آخر 10 مشاركات
125 - الضوء الهارب - جينيث موراي (الكاتـب : حبة رمان - )           »          عندما يعشقون صغاراً (2) *مميزة و مكتملة *.. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          73 - شاطئ الجمر - سالي وينتوورث (الكاتـب : فرح - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          أحلام بعيــــــدة (11) للكاتبة الرائعة: بيان *كامله & مميزة* (الكاتـب : بيدا - )           »          فَرَاشة أَعلَى الفُرقَاطَة (1) .. سلسلة الفرقاطة * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          1026 - مؤامرة قاسية - هيلين بروكس - د.ن (الكاتـب : pink moon - )           »          عشق مطعم بالمُر -قلوب أحلام زائرة -للكاتبة::يمنى عبد المنعم*مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree12Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-10-19, 08:27 PM   #81

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حب عمريي مشاهدة المشاركة
حبيبي الرواية اكتر من روعة ..متألقة يا أمل ومبدعة سواء واقعي او فانتازيا .. موفقةدايما .
الله يسلمك يا رب
أسعدني حضورك 🌹


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-19, 08:29 PM   #82

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رانيا توباز مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حين قررت أن ألقي نظرة على الرواية . لم اتصور اني ساقرؤ جميع الفصول التي نزلت متتالية ، لكني حقيقة لم أشعر بنفسي وانا اقرأ. لغتك جميلة و سردك سلس لا يترك للملل مكانا، كما أن حبكة الرواية وسير الاحداث رائع ، سيكون من المشوق المتابعة معك واتمنى أن تغوصي اكثر في الفصول القادمة في شخصيات واحاسيس يزن و جنة . متابعة معك باذن الله تحياتي
أهلاً بك متابعة عزيزتي
أسعدني رأيك جداً بالرواية
وبإنتظار رأيك ببقية الفصول الي بكل أسف أصبحنا على نهايتها
ولكن إن شاء الله ستكون فصول ملمة بالأحداث وتفتقر للثغرات
🌹🌹🌹


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-19, 08:31 PM   #83

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصص من وحي الاعضاء مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تمييز الرواية وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها اسلوبا وطرحاً

الف مبروك ونتمنى لك دوام التميز ونرجو أن يعجبك الغلاف الاهداء من احدى مصممات فريق وحي الاعضاء





اشراف وحي الاعضاء





شكرا لكل أفراد وطاقم إشراف منتدى روايتي
شكرا للدعم والتمييز
لكم مني أطيب تحية
وشكرا لفاتي ، على الغلاف الرائع 🌹🌹🌹


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-19, 08:35 PM   #84

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميرا سلام مشاهدة المشاركة
اولا ريتو الف الف الف مبروك عالتميز ياعمري تستاهلي واكتر ❤
كتير حبيت الفصل وتحمست لاعرف شو نهايتهم مع اني زعلانة انهاحتخلص😪
ليش حاسة انو ام عدن حتتبرع برحمها لجنة🤔
سوري ياعمري بالنادر لافتح المنتدى واعلق دايما عالفيس بقرا الفصول اللي بتنزل😘
الله يبارك فيك يا رب
شكرا لك لتعليقك ودعمك
😘😘😘
حبّي 💕


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-19, 12:32 AM   #85

Gigi.E Omar

نجم روايتي و راوي القلوب وكنز سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية Gigi.E Omar

? العضوٌ??? » 418631
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 3,166
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Gigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك carton
?? ??? ~
لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين 💙 لا تتنازل عن مبادئك و إن كنت و حدك تفعلها ✋️
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

عدن هيتبرع بكليته لجنة و ينقذها ...
بس بيتفق على ايه مع امه ؟؟؟
جنة لما تفوق ممكن يرجعه لبعض تاني و يسامحوا بعض ؟!

تسلم ايدك على الفصل يا قمري 😍😘
و في انتظار الفصل الاخير 😍💕


Gigi.E Omar غير متواجد حالياً  
التوقيع
" و استغفروا ربكم "
رد مع اقتباس
قديم 24-10-19, 06:40 AM   #86

منو6

? العضوٌ??? » 404248
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 508
?  نُقآطِيْ » منو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وايه جميله هاديه هادفه احييك عليها وتستانلين التميز عليها
فعلا الاباء احيانا ومن شدة قهرهم من الابناء قد يتطرفون في معاملتهم ويقسون اذا لم يجدوهم على الطريق الذي تمنوه وهذا من شدة حبهم لهم وليس شيء اخر
عدن اخطأ وحاد عن الطريق ولكن الحمد لله عاد لطريق الحق
ولكني استغرب من تكرار ان ج اخطأت وأذنبت ووالدها يعتبر انها اذنبت ذنب لا يُغتفر وانا ارى انها لم ترتكب ذنب فهي وان خالفت الاعراف والتقاليد بان سلمت نفسها لزوجها قبل حفلة الزفاف ولكنه في النهاية معقود عليها بعقد زواج شرعي صحيح وحتى عندما فضحته هي اخطأت ولكنها في النهايه بشر وقد تحملت رؤية عدن وهو يضيع كثيرا وتسترت عليه ولكن على قولتهم فاض بها
كاتبتنا الجميله موفقه وشكرا على روايتك الجميله


منو6 متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-19, 06:56 AM   #87

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منو6 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وايه جميله هاديه هادفه احييك عليها وتستانلين التميز عليها
فعلا الاباء احيانا ومن شدة قهرهم من الابناء قد يتطرفون في معاملتهم ويقسون اذا لم يجدوهم على الطريق الذي تمنوه وهذا من شدة حبهم لهم وليس شيء اخر
عدن اخطأ وحاد عن الطريق ولكن الحمد لله عاد لطريق الحق
ولكني استغرب من تكرار ان ج اخطأت وأذنبت ووالدها يعتبر انها اذنبت ذنب لا يُغتفر وانا ارى انها لم ترتكب ذنب فهي وان خالفت الاعراف والتقاليد بان سلمت نفسها لزوجها قبل حفلة الزفاف ولكنه في النهاية معقود عليها بعقد زواج شرعي صحيح وحتى عندما فضحته هي اخطأت ولكنها في النهايه بشر وقد تحملت رؤية عدن وهو يضيع كثيرا وتسترت عليه ولكن على قولتهم فاض بها
كاتبتنا الجميله موفقه وشكرا على روايتك الجميله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أوّلاً بشكرك على تعليقك ومتابعتك
وثانياً راح جاوب على تساؤلاتك بحسب وجهة نظري أكيد
غلط جنّة كان عندما تسللت من المنزل بعد صلاة العشاء وسافرت على العاصمة بدون علم والدها
والغلط الثاني كان تواجدها بسيارة رجل غريب سيئ السمعة
والغلط الثالث صدمة والدها عندما علم بحملها
كل هذه الأمور لعبت دوراً في قرار والدها بالتخلي عنها في ذلك الوقت
والدها خاب أمله ببنته ، الي شاف منها تصرف مخل بنظره كأب
إنّه وثق فيها وبالنهاية خانت ثقته بذلك الشكل
وثالثاً سمعة عدن الي مرغت بالطين ، وبتجي هي لاحقته على العاصمة
فراح فكره للناس، شو بدها تقول بعد المصيبة الي وقعت على راسه
في بعض الأحيان الناس بتعمل حساب للعادات والتقاليد قبل الحلال والحرام بكل أسف


