آخر 10 مشاركات
85- الانتقام الذيذ- دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          235 - دمعتان ووردة - جيسيكا ستيل-كاملة بصورة واضحة (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          تحملت العنا لأجلك يا ولد العم ... الكاتبه : mnoo_gadee (الكاتـب : جرح الذات - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          90 -حبيب الأمس - جين سامرز -عبير دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree70Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-11-19, 01:33 PM   #201

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظارك حبيبتى ❤❤❤
يسعد صباحك زهرة😍😍
يسعدني حضورك حبيبتي⁦❤️⁩⁦❤️⁩


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 03:41 PM   #202

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

تسجيل حضور مبكر جدا لأول مرة

هى دى فايدة الهروب من الشغل :heeheeh::heeheeh::heeheeh:


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 05:55 PM   #203

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
تسجيل حضور مبكر جدا لأول مرة

هى دى فايدة الهروب من الشغل :heeheeh::heeheeh::heeheeh:
أحلى تسجيل حضور يا أم زياد😍😍😍💞


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 08:23 PM   #204

اسراءالرسول

? العضوٌ??? » 444117
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 269
?  نُقآطِيْ » اسراءالرسول is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم وانا اجيت اسجل حضوور 🌷🙋‍♀️🌷🙋‍♀️

اسراءالرسول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 08:57 PM   #205

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسراءالرسول مشاهدة المشاركة
السلام عليكم وانا اجيت اسجل حضوور 🌷🙋‍♀️🌷🙋‍♀️
و عليكم السلام و رحمه الله⁦❤️⁩
نورتي حبيبتي⁦❤️⁩⁦❤️⁩


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 10:45 PM   #206

سيلينان
 
الصورة الرمزية سيلينان

? العضوٌ??? » 388542
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,266
?  مُ?إني » في حضن و دفء عائلتي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
الطيبة ليست غباء! .......... إنما هي نعمة فقدها الأغبياء!
افتراضي

مرحبا اية تسجيل حضور شوي متاخر

سيلينان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 11:03 PM   #207

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الورد ❤❤
تسجيل حضور كمان مرة 😍😍
بإنتظارك حبيبتى 🌹🌹🌹
💃💃💃💃💃💃💃💃💃
بإنتظار الفصلين
مفاجأة جميلة
تسلم ايدك 😘😘😘😘
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 11:29 PM   #208

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الحادي عشر

الفصل الحادي عشر

وضع البطاقة الخاصة التي أصبح يكتبها منذ أيام لها فوق الطاولة الرخامية أمام العامل في محل الزهور... نزع نظارته الشمسية ليبتسم بثقة قائلا بلهجة آمرة:
(هذه البطاقة أريدها مع باقة ورد حمراء كبيرة...)

اومأ له العامل بأدبٍ يقول:
(كما تأمر سيدي...)

وضع مبلغًا ماليًا أمام العامل ثم وضع نظارته بتباهٍ ليخرج من المحل... أقترب من سيارته الحديثة ليجد صديقه منتظرا له منذ تركه و دخل المحل... فتح باب السيارة ليركب جواره و بعدها صدح صوت صديقه يقول بتعجب:
(أنا لا أفهمك أبدا يا "أسامة"!!... ماذا تريد منها بعد مرور أربع سنوات على زواجها؟!)

ابتسم "أسامة" بشرٍ يقول بلهجة طامعة:
(و لو مر مائة عام على تركها ليّ ، سأصل إليها لآخذ ما تمنيته يومًا)

زفر صديقه بحنق فقال:
(يا رجل لديك بالفعل خطيبة غنية و قد ظهر هذا الثراء عليك... فلديك الآن سيارة لم تكن تحلم بها من قبل... و حساب بنكي يكفيك عمرا طويلا... إلى ماذا تسعى بالضبط؟!)

ضحك "أسامة" عاليا يقول بسخرية:
(عيبك يا "سامح" أنك لا تخطط للمستقبل البعيد و لكنني عكسك تماما و مستقبلي البعيد معتمد على أموال "هاشم الحسيني"...)

احتدت نبرة "سامح" ليقول بخوف:
(هل سنكرر نفس الموال مرة أخرى؟!... ألا تتعظ مما حدث لنا منذ أربع سنوات ... ألا يكفيك دخولي السجن لمدة ستة أشهر بسبب ما كنت تنوي فعله في شقتي و مجيء ابن خالها يومها... انظر يا "أسامة" هذا الرجل "هاشم" لن تطل منه قرشا واحدا فقل الحمد لله على نعمة وجود خطيبتك و انسى "ريهام")

احتدت نظرة عينيه ليقول بغضب:
(انسى من؟!!!... انسى الاموال التي حلمت بها وقتا طويلا... أم انسى أنني خسرتها دون أن اشتم رائحتها حتى... أخذها منيّ قبل أن أدمغها باسمي و أجعل والدها يأتيني زحفا كي أستر عليها...)

ضرب صديقه كفًا بكف من تصميمه الذي سيودي بهما للهلاك فقال بجزع:
(لقد نصحتك و انتهى الأمر... لكني لن أشترك معك فيما ستُقدم عليه يكفيني الشر الذي نلته من ابن خالها وقتها...)

ضحك "أسامة" بخفوت قائلا بنبرة حالمة بمستقبل مليء بالنقود :
(لا يهم لا تشترك... و اترك ليّ كل شيء ، لقد اشترك مع شركة "النجار" يا بني يعني أن الأموال صارت الضعف... أي غبي أنا لأترك هذا النعيم الذي سيتحقق عبر غزالتي الذهبية؟!!!)

...................................

توقفت حركة تقطيع الخضروات بعدما سمعت صوت جرس الباب... وضعت السكين جانبا و نزعت مريول المطبخ لتتجه نحو باب شقتها... قلبها غير مرتاح منذ عرف "أسامة" عنوان بيتها... أصبح يرسل لها كل يوم باقة ورد مع بطاقة مكتوبة بطريقة فجة... لا تعرف من أين أتى هذا الشعور بكونه غريب عنها... غريب كليا و كأنها لم تكن تعرفه من قبل!... ابتلعت ريقها بتوتر و فتحت الباب بترقب... و قد حصل ما توقعته ها هي باقة ورد كبيرة حمراء موضوعة أمام باب شقتها... عادت تنظر لعلّها تلمح أثر من يأتي بها و لكنه لا أحد مجددا... دخلت شقتها تصفق الباب بحدة و تزفر برفض لما يحدث...

متى سيتوقف عن هذا؟!... لا تريد المزيد من المشاكل بينه و بين "معاذ"... تنهدت بتعب و سؤال يقلق مضجعها كل ليلة يزور عقلها بإلحاح لتجد إجابته...
«لماذا باتت لا تريد "أسامة" في حياتها؟!... أ لأنه خطب قبل سنة و بسببه دفعت نفسها عنوة لتصبح زوجة ابن خالها بالقول و الفعل؟!... أم لأنها تحاول أن تستقر بكل طاقتها مع زوجها حتى لو لم تكن تريده؟!... أو لأنها أصبحت أمًا فلا تريد حياة لإبنتها موصومة بعار معرفتها لرجل آخر غير والدها؟!!...»

اتسعت عيناها بشدة لتهمس بخفوت مذهول:
(عار!!... هل معرفتي به و حبي السابق له كان عارا؟!!)

لمعت أمام عينيها البطاقة اليومية الموضوعة وسط الورود... زمت شفتيها بضيق فهو لا ينفك يكتب لها عن حبه و رغبته بها... كلمة يقشعر لها بدنها رفضا... نعم هي لا تريد ابن خالها زوجا لها لكنه غير لائق أن يخبرها رجل آخر أيًا كانت هويته برغبته بها... لمست بأصابع متوترة البطاقة تفتحها و تقرأ ما خطه بيده.....

«أصبحت قريبا جدا حبيبتي... فقط بضع خطوات و سأكون بالجوار فانتظري حبيبكِ..»

سقطت باقة الورد منها بوجل حينما أجفلت على صوت رنين جرس الباب... هل من الممكن أنه هنا الآن؟!... هل جاء إليها إلى بيتها بيت "معاذ"... رفض ينهش روحها أن تسمح لرجل غريب أن يطأ بيت "معاذ"... لا يصح و هي لن تقبلها أبدا... اقتربت بقدم مرتعشة و جسد منتفض إلى باب شقتها بخوف... لن تفتح الباب لن تفعل حتى لو بها موتها... لكنها شهقت بفزع حينما وصلها صوت دوران مقبض الباب ليعلن عن فتحه... هل واتته الجرأة ليدخل بيت زوجها بهذه البساطة؟!!!...


تجمدت بأعين غير مصدقة حينما طل عليها من الباب... دفء تسلل في شرايينها ليبعث رسالة راحة لخلاياها المرتعدة... أنه "معاذ" بنفس الهيئة الحانية و الأعين الهادئة هدوء يثلج القلب ... تقدمت منه دون شعور بما تفعل و قد ابتسمت بسمة صافية مرتاحة في وجهه جعلته يتسمر مكانه من شدة روعتها...

لقد اطمئن على والدته بعد العملية و لم يقوى بعد على الابتعاد عنها... حتى لو كانت لا تريده لو اختبأت منه في غرف محكمة بدقة و ليس غرفة نومها فحسب .. يكفي أن يكون معها في نفس المكان تحت نفس السقف... يكفي أن يتلمس عطرها و وجودها في أي شيء حوله... و هيئتها الآن التي قابلته بها لأول مرة كانت أجمل ما رأته عيناه يوماً...

