آخر 10 مشاركات
تحملت العنا لأجلك يا ولد العم ... الكاتبه : mnoo_gadee (الكاتـب : جرح الذات - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          90 -حبيب الأمس - جين سامرز -عبير دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree70Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-11-19, 09:14 PM   #261

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيلينان مشاهدة المشاركة
طلباتك اوامر
تسلميلي حبيبتي⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 11:04 PM   #262

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضورررر
في انتظار الفصل الجديد
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️


Maryam Tamim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 11:39 PM   #263

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثالث عشر

الفصل الثالث عشر

لم أكن أعرف ما هو الحب... و بعدما فرضتك عليّ الحياة و خصالك قابلت... لامست روحيّ بعمق... و تشعبت بين أوردة العشق ... فهامت نفسي إليك... سكنتَ بداخل ضلوعي و سكنتُ بين جفنيك... و أسقيتني من رحيق الحب ما تمنيت ... فكما أصبحت لك سكينةً كن ليّ حبيبًا ما حييت...

..................................

إني أحب مش هو ده اللي تعبني...
أنا شايله سر معذبني....
ده أنا روحي فيك...
و مسيري في يوم هاجي أقولك...
و ها عيش حياتي و أنا جنبك...
ده أنا عمري ليك...


همسة صغيرة غير مستوعبة خرجت منها لتجعله يبتسم بحنان مختلط بوسامة اصابتها في عمق قلبها...
("أحمد" أنت هنا!!!...)

تناست الزمان و المكان و سمحت لعينيها أن ترى ... ترى بوضوح هذا الذي يربط بينهما و يبدو غير مرئيًا لها... لكنه بكل شفافية أصبح يُرى بروحها و ليس عينها فقط!... بادلته بسمة صافية لتظهر معها إشراقة وجه نفض عنه التعب و الإرهاق الذي سببته لها المذاكرة... رفعت أصابعها الرفيعة أمام وجهه... تود بشدة في فعلها حقا تود بها... اتجهت بأصابعها ناحية لحيته لتتلمسها ... تُشبع فضول نفسها التواقة لهذا... عيناها حددت الوجهة المرادة و هناك فقط سنتيمترا واحدا يفصلها عن تحقيق ما تتمنى... لحظة واحدة فقط يا "رُبى" من أجلها ستتخلين عن خجلكِ و ترددكِ و إحراجكِ منه... شعرت بسخونة أنفاسه فتملكها الخجل من رفع عينيها إلى عينيه و أكملت اصابعها طريقها للحيته... ستلامسها أخيرا و لكن فجأة!!!...

تلاشى!!!!!!!....

تراجعت للخلف بصدمة أوشكت معها السقوط من كثرة التعثر... اتسعت عيناها بتدقيق في كل زاوية من الغرفة... أين هو؟!... لقد كان معها شعرت به ... رائحة عطره ، صوت قلبه ، دفء أحضانه و سخونة أنفاسه!!!... ابتلعت ريقها بينما قدمها وجدت طريقها للحركة ... تحركت في كل ركن من الغرفة تقريبا... عقلها يرفض بأن كل ما حدث كان وهما من وحي خيالها... "أحمد" كان هنا ليس خيالا بالمرة!!... أسرعت تجاه باب الغرفة تفتحه بسرعة و عقلها يؤكد لها أنها واعية و مدركة و ليست أضغاث أحلام!... اتجهت ناحية الممر لتقطعه قطعا و على وجهها علامات الدهشة... اقتربت من غرفة أخيه و التي يقطن بها معه... و قبل أن ترفع كفها الصغير لتدق عليه متناسية أي سبب منطقي من الممكن أن تقوله بعدما تقابله... سمعت وقع أقدام صادر من اتجاه السلم... التفتت رأسها بسرعة لتجده هو في ملابس عمله و التي اختلفت عن الملابس التي كان بها في غرفتها للتو!... اتجهت نحوه كالطلقة و وقفت قبالته تنظر له بتمعن ...

تفاجأ من تواجدها في ممر الطابق الخاص بغرف النوم في هذا الوقت من الليل... يعرفها تنام مبكرا و تستيقظ عند الفجر... و ما هذه النظرة المتفحصة و المصدومة التي ترمقها له؟!... ما بها الصغيرة؟!... اتخذ الخطوتين الباقيتين من درجات السلم ليصبح واقفا أمامها بكامل جسده... تطلعت له بأعين معقودة الحواجب و شفاه مضمومة فوق بعضها بتكفير عميق... هيئتها هذه التي تقف بها أمامه أطلقت سراح وخزة قلبه و شعوره الخاص بها... طالت نظرته حيث وجهها الجميل لتبدد هي كل التأمل حينما صدر صوتها المندفع تقول بلهجة شك:
(هل كنت في غرفتي؟!...)

عادت رأسه للخلف بتعجب كما ارتفع حاجب واحد ليقول بتريث صادق:
(أنا لا أدخل غرفتكِ!...)

رفعت نظرتها له لتطول و تطول و تنسى معها الوقت... نفس هيئته لم تتغير حينما كانت بين أحضانه قبل لحظات!!... ماذا يحدث؟!... تكلمت بتلعثم منفعل تقول:
(لكنك كنت هناك بالفعل معي و ....)

قطعت حديثها حينما تأكدت من هيئة وجهه المندهشة أنها تهذي!... تلبست الجدية ملامحه ليقول بترقب:
(لا أفهم!... هل دخل أحدهم غرفتكِ؟...)

زفرت بيأس لا تعرف من أين صدر فقالت بينما تعود للخلف بوداعة:
(لا أبدا... تصبح على خير)

تتبع خطواتها الهامسة للأرض بخفة و على وجهه بسمة ساحرة... بسمة شعت من حنايا روحه لتتبلور في صورة نبضات صاعقة تتلامس مع خلايا جسده لتنحني في طاعة لأمر الاستمتاع بكل لحظة يحياها مع الصغيرة... دس كفيه في جيبي بنطاله و لا يزال يساير حركة قدمها الرقيقة... و عندما وصلت لباب غرفتها و كادت تفتحه قال بصوت بدا مرحا عن عادته:
(انتظري ... هل ستختبئين في غرفتكِ ككل يوم و لن نراكِ سوى في الصباح؟!...)

تشبثت بباب الغرفة لتلتفت له بأعين جاهلة لما يقوله... في الواقع كل تفكيرها منصب في كونها تخيلته في غرفتها بهذا الشعور الحسي الذي جعلها تتيقن أنه هو و ليس مجرد وهم... فهمست بتيهٍ تقول بوجه مضحك :
(ماذا ؟!...)

اتسعت بسمته لتتجمد حدقتها بصدمة... أنها نفس البسمة التي منحها إياها حينما كانت قرب قلبه قبل قليل... تحدث بوجه تراه لأول مرة منه... وجه بدا أصغر سنا من عمره الحقيقي...
(ألم تسمعي ما قولته؟!... حسنا نعيده مرة أخرى ، ما اخبار المذاكرة ؟...)

غمغمت بخفوت تقول:
(الحمد لله كله على ما يرام...)

شعر بأنها مرهقة و هذا ما أكده وجهها الشاحب... فقال بمزاح ليقلل عبء المذاكرة عنها:
(أنا لا أقبل بأقل من مجموع كلية الهندسة...)

رفعت حاجبها باعتراض تقول :
(و إن لم يكتبها الله ليّ ماذا ستفعل؟!...)

سرح في عينيها ليخرج صوته محملا بعبق عطرها و جمال وجهها و روعة روحها فقال بنبرة حانية :
(لا أعتقد ... الله يعطي على قدر العمل و أنتِ تؤدين عملكِ على أكمل وجه..)

اسبلت أهدابها للأسفل تقول بعقل شريد:
(نعم... أنت محق)

قال بخفوت دافئ و حاني:
(هيا للنوم ... تصبحين على خير)

أجابته بوجه متورد بينما تتجه للداخل:
(و أنت من أهله ..)

اغلقت الباب لتدور في غرفتها بأعين غير قادرة على استيعاب أنها كانت تتخيل!... همست بصوت تائه تقول بتعجب:
(لقد جُننت بالكامل... يتطور الأمر بشكل مريب جدا ... أبحث عن وجوده في كل شيء... أحلم به ينام جواري في الحديقة... و الآن يجسده عقلي بصورة ثلاثية الأبعاد لزيادة العته و الجنون بداخلي!!!!...)

ارتمت فوق سريرها بين كومة الكتب ... أمسكت أخر ما كان معها قبل الأغنية العجيبة التي جعلتها تسافر بين مشاعر مختلفة و غريبة عنها... لكنها كانت مشاعر رائعة تذيب جزءً بات يطفو على سطح احساسها و يطلب المزيد من الظهور... همست بحنق طفولي:
(كله من مسألة الرياضيات السوداء التي جلبتها ليّ أنثى القرد....)

..........................................


الحب هو أن أتمايل على صوت أنفاسك... أن أبتهج من رؤية عينيك... أن أعانق سحاب السماء حينما تنادي حروف اسمي من شفتيك... أن أرى جمال الكون متبلوراً في نظرة واحدة إليك... أن تهمس ليّ ببطء مشاعرك ... أن تُسكني حجرات قلبك... أن تكن ليّ وحدي و تحكم قصر قلبي الذي سلبته بأديك...

لو أخبرها أحدهم مقدار هذه السعادة التي تتخلل كيانها الآن لم تكن لتصدقه... اغرورقت عيناها بدموع تهدد بالسقوط... تنظر لنفسها عبر مرآتها الذهبية ... داخل فستان زيتوني اللون ليناسب هذه البشرة البيضاء بلمعة الحب ... شعرها القصير تركته حرا و وضعت به دبوس للشعر ليزين جانبه ... لونه البني المحمر تناسق مع لون عينيها الفيروزي ليُخرجها آية في الروعة و الجمال...

التفتت لوالدتها التي بكت بسعادة بعدما تمتمت ببعض آيات الله... ارتمت "ندى" في احضانها و قد تركت لنفسها الاستمتاع بكل لحظة تمر عليها ... بكت بسعادة و خجل و ترقب... مشاعر مختلطة و غريبة لكن كلها لذيذة للحد الذي يدفعها لأن يأتي "مصطفى" حالا و يعقد القران... لقد مضى أسبوع بالفعل و ها هو اليوم المنشود الذي سعى له خطيبها منذ أول مرة رآها بها... اليوم سيجمعهما الله تحت مسمى آخر مختلفا و أكثر انسجاما... زوجته بعد ساعات قليلة ستصبح "ندى" زوجة ابن "النجار"!... أخرجتها والدتها من احضانها لتقول بتوبيخ باكٍ:
(توقفي يا بنت لقد فسدت زينة وجهكِ... سنضطر لإعادة ترميم ما تم إفساده و هذا سيجعل عريسكِ يجهر بعلو صوته أنه طفح الكيل من الانتظار...)

خرجت من أحضانها تبتسم بخجل مختلط بدموعها... مسحت الأم وجنتي ابنتها بتأثر كبير فشلت في إخفائه... صغيرتها كبرت و ستتزوج أي سعادة تنافس ما تملكه الآن في قلبها؟!... دلف "عيسى" الغرفة عليهما ليتوقف لثانية يراقب بها هيئة ابنته الساحرة... تمتم بخفوت حمدا لله ثم تقدم منهما ليرى الدموع السخية التي فرضت نفسها في موقف مباح به البكاء... ابتسم بحنان يقول:
(عصفورتي الصغيرة هل حان الوقت لتطير بعيدا و تترك العش؟...)


ارتعشت شفتاها بصورة أكبر و ظهرت الدموع بصورة أكبر في مقلتيها... تقدم منها والدها يحاوط وجهها بين كفيه... قبّل ما بين عينيها برقةٍ ثم تطلع فيهما بسعادة يقول:
(لا بكاء ابنتي... اليوم مسموح لكِ الطيران للبعيد حيث عش جديد و عمر مديد مع الإنسان الذي اختاره قلبكِ... ابنتي يا قرة عيني و مهجة فؤادي منحكِ الله السعادة التي تستحقيها...)

من وسط زحمة المشاعر التي تنافس لتظهر على السطح في قرارة قلبها... تغلبت مشاعر الاشتياق لوالديها قبل أن تتركهما من الأساس... دفنت نفسها بين ذراعي والدها لتبكي مجددا... ربت والدها فوق ظهرها بتأثر بالغ يقول:
(يا بنت لماذا تأخر هذا الولد الذي أوجع رأسي منذ عرفناه ليتزوجكِ... إن لم يظهر بعد دقائق لن ازوجكِ له و لا لأي أحد آخر ... ستبقين هنا مع والدكِ العمر كله...)

تحدثت والدتها بتأنيب:
(يكفي يا "عيسى" بالله عليك ... البنت تزداد في البكاء و لا نملك الوقت الكافي لإصلاح كل هذا...)

سحب نفسه بقوة ليسيطر على مشاعره الأبوية... أخرجها من بين ذراعيه يبتسم بسعادة قائلا بصدق:
(لا يوجد من يضاهي ابنتنا جمالاً... هي رائعة في كل صورها...)

ابتسمت "ندى" بينما تزيح الدموع من فوق وجنتها الرقيقة... مدت يدها لوالدتها حتى تقدمت منها ثم ارتمت بين أحضان والديها معًا تقول بشكر و عرفان:
(أحمد الله كل يوم أنني ابنتكما... شكرا لكل شيء)

تطلع "عيسى" لزوجته من خلف ظهر ابنتهما ليبتسم لها بأعين غلبها الدمع... بادلته البسمة و شعور بالحب و الفخر يغلف قلبها تجاه صغيرتها...

على جانب آخر...
وقف في غرفته يعقد رابطة العنق أمام مرآته... عاد للوراء يقيم نفسه في هذه الحلة كحلية اللون ... بدا وسيما لدرجة جعلته يبتسم بإعجاب... يتخيل وجهها الرقيق حينما تراه ستُصاب بالذهول كحالها كل مرة... يقسم أنه لا يصدق أن بعد ساعات ستصبح زوجته و تحمل اسمه... تنهد بولهٍ يُطالع صورته الرائعة في المرآة و يحدثها بفرحة:
(أخيرا يا بطل ستنال غصن الزيتون... بعد سنوات من التعب و السفر ستصبح لك للأبد)

غمز بعينيه لنفسه في المرآة و بسمة شقية توضح نيته من "ندى" في هذه الليلة... خرج من غرفته يدندن أغنية ما و قد فاقت سعادته كل سعادة العالم... توقف قبل أن يصل للسلم حينما لمح "رُبى" تخرج من غرفة أخيه السابقة... رفع حاجبا واحدا بإعجاب ثم أطلق صافرة عالية يقول بمرح:
(ما هذا الجمال يا "رُبى"؟!... أين تخبئين كل هذا عنا؟!..)


تقدمت منه ببسمة ممتنة لمدحه لها... وقفت قبالته بتنورتها السوداء المدرجة بطبقات جعلتها منتفخة قليلاً ... فوقها بلوزة حريرية من اللون الفضي ... بدت مع شعرها المجموع في جديلة جانبية مزينة بدبابيس شعر فضية على شكل ورود كزهرة توليب ساحرة في بستان ورود... تحدثت بخفوت خجل تقول:
(شكرا لك... تبدو وسيما أيضاً)

حرك حاجبيه للأعلى و الأسفل ببسمة عريضة يقول:
(هذا ليس بالجديد عليّ... طوال حياتي و أنا وسيم)

ضحكت بخفوت تقول بفرحة:
(مبارك لك لقد تحقق حلمك ...)

تنهد بصورة درامية يقول :
(آه يا "رُبى" أخيراً تحقق... الحمد لله قبل أن تسقط اسناني و يشيب شعري)

ضحكت بصوت مسموع هذه المرة و كأن ضحكتها استحضرته ... وصل لهما ليقف ثوان مشدوها من شدة جمالها الملائكي... هذه الصغيرة سلبت منه العقل و يا خوفه لو سلبت القلب أيضاً!!... شعر بشيء داخله يرفض وقوفها مع أخيه و ضحكها هذا... تقدم منهما يقول بصوت جامد:
(هيا يا "مصطفى" ستتأخر على عروسك...)

تحدث أخاه بمشاغبة بينما يرمق "رُبى" بنظرات مازحة:
(من يقف جوار القمر لا يتحرك ...)

انتفخت عروقه بصورة ملحوظة و هو يسمع مزح أخيه الصغير... يعرف أنه كثير المشاغبة و لكنه يرفض أن يُسمعها أي شخص مهما كانت صلته بها مثل هذا المدح!... تحدث "أحمد" بهدوء يواري نيرانه التي اشتعلت في صدره..
(يكفي هدرا للوقت... هيا يا "رُبى" اسبقينا للأسفل)

بعدما شبعت عيناها من رؤيته بكل هذه الوسامة الطاغية في حلته الرسمية... اومأت له بهدوء ثم أسرعت للأسفل قبل أن يكتشف أحد نظراتها المسروقة إليه...

التفت "أحمد" لأخيه يقول بصوت رافض :
(لا تتغزل في الصغيرة ثانيةً...)

عاد "مصطفى" برأسه للخلف يراقب غيرة أخيه لأول مرة... ابتسم بخبث يقول:
(و لمَ؟!... الفتيات يتطلعن للكلمة الطيبة و الكثير من المدح و أنا أساعدها للتأقلم معنا ألم يكن هذا حديثك من قبل؟!!!)


احتدت نظرة عين "أحمد" فتقدم من أخيه بصورة اظهرته خطيرا و تأكدت الصورة حينما اقترنت بالصوت القاطع:
(لا دخل لك بزوجتي يا "مصطفى"...)

