آخر 10 مشاركات
✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          [تحميل]ليالي.. الوجه الآخر للعاشق / للكاتبة رحاب ابراهيم ، مصرية ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          تحميل مكتبتي للروايات البوليسية العالمية (الكاتـب : ahmad2006771 - )           »          وعانقت الشمس الجليد -ج2 سلسلة زهور الجبل- للرائعة: نرمين نحمدالله [زائرة] *كاملة* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          على ضِفَّة لوحة انتظار ! وَ في لحظاتٌ تُحَيّكَ بهما الأَشْواقُ.(مكتملة) (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          61 - الشبيــه - نان اسكويث- (مكتوبة/كاملة) (الكاتـب : SHELL - )           »          68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - ع.ق(كتابة /كاملة)** (الكاتـب : أمل بيضون - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree70Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-09-19, 03:04 PM   #21

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-19, 04:29 PM   #22

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
تسجيل حضور
بانتظار الفصل
و عليكم السلام و رحمة الله ⁦❤️⁩💕
ميعادنا الساعة ١١ بتوقيت القاهرة بإذن الله 💞💕 أتمنى الفصل ينال اعجابك🌷✨


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-19, 11:18 PM   #23

سوووما العسولة
 
الصورة الرمزية سوووما العسولة

? العضوٌ??? » 313266
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 928
?  نُقآطِيْ » سوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond repute
افتراضي

بانتظااارك بشووق. لاتتاخري علينا بليز.. اللن الساعة ١١.

سوووما العسولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-19, 12:00 AM   #24

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثالث

الفصل الثالث

(لا أريد أن أتزوجه يا أمي ...هو مثل أخي كيف سأتزوج منه؟!)

(رجاءً لا ترحل لقد وعدتني أن تدافع عن حبنا حتى يرى النور)

(لا تقترب منيّ أنا لا أحبك هل سمعتني؟... لا و لن أحبك)

انتفضت من نومها على صوت بكاء الصغيرة جوارها...اعتدلت بسرعة تحملها و تضعها فوق فخذيها لتُرضعها...حالما هدأت الصغيرة سرحت هي في ماضٍ قريب...حياتها الأشبه بغرفة تعذيب مظلمة و قاسية...رفعت أصابعها حول رقبتها تتحسس هذا الحبل الوهمي و الذي ألتف حولها يخنقها...لقد حاولت و يشهد الله أنها فعلت كي تعيش حياة طبيعية معه...مع زوجها الذي فرضوه عليها...

عادت الصغيرة للنوم مجددا فوضعتها فوق السرير برفق...ابتسمت لها بحنان ففي وسط كل ما تعيشه هذه الصغيرة هي الملجأ الذي تركن إليه...تتناسى معها حقيقة فُرضت عليها و إنها أصبحت زوجته!...

اتجهت إلى المرآة الكبيرة أمام طاولة الزينة...تنظر لنفسها داخل هذا القميص الحريري بلون القهوة...مررت يدها فوق عنقها مرة أخرى و كأن الحبل الوهمي تم شده بالقوة...اغمضت عينيها بضعف تتذكر كيف سلبوا منها حبها الذي أينع قلبها معه بعدما كان صحراء قاحلة...

انتبهت على صوت رنين هاتفه في هذا الوقت من اليوم...تطلعت إلى ساعة معصمها لتجدها تجاوزت الرابعة فجرا...عقدت حاجبيها بعدم فهم ثم تناولت مبذلها الحريري ترتديه بسرعة...

فتحت باب الغرفة لتسمع صوته آتيًا من الصالة...كان متوترًا و خافتًا كأنه يخشى أن تسمعه...
(لا تخافي يا عمتي سأجدها إن شاء الله...لا أرجوكِ لا تتحركي كي لا نلفت الأنظار)

اقتربت منه بعدما تأكدت من هوية المتصل...والدتها تهاتفه في هذا الوقت!!... أغلق الهاتف و قد ارتسم القلق و الجزع على محياه...قالت بصوتها الرقيق:
(ماذا حدث يا "معاذ"؟)

انتبه لها فألتف بسرعة يمتع ناظريه برؤيتها...تجمد لثوان و هو يراقب جسدها النحيل داخل المبذل الحريري...لو فقط تعطيه الفرصة كاملة ليعبر بها من هذه النقطة التي طال وقوفهما بها!... حاول أن يبدو طبيعياً كي لا يثير خوفها فابتسم بسمته الرائعة التي تزيد وجهه الأبيض وسامة...بارع هو في رسم السعادة داخل مقلتيه الرمادية حتى لو كان يموت قهرا...
(لا شيء فقط عمتي تريديني من أجل العرس...)

اقتنصت عينيه لفترة طويلة...تنظر بداخل مقلتيه الشفافتين بالنسبة لها...رغم أنه يكبرها بخمس سنوات إلا أنه لا يعرف الكذب...خصوصا عليها هي...قالت بهدوء تقر حقيقة ما:
(أنت تكذب أليس كذلك؟...)

توترت ملامحه فأبعد عينيه عنها...يكفيه ما تفعله به حتى يظل متمتعا بالنظر دون حرج داخل بنيتها الساحرة...سحب نفسه بقوة قائلا:
(ليس كذبًا و لكن الأمر متعلق بأختكِ وعليّ أن أسرع...)

جزعت ملامحها بشدة فهتفت بخوف حقيقي:
("رُبى" ما بها؟... هل كل شيء بخير؟!)
آلمه رؤية الخوف في عينيها فتقدم بخطوات محسوبة منها خشية أن تبتعد ككل مرة قائلاً بهدوء:
(لا تقلقي ستكون بخير...)

دون مقدمات جلست فوق الكرسي بجوارها و انخرطت في موجة بكاء عنيف...أغمض عينيه متألما لحالها...هذه الرغبة في البكاء التي تداهمها كل فترة فتنصاع لها دون سبب و تبكي بحرقة قلبها المخدوع...وقف قبالتها و رفع يده مترددا هل يواسيها ويمسح فوق شعرها الأسود الناعم...أم يبتعد خوفا من نفورها الذي يقتله...أبعد يده و الألم يفتت قلبه بالقوة...قال بعدما جلس القرفصاء أمامها:
("ريهام" لا تبكِ...أنا لا أحب رؤية دموعكِ)

رفعت وجهها الملون بالأحمر من أثر الانفعال...دموعها تسيل فوق خديها بكثرة توجعه...تقتله...تجعله يلعن ما حدث لها من قبل...
قالت بصوت مختلط بالبكاء:
(هل فاض بها الكيل ؟... لن تتحمل ما يفرضوه عليها...هي ليست أنا و لن تكن أنا..."رُبى" ليست ضعيفة لتقبل زواج شخص لا تحبه...)

نبشت في جرح قلبه النازف و الذي لم يجد الوقت بعد كي يلتأم... نبشت في جدار رجولته و كرامته...أوجعته بكلماتها العفوية التي تخرج منها دون حساب ...و رغم كل هذا تحمل و سيتحمل أي شيء يصدر منها...سيسعى ليأخذ بيدها لتخرج معه من قوقعة الماضي و تحيا حياة هادئة مع ابنتها...
اعتدل ليقف من جديد يقول بسرعة يواري كل جروحه عنها:
(نعم ليست ضعيفة و هذا ما برهنته لنا...)

اعتدلت هي الأخرى لتقف أمامه تقابله...عقدت حاجبيها بتعجب فقالت:
(ماذا تقصد؟!...)

ابتسم بمرارة يطالع وجهها الفاتن من هذا القرب المهلك لقلبه...
("رُبى" ...هربت)

شهقت بخوف و رعب على أختها الصغرى...التمعت الدموع في عينيها مجددا تعاطفا مع ما تمر به "رُبى" في هذا السن...على الأقل هي كانت راشدة متخرجة من الجامعة حينما فرضوا عليها الزواج...وجدت الأحرف بصعوبة لتشكل جملة مرتعدة:
(يا إلهي...لقد دفعوها للهرب دفعوا فتاة صغيرة للهرب في عتمة الليل)

رفعت عينيها إليه تتوسله بكل روحها:
(أرجوك يا "معاذ" أذهب و أبحث عنها...الفتاة بمفردها في الشوارع في مثل هذا الوقت!)