راقب وقوفها امامه بصدر يعلو و يهبط و كأنها كانت تجري في مارثون رياضي... بسمتها الحلوة التي تشفي كل جراحه و تنسيه تعبه... منذ زمن بعيد جدا لم يرها منها... صوتها المتلهف الذي خرج منها ليطرب أذنه ... كل ما قابله بعد سفر أيام أسعد قلبه المتيم بها...
(أنه أنت... حمد لله على سلامتك ... كيف حال زوجة خالي؟)

أغلق الباب بقلبٍ يقفز كعصفور أخبروه بنيل الحرية و قرب ترك قفصه الصغير... لينتعش و يحلق في فضاء الله الواسع و يتلمس مواطن الإبداع و العظمة في سماء واسعة لا منتهى لها... قال ببسمة صغيرة:
(سلمكِ الله من كل شر... أمي بخير الحمد لله لقد نجحت عمليتها...)

سمع تمتمتها بالحمد خلفه فزادت بسمته قليلاً... قال بشوق أخفق في إخفائه:
(كيف حالكِ؟!... و الصغيرة؟)


اجابته بسلاسة غير معتادة منها بعدما أصبحت زوجته:
(نحن بخير لا تقلق...)

تقدم ليصل لمنتصف الصالة ينزع سترته ليضعها فوق الأريكة... لكنه توقف حينما لمح باقة الورد ملقاه أرضا بإهمال... عقد حاجبيه بتعجب يقول بينما ينحني يلتقطها:
(من أرسل هذه الباقة ؟!)

توترت حدقتاها بقوة و شعور بالصقيع يحيط بجسدها الذي شع به دفء حضوره... قالت بعد فترة بتلعثم كبير:
(إنها... إنها باقة ورد قد... قمت بطلبها لأزين بها طاولة الطعام...)

خفت صوتها عندما لمحته يستمع لها بتدقيق... عاقدا حاجبيه بقوة بينما يد تحمل الباقة و الأخرى تتوسط خصره... بدا مهيبا في وقفته و بدت هي كمجرم يخفي دليل لو تم كشفه سيكون عقابه الموت... همست بتوتر بالغ:
(البيت يحتاج لبعض التغيير ... لذا طلبتها)

أعجبه التصرف بحرية في بيته... أحب بشدة هذا التغير الكبير بالنسبة لهما معا... ابتسم بهدوء يعيد الباقة فوق الطاولة القريبة منه قائلاً:
(أنها جميلة... )

ابتسمت بتوتر بينما كفها خلف ظهرها تقبض على البطاقة الخاصة ب "أسامة" بقوة كادت تدمي معها كفها... وجدته يختص اتجاه غرفته الصغيرة بنظرة ناوية على الذهاب إليها... فأسرعت تقول بصدق:
(ألن تتناول الغداء؟!... لقد أنتهى كل شيء تقريبا)

لا اليوم "ريهام" بها شيء غريب... و رغم هذه الغرابة يشعر بالأُنس و الوئام... زوجته لأول مرة منذ سنوات زواجهما يشعر بها زوجة... حتى عندما كانت له لمدة شهر بين يديه لم يشعر بما يدق قلبه الآن... اومأ ببسمة سعيدة كبيرة يقول:
(هل تريدين الحق؟... أنا جائع جدا)

ابتسمت بسمة مهزوزة تقبض بقوة على الورقة خلف ظهرها فقالت:
(فقط دقائق لأعد السفرة... بدل ثيابك و بعدها تعال)

اومأ لها بهدوء يشيعها بنظرة آمِله في مستقبل مستقر لحياتهما معا... تنفست الصعداء بعدما دلف للداخل... أخرجت البطاقة من خلف ظهرها تقطعها لقطع صغيرة بصورة حانقة و قلب ينبض كأرنب مذعور... لقد كاد أن يكتشف كل شيء لولا ستر الله...

تناولا الطعام في جو شابه التوتر من ناحية "ريهام" و الدهشة من ناحية "معاذ"... ماذا حدث في الأيام التي قضاها في قريته لتتغير هذا التغير الغريب؟!... كانت تعد الطعام من قبل و تتركه له جاهزا على السفرة و قليلا تتناوله معه... أما الآن لقد عرضت عليه تناول الطعام معا!!... عقد حاجبيه يراقب حركتها المربكة فوق الأطباق... كانت ترتعش أو هكذا خُيل له... أجلى صوته ليقول بنبرة عادية:
(أبي كان يريد رؤية الصغيرة جدا... كما أن أمي سألتني عنها كثيرا...)

ابتلعت ريقها لتجد أحرف خافتة تعبر بها عن جملتها فقالت بشرود:
(حقا!... لقد رآها خالي فقط يوم مولدها و لم تتاح له الفرصة ثانيةً... كما أن زوجة خالي طلبت منيّ رؤيتها من قبل و لكنني لم أكن أعرف بخبر مرضها)

وضع شوكته بهدوء فوق طبقه يراقب توتر ملامح وجهها المليح... يا الله لو فقط تُتاح له الفرصة ليصرخ بعلو صوته و يقولها... يقول «أحبكِ يا مالكة القلب»... و الله يدفع عمره ثمنا فقط لتعرف عنها... لكنه يجزم أنها متغيرة و بها شيء تخفيه عنه... قال بتدقيق:
(هل مضت الأيام هنا بخير؟!... كنتِ بمفردكِ مع "روفان"!)

رفرفت برموشها مرات متتالية لتقول بمرح زائف:
(نعم كل شيء بخير... أنا لست صغيرة لكل هذا الخوف كما أن ابنتك مرحة جدا و لا يُمل من مجالستها)

«ابنتك»!!... هل حقا ما سمعه منها بكامل إرادتها حقيقي؟!... لقد ربطت الصغيرة به دون نفور من كونه والدها... يا الله ما هذا الشعور الكبير بالدفء؟!... هل لو وقف حاليا ليضمها بين أضلعه و يقبلها بشوق كبير سيخيفها؟!... هل لو أمسك يدها الرقيقة و وضعها فوق صدره لتسمع أنين قلبه من شدة النبض سيكون في نظرها مختلا عقليا؟!... هل و هل آه يا مالكة القلب بيننا يقف ألف هل ... فلو حللنا أول هل منهم ستعطيني الفرصة لنحل أخرهم... و أصل إليكِ لأسحبكِ من سجن الماضي و حب خُدعتِ به و حطمتي حياتكِ من أجله... فقط لو تُتاح له الفرصة سيأخذها ليسقطا معا في بحر الحب و يرتشف منه قطرات العشق و يجعلها معشوقته التي لا يملك سواها... سرح في أمنياته التي يراها مستحيلة التحقيق مما جعلها تهمس له بغرابة:
("معاذ" ما بك؟!)

ابتسم بسمته الرائعة ليقول بنظرة عين تفضح مكنون القلب و لكن على عينيها غشاوة لا يفهم إلى متى ستظل ....
(لا شيء فقط تذكرتكِ و أنتِ صغيرة كنتِ مرحة مبهجة تدخلين القلب... ابنتنا تحمل منكِ أكثر مما تحمل منيّ أنا... لقد استجاب الله دعائي طوال فترة حملكِ أن تكن مثلكِ لأملك منكِ اثنتين في حياتي...)

ابتسمت بتورد تضع وجهها في طبقها حرجا مما ينطق به لأول مرة في حياته أمامها... ابتلع باقي كلماته بعدما استفاق على تحكم مشاعره بلسانه... ماذا حدث له ليقل ما قاله!!... تنحنح ينوي الاعتذار منها كي لا يزعجها و لكن صوتها الخافت وصله لتسأله بتأني:
(حقا؟!... هل كنت مرحة كما هي "روفان" الآن؟)

تلألأت عيناه بالحب و صعدت روحه لأعلى جبل ليشعر بنفسه حر طليق يهيم بين طرقات العشق و يغني حبه لها بحرية... قال بصدق مشاعره التي ترعرعت في قلبه قبل سنوات...
(نعم... رغم أنني لا أرى من هي أجمل منكِ في هذه الحياة يا "ريهام"...)

حديثه مختلف اليوم كليا عن أربع سنوات مضت... لقد باح بجزء لا يُذكر من حبها في قلبه... و لكنها كما توقع لا تفهم ما يود إيصاله لها... هل خطأه أنها اعتادت عليه منذ كانت صغيرة ... هل ترى كل ما يخرج منه يخرج من أخ أو ابن خال؟!!... ماذا يفعل لتعرف عن حبه يا الله؟!!... توترت بحرج لتقف سريعا تحمل الاطباق بعصبية كادت أن تقع معها أكثر من مرة... قالت بتلعثم:
(سأغسل الأطباق لو أنهيت طعامك...)

وقف يحمل ما أكل به كالعادة ... فمعظم الوقت لا يريد تحميلها فوق طاقتها يكفي أنها تطهو له و تتحمل الصغيرة مع مسؤولية البيت... تقدم منها و سبقها إلى المطبخ يقول و شعور بخيبة الأمل يسيطر عليه فهي لم تفهم ما يريد أن يخبرها به!...
(لقد انتهيت الحمد لله... شكرا على الغداء كان لذيذا كالعادة...)

