آخر 10 مشاركات
عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          101 - من يزرع الشوك - آن هامبسون (الكاتـب : عنووود - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          الفرصة الأخيرة (95) للكاتبة: ميشيل كوندر ...كاملة... (الكاتـب : سما مصر - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          ودواهم العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : emy33 - )           »          369 - جزيرة الحب الضائع - سارة مورغن (الكاتـب : سماالياقوت - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree12Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-09-19, 04:03 AM   #21

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة gigi.e omar مشاهدة المشاركة
يعني عدن مشي ورا صحابه و عملوا فرقة عشان يجمع فلوس اكتر عشان يتجوز جنة بسرعة !!! بالله هو مصدق كلامه !!
طب مصدق قسمه لجنة و انه مش هينزل لمستوى فرقته و ان الشهرة مش هتعميه !!!
و انه هيسيبها اول ما يتنجوز !!

ازاي امان اثر في عدن و خلاه يغني ؟؟؟ ازااي اصلا عدن اتعرف على امان 🤔؟؟

جنة غبية انها سمعت كلامه و مقالتش للعائلة !!! و خوفها من انه يضيع منها و يسيبها مانعها من انها تتكلم و عدن عارف اهميته عندها ؟؟؟

هيجرالها ايه لما تتدخل نادي الاثرياء و رد عدن على الصورة اللي معاها هيكون ايه ؟؟🤔
جنّة غلطت بإخفائها الأمر ومش عارفة كيف بدها تصلح غلطها
وعدن ، ما يزال يحاول أن يبقى بعيداً عن عالم أمان بالرغم من كل ما يحيط به


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-19, 03:44 PM   #22

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

زلقت قدمى عدن الى طريق الضلال بسبب
أصدقاء السوء ...
لقد تمكنو من التأثير علية وقلبو حياتة رأسا على عقب
واضح ان جنة هى من ستدفع الثمن ..
تسلم ايدك❤❤❤


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-19, 07:48 PM   #23

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
زلقت قدمى عدن الى طريق الضلال بسبب
أصدقاء السوء ...
لقد تمكنو من التأثير علية وقلبو حياتة رأسا على عقب
واضح ان جنة هى من ستدفع الثمن ..
تسلم ايدك❤❤❤
كلاهما سيدفع الثمن بكل أسف

الله يسلمك يا رب ❤


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-19, 03:14 PM   #24

منال سلامة

قاصة في قلوب احلام وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 408582
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,077
?  نُقآطِيْ » منال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...


تسلم ايدك احداث مليئة اثارة وتشويق للقادم ...
عدن من قارئ قرآن للاسف لمغني .. والسبب اصدقاء السوء والاغراءات المادية السريعة ..
فبات يتنازل عن مبادئه واحد تلو الاخر بعد ان زين له اصحابه طريق النجاح والشهرة والمجد التي كلها معاصي وذنوب حرمها الله في كتابه ..
للاسف هو سبب ضياع جنة معه وسقوطها للهاوية في ذلك الوحل دون ان تعلم عائلتهم لقد كانوا يثقون به لكنه خيب ظنهم ولم يحترم تلك الثقة التى وضعوها فيه ..
دائما وابدا على الانسان ان يختار اصدقائه بعناية فهناك الطيب السوي وهناك السئ والردئ الماكر الخبيث وعدن لم يختار جيدا ...

جنة ..
في حيرة من امرها بعد ان علمت عن عدن وباتت تشعر بالخوف والقلق عليه ولم تعرف ما تفعل لكن واضح بعد ما حدث لها انها لك تخبر احد والا ما حدث معها ما حدث ..
واضح انه جنة وعدن كل منهما سيدفع الثمن غاليا لختيار طريق الضلال ..

يعطيكي العافية ..وبالتوفيق والنجاح لعملك ❤❤👌👍
بانتظار القادم ...


منال سلامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 04:17 AM   #25

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منال سلامة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...


تسلم ايدك احداث مليئة اثارة وتشويق للقادم ...
عدن من قارئ قرآن للاسف لمغني .. والسبب اصدقاء السوء والاغراءات المادية السريعة ..
فبات يتنازل عن مبادئه واحد تلو الاخر بعد ان زين له اصحابه طريق النجاح والشهرة والمجد التي كلها معاصي وذنوب حرمها الله في كتابه ..
للاسف هو سبب ضياع جنة معه وسقوطها للهاوية في ذلك الوحل دون ان تعلم عائلتهم لقد كانوا يثقون به لكنه خيب ظنهم ولم يحترم تلك الثقة التى وضعوها فيه ..
دائما وابدا على الانسان ان يختار اصدقائه بعناية فهناك الطيب السوي وهناك السئ والردئ الماكر الخبيث وعدن لم يختار جيدا ...

جنة ..
في حيرة من امرها بعد ان علمت عن عدن وباتت تشعر بالخوف والقلق عليه ولم تعرف ما تفعل لكن واضح بعد ما حدث لها انها لك تخبر احد والا ما حدث معها ما حدث ..
واضح انه جنة وعدن كل منهما سيدفع الثمن غاليا لختيار طريق الضلال ..

يعطيكي العافية ..وبالتوفيق والنجاح لعملك ❤❤👌👍
بانتظار القادم ...
عزيزتي منال
شكر خاص لك على تعليقك الطويل والمفصل
أسعدتني مشاركتك جداً
لك مني أطيب تحية


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 04:18 AM   #26

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير
جنّة عدن
الفصل الخامس
دخلت تتلفّت حولها تتفقد المكان، تشاهد شباباً وصبايا جالسين حول طاولات أنيقة المظهر، المكان كله يدل على الفخامة والمال.
إرتسمت فوق شفتيها إبتسامة ساخرة، تفكّر، وهل الآن أصبح الفساد عنوان الثراء؟
هل يجب على كل ثري أو ثرية في هذا البلد أن تستغل ثرائها ببيع نفسها للعيون واللمسات؟
هل أصبح معيار التفرّع والسفور يرتبط بمعيار الثراء الذي يتمتع به الشخص؟

« أمان، نحن هنا» نادى أحدهم من الجهة الشمالية « لماذا تأخرت؟»
التفتت ناحية الصوت تشاهد أمان ينتظرها لتتقدمه، ففعلت تضم نفسها خجلاً من عيون الجميع التي إنصبت عليهما فجأة، ترى نفسها غريبة بينهم، غريبة بكل شيئ، إذ أنّها المحجّبة الوحيدة المتواجدة فيه.

وصلت الى الطاولة المعنية تفتّش عن عدن.
« أين عدن؟» سألت
« يبدو أنّه لم يصل بعد» أجابها أمان يفسح لها المجال للجلوس.
« ولكنّك أخبرتني بأنّه هنا» تذمّرت تشعر بأنّه يسخر منها.
تنحنح أحدهم يقول« عدن لا يأتي الى هنا»
شذره أمان بنظرة محذّرة وعاد الى جنّة،
« لقد إتصلت به وأخبرته بأنّك هنا، إنّه أتي» أخبرها يتّخذ بضع خطوات ناحيتها، خطوات تعدّى بها على مساحتها الشخصية، الى درجة شعرت بأنفاسه تلفح بشرتها، وبحركة غبية منه، أمسك بذراعها، بطريقة حميمية، غافلاً عن ردّة فعلها التي أتته سريعاً.
صفعته بكل ما أوتيت من قوّة وغيظ، هادرة به بغضب« إحترم نفسك يا هذا، وإذ كنت محاط بسافرات تقبلن أن تتعدّى على مساحتهن الشخصية برحابة صدر، إعلم أن هناك بالمقابل فتيات محتشمات لا ترضين بهذه الخلاعة»

غطّى أمان وجنته المشتعلة، يحدّق بها بصدمة يشوبها الذهول، لا يصدّق ما تجرأت على القيام به، تبعها بنظراته المتوّعدة، يشاهدها تغادر المكان على عجل،
تلك الحقيرة!
كيف تتجرأ؟
وما زاد الطينة بلّة، هو تلك الأصوات الساخرة التي بدأت تتعالى من حوله، مثيرة تصاعد غيظه حدّ الذروة.
التفت اليهم هادراً بهم جميعاً« أصمتوا»
شبك أنامله بشعره يشتم نفسه على تلك الخطوة الغبية التي إقترفها.
كان يجب أن يكون حذراً معها، لقد ظنّ بأنّه سيتمكن من أن يستميلها، لعلها ترحم عدن وتفك عنه الخناق الذي تحيطه به.
إنّهم بحاجة لعدن بكامل طاقته، وهذا ما يرفض الأخير تقديمه، بحجة أنّه قطع وعد على جنّته بأنّه حالما تسنح له الفرصة سينسحب.
ذلك الغبي
فهم ما يزالون في بداية الطريق
ولا يوقن أن القادم سيكون أروع وأعظم
فكيف به ينسحب ويتخلّى عنهم وهم ما يزالون في بداية سلّم الشهرة ؟

***********************************

إنتهى عدن من محاضراته ونزل الى الطابق الأوّل كعادته ينتظر إنتهاء جنّة، إذ هناك إتفاق بينهما بأن تنتظر قدومه أمام باب القاعة، وصل واجداً أن القاعة فارغة وجنّة ليس لها أثراً بالبهو،
إنتشل هاتفه من جعبته يتصل بها، فلم تجبه.
أرسل لها رسالة نصيّة فلم تجب عليها.
عندها بدأ الذعر يدب بأوصاله، يحاول أن يجد أحداً من زملائها، علّه يعلم شيئاً عنها.
وعندما أخبروه جميعهم بأنّها خرجت من المحاضرة الثانية ولم تحضر الثالثة على الإطلاق فقد رباط جأشه كليّاً، يجول بعقله الف إحتمال والف سبب.

وقف وسط حرم الجامعة يتلفّت حوله بضياع، يتجاهل كل من يحاول أن يلقي عليه سلاماً، أو يحاول أن يفتح معه حديثاً، مشغولاً بهاتفه، يشعر بدمائه تفور بعروقه.
قلقاً عليها حدّ الذروة، خاصّة أنّه ليس من عاداتها ترك المحاضرة ومغادرة الجامعة لوحدها، وحتّى لو طرأ عليها أمراً ما، من المفترض أن تتصل به، أو على الأقل، ترسل له رسالة تعلمه بوضعها.

