آخر 10 مشاركات
رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رفقاً بقلبي (1)*مميزة ومكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ذكرى التوليب (1) .. سلسلة قصاصات الورد * مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان الشاعر - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          قلباً خالي الوفاض (116) قلوب أحلام شرقية للكاتبة ايمان عبد الحفيظ *مميزة* ف 17* (الكاتـب : ايمان عبد الحفيظ - )           »          347 - الراقصة و الارستقراطي - عبير الجديدة - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : lola @ - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          1127 - الرجل الغامض - بيبر ادامس - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree70Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-11-19, 11:28 PM   #311

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس عشر


الفصل الخامس عشر

اقترابهما هذا و شعوره المتدفق بالعشق النابع من أعماق قلبه و جوارحه... كل ما يشعر به الآن و ما تملكه يده منها يدفعه بقوة لأن يتشبع بها و يُشبعها به ليسقطا معا في بحر لا قرارة له تغمرهما مياهه و تُنسيهما ما مرا به من ماضٍ... بحر عميق عمق خاص يحجب عنهما العالم الخارجي و يساعده على حفر اسمه بداخلها كما حُفرت هي بداخله من أبد الدهر...
انفاسها السريعة لا تزال تسري كسريان المخدر في اوصاله... كلماتها الخافتة التي اختنقت في تجويف عنقه تكمل صورة حُرم منها منذ زواجهما... ضاعت همسته الخافتة في طيات شعرها الناعم الذي دفن أنفه به يشتمه بنهمٍ كبيرٍ... ارتجافها المحسوس بين كفيه يرسل فيه رعشة تخص قربها منه و لكن للأسف مضطر أن يخرج مما يتمتع به الآن ليرى ما سر هذه الرجفة الغير مطمئنة... همس جوار اذنها بخفوت يقول:
(ما بكِ؟...)

زادت من تشبثها به بينما صوتها يهذي بكلمات سريعة مختنقة بسبب اخفائها لوجهها في عنقه... ربت فوق ظهرها برقةٍ و كأنه يهمس لعظامها همسا غير مسموع... رفعت وجهها قليلا عنه لتقول برعب ظاهر في صوتها:
(إنه هناك يا "معاذ"... جوار باب الحمام... كبير جدا )

عقد حاجبيه دون أن يفلتها من بين ذراعيه و غصبا اتجهت عيناه إلى باب الحمام و تزامنت مع صوته المستفهم:
(من هو؟!...)

تحركت داخل ذراعيه لتصل لجانبه بدلا من صدره ... متشبثة بقميصه بقوة تؤشر هناك بصوت خائف قائلة:
(صرصور يا "معاذ" كبير جدا... شكله مخيف و مقرف!)

نظر لها نظرة طويلة بينما هي تتمسك به بكل قوتها... لو تفهم فقط الآن أي شعور تبثه في جوارحه بهذا القرب!... أزاح ذراعا واحدا منها يقول بنبرة مطمئنة:
(لا تخافي لن يؤذيكِ... أنها مجرد صراصير حقل)

رفعت رأسها فجأة إليه لتتقابل الأعين في قرب الوجوه الشديد... و رغم كل خوفها الذي قرأه في عينيها الساحرة تمتع بهما... تمتع بنظرتها هذه التي لم ينلها من قبل... بتلألأ بنيتها بقوة لتنعكس بحرية داخل مقلتيه الرمادية... ابتلع ريقه بصعوبة قائلا:
(حسنا اتركيني كي أقتله...)

هزت رأسها برفض تقول:
(لا تتركني أرجوك... ربما كان من النوع الطائر و هجم عليّ...)

ابتسم غصبا من حديثها فأشاح بوجهه عنها كي لا تلمحه... قال بهدوء حازم بعض الشيء:
("ريهام" أنه مجرد حشرة يمكنكِ دهسها بقدمكِ... دعيني أقتله و نخلص من هذا القلق)

رفعت شفتيها تقول بقرف بينما تفلت يدها من قميصه:
(يا للقرف !!... هل ستدهسه بحذائك هذا؟!)

نظر لحذائه البيتي قائلا بتأكيد:
(نعم...)

ابتعدت من جانبه لتقف خلفه و كأنها تحتمي من وحش كبير ... قالت بصوت آمر:
(بعدما نتخلص منه اترك هذا الحذاء هنا لا تدخل به غرفتنا أبدا...)

أعطاها ظهره ليبتسم بسمة كبيرة قائلا بخفوت:
(حسنا كما تشائين...)

سمحت له بالتحرك بعدما تمسكت بكل قوتها في طرف قميصه الذي اجبرته أن يخرج حوافه من بنطاله قبل أن يقتل الصرصور... و بعد لحظات عاد للخلف يقول :
(أنتهى الأمر هيا أفلتي قميصي...)

نظرت للأسفل حيث طرف قميصه بيدها... لا تعرف من أين جاءت هذه المشاغبة لتقول بتصميم:
(لا لن أفعل... ألم تقل بنفسك أننا قرب الحقول و أن هذا صرصور حقل لذا ربما نجد غيره هنا أو هناك... غير هذا الفأر الذي لا أعرف هل تم اصطياده أم لا حتى الآن!!!)

هز رأسه بحركة عادية يقول بلا مبالاة:
(أنتِ حرة...)

زفرت بصوت عالٍ أمامه جعله يلتفت لينظر لها بدهشة... هل زادها عليها في غضبه منها؟!... كاد يلين لها و لكن لا ما حدث معها أذاه بشدة و أذى رجولته أيضا... متأكد من صدقها و أن هذا القذر كان يكذب و لكن عليه أن يعنفها ليصلح وضعهما سويا... لقد تذكر حينما خرج في ذاك اليوم الذي هجم عليها به هذا النذل إلى قسم الشرطة بعدما دلفت غرفته لتنام... لقد انقض عليه هناك ليكمل وصلة الضرب المبرح لولا تدخل الضابط حينها... و ما كان من "أسامة" سوى أن يعترف بكل شيء و يُبرئ "ريهام" بعدما تأكد من ثقة "معاذ" بها... لم يكفيه أن يتم وضعه في السجن لسنوات بل أوصل كل ما حدث لوالد خطيبته حتى تدخل ليفسخ خطبتهما و تم سحب كل ما أعطياه له يوما بعدما تأكدا من نيته في سرقتهما بعد أن ينال ابنته كزوجة!!... لا يعرف كيف لشخص رقيق كزوجته أن يقع مع وغد حقير كهذا الحيوان بل و تهيم به عشقا... لذا قرر أن يعيد تربيتها على طريقته ليعوض سنين عجاف من الصمود و هدر الكرامة معها... سيتألمان قليلا بعد لكنه متيقن أنه سيأخذها حيث حياة طبيعية هادئة سواء في كنفه أو بمفردها...

التفت يقول ببرود:
(لماذا تزفرين هكذا؟!...)

تركت قميصه لتتربع يدها حول صدرها تقول ببرود مشابه:
(هل ممنوع أن أفعل؟!...)

رفع حاجبه يقول بلهجة فاترة للغاية:
(لا... أخبرتكِ أنتِ حرة)

اشتد حنقها منه فتمسكت بطرق قميصه تجذبه بحدة قائلة بصوت محتقن بالغضب:
(لا تتعامل معي بهذه الطريقة ...)

نظر حيث قبضتها فوق قميصه بنظرة عادية دفعتها لأن تجذبه بقوة للخلف... اختل توازنها بعدما انزلقت قدمها فوق أرضية الحمام... شهقت بخوف و تراجعت للخلف تسحبه معها ... وضع ذراعه خلفها بسرعة بعدما تيقن من سقوطهما أرضا... و للأسف سيكون جسدها هو المتقبل الأول لصدمة الارتطام بالأرض الصلبة... تأوهت بصوت عالٍ حينما ارتطم ظهرها بحافة حوض الاستحمام بقوة... غير ثقل جسده الرابض فوقها بكليته... أغمضت عينيها بضعف تصدر أنين ألمها الجسدي... حاولت أن تعتدل لأكثر من مرة لتنهي هذا الحرج و قربه الشديد منها... حركتها الهوجاء كانت غير مدروسة فلم تعطي له فرصة الحديث و لم تسمع ما قال... استندت على حواف حوض الاستحمام لكنها لم تكن تعرف أنها تستند على صنبور المياه... فتحته مرة واحدة لتنسكب مياه الرشاش المائي المعلق داخل حوض الاستحمام عليهما معا... شهقت بقوة حينما صدمتها الماء على حين غفلة... اعتدل بصعوبة دون أن يفلت ذراعه من خلفها يحاول أن يجعلها تستقيم معه... الماء عمى عينيها فتحسست الطريق إليه ... وصلت لكتفيه تتشبث بهما بقوة و الماء ينهمر من جلبابها الذي التصق بها بشكل كبير... فتحت عينيها بعد فترة لتغطي الماء صفحة وجهها و تشوش الرؤية قليلا... لكن رغم التشوش تعتقد أن ما تراه حقيقيا تماما... "معاذ" ينظر لها نظرة طويلة ذكورية بحتة... ذراعه يحيط بها بتملك غريب... عيناه تلتهم وجهها المتطلع فيه بترقب... تابعت ميله ناحيتها و قد زاد توترها و حركة عينيها في كل مكان... انزلقت يدها من كتفه حتى صدره لتدفعه للخلف لكنها تجمدت هناك حينما سمعت نبض قلبه... كان قويا سريعا مرعبا و يخبرها بشيء واحد فقط... "معاذ" زوجها متأثرا بها!!
راقبت حركة وجهه القريب منها ثم تابعت غلق عينيه و كأنه يتحكم في نفسه بصعوبة... فتحهما لتطل منهما كل معاني العشق التي عرفها العشاق يوما... تحركت ذراعه الحرة لترتفع تحت انظارها و تهبط فوق جبهتها برفقٍ... تحركت أصابعه بحركة دائرية دون أن يحيد بعينيه عنها... رفرفت برموشها قائلة بتلعثم:
(ماذا ... تفعل؟!)

شعرت بسرعة تنفسه تزداد فقال بعدها بخفوت:
(هناك عجين فوق جبهتكِ...)

رفعت أصابعها لتتحسس جبهتها فتلاقت اصابعهما معا... تحسس نعومتهم ببطء و بعدها تمسك بهم تحت انظارها المصعوقة ... وضعها بجانبها قائلا بخفوت :
(لقد ازلته بالفعل ...)

اومأت له دون أن تترك عينيه... ما تشعر به الآن غريب جدا عن شعورها به من قبل!!... ما تشعره الآن مطابق لما شعرته معه حينما أصبح زوجها... ما جهلته عمدا و عندا كي تحيي ذكرى حبيبها السابق... حبيبها النذل الحقير الذي انفقت من عمرها عليه سنوات لا يستحقها...

ما هذا اليوم الطويل المليء ب "ريهام"؟!... ما هذه المواقف التي تجمعهما بقصد او بدون... ما هذه البراكين المتفجرة بداخله... لم يقوى على التحكم بعد و لم يعد يريد أن يتحكم بعد... زوجته و يحبها و عليها أن تعرف... كاد أن يصل لها ليطبع قبلة طال انتظارها و يعلن حقه بها... لكن صوت الدق فوق باب الحمام أفزع وحدتهما و جعلها تشهق في أحضانه بإجفال... لعن في سره هذا الثقيل الذي لم يمنحه فرصة البوح بحقه بها... نظر من طرف كتفه للخلف حيث الباب و قد صدح صوت "صباح" تقول بنزق:
(هذا الحمام مشغول يا "شريفة" تعالِ في الآخر...)

قالت "شريفة" بحشرية مستفزة:
(و من بالداخل؟!...)

جذبتها "صباح" بقوة تقول بقرف:
(ما دخلكِ أنتِ !!!.... و الله غريبة هل ستتحكمين بالناس في بيوتهم؟!!!)

بعدما اختفى صوتهما عاد برأسه لها... ليجدها مسبلة الأهداب بأيدٍ مرتعشة فوق صدره الهادر بعنف... بينما المياه تدفق بقوة عليها أكثر منه... مال بها للخلف مما جعلها تجفل لكنه تكلم بخفوت يقول:
(سأغلق الصنبور...)

بلعت كل ما تشعره الآن بصمت... و عقلها لا يتوان عن التفكير فيما يحدث بينهما... لقد كان ينوي تقبيلها هي ليست غبية ... كاد أن يفعلها لولا الباب!!!... غير قلبه سريع النبض اسفل كفها!!...
مال جسدها للخلف دون إرادة و بعدها اعتدلت مع اعتداله... تحرك بها للخلف بضع خطوات ثم اخرجها مضطرا من بين ذراعيه... نظر لها في صورتها المبتلة بالكامل و المرتعشة بضعف... جلبابها ملتصق بها بشكل كبير جعله يحيد عنها ليكبل وحوشه بداخله... نظر لنفسه ليجد ملابسه ليست في حال أفضل منها فقال بينما يتحرك في الحمام:
(لقد ابتللنا تماما...)

وصل ناحية الباب ليحمل هذا الجلباب الرجالي المعلق عليه و يعود به لها... وضعه فوق جلبابها ببطء قائلا:
(ارتدي هذا ستبردين...)

نظرت له بطرف عينيها تقول بخفوت خجل:
(و أنت؟!)