لم يكن ينتظر ردها أبدا لكن صوتها الجميل خرج خلفه ليحبس انفاسه في صدره حينما قالت :
(بالهناء... )

أغمض عينيه و شعور حلاوة تواجدها معه بهذا القرب ... مع هذا الحديث الذي يراه البعض أقل من العادي بين زوجين عاشا سنوات معا... لكنه ممتن جدا لتبادل أطراف حديث مثله معها ... تغيرت نعم تغيرت كثيرا و لكن ما دفعها للتغير يا تُرى؟!...

...........................................

بعدما انتهت من جلي الصحون بمساعدته... هربت لغرفتها ليقع قناع البساطة في التعامل من فوق وجهها... لقد تمنت المجيء هنا منذ وصلت إليها باقة الورود... تحركت في غرفتها بلا هدف و قلبها يشعر بالخوف... نعم لأول مرة تعرف طريق الخوف بسبب "أسامة"!... عيناها تعلقت به موضوعا فوق سريرها بإهمال... هل تفعل ما تنويه أم ستكون في نظر المجتمع خائنة لزوجها بمجرد حديثها مع حبيبها السابق؟!...

مسحت فوق وجهها المرهق من هول ما هي به... دوما حياتها بسيطة سلسة و مريحة و هذا ما كانت تعتقده قبل أن يخرج "أسامة" من حياتها... لا لا بل منذ طلب منها "أسامة" أن يتزوجا من وراء أهلها حفاظا على حبهما... نظرت لنفسها في المرآة لتهمس بعقل مشوش لصورتها و كأنها التقطت المعنى الخفي وراء ما حدث لها....
(منذ طلب منيّ الزواج سرا!!... نعم يا "ريهام" منذ ذاك الوقت و قد انقلبت حياتكِ الهادئة لتصبح كموجات بحر شديد الملوحة تحرق روحكِ...)

عادت بحدة تنظر للحاسوب و فمها ينطق كلمات لم تكن تفكر بها من قبل بهذه الطريقة...
(هو السبب فيما مررت به... ليس أبي ليس خالي و ليس "معاذ" ... بل هو "أسامة" )

اتجهت بعزيمة و نية لتخليص نفسها من ذنب معرفتها به و هي زوجة رجل آخر... جلست فوق سريرها لتمسك حاسوبها و على وجهها ملامح جادة ناوية في تغيير مجرى حياتها... يكفي كل هذا العمر الضائع منها... يكفي بكاء ... يكفي خوف... و يكفي جرح ... فتحت صندوق الرسائل الأزرق الخاص بالدردشة و المكتوب عليه اسمه... أصابعها تشنجت و نظرت لباب الغرفة تستجدي دخول "معاذ" عليها ليعطيها إشارة البدء... ليفعل كما كان يفعل معها منذ الصغر... يبتسم بسمته الرائعة و يقول «لا بأس أنا دوما في ظهركِ...»....

جمعت قوتها و تبلور قرارها بتصميم كبير... تحول التوتر و التردد في أصابعها لنية و قوة بأن توقف كل هذا... كتبت بأحرف عصبية رسالة واحدة كانت أول ما ترسله له منذ بدأ في مراسلتها... رسالة واحدة يا "ريهام" و بعدها سينتهي الأمر... أو هكذا تظنين!!!...

«اسمعني جيدا يا "أسامة" لقد انتهت صلتنا ببعض منذ سنوات... نعم تألمنا ، نعم تعبنا ، نعم أتفق معك في كل ما تشعر به... لكن ما لا أتفق معك به هو رغبتك الغريبة في عودة الود بيننا!... أنا امرأة متزوجة و لدي طفلة و أنت لديك خطيبتك... لذا لا يصح أن تراسلني هنا أو ترسل ليّ زهور لا معنى لها... "أسامة" رجاءً لو كان في قلبك بعض الاحترام ليّ ابتعد عني...»

اغلقت حاسوبها بأنفاس متسارعة و كأنها كانت تجري خوفا من وحش مخيف... زفرت و شعور بالراحة يتسلل إليها ببطء... بالتأكيد سيحترم رغبتها و يبتعد عنها لأنه يحترمها و لا يريد أن تظهر بصورة مرأة خائنة لزوجها... حملت ابنتها ببسمة صغيرة تقبل وجنتيها الورديتين الجميلتين بنهم... هذه الرضيعة هي كل ما تملك و تريد من هذه الدنيا... دفنت أنفها في رقبتها الناعمة تشتمها بحب فطري في قلبها تجاهها... فتحت عينيها ببطء بينما أنفها لا يزال مكانه تسترجع جملته التي أخجلتها على الغداء...

(لا شيء فقط تذكرتكِ و أنتِ صغيرة كنتِ مرحة مبهجة تدخلين القلب... ابنتنا تحمل منكِ أكثر مما تحمل منيّ أنا... لقد استجاب الله دعائي طوال فترة حملكِ لأملك منكِ اثنتين في حياتي...)

أغمضت عينيها مجددا بينما هناك شعور غريب يدق باب عقلها بشدة... همست بخفوت بعدما وضعت صغيرتها فوق السرير مجددا...
(ماذا كان يقصد بكل ما قاله اليوم؟!!!...)

....................................

حملت الملفات المؤجلة بسبب غيابه المفاجئ و العجيب هو و أخيه!... دخلت مكتبه بعد دقائق من دخوله بحلتها الرسمية و هيئتها المنمقة بحرفية كبيرة... جميلة لا أحد ينكر هذا رغم تغييرها الكثير في هيئتها الطبيعية... و هي ذكية لتعرف كيف تستغل هذا الجمال في صالح الربح و المكسب... و أكبر ربح لها هو أن تصبح زوجته... زوجة "أحمد النجار"... ابتسمت له بسمة ناعمة و وضعت الملفات برقي فوق المكتب تهمس بصوتها الخافت بإغواء:
(اشتقت اليك كثيرا يا "أحمد"... لقد قلقت عليك جدا بسبب غيابك الغريب هذا... لكن رؤيتك اليوم أزاحت الخوف جانبا ...)

أمسك ملفاته بعملية يوقع عليها بينما كيانه كله ليس هنا... لا يستمع لثرثرة "سارة" أو يفهم فهم كلي لما يوقع عليه... فقط يفكر بها هذه الصغيرة الجميلة ذات الرائحة الناعمة... لم يكن يتخيل يوما أنه سينشغل بالتفكير في ... طفلة!!!
ليتها امرأة كاملة الأنوثة و ملفتة لأعين الرجال... بل هي مجرد مراهقة وضعت في طريقه ليحمل أمانتها في عنقه و يفكر بها ليل نهار...

خرج من عمق تفكيره على صوت "سارة" التي لا يعرف متى وصلت لجانبه تلمس ذراعه بهذه الصورة الحميمية!!!... عقد حاجبيه بتعجب بينما ينظر لها من طرف عينيه يسمعها تقول بهمس يشعل الأعصاب:
(أخبرني هل كنت مريضا لتغيب عن العمل؟... يمكنني عمل جلسات مساج لك كي تسترخي و تعود بقوة للعمل...)

هذا القرب و هذه النبرة و هذه المرأة جانبه اتحدوا مع تفكيره الذي لا يتوقف عنها... ليصدر له صورا مركبة تقف فيها الصغيرة مكان "سارة" !!!... انتفض كأنه لُسع من ثعبان يبلع ريقه بخوف... كيف قفزت في تفكيره لتصل لهذه الصور المستحيلة... كيف صاغ عقله صغيرته في صورة فجة كصورة "سارة" هذه؟!!!... اعتدلت "سارة" بسرعة تعيد تنظيم أنفاسها و تقول بتعجب:
(ماذا حدث لرد الفعل هذا؟!!!)

زفر بأنفاس ساخنة و عقل ضائع منه... نظر لها مليًا ليتأكد أنها هي و ليست الصغيرة... قال بصوت متهدج من الانفعال و هذا الشعور الخاص بها يحيط به بقوة...
("سارة" انتبهِ لأوضاعكِ و نحن بالمكتب... لا أريد مثل هذا القرب مجددا... ماذا سيقول الموظفون؟!)

عقدت يديها فوق بطنها تقول بسخرية:
(أول مرة ترفض قربي منك!!!... و ماذا سيقولون الموظفون لا أفهم؟!... نحن في نظر الجميع مخطوبان!!!)

ابعد عينيه عنها و هذه الجملة التي تقولها مرارا وتكرارا الآن فقط أصبحت تؤذي مسامعه!... تقبضت يده و عقله لا يوقف التفكير ب "رُبى" زوجته... قال بصوت هادئ رغم اشتعاله الداخلي:
(أيًا كان تفكيركِ عن علاقتنا ... أنا أرفض هذه الطريقة في شركتي... العلاقات الخاصة ليس لها مكان هنا...)

احترقت بنيران الخوف و الغضب منه... ماذا يحدث له مؤخرا... لقد كان يقبل بها كما هي و يقبل بكل تصرفاتها حتى شعرت أنها ملكته... لماذا الآن بدأ يُقيّم علاقتهما معا؟!... احتكت اسنانها ببعض لتقول بهدوء زائف:
(حسنا حبيبي كما تريد... رجاءً لا تنفعل أنا أتألم حينما أراك هكذا...)