« إيدن، هل إنتهيت من محاضراتك؟» سأله أمان يقترب منه
« نعم، لقد فعلت» أجابه يولي كل إهتمامه الى هاتفه، مستمراً بمحاولة الإتصال بها.
«هل ستعود مساءً، علينا أن نتحدّث بخصوص العقد مع شركة التسجيلات» سأله أمان غافلاً عن معاناته
« ليس الآن أمان» أجابه يشق دربه نحو سيّارته، ما يزال إهتمامه منصبّاً على هاتفه.
« ما تزال شركة التسجيل تنتظر توقيعك، عليك أن توقع يا رجل، فحال الفرقة واقف عند ذلك التوقيع»
تبعه أمان يحاول إقناعه على توقيع العقد الذي يعاند على رفضه منذ تمّ عرضه عليهم من قبل شركة تسجيل عالمية تعرّفت عليهم عبر الإنستغرام.
إستدار عدن اليه يرمقه بنظرات تتقافز بشرارات الغضب، سائماً من تكرار الموضوع « لقد أخبرتك بأنّي لن أوقّع ذلك العقد، لن أفعل، لن أحترف الغناء، وعندي دراستي أهم من ذلك كله»
عنده دراسته من جهة، وجنّة التي تقف له بالمرصاد من جهة ثانية، ووالده الذي إذ وصل اليه خبر غنائه سيتبرّأ منه، ويغضب عليه الى يوم الدين، عائلته بكل أفرادها، من صغيرها لكبيرها، من المستحيل أن يقبلوا بما يقوم به.
حتّى هو في بعض الأحيان، عندما يفكر كيف تجرأ على الغناء، وهو ما نشأ على تجويد القرآن الكريم وإنشاد الأناشيد الدينية،
يستحي من ربّه، يستحي من ما آل اليه حال قلبه وروحه، يضيق صدره بأنفاسه، يشعر بأنّه على وشك أن ينهار من أثر أزمة قلبية حادّة،
كيف إنجرف وراء مدح أمان له؟
عندما سمع الأخير صوته وهو ينشد في جلسة من جلساتهم الشبابية، كان وقتها سنة ثانية بالجامعة، يجلسون في المقهى، ومن ثمّ لا يذكر كيف بدؤوا بالإنشاد، وعندما أتى الدور عليه، أذهلهم جميعاً بصوته الى درجة عمّ الصمت أرجاء المقهى يتوسّلونه أن لا يتوقّف، وأن يتابع، ففعل بنبرة أكثر ثقة وعمقاً مثيراً إعجاب جميع الحاضرين الذين كانوا ينصتون له بخشوع.
وفي ذات ذلك اليوم، دخل أمان على الخط مباشراً بنصب شباكه بخبث، الى أن تمكن من إقناعه بالغناء لفرقته، فرقة ظنّ عدن أنّها مجرّد هواية لن تخرج من تحت سيطرته، مجرّد مكسب سريع وخفيف، ولن تؤثر على مجريات بقية أمور حياته، بأنّها مجرّد أغنية يغنيها وينشرونها بالإنستغرام، وإذ حصدت عدداً كبيراً من الإعجابات والمتابعين سيكسبون مقابلها أموالاً طائلة.
وعندما إستلم أجره الأوّل، نال منه الطمع، وأغنية جرّت خلفها أخرى فأخرى، الى أن وصل به الأمر أن يرضخ لإقتراحات أمان الملحّة بالغناء بالحفلات الصغيرة التي تُقام في منازل الأثرياء، كحفلات أعياد الميلاد، والسهرات.
ولكنّه في نهاية المطاف، إنجرف خلف وسوسة الشيطان، وإنغرّ بحفنة من الأموال، يحاول جاهداً، إقناع نفسه اللّوامة، بأنّه لا يقترف الخطيئة بالغناء، فوجد نفسه يخطو بالخطيئة خطوة تتبعها خطوة، الأولى كانت متعثرة، مترددة، قلبه وعقله يؤنّبانه، ومن ثمّ وجد نفسه يتجرّد من حشمته الذي نشأ عليها منذ الصغر، حتّى وصل به الأمر أنّه فقد خشوعه بالصلاة، عاجز عن رفع كفيه نحو السماء، والدعاء بالمغفرة والرحمة.
إنّه يهوي، يهوي سريعاً، روحه تخسر خشوعها، وتتجرّد من خجلها ووقارها، وتنقاد خلف أطماع الدنيا وما تحتويها.
ولكنّه بالرغم من كل ذلك، يدرك أنّه بالمقابل سيخسر الكثير، وأوّلهم جنّة، وبصراحة، هو أبداً، ومن المستحيل، أن يختار أي شيئ مقابل جنّة.
الاّ جنّة
الاّ جنّته.

شتم بعصبية، يشبك أنامله بخصال شعره بعنف، زفر بضيق يتلفّت حوله بضياع، ماذا يحصل معها؟
لماذا لا تجيب على إتصالاته؟
لماذا لا ترد على رسائله بالرغم من أنّها تراها.
ولكن أين هي؟

« أنت تعلم بأنّ هذه فرصة لا تعوض، بأنّك ستكسب الملايين بغضون سنة واحدة، أموال طائلة من المستحيل أن تتمكن من الحصول عليها لو عملت لسنوات طوال بالهندسة، بعملك هذا أنت ترفس النعمة، وتتخلّى عنّا جميعاً» صاح به أمان لا يصدّق بأنّه يرفض توقيع العقد، ويشعر بالعجز أمامه، لا يعرف كيف يقنعه، إذ مستقبلهم جميعاً يتوقّف عند توقيعه، شركة التسجيلات كانت واضحة بما تريد، إنّها تريده هو، المطرب ذات الحنجرة الذهبية، وعندما أخبروهم أنّه بإمكانهم توفير مطرب آخر للفرقة، فأخبرهم المحامي بأنّ العقد منصوص لعدن دون سواه، وبأنّ العقد لن يبرم الاّ بتوقيعه هو قبل توقيعهم، وذلك الغبي، ما يزال مصرّاً على الرفض.

ترك عدن أمان خلفه يتجاهل توسّلاته، يسرع بخطواته نحو سيّارته، يشعر بأنّه على وشك فقدان عقله.
وصل الى سيّارته يتفقدها، لربما تكون بداخلها؟
زفر بضيق يخطر على باله أن يتصل بهدير، لربما، لربما تعلم عنها شيئاً ما، لربما تحدّثت اليها.
وعندما فعل وأخبرته الأخيرة بأنّها بالمنزل منذ أكثر من ساعتين، دخلت غرفتها وأقفلت الباب عليها، تنفّس الصعداء، يشعر بأنّه على وشك البكاء.
رفع بصره نحو السماء يحمد الله على سلامتها.
ترك كل شيئ خلفه وعاد هو الآخر الى المنزل، يتوعّد لها......

********************************

رنّ هاتفها للمرّة الألف، وتجاهلته للمرّة الألف
طرقٌ طفيف على باب غرفتها للمرّة المئة، مرفق بصوت هدير القلق.
« جنّة، أقسم لك، إذ لم تفتحي الباب سأسمح لعدن بالصعود اليك، وأنت تعلمينه جيّداً، هذا الباب الذي تختبئين خلفه لن يحميك منه»
تفقّدت هاتفها تقرأ رسالته الأخيرة
-والدي وعمّي وهديل بالمتجر
إذ لم تنزلي الآن حالاً
سأصعد اليك

زفرت بضيق تنزل عن السرير، سترت نفسها بحجابها وعبائتها وفتحت الباب واجدة هدير بوجهها
شذرتها هاتفة بها« حسابك معي عندما أنتهي منه، إنتظريني»
دخلت الحمّام المشترك، غسلت وجهها الشاحب تحاول إخفاء أثر بكائها الذي رصدته هدير بالحال، جففته، ترمق نفسها بالمرآة، لقد إتّخذت قرارها، قرارٌ بالرغم من صعوبته الاّ أنّه ضروري، ضروري لكي تتخلّص من عقدة الذنب الذي تشعر بها في كل مرّة تلتقي نظراتها بنطرات والدها وعمّها وثائر، بل بالأحرى بنظرات كل العائلة، إنّها تحمل سرّ عدن، سرّاً سيدمره ويدمرها معه إذ لم تردعه.

عليها أن تضعه عند حدّه،
نعم،
إذ بالرغم من عشقها له، الاّ أنّها لا تستطيع أن تستمر معه بتلك الطريقة، لن تستطيع أن تعيش معه بالشك والظنون، بالقلق والخوف، وإذ كان سيستمر بما يفعله باليفعل، ولكن من دونها.

إلتوت شفّتها هامّة بمعاودة البكاء المرير، بكاء عجزت عن لجمه لساعات وساعات، حائرة وخائفة، والألم يتآكلها، لا تقوى على رؤيته وإخباره، لا تقوى على مسامحته، والمصيبة الكبرى، لا تثق بنفسها قادرة على طلب الفراق منه.
ستموت من دونه، عدن هو طفولتها ومراهقتها وصباها، أفراحها وأحزانها، قلبها النابض بين جنباتها، وعقلها المشوّش، عدن أنفاسها ونبضها، وروحٌ تسكن بجسدها، كيف ستتمكن من نزع كل هؤلاء وإجبار نفسها على أن تحيا من دونهم.
وعادت للبكاء، شهقت بحرقة تدفن وجهها بين كفيها، تبكي بقهر، إنّها مرهقة، مرهقة التفكير، وضائعة الروح.
« جنّة» أتى صوت هدير من خلف الباب« أنت تخيفيني، ماذا يحصل معكما أنتما الأثنين؟»
مسحت جنّة دموعها، وغسلت وجهها من جديد، تنشّقت بعمق، تحتوي مشاعرها المتبعثرة، وخرجت من الحمّام، ومن دون تعليق، تجاوزت أختها تنزل السلالم نحو الطابق السفلي، فتحت الباب فوجدته أمامها، ينتظرها بلهفة، وقف عن المقعد الحديدي الموجود أمام المنزل، كرسي والدها الذي يجلس عليه مساء، بإنتظار صلاة العشاء.
إستقبلها بسيل من التأنيبات، لا يجد مبرراً لمغادرتها الجامعة وحدها ومن دون إعلامه، وتمنّعها عن الرد على إتصالاته ورسائله المتكررة والملحّة.

« هل جننتي؟ هل فقدتي عقلك، كيف تغادرين حرم الجامعة من دون إعلامي، بل بالأحرى، كيف تتجرأين على المغادرة وحدك، مع من غادرت، تكلّمي؟» صاح بها ينتبه للتو لملامحها البائسة،
مسح كفّيه المتعرقين ببنطاله مصدوماً من هيئتها، من مقلتيها الدامعتين، وأجفانها المتورمة، وأنفها الأحمر.
إنتفض قلبه جزعاً يسألها بقلق واضح بنبرة صوته
« هل أنت بخير؟ ماذا حصل لك؟ » سألها يقترب منها فصدمته بتراجعها رافضة قربه.
عقد حاجبيه هادراً بها بغضب، يجول بعقله الف فكرة « تكلّمي بحق السماء، لماذا غادرت الجامعة من دوني، وما الذي يجري معك؟»
ضمّت جسدها تحتويه بذراعيها،
تشعر بغضبها يعود اليها دفعة واحدة،
تستعيد لحظات حزنها الكئيب،
تستعيد خيبتها التي ذرفتها دموعاً غزيرة بللت وسادتها،
وغيرتها التي ما تنفك تنهش بجوفها بوحشية.
رفعت الهاتف بوجهه تريه صورته التي إستمرت بشحن طاقة غضبها بها منذ رأتها،
وضعتها نصب عينيه هادرة به« أنت السبب بكل ما يجري معي، لقد سئمت من كل ما يجري معك، سئمت من أصحابك الفاسقين، وغيابك وسهراتك السافرة، وما عدّت أرغب بتحمّل كل تلك الأمور، ما عدت أرغب بتجاهل ذلك الحدس بداخلي، الذي ينبئني بأنّ هناك مصيبة قادمة إذ إستمريت على حالك هذا، هل فهمت؟»
أخذ الهاتف من يدها يتفقد الصورة، تغضّنت ملامحه يحاول تذكر الواقعة، رفع بصره اليها تلين ملامحه، مسح على صفحة وجهه يبرر« الأمر ليس كما تظنين»
خطفت هاتفها من يده هاتفة به بحرقة تشوب حروفها« مهما كان تبريرك لي، أنت خرجت من خانة الأبرياء بمجرّد أنّك وضعت نفسك بخانة الشبهات، وأنا من المستحيل أن أعيش معك بالشك، أرى صورك المشبوهة مع معجباتك اللعينات، وأنتظر تبريرك لها كي يطمئن قلبي» صاحت به يتطاير غضبها بكل إتجاه، أخذت بضع أنفاس متحشرجة، رفعت سبّابتها بوجهه مردفة بغصّة«أنت تنسى نفسك عدن، تنسى منبعك وطينتك، تنسى ما أنشأك عليه والدك، أنت تقترف الخطيئة بمجرّد مصاحبتك لهؤلاء، فكيف بك بما تفعله وتشهد عليه معهم؟ أنت تنقاد خلفهم دون أن تشعر، بحيث تجرّأت وكذبت على والدك وخنت ثقته به، وإذ كنت تظن نفسك منيعاً ضدّ مغريات ذلك العالم المبهرج، فأنت واهم، فالله أمرنا بإجتناب الشبهات لأسباب محددة وموثوقة، لأنّ صحبة السوء تلك ستلوّث طهارتك في نهاية المطاف، وإذ لم يكن اليوم فغداً لا محال، وأنا لن أنتظر قدوم ذلك اليوم»
خلعت خاتم خطوبتهما بعصبيةٍ تسببت بجرح إصبعها، فتسرّبت بعض قطرات الدماء منه، قبضت على كفّه ورمته براحته تردف بحدّة وقسوة« إذ كان حبّي لك سيجلب التعاسة لي، فسأدوس عليه وأمزقه، وإذا كان حبّي لك سيجلب العار لعائلتي فسأطعنه بسكين وأدفنه تحت سابع أرض، هل فهمت؟»
أخبرته وهربت من أمامه صافقة الباب خلفها بعنف، تاركة عدن يحدّق بكفّه بذهول، لا يستوعب عقله وقلبه ما حصل، لا تصدق أذنيه ما نطق به لسان معشوقته،
هل ستتخلّى عنه بهذه البساطة!
بعد كل هذه السنوات!
بعد كل هذا الإنتظار؟
بعد أن ذاق طعم جنّته وأدمنها!
هل ستتخلى عنه بكل هذه السهولة والبساطة؟
هل ستقدر على فعلها؟

أغلقت الباب بوجهه وإستندت اليه تشعر بأنها على وشك الإنهيار، أعصابها تتراقص مسبّبة إنتفاض جسدها بعنف.
لا تصدّق بأنّها تجرأت على قول ما قالته، لا تصدّق بأنّ لسانها تمرّد على قلبها وتجرّأ على القسوة والتهديد بالفراق.
خائفة؟
نعم خائفة من أن يختار الغناء عليها، أن يرضخ لثورتها ويتخلى عنها.