اتسعت بسمة "مصطفى" و طاف الحنان بين عينيه ... يرمق أخاه الأكبر بفرحة مضاعفة فأخيرا يتذوق "أحمد" الحب و الذي يبدو أن عقله يستنكره حتى الآن... لكن لا بأس سيُمنح الوقت الكافي ليفهم حقيقة مشاعره تجاه زوجته... أطلق صافرة عالية مجددا ثم قرب وجهه من أخيه يقول بهمس مازح:
(ألم تكن الصغيرة قبل لحظات متى ارتقت مكانتها لزوجة؟!!... )

زمجر "أحمد" ليعلن عن غضب قادم ... لحقه "مصطفى" يربت فوق صدره قائلاً:
(لا بأس لن أتحدث عنها مجددا... أنا يكفيني من ستصبح زوجتي بعد قليل)

لانت ملامح "أحمد" بصورة كبيرة... التقف كف أخيه الموضوع فوق صدره ليجذبه منه و يسكنه أحضانه... ربت فوق ظهره بحنان أب و فرحة أخ قائلا بصوت دافئ:
(مبارك لك أخي ... جعلها الله زيجة العمر و جمع بينكما بخير )

أغمض "مصطفى" عينيه يتنعم بهذا الحنان الخاص به وحده و الذي يمنحه إياه "أحمد" دون سؤال...شعر أن دموعه أصبحت قريبة فأبتعد عنه بسرعة يمسح زاوية عينيه قائلا بصوت مهتز:
(أدامك الله ليّ أخا و أبا و سندا يا أخي... )

ربت "أحمد" فوق كتفه متأثرا بدموع أخيه... أسرع "مصطفى" يقول بمزاح كي لا يفلت منه الأمر و يبكي :
(لا تجعلني مرهف الحس الآن أرجوك يا "أحمد"... أنا من الأمس أفكر كيف ستكون قبلتي الأولى مع غصن الزيتون و كنت أنمي هذا الشعور بداخلي بينما الآن...)

رفع أصابعه يؤشر على نفسه و عينيه الحمراء قائلا بسخرية:
(الآن أخشى أن أبكي أمامها من فرط السعادة بسببك ...)

ضحك "أحمد" بخفوت يقول بخبث:
(هل تنوي تقبليها في شقة والدها أيها الجلف؟!)

ركن كل التأثر الذي مر عليه قبل لحظات ليقول بصدق تام و نية لا رجعة بها:
(أقسم بالله سأفعلها حتى لو على سلم بنايتهم... لقد صبرت كثيرا جدا يا أخي)

ضربه "أحمد" بخشونة فوق ذراعه بينما يدفعه لينزل السلم... عدل "مصطفى" حلته و تجهز لينزل بينما عقله لا يتوقف عن التفكير في غصن الزيتون التي سيمتلكها بعد وقت قصير...

توقف "أحمد" يراقب أخاه بسعادة عارمة... تطلع لصورة والده الموضوعة في صالة البيت يقول ببسمة سعيدة:
(لقد أديت مهمتي يا أبي... زرعتك الصغيرة أسقيتها و اهتممت بها و اليوم صارت شجرة قوية)

نظره حاد دون إرادة منه لها... كانت تقف قبالة السلم تنظر لأخيه بينما والدتهما تعيد عقد رابطة عنقه تحت تذمره الرافض... كانت تبتسم جوار جدته... كم هي حلوة !!... كم هي بكل صغر سنها و حقيقة ارتباطها به تؤثر في كل ذرة في كيانه... ابتسم بتأمل لهيئتها الجميلة و قد ضربت جملة أخيه عقله بقوة ...
(أفكر كيف ستكون قبلتي الأولى...)



لوهلة تخيل ... لوهلة سمح لتفكيره في صياغة ما تطلبه نفسه... لوهلة أغمض عينيه يستمتع بنسيج روحه المتمثل بها... لوهلة فقط يا "أحمد"!!!
انتفض عما أنتجه خياله... اعتدل فجأة بصورة حادة يقول بتأنيب:
(مستحيل يا "أحمد"... بماذا أفكر أنا ؟)

عاد ببصره لها ليجدها تتطلع له بتركيز... يبدو أنه لفت نظرها حينما تحرك بحدة للتو... و لكنه لم يعرف أنها كانت تراقبه من بداية نزولها للأسفل... كل ما بها بات يطلب منها أن تراقبه... تجمع عنه المزيد و المزيد من المعلومات... لا تعرف مغزى مطلبها لكنه يغذي شعور مفقود الهوية بداخلها... شعور يتدفق بين عروقها ليلهب خلاياها حينما تراه!...

ابتسمت بحرج حينما وجدته ينزل للأسفل دون أن تحيد عيناه عنها... تحركت بسرعة تتشبث بيد جدته لتختفي من أمام نظراته الثاقبة لها...

قلبهما باتا يتقابلان في خيالات تنسجها روحهما بخيوط لامعة من مشاعر غير مُعرّفة و لكنها ممتعة لهما... باتا يتقابلان في فضاء واسع لا يوجد به سواهما ليعزفا لحنا خاصا بهما غير مسموع للعالم و لكنه صاخب داخل وجدانهما!!...

............................................

(بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير ...)
رفع المأذون المنديل الأبيض من فوق كفي "مصطفى" و "عيسى" تحت زغاريد و فرحة و عبارات مباركة من الجميع... وقف "عيسى" ينظر لأبنته خلفه بأعين غلبها الدمع... اسكنها أحضانه بينما يتمتم بالحمد أكثر من مرة... كانت كملكة متوجة في هذا اليوم... كل شيء يسعدها بشدة و يبهج روحها... حانت نظرة منها حيث هو بين احضان اخيه الكبير...

جذبه "أحمد" بين احضانه يربت على ظهره بحب متأصل بداخله لصغيره... بينما هو لم يكن يتخيل أن يقف مكبلا بهذه السعادة!... لا يصدق أنها اصبحت ملك يمينه و جمعهما الله معا... لقد اصابه الحرج ربما أو تكالبت عليه المشاعر فألجمت لسانه.... همس "أحمد" جوار أذنه بعبث بعدما شعر بارتجاف أخيه بين أحضانه...
(أصلب طولك يا ولد ستضع رأسنا في الطين على ما يبدو... ماذا عن حلمك بالقبلة الأولى؟!..)

ضحك "مصطفى" بخفوت بينما يدس رأسه في كتف أخيه كما كان يفعل في الصغر قائلا بصوت مهزوز من السعادة:
(أنا سعيد جدا يا أخي ... اشعر أن عضلات جسدي تراخت من كثرة حماسي و فرحتي...)

اخرجه "أحمد" من بين احضانه يربت فوق ذراعه بمؤازرة قائلا بحماس:
(لقد أصبحت زوجتك و لا يهم أي شيئا آخر...)

هز رأسه ببسمة بلهاء ثم اخفض صوته يقول برجاء كبير:
(هل يمكنك أن تطلب من عمي أن يتركنا سويا بعض الوقت...)

ابتسم "أحمد" بسمة عريضة يقول بنفس الخفوت:
(هل عادت رغبة القبلة الأولى؟!...)

اشتعلت أعين "مصطفى" بشقاوة فقال بهمس:
(نعم و بقوة...)

عاد "أحمد" برأسه للخلف يقول بتفحص لأخيه:
(أطلبها أنت من والدها لقد أصبحت زوجتك بعد كل شيء...)

تذمرت ملامح وجهه فقال بيأس:
(و الله لو لم يكن كل هؤلاء الناس هنا يتفحصوني و يتفحصونها لخطفتها دون اللجوء لك أو لوالدها...)

خفت صوته و أحمرت أنفه قليلا ... حرك ياقة قميصه بحرج قائلا:
(لكنني محرج جدا يا أخي...)

ضحك "أحمد" بخفوت يقول:
(أريد مساعدتك و لكن بهيئتك هذه اخشى أن تتهور و تفضحنا...)

ضحك "مصطفى" بصوت مسموع قليلا فقال بعبث:
(تفهمني دوما من نظرة عيني يا أخي...)

جذبه "أحمد" من سترته حتى تقابل وجههما فقال بتحذير:
(ولد لا تزيدها فزوجتك تبدو مرتبكة جدا... أخرج روح الجلف التي بداخلك و أتركها في أقرب صندوق قمامة)

غمغم "مصطفى" بتذمر بينما يعود للخلف مفلتا سترته من يد أخيه:
(حسنا حسنا... يبدو أننا سنظل أخوات حتى أشيخ فعلا ..)

ابتسم "أحمد" بحنان ثم ضربه بقوة خشنة فوق كتفه... عبره ليصل لوالد زوجة أخيه يهمس له ببشاشة... راقب "مصطفى" رفض والدها الظاهر للعين... رفع شفتيه للأعلى يقول بتعجب:
(هل يرفض جلوسي معها... مع زوجتي!!... اقسم بالله أصور لهم قتيلا هنا!)


بعد محاولات من "أحمد" وافق "عيسى" على مضض لأن تجتمع ابنته مع زوجها في غرفتها و لكن لمدة محددة... لقد شعر بالحرج من تواجد الناس و ايضا هناك جزء من أبوته يرفض هذا!!...
عاد "أحمد" يبتسم له ليؤكد أن كل شيء على ما يرام... اتسعت بسمته العريضة ليراقب والد زوجته و هو يتحدث معها في زاوية من الصالة... راقب توتر ملامحها و قد لامست شغاف قلبه بشدة... اومأت لوالدها ببطء و قد أحمرت خجلا بصورة ظاهرة ... اتجهت نحو غرفتها و تراقص قلبه طربا مع كل خطوة منها لهناك حيث مكان يجمعهما سويا لأول مرة كزوجين... اعتدل باحترام عندما وجد "عيسى" يتقدم منه بملامح جدية للغاية... أمسك كفه يشدد عليه قائلا بلهجة حوت التحذير:
(مسموح لكما بربع ساعة فقط كي لا نجذب تساؤلات الناس اللحوحة ...)

اومأ له "مصطفى" ببسمة صغيرة بعث عبرها الاطمئنان في قلب "عيسى"... خفت التحذير من صوته ليقول بصدق :
(ضع ابنتي في عينيك بني ، هي كل ما نملكه أنا و أمها في الدنيا...)

ربت فوق كفه ليقطع وعدا على نفسه قائلا:
(ابنتك في قلبي قبل عيني يا عمي... و ما دام في صدري نفس فهي ستظل هناك في بيتها الأصلي)

تنهد "عيسى" براحة و سعادة فقال:
(مبارك لكما بني ...)


وقفت في غرفتها متخشبة بصورة أظهرتها هبلاء بشكل كبير... هي نفس الغرفة التي تركتها قبل قليل... نفس سريرها ، مرآتها ، دولاب ملابسها و هي نفسها "ندى" لم تتغير... إذًا بحق الله ما كل هذا التوتر الذي يفتت جسدها؟!... توقفت الدماء عن التدفق في شرايينها بعدما سمعت صوت حركة مقبض الباب... التفتت تنظر له بترقب حتى سطع هو منه بوسامة و روعة هدمت كل اسوار روحها الهائمة به عشقا...

دخل ببسمة مختلفة محملة بأفراح قلبه و بهجة روحه و عشقه الدفين لها... راقبها في هذا اللون الزيتوني لتصبح بحق غصن الزيتون... اغلق الباب خلفه برفقٍ و لسان حاله لا يتوانى عن تهدئة كل هيجان مشاعره نحوها... راقب حركة فرك اصابعها المتوترة فرق قلبه لها بحنان... تقدم منها بهدوء يكبل كل جموح فكره نحوها قائلا:
(تبدين جميلة يا غصن الزيتون...)

ابتسمت له بخجل و قد أسبلت اهدابه للأسفل بحرج بالغ... تقدم منها يقول بخفوت عاشق:
(لقد أصبحتِ زوجتي ألن تقولي ليّ مبارك؟!)

ضحكت بخفوت دون أن ترفع وجهها له فقالت:
(مبارك لنا...)

اتسعت بسمته و قد سمح لجزء ضئيل من جموح مشاعره لأن يخرج أمامها... أمسك يدها ببطء يتحسس نبضها بإبهامه قائلا بخفوت آسر:
(قولها هكذا دون شيء محسوس لا تعجبني...)

مصيبتها أنها تفهمه من أقل كلمة يقولها... و ها هي تفهم ما يرمي له الآن قليل الحياء... أفلتت يدها منه و ابتعدت خطوتين للخلف تقول بخجل :
(ما رأيك بفستاني؟!...)

ابتسم بخبث يقول بينما يجذبها لتعود إليه:
(تتهربين يا غصن الزيتون؟!...)

مال بوجهه إليها لينظر في فيروزتها بنظرة تفضح مكنون صدره تجاهها... أخجلها من تصرفاته فهمست اسمه بتوسل خافت... عاد برأسه للخلف ليقول بتذمر طفولي:
(لن أجب على سؤالكِ حتى تقبليني !)

شهقت بحرج تواري وجهها منه فصاح بصوت عالٍ نسبيا يقول:
(هيا يا بنت "القاضي" فزوجكِ ينتظر...)

حاولت التملص منه لكنه كان متحكما بقبضته حولها بقوة... همست مجددا برفض تقول:
(ما تطلبه صعب و أنا مستحيل أن أفعله...)

ضحك بشقاوة يقول بينما يده تكتفها :
(لم أطلب سوى قبلة على خدي فقط ... أنتِ من يُفكر في اشياء أخرى!!!)

ابتلعت ريقها بخجل فقالت :
("مصطفى" رجاءً...)

تركها فجأة ليتحدث بنبرة جدية حازمة:
(الله الله على طاعتكِ لزوجكِ يا زوجتي المصون!!... هل تحبين أن أنادي والدكِ ليرى بنفسه دلاله لكِ إلى أين وصلنا؟!..)

صدمها بتغيره المفاجئ و نبرته الجدية... و ما زاد صدمتها هو تحركه الفعلي إلى باب الغرفة ينوي حقا نداء والدها... أسرعت تجذبه من سترته تقول بحرج:
(ماذا تفعل يا دكتاتوري؟!...)

نظر لها ببسمة عابثة يقول بحب:
(اشفقي بحال الدكتاتوري يا غصن الزيتون...)

فركت كفيها بحرج بعدما اسبلت أهدابها للأسفل... تابعها بصبر و تأني حتى رفعت إليه فيروزتها الرائعة... خطت تجاهه بتردد ثم وقفت على أطراف أصابع قدمها لتطول وجهه الوسيم و تطبع قبلة رقيقة في رقة الفراش فوق وجنته جوار فمه ببطء... أغمض عينيه ليُفعل كل حواسه و يسخرها للاستمتاع بقبلتها الأولى... رائحة عطرها ، قرب أنفاسها من وجهه و احساسه الطاغي بها ... كل شيء يجعله كمن يعانق السماء و يتربع عرش السعادة... تراجعت للخلف بوجه أشد حمرة و قلب تتقاذف دقاته بجنون.... ابتلعت ريقها تطالعه مغمض العينين بوجه راضٍ للغاية... مد كفيه تجاهها دون أن يفتح عينيه ليصل لخصرها يجذبها منه نحوه مجددا... تحركت كفه فوق خصرها بصورة متكررة ببطء ... فتح عينيه تزامنا مع كلماته التي صدرت من قلبه العاشق لها:
(أنتِ كغصن الزيتون مهلكًا حينما يتمايل مع الريح... لامعًا في انعكاس أشعة الشمس... مبهجًا عند النظر إليه... و دافئًا كوطنٍ أعود له بعد رحيل... كُلكِ ساحرة كقطرة ندى تروي ظمأ الزهور... فيا غصنًا تعمقت جذور شجرته في القلب و أثمرت حبًا كبيرًا... أنا أميركِ يا أميرة)

التمعت الدموع في عينيها بتأثر... رفع إبهامه يلتقفها ببسمة حانية... تحدث بصوت أجش يقول:
(لماذا لا نقيم حفل الزفاف غدا أو بعد اسبوع و ليس بعد عدة أشهر كما حددتِ؟!!)

تجرأت قليلا لترفع اصابعها تلامس وجهه الوسيم... تحركت فوق قبلتها المتروكة بعلامة أحمر شفاهها قائلة بصدق:
(أنا أقل صبرا منك لأكون معك في بيت واحد... لكنك تعرف أمر دراستي و سفري الكثير... "مصطفى" أنا أحبك بصورة لا يمكن وصفها و لهذا أود أن أعطيك كل ما فيّ لأنك تستحق... لو تزوجنا الآن سأضطر للسفر و التقصير في حقك و حق بيتي و ربما يحدث حمل و أقصر بصحة الجنين ، لذا دعني أنهي كل ما تبقى ليّ من سفر و دراسة كي أكون لك وحدك و لا يشغلني عنك شيئا آخر...)

رفع كفه لينزل كفها من فوق خده إلى شفتيه يقبلها بأنفاس متهدجة... نظر في عينيها بحب يقول:
(لا يملك ابن "النجار" سوى أن يقول نعم لأبنة "القاضي"....)

ابتسمت بحب لتفهمه ما تريد... مال عليها على حين غفلة لتتسع عيناها بحرج من هذا القرب و هذا الذي ينوي فعله حينما قال ببسمة شقية:
(لم أنل مباركتكِ بعد....)

......................................

تنحنح بحرج ليلفت انتباه والدته له ... شعرت به والدة "ندى" فابتسمت بترحيب قائلة:
(مرحبا "أحمد" كيف حالك؟!...)