انقبضت كل عضلات جسده بقوة حينما لفظتها بأريحية... «حبيبي» هل هي من حقها؟!... هل هو من دفعها بصمته لتعتقد أنه بالفعل حبيبها؟!... لماذا صمت من الأساس على علاقتهما هذه الفاقدة للمعنى؟!... ربما لأنه لم يكن يفكر يوما بأنه سيحب كأي شاب و يتزوج من يهيم بها عشقا؟!... و ربما لأنه وجد بها كل مقاومات المرأة التي تنفع لتصبح زوجة ناجحة؟!... أو لأنه كان يريد هذا الاهتمام الأنثوي الحميمي الذي افتقده عمرا كاملا بسبب ظروفه و مسؤوليته؟!... إن كان تفكير "سارة" يسير وفق اعتقاد أنها ستصبح زوجته يوما ... فهو من دفعها بكل صدر رحب لتعتقد هذا!... إذًا فهي ليست مخطئة في أي شيء تفعله أو تقوله... لكن "رُبى" ماذا لو عرفت عن علاقته ب "سارة"؟!... عقد حاجبيه بصورة كبيرة ليظهر وجهه المتعب بشدة... همس بتيه يقول لنفسه:
(و ما دخل الصغيرة بحياتي و ما أفعله بها؟!... )

كاد أن يتحدث ليصرف "سارة" من مكتبه حاليا لكن صوت رنين هاتفه أوقف نيته... اتجه نحوه ببطء ثقيل حتى لمح اسم سائقه الخاص عليه... نفس الوخزة التي تضرب قلبه حدثت للتو... هل بات كل ما يتعلق بها يشعره بهذه الوخزة اللذيذة؟!... لقد تطور الأمر بصورة كبيرة من شعوره بها عند رؤيتها لشعوره بها حينما يلمح شيء يخصها... فتح الخط يستمع لصوت السائق ثم قال بهدوء:
(نعم "إيهاب" لقد عرفت قبل قليل.... يمكنك الذهاب إليها باكرا )

راقبت "سارة" ما يحدث بأعين متتبعة كل حرف... الحديث به تاء التأنيث!!... هو يتحدث عن مرأة في حضورها!!... تابعت معه الكلام بتدقيق حتى انتهى... نظر لها بينما يعود ليجلس فوق كرسيه قائلا بعملية...
(حضري ملف المدينة الساحلية لأن الاجتماع بعد ربع ساعة...)

اومأت له بسهولة و بسمة مدروسة... لتخرج من مكتبه و عقلها يفكر في ألف سؤال و أولهم من هي هذه المرأة التي يبعث لها سائقه الخاص؟!... جلست فوق مكتبها بحدة تمسك هاتفها الأرضي لتتصل به... هو من سيجيب على كل شيء... بعد لحظات هتفت ببسمة صفراء و نية حاقدة تقول:
(مرحبا يا "إيهاب" هلا أتيت إلى مكتبي قليلا... نعم أعرف أنه تحدث معك للتو فهو من أمرني للاتصال بك ... بخصوص الميعاد الذي تغير ليصبح أبكر من ميعاده الأصلي...)

وضعت الهاتف مكانه ببسمة راضية عن هذه السلطة المطلقة التي يمنحها لها اسم "أحمد"... الجميع هنا يعرف علاقتهما التي ستنتهي بالزواج... الجميع هنا يتعامل معها من هذا المنطلق....
احتدت نظرتها بشرٍ و اصبحت ملامحها سوداء من شدة الغضب... وقفت تتجه ناحية باب مكتبها بعصبية تكاد تفتت الأرض تحتها... أمسكت هذا الشاب الهزيل من ذراعه لتسحبه خارج المكتب تقول بحدة و صوت مكتوم من الغيظ....
(ماذا تفعل هنا؟... و بأي مصيبة أتيت؟!)

ابتسم لها الشاب ذو الثياب الرثة و الوجه الأصفر بسماجة يقول بنبرة متقطعة تائهة ...
(أنا هنا لآخذ أموال منكِ...)

شددت من قبضتها فوق ذراعه بغلٍ تقول بقرف:
(يا لك من حثالة سقطت سهوا من صناديق القمامة!!)

جزت على أسنانها بغضب تقول بهمس مشتعل:
(أي أموال تطلبها يا متعاطٍ ؟!... يجب أن تحمد الله أنني لا أزال أعطيك المال لا أن تتبجح و تطلب منيّ المزيد!)

ضحك بفجاجة يقول بينما يحك في جسده بطريقة مقززة:
(و لمن ألجأ يا أختي؟!... هيا أرجوكِ مفعول المخدر ينسحب من جسدي و لا بد أن الحق نفسي بالجرعة التالية قبل أن أنهار...)

ابعدت يدها عنه باشمئزاز تقول بتحذير:
(ليتك تموت يوما بسبب جرعة زائدة و ارتاح منك......اقسم لك يا "أمير" لو ظهرت في مكان عملي مجددا لن أتوانَ عن طلب الشرطة لتذهب معهم إلى الجحيم الذي تستحقه...)

حك جسده مجددا ببسمة تائهة مغيبة ليقول بهمس يستفزها:
(حسنا يا سيدة الأعمال الكبيرة لن آتِ مجددا حيث مكان عملكِ... لكن عليكِ ترك الأموال ليّ كل صباح...)

احتقنت عيناها بكره و غضب فأخرجت من جيب سترتها بعض الأموال ترميها في وجهه بحدة ... لولا خوفها من الفضيحة لصرخت به و لعنته و ضربته حتى نزف للموت لكنها مكبلة لا تريد فضح نفسها... انحنى يلملم الأموال بلعاب يسيل و بعدها أعتدل يقول بضحكة ساخرة:
(هكذا هي أختي الحنون...)

همست بغضب :
(أغرب عن وجهي ... أتمنى أن يصلني خبر موتك قبل أن أعود للبيت أيها النكرة)


اثناء حديثهما كان "مصطفى" يصعد الطابق الثاني من الشركة ليدخل مكتب أخيه... لكنه فوجئ بوقوف "سارة" مع شاب يبدو عليه آثار تعاطي المخدرات!... أزاح الهاتف من فوق أذنه قائلا:
(لحظة يا "ندى"...)

تقدم منهما يعقد حاجبيه بعدم فهم قائلا:
(من هذا يا "سارة" و كيف دخل الشركة؟...)

ابتلعت ريقها بوجل ثم أشارت لأخيها أن يذهب من هنا في الحال... أسرع "أمير" في الفرار أمام أعين "مصطفى" المتعجبة مما يحدث... تحدثت هي بخفوت متوتر تقول:
(أنه شاب فقير أعطف عليه...)

ضيق عينيه بعدم تصديق يقول:
(شاب فقير!... أنه يبدو كمتعاطين المخدرات!!)

تحركت عيناها في كل مكان برعب حقيقي... هذا الأخ الفاسد كوالده و والدته كتمت علاقتها به في بئر روحها الأسود... لم تكن تعتقد أنه سيظهر و يطفو على السطح باكرا هكذا!!... همست بارتباك:
(لا أعرف فقط هو... هو كان بائعا في إشارة المرور قمت بضربه بالسيارة غصبا و الآن أعوضه عما فعلت)

اومأ لها "مصطفى" بأعين تخبرها أنه لم يصدق حرف مما قيل... وضع هاتفه مجددا فوق أذنه يقول بلهجة آمرة:
(أنتِ حرة في تصرفاتكِ لكن أشكال مثل هذا الشاب لا تدخل شركتنا مجددا ... هل فهمتي؟)

اومأت له و شعور الغضب و الذل و الرغبة في البكاء يخنقها بقوة... تابعت دخوله حتى أختفى لتضرب الحائط خلفها بقوة مشتعلة تقول من بين أسنانها بوعيد:
(حسابك معي عسير يا "أمير"... )

....................................

دلف ليقف أمام مكتب أخيه يضع الهاتف مجددا فوق أذنه يستمع لصوت "ندى"... لقد اتصلت به قبل قليل تهذي ببعض الكلمات التي لا يفهم ما مضمونها!... تحدث بلهجة المكتب العملية يقول برفقٍ:
(ماذا كنتِ تقولين يا "ندى"؟!... لدي دقائق فقط و بعدها سأبدأ العمل)

توترت و ظهر صوتها المتردد تقول بخفوت:
(كنت أسأل عن حالة جرحك... كيف أنت؟)

ابتسم بخفوت قائلا بنفس النبرة:
(بخير الحمد لله... هل أتصلتي لهذا السبب؟)

تلعثمت مجددا و ظهر صوتها هامسا للغاية تقول:
(نعم ... نعم هذا هو السبب الذي...)

انقطع صوتها ليصدح صوت والدها الحانق يقول بأمر:
(هاتِ الهاتف يا بنت ما كل هذا التردد و الخجل؟!... مرحبا بني كيف أحوالك و أحوال أهلك؟)

اجابه "مصطفى" بودٍ:
(مرحبا عمي بخير الحمد لله... كيف حالكم أنتم؟)

تحدث "عيسى" بصوت متأثر يقول:
(بخير... بني لقد اتصلت بك ابنتي لأنها اتخذت قرارا هاما و رغبت في تبليغك به... لو كنت مشغولا من أجل العمل يمكننا تأجيله)

توترت ملامحه وجهه ليقول بترقب :
(ماذا حدث عمي أرجوك طمئنني ؟!)

