آخر 10 مشاركات
فوضى فى حواسي (الكاتـب : Kingi - )           »          و حانت العــــــــودة "مميزة و مكتملة" (الكاتـب : nobian - )           »          أهدتنى قلباً *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : سامراء النيل - )           »          92 - حنين -روايات أحلام قديمة (كاملة) (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          على فكرة (مميزة) (الكاتـب : Kingi - )           »          [تحميل] كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة " (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          زوجة اليوناني المشتراه (7) للكاتبة: Helen Bianchin..*كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          سيكولوجية المرأة (الكاتـب : Habiba Banani - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree12Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-10-19, 09:19 PM   #51

affx

? العضوٌ??? » 407041
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 733
?  نُقآطِيْ » affx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond reputeaffx has a reputation beyond repute
افتراضي


شو حزنت ع عدن وجنة عنجد التنين اغبى من بعض لو عدن ما انجر ورا المغريات ولو جنة ما سكتت من الاول ما كان صار شي !
حبيت رجوع عدن لله عز وجل وتوبته واجتهاده احسن من طريق المعاصي اللي كان في ..
واخيرا ابوها لجنة رجع وسامحها بس كيف حيرجعها قدام الناس !
واضح انه هبة بتحب ثائر يا خوفي يتزوجها جكر بسحر الغبية !!


affx غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-19, 07:46 AM   #52

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل التاسع


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-19, 09:02 AM   #53

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل التاسع

« أيرضيك حال إبنتك، بتصرّفاتك هذه أنت ستتسبّب بدمار بيتها وتشتت عائلتها» هتفت عفاف بزوجها، تستنكر إستخفافه بزواج إبنته الوحيدة.
لقد أحضرها معه منذ أسبوع مضى
أحضرها يتبجّح بأنّه بهذا الطريقة يربّي صهره ويعلّمه كيف يتعامل مع إبنته، ظنّاً منه أنّ ثائر سيتبعها في الحال، طالباً السماح من العائلة ويتوسّله بإستعادة سحر.
وها هي، تنتظر قدومه منذ أكثر من أسبوع
أسبوع بحاله وجل ما يفعله ثائر هو الإتصال بها هي كي يطمئن على التوأم، ويرفض التطرق لما حصل.
كأنّه يرسل لهم رسالة، بأنّ أمر إبنتكما ما عاد يعنيني، وأمّا التوأم فلن أتخلّى عنهما بأيّة حال.
« حسناً، فاليكن، سأمنحه أسبوعاً آخر، إذ لم يأتي راكعاً يتوسّلني لإسترجاعها، سنقيم بحقّه دعوة طلب طلاق.» قال رشدي بتمرّد، أسبوع واحد وسيريه قيمة نفسه إبن كامل عقيل.

هزّت عفاف رأسها بإستهجان، لا تعجبها تصرّفات زوجها على الإطلاق« هل نسيت أنّها حامل، أتريد أن تطلق إبنتك بعد أن أصبحت والدة لثلاث أطفال، وما ذنبهم كي ينشؤوا بعائلة مشتتة، وأمرٌ آخر، ثائر صهر لا يعوّض، إنّه نعمة من السماء، ويا خوفي من أن تندم على خسارته لاحقاً»

قذف رشدي كفّه بالهواء، بإشارة عدم مبالاة، تتّخذ ملامحه أمارات الإشمئزاز « أندم» بصق بالعبارة« أنا أصلاً ندمت على تزويجه إيّاها في بادئ الأمر، ولكنّ ماذا كان علي أن أفعل أمام توسّلاتها ودموعها، أحبّته»
وقف من مكانه وتوجّه نحو النافذة يراقب الحديقة مردفاً« يا ليتني كسرت بخاطرها حينها وما أوصلتها الى هذه المرحلة، لقد أخطأت، ولم أتمكن من حماية إبنتي الوحيدة»
عقدت عفاف حاجبيها تحاول ضبط أعصابها
زوجها طبّق المثل الشهير
(كذبنا الكذبة وصدّقناها)
هل هو حقّاً يظن أن ثائر زوج سيئ، وبأنّه ما كان يستحق إبنته؟!
والله أن الحقيقة هي العكس تماماً، إبنتها المدللة هي التي لا تستحق زوجاً خلوقاً ومتفهّماً كثائر.
« وثانياً، لا تنسي سمعتهم التي تلطّخت بالطين من بعد ما قام به إبنهم الأصغر عدن »
عقدت حاجبيها لا تفهم مغزى كلامه« وما دخل هذا بهذا؟ وما دخل ما فعله عدن بثائر، وثانياً لقد أخبرتني عاليا بأنّ إبنها ترك الغناء وعاد الى الجامعة وحياته السابقة، الولد ما يزال شابّاً بأوّل عمره، ومن هم بسنّه معرّضين للفتنة، المهم أن يعي الإنسان خطئه ويتوب عنه.»
قذف يده بالهواء لا يرغب بالإسترسال بحديثه ذاك، وهي هزّت برأسها تستنكر حاله ووضعه.
« أنا لن أسمح لك بتدمير حياة إبنتك يا رشدي، وأقسم لك بأنّك إذ إستمريت بتحريضها ضدّ زوجها سترى منّي ما لا يعجبك» هددته وتركت له الغرفة تفسح له المجال لمراجعة حساباته، لربما يدرك فضاعة ما يقوم به ويتراجع عنه.

**************************************

وفي غرفة نومها
كانت تدفن رأسها تحت وسادتها
تبكي بصمت
خوفاً من أن يصل صوت بكائها لوالدها
فيسألها عن السبب

سبب تعلم جيّداً بأنّه سيغضبه وجدّاً

تكوّرت حول نفسها تبكي بلوعة
لقد حضر الى منزلها لرؤية التوأم
ورفض أن يدخل
طلب من والدتها أن تحضرهم الى البوّابة الأمامية للمنزل ، أخذهم وغادر
غادر دون أن يسأل عنها.

ثائر غاضب منها
ووالدها غاضب من ثائر

وهي واقعة بين نارين
ويلها والدها الذي يحاول جاهداً تأمين الأفضل لها

وويلها ثائر الذي يبدو أنّه قرر تغيير إستراجية تعامله معها
ثائر ما عاد يحبّها كالسابق، لأنّه لو كان ما يزال يحبّها كالسابق، لما كان تركها تبيت لليلة واحدة خارج منزلهما الزوجية

إنّها تشتاقه
تشتاق حضنه، وتدليله لها
تشتاق إهتمامه وإبتساماته
تشتاق حتّى الى مشاحناتهما

ولكنّه مؤخراً تغيّر كثيراً معها
أضحى دائم الشرود
دائم الغياب عن المنزل
وكأنّه يخفي عنها شيئاً ما

أيعقل أنّه يخونها
ولهذا الأمر لم يكترث لمغادرتها المنزل

وهذه الخاطرة مزّقتها، سالبة من أعماقها شهقة عالية، تنوح وتبكي كطفلة سرقوا منها أمانها وحنانها.

تبكي وتشهق علّ من يسمعها يشفق على حالها ويعيدهما اليها.

****************************************

رمى الظرف جانباً يستلقي على ظهره فوق السرير، توسّد كفّيه يرمق السقف بشرود.
لقد مرّ شهرين على مغادرة سحر للمنزل، شهرين وكلاهما يعاند على عدم التنازل.
هي قابعة ببيت والدها تنتظر رضوخه، وهو بمنزله لا يعلم تحديداً ما ينتظره منها.
لقد رفعت عليه قضية طلب طلاق، البارحة كان موعدها، ذهب واجداً والدها هناك، يتولّى القضية عنها.
وهل إستغرب؟
بالطبع لا!
مدللّة والدها،
فها هي كعادتها، هربت تختبئ خلف عباءته عندما تتأزّم الأمور بينهما.

وهو، يعترف بأنّه أخطأ من البداية، عندما ظنّ أنّه يتوقّى إفتعال المشاكل برضوخه اليهما، حتّى ظنّوا أنّه ضعيف الشخصية، ولا رأي له في قرارات منزله وحياته وعائلته.

حسناً، فاليعلموا أنّهم مخطئون، لقد كان يصمت ويعدّي هفواتها وتدخلات والدها بشؤون حياتهما، عن طيبة خاطر، لأنّه ما كان يرغب بإفتعال المشاكل عند كل شاردة وواردة.
أمّا الآن، فلا وألف لا
من المستحيل أن يمرر لها تجاوزاتها التي تعدّت حدود الأخلاق الدينية،
من المستحيل أن يصمت بعد الآن.
ولتعلم بأنّه لم يكن يوماً أبلهاً ضعيف الشخصية، بل كان متفّهماً، يراعي صغر سنّها وحبّه لها، يحاول إقناع نفسه بأنّها مع الوقت ستنضج وتتغير.

لقد رفض القاضي قرار الطلاق عندما أخبره بأنّها تحمل طفله، فقرر تأجيل الجلسة لما بعد ولادتها.
ولحينها، يخلق الله ما لا تعلمون.

*************************************

« لا، لا يمكنك العودة الى القرية، ما يزال الوقت مبكرا لهذه الخطوة»
قال ثائر يرتشف قهوته الساخنة ببطئ، يفكّر بعمّه، وردّة فعله عندما أخبره عمّا فعله عدن، كيف أنّ الأخير تعمّد إغواء جنّة وإتمام زواجهما خوفاً من تتركه، وبأنّها كانت غلطة واحدة لم تتكرر، زلّة خلّفت إعصاراً مدمراً، إذ جنّة لم تتوانى عن فضحه في اليوم الثاني بالتحديد، غاضبة، ثائرة وحاقدةً عليه.

لقد إضطر للإفصاح عن كل تلك الملابسات، بهدف الدفاع عن جنّة أمام والدها، لإقناعه بأنّها كانت زلّة غير مقصودة، ولم تثنّى،
ولكنّها بكل أسف كانت زلّة مدمّرة، قلبت كيانها وهشّمته.

فكان إعترافه ذاك خير شفع لها، إذ حسم أمر الصراع الذي كان قائم بين عقل وقلب والدها منذ أشهر، مقرراً الذهاب اليها ومواجهتها،
والحمدلله، إنّها كانت مواجهة عادلة للإثنين .
ولكن بكل أسف، هذا الإعتراف لم يكن من صالح عدن، إذ تضاعفت ضغينة عمّه عليه، يتوعّد له، يتّهمه بأنّه السبب الأوّل والرئيسي لكل ما حصل لإبنته، وهذا الأمر سيزيد من تعقيد خطته التي يفكّر بها لإعادة لم شمل العائلة.

جنّة كانت بحاجة لوالدها كي تشعر بأنّ الحياة ما تزال تستحق المثابرة من أجلها، وبأنّها لم تخسر كل شيئ.
ووالدها كان ذلك الحبل الذي سينتشلها من بئر الكآبة والحزن الذي كانت غارقة فيه حتّى النخاع.
وبالنسبة لعدن الأرعن، عليه أن يتعلّم كيفية تحمّل مسؤولية أخطائه التي إقترفها ويسعى لإيجاد حلولاٍ لإصلاحها.