أراد أن يضمها بشدة أن تسكن ضلوعه ليحمل عنها هذا الخوف ...لكنه اكتفى بالكلام فقط من بعيد كالعادة....
(لا تخافي ...سأجدها فأنا متيقن من وجهتها الحالية)

......................................

برودة الجو و ظلام الليل الساكن الذي قطعه نباح الكلاب... حقيبتها الثقيلة ذات العجلات الصغيرة...تحتك بالأرض الاسفلتية مصدرة صريرا يزيد معدل خوفها...نظارتها فوق عينيها تبرز الرعب فيهما...لا تعرف أي قوة دفعتها لتفعل ما فعلت؟!... كيف تجرأت و حملت ثيابها دون تفكير لتخرج من سجن حكم عليها فيه بالإعدام...وضعت يدها فوق صدرها تطلب من النبض الهادر فيه أن يهدأ قليلاً...ابتلعت ريقها مرتعدة من هذا السكون الأسود حولها...لكنها مصرة على الوصول إلى وجهتها فقرارها لا رجعة فيه!...


لاح في الأفق أضواء خافتة تابعة لاستراحة الحافلات...غزا الدفء خلاياها و هي تستشعر وجود البشر حولها بعد ساعتين من المشي بمفردها...اتجهت نحوها و قلبها يهدأ شيئاً فشيئًا...حينما وصلت وجدت عدد قليل من الرجال و الشباب يشربون مشروبات دافئة...و أسرة واحدة صغيرة مكونة من رجل و زوجته و طفلين جالسين على مقربة منها...اتجهت نحوهم دون تفكير تتحامى فيهم رغم غربتها وسطهم جميعاً...جلست فوق الكرسي البلاستيكي بتعب نفسي أكثر منه جسدي...ما هي فيه ليس سوى كابوسا مرهقا...

تقدم منها شاب يرتدي مريول مطبوع عليه اسم الاستراحة...سألها على استعجال:
(هل تودين شرب شيء؟!)

نظرتها له كانت متوترة و كأنه يعلم أنها هاربة من أهلها...هزت رأسها بلا ثم نكستها أرضا...وضعها دفع الشك في قلب الشاب فقال بتردد:
(هل أنتِ بمفردكِ؟...)

احتدت نظرتها من سؤاله الذي دب الرعب في اوصالها غصبا...قالت بصوت حاولت أن يكون ثابتا:
(ما دخلك أنت؟... )

عقد الشاب ما بين حاجبيه بتعجب قائلا:
(لمَ الشدة في التعامل معي؟... أنا أقصد مساعدتكِ)

زاغت عيناها بخوف لكنها تماسكت تقول بنبرة خافتة:
(أنا أنتظر أخي ...)

اومأ لها الشاب ثم اتجه نحو الطاولة الأخرى... رفعت ذراعيها تحيط بهما نفسها و البرد يزداد...برد صقيعي تعيشه للمرة الأولى في حياتها...هاربة وحيدة بلا رفيق في شوارع مظلمة موحشة!...

حانت منها التفاتة إلى طاولة تحوي ثلاثة شباب يرمقونها بنظرات جمدتها من الخوف... تحاشت النظر لهم بينما تهمس لنفسها بخفوت مرتعد و أسنان تحتك ببعضها:
(لا تنظري إليهم...بقى القليل على الحافلة سيمر الوقت...يا رب كن معي أنا وحدي)

بعد دقائق زاد توترها وهي تراقب الشباب الثلاثة مجتمعين يتحدثون معا بينما نظراتهم لا تتركها...ضحك أوسطهم بصوت مخيف ثم وقف فجأة ينظر لها ببسمة فجة...ضربه الشابان على ذراعه كتشجيع لما هو مقدم عليه...

انكمشت في كرسيها بقلب كاد يقف من شدة النبض...انقبض كفاها يحتكان ببعضهما طلبا للأمان...عيناها دون رغبة منها كانت تتابع خطواته التي تقترب إليها دون غيرها...صدرها يعلو و يهبط بصخب مرير...وقف أمام طاولتها بنفس البسمة الفجة ثم تحرك ببطء مرعب جوارها...حادت عيناها مع حركته للجانب و قلبها يتضرع لله أن يمر كل هذا...أنفاسها كانت متسارعة و مرتعدة وهي تشعر قربه من ذراعها...أختفى خلفها و لا تعرف إلى أين ينوي الذهاب...اغمضت عينيها برعب و دمعة ساخنة سالت جوار خدها تنعي حظها السيء...

انتفضت بصرخة عالية حينما لمس كتفها من الخلف يد قوية...
(لا تلمسني.... لا تفعل)

ران الصمت حولها و قلبها الوحيد كان مصدر الضوضاء بضرباته العالية...سمعت صوته يأتي من الخلف يقول بهدوء حذر:
("رُبى"!...)


فتحت عينيها بصدمة لا تصدق هل ما سمعته حقيقي أم ماذا؟... التفتت ببطء تتوسل وجوده و عندما التقطته عيناها هرولت إليه تسكن أحضانه وتبكي بصوت عالي صاخب لفت نظر الجميع...مسد على ظهرها بحنان رغم تفاجأه من حركتها المباغتة...لكنه يتذكر عادتها منذ الصغر عندما يتفشى بها التوتر تتحمل و تتحمل ثم تنفجر بعدما تطمئن وتركن لحضن أحدهم دون تمييز بهويته...همس جوار أذنها بحنان:
(أششششششش....أنا هنا)

أجلسها فوق الكرسي بينما جسدها يختض بصورة أخافته عليها...جلس على الكرسي المقابل لها و أمسك كفيها بين كفيه يفركهما بهدوء يقول:
(تمالكي نفسكِ يا صغيرة ...لقد وجدتكِ لا مزيد من الخوف)

رفعت عينيها إليه بدموع ذكرته بزوجته قبل قليل...هل كُتب عليهما الحياة مع جرح مؤلم نازف لا ينضب أبدا؟!... همستها الخافتة المتقطعة و الباكية أخرجته من تفكيره...
("معاذ" أنا...أنا...)

شدد من قبضته على كفيها وابتسم برقةٍ لها قائلا:
(لا بأس أنا أفهمكِ...)

و كأن جملته الصغيرة فجرت بها الرغبة للبكاء من جديد... فعاد نحيبها يعلو بصوت مسموع...نظر "معاذ" إلى الوجوه المتسائلة حوله و عاد ينظر إليها...رفع كف واحد بينما الآخر يحتوي كفيها ليمسح فوق شعرها المربوط في منتصف رأسها كدائرة كبيرة...قال بحنان:
("رُبى" أعرف ما تمرين به لكن هل كان يستحق الهرب في ظلام الليل بين الطرقات الفارغة و الأعين المتربصة؟)


تمالكت نفسها بعدما افرغت شحنة سلبية بداخلها...بدت كطفلة صغيرة أمامه و أمام أناس غرباء لكن لا بأس لو لم تفعلها لكانت ماتت قهرا...قالت ببعض التصميم:
(لا أريد أن أتزوج...دعني أسافر القرية عند خالي أرجوك...)

تنهد يطالعها بعجز قائلاً:
(و هل تعتقدين خالكِ سيوافق على استقبالكِ حينما يعرف أنكِ هربتِ من البيت و كسرتي كلمة والدكِ؟...)

عقدت حاجبيها بتعجب تقول:
(خالي لا يعرف بشأن زواجي...لو أخبرته سيتضامن معي و يكلم أبي)

تنهد يطالع تفكيرها المراهق...تعتقد أن خالها في القرية سيفتح لها ذراعيه عندما يعرف سبب لجوئها له...حاول أن يجد كلمات لا تجرحها فقال:
(يا صغيرة ...القرية مكان صغير منغلق عن العالم الذي نشأتي به...الناس هناك و أولهم خالكِ سيقفون في صف والدكِ خصوصا أنهم سيرتضون الشاب عريسا لكِ...أفرغي عقلكِ من فكرة الهرب و أحلام اليقظة هذه)

هتفت بغضب مختلط ببكاء:
(و هل سيرتضون ليّ الزواج من رجل لا أعرفه و يكبرني عمرًا؟... )

ربت فوق كفها بحنان يقول:
(أريدكِ أن تتأكدي من شيء واحد فقط...والدكِ مستحيل أن يضركِ أو يعطيكِ لمن لا يستحق...)