التفت يشغل تفكيره عنها فقال بنبرة متهدجة:
(لا تشغلي بالكِ بيّ...)

اتجه ناحية الباب يدق عليه بقوة و ينادي على "صباح" حتى ظهرت... فتحت لهما الباب و اتسعت عيناها من حالتهما... بعدما أوضح لها الموقف في كلمات مقتضبة أمرها أن تأخذ زوجته إلى الغرفة المخصصة لهما في الطابق الثاني كي لا يلمحها أحد في هيئتها هذه ...
راقب ذهابهما و بعدها عاد يغلق باب الحمام يسند رأسه عليه بضعف... زوجته كانت بين يديه دون شعور قاسٍ بكونه لصا يسرق منها لحظات جميلة عنوة... ابتلع ريقه يقول بتعب:
(هذا كثير يا مالكة القلب... لن اتحمل هذا لوقت أطول)

................................................

("ديكسي" أجلس هنا هيا يا بطل...)

واقفة في معطفها الطبي في حديقة العيادة الخاصة بالحيوانات التي تعمل بها... تحاول جاهدة السيطرة على هذا الكلب ليستمع لها و تطمئن عليه بعد اجراء عملية جراحية في ساقه... لكنه شقي بدرجة كبيرة و لا يستجيب سوى لمالكه فقط!... زفرت بتعب من عصيانه لها و راقبته يتحرك بسرعة خلفها ... عقدت حاجبيها الجميلان بدهشة ثم أسرعت خلفه كي لا يؤذي نفسه فلا يزال غير قادرا على الحركة... توقفت بأعين متسعة غير مصدقة أنها تراه أمامها... يقف بحلته الرسمية ممسكا بشطيرة كبيرة يقضم منها بتلذذ... نظر لها نظرة متفحصة عابثة ثم انحنى يطعم الكلب الشطيرة التي بيده... بعدها صدح صوته يقول للكلب بأمر:
(أجلس "ديكسي"...)

و تحت انظارها المصدومة جلس الكلب فورا ... عاد يتطلع لها بينما يعتدل في وقفته قائلا بخيلاء:
(أرأيتِ شطيرة لحم من عم "سالموني" جعلت الكلب يُطيع... )

ربعت يدها فوق صدرها تقول بحنق متذمر من سخريته على عملها:
(لماذا أنت هنا؟!...)

استند على الشجرة خلفه ينظر لها نظرة أخجلتها فقال:
(لأرى زوجتي...)

عقدت حاجبيها بتعجب تقول:
(لم تفعلها من قبل!... ما الجديد الذي دفعك لذلك؟!)

تقدم منها يسحبها فجأة من معطفها الطبي لتصطدم به شاهقة بخجل... مال على أذنها يهمس بسحره الخاص:
(الجديد أنكِ أصبحتِ ملكي أنا و يحق ليّ فعل ما أريد...)

امتدت يده داخل المعطف الطبي لتصل حتى خصرها ببسمة مشاغبة للغاية... احمرت خجلا و حاولت التملص منه بينما توبخه بحدة:
(أصبح حديثك جريء عن ذي قبل...)

ضحك بخفوت يقول بصدق تام:
( و سيصبح الفعل أيضا... فقط اصبري)

مال على وجهها ليطبع قبلة متأنية قرب فمها... شهقت بحرج من أن يراهما أي شخص في العيادة... سحبت نفسها منه بعد عدة محاولات لتقول بتوبيخ متلعثم:
("مصطفى" ماذا تفعل نحن في مكان عملي؟!)

اقترب منها يقول ببساطة:
(أعرف... )

رفعت كفها في وجهه تقول بتحذير خجل:
(ما دمت تعرف لا تسبب ليّ الحرج هنا...)

التقط طرف معطفها الطبي مجددا ليسحبها إليه عنوة قائلا:
(و أين الحرج الذي أسببه لكِ؟!... هل زيارتي لزوجتي حبيبتي غصن الزيتون و تشجيعها في العمل يُعد حرجا؟!!!)

ابتلعت ريقها و ذابت في نبرة صوته الآسرة... التمعت عيناها بقوة وهي تنظر في وجهه الوسيم لدرجة تفتت كل ذرة بها... ابتسمت بخجل تقول بخفوت :
(أحبك حينما تعبث و تتلبس وجه البراءة مثل ما يحدث الآن بالضبط...)

اتسعت بسمته بقوة ليهمس لها بكلمات زادت معها حمرة خديها... ضربته بخفة فوق صدره تقول بتأنيب:
(قولت تعبث لا تنحرف!!....)

ضحك عاليا بصخب منتشي بخجلها... عاد ينظر في فيروزتها الرائعة ليقول:
(و الله أنتِ لا تعرفين شيئا عن معاني الانحراف بداخلي!... )

هز رأسه بصورة مضحكة يقول:
(آه سندع كل ما في جعبتنا كمفاجأة لكِ ليلة زفافنا...)

ابتلعت ريقها بخجل ثم دفنت وجهها بين كفيها... ابتسم بحنان بالغ يقول:
(يا غصن الزيتون لا تُصدري مثل هذه الحركات و إلا و الله أقبّلكِ هنا دون السؤال عما سيعتقد الناس !!...)

رفعت كفيها بسرعة تنظر له بشك... تعرفه مجنون و يفعلها... همست بتحذير تقول:
(إياك أن تفعلها ...)

ابتسم بعبث ينظر لها نظرة غير مطمئنة... دس يده في جيب سترته ليخرج منها علبة مخملية كبيرة نوعا ما... فتحها تحت انظارها المتسعة ليظهر سلسال رقيق من الألماس ... اخرجه يرفعه أمام وجهها البديع و عيناها التي ترقرقت بالدموع تأثرا ليقول:
(كنت أمر على محلات الصاغة فوجدت هذا السلسال هناك... شعرت أنه صُنع خصيصا لكِ يا غصن الزيتون...)

اقترب منها ببطء ليحيط عنقها بذراعيه و يلف رأسه خلف رأسها ليُغلق قفل السلسال... بعدما انتهى و قبل أن يعود لوضعه الطبيعي همس بأنفاس ثقيلة في أذنها برقة...
(تبدين خلابة في معطفكِ الطبي يا غصن الزيتون...)

مال بفمه على رقبتها الظاهرة من معطفها ليطبع قبلة طويلة متمهلة للغاية هناك عند تجويفها... شعر بحركة حنجرتها المتحركة فتعمقت قبلته بدفء كبير... تشبثت هي بسترته مغمضة الأعين و مستمتعة بكل لحظة تعيشها معه ... مع زوجها الذي علمها ما هو الحب ذات يوم... أرجع رأسها بعيدا عنه لينظر في وجهها الجميل ببسمة راضية... فتحت عينيها لتطل فيروزتها عليه فتزيد من سعادته... لامس وجهها بطرف إصبعه يقول بصوت خافت:
(تُذيبيني فيكِ يا كل ما فيّ ... و يحول بين انصهاري بكِ و انصهاري لكِ هذا الضيّ في فيروزتكِ حبيبتي ... ينتشلني من روعة الشعور بالقرب منكِ ليقذفني في نعيم العيش بداخلكِ...)

سالت دمعاتها المتأثرة فوق وجنتيها لتهمس بخفوت يذيب كل ما به:
(يا ليتك تعلم قدر حبك في قلبي يا كل قلبي...)

استطالت على أطراف قدميها لتترك قبلة في رقة الورود الندية فوق لحيته على خده الأيسر... ثم عادت لطولها الطبيعي لتلامس ذقنه بقبلة ثانية وضعت بها كل الشكر و الحب الذي دفعها لتعيشه الآن دون طلب منها...
وضعت وجهها أرضا بخجل تهمس ببسمة سعيدة:
(هيا زوجي العزيز عليّ العودة للعمل...)


لا يزال متأثرا بقبلتها التي منحته شعور آخر من الروعة... همس بحشرجة خافتة:
(أرى ذلك أيضا لأنني في هذه اللحظة لا أضمن نفسي...)

ضحكت برقة و دلال تقول:
(تماسك فهناك المزيد بداخلي لك...)

تركته سريعا تسحب الكلب معها بعدما تحول وجهها لثمرة فراولة طازجة... شيعها بنظراته العاشقة و الطامعة في المزيد ... حك رأسه ببسمة بلهاء يقول:
(لا بأس بقى شهور قليلة و نكمل هذا الزواج... ستتحمل يا بطل و لن تضعف!)

عاد ينظر لمشيتها الناعمة بدلال كبير فقال بقلة صبر و بؤس:
(و ربما تضعف لا أعرف !!...)

وضع نظارته الشمسية بحنق و اتجه ناحية سيارته ... تبدد حنقه حينما لامس موضع قلبتيها الناعمتين... ابتسم بولهٍ و كأنه تلقى أكبر جائزة في حياته...

.......................................

وقفت في حديقة البيت تفرك كفيها بتوتر ... تنظر ناحية البوابة الحديدية منتظرة ظهوره في أي لحظة... لقد استمعت لنصيحة "رحمة" بعدما تيقنت أنها تميل إليه... لم تكن تتخيل يوما أن تفعلها و تضع الخطط و لكن هذا ما يدفعها قلبها الصغير لفعله... أن تحافظ على حقها به هو كل ما تريد!
فور سماعها صوت سيارته و رؤيتها تدخل البوابة... عادت جريا لتجلس فوق الأرجوحة الخشبية تنكب على كتبها و كأنها تذاكر... دلف هو للداخل بوجه مرهق من يوم طويل بدأ بعنادها و انتهى بقرار سفره حيث القرية الساحلية ليشرف بنفسه على سير العمل هناك... توقفت خطواته فجأة حينما لمحها هناك... توقفت كل أجهزته الحية و هو يراها بهذه الصورة !...

ترتدي قميصا حريريا يبرز معالم أنوثتها بقوة... تحته تنورة تصل لركبتها لتظهر ما أسفلها بسخاء كبير ... شعرها منسدل حول كتفيها يتطاير مع نسمات الهواء الباردة المسائية... بدت أمامه كمرأة كاملة تماما ... رفعت عينيها إليه لتهبه بسمة رائعة و كأنها تدعوه لدخول الجنة!...
تقدم منها بخطوات بطيئة يتفحصها جيدا... تبدو غريبة عما كانت عليه بالصباح ... تبدو حلوة بطريقة توقف عقله عن فهم مشاعره نحوها... همس لنفسه بدهشة :
(يبدو أن التغيرات الهرمونية تؤثر سلبا عليها... تارة تبكي و تارة تضحك!)

وقف قبالتها لتشع أمامه بجمالها النقي... ضيق عينيه قليلا ليلمح ملمع الشفاه فوق شفتيها الورديتين و الذي أعطاهما بريق صعب عليه وصفه من شدة روعته... بريق ينشب بداخله رغبة كبيرة في امتلاكهما... اتسعت عيناه برفض كبير فقبض على كفيه بقوة يكبل ما يتمنى بداخله... أغمض عينيه ينهر نفسه عن التفكير بهذه الطريقة:
(الفتاة في أمانتك ....)

صورته أمامها جعلت الخوف يدب في أوصالها... هل لهذه الدرجة هي بشعة في عينيه؟!... لدرجة أنه اغلقهما بقوة كي لا ينظر لها... شعور بالمهانة استوطن قلبها ليكسر كل خطوات الأمل التي نوت أن تسير عليها ... وقفت تجمع اغراضها بحدة جعلته ينتبه لها... عقد حاجبيه بعدم فهم فقال:
(إلى أين؟!...)

كبحت دموعها بقوة لتهمس له بصوت مرتعش:
(لقد انهيت دروسي... )

وضع يده في خصره ليراقب حركتها داخل هذه البلوزة التي تنهك روحه... قال بعد فترة قصيرة:
(كيف مر يومكِ ؟...)

تركت ما بيدها لتنظر له نظرة مسكينة... كأنها كانت تتلهف أن يسألها عن أي شيء و يريح قلبها أنها ليست عبء عليه... همست بصوت مهزوز تقول بخفوت منكسر:
(عادي... آسفة إذا كنت أشغل بالك بأمري...)

غصبا اقتنصت عيناه جسدها النحيل داخل هذه البلوزة الملعونة... ابتلع ريقه ليشيح عينه من عليها بحزم مع نفسه... همس لنفسه بصوت أجش
(أنتِ تشغلين كل ما بيّ يا صغيرة... )

لكنه قال بصوته الحازم و كأنه يوبخها رغم أنه لا يفعل بالفعل...
(حينما تكونين عنيدة متحجرة الرأس يحق ليّ القلق... )

شعرت بأن هناك دلو ماء بارد انسكب عليها في ليل شتوي قارس البرودة... ارتعشت بضعف أمامه لكنها تسلحت بالعند لتحمي كبريائها من الضياع... مالت أمامه لتزيد من تشتت فكره عنها ...حملت كتبها بين ذراعيها و رفعت ذقنها عاليا تقول ببرود:
(ما دمت أتعبك هكذا أتركني أعود و أرح رأسك من القلق...)

تركته و تحركت للأمام لتسحب نفسا عميقا تكتم معه كسر خاطرها هذا... أغمض عينيه يسحب أكبر قدر كافٍ من رائحتها الناعمة لتحتل روحه ... شعر أنه أحزنها و أنها ذاهبة بقلب مكسور فقال بخفوت هادئ:
(سأسافر في الغد ...)