« على هذه الحالة، أنا لن أتمكن من العودة أبداً الى القرية» علّق عدن يحدد طرف فنجان قهوته بشرود، يفكّر بوالدته التي لا تتوقف عن البكاء المرير أثناء محادثاهما الهاتفية، تتوسّله أن يعود، أن يعود ويطلب الغفران من والده وعمّه، ويعدهما بأنّه تبدل وتاب عن ذنوبه،
قلب والدته الحنون يرفض أن يقتنع بأنّ ذنوب عدن تخطت مرحلة الغفران، بأنّ توبة عدن لن تعيد جنّة الى الحياة وتصلح شأن ما فات.

ومأ يتفّهم قلق ثائر، إذ إنّه محق،
فكيف سيكون شعور عمّه وهو يراه يرتمي تحت أقدام والديه طلباً للسماح والغفران؟
بكل تأكيد سيكتوي بحسرته وهو يفكّر بإبنته التي فقدها بسببه.

« بل ستعود، ولكن ليس الآن، إنتبه أنت لمحاضراتك وأثبت للجميع أنّك عدت الى صراطك المستقيم، ومن ثمّ بعد تخرّجك، سنفكّر بخطوتنا التالية، إتفقنا»
ومأ عدن راضخاً لطلب ثائر، ينتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر، خائف من أن توافيه المنية قبل أن ينال رضى والديه وعمّه، عندها سيدخل النار لا محال، عندها سيكون قد خسر دنياه وآخرته.

تنهّد بعمق يستغفر ربّه، يتوسّله بسرّه أن يفك كربه، ويفتح له أبواب التوبة،

أمّا بالنسبة لعقابه
فهو قد ناله بوفاة جنّته
وما أقساه من عقاب كان
عقاب سيحمل وزره الى يوم مماته
سيتعذّب بذنبه طوال حياته
وسيصبر على معاناته،
كي يثبّت لربّه بأنّه يستحق الغفران.

« وماذا قررت أن تفعل مع سحر؟» سأله قلق عليه
« لا شيئ »
« ماذا تقصد، بلا شيئ»
« القاضي أجّل قضية الطلاق الى ما بعد ولادتها »
« وهل ستطلّقها؟» سأله عدن بنبرة مصدومة
« إذ بقيت مصرّة على الطلاق سأفعل، أنا لن أجبرها على العيش معي»
مسح عدن على صفحة وجهه قلقاً على حال أخيه « أنا لا أعهدك مستهتراً يا أخي، الآ تفكّر بالتوأم، والطفل الذي تحمله بأحشائها؟»
تغضّنت ملامح ثائر يقبض على كوب القهوة بكفيه، شرد بفكره يفكر بالتوأم تحديداً، فها هو أضحى لا يراهما الاّ لساعة أو ساعتين يومياً، لا يملك رفاهية تدثيرهما بأسرّتهما، أو النوم بقربهما كي يغفيان، أو الإستيقاظ على صوتيهما وضحكاتهما، نعم، إنّه يفكّر وكثيراً بالتوأم، وعلى قدر تفكيره بهما، على قدر غضبه من والدتهما التي أوصلتهم لهذه الحالة.
« فليرحمنا الله برحمته، أنا فوّضت أمري لله، والآن جل ما علي فعله هو إنتظار الفرج من عنده» قال يتأمّل خيراً
« أرجو من الله أن يفك كربك عمّا قريب يا أخي»
همس عدن يدعو بالمثل لنفسه، بالرغم من يقينه أنّه من المستحيل أن يتمكن من معالجة ندب قلبه وروحه التي تشوّهت حدّاً ما عادت تتجاوب مع أي نوع من المعالجات.
كتلك الندب التي تترك أثراً مستديماً، ظاهراً للعيان ومن المستحيل مواراته كخسارة عضو فعال من جسدك.

**************************************

إرتسمت إبتسامة جانبية على شفتي هبة وهي تراقب خجل جنّة الجلي يعتلي وجنتيها بحمرة قانية، تمسح كفيها فوق ردائها دليلاً على توترها، التفتت اليها تستجدي نجدتها لها، فهربت من نظراتها تدعي إنشغالها بشيئ بين يديها، تشعر بالذنب، ولكنّها بذات الوقت ترغب بإعطاء ذلك العاشق المجنون فرصة التحدّث اليها، إذ أضحت زياراته المتكررة الى الصيدلية لأتفه الأسباب مفضوحة.

شهرٌ بأكمله وهو يأتي يومياً بحجج واهية، منها شراء علكة، شراء حبوب مص للسعلة، شراء دواء السكّر لوالدته، والسؤال عن دواء غير متوفر حالياً، فيأتي ليسأل عنه يوميّاً.
إنّها تعرفه، بل تعرفه وجيّداً، قريب لها من ناحية والدتها، طبيب يعمل بمختبر للتحاليل، طيّب السمعة ومقتدر ماديّاً، وبعمر مناسب للإرتباط، ويبدو أن جنّة تعجبه، ويرغب بالتعرّف عليها أكثر ونيل إعجابها.

أمسك بلال قارورة مرطّب اليدين« هل أنت متأكدة بأنّ هذا النوع سينال إعجابها؟»
سألها يلحظ توترها وخجلها، غاضّة بصرها عنه، وهذا أكثر ما أعجبه بها، خجولة ولطيفة غافلة عن مدى فتنتها وجمالها.
« الم تقل بأنّها لم تحب رائحة المرطّب السابق، هذا برائحة جوز الهند والفانيلا، رائحة لطيفة وخفيفة» أخبرته تستجدي هبة بنظراتها، علّها تأتي لنجدتها من أسئلته التي لا تنتهي.
« حسناً، سآخذ بنصيحتك، ولكن أحذّرك من الآن، إذ لم تعجبها سآتي لإستبدالها بآخر» حذّرها وهي ومأت لها بحرج، إنّها المرّة الخامسة التي يأتي فيها الى الصيدلية لإستبدال مرطّب اليدين لوالدته، لقد حارت بأمره وأمرها، فليحضرها معه ويجعلها تنتقي بنفسها ما تريد.
أخذ المرطّب وذهب الى هبة التي رفعت بصرها اليه ترمقه بمكر، أخذت القارورة من يده هامسة« أنصحك بأنّ تغيّر إستراتجيتك، لقد أصبحت مفضوحاً يا قريبي»

تنحنح بلال يلقي نظرة خاطفة بإتجاه جنّة التي تشغل نفسها بترتيب الأغراض، « إنصحيني، ماذا علي أن أفعل كي أجعلها تسترسل بالحديث معي، لقد نفذت منّي كل الأسئلة المنطقية والغير منطقية، أظن بأنّها بدأت تعتقد بأنّي معتوه»
ضحكة متمرّدة هربت من بين شفتي هبة فتداركتها قبل أن تفضحها هامسة«يا ليتني أستطيع مساعدتك، ولكنّي كما أخبرتك، الفتاة تمرّ بظروف شخصية حساسة، ولن يكون من السهل تقربّك منها»
عقد حاجبيه لا يعجبه كلامها« ماذا لو سألتيها عن رأيها بي، كيف تجدني، فقط كي أعلم ما إذ كنت أملك فرصة معها»
عضّت هبة على شفّتها لا ترغب بالدخول بهذه المتاهة، خاصّة أن جنّة أمانة عندها، ولا ترغب بأن تلعب دوراً بنشوء هذه العلاقة.

هذا إذ لاقى الأمر إستحسان جنّة من الأساس،
فالمسكينة لا تبدو لها مستعدّة لخطوة كهذه بحياتها،
أذ بالرغم من ضآلة المعلومات التي تعرفها عنها، الاّ أنّ إنطوائيتها وحزنها الساكن بمقلتيها يخبر بأنّها تحمل همّاً يفوق قدرة إحتمالها، صوت شهقاتها المخنوق وبكائها الخافت الذي تحاول مواراته عنهن هي ووالدها ليلياً خلف أبواب غرفتها، خير دليل أنّها تعاني من جرحٍ ما يزال ينزف بغزارة.

تبعتها بنظراتها المشفقة، تتسائل عن السبب الذي يدفع والدها لإعلان وفاتها أمام أهل قريته وعائلته، ومن ثمّ يعود ويندم على فعلته دون أن يجد سبيلاً لإصلاح خطئه ذاك.
ماذا يمكن أن يكون السبب يا ترى؟

********************************************

دخلت عفاف غرفة إبنتها تشم رائحة الكآبة بكل زاوية منها،
فجل ما تفعله منذ ثلاثة أشهر هو البكاء في غرفتها، طوال النهار، وقبل أن يعود والدها من العمل، تدخل الحمّام، تغتسل وتبدّل ملابسها وترتدي قناع الثبات كي لا يشعر بأنّها تبكي فراق زوجها بدل الدموع دم.
وهذا أكثر ما يغضبها، إذ الأخير يظن بأنّ إبنته بأفضل حال في بيت والدها، وهي كالحمقاء تكبت حزنها والمها وتخفيه عنه، كي لا تغضبه منها وتخيّب ظنّه بها.

والدها حبيبها يعرف مصلحتها، وطالما أن ثائر لم يصالحها الى الآن هذا يعني بأنّه ما عاد يحبّها، ما عاد يريدها، وهي كرامتها فوق أي شيئ، حتّى فوق مصلحة أولادها وعائلتها.

فتحت الستائر تفسح المجال لأشعة الشمس بدخول الغرفة هاتفة بها« هيّا إستيقظي، لقد إكتفيت منك، أنا لست مجبورة بأولادك، أنت والدتهم وعليك أن تهتمي بتلبية حاجاتهم، والاّ أقسم لك، إذ لم تعودي لرشدك لسألت حماتك بأنّ تأخذهما لتهتم بهما.» هددتها علّها تجبرها على ترك سريرها والعودة الى حياتها، لربما تدرك فذاحة ما تهم على القيام به.
« أّمي أرجوك، أنا أشعر بالوهن، عاجزة عن الإهتمام بالتوأم، وهل نسيت بأنّي حامل» حاولت مسايرة والدتها
« لا، لم أنسى، ولكن يبدو أنّك أنت من نسيتي بأنّك تحملين روحاً بأحشائك، تحتاج للغذاء والراحة النفسية»
دفنت سحر رأسها تحت وسادتها يراود مقلتيها المرهقتين الدمع، تفكّر بحالها وحياتها، بالتوأم والطفل القادم، وبثائر الذي تخلّى عنها.
« أنا خائفة ماما، ماذا سيكون مصير أطفالي بعائلة متفككة، سأنجب طفلاً صغيراً الى عائلة منفصلة، بكل تأكيد هذا الأمر سيؤثّر عليهم سلباً»
جلست عفاف على حافّة سريرها تزفر بحرارة، كشفت الغطاء عن رأسها تخاطبها بنبرة حنونة « أترغبين بسماع الحقيقة أم إبنة عمّها؟»
رفعت سحر وجهها عن وسادتها تجيبها« الحقيقة ماما»
« الحقيقة يا إبنتي هي أنّك أنت من أخطأ بحق زوجك وعائلتك، وثائر ملّ من تصرفاتك الطفولية، ولهذا الأمر قرر أن لا يعيدك الى المنزل، ولكنّه أبداً لن يمانع بعودتك»
إستقامت بجلستها تسألها بلهفة « ماذا تقصدين؟»
إبتسمت لها برفق« أقصد بأنّك إذ قررت العودة الى المنزل سيكون أكثر من مرحّب بك»
حدّقت بها بصدمة« ماذا؟» قفزت عن السرير« هل تقصدين بأنّ أعود الى المنزل من قرارة نفسي؟»
« نعم»
« ماذا؟» صرخت بهستيرية « وأين كرامتي، هل تريديني أن أعود الى المنزل لوحدي، دون أن يأتي هو ويطلب منّي العودة»
وقفت عفاف « هل هو من طلب منك مغادرة المنزل؟»
« حتّى لو» حاولت التبرير
« هو لم يسألك المغادرة، ولم يقدم على القيام بأي خطأ يدفعك لترك المنزل بتلك الطريقة، أنت أخطأتي من البداية، وإذ كنت ترغبين بتصحيح خطأك عليك بالعودة من نفسك»
هزّت برأسها رافضة إقتراح والدتها كليّاً« سأحط من قدري إذ فعلت، سيسترخصني»
« يا حبيبتي، إنّه زوجك، والد أطفالك، ثائر ليس من ذلك النوع من الرجال، هو محترم وطيّب وخلوق، ولن يعتبره إسترخاص لنفسك إذ عدتي بتلك الطريقة، بل سيعلو شأنك عنده، سيحترمك أكثر، سيدرك مدى حرصك على الحفاظ على منزلك وعائلتك»