التفتت "سوزان" للخلف بعدما نبهتها جملة والدة "ندى" بوجود ابنها... ابتسم "أحمد" بسمة صغيرة يحيها:
(أهلا بك سيدة "إيناس"... بخير الحمد لله )

ربتت والدة "ندى" فوق كتف "سوزان" تقول ببشاشة:
(أدام الله عليك الحمد بني... سأترككما لأتابع الضيوف قليلا...)

اومأت لها "سوزان" ببسمة متفهمة و بعدها نظرت لأبنها الكبير تسمعه يقول بخفوت:
(أمي متى ستعودين للبيت؟!... لقد ذهبت جدتي مع "حنان" قبل ساعة )

عقدت حاجبيها بتفكير فقالت :
(لا أعرف متى سيذهب أخاك من هنا؟!... هل مللت ؟!)

تحدث بينما يلتفت للخلف قائلا :
(لا أنا معتاد على السهر و لكنها ...)


انزاح قليلا لتظهر "رُبى" المستندة برأسها على ظهر الأريكة غافية بصورة شهية... فأكمل حديثه ببعض الضيق من وضعها المتعب لها هذا...
(لقد سقطت في النوم قبل قليل ... تعرفين مواعيدها المبكرة في النوم و الاستيقاظ لذا كنت سأتصل بسائقي ليأتي و يوصلكما للبيت و أنا سآتي مع "مصطفى" حالما ينتهي...)

تحركت "سوزان" بسرعة تجاه "رُبى" تقول بتأنيب:
(ما هذا الوضع الغير صحي الذي سمحت لها النوم به؟!... حينما تستيقظ ستعاني من تيبس عضلات رقبتها!!)

سار خلفها يقول بهدوء:
(اشفقت عليها حينما غفت فاعتقدت أنها مرتاحة هكذا...)

وصلت لها "سوزان" تتلمس ذراعها بحنان قائلة:
("رُبى" حبيبتي استيقظي ...)

تابعها تفتح عينيها الجميلة ببطء... هذه ثاني مرة يراها تستيقظ و كم تبدو في هذه اللحظة ساحرة لعينيه... انعقاد حاجبيها ، انتفاخ شفتيها الوردية ، احمرار خديها و خصوصا الذي تركن عليه حينما تنام في مكان غير سريرها... كلها تخطفه من نفسه و تلقي به في سماء واسعة ليحلق بحرية ...تحدثت بصوت ناعس تقول:
(آسفة لقد غلبني النوم... هل سنذهب الآن؟)

تحدثت "سوزان" بشفقة من معالم الألم المرتسمة في وجه الصغيرة حينما اعتدلت ... رفعت كفها حيث رقبتها تضغط عليها برفق كي يفك تيبسها... ثم ارتفعت حيث جديلتها تهندمها برفقٍ... بعدها قالت ببسمة حانية:
(نعم ستذهبين مع "أحمد" و أنا سآتي مع "مصطفى"...)

قبل أن تعتدل لتجهز للرحيل تحدث "أحمد" برفض قائلا:
(لقد تأخر الوقت يا أمي ... أذهبي أنتِ معها و أنا سآتي فيما بعد مع أخي...)

وقفت "سوزان" تقول بأمر:
(لا لدي بعض المواضيع اناقشها مع السيدة "إيناس"... هيا خذ "رُبى" و إلى البيت)

ابتسم من هذه اللهجة التي كانت تتحدث بها معه حينما يصمم على فعل شيء... مال نحوها يقبل وجهها برفقٍ ثم يدها قائلا:
(لم أعد صغيرا بعد يا أمي... )

ربتت فوق كفه تقول بتأثر :
(مهما كبرتما ستظلان طفلاي اللذان يحتاجان ليّ طوال الوقت...)

تحكم في صوته المتأثر بحبها الكبير له فقال بمزاح:
(و الله ما تحسبينه "موسى" يصبح "فرعون"... طفلك الثاني يعربد بداخل دون رقيب و لو عرف حماه بهذا سيطرده خارج الشقة...)

كتمت ضحكتها بصعوبة فمالت تهمس له بمزاح مماثل:
(دعه يفرج عن مكنون صدره و يتخلص من بعض الكبت ... )

ضحك بخفوت قائلا:
(معكِ حق ... هذا أفضل من أن يعود للبيت خائب الرجاء و يصدع رأسنا بولولته كقط مستفز لم يجد وليف في مرحلة التزاوج...)

تحكمت في ضحكتها هذه المرة بصورة أكثر صعوبة ... قالت بوجه حاولت أن يبدو حازما:
(يكفي ... هيا خذ زوجتك و اذهب قبل أن تقع أرضا من شدة النعاس...)

اومأ لها ببسمة متسعة بعض الشيء ثم قبّل رأسها مودعا... اشار لزوجته بأن تتحرك و بعدها حيا السيد "عيسى" و زوجته و ذهب...

جلست في السيارة بصمت و قد طار النعاس من عينيها ليتركهما مسبلتين قليلا بصورة تجذبه... جلس جوارها يدس المفتاح في مكانه ليصدر المحرك صوته... همست بخفوت شارد تقول:
(أريد أن أتصل بأمي...)

التفت لها يراقب شرودها الذي أحزنه عليها... كان متأكدا بأن رؤيتها لحفل عقد قران أخيه سيذكرها بيومهما معا... تحدث بصوت عادي كي لا يحرجها قائلا:
( هذا جيد ستفرح والدتك بالتأكيد...)

نظرت له نظرة طويلة و بعدها قالت بترقب:
(هل ستقابلني بعد أخر لقاء بيننا ؟!... لقد تعاملت معها بطريقة سيئة جدا على عكس طريقتي معها تماما... أعرف أنها لم تكن ترضى أن أتزوج بهذه الطريقة لكنني كنت على وشك الموت إن لم أخرج ما جاش في صدري حينها...)

تألمت ملامحه و زاد وجع قلبه حينما خرجت من بين شفتيها كلمة الموت... غمغم دون شعور منه يقول بصدق :
(بعيد الشر عنكِ يا صغيرة...)

عاد يقول بهدوء متضامن معها:
(لا اعتقد أن الآباء يتصرفون من منطلق المنطق حينما يخطئ الأبناء... نحن فقط نُقيّم الوضع من وجهة نظر لكل فعل رد فعل و لكن الآباء يُقيّمون الوضع من وجهة نظر العطاء الأبدي...)

ابتسم بحنان يقول:
(يعني لو هاتفتي والدتكِ ستجدينها مرحبة بكِ أكثر من ذي قبل... لا بد أنها اشتاقت لكِ...)

ابتسمت بحنين و شعور فقدان والدتها يضرب قلبها بقسوة... صورة والدة "ندى" و والدته قبل أن يخرجا من بيت والد "ندى" تشعرها بالاشتياق لوالدتها بشدة... قالت بينما تعتدل في كرسيها:
(معك حق... سأتصل بها قريبا)

شعر أنها لا تزال خائفة من رد فعل والدتها معها بعد أخر لقاء في بيته... تحرك بالسيارة و فكره مشغول بشيء ما...

بعد ساعة تقريبا اوقف سيارته قبالة الباب الحديدي... التفت لها ينظر لبهاء صورتها و هي شاردة للبعيد... منذ تحرك بالسيارة و هي صامتة ترمق الشارع بتدقيق... لدرجة أنها لا تلحظ أين يقفان الآن!!!... تنحنح بصوت خافت قائلا:
("رُبى" هاتفي والدتكِ الآن...)

عقدت حاجبيها بعدم فهم ثم التفتت له تقول بتعجب:
(و لمَ الآن؟! ... الوقت تأخر في الأساس!!)

حرك إصبعه أمام عينيها و تابعت حركته حتى استقرت على بوابة بيتها الحديدية الكبيرة... عقلها لم يستوعب بعد ما تراه!... ربما سواد الليل يربك عصبها البصري فيُخيل لها أنها ترى بيتها!!... يا إلهي هذا البيت الذي تركته قبل شهر أو أزيد بقليل... عادت رأسها له بسرعة البرق و قد التمعت عيناها بحنين تقول بعدم تصديق:
(هل هذا بيتي؟!!...)

اوجعه قلبه بقوة و قد زادت وخزته بأنين... هز رأسه ببطء يؤكد لها أنها تقف أمام بيت والدها فعلا... أزاحت حزام الامان بأيد مشتاقة و نزلت من السيارة تتحرك ببسمة كبيرة بينما عيناها ترمق البيت كله بدموع تهدد بالسقوط... خرج يراقب انفعالات وجهها بحزن و اشفاق... همس لها بتشجيع:
(هيا هاتفيها...)

رفعت هاتفها بتردد و طلبت رقم والدتها بعدما سحبت الطاقة اللازمة من حنان عينه المشجعة... لحظات و أغمضت عينيها لتقول بصوت مهزوز:
(أمي أفتقدكِ كثيراً و أريد أن أراكِ ... أنا أمام البيت)

فُتح باب البيت بعدها بدقائق قليلة... هرولت "رباب" للخارج بثياب نومها التي وضعت فوقها شالا أسود اللون... شعرها مجموع في عقدة غير مهندمة و بداخل قدمها خف البيت ... لم تهتم لوهلة أن تحسن من صورتها ... لم يكن في فكرها مكانا واحدا يهفو سوى لرؤية ابنتها... فور وصولها أمامها توقفت تُطالعها بأعين متشبعة بالدموع... اقتربت ببطء و كأنها تخشى أن تصير ابنتها خيال و تختفي... وقفت قبالة وجهها الذي اشتاقت له حتى نفذ الاشتياق و تحول لفقد... رفعت أصابعها المرتعشة تتلمس وجنتها البيضاء الناعمة... و بعدما تأكدت أنها صغيرتها بالفعل جذبتها بقوة إلى احضانها لتسكنها جوار قلبها الذي جاورته تسعة أشهر من قبل... دفنت أنفها في عنق ابنتها تسحب قدرا كافيا من عطرها المفقود منها... همست بأنين مصطحب بدموع أم آلمها الفراق...
(أنتِ هنا أخيراً... لا أصدق أنكِ بين أحضاني حبيبتي!!)

تغلبت "رُبى" على رغبتها الملحة في البكاء... فشددت من ضم والدتها لتُخبئ وجهها في عنق "رباب" قائلة بأسف :
(سامحيني أمي عما بدر منيّ في أخر لقاء...)

أخرجتها والدتها من أحضانها تمسح هذه الدمعات الماسية التي ترقرقت عنوة من أعين صغيرتها... ابتسمت بسمة مختلطة ببكاء تقول:
(لا تأسفي يا «ماما»... أنا لست غاضبة منكِ و لن أصبح أبدا...)

تملكت وجه صغيرتها بين كفيها تقبّل كل مكان فيه قائلة بصوت أمومي صادق:
(والدتكِ لا تملك في هذه الدنيا سواكِ و أختكِ... فلا يخونكِ تفكيركِ و يصور أنني في يوم ما سأغضب عليكما... )

أكملت ببسمة سعيدة رغم دموعها تقول بلهفة مشتاقة:
(كيف حالكِ حبيبتي؟... هل أنتِ مرتاحة في بيت "النجار"؟!... لقد عرفت من الآنسة "زينب" أنكِ تذهبين للمدرسة ، لا تعرفين كم أسعد قلبي هذا الخبر!)

تنحنحت بحرج فنظرت ناحيته بسرعة... وجدته واقفا جوار سيارته واضعا كفيه في جيبي بنطاله و يتابع ما يحصل بتركيز... هناك في ظلمة الليل هيء لها عقلها أنها رأت بسمة فوق شفتيه!!... تحدثت بتلعثم تقول بحرج:
("أحمد" معي يا أمي...)

التفتت "رباب" للزاوية الجانبية جوار البوابة الحديدية لتجده يتحرك تجاهها بهيبة... تركت يد ابنتها لتقابله ببسمة شاكرة قائلة:
(لا تؤاخذني بني لقد طار عقلي بعدما رأيتها... كيف حالك و حال أهل بيتك؟)

تحدث بتفهم قائلا بهدوء:
(لا عليكِ لقد مر وقت طويل لم تريا بعضكما به... نحن بخير شكرا لكِ)

غمغمت بخفوت تقول :
(الحمد لله... شكرا لك بني على كل ما تفعله مع ابنتي ... لقد كنت عند حسن ظني و حافظت على أمانتي لديك...)

و كأن لهيبا تفجر أسفله ليحرق كل خلايا جسده باشتعال مدمر... أمانة!!
ها هو يعود لنفس النقطة و التي تنص على أن الصغيرة ... زوجته... أمانة لديه ستعود يوما ما لصاحبها!!!...
لقد تمادى بالفعل في خيالاته التي يرفضها عقله رغم تنعمه بها... لقد أخرج الصغيرة من قالب الأمانة رغبة منه أن يُلبسها قالب آخر لا يتناسب مع وضعها و وضعه... قالب رغم حلاوته ليس له بالمرة!!... تقبضت يده جواره و كم كان حامدا للظلام المسيطر على الأجواء ليخفي ما يترجمه جسده من رفض!... قال بصوت خافت لا يوضح عذابه الداخلي:
(لا تشكريني سيدتي... ابنتكِ في بيتي و تحت رعايتي و أنا كفيل بأهل بيتي...)

اومأت برأسها و بسمة مرتاحة تشق وجهها الباكي... التقفت يد ابنتها من جوارها لتقول بصوت سمعه الأثنان معا:
(لا تقلقي يا "رُبى" أنا أحاول بكل جهدي أن اُصلح كل شيء... تحدثت مع والدكِ و لا أزال أتحدث و سأقنعه ان شاء الله أن تعودي لبيتكِ... لن يطل الوقت حبيبتي بقى القليل و تعود حياتكِ العادية...)

هذه الضربة الحادة التي صدرت عن قوة نبض عنيف رافض من قلبها أوجعتها بشدة... بعد وقت قليل أو طويل بات توقيته لا يهم لكنها بعده ستعود لحياتها العادية!!!... ألم يكن هذا هو طلبها منذ البداية؟!... لماذا تشعر هكذا الآن؟!... و كأن روحها تنسحب منها ببطء و تسقط في بئر مليء بالأشواك الغليظة!... رفرفت برموشها لتجبر نفسها على العودة للواقع فحانت نظرة منها إليه... لتتجمد كليا من نظرته!!

كانت نظرة مظلمة بعض الشيء... عاقدا حاجبيه بشدة و باقي جسده متخفي في الظلام... لكن نظرته كانت كفيلة لأن تزيد من شعور الألم بداخلها...
تدخلت "كريمة" بصوتها الفرح لتخرجهم من حالة الدهشة هذه قائلة:
(و الله لا أصدق نفسي أنكِ هنا آنسة "رُبى"...)

ابتسمت بسمة غير كاملة و في حلقها يزداد العلقم مرارا... بعد وقت ما ستعود حياتهما لما كانت عليه قبل أن يظهر أيًا منهما للآخر!!... أ هذه مزحة؟!... أ لا يوجد مزيد منه ؟!... من "أحمد النجار"؟!!!!

تحدث بصوت مقتضب يقول:
(لقد تأخر الوقت علينا الذهاب..)

تكلمت "رباب" بسرعة تقول:
(لا يصح بني أن تأتيا لباب البيت و لا تدخلا!!...)

التفتت لأبنتها تقول بترقب و تمني:
(ألا تريدين رؤية والدكِ؟!)

ابتلعت هذه الشوكة المسننة في حلقها لتتحرك تجاه زوجها قائلة ببسمة فاترة:
(مرة أخرى أمي... لقد تأخر الوقت بالفعل و عندي مدرسة بالغد)

ضمتها والدتها بقوة إليها لتُشبع أمومتها المعذبة... همست برجاء كبير:
(كرريها حبيبتي... لن أتحمل بعاد أختكِ و أنتِ أيضاً!)

عقدت حاجبيها بتساؤل تقول:
(بعاد "ريهام"!!!... إلى أين ذهبت؟!)

ابتسمت الأم و بداخلها دعاء يرجو من الله أن تنصلح حياة بكريتها فقالت:
(سافرت القرية مع زوجها لأن زوجة خالكِ أجرت عملية جراحية و تحتاج لمؤازرة ابنها ...)

اومأت لها بتفهم فقالت بحزن على زوجة خالها:
(و كيف حال زوجة خالي الآن يا أمي؟!...)

ربتت والدتها فوق كفها تقول ببسمة صغيرة:
(بخير الحمد لله... كانت تود رؤيتكِ أيضاً و لكنكِ تعرفين الظروف)

هزت رأسها بتفهم و بعدها ودعت والدتها و الخادمة لتجلس جواره بصمت... صمت كالذي سقط عليه و سيطر على حواسه بقوة...

وقف في شرفة غرفته يتابع بقلب متلهف مجيء ابنته لهم... لا يصدق حينما أجابت زوجته على الهاتف و بعدها انتفضت تخبره بسعادة أن ابنتهما بالأسفل... من وقتها و هو يقف في شرفته يتطلع لها بأعين باسمة و لسان يكرر كل لحظة...
(الحمد لله ... ابنتي بخير)

........................................

تحركت في جلبابها المزين بعديد من الورود الملونة بألوان زاهية... تحمل وعاء كبير فوق رأسها و تتجه ناحية سلم البيت ... تدندن أغنية خاصة بقريتها كبداية تحفيزية لصباح مليء بالعمل...
خرجت من غرفتها ببسمة صافية تغيرت كثيرا عن أول أسبوع لها هنا... راقبت "صباح" التي تنوي الصعود للأعلى فنادت عليها بهدوء و صوت شجي:
(صباح الخير يا "صباح"... إلى أين في هذه الساعة الباكرة؟)

التفتت "صباح" بحرفية كبيرة بينما تحمل الوعاء دون أن يرمش لها جفن قائلة ببسمة مشرقة:
(يسعد صباحكِ يا استاذة "ريهام"... و الله منذ مجيئكم هنا و البيت فج نوره و زاد سعادته..)