توقفت تماما في مكانها ... تستوعب ما يقول... هل سيسافر و يتركها؟!... ما هذا الشعور بالخواء الذي يعتريها... كأنها طفل صغير وضعته أمه في منتصف الطريق و رحلت بعيدا... التفتت ببطء له لتنظر لهيئته الوسيمة باستنكار قالت دون أن تتقدم منه...
(تسافر !!!...)

تحرك للأمام حتى وقف قبالتها يتشبع من وجهها الجميل و حلاوة روحها... قال بنفس الهدوء :
(لدي عمل في مدينة ساحلية و عليّ إنهائه ...)

ابتلعت ريقها بصعوبة تقول بتبه:
(عمل!... )

اومأ لها ببطء يراقب هذا اليأس المرتسم في حنايا وجهها... هل الصغيرة اعتادت عليه لدرجة أنها ستشعر بالغربة بمفردها؟!... أكمل بهدوء يقول:
(نعم ... لذا لا أريد الذهاب و أنتِ حزينة هكذا)

رفعت عينيها إليه لتسحره برونقها المختلط بدموع حبيسة داخلها... قالت بخفوت مهزوز:
(متى ستعود؟!...)

وضع كفيه في جيبي بنطاله يقول بصوت عادي:
(ربما بعد شهر...)

اتسعت عيناها لتبلع روحه في اتساعهما الكبير...صدر صوتها المصدوم تقول :
(شهر!!!... ثلاثون يوما!!)

خرج من هالتها المسيطرة عليه عنوة ليقول بمؤازرة لحالتها أمامه...
(ربما... و ربما أعود قبل شهر)

كسى الحزن وجهها فمالت به أرضا لتختبئ عن عينيه الثاقبة لها.... شعر بها و هو أيضا يشعر مثلها بكونه سيفارق فرد تعلق به و اعتاد عليه لفترة طويلة كالتي كُتب عليه السفر فيها... قال ببعض المرح ليزيل هذه الاجواء الملونة باليأس:
(اسمعي يا صغيرة سأسافر و أريد أن أترك خلفي فتاة مطيعة تهتم بدروسها و تسمع الكلام... لا للعند أو تحجر الرأس حتى أعود)

رفعت عينيها إليه تقول بصوت لامس قلبه :
(امتحاناتي بعد حوالي شهر و نصف... هل ستتركني بمفردي؟!)

لا تعرف كيف لها أن تتعلق بوجوده هكذا و بهذه السرعة... لكنها حقا تشعر الآن و كأن روحها تنغرس في شوك غليظ و تُسحب ببطء موجع... لا تريده أن يبتعد و لا تعرف ما عليها فعله...
لامس الحزن و الخوف في نبرتها فتأكد أنها تريد مؤازرته في فترة امتحاناتها المصيرية... قال بصوت أجش يعدها بكل روحه:
(سآتي لأكون معكِ ... سأحاول جاهدا أن أنهي عملي قبل أن يُقبل رمضان اتفقنا؟)

قضمت شفتيها لتتحكم في ارتعاشها ثم اندفعت بكل روحها الهائجة لتقول بصوت بدا خافتا متألما:
(هل ستكون معك؟!)

عقد حاجبيه بعدم فهم قائلا:
(من؟!)

سحبت نفسا كبيرا لتقول بأحرف خاوية من كل شيء سوى الإهانة:
("سارة"...)

تراخت عضلات وجهه بصورة تدريجية... أخرج كفيه من جيبي بنطاله ببطء... نظر لها طويلا ليقول بتروٍ:
(من أين عرفتي هذا الاسم؟!)

شعرت بالخطر قادم رغم ليونة ملامحه فقالت بتلعثم:
(لا يهم... تصبح على خير)

قبل أن تتحرك من أمامه مد كفه ليتمسك بذراعها كما فعل في الصباح... قربها منه يقول بأعين ضيقة مستفهمة:
(من أخبركِ عنها يا "رُبى"؟!)

ابتلعت ريقها تتذكر ما عاشته من ألم حينما قابلتها... اسبلت أهدابها بحزن تقول بصوت خافت:
(حقا لا يهم... يكفي أنني عرفت أنها خطيبتك)

تراخت أصابعه عن ذراعها ببعض الصدمة... "رُبى" عرفت معلومة كهذه من أين؟!.... تذكر مصارحة "سارة" له بأنها عرفت عن الصغيرة... تأكد الآن فقط أنها من اخبرتها بعلاقتهما معا... زفر ببطء كي لا ينفعل في وجهها الحزين فقال بخفوت مختنق من شدة الغضب:
(أنتِ تفهمين الموضوع بشكل خطأ...)

اسرعت تقول بهمس مهزوز:
(لا .. لقد عرفت كم كنت حملا ثقيلاً عليكما)

اغمض عينيه بغضب فقال بصوت حازم:
(أنتِ لستِ حملا ثقيلاً...)

أكمل يقول ببطء قبل أن يفلت منه زمام الأمر:
(دعينا نتناقش في هذا الأمر حينما أعود من السفر... و الآن عليكِ النوم )

تحركت عيناها على وجهه تحفظ ملامحه داخلها بحزن... لم ينكر علاقته ب "سارة" و هذا جعلها تتراجع عن كل ما نوت أن تفعله للحفاظ عليه... همست بصوت خافت :
(سفرا سالما... تصبح على خير)


راقب تحركها إلى البيت حتى دخلته... رفع كفه فوق وجهه يمسح عليه بحدة كبيرة... تغير الصغيرة نابع من "سارة"... و ها قد عرف سبب عنادها و طلبها العودة لبيت والدها!... همس بغضب مشتعل و وعيد خفي:
("سارة"... أخبرتكِ أن تتركيها في حالها)

ركل الأرجوحة الخشبية بقوة أصدرت صوتا عاليا في هدوء الليل... جلس عليها بإنهاك و عيناه ارتفعت حيث شرفة غرفته التي تتواجد بها الصغيرة... هل يصعد لها و يشرح الأمر؟... لكن ماذا يقول لها و هو نفسه لم يحدد بعد شكل علاقته ب "سارة"... رق صوته و كأنه يكلمها عبر النافذة ليقول:
(فقط انتظري عودتي و بعدها سيتضح كل شيء لكلينا.. )

............................................

دلفت شقتها المتواضعة حاملة العديد من الأكياس و على وجهها علامات الارهاق... اغلقت الباب و تقدمت لتضع ما بيدها فوق طاولة الطعام في منتصف الصالة... نظرت بتأفف إلى كل ركن في شقتها بعدما وجدت الفوضى تعم المكان بقرف... هناك قطع ملابسه و هنا زجاجات من المشروب جوار طبق به تبغ و سجائر محترقة... زفرت باشمئزاز تقول:
(ليت الله يستجيب منيّ و تموت ميتة تشبه ميتة والدك و ارتاح منك ايها الحثالة...)

نزعت حذائها تلقيه بإهمال جوار الطاولة ... فأي نظام ستراعيه وسط هذه القاذورات؟!... وقفت أمام صورة صغيرة لوالدها موضوعة فوق طاولة جانبية ... حملتها بأصابع متشنجة تنظر إليها بقرف قائلة:
(عشت تائها و مت تائها و بين عيشك و موتك دمرتني معك... و فوق كل هذا ابتليتني بولد فاسد مثلك تماما...)

القت الصورة بكل قوتها ارضا لينكسر زجاجها و يتناثر... دهست عليه بقدمها تمر برأس مرتفع و كأنها تخلص الكبت بداخلها في مثل هذا الثأر الصغير... غامت عيناها بذكريات تلوح بين مقلتيها... تُعاد كل يوم لتذكرها أي حياة مزرية عاشت في كنف من لا يستحق أن يُطلق عليه أب!...
والدتها تلك السيدة طيبة الشخصية و التي حاربت لترأب صدع علاقتها مع زوج ثمل طوال الوقت ... لم تضع ضربه لها و ذله الدائم في الحسبان ... كل همها كان أن تجد بيتا يأويها مع طفلتها... و بعد سنوات من العذاب و هي في عمر الخامسة عشر دخل عليهما والدها البيت بيده مرأة بدت من طريقة حديثها و نوع ثيابها خليعة ... ليعلن أنه تزوجها من سنوات و لديهم طفل في عمر التاسعة!... و طوعا للأمر الواقع وافقت والدتها بنفس مكسورة على أن تضمهم هذه الشقة جميعهم... تناست أنوثتها المهدورة و صراخ روحها لتعيش فقط... كل ما طلبته ذات يوم أن تعيش في كنف زوج أيًا كانت خصاله!!... و بعد ثلاث سنوات اصيبت بمرض خطير بسبب تعدد علاقات زوجها مع النساء لتسقط صريعة معلنة تخليها عن ابنتها و تركها في عمر مراهق وسط حثالة البشر... حاولت بكل قوتها أن تأخذ حقها عنوة من أي شخص... فوقفت في وجه والدها و زوجته و كانت ندا قويا ... قسوته زرعت بداخلها نطفة صغيرة سوداء من حب النفس... من أجل نفسها مستعدة لتبيع أي شخص ... فقط لتعلو و تصل رأسها لطبقة اجتماعية غير طبقتها المقرفة هذه... لتتنفس و تنفض كل هذه القذارة عنها... و مرت سنتان ليسقط والدها صريعا بسبب تناوله المخدر بكمية كبيرة في شقة مشبوهة... بعدها هربت زوجته الثانية تبحث عن فرصة مع اي رجل قبل ان يهرب شبابها و تنعي حظها العسر الذي اوقعها مع والدها... رحلت دون أن تهتم بابنها إذا كان ابنها من الاساس !... تركته معها لتعيد نفس الحياة البائسة مع شاب مدمن و فاشل في كل شيء... لكن هي ليست تلك ال "سارة" القديمة لقد نحتت الصخر لتكبر و تعلو ... و رغم كل ما عاشته تفوقت في جامعتها لتُتاح لها فرصة العمل في أكبر شركات الاسكان والتعمير... و هناك قابلته لتتلبس صورة مختلفة تماما عن صورتها الحقيقية... و تسيطر ببطء عليه حتى اعتقد أنها من سعى يوما ليتزوجها... كل ما تريده حياة أفضل بين أناس حقيقين و ليسوا حثالة كمن كانت بينهم...

فاقت من ذكرياتها لتبتسم بفخر منتشي كلما تذكرت كيف عرّفت صلتها به لزوجته المزعومة... هذه المراهقة التافهة كانت لها مصدر خوف و لكن بعدما قابلتها تأكدت بأنها ستصل لوجهتها دون عناء ... ستصبح زوجته يوما ما و تعيش الحياة التي تستحق... لا يهم من سيتضرر من قرارها و لا يهم من سيستفيد يكفي أن تكون هي فقط مستفادة!...

سمعت رنين هاتفها فاتجهت إليه لتجد اسمه عليه... ابتسمت بتملك لتفتح الخط تقول بنعومة:
(مساء الخير حبيبي ... لقد حضّرت كل شيء تقريبا للسفر...)

اوقفها "أحمد" بصوته الحاد و الحازم يقول:
(أنتِ ستبقين هنا يا "سارة" ... لن تسافري معي)

توحشت نظرة عينيها بقوة و لكنها حافظت على هدوء صوتها تقول بدهشة:
(ماذا حدث؟!... كنت موافق على سفري معك قبل ساعات فقط... )

زفر بقوة سمعتها هي لتحتد نظرتها بخطر... أصبح قليل الصبر جدا عما كان قبل دخول هذه المراهقة التافهة في حياته... قال بعد فترة بصوت مصمم:
(لقد غيرت رأيّ هل ستحاسبينني؟!... كما أن الشركة ستحتاجكِ في هذه الفترة)

تكورت يدها بحدة لتقول بصوت مشتعل:
(ألم توافق أن تأخذني معك... دعنا نستمتع هناك و نبتعد عن صخب الحياة هنا...)

قال بصوت جامد ليثنيها عن تشبثها به:
(لقد وافقت بعدما طلبتي أنتِ بطريقة مستميتة المجيء معي!!!)

هدأ صوتها لتقول بنبرة بكاء كاذبة:
(أ لأنني اردت التمتع مع خطيبي بعيدا عن زحمة العمل تهينني بهذه الطريقة؟!)

تناسى صوت بكائها ليقول بحزم:
(أنا لست خطيبكِ يا "سارة"... لست كذلك )

اتسعت عيناها بصدمة فقالت بنبرة امتلكها الهوس:
(لكنك ستصبح ... أنت و أنا قصة نهايتها الزواج يا "أحمد"... لن أتخلى عنك بعد سنوات طوال من صبري معك و ذاك الأمل الذي وعدتني به دوما)

اغمض عينيه يفكر في طريقة ينهي بها هذا الجدل الدائم دون أن يؤذي مشاعرها... قال بهدوء مقتضب:
(لا أحد يعرف ماذا يخبئ لنا القدر... عموما بعد عودتي من المدينة الساحلية سنحدد كل شيء ...)

هزت رأسها بأعين مشتعلة لتقول بهمس مخيف:
(حسنا يا "أحمد" حسنا... لكني لن أتهاون عن حقي بك أبدا ..)

أغلق الخط معها ليلقي رأسه فوق الارجوحة بعقل مشوش... "سارة" هذه المعضلة التي اكتشف مؤخرا مدى صعوبتها ... و كأنه كان يسير بلا هدى و فجأة اكتشف أن عيناه معصوبة بقماشة سوداء تحجب عنه الرؤية... لتصبح هي "سارة"!!