غامت مقلتيها تنساب دموعها بغزارة، شهقت تتمتم بحرقة« لا، لا يمكنني فعل ذلك، وبابا، بابا سيغضب منّي حدّ أن يقاطعني، لا، لا، ماما» قالت وإستدارت توليها ظهرها، حائرة وحزينة، تجد الحل قريب وبعيد بذات الوقت.
رفعت وجهها نحو الأعلى تفكّر بثائر، تتوسّل الله أن لا يتخلّى عنها، تعده بأنّه إذ أعادها لثائر، لن تعيد الكرّة من جديد، لن تغادر المنزل أبداً لأي سبب من الأسباب.

***************************************

تعمل بدأب كعادتها، تلهي نفسها بمسح الغبار وترتيب الأغراض فوق الرفوف، تحاول أن لا تسرح بفكرها.
أن لا تفكّر بعدن
وعبثاً تحاول
هل سيأتي اليوم الذي تتمكن فيه من إنتزاعه
من عقلها وقلبها
من أفكارها ومشاعرها
من كل ذكرى تمتلكها
طفولتها وصباها
أحزانها وأفراحها

عدن له ضلع بكل لحظة مرّت بحياتها
فكان اليد التي حنت وزرعت إبتسامات
واليد التي بطشت ووشمت أطراحاً ومأساة

تصلّب جسدها تتسمّر بأرضها لحظة ختمت مقدّمة برنامج( كل يوم مشكلة وحل) الذي يبثّه المذياع بأنحاء الصيدلية
برنامج تنتظره هبة أسبوعياً
يتحدّث عن المشاكل التي يعاني منها المجتمع
أنهت المذيعة البرنامج بتقديمها لأغنية تقول:
- أغنية رائعة، لصوت نادر وفريد ينطق بالمشاعر الجيّاشة
بكل أسف بالرغم من محاولاتنا التي لا تعد ولا تحصى بالوصول اليه، الاّ أنّنا لم نوفق بمساعينا تلك.
إيدن الأسم الذي إشتهر به، يتميّز بحنجرة ذهبية نادراً ما تتكرر.
إختفى مؤخراً عن الساحة الفنيّة دون مبررات.

إعتزل الفن وهو بأوج نجاحاته
لأسباب ما تزال مجهولة بالنسبة لمعجبيه

في هذه الأثناء لا يمكننا سوى أن ندعو له بالتوفيق أينما كان
ونخبره أنّنا بإنتظار عودته متى قرر العودة
سنرحّب به بأذرعٍ مبسوطة على مصراعيها.

إنتهت المذيعة من مقدّمتها بترك المذياع يضج بأغنيته الأخيرة التي سجّلها قبل إعتزاله.

-كانت روحي

كانت عمري
كانت روحي
كانت ملكي

راح العمر
غدر وأهر
وما بقيتي انت
كل شي راح
ترك جراح
بس جرحك انت
عايش بالروح
وما بيروح
وبتبئي انت

هيذا أدر
بين البشر
ما ترتاح ألوبنا
كانت الي كل الدني
هلّأ صارت حالم

همّك كبير يا ألبي
ومين بيسمعك
تحملت كثير يا ألبي
وهي مش معك


عيش يا ألبي
عيش الحلم
كإنُّو حقيقة

رجِّع ماضي
حبيبي الغالي
بكل دْئِئَه(دقيقة)
لا متخاف
لا يا ألبي
كانت حئِيئَه(حقيقة)

لا تتذكر
لا يا ألبي
كيف صارت صديقة

هيذا قدر
بين البشر
ما ترتاح ألوبنا
كانت إلي كل الدني
هلأ صارت حلم


همك كبير يا ألبي
ومين بيسمعك
تحملت كثير يا ألبي
وهي مش معك


إنّها المرّة الأولى التي تسمع فيها الأغنية
يتغلغل الحزن المنبعث من صوته بأعماق كيانها
تشعر بكل آهة منه كأنّها خنجر يطعن صدرها
غامت عينيها بدموع أحرقت مقلتيها

شهقت تستند الى الجدار قربها، تشعر بأنّها على وشك فقدان وعيها
تشعر بأنّ كل كلمة وحرف في الأغنية موجّهة لها
لقد ظلمته
تخلّت عنه
فضحت سرّه
ولم تفسح له المجال بتبرير نفسه
فضحته بعد أن تاب وإستغفر
ومن ثمّ القته بيديها الإثنتين بجحيمه

شهقت من جديد
تشعر بأنفاسها تتحشرج بصدرها
تتذكر ذلك اليوم المشؤوم
حين طنّ هاتفها وفتحته واجدة تلك الصور
في بادئ الأمر لم تفهم محتواها
لم تفهم المقصد منها
الى أن أدركت بأنّ النائم في السرير هو عدن
عدن يشاطر السرير عاري الجسد مع إمرأة تضاهيه عري

يومها فقدت صوابها
لا ترى سوى سواداً حالكاً أمامها
لا تفكّر سوى بأذيته
بأية طريقة
قتله، خنقه، الدوس عليه تحت قدميها
لا، بل تريد إنتقاماً أكبر، أعظم، شيئ يؤلمه الماً لا مثيل له، الما يفوق طاقته، وهذا ما فعلته به

جثت أرضاً تشهق بمرارة
إنتقمت
إنتقمت من نفسها قبله
وأتتها الصفعة مضاعفة يوم إتصل فيها يزن يخبرها عن حقيقة تلك الصور
يومها أيقنت فضاعة ما إقترفته يداها
فضاعة إنتقامها الذي إرتدّ عليها

« جنّة، هل أنت بخير» نادتها هبة تراها تصارع لإرتشاف الهواء
مجفلة الأخيرة من ظهورها المفاجئ أمامها، فإرتدّت بجسدها تحاول التماسك دون جدوى
لا تريدها أن تشهد على ضعفها ومعاناتها

« يا الله!» هتفت هبة بقلق« ما يحصل معك؟»
« أنا بخير، لا تقلقي، فقط، فقط عادت الي ذكرى أحزنتني» بررت لها تلملم شتات نفسها الممزّقة

« حسناً، إهدئي، تعالي معي» ساندتها تساعدها على الوقوف، قادتها نحو المكتب الصغير المرفق بالصيدلية، قدّمت لها كوباً من الماء تشاهدها تتناوله بأنامل مرتعشة، قرّبته من شفتيها الزرقاوتين ترتشف محتواها بنهم، كأنّها كانت صائمة والظمأ هدّ حيلها.
« كيف أصبحت الآن؟» سألتها تراقبها بتمعن، تشاهد اللون يعود لوجنتيها بخجل.
« الحمدلله، أفضل» تمتمت جنّة تحتضن جسدها بذراعيها، تحاول إحتواء إرتعاشته.
جلست هبة بقربها مكتفية بتقديم دعمها الصامت لبرهة قبل أن نال الفضول منها تسألها.
« إحكي جنّة، أعدك، بأنّك إذ تحدّثتي عن ما يضايقك سترتاحين»
التفتت جنّة ناحيتها تربّت على كفّها برفق هامسة« أنا أحكي وأشكي يومياً، أحكي همومي للذي خلقني، وهل هناك من هو أحن منه علي؟ والحمدلله، حتّى الآن لم يخذلني، أعاد لي والدي بعد أن كنت قد فقدت الأمل نهائياً بعودته، وأنا حالياً بإنتظار رضاه عنّي،.....» غصّت تزدرد ريقها مردفة بنبرة مخنوقة« سيرضى عنّي، سيأتي يوماً ويخبرني بأنّه سامحني وغفر لي زلّتي، بابا طيّب وحنون، وما فعلته صدمه، صدمه لدرجة أنّه تمنى موتي على أن أواجهه بذنبي ذاك، وأنا، » هربت من نظرات هبة المتعاطفة تلعب بطرف ردائها متمتمة« وأنا أشكر، أشكر الله مع كل نفس أملأ فيه رئتي، على نعمته التي أنعمها علي، لأنّه لم يتولاّني بذلك الحادث المروّع، وأعطاني فرصة لأكفّر فيها عن ذنبي»
« وأي ذنب تقترفه فتاة مثلك يا جنّة، فتاة لا يغادر الدعاء لسانها، لا تقطع وقت صلاة، ودائمة الشكر والحمد.»
إبتسمت جنّة بمرارة تقول بتنهيدة طويلة« ذنب القلوب والنفوس الضعيفة، ذنب المشاعر التي يغذيها الشيطان ويزيّنها بالشهوة، فنبرر زلاّتنا بلحظات ضعف لم نعي كيف وصلنا اليها، والحقيقة هي أنّنا دخلنا عرينها بكامل إرادتنا وقوانا العقلية، خطونا خطواتنا الأولى فيه بإقترابنا الشبهات، بقبلة ولمسة وبررنا بأنّنا أقوياء النفوس، ومن المستحيل أن تزلّ قدمنا بذلك الطريق، وفي نهاية المطاف، نعبره بالرّغم من علمنا أن ربّ العباد شاهدٌ وساخطٌ وعقابه آتٍ لا محال»

أنهت جنّة عبارتها بتلمّس أسفل بطنها، تشعر بالخواء،
لقد خسرت وبجدارة
خسرت كل فرص الحياة
خسرت فرصة أن تكون زوجة وأم
وماذا تبقى لديها كأنثى بعد ذلك.

