شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f394/)
-   -   خلف أقنعة القلوب (3) "سلسلة خلف الأقنعة " *مميزة ومكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t455707.html)

رغيدا 04-10-19 10:08 PM

مساء الجمال لعيون كل الحضور ...الحمد لله انهيت قراءة والرد على كل الردود التى اسعدتني جدا منكم ولحظات ويبدأ التنزيل ...حستنى رأيكم فلا تحرموني منه

رغيدا 04-10-19 10:14 PM

الفصل الثالث

يغالب رغبته المجنونة في فتح صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي .. ويحدث نفسه بغيظ أنه لابد أن يستغل غياب شقيقيه في الحصول على ساعتين من النوم يحتاجهما جسده المنهك بشدة حتى يعود لدوامة حياته اليومية الشاقة ...
يكاد يجن وهو يحارب أصابعه التي تكاد تنبت لها إرادة مستقلة وتمتد كل عدة لحظات لشاشة الهاتف ..ففكر لائما نفسه .. ماذا سيكسب من رؤية المزيد من أخبارها وصورها التي تضعها كل يوم والتي تثير جنونه وغيرته ؟!
لكنه يعود ليعترف بأنه لا يستطيع منع نفسه من التطلع فيها وتأملها !...

ضغط على أسنانه قهرا وأغمض عينيه وهو يخبط رأسه بحاجز الفراش مرارا ..يلوم قلبه الذي عانده ومال لها رغم أن الحب ليس مقدرا لمن في ظروفه ...

لا يستطيع أن يلومها هي أو يتهمها بأنها من حاولت استمالته ...فهي من أول مرة قابلها فيها في زفاف ابن خالته أظهرت له نفورا ...بل وكرها ...لكن القدر عانده ووضعها في طريقه لمرات عدة ...ليراها بعدها صدفة في محطة المترو حيث يعمل فانتبه لها وقتها دون أن تنتبه له ..و مرة أخرى بمنزل همس في عقيقة ابنها حيث تعرف وقتها على كامل أسرتها وخاصة والدها الذي طلب منه هو وخالد المعاونة معهم في مشروعهم الخيري حين علم بأنه خريج كلية العلوم قسم كيمياء فطلب منه أن يساهم بساعتين من وقته أسبوعيا في فصول التقوية المجانية بالمركز ..

ورغم كرهه لمهنة التدريس واعترافه بأنه مدرس فاشل ..حيث لا يملك ملكة الصبر والقدرة على توصيل المعلومات ...مما جعله لا يتبع طريق كثير من زملائه بإعطاء الدروس الخصوصية برغم انه طريق مربح ماديا ...لكنه لحظتها لم يستطع الرفض بالمساهمة في عمل خير .. وإن كان قد أخبرهم بأنه سيقوم بهذا الأمر بشكل مؤقت حتى يجدوا بديلا له .. فهو والتدريس ليسا متفقين ...ليجد نفسه بعدها منخرطا في العديد من المهام المتعلقة بالمركز الذي كان لا يزال في بداية انشاءه ويحتاج للكثير من الجهد...ما بين تصاريح ..وأعمال تأسيسية ..وصيانة ... مما جعل مسعد يلجأ له ويعتمد عليه في أداء الكثير من المهام ...خاصة بعد أن لاحظ سيد أن بعض العمال يستغلون جهل مسعد نتيجة غربته الطويلة ويبالغون أو يتحايلون عليه في الأسعار ليتولى هو مسئولية التعامل معهم وشراء المستلزمات موفرا عليهم الكثير من الأموال التي كانت تهدر نتيجة التلاعب ...
زفر سيد بعمق وهو يمرر يديه فوق عينيه ويريح رأسه على الوسادة مودعا النوم ...فقد احتلت عقله تلك القصيرة المتهورة فأخذ يستعيد ذكرى نبضة قلبه الأولى لها والتي حاول كثيرا إنكارها خلف أقنعة التجاهل ليعود لتلك المرة التي ذهب فيها لمنزلهم ليعطي أبيها عروض الأسعار الخاصة بتأسيس المركز الطبي..

قبل عدة أشهر منزل مسعد

دق الجرس بعد أن تأكد من رقم الشقة الذي أرسله له مسعد ليفتح له مالك احد توأمي مسعد والذي سبق لهما اللقاء بعقيقة همس ..واشترك معه وشقيقه يومها بلعبة كرة قدم شاركهم فيها سامح في حديقة الفيلا ليبتسم مالك مرحبا به بحبور وهو يدعوه للدخول ..ويتركه في صالون البيت ..
جلس على مقعد منفرد أمام طاولة موضوع عليها جهاز لابتوب شاشته مغلقة ...وأخذ تطلع في الشقة حوله بإعجاب دون حسد ..
شقة واسعة تدل على ذوق رفيع وحالة مادية مستريحة جدا لأصحابها ...ربما ليست بفخامة واتساع فيلا همس وخالد ...لكنها بالتأكيد أرقي بكثير من المستوى الذي ينتمي هو له ..

حرك قدميه قليلا ليريح جلسته على المقعد ..فارتطمت بخفة بالطاولة ليفاجأ بإضاءة جهاز اللابتوب الذي يبدو بأنه لم يكن مغلقا ...فظهرت أمامه صفحتها على موقع التواصل ...

