الفرار من نظراته الحارقة ومن وقع كلماته وتصريحه هذا الذي أشعرها بالبكاء تأثرا به .. أن يخرج من بين شفتيه هو بالذات بعد كل ما حدث .. ليضيف يوسف بنفس الهمس الحار وهو يقترب منها أكثر وأكثر :
"أنا أغار عليك يا رباب أغار لكني لم اشك فيك أبدا .. لا أنكر بأني قسوت عليك وبأني عذبتك كثيرا لكنه لم يكن شكا وإنما غضبا حين أخفيتم الأمر علي.. وغيرة عليك اقسم بالله غيرة عليك.. فلا يوجد رجل يحترم نفسه سيبقي امرأة على ذمته وينجب منها أولاده وهو يشك في سلوكها .. "
تراجعت أكثر حتى كادت أن تنزلق على عتبة الحمام الرطبة فمد يوسف يديه بسرعة ممسكا بخصرها وأمسكت هي بكتفيه دون أن تشعر لتستقبل أنفاسه اللاهبة وصدره الذي يعلو ويهبط بسرعة فغمغت : "يوسف اذهب من هنا "
لم يرد ...بل لم يكن يسمع ما تقول ...عيناه معلقتان بشفتيها وهي تتحرك فازدرد لعابه الذي جف شوقا لشهد رضابها ..وفقد تحكمه بنفسه فحرر شوقه المكبوت المشتعل مع اشتعال جسده ومال مقتنصا شفتيها بشوق فاض معيله وهو يضم جسدها الغض إليه بقوة جعلتها تأن بصوت امتصته شفتاه …
لم يستطع التراجع ...فشوقه ولهفته قد سيطرا على الوضع بينهما ...ولم يشعر بمحاولاتها الضعيفة للإفلات من بين ذراعيه ولا صوتها المتحشرج الذي يطالبه بتركها بل مالت رأسه لتنهل شفتاه من عنقها وكتفها و كفه تسرح على جسدها تغازل تفاصيله التي يعشقها وكفه الآخر يشدها له يلصقها به لتشعر باشتعاله .
حاولت رباب الإفلات وهي تقول من بين أنفاسها المتسارعة شوقا تحاول إخفائه :
"يوسف ...لا... يوسف ...ماذا تفعل ...توقف ...يوسف كفى ...لا اريد ...اتركني ..آه ...آآآآآ ...يو ..آه .."
كان يدفعها بجسده حتى اصبحا بداخل الحمام ثم اصطدما بالغسالة نصف الأتوماتيك فرفعها يوسف من خصرها ليجلسها فوقها وقد فقد كل تحكمه بنفسه ومال بها يخيم عليها وينهل من كل ما يقابله ويده المتلهفة تحاول باستماتة نزع ثيابها بينما يدي رباب تحاولان دفعه بوهن والضعف يتسلل لأعصابها فقالت بصوت باكٍ اخترق غمامة عاطفته المنفلتة:
"توقف يوسف أرجوك ...لن أسامحك يوما لو فعلتها ...لا تجعلني أكرهك واكره نفسي "
همد جسده بسكون فوق جسدها المائل على ذراعه للحظات وأخذ ينهت بقوة دون أن يتحرك ...فبقيت هي ساكنة دون أن تحاول الحركة رغم ألمها من وضعها الغير مريح فوق الغسالة ...لتجده بعد لحظات يعدلها لتجلس ثم يتركها ليوليها ظهره يمرر يده على وجهه وفوق رأسه ويطرق للحظات وهو يعيد إغلاق بعض أزرار قميصه التي فتحت وإدخاله جيدا بالبنطال و قال لها بخفوت :
" أعتذر عن ما حدث ...لم اقصده أو انتويه ...لقد وجدت الباب غير مغلق فقلقت وكنت أتأكد أن الأمور بخير بالشقة خاصة أنه لم يرد علي احد ...( ليزفر بعمق وهو يضيف بوجع ) لم أكن أحاول فرض نفسي عليك قصدا ...لقد غلبني شوقي لكِ ففقدت قدرتي على التحكم ..أعدك أن الأمر لن يتكرر "
تحرك مغادرا وقال عند باب الحمام:
" إن لم يحضر محمود نجارا لإصلاح باب الشقة حتى مساء اليوم سأحضر أنا واحدا بنفسي فطمئنيني على هذا الأمر مع واحد من الأولاد"
اختفى من أمامها.. وسار مطرقا حتى خرج دون أن ينتظر ليسمع ردها خوفا من أن يفقد قدرته على الصمود ويعود إليها لأنه لو لمسها مرة أخرى لن يتركها دون أن ينالها للنهاية ..
سمعت رباب صوت باب الشقة يغلق بعنف عدة مرات ..
بينما ظلت هي لمدة فوق الغسالة فلم تستطع جمع شتات جسدها المرتعد وأعصابها المرتجفة شوقا لم تستطع إنكاره أمام نفسها ...فانفجرت بالبكاء تخفي وجهها بين كفيها ...لا تدري أتبكي من تصريحه لها منذ لحظات بأنه لم يشك فيها أبدا ..
أم من شعورها بالوجع عليه وهي تسمع صوته المهزوم والمكسور أمامها ..
أم تبكي قلبها الموجوع بعدما تأكدت أنها ما زالت تفتقده وتشتاقه ..
أم تبكي غضبا من نفسها لأنها كادت تضعف أمامه وهي التي وعدت نفسها بالصمود والقوة وعدم التنازل
................
شركة الذهبية

اخذ يتلاعب بقلمه بضيق وهو يفكر في ..أمه
إن الأمر معها زاد عن الحد ...لقد حضرت أمس مرة أخرى ...ولحسن حظه للمرة الثانية لم تصادف لا أبيه ولا محمود ..لكن ليس كل مرة ستسلم الجرة ..لابد أن يضع حدا للأمر...وخاصة بعد أن حاولت أن تجند نسرين لحسابها لتجعلها تنقل لها أخبار أبيه ...لكن سكرتيرتهم المجنونة بطبعها العصبي كادت تأكلها بلسانها الحاد لدرجة أخافت أمه منها ..لتطلب منه بوقاحة بعد أن خرج على صوت الصياح أن يقوم بفصلها لتجاوزها معها ...
زفر مدحت بضيق وهو يلقي بقلمه ويفرك وجهه بكفيه مغمغما لنفسه" لابد أن اضع حدا لهذا الأمر "
****
بعد ساعة
كان محمود يخرج من باب الشركة وهو ساهم حتى أنه تجاهل المصعد وهبط الدرج وهو يفكر كيف سيفاتح سامية؟…
انه لم يخبرها حتى الآن بطلب مدحت لأن تتزوج من والده .. كان يخشى أنه تفهم الطلب خطأ وبأنه مرتبطا بعملية مازن الجراحية .. أو كان هذا هو المبرر الذي كان يقوله لمدحت .. لكن مازن استقرت حالته والحمد لله وسيخرج خلال يومين .. وعليه أن يفي بوعده لمدحت وأن يخبرها بطلب عزالدين بك للزواج منها … فتساءل كيف سيكون رد فعلها ...وهل ستعتبر فعلته أنانية منه بحقها ..وهل زواجها من رجل غني كعز الدين نعمة أم نقمة ستحل بها ؟