شهقت بذعر عندما طرق على الباب خلفها يصيح بها بصوت حاول أن لا يكون صادحاً فيصل لعائلته التي تقطن بالمنزل المجاور.
« جنّة، إفتحي الباب، وهل تعتقدين أن مسألة الفراق تحصل بهذه السهولة؟» صاح بها يرى ظلالها عبر النافذة المحجرّة الزجاج.
« إرحل عدن، أنا، أنا أخذت قراري ولن أتراجع عنه الاّ إذ إبتعدت عن كل ما يخص أمان وشلّته.»
« إفتحي الباب ودعينا نتناقش وجهاً لوجه، كفّي عن تصرفاتك الصبيانية؟»
« أنا ما عدت طفلة عدن، صدّق ذلك، لم أعد تلك الطفلة التي تخاف من تهديداتك ومستعدة لفعل أي شيئ من أجل إرضائك.»
ضحك بسخرية يلقي بجبهته الى النافذة التي تتكئ عليها من الجهة المقابلة، هزّ رأسه عدّة مرات هامساً لها« وهل تنتقمين لنفسك منّي جنّة؟ هل أتى دورك الآن بالتهديد والوعيد؟ ما كنت أتصوّر بأنّي سأسمع منّك كلمة الفراق بيوم من الأيام، لطالما كنت متمسكّة بي، جنّة، ماذا جرى لك؟ »
مسحت دموعها بقهر هاتفة به« الذي حصل بأنّك لم تعد عدن الذي أحببته منذ طفولتي، لم تعد عدن الذي نشأت معه وقربه، عدني أنا يختفي تدريجياً عن هذا الوجود، ليحل مكانه إيدن ذاك، الذي خلقه أمان وشلّته »
« أنت مخطئة جداً» أخبرها يبعد جبهته عن النافذة ويستبدله بكفّه مردفاً« أنا ما زلت كما أنا، لم أتغير، أقسم لك، ولكنّي بذات الوقت، لم أعد ذلك الطفل أو المراهق، بل نضجت وتبدلت حاجاتي وأولوياتي ومسؤولياتي» أسند جبهته الى النافذة مردفاً « وبالنسبة لتلك الصورة، ليست سوى معجبة، حاولت إجتياح خلوتي أثناء فترة إستراحتي، خلال حفلتنا الأخيرة، وأنا بكل بساطة طلبت منها المغادرة، لا بدّ أن من أخذ الصورة لنا، أخذها بلحظة إستقصد فيها تضليل الحقيقة.»
أغمضت مقلتيها تستند الى الباب، تتوسّل جسدها الهدوء والسكينة، شهقت بحرقة تدرك بأنّها إذ إستمرت معه على هذا المنوال، ستبقى كل حياتها تدور معه بحلقات مغلقة، وهذا الأمر سيدمر حبّهما في نهاية المطاف، ومن أجل ذلك بالتحديد، ولأنّها ما تزال متمسّكة به بعزيمة، هتفت به بنبرة حاولت قدر الإمكان إخراجها ثابتة وواثقة، بالرغم من كل الصراعات التي تموج بأعماقها.
« لا تتعب نفسك عدن، مهما قلت ومهما بررت، وحتّى لو كنت صادقاً بما قلته، أنا أخذت قراري، إمّا أنا وإمّا شلّتك تلك »
خيّرته تنتظر ردّه
تنتظر قوله بأنّه من المستحيل أن يتخلّى عنها لأي سبب.
بأنّها بالنسبة اليه أهم من مال وشهرة العالم كلّه.
ولكنّه لم يفعل.
بل إبتعد
رحل وتركها تتلوّى حزنا وتكتوي غضباً
تبكي حسرة وخيبة
صعدت الى غرفتها تجرّ أذيال خسارتها خلفها.
لقد خسرت عدن.
خسرته عند أوّل منعطف بعلاقتهما.
وأكثر ما عزّ عليها
أنّه بعد كل ما مرّا به
بعد كل هذا العشق الذي نشآ عليه منذ الطفولة،
الذي نما بداخلهما وتجذّر وتفرّع!
بعد كل هذا!
يأتي الفراق سهلاً وبسيطاً ومن دون مقاومة؟
كأنّهما غريبان، إرتبطا البارحة وإفترقا اليوم.

تبعتها هدير بصمت، ترى أختها منهارة تماماً، ولكنّها أفهم من أن تسألها عن سبب حالها، بحالتها تلك.
ستنتظر الى أن تهدأ
ولكنّها أبداً لن تسمح لها بترك عدن.
إنّها أكثر من يعلم بحبّهما
وبأنّ كلاهما سيموت دون الآخر
عدن روح جنّة
وجنّة روح عدن
وإذ مات أحدهما
سيتبعه الآخر لا محال.
لا يهمها سبب المشكل
أو عمقه
ولكنّ بكل تأكيد يهمها أن تصلح الأمر بينهما، قبل أن يصل الخبر للعائلة، فيتأزّم الوضع أكثر بينهما.......

***************************************

طرقٌ طفيف على الباب مرفق بصوت والدها المغمّس بالحنان« جنّة، حبيبتي، لقد أخبرتني هديل أنّك مريضة» قال يشق الباب ويطل برأسه داخل غرفتها الكئيبة، يفتّش عنها.
تململت ترفع رأسها عن وسادتها تخبره بنبرة متهدجة« لا تقلق بابا، بردٌ خفيف، ولكنّي سأضطر للتغيّب عن الجامعة اليوم» كذبت عليه تدعو بسرّها أن لا يكتشف كذبتها، تسمع خطواته تدخل اليها، جلس على حافّة سريرها يملس على خصال شعرها بحنان« سلامتك حبيبتي، هل أترك لك هديل في المنزل»
« لا، لا تفعل بابا، أنتم بحاجة اليها بالمحل، وبيت عمّي قريب، سأقصدهم إذ إحتجت لشيئ»
هديل أختها الوسطى إختارت وأصرّت على ترك مدرستها والذهاب مع والدها الى محل الإلكترونيات بعد وفات والدتها، لطالما كرهت المدرسة والدراسة، وعلاماتها كانت بالكاد تتخطى نسبة النجاح، وفي أغلب الأحيان كان تعيد سنتها الدراسية كي تتمكن من جمع علامات تمكّنها من النجاح الى الصف الأعلى، ولهذا الأمر أصرّت على مرافقة والدها الى المحل وتعلّم كيفية إدارته منه، وبعد نقاش طويل وعناد منها، قبل والدها بطلبها على أمل أن تعود يوماً ما عن قرارها وتتابع دراستها التي كانت من الأساس تعاني فيها.
أمّا هدير، عبقرية العائلة، كما يدعوها والدها، نادراً ما تدرس ودائماً عند ظهور نتيجتها تكون من المتفوقين، ذكية، مرحة، ومشاغبة.

بعد أن إطمأن على حالها، عمد عماد على إخبار زوجة عمّها بأنّها نائمة بالمنزل ولن تذهب الى الجامعة، كي تطمئن عليها بين الحين والآخر وغادر مع أخيه وإبنته الى المتجر.

وهدير كانت قد جهزّت نفسها الى مدرستها، ولكن ليس قبل أن أمّنت الطريق لعدن بالصعود اليها، تأكّدت بأنّ الجميع رحلوا الى أشغالهم، وعمدت على إفساح المجال له للدخول الى المنزل.
« إنّها في غرفتها، لم تتوقف عن البكاء منذ البارحة»
أخبرته تشير له لغرفتها« عدن» نادته بنبرة محذّرة « إيّاك ثم إيّاك والخروج من تلك الغرفة قبل أن تصالحها، وإذ لم تفعل، سأقتلك بنفسي»

أخبرته سالبة إبتسامة باردة من عدن، ومأ لها يصعد الدرجات بخطوات رتيبة، يفكّر بالوضع الذي وصلا اليه، بكلامها القاسي الذي رمته بوجهه ليلة البارحة، مكتشفاً أن جنّة قادرة على التخلي عنه بدون تردد، جنّة قادرة على أن تعيش من دونه.

عصر قبضتيه يحاول إحتواء زوبعة المشاعر الذي إغتالته منذ صدامهما، ينمو بداخله خوفٌ لم يكن له وجود من قبل، خوفٌ من فقدانها، خوفٌ من أن يأتي يوماً وتتركه بحق، من أن تحقق وعدها بالفراق وتعاند عليه، سيموت حينها.
سيموت من دون جنّته التي القت لعنتها عليه منذ سنوات طويلة
يوم أخبرته بصوتها الطفولي البريئ
- بأنّها ستدعو الله ليلاً نهاراً كي يحبّها حبّاً جمّاً، ستدعوه كي يجبره على أن يحبّها كثيراً لدرجة أن لا يحب أحداً أكثر منّها الى الأبد.
وها هو فعل
لقد كانت حبّاً وعشقاً وصداقة،
كانت طفولته ومراهقته وصباه
كانت سنده وكاتمة أسراره
كانت عدوّته في بعض الأحيان
ومعشوقته في كل الأحيان.

خرجت هدير من المنزل وأغلقت الباب خلفها، ركضت الى الشارع عندما رأت باص المدرسة وقف أمام منزلها ينتظر قدومها.

وصل عدن الى غرفة جنّة يلملم شتات نفسه،
إنّها المرّة الأولى التي يصعد فيها الى الطابق العلوي من المنزل
وبكل تأكيد المرّة الأولى التي يدخل فيها غرفتها.
والمرّة الأولى التي تؤثر فيه مشكلة بينهما الى هذه الدرجة
لأنّها المرّة الأولى التي يخاف فيها على فقدانها.