همس بتعب بينما يغلق عينيه بإنهاك:
(ماذا عليّ أن أفعل؟!...)

نظر بنصف عين حيث نافذتها المغلقة ليقول بصوت خافت مرهق:
(و ما هو شعوري نحوكِ يا صغيرة؟!!... أخشى أن أؤذيكِ بطريقة ما!!!)

.......................................

لقد تبخرت كل المشاعر العجيبة و التي داعبت روحها معه قبل ساعة واحدة في مهب الريح... و السبب هو هذه السمجة ثقيلة الدم "شريفة"... منذ جاءت و هي ملتصقة به كالغراء و لا تتركه أبدا... تارة تحكي له عن حياتها اليومية و تارة تشكو من طلبات زوجها التي لا تنتهي... و هي تجلس جوار "صباح" تتفتت من الغيظ الذي لا تعرف مصدره!... لكنها مغتاظة بطريقة تحرقها بنيران مجهولة المصدر... أو ربما عُرف مصدرها و تأكدت منه منذ جاءت هنا!!!...

زفرت بحدة مسموعة جعلتهم جميعا يلتفون إليها... رمقت "شريفة" بنظرة غاضبة فتقبلتها الأخرى بسماجة مبتسمة تقول بدلال زائد:
(يبدو أن ابلة "ريهام" يزعجها شيئاً!!...)

نظر "معاذ" تجاهها بنصف عين غير قادرا على رؤيتها كاملة... منذ كانا معا قبل قليل و هو غير قادر على ضبط مشاعره نحوها... كله يريدها بشدة... يموت شوقا ليذهب لها الآن يجذبها من ذراعها و يقول بصوت عالٍ «أنا أحبكِ... لطالما أحببتكِ».... لكن هذه الثرثارة جواره لا تتركهم و شأنهم و يبدو ستبيت معهم الليلة!!...

تحدثت "صباح" ببرود تقول:
(يبدو أن ثقل دمكِ أتعب الأبلة "ريهام" ...)

عوجت شفتيها بامتعاض تقول:
(سامحكِ الله يا "صباح"... لن أجب عليكِ احتراما لفارق العمر بيننا)

رفعت "صباح" إصبعها فوق جبهتها لتحركه باستنكار متزامن من شهقة صوتها الحانق تقول:
(و لماذا تحترمي فارق العمر يا عيون "صباح" ؟... تعالِ حبيبتي و أريني كيف سيكون ردكِ أم نسيتِ طعم خفي الخاص حينما كان يحتضن جسدكِ قبل الزواج)

تحرجت "شريفة" مما يُقال أمام "معاذ" فقالت بضيق تغتر بنفسها:
(هذا كان زمان يا "صباح" أما الآن زوجي يحملني على كفوف الراحة... )


عوجت "صباح" شفتيها و حركتهما يمينا و يسارا تقول بقرف:
(زوج الندامة ... هذا الثور الهائج يعرف الدلال!!!)

مالت بجسدها تجاه "معاذ" الذي لم يكن هنا في الأساس... كل فكره منصب عليها على مالكة القلب و العقل و الروح... قالت "شريفة" بدلال زائد :
(يعرف كل أنواع الدلال... أنه لا يتركني للحظة واحدة بمفردي)

ضحكت "صباح" بسخرية تقول:
(واضح جدا ... و الدليل مكوثكِ في بيت الحاج "سمير" طوال اليوم)

احتقن وجهها بحرج فحادت عيناها على "ريهام" لتجدها تنظر لزوجها دون أن تحيد عنه... عادت تنظر ل "معاذ" الشارد عنهم جميعا... ابتسمت بخبث تقول:
(أحكي ليّ يا أبلة "ريهام" كيف يدللكِ "معاذ"؟!)

اتسعت عينا "ريهام" بشدة و طغى الحرج عليها... شهقت "صباح" بعدما ضربت فوق صدرها باستنكار... بينما عقد "معاذ" حاجبيه بعدم فهم في بادئ الأمر و لكنه بعدما عاد من شروده فهم ما حدث و قد بلغ غضبه الذروة... و قبل أن يتحدث أيًا منهم دخلت الحاجة "نعمة" عليهم تقول بلهجة توبيخ:
("شريفة" مثل هذا الحديث لا يتداول في بيت الحاج "سمير"... ما يحدث بين الرجل و زوجته يخصهما هما فقط لا يصح لأحد آخر أن يعرفه... و إذا لم تكن والدتكِ تعلمكِ أصول الحديث و كيف تضبطين من نفسكِ في وجود رجال غرباء معكِ سأعلمكِ أنا...)

ابتلعت ريقها بحرج تقول :
(يا خالتي لم أقصد هذا بل...)

قاطعتها "نعمة" بحزم تقول:
(لا يهمني ما تقصدين لقد ارتكبتِ خطأ و أنا أصححه لكِ... كما أن مكوثكِ في بيوت الناس دون عمل أو نفع لا يليق بمرأة متزوجة... بيتكِ و أولادكِ أولى بهذا الوقت من يومكِ)



هبت واقفة ترمي وشاح رأسها فوقها و تجمع جلبابها تلقيه عليها بإهمال... مالت تحمل توأمها لتتحرك بغضب قائلة :
(لا تؤاخذيني خالتي ... كنت ارحب بضيوفكِ الذين لا يأتون باستمرار...)

اتجهت "نعمة" إلى "ريهام" تقول بتأكيد:
(زوجة ابني و ابنة عمته ليست ضيفة يا "شريفة"... هي صاحبة بيت و أم حفيدتي )

حانت منها نظرة مقصودة لابنها لتقول بيقين:
(و احفادي القادمين بإذن الله...)

انتفخت اوداج "شريفة" بحرج بالغ لتغمغم بينما تتجه للخارج:
(طبعا طبعا خالتي... تصبحون على خير)

وقفت "صباح" تقول بتأفف:
(الحمد لله ارتحنا منها... أين كنتِ من قبل يا حاجة "نعمة" لقدد خرقت رأسي بثرثرتها التي لا تنتهي ... غير قلة حيائها في الكلام!)

هزت "نعمة" رأسها بلا اهتمام فقالت بعدها بنبرة مستفهمة...
(هل انتهى ما طلبته منكِ؟!...)

ابتسمت بخجل ترفع طرف غطاء رأسها تغطي به فمها تقول:
(كله كما تريدين يا حاجة...)

تنهدت الحاجة براحة ثم راقبت ذهاب ابنها من الصالة حيث غرفته في الطابق الارضي... ابتسمت برضا عما تنوي فعله فجذبت "ريهام" من يدها لتستقيم الأخرى معها دون عبء... مسحت "نعمة" فوق وجهها المليح تقول بحب:
(حفظكِ الله من شرور الناس و سوء نيتهم بنيتي... و قر عينيكِ بحب زوجكِ و أسكنكِ قلبه و أسكنه قلبكِ... )

دون أن تدري ابتسمت بسمة خجولة و رغبة في البكاء تهددها... قالت بخفوت:
(يا له من دعاء جميل!!... اللهم آمين يا زوجة خالي)

ربتت الحاجة فوق وجهها ببسمة حنونة ثم التفتت تومئ ل "صباح" بأن تبدأ ما اتفقتا عليه... تنحنحت "صباح" لترفع الاريكة الخشبية و تحمل أكياس من داخل السحارة بها تقول:
(لو تسمحين يا استاذة "ريهام" أن تقيسي هذه القمصان ... لقد اشتريتها لابنتي لقرب زفافها ولم تحن الفرصة لأن تقيسهم و السيدة التي تبيعهم ستأتي في الغد و ستأخذ ما لا نريده... و أنتِ في جسد ابنتي تماما فلو تكرمتي و ساعدتني سأكون شاكرة)

عقدت "ريهام" حاجبيها بتعجب تقول:
(لكن من حق ابنتكِ أن تختار ما تريد... ثم أين سأقيس مثل هذه القمصان؟!)

ابتسمت "صباح" بسمة عريضة تقول بفخر:
(ابنتي تثق في ذوقي... و بالنسبة للمكان اصعدي لغرفتكِ في الطابق الثاني و لن يدخل عليكِ أحد...)

نظرت لزوجة خالها تطلب رأيها فأومأت لها الأخيرة بتشجيع... حملت الاكياس و صعدت تحت انظار المرأتين... تحدثت "صباح" بخفوت تقول:
(هل أنادي لابنكِ الآن يا حاجة؟!)

هزت الحاجة رأسها تقول :
(لا انتظري قليلاً...)

ضحكت بخجل تقول:
(سأنتظر... أراح الله قلبيهما)

.............................................

بعد قليل....
سمع دق فوق باب الغرفة فتأكد أنها ليست هي... تقدم منه يفتحه لتطل منه "صباح" تقول بوجه مضطرب:
(هل زوجتك معك بالداخل؟!)

عقد حاجبيه بعدم فهم قائلا:
(لا ... ألم اتركها معكما بالخارج؟!)

شهقت "صباح" تقول بخوف مبالغ:
( لا نجدها من فترة...ربما تضايقت من كلام المقروصة "شريفة" و حبست نفسها هنا أو هناك...)


توترت ملامح وجهه فخرج سريعا من الغرفة يبحث معهما عنها في محيط الطابق الارضي... تحدثت والدته بتعب تقول:
(اصعد بني للطابق الثاني ربما هي فوق...)

وقف يلهث بخوف عليها فقال بقلق:
(هي لا تصعد للأعلى بمفردها...)

نظرت الحاجة ل "صباح" تسألها العون فهزت الاخرى رأسها بلا اعرف... قالت الحاجة بصوت خافت:
(يا بني لا تتعبني و اصعد ابحث عنها ... أم أصعد أنا بقلبي المريض؟!!)

امسكها من كفها يعيدها للكرسي ثانيةً قائلا:
(سأصعد يا أمي... ابقي هنا)


صعد درجات السلم و بداخله يقين أنها ليست فوق... لكنه توقف على صوت والدته تقول:
(ابنتك معي بني لا تشغل بالك...)

ضيق عينيه بعدم فهم لكنه اومأ لها ليكمل الصعود...
و ها هو كما اعتقد كل الغرف في الطابق الثاني فارغة... نظر تجاه غرفتهما التي من المفترض أن يتواجدا بها معا... هل يُعقل أنها بالداخل؟!... زفر و القلق يزداد بداخله ... ربما تضايقت من حديث السمجة... فتح الباب فجأة و بتأكيد أنها ليست هنا... لكنه تسمر لتتسع عيناه بصدمة كبيرة و بعدها يطوف الشوق فيهما بكل ألوانه....
واقفة أمامه بهذا القميص الحريري القصير ... انوثتها تتبلور داخله بكل روعة... ترى نفسها في المرآة بنظرة تقييمية... قلبه سيتوقف من شدة النبض و عقله يُخلد هذه اللحظة التاريخية بينهما... يبدو أنها لم تشعر به بعد... و ها هي تلتف ببطء حتى تسمرت هي أيضا... تطالعه بدهشة مختلطة بخجل يشعل نيرانه... رمشت بعينيها عدة مرات لتقول بخفوت حرج:
(ماذا تفعل هنا؟!)

تحرك دون أن يشعر بنفسه ليتقدم منها قائلا بخفوت:
(ابحث عنكِ...)

عقدت حاجبيها بعدم فهم و بعدها قالت بخوف:
(هل "روفان" بخير؟!)

اومأ لها دون كلام و عينه لا تتركها... تحرجت من نظراته فوضعت يدها بتلقائية فوق ذراعيها و كأنها تحميها منه... حركتها هذه افاقته بصفعة قاسية و أخبرته بأن يتراجع ليلملم بقايا رجولته... التفت يوليها ظهره قائلا:
(اعتذر لدخولي المفاجئ...)


كاد أن يبتعد و لكنه توقف فجأة حينما شعر بملمس كفها الرقيق فوق كفه الذي تصلب من لمستها... انخفضت نظرته حيث كفها المتمسك به بقوة ليلتفت إليها بتعجب... وجدها تنظر له بأعين دامعة تقول بخفوت مسكين:
(ألا تزال تشك بيّ؟!...)

اتسعت عيناه بصورة طفيفة من تفكيرها و اعتقادها بأنه يشك بها... يعرف صعوبة ما حدث عليها قبله لكن لم يكن يتخيل بأنها ستظل معلقة في خانة الخائنة !!... تكلم بهدوء يكبح رغبته في ضمها إليه...
(أنا لا أشك بكِ يا ابنة عمتي... أنا واثق بكِ)

ارتعشت شفتاها براحة و قد زفرت نفسا مختلط بأنين الحرية... لقد مر الوقت بعد ما حدث في شقتهما و هي سجينة فكرة واحدة أنه لا يزال يشك بها... همست بدموع ترقرقت بكثرة في عينيها تقول:
(إذًا لماذا تعاملني بجفاء طيلة الوقت؟!)

اصابعه تحترق ليرفعها إليها و يمسح دموعها لكنه يكبل نفسه لتتعلم من خطأها بنفسها... قال بهدوء:
(لأن الخطأ هذه المرة كان قاسيا عليّ يا ابنة عمتي... كان قاصما لرجولتي و كبريائي الذي دُهس ألف مرة تحت قدميكِ...)