زفرت بقهر و بكاء تقول:
(لكنه يهتم بأمر أعماله أكثر منا... بالله عليك هل تقبل أن تزوج "روفان" كما سيفعل أبي معي؟)

ارتعش فكه و غامت عيناه بألم حاول أن يخفيه عنها...ابتسم بسمة مهزوزة قائلاً:
(لو في الأمر مصلحتها سأفعل...)

هتفت فيه باستنكار:
("معاذ"!!!...)

وقف يعدّل من وضع سترته و يراقب أول خيط من النهار يلوح في الأفق...عاد ببصره لها يبتسم بتشجيع ثم سحب يدها لتستقيم أمامه قائلاً:
(دعي المستقبل لله هو أدرى به منا...أما الآن علينا الذهاب فوالدتكِ منهارة في البيت و خائفة عليكِ غير أن والدكِ لم يعرف بعد بما حدث...)

صدر صوتها برجاء لمس قلبه و جعله يشفق عليها:
(أرجوك لا أريد العودة لا أريد أن يحدث هذا...)

حمل حقيبتها الثقيلة ثم أمسك يدها بداخل كفه الدافئ يسحبها خلفه قائلاً:
(لم نعهدكِ ضعيفة و مستسلمة بهذا الشكل يا صغيرة...تعالِ و واجهي لكن لا تهربي...)

تأكدت أنه لن يتوانى حتى يرجعها للبيت سالمة...وقفت في منتصف المسافة تقول بعناد:
(حسنا سآتي معك لكني لن أعود على البيت...)

وضع يده في خصره يتابع عنفوان هذه المراهقة...قال بهدوء متميز به ليمتص غضبها:
(إلى أين تريدين الذهاب يا صغيرة؟...)

زفرت بقلة حيلة تقول بصوت متعب في محاولة لكبح الدموع:
(خذني عند "ريهام"... أرجوك)

ابتسم لها ثم أمسك يدها مجددا يقول:
(حسنا يا "رُبى" سأفعل ما تريدين...)

أجلسها في سيارته ثم فتح صندوق السيارة يضع حقيبتها الثقيلة...أخرج هاتفه من جيبه حينما صدح صوت الرنين ليجد عمته المتصلة...فتحه يقول بصوت خافت:
(لا تقلقي وجدتها يا عمتي...نعم هي بخير...أقسم بالله بخير...حسنا لا تبكي رجاءً...كانت تخطط للسفر عند أبي في القرية...نعم أخبرتها بهذا أيضاً و أن أبي كان سيعيدها...لا هي ترفض العودة للبيت حالياً...سآخذها في بيتي...يمكنكِ أن تخبريه أنها ذهبت للمدرسة باكرا...حسنا يا عمتي سأحاول معها...عليّ إنهاء الاتصال الآن لأعود بها... حسنا مع السلامة)

ركب جوارها السيارة يتطلع لوجهها الحزين المنتفخ من البكاء...زفر بخفوت يشعر بثقل مسنن ينغرس في أعماق قلبه ينبش في جرحه الذي لم يندمل بعد... لسان حاله نطق بتعب و إرهاق سنوات...
(إلى أي منعطف ستأخذكِ الحياة يا "رُبى"... أتمنى أن تبتعد بكِ عن المنعطف الذي أجبرت أختك بالسير فيه...اقسم لكِ يا صغيرة هذا المنعطف موجع و مليء بالألم و الخذلان...)

...................................


فتحت "ريهام" الباب بلهفة بعدما رأتهما من الشرفة قبل قليل...منذ رحل زوجها يبحث عن أختها وهي تلازم الشرفة أملا أن يعود بها...بمجرد أن رأتها "رُبى" أرتمت بين أحضانها بدموع مقهورة...ربتت أختها فوق ظهرها بتعاطف و بعدها أخذتها حيث الصالة...جلسوا فوق الأريكة و جلست "رُبى" في المنتصف بينهما...حاولت "ريهام" السيطرة على دموعها فقالت ببعض التأنيب:
(كيف واتتكِ هذه الجرأة يا "رُبى"؟!... تهربين!!)

لم تتكلم "رُبى" كلمة واحدة و شردت في الأرض المغطاة بالسجاد... رمق "معاذ" زوجته يحثها ألا تسترسل في هذا الحديث...تفهمت "ريهام" وضع أختها فضمتها إليها بكل قوتها تقول بصوت حاني:
(أنتِ بخير أليس كذلك؟... هل ضايقكِ أحدهم في الشارع؟)

هزت "رُبى" رأسها بهدوء داخل أحضان أختها...اكملت "ريهام" تقول:
(هيا أدخلي إلي الحمام و أنا سأحضر الفطور)

همست "رُبى" بأعياء بعدما خرجت من أحضانها:
(لست جائعة أنا فقط أريد أن أنام...)

وقفت أختها تقول برفض:
(لا نوم دون فطور...سأحضر لكِ شطائركِ المفضلة)

قاطعتها "رُبى" تقول بوهن أوجع قلب أختها:
(أرجوكِ يا "ريهام" ....أنا متعبة جدا)

نظرت "ريهام" إلى زوجها طويلاً...عيونها مترقبة و خائفة...يا إلهي حتى متى ستظل خائفة ؟!... فقط لو تنهي هذا الخوف أو تعطيه الفرصة أن يمحيه من حياتها... لم يتحمل نظرتها هذه فاستقام يقول بمرح:
(هيا يا "رُبى" أدخلي الغرفة الثانية فهي جاهزة...)
اومأت له بلا روح و اتجهت حيث الغرفة الصغيرة المجهزة من أجل طفلتهما حالما تكبر...

فركت "ريهام" يدها بتوتر تراقب رد فعل زوجها...التفت لها يقول بأسف:
(أعتذر لكني أحتاج النوم بشدة...)

ابتسمت له بفتور قائلة:
(لا بأس فأنا لن أنام مجددا...الصغيرة على وشك الاستيقاظ)

هتف مسرعا بحرج:
(أستطيع النوم على أريكة الصالة ...أذهبي أنتِ للغرفة جوار الصغيرة)

هزت رأسها بتوتر تقول:
(لا يصح...نحن لسنا بمفردنا لذا أرتاح بالغرفة...السرير جاهز للنوم لقد رتبته قبل قليل)

تنهد بيأس و قد ثقل عزمه فقال:
(لا أريد أن أجبركِ على شيء مرة أخرى...لستِ مجبرة على تحملي في غرفتكِ)

ضربة قوية اصابت صدرها بقسوة...لقد ذكرها بما حدث من قبل...ذكرها بأيام عاشت معه فيها مجبرة ظنا منهم أنه يستطيع أن يُنسيها ما نزعوه منها...رعشة سيطرت على عامودها الفقري و للأسف لاحظها هو...

دومًا تضربه في رجولته بأسلحة غير مرئية...لا يصدق أنها لا تزال ترتعش كلما فُتح هذا الموضوع بينهما...هيئتها جعلت الدماء تفور في عروقه...لذا غمغم ببعض الكلمات الغير مفهومة و انسحب فورا يحبس غضبه بداخله قبل أن تراه هي و يسكنه في جوانب الغرفة...

همست بندم حقيقي على ما تفعله به...ليس له ذنب و لكنه مشترك معهم في ما تعيشه الآن...ماذا كان سيحدث لو ظل "معاذ" ابن خالها و صديقها الذي تراه كل فترة عندما تسافر القرية... لماذا شوهوا صورته تلك في خيالها و الصقوا به صورة زوج لا تريده....
(آسفة "معاذ"... ليس بيدي)


..................................

حقائبها المجرورة خلفها على الأرضية المصقولة اللامعة...حذائها الرياضي الأبيض فوقه سروال قماشي مربعات...بداخله بلوزة قطنية مريحة باللون الأبيض...شعرها الذي وصل لكتفها في تموجات طبيعية بلونه البني المحمر...وجهها الأبيض الناعم و عيناها الفيروزية المميزة...هيئتها جعلتها كقطعة سكر حلوة تسير في مطار الوطن بعدما عادت إليه للتو...بعد رحلة أخذت منها اربعة أشهر...

