|
مشاهدة نتائج الإستطلاع: أي ثنائي جذبتكم قصته أكثر ؟؟ | |||
نديم و بريهان | 23 | 34.33% | |
آصف و نادية | 44 | 65.67% | |
أكرم و إيثار | 10 | 14.93% | |
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 67. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
29-09-19, 10:27 PM | #184 | ||||||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| اقتباس:
هلا حبيبتي معادنا الساعه عشره إن شاء الله | ||||||||
29-09-19, 11:32 PM | #187 | |||||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| الفصل الرابع عشر أكمل نديم الكشف على الطفل الخامس و الأخير لهذا اليوم ، رافقه إلى باب الغرفة الصغيرة التي تقع في طرف المبنى ، أملى عليه التعليمات المعتادة عن كيف يحمي نفسه من عدوى الانفلونزا المنتشرة ثم عاد للجلوس . عيناه تتأملان الأثاث المهلهل حوله و فكره يبحر داخل أعماق نفسه ، يجري وراء ماض لا يعتقه لحظة . للذكرى أياد و خناجر تفاجئك و لا تمهلك ، تطعنك في صدرك و في ظهرك و كله سواء ، كله ألم . وقف ببطء يخطو نحو النافذة ، استند بجانب جسده على طرفها و تأمل اللوحة أمامه ، أطفال يلعبون يعيشون و يستمرون بالبقاء ، صغار مشتتون ممزقون من حيوات متفرقة أضاعهم انعدام الضمير و جمعتهم الإنسانية ، فالتصقوا ، التحموا و توحدوا في الفسيفساء البشرية التي تتجلى مقابل ناظريه . أي مستقبل ينتظرهم يا ترى ؟ المستقبل… هذا الوحش الذي يقبع داخل كهف الزمن ، ليته كان قادرا على قهر الزمن ، لكان جمده قبل تلك اللحظة . لكان جمد هؤلاء الصغار في هذه اللحظة ليظلوا على حالهم لاهين ، غافلين ، أطفالا لا يكبرون أبدا . أعطى ظهره للنافذة و عاد لكرسيه ، استند على حافته و بداخله يقرر أنه لن يحتج من جديد ، تعب من الاحتجاج . انتفض قليلا و هو يسمع صوت الباب يفتح بهدوء ثم وقع قدميها و هي تتهادى بتلك النعومة التي تلبس جميع حركاتها . - تفضل الشاي يا دكتور ، أخضر كما تفضله حضرتك . اختصر كلمات الشكر إلى إيماءة خفيفة برأسه ثم جلس يراقبها تضع الصينية فوق الطاولة القصيرة القريبة من كرسيه ، تقرب الكرسي الوحيد المتبقي ثم تجلس مقابلة له كما اعتادت أن تفعل في المرات الثلاث السابقة . دون كلام ارتشفا الشاي ، حولهما ترتفع جدران شفافة تعزلهما عن كل ما يحيطهما حتى يشعر كأنه وحدها معها على جزيرة نائية خالية لم تجد مكانا على الخرائط فاختارت لها رقعة الصمت الممتد بينهما . وضعت كوبها على سطح الطاولة فعادت به إلى الدنيا . - هل هناك ملاحظات دكتور بشأن أطفال اليوم ؟ رآها تأخذ دفترها ، تمسك قلمها و تنتظر كلماته ، نظر إلى أصابعه المعانقة كوبه ثم تمتم بصوت بعيد : - كلا ، صحتهم جيدة لحسن الحظ . انتقل بنظراته لوجهها ثم أضاف : - هذا لو آمنا أن استمرارهم بالحياة يعتبر حسن حظ لهم في ظل ظروفهم هذه . داخل عينيها كلمات كثيرة هدرت تعترض لكنها اكتفت بالقول : - شخصيا أعتبره حسن حظ لي و لهم . - لماذا آنسة بريهان ، ضيق عينيه و هو يأسر نظراتها ، لو سألت أي أحد لقال بأنك لن تكسبي شيئا سوى ضياع سنين عمرك هنا . - ذلك رأي مهزوم دكتور ، يبرر للتخلي و الهرب من المسؤولية . - لكن أنت تظنين أنك حقا قادرة على التغيير . شردت نظراتها تحدق في عالم يشعره لكنه لا يراه ، يتلألأ سطح