وقف أمام الباب المغلق حائراً بكيفية دخوله عليها.
هل يطرق الباب؟
أم يدخل دون إستئذان؟
إذ علمت أنّه خلف الباب لربما تقفله وتمنعه من الدخول.
وعند تلك الخاطرة طرق الباب طرقة طفيفة وشقّه يطل برأسه يتفقدها داخلها.
يراها تدفن رأسها تحت الغطاء تتذمر« لقد سئمت من تطفّلك هدير، الم يأتي باص مدرستك بعد؟ إذهبي قبل أن يغادر من دونك »

أغلق الباب خلفه وتوغّل داخل الغرفة، يجول بنظراته حول تفاصيلها البسيطة، الوانها الهادئة التي تشبهها.
وقف بقرب السرير يرى عشرات الفوط المستعملة الملقات بإهمال فوق المنضدة، مدّ يده يتفقد إيطار صورة مقلوب على قفاه، قَلَبَهُ يبتسم بعفوية، وهو يراقب صورة خطوبتهما.
« الم أقل لك غادري» صاحت جنّة تنتفض من مكانها على وشك مهاجمة أختها، متفاجئة بأنّها عدن، فصرخت عائدة للإحتماء تحت الأغطية، تحاول ستر منامتها السافرة.
« عدن» صاحت به « ما الذي تفعله هنا بحق السماء؟» هتفت بإستنكار «كيف دخلت الى هنا؟» إنهالت عليه بالأسئلة
أعاد عدن الصورة الى مكانها بوضعيتها الصحيحة، وعاد بإنتباهه اليها، يراها تتكوّر تحت الأغطية، كأنّها تحاول حماية نفسها منه.
« لم تتركي لي خياراً آخرا» أخبرها بزفرة يجلس على حافّة سريرها« فأنت ترفضين النزول للحديقة لمتابعة نقاشنا الذي أنهيته بنفسك دون إفساح المجال لي لقول أي شيئ، وترفضين الإجابة على إتصالاتي»
« ماذا تريد؟» سألته، تريده أن يقول ما عنده ويغادر.
رفع بصره اليها يرمقها بنظرات حزينة عصرت قلبها،
قضمت شفّتها تحاول منع ظهور إرتعاشتهما، توشك على معاودة البكاء من جديد،
تشعر بقلبها يتقافز بين أظلاعها، عشقاً
وروحها تهفوا اليه، إشتياقاً

كرمشت الغطاء بأناملها تقظم حزنها،
تتوسّله بنظراتها أن لا يكسر قلبها ويمزق روحها بدعمه لقرارها الذي إتخذته بلحظة عجز
بلحظةٍ شعرت فيها أنّها تقف أمام مفترق طرق،
وعليها أن تختار إحداهما
وإذ لم تتصرف بحكمة، ستخسره الى الأبد
هي لا تريده أن يتركها
لا تقوى على فراقه
ولكنّها ظنّت بأنّها لربما إذ لوت ذراعه سيرضخ
سيعود لرشده
سيعود اليها

إنكمشت على نفسها لا تقوى على رؤية المزيد من نظرة الخيبة والعتاب التي يرمقها بها.
نظرة حزينة لائمة
تخبرها بأنّها طعنته بالصميم

« وهل تقوين على فراقي جنّة، هل تقوين على التخلي عنّي؟»
غامت مقلتيها بالدموع تهزّ برأسها، لا، لن تقوى على فراقه
بل ستموت من بعده

« أنت، أنت لم تترك لي خياراً آخر عدن» تمتمت تتوسّله أن لا يأخذ كلامها على محمل الجد
« ليس هناك من شيئ يجبرك على خيارك جنّة» أخبرها بغصّة « لم أتوقّع بحياتي كلها ولأي سبب من الأسباب أنّ أسمع منك ما سمعته البارحة، أن أدرك بأنّك قادرة على التخلي عنّي بتلك السهولة والبساطة، أنّ تلك الشفتين اللتين كانتا دائماً تفيضان بعبارات تغرقني عشقاً، قادرتين على النطق بتلك القسوة التي طعنت قلبي بالصميم»

شهقت ترفع أناملها المرتعشة تخفي خلفها شفتيها، تقاوم رغبتها بالإرتماء بحضنه وتوسّل غفرانه، تشعر بالألم يجلدها كسياط لاسعة.
رفع عدن بصره اليها، فتعانقت نظراتهما الملتاعة، كلاهما يتوسل مغفرة الآخر،
إنّها المرّة الأولى التي يراها فيها على هذه الحالة.
حالة يدرك جيّداً أنّه السبب فيها، وهذا الأمر يعذّبه جداً
يشعر بدموعها نيراناً تحرق وجدانه.
عقابٌ من الله، هو يستحقه وهي لا تستحقه.
تنهّد عدن بعمق يردف بنبرة مستسلمة خاضعة« وبالرغم من كل هذا، أنا سأحقق لك طلبك، سأفعله من أجلك، سأترك أمان وشلّته، سأترك الغناء وكل ما يربطني به، فقط كي أثبت لك بأنّك بالنسبة لي أغلى من كل شيئ، بأنّي من دونك أنا لا شيئ»
أخبرها ينتشل خاتم خطوبتهما من جعبته، بسط كفّه يطالب بكفّها لإعادته اليها، وهي حدّقت به بصدمة، لا تصدّق ما تسمعه أذنيها، لا تصدّق بأنّها نجحت بخطتها الواهنة، وتمكّنت من إرضاخه.
إبتسمت وسط دموعها، تغمرها غبطة الإنتصار، ضمّت ذراعيها الى صدرها تشعر بسعادتها ستهرب منها،
عدن إختارها هي بالرغم من كل شيئ، نعم، ولماذا لا يفعل، إنّه عدنها، عدنها الذي لطالما أثبت لها مرّة تلو الأخرى أنّها أغلى ما في حياته، أغلى من كل غالي بهذا الوجود.

أعطته كفّها الهزيل، تقبل بعودته، فأخذه يحتويه بين كفّيه لبرهة، يمتص إرتعاشة أناملها، البسها الخاتم ورفعه الى شفتيه، لثمه بشوق،
يشتاق اليها، يشعر بأنّه كان غائب عنها لسنوات وسنوات،
بأنّ أنهاره جفّت بسبب طول هجران أمطار عشقها وحنانها.
شعورٌ يخيفه.
يخيفه فراقها
ميقناً بأنّه لن يتمكن من المضي بحياته من دونها.

تنهّد بعمق يقول بنبرة مهتزة، يشعر بقلبه يتمزّق داخل صدره، إنّه يعلم بأنّه سيؤذيها بطلبه، ولكنّه لن يتمكن من الإطمئنان على مستقبل علاقتهما معاً دون أن يقدم على تنفيذه«ولكن بالمقابل أنا أريد منك شيئاً، شيئاً يزيل هذا الخوف بداخلي، يطمئنّي بأنّك من المستحيل أن تفكّري بهجراني »
عقدت حاجبيها لا تفهم ما يهذي به، لا تفهم مغزى كلامه.
وهو عزم على تنفيذ ما سهر الليل بطوله يفكر به،
يفكّر بقسوة كلماتها التي سقطت عليه كالمهدّة، هدمت حصون ثقته إتجاهها.
يفكّر بتهديداتها المتكرّرة بالهجران، مدركاً بأنّ جنّته على أتم إستعداد للتخلّي عنه.
وهذا الأمر بالذات عمل على حرق ثقته وزرع الشك مكانها، فقرّر أن يجد وسيلة يظمن بها جنّته، كي لا يترك لها خياراً.

إعتلى السرير يبعد الغطاء عن جسدها، يتأمّل ما تكشفه منامتها الحريرية بإنبهار، منامة مؤلّفة من قميص بأزرار، وشورط قصير يبرز جمال ساقيها المثيرين.
رفع بصره الى وجهها، مفتوناً بروعتها وبراءة ملامحها، بالرّغم من تورّم أجفانها من كثرة البكاء.
وقبل أن تحتضن نفسها بمحاولة عفوية لموارات جسدها من نظراته العابثة، أمسك بذراعيها يمنعها،
دنا منها ببطئ، كأنّها فريسة يتفادى إخافتها فتهرب منه،
دنا منها يلتهم ملامحها المنعشة بنظراته الساخنة، تشعر بها كأنّها قبلات فراشية تجول فوق بشرتها، فتشعلها رغبة،
شبك أنامله بخصال شعرها الأسود الفحمي، يتأمّل ملامحها الفاتنة بعشق تام، يراها أجمل النساء على الإطلاق، زوجته، ملكه، له، كيانه، قلبه وروحه وكل ما يربطه بالحياة.
دنا من وجهها يقبل كل عين على حدى، تمتصُّ شفتيه حرارتهما.
إبتعد بعد برهة يفسح لها المجال لإستعادة أنفاسها، يرى أهدابها ترفرف بنعومة، تصارع رغبتها بإبقائهما مغمضتين، علّه يعود لتقبيلهما وبثّ ذلك الشعور المذهل بأوصالها.
« هل تعلمين» سألها بنبرة إخترقت أسماعها كسمفونية عذبة أذابت جليد غضبها وحزنها الذي إستهلك كل طاقتها للقتال،
فتحت عينيها ترمقه بإسترخاء تام، تشعر بأنّها تطفو فوق الغيوم الهشّة.
« أنت أجمل وأروع إمرأة رأتها عيناي» لثم وجنتها الهشّة بلطف مرسلاً شرارة بكامل أنحاء جسدها يشعر به يرتعش مقابل جسده
« فاتنة، ساحرة، وفريدة» لثم شفتيها ينهم منهما عشقه وإشتياقه
« وأنا كرجل، لا أرى سواك إمرأة» لثم عنقها بحرارة فجرّت أعماقها رغبة «ليس هناك من إمرأة قابلتها وتمكّنت من سرقة نظرة إعجاب منّي» رفع بصره اليها يشاهدها خاضعة تماماً لتعويذته
«أتعرفين لماذا؟»
هزّت برأسها ترمقه بأجفان متثاقلة، تغرز أظافرها بساعديه، جسدها يتوسّله أن لا يتوقف عن ما يفعله، وعقلها يخبرها بأنّها لن تخرج سليمة من هذا الفخ.

« لأنّك تسكنين هنا» أشار لعقله
« وهنا» أشار لعينيه
« وهنا» أشار لشفتيه
«وهنا» أشار لصدره
« لأنّك تسكنيني يا معذّبتي»

دفعها برفق كي تستلقي على السرير وإعتلاها، دافناً شفتيه بشفتيها، نهم منهما برفق يفسح المجال لأنامله بفك أزرار قميص منامتها الحريرية، أبعدها عن جسدها ينزل بشفتيه نحو عنقها، فنحرها، تجول أنامله فوق جسدها الهش الخاضع له كليّاً، مغيّبة العقل تماماً، تهفو للمسته التالية كما تهفو رئتيها لنفسها التالي، وتهفو شفتيها لقبلاته، كما يهفو قلبها لنبضته التالية.

إستسلمت له غافلة عن نيّته،
غافلة عن أنّه هذه المرّة سيتخطّى الحدود،
سيذهب بها الى عالمٍ لا عودة منه،
غافلة عن أنّه هذه المرّة سيدمغها، سيضع علامته عليها، سيضمن لنفسه بأنّها له، بأنّها بعد هذه الهمسات المغرية واللمسات المشتعلة، الغيوم الهشة والأزهار الوردية، ستكون له،
له،
قولاً وفعلاً،
جسداً وروحاً،
ولتجرؤ بعد ذلك على تهديده بالفراق.

noor elhuda likes this.

امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 03:03 PM   #27

منال سلامة

قاصة في قلوب احلام وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 408582
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,077
?  نُقآطِيْ » منال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond reputeمنال سلامة has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

تسلم ايدك امولة على الفصل والاحداث التي بدات تتوضح وتكشف بداية ما حدث مع جنة ...

(إستسلمت له غافلة عن نيّته، غافلة عن أنّه هذه المرّة سيتخطّى الحدود، سيذهب بها الى عالمٍ لا عودة منه، )
يا خسارة من قارئ ومجود للقرآن لمنتهك عرض تحت مسمى الحب والاحتياج والاشتياق هاي اخرة طريق اصدقاء السوء والصحبة السيئة الانزلاق للهاوية ..
هدير اختها اعتقد ما كانت تعرف هيك راح يصير والا ما كانت امنت له الطريق وتركته جنة وحدها معه ..