ضحكت بخفوت تتقدم منها حتى وقفت على أولى درجات السلم تقول :
(سلمتِ يا "صباح" ... بيت خالي منيرا بكم قبل كل شيء)

ضحكت "صباح" بخجل تداري فمها بطرف غطاء رأسها الصغير المربوط للخلف فوق رأسها... بعدها قالت بحماس:
(ما رأيكِ أن تأتي معي لنُطعم الطيور فوق السطح؟)

اتسعت بسمة "ريهام" تقول برقةٍ:
(مستحيل ... أخر مرة كنت فوق السطح في عمر الخامسة عشر نطحني الخروف و من بعدها اقسمت ألا أقترب من أي حيوان مجددا)

ابعدت الوعاء الكبير من فوق رأسها لتسنده على السلم قائلة بتأكيد:
(لكن وقتها انقذكِ الاستاذ "معاذ" حفظه الله لكِ... ثم أنه من بعد هذه الحادثة أمر الاستاذ "معاذ" أن نبعد الحيوانات من البيت و نضعهم في الملحق الخارجي... يعني كل ما يتواجد فوق السطح ما هو سوى طيور فقط)

هزت رأسها رفضا ببسمة جميلة ثم قالت:
(سأذهب أنا لزوجة خالي حالما تنتهي...)

ضحكت "صباح" بخفة تقول:
(الحاجة "نعمة" تمقت جلسة السرير ... لقد استيقظت مع الفجر و بعدها صعدت للأعلى مع زوجكِ ليتناولا الفطور كعادة لهما معا...)

لا تعرف من أين جاء هذا الفضول لتراه... ربما لأنها صممت أن تجلس في غرفة الطابق الأرضي مع ابنتها... و قد وافق صاغرا ليبيت معها ساعات الليل المعدودة فوق الأريكة الخشبية الغير مريحة بالمرة... ليخرج كل صباح مع اول خيط للنهار... لم يتحدث معها من بعد بكائها في حضن والدته... لا يتبادل معها أي حديث سوى كلمات مقتضبة تقتصر جميعها على الصغيرة!... تزامنت حركتها على السلم مع صوتها لتقول بحماس:
(هل لا يزالا بالأعلى؟!...)

زمت "صباح" شفتيها بتفكير ثم قالت:
(لا أظن لقد نزلت الحاجة لغرفتها قبل نصف ساعة تستريح و لم أرى الاستاذ "معاذ" بعدها... ربما خرج للحقل ليساعد الحاج "سمير"...)

ضرب الاحباط أطرافها فتراخت من فوق السلم لتقول بتنهد يائس:
(حقا!... ما هذا الحظ؟!)

تحدثت "صباح" بصوت بدا عليه الانهاك من حمل مثل هذا الوعاء الكبير تقول:
(هل ستصعدين معي أم ماذا؟!...)

اومأت لها ببطء تقول:
(نعم ما دام زوجة خالي ترتاح الآن فلنتركها... كما أنه يبدو حملكِ ثقيل تعالِ لأساعدكِ...)

حملتا الوعاء من كلا طرفيه و صعدتا معا للأعلى و صوت "صباح" يدندن بنشاط جعل "ريهام" تشعر معها بالتجديد و كسر روتين حياتها الممل... حياتها التي أنهكت سنواتها في سراب اسود وضع غشاوة فوق عينيها و جعلها تخسر ما كسبته يوما... و يا ويلها لو خسرت أهم من كسبتهم يوما... لو خسرت "معاذ" بعد كل ما حدث!!!!

وصلتا للسطح لتضع كل منهما الوعاء على مهل... نظرت "ريهام" حيث عشش الطيور المقسمة لتحتل مساحة سطح منزل خالها كله... اسرعت "صباح" تفتح كل عشة على حدى لتخرج أنواع الطيور المختلفة بسرعة و صياح يزداد مع كل عشة تُفتح... تابعت ما يحدث ببسمة متسعة تحولت بعدها لضحك عالٍ بمرح... تكلمت "صباح" مع الطيور و كأنهم يفهمون ما تقول ...
(هيا يا حلوياتي لقد حان وقت الفطور... )

تجمعت الطيور حول الوعاء الكبير فابتعدت "ريهام" بحذر تفسح لهم المجال... صاحت "صباح" بنزق تقول:
(لا تعبثوا في الطعام كله سيفسد هكذا...)

ضحكت "ريهام" على تذمرها من طيور لا تسمع و لا تفقه شيئا .. بعدها راقبتها و هي تنشر الحبوب لهم في مكانها المخصص لتتجمع كل مجموعة معا و يشرعوا في الأكل...

كان بداخل الغرفة الخشبية المخصصة للحمام... بعدما تناول الفطور مع والدته و ساعدها للنزول حيث غرفتها عاد يجلس مع الحمام و يسقيه بنفسه... ترك الحمامة من يده حينما رنت ضحكتها العالية لتطرب مسامعه المشتاقة لها منذ زمن... اقترب من باب الغرفة الخشبي لينظر من شقوقه بدهشة... "ريهام" تقف بمنامتها الحريرية الواسعة مع "صباح" تتحرك بخفة وسط الطيور و تُطعهم بنفسها... بينما هناك فوق شفتيها الرائعة ضحكة رنانة تطربه و تسعد قلبه... همس بصوت خافت غير مصدق:
(لقد ضحكتي يا مالكة القلب مجددا !!!)

فتح الباب ببطء و حذر كي لا يجعلها تنسحب فور رؤيته كما اعتاد منها... وقف بالقرب منها يتمتع برؤيتها النشطة و العفوية... ماذا يوجد فيه غير قلبه ليهبه لها؟!... لو كان بيده لرهن عمره مقابل ضحكة كالتي يسمعها الآن!... لاحظته "صباح" فصاحت بصوت عالٍ:
(أنت هنا يا استاذ "معاذ"!!!... و أنا التي حسبتك بالأسفل)

لعن الله قوة ملاحظتكِ يا "صباح" ... لقد كانت منشغلة مع الطيور لماذا تراه الآن؟!... توجه بأنظاره لها و قد تيقن من خطوتها التالية و هي الاسراع للهرب من أمامه... اعتدلت تضبط منامتها ثم نظرت له بحرج تقول بهمس خافت:
(صباح الخير...)

هل ما يسمعه صدق؟!... لقد تحدثت معه بصورة طبيعية تماماً!!... يبدو أن تتحرج من وجود "صباح" و لهذا تساير الاجواء... رد السلام بخفوت مماثل و لا يزال رغم كل ما يجيش به صدره يتلبس الوجه الجامد بعد ما حصل في شقتهما...
(صباح الخير...)

برمت شفتيها بضيق من معاملته هذه معها... منذ متى لا يعطيها وجه؟!... اقتربت منه تفتح معه حديث قائلة:
(أين كنت؟!... نحن هنا منذ فترة)

نظر لها بطرف عينه يقول بلا اهتمام:
(كنت في غرفة الحمام...)

ابتلعت ريقها و شعور بالبكاء يداهمها بقسوة... منذ اسبوع و هو يتعامل معها هكذا!... تعرف انه مصدوم مما حدث و لكن الصدمة كانت أشد عليها و ها هي تتجاوب مع التغيير!... أكملت رغم شعورها بالمهانة تقول:
(الطيور شكلها يبهج القلب...)

نظر لها بتفحص خفي ليهمس بعشق:
(و الله أنتِ من يبهج القلب و الروح...)

لكنه تحرك ليعود نحو غرفة الحمام قائلا بلا مبالاة:
(ليس بها شيئا مميزا ... تبدو عادية لمن اعتاد عليها ...)

اغلق الباب خلفه دون حتى أن يستأذن منها!... تنفست بصورة سريعة لتتحكم في رغبتها الكبيرة في البكاء... جملته كانت مقصودة يا "ريهام" ليست صدفة... لقد اعتاد وجودكِ المفروض عليه في حياته و ليس هذا فقط بل زادت هي الطين بلة بأفعالها معه... و ختمتها بختام حافل حينما وجد حبيبها السابق في شقته يحاول الاعتداء عليها... لامست عنقها بأيد مرتعشة تقاوم هذا الاختناق من معاملته معها... همست بصوت مختنق:
(و ما ذنبي أنا في كل ما حدث في حياتي؟!... أنا كنت ضحية لكل شيء!)

بعد وقت طويل نوعا ما... خرج من غرفة الحمام ليجدها بمفردها تتطلع من سور السطح على الحقول الخضراء أمامها... كانت كساحرة طيبة تنشر الحب في كل مكان... أراد لفت انتباهها له فضرب كومة عصي متكومة جانبا بقدمه مما جعلها تلتفت بسرعة... أكمل طريقه و كأن شيئا لم يحدث ... و قبل أن يخرج من باب السطح سمع وقع اقدامها القريبة منه و صوت لهاثها يزداد... ابطأ حركته حتى وصلت هي إليه... وقفت فجأة بحرج تنظر له... ماذا عليها أن تفعل ؟!... بالتأكيد فهم أنها بقت كل هذا الوقت لتراه!!... اقتربت منه لتنزل للأسفل فتقلصت المسافة بينهما بصورة واضحة... رفع نظره لها يتمتع بهذا القرب و لكنه عقد حاجبيه بتعجب يقول :
(ما هذا الذي فوق وجهكِ؟!...)

توقفت تتحسس وجهها بدهشة غير قادرة على الوصول لشيء ملموس لتعرف ما بها... تنهد بصوت مسموع دفعها للحرج مجددا فمد أصبعه يلامس وجنتها الناعمة قائلا:
(أقصد هذه الحبوب المنتشرة في وجهكِ بكثرة!)

تنحنحت و الحرج يزداد... ما هذا الحظ يا الله؟!.. حينما يتحدث أخيرا معها بنبرة عادية يكون سبب الحديث هو حبوب وجهها المخجلة!!!... قالت بينما كفها يداري وجنتها :
(الناموس هنا كثير بدرجة كبيرة... أنا و "روفان" نعاني منه بشدة)

طالت نظرته لها في هيئتها هذه التي تدفعه لأن يقبّل مكان كل قرصة ناموس في وجهها... لكنه حينما تحدث خرج صوته فاترا يقول بتأنيب:
(و لهذا طلبت أمي منا المكوث في الطابق الثاني... الطابق الأرضي هو الأقرب للحقول و لهذا ستجدين الناموس و بعض الحشرات هنا و هناك...)

اتسعت عيناها بخوف حقيقي تقول:
(حشرات!!!!!...)

ظنت أنه سيكمل حديثه معها لكنه أولها ظهره لينزل درجات السلم بهدوء مغيظ... زمجرت بغضب مكتوم فهمست بصوت مختنق بالبكاء:
(لماذا تغير؟!... هل أصبحت ثقيلة المعشر لهذه الدرجة؟!!!)

نزلت درجات السلم بسرعة حينما سمعت صوت الباب الكبير يُفتح و صوت أنثوي مائع يظهر... وصلت للأسفل لتجد امرأة تبدو في مثل سنها تحمل طفلين أكبر قليلا من ابنتها... ترتدي عباءة سوداء فوقها العديد من المصوغات الذهبية... بوجه ابيض كالحليب منقرش باللون الوردي... من هذه؟!... رأتها تتحدث مع "معاذ" بأريحية دفعتها لأن تقترب بحدة منهما... هل يعاملها معاملة جافة تدفعها للبكاء و يتعامل مع الغرباء بكل هذا اللطف؟!!!... و قبل أن تصل اتسعت عيناها بصدمة من فعلة هذه المرأة... لقد نزعت عباءتها السوداء تحت أنظار "معاذ"... ليظهر جلبابها البيتي الملتصق بها بشدة... و ما هذا أيضا؟!.. لديها مقومات أنثوية متفجرة ... جعلت "ريهام" تنظر لنفسها بتقييم بائس... من هذه التي تخبرها كل حواس الأنوثة بداخلها أنها خطر فأحذر الاقتراب!!!
تراخت خطواتها حينما سمعت هذه المرأة تقول:
(أخيرا رضيت عن القرية يا "معاذ" لتعود وسطنا من جديد... لقد اشتقنا لك جدا)

ارتفع حاجب "ريهام" بدهشة من صوت هذه المرأة المائع و حركاتها التي تلتقطها أي أنثى عابرة في الطريق حتى لو أنثى كلب!... أنها ببساطة تغري "معاذ" !... يا للمصيبة تغري زوجها أمامها!!!
التقفت ذراع "صباح" التي مرت من أمامها بقوة... شهقت "صباح" متفاجئة فوضعت "ريهام" كفها فوق فمها تقول بهمس:
(من هذه المرأة يا "صباح"؟... و ما كل هذه الراحة التي تتعامل بها في بيت خالي و مع "معاذ"؟!!!)

تأففت "صباح" بينما تطالع هذه الزوبعة التي حلت عليهم منذ أول اليوم لتعكره... تشدقت بحروف ساخرة:
(أنها "شريفة" ابنة الحاج "راشد" جار خالكِ... ألا تتذكرينها؟!)

هزت رأسها بلا عنيفة بعدما رمقت ضحك هذه المرأة مع "معاذ" الذي يبدو أحب الوقوف معها ... لقد اختزل وقوفه معها فوق السطح في ثوان معدودة و الآن حلا الوقوف أمام هذه متفجرة الأنوثة!...
تحدثت بعصبية تقول:
(و ماذا تفعل هنا السيدة "شريفة" في هذه الساعة؟!)

هزت "صباح" رأسها بتعب تقول:
(و الله هي ذنب و نُكفر عنه... لقد تحملتها كثيرا و تحملت شقاوة توأمها البكّاء هذا لفترة طويلة... و بعدما ارتحت منهم قليلا عادت من جديد بعدما عرفت بمجيء زوجكِ...)

اتسعت عيناها بترقب تقول بصوت بدا عليه الشر:
(و لمَ تحديدا مجيء "معاذ"؟!!!)

همست لها "صباح" بنصيحة تقول:
(اسمعي يا استاذة "ريهام" سأخبركِ بالحقيقة الكاملة كي تحفظي بيتكِ و زوجكِ من السرقة... هذه المرأة المستفزة حاولت كثيرا لتلفت نظر زوجكِ قبل أن يتزوجكِ و لكنها فشلت و برغم من أنها تزوجت و انجبت إلا أنها لا تزال تحاول...)

همست بغباء تقول:
(تحاول فعل ماذا؟!...)

صاحت "صباح" بغيظ مكتوم تقول:
(لا حول ولا قوه الا بالله ركزي معي يا استاذة... هذه البنت "شريفة" كانت تريد زوجكِ زوجا لها ... هل وضحت الصورة؟!)

افلتت ذراع "صباح" ببطء لتنظر لهما بتدقيق... مرأة مثيرة بمقومات مهلكة كالتي تقف أمامها تبهرها هي فما بال زوجها... ما بال الرجال في المجمل حينما يرون مثل هذه المقومات التي تجعلها تبدو جوارها كفتاة في الرابعة عشر متأخرة النمو... و خصوصا النمو الأنثوي!!!... برمت شفتيها تراقب حديثهما الذي طال... بعد دقائق تقدمت منها لتتحدث "شريفة" بلهجة مائعة تقول ببسمة مبالغ بها:
(القرية زاد نورها يا أبلة "ريهام"...)

رفعت "ريهام" شفتيها للأعلى تقول باستنكار:
(أبلة!!!...)

اومأت لها "شريفة" بغيظ تقول ببطء :
(نعم احترام السن واجب... و كما أنه يوجد فرق في السن بيننا عليّ أن أحترمكِ)

تركتها و تحركت للداخل بكل اريحية و كما لو أنها تتمشى في بيت والدها... سقط فم "ريهام" للأسفل ببلاهة تقول بتعجب:
( فرق السن!!!... أنا أبلة!!!)

عبرها "معاذ" ببسمة تكاد لا تُرى حينما سمع غمغمتها مع نفسها... يعترف أن "شريفة" لا تُطاق بالمرة و سمجة بجدارة و لكن يبدو ستنفعه مع مالكة القلب...

...........................................

خرجت من مدرستها بوجوم مسيطر عليها منذ أمس... بعدما سمعت كلام والدتها الذي أكد لها أن حياتها مع "أحمد" ليست مستمرة و أنها تحاول إعادتها لحياتها العادية و هي صامتة... كحاله تماما منذ ذهبا من أمام بيت والدها... تعلقت "رحمة" في ذراعها تقول بتعجب:
(ما بكِ طوال اليوم ساهمة هكذا؟!)

تنهدت بثقل تقول:
(لا شيء فقط ارهاق مذاكرة الامتحانات تقترب...)

ارتعشت "رحمة" جوارها تقول بخوف:
(بالله عليكِ لا تذكري اسمها أمامي ... جسدي لا يتحمل كم الضغط العصبي كلما شعرت بقربها)

ربتت "رُبى" فوق كف صديقتها بصمت... و عقلها شاردا للبعيد و هل يا تُرى حياتهما لها نقطة نهاية؟!... بعدما اعتادت عليه و على أهله تتركه؟!... بعدما تأكدت من إعجابها به!!... خرجت من شرودها على صوت أنثوي يقول بنبرة ناعمة لكنها حادة:
(هل أنتِ "رُبى هاشم الحسيني"؟!)

رفعت كلتاهما أنظارها نحو هذه الفاتنة... في سترة العمل الرسمية و تنورتها القصيرة تتماشى مع شعرها الأشقر و زينة وجهها الكثيرة... عقدت كل منهما حاجبيها بتعجب و قالتا معا في نفس الوقت:
(نعم... من أنتِ؟!)