مسحت دموعها لتحل مكانها أخرى تحمد الله على كل حال
وهبة تجمّدت بأرضها مصدومة من كلامها، أفكارها تلعب بكل إتجاه، أيعقل هذا، أيعقل أن تكون هذه الفتاة البريئة التي يشعُ وجهها نوراً صالحاً أن تكون خاطية؟
ولكن، ولكن والدها أتى اليها، كيف يمكن لوالدها أن يعود اليها بعد ما إقترفته من خطيئة؟

بكل تأكيد هناك المزيد على روايتها هذه، المزيد الذي يبدو أنّها ليست مستعدة للإفصاح عنه بعد.

طنّ جرس باب الصيدلية يعلن عن دخول زبون فتركتها لحالها وخرجت اليه.

************************************

جلسوا ثلاثهم في المطعم الصغير بجوار الصيدلية يأكلون بصمت، كلٌّ يفكر بهمّه الجاثم فوق صدره كالصخرة.
جنّة تقضم طعامها بشرود تفكّر بكلام ثائر، عقد قران أختها هديل عند نهاية الأسبوع، لقد تقدّم لخطبتها قريب بعيد من ناحية والدتها، ووالدها وافق على الخطوبة لعدّة أسابيع فقط، وإذ إتفق الزوج على إتمامها فسيتم عقد قرانهما وزواجهما بذات اليوم.

أختها تتزوج من دون حفل بسببها، ومن دونها،
لن تتمكن من رؤيتها وهي عروس أو حتّى من المباركة لها، أو مساعدتها بشراء جهازها وفستان زفافها، لن تقف بقربها وتتقبل التهاني معها.

غصّت تقف من مكانها بهدوء فتبعها كل من ثائر وهبة بنظراتهما القلقة.
« أحتاج لدخول الحمّام» بررت وأولتهم ظهرها تهرول نحوه.
تبعتها هبة بنظراتها الحانية تقول« حالها لا يعجبني ثائر، أراها في بعض الأحيان جيّدة والبعض الآخر حزينة وصامتة بطريقة مثيرة للقلق»

كلامها أقلقه عليها، لا يعلم ماذا عليه أن يفعل لمساعدتها.

عادت هبة بنظرها الى ثائر تتغضّن ملامحها، أولته كامل إهتمامها تسأله«وأنت الآخر، ما الذي يجري معك، أمرك لا يعجبني منذ فترة؟»
رفع ثائر بصره اليها يرمقها بنظرة شاردة لبرهة، إتّكأ على ظهر كرسيّه يقول«أنا بخير، مشغول بالي فقط على جنّة » أجابها يتقصّد عدم ذكر مشاكله العائلية.
رفعت حاجبها ترمقه بريبة، تدرك بأنّه يكذب عليها« ثائر، يبدو أنّك نسيت أيّام كُنْتُ مخزن أسرارك، حين كنت تخبرني عن كل شاردة وواردة بحياتك»

إذ كان هو نسي فهي من المستحيل أن تنسى،
وكيف تنسى يوم إنشطر قلبها لشظايا صغيرة غير قابلة للترميم،
يوم أتاها يخبرها عن مشاعره التي بدأت تنمو إتجاه شابّة من قريتهم،
يطلعها على كل التطورات التي كانت تطرأ على علاقتهما طمعاً بنصيحتها، وهي كالساذجة تنصحه وتخبره بما عليه فعله لإستمالة قلبها،
وقلبها هي كان يموت تدريجياً، تدرك بأنّ الصداقة التي تجمعهما من المستحيل أن تتطور لأكثر من ذلك،
والطامّة الكبرى كمنت بعجزها عن الإنسحاب من حياته،
فإستمرت بكونها صديقته التي يلجأ اليها عند الضرورة
وإستمرّ بكونه حبيبها العاجزة عن تخطي أمره
عاجزة عن إيجاد بديل له
حتّى لو كان بنصف مواصفاته وأخلاقه،
سترضى.
حتّى لو قلبها لم يعشق البديل كما عشقته هو
سترضى.

عاد ثائر لإشغال نفسه بما تبقى من طعامه، شارداً يفكّر بزيارة حماته لمنزله الليلة الفائتة، زيارة فاجأته وبذات الوقت شغلت باله وحيّرته.

« أنت تعلم قدر حبّي وإحترامي لك ثائر» قالت يلحظ توتّرها
« أعلم زوجة عمّي، وصدّقيني، شعورنا متبادل، أنا أحبّك وأحترمك كوالدتي تماماً»
تململت عفاف بجلستها، هاربة من نظراته المترقّبة، تنهّدت مقررة أن تدخل بصلب الموضوع مباشرة، ثائر ذكي وبكل تأكيد لن يخذلها أو يسيئ فهمها.
« أريدك أن تجبر سحر على العودة للمنزل» قذفتها بوجهه تشعر بأنفاسها تنحبس بصدرها
وهو حدّق بها لبرهة ينتظر تبريراً لطلبها، أو لربما ينتظر تأكيداً، إبتسامة جانبية زيّنت ملامحه الوسيمة يقول« تريديني أن أجبر سحر على العودة للمنزل؟»
« نعم، أرجوك، أنا أعلم بأنّها أخطأت، ولم يكن خطئها الأوّل، ولكن، أعدك، أعدك بأنّه سيكون الأخير، أعدها، أعدها وعاقبها كما تشاء هنا بمنزلكما، لا تتركها في منزل والدها لوقت أطول، إنّها تعاني، وهذا الأمر سيكون تأثيره سيئ جداً على الجنين الذي تحمله....»
«ماذا تقصدين؟» هتف يقاطعها عندما أقدمت على ذكر الجنين « هل هناك مشكلة بحملها؟» سألها يتذكر محاولتها الفاشلة بالإجهاض
صمتت عفاف لبرهة متفاجئة من ردّة فعله على صحّة الجنين، فقررت إستغلال هذه النقطة بصالح المهمة التي أتت من أجلها« الجنين بخير» قالت « حتّى الآن»
عقد حاحبيه يترقّب شرحها للوضع
« سحر تقضي نهارها بأكمله في غرفة نومها، تبكي، حزينة، نادراً ما تأكل، نادراً ما تخرج، إنّها تعاني ثائر، وإذ إستمرت على هذا المنوال بكل تأكيد سيؤثر هذا الأمر سلباً على صحّتها وصحّة الجنين»
ترك ثائر أريكته يخلل شعره بأنامله، زفر بضيق يقول بنبرة ضعيفة« هي من جنت على نفسها وإختارت ذلك الدرب»
وقفت عفاف تقترب منه« وندمت، أقسم لك بأنّها نادمة، وما كسر بخاطرها هو أنّك هذه المرّة لم تعيدها، لم تسأل عنها»
إستدار يواجهها« لقد مللت حماتي، مللت من دلالها وتصرّفاتها، مللت من سعيها دائماً خلف والدها، بالرغم من علمها بأنّ هذا الأمر سيغضبني»
« هذه المرّة لم تفعلها أقسم لك» أخبرته بنبرة متوسّلة
« كيف لم تفعلها، حماتي» هتف بحدّة على وشك فقدان صبره فسارعت بالتبرير
« كل ما حصل أنّه عندما إتصل فيها والدها وسألها عن المنحة أخبرته بأنّها صرفت نظر عنها، وعندما سألها عن السبب أجابته لأنّها حامل، ولن تتمكن من السفر وهي بوضعها ذاك، رشدي غضب، غضب منها وبدأ بتأنيبها يتّهمها بأنّها منعدمة المسؤولية، ومهملة، فكيف تسمح لنفسها بأنّ تحمل بهذا الوقت بالتحديد، وإنتهى حديثهما عند ذلك الحد» أخبرته « لقد كنت موجودة حينذاك» صمتت لبرهة تتأكد بأنّها إستحوذت على كامل إنتباهه مردفة«رشدي لم يتقبّل رضوخها، يفكّر بحل يمكّنها من إستغلال منحتها بوضعها ذاك، أنت تعلم، سحر إبنتنا الوحيدة، إنجبناها بعد محاولات لا تعد ولا تحصى، ولهذا السبب رشدي متعلّق بها جداً، ولكنّه بكل أسف يرى وجهاً واحد لعملته، الوجه المتّجه ناحيته، والوجه الآخر لا يعنيه، وهو حقيقة أنّ سحر لم تعد مسؤوليته، أنه بعد زواجها أضحى لديها وبيتاً وعائلة منفصلة عنه، ومن ناحية ثانية خوف سحر على مشاعره، خوفها من أن تغضبه فيعاديها، ولهذا الأمر هي الآن واقعة بين نارين» أمسكت بساعده تستجدي تفهّمه « لقد حضر الى هنا من نفسه، وإقترح ما إقترحه من قرارة نفسه، وسحر كانت مجرّد راضخ تتوسّل بصمت أن تمر تلك المواجهة على خير، ولكنها بكل أسف إنتهت بكارثة»

ليلتها غادرت حماته على أمل أن يفعل ما فيه الصواب لعائلته،
وهو قضى الليل بطوله يفكّر بكلامها،
يفكّر بالتوأم
يفكر بالطفل القادم
يفكر بسحر
يفكر بزواجه، بعائلته،

رنّين هاتفه بجعبته، أخرجه من دوّامة أفكاره
فإنتشله يجيب « السلام عليكم عدن ما الأخبار»
« وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته» ردّ السلام يسأله« أين أنت بالتحديد؟»
« أنا بمطعم أبو فراس، لماذا تسأل؟» أجابه قبل أن يفكر بعاقبة إجابته
« لقد مررت بالصيدلية التي تعمل فيها، فأخبرني مساعدك أنّك بالمدينة، ولكنّه لا يعرف أين أنت بالتحديد» شرح له عدن يردف« آه، هذا هو، لم يكن صعباً الوصول اليك»
إنتفض ثائر عن مقعده يتلفّت حوله بذعر، يشاهد جنّة قادمة من جهة الحمّام، التفت ناحية الباب يرى عدن ينزل من السيّارة، ويدخل الى المطعم الصغير ذات الواجهة الزجاجية التي تكشف محتويات المطعم بأكمله.
« ماذا هناك؟» سألت هبة تلحظ إنخطاف لون ثائر تتغضّن ملامحه.
وصلت جنّة الى الطاولة في ذات اللحظة التي فتح فيها عدن باب المطعم ودخله يفتّش عنه بين الزبائن المعدودين.

noor elhuda likes this.

امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 11:12 PM   #54

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

لسلام عليكم ورحمة
لقاء مؤثر بين جنة ووالدها
لقد سامحها....ويريد اعادتها الى حياتة من جديد
اعتقد ان خطة ثائر تقتضي ب زواج عدن من جنة
وعودتهما معا....
وسوف يبرر والدها للناس انة غضب منها بسبب
وقوفها مع عدن ....
لقاء جنة مع عدن فى هذا الوقت سوف يشكل
صدمة لها...ولة أيضا...
تسلم ايدك على الفصل المؤثر
❤❤❤❤❤❤


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-19, 08:16 PM   #55

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

جنّة عدن
الفصل العاشر

وصلت جنّة الى الطاولة في ذات اللحظة التي فتح فيها عدن باب المطعم ودخله يفتّش عن ثائر بين الزبائن المعدودين.