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-19, 06:57 AM   #88

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة gigi.e omar مشاهدة المشاركة
عدن هيتبرع بكليته لجنة و ينقذها ...
بس بيتفق على ايه مع امه ؟؟؟
جنة لما تفوق ممكن يرجعه لبعض تاني و يسامحوا بعض ؟!

تسلم ايدك على الفصل يا قمري 😍😘
و في انتظار الفصل الاخير 😍💕
جيجي الأمورة
تركتلك تعليق بالجروب
وما حبيت مرّق تعليقك هان بدون تعليق ☺☺
لك مني أطيب تحية


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-19, 07:53 PM   #89

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

جنّة عدن

الفصل الثالث عشر والأخير

بعد أربعة سنوات

وقفت أمام المرآة تجفف شعرها، شاردة بفكرها، حالها كحال كل يوم بعد عودتها من المتجر برفقة والدها.
لا تحب وقت العودة
لا تحب الوحدة
لا تحب عندما يجن عليها الليل وتجلس وحدها في غرفتها القديمة التي تحمل في كل زاوية منها ذكرى من ذكرياتها السابقة.

عندما تكون غارقة بعملها، لا تجد وقتاً للتفكير والعودة الى حجرات ذكرياتها التي ترافقها في كل مكان، تترقّب لحظة تضعف فيها فترسو على سفح أفكارها سعياً لإشغار تفكيرها.
أثناء فترات العمل، تجيد إلجام ذكرياتها ببراعة
أمّا عندما تختلي بنفسها، تضعف كليّاً أمامها، فتستلقي فوق السرير وتستعيدها ذكرى ذكرى، منها ما يرسم إبتسامات فوق محياها، ومنها ما يتسبّب بتساقط دموعها، ومنها ما يسرق من صدرها تنهيدات طويلة، ومنها ما يحث لسانها على الإستغفار والتسبيح والحمد والشكر.

جفلت تعود للحظة عندما أتاها صوت هدير من أسفل السلالم تصيح بها، «هيّا يا جنّة، سيؤذّن المؤذّن بأيّة لحظة، أنا جائعة جداً، ولن أنتظر حضرتك كي تنتهي من الإغتسال »
فصاحت بها من الأعلى« لقد طلبت منكما أنت وأبي أن لا تنتظراني»
قلبت هدير مقلتيها تتصنّع غيرة طفولية« يا قرّة عين أبيك، الآ تعرفينه، إنّه يرفض أن نأكل قبل قدومك»

إبتسمت جنّة على ذكر أبيها الحبيب، فردت شعرها وسرّحته على عجل
تحمد الله وتشكره على نعمه الذي فاض عليها بها، بحيث أن مجرى حياتها تبدّل جذرياً من بعد إستيقاظها من أثر الجراحة التي أجروها لها منذ أربعة أعوام مضوا.

لقد حصل الكثير خلال الأربع سنوات التي مضت،
وبالرغم من أن العودة لم تكن سهلة على جميع الأطراف في بادئ الأمر، الاّ أنّها تمكنت من أن تستعيد مكانتها وتفرض إحترام الناس لها، بعد أن برهنت للجميع دون إستثناء، أنّها أهلٌ للفرصة الثانية التي مُنِحت لها،
بأنّها تستحقها وبجدارة،
وستستغلّها بالرغم من كل ظروفها القاهرة،
حتّى لو تغيّر الحلم والهدف والرفيق،
ستحيا من جديد،
ولن تسمح لأي عقبة أن تقف بطريق فرصتها الثانية التي منحها إيّاها الله.

عادت الى الكليّة وأكملت دراستها، ونالت شهادة في التجارة وإدارة الأعمال، بهدف أن تمسك الأعمال المكتبية والحسابية لمتجرهم الذي إفتتحوه مؤخراً بالمدينة المجاورة لقريتهم، بحيث أنّ والدها إنفصل عن عمّها وفتح متجره الخاص بتجارة المفروشات .
نعم، لقد تخلّت عن حلمها بأن تصبح مهندسة، وتعمل مع عدن بذات المهنة.

عدن تخرّج من كليّة الهندسة وسافر بحال سبيله وهي بدّلت حلمها علّ ذلك يمنحها بعض السكينة، فترحمها ذكريات الماضي من إجتياح أفكارها واللعب على أوتار قلبها ومشاعرها.

تنهّدت بحرارة تسمع صوت المؤذن يعلن عن وقت الفطور فهتفت بأختها تسرع نحو الأسفل.
« ها أنا أتيت »
قالت تجلس الى الطاولة، تعبق رائحة الطعام بأنفها، فأصدرت معدتها صوتاً محرجاً.
ضحكت هدير تعلّق « دائماً تكونين الأكثر جوعاً بيننا والأخيرة الحاضرة الى طاولة الطعام.»
« دعي أختك وشأنها هدير » علّق عماد بإقتضاب يسكب الطعام بطبقه
عبست هدير تتذمر« أنت دائماً تدافع عنها، بحق وغير حق »
« وهل غرتي يا عزيزتي» علّقت جنّة تمد لها لسانها.
« نعم، فعلت» ما لبثت أن قالت ذلك، حتّى كانت بين أحضان والدها، لثم أعلى رأسها يقول« لا يحق لك يا هدير، فإذ كانت هي عيني اليمنى فأنت عيني اليسرى، وحبي لك لا يقل عن حبّي لها»
مطّت شفتيها غير راضية تقول بمكر« أين أنت يا هديل، كي تسمعي بابا» ضحك عماد يقول« أيّتها المحتالة، والمثيرة للمشاكل، جامحة منذ طفولتك أيّتها الفتاة، أنا أشفق على الذي ستكونين من نصيبه منذ الآن»
فضمّت نفسها تضحك بخجل وجنّة وافقت والدها على كلامه تختم عليه بالشمع الأحمر.