ابتسمت المرأة بسمة جانبية ربما بالغت "رُبى" في تصنيفها كبسمة ساخرة ... جدا...
و ربما لا فما قيل بعدها فجر كل السخرية التي عرفها العالم يوما في وجهها ليتركها مشدوهة كمهرج فوق حلبة المسرح غير مرغوب به...
(أنا "سارة الراوي"... خطيبة "أحمد النجار"... زوجكِ الاجباري...)

و هل يا تُرى حياتهما لها نقطة نهاية؟!...
لقد جاءت الاجابة أسرع مما ظنت!...


أنتهى الفصل...
نجدد اللقاء بعد نصف ساعة مع الفصل الرابع عشر...
قراءة ممتعة....


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 11:42 PM   #264

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fairtulip مشاهدة المشاركة
تسجيل حضورررر
في انتظار الفصل الجديد
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
نورتي يا مريم😍😍😍
الفصل ١٣ نزل حبيبتي⁦❤️⁩⁦❤️⁩


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-19, 11:59 PM   #265

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

تسجيل حضور لأحلى يويا



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 26 ( الأعضاء 13 والزوار 13)
ام زياد محمود, ‏سيلينان, ‏AyahAhmed, ‏مهاالعجيل, ‏فديت الشامة, ‏منال سلامة, ‏k_meri, ‏همس البدر, ‏الغفار, ‏ghdzo, ‏mango20103, ‏Saro7272


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 12:04 AM   #266

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع عشر

الفصل الرابع عشر

حينما يأتي الواقع ليدحدح الحلم و يدهس التمني... يصفعك بقسوة لتستفيق من خيالات وردية رسمتها مخيلتك ذات يوم... و يخبرك بكل صلفٍ لا تتمتع بما لا تستحق!...

وقفت مشلولة متسعة العين لا تشعر بشيء بعد ما قيل لها... خطيبته !!!
هذه التي تقف أمامها بكامل أناقتها و جمالها الأخاذ هي خطيبته ... من أختارها بكامل إرادته يوما و حلم معها بتكوين حياة مستقبلية... لتأتي هي تقتحم حياتهما جبرا و تحمله فوق كاهله عبئها!...
استفاقت على صوت "رحمة" حينما قالت بتلعثم مرتبك:
(عفواً.... ماذا تقولين؟!)

تقدمت منهما "سارة" و شعور بالبهجة يشرح قلبها... غريمتها ما هي سوى طفلة مراهقة لا تملك من الأنوثة ما يحبه الرجال... ارتسمت معالم الشفقة على وجهها لتقول بصوت متأثر:
(هذه الحقيقة التي رفض "أحمد" اخباركِ بها... أنتِ وقفتي عقبة في طريق حياتنا و هو يحاول جاهدا أن يزيل هذه العقبة)

رفعت عينيها إليها بصدمة كبيرة... تحرك بؤبؤها بحركة سريعة لا إراديا ... حاولت بلع ريقها و لكن حلقها الجاف أرسل شعور بالألم و كأنه يبتلع شوكا... قالت بصوت خافت واهن:
(هل تعرفين بطريقة زواجنا؟!...)

ضحكت "سارة" بسخرية كبيرة ثم مالت على وجه "رُبى" قليلا لتقول بهمس مستفز:
(و هل تعتقدين أن "أحمد" يخفي عني شيئا؟!... )

اعتدلت لتتفاخر بقامتها الناضجة تقول بتحقير:
(لقد كان مستنفرا من زواجكِ بطريقة كبيرة... لكنكِ تعرفين حجم الكارثة التي كنا نمر بها و لذا وجد أن يضحي لفترة من الوقت بالزواج و بعدها يعود لحياته العادية...)

تشبثت "رُبى" بيد صديقتها بقوة ... و قد شعرت "رحمة" أنها ستسقط ارضا بسبب ما تسمعه... شددت على قبضتها لترسل لها بعض الاطمئنان فقالت بصوت بدا حادا قليلاً:
(ماذا تريدين منا الآن سيدة "سارة"؟!)

ابتسمت باستفزاز لتقول ببساطة مهينة:
(أبدا... فقط لأن "أحمد" بات يرهق نفسه في الآونة الأخيرة بسبب ذهابه للمدرسة كي يوصل الآنسة الصغيرة ، قررت أن آتي إليكِ لأطلب منكِ رفض توصليه لكِ...)

أغلقت عينيها بحزن مرير... اشتدت قبضتها فوق يد صديقتها تطلب منها ألا تتركها ... ما تسمعه و ما تعرفه ينزل عليها كحمم بركانية تفجر جبل كبريائها و عزة نفسها... تحدثت "رحمة" بغضب تدافع عن صديقتها:
(و لماذا لا يتوقف عن توصليها ما دام يتعبه لهذه الدرجة التي جعلتكِ تركضين لها و تخبريها؟!!)

هزت "سارة" كتفيها باستسلام تقول:
(لأن "أحمد" شهم و لا يترك مسؤولياته ... و صديقتكِ باتت أثقل مسؤولية ترهقه و تحرمه من الراحة)

فتحت عينيها بضعف و قد التمعت بالدموع ... نظرت لهذه الواقفة أمامها بكل تفاخر ... همست لها بخفوت مرهق:
(أنا لست مسؤولية ثقيلة... أنا طلبت منه ألا يوصلني من قبل )

همست "سارة" بتشفي حينما رأت انكسارها و تأكدت من هزيمتها:
(أخبرتكِ هو شهم...)

احتدت نبرة صوت "رُبى" رغم حالة التخبط بها فقالت :
(و أنا الآن أخبركِ أنني سأزيل عنه الحرج و لن يوصلني مجدداً...)

ابتسمت "سارة" برضا مما حققته... بعض التزعزع النفسي في هذه الرقيقة هو كل ما تطلبه... وضعت نظارتها الشمسية فوق عينيها لتقول بحزن زائف:
(لم أكن أنوي المجيء لكن حقا أنتِ أصحبتِ همًا على قلوبنا...)

ارتعشت شفتاها بقوة فهمست بخفوت مهزوز:
(أنا لست همًا... دعيه يتركني أعود لبيت والدي)

تكلمت "سارة" بعدما نظرت في ساعة معصمها باستهانة:
(والدكِ يقيده بشراكتهما... لكن لا تقلقي "أحمد" لا ينوي الاستمرار في هذه المهزلة كثيراً...)

اتجهت نحو سيارتها تقول ببسمة صغيرة متشفية:
(لا تحزني مما أخبرتكِ به لكن كان يجب على أحدهم إدخالكِ في الصورة بشكل كامل ... وداعاً)

تابعتا رحيلها و تحرك سيارتها للبعيد... التفتت "رُبى" لصديقتها بوجه تائه و أعين غائرة همست بخفوت مختنق:
("رحمة"!!!..)

اسندتها صديقتها حيث الرصيف المجاور لباب المدرسة ... لا تعرف ماذا تقول في موقف كهذا؟!... هل تساندها ببعض الكلمات التي لا تسمن و لا تغني من جوع؟!... أم تخبرها بإحساسها و أن هذه الصفراء تزايد عن الواقع... ماذا تفعل لتخرج صديقة عمرها من هذه الهيئة المزرية التي تحولت إليها في بضع ثوان!!... تنفست ببطء تضبط حديثها في عقلها أولا ثم قالت بعدها بتأكيد:
(أشعر أن هذه السيدة تزور الحقائق... ما تحكيه ليّ عن معاملة "أحمد" لكِ لا يؤكد أبدا أنه يشعر تجاهكِ بالنفور أو أنكِ مجرد حمل ثقيل!)

التفتت لها "رُبى" تقول بكبرياء مجروح:
(لكنني بالفعل هكذا...)

خفت صوتها و ضعفت طبقاتها لتُخرجه كأنين طير مذبوح حينما قالت:
(هي تعرف عن طريقة زواجنا... تعرف تفاصيل حياتنا يا "رحمة"...)

رفعت عينيها لصديقتها تقول بدموع تكثفت في زاوية عينيها بينما تضرب فوق صدرها بيد متكورة متألمة:
(هل يشكو لها منيّ كل يوم؟!... هل يتحدثان عني بسوء كلما ذُكرت سيرتي؟!... هل يقابلني بوجه الطيبة و من خلف ظهري يندب حاله بسببي؟!...)

ربتت "رحمة" فوق كفها تقول بتأكيد:
(لا اعتقد أبدا... اسمعي أنا لم اقابل زوجكِ و لا مرة من قبل ... لكن من مجمل حديثكِ عنه فأنا متأكدة أن هذه السيدة تزايد في تصوير الحقيقة لتجعلكِ تشعرين بالذنب و تتركيهما...)

نظرت لها "رُبى" بتشكيك فأكملت "رحمة" تقول بهدوء لتقنعها:
(هذه الصفراء تبدو متضررة من وجودكِ في حياة "أحمد"... و يبدو ايضا أنها هنا دون علم زوجكِ)

تحدثت "رُبى" بتيه تقول:
(و لمَ؟!...)

انعقد حاجبي "رحمة" باستنكار و لسان حالها يقول:
(لأنه معجبا بكِ يا هبلاء...)

و لكنها كتمتها في جوفها كي لا تؤثر على مشاعر صديقتها بالسلب لو أصبح فكرها خطأ و أن "أحمد" يتعامل مع صديقتها بطريقة لا تمت للأعجاب بصلة... قالت بدلا من ذلك:
(ربما لأن "أحمد" تغير في تعامله معها... أو لأنه ابدى اهتمامه بكِ و هذا بالتأكيد يضايقها)

صلبت طولها و تنفست ببطء لتعيد ثباتها فقالت بعدها بخفوت شارد:
(لكنه مرتبط بأخرى و لديه مستقبل يريد أن يحياه... ما أنا إلا مرحلة و لكل مرحلة نقطة انتهاء)

زمت "رحمة" شفتيها بتفكير فقالت:
(لا أعتقد أنكِ مرحلة بالنسبة لعائلته!)

تحركت مبتعدة عن الرصيف لتقول بتأكيد لنفسها قبل صديقتها:
(لكن بالنسبة له أنا كذلك... هو اختار من أرادها زوجة و أنا وقفت لهما في المنتصف كعثرة في طريق مستوي ... سيدهسها ليكمل الطريق دون أن يلتفت لها مجدداً..)

لاحت سيارته في أول الشارع ليخرج منها السائق... تحركت بخُطى ثقيلة نحوه تودع صديقتها... وقفت "رحمة" تتابع خط سير صديقتها حتى تحركت السيارة... همست و شعور بالغضب يعتريها...
(هذه الصفراء بالتأكيد تغار من "رُبى"... و المعتوهة لم تلتقط بعد أنه معجب بها!...)

وضعت سبابتها فوق ذقنها تفكر مليًا فقالت بعد فترة:
(علينا التأكد أولا من صحة مشاعر السيد "أحمد النجار" تجاه السيدة "رُبى الحسيني" حتي نطيح بالصفراء "سارة" في أقرب وقت بقلب مرتاح...)

ابتسمت بخجل تقول لنفسها:
(لا بأس بأن نستخدم المجلد الخاص بفارس أحلامي مع "رُبى" ... أتمنى فقط أن يصح ما أظنه و أن زوجها معجبا بها...)

........................................

منذ الصباح الباكر و حتى انتصفت الشمس في كبد السماء و هي لا تزال عندهم... لا تكف عن الثرثرة و توأمها لا يكف عن البكاء... غير هذه النحنحة التي تلازمها كلما جلست في أي مكان به "معاذ"... تشعر بأنها على وشك القيام و جذب شعرها التي سمحت له بأن يتطاير بحرية متناسية غطاء رأسها التي جاءت به منذ الصباح!!... جلست "ريهام" بمنامتها التي لم تغيرها جوار "صباح" تحمل رضيعتها و تُرضعها في الرضّاعة البلاستيكية بينما الأخرى تقطع الخضروات تجهيزا للغداء... فجأة صدح صوت "شريفة" تقول بتعجب مستخف:
(هل تُرضعين ابنتكِ حليبا صناعياً؟!... هل حليبكِ قليل أو لا يُشبعها مثلا؟!... )

ارتفع حاجب "ريهام" بدهشة من سؤالها مثل هذا السؤال الذي لا دخل لها به من الأساس... لكنها تحدثت بآدمية تقول:
(هذه أعشاب طبيعية و ليس حليبا فهي تعاني من المغص ...)

تشدقت "شريفة" ببعض الكلمات التي قصدت بها أن تُظهر للجميع أنها الأكثر دراية بأمور الأطفال... خصوصا حينما جاء "معاذ" للداخل بعدما خرج لفترة يساعد و الده في بعض الأعمال:
(يبدو أنكِ لا تدعينها تتجشأ بعد كل رضاعة!... ألا تعرفين أنكِ هكذا تزيدين من الغازات في معدتها؟!!!... غريب و الله يقولون الجامعيين هم أكثر الناس علم و خبرة و أنتِ لا تعرفين كيف تُرضعي ابنتكِ!!...)

اتسعت عين "ريهام" بقوة من فجاجة هذه المرأة... في حين عقد "معاذ" حاجبيه بضيق من تدخل "شريفة" فيما لا يعنيها... بينما "صباح" تركت سكينتها في طبق الخضروات و قد نوت لها على أن تُسمعها مقطوعة توبيخ من تأليفها... لكن صوت "ريهام" الذي خرج باردا غير مباليا أوقفها لتبتسم بتشفي...
(شاكرة لنصائحكِ يا "شريفة" لكن اعذريني ... لا دخل لكِ بمعاملتي مع ابنتي...)

جزت "شريفة" على ضروسها بضيق حتى كادت ان تطحنهم بغيظ... اخفى "معاذ" بسمته خلف هذه الجريدة التي أخذها زاعما أنه يقرأ منها ... عادت "شريفة" تتكئ على الاريكة قائلة بصوت عصبي:
(لا شكر على واجب يا أبلة "ريهام"...)


اومأت لها "ريهام" ببسمة مستفزة ثم عادت لتكمل ما تفعله مع ابنتها... لم تمر بضع دقائق حتى صاحت "شريفة" مجددا تقول بسماجة:
(هذه المنامة التي ترتدينها لا تصح للجلوس في بهو بيت قروي... هي فقط لغرف النوم)

نظرت تجاه "معاذ" المنشغل في جريدته لتقول بعدها ببسمة متسعة باستفزاز:
(أم أنكِ تحاولين ملئ عين زوجكِ كي لا ينظر لغيركِ؟!...)

عيناه تركت الجريدة ليرمق "ريهام" بنظرة متفحصة من قلة حياء هذه ال "شريفة" ثقيلة الظل و سمجة الروح... وجدها ترفع عينيها تجاهه و يغطي وجهها بعض الحمرة التي تاه منه تفسير ظهورها... أ هو غضب مكتوم من تدخل سافر في حياتها لم تعتد عليه؟!... أو خجل من ذكر أمر يجمعهما سويا ؟!... وضعت ما بيدها جانبا ثم حملت صغيرتها لتستقيم واقفة... تحركت ببطء تجاه زوجها لتجلس جواره فوق الأريكة تحت أنظاره المصعوقة من فعلتها... نظرت ل "شريفة" على الأريكة المقابلة تقول ببسمة صغيرة و لهجة مقصود منها التوبيخ الخفي:
(لا يوجد بها عيب أن أملئ عين زوجي... فأنا هنا في بيتي بين أهلي ، ألبس ما أريد و أفعل ما أريد... لست في بيت الجيران مثلا أجلس بجلباب البيت الملتصق بيّ و أظهر شعري أمام الغرباء...)

اتسعت أعين "شريفة" بصدمة فقالت بعصبية متلعثمة:
(ماذا تقصدين؟!...)

ابتسمت "ريهام" ببرود ثم قالت:
(لست مضطرة لأفسر لكِ مقصدي...)

وقفت "شريفة" و وضعت يدها في خصرها ناوية أن تقول شيئا لكن صوت "صباح" جعلها تتوقف بحرج...
(عباءتكِ السوداء في الخارج في المكان الذي نزعتها به... لقد طالت جلستكِ بالفعل يا "شريفة" و لكن ما دام تريدين الذهاب لن نثنيكِ عن قراركِ...)

خرج صوتها المرتبك تقول بحرج:
(ماذا تقولين يا "صباح" أنا لم...)

وقفت "صباح" تحمل طبق الخضروات و تتجه للخارج قائلة ببرود:
(أنظري للطبق بنفسكِ الخضروات لن تكفي فردا آخر مع بيت الحاج "سمير" و بصراحة ليس لدي طاقة لتقطيع غيرها... )

انتفخت عروقها بغضب و قد أحمر وجهها بشدة... حملت طفليها و خرجت للخارج تقول بعصبية:
(لم أكن أنوي الجلوس أكثر من الأساس... زوجي على وصول و عليّ تحضير الغداء)

تحدثت "صباح" بسخرية:
(هذا عين العقل ... هيا كي تلحقين سلق البيض فزوجكِ على ما يبدو لن يأكل اليوم سوى البيض المسلوق و الجبن...)

ضحكت "ريهام" بخفوت جواره ليتمتع بصوت ضحكتها التي اشتاق لها... شعر بها تنظر له من طرف عينيها لكنه لم يعطي لها بالا و ظل منشغلا بالجريدة التي لم يقرأ منها حرف واحد بالأساس... تنحنحت بحرج تقول :
(هل جلوسي بالمنامة حقا لا يصح هنا؟!...)

وضع الجريدة بهدوء فوق الطاولة ليقول دون أن ينظر لها...
(بيت أبي يستقبل العديد من الناس كل يوم لذا سيكون من الأفضل أن ترتدي ملابس غير هذه المنامة...)