وصلت جنّة الى الطاولة تلحظ توتر الأجواء من حولها، ثائر شاحب الملامح وكأنّه رأي شبحاً، حدّق بها لبرهة متوسّع العينين ومن ثم إستدار يوليها ظهره وهو يخاطب أحدهم عبر الهاتف.
تبعت نظر ثائر نحو المدخل تشاهد عدن داخل
عدن، هتف قلبها قبل لسانها
متسمّرة بأرضها
عاجزة عن الحراك
مخطوفة الأنفاس
تشعر بقلبها ينبض بكل أنحاء جسدها

شعره وذقنه أطول من المعتاد
نحافته واضحة الملامح
بوجهه الذي يسكنه الألم والحزن
بجسده الذي يبدو غارقاً بثيابه
بمشيته الحانية كأنّه يحمل جبلاً فوق كتفيه
بنظراته المنصبّة على ثائر ولا أحد غيره
كأنّ العالم بأكمله ما عاد يعنيه

« جنّة..» همست هبة تقف قبالتها، تحجبها عن عدن
دفعتها برفق كي تبتعد عن الطاولة، فسارت معها مسيّرة، مغيّبة، روحها تلهف لقربه وعقلها يؤنّبها على مشاعرها التي تدافعت نحو السفح لحظة رأته.
قادتها بعيداً، ولكن ليس ببعيدٍ، إذ المطعم بطوله وعرضه لا يتعدى حجم غرفة صغيرة، قادتها نحو الخلف، سعياً للإختلاء بالحمّام الوحيد الموجود، ولكنّ خطتها باءت بالفشل عندما سبقتهما واحدة اليه، فإختلت بها عند طاولة، تقع خلف عامودٍ صغير، تنتظر لريثما يخرج ثائر به ويفسح لهن المجال للمغادرة.
وصل عدن الى ثائر يولي كامل إهتمامه لأخيه، دون أن يعر بقية الزبائن حتّى بنظرة عابرة.

وصل اليه يجلس عند أوّل كرسي صادفه، جلس عاجز عن الهمود، قدمه تهتز بعصبية، دون أن يملك الإرادة لإيقافها.
بسط كفّه فوق ركبته يضغط عليها بقوّة، يجبرها على التوقف.
« ماذا يجري معك؟» سأله ثائر قلقاً على حال أخيه
« لست بخير» أجابه عدن يمسح على صفحة وجهه« لست بخير ثائر، يبدو أنّي على وشك فقدان عقلي، لا، بل أنا أفقد عقلي»

« إهدأ، إستعيذ من الشيطان وأخبرني ماذا حصل؟» سأله ثائر بنبرة قلقة، إذ يبدو له أنّه على حافّة الإنهيار، ذكّره بحالته خلال الأشهر الأولى من إنتكاسته، ماذا جرى له الآن كي يعود الى نقطة الصفر« هل عدت للشرب، إيّاك عدن» قال ثائر بنبرة مؤنّبة فسارع عدن بالنفي« لا، لا، أعوذ بالله، ما هذا السؤال ثائر»
« حسناً، قل ما عندك، لقد أقلقتني»
صمت عدن لبرهة، يلملم شتات نفسه المبعثرة، أخذ نفساً عميقاً وقال بنبرة مهتزة« منذ يومين، كان، كان عيد ميلاد جنّة»
تغضّنت ملامح ثائر يؤنّب نفسه على هذه السهوة، ولكنّه لم يقاطعه يترقّب ما عنده وعدن تابع« ليلتها، قررت، قررت» قال يفرك كفيه ببعضهما مردفاً« كنت منهاراً تماماً، بكيت وحزنت وعاتبت نفسي، وغضبت، ولكنّي عدت وهدأت مقرراً أن أستغل تلك الليلة بشيئ ينفعها لآخرتها، ففتحت القرآن الكريم ووهبت تلاوته لروحها، شغلت نفسي بترتيله طوال الليل»
صمت لبرهة يستعيد أنفاسه، وثائر غصّ يشعر بقلبه يغوص بأعماقه، رمق ظهر جنّة خلف العامود بحسرة، إنّها تسمعه، إنّها قريبة منه لدرجة بإمكانها أن تسمع كل كلمة يقولها عدن.
تنشّق عدن دموعه مردفاً« يبدو، يبدو أنّي غفوت قبل طلوع الفجر بقليل، وعندها، حلمت بها، إنّها، إنّها المرّة الأولى التي أحلم بها حلماً بهذا الوضوح، كأنّه حقيقة، لقد، لقد كانت جالسة وسط سرير أبيض، بياضه ناصع لدرجة يبدو أن النور يشع منه» أخبره عدن يرفع ذراعيه بالهواء كأنّه يحمل شيئاً ما بهما، حدّق بذراعيه تشرق إبتسامته الغارقة بدموعه يقول بنبرة مرتعشة« لقد، لقد كانت تحمل طفلاً بين ذراعيها، طفلاً يرتدي أبيضاً، كانت تداعبه وتهدهد له كي ينام، وعندما رأتني رفعت وجهها الي تقول بإبتسامة واسعة« أنظر اليه، إنّه يشبهك تماماً» إعتليت السرير وإقتربت منهما، ألقي نظرة الى إبني وإذ بصوت بكاء طفل آخر يخترق مسمعي، فنظرت بقربها من الجهة الثانية، وإذ هناك طفل آخر، فحملته بين ذراعي كي لا يوقظ أخيه النائم،» ضمّ ذراعيه الى صدره يردف« ضممته الى صدري أتنشق رائحة الطفولة فيه» رفع بصره الغائم الى أخيه الذي يحاكيه بنظراته الغائمة يقول«لقد، لقد إستيقظت وأنا أبكي، كانت دموعي تسبح بمقلتي، ووجنتي رطبتان، وقلبي يبكي معي، ومن ليلتها، وأنا أشعر بالخواء، أشعر بروحي تتعذّب، أشعر بأنّي يوم خسرت جنّة، لم أخسرها وحدها، لقد خسرت طفليَّ معها، أنا أتألم ثائر» أخبره يقبض على صدره « أنا فقدت زوجتي وطفليَّ، فقدت عائلتي، ولا أعلم كيف سأخرج من محنتي هذه»

وخلف العامود كانت منهارة تماماً، منهارة حدّ أنّها عجزت عن كتم شهقاتها، تبكي بلوعة لم تبكيها من قبل، تشعر بتمزّقات روحها التي كانت تتماثل للشفاء تتملّع من جديد، بقلبها يتناثر الي جزيئات وجزيئات، إنتفضت من مرقدها، عاجزة عن الصمت أكثر، عاجزة عن السكوت أكثر.
ومن دون أن تعي ماذا تفعل ذهبت اليه، كان في تلك الأثناء ثائر قد ترك مكانه وإقترب منه لمواساته، وصلت الى الطاولة في ذات اللحظة التي إستدار فيها عدن لمواجهتها، وكأنّه شعر بها، أو كأنّ أحداً ما ناداه من ذالك الإتجاه فإستدار لتفقده، وهناك وقف الإثنان قبالة بعضهما،
عدن عاقداً حاجبيه يمسح ما فاض من دموعه علّ رؤيته تتوضح ويتخلّص من هلوساته تلك.
وهي تبكي وتشهق بمرارة، كفّها مبسوطة أسفل بطنها، حاقدة عليه، فكيف به يحلم بأطفالها دونها، كيف به يحملهما بين ذراعيه ويتنشق رائحتهما الطفولية ويسمع بكائهما، ويرى ملامحهما، وهي لا، وهي لن تحضى بهذه الفرصة أبداً.

وردّة فعلها أتت على شكل صفعة رنّت في الأرجاء، صفعته هاتفة به بنبرة ممزقة خرجت من صميم قلبها الجريح« أنا أكرهك» هتفت بوجهه الجامد الملامح كحجر من الجرانيت، شاحب وفاقد للتعابير.
« أكرهك عدن عقيل، وأكره كل ذكرى تربطني بك، أكرهك لأنّي لطالما إعتبرتك سندي وأماني ومستقبلي، ولكنّك خذلتني وقهرتني ودمّرتني بالمقابل، ضعف نفسك وتهاونك حوّلاك الى شيطان مارد إستهلك كل ما هو جميل بحياتي وحوّلها الى جحيم مستعر أتلوّى بجحيمه ليلاً نهار، أكرهك لأنّك لم تتوانى عن أذيّتي والتخلّي عنّي وأنا بأكثر الأوقات حاجة لك، فبدل أن تكون سندي، كنت اليد التي بطشت بي ولوّثت سمعتي وعنفواني، بسببك خسرت كل شيئ، خسرت عائلتي ونفسي وأحلامي، أكرهك عدن، وأكثر من كرهي لك، هو كرهي لنفسي التي تهاونت معك، وسمحت لك بإيصالها الى هذا الحال»
وسكتت تصرخ أعماقها بصمت
وأكرهك لأنّي حتّى هذه اللحظة، ما أزال أعيش صراعاً بين قلبي وعقلي،
بين أن أغرز سكيناً بصدرك، أو أرتمي بحضنك وأزرع قبلاتي على جميع جراحك النازفة.
أكرهك، شعور يغتالني فجأة ويتخلّى عنّي فجأة
وأعشقك، شعورٌ يسكن بكياني ويرفض مبارحة مكانه.
أكرهك وعلى قدر كرهي لك، أعشقك.