تطاولت أذرعة الصمت لفترة طويلة يعكر صفوها أصوات الملاعق لحظة تتصادم مع الأطباق، يستغل كلٌ منهم تلك اللحظات غارقاً بتفكيره الخاص، إنّه رابع رمضان يقضونه وحدهم، يفطرون بالمنزل دون بيت عمّها،
إذ بالماضي، كانوا دائماً يفطرون بحديقة المنزل سوياً، كلٌّ يحضر الأطباق التي جهزّها ويجتمعون على طاولة الفطور، يصلّون المغرب جماعة، يتشاركون الطعام، ومن ثمّ يصلون العشاء والتروايح جماعة كذلك الأمر.
أمّا خلال السنوات الأربع الأخيرة، أضحت إجتمعاتهم رسمية، لا يلتقون سوى بدعوات مخصصة لا تتكرر كثيراً، وحتى الأجواء تبدلت، أضحت أكثر كآبة وصمت، كلٌّ يحمل همّه بداخله ولا يجرؤ على البوح به.

رفعت بصرها ناحية والدها عندما شعرت به ينظر ناحيتها بتوتر، كأنّه يصارع نفسه ما بين قول ما عنده، أو عدم قوله.
ولكنّه في نهاية المطاف وضع الملعقة قرب صحنه يتنحنح قائلاً« جنّة »
« نعم أبي» أجابته يقفز قلبها من مكانه، تشعر بأنّ والدها يهم بقول شيئ سيثير إضطراب سكينة هذا المنزل.
« ما رأيك، ما رأيك أن ننتقل للعيش بالمدينة المجاورة، بإمكاننا أن نستأجر منزلاً قرب المتجر، هكذا نوفر علينا عناء رحلاتنا المتكررة التي نقوم فيها يومياً منه واليه؟»
صمتت تلحظ تجهّم ملامح هدير التي لم يعجبها الأمر إطلاقاً« هل أنت تسأل رأي جنّة فقط، أم أنا لي رأي كذلك الأمر» سألت بنبرة مهتزة « أنا لا أريد أن أترك منزلنا هنا، أصدقائي وذكريات طفولتي كلهم هنا، أنا أرفض هذه الفكرة تماماً»
قالت تقف من مكانها بغضب فهتف بها عماد« إجلسي هدير، ونعم، أنا لا آخذ رأيك، أنا سألت أختك وأنتظر إجابتها هي»
جزّت هدير على أسنانها تقضم لسانها بغيظ، عادت وجلست تتوسْل جنّة بنظراتها المستجدية، إذ كان القرار لها فالترفض.
حامت جنّة بنظراتها المضطربة بين والدها وأختها، إنّها تفهم أسباب والدها بالإنتقال.
ولكن وضعهم المادي لا يسمح، ما يزال عملهم جديد، بالكاد يغطي مصاريف أجرة المحل ودفعات قرض البنك والمصاريف المنزلية وجامعة هدير.

والدها يشعر بالذنب حيال عدن
عدن
الغائب منذ أربع سنوات
المهاجر
الذي إختار الرحيل عن البلد من أجلها
فقط كي يفسح لها المجال بإستعادة أنفاسها

ولكن لكل شيئ أوان
ولا بدّ له من العودة
بل، حان وقت عودته
فأمّه ووالده وأخوه وأخته إشتاقوه
وما عادوا يحتملون فراقه وبعاده

وهي تعلم بأنّه لا يعود، لأجلها
لا يريد أن يفرض وجوده عليها
وهي
بكل خبث صامتة
بالرغم من تلميحات والدته وأخته
تدّعي البلاهة
تجبن
لا تجد الجرأة على إخبارهم بأنّها لا تمانع بعودته
لأنّها بكل بساطة،
خائفة من مواجهته

لا تعلم كيف ستستقبل رؤيته

ولكنّها لا تستطيع أن تستمر بالهرب
والدها يستحق أن يسترجع أخيه
أن تعود المياه الى مجاريها بينهم

بيت عمّها يستحقون أن تعود السكينة والفرحة الى حياتهم
عدن يستحق أن يعود الى كنف عائلته


خاصّة بعد كل ما فعلوه من أجلها
إبتداءً بثائر وإنتهاءً بزوجة عمّها الطيّبة
التي منحتها هدية ثمينة
منحتها الحياة من جديد
أهدتها رحمها الثمين

نزلت بكفّها تبسطه أسفل بطنها
تشعر بقيمة النّعمة التي لا تقدر بثمن على الإطلاق، نعمة فقدتها ومن ثمّ عادت وإستعادتها بمعجزة الاهية خالصة.
تنهّدت تشعر بالسكينة والراحة تغمرها

إنّها تحمل بين أحشائها الرحم الذي حمل عدن لتسعة أشهر طوال
وسيكون الرحم الذي ستحمل فيه أطفالها في حال رزقها الله وتزوجت

رفعت كفّها نحو خاصرتها، تتغضن ملامحها، تشعر بألم وهمي يغزو أوصالها،
المٌ بالرغم من زواله الاّ أنّ ذكراه ترفض مفارقة جسدها.
يتوهّم لها في بعض الأحيان أنّه حقيقة حاضرة

عدن هو الآخر أهداها كلية من كليتيه
أنقذها من موت محتّم
بحيث شاءت القدرة الإلاهية أن تتطابق أنسجتها مع أنسجته هو فقط من أفراد العائلة،

لقد علمت بعد أن تعافت من العملية
أنّه حتّى لو تطابقت مع غيره
ما كان ليقبل أن يكون المتبرّع أحد غيره

عدن تبرّع لها بكليته وغادر المستشفى بعد شفائه، دون أن تراه

وإقتراح عملية نقل رحم والدته وزرعه لها، كان صادراً منه،
إذ سعى جاهداً لتحقيق تلك المعجزة،
تواصل مع أمهر الأطباء عالمياً، وسأل شيوخ الفقه والعلم
عن حكم زرع الرحم، قلقاً من إختلاط الأنساب
فكان الرد بأنّ حكمه حكم زرع أي عضو آخر بالجسد، ولكن بشرط أن يكون من إمرأة ما تزال على قيد الحياة، بحيث أن الرحم يعد مجرّد وعاء يحتضن الجنين،
والأساس يعود للمبيضين في حال لم يتم إستئصالهما من المتلقي.
عندها تواصل مع الدكتور حدّاد، يستفسر عن ملابسات العملية التي أجراها لها، وعندما أخبره بأنّ المبيضين ما يزالان سالمين وموجدين عند جنّة، عرض عليه فكرة تلك العملية الجراحية المعقدة، التي لم يتم إجرائها سوى مرتين بالعالم العربي، ومرّات قليلة جداً بالعالم أجمع، بنسبة نجاح ضئيلة جدّاً، ولكنّ بالرغم من ذاك، أصرّ عدن على إجرائها لها، بعون الطبيب حدّاد الذي أبدى إستعداداً تامّاً للقيام بها بأقل تكاليف ممكنة.