للاسف عدن خان أمانة عمه في الحفاظ على ابنة عمه ..
لقد سقط وسقط الى الحضيض بعد ان زين له الشيطان عمله منذ البداية عندما قدم اول تنازل لتتوالى التنازلات وهذا ما كانت جنة متخوفة منه ..
كما برر لها حكاية الصورة التي شاهدتها ..
ما فعله عدن مع جنة صدمة حقيقية واضح انها كانت البداية لسحب جنة الى الوحل معه ..

مان انسان حقير واضح انه غيور يحقد على عدن اراد ان يسحب جنة لعالمه ان يفعل معها كما باقي الفتيات في ذلك المكان الا انها صدته وضربته تاركة اياه مشتعلا مما فعلت ..والله يستاااهل
ياريتها ضربت عدن ليفيق مما هو فيه ...

وصف رااائع لمشهد جنة وهي تدخل ذلك العالم المنفر ...
(دخلت تتلفّت حولها تتفقد المكان، تشاهد شباباً وصبايا جالسين حول طاولات أنيقة المظهر، المكان كله يدل على الفخامة والمال.
إرتسمت فوق شفتيها إبتسامة ساخرة، تفكّر، وهل الآن أصبح الفساد عنوان الثراء؟
هل يجب على كل ثري أو ثرية في هذا البلد أن تستغل ثرائها ببيع نفسها للعيون واللمسات؟
هل أصبح معيار التفرّع والسفور يرتبط بمعيار الثراء الذي يتمتع به الشخص؟)


تسلم ايدك امل ابدعتي في عرض احداث الفصل باسلوب مثير فيه الكثييير من التشويق لما حدث مع جنة ..


منال سلامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 07:39 PM   #28

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منال سلامة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

تسلم ايدك امولة على الفصل والاحداث التي بدات تتوضح وتكشف بداية ما حدث مع جنة ...

(إستسلمت له غافلة عن نيّته، غافلة عن أنّه هذه المرّة سيتخطّى الحدود، سيذهب بها الى عالمٍ لا عودة منه، )
يا خسارة من قارئ ومجود للقرآن لمنتهك عرض تحت مسمى الحب والاحتياج والاشتياق هاي اخرة طريق اصدقاء السوء والصحبة السيئة الانزلاق للهاوية ..
هدير اختها اعتقد ما كانت تعرف هيك راح يصير والا ما كانت امنت له الطريق وتركته جنة وحدها معه ..

للاسف عدن خان أمانة عمه في الحفاظ على ابنة عمه ..
لقد سقط وسقط الى الحضيض بعد ان زين له الشيطان عمله منذ البداية عندما قدم اول تنازل لتتوالى التنازلات وهذا ما كانت جنة متخوفة منه ..
كما برر لها حكاية الصورة التي شاهدتها ..
ما فعله عدن مع جنة صدمة حقيقية واضح انها كانت البداية لسحب جنة الى الوحل معه ..

مان انسان حقير واضح انه غيور يحقد على عدن اراد ان يسحب جنة لعالمه ان يفعل معها كما باقي الفتيات في ذلك المكان الا انها صدته وضربته تاركة اياه مشتعلا مما فعلت ..والله يستاااهل
ياريتها ضربت عدن ليفيق مما هو فيه ...

وصف رااائع لمشهد جنة وهي تدخل ذلك العالم المنفر ...
(دخلت تتلفّت حولها تتفقد المكان، تشاهد شباباً وصبايا جالسين حول طاولات أنيقة المظهر، المكان كله يدل على الفخامة والمال.
إرتسمت فوق شفتيها إبتسامة ساخرة، تفكّر، وهل الآن أصبح الفساد عنوان الثراء؟
هل يجب على كل ثري أو ثرية في هذا البلد أن تستغل ثرائها ببيع نفسها للعيون واللمسات؟
هل أصبح معيار التفرّع والسفور يرتبط بمعيار الثراء الذي يتمتع به الشخص؟)


تسلم ايدك امل ابدعتي في عرض احداث الفصل باسلوب مثير فيه الكثييير من التشويق لما حدث مع جنة ..
عزيزتي منال
ما بتعرفي كم سعادتي وانا اقرأ ريفيوهاتك
مشاركاتك تفرحني جدا
وبالنسبة لعدن
عدن اخطأ وما عاد عارف حاله كيف بده يخرج من الخطيئة
وكرماله عم بيلاقي حاله بدل ما يصحح عم يخطئ اكثر واكثر
خاصة بعد ما صار عنده هاجز الخوف من فقدان جنة الي لاحقة تهدده عند كل منعطف
وما بدنا ننسى انه اثنينهن بعدهن بسن اقرب للمراهقة منه للنضوج
هي 18 وهو 21


امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-19, 11:16 PM   #29

Gigi.E Omar

نجم روايتي و راوي القلوب وكنز سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية Gigi.E Omar

? العضوٌ??? » 418631
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 3,166
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Gigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك carton
?? ??? ~
لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين 💙 لا تتنازل عن مبادئك و إن كنت و حدك تفعلها ✋️
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

افهم كدا ان جنة كانت حامل من عدن 🤔🤦‍♀
بس عدن عشان يضمن جنة معاه يتجوزها !!
ايه التفكير دا !
الخوف من ردة فعل جنة و اللي هتعمله 🤔
و هو صادق في كلامه و انه هيسيب الفرقة ؟؟ 🤔

و ااه امان كانت نيته سليمة يعيني 🙄
دخلها النادي و كذب عليها عشان يهديها من ناحية عدن و تسيب عدن لهم 😑
هيقدر يسيطر على عدن تاني و يخليه يوقع العقد ؟؟


Gigi.E Omar غير متواجد حالياً  
التوقيع
" و استغفروا ربكم "
رد مع اقتباس
قديم 26-09-19, 06:49 AM   #30

امل القادري

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 403898
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 455
?  نُقآطِيْ » امل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond reputeامل القادري has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير
ناطرة أرئكم ومشاركاتكم
ناطرة دفعة إيجابية
جنّة عدن
الفصل السادس

ضمّت ركبتيها الى صدرها جالسة بأرض الحمّام، دفنت وجهها بذراعها تحاول كتم شهقاتها المريرة.

تشعر بأنّها تقف على سفح جرف، وبزلّة قدم ستهوي نحو الأسفل،
ستتهاوى مطوّلاً قبل أن يرتطم جسدها بقعره
ستتألم كثيراً
ستتعذّب كثيراً
ستموت في الثانية الف مرّة
ولكم من الثواني سيمر عليها قبل أن تتلفظ أنفاسها الأخيرة

ما أصعب أن يأتيك الغدر من مصدر أمانك
أن يتحوّل حبيبك بلحظة الى عدوّك
أن يصبح جبلك الصامد، رفاتا
أن تتحوّل جنّتك الغنّاء لجحيم تتلوّى بنيرانه

لقد غدر بها عدن
إغتال براءتها بخبث
نال منها هادماً درب الاّ عودة
ولكنّه بالمقابل خسر الكثير
خسر روحها وقلبها
خسر الهدف الأساسي الذي من أجله دمّرها
وخلف باب الحمّام كان يقف هو
مدركاً فذاحة ما أقدم على فعله
مدركاً أنّ ذلك العالم الملوّث الذي إنغمس فيه، طاله منه الدنس

كيف سوّلت له نفسه أن يقدم على أذية أعز ما يملك بهذا الوجود
كيف سوّلت له نفسه على تدمير روحه
تمزيق كيانه
إحراق وجدان رفيقة دربه وعمره

زفر زفرة طويلة يطرق على الباب بخفّة، يناديها بنبرة مهتزة، ضعيفة، نادمة، معتذرة.
وما نفع كل هؤلاء بعد وقوع الواقعة
« جنّة، أرجوك، كفّي عن تعذيب نفسك، إفتحي الباب ودعيني أطمئن عليك »
أجابته بشهقاتها المريرة، شهقات تخترق صدره كسهام نارية تشعل كل ما تطأه.

كوّر قبضته يلكم الباب بعنف يهتف « جنّة لقد شارفت هدير على العودة، وهاتفك يرن منذ أكثر من عشرة دقائق، إنّه عمّي، أخرجي قبل أن يفتضح أمرنا وعندها لن يفيدنا الندم، أخرجي الآن، أخرجي وأصرخي بوجهي، إضربيني، أنّبيني، إفعلي بي كل ما ترغبين به، ولكن لا تهربي منّي، أخرجي وواجهيني»

ولم يلبث أن قال ما قاله حتّى فُتح الباب وخرجت منه بإندفاع، قفزت عليه مسببة فقدانه توازنه، فحضن جسدها بعفوية يتراجع بإندفاع، يحاول التوازن كي لا يقع، ولكنّ محاولته باءت بالفشل، إذ وقع على ظهره وهي فوقه، شبكت أناملها بشعره تجذبه بعنف

« أكرهك، أكرهك» صرخت بقهر
لكمت صدره بقبضتيها بقوّة لم تكن تعلم بأنّها تملكها« أيّها الحقير، أيّها النذل، أيّها الخبيث» وإستمرت بتعنيفه، وهو بالرغم من الألم الذي تسبّبه له، الاّ أنّه لم يحاول صدّها أو منعها

« أيّها الغدّار»
وأنهت عبارتها بِعَضِّ كتفه، عضّته غارزة اسنانها بعضله، تشعر به يقاوم ضدّ أسنانها، وعندما شعرت بألم بفكّها، حررته عائدة لصفعه، صفعته صفعات متتالية وهي تتمتم « لن أسامحك أبداً، أبداً، على سرقة ليلة زفافنا منّي، لن أسامحك أبداً على أخذها منّي بهذه الطريقة، لن أسامحك»
وهمدت فوقه، دفنت وجهها بصدره تبكي وتنوح، بكت وبكت، وهو إكتفى بضمّها، لا يجد كلمة أو عبارة تعبّر عن مدى أسفه وندمه على ما أقدم على فعله بلحظة ضعف،
بلحظة غباء،
بلحظة خوف من أن يفقدها.
يتمنّى لو أن قدميه قد شُلّتا قبل أن أوصلتاه الى غرفتها وفعل ما فعله

جسدها ينتفض مقابل جسده
يرتعش
ينوح

« لقد، لقد سرقت حلمي منّي عدن، سرقت حلم فتاة بريئة، تقف ليلياً أمام المرآة ترتدي قطعاً من جهازها، تخجل من نظراتها لنفسها، تتخيلك أمامها، تتخيّل غزلك لها، إعجابك بها، إندفاعك نحوها، تتخيّل رومانسية تلك الليلة وما ستحمله من أثر طيّب، وذكريات لطيفة نعود اليها عند كل منعطف، نعود اليها عند كل مشاحنة.»

شهقت من جديد، تحاول تحرير نفسها من بين ذراعيه، ففعل يفسح لها المجال بالإبتعاد، إبتعدت تستند الى الجدار خلفها، تعيد ضمّ ركبتيها الى صدرها، رمقت الأرض قبالتها تمسح أنفها من أثر الدموع الغزيرة التي ما تزال تنهمر.

« غادر، غادر» قالت بنبرة تابثة بالرغم من ذلك الصدع الحديث العهد بقلبها.
زحف عدن اليها، جلس قبالتها يتأمّلها بعينين دامعتين، يتمنى لو أنّه قادر على إعادة الزمن، قادر على تغيير ما حدث.
شبك أنامله بخصال شعره المبعثرة يزفر نفساً مشتعلاً، عصر قبضته يقاوم عدم الوصول بها اليها« أنا، أنا أعلم بأنّي أخطأت، أخطأت بما فعلته، وأعلم بأنّ كلمة أسف أو أعتذر لن تصلح ما حصل، ولكن صدّقيني، صدّقيني عندما أقول بأنّي فعلت ما فعلته خوفاً من أن أفقدك، لأنّي أعشقك، لأنّي سأموت من دونك، بأنّ حياتي لن يكون لها هدف أو معنى إذ لم تكون لك ومن أجلك، جنّة، أنا أحبّك، وأنت في نهاية المطاف زوجتي، نحن لم نقترف خطأً بما حصل، أنت زوجتي أمام الله.»