إهتزت ساقي عدن تعجزان عن حمله، فسانده ثائر يشعر بجسده ينتفض تحت قبضته« بإسم الله، بإسم الله ولا حولة ولا قوّة الاّ بالله» هتف به يحاول إجباره على الجلوس على المقعد.
«هبة» هتف بها« خذي جنّة من هنا»
أجلسه يناوله كوب ماء، وعندما وجده عاجز عن التحكّم بأعضائه قرّب الكوب من فمه يساعده على إرتشافه« بهدوء، بإسم الله، بهدوء» لقّنه يراه يغص بالمياه، جبينه يتصبّب عرق، مقلتيه هائمتين.
ما هي الاّ برهة حتّى إنتفض من مرقده وركض ناحية الحمّام يتعثّر بمشيته الى أن وصل الى وجهته، فتبعه ثائر يغلق الباب خلفه.
إستند عدن على حافتي الحوض يتقيّأ، وثائر إكتفى بفرك بين كتفيه بصمت.
« جنّة ما تزال على قيد الحياة، غضب عمّي منها ومن فعلتكما الشنيعة وصلت حد أن يتخلّى عنها وهي بالمستشفى تنازع بين الحياة والموت، وأعلن وفاتها في القرية» حاول ثائر أن يبرر يواصل فرك ظهر أخيه العاجز عن التماسك، تقاوم معدته معاناته على طريقتها التقليدية، جسده يتصلب وينتفض ويرتعش، ثمّ يتكرر الأمر من جديد، مع محاولة لمعدته بلفظ محتوياتها.
« وأنا، وأنا، وقتها كنت غاضب منك، فلم أصحح اللغط الذي حصل، كنت حائراً بأمري، وجدت نفسي وحدي، وعلي الإهتمام بك وبجنّة وبكل من حولي، وعندما تأخرت بإيجادك بعد ذلك اليوم المشؤوم، قررت أن أخبّئ عنك الحقيقة، لريثما تستعيد قواك وعزيمتك، وتصبح قادراً على تقبّلها بكل مساوئها وقبائحها، أقسم لك، لم يكن القرار سهلاً، ولكنّي كنت مجبراً عليه»
دفعه عدن بذراعه، وإستدار يواجهه، الغضب يعمي بصيرته، وكل ما يجول بفكره هو كم الألم والحزن الذي عانى منه خلال الأشهر السابقة، كمّ الدموع التي ذرفها، وجلد النفس الذي واضب عليه، ظنّاً منه أنّها فارقت الحياة دون رجعة، أنّه خسر فرصته بطلب الغفران وإصلاح ما فات،
وفي نهاية الأمر يكتشف بأنّها ما تزال على قيد الحياة!
فها هو، من صدمته، عاجز عن بلورة ماهية شعوره،
عاجز عن الشعور بالفرحة بالرغّم من أنّه الشعور الموجب لهذه المعجزة التي كان يحلم ليلاً نهاراً بحدوثها،
يتوسّل الله بعد كل قيام ليل أن يستيقظ ويكتشف بأنّ كل ما فات مجرّد كابوس وإنتهى.
وها هو، ربّه حقق له هذه المعجزة!
جنّة ما تزال على قيد الحياة، جنّة عادت للحياة.
شبك أنامله بخصال شعره يجذبه بعنف، تختفي مقلتيه بمحجرهما، يشعر بألم فضيع بجمجمته، بقلبه، بروحه، بكيانه،
جنّة تكرهه،
جنّة تحقد عليه،
جنّة لا ترغب برؤيته أو التواصل معه على الإطلاق!
جنّة على قيد الحياة!
جنّة تتعذّب، حزينة، وحيدة، الجميع تخلّى عنها بسببه.
آهة طويلة غادرت حنجرته، تحمل بين طيّاتها الماً عظيماً عجز صدره عن تحمّله، جثى أرضاً صريع معاناته ومأساته.
غطّى جهه بكفيه، يبكي ويشهق كطفل صغير،
يبكي بلوعة وحرقة.

غامت مقلتي ثائر عاجز عن كبت دموعه أكثر، ولكنه أجبر نفسه على التحلّي بالقوّة من أجل دعم أخيه، رفعه عن الأرض وخرج به الحمّام، إتصل بوالده يخبره بأنّه قادم به الى المنزل، فالوقت قد حان لإستعادة فلذة كبده،
إذ هو الآن بأمس الحاجة لغفران والديه،
وكل ما يتوجّب عليهم فعله، هو تقديم الحضن والحنان، توفير الأمان، ودعمه كي يخرج من محنته بسلام.

تسارع الأمور بهذه الطريقة ليست من مصلحة الطرفين، عدن ما يزال ليس مستعداً لمواجهة الحقيقة كاملة، وجنّة ما تزال ليست مستعدة للغفران.

ولكن بكل أسف، ما عاد هناك مجال لإخفاء الأمر أكثر، على كلاهما تحمّل مسؤولية أفعالهما ومواجهة العالم من جديد، وإذ لم يكن من أجلهما، فاليكن من أجل عائلتيهما، اللتين بالرغم من كل ما حصل ما تزالان متمسكتان بهما، وعلى أتم إستعداد لفعل المستحيل من أجل إعادة الأمور الى نصابها،
وبكل أسف، الواقع يقول أنّه من المستحيل أن تعود الأمور كما كانت، الاّ أن العودة ستملأ الفراغ الذي خلّفاه، ومع الوقت سيأخذان شكل وحجم القالب من جديد.

**********************************************

«الى أين أنت ذاهب بي ؟» سأله بعد حين، يتلفّت حول نفسه بضياع.
« سآخذك الى المنزل، والداي بإنتظارك هناك» أخبره ثائر يقود السيّارة بحذر.
« لا، لا يمكنني أن أعود الى القرية بهيئتي هذه » هتف بحدّة « خذني الى جنّة، أنا بحاجة لأن أتكلم معها، هي بحاجة لأن تعلم بأنّي تغيرت، بأنّي ندمت وما عدت عدن ذاك الضائع والمستهتر» طلب منه لا يتحمّل فكرة أنّها تكرهه الى هذا الحد، يشعر برأسه على وشك الإنفجار من كثرة التفكير والألم.
« لا، لا يمكنك أن ترى جنّة، لقد كانت واضحة معك، هي لا تريد رؤيتك، ومن الأفضل لك أن تنصاع لرغبتها في الوقت الحالي»
« أوقف السيّارة الآن» هدر به يلكم صندوق السيارة، « الآن»
زفر ثائر بضيق، أعطى إشارة الى اليمين، وأوقف السيارة على عارضة الطريق.
« ما الذي يحصل لكم جميعاً» صرخ به بقهر« كيف يدفنها عمّي ويقيم لها جنازة وهي ما تزال على قيد الحياة؟ كيف سوّلت لكم أنفسكم بفعل هذا بنا؟ ولماذا، لماذا؟» صرخ يواصل لكم صندوق السيّارة بهيستيرية.
« إهدأ، وحّد الله وأفسح لي المجال بإخبارك بكل شيئ» صاح ثائر يطالبه بإستعادة رباط جأشه.

فتح عدن باب السيّارة ونزل منه، فرش الأرض بأثار قدميه ذهاباً وإيّاباً قبالة السيّارة، عاجز عن الهمود، عاجز عن السيطرة على أعصابه وغضبه، وإهتياج مشاعره،
عاد وإتّكأ على هيكل السيّارة الأمامي، يحاول تهدئة وتيرة أنفاسه المنفعلة، يوحّد الله ويصلي على الرسول، علّ عبير تلك الكلمات يرسلون الطمأنينة بقلبه.
إنتظر ثائر حتّى هدأ وتبعه، وقف بجواره يحاكي وقفته، يتأمّل المساحات الزراعية أمامه.
« أنت آخر شخص كنت أتوقع منه الخيانة» قال عدن يمسح على صفحة وجهه، تنشّق دموعه يحاول لملمة شتات نفسه« أنت من شهد على معاناتي، من شهد على مأساتي» التفت اليه ينتظر التفاتته وعندما فعل أردف بغصّة،
« كيف طاوعك ضميرك وقلبك على فعل ذلك بي ثائر، كيف؟»
« لأنّ الوقت لم يكن مناسباً لكما للإلتقاء، لأنّي قررت أن أجعلك تعتبر، تندم، تشعر بعظمة ما إقترفته يداك، جنّة في تلك الفترة كانت أقرب للموت منها للحياة، بقيت تحت رحمة غيبوبة كاملة لفترة أربعين يوماً وليلة، جنّة خسرت الكثير بذلك الحادث، وأنت» صمت يرمقه بنظرة معتذرة مسبقاً وأردف« أنت كنت بعالم ثاني، وجودك قربها كان سيزيد من تأزّم حالتها ووضعها»
« هذا ليس بسبب مقنع، كان يمكنك أن تخبرني بأنّها ما تزال على قيد الحياة ولكنها لا ترغب برؤيتي، بدل أن تتركني أتعذّب وأتلوّى بأحزاني وأنت تشاهد بصمت» بصق بالكلمات يدفعه من صدره، يشعر بالغل ينغل بجوفه، لا يجد كلام أخيه مقنعاً قيد أنملة.
« لقد كنت مدمناً وسكيراً، كنت غارقاً بقذوراتك، ما كنت أبداً لأخبرك بأنّها ما تزال على قيد الحياة، أبداً، كان يجب عليك أن تثبت لي أوّلاً أنّك أهلاً لتلك الحقيقة، أن أراك تخرج من محنتك، تعود لذاتك من أجل ذاتك، وليس من أجل أحد آخر، كنت بحاجة لأن أرى البرهان بنفسي، بأنّك أصبحت ذلك الرجل الذي تحتاجه جنّة، ذلك السند والحامي، وليس عدن الضعيف النفس، الذي سمح لحقير مثل أمان أن يدمّر حياته وحياة عائلتين بأكملهما، إذ في نهاية المطاف كنت أنت مفتاح تلك المصائب التي حدثت بحياتنا، ولو لم تعد الى صراطك المستقيم، كنت سأجعلك تعيش بذنب جنّة الى يوم مماتك»
« توقّف، توقّف» صاح عدن يدفعه من جديد، فأمسك ثائر بذراعيه يمنع ضرباته الواهنة عن صدره يردف بحسرة « بكل أسف يا أخي العزيز، أنت ما زلت لم ترتقي لمواصفاة ذلك الرجل»
إهتزّت مقلتي عدن يتصلّب فكه، جزّ على أسنانه بحرج، يتذكر كلام جنّة القاسي، إذ ما يزال صداهم يتردد بأعماقه كالخناجر، ثائر محق، وماذا يملك هو الآن لتقديمه لها؟
لا شيئ!
فهو الآن بالنسبة اليها مجرّد ذكريات مؤلمة ترغب بالتخلّص منها بأي ثمن.
« لماذا إدعيتم موتها، لماذا أقمتم لها جنازة ودفنتوها بقبر لديه شاهد بإسمها؟» سأله لا يفهم سبب هذه النقطة بالذات « ما الذي دفعكم لفعل ذلك؟»
هرب ثائر من نظراته المرهقة، يمسّد لحيته بأنامله، عاد اليه يرمقه بنظرة حانية يقول« يكفيك ما عرفته من حقائق للآن، دعني أخذك الى المنزل وبإمكاننا أن نتحدّث بتلك الأسباب لاحقاً»
أخبره يدعو بسرّه أن يُسقط الموضوع، إذ يكفيه ما عرفه للآن، تلك الحقائق المتبقية ستهد حيله نهائياً.
« لن أبارح مكاني لأعرف الحقيقة كاملة، تكلّم الآن» صاح به بنزق
أولاه ثائر ظهره يهرب منه، رفع رأسه نحو السماء يدعوه لنجدته، يدعوه لزرع بقلب أخيه الصغير، الصبر والرضى بالمكتوب.
«ثائر»
«جنّة كانت حامل»
شهقة مخنوقة هربت من بين شفتي عدن
إستدار يواجهه من جديد مردفاً« لهذا السبب ذهبتْ خلفك الى العاصمة، كي تستنجد بك لتتدارك الفضيحة، وبكل أسف، عمّي علم بأمر حملها في المستشفى»
إهتز بدن عدن، تغلي دمائه بعروقه، كوّر قبضته وعض عليها يحاول كبت صوت أنين روحه الممزقة،
يا ويلتك يا عدن!
يا ويلتك!
وثائر تابع هجماته، يريد أن ينتهي من هذه القصّة نهائياً«عندما أعلمنا الطبيب بأنّها، بأنّها فقدت الجنين وفقدت كلية من كليتيها، وفقدت رحمها»
إختلَّ توازن عدن، فجثى على ركبتيه باسطاً كفيه فوق التراب« يا رب، يا رب، يا رب » راح لسانه يستجدي ربّه، علّه يخفف عنه وطأت تلك المصائب التي تقع عليه كالواقعة
إنّها تكرهه
وكيف يلومها على كرهه وهو نفسه يكره نفسه
« أنا السبب، أنا السبب، لقد ذهبت الي، وبدل أن أُنجدها، وجدتني غارقاً بثمالتي مغيّباً، أنا، أنا سلّمتها بنفسي لأمان الملعون، جنّة لن تغفر لي، لن تغفر لي أبداً»
جثى ثائر بقربه يربّت على كتفه برفق« جنّة الآن ليست مستعدة للغفران يا أخي، ولكنّي متأكد بأنّ الوقت سيحين لمناقشة الأمور بينكما يوماً ما، يوم تخمد النيران ويبرد الغضب، عندها ستفسح لك المجال لطلب الغفران»
هزّ برأسه « وهل ستغفر؟» سأله بترقّب، يريده أن يطمئنه ويقول نعم.
تغضّنت ملامح ثائر، لا يعرف بماذا يجيبه، إذ لا يريده أن يتأمّل وبنهاية المطاف جنّة لا تمنحه الغفران أبداً« لا أريدك أن تفكّر بهذا الأمر الآن، جل ما أريده منك حالياً هو التخرّج، ومن ثمّ إيجاد عمل يليق بك وبشهادتك، بناء حياتك على الصراط المستقيم، الإثبات لنفسك قبل الجميع بأنّك تغيّرت، ولم تعد ذلك العدن، ومن ثمّ أمر جنّة سيأتي عندما يحين موعده، دع المسكينة لحالها الآن، دعها تطبطب جراحها وتخرج من محنتها أوّلاً...»
« كيف تطلب منّي أن أتخلّى عنها وهي بتلك الحالة؟ أنا السبب بحالتها ومعاناتها، وأنا من يجب عليه أن يطبطب جراحها ويخفف عنها الآمها»
« أنت لا تتخلّى عنها، أنت فقط تنتظر الوقت المناسب، تماماً كالولادة يا أخي، لا يمكن للمرأة أن تلد طفلاً معافى وبصحة جيّدة قبل الأوان، وإذ إستعجلنا عليها، فإمّا سيولد الطفل مريضاً وضعيفاً، وإمّا ميّتاً من الأصل»
« لن تغفر لي» عاد يكرر على ذكر الولادة والأطفال، يفكّر بحالها، لقد فقدت طفلهما، فقدت رحمها وكليتها، جنّة فقدت الكثير، وبكل أسف ما فقدته لا يعوّض بأي طريقة أو ثمن.