والحمدلله، نجحت الجراحة وبإمتياز.

وبعون الله ومشيئته
عدن أعاد اليها الحياة
وزوجة عمها أعادت اليها رمز أنوثتها
وثائر لم يتخلّى عنها بأي مرحلة من مراحل حياتها

والآن هي مدينة لهم جميعاً، إذ لولاهم من بعد رحمة الله لكان مصيرها الهلاك،
روحياً وجسدياً ومعنوياً

« لا بابا، أنا لا أرغب بمغادرة منزلنا الذي ولدنا وترعرنا فيه، وأرجوك ، أطلب من بيت عمّي أن يستقبلوا زيارة عدن هذه المرّة بالمنزل»
بهتت ملامح عماد متفاجأً من كلام إبنته فهربت بنظراتها منه تشغل نفسها بالطبق أمامها.
« هل كنت تعلمين؟» سألها بغصّة
ومأت له تقول « نعم، كنت أعلم في كل مرّة كان يزور فيها البلاد، كنت أرى الحزن والحسرة بعينين بيت عمي وأصمت» قالت تغص هي الأخرى

لقد بدا ذلك واضحاً لها، عندما كانوا ينزلون الى العاصمة بكامل إستعداداتهم، الفرحة واللهفة تغمرهم جميعاً، يغيبون لأيّام معدودة ومن ثمّ يعودون بهيئة مناقضة تماماً، الحزن والحسرة تغمرهم،
والصمت
لقد كانت تعلم بأنّهم ذهبون لرؤية عدن الذي عاد الى البلاد بزيارة قصيرة، فكانوا يتّفقون على اللقاء في مكان حيادي، يفرحون برؤية إبنهم ومن ثمّ يعود كلٌّ منهم الى حياته وأشغاله، محمّلاً بأعباء الحياة وذكريات الماضي التي ترفض مفارقتهم جميعاً دون إستثناء.

لقد حان موعد زيارته السنوية، ويبدو أن والدها مثلها، يشعر بالذنب، ولا يريد أن يكونان هو وإبنته السبب ببعاد عدن عن منزله وقريته لأكثر من ذلك .

« أخبرهم بابا، بأنّنا نرّحب بعودته الى المنزل، وبأنّ الأمر لن يضايقنا أو يؤثر على علاقتنا، عدن ...» وصمتت تزدرد بلعابها تشعر بقلبها ينتفض من مجرّد إهتزاز حروف إسمه على لسانها مردفة« عدن يستحق هو الآخر أن يعود الى منزله أثناء زياراته للبلد، إنّنا في رمضان، شهر الخير والبركة والغفران، وأعتقد بأنّ الوقت قد حان بابا كي تعود المياه الى مجاريها بين العائلتين. »
ومأ عماد يتذكّر تلميحات أخيه، الذي ما إنفك منذ أكثر من شهر عن ذكر عدن، وحالة عدن، وبأنّ والدته تشتاق اليه، وبأنّهم إكتفوا من فراقه، وهو آثر الصمت، لا يعلم كيف عليه أن يتصرّف، أو ماذا يقول، يفكّر بأنّ القرار في نهاية المطاف، هو قرار جنّة.
« أنا أريد راحتك فقط، لا أريدك أن تجبري نفسك على رؤيته، لا أريدك أن تحزني»
إبتسمت له، يراود عينها الدمع، لا تريده أن يشعر بأنّه يجبرها على شيئ، لا تريده أن يشعر بالذنب
يكفي

لقد حان وقت المواجهة التي مهما حاولت تأخيرها،
ستأتي لا محال

******************************************

اليوم أوّل نهار جمعة بشهر رمضان الفضيل

سابقاً، كان نهار الجمعة كنهار العيد للعائلتين، إذ كانوا يجتمعون ويحضّرون الفطور سويّاً، يصلّون ويتسامرون حتّى صلاة العشاء والتراويح حيث كان عدن دائماً هو الذي يؤم بهم جميعاً ويجود عليهم بترتيله لبعض أيات القرآن الكريم.

أمّا الآن، فنهار الجمعة لا يختلف عن بقية الأيّام، سوى بأنّه اليوم الوحيد الذي يتم فيه إغلاق المتجر، وبصلاة الجمعة التي يصلونها بالجامع، فقط لا غير.

إخترق أسماعها أصوات همهمات قادمة من الحديقة، فتحت عينيها بتكاسل تتمدد بجسدها، تثاءبت تتوسد ذراعيها، تراقب سقف غرفتها بشرود.

اليوم سيعود عدن الى القرية، ولا بدّ أن بيت عمّها منشغلون بالتجهيز لإستقباله.

لقد وعدت والدها بأنّ عودته لن تتسبب بإضطراب سكينتها السطحية.
نعم، إذ لا أحد منهم يعلم بأنّ أعماقها ما تزال صاخبة بكل ذكريات الماضي التي تأبى أن ترحمها.

عدن
وهل مرّ عليها يومٌ لم تفكّر به، أو لم يجتاح صحوتها ذكرى من ذكرياتهما؟

كيف لا يحصل؟
وكل شيئ من حولها يذكّرها به

حتّى وسادتها وأغطيتها وغرفتها لم يأبى الاّ وترك أثره المستديم عليهم
نخرت تضحك
حتّى جسدها
ترك أثره المستديم عليه

إنتزع جزءٌ منه وزرعه فيها
الى هذه الدرجة عدن يحتل جزءً منها
روحاً وجسداً وكيانا

طرقٌ طفيف أخرجها من دوّامة ذكرياتها
رفعت رأسها عن وسادتها تقول « تفضّل»
فتحت هدير الباب تقول بتوتر « زوجة عمّي في الأسفل، تريد رؤيتك»
إستقامت جنّة بجلستها تسألها« زوجة عمّي، هل أخبرتك عن حاجتها؟»
« لا، لم تفعل» ردّت عليها تفسح لها المجال بالمرور من جوارها « ولكنّي أظن بأنّها تريد التأكد منك عن مسألة.....» وصمتت، إذ حتّى بعد مرور كل تلك السنوات، ما يزال إسم عدن لا يلفظ داخل المنزل، كأنّه قنبلة موقوتة وستنفجر بمجرّد ذكر إسمه.

حسناً، سأدخل الحمام وأغسل وجهي، جالسيها لريثما أنزل اليها.

********************************

إنتقلت عاليا للجلوس بجوار جنّة، إبتسمت لها إبتسامة حانية تقول بنبرة مرتبكة ومترددة.