مقلتيها بدموع بدت كأنها تتوهج بنور روحها : - أنا يا دكتور يتسلط على قلبي و عقلي ذلك الشعور ليتراءى لي الإنسان بصورته الكاملة المتحررة من جميع قيود الدنيا . أرى البشر سواسية من ناحية الحق في الحياة ، و هذا ما أحاول أن أوصله إلى الناس و إلى الأطفال . و الحمد لله أرى نفسي أتقدم ، ربما ببطء لكني أسير في طريق أؤمن به و هذا يكفيني . تنفس نديم بعمق ، دائما ما يشعر بخدر يسري داخل أعماقه و هو يستمع إليها ، كيف لا و السكون ذاته يغفو عندما تترقرق نبرات صوتها . بات جدا صعبا عليه أن يكبت اضطرابه أمامها و يحتفظ بهيأته الجافة التي اعتادها و اعتادته . تجول بعينيه على وجهها الذي صار مؤخرا يسكن مدن أحلامه ثم تمتم بهدوء : - و الطريق الذي تسعين فيه هو أن تجعلي العالم يقبلهم مثلما هم كما أتصور ؟ - كلا دكتور ، ليست مهمتي أن يقبلهم العالم ، مهمتي أن أعلمهم أن يقبلوا أنفسهم . هل تعتقد دكتور أن المجتمع يقبل بنا كما نحن ؟ كلا ، الناس يرون بريهان و الدكتور نديم مع شكلهما الخارجي ، مع حالتهما المادية مع جميع القشور التي تغلف ذاتنا الحقيقة . لذلك أعلم الأطفال أن لا يهتموا للمجتمع إلا بقدر ما يمكنهم من الانخراط فيه أما فيما عدا ذلك أعلمهم و أشجعهم أن لا يهتموا . صمتت قليلا بينما تضع الدفتر و القلم من يديها على الطاولة ثم أضافت بصوت ضعفت نبراته تأثرا : - ثم أي حق يجد مجتمع أفرز كل هذه المظالم في الحكم على أي أحد ؟ أي حق دكتور ؟ * * بعد ساعات كان نديم يقفل وراءه باب شقته ، يتوجه بخطى بطيئة إلى ليله الخالي منها ، صدى كلماتها يملأ بقاعا تعبت من لغة الصمت . بحركات آلية نزع عنه ثياب اليوم و وضعها داخل سلة الغسيل ، لبس شورتا بيتيا مريحا ثم ذهب إلى المطبخ يعد عشاءًا خفيفا . أكل بسرعة دون تذوق ، دون إحساس ثم دخل الحمام و بعد اغتسال مختصر وقف أمام المرآة يغسل أسنانه بينما يده اليسرى تطوف بحركات دائرية على صدر يحمل من الوجع آثارا ظاهرة و باطنة . انحنى على المغسلة و أطال مضمضة فمه لعله يطرد طعم معجون الأسنان و معه المرارة التي تتمازج بها أنفاسه . بعدم رغبة سار إلى غرفة النوم ، كل ذرة فيه كارهة لليلة أخرى مغمقة بعبق شهوة لم يقدر على ترويضها و لا السيطرة عليها . أحضانها الخيالية مازالت تؤرق هدوء نومه ، جسده مازال يطالب بها ، لم يفتر يوما و لم يتراجع . لكنه يعترف أن لغة النداء صارت مختلفة . مازال يريد قبلاتها ، يتلهف لعناقها ، يتوق لملمس بشرتها على بشرته لكنه صار يحتاج كذلك كلماتها ، أفكارها و يحتاج أكثر لسماع ضحكاتها تخطو داخل ظلمات قلبه . **************** - "أبله" ، الدكتور وصل . التفتت بريهان نحو الطفلة بينما قلبها يفاجئها بخفقة ، قوية سريعة ومضت لحظة ثم كقطعة سكر ذابت و اختفت . تاركة حلاوة سرت في روحها و سقتها حتى أزهرت ابتسامة فوق ورد شفتيها . انحنت على وجه الطفلة تهديها قبلة و هي تغمغم برقة : - شكرا حبيبتي سلمى ، اذهبي الآن و أخبري حضرة الدكتور أني قادمة حالا . راقبت خطوات الطفلة الراكضة ثم تحركت تتبعها إلى غرفة الكشف المرتجلة ، ابتسامتها تتسع و هي تتذكر ما حصل بينهما في زيارته الأخيرة منذ يومين . قبل شروعه في فحص الأطفال سألها عن مكان المُصلَّى داخل الدار . بُهتت هي قليلا حينها لأن المسجد يقع على بعد خطوات من مكانهم و صلاة العصر لم تكن أقيمت بعد و هو فهم استغرابها اللحظي بشكل آخر . - سؤال غير متوقع من شخص " شكله يعطي على ملحد " أليس كذلك ؟ قالها بهدوءه المعتاد ثم أعطاها ظهره و ابتعد تاركا لها كل المساحة لتبتلع حرجها المصدوم . رجل غريب يستدعي من دواخلها مشاعر أغرب . كانت قد اقتربت من الغرفة فتهادت إلى سمعها نبرات صوته العميق و على الفور عادت إليها تلك الخفقة الغامضة . انهزمت ابتسامتها أمام وجوم خفيف لبس ملامحها مرَدُّه ربما شيء لا تفهمه يخنق صدرها . - صباح الخير دكتور . تمتمت ما إن دخلت و رغم محاولتها الهرب من تفحصه القوي لها إلا أن نظراتها وقعت كالعادة تحت قبضة عينيه . و مثل كل مرة يهوي قلبها نحو أعماق سحيقة حيث لا تشعر به و لا تراه و تقف هي شاعرة بالضياع ، أنفاسها شحيحة و متمردة فتسدل جفنيها هربا منه و من تأثيره و تتجه فورا إلى النافذة تتظاهر بمراقبة الباحة بينما كل ذرة فيها تستجيب جدا لنظراته التي تعلم يقينا أنها لم تغادرها . ما إن تمالكت شيئا من نفسها حتى استأذنت منه و خرجت مسرعة الخطوات ، تنادي الأطفال الذين حان دورهم في الكشف الطبي . بعد ساعة إلا ربع ، كانت تجلس مقابلة له تراقبه يرتشف فنجان قهوته على مراحل ، يتوقف من حين لآخر كي يملأ الورقة البيضاء أمامه بأسماء و أسماء من الأدوية . تأملت فنجانه الفارغ الذي استقر وحيدا على سطح الطاولة بينما واصل هو الكتابة بتركيز ثم تعاسة غريبة عكرت راحة بالها و هي تتذكر أنه لن يشاركها شرب الشاي عصر هذا اليوم و لا الأيام التي تليه فهذه زيارته السادسة و المفروض الأخيرة . و الشاي برفقته له نكهة خاصة ، مزيج من نعناع روح و ريحان قلب ، في الواقع كل شيء آخر يصبح مختلفا في وجوده . انتشلها من حافة الشرود و هو يتوقف عن الكتابة و يعيد قلمه إلى مكانه في جيب قميصه بتلك الطريقة التي حفظتها جيدا و انطبعت في هذا الوقت القصير على حيطان ذاكرتها . بهدوء مدت يدها تأخذ الورقة و وجمت ملامحها قليلا بينما عقلها يقيم سعر الأدوية التي يقع عليها بصرها . - هل لديكم صيدلية معينة تتعاملون معها ؟ رفعت عينين حائرتين نحوه فأضاف ، أنا أعلم أن هناك صيدليات تابعة لجمعيات خيرية . - كلا دكتور للأسف لا يوجد شيء كهذا بالنسبة لنا ، الدار غير معروفة إلى تلك الدرجة و معظم الأماكن تتعامل معنا بريبة . - فهمت . تراجع بظهره إلى الخلف ثم سأل ثانية : - من يقوم بتمويلكم في هكذا مواقف إذن ؟ - السيدة رقية مديرة الدار تتصرف ، تعرف بعض رجال الأعمال و هم يساعدون من حين لآخر و أحيانا كما حضرتك تعلم يقيمون حفلات خيرية و يكون مزاجهم كريما حينها . - و أنت تحضرين تلك الحفلات ؟ علا نسق أنفاسها اضطرابا و هي تسترجع الحفلة الوحيدة التي تواجدت فيها و تابت عن حضور غيرها من وقتها . - مرة واحدة دكتور . - فهمت ، تمتم ثانية و عرفت أنه أحس بما وراء الكلمات . بشرود غمغمت كأنها تحدث نفسها : - ربما سأحاول مرة أخرى من أجل الأطفال ، هناك حفلة خيرية ستقام قريبا و أنا .. - لن تذهبي إلى أي مكان ، فاجأها بصوت قاطع . ذلك مجتمع فاسد حتى النخاع و ستفهمين خطأ . أنا سأتصرف و أحضر الأدوية . رمشت بريهان مرتين فماذا تقدر هي في ثانيتين أن تستوعب ؟ لهجة الأمر في كلامه أم عرضه الغريب ؟ الصمت الذي تلا كلماته الأخيرة كان إحراجا مصفى لها ، زاد من ثقله نظراته المسلطة عليها ، تشدها إليه و لا تطلق سراحها . من جانبه ، كان نديم رغم هدوء ظاهري يكافح لأن لا تخرج أنفاسه متبلة بحرقة مشاعره ، مشاعر جديدة حلّت ضيفة ثقيلة غير مرغوبة على كيانه . أشهرا طويلة قضاها و هو يرى نفسه يموت تحت قشرته الخارجية ، يتحول لكائن بليد الروح ، جاف الإحساس و كان ذلك يناسبه . و الآن يجد نفسه يعود و هل لمثله حق العودة ؟ لم يعد متأكدا . استرخى في جلسته أكثر كمن ينوي عدم القيام ، ترك لعينيه حرية السباحة في زرقة عينيها و ترك لسانه ينعتق من قيود كثيرة فرضها عليه . - حدثيني عن نفسك قليلا ، لا يدري كيف قالها لكنه لم يكن باستطاعته ابتلاعها بعد أن قالها . أسدلت جفنيها فأضاف ليخفف من خجلها : - أريد أن أفهم كيف وصلت لهذه الأفكار ، كيف تبنيت هذه القناعات ، أغلب الناس لا يهتمون . و حدثته . كما لم تحدث غريبا من قبل . عن الأب الذي غاب تحت التراب و أخذ معه النصف من كل شيء . من الصور ، من الذكريات ، من الأحلام ، من الانتظارات . و حكت له . عن الأخ الذي غرق و غرقوا معه في وجع يولد يافعا مع إشراقة كل شمس . الشاب الذي راح عنهم و أورث داخل ليل خصلاتهم شيبا حزينا . لكنها لم تكلمه عن الحبيب الذي وعد و أعجزه الموت عن الوفاء ربما لأنها تحبس ذكراه حتى عن نفسها . - و هكذا دكتور ، غمغمت بصوت فقد نظارته ، أنا صرت كما تراني لأن الفقد علمني . - الفقد ، كررها و راءها هامسا و هو يغمض عينيه مخفيا ما هو أعمق بكثير من الألم . تململت بريهان حين طال صمته و استمر سكونه ، استجمعت جرأة وليدة من ألفتهما الغريبة و قالت بفضول : - و أنت دكتور ؟ لم تكمل و لم تكن أبدا بحاجة لذلك . راقبته يقف ببطء مثيرا زوابع من الحيرة فيها ، رأته يستند بكفه على الطاولة مغمضا عينيه بشدة ، عضلاته متصلبة تحت قماش قميصه ، شفتاه تسكنهما رجفة ظاهرة . - أنا آسفة دكتور ، لم أقصد أبدا التدخل في خصوصياتك ، أنا فقط أردت .. توقفت عن الكلام لأنه من الواضح أنه كان حديثا لغير سامع . رفعت نظرها نحوه ثم خفضته و كررت ذات الشيء مرارا و هي تراه يضع على الطاولة قصاصة مطوية بعناية تبدو مقتطعة من صحيفة . تحت أمر عينيه فتحت القصاصة و بدأت تقرأها ، تجمدت نظراتها و رفض ذهنها الاستيعاب . - دكتور أنا سكتت فجأة تبتر ما تبقى من المفردات فبعض الأشياء لا تحكى إلا سكوتا . لكنها تلك الليلة قالت ما كانت تريده دموعا ، بكت حزنها و حزنه ، فقدها و فقده ، بكت حتى الامتلاء .. بالخواء . ****************** التعديل الأخير تم بواسطة نغم ; 30-09-19 الساعة 12:23 AM | |||||||
29-09-19, 11:48 PM | #188 | |||||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| دُفع الباب فجأة فتراجعت شيرين دون وعي حتى اصطدم رأسها المشعث بالحائط وراء سريرها . رفعت يديها إلى الأعلى و هي ترى وجه والدتها ، ألبست ملامحها قناعا من الفزع و بصوت باك بدأت تقول : - بريئة و الله بريئة ، لم أفعل شيئا يا ناس . قطبت السيدة سماح جبينها و نظرت نحوها بعدم فهم . - ما بك يا بنت ؟ - ما بك أنت يا ماما ؟ تدخلين كأنك ستقبضين علي . هزت السيدة سماح رأسها في ضجر ، كانت قد وصلت مكان السرير فجلست على حافته و مدت يدها إلى ابنتها بهاتفها و هي تقول : - أنهيت وصلتك الغرامية مع خطيبك ؟ - زوجي ماما ، عقدنا قراننا منذ ستة أشهر ، ذكرتها بعبوس مع تأفف . - أيا كان ، أشارت إلى الهاتف و أضافت ، اتصلي بأخيك . برطمت شيرين بنزق ، بحثت عن اسمه في لائحة الاتصالات ، ضغطت على الزر ثم ناولته لأمها . اتسعت عينا الأخيرة بشدة و شرر غاضب ينصب على ملامح ابنتها اللامبالية . - بنت !! هل ترينني جاهلة أمامك ؟ تظنيني لا أعرف كيف أتصل ؟ - أنت قلت اتصلي و أنا اتصلت و .. - اتصلي و كلميه ، صرخت فيها بحدة ، أنت تعرفين أنه انقلب علي هذه الأيام و صار دائما يرتدي ذلك الوجه العابس كلما رآني . - و معي أنا يرتدي وجه المهرج مثلا ؟ - شيريييييييييييييييييييييي ين . كانت صرخة ممتازة تدل على تمرس طويل و تدريبات أطول و كما العادة نجحت في صفع برود ابنتها . - حاضر ، حاضر ، رددت الأخيرة باستسلام ، ماذا أقول لأمير الظلام ؟ - اسأليه لماذا تأخر ؟ و متى سيأتي ؟ تعشى في الخارج أم سيتعشى معنا ؟ - اللهم صل عليك يا نبي . غمغمت شيرين و هي تلتقط نفسا بعمق مللها ، استمعت للرنين المتواصل المتجاهل لعدة ثوان ثم وضعت الهاتف داخل كف أمها المفتوح و قالت بارتياح : - لا يرد يا ماما . أطرقت السيدة سماح في صمت حائر فأحاطت شيرين كتفها و قد طرأت عليها نوبة حنان . - تعرفين أكرم ماما ، ليس جديدا عليك ، ماشاء الله أنتما عشرة عمر . نفضت أمها يدها عنها ، تطلق عليها في الأثناء سهام غضبها لكنها توقفت و هي تسمع شرين تضيف : - هو غاضب منك قليلا أعترف . - لأنه يظنني السبب ؟ لأني رشحتها له و من أين لي أن أعرف أنها أنها . توقفت و هي لا تعرف أصلا ما يجب أن يقال . - كلا ماما ذلك موضوع انتهى و مات ، هو غاضب لأنك لم تتركيني أتصرف ، لم تطلقي يدي للأسف . - و أفسد علاقتي مع أبيها ابن خالي و .. - ابن خال أبيك ماما . - كلها عائلة . رفعت شيرين كفيها أمام وجهها في إشارة مستسلمة . - اللهم بلغت . عموما لا تقلقي ماما ، أكرم كالعاصفة سيثور قليلا و ينطفئ . *************** على بعد عشرات أمتار قليلة منهما ، في النادي الرياضي الخاص بحيهم السكني ، وقف أكرم في طرف قاعة الملاكمة يجفف قطرات عرق عن وجهه المنحوت غضبا قبل أن يعود للكيس أمامه . سدد لكمة و ثانية و ثالثة ثم نسي كيف يعد . سدد أقوى و هو يرى وجهها يتماثل أمامه ، بدأ بالاختفاء فلحقه بعدة لكمات أخرى يود أن يجذبه ، أن يفرغ فيه طاقات غله و عجزه . فتاة سافلة وضعته في مفترق طرق ، أي منهما مسلك لعدم الرجولة ، لو سكت سيكون جبانا و لو فضحها سيكون عديم مروءة . عاد وجهها للظهور فعاد هو بقبضته للخلف ثم بكل قوته أطلقها إلى الأمام ثائرة لكنه توقف دفعة واحدة فقط على بعد إنشات قليلة و هو يرى الملامح تتماوج ، تتفكك ، تضيع ثم تعود لتبدو أمامه صورة الأخرى . عيناها السوداوان تسكن على قمة رموشهما دمعة تتوسله ، تناشده ، تعده أنها ستكون مختلفة ، تؤكد له أنها فعلا كما رآها لأول مرة صافية الأنوثة ، أنها صفحة خالية تنتظر حبره هو ليزين بياضها البكر . مقلتاها تحكيان له حكاوي كثيرة عن بريتها ، عن اختلافها ، عن جموحها عن غيرها من الإناث . و هو يريد أن يصدق و لكن كيف يقدر بعد أن صيرته الأخرى رجلا معجونا بالشك ، بعدم الثقة ، بالاتهام . أخذت كل حُلْوِه فصار حين يشتاق يقسو . تَراجع للخلف و مشاعر غريبة تتمكن منه و تصدر أوامرها لأطرافه فتتوقف عن الغضب