وقفت عند الباب المقابل للشارع العام لتخرج هاتفها بعدما بدلته بشريحة محلية...اتصلت به و انتظرت الرد لكن لا رد...زفرت بتذمر بينما تعيد الهاتف فوق أذنها من جديد و عيناها تتفحص الشارع جيدا...لا رد مرة أخرى تقدمت تسحب حقائبها الكثيرة بتعب...همست بقنوط و غضب:
(أين أنت يا "مصطفى"؟!..)

عاودت الاتصال مرة ثالثة و لحسن حظها تكرم و فتح الخط...قبل أن ينطق بحرف واحد هاجت و هدر صوتها المتذمر فيه:
(أين أنت؟!... هل تردها ليّ لأنني سافرت؟!... ألم أرسل لك رسالة أخبرك بميعاد مجيئ ؟!... أنا لن....)

همسته الخافتة العاشقة عبر الهاتف ألجمت لسانها و جعلت حمرة الخجل تنشب في خديها....
(اشتقت لكِ يا غصن الزيتون....)

وقفت تنظر في كل الاتجاهات و لكنه غير موجود...سحبها من بحثها بصوته الذي يهدم أسوارها:
(تبدين خلابة في اللون الأبيض...كقطة صغيرة ناعمة الفراء تجذب النظر لها و تحثك على اللعب معها...)

ابتلعت ريقها بخجل ثم عبست بشكل مصطنع تقول:
(أين أنت؟...)

ضحك بصوته الرائع يقول بلهجة تسلية:
(ألم تريني بعد؟... حسنا ماذا عن عيون القلب؟!... جديني بها يا غصن الزيتون)

وقفت على أطراف أصابع قدميها تنظر في الشارع و تتفحص السيارات بشكل مثير للريبة...نفخت بضيق بعدما فشلت من ايجاده فهتفت بضجر محبب له:
("مصطفى"!...)

وصلها صوته الهادئ يقول بنبرة أخجلتها:
(روح "مصطفى"...)

ابتسمت بخجل تقول:
(أين أنت...أنا مشتاقة لك)

ضحك عاليا بصخب أشعل خجلها و جعلها تظن أن كل من بالشارع يسمعون محادثته معها...
(آه وصلت لما أريد و اعترف غصن الزيتون أنه افتقدني...)

ضحكت بخفوت تقول بينما يدها تلعب في الحقائب:
(لا تكن غليظا...تعرف كم اشتقت لك )

تنهد بوله فقال عبر الهاتف بنبرة عاشقة غير مسيطر عليها:
(عادت لتفقدني عقلي ابنة "القاضي".... حسنا يا غصن الزيتون انظري تجاه اليمين قليلاً و لا تحركِ رأسكِ الجميل هذا)

اومأت له و كأنه يراها...نظرت جهة اليمين بجوارحها و ليس بعينيها فقط...ستراه بعد غياب أشهر...ستمتع عينيها به و تحدثه وجها لوجه...كم اشتاقت له و كم أوجعها البعد....

ظهر من جهة اليمين لتتسمر كل خلية بداخلها...بحلته الرسمية الرائعة و نظارته الشمسية التي أعطته وسامة لا تضاهى...ستخبره فيما بعد ألا يرتديها ثانية بالتأكيد سلب عقل الفتيات...في يده باقة ورد بيضاء ملفوفة بشكل ساحر...كله كان كأمير وسيم خارج من قصص الأميرات... "مصطفى" حبيبها....

وقف قبالتها ينزع نظارته ليطالعها بعينيه البنية الفاتحة و التي لمعت بشكل خطف أنفاسها في ضوء الشمس... ابتسم بسمة رائعة ثم قدم لها باقة الورد يقول بلهجة تسحرها:
(حمد لله على سلامتكِ يا غصن الزيتون...)

التقفت الباقة منه بخجل مبتسمة له...راقب هو احمرار خديها الشهي فمال عليها قليلاً يقول:
(علينا الذهاب من هنا قبل أن أتهور...)

عقدت حاجبيها الجميليين تقول بغباء:
(تتهور!!!!)

عاد للخلف ينظر لها بتفحص ثم قال بجدية:
(نعم أتهور....فبسبب عنادكِ تأخر زواجنا كثيرا و ذهبتِ سعيا وراء شهادات لا تعد ولا تحصى و نسيتِ أهم ورقة و هي ورقة زواجنا)

هتفت فيه بخجل علّه يسكت:
(اصمت نحن بالشارع...)

اومأ رأسه مؤكدا فقال:
(و هذا ما أقوله أننا بالشارع و أنا سأموت شوقا لأضمكِ بين ذراعيّ دون شعور بالذنب...و لعدم امتلاكي ورقة زواجنا حتى الآن هذا سيدفعني للتهور...)


ضحكت من قلبها عليه مما جعل عيناه تلمع بحبها...همس لها برقةٍ تسلبها:
(لا تتمايل أمامي يا غصن الزيتون و الله قلبي لن يتحمل دلالاك...)

تصنعت الجدية فاعتدلت تقول بصوت حازم:
(حسنا...أين سيارتك يا باشمهندس؟!)

أشار لها على طريقها...حملت باقة الورد و تحركت أمامه بدلال فطري بها...وضع يده فوق صدره يراقبها قائلا:
(تتمايلين يا "ندى" ... يا فتاة قلبي ضعيف و لن يتحمل المزيد و إلا و الله أعقد قراني عليكِ قبل أن تصلي للبيت...)

كتمت ضحكتها بيدها ثم تقدمت بصمت كي لا يتهور حقا!... عاد يحمل حقائبها و اتجه إلى السيارة...

وقفت أمام باب السيارة بعدما وضعت باقة الورد برفق فوق كرسيها.... سمعته يقول بلهجة عملية:
(أي مطعم تودين الذهاب إليه؟...)

حكت رأسها بحرج قائلة:
(أيمكننا تأجيل المطعم للغد...فأنا مرهقة و كل ما أتمناه هو النوم داخل سريري المريح و غدا كله سيكون لك...)

ابتلع ريقه بصعوبة قائلا:
(لكن الغد صعب جدا....)

تقدمت منه حينما لمحت توتره...لمست كتفه العضلي تقول بتعجب:
(ما به الغد؟!...)

نظر لها و كأنه يشكو مر ما يعيشوه فقال:
(غدا...عرس أخي)

شهقت بمفاجأة و تراجعت للخلف تقول بدهشة:
(عرس "أحمد"!!!!!)

نظرت له بتأنيب فقالت:
(و لماذا لا أعرف؟!...هل أنا غريبة لتخبأ أمرًا هامًا كهذا عليّ؟!!...)

زفر بتعب بدل ملامحه المستريحة قبل لحظات لملامح أفزعتها...وقفت جواره تقول بحنان:
(ماذا هناك يا "مصطفى"؟....)


وضع فنجان قهوته بعدما رشف منه فوق الطاولة...نظر لها بفمها المفتوح بصدمة مما سمعت...رمشت بعينيها مرات عديدة و كأنها تريد أن تستفيق...قالت بدهشة:
(لا أصدق...أي وضع قبله "أحمد" على نفسه!!!)

سحب نفسًا كبيرًا يهدأ من ثورته خوفا على مستقبل أخيه الكبير فقال:
(الوضع حدث في لمح البصر...فقط قبل أيام معدودة كانت حياتنا تسير بطريقة هادئة و لكن بعد انهيار البورصة فُرض علينا هذا الأمر...)

حدقت فيه بعتاب تقول:
(لماذا لم تلجأوا لأبي يا "مصطفى"؟... هل يوجد فرق بيننا؟!)

ربت فوق كفها يقول بتعب:
(والدك رجل ذو مكانة حساسة في البلد و أي طلب أو توصية منه لشخص آخر سيكون ضده...)

أعادت خصلات شعرها للخلف بإرهاق فقالت:
(الوضع بات صعبًا و لا يوجد مفر منه...)

نكس رأسه يغمغم بخفوت:
(للأسف...)