« أريدك، أريدك اليوم أن تحضري مع ووالدك وأختك للفطور معنا بالحديقة» أمسكت كفّها تضغط عليه برفق مردفة بنبرة متهدّجة« الله وحده العالم بقدر معزّتك عندي يا جنّة، منذ صغرك وأنا لا أراك سوى عيني الثانية التي أرى فيها سعادة عدن، أرجوك، دعينا نلم شمّ العائلة من جديد، دعينا نعود كسابق عهدنا، نطهي سوياً ونأكل سوياً، ونصلي جماعة خلف رجال العائلة، ونحتوي بعضنا»
قالت جملتها الأخيرة بغصّة، وجنّة غامت مقلتيها تذرف دموعاً صامتة، نعم، إنّها تتمنى ومن صميم أعماقها، لو أن تلك الأيام تعود،

ولكنّ!
كيف ستعود؟
والقلوب قد تبدل حالها
والأرواح فقدت وهجها
البراءة تلوّثت
والحب تصدّعت جدران أمانه

وعاليا تابعت بنبرة متهدّجة« أرجوك، أنا لا أطلب منك أن تعودي الى عدن، أنا أطلب منك أن تعودي الى حضن عائلتك، الينا، أن تشجعي والدك على العودة الى كنف أخيه الوحيد، دعينا نعود كالسابق، عائلة واحدة ، يجمعها كل شيئ ولا يفرقها أي شيئ .»
صمتت عاليا لبرهة تراقب دموع جنّة بحنان، ربّتت على كتفها تردف « أنا أعلم بأنّ المرّة الأولى ستكون صعبة، ستجدين نفسك تجبرينها على التواصل والإبتسام ، ستشعرين بأنّك فقط بحاجة للهرب والإختلاء بنفسك، ولكنّي أعدك، بأنّ حالتك تلك لن تدوم، ومن بعد ذلك ستعتادين.»
أشاحت جنّة بنظرها عنها، تتنشق دموعها السخية، تفكّر بوالدها الحبيب، الذي ترك العالم كلّه من أجلها، لقد كان نهار الجمعة هو اليوم المحبب لقلبه، بحيث كانت العائلتين تجتمعان سوياً من الفطور الى العشاء.

يكفي هذا الفراق الذي دام لخمسة سنوات،
نعم
لقد حان وقت العودة وإعادة جمع شمل العائلتين
حتّى لو كان هذا الأمر سيكون على حساب مشاعرها الخاصة

اليوم ستجتمع العائلتين كالسابق
اليوم سترى عدن لأوّل مرّة بعد أربع سنوات غياب

اليوم الله وحده العالم ما يخبّئه لها القدر

**************************************

مع كل خطوة تأخذها السيّارة داخل شوارع القرية المودية الى المنزل، يشعر بإنقباض مؤلم بصدره، الصمت سيّد الموقف داخل السيّارة التي يقودها ثائر.

لم يرضى أن ينزل الجميع الى مطار العاصمة لإحضاره فطلب من ثائر أن يفعل وحده.

حدّق من نافذة السيّارة يتأمّل بشرود التغيرات التي طرأت على القرية خلال الأربع سنوات، يرى منازل ومحال جديدة قد تم تشييدها، الأشجار الصغيرة نمت وتفرّعت عن جانبي الطريق، والساحة ما زالت على حالها تضج بالأطفال والعجائز الذين يجلسون في ظلال المسجد يتسامرون وينتظرون الصلاة المقبلة، دكان الحي وسط الساحة، وها هو يأخذ الطريق الفرعي المؤدي الى المنزل.

ركن ثائر السيّارة أمام سور المنزل، أطفأ المحرّك يرى أن أخيه لم يحرّك ساكناً، يعاني من صراع جوفي عنيف، تتخبط مشاعره بداخله، تعود اليه ذكرياته دفعة واحدة، تتزاحم بعقله، كل واحدة منها تريد أخذ السيطرة.
ذكريات من الطفولة والصبى والمراهقة، ذكريات جميلة وحزينة ومؤلمة، ذكريات مشوّشة وأخرى واضحة وضوح الشمس، وجنّة هي الشخصية الأساسية والمتكررة فيها جميعها، إنّها في كل مكان، صوتها يضج بأذنيه كأنّه الآن، ضحكاتها وتذمّراتها، صدى صوتها يتردد بأذنه ويضج داخل جمجمته،

ويتسلل لي صوتك
من بين ترتيلات الصباح الباكر ،،
من خلف القصائد
من تحت وسائدي
كتهويدة امي ،، حين تفزعني الكوابيس
كرقيةٍ تعيد لقلبي سكونه
ولروحي السلام ،،
يتسلل لي صوتك ،،
بهدوء ،،
ويحرقني حنينا ،،
هكذا ،، بتنهيدة !
ويروق لي ان اصير رماد شوق
اوصيك به ،،
انثره على قلبك لو مررتُ بالبال ،،
وسيزهر على صدرك الياسمين !

تنّهد بعمق، يعصر قبضتيه، يحاول إحتواء زوبعة المشاعر التي إغتالته على حين غرّة.
عاجز عن السيطرة على فورة مشاعره الجيّاشة التي نالت منه بوحشية.
أربع سنوات،
أربع سنوات مرّوا عليه كأنّهم أربعون عاما،
كل شيئ تغير من حوله
حتّى الهواء المحيط يشعر بتبدّل حاله وطبيعته

يخنقه، يوتره، يعود اليه بذكريات بالرغم من جمالها وفرادتها، الاّ أنّها تحثّه على الرغبة الجامحة للبكاء.
البكاء على ما مضى
على ما فقده ولن يعود
وبعد تنهيدة طويلة فتح باب السيّارة وترجّل منها

دخل البوّابة الحديدية وتوغّل داخل الحديقة
وبحكم العادة، ومن دون أن يعي، وجد نفسه يرفع بصره مباشرة نحو نافذتها، حركة كان يقوم بها في كل مرّة يدخل فيها الحديقة،
ومن خلف نظّاراته الشمسية راحت نظراته تفتش عن طيفها بلهفة
يشعر بقلبه ينبض بكل أنحاء جسده ترقباً لرؤيتها.

هل سيراها خلال زيارته؟
وإذ حصل، كيف سيكون لقائهما؟

هل غفرت له؟
أم ما تزال مقلتيها تسبحان بالبغضاء ناحيته؟

التفت مجفلاً عندما ربّت ثائر على كتفه يقول« الحمدلله على سلامتك وعودتك الينا سالماً معافى يا أخي »
ومأ عدن يتفادى الرد على أخيه كي لا تفتضح مشاعره بنبرة صوته، وإنقاد أمامه نحو المنزل حيث كان جميع أفراد العائلة هناك بإنتظاره .