شعرت بالحرج فقالت بتساؤل:
(و لماذا لم تخبرني من البداية؟)

وقف يجيب دون أن ينظر لها:
(لم أرد تقيدكِ بما لا تحبين و قد رأيت أن المنامة تشعركِ بالراحة... كما أنني لا أسمح بدخول أي غريب عليكِ )

تركها و خرج دون قول المزيد... زفرت بضيق فحملت رضيعتها تحدثها بنزق طفولي غاب عنها طويلا:
(«بابا» لا يزال غاضبا منيّ يا "روفان"... ماذا عساي أن أفعل كي يعود كما كان؟!...)


مضت ساعات النهار و قد أقبل الليل في غمضة عين... دلفت غرفتها في الطابق الأرضي لترتاح مع صغيرتها بعدما غفت أخيراً... أغلقت الباب خلفها و بعدها أشعلت الضوء ... كادت تصل للسرير و لكنها توقفت بأعين ضيقة من المفاجأة... السرير بأكمله محاط بقماش من التُل الشفاف باللون الازرق الخافت... اتجهت نحوه ترفع طرفه بتدقيق... لم يكن هنا في الصباح من وضعه؟!... اراحت صغيرتها فوق السرير و خرجت من الغرفة لتسأل "صباح"... وجدتها تنهي بعض الأعمال في المطبخ فدلفت عليها تقول بتساؤل:
("صباح" فوق سريري موضوع قماشي من التُل .... معلقا على حوامل السرير و يغطيه بالكامل... من وضعه؟!)

التفتت لها "صباح" تقول ببسمة خجلة:
(إنها ناموسية يا استاذة "ريهام"... قماش خفيف يوضع فوق الاسرة ليحمي من لدغات الناموس و يسمح بالتنفس... لقد علقها الاستاذ "معاذ" حماه الله لشبابه في الصباح...)

غطت فمها بغطاء رأسها و احمرت وجنتيها تقول بخجل:
(لم يتحمل لمسات الناموس لكِ فقرر ألا يلمسكِ غيره....)

اتسعت عيناها بقوة مما يُقال... شعور نابع من داخل روحها يدفعها للبسمة رغم عدم رغبتها في فعلها!!... تحدثت بحرج متلعثم تقول :
(ماذا تقولين يا "صباح"؟!... ربما فعلها لأن الصغيرة عانت من لدغات الناموس!)

ازاحت غطاء رأسها من فوق فمها تقول بتأكيد:
(لا... لقد أتاني بعدما نزلنا من فوق السطح يسألني عن هذا القماش تحديداً ، و حينما سألته عن السبب قالي ليّ بالنص « "ريهام" تعاني من لدغات الناموس ، بشرتها تحمل العديد من البقع الحمراء فهي لم تعتد بعد على جو القرية»... هل تأكدتِ الآن مما أقول؟!...)

بردت أطرافها بقوة و كأنه تم وضعها في مجمد درجة حرارته تصل لسالب مائة تحت الصفر!... هو من لاحظ بالصباح لدغات الناموس على وجهها ... هل يهمه أمرها حتى الآن و لا يريد لها أن تعاني؟!... فركت يدها بحرج بلغ ذروته و لم يكن يتطلب الأمر كل هذا الحرج!... همست بخفوت خجل من نظرات "صباح" المتفحصة لها ببسمة كبيرة تقول:
(حسنا شكرا لكِ ... و له... تصبحين على خير)

ضحكت "صباح" على هيئة "ريهام" لتقول بخبث:
(لمَ كل هذا الخجل بعد اربع سنوات زواج و طفلة بينكما؟!... كلما نتحدث عن زوجكِ تحمرين خجلا هكذا و تتلعثمين و كأنكِ تتحدثين عن شخصا آخر!!!)


توترت ملامح وجهها فأزاحت خصلة شعرها بعصبية غير مقصودة للخلف ... قالت ببسمة مهزوزة و شعور بالاختناق يداهمها!...
(لست خجلة... فقط هي طبيعتي)

علت ضحكة "صباح" لتقول:
(أخبركِ بسر؟... الرجال يحبون النساء الخجولات مثلكِ ...)

زاد ارتباك "ريهام" لتعود للخلف بسرعة قائلة بنبرة مشتعلة من الحرج:
(الصغيرة تبكي عليّ الذهاب... شكرا لكِ)

راقبت "صباح" خروجها الخجل ... فضحكت لتقول بتعجب:
(و يقولون فتيات العاصمة يمتلكن من الخبرة و الاغواء ما يدك جبال الرجال... لم يروا خجل المسكينة من مجرد حديث عابر عن علاقتها مع زوجها!!!)

اسرعت تختبئ في غرفتها و شعور الخجل يسيطر على عقلها بقوة... لا تعرف لماذا بدأت ذاكرتها في عرض الشهر الذي عاشت به كزوجة!!... لا و عرض حصري أيضاً!!... لملمت خصلات شعرها بأيدٍ مرتعشة و ذكرياتها تداهما بقوة... "معاذ" اولها و "معاذ" أخرها... لم تعطي يوما لنفسها المساحة الكافية لتُقيّم حياتهما معا بعد ذاك الشهر... لم تمنح نفسها فرصة للتأكد مما شعرت به حينها!!... هل كان مجرد شعور عابر من تجربة كالزواج أم كان شعور نابع من أعمق جزء في روحها ليخبرها بكل قوة أنها وجدت ضالتها؟!!!... ضربت فوق وجنتها بخفة تقول بتعجب:
(لماذا تعرض مخيلتي كل هذا الآن؟!... توقفي يا "ريهام" توقفي )

اتجهت نحو الحمام تغمغم بخفوت سريع... و حينما اقتربت من بابه و كانت على وشك فتحه... اندفع الباب فجأة للخارج لترتطم به و تسقط ارضا بقوة... صوت تأوهها المكتوم جعله يهرع إليها بقلق... جلس على عاقبيه أمامها يقول بأسف:
(أعتذر لم أكن اعرف أنكِ خلف الباب ...)

تحسست مؤخرتها بألم تهمهم بخفوت مختلط بأنين:
(لا بأس ... )

لاحظ تعبها البادي على وجهها المليح فقال بترقب:
(هل تتألمين؟...)

دون ان ترفع عينيها قالت بتفسير بينما يدها لا تزال تتحرك في موضعها:
(الأرض صلبة جدا ... لقد آذيت...)

كتمت جملتها بسرعة البرق بعدما انتبهت لما ستقوله أمامه... رفعت عينيها بحرج لتخبره أنه لا بأس لتتسمر مكانها بأعين متسعة و فم مفتوح على أخره!!!...
يجلس القرفصاء أمامها بجسده العاري إلا من منشفة عريضة تغطي جزئه السفلي فقط!!!... شعره مبتل و لحيته أيضاً .... ذراعه ممتدة و مستقرة خلف ظهرها لتسندها من الميل أرضا... عيناه تقتنص وجهها بتفحص ليعرف إلى أي مدى وصلت إصابتها... كله كان مربكا بطريقة جعلتها تنتفض واقفة بسرعة كبيرة... اختل توازنها فجأة و كادت تسقط أرضا لولا ذراعه المتينة التي احتوتها كلها بداخل أحضانه... كفها موضوعا فوق صدره يستشعر هدر نبضات قلبه العاصف... و يدها الأخرى متمسكة بقوة في ذراعه الملتف حولها تستخدمه كدعامة لتثبت... رفعت عينيها الساحرة إليه ببطء و قد كسى الخجل كل شبر في جسدها و تمركز بصورة مفرطة في حمرة وجنتيها!... راقبت وجهه القريب جدا بأعين متفحصة له... و كأنها لأول مرة تراه... ترى "معاذ" الزوج بعيدا عن كونه ابن خالها... رمادية عينيه تعبر منها الكلمات حيث ضفة قلبها مباشرةً... لكن ما بها لا تفقه منها ما يريد... أو ربما تجهل عمدا فقهها كما تعمدت فعلها لسنوات...

هذا القرب الذي كان محرما ... و هذه النظرة في عينيها حبيبتيه... هذا الجسد النحيف الذي يسكن ضلوعه كواحد من أحلى أحلامه... كل ما يجمعهما الآن جعله يفقد القدرة على التمييز بين الواقع و الخيال... تحركت كفه المحيطة خصرها ببطء عليه... ربما ليؤكد لنفسه أنها حقيقة و ربما لأنه فعلا يموت شوقا ليصل إليها... أقترب بوجهه دون شعور منها و كأنه يتلمس هذا الترابط نادر الوجود بينهما ... كأنه يتوسل بنيتها الساحرة أن ترفق بحاله و تخبره أنها حقيقة بين ذراعيه.... توقف في مسافة قريبة جدا منها.... ليفصل بينهما سنتيمترا واحدا و ألف رسالة مبعوثة من الأعين متبادلة في القلوب المرتجفة...

تحرك بؤبؤ عينيها بقوة بعدما لاحظت هذا القرب منه... دفعة بسيطة جدا في صدره جعلته يستفيق من هذا الحلم و يعود بوجهه للخلف... لكنه لم يتزحزح بجسده و لم ينزع ذراعه المحيطة بها... راقب حمرة الخجل عليها و محاولاتها للبعد عنه... كانت كلعبة قط و فأر لكنها لذيذة بشكل يُشبع و لو قدر صغير من فراغ روحه التواقة لها... همست بخفوت متلعثم تقول:
(لماذا خرجت من الحمام بهذا الشكل؟!... ستلتقط البرد بالتأكيد؟)

عيناه سرحت في كل جزء من وجهها الذي تخفيه عنه... أجاب بصوت خافت مثلها يقول:
(لم أكن أنوي الاستحمام من البداية لكن العمل في الحقل مع والدي كان مرهقا للغاية... كما أنه لم تكوني هنا قبل دخولي للحمام!)

نبضات قلبه السريعة تحت كفها المرتعش ترسل بها ذبذبات غريبة... حاولت ابعاد كفها لكن هذا القرب لا يسمح لها برفع إصبع واحد حتى!... تملصت بحركة نصف دائرية داخل تجويف ذراعه كي تفلت منه و ترحم نفسها من سيل مشاعر تهاجمها بقوة... لكنها جهلت تأثير حركة كتلك عليه هو ... أغمض عينيه بضعف ليجبر نفسه على تركها... دون قصد منها كسرت قيود وحوشه الذكورية التي كبلها لأعوام طويلة... أبعد ذراعه عنها غصبا و لكن حقا قربها بات يهدد بالخطر... عادت للخلف فور اعطائها المساحة الكافية... أشاحت بوجهها بحرج كي لا تنظر له في هيئة غير معتادة منه... قالت بهمس خجل:
(يجب أن ترتدي ملابسك...)

كبح بسمته بعدما كبح فوران مشاعره ليتقدم منها و شعور بالرضا يكسوه... حتى لو تُلقي له الفتات الذي يصلب به جدار ذكورته الذي تهدم ألف مرة تحت كفيها الناعمتين... هذا الخجل و لغة جسدها الآن تمنحه بعض الرضا عن نفسه... وقف قبالتها يقول بوجه جاد رغم سرعة نبض قلبه و فرحة روحه...
(أنتِ تقفين في طريقي إلى الدولاب...)

نظرت له نظرة بلهاء و كأنها لا تفهم ما يقول... عادت تنظر خلفها لتجد مساحة كافية جدا لأن يمر أثنان و ليس واحدا فقط في مثل جسده المتناسق الرياضي... قالت بنبرة بديهية و كأنها تشرح لطفل صغير:
(هناك مساحة كبيرة لتمر منها... أنظر بنفسك تكفي لمرور أكثر من فرد)

لاح شبح بسمة على فمه فمال عليها لتجفل و تعود برأسها للخلف... قال بخفوت يقلق سُبات مشاعرها و يوقظها عنوة من نوم طويل...
(لكن الجزء الخاص بيّ خلفكِ مباشرةً... هل ستسمحين ليّ بالمرور أم أظل هكذا في مثل هذا الجو )

هل أخبرته من قبل أن لحيته المهندمة هذه رائعة؟!... بالتأكيد لم تفعل أبدا!!... رفرفت برموشها لتجبر نفسها على الابتعاد... الآن أصبح جبرا يا "ريهام" بعدما خُيل لكِ أنكِ تبتعدين نفورا!!!... تحرك هو خلفها ليصل إلى دولابه يُخرج منه ملابسه البيتية... راقبت ظهره العاري بأعين محرجة و لكنها فضولية... حانت منه نصف التفاته ليقول بشيء من المزاح:
(ألن تدخلي الحمام؟!...)

عقدت حاجبيها بعدم فهم قائلة:
(لماذا؟!...)

عاد يوليها ظهره بالكامل قائلا ببسمة لم ترها:
(لأنني سأبدل ملابسي... أم أنزع المنشفة أمامكِ؟!... ليس لدي مانع فالرجال ليسوا خجلين مثلكن)

اتسعت عيناها بصدمة حقيقة... ينزع ماذا هذا ال "معاذ"!!... اسرعت تهرول ناحية الحمام دون أن تلفظ كلمة واحدة... ابتسم بسمة كبيرة بينما يراقب هروبها اللذيذ... عاد يرتدي ملابسه و عقله لا يكف عن التفكير في خطوته التالية لحياتهما!!...


بعد دقائق كثيرة في الواقع خرجت من الحمام... لقد منحته الفرصة ليبدل ملابسه براحة... اتجهت ناحية السرير و عيناها لا تتركه ... نائما فوق الأريكة الخشبية واضعا ذراعه فوق عينيه... ساقه يخرج معظمها من حدود الأريكة بينما غطاءه الخفيف ينزلق للأرض بصورة فوضوية... لا تعرف لماذا شعرت بالسوء على وضعه هذا؟!... أ لأنها هي سبب نومته هذه؟!... وقفت قبالة السرير لتجد صغيرتها داخل هذه الخيمة الشفافة التي تُسمى ناموسية... بالتأكيد هو من وضعها بداخلها حينما كانت بالحمام... أمسكت الناموسية بقلة حيلة لا تعرف من أين تدخلها... لأول مرة تتعامل معها في حياتها... حاولت لأكثر من مرة إيجاد طرفها و لكن فشلت تماما... أزاح ذراعه قليلا عن عينيه ليراقب وقفتها هناك... تبدو حانقة تائهة و جميلة جدا... نفض الغطاء الخفيف ليقع أرضا بالكامل ثم استقام ليتجه إليها... وصل أمامها لينحني يُخرج طرف الناموسية من بين جوانب السرير دون كلمة... فتحها لها بهدوء ثم أشار برأسه كي تدخل... برمت شفتيها بتذمر تغمغم بخفوت:
(يُخبئ أطرافها بهذه الطريقة العجيبة و يقف حانقا لمساعدتي... كيف كنت سأجد أطرافها أنا؟!!)

ابتسم عليها بعدما وصله بعض الكلمات منها... راقبها تستوي في فرشتها و كم بدت أمامه ساحرة!... بدد شعوره بسرعة و اتجه ناحية ابنته على الطرف الآخر ليضبط الأطراف جيدا كي لا يطولها الناموس... قبل أن يحشر الأطراف في جوانب السرير جلس عليه يدس رأسه في عنقها الصغير ... قبّلها فوق وجنتها الوردية يقول بخفوت سعيد:
(آه صغيرة أبيها رائحتها كالمسك... حلوتي الغافية)

التفتت رأسها تراقبه مع ابنته... يبدو وسيما جدا في صورة الأب... ابتسمت بحنان على صورته هذه و لا تعرف من أين خرجت جملتها التي ألجمتها قبله...
(يمكنك النوم هنا بدلا من الأريكة... السرير يكفينا ثلاثتنا)

تصلبت كفه جوار صغيرته بقوة... لم يرفع رأسه إلا بعد فترة... فترة أحتاج بها أن يُهدأ سيل الأمنيات المتدفق عبر شرايينه... هل طلبت مالكة القلب للتو أن ينام جوارها؟!... تلاقت عيناهما بعدما نظر لها ليجد الترقب و التوتر يحتلان بنيتها و يقصفان كل أمنية سكنت قلبه!... قال بهدوء قبل أن يستقيم ليتجه نحو أريكته...
(لا تهبين بسخاء ما لا تقوين على منحه... تصبحين على خير)

راقبت عودته للأريكة فانقلبت على جانبها تتمسك بغطائها و تهمس بأعين غير مصدقة...
(ماذا طلبت منه للتو أنا؟!... )

.............................................

("حنان" أين "رُبى"؟!)
واقفا بملابسه البيتية قبالة السلم و وجهه مرتسم عليه التعجب... منذ جاء من خمس ساعات و لم يرها... أخبروه أنها أتت من مدرستها و طلبت أن يتركوها ترتاح في غرفتها لأنها منهكة الطاقة... تغاضى عن تفويت وقت الغداء و عدم مشاركتها لهم به... لكن الآن أصبحت التاسعة مساء و هي لم تظهر بعد... ماذا يحدث لها؟!...

تحدثت "حنان" بتعجب مماثل تقول بخوف:
(لا تزال في غرفتها ... لقد كانت مختلفة عند عودتها من المدرسة ، أخشى أن تكون هناك مشكلة)

لا هذا كثير و عقله لا يرحمه من التفكير بها... صعد درجات السلم بسرعة حانقة من تصرفاتها معهم... ألم يخبرها أن تطلب منهم أي شيء تريده؟!... أن تقص لهم ما يتعبها و ما ينغص يومها؟!... يا إلهي هل الصغيرة يُخيفها شيء؟!... ما هذا الشعور بنزعة الحماية المطلقة التي تخرج من كل ركن في جسده تدفعه لأن يطوقها بداخله كي لا يطولها أذى؟!...
وصل إلى غرفتها ليقف أمام بابها يضبط انفعالاته... كور يده بجانبه و بالأخرى دق على بابها بهدوء... سمع صوتها الخافت الذي أحيا وخزته اللذيذة...
(من؟!...)