صمت "عيسى" قليلا ليقول بعدها بهدوء:
(بعد الشجار بينك و بين "أسعد" قررت "ندى" أن... يعني هي تريد أن ترفع عنك الحرج أكثر و... و طلبت منيّ)

صمت مجددا و قلب "مصطفى" يقفز برعب... حثه على الاسترسال فقال راجيا:
(ماذا طلبت منك يا عمي؟!!!)

ابتلع "عيسى" ريقه بتأثر ينظر لابنته التي كسى الخجل وجهها الجميل... متشبثة في يد والدتها التي تربت فوق كفها بتضامن ... قال بهدوء رغم الحرج المختلط به:
(لقد قررت "ندى" أن تعقدا القران الأسبوع القادم و بعد فترة يتم الزفاف)

اتسعت عين "مصطفى" ببطء و انفتح فمه تدريجيا و ثبت على هذه الهيئة... يبدو أنه صمت طويلا مما دفع "عيسى" لينادي عليه أكثر من مرة... تحرك بؤبؤ عينيه بصدمة كبيرة غير مصدق ما سمع أو ما نوت عليه غصن الزيتون!!!... انقبضت يده فوق الهاتف يقول بلهفة دفعته ليبتسم بقوة بعدما ركن صدمته جانبا...
(هل تتحدث بجدية يا عمي؟!!... هل ابنتك طلبت أن نعقد القران؟!... أنا لا أحلم أليس كذلك؟!!!)

ضحك "عيسى" بخفوت مما دفع "ندى" لأن تدفن وجهها في حضن والدتها... عاد يقول له بنبرة مازحة:
(هل تود سماعها ثانيةً يا ولد... ألا يكفي الحرج الذي سببته ليّ هذه البنت بأن أطلب منك الزواج بها الاسبوع القادم...)

ضحك "مصطفى" بسعادة لم يكن يتخيل أنها متواجدة بداخله... هو و غصن الزيتون قريبا جدا سيكونان زوجين!... يا إلهي على براكين مشاعره التي تفجرت للتو... على فرحته التي سعى لها منذ أول يوم عرفها به... هل يحلم هل يتوهم من شدة رغبته بها؟!... صدرت جملته متقطعة بلهاث ضاحك يقول:
(أنا و أنت واحد يا عمي و الله أنه أحلى خبر وصلني في حياتي...)

تنحنح بحرج بالغ و قد أحمرت أنفه ليقول بخفوت:
(هل يمكنني الحديث معها... رجاءً يا عمي)

ضحك والدها بسعادة لهما و اعطاها الهاتف بعد رفضها الخجل لأكثر من مرة... وضعته فوق أذنها بحرج تراقب خروج والديها من غرفة الصالون ليعطوا لها حرية الكلام... فقط صوت أنفاسها الذي يخرج منها غير قادرة على الحديث... تعرف أنها بلغت من الجنون ما لا يُصدق حينما طلبت هي من خطيبها الزواج... لكنه تحمل كثيرا في سبيل راحتها فلا بأس بإسعاده و التخلي عن عادات لا تجدي نفعا...
وصله صوت أنفاسها المتسارعة فأغمض عينيه يقيمها من منظور مختلف ... منظور قد ألجم مشاعره و رغبته كثيرا كي لا ينظر لها منه... همس بقلب سعيد غير مصدق...
(يا غصن الزيتون!!...)

شعر بزيادة معدل أنفاسها السريعة فابتسم بجنان عاشق يقول:
(لا تتحدثي فقط اسمعيني... يكفي أنكِ أخيرا اتخذتِ هذه الخطوة... أنا حقا حقا لا أعرف ماذا أقول... يا غصن الزيتون رفعتي روحي لأعالي السماء و جعلتني ملكا متوجا... فقط أسبوع واحد يا "ندى" و ستصبحين ليّ على سُنة الله و رسوله... ستصبحين زوجتي يا غصن الزيتون...)

حاولت ألا تفقد وعيها من نبرة صوته الساحرة هذه... ألا تبكي و تخرب لحظته المميزة التي انتظرها طويلا... فصدر صوتها كأنين خافت صادر من روحها التي لامست روحه فأغمض عينيه ينتعش بكل ما يصدر منها.... حاولت أن تجد الكلمات فلم يسعفها وضعها سوى النطق باسمه..
("مصطفى"...)

أسرع يقول بحنو بالغ يرفع عنها هذا الحرج...
(لا تتحدثي يا روح "مصطفى"... لا تحملي نفسكِ أكثر مما تحتمل... أنا أتفهم ما تشعرين به لأنني أمر به مثلكِ... اشعر و كأن قلبي سيتوقف عن النبض من فرط السعادة...)

ابتسمت بدموع مترقرقه في مقلتيها ... هذا حبيبها الذي سكن طيات قلبها و تمكن منه... عليها أن تعطيه من السعادة ما يستحق ...

اغلق معها الخط بجسد تنفجر به ألعاب نارية لتعزف لحن السعادة الخاص به... اسرع حيث مكتب أخيه ليزف له الخبر الذي طال انتظاره بشدة... غصن الزيتون وافقت على الزواج أخيراً..

.........................................

وضع كوب الليمون فوق الطاولة بعدما رشف منه القليل... نظر لها بتعجب و دهشة من طلبها أن تقابله هنا بعيدا عن الشركة بحجة أنه وقت تناول الطعام هناك... لقد أعطته عنوان هذا المقهى القريب من شركة "النجار" و الآن هما معا و ينتظر أن يعرف ماذا تريد؟... وضعت فنجان قهوتها بثقة فوق الطاولة المستديرة بينهما لتقول ببسمة صغيرة:
(كيف حالك يا "إيهاب"؟)

ابتسم بأدبٍ يقول بشكر :
(نحمد الله يا سيدة "سارة"...)

عادت بظهرها للخلف تقول بنبرة عادية:
(جو الشركة في فترة تناول الغداء يوترني لذا طلبت منك المجيء هنا كي أتحدث معك في أمر الميعاد الذي تغير...)

أومأ لها بطاعة يقول :
(تحت أمركِ سيدة "سارة"... )

ابتسمت بثقة من طريقة حديثه و هذا التمجيد الذي يلازم اسمها فقط لكونها الاقرب ل "أحمد"... قالت بنظرة عين ثاقبة تبحث عما يجول في خاطره قبل أن ينطق به لسانه...
(لقد أخبرك السيد "أحمد" أن الميعاد تغير و لكن نسى أن يخبرك بأن تذهب قبله بنصف ساعة تنتظر الآنسة "ميار"...)

عقد حاجبيه بعدم فهم يصحح لها ما خطأت به:
(تقصدين الآنسة "رُبى"... حسنا لا بأس فاليوم هو يوم رياضي عندها لذا سأكون قبل الميعاد هناك)

ضيقت عينيها بتركيز في كل كلمة تفوح منه و بعدها قالت بصوت قصدت به قول الخطأ كي يصحح لها كما فعل ...
(آه صحيح "رُبى" كان اسمها... تعرف الكثير من الاسماء تمر فوق رأس المرء أثناء العمل... من صالة الرياضة ستصطحبها أليس كذلك؟)

هز رأسه نفيا و شعور بالتعجب يزداد ... لو كانت تعرف و ما سقط منها من معلومات قد سقط سهوا ، غير منطقي أن معلومة مكان تواجد "رُبى" سقطت ايضا بسبب كثرة الأشغال!... لكنه جاوب بأدبٍ يقول:
(لا سيدتي ... مهمتي هي توصيل الآنسة "رُبى" من المدرسة إلى البيت)

سقط فمها للأسفل ببلاهة... مدرسة! أي مدرسة يقصدها هذا المختل؟!... ابتسمت بتوتر تداري تغير ملامحها المتفاجئة فقالت:
(نعم نعم لقد تذكرت أنها لا تذهب لصالة الرياضة إلا يوم الجمعة...)

تقدمت تستند على الطاولة تنظر له بتفحص قائلة:
(و إلى أي بيت توصلها تحديداً؟!...)

تحدث "إيهاب" بسلاسة يقول:
(إلى بيت السيد "أحمد"...)

اتسعت عيناه بصدمة كبيرة... طفلة ، مدرسة ، بيت "النجار"!!!... هل هي قريبته مثلا و يتولى مسؤوليتها؟!... لكن أي قريب له و هي لا تعرفه؟!... عادت للخلف تقول بنبرة عملية تخفي خلفها التخبط الذي يهشم رأسها:
(أعان الله "أحمد" على مسؤولياته ... هل تعرف علاقتها ببيت "النجار"...)

هز السائق رأسه بنفي يقول بصدق:
(ليس من صلاحياتي التدخل في شؤونهم!)

اومأت ببسمة صغيرة و روح شاردة في هوية هذه الفتاة!... وقفت بأناقة تضبط ملابسها و تحدثه ببسمة معتادة منها لكل العاملين في الشركة و كأنها هي رئيسهم...قالت بهدوء:
(هذا جيد عليك معرفة ما يصح لك فعله و ما لا يصح... )

توجهت ناحية باب المقهى و هو ورائها لكنها التفتت إليه فجأة تقول بينما ترسم معالم النسيان على وجهها:
(هلا ذكرتني باسم مدرستها لقد سقط منيّ سهوا هو أيضا... تعرف العمل مع عائلة "النجار" ينسيك اسمك!)