***********************************

وقفت خلف ستارة غرفتها تراقب الأوضاع في الحديقة، ترى الجميع وبمن فيهم هدير يجهزون مائدة الإفطار، إبتسمت عندما رأت والدها وعمّها يجلسان تحت شجرة السنديان منغمسين بالحديث، يبدو عليهم الإنسجام التام.

تنهّدت بإرتياح، تجول بنظرها المترّقب، تحاول أن ترصده بين المتواجدين، لقد علمت بأنّه وصل الى القرية منذ الصباح، ولكنّها ما تزال الى الآن لم تتمكن من لمحه.
عضّت على شفّتها تفكّر، لربما هذا الوقت الأنسب لها للخروج، تستغل غيابه فتسلّم على الجميع، تساعدهم في إعداد المائدة، كي لا يظنّوا بأنّها تختبئ في المنزل.

*****************************************

وقف الزمن بالنسبة اليه لحظة رآها تخرج من المنزل قبل أذان المغرب بقليل،
وقفت أمام الباب تتلفّت حولها بحيرة،
مترددة،
تحث نفسها على الإقتراب من النسوة اللواتي يضحكن ويتحادثن، ويتناغشن.

إنّه يعلم بأنّها لا تراه، بحيث أنّها لو فعلت لما كانت تجرأت ونزلت، جالس بمكان يعلم جيّداً بأنّها لن تتمكن من رصده فيه، ينتظر نزولها بفارغ الصبر، يريد أن يتمكن من رؤيتها وإشباع نظراته منها دون رادع، يريد أن يراها ويطمئن على حالها،
وها هي
تقترب من النسوة بخطوات خجلة، وجنتيها تزدادان حمرة قانية مع كل خطوة تقترب فيها،
وعم الصمت لحظة وصلت اليهم، بحيث جميعهن تركن ما يفعلن يولونها كامل إنتباههم.
وهي شبكت أناملها ببعضها مرتبكة، تفكّر بالهرب.

« جنّة، حبيبتي، كنّا بإنتظارك، هيّا لقد تركت لك ترتيب الأطباق خذي» إستقبلتها عاليا في الحال لا تريدها أن تشعر بأنّها دخيلة، شذرت كنتها وإبنتها وهدير الأخرى تقول« وأنتن، هيا، لم يعد هناك الكثير من الوقت للأذان»

وعُدن جميعهن الى أشغالهن وجنّة شغلت نفسها بتوزيع الأطباق فوق الطاولة المستطيلة الشكل، تشعر بتوترها يتلاشى رويداً رويدا..........

ومن مكانه كان عاجز عن نزع بصره عنها، يراقب تفاصيلها بنهم، يلتهم ملامحها بعينيه، يستغفر ربّه على زلّته، ولكنّه عاجز، عاجز عن غضّ بصره عنها، يشعر بقلبه يقفز داخل صدره لهفة اليها،
ما هذا الذي يحصل معه؟
إذ مشاعره تتراقص داخل عروقه، تنهمر من مقلتيه، ما يزال يعشقها بكل تفاصيلها، ما يزال حبّه لها يفيض ويتناثر من كيانه، لم تنقصه السنين قيد أنملة......

ما تزال جنّته التي من دونها الحياة حجيم مستعر
ما تزال حبّه الأوّل وعشقه الأوّل، وذنبه الأوّل والأخير

ترك مكانه وإقترب منها عندما إنتقلت الى طاولة الأولاد، توزّع الأطباق عليها بشرود، إبتسامة لطيفة تزيّن محياها، تسمع أصواتهم يلعبون ويتصارعون في الأرجاء.

رفعت بصرها لحظة شعرت بأحدهم يقف قبالتها.
رفعت بصرها تشهق بالتزامن من إنتفاضة قلبها بمضجعه، إرتعشت يديها موشكة على إيقاع ما تبقى من أطباق بقبضتها، فسارع بتناولهم منها، ينقذهم من تهشّم محتّم.

وتوقّف الزمن حرفياً في تلك اللحظات
جميع العيون شاخصة عليهما دون إستثناء

وهما غافلين
هائمين
غارقين
منسجمين
تتعانق روحيهما المشتاقة ونظراتهما الملتاعة
تبوح بكل المشاعر التي عجز اللسان عن البوح بها

يخبر كلٌّ منهما الآخر عن معاناة سنوات طوال أضناها الفراق والبعاد
يتوسّل كلٌّ الآخر أن يكتفي
أن يغفر
أن يرحم

« كيف حالي عندك يا جنّتي؟»
سألها يتوق لسماع صوتها، يتفحصّها، ما تزال كما هي، لم تتغير، بلى، لقد أزدادت جمالاً وأنوثة، إزدادت جاذبية وفتنة.

إزدادت خطورة على قلبه وروحه، النظرة منها كطوفان جارف يغرقه تحت أمواجه العاتية ،
آه منك يا جنّة
وكأنّ السنوات التي فاتت علينا لم تزدك سوى تجذراً وتشعّباً بكياني
آه منك يا جنّتي

فتحت فاها بنيّة الإجابة عن سؤاله، مذهولة به ككل، تتأمّل تفاصيلة بإنبهار تام،
يبدو مختلفاً
كأنّه إزداد طولاً وعرضاً ووسامة،
حضوراً ومكانة ووهرة
بثيابه الرسمية، وتسريحة شعره المرتبّة، بجسده الممتلئ بعضلات بارزة من تحت قميصه السكري اللون.
يبدو أكثر نضجاً
أكثر ....
تراه رجلاً

« الله أكبر»
صدح صوت الأذان في الأرجاء، يذكر الجميع بسبب إجتماعهم في الحديقة، وعدن وجنّة إنتفضا كلاهما كأنّهما ضبطا بالجرم المشهود، فهربت من أمامه دون أن ترطّب قلبه بإجابة، وهو إكتفى بمراقبتها تبتعد، يشعر كأنّه عاد مراهقاً ترتعش أوصاله من مجرّد نظرة وهمسة بريئة ........

***************************************

لم تذهب معهم هذه الليلة الى صلاة التراويح
بل فضّلت أن تصلّي بغرفتها وتقرأ القرآن وتنتظر عودتهم من الجامع.

زوجة عمّها بقيت كذلك الأمر، بحجة أنّها تشعر بالتعب من كثرة الأعمال التي قامت بها اليوم.
إنتهت من عباداتها وطلّت من الشرفة فنادتها كي تنزل وتتذوق أطباق الحلوى التي حضّرتها لهذه الليلة، فنزلت اليها.
الهدوء والسكينة عادوا الى الحديقة، بعد مغادرة الجميع الى الصلاة.