رفعت بصرها المشتعل اليه تجلده بسياط الغضب الذي يتجمّع بمقلتيها كعاصفة هادرة،
رفعت سبّابتها بوجهه هادرة به من بين أسنانها« أنا خطيبتك، خطيبتك أمام عائلتي وعائلتك وأهل قريتنا، أمام زملائي بالجامعة وزملائك، أنا خطيبتك ولست زوجتك، وإيّاك، إيّاك وأن تظن بأنّ ما حصل اليوم سيمنعني عن تركك في حال لعبت بذيلك معي، أو وجدتك غير أهلٍ لإتمام هذه الخطبة، هل فهمت؟»

وقفت من مكانها تشير له نحو السلالم تخبره« إرحل، غادر، وإيّاك أن تحاول لمسي بعد الآن، أنت ممنوع من لمسي أو إمساك كفّي حتّى الى أجل غير مسمّى»

أخبرته ودخلت غرفتها صافقة الباب خلفها، أسرعت نحو السرير، تجرّده من الملاءة والأغطية والوسائد وكل ما يحمل أثره، حملتهم وخرجت بهم نحو غرفة الغسيل، شذرته بدربها هاتفة به« لا أريد رؤيتك هنا عندما أعود»

مسح على صفحة وجهه يراقب قفاها يبتعد، تنهّد بعمق قلقاً من فكرة تركها وحدها، خاصّة وهي بتلك الحالة، حالة هو وضعها فيها، ويستحق الجلد من أجلها.

ولكنّه في نهاية المطاف قرر أن يغادر من الباب الخلفي عندما سمع جرس الباب الأمامي يُقرع، لا بدّ أنّها والدته، أتت كي تطمئن عليها، بناءً على طلب والدها، الذي غادر الى العمل وهو قلقاً عليها.

*************************************

صادف أن اليوم التالي كان يوم عطلة نهاية الأسبوع، تركت سريرها عند الفجر، بعد أن حاولت أن تحث عينيها المنهكتين على النوم طوال الليل دون جدوى، دخلت الحمّام، توضّأت وصلّت ورفعت كفّيها تتضرّع الى الله، تطلب منه أن يستر عليها، أن يغفر لها ولعدن، أن يعيد عدن الى الصراط المستقيم، أن تكون حادثة البارحة هي خاتمة أحزانهما، تضرّعت وبكت وإستغفرت ومن ثمّ غفت فوق سجادة الصلاة، ينال منها التعب والإرهاق قبل أن تعي.

وفي الحديقة كان عدن يقف تحت نافذتها، يراقب كل حركة بداخل غرفتها، يجلد نفسه وروحه على ما أقدم على فعله بها، نادماً حزيناً، تغمره الكآبة، كلماتها المحطّمة ما تزال تتردد بأذنيه،

-لقد سرقت حلمي البريئ، سرقت فرحتي بليلة زفافنا.

زفر بلوعة يمسح على صفحة وجهه عازماً على قطع كل صلاته بأمان وفرقته، بأسرع وقت.
« صباح الخير يا بني» أتى صوت والده من خلفه
« صباح النور أبي» ترك مقعده يشاهد والده يلف عبائته فوق ثيابه « أذاهب لصلاة الفجر؟» سأله
« نعم، هل أنت أتي؟» سأله والده وهو لم يتردد للحظة باللّحاق به.
نعم فاليبدأ نهاره بصلاة الفجر جماعة بمسجد القرية، ومن بعدها يذهب الى أمان.

***********************************

أتى المساء وعدن ما يزال لم يعد للمنزل، وهي بالرغم من غضبها الاّ أن غيابه بدأ يلعب على وترها الحسّاس، خائفة من يكون قد عاد الى أمان،
من أن يكون قد خدعها وكذب عليها بمسألة تركهم، خاصّة بعد أن ضمن لنفسه أنّها من المستحيل أن تتركه.

قبضت على صدرها تشعر بألم عظيم يغتالها، تنبؤها روحها بقدوم مصيبة،
أمّ أنّها فقدت ثقتها كليّاً بعدن؟
فقدت تفاؤلها، فأصبحت تتوقّع الأسوأ،
تتوقّع الأسوأ وتنتظر قدومه.
وهذا بالتحديد ما إستغلّه المُرسل، عندما قرر لعب ورقته الأخيرة معهما......

طنّ هاتفها قبل غياب الشمس بدقائق معدودة، يحمل معه فاجعة
فاجعة ستغيّر خارطة تاريخهما
ستمزّق كيان العائلتين
ستحرق طفولتهما
وصباهما
وذكرياتهما
وتحوّلها الى هشيم

فتحت هاتفها تحدّق بالشاشة بصدمة إعتلت ملامحها
بقلب يتقافز بين جنباتها
بروح تتملّع وتتمزق
بأعصاب تهتز منهارة

وفي ذات تلك اللحظة رأته يركن سيّارته أمام المنزل، فأسرعت اليه،
تفور غضباً وحقداً وكرهاً أعمى بصيرتها
حافية القدمين قطعت الحديقة تلاقيه دخل البواّبة الحديدية

وهو بكل شوق لاقاها
غافلاً عن كل ما يعتمل بجوفها

وصلت اليه صارخة به ملئ حنجرتها
غير عابئة لمن يصل اليه صوتها
صرخت بكل قهر الدنيا
تموج بطيّات الغدر والخيبة

وصلت اليه تدفعه بقبضتيها، فإرتدّ جسده على إثر ضرباتها الواهنة تصيح به بنبرة ممزقة عاجزة، فقدت كل مقوّمات القتال والمقاومة
« أكرهك عدن، أكرهك لدرجة أنّي قادرة على قتلك بيدي هاتين» تمسّكت بتلابيب قميصه تهزه بعنف، شعرها يتحرّر من تحت حجابها، مقلتيها مشتعلتين غضباً وأسنانها تصك ببعضها تحاول كبح جماح لسانها السليط.

« أتمنى لو أن زوجة عمّي لم تنجبك لهذه الحياة، لو أنّك لم تكن إبن عمّي، لو أنّي لم أقع بعشقك منذ طفولتي، لأنّك لا تستحق، لا تستحق »
صرخت بهيستيرية تطلق سراحه يترنّح جسده فإستند الى حاجب البوّابة الحديدية، يحاول فهم سبب غضبها هذا، لماذا هذا الغضب وهذه القسوة بالكلام، فهو لم يقترف أي خطأ يستحق عليه ثورتها هذه.

« ماذا حصل لك جنّة، ما هذا الجنون بحق السماء؟»
« أيّها النذل، الفاسق، أنت تستحق أن تتلوّى بنيران جهّنم على أفعالك المشينة، يا عار العائلة بأكملها»
قبض على ساعديها يهتف بها بنبرة محذّرة« ما بك، ما أصابك، إهدئي قبل أن تفضحينا»

طلب منها قلقاً من يصل صراخها الى والده وعمّه الّلذان يتبعانه.
« أفضحك» بصقت العبارة بسخرية مردفة« ومن أخبرك بأنّي لن أفضحك، سأفضحك، سأفضح خداعك ومكرك، وسفورك، سأفضحك أيّها السكير، الزنديق، الزاني، سأخبر عمّي بكل فضائحك، سأخبره عن كل أفعالك القبيحة وكذبك وخداعك له، عن سهراتك الماجنة، بين كؤوس الخمر والنساء العارية والموسيقى الصاخبة التي تعج بشياطين الأرض، سأخبره» صرخت تنتفض بين ذراعيه وهو يحاول إسكاتها، يحاول مداراة الأمر قبل أن يصل لمسامع والده وعمّه.

وهي إستمرت بالصراخ عالياً.
فضحته
فضحت سرّه
لقد سترته وهو يخطئ
وفضحته بعد أن تاب وعاد الى ربّه
فضحت سرّه بأقبح الطرق
فضحته ودمّرته وسلخت جلده عن لحمه
جنّة جنت عليه بأقسى طريقة ممكنة.

وعندما قدم والدها وعمّها لم تسكت
لم ترصخ لتوسلات عدن الصامتة أن تستر عليه
أن تعفيه من غضب فات أوانه
من عقاب على خطئ تاب عنه

وقفت بين عمّها الملكوم ووالدها المذهول منها
إذ بحياته لم يرى إبنته على هذه الحالة
بحياته لم يتوقّع أن يسمع منها ما سمعه
إتهاماتها
حرقتها
إنكسارها
ثورتها

أخبرتهم عن كل شيئ
غناء عدن
سهراته الماجنة
النساء العاريات
المشروبات الروحية

ووثّقت كلامها بالصور
فتحت هاتفها ووضعته بوجه عمّها المصدوم والملكوم
الذي يشاهد إبنه البار
ربيب يديه
حافظ القرآن
وقد هوى بهوّة مظلمة تحت قبضت الشيطان

وعدن الصدمة ربطت لسانه
لا يستوعب عقله وقلبه
لقد وشت به
فضحته
دمّرت صورته المثالية
لقد رمته تحت إطارات شاحنة تسير بسرعة هائلة وتركته لمصيره

وبكل هدوء
أعاد كامل الهاتف الى إبنة أخيه، ووجّه إنتباهه كاملاً الى إبنه الصامت كليّاً
ملامحه شاحبة
وعقله يموج بأسئلة لا يجد لها أجوبة
أين أخطأ معه ؟
أين قصّر بحقه؟
ما الذي أخطأ فيه كي يقوده لفعل ما فعله؟
وهو من قضى عمره يعمل بكد كي لا يحرمه من شيئ وهو وإخوته، حرم نفسه من الكثير كي يجمع الأموال التي يحتاجها لجامعته، جامعة لم يرضى الاّ أن تكون الأفضل على الإطلاق، وبالرغم من أن أقساطها تفوق قدراته الماديّة، الاّ أنّه لم يبخل عليه بها، بإعتبار أنّه يصنع له مستقبلاً أفضل
يستثمر به

وبنهاية المطاف هكذا يكافئه!
بمرغ سمعته بالوحل!
يدوس بكعب حذائه على كل ما أنشأه عليه !
يقع أسيراً لمغريات الشيطان!

وبكل هدوء، وبخطوات بطيئة متهالكة، إقترب منه
وصل اليه رافضاً فك لِحام نظراتهما
يرمقه بخيبة تفيض حزنا وقهراً، على إبن وضع فيه كل أماله وفخره،
فظلّ الطريق أشد ظلالة.

وبكفٍّ تهتز صفعه صفعة دوت أرجاء المكان
صفعة خطفت شهقة من بين شفاه جنّة التي أدركت للتو فذاحة ما أقدمت على فعله
بَرَدَ غضبها وعاد اليها عقلها
وأدركت فضاعة ما أقدمت على البوح به

« يا خيبتي بك، يا إبني وفخري، يا خيبتي على ما أنشأتك عليك طفلاً ومراهقاً، على وعد نفسي بالجنّة مكافأة عليك، على كل قرشٍ حرّمته على أهلك من أجل تأمين أقساط جامعتك، جامعتك التي إمتصّت دمّي حتى الرمق الأخير، وأنا لا أجرؤ على التذمر كي لا أكسر بخاطرك وأجعلك تشعر بالدونية»
« أبي أنا..» حاول التبرير
وأسكته بصفعة ثانية هادراً به« أغرب عن وجهي، لا أريد رؤيتك، لا أتحمّل رؤيتك، أو سماع صوتك، إرحل، أنت من اليوم ليس لك مكاناً هنا، هذا منزل طاهر، طاهر وشريف، ولا مكان فيه لعبدة الشياطين، إرحل»
« وحّد الله يا كامل» هتف عماد يحاول تهدئة النفوس، بالرغم من أنّه يستنكر كل ما سمعه ورأته عينيه، لا يصدّق أن إبن أخيه البار الذي إختاره زوجاً لإبنته، يتحوّل بين ليلة وضحاها الى زاني وفاسق بوثائق منتشرة عبر الوسائل الإجتماعية.