خرج من الباب الخارجي للمبنى يهم بعبور الشارع وهو شارد بمشكلته قبل أن ينتبه على صوت نسرين المرتفع فرفع رأسه ليجدها تقف مع رجل طويل نحيل يبدو بمنتصف الأربعين وهي تنهره قائلة:
" أخبرتك أن لا تأتي لمقر عملي مرة أخرى يا هاشم ...هل تريد فضحي هنا ...ماذا سيقول الناس وهم يرونك تأتي لي كل يوم وتقف لي أمام الباب "
وقبل أن يسمع رد هذا الهاشم كان يمر بجوارها قاطعا الطريق للناحية الأخرى بعد أن حدجها بنظرة محتقرة من أعلى لأسفل وهو يفكر في أنها امرأة خائنة ...أليس زوجها يدعى شاكر ...لقد سمعها تحادثه بالهاتف ...أم ترى شاكر هذا أحد عشاقها هو أيضا !
أوقف سيارة أجرة ركبها دون أن ينظر ناحيتها بينما اشتعلت هي غضبا وقهرا وقد لمحت نظرته المحتقرة في الوقت الذي قال هاشم يحاول إقناعها لتعود لعصمته قائلا :
"أنت السبب نسرين ...لولا رفضك لقائي بك ..وتلك الفضيحة والشجار الذي أثرتيه عندما حضرت لمنزلك لما اضطررت للمجئ لكِ هنا ...على الأقل هنا أنا في شارع الحكومة ولن تستطيعي طردي "
تخصرت أمامه غاضبة وهي تقول بحدة :
"وما رأيك لو صرخت الآن بعلو صوتي وجعلت الناس تلتم حولك واخبرهم انك تتحرش بي "
هز كتفه وقال :
"سأخبرهم بأنك زوجتي واخرج لهم من محفظتي صورة زفافنا التي ما زلت احتفظ بها معي وسيكون منظرك أمامهم سيئ وستفضحين نفسك"
كادت تشد شعرها قهرا وهي تقول له بغل:
"ماذا تريد مني ...ماذا تريد ..ألا تفهم ...كم مرة سأقولها لك ولشاكر وللجميع ..أنا لن أعود لك ..مهما فعلت ...ولو فرشت الأرض تحت قدمي ذهبا لن أعود لأكون خادمة لك ولزوجتك وابنائك "
حاول مرة أخرى إقناعها :
"بل ستعودين لتكوني أنتِ سيدة البيت نسرين ...أخبرتك أني احبك ...ولا أريد خسارتك ..أليس العودة لي أفضل من العيش في حجرة ضيقة في شقة أخيك ..تضايقينه وزوجته ويضايقوكِ هم بدورهم"
اشتعلت عينيها غضبا وحقدا وهي ترفع سبابتها تطعنه بها في صدره قائلة :
" أنا أعيش في شقة أبي وأمي رحمهما الله ولي فيها نصيب ...ولا أعيش عند أحد ...ومن لا يعجبه يشرب من البحر ..واتفاقك مع أخي لإعادتي لعصمتك لن يحدث إلا على جثتي مهما فعلتما ...أنا لن أعود لرجل حقير خائن مثلك"
احتقن وجهه ورد بانفعال:
"أنا لم أخنك ...من حقي أن احظي بطفل ... أنا لم أتزوج عليك إلا بعد خمس سنوات كاملة صبرت فيهم وبعد أن أخبرتنا الطبيبة أن احتمالية حملك تكاد تكون معدومة ...غيري لا يصبر كل ذلك "
نظرت له باحتقار وردت ساخرة:
"حقا ..يا لك من حنون مراعي ...ولهذا جئتني باكيا قبل أن تفعلها تخبرني أنك استدنت من رجل نقود غير قادر على سدادها وتطلب مني إعطائك ذهبي لتبيعه حتى تسد الدين ...ذهبي الذي عرفت بعدها انك استبدلته بآخر قدمته شبكة لعروسك ...لقد كنت تخطط بحقارة لسلبي حقوقي يا خلوق ...أم نسيت أخلاقك الراقية وأنت بدلا من ان تصارحني برغبتك بالزواج وتخيرني بالبقاء أو الانفصال بالمعروف ...تحضرها لشقتي وتفاجئني بها واضعا إياي أمام الأمر الواقع متوقعا انك ستكسر عيني وتجعلني اقبل بهذا الوضع لأن لدي مشاكل في الإنجاب أيها المراعي الخلوق ؟...بل وترفض بعدها ان تطلقني حتى لا أطالبك بحقوقي فتضطرني أن ارفع عليك قضية خلع أتنازل فيها عن كل حقوقي لتعيش أنت وهي في شقتي وعلى أثاثي ..هل تريديني بعد أفعالك هذه أن أعود وآمن لك وأيضا كزوجة ثانية ...أي حمقاء غبية تظنني "
أقترب منها محاولا تهدئتها وهو يقول :
" نسرين اهدئي واخفضي صوتك ...أنا فعلت ذلك حتى اضغط عليك لتقبلي البقاء معي ..كنت أظن أنك إن وجدت أن الطلاق مني سيخسرك حقوقك ستتراجعين ...صدقيني حبيبتي هدفي لم يكن أكل حقوقك "
حدجتهه ساخرة وتقول بهزء:
"حبيبتك !...... حبك برص ان شاء الله ...( لترفع حاجبها للحظة قبل أن تقول له ساخرة) حسنا يا هاشم تريد أن أفكر بعرضك للعودة ..أعد لي حقوقي التي أكلتها علي كاملة ...وبعدها قد أفكر بالأمر "
قالتها وتركته واقفا بملامح حانقة يراقبها توقف سيارة أجرة تركبها وتطلب من السائق التحرك بسرعة قبل ان يلحق بها وهي تسبه بداخلها هو وكل رجال الدنيا
........... ..
واشنطن
أشاح آسر بيده غاضبا برفض وهو يهتف :
"هل جننتم ...بالتأكيد أنا ارفض ...لن ادخل أبدا لبرنامج حماية الشهود ...لن أضيع تاريخي واخسر كل من اعرف لأعيش طريدا بهوية مزيفة ...ليس ذنبي أنكم نظام ضعيف غير قادر على التصدي لعصابة منظمة كالمافيا ...ولمَ افعلها أنا ...فهد لم يوافق أيضا ...وها هو قد سافر عائدا لبلاده "
زفر الضابط توماس أنفاسه بضيق وهو يحاول إقناعه قائلا :
"سيد آسر المسألة لم تعد مجرد قضايا وجرائم غسيل أموال تتم عبر فنادقكم ..المسألة أصبحت اكبر وتمس الأمن القومي ..الأوراق التي حصل عليها السيد فهد قبل محاولة قتله تثبت أنهم يقومون بالتجسس على النزلاء الهامين ...وتسجيل شرائط فاضحة لهم دون معرفتهم ...وتصوير أوراق هامة من حقائبهم وخزائن الفندق التي يحتفظون فيها بأسرارهم دون علمهم ...المسالة لم تعد حرب بينك وبينهم على الأسهم ...تلك الأسهم لن تساوي فلسا واحد بعد بدء التحقيقات وانكشاف الأمر ..كما ستكون المسألة انتقامية بشدة ... السيد فهد أخبرك عندما أفاق وقبل أن يتم نقله بسرعة وسرية للسفر لبلاده أن الأمر لا يستحق الحرب بمعركة خاسرة "
رد آسر بغضب :
"فهد محبط خاصة بعد معرفته أن ساقيه تضررتا بقوة وأنه قد يقضي بقية حياته قعيدا ..شعوره بالإحباط دفعه للتنازل عن أسهمه لي والابتعاد "
قال الضابط بحزم :
"بل كان أكثر منك وعيا بعدم جدوى دخوله حربا خاسرة ...سيد آسر أمامك أحد حلين ...إما أن تكمل حربك وتقوم بالشهادة ضدهم وبعدها تدخل برنامج حماية الشهود حيث سنمنحك هوية جديدة ونخفي أثرك وعليك وقتها قطع أي علاقة تربط بأي مخلوق عرفته سابقا ..وإما أن تصر على موقفك وتبقى لتحاربهم بشكل علني ووقتها أؤكد لك انك ستكون ميتا لا محالة ...وكما أخبرتك أسهمك ستسقط للحضيض بمجرد إعلان بدء التحقيقات في قضايا التجسس على النزلاء "
اشتعلت عيني آسر بالغضب وهو يطرق برأسه للحظات قبل أن يرفعها وهو يسأل الواقف أمامه بغموض :
"هل يمكن أن تمنحني فترة أسبوعين أو ثلاث قبل أن يتم إعلان الأمر؟"
نظر له توماس بتمعن قبل أن تلتمع عينيه بتوقع وهو يجيبه :
"ما زال أمامنا بعض الوقت قد يصل لشهر كامل قبل بدء التحقيقات الرسمية ...تعرف أننا نعمل بحرص شديد حتى لا يصل الأمر لعيونهم بداخل الإدارة ...وما زال هناك بعض النقاط لابد من استيفائها قبل تقديم القضية ..(وابتسم بمكر وهو يضيف) أي أن بإمكانك أن تبيع لهم أسهمك واسهم صديقك وتحصل على أموالك قبل أن يتم هدم المعبد على من فيه ...لكني لا اضمن لك رد فعلهم بعدها...صحيح أن لن يذكر اسمك بالتحقيقات ...لكن انتقام المافيا يكون أهوج أحيانا ويطال الجميع عند فشل احد مخططاتهم ..لذا أنصحك بالاختفاء فترة بعد أن تفعل ما تنتويه حتى تنتهي القضية على الأقل "
هز آسر برأسه وصمت يفكر فاستقام الضابط واقفا ومد يده يصافحه مودعا ثم خرج تاركا آسر يفكر بعمق قبل أن يرفع الهاتف قائلا :
" جهز لي اجتماع عاجل مع مجلس الإدارة وابلغ مارجريت أني أريد رؤيتها قبل الاجتماع بساعة وان تحضر محاميها معها "

انتهى الفصل





Layla Khalid and noor elhuda like this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:17 AM   #609

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل التاسع عشر
بعد مرور أسبوعين
شقة سمير