******************************************

« هل أنت بخير؟» سألتها هبة تريد أن تُخرجها من حالة الصمت التي تعاني منها منذ ساعات، هادئة صامتة، وكأنّها واقعة تحت تأثير صدمة.
التفتت اليها جنّة تتأمّلها لبرهة قبل أن ومأت برأسها تقول « لقد أذيته، إنّه يتعذّب وأنا زدّت من عذابه» التوت شفّتها تقاوم الإستسلام لنوبة بكاء هامسة « وأنا أتعذّب، أتعذّب لأنّه أذاني وبشدّة»
« ولكنّك عاجزة عن كرهه اليس كذلك؟» سألتها
« بل أكرهه، أنا أكرهه» هتفت بحدّة« ولكنّي، ولكنّي عاجزة عن التوقف عن حبّه » أخبرتها بغصّة تغيم مقلتيها بالدموع « إنّه جحيمي ونعيمي، إبتساماتي وأحزاني، يستوطن كل ذكرياتي، وإذ كنت أرغب بنسيانه فعلي أن أنسى نفسي أوّلاً»
نبرة صوتها ممزقة
وعينيها ذابلتين
وملامحها شاحبة
إنّها تعاني
بقدر ما هو يعاني
ولكنّهما كالجبلين المتوازيين، من المستحيل أن يجتمعا الاّ بمعجزة من الله.

جذبتها الى صدرها تواسيها فضمّتها جنّة تفرغ مشاعرها المتضاربة فوق كتفها، ترجو رحمةً من الله.

**********************************

عاد الى منزله آخر الليل،
منهك الجسد والروح
رمى هاتفه ومفاتيح سيّارته على الطاولة وباشر بخلع ثيابه
لقد رفض عدن بالبقاء في القرية
أتى معه الى القرية، سلّم على العائلة وأخذ رضى والديه ومن ثمّ أوصله بنفسه الى العاصمة، بالرغّم من أنّه لم يحبّذ الفكرة، الاّ أنّه رضغ لإلحاحه وتركه على راحته.

تنهّد بإرهاق، يفكّر بذالك اللقاء
الذي حصل بالوقت الخطأ كليّاً، الاّ أن معرفة عدن بأمر جنّة، كان كالحمل الذي إنزلق عن ظهره وأفسح المجال لرئتيه بإستعادة بعضٍ من أنفاسه المسلوبة.

رنّ هاتفه فعاد اليه يتفقد المتصل بهذا الوقت المتأخر من الليل،
إنّها حماته
فتح الخط يجيب
« الو»
« ثائر، إلحق سحر، نحن ذاهبين بها الى المستشفى» هتفت بنبرة مذعورة يسمع صوت عمّه بالخلفية، غاضباً ويطلب منها أن تغلق الخط.
« ماذا حصل؟»
« لا أدري، إنّها تشعر بألم حاد أسفل بطنها ووجدت بعض الدماء على ثيابها الداخلية، إنّها خائفة ثائر، إتبعنا أرجوك الى المستشفى(.....)»
ومن دون إضافات، أغلق الهاتف، إنتشل مفاتيح سيّارته، وعاد نحو ثيابه التي كان ينتزعها عنه منذ لحظات، أعاد إرتدائهم، وخرج على وجه السرعة.

********************************

وصل الى المستشفى والف خاطرة تجول بفكره،
يستغفر ربّه ويستعيذ من الشيطان
لا يريد أن يظلمها بظنونه
وصل الى قسم الطوارئ يسأل عنها فدلّوه على مكانها.
وهناك وجد حمويه ينتظران أمام باب الغرفة.
« ثائر بني، لقد أتيت» هتفت عفاف وكأنّها كانت خائفة من أن لا يفعل
وعمّه قلب مقلتيه كأنّه لم يعجبه حضوره ولكنّه آثر الصمت.
« كيف حالها؟» سأل ثائر
« لا نعلم بعد، فالطبيب الذي يعاينها ما يزال معها في الداخل»
« إن شاء الله خير» قال يمسح على صفحة وجهه بإرهاق« ماذا حصل معها بالتحديد؟»
التفتت عفاف الى زوجها الذي شذرها بنظرة محذّرة وإبتعد يدّعي بأنّه يهاتف أحد وثائر رمقه بضيق لا يصدّق جبروته.
« ماذا حدث حماتي؟»
« لقد نبّهتك ثائر، أخبرتك بأنّ حالتها النفسية المتدهورة ستؤثر سلباً على حملها ولكنّك تجاهلت رجائي»
« أنا لم أتجاهل زيارتك حماتي، ولكنّي إنشغلت ببعض الأمور العائلية، فلم أملك وقتاً للتفكير بما يتوجّب عليّ فعله»
« وما هي تلك الأمور العائلية التي تفوق أهميةً من مسألة زوجتك وأطفالك؟» سألته بنبرة يشوبها الخيبة، حزينة على حالهما معاً.
هرب ثائر من نظرات حماته المعاتبة يشعر بالخزي،
لقد إنشغل بعدن وجنّة ونسي أن لديه مشاكل عائلية عليه أن يتداركها قبل فوات الأوان، ولا يعد للصلح بينهما مكان.

خرج الطبيب في هذه الأثناء، فسارع ثلاثهم اليه يسألون عن وضعها.
« إطمئنوا إنّها بخير، بإمكانكم الدخول اليها والإطمئنان على حالها» قال الطبيب يوجّه سؤاله الى ثائر مباشرة « هل حضرتك زوجها؟»
« نعم، زوجها»
« إبنتي تعيش حالياً معنا، هي وزوجها منفصلين» سارع رشدي بالقول مستنكراً طلب الطبيب بالإنفراد بثائر كي يناقش معه حال إبنتهم.

توتّرت ملامح الطبيب يجول بنظره المضطرب بين الثلاث يقول« أعتذر، ولكن بحالتها الصحيّة تلك، فإن المسألة تخص الزوجين فقط لا غير، وأعتذر، ولكن بحسب ما فهمته أنّها ما تزال زوجته والجنين الذي تحمله يكون طفله وعلى هذا الأساس، أنا أرغب بالتحدّث اليه على إنفراد»
« أنا أرفض أن تناقش وضع إبنتي بغيابي، وإذ لم تقل ما عندك الآن وحالاً وبحضوري، سأسعى لمقاضاتك قانونياً.»
زفر ثائر نفساً طويلاً، يحاول أن يتماسك ولا يثور عليه ويفتعل فضيحة وقال«قل ما عندك أيّها الطبيب، دعه يسمع ما لديك»

ومأ الطبيب يقول« وضع حملها حرج، وكل ما تعانيه من تشنّجات والآم وحتّى النزيف، كل هذا حصل بسبب الإجهاد النفسي والتوتر والحالة النفسية السيئة التي تمر فيها» التفت الى رشدي يخصّه بنظرة مقصودة يقول« ولهذا الأمر، أنصحكم بحل المشاكل العالقة بينكم ومحاولة إخراجها من حالتها تلك، خاصّة أنّها بمرحلة متقدمة من الحمل، وبكل أسف إذ خسرت الجنين لأي سبب، هذا الأمر سيخلّف مضاعفات مستديمة» عاد بإنتباهه الى ثائر يضيف« لقد وصفت لها بعض الأدوية التي تحتاجها، وعليها أن تأخذ حذرها بالحركة والمشي، أنصحها بأنّ تنام لفترة أسبوع على ظهرها وإذ إستمرت التشنّجات والنزيف، أعدها للمعاينة في الحال»

قال ما عنده وغادر، فسارع رشدي بالدخول على إبنته، وثائر قرر التريّث لبعض الوقت قبل أن يتبعه، يفكّر بأنّ الوقت قد حان لوضع حدٍّ لكل ما يحصل،

طرق الباب وفتحه يدخل الغرفة الصغيرة، فوجد نفسه بمواجهة سحر مباشرة، مستلقية فوق السرير القابع قبالة الباب مباشرة.
توترت ملامحها تنكمش على نفسها لحظة رأته، عضّت على شفّتها تحاول مواراة غبطتها لرؤيته.
لقد أتى، لقد سارع الى هنا لرؤيتها، للإطمئنان على حالها.
عبست تتغضّن ملامحها، أم يا ترى، سارع للإطمئنان على حال الجنين؟
غامت مقلتيها بالدمع تلتفت لوالدها، تراه يراقبها عن كثب، يترقّب كل حركة تقوم بها.
فهربت منه الى والدتها التي ربّتت على كفّها تبتسم لها إبتسامة مطمئنة تقول« لقد نسينا أن نسأل الطبيب إذ يمكنك العودة الى المنزل الليلة، سنذهب لنسأله» قالت تجذب ذراع زوجها تدفعه أمامها خارج الغرفة فتذمر« إذهبي وإسأليه أنت، لا يمكننا أن نترك سحر وحدها»
« إنّها ليست وحدها، بل مع زوجها» شذرته تدفعه أمامها خارج الباب وأغلقت الباب خلفها.