همس بصوت متأثر بهمستها :
(أنه أنا...)

لم يصله أي رد فعل مختلف... فعاد يطرق الباب ببعض الحدة الغير مقصودة... تصرفاتها هذه يرفضها بقوة... أن تعزل نفسها كلما أرهقها شيء لا يستسيغه... قال بصوت عالٍ قليلا:
(لماذا تحبسين نفسكِ في الغرفة اليوم؟)

شعر بأنها باتت قريبة عندما صدح صوتها أعلى من قبل...
(أنا مرهقة اليوم و لا أريد رؤية أحد...)

غضبه علا بشكل ملحوظ حينما قال:
(رؤية أحد!!... "رُبى" ماذا هناك هل ضايقكِ أحدهم في المدرسة؟!)

همست بخفوت بدا له مختنقا ...
(لا شيء حدث... رجاء اتركني بمفردي)

ضرب الباب بحدة قائلا:
(لن أترككِ قبل أن أعرف ماذا هناك!... لا تعانديني و تدفعيني للدخول إليكِ)

وصله رجائها الذي جعله يُجنب كل الغضب و يقفز قلبه في خوف عليها...
(أرجوك أحتاج البقاء وحدي...)

خفت صوته و أصبح هادئا رغم رعبه الكبير فقال:
(أريد أن اطمئن عليكِ... دعيني أراكِ)

بعد فترة أعتقد بها أنها ستخرج سمع صوت المفتاح يغلق الباب... ضيق عينيه بعدم فهم في بادئ الأمر و حينما ركبت الصورة في عقله... صدح صوته الغاضب يقول:
(هذا العناد لا يروق ليّ ... و لن يمر الأمر قبل أن أعرف ما حدث لكِ...)

تحرك ناحية غرفة أخيه بغصب مشتعل... يفكر في كل الاحتمالات التي تدفعها لأن تتقوقع بهذه الصورة داخل غرفتها بعيدا عنهم... بعيدا عنه هو!!

راقبت الباب من الداخل بصمت حزين... ماذا يريد أن يعرف؟!... أ تخبره أن حبيبته جاءت اليوم لتضع أنفها في التراب حينما أخبرتها بكل غرور أنها حمل عليهما... القت المفتاح بإهمال فوق طاولة الزينة ثم اتجهت ناحية السرير ترتمي فوفه بصمت... صمت يُخبئ وحوش ضارية تنهش في عقلها بلا رحمة... وحوش اعتقدت أنها خرجت لتزأر لكرامتها فقط و لكن الذي ترسله لها عبر أنين صوتها المخيف بداخلها يخبرها أن الزئير ما هو إلا حفاظا على حق ما من الضياع... لكن أي حق تمتلكه هي و تخشى عليه ؟!... أغمضت عينيها ببطء و قلبها موجوع بصورة أرهقتها...

وضع سترته بحدة فوقه و اتجه ناحية باب الغرفة... مع أول خيط للصباح قرر أن يذهب لها مجددا غرفتها لكنه تراجع حينما فكر أن يترك لها أكبر قدر من الخصوصية التي تناشدها... لكن الآن لا بد أن تكون مجتمعة معهم بالأسفل على الفطور... نزل درجات السلم بسرعة محاولا أن يكبل كل غضبه الذي يدفعه لأن يكسر شيئا ما الآن... وصل للسفرة ليجد الجميع متواجدا إلا هي!... عقد حاجبيه بترقب فقال بصوت مخيف:
(أين "رُبى"؟!)

انتبه الجميع لنبرته الحادة فتدخلت والدته تقول:
(ما بك بني؟!...)

عاد يكرر سؤاله بنفس النبرة ...
(أين هي ؟!..)

قالت "حنان" بتعجب من حالهما:
(لقد خرجت للتو لتذهب لمدرستها... لم تتناول الفطور لذا اعددت لها بعض الشطائر)

احتدت نظرة عينيه ليقول بتساؤل:
(هل ذهب "مصطفى" معها؟!...)

اجابته "حنان" بتوتر:
(لا... أخاك ذهب باكرا اليوم)

ضرب فوق الكرسي بحده... ثم أسرع للخارج بينما عيناه تشع شررا مستعر...
الصغيرة العنيدة يابسة الرأس و متقلبة المزاج ... ستدفعه يوما لأن يدك رأسها الصغير بين كفيه متغاضيا عن تألم ملامحها الجميلة من قبضته... قطع الحديقة بأقدام حارقة ليحول العشب الأخضر أسفله لرماد... و ما زاد غضبه هو رؤية البوابة الحديدية مفتوحة... لقد خرجت للشارع بمفردها لتعلن أول تمرد لها معه!... ركب سيارته بحدة متجها ناحية موقف الحافلات متأكدا من تواجدها به...

بعد دقائق وصل إليه ليجده مكتظا بالناس... العديد من الناس الذين ستُتاح لهم رؤيتها بكل كرم... صفق باب سيارته بحدة لفتت نظر الناس حوله حينما لمحها تقف هناك في وسط الزحام تحاول ركوب الحافلة بصعوبة... نيران تغلي بداخله كلما تخيل أن هذا يتلمس جسدها خلسة و ذاك يتفحصها بنظرة فجة... وقف خلفها و يشهد الله كم حاول قدر استطاعته ليكبح شياطين غضبه كي لا تؤذيها... جذبها على حين غفلة من وسط الزحام بقوة شهقت معها بصوت مسموع للجميع... ارتدت بفعل قوته لترتطم بصدره العضلي متألمة مما حدث... ابتعدت عنه بسرعة كبيرة و قد رفعت كفها الصغير تدفعه للخلف بينما توحشت عيناها البريئة تنوي قصف رجولته... لكنها صُدمت به هو فابتلعت كل ما في جوفها من كلمات... كان مختلفا و مخيفا جدا... تدخل أكثر من رجل يتساءلون عن هويته... فتحدث دون أن يحيد بعينيه عنها قائلا بحدة:
(أنها زوجتي...)

اتسعت عيناها بحرج من نظرات الناس لهما... بدا مختلان حينما أعلن صلتهما ببعض... رجل بحلة رسمية متزوج من طالبة في المدرسة!... لم يتحرك الرجال حتى سألها أحدهم ليتأكد من صحة ما قيل...
(هل هو زوجكِ بنيتي ؟...)

اومأت له بحرج بينما تسبل أهدابها للأسفل بتوتر من هيئته هذه... بعدما انفض الناس من حولهما سحبها ببعض الحدة حتى وصل إلى سيارته ... وقف قبالتها ليضرب فوق سطح السيارة بقوة أجفلتها قائلا:
(لعب الاطفال هذا لا يتماشى معي... من سمح لكِ بالخروج بمفردكِ ها؟!... ألم أمنعكِ من ركوب الحافلات؟!)

ارتعشت شفتاها بخوف و رغم ذلك رفعت ذقنها عاليا لتقول له بعناد متأصل بها:
(أنا من سمح ليّ بالخروج... لا أريدك أن توصلني مجددا للمدرسة)

ضيق عينيه بقوة ليميل عليها قليلا قائلا:
(هذا التمرد المراهق يسبب ليّ وجع رأس... ماذا حدث بالأمس ليقلبكِ مائة و ثمانين درجة هكذا؟!)

وجع رأس يا "رُبى"!!... لقد قالها بلسانه دون تردد... أنتِ حقا كما قالت خطيبته بالأمس... لكن ماذا عن كل هذا النبل و الطيبة التي عاملكِ بها طوال الوقت؟!... أشعركِ أنكِ في بيتكِ بين اهلكِ حتى تملككِ و تسرب بين خلاياكِ... نكست رأسها لتقول بصوت خافت مهزوز:
(ما دمت وجع لرأسك فاتركني اتولى قيادة حياتي...)

رغم ان صورتها هذه اوجعته لكنها فشلت في اطفاء حرائق روحه التي تسبب بها الغضب... بل زادت و نشبت بقوة اكبر من ذي قبل حينما هدر بها قائلاً:
(أنتِ زوجتي تحت مسئوليتي أنا...)

صاحت به رغم وجعها النفسي تقول:
(و أنا اعفيك من هذه المسئولية التي فُرضت عليك...)

عقد ما بين حاجبيه يقول بترقب:
(ماذا تقصدين؟!...)

همست بكبرياء متفتت:
(أعيدني لبيت والدي...)


لم يتحمل تكرار هذه الجملة أكثر من ذلك... جذبها من ذراعها حتى اقترب من وجهها يقول بتأكيد و يقين لا شك به ..
(طلاق لن أطلقكِ يا "رُبى" لو أخر يوم في حياتي... لن أطلقكِ هل سمعتي؟)

من قال طلاق؟!... هل العودة لبيت والدها تعني الطلاق؟!... لم تفكر بها من قبل... لم تتخيل أنها
ستحمل لقب مطلقة أبدا... و لم تقصد أن تنفصل عنه بها ... كل فكرها أنها ستعود لحياتها العادية في بيت والدها و ستظل زوجته!!... ما هذا التفكير الطفولي يا "رُبى" العودة للحياة العادية يعني طلاق!!... وقع الكلمة صعب عليها و على سنها الصغير و حينما خرجت بصوته هذا الذي رج كل كيانها جعلها أشد وطأة من كنهها! ...

غصبا و تحت ضغوط كلمات "سارة" بالأمس... و تفكير مرهق طوال الوقت... و حياة انقلبت بشكل عكسي ... و تسربه هو بكل ما فيه لروحها و الذي تجهل معناه الآن... و غضبه المخيف هذا... كل ما تعيشه الآن من خراب جعلها هشة فلم تتحمل المزيد من الكبت... وضعت كفيها فوق عينيها لتبكي بصوت مسموع أمامه...

هيئتها و انكماشها صوت بكائها رج قلبه بعنف... عنف صفعه بحدة ليفيق و يفهم ما فعله بالصغيرة ليدفعها للانهيار... ابتلع ريقه ببطء ليرفع كفه يمسح به فوق وجهه بصعوبة... عيناه لا تبارح وجهها الباكي الذي ينخر في قلبه بقوة... همس بصوت خافت لها:
(لا تبكِ... ماذا حدث لكِ و دفعكِ للتفكير في العودة لبيت والدكِ؟!)

صوت بكائها زاد أكثر من الأول بعدما تخللت صورة "سارة" عقلها... اقترب منها بتردد يراقب الأعين المتلصصة عليهما... لمس ذراعها بخفة و لكنها ابعدته عنه بعناد... زفر بتعب مما يحدث لها و تمر به فعقد حاجبيه بتدقيق قائلا دون قصد:
(هل أصابتكِ التغيرات الهرمونية التي تمرون بها في ظروفكن الشهرية؟!...)

راقب توقفها عن البكاء دون أن تزيح كفيها عن عينيها فاعتقد أنه أصاب... فأكمل بتعجب غير مقصود:
(هل تمرين بظروفكِ الشهرية هذه الأيام؟!!)

تسارعت أنفاسها بصورة ملحوظة... احتقن وجهها بحرج مختلط ببكاء... رفعت وجهها المنتفخ له لتتسع عيناها مما يقول... ابتلعت ريقها بصعوبة لتهمس له بحرج بالغ و بعض الحدة:
(أنت قليل الأدب...)

اتسعت عيناه بصدمة كبيرة... حقا صدمته هذه الشبر و نصف التي تُعد زوجته... هل وبخته للتو؟!... رفع حاجبيه للأعلى بدهشة قائلا:
(عفواً... أ قولت أنا شيئا خارج عن سياق الاحترام؟!... أليس هذه طبيعة خُلقتن بها أنتن ؟!)

ارتعشت شفتاها بخجل و أسبلت اهدابها للأسفل بصورة جعلته يود الضحك بشدة ... تلعثمت لمرات قبل أن تقول:
(لن أخوض معك أحاديث كهذه... لقد تأخرت على المدرسة دعني أذهب)

تحرك ناحيتها دون كلام ... ليتحول كل غضبه و حدته التي مر بها من ليل الأمس إلى بسمة صغيرة فوق فمه ... معها يعيش الشيء و عكسه في لحظات قليلة... معها هي فقط!
جذب ذراعها إليه تحت أنظارها الخجلة و المتسائلة ... فتح باب سيارته و أجلسها عنوة بداخلها ... انحنى يربط لها حزام الامان ثم التف ليجلس في مقعده... همست له بخفوت عنيد :
(لا أريد أن توصلني بعد الآن للمدرسة..)

حدث شيء بالأمس أغضبها و هذا الشيء هو طرف به... هذا ما هو متأكد منه تمام التأكد... لكنه اومأ بعقلانية يقول:
(كما تشائين اليوم هو أخر يوم أوصلكِ به... من الغد سأخصص لكِ سائق خاص )

ابعدت وجهها لتتطلع في النافذة بدموع حبيسة... لماذا تشعر بهذه الغصة بعدما وافق هو؟!... أ لهذه الدرجة هي عبء عليه ليوافق بكل هذه السهولة؟!...
نظر لها توليه جانبها و تستند على النافذة بصمت... عاد ينظر للطريق بتفكير في حالتها... عليه معرفة ماذا حدث لها و من دفعها لهذا العناد الذي يتعبه!!..

.....................................

(هل أنتِ حمقاء أم ماذا؟!...)
صوتها الحانق مع وقفتها الغاضبة التي لا تناسب وجهها الوردي الخجل دوما جعلتها مضحكة للناظرين... تحدثت "رُبى" بحزن تقول بقلة حيلة:
(و ماذا عليّ أن أفعل حينما تظهر ليّ خطيبته و تخبرني بحقها به؟!)

جلست "رحمة" جوارها تقول بغضب:
(هذه الصفراء ترفع ضغطي... و لكن أنتِ من يملك الحق و ليس هي استغلي هذا)

عقدت حاجبيها بعدم فهم تقول:
(أي حق هذا؟!)

زفرت "رحمة" بتعب تقول بسخرية:
(دماغكِ تعمل كعالم رياضيات حاصل على جائزة نوبل حينما تحلين المسائل... بينما في أمور الحياة العادية يصيبكِ الغباء بجدارة)

اشتدت نظرتها حدة فأسرعت "رحمة" تقول:
(يا فتاة أنتِ زوجته هو الآن في بيته وسط أهله ، يُعرّف الناس بكِ كما حدث اليوم عند موقف الحافلات .... أي أنه يمنحكِ بنفسه رخصة التمتع بهذا اللقب)

تنهدت "رُبى" بيأس تقول:
(لكنه اختار من يريدها زوجة له من قبل...)

ربتت "رحمة" فوق كتفها تقول بتأكيد:
(لكنكِ أنتِ من يحمل اسمه الآن و الآتي لا تفكري به... فقط اتبعي خطوات رغبتكِ في أن تكوني جواره)

هتفت "رُبى" باستنكار تقول:
(أنا لا أرغب في هذا...)

ابتسمت صديقتها بخجل تقول:
(ليس عليّ سيدة أميبا... أنتِ معجبة به)

قضمت شفتيها بخجل فتورد وجهها بحمرة لذيذة... ابتسمت "رحمة" بخجل أكبر قائلة:
(و لهذا عليكِ الحفاظ عليه بكل قوتكِ... و أنا سأعطيكِ بعض النصائح من دفتر فارس أحلامي الخاص)

رفعت "رُبى" شفتيها للأعلى بتعجب تقول:
(فارس أحلامكِ!!!... منذ متى يا أنثى القرد و أنتِ تهتمين بهذه الأمور؟!...)

ضحكت بخفوت خجل تقول:
(و هل سأظل طوال عمري أعاني من الجفاف العاطفي؟!... بالتأكيد سأقابله يوما ما و حتى يحين اللقاء أجهز نفسي ببعض النصائح)

ضحكت "رُبى" تقول بمزاح:
(فراشتي الرقيقة تفكر في هذه الأمور أين والدتكِ من كل هذا؟!...)

ضحكت "رحمة" عاليا تقول:
(اصمتي يا مصيبة و اسمعي... أول خطوة هي عليه أن يراكِ أنثى )

نظرت لنفسها ببلاهة تقول:
(و هل أنا كائن مخنث؟!...)

ضربتها "رحمة" بخفة فوق رأسها تقول:
(يا غبية أقصد عليكِ أن تظهري أمامه بصورة ناضجة... ملابسكِ زينة وجهكِ طريقة حديثكِ كل هذا... الرجال ينجذبون للمرأة الكاملة)

اومأت لها و اعتدلت تنصت بتركيزٍ عالٍ... أكملت "رحمة" تقول بقرف:
(ألم تري هذه الصفراء كيف كانت؟!... لقد كانت ترتدي ملابس ضيقة و قصيرة غير خمسين علبة دهان جدران فوق وجهها... للأسف هكذا هي صورة المرأة الناضجة)

تكلمت "رُبى" برفض تقول:
(أنا لن أرتدي مثل هذه الملابس ... كما أن بشرتي حساسة لأدوات الزينة ماذا أفعل)

همست "رحمة" بنزق تقول:
(نحس طوال عمركِ يا حبيبتي... لا بأس سنجد طريقة تلفتين نظره بها...)

شردت "رُبى" قليلا لتقول بعدها بخفوت مختنق:
(لكنه أختار حبيبته بالفعل يا "رحمة"... ما سأفعله سيقلل من قيمتي أمام نفسي و أمامه)

تنهدت صديقتها لتقول بتوضيح:
(لا لن يقلل منكِ مثقال ذرة... و ايضا أشك بأنه يحب هذه الصفراء ربما وجد بها ما يخولها لتصبح زوجة لكنه لا يحبها ..)