حاول ...يعلم الله كم حاول أن يغض نظره عن صورها ومحادثتها المطلة أمامه من شاشة المحادثات ...لكن فضوله غلبه ...ليجد نفسه يبتسم مرغما وهو يرى ردودها الوقحة على صديقتها حول أحد اساتذة الكلية الذي تدعوه (مزنوق ).. والذي لم تكف عن سبه والدعاء عليه بكل أنواع المصائب ...لتحط عيناه على اسمها وصورتها على الصفحة ويحتفظ عقله بها ..قبل أن يرى تلك الزوبعة القصيرة وهي خارجة من الممر الجانبي المؤدى للحجرات ...وعلى ما يبدو لم تكن تعلم بوجوده ولا منتبهة له ..ليختلج قلبه بصدره وتختل نبضاته رغما عنه وهو يراها تتحرك بميوعة تتراقص بخطوات هادئة وتحرك كتفيها وخصرها بدلال ..فتلجم لسانه الذي أراد أن ينبهها لحضوره كما لو عقد فمه بشريط لاصق يأبي الفكاك ..وتعلقت عيناه بها وأبت مفارقة قدها المتمايل أمامه ..
لم يكن يوما شابا لاهيا ...
ولم يتخطى يوما الحدود أو ينتهك حرمات غيره ...
لكنه معها كان سيد آخر غير الذي اعتاده ...رغم أنها لم تكن ترتدي شيئا مغريا.. كانت ترتدي بيجامة صفراء بأكمام قصيرة تظهر أغلب ذراعها النحيف ..لها بنطال يصل حتى أسفل ركبتها بقليل ..وعليها رسمه لـ( مستر سلطع) أحد أبطال كارتون سبونش بوب الذي يعشق أشقاءه مشاهدته ...وكانت تضع الهاتف على أذنها بينما تتلاعب بخصلات شعرها البني القصير وهي تقول:
" يا ابنتي أنا لست أى أحد ...بالطبع ...من شعبان هذا الذي انظر له !...هل جن ليحاول أن يتقرب مني!! "

لتصمت قليلا تستمع للطرف الآخر قبل أن ترد بغرور:
" أي غرض شريف هذا !!...شريف يجب أن يموت قبل أن يصل عنده ..."
لتصمت للحظات قبل أن ترفع رأسها بتيه وهي تقول :
" أجننت يا علياء!! ...أنا أتزوج من شاب فقير معدم مثله!!... واسمه شعبان! ....شعبااااان !!!... يا ابنتي عندما أفكر في الزواج ...سأتزوج شابا لا يقل وسامة عن أحمد عز ولا غنى عن آسر الراوي" ...
ضحكت بحبور وردت بعد لحظات" لا تسألي ...هو شخص من معارف أبي قابلته مرة واحدة ...لن تصدقى مدى وسامته ...ولا ما علمته عن غنا..ا..ه "
تقطعت كلماتها عند استدارتها لتراه جالسا متابعا لها .. ففتحت فمها بذهول واخفضت هاتفها ناسية من تحدثها وصرخت في وجهه :
"أنت ...ماذا تفعل هنا ؟؟؟!!!! "

استند بظهره على الكرسي واجابها ببرود :
"مساء الخير لك أيضا آنسة رؤى ...لا تدعيني أعطلك عن أخبار صديقتك بباقي مواصفات فارس أحلامك "

اشتعلت عيناها غضبا وهي تغلق هاتفها بعد أن صرخت في صديقتها بأنها ستحادثها بعد قليل ثم اقتربت من مقعده وهي تقول بثورة :
"كيف تسمح لنفسك أن تستمع لمحادثاتي الخاصة أيها الوقح عديم الذوق !!!"

اعتدل سيد واقفا يشرف عليها أمامه مما جعلها تتراجع خطوة للخلف ...فرغم كونه متوسط الطول لكن قصرها يجعله يفوقها بالكثير ..ليرد عليها من بين أسنانه وهو يحدجها بنظره حادة:
"احفظي لسانك أيتها القصيرة ...أنا لم اتعمد الاستماع لك ...أنا في زيارة لوالدك وكنت جالسا بانتظاره وأنت من دخل عليّ ...لم تعطني حتى فرصة لتنبيهك لوجودي لإنشغالك في وصف أحلامك الغبية التي لا أدرى حتى الآن سببها ..(ومرر أنظاره عليها صعودا وهبوطا وأضاف ) الفتاة التي تحلم بالزواج من أجمل وأغنى شباب العالم لا بد أن تكون تمتلك مقومات كافية لتلك التمنيات ..لا أن تكون أشبه بقنفذ قصير خرج من حلة شوربة عدس "
ليرى الجنون يتراقص فيها عينيها ولا يعرف ماذا كان سيحدث لو لم ينقذه صوت أبيها المرحب به وهو يعتذر عن تأخره بسبب الصلاة .


خرج سيد من ذكرياته على ارتفاع الأصوات بالخارج ففتح عينيه وزفر بحنق وهو يستمع لسباب أبيه المعتاد على أمه واعتراضه على الطعام فقام متجها للباب وهو يسخر من قلبه محدثا إياه:
"أخبرتك أن الحب ليس لنا .. هي تريد عالما من الخيال حيث الأمير الغني الوسيم ..وأنت غارق بأوحال الحياة الواقعية ...هي تحلم بقصر ..وأنت لا ترقى إلا للعمل بإسطبل الخيول لديها "
ليفتح الباب بينما يزداد صوت أبيه الغاضب ارتفاعا متجها إليه ليحصل على حصته اليومية من غضب أبيه الناقم دوما .
×××××

رغيدا 04-10-19 10:17 PM

لم يكن سيد الوحيد الغارق في حلم يقظة حول ذكرى النبضة الأولى التي فقدها قلبه ...فهناك آخر كان يعيش ذكرى مشابهة مر عليها خمسة أشهر ..
أغمض هادر عينيه وسرحت ذاكرته بالمرة الأولى التي رآها فيها