زاد ارتعاش شفتاها بقوة فمالت رأسها بصورة موجعة تقول:
(كنت تائهة طول الوقت يا "معاذ"... كنت مغيبة تعيش على فتات اول قصة حب طرأت قلبها... كنت ضعيفة احتاج للحنان للاهتمام الذي فقدته في بيت والدي... كنت بحاحة لمن يُسمعني كلام مثل ما اسمعه ليّ هو... كنت بحاجة جدا لهذا)



أغمض عينيه و الغضب يشتعل به... ذكر اسم هذا الكلب بينهما يفتته من الداخل... اكملت هي بصوت باكٍ...
(كنت جاهلة طوال عمري ... جهلت مشاعري الحقيقية يا "معاذ"...)

تقدم منها يقول بعدم فهم:
(يعني؟!!...)

رفعت بنيتها الساحرة له لتقول بصوت خافت مرتعش:
(جهلت تصنيفكِ في حياتي من البداية... اعتقدت أنك ابن خالي و أخي ... كنت كارهة أن يزوجك ليّ غصبا عنك دون رغبتك... و كنت عالقة في ذكراه هو حبيسة لكل ما عشته معه... لكن حينما تزوجنا و اصبحت زوجتك بالفعل شعرت بشيء غريب شيء طالت فترة تحليله في عقلي... و هذه الأيام فقط وصلت لتعريفه)

اعصار هادر ضرب قلبه و جعله ينبض بعنف... هل ما تلمح له هو الحقيقة أم أن تواجده معها الآن دون خوفها أو رفضها له... و صورتها الباكية هذه هي ما تخيل له ما يريد؟!... قال بهمس متوسل:
(ماذا تقصدين؟!...)

أسبلت اهدابها للأسفل تقول بخفوت خجل:
(بعد ذاك الشهر الذي عشته معك كزوجة شعرت بالاكتمال ... و كأنني كنت ابحث عن نصفي الآخر الذي كان قريبا طوال الوقت... هذا الشعور جعلني افهم لماذا كنت أنت دائما الأول في حياتي لماذا كنت ارتاح معك لماذا كنت اركن إليك لماذا أوجعني قلبي حينما خرجت من تلك الشقة قبل اربع سنوات بأنف نازف... لماذا يرتعش قلبي كلما رأيتك... لماذا أموت غيظا كلما جلست مع مرأة أخرى)

سحب نفسًا كبيرًا جدا يهدأ سيل الحمم التي تفجرت به... قال برجاء خافت:
(هل تقصدين...)

قاطعته حينما رفعت عينيها حبيبتيه إليه تقول ببكاء نادم على كل ما فات من عمرهما:
(أنا احبك يا "معاذ"... ليس الآن و ليس بعد ما حدث مؤخرا من هذا النذل ... بل من سنوات طوال جدا...)

يا الله يا الله يا الله... لو مات الآن سيموت بعدما امتلك الدنيا وما بها!... "ريهام" مالكة القلب قالتها!!!!... قالتها حتى قبل أن يقولها هو!... يحلم بالتأكيد يحلم أليس كذلك؟!... ابتلع ريقه يتفحص وجهها المليح بكل روحه... تبدو جميلة جدا و هو قتيل في جمالها... خرج من عواصفه و مشاعره المتأججة على صوتها الباكي بقوة تقول:
(أعرف أنك مجبرا عليّ... أعرف أنني آذيتك ألف مرة و كسرت كرامتك... أعرف أنك لا تحبني و لكنني لا استطيع ألا أحبك... أنا أحبك يا "معاذ" اقسم لك أحبك منذ زمن طويل...)

انتفض جسدها بين ذراعيه لتقول بتوسل اوجعه عليها:
(هل تقبلني و تقبل حبي لك؟!...)

صدر صوته بعذاب عمره الماضي كله... تنهد بقوة ليقول بصوت غير مصدق ما يعيشه:
(آآآآه ... يا مالكة القلب أتسألينني عن حبي لكِ؟!... أ تترجين قربكِ منيّ؟!... أتقولين برضاكِ أنكِ تحبينني؟!... ألا تشعرين بيّ من قبل؟!... هل أخفق قلبي بأن يتصل بقلبكِ ليقتصر علينا كل هذا الوقت؟!!!)

اتسعت عيناها لتسيل دموعها تقول بعدم فهم:
(لا افهم ... هل تحبني ؟!)


وقف قبالتها يسمح ليده أن تتجول بحرية عليها لأول مرة... أغمض عينيه يستمتع بقربها و بما يحدث ... همس بأنين مرهق من رحلة طالت به...

أحبكِ جدًا...
و أعرف أن الطريق الى المستحيل طويلُ...
و أعرف أنكِ ست النساء و ليس لدي بديلُ...
و أعرف أن زمان الحنين أنتهى...
و مات الكلام الجميلُ..
فماذا أقول؟!...
أحبكِ جدًا...
و أعرف أني اعيش بمنفى...
و أنتِ بمنفى...
و بيني و بينكِ...
ريحٌ... و غيمٌ...و برقٌ...و رعدٌ...و ثلجٌ...و نارٌ...
و أعرف أن الوصول إلى عينيكِ وهمٌ...
و أعرف أن الوصول إلى شفتيكِ انتحارٌ...

علا صوت بكائها و هي تتلقى منه هذا الدلال الذي حرّمته يوما... و هي تستمع لكلام روحه التي عذبتها يوما... و هي تهيم بين أودية العشق التي تمنتها يوما...

و يسعدني أن أمزق نفسي لأجلكِ أيتها الغالية...
و لو خيروني لكررت حبكِ للمرة الثانية...
آيا من غزلت قميصكِ من ورقات الشجر...
آيا من حميتكِ بالصبر من قطرات المطر...
أحبكِ جدًا...
و أعرف أني أسافر في بحر عينيكِ دون يقينُ...
و أترك عقلي ورائي ...
و أركض خلف جنوني...
آيا امرأةً...
تُمسك العمر بين يديها...
سألتُكِ بالله لا تتركيني...


مالت تدفن وجهها الباكي في كتفه بضعف و حزن عما فرطت به يدها ذات يوم... تشبثت بقميصه بقوة جعلته يغمض عينيه على شعور جميل... زوجته بين يديه و انتهى المستحيل...

فماذا أكون أنا؟!...
إذا لم تكوني!...
أحبكِ جداً و جداً و جداً....
و أرفض من نار حبكِ أن استقيلا...
و هل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقيلا؟!...
و ما همني إن خرجتُ من الحبِ حيا...
و ما همني إن خرجتُ من الحبِ قتيلا...

رفع وجهها إليه ببسمة متسعة راضية... مال عليها يقبّل وجنتيها ببطء مشتاق... التفت ذراعه حولها ليضمها كلها داخل ضلوعه يشتم عبير الورد من بين حنايا روحها... غمغم بخفوت ذائب بين مشاعرها...
(الحمد لله...)



أنتهى الفصل....
نجدد اللقاء بعد نصف ساعة مع الفصل السادس عشر...
قراءة ممتعة....

noor elhuda and Jayb like this.

AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:02 AM   #312

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس عشر

الفصل السادس عشر

رمضان أهلا مرحبا رمضان
الذكر فيك يطيب والقرآن
بالنور جئت وبالسرور
ولم يزل لك في نفوس الصالحين مكان
يتلون آيات الكتاب
وما لهم إلا بآيات الكتاب أمان
فظلامهم حتى نهايته سقا
وصباحهم من بدره إيمان
والسالكون سبيله أهل له
والناس فوق بساطه إخوان
يمشي الغني إلى الفقير بقلب ذا حب له
وبقلب ذا إحسان
إن يسكت الشيطان في نفسيهما صوت الضمير
تكلم الإنسان


على صوت ابتهالات "النقشبندي" يتحرك الجميع في ساعات الفجر الأولى... يستعدون ببهجة و إشراق لاستقبال أول يوم في شهر رمضان... يتجهزون ليُحضّروا السحور و في قلوبهم تتبلور نفحة من نفحات الإيمان... فيه يزداد قلب المُسلم خشوعًا و بروحانياته تتجلى الرحمة و يُمنح الغفران...
بعدما ايقظتها "حنان" قبل قليل لتستعد للنزول حيث طاولة الطعام و هي تشعر بالتوتر... فقط ساعات قليلة تفصلها عن أول امتحان من الثانوية العامة!... قلبها ينبض بمعدل ألف نبضة في اللحظة الواحدة و عقلها يشت من كثرة التفكير... لقد تعبت طيلة أشهر الدراسة و اجتهدت و بعد ساعات معدودة سترى نتيجة تعبها... فتحت باب غرفتها بوجهٍ شاحب غزا اللون الأصفر عليه ليزيد من الإرهاق فيه... كانت متيبسة بشكل كبير و كأنها مسحوبة حيث وفاتها... لأول مرة لا تشعر ببهجة رمضان ... هذا الشهر الفضيل الذي تنخلع فيه من الدنيا و ما بها لتستوطن غرفتها تُصلي و تبتهل علّ الله يغفر ما اقترفته من ذنوب.... وصلت للسلم و قد وصلها أصوات الجدة و حماتها مختلطة مع صوت "النقشبندي"... سحبت نفسًا كبيرًا في محاولة لأن تبعد خوفها قليلا كي لا تقابلهم بهذا الوجه المتعكر...

بعدما اقتربت منهن ابتسمت بسمة مرتعشة تقول بصوتها الخافت:
(مبارك عليكن الشهر)

ابتسمت لها "دلال" تقول بصوتها العجوز:
(مبارك علينا جميعا... جعلنا الله ممن يغتنمونه و غفر لنا ذنوبنا)

جلست فوق كرسيها ببسمة مرتعشة و بعدها رفعت انظارها حيث "سوزان" التي قالت بمحبة متضامنة:
(تبدين خائفة... سيقف الله جواركِ و يجبر خاطركِ إن شاء الله)

اومأت لها بهدوء متوتر... غصبا كل عصب في جسدها يرتعش ... ساعات تفصلها عن حلمها الذي حلمته مرارا ... ساعات ستحدد مصيرها في المستقبل ... تنهدت بثقل و وضعت وجهها في طبقها منتظرة سكب الطعام... لكن صوته العالي نسبيا لفت انتباهها بالكامل... التفتت تنظر له بأعين مترقبة لقد كان مسافرا قبل أيام عند "أحمد" في المدينة الساحلية ... متى وصل؟!...

تقدم منهن "مصطفى" ليغلق هاتفه و يبتسم بسمة عريضة قائلا بينما يحتل مكانه:
(رمضان مبارك عليكن سيداتي...)

تبادلن معه التحية و هي منشغلة تماما في التفكير فيه!... لقد مر خمسة و أربعون يوما و لم يعد بعد!!... خمسة و أربعون يوما و هو بعيد عن عينيها فقط يهاتفها كل يوم تقريبا يطمئن على حالها و يشجعها و أيضا يعتذر عن عدم تواجده في هذه الفترة المصيرية... لكن رؤية أخيه الصغير الآن دفعت كل الأمل المختزن بداخلها لتقول بلهفة عالية بينما تنظر حولها تبحث عنه:
(هل عاد "أحمد" ؟!!)

شعر بالحزن من أجلها فتوجه بنظره حيث والدته التي أومأت له بأن يخبرها بطلفٍ... بينما ابتسمت "دلال" براحة و هي تراقب لهفة الصغيرة على زوجها... الاثنان منذ فترة و هي تراقب تلك الشرارات المتقدة بينهما... لكن لو قالت ان الصغيرة تجهل ما تشعره ما به حفيدها صامتا حتى الآن؟!... أو لا يزال يفكر في سكرتيرته كزوجة؟!... و الله لن تقبل بها مهما حدث في بيتها!... عادت تملي عينيها بالصغيرة و تهمس باقتناع كبير:
(ما بها الصغيرة ليرفضها؟!... بسم الله ما شاء الله كالوردة النقية تشرح القلب... )

عادت تنظر في طبقها و تهمس بتفكير:
(ربما ينتظر بلوغها سن محدد يسمح لهما بالزواج الفعلي!... أعرفه جيدا لا يحب تحميل الغير فوق طاقته)

رفعت بصرها مجددا ناحية "رُبى" تفحصها بنظرة تقييمية... هزت رأسها بتأكيد تقول:
(معه حق الفتاة نحيفة و صغيرة جدا كي تستوعب ما يحدث بين الرجل و زوجته... علينا الاهتمام بها و شرح الأمر لها تدريجياً ... فمهما يحدث هي تروق ليّ و أتمناها زوجة لحفيدي الكبير)

تنحنح "مصطفى" ليقول ببسمة صغيرة مشفقة:
(للأسف لا... لكنه يسأل عنكِ باستمرار و يوصيني أن أوصلكِ بنفسي في كل امتحان)

ضرب اليأس روحها بقوة فسقط وجهها الشاحب للأسفل ببطء لاحظه "مصطفى"... أسرع يقول بصدق:
(و الله يا "رُبى" العمل هناك متكوم فوق رأسه ... التسليم يجب أن يكون أول أيام عيد الفطر إن شاء الله و للأسف وجدنا خطأ في بعض التصميمات الهندسية لذا فأخي يعيد تقريبا ربع العمل من جديد)

شعرت بالحرج من طفولتها و رغبتها في أن يكون معها في فترة الامتحانات... لذا اسرعت تقول بتلعثم:
(أنا مُقدرة ما يمر به... أعانه الله و يسر أمره)

ابتسم بخبث بعدما لمح خجلها فقال ببطء مستمتع:
(احتمال يعود بعد أسبوع ... )

تهللت أسارير وجهها بصورة ملحوظة ... فوضعته بسرعة في طبقها تقول بتلعثم مضاعف:
(يصل بالسلامة...)