آلمها أن تراه مكسورا هكذا و هي تعرف جيدا حبه لأخيه و احترامه له... ربتت فوق كفه كما فعل معها قبل قليل...تطلع لها و حاول أن يبتسم كي لا تخشى عليه...لكنه فشل عندما خرجت بسمته باهتة...

تنهدت بحزن على حاله فقالت بشراسة مدافعة عنه و عن أخيه:
(لا تبتأس فأنتم ضحية للعبة ابتزاز...هل رأيتم هذه الفتاة من قبل؟!)

هز رأسه بلا ضعيفة فأكملت:
(أراهن أنها هي من دفع والدها لتتزوج بأخيك...تعرف هو شاب وسيم تتمناه أي فتاة لذا تحينوا الفرصة لسقوطكم في البورصة لتتمم لعبتها)

مسح فوق وجهه ثم نظر لها يقول ببسمة واهية:
(تفكرين كأمي تماما...)

اومأت له تقول:
(هذا لأننا نساء و نفهم ألاعيب النساء هذه جيدا...)

حاول أن يخرج من حيز هذا الموضوع المرهق له نفسياً...فغمز لها وقال بصوته الساحر:
(يسعدني أن أتعرف على ألاعيب النساء الخاصة بكِ لعبة لعبة...)

تحرجت منه و من تواجدهما في مقهى عام فقالت بتوبيخ:
("مصطفى"!...)

همس بعشق لها:
(روحه....)

ابتسمت بخجل تزيح خصلاتها التي تسلب قلبه...



.....................................


دقت "رباب" فوق بابها تهتف بتوسل كحالها منذ عادت قبل يومين من بيت أختها...لكن ابنتها ترفض الخروج لهم أو الحديث معهم...تكتفي فقط بالذهاب إلى مدرستها و العودة تلجأ لغرفتها... همست والدتها بصوتها الحنون و الراجي تقول:
(حبيبتي فقط خمس دقائق... أريد أن أطمئن عليكِ كما أنه يجب أن أتحدث معكِ بخصوص الزفاف و ...و أموره)

نظرت "رُبى" إلى باب غرفتها من الداخل بأعين باهتة و منتفخة من كثرة البكاء...تسمع صوت والدتها التي لم تكف عن طلب الجلوس معها...ماذا تريد بالأحرى ماذا يريدون بعد منها؟... ألم تعد لهم و تُجبر على الزواج؟... ها هي تقدم نفسها كقربان لأجل مصالح والدها و هذا العريس الغير آدمي...كيف يقبل أن يتزوج طفلة و يحرمها من مدرستها و يحول حياتها لجحيم؟!...

معاودة الدق فوق بابها أفلت صمام العقل منها فتقدمت تصرخ من خلف الباب:
(اتركوني بمفردي لا أريد رؤية أحد...)

سمعت صوت والدتها تقول بهدوء رغم تمييزها أنها تبكي:
(حسنا حبيبتي لن نضايقكِ...لكن على كل أم أن تجلس مع ابنتها قبل الزفاف تخبرها بعض الاشياء...)

صرخت بها مجددا بغضب:
(لا أريد...لا أريد ابتعدوا عني)

تدخلت "ريهام" تربت فوق كتف والدتها تقول بمواساة:
(لا بأس أمي اليوم طويل...اعطها بعض الوقت ترتاح)

تنهدت "رباب" بقلة حيلة تقول:
(لله الأمر من قبل و من بعد...)

بعدما تأكدت من ذهابهم عادت تجلس فوق سريرها و الأفكار تهشم عقلها المراهق...أي حديث تريد أن تخبرها به والدتها؟!... و لماذا هي مصرة عليه؟!... احتقنت عيناها بدموع جديدة فكتمت وجهها في الوسادة تبكي على حياتها التي ستتحول لظلام بعد ساعات معدودة....

دخلت عليها "كريمة" الغرفة مساء لتجدها واقفة تنظر من شرفتها بحزن...حبست دموعها على حالها الصعب...اقتربت منها تربت فوق كتفها في محاولة منهم لأن تأكل...نظرت "رُبى" للطعام و شعور الغثيان ينهال منها...تشعر أنها وقعت في بيئة غير صالحة للحياة...كلما تفكر أنه بعد ساعات فقط ستتزوج يزداد شعورها بالغثيان...قالت بتعب:
(خذي الطعام يا "كريمة" لن آكل)

ربتت الخادمة فوق صدرها برجاء تقول:
(لقمة واحدة على الاقل تصلبين بها طولكِ يا حبيبتي...لقد مر أيام و انتِ لا تأكلين هذا لن ينفعكِ غدا أبداً)

عقدت حاجبيها بجهل من موقفهم...لماذا الجميع متأهبًا للغد بصورة تثير الريبة؟... والدتها تحاول أن تتحدث معها بشأن الغد...أختها قبل قليل حاولت الدخول لها ايضا لتقول شيء بشأن الغد... و الآن "كريمة" تريد أن تطعمها للغد...ماذا يحدث؟!!!

نظرت للخادمة المنشغلة في سكب الطعام...واتتها فرصة ذهبية فقالت بسرعة:
("كريمة" هل يمكنكِ تدبير هاتف ليّ)

توجست ملامح الخادمة فقالت بتوتر:
(لماذا؟!...)

أجابتها "رُبى" بثقة:
(تعرفين أبي سحب منيّ الهاتف و أنا أشعر بالإجهاد لذا أود سماع بعض الموسيقى الهادئة لترتخي أعصابي)

زمت "كريمة" شفتيها بقلق فقالت:
(يمكنكِ سماعها عبر الاسطوانات المدمجة ...)

هتفت "رُبى" بضجر:
(ما أريده لا يوجد عليه...أنا سأبحث عنها على الأنترنت)

اوشكت "كريمة" على قول شيء لكن "رُبى" قاطعتها تقول بتهكم:
(لا تخافي لم يبقى سوى ساعات على العرس أي أنني لن أغدر...)

أعطتها ظهرها تقول بنبرة مقصودة لتستعطف "كريمة":
(لا بأس...حتى الموسيقى حُرمت منها و كأنكم تحملوني فوق همي هم)

تأثرت الخادمة لحالتها كثيرا...فقالت بسرعة ولهفة:
(أبعد الله عنكِ الهم يا آنسة "رُبى"... سأعطيكِ هاتفي و أخرج و لكن لا تتأخري في سماع ما تريدين حتى لا ننكشف...)
حافظت على ملامحها الحزينة و اومأت للخادمة بخنوع....


بعد قليل....
من داخل حمام غرفتها وقفت أمام الحوض تتقيأ!... صوتها العالي و انحنائها المريب يوضح أنها نافرة من شيء ما...وقفت لتعتدل بوهن ولكن سرعان ما عاودت تتقيأ لتخرج كل ما في جوفها الفارغ من الأساس قبل أيام... انتهت و تتمنى أن الأمر يقف عند هنا...حملت منشفتها تزيح آثار الماء عن وجهه الشاحب بشكل كبير...أمسكت بطنها و شعور بالقرف و النفور يسيطر عليها...ارتعشت و هي تعيد كل ما قرأته قبل قليل عبر الهاتف الذي أعطته لها "كريمة"... لا تصدق و لا تريد أن تصدق...كيف و ما هذا الذي قرأته؟!... في الغد هي ستفعل!!!!!.... شعرت بالنفور مجددا فسارعت للحمام بوهن...
خرجت منه بعد دقائق و جسدها يرتعش بقوة...اتجهت نحو سريرها الملجأ الوحيد لها في كل هذا...قبل أن تصل وجدت الهاتف لا يزال منيرا فوق السرير...امسكته بتوتر تمسح ما كتبته في صندوق البحث و ما جعلها تنتفض و يتبدل حالها للأسوأ هكذا...

«نصائح ليلة الزفاف»

مسحته بسرعة و قامت بلغيه من قائمة البحث...ابعدت الهاتف بيد مرتعشة و كأنه فيروس ثم نامت فوق سريرها... تحتضن اغطيته و تتدثر بها محتمية من العالم الخارجي البشع...اغمضت عينيها و أخر ما همس به لسانها كان خافتا لكنه مرتعد:
(لا أريد أن أتزوج...لا أستطيع!)

.............................