« الطقس جميل الليلة، اليس كذلك» سألتها عاليا عندما وصلت.
« نعم ، إنّه كذلك» ردّت بإقتضاب تجلس على الكرسي المجاور، لفّت الشال حول كتفيها تقي نفسها من برد أواخر فصل الصيف، تتنهّد بعمق.

إبتسمت عاليا تقدّم لها طبقاً يحتوي حلوى مشكّلة وقالت« لا تعلمين كم إشتقت لإجتمعاتنا هذه، كم كانت أيّام الجمعة مغمسّة بالحسرة والتمنّي، الحمدلله على عودتنا عائلة واحدة لا يفرقها شيئ، الحمدلله يا أبنتي»
قالت تخصّها بنظرة حانية

فغضّت جنّة نظرها عنها، تومئ لها، تشعر بالإختناق، لا تعلم بماذا عليها أن تعلّق، أو ماذا تقول، إذ شعورها لا يختلف، وكأن هناك صخرة كانت جاثمة فوق صدرها وإنزاحت.
وقفت عاليا تقول« سأذهب لأحضّر الشاي، هكذا يكون جاهز عندما يعودون من صلاة التراويح.» قالت وإنصرفت ناحية المنزل
وجنّة تناولت طبق الحلوى تتذوق محتوياته.

«يبدو أنّي بحاجة لإعطائك دروساً خاصّة عن أهمية صلاة التراويح بالمسجد جماعة» أتى صوته عن يمينها، أجفلها
غصّت بقضمة الحلوى تسعل بشدّة فإقترب يناولها كوب الماء عن الطاولة المجاورة يقول« أعتذر، لم أتقصد إجفالك»
أخذت الكوب من يده ، شربت منه بعضاً وأعادته الى الطاولة، تنحنحت تصفي حنجرتها تشاهده يجلس بجوارها.
تململت بمقعدها، تتلفّت حولها بحرج فعلّق« لم أذهب للصلاة معهم، صليت في غرفتي» أخبرها ميقناً أنّها تتوقع أن يكون متبوعاً بعمّها ووالدها وأختها.

رفعت حاجبها بحركة مستفزة تعلّق على كلامه« ولماذا لا تعطي نفسك ذلك الدرس الديني»
ضحك « أنا معذور»
« ومن أخبرك بأنّي لست معذورة كذلك الأمر» قالت جملتها تنتبه لزلّتها، وهو تغضّنت ملامحه يتنحنح معتذراً.
« لقد صليت بغرفتي » علّقت تشتم نفسها
تطاولت أذرعة الصمت بينهما للحظات طويلة الى أن لجمها عدن بقوله« لم تجاوبيني عن سؤالي سابقاً»
رفعت بصرها اليه تشعر بنظراته تخترقها كسهام تشعل كيانها بنيران مشاعر كانت تظن بأنّها همدت منذ زمن بعيد،
تنتفض من تحت الرماد دفعة واحدة،
بذات القوّة والإندفاع الذي كانت عليه سابقاً،
مشاعر جميلة لطيفة، عاشقة حالمة، تتوق لأحضان حبيبها، وتردع نفسها عنه كي لا تقترف الخطيئة،

إضطربت ملامحها تشعر بالرغبة للهرب من أمامه وهو أيقن نيّتها فهتف بها متوسّلاً«لا تفعلي أرجوك، إفسحي لي المجال لمحادثتك »

وكان جوابها لنفسها
حالك يتوق لوصالك
يتوق لدفئ نظراتك ونغمة صوتك العذب والسلام النفسي الذي كان.......

« بخير »
أجابته بإقتضاب تتبعثر مشاعرها بكل إتجاه، تتوتر تحت مجهر نظراته التي تتابع كل حركة تقوم بها، فرفعت بصرها اليه تشذره، تحذّره من ما يقوم به، فغض بصره عنها يشغل نفسه بإخراج شيئ من جعبته.

مدّ يده بجعبته وأخرج منها صندوقاً صغيراً مخمليّاً، قدّمه لها يقول« لقد أحضرت هدايا للجميع، ولم أتمكن من منع نفسي من شراء واحدة لك »

رمقت العلبة التي وضعها على الطاولة أمامها بذعر، وكأنّها على وشك القفز بوجهها.
عادت بنظرها اليه تشاهده يراقبها بغموض، تنحنح يقول« الا ترغبين بسؤالي عن حالي؟»
ضمّت شفتيها، تهزّ برأسها« لا، لا أريد أن أسألك عن حالك، يكفي ما عندي من حالك، لا أريد المزيد»

« أما زلت ناقمة علي»
« لا» أتى جوابها سريعاً
تنفّس الصعداء يتسلّح بالجرأة بعد جوابها ذاك
« إذاً ستقبلين هديتي؟»
هزّت برأسها من جديد« لن أفعل»

« جنّة» ناداها ينتظر أن تنظر اليه
« لا» أجابته بنبرة متهدجة تحارب دمعها
« لا أريد الضغط عليك، ولكنّي أريد إعلامك، بأنّي سأنتظرك بفارغ الصبر، سأنتظر الى أن ترضي وتغفري، وحتّى لو تطلب منّي الأمر أن أنتظرك لنهاية العمر»
هزّت برأسها من جديد، هذه المرّة إستسلمت لدموعها« لا» قالت ولا تعرف لماذا تقولها،
لا، لا تريده أن ينتظر،
أو
لا، لا تريد أن تغفر له
وهو أردف « سأنتظر، وسأستمر بالمحاولة، وكوني على ثقة، أنا لا أنتظر كي أجبرك على ما لا ترغبين، بل سأنتظر الى أن تصبحي جاهزة، وإذ حصل وقررتي» صمت يغص، لا يريد أن يفكّر حتّى بذلك الإحتمال، زفر نفساً حارّاً يمسح على صفحة وجهه يقول« وإذ حصل وقررتي أن تكوني لغيري، أنا لن أكون لغيرك، لن أفعل جنّة، تأكدي»
دفع الصندوق الصغير ناحيتها ووقف من مكانه يقول« تصبحين على خير، جنّتي» وغادر يعود ناحية المنزل.

راقبت قفاه يبتعد بنظرات غائمة، تشعر به يجذب قلبها وروحها برفقته مع كل خطوة يخطوها بعيدا عنها، تشعر بالألم، بالحيرة، لا تعرف ما تريد......

********************************

لن يغادر
لقد أتى ليبقى
هذا ما علمته من هدير

سيبقى مع الشركة التي يعمل فيها، ولكنّه سيتواصل معهم عبر الإنترنت، ويسافر اليهم في أوقات الضرورة فقط......