دخلت من باب شقتها بغضب تخلع طرحتها بعصبية وتلقيها بإهمال لتحط على الأرض وتلتفت لزوجها المقطب الذي دخل ورائها لتبادره بقولها:
"إياك سمير ..أتسمع.. إياك أن تكرر كلامك المعتاد ...تحملي ...اصبري ...اعتبريها أمك وهم إخوتك "
وارتفعت نبرات صوتها بحدة وهي تضيف
" أمي أبدا لم تكن لتعاملني بتلك الطريقة لم تكن لتهينني وتتجاوز بحقي ...أمك وإخوتك لا يفوتوا جلسة معي دون كلام سام وإهانات ...وسبق وأخبرتك إن كنت احتمل وأمرر أن تنالني سهام ألسنتهم فأنا لن اقبل أن يمسوا أسرتي بحرف "
أقترب منها يحاول ضمها لترفض وتتملص من بين يديه بنزق ونفور يتزايد نحوه رغما عنها ...نفور يجعلها تشعر بالذنب ناحيته فتتقبل الكثير من تجاوزات أسرته..للتكفير عن ذلك الشعور ...لكن الأمر فاض بها ... ألا يكفي أنها قبلت أن تنزل معه للسنتر ( مركز الدروس) وتعمل معه بتدريس مادتي الانجليزية والفرنسية ...رغم كرهها الشديد للتدريس وشعورها بالاختناق من الأمر ...ولم يكتفِ بذلك ...بل كل يوم يزيد عليها في عدد الحصص والمجموعات التي يكلفها بها ...ووصل به الأمر أول أمس أن يعترض عندما مر عليها لأخذها بعد ساعتين من زيارتها لأسرتها للمرة الأولى منذ زواجها حين وجدها تذاكر لأخويها... مخبرا إياها أن الوقت الذي تضيعه معهم مركز دروسهم أولى به ويمكنها أن تستغل الوقت في مجموعة جديدة سيضم لها أخويها بالمجان كما لو كان يمنحها هبة أو تفضل منه ...لكنها لحظتها جن جنونها وثارت عليه رافضة بل هددته أنها ستتوقف تماما عن التدريس معه وستدرس لأخويها فقط ...و يبدو أنه شعر أنها قد وصلت حدها فبدأ يهادنها ويحايلها بعدها مخبرا إياها أنه كان يريد مصلحتهم وما دامت لا تريد فلتفعل ما تشاء ...لكنها فوجئت به في اليوم التالي يزيد عدد حصصها مجموعة أخرى ...
وكأن كل هذا لا يكفي ...ليزيد فوقها مطالب أمه التي لا تنتهي .

ألا يكفي أنها منذ أن تزوجت لم تتناول وجبة طعام واحدة معه وحدهما ...ولكن فُرض عليها تناول كل وجباتها مع حماتها ...هي لم تكن لتعترض لو كانت حماتها وحيدة ...فلم تكن لترضى تركها وحدها ...لكن بما أن شقيقاته وخاصة ناهد الكبرى وزوجها وابنائها متواجدين بصورة شبه دائمة لديها ...فما ضرورة إرغامها على التواجد معها ...وليس هذا فقط ...بل رغم إرهاقها من العمل يُلقى عليها حمل الطهي والتنظيف ...

كما أن شقيقتي سمير تتجاوزا حدودهما كثيرا ويتعاملا معها كما لو كانت خادمة خاصة لهما ...فلا تمد واحدة منهما يدها لمعاونتها بالأعمال ولو حتى تنظيف أطباقهم بعد الطعام ووصل الأمر بهم أن يطالبوها بالاهتمام بأبنائهم في الأوقات القليلة التي لا يكون لديها عمل ...واليوم فوجئت بعبد العظيم زوج ناهد يطلب منها بمنتهى الوقاحة والصلف بعد أن انتهوا من الغداء الذي طهته بعد انتهائها من الحصص الصباحية أن تصنع له الشاي ..وعندها فقدت القدرة على التحمل وقالت له ناهد عندك اطلب منها بعدها فوجئت بحماتها تنتفض ناهرة إياها وهي تقول:
"هل جننت يا بنت فوزية ...عندما يطلب منك أحد منا شيء تقومي به وقدمك فوق رقبتك"
لتنتفض غاضبة وهي تلقى من عليها ثوب الخنوع ...الذي بات يخنقها ...فحتى الشعور بالذنب بسبب فتور مشاعرها ناحية سمير لا يكفي ليجعلها تحتمل صلف تلك الأسرة أكثر لتقول بغضب وهياج زاد أكثر مع صمت زوجها المستفز:
"لماذا إن شاء الله؟! ...هل أنا الخادمة التي اشتريتموها لأبنكم ..أنا لن اصنع شيئا لأحد ...ولست مسئولة عن خدمة أحد سوى زوجي ..وإن كنت من كرم أخلاقي الفترة السابقة اصنع الطعام فليكن بعلمكم ...أنا لن أقوم بالطهي بعد ذلك إلا لزوجي وفي شقتي "
لتتعالى شهقات الجميع حولها ويسارع سمير للتدخل ناهرا لها وهو يقترب منها مستبقا أمه التي كانت قد وقفت متجهة ناحيتها بغضب ليقول بعتاب :
" ما هذا الذي تقولينه يا سما ...لا يصح كلامك ...عليك بالاعتذار لأمي وأخواتي ...فهذا بيت العائلة ..وأنت زوجتي وملزمة بـ "
قاطعته سما غاضبة وقد زاد شعورها بالقهر أكثر فقالت صارخة وقد فقدت القدرة على التحكم بنبرتها :
"لا يا حبيب أمك وأخواتك ...لست ملزمة إلا بك وببيتي ...لست ملزمة بإطعام عائلتك الكريمة كل يوم والتنظيف خلفهم ...أنا انهي عملي صباحا ولا أجد لحظة لأستريح لأحضر لشقة أمك أقوم بأعمال شاقة ما بين طهي وتنظيف ... لأنزل بعدها أكمل الحصص المسائية...ماذا تظنون ...حقا ماذا تظنون هل أنا ماكينة ..هل اشتريتموني بالضمان ...حتى الماكينة تتعب وتحتاج صيانة ...ويا ليت بعد كل ذلك أجد شكر أو تقدير ... ( لترفع إصبعها مشيرة لهم جميعا ) حتى هنا وكفى "
لم تكد تنهي كلامها حتى كانت أم سمير تزيحه من أمامها وتقاطع أيا كان ما ينوي قوله ووقفت أمامها تصفق بيدها وهي تقول بلهجة مهينة بعد أن عوجت فمها وأطلقت صوت من حنجرتها بطريقة النساء بالحارات أثناء الشجار :
"والله وسمعنا لك صوت يا بنت شحاته! ...هل نسيت نفسك ... لكن العيب ليس عليك بل علينا الذين رضينا بأن نزوج الأستاذ لفتاة لا تسوى أهلها شحاتون "
شهقت سما مذهولة من هذا المستوى الذي وصل إليه الأمر ووصلت ليقين بأن سمير لن يفعل شيئا أبدا وأن عليها أن تتعامل وتواجه وحدها وبنفسها فأزاحت سمير الذي وقف بينهما يهم بقول شيء لأمه لتقف متخصرة أمام حماتها وهي تقول:
"من تلك التي أهلها شحاتون يا أم سمير ...لماذا يا حاجة ...هل جئنا لنطلب منك بقايا طعامك ...إن البط الذي أجهزتم عليه أنت وبناتك ..وأزواجهم ملئوا كروشهم به منذ قليل من هدايا سبوع زواجي الذي ما زال يملئ برّادي.. ومنذ دخلت بيتكم وأنتم تأكلون من خير أهلي وهداياهم لي ....حتى الأطباق التي أمامكم من طقم إطباقي الذي أخذتموه من مطبخي دون حتى أن تستأذنوني "
شهقت زينات قائلة :
"استأذن؟!! أستأذن من يا عيني...هئ ...استأذن في حاجة ابني (لتعود للتصفيف بيديها وهي تضيف بعصبية صارخة ) ألا تخجلي على دمك وانت تعايرينا ببضع بطات وبضع حمامات أحضروها أهلك! ...قبل أن تفتحي فمك هذا انظري لبنات الحارة وما يحضروه لبيوت أزواجهم ولحمواتهم قبل أن تتكلمي ... على رأي المثل (شين وقواة عين) ...من أحضرت جهازا كجهازك لو عندها دم أو إحساس تخجل وتشعر بالخزي من نفسها وأهلها و تضع وجهها بالأرض لا ترفعه ..لكن ماذا نقول فمن اختشوا ماتوا ..."
تملك من سما الغضب والشعور بالإهانة وحانت منها نظرة سريعة بأمل أخير أن ينطق سمير ويضع حدا لسلسلة الاهانات التي تتعرض لها لكن الأخير كل ما كان يفعله هو التربيت على ذراعه أمه وتحديجها ببعض النظرات اللائمة و الغمازات لتصمت ... بينما أمه تبعده عنها مستمرة في إطلاق سهام لسانها السليط عليها فاحتقن وجه سما غيظا وردت بحدة :
" وهل شعرت ابنتك بالخزي وبمدى فقرها وهي تدخل بجهاز كجهازي بل وأقل قبل بضع سنوات ؟"
بعدها انتفضت سما متراجعة وهي ترى اقتراب كلا من شقيقة سمير الصغرى وحماتها منها بملامح مكفهرة ليقف سمير بينهم حائلا ويقدم اعتذاراته لأمه التي أثارت جنونها .. بينما تركتهم سما وأسرعت إلى شقتها ...