« وقبل أن تغادر، إرمي يمين الطلاق على إبنة عمّك، أنا من المستحيل أن أرغب لها بزوج مثلك، أيّها الفاسق الزاني»
« لا» شهقت جنّة
وهو التفت اليها يرمقها بعينين غائمتين،
يشعر بالأرض تنهار من تحته،
بلهب نيران جهّنم تتطاول بأذرعتها اليه،
تحاول جذبه الى قعرها وإحراق روحه قبل جسده.
لقد دمّرته جنّة
دمّره شكّها وضنّها
دمّرته وهو في أكثر أوقاته ضعفاً وبحاجة لدعمها

هزّ رأسه رافضاً أمر والده« لا، جنّة زوجتي، وأنا أرفض تطليقها»
« أنا من المستحيل أن أقبل بإتمام زواجك بإبنتي بعد الذي علمناه عنك، ورأينا دليله بأعيننا» علّق عماد، إذ نعم، إنّه يؤيد أخيه بهذه المسألة، فهو من المستحيل أن يقبل بإتمام هذا الزواج بعد الآن « أنا زوّجت إبني لإبن أخي البار بأهله، حافظ القرآن الكريم، المرتّل والمجوّد، الذي لا يقطع أو يؤخر أوقات صلاته لأي سبب، مصدر فخر العائلة، الرجل الذي سيحمي إبنتي ويصون شرفها، وليس المغنّي والزنديق، الزاني وزائر الملاهي الليلية»
« طلّقها» هدر به والده يهجم عليه، يشعر بالرغبة الجامحة بتطويق كفّيه حول عنقه وسحب أنفاسه منه، فسارع عماد اليه يمنعه عنه، يحاول تهدئته.

تراجع عدن بضع خطوات متعثّرة، يحاول تفادي قبضة والده هاتفاً بنبرة متحشرجة« لا، لن أفعل، أرجوكما، لا تجبراني على تطليقها، لقد تبت، تبت وأعدكما بأنّي سأعود لسابق عهدي، لقد تركت الغناء أقسم لكم»

لقد كان عند أمان صباحاً، ذهب اليه يخبره بأنّه ينسحب من الفرقة،
والأخير فقد رشده عندما أخبره يصرخ ويصيح ويهدد، ومن ثمّ غيّر إستراتجيته، يحاول إغرائه بالمال، بأنّ يضاعف حصّته مقابل كل أغنية وحفلة يقيمونها، ولكن عدن بقي مصرّاً على رأيه،
قطع علاقته به كليّاً، يسأله أن لا يحاول الإتصال به لأي سبب من الأسباب.
ومن ثمّ عرج على محل والده وعمّه وبقي هناك معهم يساعدهم في نقل البضائع وتوزيعها، كما كان يفعل سابقاً، ولكم شعر بالراحة النفسية حينها.
كأنّ الجبل الذي كان جاثماً فوق ظهره يتصدّع ويتفتت مع كل ذرّة عرق يذرفها بعمله تحت إمرة والده، وبكل ركعة خشوع صلاّها خلف عمّه
شعورٌ إشتاق اليه، وأدرك قيمته الفعلية بعد أن فقده ومن ثمّ عاد اليه،
الشعور برضى الله وأمانه.

« ستطلّقها» صاح به والده« هذا سيكون عقابك على خداعك لنا لكل هذا الوقت، ظنّاً منك أنّني غبي، غافل، وأنّك ستتمكن من المضي بالإنغماس بوحولك وتنديس شرف العائلة دون أن يصل لنا الخبر، لقد سوّدت وجوهنا، ومرغت سمعتنا بالطين أيّها العاق، لقد كسرت خاطري وظهري وبصري أمام الناس، كيف سأبرر لأهل القرية صورك وفيديوهاتك السافرة والماجنة المنتشرة على وسائل التواصل، السهلة الوصول اليها؟ ماذا سأخبرهم، عندما يسألوني عن ولدي المهندس الذي كان يؤمُّ بهم أيّام الجمعة؟ هل أخبرهم بأنّه تحوّل الى مغنّي تحوم حوله الراقصات العاريات؟»

بصق بوجهه يقاوم قبضة أخيه، يحاول الوصول اليه هادراً به «ستطلق جنّة وتغادر هذا المنزل، لأنّه لا مكان لك بيننا بعد الآن، هل فهمت؟»

«لن أفعل، لن أفعل الاّ إذ هي طلبت ذلك» قال يتوسّلها بنظراته أن لا تتخلى عنه، إنّها ورقته الأخيرة، جنّة هي الخيط الغليظ الذي ما يزال يربطه بدينه وعقيدته ومنشأه، إذ تخلّت عنه سيهوي دون رادع،
سيهوي بجحر الشيطان دون أن يجد من ينقذه منه.

إنكمشت جنّة على نفسها، تجول بنظرها المضطرب بين الجميع، والدها الذي عقد حاجبيه هاتفاً بها بإستنكار« أنت عقابك سيأتي لاحقاً، لا تظنّي بأنّي سأسكت على صمتك عن قبائحه لكل هذا الوقت، والله وحده العالم، لو أنّك لم تكتشفي خيانته لربما كنت ستستمرين بالتستر عليه الى أحل غير مسمّى» هتف بها عماد، لا يصدّق تأثير عدن عليها، لا يصدّق بأنّها قبلت على التستر عليه لكل هذا الوقت، قبض على أخيه يمنعه عن مهاجمة إبنه هادراً بها بنبرة أجفلتها« أسأليه أن يطلّقك، وإذ قررت الصمت، سأغضب عليك الى يوم الدين»

هزّت برأسها يغمرها العجز.
وماذا كانت تتوقّع أنّه سيحصل بعد أن تفضحه أمام أهلها؟
يا لك من غبية!
يا لك من بلهاء!
والآن ماذا ستفعلين؟
عادت بنظرها الى عدن.
تشاهد إنكساره بكل معالم جسده
ماذا فعلت به؟
« جنّة» صاح بها والدها، أجفلها
شهقت تكتم شهقتها بكفّها المرتعش هاتفة بنبرة متهدّجة « ط، طلّقني»

**************************************

الى نفسي العزيزة

أغمضِ عيناي روحك وتنفسي الحياة
تنشّقي الطاقة والقوّة والصلابة
تنشّقي الشجاعة التي تحتاجين كي تتخلي عن الماضي والمضي قدماً
والآن إزفري الآمك وخيباتك،
بأسك وأحزانك التي تثقل صدرك بالهمِّ والشجن
فقط تنفّسي.

شهقت بعمق تنتفض من غيبوبتها، تتلفّت حولها بضياع، تشعر بالإختناق، فأتت ردّة فعلها العفوية بجذب أنبوب الغذاء من فمها تسعل بشدّة.
دارت بنظرها المشوّش تسمع طنيناً قوياً تعلو وتيرته تدريجياً.
حاولت الإعتدال بجلستها تشاهد عدداً من الممرضات يدخلن عليها الغرفة، فعاد جسدها يتهاوى فوق السرير مستسلمة لوهنها.

«إهدئي، إهدئي، الحمدلله على سلامتك» قال الطبيب يتفقد مؤشّراتها الحيوية تلين ملامحه بعطف.
« هل بإمكانك إطلاعي على إسمك؟» سألها يراها تهيم وسط ذكرياتها
إنفرجت شفتيها هامّة بالرد على سؤاله فخرج صوتها على هيئة بحّة خافتة، تنحنحت تجرّب من جديد فخرج جافّاً متحشرجاً« جنّة، أدعى جنّة عقيل»
إبتسم برفق « كم عمرك؟»
« تسعة عشر» تنحنحت من جديد
« في أي عام نحن»

عقدت حاجبيها مستغربة سؤاله تحاول الإعتدال من جديد لتعود وتهمد بسبب الألم الذي ضربها دفعة واحدة، تأوّهت تحاول إفلات يدها من يده، فقبض على كفّها يمنعها، يعيد سؤاله« في أي عام نحن جنّة»
« عام 2019، ولكن ماذا يحصل لي، لماذا أنا هنا؟»

« لقد تعرضتي لحادث سيّارة وأصبت خلاله إصابة بليغة» أجابها الطبيب مردفاً« ما هو آخر شيئ تذكرينه جنّة؟»
« آه، أذكر...» وصمتت ضائعة وسط ذكرياتها،
ما هي آخر ذكرى لها؟

لاحظ الطبيب إضطراب ملامحها« لا تقلقي، من الطبيعي أن تشعري بالتشوّش، ستعود لك كل ذكرياتك تدريجياً، المهم أنّك عدتي لوعيك أخيراً، كنّا قد بدأنا نقلق عليك مؤخراً»
أخبرها يربّت على ذراعها، نزع الكمّامة عن فمه كاشفاً عن إبتسامته الوديعة، لقّن الممرضات واجباتهن وما عليهن القيام به ومن ثمّ عاد اليها قائلاً.
« سننقلك الى غرفة عادية الآن، وإذ كنت فتاة مطيعة لربما تغادرين بغضون أيّام»

أخبرها يراها تصارع جاهدة، علّها تتذكر شيئاً من أحداث الحادث المزعوم الذي أوصلها الى هنا، ولكنّها عادت بذكريات مبعثرة مشوّشة لم تفهم منها شيئ.

« إرتاحي الآن، ولا تفكّري بذلك الأمر، أعدك بأنّ كل شيئ سيكون على ما يرام»
حادثها بنبرة هادئة يشير للمرضة أن تحقنها بمهدئ للأعصاب يشاهدها تحاول مقاومة نعاسها دون جدوى.

بقي فوق رأسها يراقبها لبرهة عاجز عن نزع نظره عنها، رقيقة ولطيفة وكنزٌ من كنوز الدنيا.
خسارة ما حصل لها.
وخسارة ما فعلوه بها.
وليلطف بها الله من هول القادم.

غادر الغرفة ينتشل هاتفه من جعبته وإتصل مباشرة بثائر.

لقد مرّ على غيبوبتها 40 يوماً، وها هي عادت اليهم من جديد بعد أن كانوا قد بدؤوا بفقدان الأمل بها.
ولكن يبدو أن مريضته مناضلة تأبى الإستسلام بسهولة.

« الو، نعم، سيّد ثائر، لقد إستيقظت أخيراً، من الأفضل أن تأتي حالاً، نعم، ستحتاج لوجودك عندما تستيقظ من أثر حقنة المهدئ التي أعطيتها إيّاه، إنّها خائفة، وبكل تأكيد ستحتاج لوجود أحد من أفراد عائلتها عندما تستعيد وعدها»

أقفل ثائر الهاتف قابضاً عليه بعنف، شرد يفكّر بخطوته القادمة.
لقد عادت جنّة من غيبوبتها، والآن حان وقت الجد، عليه أن يخبر عمّه بالمستجدات.

عليه أن يعلم بأنّ إبنته التي قام بدفنها منذ أربعين يوماً قد عادت للحياة.
إنّه يعلم بأنّ عمّه بالرغم من كل ما فعله، وبالرغم من كل ما حصل، ما يزال هناك جزءٌ منه يحنّ لصغيرته، يشتاقها، يحبّها وعاجز عن التوقف عن التفكير بها.

إنّه يلاحظ ذلك من نظراته المتساءلة في كل مرّة يلتقي به، يعمد على فتح أحاديث جانبية ينتظر منه أن يخبره عن أحوال جنّة .
ولكن ثائر يؤثر الصمت، يدّعي الغباء، يريده أن يسأله عنها دون مراوغة، يسأل عن إبنته التي ظلمها دون أن يعطيها فرصة الدفاع عن نفسها، حكم عليها بالإعدام قبل إستجوابها.