ابتسمت بسمة صغيرة لم تعبر حدود روحها لتسألها بتعجب:
(من أين أتتكِ كل هذه الثقة يا فتاة؟!... فأنا من تراه كل يوم و تعيش معه لست متأكدة مثلكِ هكذا)

شمخت "رحمة" بقامتها و احمرت وجنتاها تقول بفخر مراهق:
(لدي خبرة في أمور الحب...)

علت ضحكت "رُبى" تقول بمزاح:
(خبرة شفهية فقط ... الله يستر و لا ننصدم في حائط سد بسببكِ...)

.........................................

عادت للبيت بعد المدرسة و قد صدق و ارسل لها سائق آخر غير من اعتادت عليه... ليخبرها بأنه سيكون السائق الخاص بها ليوصلها صباحا و بعد الظهر... لقد اصابها الاحباط من عدم رؤيته لكن ماذا تفعل و هي بالنسبة له مجرد شخص مجبر على تحمله؟!... وجدت "حنان" في المطبخ تجهز طعام الغداء ... ترددت كثيرا لكنها حسمت امرها و دخلت تلقي السلام... ابتسمت لها "حنان" و ارتاح بالها حينما لمحت الهدوء يعم ملامح الصغيرة بعد عاصفة هوجاء ضربته صباحا ... جلست "رُبى" فوق الكرسي المقابل لطاولة المطبخ دون ان تقول شيئا... تحركت "حنان" ناحية البراد تُخرج منه دورق العصير لتسكب لها كأسا... وضعته أمامها ببسمة حانية تقول:
(تبدين شاحبة ... اشربي العصير)

اومأت لها ببسمة صغيرة تقول بينما ترفع الكأس لفمها...
(شكرا لكِ...)

وضعت الكأس فوق الطاولة تتابع ما تفعله "حنان" و الإلحاح يقتلها... ابتلعت ريقها بتوتر تقول:
("حنان" هل يمكنني سؤالك عن شيء؟!...)

اومأت لها بينما تكمل ما تفعله ببسمة متسعة... سحبت نفسا عميقا تقول:
(هل يملك "أحمد" حبيبة؟!)

تركت ما بيدها و اتجهت نحوها تقول بتعجب:
(لماذا تسألين سؤال كهذا يمكنكِ سؤاله له؟!)

تحدثت بتلعثم تقول:
(لا استطيع سؤاله مثل هذا السؤال!)

اكملت بخفوت حزين تقول:
(هل كان يخطط للزواج من "سارة الراوي" قبل دخولي حياته؟!)

عقدت حاجبيها بدهشة من معرفتها هذا الاسم الذي لا يستسيغه أحد هنا و خصوصا "دلال"... قالت بترقب:
(من أين عرفتي هذه الفتاة؟!)

نظرت لها بأعين متألمة تقول:
(هل حقا أنا عبء عليه ؟!...)

ضحكت بعدها بسخرية و قد لمعت الدموع في عينيها تقول:
(ما هذا الغباء؟!... بالتأكيد أنا كذلك)

التقفت "حنان" كفيها تمسح فوقهما بأصابعها لتقول بتعاطف:
(لا اعرف من أين حصلتي على اسمها و لكن ما أعرفه أنها ليست خطيبة "أحمد" ...)


اتسعت عيناها بقوة و رفعت وجهها تتأمل ملامح "حنان" لتقتنص منها المعلومات قبل أن تنطقها... شددت "حنان" فوق كفها تقول بصدق:
(هذه حقيقة... لن أكذب و اخبركِ أنه لم يكن يفكر في فعل هذه الخطوة و لكنه يؤجلها دوما... و نيته هذه أعطت الحق ل "سارة" بأن تحسب نفسها زوجته)

ضحكت بخفوت تقول:
(كان يجب عليكِ رؤية الجدة "دلال" حينما أتت "سارة" هنا ذات مرة... لقد رفضتها و طلبت من "أحمد" أن يعيد التفكير قبل أتخاذ أي خطوة حقيقية في علاقتهما)

غمزت لها "حنان" بمرح تقول ببسمة:
(أي أنه لا طريق لها الآن و أنتِ في الجوار ..)



غصبا ارتسمت بسمة صغيرة سعيدة فوق وجهها الحزين لتُخرج صورة رائعة من الجمال النقي... وقفت بسرعة تحمل حقيبتها قائلة:
(عليّ تبديل ملابسي استعداد للغداء...)

هزت "حنان" رأسها تقول بلهجة مقصودة:
(نعم بالطبع ... على الأقل سترحمين "أحمد" الذي خرج دون تناول فطوره عندما لم يجدكِ على طاولة الطعام...)

توردت وجنتاها بقوة فأسرعت لتختفي من أمامها... وصلت لغرفتها تفتحها بشعور مرتاح ... على الأقل فعلا لديها فرصة... وقفت أمام مرآتها تنظر لوجهها المتلهف و هذه البسمة العريضة و هذا القلب النابض بعنفوان لأول مرة... همست بخفوت مترقب لنفسها:
(هل حقا ما تشعرين به هو مجرد اعجاب يا "رُبى"؟!)

...........................................

استيقظ عندما لاح ضوء الصباح في الغرفة... نومته غير المريحة هذه تتسبب في تيبس عضلات جسده بشدة... لكن ماذا يفعل و كيف يصف الوضع لأهله حينما يجدونه نائما في غرفة منفصلة عن زوجته؟!... اعتدل ينظر ناحية السرير فلم يجدها عليه او يجد الصغيرة... عقد حاجبيه بتعجب ينظر في الساعة ليجدها السادسة و النصف صباحا... منذ متى تستيقظ باكرا هكذا؟!... استقام ليدخل الحمام و يخرج يبحث عنها...
بعد عدة دقائق اغلق باب الغرفة خلفه يتطلع في بهو البيت ليظهر له أنه لا أحد هنا... تحرك تجاه السلم ينوي الصعود لوالدته ليطمئن عليها لكنه توقف على صوتها القادم من جهة المطبخ مختلط بصوت "صباح" الحانق...
(يا حاجة "نعمة" هي لا تعرف كيف تخبزه !... هكذا سنهدر العجين!!)


ضحكت "نعمة" بخفوت بينما تجلس على كرسي مريح قبالتهما ... تحمل حفيدتها بسعادة و تراقب الكوارث التي تصنعها "ريهام" في محاولة لخبز الخبز الصباحي ... قالت بعد فترة بخفوت:
(اتركيها تتعلم يا "صباح" لا يزال الوقت باكرا على الفطور...)

زفرت "صباح" بحدة ثم اتجهت تجلس ارضا جوار "ريهام" التي سقطت في موجة ضحك على هذه الاشكال العجيبة التي تصنعها بالعجين... تناولت "صباح" كرة العجين من بين يديها لتتركهما منغمستان في عجين متلبكٍ بين اصابعها بكثرة تقول بتأنيب:
(أ لم أعلمكِ يا استاذة "ريهام" كيف نخبز؟!... و الله ما يصدر منكِ لا يصدر من طفلة صغيرة!)

ضحكت "ريهام" عاليا تقول بصوت متقطع:
(و الله كنت اسير على نفس الخطوات لكن فجأة تلبك العجين بيدي فلم اقوى على تشكيله بعدها)

وضعت العجينة فوق الطاولة المستديرة الخشبية لتعجنها بخبرة فائقة تحت أنظار "ريهام" المستمتعة... قالت بصوت حازم و كأنها توبخ طفل صغير:
(هذا لأنكِ لم تغمسي يدكِ في الطحين قبل أن تضعيها في العجين لذا سالت في يديكِ...)

ضربت "ريهام" فوق جبهتها تقول بأسف:
(آه لقد نسيت حقا هذه النقطة!... آسفة)

ضحكت "صباح" تقول بمحبة:
(لا تعتذري لقد اصلحتها الحمد لله... ما دام تتعلمين فلا بأس...)

دخل "معاذ" يراقب هيئتها الغريبة عليه... تجلس ارضا امام هذه الطاولة المستديرة الخشبية... بداخل جلباب بلون أخضر به العديد و العديد من الورود الملونة بألف لون... هذه الهيئة هي الشائعة لنساء قريته و لكنها بدت مختلفة عنهم... كقطعة حلوى شهية في هذا الجلباب الأقل من العادي..
بدت مغرية له اكثر من ثيابها الأنيقة... حينما كانت صغيرة و تأتي لهم زيارة كانت تُعامل كضيفة يعمل الجميع على راحتها... لكن الآن تتعامل كواحدة منهم... كزوجته!!

همس بكل حروف العشق التي تربعت قلبه يوما...همس لنفسه بقلب ما عاد يقوى على البُعد...
(يا مالكة القلب !... ماذا ستفعلين بيّ بعد؟!... ما عدت اقوى و ما عاد البُعد درب!... و الذي خلق السموات والأرض أنتِ نهج حياتي و كم هو صعب!!)

دخل المطبخ لتبتسم له والدته بحب رغم ملاحظتها القوية هذا التوتر بينه و بين زوجته... قبّل رأسها ثم انحنى يقبّل صغيرته و عيناه لا تبرح زوجته... تكلمت "صباح" برجاء تقول:
(بالله عليك يا استاذ "معاذ" خذ زوجتك من المطبخ .. لقد أهدرت مكونات الفطور)

ابتسم بسمة صغيرة يرمقها بنظرات حانية اربكتها... تكلمت "نعمة" تقول بتوبيخ مازح:
(أخبرتكِ يا "صباح" دعيها تتعلم..)

زمت "صباح" شفتيها تقول بغمغمة:
(و الله لن تتعلم من هنا حتى أخر العمر... ليس لها سوى باللعب مع الطيور)

ضحكت "ريهام" عليها فقالت:
(معكِ حق يبدو انني لست بارعة في تعلم هذا النوع من المخبوزات...)

اعتدلت لتقف و تتجه نحو زوجة خالها... مالت أمام عينيها المتتبعة لها بنظرة دافئة لتحمل صغيرتها تداعبها بحب... نظرت له نظرة صافية اخترقت جدار قلبه و قالت ببسمة هادئة..
(صباح الخير...)

اعتدل جوار والدته لتتبدل نظرته لها لنظرة عادية فقال بصوت فاتر...
(صباح الخير...)

ما حدث و ما يحدث يوجع قلبها بقوة... لم تعتد عليه هكذا ... لم يكن متجاهلا لها من قبل حتى في اسوء لحظاتهما معا... زمت شفتيها و قد لاحظت زوجة خالها حزنها... حملت "ريهام" صغيرتها لتتجه للخارج مستأذنة منهم لتُرضعها...

جذبت "نعمة" ابنها من كم قميصه لتقول بتوبيخ:
(ما هذا الفتور في تعاملك مع زوجتك؟!...)

ابتسم ليقول بتعجب زائف:
(أنا اعاملها بفتور!!!... لقد اختلط الأمر عليكِ أمي)

قبّل رأسها مجددا ليخرج من المطبخ ببسمة عابثة...
تنهدت "نعمة" تقول لنفسها...
(ليس عليّ يا ابن بطني... هناك خطبا ما بينك و بين زوجتك و ليس من الآن بل منذ بداية الزواج..)

فكرت قليلا ثم نادت على "صباح" ... لتهب الاخرى واقفة تتجه إليها... اشارت لها "نعمة" بأن تنحني لتهمس لها بشيء ما!...


.........................................

بعد فترة غفت الصغيرة فوضعتها فوق الاريكة بعدما احاطتها بعدة وسائد... و قبل أن تتحرك لتذهب إلى زوجة خالها تدخلت "صباح" لتقول:
(استاذة "ريهام" من فضلكِ تجلبين ليّ الوعاء الكبير من الحمام كي أصعد للطيور... آسفة سأعذبكِ معي)

ابتسمت بمحبة تقول:
(لا تتأسفي ... أين هو تحديدا؟)

وصفت لها المكان المخصص للوعاء داخل الحمام الكبير في الطابق الارضي... اتجهت ناحيته لتفتح الباب وتدخل... لكنها تسمرت حينما رأت "معاذ" بداخله يجلس ارضا و يبدو يُصلح عطلا ما... التفت ينظر لها ثم عاود يكمل عمله دون أن يتحدث معها... زفرت بحنق و اتجهت ناحية المكان المخصص للوعاء... مرت به فوجدته يُصلح مواسير المياه و بجانبه حقيبة كبيرة بها العديد من الأدوات... اكملت طريقها حتى رأت الوعاء فانحنت تحمله و تتجه به ناحية الباب... امسكت مقبضه لتديره و تخرج لكنه لم يُفتح!...
عادت تنظر لزوجها الذي لم يلحظ بعد... عاودت المحاولة لكن نفس الشيء... دقت عليه تنادي على "صباح" مما جعله يقف و يتجه نحوها بتساؤل...
(ماذا حدث؟!...)

تركت الوعاء جانبا لتتمسك بكلتا يديها بالباب تحاول فتحه بينما تقول:
(الباب علق و لا يفتح...)

حاول معها فتحه لكنه فشل... طرق عليه بقوة ينادي والدته أو "صباح"... وقفت الحاجة "نعمة" بالخارج تكتم ضحكتها مع "صباح" و بعد فترة قالت بصوت محذر...
(بني لا تخرج أنت أو زوجتك الآن فهناك فأر كبير في البهو ... لقد اغلقنا الابواب كي نصطاده ، ابقيا معا حتى نفتح لكما)

ضحكت "صباح" بخفوت فلكزتها الحاجة بعصاها برفقٍ... تحدثت "ريهام" من الداخل تقول بخوف:
(فأر!!... هل اغلاق الباب سيمنعه من الدخول حقا؟!)

اجابتها زوجة خالها:
(نعم حبيبتي لا تخافي...)

نظرت لزوجها لتتسع عيناها بقوة تقول بخوف:
("معاذ" "روفان" بمفردها فوق الاريكة... لربما هجم عليها هذا الفأر و عضها!!)

توترت ملامحه خوفا على ابنته فنادى على والدته يقول:
(أمي ابنتي بمفردها رجاء انقليها من هنا لغرفتكِ...)

تكلمت والدته باطمئنان:
(ابنتك في احضاني يا ولدي لا تخف عليها...)

سحبت الحاجة "صباح" معها تقول بخفوت:
(هيا ندعهما بمفردهما قليلا ... فحالهما لا يسرني...)

بداخل الحمام وقفت "ريهام" تراقب كل ثقب فيه بخوف ... تتخيل أن يدخل لهما الفأر منه... راقب وقفتها المنزوية الخائفة و شيء بداخله يخبره أن والدته هي من فعلت كل هذا... لقد طلبت منه قبل دقائق ان يصلح لها المواسير... و الآن دفعت بزوجته للداخل... ثم اغلقت عليهما الباب... سمع صوت شهقتها المكتومة فنظر لها بخوف... و قبل أن تستوعب عيناه ما يحدث التقفتها احضانه لتستقر بداخلهما بجسد مرتعش... انفاسها لفحت عنقه فجعلته يغمض عينيه يستمتع بهذه اللحظة... متناسيا سبب خوفها و متغاضيا عن مكان تواجدهما... يكفي ما يشعر به الآن من سعادة... تحركت يده فوق ظهرها و صوته خرج خافتا باشتياق...
(يكفي بُعدا يا مالكة القلب...)



أنتهى الفصل...
ألقاكم الفصل القادم...


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 12:33 AM   #267

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
تسجيل حضور لأحلى يويا



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 26 ( الأعضاء 13 والزوار 13)
ام زياد محمود, ‏سيلينان, ‏ayahahmed, ‏مهاالعجيل, ‏فديت الشامة, ‏منال سلامة, ‏k_meri, ‏همس البدر, ‏الغفار, ‏ghdzo, ‏mango20103, ‏saro7272
تسلميلي يا أم زياد😍😍😍
اليوم من غير وجودك ما بيكملش⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 12:52 AM   #268

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

الفصل الثالث عشر
العب خطيبة مين ياكلب البحر انتى اتهبلتى يابت ياسارة ولا ايه الله ينكد عليكى وعلى عمرك

ياعنى انا منسجمة مع غصن الزيتون والواد اللى هيموت ويبوسها

والبت ريهام اللى هتموت من الغيرة ومعاذ اللى ما صدق يشمت فيها شويه بعد عذابه معاها سنين
وربى اللى زعلانه ان امها عايزاها تطلق

تقومى تقفلى عليا بالزفته سارة دى يايويا

اما اروح اشوفها نيلت ايه تانى


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 12:53 AM   #269

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 62 ( الأعضاء 22 والزوار 40)

ام زياد محمود, ‏سيلينان, ‏AyahAhmed, ‏سعاد انور, ‏عبير سعد ام احمد, ‏Dalia.7rb, ‏Ichraklkh21, ‏sosomaya, ‏k_meri, ‏سمية21, ‏حلا المشاعر, ‏Soy yo, ‏basama, ‏شيفيكا ابروي, ‏Miraljood, ‏ghdzo, ‏Eman Hassanein, ‏canadiya, ‏houda4, ‏Lina 91, ‏مهاالعجيل, ‏منال سلامة


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 15-11-19, 01:13 AM   #270

سيلينان
 
الصورة الرمزية سيلينان

? العضوٌ??? » 388542
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,266
?  مُ?إني » في حضن و دفء عائلتي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
الطيبة ليست غباء! .......... إنما هي نعمة فقدها الأغبياء!
Rewitysmile23

يا حب شو هالرونق والابداع برافوووووووووووو

سيلينان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.