ضحك بخفوت قائلا ببساطة:
(لا بأس سيدتي... الآنسة في مدرسة «.....» الثانوية)

ابتسمت بسمة جانبية منتصرة و في نفسها نية لأن تعرف من هي هذه الفتاة التي دخلت حياة "أحمد" على حين غفلة منها؟!... خرجت من المقهى لترفع هاتفها إلى أذنها منتظرة الإجابة من الطرف الآخر... بعد لحظات اتسعت بسمتها حينما قالت:
(احتاجك في شيء يا "صابر"... أريد معلومات كاملة عن طالبة في مدرسة «....» الثانوية اسمها "رُبى"... )

انتظرت تستمع له ثم قالت بأمر:
(لا اعرف سوى اسمها الأول فقط... لا يهم لو تواجد أكثر من واحدة تحمل نفس الاسم أريد معلوماتهن جميعاً...)

نظرت تجاه سيارتها تقول بسرعة لتنهي الحديث:
(لا تتأخر عليّ فأنا بحاجة لمعرفة كل شيء عنها...)

.......................................

أقبل الليل و هي تشعر أنها خفيفة بعدما تخلصت من حمل أثقل كاهلها... عليها صياغة حياتها بطريقة مختلفة عما عاشته من قبل... لقد اتخذت قرار بأن تغلق صفحة "أسامة" للأبد و تبدأ عيش حياة سوية مع زوجها ... ليس هاما أن تحبه أو يحبها فهي تعرف حق المعرفة أنه تزوجها لأجل تدخل والدها فقط... يكفي أن يعيشا في ظل المودة والرحمة و يربيا ابنتهما... توسدت السرير بقلب يعمه السلام النفسي... بعدما تأكدت أن "أسامة" رأى رسالتها و قد شعرت بعدها أنها ولدت من جديد... صحيح أنه لم يجب عليها لكنه ايضا لم يبدي أي رفض!... نظرت لابنتها الصغيرة النائمة بسلام و مدت يدها نحوها... التمست كفها الوردي الصغير تقبله بحنان... لا تعرف لماذا كلما لامستها تتذكر جملة "معاذ" على الغداء؟!... لقد خرج صوته مختلفا عما تعرفه...

ابتسمت بحنين لهذا الفتى الذي يكبرها بخمس سنوات ... كانت تحب مجالسته جدا حينما تذهب كزيارة للقرية... و هو كان يتولى شرح كل شيء يخص الزراعة و تربية الحيوانات كعادات متوارثة في قريته... كم كان يبدو فخورا بقريته الصغيرة!!... و كم كانت هي تحب نظرة الفخر في عينيه تلك!!... اعتدلت فوق سريرها تنظر إلى الدولاب بتفكير... ابتسمت بسمة صغيرة ثم اتجهت نحوه لتفتحه و تخرج منه مجلد للصور القديمة... لقد جمعت والدتها و زوجة خالها كل الصور الخاص بهما في مراحل عمرية مختلفة... جلست جوار ابنتها النائمة و بدأت في مشاهدة الصور بنظرة متفحصة لم تفعلها من قبل... سحبت صورة له و هو في سن الأشهر الأولى و قد اتسعت عيناها بقوة حينما لاحظت هذا الشبه الكبير بينه و بين طفلتها!!... قربت الصورة من وجه الرضيعة و نظرت لهما بغير تصديق... همست بدهشة :
(يا إلهي يبدوان كشخص واحد!...)

سحبت الصورة ثم تطلعت إلى صغيرتها تقول ببسمة غير مقصودة منها أو ربما صدرت بصورة غير تلقائية!:
(تبدين شبه والدكِ يا "روفان".... حينما تكبرين سيتزاحم صالون بيتنا بالعرسان يا فتاة)

ضحكت بخفوت تقول بصدق :
(فوالدكِ وسيما جدا يملك لون عين مميز... و أنتِ مثله تماما)

قبلت يدها الصغيرة مجددا بنفس البسمة الحانية... و بعدها غاصت في بحر الصور تعيد معها ذكريات غطى الزمن معظمها بالتراب و دفنها في جوف الأرض لتُمحى من عقلها... أخرجت صورة أخرى له و لها بينما هي في عمر العاشرة و هو في عمر الخامسة عشر... عادت بظهرها للخلف تسنده على السرير و ترفع الصورة بكفها الناعم... تابعت كل تفاصيل وجهه بدقة لم تكن تفعلها أبدا من قبل... يبدو وسيما كعادته لم يتغير... تقف هي في الصورة تحمل حمامة بيضاء و ترفعها عاليا كمساعدة لتطير... بينما هو يقف خلفها بخطوتين ينظر لها دون أن يحيد نظره لأي اتجاه... اعتدلت فجأة و قد قربت الصورة من وجهها تدقق في نظرته تلك!... لقد حوت عيناه معنى غريب غير الذي تراه طوال حياتها... ابتلعت ريقها و مدت أصابعها لتصل حتى وجهه و تتتبع مسار نظرته التي انتهت إلى وجهها الضاحك... تركت الصورة لتهمس بتيه و جهل:
(ما معنى هذه النظرة يا "معاذ"؟!... هل يُعقل أنك ت...)

قطع همسها صوت رنين هاتفها فأجفلت و اتجهت نحوه تمسكه بسرعة كي لا يُفزع الصغيرة... فتحته قبل أن تقرأ الاسم عليه و بعدها تسمرت و جمد الدم في خلاياها..
(ما معنى ما وصلني اليوم منكِ يا "ريهام"؟!...)

أنه هو "أسامة" مجددا!!!... متى سيكف عن تواصله هذا معها؟!... بللت شفتيها بلسانها بعدما جفت من هول الصدمة... تحركت حنجرتها بخوف و عيناها تتوسل دخوله من باب الغرفة لينقذها من هذا الشعور... همست بعد فترة طويلة تقول بخفوت متوسل:
(لماذا تتصل مجددا ؟... لقد أوضحت لك كل شيء عبر رسالتي... رجاءً أمضي في حياتك و انسى معرفتك بيّ...)

وصلها صوت ضحكته العالية التي جعلتها تغمض عينيها برعب ليقول بعدها بتصميم:
(لو بها موتي يا "ريهام" لن أترككِ هذه المرة...)

تجمعت الدموع التي لا تعرف من أين أتت في مقلتيها بقوة... شعور بالخوف يضرب أوصالها و رنين مزعج يصدر في أذنها يردد كلمة واحدة «أنتِ خائنة» ... وقفت من فوق سريرها و قد تبعثرت الصور من بين ساقيها و سقطت ارضا دون ان تشعر بها... همست بوجل تقول:
(لماذا الآن يا "أسامة"؟!... لماذا بعد كل هذه السنوات؟!... أنا تغيرت و لن اقبل بأن أخن زوجي)

ضحك مجددا يقول بسخرية:
(زوجكِ!... ابن خالك الذي سرقكِ منيّ و سلمتي نفسكِ له ليتمتع بكِ و أنتِ حقي... لا و الأدهى حملتِ طفلته و أنجبتِ له ذريته!)

احتقنت ملامح وجهها برفض لهذا التدخل المنحل منه في شئونها... صرخت متناسية أي شيء حولها لتقول كلمات لم تعِ معناها بل صدرت من عمق نفسها التي أنّت برفض:
(اخرس و لا تسمعني حرفا واحدا... من تتحدث عنه هو زوجي على سُنة الله و رسوله... هو والد طفلتي و ابن خالي الذي لا أسمح بأن تمسه بسوء حتى لو مجرد كلام!)

اشتعل الغضب به و تأكد من ضياعها منه للأبد... هذه الرقيقة ذات الطابع المسالم التي لم ترفض له طلب من قبل... اصبحت شرسة كلبؤة تحمي عرين زوجها أثناء ذهابه للصيد... هتف بحدة هو ايضا يرعبها:
(هذا الحديث لا يتماشى مع مزاجي حبيبتي... ربما بُعدنا عن بعض فترة طويلة أنساكِ حبيب القلب ...

لكن حبيبكِ سيتغاضى عن طريقتكِ في الكلام و سيظل يحارب حتى يصل لكِ...)

اشتد غضبها و وصل ذروته فصاحت به بعدما طفح الكيل منه تقول بتهديد بينما جسدها يختض برعب:
(أقسم بالله يا "أسامة" لو لم تتركني في حالي و تعيش حياتك كما كنت تعيشها بعد رحيلي لأبلغن الشرطة عن مضايقاتكِ ليّ.... و وقتها فقط سأنسى أي احترام كان بيننا...)

أغلقت الهاتف و ألقته بحده فوق سريرها... تكومت جواره أرضا تضم ساقيها لصدرها و ترتعش مما حدث... سمعت صوته يأتي من خلف الباب يناديها بخفوت... تحملت و وقفت لتنظر لنفسها في المرآة تنهدم ثيابها و تمسح أثار الغضب و التوتر عن وجهها ببعض مساحيق التجميل الخفيفة... فتحت له بعد لحظات لتقف خلف الباب و لا يظهر منها غير رأسها فقط...
كان متوترا خائفا و مندهشا... قال بسرعة و بصوت هامس كي لا يزعج ابنته...
(مع من كنتِ تتحدثين؟!... هل عادت المعاكسات عبر الهاتف مجددا؟!)