عمله ناجح جداً ويدر عليه بالكثير من الأموال، ورئيسه يحبّه ويقدّر دوره كمهندس مبدع بمجاله الى درجة لم يقبل أن يتخلّى عنه عندما أخبره بأنّه بحاجة للعودة الى بلده لحل بعض المسائل العالقة، ولن يعود قبل أن يحلّها.
فعرض عليه أن يقوم بالحضور الى الشركة لإستلام المشاريع ومناقشتها، وبإمكانه أن يعود الى بلده أثناء العمل عليها، ويكون التواصل بينهم حينها عبر الإنترنت.

عدن باقي
لن يرحل الاّ في حالتين
إمّا بعد أن تغفر له
وإمّا بعد أن يفقد الأمل بها نهائياً

قضمت شفّتها ترمق الصندوق المخملي بفضول، لقد أخذته، ولكنّها ما تزال لم تتفقد محتواه.

خائفة
تشعر بأنّ محتواه سيشكل نقطة فارقة بعلاقتهما

وبأنامل مرتعشة، تناولته عن المنضدة وفتحته
حدّقت بمحتواه بفضول

سلسال فضّي، رفعته من الصندوق تتأمل أيقونة تتدلى منه، محمداً رسول الله، مرصّعة بحجارة الماسية برّاقة، مكتوبة بخط أنيق على شكل نصف قلب.
صفنت تتذكر بأنّها لمحت سلسال مماثل بعنقه، بدا لها من فتحة قميصه.

وجدت ورقة صغيرة أسفله، فتحتها تقرأ محتواها
عندما ترتدين هذا السلسال، ستكون رسالة لي، بأنّك قبلتي بإعادة لم شمل قلبينا، أنا أملك، لا اله الاّ الله، النصف الأوّل لقلبك، الذي يتوق وبشوق لنصفه الثاني
عندما ترتدين هذا السلسال، سأعلم بأنّك رضيتي عنّي، وتقبلين بي بمخاطبة عمّي بشأن إعادة عقد قراننا.

عبست تعيد السلسال الى الصندوق
فتحت درجاً ورمته فيه، أغلقته بعنف

رفعت بصرها تتأمّل نفسها بالمرآة لبرهة طويلة
وبعد تفكير مطوّل قررت

فالينتظر إذاً.........

*******************************

وهل كانت تظن بأنّه سينتظر دون مشاغبات
كأنّه يتقصد التواجد بالحديقة كل صباح كي تلتقي به وهي ذاهبة برفقة والدها الى المتجر، وعند كل مساء بعد عودتها.

تراه يجلس تحت السنديانة، يعمل على حاسوبه....
يصبّح عليها ويمسيها

وفي كل مرّة تخرج فيها الى الشرفة تجده بمكان ما من محيط بصرها، آتٍ، ذاهب، جالس، خارج، كأنّه يملك منبّه يخبره بأنّها ستطل من النافذة، ستخرج الى الشرفة، ستغادر الآن، ستعود الآن......

حتّى أنّها أضحت تراه بأحلامها....
تستيقظ غاضبة

تعاتب نفسها
كيف تسمح له بتقبيلها
لمسها
الشعور بلذّة قربه وأنفاسه وهمساته

عدن
أيّها.....
وإستغفرت ربّها

ذهبت الى الدرج، أخرجت السلسال
إرتدته بعصبية

وخرجت به اليه

رفع بصره عن حاسوبه عندما شعر بها تقترب، بخطوات واسعة واثقة، غاضبة ومندفعة، وقفت قبالته ثائرة، تلجم نفسها على عدم البدء بالصراخ بوجهه.

أغلق الحاسوب يوليها كامل إهتمامه
إبتسم عاجز عن لجم إبتسامته الصافية وهو يراها على هيئتها تلك

قفز قلبه من مضجعه عندما رأي سلساله يتدلى من عنقها
وأخيراً

وأخيراً حنّت عليه ورضيت عنه
أم وأخيراً إستسلمت لمشاعرها

وقف من مكانه تطير روحه فرحاً
وقلبه يقفز مرحاً
وكيانه يتراقص غبطة

وأخيراً


أتُحبّني . بعد الذي كانا؟
إني أحبّكِ رغم ما كانا
ماضينا
لا أنوي إثارتَهُ حسبي بأنّكِ ها هُنا الآنا..
تَتَبسّمينَ..
وتُمْسكين يدي فيعود شكّي فيكِ إيمانا..
عن أمسِ .
لا تتكلّمي أبداً..
وتألّقي شَعْراً..
وأجفانا
أخطاؤكِ الصُغرى..
أمرّ بها وأحوّلُ الأشواكَ ريحانا..
لولا المحبّةُ في جوانحه ما أصبحَ الإنسانُ إنسانا..

أعوام مضت.
وبقيتِ غاليةً لا هُنْتِ أنتِ ولا الهوى هانا..
إني أحبّكِ .
كيف يمكنني؟
أن أشعلَ التاريخَ نيرانا
وبه معابدُنا،
جرائدُنا،
أقداحُ قهوتِنا،
زوايانا طفليْنِ كُنّا..

في تصرّفنا وغرورِنا،
وضلالِ دعوانا
كَلماتُنا الرعْناءُ ..
مضحكةٌ
ما كان أغباها..
وأغبانا

فَلَكَمْ ذهبتِ وأنتِ غاضبةٌ
ولكّمْ قسوتُ عليكِ أحيانا..
ولربّما انقطعتْ رسائلُنا
ولربّما انقطعتْ هدايانا..
مهما غَلَوْنا في عداوتنا
فالحبُّ أكبرُ من خطايانا..
عيناكِ نَيْسَانانِ..
كيف أنا أغتالُ في عينيكِ نَيْسَانا؟
قدرُ علينا أن نكون معاً يا حلوتي.
رغم الذي كانا..
إنّ الحديقةَ لا خيارَ لها إنْ أطلعتْ ورقاً وأغصانا..
هذا الهوى ضوءٌ بداخلنا ورفيقُنا..
ورفيقُ نجوانا طفلٌ نداريهِ ونعبُدُهُ مهما بكى معنا..
وأبكانا..
أحزانُنا منهُ..
ونسألهُ لو زادنا دمعاً..
وأحزانا..
هاتي يديْكِ..
فأنتِ زنبقتي وحبيبتي.
رغم الذي كانا..
( شعر نزار قبّاني)

noor elhuda likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 28-10-19 الساعة 09:16 PM
امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-19, 08:15 PM   #90

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

الف مبرووك حبيبتي ❤❤❤
نهاية رائعة
عدن أخطأ لكنة تاب ويستحق
فرصة ثانية ...
لقد حصلت على فرصتة بعد ان كفر عن
ذنبة...
تسلم ايدك حبيبتى ❤❤❤❤


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:27 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.