عمّ الصمت المتوتر أرجاء الغرفة الصغيرة، سحر تراقبه بإشتياق وعتاب، إذ الأشهر السابقة كانت الأسوأ على الإطلاق، إكتشفت خلالهم مدى عمق مشاعرها لثائر، وبأنّ حياتها لا تساوي شيئاً من دونه، بأنّ شهادتها وعلمها لم يكونوا بيوم من الأيام مصدر سعادتها.

لطالما كان ثائر هو الأساس بحياتها، ولكنّها كانت غافلة عن تلك الحقيقة، تلهت خلف سراب وضعه والدها بعقلها، الشهادة التي كانت تسعى للحصول عليها لم تكن بيوم من الأيام حلمها أو هدفها، بل كانت حلم والدها وهي لم تقوى على عدم تحقيقها له، إذ لطالما كان والدها سندها ومشجعها وداعمها، ولطالما أرادت أن تسعده وتقدم له شيئاً بالمقابل.
أمّا الآن، فجل ما ترغب به وتريده، هو العودة الى كنف زوجها، العودة الى حضنه، تريد إستعادة عائلتها وأمانها وإستقرارها.

« كيف تشعرين الآن؟» سألها لحظة وصل اليها
تبعته بنظراتها المشتاقة، تتأمّل ملامحه المرهقة، لانَ قلبها لهيئته تتوق للمس وجنته ومواساته، ولكنّها إكتفت بالإيماء تجيبه بنبرة ضعيفة« بخير، أنا وإبنتك بخير»
عقد حاجبيه غافلاً عن مقصدها، تبع كفّها المبسوط فوق بطنها المكوّرة يسمعها تقول بنبرة حانية« إنّها فتاة، لقد أخبرني الطبيب بأنّها فتاة»
ومأ يجتاح صدره مشاعراً متزاحمةً عقدت لسانه لبرهة قبل أن لملم شتات نفسه وتنحنح يقول « الحمدلله على سلامتكما أنت وإبنتي»
قرّب المقعد من سريرها وجلس عليه، مسح صفحة وجهه يتنهّد بعمق، ومن ثمّ عاد ووقف يجول الغرفة ذهاباً وإيّاباً عدّة مرات قبل أن عاد ووقف قبالتها يقول
« من دون مقدمات سحر، أنا تعبت من كل ما يحصل بحياتنا، تعبت من تدخلات والدك بكل شاردة وواردة بحياتنا، وتعبت من رضوخك الدائم له بالرغم من يقينك بأنّ هذا الأمر خطأ، وبأنّ رضوخك هذا يدمّر علاقتنا وعندما يطفح كيل صبري سيدمر عائلتنا، أنا أخيّرك سحر، فكّري جيّداً، لأنّ عودتك هذه المرّة ستكون مختلفة عن المرّات السابقة، هذه المرّة هناك شروط عليك أن تتبعيها والاّ بكل أسف لن يصلح شأن حياتنا إذ إستمرينا على هذا المنوال »
أنهى حديثه بالتزامن مع علو صوت شهقاتها، تبكي بمرارة، حضنت نفسها تحاول مواساتها تقول« أنت، أنت ما عدت تحبّني، لقد، لقد تركتني لأشهر بمنزل بابا، بينما كنت سابقاً لا ترضى لي بالبقاء لليلة واحدة فقط»
هزّ برأسه يستنكر حالها، يفكّر بأن الوضع لن يكون سهلاً أبداً، إلتوت شفّته بإبتسامة ساخرة يقول« وأنت، لو كنت تحبيني كمّا تدّعين، لما كنت سمحتي لوالدك بإخراجك من المنزل بتلك الطريقة ومن دون سبب مقنع، الحب لا يمكنه أن يستمر من جهة واحدة سحر، الحب هو أخذ وعطاء، وعندما تتوقفين عن إعطائي، سأمتنع أنا كذلك الأمر عن إعطائك، وخاصّة عندما يصل الأمر بك وبوالدك، بمس كرامتي.»
« لقد أخطأت، أعترف» قالت
« حسناً، هذا جيّد، على الأقل إعترافك هذا فتح باباً للنقاش والإصلاح» أخبرها وعاد يجلس على الكرسي، مردفاً« حسناً، هل ستعودين الى المنزل معي؟»
ومأت تمسح دموعها« نعم، سأعود» أخبرته تتوشّح ملامحها بحمرة قانية، رسمت شبح إبتسامة على شفتيه.
« وإذ غادرتي مرّة آخرى لن أعيدك سحر، هل فهمتي؟» نبّهها
« توقّف عن قسوتك معي، الآ يكفيك ما فعلته معي، تركتني ببيت والدي لأربعة أشهر وأنا أنتظر قدومك لإعادتي» قالت بين شهقاتها.
« أتمنّى أن تكوني قد تعلّمتي درسك جيّداً، لأنّه لو تكرر الأمر لن يكون هناك عودة أبداً سحر»

دخل في هذه الأثناء والديها.
« لقد سمح لك الطبيب بالمغادرة حالاً» قالت والدتها ترمق ثائر برجاء
إقترب والدها قلقاً من دموعها الغزيرة يرمق ثائر بغضب على وشك مهاجمته فسارعت سحر بالقول« بابا، لقد أتى ثائر لإعادتي للمنزل»
أمارات الصدمة بدت واضحة على ملامح والدها، يرمق ثائر بضيق، فسارعت عفاف بالقول« حقاً، يا له من قرار حكيم، هذا أفضل خبر سمعته بحياتي»
« سحر لن تعود معه الى أي مكان» هتف رشدي بحدّة
« لا تنسى يا عمّي بأنّها ما تزال زوجتي، ولا يحق لك بتقرير مصيرها، خاصّة إذ كانت هي تريد العودة»
« سحر لا تريد العودة» قال يسألها« اليس كذلك يا حبيبتي؟»

جالت سحر بنظراتها المضطربة بين والديها وزوجها، لا تعلم ماذا عليها أن تفعل.
من جهة خائفة من غضب والدها، ومن جهة ثانية لقد حفظت الدرس جيّداً، إذ لم تثبت لثائر بأنّها لن ترضخ لوالدها مرّة أخرى، لن يثق بها أبداً.

« إنّها فرصتك الأخيرة سحر، أحسني الإختيار، فكرّي بأولادك قبل أن تفكري بنفسك، لأنّي أقسم لك، لن أعطيك فرصة أخرى» هددها يرى التردد بعينيها.

تنشّقت دموعها، خائفة من خطوتها التالية، شبكت أناملها فوق بطنها المكوّرة تقول بنبرة متهدّجة« بابا، أنا، أنا أحبك كثيراً، أرجوك لا تغضب منّي، ولكنّي بحاجة لزوجي وعائلتي، أنا لم أكن سعيدة بعيداً عنه، وما عدت قادرة على إخفاء حزني أكثر»
« وهل كنت حزينة في بيت والدك؟» سألها رشدي بنبرة مصدومة
رفعت بصرها الغائم اليه تومئ له « لقد كنت أحاول أن أخفي الأمر عنك كي لا تغضب منّي، ولكنّي كنت تعيسة جداً، كنت أتمزّق حزناً» التفتت الى ثائر تخصّه بنظرة تفيض بعاطفتها مردفة« أنا، أنا أحب ثائر، ولا أريد الإنفصال عنه» ومن ثمّ عادت لوالدها تستجدي تفهّمه «أرجوك، فأنا سأبقي إبنتك وحبيبتك، حتّى لو كان عندي بيتي وعائلتي الخاصّة، هذا الأمر لن يلغي دورك بحياتي، أرجوك كف عن محاولة إعادتي الى حضنك عبر نزعي من بين أحضان زوجي، أرجوك بابا»
تهاوى رشدي فوق المقعد يشعر بأنّ الأرض تنهار من تحته، لطالما ظنّها تعيسة مع زوجها، وها هو يكتشف بأنّها كانت تعيسة بمنزله،
وهو من كان يسعى جاهداً لإسعادها، وتأمين الأفضل لها، ليكتشف لاحقاً بأنّه كان مصدر تعاستها.
« هل أنت واثقة من قرارك يا إبنتي؟» سألها لا يريد أن يزيد من معاناتها، يتذكّر تحذيرات الطبيب.
« نعم، أنا أريد العودة الى ثائر، ولا أريد السفر الى أمريكا لنيل شهادة الدكتوراه، أنا أكتفي بشهاداتي التي أملكها، وعلى كل حال لن أملك الوقت حالياً لممارسة مهنة طب الأسنان، إذ قريباً سأكون والدة لثلاث أطفال، بيتي وزوجي وأطفالي هم بالنسبة لي أهم من أي شيئ في الوقت الحالي»

حدّق بها ثائر بذهول، لا يصدّق بأنّ هذا الكلام يصدر منها، بأنّها وأخيراً قررت وضع حدٍّ لوالدها، وبذات الوقت حافظت على علاقتها الحميدة معه.
إبتسم يتنفّس الصعداء، وأخيراً نضجت زوجته وفهمت دورها كزوجة وأم وربّة منزل، يبدو أن خلافهما الأخير لقّنها درساً قيّماً، أدركت خلاله أهميّة عائلتها، وإستنتجت أولويات حياتها.

(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ...)

noor elhuda likes this.

امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-19, 11:24 PM   #56

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفصل حميل
سعدت بلم شمل ثائر وزوجته... واتمنى من هبة ان تجد انسان
صالح وطيب وتنسى مشاعرها نحو ثائر...
ومن الطبيعي ان تكره جنة عدن الان وان تاخد وقت طويل لتسامح نفسها اولا....وتتعالج....

في انتظار القادم باذن الله تحياتي.


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 13-10-19, 12:54 AM   #57

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفصل حميل
سعدت بلم شمل ثائر وزوجته... واتمنى من هبة ان تجد انسان
صالح وطيب وتنسى مشاعرها نحو ثائر...
ومن الطبيعي ان تكره جنة عدن الان وان تاخد وقت طويل لتسامح نفسها اولا....وتتعالج....

في انتظار القادم باذن الله تحياتي.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأنا سعدت أكثر بتعليقك
وبأنّ أحداث الفصل نالت إعجابك
لك منّي أطيب تحية


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-19, 05:06 AM   #58

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم متابعيني الكرام
أعتذر هذا الثلاثاء عن الفصل
إن شاء الله سنستأنف النشر مع الفصل الحادي عشر السبت القادم


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-19, 10:38 AM   #59

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
ولا يهمك حبيبتى
بإنتظارك ❤❤


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-19, 11:25 PM   #60

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع سعيدة بلم شمل عائلة ثائر وبلقاء جنة وعدن منتظرة الفصل القادم واللقاء الثاني لجنة وعدن هل يتصفح عنه ام لا

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.