كانت أنفاسها تتسارع بغضب وجنون وتدور حول نفسها متجاهلة كلامه ما بين لوم مرة ومحايلة لها مرات...فهي قد سأمت ...يحثها عقلها على الاكتفاء والعودة لبيت أهلها فلن تستطيع الاحتمال أكثر ...تريد تركه وترك هذا البيت الذي لم تشعر فيه بالسعادة للحظة منذ خطته قدمها...تلوم نفسها كل يوم على إكمالها ارتباطها بسمير ...لكن الندم لم يعد يفيد ..تحاول التفكير في حل ينقذها من الانهيار الذي تشعر بأنها قريبة منه ...لكن كلام أمها الذي اشتكت لها من معاملتهم المجحفة لها يحجمها ...أمها التي غضبت منها وأخبرتها أنها لو تشاجرت الآن أو قامت بأي مشكلة مع أسرة زوجها وهي ما زالت عروس ستكون فضيحة كبرى ...وأن الناس سيأكلون وجهها وأن عليها أن تتحمل ...وكلام كثير عن أن كل الزوجات تعانين في بداية حياتهم حتى يتأقلمن ...وأن الزوجة يجب أن تصبر وتتحمل ...وأن ..وأن ...مترافقا مع الكثير من النصائح التي لم تقنعها عن كيف تسحب زوجها لصفها ..كيف تتزين وتتغنج وتستغل علاقتهم الحميمة لإخضاعه لها ...لقد نفرت واشمأزت من تلك النصائح ..وكادت تنفجر في وجه أمها مخبرة إياها أنها لن تتحمل أكثر ...لولا أنها لجمتها بحديثها عن كسرة أخيها سيد لو فعلتها وتركت بيتها وهي عروس لم تكمل حتى شهرها الأول ...سيد الذي يعمل ليل نهار ليسدد ثمن جهازها ...لهذا ابتلعت وجعها وصمتت ...لكن حقا الأمر فاض وزاد وهم زادوا ...وكل يوم أسوء مما قبله ...وسمير يستفزها أكثر وهو يراضي أمه وأخواته على حسابها ...

وها هو يحاول إرضائها بعد صعودهم كالعادة عندما ينفرد بها ...تراه ضعيفا ...خانعا ...غير قادر على أخذ موقف ...لا تشعر بأنه يحميها ...هي لم تطلب منه أن يبتعد عن أمه أو شقيقاته ...لكنها ترغب باستقلالها كزوجة....بالإحساس بأن لحياتهم معا خصوصية ...

أفاقت من شرودها على لمساته وهو يحاول جذبها ليلصق ظهرها بصدره بينما تتطاول يديه على مفاتنها ...فانتفضت بحدة مبتعدة وهي تزيح يده عنها بغضب ثم التفتت له مشيرة بسباتها بتحذير :
"إياك ...أتفهم إياك أن تحاول لمسي والاقتراب مني ...وإلا قسما بربي سأصرخ جامعة الحارة بأكملها "
ارتفع حاجبه بذهول قائلا:
"ماذا؟! لما؟..هل أنا غريب يتحرش بك! أنا زوجك وهذا حقي "
نظرت له وأنفاسها تتعالى بغضب تفكر في أنها لن تتحمل أن يقربها كما يفعل بعد كل اهانة توجهها له أمه أو أخواته ..دون مراعاة لمشاعرها ..أو ربما يظن أنه بذلك يراضيها بعلاقة لولا الخوف من الله والإحساس بالذنب لما قبلت بها..لا فليذهب شعور الذنب للجحيم ...وليذهب شعور النقص لديها لأنها لا تشعر بأي متعة معه وإنما برود تام قد يكون لمشكلة تخصها للجحيم ...كل هذا لن يجعلها تتنازل وتسمح له بإشباع رغباته وشهوته منها بينما لا يمنحها حتى الحماية الواجبة على الزوج ناحية زوجته ..فنظرت له بغيظ وقالت من بين أسنانها :
"اسمع يا سمير ...أنا لن احتمل المزيد ..أمامك خياران ..إما أن تعزلني عن أمك وإخوتك ...ومن اليوم لا تجبرني على أن أشارك يومي ووجباتي معهم ...ولن اجبرك على البقاء معي ...كُل معهم وابقى معهم كل أوقات فراغك كما تريد ...لكن لا تجبرني على التواجد معكم "
ليرفع سمير وجهه وتنغلق ملامحه وهو يسألها :
"وإما ..ما الخيار الثاني سيدة سما "
لتقول بحزم استشعره بوضوح:
" وإما سأعود لبيت أهلي .. وكما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف "
رد بذهول :
"هل جننت ..أتطلبين الطلاق وأنتي عروس لم يمر عليك ثلاث أسابيع زواج ...هل أنت واعية لما تهذين به "
لتصرخ قائلة :
"واعية تماما ...ومن هذه اللحظة سأبقى بغرفتي وحيدة حتى تبلغني قرارك "
لتتركه واقفا بمنتصف الصالة يناظرها بعدم تصديق وتدخل غرفة النوم وتغلقها خلفها بحدة ليسمع بعد لحظات صوت دوران المفتاح فيضرب كفا بأخر وهو يدمدم بغيظ بأنها قد جنت ..
**********

الحارة شقة محمود

وقفت صارخة وهي تنظر لشقيقها بذهول :
"ماذا ؟! ماذا تقول يا محمود؟ "
نظر لها بجمود يدعيه ليخفي قلقه من رد فعلها ...لكنه لم يعد قادرا على التأجيل أكثر ...فأبنه قد تعافى تماما وخرج من المشفى من أسبوعين ..ولم يعد لديه ما يتحجج به أكثر لتأجيل الأمر ليقول بتأكيد :
"ما سمعتيه يا سامية "
كانت علامات الرفض والذهول مرتسمة على ملامحها بقوة وهي تهز رأسها وتنقل عينيها بين محمود الجامد أمامها ورباب المقطبة والتي لا تقل عنها صدمة لتقول برفض صدح واضحا بنبراتها:
"هل جننت !...كيف تقبل؟ ...بل كيف تسمح له بفتح هذا الحديث معك ..أنسيت؟ ...أنسيت ما حدث؟ ..هل سنعيد الماضي ثانية؟ "
اطرق للحظات قبل أن يقف رافعا رأسه ليقترب منها ويقابلها وهو ينظر بعينيها قائلا:
"أولا أنا لم أوافق ...وأيضا لم أرفض... فالأمر منوط بك ...الرأي لكِ والقرار قرارك ...ثانيا ..الماضي مضى و لن يتكرر فعز الدين ليس متزوجا ...لقد انفصل عن زوجته من سنوات طويلة ...لذا لا يوجد خوف من تكرار الماضي "
هزت رأسها بغضب وهي تضم حاجبيها وتقول من بين أسنانها بصوت متحشرج :
"وهل هذا ضمانا لعدم تكرار الماضي...هل تأمن رد فعل عائلته ..أبنائه ..أقاربه ...هل تقبل أن نعود لتلك الأيام الأليمة ...تلك الدائرة من المهانة والعذاب والظلم ...وحتى لو لم يعترض أحد ...كيف سننسى؟! ...هل نسيت أنت سجنك وضياع مستقبلك ..هل نسيت أمك التي ماتت قهرا ... وإن كنت أنت نسيت فماذا عنها ( لترفع يدها مشيرة لرباب الساهمة )هل نسيت رباب وما حدث لها ...بل ما زال يحدث لها حتى اليوم ..أنا لا أصدق ..حقا لا أصدق أنك أنت من تحدثني بأمر كهذا ...بل وتطلب مني التفكير به وتنتظر رأيي ...(ليرتفع صوتها بصراخ) أي رأي هذا بالله عليك اجبني أي رأي ...أنا اكره هذا الرجل ..أكره تلك العائلة ..أكره كل ما تسببوا لنا فيه ...إن كنت أنت نسيت فأنا لم ولن أنسى ..أتفهم لن أنسى ..واخبر عز الدين أني ارفضه ( أختنق صوتها أكثر وتحشرج بالبكاء بينما تكمل) ...ارفضه ..ولو تقدم لي ألف مرة لن أوافق عليه "
قاطعها صوت رباب بتساؤل :
" لمَ ترفضين؟!"
اتسعت عينيها الدامعة ذهولا وهي تستدير ناظرة لها لتقول باستنكار:
"ماذا؟! ...هل جننت أنت أيضا ..أنت بالذات أكثر من تأذي بسبب هذا الرجل ..كيف تقولين ذلك؟! "
وقفت رباب واقتربت لتواجهها وهي تقول ببرود :
"نعم ...أنا من أسألك لمَ ترفضين؟ ...بل وأخبرك أنك يجب أن تقبلي ...يجب أن تتزوجيه ...أتدرين لما ؟! لتعيدي حقك وحقنا منه ومن عائلته"
تراجعت سامية خطوة ذاهلة وهي تقول بتقطع:
"ماذا ؟؟ ماذا تعنين ..لا أفهم؟! "
رفعت رباب حاجبها ونظرت لها ولمحمود بوجع ممزوج بحقد وردت :
"أقول أن زواجك من عز الدين سيكون الرد الرادع على الجميع ...سيكون الصفعة التي نردها لزوجته السابقة .. سيكون رد الاعتبار لك ولنا أمام الناس ( لتضيف بعينين غائمتين بخيالاتها عن القادم )...تزوجيه ..واجعليه يقيم لكِ حفل زفاف ضخم ...حفلا تتناقل صوره الصحف والمجلات كالمشاهير ... ويقدم لكِ شبكة ثمينة من الماس أو الزمرد أو أيا من تلك الأحجار الثمينة التي نسمع عنها أو نراها بالفضائيات ...ما دام يريد الزواج منك بعد كل هذه السنوات ...إذا فهو ما زال متيما بك كالماضي ...استغلي الأمر واجعليه يضع لكِ مهرا ضخما ... ويشترى لكِ فيلا باسمك ...وسننشر نحن كل ما سيفعله بين الناس ...حتى يعرف الجميع كيف أن ابن الأكابر الذي تسببت عائلته بكل هذا الإيذاء لنا ظل يتمناك ويسعى إليكِ وألقى ثروته تحت قدميك حتى توافقي عليه ... (تسارعت أنفاسها وبدأت تتحرك بعشوائية بالصالة دون انتباه لعيون أخويها الذاهلة وأكملت بشبه هياج )
"سندعو لحفل الزفاف كل من نهشونا بألسنتهم في حينا القديم ...سندعو...كل من كذبنا وسخر منا عندما حاولنا الدفاع عن أنفسنا وسمعتنا بإخبارهم بالحقيقة لكنهم لم يصدقوا .. سيعرفون وقتها أننا لم نكذب ...بل ستقتلهم الغيرة منك ويعضون أصابعهم ندما ...سيعرفون أننا كنا نقول الحقيقة ..وبعد أن كانوا ينظرون لنا باحتقار واستنكار سينظرون لنا بحسد وإكبار ..."
كان كلا من محمود وسامية يتابعان كلامها باستنكار وإن كانت أسباب كلاهما مختلفة لينهرها محمود قائلا:
"هل جننت رباب ...ما هذا الذي تقولينه ؟... أهي صفقة بيع وشراء سنحدد لها السعر الأعلى وأسلوب العرض الأمثل؟!! ...أم هي حرب ما سندخلها ضد من ظلمنا قبلا لننتصر عليهم الآن؟! "
ردت رباب ساخرة بهزأ واتهام:
"أليست بيعة بالفعل! ...إذا فلمَ وافقت أنت عليها؟ ...(لتضيف بغضب مكتوم) وأنا من كنت أتساءل ذاهلة عن سبب هذا السخاء الذي يدفعهم لمساعدتك ودفع كل تلك المبالغ لعلاج مازن"
صرخة محمود الغاضبة أفاقتها من حالة الهذيان فاحتقن وجهها وأشاحت به وهي تقول ببعض الذنب :
"اسفة محمود ...أنا لا اقصد انتقادك ...فلو كان أحد أبنائي مكانه لبعت روحي في سبيل إنقاذه "
رد محمود مستنكرا ونافيا :
"ولكني لم أفعل يا رباب ...لا أنكر أني كنت على استعداد لبيع روحي لأجله ...لكني لم أكن لأبيع شقيقتي ...لم أكن لأقايضها حتى لأجل حياة ابني ...وهو أيضا لم يفعلها ...لو كان كلامك صحيحا لكان أصر على الزواج منها قبل أن يدفع التبرع ...الذي للعلم أنا اعتبره دينا انوي سداده ولو قضيت عمري اعمل لديهم ليل نهار بنصف أجر ( وحدجها بنظرات غاضبة يكمل ) سامية لديها كامل الحرية بالقبول أو الرفض ..أي أن ظنك ليس صحيحا يا صغيرتي وشكك في أخيك ليس له أساسا من الصحة لأن سامية لو رفضت لن يفتح الموضوع ثانية ...لكني لن آخذ ردها الآن بفورة غضب ...بل سأمنحها أسبوعا وبعده ما ستقرره سيكون .. "
ساد الصمت بينهم للحظات حتى قطعته رباب وهي تتجه ناحية غرفتها هي وسامية وهي تقول بإصرار :
"قد أكون مخطئة حول ظني بك أخي واعتذر لك ...لكني ما زلت عند رأيي هي يجب أن لا تضيع تلك الفرصة ...يجب أن تتزوجه وتعيد حقها وحقنا منه "
لتضرب باب الغرفة بعنف مغلقة إياه خلفها لتتوارى عن عينيهما تاركة صدى كلماتها يدور بعقل كلاهما ...
**********
يتبع



رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 01:21 AM   #610

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

محطة المترو
دلفت لمكتبه بعد سماعها لصوته يدعوها للدخول ...بينما وقف هو بسرعة ما أن رآها قائلا بترحيب :
" مرحبا آنسة رؤى ...اعتذر عن إن كنت أزعجتك برسالتي التي طلبت منك فيها أن تمري علي عند انتهاء يومك الدراسي ...فقد قلقت عندما لمحتك صباحا تذهبين للجامعة وحدك دون ياسمين...كما أنك لم تطمئنيني عن أخبارها منذ اتصالك بي من أسبوعين تخبريني بتفاصيل ما حدث معها"

زفرت رؤى بضيق وهي تفكر في صديقتها الحمقاء العنيدة التي رفضت الحضور للجامعة لأنها ما زالت غير قادرة على المداومة حاليا ومنهية جدالها معها متحججة بأن أول أسبوع بعد الإجازة لا تكون الدراسة منتظمة ...
غبية ...تعرف أنها مجرد حجة وأنها تتهرب من الحضور للجامعة خوفا من مقابلة عمرو ...ذلك الحقير الذي حمدت الله أنه لن يدرسهم بهذا الفصل الدراسي ...بل لن يدرس لأي فرقة أخرى لسنوات قادمة ...فهي رغم محاولاتها تجاهل ما حدث إلا أنها لم تستطع الصمود لأكثر من محاضرة واحدة وقررت بعدها الذهاب إليه لإبلاغه برأيها فيه صراحة ...لكنها لسوء حظها وحسن حظه لم تجده... وعلمت بأنه لا يأتي هذه الأيام بانتظام للكلية لأنه ينهي إجراءات بعثته ..وسمعت بأنه سيسافر قريبا جدا ربما خلال أسبوع أو اثنين ...حسنا عساها رحلة بلا عودة ...
قطبت رؤى تستغفر ربها .. فهي تشعر بالغيظ من عمرو لكن لا يجب أن تتمنى له الموت ...حسنا ربما فقط حادثة تتركه مقعدا أو مشوها ... لم تنتبه لأنها قد أطالت الشرود حتى أتاها صوت هذا الملهوف متنحنحا ليجعلها تنظر له بتمعن وتقول في سرها :
"تعالي أيتها الحمقاء الغبية وانظري لهذا المتيم الذي يكاد يفقد عقله لأجلك ..والله أنه يفوق المأفون عمرو في كل شيء ...يكفي هيئته كأبطال الأفلام والروايات ...(لتتنهد داخليا قبل أن تجلي حلقها وتجيب تساؤله قائلة ) لا تقلق سيادة الرائد هي بخير ..إنها فقط …."
قطعت حديثها ترفع حاجبيها ذاهلة حينما اتسعت ابتسامته الوسيمة أمامها بعد أن اطمأن أن ياسمين بخير وتمتم براحة " الحمد لله "
تأملت رؤى ابتسامته والغمازتين بخديه وقد بدا أمامها اصغر سنا وأكثر وسامة فتنهدت بخفوت قائلة بعقلها :
"يا بنت المحظوظة يا ياسمين ...قمر ...أقسم بالله قمر ...تعالي بسرعة يا غبية وانفضي رداء الكآبة قبل أن يطير هذا المز من يديك ...فمثله لن يبقى حرا لمدة طويلة ...ستختطفه إحداهن سريعا حتما ( وأجلت صوتها تكمل ما كانت تحاول توضيحه له سابقا ) كما قلت هي بخير ...فقط لا تريد المداومة في الأسبوع الأول لأن الدراسة لا تكون منتظمة به كثيرا "
نظر لها بتمعن أربكها قبل أن يزيد من ارتباكها ويجعلها تلعن ذكائه وهو يقول:
"حقا! ...غريب ...لقد كانت منتظمة من اليوم الأول في الفصل الدراسي السابق ...أم أنها لا تزال متأثرة بموقف هذا المعيد ولا ترغب بالذهاب حتى لا تقابله وتتأثر برؤيته؟ "
ازدرت رؤى لعابها وعينيها تدوران بالمكان يمينا ويسارا تفكر بالرد الأمثل الذي لا يغضب هذا الهادر أمامها ...فعليها أن تحافظ على هذا الرجل لصديقتها الغبية ولا تقول أو تفعل ما يبعده عنها فقالت بمراوغة :
"لا طبعا ..الأمر ليس كذلك ...هي فقط كسولة ولم ترغب بالمداومة من اليوم الأول ...كما أن عمرو لن يدرسها هذا الفصل ...بل إنه سيسافر في بعثة للخارج خلال عدة أيام "
زفرة راحة انطلقت من فمه ترجمتها عينيه التي رقت بعد أن كانت مشتعلة غضبا وغيرة مع ذكر سيرة هذا العمرو ...شاكرا بداخله تلك البعثة التي ستبعده عن طريق محبوبته ...فهو لم يكن يشعر بالراحة لتواجده قريبا منها خوفا من أن يعود عن موقفه ويعرف كم اخطأ بإضاعة فتاة رائعة كياسمين ويبادر باسترجاعها ...