تدخلت "سوزان" تقول ببسمة:
(حبيبتي لقد اتصلت والدتكِ بعد صلاة العشاء... أرادت الاطمئنان عليكِ من أجل امتحان اليوم)

اتسعت عيناها بسعادة كبيرة فوقفت بلهفة تقول:
(حقا!... سأهاتفها الآن)

رغم دهشتها من سرعة استجابتها للاتصال ألا أنها قالت بمحبة:
(تناولي سحوركِ أولا ثم هاتفيها...)

تحركت للخلف لتترك طاولة السفرة تقول بصوت متحمس:
(لا بأس لن أتأخر في الحديث معها و الفجر بقى عليه ساعة)

وقفت في غرفة الصالون تمسك هاتفها و شعور بالحنين يطوف روحها طوفًا... والدتها دوما كانت تعرف نوبات التوتر المريرة التي تضربها قبل أي امتحان... و هي الوحيدة القادرة على امتصاصها و كأنها لم تكن... كم تفتقدها الآن في يوم مصيري كهذا... دفعها الشوق لطلب الرقم بسرعة كبيرة و لهفة تحاوطها... بعد أقل من لحظات وصلها صوت والدتها الحنون و كأنها كانت تنتظر مكالمتها بفارغ الصبر...
(حبيبتي كيف حالكِ؟!... أعرف أنكِ متوترة الآن و لكن ابنتي ذكية قوية و مجتهدة ... لن يضيع تعبكِ أبدا حبيبتي ، سيوفقكِ الله حتى تنتهي فترة الامتحانات.... سأدعو لكِ كثيرا)

زاد معدل تنفسها غصبا و هي تستمع لكلام والدتها... ربما تطرد به التوتر الذي احتلها و ربما تحترق بسبب البعد عن والدتها ... تود الآن أن ترتمي في احضانها و تتشبث بها ككل مرة تمتحن فيها... فقط همسة صغيرة خرجت منها مرتعشة جعلت "رباب" تفقد تحكمها في دمعاتها و تسيل بصمت...
(أمي... أنا خائفة)

تكلمت "رباب" بقلب متألم على خوف ابنتها فقالت بتشجيع:
(سيكون سهلا حبيبتي و ستُجيبين على كل الأسئلة اجابة نموذجية ... فقط لا تتوتري)


هزت رأسها و كأن والدتها تراها... خيم الصمت عليهما لثوانٍ جعلت "رباب" تنحني لموضوع آخر غير هذا كتخفيف منها على ابنتها...
(هذا أول رمضان أقضيه بمفردي مع والدكِ... رمضان مبارك حبيبتي)

ابتسمت "رُبى" بحنين تقول:
(سأشتاق للقطائف المحشوة تمر كثيرا )

ضحكت "رباب" بخفوت تقول:
(دائما تطلبينها في رمضان ... لكن نحن بها تعالِ مع زوجكِ في يوم و أنا سأحضر كل ما تحبين)

اختفت بسمتها تدريجيا لتقول بقنوط:
("أحمد" ليس هنا ... مسافر)

وصلها صوت والدتها تقول بترحيب:
(لا بأس ... أرسل لكِ سيارة تأخذكِ و تقضين معي يوما )

قالت بصوت خافت:
(سأحاول يا أمي ... تعرفين فترة الامتحانات اتقوقع في غرفتي لأدرس طوال الوقت)

ضحكت والدتها تقول:
(أعرف حبيبتي... أعانكِ الله و وفقكِ)

ترددت "رباب" قليلا و لكنها قالت بترقب:
(والدكِ يهنئكِ بحلول شهر رمضان... )

تغير صوتها و تلبسه الضيق لتقول بسرعة:
(حسنا أمي عليّ انهاء الاتصال الآن لأنني لم اتسحر بعد... مبارك عليكم الشهر)

أغلقت الهاتف بقلب حزين... علاقة زوجها مع ابنتيهما دوما تأخذ منحنى سيء و خصوصا مع "رُبى"... دلف عليها الغرفة ليجد الهاتف بين كفيها فقال بصوت عادي يخفي لهفته:
(هل تحدثتِ مع "رُبى"؟!...)

اومأت له بصمت فأكمل يقول:
(كيف حالها؟... هل لا تزال تعاني من نوبات التوتر حتى الآن... امتحانها غدا!)

وقفت تأخذ منه المنشفة تقول بهدوء:
(نعم و لكنني حاولت أن أهدأها قليلا... أدعو لها في صلاة الفجر أن يلهمها الله الاجابات الصحيحة)

أنزل كم منامته للأسفل قائلا:
(أدعو لهما منذ رزقني الله بهما... ابنتاي هما كل ما لدي و ما أفعله أفعله لحمايتهما من وجهة نظري)

ربتت فوق كتفه تقول بمؤازرة:
(ابنتانا بالتأكيد ستفهمان يوما ما حبك المختلف من نوعه لهما...)

قبّل رأسها بشكر يقول:
(ليت الجميع يراني كما تراني عيناكِ...)

ابتسمت بخفوت تجيبه بحب:
(من يحبك بصدق يرى بسهولة قلبك الطيب...)

ضمها إليه يقول بخفوت:
(لا حرمني الله منكِ أو منهما و رزقني برؤية حياتهما هادئة مستقرة)

........................................
(لقد كانت خبر ثان مرفوع وعلامة رفعه الضمة... و ماذا عن سؤال البلاغة في البيت الرابع من نص "المتنبي" ؟!)

منذ خرج الطلاب من امتحان اللغة العربية كأول مادة يمتحنها طلاب الثانوية العامة و "رحمة" لا تترك جزئية بسيطة من الامتحان دون ان تراجعها... توقفت "رُبى" قرابة باب المدرسة قبل أن تخرجا تقول بوجهٍ مرهق و شفاه جافة من العطش و التوتر الرهيب الذي داهمها قبل الامتحان مباشرةً:
(يا ابنتي ارحمي رأسي قليلاً... لقد راجعنا هذا السؤال قبل قليل و قلت لكِ كتبتها جناس ناقص )

بللت "رحمة" شفتيها بلسانها لتحارب هذا العطش الرهيب في مثل هذا الجو الحار... قالت ببسمة مرتاحة:
(الحمد لله... كنت قلقة من اول امتحان و لكنه مضى على خير ... أمنيتي أن يمر الباقي على خير)

ابتسمت لها "رُبى" تقول بخفوت متعب:
(إن شاء الله ... فقط كي نرتاح من حرب الأعصاب هذه التي نخوضها كل امتحان)

سحبتها "رحمة" من يدها تقول بتأكيد:
(معكِ حق و الله ... بالأمس حينما ايقظتني أمي للسحور فزعت منيّ بشدة)

ضيقت "رُبى" عينيها تقول :
(لماذا؟!)

ضحكت "رحمة" بخفوت تقول:
(كنت أحلم أنني تأخرت على موعد الامتحان و عندما ذهبت للمدرسة بعد عدة معوقات قابلتني في الطريق وصلت في أخر خمس دقائق ليتم سحب الورقة منيّ تحت ذهولي و لم أكتب بها سوى اسمي فقط!... حينما سمعت صوت أمي شعرت أنني على وشك الموت بجلطة دماغية فقفزت من فوق السرير بمنامتي جريا حتى باب الشقة أفتحه و أركض على سلالم البناية حتى لحقتني أمي تسألني بتوجس ما بيّ؟!... فأجبتها أن عليّ اللحاق بمصحح المادة قبل أن يرى ورقتي و ينشرون خبر فشلي في الجرائد تحت عنوان «صاحبة الصفر في اللغة العربية لم تكتب سوى اسمها و بخط سيء»)

نظرت لها "رُبى" بذهول تقول:
(يا للدراما!!!)

ضحكت "رحمة" بينما تدلك معدتها بحزن :
(متى سيحين آذان المغرب ؟... أنا جائعة و صينية الرقاق باللحمة التي تركت أمي تعدها تغريني بشدة)

خرجتا من باب المدرسة لتقول "رُبى" ببسمة صغيرة:
(والدتكِ أعظم من يُعد الرقاق باللحمة ... تُرى ماذا سآكل أنا اليوم؟!)

كانتا منغمستين في أحاديث كثيرة تتراوح بين الطعام و الامتحانات... و حينما وطئت قدمها الشارع تسمرت بكل ما فيها و توقف الزمن عند هذا النداء الشجي...
("رُبى"....)

أنه صوته و هي أكيدة من هذا... التفتت ببطء ناحية الصوت لتجده متربعا ذراعيه حول بطنه ... يستند على سيارته بهذه الوسامة التي أصبحت تطيح بها كليا... لا تعرف ماذا تفعل الآن؟... تخشى أن تفرح و تتفاجأ أنه حلم ... لكن قلبها يدفعها لأن تصل إليه بكل ما فيها من رغبة...

همست "رحمة" بأعين متسعة لها:
(من هذا؟!)

عيناها لم تتركه منذ وجدته... وجهها الشاحب غزت فيه الدماء بقوة لتترك أثر طفيف من حمرة خجل تزينه... جاوبتها بعقل شارد:
("أحمد"...)

تركتها واتجهت إليه مسرعة تقطع المسافة بينهما قطعًا مشتاقًا غير مصدقًا أنه هنا بالفعل... سقط فم "رحمة" للأسفل لتقول بعدم تصديق:
("أحمد النجار"!!!!.... ما هذه الوسامة؟!)

هزت رأسها بتأنيب تقول :
(اللهم أني صائمة... أعانكِ الله يا "رُبى" فأنت تعانين بصمت لتبقي صامدة في وجه هذا الوسي... اللهم أني صائمة )

لهفة تحملها و شوق يدفعها إليه... إنها تراه بعد أيام مريرة من الفقد... قلبها يرفرف داخل ضلوعها و عقلها يهيم للبعيد حيث هو فقط... حروف اسمها التي تخرج من فمه بوقعٍ خاصٍ جدا... بسمته السالبة للروح التي يهبها لها الآن... كله متواجدا أمامها لتُمنح فرصة العيش من الجديد... وقفت أمامه بصدر لاهث و أعين متسعة بعدم تصديق... تنظر له بتدقيق و كأنه خيال و تخشى أن يتسرب من عالمها ...

تحطمت حصونه و سقطت قلاعه و أعلن جيشه القوي الاستسلام... لم يقوى على الفراق أكثر و لم يرد يوما رؤية شخص كما اراد رؤيتها... خمسة و اربعون يوما جحيم قاتم و عذاب لا ينتهي... صوتها الذي كان يسمعه كل يوم كان مجرد مخدر موضعي يُسكن ألم البُعد و لا ينهيه ... بل كان يشتد الأنين بداخل جوارحه كلما لامس صوتها العذب أذنيه ... الحياة كانت لا حياة و هي بعيدة و هو ما كان قادرا سوى على التمتع بما يشعر ... ليس ضروريا أن يفسر أو يفكر فقط ليشعر بها و يعيش لها...

في صباح اليوم فعل المستحيل ليعود ليحقق وعده لها... أنه سيكون معها وقت امتحاناتها... و ها هو ذا يقف أمامها يتمتع بما حُرم عليه لشهر و أزيد... "رُبى" قطته البرية ناعمة الرائحة أمامه!...

(متى وصلت؟!...)

ابتسم بسعادة غمرت روحه يقول بهدوء:
(قبل ساعة تقريبا...)

اتسعت عيناها و لا تزال الصدمة مسيطرة عليها فقالت :
(هل انتظرت أمام باب المدرسة كل هذه المدة؟!)

اعتدل في وقفته مبتعدا عن السيارة يقول بصوت مرتعش من فرط المشاعر الخلابة التي يشعرها معها...
(أردت أن أراكِ و اطمئن عليكِ... كيف كان الامتحان؟!..)

اتسعت بسمتها و عادت ملامحها تتراخى فقالت بشرود مسرور:
(حقا؟!... )

كبح بسمته يقول بمرح غاب عنه خمسة و اربعون يوما...
(هل هذه اجابة سؤالي؟!)

هزت رأسها بتيه فقالت بحروف غير مرتبة جعلتها ناعمة في عينيه فوق نعومتها التي تهدمه...
(الامتحان نعم نعم ... كان جميل أقصد... سهل جدا ...الحمد لله)

تلاقت الأعين و همست القلوب و تعانقت الارواح المشتاقة دون حرف واحد... دون مزيد من تحليل و تعقيد لما يشعران به... دون عوامل خارجية تعكر صفو هذه اللحظة الأكثر من رائعة...
تنحنح يقول بخفوت يداري تشوش عقله:
(تبدين شاحبة ... الصيام يتعبكِ مع الامتحانات و هذا الجو الحار ... هيا اصعدي إلى السيارة)


عادت برأسها للوراء تحاول جاهدة أن تصمد مع سيل مشاعرها الحالي المنتفض... أشارت حيث صديقتها تقول بتيه بدا له جليًا:
(هذه "رحمة" صديقتي المقربة ... كنا سنعود سويا لذا هل....)