مترو الأنفاق قبل خمسة أشهر


تحرك هادر متفقدا الحالة الأمنية بالمحطة فلفت نظره ارتفاع الأصوات القادمة من أمام أحد آلات المرور فاقترب ليرى ظهر فتاة تضم شعرها الطويل الأسود بربطة خلف رقبتها ...ورغم أنه لم يرى ملامحها حيث كان ظهرها له ...لكن تناسق جسدها الأهيف وملابسها المحتشمة في ثوب أزرق بزهور وردية صغيرة والذي يصل لكاحلها ويحتضن خصرا نحيلا وفوقه جاكت من الجينز القصير جعله يشعر بالفضول لرؤية وجهها متوقعا فتاة شابة غالبا طالبة جامعة حيث تحتضن احدى يديها بعض الكتب والأخرى تشيح بها في وجه مسئول ماكينة المرور صارخة ...فاقترب اكثر وقضب حاجبيه وهو يسمع مسئول الماكينة يقول بوقاحة :
"اسمعي يا آنسة ..تلك الألاعيب أنا اعرفها جيدا ...ولن تمر عليّ ...أخبرتك أن الكارت خاصتك يحتاج لشحن ...ولن اسمح لكِ بالمرور قبل شحنه ... لا تجادلي ولا تضيعي وقتي اما ان تذهبي لشحنه أو تفسحي الطريق لغيرك والا جعلت الأمن يجرك لـ..."

استهجن فظاظة الموظف وهم بمناداته لكنه فوجئ بها تصرخ في وجهه بغضب :
"أيها الوقح ..أنا لا اسمح لك ...أين رئيسك؟ ..اقسم لن أمررها ...سوف اخذ حقي منك ...أخبرتك أن الكارت مشحون ...لقد شحنته بالأمس بمائة جنيه ...لست أنا من تتحايل لأجل تذكرة مترو حقيرة "

لا يدرى لم ظل واقفا دون أن يتدخل .. شيء ما جعله راغبا في معرفة كيف ستتصرف تلك الفتاة التى لم يرى ملامحها واضحة حتى الآن لكن كان يتملكه شعور غريب بأنها جميلة ...لقد جذبه صوتها الذي رغم الغضب والصياح إلا انه لم يكن عاليا بل به بحة مميزة.

في نفس الوقت تدخلت صاحبتها تحاول تهدئتها " ياسمين .. أرجوك اهدئي لا تنفعلي بهذا الشكل !"

مجددا تسمر هادر مراقبا للفتاة التي تحاول صاحبتها اقناعها بالدخول عبر الكارت الخاص بها مؤقتا بينما الأخرى ترفض بإصرار لكن ما اثار دهشته وفاجأه هو هرولة سيد نحو الفتاتين وتدخله بطريقة فهم منها بأنه يعرفهما جيدا حين قال:
"آنسة ياسمين ...ما المشكلة ..ماذا حدث ؟"

حين التفتت ياسمين لسيد استطاع هادر أخيرا رؤية وجهها ولحظتها فقد قلبه نبضته الأولى ووقع أسيرا لعينيها البحريتين بلون السماء الصافية التي غيمتها سحابة من دمع شفاف استطاع أن يلمحها رغم المسافة وهي تقول بغضب :
"الماكينة اللعينة ترفض قبول كارت الاشتراك رغم أني شحنت الكارت يوم أمس ...وحضرة الموظف المحترم بدلا من أن يرى أين الخطأ في أجهزتهم يتهمني بأني أحاول المرور بدون دفع التذكرة ... "

اقترب سيد واضعا يديه على كتف الموظف وهو يقول:
" محمود ..خذ الكارت واكشف عليه واعرف أين الخطأ ..أنا اعرف الآنسة ياسمين ..مستحيل أن يصدر منها تلك الأفعال مؤكد هناك خطأ ما بماكينة الدخول "

ابعد محمود يد سيد عن كتفه بخشونة وهو يقول بعناد:
"لا تدخل يا سيد ... لقد جربت هي بنفسها الكارت على أكثر من ماكينة "
قال سيد من بين أسنانه يحدج محمود بنظرة خطرة " اما ان تفحص الكارت يا محمود أو تدعها تمر لتلحق بمحاضرتها "
تكتف محمود وقال بإصرار " لن اسمح بمرورها ...لو كل شاب يعمل بالمحطة مرر صاحباته دون تذكرة لخربت المحطة "
اشتعل غضب سيد والفتاتين ليصرخ الأول قائلا باستنكار " ماذا قلت !"
بينما صاحتا رؤى وياسمين في نفس الوقت :
"أيها الوقح .."
"صاحبة من أيها الحقير !"

"محمود"
قالها هادر بصوت مرتفع حاد وهو يتدخل ليحسم الموقف المحدم خاصة بعد أن لاحظ تجمهر بعض الفضوليين لمتابعة ما يحدث :

انتبه الجميع لوجود هادر الذي قال بلهجة حازمة " اعتذر فورا للآنسة ..وخذ هذا الكارت واكشف عليه (لينظر بعينيه بحدة وهو يضيف )...بعدها أريدك أن تحضر لمكتبي بعد إنهاء الأمر"

تمتم محمود بارتباك محاولا تبرير الموقف قائلا:
" يا باشا ...تلك الفتاة ..."
ليقاطعه بحزم باتر وهو يقول بحدة:
"فورا يا محمود دون أي حرف "
هرول الموظف بسرعة بينما استدار هادر لتلك الواقفة بجسد متشنج وصديقتها تمسك بيدها مهدئة وقال وهو يقترب بهدوء:
"لا تقلقي يا آنسة ...سنرى أين الخلل ونحل المشكلة حالا"
ردت ياسمين بعنفوان حاد أسره رغم ارتعاش جسدها الواضح:
"أنا لن أتنازل عن حقي ...هذا الموظف اخطأ بحقي وأهانني ...ولن أتنازل عن أخذ حقي منه ...لن اسمح بتمرير اهانته لي دون عقاب "