القهر.....
كلمة ثقيلة المعنى و المضمون... أن تعيش مقهورا و تستمر سلسلة القهر لتحول حياتك لجحيم...نيران مستعرة تنشب في جدار قلبك تطلب أن تزفرها مع أنفاسك...لكنك غير قادر و الأمر ليس بيدك...أن ينحني ظهرك و ترضخ لأمور لم تكن تعتقد أنك ستفعلها يوماً... أن ترى نظرة الشفقة في أعين أقرب الناس لك... بعدما كنت جدارهم الحامي من الحياة...

وقف ينظر لليل الذي أسدل ظلامه قبل قليل من شرفة غرفته...ساعة واحدة متبقية و يصل إلى بيت العروس... زفر بحدة يود لو يخرج كل هذا الشعور السلبي من قلبه...لو كان بإمكانه لصرخ متناسيا كونه رجل أقترب على الثلاثين و أنه عماد هذا البيت... جملة تتردد في عقله منذ الصباح و تنخر فيه بشكل يقتله «قهر الرجال»!!!...
كم هو موحش ما يشعره من عجز و لا يستطيع رفضه... حياته المرهقة منذ موت والده كان يحاول تجميلها بأي شكل كي يستمر...يستمر دعما و قوة لأفراد أسرته لكن الآن...ستدخلها امرأة لا يعرفها و لا يريدها ...ستحمل اسمه و تسكن بيته...

زفر مجددا بصوت أعلى و قد تحولت كل أوجاعه لزفرات عالية...ضحك بسخرية و هو يعود إلى الداخل يسحب سترته و يلقيها عليه بلا روح..
(هذا ما تستطيع فعله يا ابن "النجار"... )

أغمض عينيه و شعور اليأس يتسلل له من جديد...لكنه لن يستسلم لقد صمد أمام عائلته لأيام مضت هل يفلت منه زمام الأمر بعدما تبقى ساعة واحدة و ينهي هذا السخف.... وضع يده فوق صدره يربت على قلبه الحزين و يواسيه...غمغم بكلمات عبرت حدود روحه و استقرت فوق لسانه تشكو معه حالته لله....
(اللهم أني أعوذ بك من قهر الرجال...)

نزل إلى أسرته الرابطة في صالة البيت الكبير...يطالعونه بأعين حزينة و بعضها باكية...حالهم ليس بأفضل من حاله وهم يرونه يبيع نفسه ...يا الله وقع الكلمة شديد عليه شديد على كبريائه...حبس هيجان مشاعره خلف عينيه الجامدة و المظلمة ليقابلهم ببسمة فاترة أوجعت قلوبهم...

تقدم منه أخيه الصغير يبتسم له بمواساة قائلا:
(لو أنهيت كل شيء علينا الذهاب)

اومأ له "أحمد" ببطء ثم نظر نحو جدته...تستند إلى عكازها في محاولة واهنة لأن تظهر شامخة كما اعتادوا أن يروها...تقدم منها يمسك يدها المجعدة و يقبلها بحنان...تمالكت دموعها ورفعت كفها تمسح فوق شعره و تدعو في سرها أن يجبره الله جبرا يليق برحمته... همست بصوتها المهتز:
(مبارك يا "أحمد"... مبارك بني)


رفع وجهه لها يقرأ في عينيها عكس ما ينطق به لسانها...لكنه تحمل كي لا ينهاروا إذا إنهار هو...قبل جبهتها بأدب و قد أودع في قبلته كل مخاوفه كما اعتاد أنها من تحمل عنه متاعبه...

رفعت "سوزان" ذقنها لأعلى تراقب الأجواء حولها في محاولة ألا تبكي... وقف قبالتها ينظر لها بنظرة تعرفها منذ أن كان صغير...نظرة تصرخ رغم صمته بأنه يتألم فليساعده أحد!... انقبض قلبها مما قرأته في عينيه فأسرعت تقول بصدق:
("أحمد" لا تفعلها....سنجد حلاً آخر لكن لا تفعلها)

أمسك كفها بين يديه ثم انحنى يطبع قبلته الحنونة فوقه...رفع رأسه ببسمة باهتة يقول:
(أخبرتكِ أمي هي من عليها الخوف في يوم كهذا وليس أنا... هذا عيب في حقي)

فرت دمعة ساخنة فوق خدها غصبا عنها...فأسرعت تمسحها بكبرياء متأصل بها... عليها ألا تضعف أو تضعفه فهي متأكدة أي حالة سيئة يعيشها و لكنه صامدًا وعليها أن تقويه لا تكسره...

ربتت فوق كفه الرجولي تقول بهمس حزين:
(مبارك....)

التفت إلى "حنان" التي قابلته ببسمتها الهادئة...أمسك يدها بشكر ثم همس لها بخفوت:
(شكرا على دعمكِ ليّ ...)

تأملت هيئته الوسيمة بروعة تسلب الأنفاس فقالت بخفوت مماثل:
(قلبي يتفتت عليك يا "أحمد" لكن واجبي أن أدعمك فيما تمر به...)

ابتسم بحنان لها يقول:
(سلمتِ...)

تحولت ملامحه للتحفز فقال:
(هل فعلتي ما اتفقنا عليه؟...)

اومأت له بسكون ثم ربتت فوق كتفه بعدما لمحت "مصطفى" يتقدم منهما و يسأله الذهاب...
راقبته يبتعد مع أخيه فسالت دمعتها بقهر عليه تهمس بوجع مُر:
(أعانك الله على ما تمر به يا صغير...)


...................................


نظرت لنفسها في المرآة بأعين زائغة...جالسة فوق كرسي طاولة الزينة في غرفتها...ترتدي المبذل القطني الأبيض الخاص بالحمام...تقف حولها والدتها وأختها و "كريمة" فقط...لقد رفضت دخول عاملات صالون التجميل لها...صرخت بهم كما تصرخ مؤخرا في كل شخص...و قد رأت والدتها أنهم سيتدبرون أمر تزيينها حتى لا تحدث مصيبة... و ها هم انتهوا من وضع لمساتهم السحرية التي ابرزت نضجها بشكل واضح... تبلور جمالها المراهق بشكل يسحر العيون... شعرها الذي جمعته "ريهام" في كعكة غير مستوية تخرج بعض الخصلات منها كتسريحات شعر نساء الاغريق...و زينتها بطوق من الفضة على هيئة زهرات صغيرة لامعة...بدت كتمثال جاهز للعرض في متحف يعرض الجمال...

صوت "كريمة" الناطق ببعض آيات القرآن لحمايتها...بكاء والدتها الخافت طوال الوقت...نظرة عين أختها المليئة بالتعاطف ...كل هذا لا يعبر عقلها يقف فقط عند حدود عينيها و لا يصل لخلايا مخها كي تترجمه لشيء مفهوم و تتأثر به!...
في الواقع مخها في حالة صدمة مما عرفته بالأمس...فقط يكرر عبارات قرأتها بقلب وجل كلما تعمقت أكثر في البحث... يبرز بصورة فجة صورا حاكتها مخيلتها المراهقة لما سوف يحدث لها بعد ساعات قليلة...ستترك بيتها و غرفتها لتذهب مع رجل لا تعرفه يكبرها و الأصعب تفعل ما قرأته!!!!...

شحب وجهها بخوف شديد...فاقت من حالة الخدر التي يمر بها عقلها على صوت والدتها...
(هيا حبيبتي كي ترتدين الفستان...)

أجبرت عينيها لتشاهد فستان الزفاف...بياضه الناصع أذى قلبها بقوة...أغمضت عينيها بضعف و حاولت أن تجد بعض الكلمات فقالت:
(أتركوني بمفردي...)

قالت والدتها بتعجب:
(حبيبتي لم يتبقى الكثير...)

علا صوتها قليلاً تقول بغضب :
(أتركوني بمفردي...)

أشارت "ريهام" لوالدتها و الخادمة أن يتركوها تبقى بمفردها تتهيأ لما هي مقبلة عليه ...
تابعت خروجهم من الغرفة و مع غلق الباب انتفضت من فوق الكرسي.... قطعت الغرفة ذهابا و إيابا بقلق و خوف...هل تعيد الهرب من جديد؟!... هل تصرخ بهم و تسبب فضيحة لهم قبل عقد القران؟!... هل تختبأ منهم حتى ينتهي الوقت و يفقدوا الأمل في ايجادها؟!... عقلها نضبت منه الأفكار و عجز عن المساعدة... افكارها المراهقة هلكت في بحر نضوجهم الذي يدفعونها دفعا أن تبحر به رغم وهن عضلاتها و تأكدها من الغرق!...