رن هاتف رؤى فزفرت بحنق وهي تسمع النغمة المخصصة لأبيها فنظرت في ساعة يدها وهي تفكر بأن أبيها لو استمر فيما يفعله معها من حساب مواعيد ذهابها وإيابها بالدقيقة فستنفجر قريبا ...هزت رأسها لهادر معتذرة وهي تفتح الهاتف وتضعه على أذنها تستمع لكلمات والدها قبل أن تقول بمحاولة واهنة للتمسك بالهدوء :
"أنا في محطة المترو بابا ...وسأكون بالمنزل قريبا ...(لتنصت قليلا ويزداد حنقها وغيظها ...ولولا الواقف أمامها لانفجرت حرفيا ...لكنها حاولت التماسك وهي تقول ) اليوم الأول يكون صعبا ولا نلتزم بالجدول تماما أبي ...(لتغمض عينيها حنقا وترد) اببببي ...سأكون بالبيت بعد قليل ونكمل حديثنا .. حسنا أبي .. حاضر ..حاضر "
أغلقت الخط بسرعة قبل أن تلتفت لهادر قائلة" يجب أن أذهب الآن وسأمر عليك في وقت آخر "
همت بالتحرك فأوقها صوته قائلا بضيق:
" أنا لن أكون هنا بدءا من الغد .."
وابتسم ساخرا من نفسه وهو يفكر بأنه كان غاضبا عندما نقل إلى هنا ..وكان يشعر بالقهر والظلم ...ولم يكن يعرف أن هذا النقل كان طريقه للقاء توأم روحه ..والآن بعد أن تحقق حلمه بالعودة ليس فقط لمكانه السابق بل لمكان أفضل منه يشعر بالحزن ..ويتمنى البقاء حتى يراها دوما ...بل أنه كان يؤخر إنهاء إجراءات النقل حتى يحظى برؤيتها اليوم ..زفر بضيق وأضاف موضحا لرؤى المقطبة بحيرة أمامه:
" لقد تم نقلى لمبنى الإدارة العامة ..على كل حال يمكننا أن نتواصل عبر الهاتف ...ولو عن طريق الرسائل النصية إن كان الاتصال يشكل مشكلة لكِ ...فقط طمئنيني عنها وابلغيني أخبارها.. و(أضاف بلهجة رقيقة محرجة ) أنا اعتذر يا رؤى بالضغط عليك وإقحامك في الأمر لكني ليس لدي غيرك.. سامحيني واعتبريني أخا كبيرا لك تساعدينه "
أومأت برأسها متفهمة وتحركت ناحية الباب لتفتحه ثم استدارت له تقول بمزاح :
"لا تقلق سأزعجك برسائلي حتى اطمئن قلبك (وهمست) يا سيادة الرائد أخي "
وغمزت بعينها بشقاوة جعلته يضحك ببشاشة ثم يتنحنح بحرج قبل أن تتجمد ملامحه فجأة وتتعلق عيناه بشيء ما خلفها جعلها ترفع حاجبا متوجسا قبل أن تستدير وتصطدم عيناها بجمرتين من نار تنظران لها بغضب مكتوم وفم مذموم.. ولا تعرف لمَ أشعرتها نظراته بالارتباك الشديد...
أخفى سيد تلك النار التي نشبت في صدره لكنه لم يكن يعلم بأن عيناه تقذفان شررا.. وتحكم في رغبة قوية لجرها من شعرها القصير وهو يراها تخرج من عند هادر الذي كان يبتسم لها تلك الابتسامة السعيدة المتسعة بعد أن وعدته بكل وقاحة بإغراقه بالرسائل .. وأجبر نفسه بصعوبة على تجاهل أنها همست لهادر بشيء لم يسمعه جعله يضحك ..
تجاهلها تماما وهو يمر من جوارها محاذرا أن يلمسها وقال لهادر من بين أسنانه :
"معي ضيف يريد أن يراك ويسلم عليك"
دلف ياسر الذي نظر بتعجب لرؤى الواقفة مسمرة على باب الحجرة تنظر لسيد باختناق وهي تعض شفتها تمنع نفسها من الصراخ ...من سبه ..من تبرير موقفها له .حتى انتبهت لرفيقه الذي مر من جانبها مرحبا.. فهزت له رأسها في الوقت الذي صاح هادر بفرحة " ياسر !"

أخذه ياسر بالأحضان بينما سارعت رؤى بالهروب بجبن وارتباك من نظرات سيد التي كانت كالقذائف الحارقة .. فأسرعت بإغلاق الباب خلفها بعنف أجفل الجميع ...
لتعلو الدهشة ملامح ياسر...بينما شرد هادر للحظة يفكر ...
أما سيد فكان كقدرٍ على نار يتأجج بحمم لو أطلقها لآذت الجميع
*********

واشنطن

ارتكن بظهره لكرسيه على طاولة الاجتماعات تحتل ملامحه الغموض وهو يقول بلهجة حازمة :
" مارجريت عزيزتي لن نظل في هذا النقاش لوقت أطول ...هذا عرضي الأخير اقبليه أو ارفضيه ...وتأكدي إني لن أكرره ثانية ...وأظنك تعرفينني جيدا لتعي أني اعني ما أقول ...تلك المفاوضات المستمرة منذ أسبوعين وصلت عندي للحد الأقصى من التنازل ..."

تخلت عن برودها الذي تشتهر به وقالت من بين أسنانها المطبقة بغضب:
"تنازل ...أي تنازل هذا ...فندق القاهرة ...بالإضافة للمبلغ المهول الذي تطلبه تسميه تنازلا؟! "
أعتدل في جلسته ومد جسده للأمام يستند بمرفقيه على الطاولة ويشبك كفيه معا وهو يرد ببرود :
" لقد تنازلت عن فندق ميامي وخفضت المبلغ بالفعل ...وكلانا نعرف أن أسهمي تساوي الكثير وأكثر من ذلك ...ولولا رغبة فهد بإنهاء الأمور لم أكن لأهتم وكنت سأكمل الحرب معكم للنهاية ..وصدقيني ...حتى لو تم اغتيالي لم تكونوا لتحصلوا على أسهمي حتى عندها "
كادت أن ترد عليه بحدة لولا يد فرانكو التي أمسكت بذراعها وضغطت عليه بينما يبادل آسر التحديق بقوة ثم مال برأسه ليهمس بأذنها .

عاد آسر للاتكاء بظهره على كرسيه مدعيا التجاهل واللامبالاة ...لكنه بداخله لم يكن كذلك ...كان الوقت ينفذ من بين أصابعه ...إنه يلاعبهم منذ أسبوعين كاملين ...لم يكن غبيا ليذهب مباشرة طالبا منهم شراء أسهمه ...ليس فقط لأنهم كانوا سيبخسونها قيمتها للحد الأدنى ...ولكن لأنهم سيربطون بينه وبين القضية بمجرد فتحها ...كان يرغب في أن يبدو الأمر كما لو كان مجرد مصادفة لا شأن له بها ...خاصة بعد وعد الضابط توماس بعدم ذكر اسمه أو طلبه للشهادة مقابل موافقته على تسليمه عدد من المستندات التي كان يملكها ضد فرانكو ومارجريت ...مستندات لم تكن لتفيد آسر وحدها ...لكنها مع ما يملكه توماس ضدهم تشكل ضربة قاضية...لهذا وافق وقام بتسليمه إياها ..وادعى أمام الجميع أن فهد حالته خطيرة لذا خوله التصرف بأسهمه قبل سفره ...وبدأ التفاوض معهم بطلب الانفصال بفندقي القاهرة وميامي بالإضافة لمبلغ كبير من المال ...عرض كان يعرف قطعا أنهم سيرفضونه وبشدة ...لأنه يفوق قيمة أسهمه من ناحية ..ولأهمية فندق ميامي لهم من ناحية أخرى ...لكنه كان يريد إحكام الخدعة ...وظل النقاش والتفاوض حتى الآن ليصل لما يريده بالفعل ...فندق القاهرة ...ومبلغ كافي ليستطيع تشغيله والإنفاق عليه بعد انفصاله عن اسم المجموعة العالمية ..والذي سيستتبع حتما تخفيض تصنيفه الدولي.... بالإضافة للفضيحة المتوقعة والتي ستؤثر عليه وقد تؤدي لخسائر كبيرة في الفترة الأولى ...لكنه يأمل أن يستطيع تعويضها لاحقا ..كانت غمغماتهم التي توضح غضب ورفض مارجريت ومحاولات كلا من فرانكو والمحامي إقناعها تصل إليه فقرر إكمال لعبته للنهاية وهو يقف بهدوء.