حادت عيناها عنه لتستقر على الأرض بينما تهمس بخفوت:
(نعم لقد كانت معاكسة مجددا...)

تحدث بعصبية و جدية تامة يقول:
(أعطني الرقم و أنا سأعلمه كيف يتوقف عند حده!)

صرخت غصبا تقول بجزع:
(لا ...)

ضيق عينيه ينظر لها نظرة متفحصة ... ابتلعت انفعالها بسرعة لتقول بهدوء مرتعش:
(أقصد لا تتعب نفسك لقد حظرت الرقم و أبلغت شركة الاتصالات عنه... هم سيتكفلون به)

احتدت نبرة صوته و ظهر بها التملك ليقول بغيرة تنهشه:
(أنا أولى بحماية زوجتي عنهم يا "ريهام"...)

رفعت أنظارها إليه و قد تذكرت الصورة الأخيرة لهما و هما صغيران... هل لون عينيه تغير عن الصغر أما أنها ظلت فترة طويلة جدا لم تنظر بهما؟!... الآن يبدو اللون أكثر دكنة كما أن عينيه كما لو كانت تود الحديث معها!... اسبلت أهدابها بحرج تقول بمزح متلعثم:
(لا تقلق ابنة عمتك بألف رجل...)

التهمتها عيناه و هي تقف مختبئة خلف بابها ... هادئة ناعمة و جميلة جدا... تسحره كالعادة و هو موافق ليكون تحت تأثير سحرها الذي حُرم من وصاله... لسان حاله نطق بأحرف من عشق...
(بل أنتِ بكل نساء الأرض يا مالكة القلب...)

لكنه كتمها كما كتم جمل مثلها كثيرا من قبل في قلبه... ابتسم بسمته الرائعة ليقول بحنان:
(حسنا يا ابنة عمتي أنا دوما في ظهركِ... تصبحين على خير)

ارتجفت حينما أعاد هذه الجملة ثانيةً بعد عمر طويل... نظرت له بتيه و كأنه غير "معاذ" الذي تعرفه!... ماذا يحدث لها تبدو كمن كانت في غيبوبة و فاقت لتفقد كل معلوماتها عن البشر... همهمت بخفوت بينما تغلق بابها و قلبها يئن بذعر من مكالمة "أسامة":
(و أنت من أهل الخير...)

تحرك في الممر ببسمة صغيرة... لكنه عاد ينظر لغرفتها مرة أخرى... من الذي يعاكسها عبر الهاتف ؟!... نيران اشتعلت به حينما تخيل كم الفظاظة و الفجاجة التي يتحدث بها المعاكسون عبر الهواتف... ألجم مارده بقوة و جعله يستكين بداخله بعدما أخبر نفسه بأنها تصرفت بحكمة و انهت الأمر..

.........................................

دلف حديقة البيت بعد يوم عمل طويل... مشروع المدينة الساحلية يأخذ من وقته الكثير... أقترب الافتتاح و عليه تسليم الأجزاء التي لم تنتهي بعد... و بعدما دخل عليه أخاه المكتب صباح اليوم يخبره بسعادة أنه سيعقد قرانه بعد أسبوع أختفى من الشركة ولم يعثر عليه أحد!... لقد جُن بالتأكيد بعدما حنت عليه خطيبته و وافقت... التفت حيث الأرجوحة الخشبية ليجد العديد من الكتب موضوعة فوق الطاولة المستطيلة... تأكد من أنها كانت تذاكر هنا و لا تزال... فهي كما تنشر الكتب حولها أثناء المذاكرة تجمعهم بعد الانتهاء... تقدم من الأرجوحة بقلب ينبض بلهفة... لكن اليأس هزمه هذه المرة حينما لم يجدها هناك!... عقد حاجبيه يبحث عنها حوله في المكان فلم يجدها... هل تركت كتبها و ذهبت؟!... ربما لأن الوقت تأخر جدا قررت الذهاب لتنام و بعدها ستعيد كتبها في مكانها... وضع يده في جيب سرواله بنزق... هذا الشعور المراهق الذي يعيشه معها من مذاكرة و اجتهاد و ذهاب للمدرسة غير هذا الشعور الخاص بها وحدها الذي يداهم قلبه بقوة... كل ما يحدث معها يستسيغه بشكل كبير... زفر بضجر يتجه نحو باب البيت لكنه توقف تماما حينما لمحها هناك!... تقدم بسرعة و قد ساقته قدمه ليقطع المسافة بينهما في غمضة عين... وقف فوق رأسها الجميل ليضيق حاجبيه بعدم تصديق!!!... اخرج يده من جيبه ليرفعها إلى فمه يداري ضحكته عليها... أنها بين كومة الوسائد الموضوعة أرضا في الحديقة نائمة!!!

شعرها الاسود الطويل مستريح جوارها... نظارتها الطبية فوق عينيها التي حرمته من روعتهما بهذا النوم الذي حجبهما عنه... يدها الصغيرة تحيط بطنها المسطح بينما الاخرى موضوعة جوار رأسها... بدت ناعمة للحد الذي جعل اعصابه تفور!... ابتلع ريقه بصعوبة في محاولة منه لأن يلجم تفكيره الغريب هذا عنها... ابتسم مجددا حينما تذكر أين وجدها المرة الماضية في المساء... لقد نامت فوق الاريكة المتواجدة عند حمام السباحة و قد بحث عنها كثيرا بمساعدة "حنان" يومها... يتذكر كيف فقد ثباته و توغل الخوف في روحه عليها... تقدم منها بخفوت كي لا يفزعها ثم انحنى ليجلس على عاقبيه جوار رأسها يهمس ببسمة حنونة:
(الصغيرة التي تنام في أي مكان... أصبحتِ تزورين تفكيري كثيرا )

أسبل عينيه للأسفل بينما هناك فكرة عجيبة تطرأ باله!... نظر حوله في كل مكان ليتأكد من خلو الحديقة عليهما... وقف مجددا ليدخل بين الوسائد و يجلس جوارها... رفع أصابعه بتردد لتستقر فوق نظارتها الطبية... نزعها برقة ليسمح لوجهها الجميل بأن يتنفس و يظهر بكرم لعينيه... انحنى أكثر ليصل بأنفه من شعرها الطويل يتلمس رائحتها العطرة ... ابتسم بسعادة فهمس لها بمزاح:
(نأخذ حصتنا من عطركِ الخاص الذي حُرمنا منه اليوم للأسف...)

تزحزح للأسفل حتى استقر جسده جوار جسدها يبعده عنها مسافة كبيرة نوعا ما... كتم أنفاسه بصعوبة خوفا من أن تشعر به... ربما ستتعجب من تصرفه هذا ... هو نفسه لا يعرف لماذا يتصرف كهذا؟!... سرح في السماء الصافية الملونة بالأسود فوقه يتخللها بعض النجمات اللامعات كعينيها... التفت برأسه يواجه وجهها الغافي ... ابتسم بسمة صغيرة سعيدة راضية فهمس بينما يغلق عينيه و شعور لذيذ يتسلل لأوردته بأنها جواره...
("رُبى" يا عالم من الاختلاف يسحبني بداخله دون إرادة!...)

أغمض عينيه ببطء و كان وجهها الجميل أخر ما يراه....

من نافذة غرفته وقف يشاهد هذا المشهد التاريخي في حياة أخيه... ابتسم بحب له يهمس بخفوت سعيد:
(يبدو أنك اقتربت يا أخي مما تمناه لك الجميع...)

ضحك بخفوت متحمس يقول:
(إن شاء الله سيحين وقت نومي جواركِ يا غصن الزيتون...)

عقد حاجبيه بدهشة يقول :
(لم تتصل بيّ بعد مكالمة الصباح !!... )

حك رأسه ليقول بتريث:
(لا بأس يا "مصطفى" أعطها مساحة من الخصوصية... كانت كمن فقد صوتها بالصباح الله اعلم كيف هي الآن...)

نظر خلفه حيث سريره و صاح بحرية يقول:
(تعال يا غالي سأتنعم بك اليوم بمفردي...)



ارتمى فوق سريره بقوة ليشعر بالراحة في اتخاذ مساحة كبيرة منه... همس بأعين نصف مفتوحة يقول :
(عليّ تغير هذا السرير ليليق بغصن الزيتون ... )

.....................................

خرج من شقته بعدما تناول الفطور الذي أعدته هي بنفسها كحال غداء الأمس... تبدو متغيرة بصورة تسعد قلبه و تبهجه... نزل حيث سيارته المركونة أمام البناية ليركبها و يتحه نحو البنك الذي يعمل به...
على الجهة الأخرى من الشارع خرج من سيارته ينزع نظارته الشمسية و ينظر لأعلى حيث الطابق الخاص بشقتها... لقد أنتظر خروج زوجها بفارغ الصبر ليفعل ما نوى عليه منذ مكاملة الأمس...

وقفت تجمع ما بقى من أطباق فارغة لتتجه بها نحو المطبخ... قميصها الحريري باللون الازرق فوقه مبذله يغطيها بالكامل... شعرها متوسط الطول منسدل فوق كتفيها برقة ناعمة... وصلت حيث المطبخ لتضع الاطباق في غسالة الصحون... خرجت منه لتتجه نحو غرفتها لتتفقد الصغيرة... اوقفها رنين جرس الباب فعقدت حاجبيها بتعجب... همست بخفوت بينما تتجه نحو الباب:
(ربما نسى "معاذ" شيئا ما!)