عيناها اقتنصت الفستان الأبيض...معلقا في مكانه برونقه اللامع الذي يخنقها...شحذت كل كرهها و خوفها و تعبها النفسي في الفترة الماضية و اتجهت نحوه...ناوية أن يدفع هو ثمن غلطتهم معها!...

.......................................


دخل "أحمد" مع أخيه بيت "هاشم الحسيني" الذي فتح أبوابه المزينة بالأضواء القليلة...كان يعتقد أنه سيقيم حفلاً كبيراً يدعو فيه كل رجال الأعمال...لكنه تفاجئ بهذا العدد القليل الذي يجزم أنه لم يتخطى الأقارب!...

استقبلهما "هاشم" ببسمة مرتاحة و بعد تبادل التحية أشار لهما على المكان المخصص لعقد القران...دلفا الأثنان داخل الصالة الكبيرة المزينة بزينة بسيطة و كأنه حفل عيد ميلاد و ليس زفاف أجبره عليه!... استقام شاب من مجلسه يبتسم لهما ابتسامة محافظة رغم بشاشة وجهه...

بدأ "هاشم" الحديث يعرف الشباب ببعضهم...
(هذا "معاذ" زوج ابنتي الكبرى و ابن خالها...)

مد "أحمد" يده بالسلام كما فعل "معاذ" و كل منهما يرى الآخر بنظرة تقييمية...

لاحظ "مصطفى" العدد القليل من المدعوين...فقال موجها الكلام إلى "معاذ":
(هل هؤلاء كل المدعوين؟...)

ضيق "معاذ" عينيه يقول:
(نعم...ألم يحضر أحد من طرفكما؟!)

تنحنح "أحمد" قائلا بلباقة:
(لا...لقد مرضت جدتي و لازمتها أمي في البيت)

رغم دهشة "معاذ" و عدم تصديقه ما يُقال إلا أنه قال بأدب:
(لا بأس شفاها الله... فنحن عائلة واحدة من الآن لا يهم من يحضر من طرف من...)

اومأ له الأخان و شعور بالغرابة و الحرج يداهمهما....

بعدما طلبت منه أن يأتي لها ... وقفت قبالته تهمس بضيق كي لا يلحظ الناس:
(أين أهل العريس يا "هاشم"؟!)

نظر لها بتحفظ يقول:
(هل طلبتني من بين المدعوين لتسألي سؤالا كهذا؟!)

نظرت حولها بتعجب ثم قالت بسخرية:
(أين هم المدعوون ؟!... هل هذا حفل عرس أم جلسة تعارف بين عائلتين؟..)

صمتت لحظة ثم قالت بغضب:
(و أين هي العائلة الثانية من الأساس؟...)

لم يجب عليها مما دفعها لتقول بتوجس:
(هل عائلة الشاب ترفض ابنتي؟... ألم يطلبها هو منك رغم معرفته بسنها؟... على أساس أنه متعجل في الزواج من ابنتي أم أنا فهمت شيئا آخر؟!!!)

نظر لها نظرة تطلب منها الصمت ثم قال بهدوء:
(لا هذا ولا ذاك...فقط جدته مرضت و والدته معها)

تنفست بسرعة من فرط الانفعال وقالت بقلق:
(أنا غير مقتنعة ...أوقف كل هذا قبل أن يحدث يا "هاشم"..)

صاح بها وقد نسى أين هما:
("رباب" أنه ليس لعب أطفال...اليوم عرس ابنتكِ)

تقدمت منهما "ريهام" تقول بقلق:
(ماذا يحدث الناس تنظر نحوكما؟!)

اشاحت "رباب" ناظريها عنهما ثم اتجهت نحو المطبخ تكتم خوفها على صغيرتها ...

عاد "هاشم" إلى المكان المخصص لعقد القران بعدما عرف بوصول المأذون...هتف في "كريمة" أن تطلب من العروس النزول لهم...

انقبضت يده حينما استشعر قرب رؤيته لها...المرأة التي ربطوها به دون رغبته... لاحظ "مصطفى" تشنجه فربت فوق فخذه يقول بخفوت:
(دعها تمضي يا أخي لا وقت للتراجع...)
تنهد "أحمد" بصعوبة و شعور بالنفور يستوطنه و يتزايد كلما أقترب الوقت... مجرد دقائق و ستحمل اسمه يا الله!!!...

مضت إجراءات عقد القران بروتينية مملة و كأنه واجب على كل منهم أن يفعله و هو مجبر... حان وقت توقيع العروس والتي لم تظهر بعد...
أشار "هاشم" للخادمة أن تقترب منه و حينما سألها عنها قالت بقلق:
(أخبرتني أنها ستأتي خلفي...)

همس من تحت ضرسه يقول:
(استعجليها مرة أخرى...)

و فجأة انتبه الجميع لصوت التحطيم القادم من الأعلى...وقف "أحمد" بسرعة يراقب ما يحدث كما فعل الجميع... زادت دقات قلب والدتها و شعور بالخوف ينتابها...هل أذت ابنتها حالها كي لا يتم الزواج؟....
هرولت مسرعة نحو السلم تتفقدها ولكنها تجمدت وهي تراها تنزل أمامها ترتدي ...ماذا؟!!!!
كلمة صاحبها ذهول من الجميع...لقد بدلت فستان العرس بحلة رسمية وردية اللون...و الحمد لله لم تعبث في زينتها أو شعرها...

عقد "مصطفى" حاجبيه بدهشة يراقب هذه التي تهل عليهم من بعيد... تبدو كشابة في اوائل العشرينات...لكن ما بال ملابسها و نظرة عينيها؟!!... صورتها كسرت تلك الصورة التي رسمها بفضل تحليلات والدته وخطيبته عنها...من ظهرت أمامه الآن لولا الظروف التي جمعتهما لوصفها بملاك صغير هادئ...

فور تأكده من نزولها أشاح بعينيه أرضا...لا يريد رؤيتها يشعر بالنفور من فكرة قربها منه...استباحت بيع نفسها و أجبرته على بيع نفسه...امرأة بمواصفاتها هذه تجعل عضلات جسده تتصلب متقززة ...عليه فقط الصمود لتوقع على العقد و يضمن نجاة شركتهم...

أنها نفس درجات السلم التي نشأت تلعب و تصعد و تهبط عليه...ما بالها الآن كأنها أشواك تنغرس في قدمها الصغيرة لتدميها بقسوة...ليس هذا فحسب بل طالت مسافتها و لا تنتهي...هل الجحيم أقسى عذابا من كل هذا؟... فحالها تبدل فقط من درجاته فكيف ستكون خطوتها إليه؟!...

تجمدت بعدما انتهت درجات السلم و هي تشاهد الشابين الواقفين جوار المأذون...أحدهم يتطلع لها و كأنه يفحصها و الآخر يشيح بوجهه و كأنها لعنة... أي منهما هو عريسها ؟... أي منهما هو جلادها القاسي؟!...

تخشبت بعدما ارتفعت الأعين تناظرها في آن واحد... لاحظت حركة عين والدها التي تحثها على التقدم...و كأنه يحثها على اقتلاع روحها بقسوة!... تقدمت بأرجل رخوية هشة غير قادرة على السير ... و مرت من أمامهما ... الشابين!!!


داعبت رائحة عطرها الناعمة أنفه لتبعث الفضول في عقله أن يراها...فقط يرى من وافقت على حدوث هذه المهزلة و قلبت حياته...لكنه رفض بعند الانصياع لطلب عقله...لربما هي حيلة تجذبه بها نحوها...

وصلت هي إلى المأذون الذي قابلها ببسمة مضيئة رائعة...يقول بصوته الرخيم الذي بعث الراحة اللحظية في قلبها...
(وقعي هنا بنيتي...)