صمتت مباحثاتهم الهامسة ورفعوا أنظارهم له بتوجس وهو يزيد قلقهم ببروده بينما يغلق ببطء زر جاكت بدلته ويجمع هاتفه ومفاتيحه وأوراقه قبل أن ينظر لهم قائلا بسخرية متعمدة :
"يبدو أن مناقشاتكم ستطول ..وأنا رجل مشغول ...أمامكم نصف ساعة ...بعدها اعتبروا العرض لاغي ...ومرحبا بعودتنا معا لساحة المعركة"
وغمز لمارجريت بعينه واتجه للخارج بثقة ظاهرية وخوف داخلي .
......
بمجرد أن خرج من حجرة الاجتماعات لمح ستورم يشير له بشكل خفي فتظاهر بعدم الانتباه وهو يتجه لمكتبه قائلا بحدة :
"الحق بي ستورم "
بعد لحظات كان آسر يجلس على مكتبه ويقف أمامه ستورم مناولا له ملفا وهو يقول :
"هذه هي العروض المتوقعة لشراء حصتك من الأسهم لو عرضتها في السوق سيد آسر ...لقد أرسل المكتب الاستشاري التقارير قبل قليل ...قد يحتاج الأمر لبعض الوقت يتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة أشهر حتى تحصل على العرض الأفضل ..أو بالإمكان طرح الأمر عبر مواقع المزايدة الالكترونية وترى ما سيعرض عليك ..."
أدعى آسر أنه يدرس الملف أمامه بدقة بينما هو في الحقيقة يقرأ الرسالة التي وضعها له ستورم بالأوراق ...والتي تخبره بأن الضابط توماس يطلب منه سرعة إنهاء الأمر لأن أمر القبض سيصدر خلال أسبوع ...فزفر آسر وهو يتقن دوره بتقليب الأوراق أمامه .. يأمل بقوة أن تكون الرسالة التي تعمد إيصالها للجالسين في حجرة الاجتماعات والتي يثق بأنهم يتنصتون على حديثه الآن بأجهزة التنصت التي اكتشفها من فترة بمكتبه ومنزله وحتى بسيارته ...فاستغل ذلك ضدهم وتعمد تضليلهم وإيصال الرسائل المغلوطة لهم عن رغبته بالاستمرار بالحرب لولا ضغط فهد...وعن نيته كتابة أسهمه لأحد أقاربه في حالة وفاته مع وضع وصية تمنعه من البيع وإلا تحولت الأسهم للحكومة ..والعديد من الرسائل الأخرى.....
كان يلعب بعقولهم على أمل أنهم لن يشكوا بنيته أو أهدافه وسيأخذون كلامه كما هو من ناحية ...كما سيبعده الأمر عن دائرة انتقامهم عند فتح القضية من الأخرى ...
بعد دقائق أخرى نظر لساعته وقال لستورم ببرود تعمد أن يبدو واضحا بصوته :
" اتصل لي بمسئولي المكتب الاستشاري وحدد معهم لقاء ...لا أظن أنني سأصل لاتفاق مع مارجريت ..ولن أضيع وقتي أكثر ...لا يهمني إن استمر الأمر لأشهر أخرى حتى أصل لشاري يمنحني ما أريد "
وما أن أنهى آسر كلامه حتى رن هاتفه ليكتم زفرة الراحة ويقول لستورم :
"أنتظر لحظات قبل أن تنفذ "
وفتح هاتفه ليستمع لصوت مارجريت النزق يقول بحدة :
" عد لحجرة الاجتماعات الآن "
رد بصلف :
"لن أعود لمزيد من المهاترات الفارغة مارجريت"
لحظات صمت جاءه بعدها صوتها مكظوما بينما تقول :
"لقد وافقنا على عرضك "
قالتها وأغلقت الخط فرفع آسر عينيه لستورم قائلا براحة أخفاها تحت قناع جموده :
" أجل أمر الاتصال بهم حتى أعود لك وأخبرك بالقرار النهائي "
وتحرك متجها ناحية الباب لينهى هذا الفصل من حياته بأقل خسائر ممكنة دون أن يدرى أن القادم قد يكون أكثر قبحا وأن انتقام الأفاعي قد يكون أشد وطأة وصعوبة!
**************




اليوم التالي صباحا
الحارة شقة سيد

استيقظ على صوت شجار أمه المعتاد مع شقيقيه حتى يذهبوا للمدرسة
وتحرك بإجهاد ناحية الحمام وهو يفكر بضرورة الإسراع بالبحث عن عمل آخر بعد أن ترك عمله بمنصة البيع بمحطة المترو ...
قرار أصر علي تنفيذه رغم صعوبة الأمر في الوقت الحالي بسبب الأقساط المستحقة عليه الخاصة بزواج سما...لكنه لم يكن قادرا على الاستمرار أكثر ...لن يقبل أن يخل بوعده لوالدها بألا يقترب منها مجددا.. فلو بقى هناك فسيخل به حتما ...فهو لن يتحمل أن يكون شاهدا على علاقتها مع هادر ...ولن يستطيع أن يتحكم في أعصابه وهو يراها تزور هادر في مكتبه ..
عاد يضحك ساخرا من نفسه حينما اكتشف بعد أن قدم استقالته للشركة أن هادر نفسه ترك المحطة أمس هو الأخر ...لكن ذلك لم يعد مهما ...فهو لن يستطيع الاستمرار في مكان يراها فيه كل يوم ...فحتى لو غير مناوبته للفترة المسائية ...لا يضمن احتمالية رؤيتها بين حين أخر ..
وهو ..
يريد أن يقطع أي صلة له بها ...
قلبه لن يتحمل ذلك الشعور المعذب بضياعها منه ...لن يحتمل اهتمامها بأخر ..انتمائها لأخر ...ارتدائها يوما ما لمحبس إنسان أخر
إنسان يكن له كل معزة واحترام ...
وبالرغم من راحته أنها اختارت من يأمن عليها معه ..
لكنه أمر يصعب عليه تقبله...لقد ظل بالأمس طوال اللقاء غير قادر على النظر نحو هادر أو مبادلته الحديث ..ورغم محبته له تملكته رغبة شديدة في أن يشوه له وجهه بقبضته .. أن يحطم له أسنانه التي أظهرتها ابتسامته لها منذ قليل.. فشكر انشغال الأخر بالترحيب بياسر الذي كان مرحه وثرثرته غطاء جيدا لحالته ..

خرج سيد بعد أن أنهى طقوسه الصباحية وتوضأ شاعرا باختناق لأنه لم يستيقظ لصلاة الفجر ...ليجد أمه تناديه بغضب وهي تصرخ:
"سيد تعال وتصرف مع هاذين البغلين ...لقد تعبت منهما ...أنا أكاد أقسم لو دخل لص للمنزل وهم فيه لقام بنقل كل قطعة فيه بما فيه أسرتهما النائمين عليها بعد أن يلقيهما أرضا دون أن يشعرا"
ابتسم ساخرا وهو يقول لأمه :
"حسنا أمي ...سأوقظهما ...لا تغضبي نفسك يا فوزية ..مالك حانقة هكذا على الصباح ..واي لص هذا الذي تخافين منه ...لو دخل اللص هنا سيخرج يسب غبائه بعد أن يضع لنا معونة على الطاولة "

نظرت له أمه حانقة قبل أن تتجه للمطبخ وهي تدمدم بغيظ وضيق
بينما اتجه هو ناحية الحجرة التي يتشاركها مع أخويه ووقف فوق رأسيهما ناظرا لكلاهما تحت الغطاء بملامح شريرة يرفع حاجبه مفكرا ...فلو أغرقهما بالمياه رغم أنها الطريقة الأنجح لكن أمه ستغضب وتثور أكثر بسبب ابتلال الملاءات ...وستولول لاحتمالية إصابتهما بنزلة برد ...
اتسعت ابتسامة شريرة على وجهه وهو يتجه ناحية الطاولة الجانبية ويخرج من داخلها مطواته ...واقترب من ساجد أولا ونزع من فوقه الغطاء ثم ضربه على قفاه بخفة لم تؤثر في الأخر إلا بجعله يتذمر ويعتدل لينام على ظهره.. فخيم سيد فوقه وامسك برقبته.