نظر لها بإعجاب غير قادر على إزاحة عينيه عن سماء عينيها .. ان رؤيتهما عن قرب جعله للحظات يقف أمامها يحدق فيها في بلاهه بينما أسرع سيد بالقول :
"لا تقلقي يا آنسة ياسمين ...الرائد هادر لن يمرر أى خطأ أو تجاوز يحدث ..من الجيد أنه كان موجودا ...حقك سيصلك كاملا تأكدي من هذا "

ردت ياسمين بنزق وهي تنظر في ساعة يدها :
"بسبب تعنته تأخرنا على المحاضرة ...لقد ضاع اليوم هباءً بسبب غبائه ...لو أنه كشف عليها من أول لحظة لما ضاع الوقت (ونظرت لصديقتها وهي تضيف باعتذار )..ليتك سبقتني رؤى ..بهذا الشكل لن ندخل كلانا ...تعرفين د .مرزوق لا يسمح بالدخول بعده "

اشارت رؤى بيدها بعدم اهتمام قائلة :
"لا عليك ياسمين .. أنا أصلا لا أطيق محاضرته ..وكنت ابحث عن حجة للتغيب لا تتعب ضميري "

اشاح سيد بوجهه مغمغما بصوت سمعه الجميع
"فاشلة"
التفت له رؤى تقول باستنكار :
"ماذا تقول يا هذا؟؟؟؟"
وضعت سيد يديه في جيبي بنطاله وحرك كتفيه قائلا ببرود " انا لم أقل شيئا .. (ومال قليلا ينظر في وجهها قائلا بإغاظة ) هل تنتابك هلاوس سمعية يا آنسة؟"

جزت رؤى على أسنانها وصاحت في وجهه" أنا اهلوس يا .. يا .. ( ولم تجد كلمة مناسبة فهتفت ) ثم من الذي حشرك يا سمج يا بارد لتمثل دور الشهامة هل تظن نفسك ناظر المحطة !"
عقد هادر حاجبيه وهو يتابع ما يحدث مع سيد والفتاة الأخرى متسائلا في سره عن سبب تعمد سيد لاستفزازها كما استشعر لحظتها .. في الوقت الذي كانت ياسمين تمرر عينيها بين سيد ورؤى باهتمام .

اما سيد فرد ببرود " طبيعي آنسة رؤى أن اتدخل لحل مشكلة تتعلق بإنسانة فاضلة محترمة كالآنسة ياسمين.."
توردت ياسمين من الاطراء المفاجئ وحانت منها نظرة سريعة مرتبكة نحو الرائد هادر قبل أن تتنحنح في حرج وتشدد من احتضان دفتر محاضرتها مما أشعر الأخير بالحيرة في تفسير ما قاله سيد عنها .
أما رؤى فانفجر الغضب في رأسها لتستطيل على أطراف أصابعها ترفع سبابتها أمام سيد وهي تقول من بين اسنانها " أنت .. أنت انسان .."

قبل أن تكمل عبارتها كان الموظف يقترب قائلا بصوت متردد وهو يناول هادر الكارت :
" الكارت به مائة جنيه يا باشا ...يبدو أن هناك مشكلة بالماكينة (ونظر لياسمين بجانب عينيه يقول بحرج)..اعتذر يا آنسة ( ثم عاد يقول لهادر ) اعتذر يا باشا ...سيادتك تعلم كم نتعرض يوميا لمواقف مثل هذه حين يحاول البعض ادعاء الأكاذيب حتى نسمح لهم بالمرور و...."
قاطعه هادر بحدة وهو يسحب منه الكارت ويقدمه لياسمين :
"اخرس .. تفضلي آنسة ...تقبلي اعتذاري وتأكدي أنه سيعاقب ..وحقك محفوظ "
تطلعت ياسمين في هادر للحظات جعلته يشعر بالتيه كطائر يحلق بالفضاء للمرة الأولى ...لكنه حافظ على ملامحه دون تعبير وهو يسمعها تغمغم بكلمات شكر مقتضبة وتتحرك نحو احد المداخل التي فتحها لها محمود بامتعاض.. لتمر منها بكبرياء وهي تحدجه بنظرة تشفي بينما اسرعت صاحبتها باللحاق بها بعد أن مررت الكارت الخاص بها في المكينة بعد أن نظرت لسيد شزرا ثم استدارت بحركة حادة توليه ظهرها بخيلاء ..
أما هادر فظل يتتبع ياسمين بعينيه حتى اختفت من أمامه ...وقد ادرك حينها ...أن حياته في تلك اللحظة ستتغير للأبد.

عاد هادر من ذكرياته فتطلع في سقف غرفته وزفر بعمق .. مغمغما في سره بحيرة "من منهما بغيتك سيد ...احتاج لأن اعرف ...تعبت من الانتظار دون أن اخطو إليها أي خطوة !"

قاطع شروده طرقات خافتة على باب حجرته لتدلف والدته قائلة:
"حبيبي ...من الجيد أنك مستيقظ ...تعالى لتشاركنا الجلوس بالشرفة...لقد صنعت لك كيكة البرتقال التي تحبها ...سأصنع الشاي لتتناوله معها "

ترك هادر سريره واقترب من والدته يقبل رأسها فوق ذلك الوشاح الأسود الذي لم تعد تخلعه منذ أن غاب عن بيتهم شعلة النور والحياة التي كانت تضيء أركانه ... دون أن يهتم بأن يصحح لها أن الغائب عن دنياهم الحاضر بقولهم هو من كان يعشق كيكة البرتقال ..بينما هو كان يحب كيكة الشيكولاتة وهو يرد عليها بمحبة وحنان :
" حاضر غاليتي اسبقيني وجهزي الجلسة ...وأنا سأصلي والحق بكم"
حين خرجت والدته وهي تدمدم بدعواتها له ...وقف يمرر يديه على وجهه وشعره...يمني نفسه بيوم يعود فيه الفرح لبيتهم ...
صحيح لن يكون يوما فرحا كاملا بعد رحيل الغالي ...لكن على الأقل قبس من ضوء سعادة تعيد لوالديه بسمة الشفاه...
×××

رغيدا 04-10-19 10:20 PM

انصت إلى دقتها الهادئة على باب مكتبه وتعجب كيف أصبح يميز تلك الدقة ...ليس فقط لأنه يتوقع حضورها بعدما هاتف الاستقبال وطلب إرسالها لمكتبه ...لكن هناك ما يميز طريقتها بالطرق على الباب ..فهي تدق دقتين ...ثم تتوقف ...لتدق دقة ...