قبل أن تُكمل قال بجدية:
(نادي لها كي نوصلها معا...)

اومأت بطاعة ثم أشارت لصديقتها المصعوقة من رؤيته حتى قدمت إليهما ببسمة بلهاء تقول:
(مرحبا سيد "أحمد" ... رمضان مبارك)

ابتسم ببشاشة يقول:
(مرحبا آنستي ... رمضان مبارك)

ابتسمت بخجل حتى توردت وجنتاها فقالت بسرعة:
("رُبى" أصبح ليس لديها حديث سوى عنك...)

قرصة خفية في ذراعها صدرت من "رُبى" الملتصقة بها مع نظرة عين مهددة جعلت "رحمة" تتأوه بصوت مكتوم فقالت بألم تصحح...
(أقصد عن بيتها الجديد و عائلتك...)

ضحك بخفوت يراقب مظهرهما معا... بدتان كوردتين في عمر الزهور... لكن بعد هذه القرصة و النظرة التي صدرت من زوجته و قد رآها هو تأكد من كونهما ليس سوى "ريا وسكينه" في ثوب معاصر!... قال بهدوء مبتسم:
(هيا آنساتي كي تعودان للبيت... تبديان مرهقتين جدا)

تحدثت "رحمة" بتأكيد تقول:
(أي و الله و جائعتين جدا جدا...)

ابتسم لها برزانة و عقله و قلبه و كل حواسه تلتهم صغيرته الحلوة باشتياق... تقف منعقدة اللسان أمامه بأعين متسعة مبهورة من كونه هنا معها ... فتح لهما باب السيارة لتركبان و هو يهمس لنفسه بتأنيب:
(طال غيابك يا "أحمد" و أشعرت الصغيرة بالوحدة ... صغيرتك لا تصدق أنك عدت أخيرا !... أ لهذه الدرجة كنت فارقا معكِ كما كنتِ ؟!...)


...........................................

(الجو اليوم حار جدا لذا أعطيت الموظفين باقي اليوم إجازة و أنا معهم...)

كان مستريحا فوق الأريكة في صالة البيت... واضعا منشفة مبللة صغيرة فوق وجهه و على ذراعيه ... وصله صوتها الخافت بفعل الصيام تقول:
(ستخرب بيت والدك هكذا!... هل كلما زادت حرارة الجو ستعطي الموظفين إجازة؟!)

أغمض عينيه يقول ببسمة صغيرة:
(الراحمين يرحمهم الله... )

اعتدلت فوق كرسيها في مكتبها الخاص بالعيادة تقول ببسمة عاشقة له:
(أنا فخورة بكوني زوجتك...)

اعتدل فجأة من نومته المستلقية لينزلق للمنشفة على وجهه بالكامل فتخفيه... أزاحها بسرعة يقول بعبث رغم عدم قدرته على رفع إصبع واحد من أصابعه:
(يا غصن الزيتون نحن في نهار رمضان لا تخربي علينا صيام الشهر الفضيل...)

ضحكت بخفوت تقول:
(و ماذا فعلت أنا لأخرب صيامك أيها الدكتاتوري؟!...)

أغمض عينيه يقول ببطء:
(اللهم أني صائم... يا غصن الزيتون كل ما فيكِ يغريني صوتكِ ، ضحكتكِ و ... استغفر الله العظيم سنفقد صيامنا هكذا يا بنت...)

غطت وجهها بخجل خلف كفها الحر بينما الآخر تمسك بها الهاتف فوق أذنها... قالت بخفوت خجل:
(هانت و سنجتمع على خير بإذن الله... تقبل الله صيامك يا دكتاتور قلبي)

علا صوته قليلا يقول بضجر:
(خذي هنا يا "ندى" هل ستغلقين الخط؟!... هل اتصلتِ بيّ خمس دقائق ترفعين فيهم نبض قلبي و رغبتي في فعل اشياء اخرى استغفر الله و الآن تغلقين بكل بساطة في وجهي؟!!!)

ضحكت بخفوت متوتر فقالت بحرج:
(لدي الكثير من العمل هنا... و كنت مشتاقة لك )

عاد يستلقي فوق الأريكة يغمس المنشفة في وعاء الماء البارد جواره و يضعها على وجهه قائلا بوعد لا رجعة فيه:
(أذهبي لعملكِ يا غصن الزيتون... لكن و الله حينما تدخلين بيتي بعد أشهر قليلة لأخذ حقي منكِ و لن أفرط به...)

وصله صوتها الناعم تقول بدلال:
(سنرى يا دكتاتوري من سيسلب حق من!)

غمغم بخفوت حانق:
(يا بنت لا تدللي سيضيع منا الشهر المبارك...)

أغلق معها ليعتدل على صوت أخيه الذي جعله يقف فجأة مندهشا من تواجده... سقطت كل المناشف التي أحاط بها وجهه و ذراعيه طالبا بعض تلطيف الجو... تقدم منه يرمقه مع زوجته فقال بدهشة:
("أحمد" ماذا تفعل هنا؟!)

ابتسم أخاه ليقول بتوبيخ :
(هل هذه حمد لله على سلامتي ؟!...)

تقدم منه "مصطفى" يرتمي في أحضانه ببسمة مشاغبة يقول:
(بل لك منيّ أروع حمد لله على السلامة ... لكن متعجبا كنت معك بالأمس و لم تخبرني بأنك قادم)

نظر "أحمد" تجاه "رُبى" الخجولة جواره ليقول بتأكيد:
(لقد قطعت وعدا بأن اكون هنا وقت امتحانات "رُبى" و ها أنا ذا...)

ربت "مصطفى" فوق كتفه يقول ببسمة سعيدة:
(أنارت بيتك يا أخي...)

مال بوجهه قليلا ناحية "رُبى" يقول بتدقيق:
(ابنتنا الصغيرة كيف كان الامتحان؟!... لقد سمعت أنه جاء سؤال مفرد "معامع" و نال سخط الطلاب ...كيف كانت اجابتكِ؟!)

بللت شفتيها لشعورها بالعطش فقالت بخفوت مرهق:
(الامتحان كان جيدا جدا الحمد لله ... و سؤال "معامع" ليس بالجديد ففي نص "عنترة بن شداد" تواجدت هذه الكلمة من قبل و من المفترض مفردها "معمعة" أي حرب)

وقف يؤدي لها تحية العسكرية يقول بمشاغبة:
(احسنتِ يا بنت... هكذا تكون ابنتنا الذكية)

ابتسمت بخفوت مرهق مما جعل "أحمد" يقول بإشفاق :
(اصعدي لغرفتكِ حتى يحين آذان المغرب لترتاحي قليلا...)

اومأت له بطاعة بعدما فقدت كل قدرتها بسبب الصوم و الامتحان... اسرعت على السلم لتتسع بسمتها بقوة تهمس لنفسها بقلب يزداد نبضه...
(لقد أتى من أجلي... لقد أتى أخيراً)

بعدما اختفت من أمامه عاد ببصره لهيئة أخيه المزرية... "مصطفى" منذ الصغر لا يتحمل الحر فما بال الصوم مع هذا الجو!!... نظر حيث وعاء الماء جوار الأريكة ليقول ببسمة :
(ألن تترك هذه العادة؟...)

حك رأسه بوجه شاحب يقول:
(لو لم أفعلها ستجدني كدجاجة مسلوقة بينكم...)

ضحك "أحمد" بصوت مسموع فقال:
(أعانك الله و تقبل صومك...)

بادله البسمة يقول :
(اشتقنا و الله يا أخي لا تغيب مجددا...)

ضيق عينيه يقول بدهشة:
(ألم تكن معي بالأمس في المدينة الساحلية؟!)

تحرك "مصطفى" بعيدا يقول بمشاغبة:
(لست أنا من اشتاق بل الصغيرة...)

زينت بسمة خاصة فمه و لكنه منعها من الظهور ليقول:
(إلى أين أنت ذاهب؟)

ارتدى حذائه يقول بخفة:
(سأجلس في المسجد القريب من البيت اقرأ بعضا من القرآن حتى يحين وقت الفطور...)

اومأ له "أحمد" ببسمة صغيرة... فدوما هي عادة أخيه الصغير في شهر رمضان... قال بهدوء:
(جيد... سأستحم و أبدل ملابسي و الحقك)

ضحك "مصطفى" يقول بمشاغبة بينما يفتح الباب:
(سأنتظرك يا شيخ لا تتأخر...)

......................................

بعدما عاد مع والده من صلاة التراويح و هو مقيم في الغرفة يقرأ القرآن... كيف مر أربع سنوات بينهما دون أن تلحظ طقوسه في شهر رمضان... أين كان عقلها و هي تحرم نفسها من رجل عظيم كزوجها حبيبها؟!... دلفت تحمل قدحا من الشاي مع قطع من الكنافة بوجه متورد... هذه الغرفة في الطابق الثاني بعدما شهدت على عشقهما المتبادل تجعلها تخجل كل مرة تدخل بها... وجدته جالسا أرضا فوق سجادة الصلاة يسبح فوق أصابعه... زادت بسمتها لتقترب منه و تجلس أمامه... ارتفع بصره لها فهداها بسمة رائعة تسحرها ألف مرة من سحرها به... انتظرته حتى انتهى فاقتربت منه تقول بنعومة خجولة:
(تقبل الله منك...)

مد كفه لها حتى وضعت كفها بداخله ليسحبها تجاهه بنفس البسمة قائلا بخفوت:
(منا و منكم يا ابنة عمتي ...)

اسبلت أهدابها بخجل اشعل حمرة خديها... زادت بسمته رضا فكل ما يمر به معها بعد تلك الليلة التي اعترفت فيها بحبه و هو راضٍ بحياته التي تمهدت لطريق مستقيم بعدما كانت كلها معوقات... ابتلعت ريقها لتقول بخفوت داعب شغاف قلبه:
(لقد أحضرت لك الكنافة أعرفك تحبها...)

همس لها بحب يقول بصدق:
(أحبكِ أنتِ أكثر من أي شيء...)

رفعت عينيها إليه بنظرة طويلة... تفحصه بمجهر أنثوي بعيدا عن القالب الذي وضعته به... كل ما فيه يغريها كأنثى يجعلها راغبة به بكل ما تأخذه منه و تعطيه له... همست بأعين دامعة:
(كيف كنت عمياء لهذه الدرجة كي لا أراك؟!... كيف يا رفيق العمر و حبيب القلب؟!)

رفع أصابعه حيث عينيها يمسح زاويتها برقة و بسمة مشعة بحبها يقول:
(دعينا لا نفكر فيما مضى كلا منا كان مخطئاً...)

هزت رأسها برفض حتى تحركت كفه لتستقر قرب فمها ... قالت بصوت مرتعش:
(لم تكن مخطئاً يوما يا "معاذ" ... أنا من تسببت في كل هذا)

ضحكت بمرار تقول بينما دمعاتها تسيل ببطء:
(تعرف حينما أخبرتني يوم الحادثة أنه لم أكن لأصدقك قبل أربع سنوات لو أخبرتني عن حقيقة "أسامة" كرهت نفسي جدا... لأنني فعلا لم أكن لأصدق أي واحدا منكم حينها... لم أكن لأفعلها أبدا قبل أن...)

توردت بخجل لتنظر له نظرة متيمة تقول:
(قبل أن أصبح زوجتك أنت قبل سنة... لقد اكتفيت بك و شعرت معك بالاكتمال... و كأني كنت تائهة و وجدت بر الأمان... وجدتك أنت يا "معاذ")

غامت عيناه بعاطفة جياشة جعلت انفاسه تزداد... قال بصوت خافت محاولا ان يبدو مرحا قدر امكانه فأنه على وشك وصف أصعب فترة في حياته معها...
(أين كان حديثكِ هذا من قبل يا "ريهام"؟!... لقد كنت أعاني بصمت في هذه السنة و أنا أفرض نفسي عليكِ و أتيقن أنكِ مجبرة... لو تعرفين ماذا يعني أن يتأكد رجل أن زوجته مكروهة لمنحه ما يتوق إليه منها هي لا من غيرها... لو تعرفين أن حالتي وقتها محت كل السعادة التي كان من المفترض أن أشعر بها و أنتِ ليّ زوجة بين يدي... أين كان حديثكِ حينها ليخفف عني ثقل و بشاعة شعوري؟!)

زادت دموعها و وضعت عينيها أرضا بندم حقيقي... زوجها كان يتعذب أضعاف عذابها و لم تكن تعلم... همست بصوت مختنق:
(أقسم لك لم أكره ليوم واحد قربك بل كنت مشوشة ... كنت أشعر أنني خائنة لك و لنفسي )

مال على وجهها يستقبل دمعاتها بشفتيه بكل رقة عرفتها يوما... قبّلها ليزيح عنها الشعور بالخيانة ... ليريح قلبها التائه... ليمحو كل لحظة صعبة عاشاها معا... ليزين بحبها قصة جديدة لهما... داعبتها لحيته الخفيفة فضحكت وسط بكائها تقول بخفوت بينما تتلمس وجهها الرقيق:
(لحيتك تدغدغني...)

ابعد وجهه عنها ينظر لها بأعين جاهلة لما تقول... لكن هذا اللون الأحمر المتروك كقرصة صغيرة فوق وجهها أخبره أن حقا لحيته طالت قليلا... ابتسم بحرج يحك رقبته من الخلف قائلا:
(اعتذر يا مالكة القلب...)