فتح الفتى عينيه مفزوعا ليجد سيد يشهر مطواته أمام عينيه قائلا بصوت يشبه أفلام الرعب :
"أتريدني أن أنزع لك تلك الغرة التي ترفعها كعرف الديك فوق رأسك وأصنع لك بدلا منها طريقا مسفلتا في وسط شعرك ؟!"
هز الفتى رأسه برعب فقال سيد :
"إذا قم فورا .. وانتهي من اغتسالك ولبسك خلال عشر دقائق فقط وإلا.."
وحرك مطواته يمينا ويسارا بتهديد جعل ساجد يفر هاربا فانتقل سيد إلى سيف يكرر معه ما فعله مع ساجد ...لكن سيف الأكثر برودا من ساجد ..نظر لأخيه بعد استيقاظه وقال ببرود:
"أولا أنت لن تفعلها يا سيد حفاظا على مظهرنا أمام الأولاد بالحارة ..لأنك لو فعلتها سيجعلوننا معيرة وسيقيمون حفلا علينا ووقتها سنتشاجر معهم وستضطر لمساندتنا والشجار معنا ..إذا فأنت المتضرر أكثر ...ثم ما فائدة أن نستيقظ ونذهب للمدرسة ...يا أخي افهم ...لم يعد هناك دراسة بالمدارس ...متى ستفهم أن الجميع الآن يعتمد على الدروس ..ومن يذهب لا يجد فائدة ...ثم حتى لو ذهبنا ...الأسئلة لا تأتي أصلا من الكتاب ...ولا أحد يخرج من الامتحان يعرف إن كانت إجابته صحيحة أم خاطئة ..اقسم لك حتى المدرسين لا يعرفون إجابة أكثر الأسئلة التي تأتي لنا "
رفع سيد حاجبه غيظا ولم يشأ أن يدخل معه في جدال مكرر.. جدال يعرف أنه سيكون خاسرا فكلام أخيه صحيح للأسف ...لذا اكتفى بسحبه من قفا منامته وجره ليقع أرضا وهو يقول بأمر:
"حتى لو كان كلامك صحيحا ..افعل ما عليك ...لا تتكاسل وتأخذها حجة...هيا جهز نفسك "
قالها وتركه متجها للمطبخ .. فوجد أمه مطرقة برأسها مستندة بجسدها للحوض ويبدو الألم و الهم واضحا على ملامحها فاقترب منها يسألها بقلق :
"ماذا هناك يا أمي ...هل أنت مريضة؟ ...هل يؤلمك شيء ؟"
اعتدلت فوزية محاولة إخفاء حزنها وهي تستدير ناحية الحوض تكمل غسل ما به من اطباق وتقول بمواربة :
"ليس بي شيء ...فقط أخواك يجنناني ...وأيضا أبيك كان مريضا طوال الليل ...(زفرت بضيق وأضافت) يبدو أن دوائه قد نفذ ...بني أعرف أننا نحملك الكثير ..لكن لو تستطيع أن تحضر له عبوة أخرى ...فهي تريح صدره ..أمس كاد يختنق عدة مرات من شدة السعال ...وطلبت منه مالا لأحضر له عبوة فأخبرني بأنه لم يتبقى معه شيء من معاشه ..."
ابتسم سيد ساخرا وهو يسمع أمه تقول بغمغمة حانقه
" ينفق قروشه على الجلوس بالقهوة وشرب السجائر التي قضت على صحته ولا يفكر أن يشترى لنفسه علبة الدواء المستورد التي تريح صدره...ودواء التأمين الصحي بلا فائدة كما لو كانت علب ماء لا دواء"

أطرق سيد للحظات يتنازعه رغبتان بين أخبار أمه عن أموال أبيه المخبأة ..وبين الصمت خاصة أنه يعرف أن معرفتها لن تغير من الأمر شيئا سوى أنها ستشعر بالحزن والقهر أكثر ...فلا أبيه سيتغير ..ولا الأحوال في بيتهم ستختلف ..فضغط على نواجذه قائلا :
"حسنا أمي ...فقط اصبري عليّ عدة أيام ...فهي غالية الثمن وما معي حاليا لن يكفي "
وخطا خطوتين للصالة قبل أن يتوقف ويستدير سائلا أمه التي لا تزال تمنحه ظهرها وهي تنهي غسيل الأطباق:
" أمي ...هل سما بخير؟ ...لم استرح لشكلها عندما كانت هنا "

لم يفته تشنج كتفي أمه مما ضاعف من قلقه على شقيقته رغم تأكيد أمه أنها بخير وألا يشغل باله عليها ...فكر وهو يغادر المطبخ بأن عليه أن يمر عليها ليطمئن بنفسه فقلبه يخبره أن أمه تخفي عليه شيئا.

بعد نصف ساعة كان سيد يخرج من باب البيت للشارع وهو يتحدث في هاتفه قائلا بمزاح :
"يا غبي كف عن جلافتك هذه واخبرني بسبب إلحاحك للقائي اليوم تحديدا ...أنا مشغول جدا ولن يفرق اليوم من غدا ..أم تراك اشتقت لي ولم تعد قادرا على تحمل بعدي عنك ..احذر أن تعرف زوجتك وتقوم بفضحنا...(ووقف فجأة قاطبا حاجبيه وهو يرى القادم بمواجهته قبل أن يقول بجدية)
حسنا ياسر ...سأهاتفك عصرا واتفق معك ..."

أسرع بإغلاق الهاتف دون أن يعطي له فرصة الجدال واقترب من عوض يرمق يده اليمنى التي يخفيها بجلبابه لكن الضمادات تبدو واضحة عليها بقلق وهو يسأله :
"حمد لله على سلامتك يا عوض ...والبقاء لله بزوج شقيقتك ...سامحني يا صديقي لعدم سفري إليك .. أعرف أني قصرت معك لكن يعلم الله أني ..."
قاطعه عوض قائلا بصوت مجهد :
"لا تقل شيئا يا صديقي ...خيرك سابق ..وأنا أدرى الناس بظروفك ...ثم أنك لم تكن لتستطيع الوصول بسهولة لبلدتنا البعيدة ...يكفي اتصالاتك الدائمة بي وتوسطك لي لدى المعلم حتى لا يحضر بائعا غيرى بسبب طول غيابي "

ربت سيد على كتفه وهو يرمق وجهه الشاحب وهزاله الزائد بقلق ثم سأله عن سبب كسر ذراعه لتغيم عيني عوض بالغضب وتحتد ملامحه بعنفوان وهو يجيب:
"هذا ليس كسرا ...انها طلقة رصاص "
أجفل سيد وقال بذهول :
"ماذا ؟! .. من ؟! لماذا؟!"
رد عوض بإرهاق :
" إنها قصة طويلة يا سيد ...سأحكيها لك لاحقا ...خلاصتها أن أحمالي قد زادت ..وأحلامي لم تعد قابلة للتحقيق ..."
قبل أن يسأله سيد مستفهما قاطعه صوت صباح الملهوف من خلف عوض تنادي باسمه .. ليلاحظ سيد بقلق وجه عوض الذي اكتسى بالألم وهو يغمض عينيه للحظة قبل أن يفتحها وتتحول ملامحه للجمود وهو يستدير ناحيتها قائلا بنبرة حاول أن يجعلها متباعدة غير مهتمة :
"مرحبا صباح "
قالت بلهفة وقلق فضح مشاعرها ناحيته وهي تنظر ليده:
"سلمك الله من كل شر ... البقاء لله بزوج أختك ...علمت من الأستاذ سيد ..كنت دوما اطمئن عليك منه ..و ...ألف سلامة على يدك ...ما بها طمئني "
رغم أن سيد في موقف كهذا كان سيتركهم معا ويمضى ...لكن حدسا مقلقا جعله يبقى واقفا وبداخله شعور أن القادم لن يكون جيدا ..حدس أكده كلام عوض الجامد وهو يرد عليها بجلافة غير معتادة منه :
" شكرا لسؤالك والأستاذ سيد ابلغني عزائك ...لا داعي لتشغلي نفسك بي بعد ذلك ...أنا بخير "
قطبت صباح من طريقته ...ونقلت نظرها بحيرة وقلق بينه وبين سيد المقطب والذي وقف ينظر له بتوجس ثم قالت بتردد وحياء:
" كيف لا اشغل بالي عليك يا سي عوض ...وهل لدي ..أقصد لدينا أغلى منك لننشغل عليه"

للحظات ظل عوض ينظر لها بجمود ...بينما سيد يكاد يقسم أنه توقع ما سيقوله لاحقا عندما جاء صوته صلدا وهو يقول قبل أن يستدير:
" من اليوم فصاعدا لا داعي لأن تنشغلي على...أنا بخير ...وأنت اهتمي بنفسك دون أن تهتمي أو تشغلي نفسك بي ...(ليضيف بأمر جامد ...ورسالة واضحة المعنى) ابحثي عن مصلحتك يا بنت الحلال ولا تفكري فيما مضى "

ليتركهم ويستدير داخلا للبيت تاركا خلفه فتاة مصعوقة بعينين امتلأتا حيرة ودمعا...وصاحبا مقطبا بتوجس وقلق ...
*******
كانت تقف منذ ما يقرب من عشر دقائق أمام مدخل تلك العمارة الشاهقة التي تقع بها شركة الذهبية ...تدعك يديها معا توتر ...تقدم ساقا وتؤخر أخرى ...حتى لاحظت نظرات الحارس المتوجسة ناحيتها لتحسم أمرها وتتجه ناحيته سائلة إياه عن الدور الذي تقع به الشركة ...دقائق لاحقة وكانت تدلف من الباب لتقف أمام امرأة تبدو بمنتصف الثلاثينات ترتدي نظارة تكاد تسقط من فوق انفها وتحدث نفسها بنزق قبل أن تنتبه لوقوفها أمامها فترفع رأسها بحدة لتنظر لها من أعلى لأسفل قبل أن تسألها :
" نعم ...أي خدمة أقدمها لك "
ازدردت لعابها بصعوبة وترددت لحظات جعلت الجالسة أمامها ترفع حاجبها باستهجان قبل أن تنهيه بقولها :
"أريد لقاء السيد عز الدين المنشاوي "

أمالت نسرين رأسها بدهشة وهي تتمعن في الواقفة أمامها بهيئتها البسيطة التي تدل على استحالة ان تكون عميلة لتسألها بمهنية :
"ومن التي تريد لقائه حتى اخبره ؟"

قبل أن ترد عليها جاء الصوت المذهول من خلفها قائلا بدهشة :
" سامية ؟!!!!!"
*****
أنتهى الفصل


noor elhuda likes this.

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:08 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.