هتف سامحا لها بالدخول وهو ينهي توقيع ما أمامه من أوراق قبل أن يرفع عينيه ليراها واقفة أمام مكتبه بارتباكها اللذيذ الذي يجذبه بقوة ...فتطلع في زيها الذي رغم احتشامه وعدم إظهاره لأي من معالمها لم يخفى تناسق جسدها ...ورغم أنها بمقاييسه التي اعتاد عليها تعد فتاة عادية بل وسمينة ...حيث اعتاد على مصاحبة عارضات الأزياء والممثلات العالميات بأجسادهم شديدة النحول وطول اغلبهن الفارع ... لكن تلك الفتاة بها ما يشده لكنه لا يستطيع تحديده ...وبالتأكيد ليس جمالها ...فلو كان الجمال لم يكن لينظر لها مرتين ...
لكنها ليست قبيحة أيضا ...
هكذا حدث نفسه وهو ينظر لها بتدقيق أربكها وهي تشتت عينيها بعيدا عنه في أرجاء الحجرة ..

تطلع في أنفها الأفطس قليلا لكنه يتناسب مع تضاريس وجهها بوجنتيها المرتفعتين ...

عيناها ...
كم تحيرانه ...
لا يستطيع تحديد لونهما بدقة ...لقد اعتاد العيون الملونة في أمريكا حيث يعيش ...لكن هاتين العينين تحيرانه ...يراهما أحيانا أميل للخضار ...وأحيانا عسلية ..وأحيانا اقرب للون البندق ... ليجد نفسه يسألها وهو يقف ملتفا حول مكتبه ليستند عليه بجسده أمامها :
"هل ترتدين عدسات لاصقة ؟"

نظرت له سما بحيرة وهي تقول وقد فاجأها سؤاله :
"ماذا ؟!! لا ..طبعا لا ...لم ارتديها بحياتي ..آآ ...عفوا ...لماذا تسأل ؟!"
دقق فيها بها أكثر مما دفع اللون الأحمر ليغزوا وجهها بقوة وهربت بعينيها بعيدا فازدادت ابتسامته اتساعا ...
كم يمتعه ردود فعلها البريئة !...وكم من مرة تعمد أن يقول ما يربكها ليرى احمرار وجهها ...تلك الحمرة التي لم يكن يظن أنها ما زالت موجودة لدى الفتيات حتى جاء للوطن العام الماضي ...ليراها تتكرر أمامه ...ليس فقط من سما ...لكن من غيرها ...همس مثلا عندما يغضبها ...وماهي عندما يحرجها ... حتى بعض العاملات هنا لديه بالفندق عندما ينظر لهن بشكل مباشر أو يوجه لهن الحديث ...كم كان الأمر منعشا له!...
لكن يظل لخجلها وحمرتها هي الأفضلية لديه ...

كم يتوق ليرى شعرها! ...
نادرا ما خمن شيء يخص النساء ...فكل من عرفهن كن يرتدين ما يظهر كل ما يمتلكن ... لكن معها عرف الحيرة وهو يحاول تخمين لون شعرها ...بل حتى لون بشرتها فأحيانا يشعرها اقرب للون الأبيض ...وأحيانا اقرب لدرجة اللون الخمري ...ليخمن أنها لابد تضع كريم أساس ...
لكن السؤال الذي حيره هل تضعه ليجعلها بيضاء ام خمرية ؟...فكثيرات من صديقاته عارضات الأزياء يضعن الأساس الذي يظهر بشرتهن أقل شحوبا ...بل يذهبن لجلسات تسمير للبشرة حتى يكتسبن الدرجة البرونزية ...
نحنحتها الرقيقة افاقته من تأملها وتدقيقه فيها لتقول بارتباك فضحه دعكها ليديها :
"حضرتك طلبتني يا مستر؟ ...هل هناك شيء تريده؟...(لتزداد ارتباكا وهي تضيف بتأتأة بسيطة ) هل ...قصرت... بعملي في شيء؟"

طمأنها وهو يلتفت عائدا لكرسيه مشيرا بيده لها لتجلس على الكرسي أمامه ثم قال:
"لا ...لم تقصري في شيء ...أنت مثال جيد للموظف الملتزم ...لكن ... "
ترك عبارته معلقة للحظات جعلتها تذوب بمكانها قلقا وهي تنظر له بحيرة منتظرة باقي جملته ...ليضيف بعد لحظات مشفقا عليها بعد أن تحول وجهها للون الأحمر القاني :
" سماء ...تعرفين أنني قمت بعمل استثناء لك يخص مواعيد مناوباتك ...لكن هناك عدة شكاوى قدمت من بعض زميلاتك ..يطالبن فيها بمساواتهن بك "