و يستسلم أعلى صدره لإيقاع نبض مختلف . جلس القرفصاء ، صدره يرتفع و ينخفض في وتيرة سريعة ، رأسه مطرق و هو يلهث أنفاسا خرجت متقطعة كأفكاره . هذه الأيام الأخيرة قضاها متخبطا ، مشاعره تصطدم بجدار الحاضر و الأمس القريب و حرب ضروس تعتمل في نفسه يشعل أتونها غضبه على السابقة و غيرته على هذه الحاضرة . تلك الإيثار التي تغيرت تصرفاتها نحوه ، خلت من كل لهفة و ألوان مشاعرها بهتت و فقدت بهجتها و ذلك أغاظه ، أغاظه جدا . قام من فوره يلكم هذا الغيظ الآخر ربما يرديه قتيلا و تعود له راحة باله . لم يتوقف إلا حين أعلن الرنين العالي وصول مكالمة أخرى ، تناول المنشفة ، جفف يديه و تناول هاتفه ، نظر إلى رقم زميله بملل ثم فتح المكالمة . * * بعد يومين كان يتجه إلى مكان المختبرات داخل قسم الهندسة الميكانيكية، شق البهو الطويل المعتم الذي تآكلت إضاءته ، تفقد ساعته ، الساعة الرابعة بعد الظهر . المفروض أن الحصة تبدأ بعد نصف ساعة لكنه تعود دائما التبكير حين يتعلق الأمر بالمختبر كي يتفحص الآلات ، يضبط المؤشرات و يقوم بكل ما يفترض أن يقوم به الفني لكن هذا الأخير على ما يبدو يقبض مرتبه لينام . زفر بسخط من الحال التي صار عليها كل شيء . لهذه الأسباب رفض رفضا باتا لا رجوع فيه العمل داخل المختبرات لكن زميله طلب منه تعويضه في هذه الحصة و مع ذلك لم يكن ليقبل لكن حينعلم أنها مجموعتها هي التي سيتولى الأشراف عليهم وقفت كلمة الرفض بإصرار بين شفتيه ثم تحولت إلى نعم . تباطأت خطواته و هو يصل آخر الممر ، صوت ضحكات و موسيقى احتفالية حيث يجب أن يكون الصمت التام فاجأه جعله يقطب و يعبس في غير فهم . دفع باب المختبر الموارب فوجد عددا من الطلاب يشكلون نصف المجموعة ، أغلبهم فتيات يتوسطهم ثلاثة شباب . معظمهم يعطونه ظهرهم بينهم هي ، و هاتف موضوع على المنضدة الرخامية تنبعث منه أغنية أفراح . ما الذي يحصل هنا ؟ فكرها و نطقها في ذات الوقت . - دكتور !! علا بها أكثر من صوت لم يكن صوتها بينهم ، اكتفت فقط بإلقاء نظرة سريعة نحوه ثم خفضت بصرها في ارتباك كبير لم يفهمه . حول نظره منها و هو يرى تلك " البسنت " تقترب منه بمشيتها الراقصة تحمل قطعة جاتوه في طبق صغير . نظر إليها باستفهام و وجوم غريب تتوسع رقعته داخل صدره بينما يراقب الأخرى تستدير و تعود لتواجهه بظهرها . - تفضل دكتور ، تمتمت بسنت بنعومة زادته وجوما . - بأي منسابة يا آنسة ؟ - بمناسبة خطوبة إيثار دكتور . ******************** | |||||||
29-09-19, 11:50 PM | #189 | ||||||
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 26 ( الأعضاء 15 والزوار 11) esoo As, نغم+, ليال الحنين, Reem1997+, أميرةالدموع, زهرورة, amlfrag, houda4, كلي جنون, Theroro, نورالشهري, samam1, رنا رسلان, ميار111, bochraa أحلى تسجيل حضور لاحلى ياسووو لي عودة بعد قراءة الفصل ❤❤❤❤❤❤❤ | ||||||
30-09-19, 12:29 AM | #190 | |||||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 14 والزوار 17) نغم, كلوديا, shatoma, نورالشهري, أم أحلام, ليال الحنين, Reem1997, esoo As+, Aml Elhya, فررراشة, أميرةالدموع, زهرورة+, كلي جنون, رنا رسلان ليلتكم سعيدة نلتقي على خير إن شاء الله | |||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|