مدت يدها نحو مقبض الباب لتديره ببطء... اخرجت رأسها منه لتشهق بفزع و رعب تشعر به لأول مرة في حياتها... أنه "أسامة"!!!!
تمسكت بطرف الباب تحاول التحكم به كي تغلقه في وجهه... لكن صوته الذي انتشر حولها أضعف قوتها...
(هل تعتقدين أنني سأتنازل عنكِ يا "ريهام"؟!...)

صرخت بوجل و صوتها كان مسموع في هدوء الصباح... حاولت بكل قوتها أن تدفع الباب و كادت أن تغلقه لولا قدمه التي حشرها عنوة بين الباب و قفله!... دفعة واحدة قوية منه جعلتها ترتد للخلف لتصطدم بطاولة الطعام... لا تصدق ما يحدث و لا تشعر بما تفعله... فقط تركت نفسها ليتحكم بها جهازها العصبي الخاص بمثل هذه اللحظات!... اتجهت نحو الممر المتواجد به غرفتها لتحتمي بها... أغلقت هذا الباب الزجاجي الموضوع كزينة ليفصل غرف النوم عن باقي الشقة... لقطت هاتفها من فوق الطاولة لتتصل به... وحده من يستطيع انقاذها من براثن هذا الرجل... ضربت بأيد وهنة مرتعشة فوق شاشة الهاتف حتى وصلت لاسمه... شعور كبير بالأمان تسلل لها و لكن صوت رنين هاتفه القادم من غرفته الصغيرة في الممر قطعه و ألقى به في بئر عميق... صرخت فجأة حينما ضرب "أسامة" الباب الزجاجي بقوة كادت أن تخلعه معها... انحرفت جانبا تكتم صراخها بضعف و جسدها كله ينتفض برعب... صوته الذي ينخر في قلبها بقوة الآن يزيد من رعبها...
(أتحسبين أنني سأتهاون عن حقي بكِ هذه المرة يا "ريهام"؟!... تحلمين أليس كذلك؟!)

ضربة أخرى في الباب الزجاجي جعلته يتهشم لفتات متناثر... صرختها هذه المرة فاقت ما سبقها من علوٍ... سمعت صوت بكاء صغيرتها التي استيقظت على هذا الخراب و الصياح ... عيناها توترت و عقلها لا يفكر غير بأن تذهب حيث غرفتها تلحق صغيرتها و تحتمي منه... تحركت بأرجل رخوية و جسد مرتعد نحو الغرفة... لكن دخوله من الباب الزجاجي و نظرته هذه التي توضح نيته منها جعلتها تبطيء غصبا عنها... حاولت بكل طاقتها أن تفر للغرفة و قد فعلت لكن يده الحديدية التي أمسكت قماش مبذلها اعاقتها... قوة شده له جعلته ينشق و يسقط عن جسدها لتلتمع عيناه برغبة مشتعلة بها!... صرخت بجزع تحاول أن تداري جسدها عنه و قد هربت حيث غرفتها بأعين زائغة لا تستوعب فظاعة ما يحدث... اغلقت الباب بأيد مرتجفة و نظرت في كل مكان بالغرفة علّها تتخلص منه و تجد من يساعدها... صوت الصغيرة الباكي الذي يدمي قلبها... محاولته في فتح الباب بالقوة... ذهاب "معاذ" للعمل... جسدها الشبه عارٍ ينتفض... كانت كشاه مذبوحة ينفر الدم من عروقها بكثرة ...

اتجهت نحو "روفان" لتحملها و تُسكت صراخها الذي يئن قلبها له... لكن صوت كسر الباب و ظهوره في الصورة جعل عينيها تتسع برعب جلي... تقدم منها بنظرة فجة يتفحص كل ذرة في جسدها... انكمشت تتراجع للخلف و تغطي ما تطوله يدها من ذراعيها العاريتين و ساقيها أيضا... ضحكته الساخنة و انفاسه المتسارعة جعلت شعور بالتقزز يضرب أوصالها... همس بصوت متهدج:
(لقد نالكِ زوجكِ قبلي و هذا أحزن قلبي بشدة... لكن أتعرفين يبدو هكذا الوضع أفضل فحينما أمتلككِ أنا لن يظهر شيئا غريبا عليكِ... فأنتِ تزوجتِ و أنتهى الأمر فدعينا نعيش سويا ما حرمنا منه دون أن يعلم أحد...)

حديثه و مظهره هذا جعلها تلعن كل لحظة عرفته بها... من هذا الذي يقف أمامها الآن؟!... هذا ليس الشخص الذي أحبته يوماً... صرخت به ببكاء و صراخ ابنتها يمتزج بصوتها:
(أخرس ايها الوقح... ابتعد عن هنا و إلا و الله سأقتلك بيدي)

ضحك عاليا بينما يتقدم منها يقول بنظرة فجة:
(أنتِ ضعيفة يا "ريهام" للحد الذي يجعلكِ ستنفذين ليّ ما أريد...)

اقترب منها حتى كاد يلمسها لكنه توقف حينما صفعته بكل قوتها فوق وجهه ... تسارعت أنفاسه و قد اشتعل جنونه بها و منها ليمسك شعرها من خصلاته يلويه بين أصابع يده بحدة جعلتها تصرخ متألمة... تكلم بوعيد يقول:
(اصرخي أكثر يا "ريهام" فلنجعل الجيران يجتمعون ليروا عشيقكِ الذي تفتحين له باب شقتكِ بعد ذهاب زوجكِ للعمل...)

وضعت يدها فوق فمها بصدمة بينما شعرها في يده... همست ببكاء متألم:
(أنت مريض ... مريض)

ابتسم بتوحش يقول بسخرية:
(مريض بكِ يا غزالة... و سأصاب بجلطة لو لم أمتلككِ ليوم واحد...)

حاول جرها نحو السرير عنوة و لكنها حاربت كي لا تنساق خلفه... ضربت من جسده ما طالته بيدها الضعيفة و المرتعشة... صرخت مجددا و بكائها زاد بصورة هستيرية لكنه لم يتوقف عن سحبها... و حينما تعب منها رفع رأسها ليصفعها بقوة جعلتها ترتد للخلف و يصطدم رأسها بالحائط خلفها بصورة كبيرة... أنين ألمها و دموع عينيها صوت بكاء الصغيرة و أنفاسه المقرفة كل هذا تخلله ترنح فظيع كاد يسقطها أرضا... ازدوجت الرؤية في عينيها و لم تشعر بعدها سوى بظلال لما يحدث... غير قادرة حتى على الصراخ بعدما أفقدها قوتها!...

شعرت به يشق قميصها بلهفة عرفتها من حركة أصابعه... سقط قميصها بصورة أبرزت جزء كبير من جسدها لعينيه الجائعة... بعدها حملها بسرعة نحو السرير جوار صغيرتها التي أكلها البكاء و نحر قلبها... الرؤية لا تزال مشوشة... و انفاسه تشعرها قريبة للغاية... جسدها ينقبض تقززا و عقلها يطلب منها أن ترحمه و ترسله في رحلة حيث أغماء يخلصه مما يعيشه... انقبضت يدها أسفلها لتتمسك بقماش شرشف السرير تحاول أن تستمد منه القوة... سمعته يقول بصوت بدا بعيدا للغاية:
(هيا فلنجعل زوجكِ يرى مدى حبنا حينما يرى صوركِ معي... خطوة واحدة فقط يا "ريهام" و والدكِ سيجري ورائي متوسلا لأن اتستر عليكِ...)

ابتعلت ريقها بعجز و لسان حالها يهمس بتعب:
«هذا نفس السرير الذي استقبلت عليه "معاذ" زوجها... و الذي شعرت عليه بالنفور منه و خيانتها لحبيبها و له... لكن ما تشعره الآن جعلها تتأكد من أن شعورها مع زوجها لم يكن نفورا أبدا... ما تعيشه الآن هو النفور بحد ذاته»

سالت دمعة ساخنة بضعف من عينيها لتهمس بنفس ممزقة و جسد متقزز لما يحدث... و توسل خفي بأن ينقذها كما يفعل كل مرة...
("معاذ".... أنقذني)


أنتهى الفصل...
نجدد اللقاء مع الفصل الثاني عشر بعد نصف ساعة...
قراءة ممتعة....

Jayb likes this.

AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 11:33 PM   #209

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيلينان مشاهدة المشاركة
مرحبا اية تسجيل حضور شوي متاخر
اهلا غاليتي 😍⁦❤️⁩
تنوري بأي وقت ⁦❤️⁩⁦❤️⁩


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 11:35 PM   #210

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
مساء الورد ❤❤
تسجيل حضور كمان مرة 😍😍
بإنتظارك حبيبتى 🌹🌹🌹
💃💃💃💃💃💃💃💃💃
بإنتظار الفصلين
مفاجأة جميلة
تسلم ايدك 😘😘😘😘
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
مساء الياسمين⁦❤️⁩🌸
تسلميلي يا حبيبتي⁦❤️⁩⁦❤️⁩ الفصل الحادي عشر نزل 💃


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:48 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.