تطلعت فيه بارتباك وهي تقول بقلق:
"لكن ...حضرتك تعرف ...منذ أن عرضت عليّ العمل أن هذا شرط أسرتي ...مستحيل أن اقبل بمناوبات تشمل السهر والمبيت ...ثم أنني اعمل نفس عدد الساعات التي يعملونها ...فقط خلال فترتي المناوبة الصباحية والمناوبة المسائية أما مناوبة السهر التي تشمل المبيت أمر لا يمكن أن تقبله أسرتي ..وحضرتك تعلم ذلك من البداية وقد وافقت عليه "

دقق في وجهها وهو يحرك قلمه بين يديه يحاول اصطياد نظرة عينيها الهاربة ..ثم نادي اسمها بهدوء جعلها تنظر له للحظات قبل أن يضيف:
"سماء.... أنا اعرف ذلك ...لكني كنت أتوقع بعد أن تعملي لفترة وتطمئني أنت....( وشابت لهجته بعض السخرية ) وأسرتك لطبيعة العمل والمكان...ستزول أسباب قلقكم وتقبلين بـ ... "

قاطعته ببعض الحدة التي يراها منها للمرة الأولى:
"عفوا مستر آسر ...لقد كان بيننا اتفاق أنا ملتزمة به ...بشروط قبلتها حضرتك ...و لا شأن لي بأي شكاوى من الآخرين ...هذه ظروفي التي أوضحتها قبل قبولي العمل هنا...أنا لا يمكنني أن اخرج من بيتي لأبيت خارجا ويراني جيراني والناس عائدة في اليوم التالي ...الأمر سوف يدمر سمعتي وسمعة عائلتي "

رفع آسر حاجبيه متعجبا ثم سألها بحيرة:
"وما شأنك أنت بالناس ؟... والجيران ما لهم بك!...هل يراقبونك ليعرفوا متى تخرجين ومتى تعودين!!...حتى لو عرفوا بمبيتك خارجا... ما شأنهم هم ؟!!!"
حدجته بنظرة حادة وهي تقول :
"سيدي ...أنا أعيش بمنطقة شعبية ...ربما حضرتك لا تعرف طبيعة تلك الأماكن لأنك لم تحيا بها من قبل ...لكن هناك ...الجميع يعرفون بعضهم البعض ولا يوجد ما يسمى بالخصوصية الكل يعرفون عن بعضهم كل شيء ...وينتقدون أي تصرف يعدونه خارجا عن الأعراف والتقاليد ...وخاصة للفتيات ....أي شيء يثار حول فتاة يمسها ويمس سمعتها وسمعة أسرتها ..."

هتف آسر باستهجان :
"هذا جهل وتخلف ...لمَ تعيشون بمكان كهذا؟ ...كل إنسان حر يفعل ما يريد !"
نظرت له بنظرة شعر أن بها شيء من السخرية المريرة وهي ترد عليه :
"ربما يكون ما تقول أمرا مقبولا وعاديا في الوسط الذي تعيش فيه أنت...حيث تتوافر الماديات والظروف التي تتيح للإنسان أن ينتقل كما يريد ويعيش كما يشاء ..لكن تلك الأشياء للأسف لا تتوافر للجميع ...وأرجوك قبل أن تسألني لماذا لا أعيش مستقلة كالنظام الأمريكي حيث تنفصل الفتاة أو الشاب عن أسرهم ما أن يصلوا للثامنة عشرة وربما اقل كما نسمع ونرى بالأفلام ....دعني أخبرك بأن هذا الأمر مستحيل هنا... ليس فقط لحرمته الدينية ولمخالفته للعادات لكن أيضا لأنه لا يمسني وحدي لكن أسرتي أيضا سيتم المساس بسمعتها ...لذا إن لم تكن ظروفي تتوافق مع شروط العمل هنا ...فأنا سأتقدم باستقالتي الآن "

طالعها بثبات للحظات ...ولم يخف عليه محاولتها الثبات والصمود ...رغم دعكها لكفيها معا حتى احمرا تماما لدرجة جعلته يشفق عليهما ...لكن ما أثاره أكثر ...هو عضها المستمر لشفتها السفلى ...

لا يدرى ماذا يحدث معه !! ...لقد توقفت النساء عن التأثير به بسهولة لمجرد حركة صغيرة...فكيف أثارته شفاهها الندية التي تعض عليها بأسنانها لدرجة جعلت جسده يتفاعل بطريقة لم تحدث له منذ مراهقته ...

آه ما أجمل تلك الشفاه! ...
هي أجمل ما فيها ...وردية بلون طبيعي ...العليا مرسومة كقلب والسفلي مكتنزة ...
كم يشتهى تذوقها يشعر بأن طعمها سيكون مختلف عن كل ما ذاقه قبلا من شفاه النساء ..وما أكثر ما تذوق منهن!.

ازدرد آسر لعابه قليلا وهو يدير وجهه محاولا إخفاء تأثره ثم قال :
"حسنا سماء ...كما قلت أنتِ...لقد كان شرطك الذي وافقت عليه ...لذا لا يحق لي إجبارك على التنازل عنه ...كنت فقط أرى لو كان بالإمكان قبول تغييره ...لكن طالما الأمر مستحيل بالنسبة لك ...فلا بأس ..وأنا سأتصرف مع شكاوى زميلاتك ...بإمكانك الانصراف "

قامت من مكانها بهدوء متجهة للباب .. فأوقفها صوته قبل أن تخرج لتستدير ناظرة له بتلك العينين المحيرتين في لونهما ونظراتهما ...فضغط بكفه على القلم حتى كاد يكسره وهو يحاول المحافظة على نبرة صوته هادئة ليقول :
"هناك وفد قادم هذا المساء يمثل مجموعة من المساهمين الرئيسيين بسلسلة فنادقنا ...سيقومون بمتابعة وتقييم كل جوانب الفندق وكتابة تقرير عنه لمجلس الإدارة .....لقد أبلغت زملائك بالأمس لحجز الأجنحة المميزة لهم ...أرجو أن تتأكدي من جاهزية كل شيء لحضورهم بنفسك ...وابلغي رئيسة قسم المراقبة على عاملات النظافة أني أريدها بمكتبي فورا "