حتّى المجرم يحق له بالدفاع عن نفسه قبل إصدار الحكم عليها، ولكنّ عمه حكم عليها بالإعدام غيابياً، وهذا كان بحد ذاته من أقصى درجات الظلم بحق الأنثى في المجتمعات العربية التي ما تزال في أغلب الأحيان ترضخ لقانون العادات والتقاليد وتُبَدَّيهِ عن قانون الحرام والحلال.

زفر بحرارة يمسح على صفحة وجهه بضيق، التفت عندما شعر بحركة قادمة من خلفه يشاهد زوجته سحر تفتح باب الشرفة الزجاجي وتخرج اليه.
إقتربت منه تسند ذراعيها الى السياج المنخفض تتأمّل الأراضي الزراعية الممتدة خلف منزلهما.

تنشّقت بعمق هامسة« سأشتاق للطبيعة هنا عندما نغادر الى أمريكا»
التفت اليها يرمقها بحاجبين معقودين« ومن أخبرك بأنّي سأغادر الى أمريكا، سحر»

التفتت اليه هي الآخرى تشعر بأنفاسه الدافئة تلفح بشرتها بلطف، إبتسمت إبتسامتها الفاتنة التي تجيد التلاعب بها وكسب ما تريد، تقول « لا تقول بأنّك بدّلت رأيك حبيبي، لقد وعدتني بأنّك ستسمح لي بالعودة لإكمال دراساتي العليا، أنا كسبت منحة ثائر، ولا أريد خسارتها»
ضيّق بها حدقتيه لا يصدّق بأنّها ما تزال تصرّ على قرار السفر ذاك، نعم لقد وعدها، ويذكر وعده ذاك جيّداً، ولكنّ يبدو أنّه بالرغم من ذكائها المفرط إستملكها الغباء أثناء تلك المحادثة، هل فقدت عقلها زوجته« هل أنت جادّة سحر، ما زلت تفكرين بمسألة الذهاب الى أمريكا بوضعنا هذا»
« أي وضع، أنت أخبر....»

« أخبرتك بأنّك إذ كنت تصرين على الذهاب فالتفعلي سحر، ولكن وحدك، هل فهمتي وحدك، أنا لن أترك عملي هنا كي أرافقك وأعمل جليسة أطفال للتوأم هناك»

« ولكن، ولكن» تمتمت تشعر بأنّ الأرض تنهار من تحتها، لقد ظنّت بأنّها تمكّنت من حلّ تلك المسألة معه، بأنّه إقتنع بأن يأتي معها.

« أنا لا يمكنني أن أذهب وحدي ثائر، لن أتمكن من أن أكافئ بين جامعتي والإهتمام بالتوأم»
رفع حاجبه يرمقها لبرهة بإستهجان، نخر ضاحكاً بسخرية« أظن بأنّنا سبق وناقشنا هذه المسألة بالتحديد سحر»
« نعم» أجابته تزدرد بلعابها، تدرك بأنّها أخطأت بفهم كلامه أثناء مناقشتهم للموضوع المرّة السابقة.

« نعم سحر» أجابها « عندما أخبرتك بأنّك عندما تقررين السفر أتركي أمر التوأم لي، لم يكن قصدي بأنّي سأسافر معك، بل قصدت بأنّي لن أمنعك من السفر لإكمال حلمك لنيل شهادة الدكتوراه، وأنا سأهتم بأمر التوأم هنا»

تغضّنت ملامحها، تشعر بأنفاسها تنسحب منها عنوة، هل هو جاد؟
سيتركها تذهب وحدها؟
إنّهما سنتين، سنتين ستعيش خلالهما بعيداً عن التوأم وعنه؟

وهل يظنّها غبيه؟
بأنّها لن تفهم مغزى تصرفاته تلك، يجعلها تعتقد بأنّه يضع القرار بيدها، ولكنّه بذات الوقت يضع أمامها عقبات بحجم الجبال، لا يريدها أن تتهمه بيوم من الأيام بأنّه وقف عقبة أمام حلمها، وبذات الوقت يكبّل ساقيها وذراعيها بسلاسل حديدية ذات أقفال صعبة الحل.

ولكنّها لن ترضخ له بسهولة، إذ كان هذا حلّه الوحيد ستقبل به، ستسافر من دونه ومن دون التوأم، سنتين وتعود، أو بإمكانها أن تستغل العطلة الصيفية بزيارتهم ومن ثم تعود لتكمل سنتها الثانية، لربما حينها يشفق على حالها ويرافقها، هذا إذ لم يشتاق اليها قبل ذلك ويقرر اللّحاق بها، إنّها تعلم ثائر جيّداً، لن يطيق فراقها.

هزّ برأسه تغمره الخيبة، إذ لآخر لحظة ظنّ بأنّها ستفضّل البقاء بقربه وقرب التوأم على تركهم لسنتين كاملتين لاهثة خلف حلمها، نعم، إنّه لا ينكر بأنّه حاول تصعيب الأمور عليها كيلا لا تفعل، ولكن يبدو أنها ستتبع حلمها مهما كان الثمن.

أولاها ظهره هارباً من نظراتها المتوسّلة بأنّ يتفهّم دوافعها، إذ بنهاية المطاف هو حقاً وعدها بأنّ لا يقف عقبة أمام إكمالها دراستها، ولكنّه أبداً لم يتخيّل بأن تنال منحة دراسية الى أمريكا.
أمريكا تلك لم تكن من ظمن معادلته أبداً.
لقد تزوجها وهي ما تزال سنة ثانية طب أسنان مقررين بأن لا ينجبا أطفالاً الاّ بعد تخرجها، ولكن شاء القدر أن تحمل بالتوأم، فوعدها بدعمها ومساعدتها عليهم، فكان بالرغم من عمله كصيدلي ينظّم أوقات عمله كي يكون حاضراً للإهتمام بالتوأم كأنّه هو الأم والأب خلال فترات إمتحاناتها وإنشغالها بالجامعة ينتظر تخرجها بفارغ الصبر.
وإذ بها تفاجئه بعد تخرجها بإكتسابها لمنحة دراسية في أمريكا مصرّة على إستغلالها.

تصلّب جسده عندما شعر بكفّها على كتفه تندس بظهره، القت برأسها الى كتفه هامسة بنبرة فاتنة« وهل يهون عليك فراقي لسنتين كاملتين، هل نسيت كيف كنت ستفقد صوابك عندما أخبرك والدي بأن لا نتزوج الاّ بعد أن أتخرج» طبعت قبلة دافئة على عنقه هامسة بأذنه« كنت ستفقد صوابك الى درجة وعدته بأنك ستدعمني وتقف جنبي الى أن أتخرج»
إستدار يواجهها مسبّباً تراجعها عنه بضع خطوات صغيرة، وقف بوجهها هاتفاً بها بضيق« ولقد وفيت بعهدي ووعدي سحر، دعمتك الى أن تخرجتي، وأخبرتك بأنّي لن أمنعك عن العمل »
« ولكنّك تعلم بأنّ فرصة ذهابي الى أمريكا لا تعوّض، وهناك الملايين يتمنونها» حاولت تبرير نفسها
« وأنا لا أمنعك من الذهاب، ولكني لن أرافقك، والتوأم سيبقى هنا معي، بإمكان والدتي أن تساعدني بالإهتمام بهم الى أن تعودي»

حدّقت به بمقلتين تهتزان يراودهما الدمع« هل هذا هو قرارك الأخير» سألته بصوت مخنوق
« نعم، قراري الأخير» أخبرها هارباً من نظرتها الكسيرة تلك، يشعر بها تحاول إختراق جدار عناده « وأتمنى لا تناقشيني فيه ثانية.»

« ولكنّي، لا، لا أريد الذهاب وأتركك غاضباً منّي» هتفت بإنفعال تحاول منع نفسها عن البكاء
رمقها مطوّلاً، حائراً بأمرها، وماذا تريد منه أن يفعل، يقبّل يديها ويخبرها بأنّها تفعل الصواب بخصوص عائلتها، بأنّه لن يغضب لأنّها فضّلت دراستها على عائلتها.

هزّ برأسه مستنكراً حالها، تجاوزها عائداً نحو الداخل، يضع حدّاً لهذا النقاش العقيم، إنتشل حقيبة سفر صغيرة يجهز فيها بعض الثياب إستعداداً للذهاب الى العاصمة ينوي أن يبقى هناك لفترة، بكل تأكيد لن يتمكن من ترك جنّة قبل أن يطمئن على حالها ووضعها، وعندما يعود حينها يخبر عمّه عن المستجدات التي يعلم بأنّه ينتظرها بفارغ الصبر،
بالرغم من مكابرته على السؤال عنها.

«ماذا تفعل؟ الى أين؟» سألته بقلب مقبوض
« أحتاج لأن أذهب الى العاصمة بداعي عمل مهم بخصوص شحنة أدوية للصيدلية» كذب عليها، إذ مؤخراً بدأت أسئلتها تتزايد بسبب نزوله الغير مبرر، إذ كان في بعض الأحيان لا يخبرها بذهابه، فيعمد على النزول والعودة في مواعيد العمل كي لا تنتبه لغيابه.

« ولكنّك، ولكنك لم تخبرني »
« لقد تلقيت الإتصال للتو، وكنت سأخبرك لولا فتحك لموضوع سفرك» أخبرها هارباً من مواجهتها، يشغل نفسه بتوضيب ثيابه.
« ولكن ما حاجتك للنوم هناك؟» سألته بنبرة قلقة، خائفة من أن يكون يسعى للإبتعاد.

« لا أعلم لكم من الوقت سأحتاج للإنتهاء من مهمتي، لذا أفضّل أن أكون مستعداً لأي شيئ»
« ثائر، لا أريدك أن تذهب وأنت غاضب منّي، أرجوك»

توقّف عن ما يفعله يلتفت اليها، فإستغلّت ذلك تتخذ بضع خطوات ناحيته، وقفت قبالته هامسة بنبرة مرتعشة تستجدي عطفه« أرجوك، لا أريدك أن تضعني أمام خيارين، إمّا أنت والتوأم وإمّا دراستي، أنا أحبّك وأحتاجك، وبذات الوقت بحاجة لتلك المنحة، إمنحني رضاك، أرجوك »

هرب من نظراتها المستجدية، عاجزاً عن منحها ما تريد، إستدار يوليها ظهره، يشغل نفسه بإغلاق الحقيبة، «سنتحدّث بالموضوع عندما أعود، إتفقنا»

ومأت له بالرغم من علمها بأنّه لا يراها وفسحت له المجال بتجاوزها لمغادرة الغرفة، وضع الحقيبة أرضاً ودخل الى غرفة التوأم.
إنّهما يلعبان، التفتا كلاهما عندما دخل عليهما يركضان نحوه، جثى أرضاً يحتضنهما، لثم رأسيهما يضمّهما الى صدره بحنان، هاذين الولدين هما كنزه وثروته وكل ما يملك، وإذ كان يتعب ويشقى فلأجلهما فقط، ولأجلهما فقط مستعد لفعل المستحيل.

يوسف وياسين، هدية السماء له.
« كيف حال بطلي» سألهما يحررهما من بين ذراعيه.
« العب معنا بابا» سأله ياسين
جلس شابكاً ساقيه يراهما يدفعان العابهما ناحيته لمشاركته إيّاهم، فتناول شاحنة يصدر صوتاً من بين شفتيه يقلّد صوت محرّكها والتوأم قلّداه ينغمسان بلعبته فرحين به.

وهي إتّكأت الى حاجب الباب تراقب توأمها الذي أكمل العامين منذ شهر مضى ووالدهما الذي لا تظن بأنّ هناك من هو أحن أو أطيب منه قلباً وروحاً.
إبتسمت بعفوية غارقة بمشاعرها الجيّاشة نحوه، تعشقه، تعشق تفهمه وطيبته وحنانه، تعشق مميزاته، وتجد نفسها تفيض حبّاً وعشقاً له، بحيث لا تزيدهما الأيّام سوى متانةً وعمقاً.

noor elhuda likes this.

امل القادري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:03 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.