و انتهت الراحة اللحظية حينما أمسكت القلم...قلبها كأنه عداء يقطع المسافات لينال الفوز...يهدر و يصرخ و يعربد داخل قفصها الصدري الرقيق...نظرت إلى والدها تطلب عطفه أن يعتقها من كل هذا...لكنه توارى بعينيه عنها و كأنه لا يريد أن يضعف أو هكذا خُيل لها...لا تقوى على التوقيع و لا تقوى على الزواج...لم تجد بد سوى أن تهمس بكل مخاوفها و رعبها باسمه علّه يستشعر ما تمر به صغيرته فينفض عن كاهلها الصغير ما تحمله و يزأر في وجوههم أنها ابنتي لن يجبرها أحد أو يأخذها أحد...كلمة واحدة شحنتها بكل هذا و دعت الله أن تؤثر به...
(أبي....)

صوتها الرقيق المهزوز المحمل بالكثير من المشاعر الخفية دفعه أن ينظر لها...و قد نظر!
هل هذه هي عروسه؟!... من دبرت و خططت مع والدها كما قالت والدته من قبل... إنها أشبه بشابة هشة لا تعرف عن الدنيا شيء... هل هي مجبرة مثله أم ماذا؟!... تفحصها بعينيه بنظرة ذكورية يقيم منها حقيقتها و لكن صوت والدها الذي خرج للتو منعه من استكمال النظر...

(وقعي يا "رُبى" يكفي دلالا...)

ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة...و جف حلقها و هي تقرأ اسمه الذي وقع به من قبل... خطه يدل على شخصية صعبة المراس ...دوما هي تصنف الناس من حسن خطهم ...و رغم كونه امضاء يخرج من تحت أصابع بعض الناس كخربشة غير مفهومة...لكنه صدر منه منظم دقيق و غامض...
"أحمد علي النجار"... استطاعت قراءة الثلاث اسماء بدقة!... نداء والدها المتكرر ضرب رعشة في جسدها و جعلها تخط دون فهم اسمها بأصابع مرتعشة جوار اسمه...ليخرج توقيعهما مختلفين متناقضين مخيفين بالنسبة لها...
وقد انتهى الأمر و أصبحت زوجته!....

....................................

صدمة....
كل ما تشعر به هو صدمة...انتهى الأمر و لم تشعر بعدها بأي شيء...لا تتذكر سوى أن "كريمة" دست حقيبة ثيابها الكبيرة في صندوق سيارتهما...و الآن هي معهما بمفردها في سيارة لا تعرفها مع شابين أحدهما زوجها المجهول بالنسبة لها... يا إلهي هل حقا ستذهب معهما إلى بيت لا تعرفه؟!... ما هذا الرعب و الشعور بالنفور المداهم لها؟!... رحلة فقدت الإحساس بها و لم تقوى على حسب المسافة لكنها متيقنة أنها طالت بها جدا... رحلة لا تعرف ما ستكون نهاتيها!....

و بعد وقت لا تعرفه وقفت السيارة أمام بيت كبير أكبر من بيت والدها...ليترجلوا منها جميعهم... وهي منساقة خلف خطواتهما برعب... دخلت معهما البوابة الحديدية و بعدها بوابة البيت الراقي...ظلام منتشر في كل ركن به و كأنه خاوي عليهم فقط...

فجأة ظهرت سيدة أمامها تبتسم بتكلف ظاهر تقول بصوت هادئ :
(أهلا بكِ ...تعالِ معي كي اريكِ الغرفة)

هل تذهب معها أم تلتفت للباب و تهرب؟!... لا إراديا حملتها قدمها الهشة إلى السلم مع هذه السيدة... و كأنها مغيبة لا تستوعب ما تفعل... وقفت أمام باب غرفة كبير ثم فتحته لها هذه السيدة و قالت بهدوء:
(هذه غرفتكِ... مبارك و تصبحين على خير)

دخلت بقلب مرتعد تراقب هذه الغرفة زيتونية اللون المختلطة بلون الحليب... ابتلعت ريقها بصوت مسموع و تراخت عضلاتها بوهن غير قادرة على استكمال السير... لكنها تشنجت بقوة أكثر من ذي قبل و هي تراقب هذه القطعة الصغيرة الحريرية فوق السرير ... أنه قميص نوم!!!!!.....

اهتاجت مشاعر القرف و النفور بداخلها وعقلها يسترجع بلا رحمة كل ما قرأته... هل سيتم الأمر؟!.. تحركت في الغرفة بهستيرية كبيرة تبحث عن أي مخرج لها من هذه الورطة... و قد لمع أمام عينيها... في وسط طبق الفواكه الكبير ... يعكس ضوء المصباح بقوة... سكين الفاكهة الصغير و الحاد... امسكته و عقلها وقف عن التفكير هل ستقتله إن اقترب منها؟!... هل ستفعل لتحمي نفسها منه ...من زوجها!!!!... تجمدت أطرافها وهي تسمع حركة مقبض الباب ... توقفت حدقتاها بفزع و هي تراه يدخل عليها الغرفة...إنه الشخص الذي تحاشى النظر لها في بيت والدها... هل هذا زوجها؟!... قبضت على السكين خلف ظهرها بقوة وهي تراقب تقدمه منها... و بداخلها نية صادقة بأن.... تقتله !!!!!!!!

انتهى الفصل....
ألقاكم الفصل القادم....


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-19, 12:21 AM   #25

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سوووما العسولة مشاهدة المشاركة
بانتظااارك بشووق. لاتتاخري علينا بليز.. اللن الساعة ١١.
نزل حبيبتي ⁦❤️⁩
قراءة ممتعة 😍⁦❤️⁩


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-19, 01:27 AM   #26

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

طب ليه القفله الكيوت ديه 🙄😂 طب ممكن تغشيشه 😀
نعرف العريس عايش والا ميت 🙋
اكيد الوالد عنده سبب مقنع يخليه يجوزها غصب عنها
ساعات الكبار ليعرفوا أو بيشوفوا الأمور من زاويه تخلي قدرتهم علي الحكم افضل مننا


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-19, 01:35 AM   #27

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
طب ليه القفله الكيوت ديه 🙄😂 طب ممكن تغشيشه 😀
نعرف العريس عايش والا ميت 🙋
اكيد الوالد عنده سبب مقنع يخليه يجوزها غصب عنها
ساعات الكبار ليعرفوا أو بيشوفوا الأمور من زاويه تخلي قدرتهم علي الحكم افضل مننا
تشويق و إثارة😂😂
ان شاء الله يحصل كل الخير😂 اكيد والدها شايف الموضوع من زاوية مختلفة عنها و دة هيوضح قدام بإذن الله⁦🤗


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-19, 02:08 AM   #28

AyaYoussef

? العضوٌ??? » 451458
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » AyaYoussef is on a distinguished road
افتراضي

كالعادة متألقة و نهاية الفصل رووووعة


AyaYoussef غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-19, 02:17 AM   #29

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ayayoussef مشاهدة المشاركة
كالعادة متألقة و نهاية الفصل رووووعة
تسلميلي حبيبتي⁦❤️⁩💞


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-19, 02:47 AM   #30

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

فصل خرافي
بصراحة كنت علي اعصابي بس قفلة شريرة خالص يا يويا ليه كدا
واضح ان ريهام كانت بتحب حد تاني غير معاذ اللي هي شايفاه اخ وصديق ومقدرتش تتقبله زوج لغاية دلوقتي مع انه واضح جدا حبه ليها اللي هي مش قادرة تشوفه خالص وغرقانه في شعور الشفقة علي الذات بسبب اصرار ابوها علي زواجها من معاذ
معاذ حبيت شخصيته جدا وتفهمه لنفور ريهام منه مع انه صعب عليا جدا
ندي ومصطفي عصافير الكناريا حلوين جدا ومشاعرهم جميلة اوي
العرسان الكارهين لنفسهم ياربي علي الحالة اللي اجبروا عليها حالتهم صعب جدا بالذات ان كل واحد فيهم فاهم التاني غلط
هاشم اب متزمت صحيح خايف علي بناته وبيدور علي مصلحتهم بس بطريقة مدمرة جدا
ربنا يستر من القفلة الصعبة دي في انتظار القادم بشوق جدا ان شاء الله
تسلم ايدك ياجميل



ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.