هزت رأسها وهي تجيبه :
" نعم سيدي ...لقد علم الجميع ...وكلهم مستعدون تماما .. هل تأمر بشيء أخر ؟"

حين حرك رأسه بلا خرجت مغلقة الباب خلفها بهدوء فزفر بعمق قاطبا حاجبيه وحيرته ناحيتها تكاد تقضى على راحة باله ...
ليسأل نفسه للمرة التي لم يعد يعرف عددها ..
ماذا يريده منها ؟؟...
انه ليس رجل أسرة ...العلاقات الدائمة والزواج والاستقرار ليسا في قاموسه ...وهي فتاة شرقية تعيش في عالم مختلف عما اعتاده ...لها أفكار وطريقة حياة لا يستسيغها أو يتقبلها ..
وكالعادة لم يجد إجابة قاطعة تريحه فأغمض عينيه وهو يريح رأسه على ظهر مقعده دون أن يصل لشيء.
××××


كانت تعمل دون توقف منذ أن خرجت من مكتبه عصرا حتى الآن وقد اقترب موعد انتهاء مناوبتها في التاسعة ...وهي تحاول أن تصرف عقلها عن التفكير فيه بلا طائل ....لا تستطيع منع نفسها من التفكير ...ولا تستطيع منع عينيها من مراقبته كلما مر من أمامها ...

وتحاول الهروب من تذكر ما حدث منذ ساعتين عندما حضر الوفد المكون من ثلاث رجال وسيدتين .. ليستقبلهم بنفسه بصالة الفندق أمام مكان وقوفها خلف طاولة الحجز ...
ارتعشت عضلة بجانب عينها وعضت على شفتها وهي تتذكر التلقائية الصادمة لها وهو يحتضن السيدتين ...ورغم اعتيادها على تلك المشاهد منذ عملها بالفندق خاصة بين الأجانب ...لكنها صدمت وهي تراه يحتضنهما بتلك الطريقة...واشتعل غضبها وشعورها بالنفور والرفض الداخلي عندما قامت المرأة الشقراء الفاتنة والتي تبدو مقاربة له بالعمر بتقبيله على شفتيه بأريحية صدمتها .. بينما تراه يتجاوب مع قبلتها ويبتسم مداعبا لها بكلمات لم تصل لها لكنها رأت تأثيرها على نظرة المرأة وابتسامات المرافقين....

منذ أن شاهدت ما حدث وهي تحاول عدم التفكير فيه ...لكن عقلها يباغتها ويعود لتكرار المشهد في رأسها مرارا وتكرار ..وكأنه ينبهها لأمر كانت تحاول نسيانه وتجاهله ...

إن آسر لا يشبهها ...
ولا يمكن أن يكون بينهما يوما شيء أكثر من علاقة عمل ...قصة همس وخالد التي تشبه الأمير والسندريلا يصعب أن تتكرر مرتين ...بل إن الأمر أكثر صعوبة واختلافا ...فآسر بنشأته الغربية وتصرفاته المتحررة لا يشبه زوج ابنة خالتها الهادئ ..المتحفظ ..الوقور ....

قاومت سما تلك الدمعات التي تلألأت في عينيها واتجهت لحجرة الملابس لتبدل ثياب العمل ثم وقفت أمام المرآه تتطلع في ثيابها العادية المكونة من جينز ازرق لا يمت لأي ماركة بصلة ..والذي اشتراه لها سيد من احد محال الموسكي بفترة التخفيضات ...وفوقه بلوزتها المفضلة بلونها الأحمر الباهت ونقاطها البيضاء التي تصل لقرب ركبتيها ...ووشاحها الأزرق الذي يليق بوجهها .. أو هذا ما كانت تظنه.....فابتسمت ساخرة من نفسها ...فملابسها التي تعد في حارتهم قمة بالأناقة ...أصبحت تشعرها بأنها اقرب للشحاذين في هذا المكان الذي يرتدي رواده الملابس المصممة والتي يتعدى سعر القطعة منها ما تتحصل عليه هي و أسرتها في عام كامل ...
نظرت لساعتها التي تعد الأعلى قيمة بين ما تملكه ...فقد كانت هدية همس لها عند تخرجها ...هدية كانت راغبة برفضها حيث لن تستطيع ردها يوما ...لكنها كانت تعرف أن همس قدمتها بمحبة وحسن نية ولم ترغب بأن تجرح شعورها برفضها رغم إحساسها بالحرج ...ثم سارعت بالخروج قبل أن يحضر سيد ليقلها للمنزل ...فلا ترغب في أن تجعله ينتظر أكثر ...خاصة أن حارس البوابة الخارجية يرفض السماح له بأن يدخل إلى حديقة الفندق من الداخل ...وابتسمت بسخرية وهي تتذكر المشاجرة التي كادت تنشب بين شقيقها والحارس في أول يوم عمل لها والذي كاد يكون الأخير عندما رفض الحارس دخول أخيها ونظر له ولدراجته بدونية معتبرا أن مثله لا يمكن أن يسمح لهم بدخول فندق سبع نجوم لا يرتاده إلا الطبقات العليا من المصريين والعرب وحتى الأجانب ... ولولا خروجها وقتها بملابس الفندق وبطاقة العمل المثبتة عليه وتأكيدها للحارس بأنه شقيقها وحضر ليقلها لتحول الأمر لكارثة وفضيحة ...وتشكر الله أن الأمر قد حل باتفاق أن ينتظرها سيد يوميا أمام البوابة الخارجية دون أن تضطر للجوء لآسر لفك الاشتباك المتوقع بين الطرفين ...ورغم غضب سيد وتلك المرارة التي لونت ملامحه لكنه تقبل الأمر دون افتعال مشكلة كبرى على غير عادته ...ربما استجابة لنظرة الرجاء في عينيها ساعتها وهي تحايله حتى لا يكبر الموضوع ...
في طريقها اتجهت سما لإحضار هاتفها الذي نسيته على طاولة الحجز لتسمع تلك الهمسات المتداولة بين زميلتيها و التى جعلتها تتسمر دون شعور:
"اخبرك ما رأيته ...واضح ان علاقته بها قوية ...ربما تكون حبيبته أو عشيقته ...تعرفين أن الأمر عادي لديهم ...لقد رأيته يرقص معها منذ دقائق بالكازينو بالأسفل ...وصدقيني الطريقة التي يرقصان بها لا تمت للبراءة أو لزمالة العمل بصلة "

ورغم أن الفتيات لم يذكرن اسم من يتحدثن عنه ...لكن بداخلها كانت تعلم انه هو المقصود ...لتجد قدميها رغما عنها تأخذها حيث الكازينو بدلا من بوابة الخروج ...فهبطت الدرجات إليه كالمنومة ثم وقف متوارية قليلا تنظر لحلبة الرقص ورأته هناك ...يضم تلك الشقراء النحيلة فارعة الطول بارعة الجمال إليه ...لا يوجد أي فاصل بين جسديهما ...

سالت دموعها رغما عنها ورفضت ساقاها التحرك وأبت عيناها الانغلاق وهي تشاهد يديه التي تمر على ظهرها حتى ردفيها بحسية وقحة ..بينما تلف هي ذراعيها حول عنقه تلصق وجنتها بوجنته وتهمس في أذنيه بكلمات لا تعرف ماهيتها ... ليخرجها من حالة التيه التي غرقت بها وهي تراقبهم صوت هاتفها فنظرت لاسم أخيها الذي كان كترياق فك حالة التخشب لديها وتحركت بآلية لا تشي بمدى الألم الذي تشعر بها بداخلها.. لتخرج من باب الفندق تمسح عينيها وترفع رأسها بشموخ وهي تعد نفسها أن تكون اقوي من تلك المشاعر الغبية التى تملكتها لمن ليس لها ولم يكن يوما ....

**************


انتهى الفصل

رغيدا 04-10-19 10:25 PM

متابعاتي الغاليات ... الفصل ده اتكتب وأنا حرارتي منذ عدة ايام مرتفة واعاني من نزلة برد حادة وكحة شديدة ...ورغم ذلك اصررت على ان اقوم بالكتابة والتنزيل فأنا كما يعلم من تابعني سابقا اكره الاعتذار بشدة حتى إن لم استطع انزال فصل كامل فى الظروف الطارئة أقوم بانزال نصف فصل ...لذا ربما ترون ان الفصل هذه المرة ليس طويل كسابقيه ...لكنه فصل مهم وارجوا ان لا تحرموني ردودكم وارائكم عليه ...دمتم حبيباتي بكل خير

frau zahra 04-10-19 11:18 PM

الف سلامه عليكي وطبعا روعه

هنا بسام 04-10-19 11:33 PM

الف سلامه عليك.. الفصل جميل سلمت يداك

عبير سعد ام احمد 05-10-19 12:00 AM

الف سلامة عليكى ان شاء الله تكون بخير
الفصل رائع وضح كثير من الامور
هادر معجب بياسمين زى ماتوقعت بس من الغائب اللى ذكره
اعتقد اخوه ووالدته واضح انها بتعانى من فقدها لابنها او زوجها الله اعلم
💟💟💟💞💞
سيد بيحب رؤى رغم انه عارف ان ارتباطها بها شبه مستحيل
مش للفرق المالى فقط لكن لطريقة تفكير رؤى نفسها ورغبتها فى الارتباط
بشخث وسيم وغنى
💞💞💞💞💞💞
سماء عندها نفس مشكلة سيد واضح انها وقعت فى حب آسر
آسر مش بس غنى جدأ لكن نشأته ووجودها فى الخارج فترة طويلة
هتكون عائق بينهم

ام زياد محمود 05-10-19 12:36 AM

تسجيل حضور متأخر



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 49 ( الأعضاء 16 والزوار 33)

ام زياد محمود, ‏shatoma, ‏rowdym, ‏laila2019, ‏Roha15, ‏نور الحيااة, ‏Angelin, ‏amana 98, ‏تى تى بك, ‏رغيدا+, ‏simsemah, ‏فاطمة عاشور, ‏حنان الرزقي, ‏yawaw, ‏frau zahra

ام زياد محمود 05-10-19 12:38 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغيدا (المشاركة 14522020)
متابعاتي الغاليات ... الفصل ده اتكتب وأنا حرارتي منذ عدة ايام مرتفة واعاني من نزلة برد حادة وكحة شديدة ...ورغم ذلك اصررت على ان اقوم بالكتابة والتنزيل فأنا كما يعلم من تابعني سابقا اكره الاعتذار بشدة حتى إن لم استطع انزال فصل كامل فى الظروف الطارئة أقوم بانزال نصف فصل ...لذا ربما ترون ان الفصل هذه المرة ليس طويل كسابقيه ...لكنه فصل مهم وارجوا ان لا تحرموني ردودكم وارائكم عليه ...دمتم حبيباتي بكل خير



الف سلامه عليكىي ياحبيبتى شفاكى الله وعافاكى

ولا يهمك من طول الفصل المهم تكونى بخير

وكلنا عارفين التزامك ربنا يصلح احوالك يارب


الساعة الآن 02:51 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.