هذا اللقب الذي يفلت من بين شفتيه في أوقاتهما معا... يملكها و يأسرها ليأخذها من عالمها العادي و يضعها في عالم لها وحدها كملكة متوجة... أمسكت كفه بين يديها تقول برجاء:
(هل يمكنني تقبيل كفك؟...)

اتسعت عيناه بصدمة فقال :
(ماذا؟!...)

رفعت كفه العريضة أمام شفتيها الناعمتين لتقول بنظرة ضربته في صميم قلبه فأشعلت أعصابه...
(أُقبّل هذه الكف التي ساعدتني عمرا... التي حاوطتني دوما... التي اسندتني و لا تزال تفعلها...)

لامست كفه بشفتيها ليشعر نعومتهما فيغمض عينيه على هذا الشعور بالاكتمال... يردد الحمد ألف مرة ربما كلما اجتمعا معا ... فتحهما ببطء يطالع وجهها المليح بحُسنه... استقام فجأة ليسحبها من كفها الرقيق فاعتدلت معه... تحرك بها حتى السرير و جلس عليه ليجلسها فوق ركبته بين أحضانه... دفن وجهه في صدرها مغمض العينين يتنعم بهذا الشعور بامتلاكه لها... ارتاحت بوجهها فوق رأسه تداعب شعره بصورة متكررة... همس بين طيات منامتها بأنفاس متهدجة:
(كنتِ حلما و منَّ الله عليّ به... يا مالكة القلب أحبكِ بعدد سنوات عمري التي عرفتك بها... أحبكِ بقدر حرماني منكِ ماضيا و تنعمي بكِ حاليا)

قبّلت رأسه ببسمة خجولة متشبعة بحبه... كيف يكون الحب بهذا القرب منك و تجهله؟!... رفع رأسه لها لينظر في بنيتها الساحرة قائلا بصوت خافت و نظرة فهمتها لتشعل خجلها:
(هل أخبرتكِ أنكِ تبدين ساحرة اليوم؟!...)

قضمت شفتيها بخجل تقول بخفوت:
(نعم...)

سمعت صوته يقول ببسمة مشاغبة:
(دعيني أخبركِ مجدداً...)

اعتدل في وقفته ينظر لها نظرة اخجلتها فأسرعت تقول مغيرة الحديث:
(ألن... تأكل الكنافة؟)

نظر لها ببسمة الجمتها بقوة يقول بغمزة عين:
(بلى... فهي بين يدي الآن)

................................

اليوم هو أخر يوم في فترة امتحاناتها... كيف مرت بهذه السرعة لا تعرف؟!... لكن كل ما تعرفه هو كونه معها خطوة بخطوة ... غيابه الطويل عوض عنه هذا الاهتمام السخي منه... لا يتركها ليل أو نهار يراجع لها و يفهمها ما يقف أمامها... حينما يصيبها التوتر من الامتحانات تنسى معظم ما ذاكرته... لكنه كان كقارب ينتشلها من الغرق كل مرة... اليوم يوم امتحان الفيزياء تشعر بأن اقدامها هلامية لا تحملها... المادة صعبة و الامتحان على حسب السنوات الماضية دوما يأتي تعجيزيا... لا تشعر بشيء و قلبها خفت نبضه و ثقلت انفاسها... شفتاها الجافتان و وجهها الشاحب يؤكد سوء حالتها... لكن كما قال لها بالأمس ستفعل
(لقد تعبتِ و بذلتي جهدا كبيرا... ما سيأتي هو أمر الله و عليكِ الرضا كي يرضيكِ فيما بعد...)

زفرت ببطء تهمس بينما تفتح باب غرفتها:
(نعم نعم... ما سيأتي هو أمر الله ، إن شاء الله خير)

فتحته تحمل حقيبتها لتجده واقفا أمامها جاهزا للذهاب معها كحاله كل مرة... تنهدت بخوف حينما لمحت عيناه ... ابتسم يبثها الثقة قائلا:
(لا تقلقي كلنا ندعو لكِ...)

ابتسمت بسمة شاكرة تتحرك معه في الممر تقول:
(شكرا لكم جميعا... لولا مساندتكم ليّ لم تكن لتمضي فترة الامتحانات بهذه السهولة)

قال بهدوء يرمقها بنظرات حانية:
(لا شكر بيننا... كم سأقولها أنا!!!)

ابتسمت بخفوت تقول:
(مللت أليس كذلك؟!...)

كانت تمزح فقط لتبعد عن تفكيرها التوتر القاتل هذا... لكنها لم تكن تدري أنه سيأخذها على محمل الجد حينما صدر صوته الأجش يقول بتأكيد:
(أنا لن أملَّ منكِ مهما حصل... فيا ليت كل حياتي أنتِ)

تحجرت حدقتاها بقوة و تجمدت كلها في وقفتها... هل أصابتها الهلوسة من الخوف ؟!... أم هو يقصد معنى غير الذي تفهمه؟!... ابتلعت ريقها بصوت مسموع تقول ببطء:
(ماذا؟!...)

بعدما فلتت منه هذه الجملة توقف عقله عن التفكير... كيف نطق بمثلها و ما هي نيته من جملة كهذه؟!... مشاعره التي باتت تريد وجودها و قربه منها لم توضح بعد بشكل سليم... لا يعرف هل يمر الجميع بفترة تقلب فكري كما يمر هو قبل الخوض في أي علاقة!!... علاقة !! ...
الصغيرة أصبحت طرف في علاقة تجمعهما!!... سنها و حديث والدتها سابقا يكبلوه بقسوة و يحكموا الوثاق على عقله ليقف مشلولا لا يدري هل يمنح لنفسه حرية التفكير فيها كجزء من حياته القادمة ... أم فقط يقف عند هذا الحد و يكفي تواجدها اللحظي معه؟!... لكن روحه باتت تتحكم به اكثر من عقله و بات قلبه يئن يطلب حقه بها!!..
نعم لن يكذب أكثر من ذلك على نفسه هي حقه زوجته مهما كان طريقة زواجهما فهي له... لكن لا يعرف حتى الآن كيف يصيغ هذا الحق لها أو له!!!...

أبعد ناظريه عنها يفكر في أي شيء يُنسيها ما قاله... و كم كان ممتنا لوصول أخيه الآن...
قفز لهما من لا مكان ليقف قبالتها يقول بنظرة جدية:
(هيا يا بنت سمعي ليّ قاعدة "فلمنج" لليد اليمنى!)

حادت بعينيها عنه غصبا لتنظر ل "مصطفى" تقول بتيه:
(لا أحب المراجعة قبل الامتحان مباشرةً... سأنسى كل شيء)

اسرع يقول بمزاح:
(لا بالله عليكِ دعِ كل ما تعبنا به مساء في مخزنه حتى تستلمي ورقة الإجابة)

اومأت له بشرود و عيناها لا تترك "أحمد" الذي اختفى خلف أخيه... سحبها "مصطفى" من يدها لينزلا السلم بينما يعطيها نصائح غالية من وجهة نظره عن الامتحان....
(لا تنسي تحويل الوحدات القياسية لتصبح كل معطيات المسألة بنفس الوحدات... لا للبدء بسؤال الدوائر الكهربية فربما كانت معقدة و وترتكِ أكثر دعيها للنهاية... كما أنه يجب كتابة كل شيء في سؤال «ما المقصود ب...»... وفقكِ الله يا ابنتي)


وصلوا للأسفل لتجد كل من الجدة و "حنان" و "سوزان" ينتظرنّها ببسمة مشجعة... مسحت الجدة فوق وجهها تقول:
(لقد انتهى الصعب و ما بقى سوى القليل... وفقكِ الله بنيتي)

ابتسمت لها بمحبة و قلب يتسلل له الدفء... تقدمت منها "سوزان" تقول:
(لدي ابنان دخلا كلية الهندسة و سأنتظر دخول ابنتي أيضا...)

اومأت لها بأعين دامعة متأثرة بمساندتهم لها... وقفت "حنان" تقول ببسمة كبيرة:
(حينما تعودين سأعد لكِ قطائف التمر ... لقد سألت والدتكِ عن أكثر حلى تحبينه في رمضان)

نظرت لهم جميعا ببسمة سعيدة و شاكرة فقالت:
(سأعود لأبشركم أنه كل شيء بخير...)

وقف "مصطفى" يقول بجدية :
(و نحن سننتظركِ أيتها المقاتلة... )

دبت الثقة روحها فأومأت لهم ببسمة كبيرة رائعة... نظرت له بها ليبادلها اخرى سلبت نبض قلبها... حرك رأسه لتتبعه حيث الخارج كي يأخذها حيث أخر امتحان لها كطالبة بزي مدرسي...
الصغيرة بعد اليوم ستتخلى عن زي مدرسي يعيق خطواته إليها... ربما بعده سيتأكد من رغبته بها و كنهها ... و ربما ستأخذهما الحياة بعد اليوم لمنحنى آخر بعيد كل البعد عما تمنيا يوما!!!

....................................

واقفا مستندا على سيارته يراقب باب مدرستها منذ جاء بها في الصباح... لولا عدم معرفة أي شخص بعودته لذهب للشركة و أتى حينما يحين انتهائها... لكن لا بأس ليُشعرها بالأمان فنظرتها حينما اقترب الوقت و دخلت للمدرسة كانت كمن يُساق للعذاب!... سمع صرير باب المدرسة يُفتح و يخرج منه الطلاب بتهليل كبير و عدة اغاني مؤلفة خصيصا لهذه المناسبة... لقد انهوا اصعب مرحلة و بعدها سيدخلون الجامعة... راقب هذا السيل المتدفق منهم ليراها و لكن يبدو صعبا أن يجدها مع هذه الجيوش المنتفضة بفرحة نيل الإجازة!...

وقفت مع "رحمة" داخل المدرسة تقول ببسمة متسعة و كأن حمل ثقيل انزاح من فوق قلبها:
(لا أصدق انتهت الثانوية العامة... لقد فعلناها يا "رحمة"!)

ضحكت "رحمة" عاليا تقول:
(و الله ولا أنا أصدق... لا مزيد من المذاكرة أو السهر أو التوتر... لقد أخذنا براءة)

ضمتها "رُبى" إليها لتقول بضحكة خافتة:
(علينا دخول نفس الجامعة ...)

اومأت لها "رحمة" بتأكيد تقول:
(هذا شيء أكيد... )

خرجتا معا للخارج لتضحكا بصوت عالٍ على الطلاب الذين معهم... لقد القوا الكتب في كل مكان و كأنهم يزينون بها الشارع... غير هذه الأغاني العالية التي يتراقصون عليها بفرحة... لمحته يقف بعيد عند سيارته ينظر في ساعة معصمه كل فترة... مختلفا كليا عن المراهقين في سنها... وسيم ، جذاب و رجوليا بطريقة تسرق القلوب... كادت أن تهرول ناحيته لتبلغه عن سهولة الامتحان لكن هذا الجسد الشاب الذي وقف أمامها عرقلها و جعلتها تتوقف...
(انتظري لحظة يا "رُبى"...)

رفعت عينيها إليه لتجده "مهاب" ... هذا الشاب الذي لا يطيقه زوجها أبدا... توترت حدقتاها و هي تنظر له من بعيد لم يلحظ وجودها بعد ... عادت تنظر لزميلها تقول بتعجب ضجر:
(ماذا تريد؟!...)

ابتسم لها بسعادة قائلا:
(كيف كان الامتحان؟...)

عقدت حاجبيها لتجيبه بقلة ذوق مقصودة:
(ألم تمتحنه معي ؟!... أسأل نفسك كيف كان!!)

شعر بالحرج من ردها عليه فنظر لها بتعجب... لكنه أكمل يقول بود:
(قصدي أن اطمئن عليكِ... اخبريني أي جامعة ستدخلين؟)

نظرت لصديقتها لتزفر ببطء غير ملحوظ ... راقبت "رحمة" زوج صديقتها من بعيد خوفا من حدوث مصيبة... فأومأت لها كي تنهي الحوار مع زميلهما... أجابت "رُبى" ببرود:
(لم أحدد بعد... كله على حسب مجموعي الكلي )

ابتسم لها يقول:
(بالتأكيد ستدخلين أكبر جامعة في البلد إذا لم تعطيكِ وزارة التربية والتعليم منحة للخارج)

جزت على اسنانها تقول بملامح مقتضبة:
(إن شاء الله...)

جذبتها "رحمة" من كم بلوزتها بقوة... مالت عليها بفعل الجذب بأعين مندهشة... همست لها "رحمة" بخفوت متوتر:
(زوجكِ قادم علينا...)

رفعت بصرها بسرعة نحوه لتجده بالفعل قادم بوجه جامد ... هذا الوجه تعرفه جيدا سيصب لعنته عليها كما سبق!!...
وصل لهم لينظر نظرة مرعبة لهذا الولد الذي لا يستسيغه... ثم نظر لها مع صديقتها يقول بأمر:
(إلى السيارة...)

اومأت له بسرعة تسحب "رحمة" معها حيث السيارة... همست "رحمة" لها تقول بقلق:
(زوجكِ يبدو غاضبا جدا... كان الله في عون "مهاب" سيصنع منه «بطاطس محمره»!)

كتمت ضحكتها بصعوبة لتقول بهمس مشابه:
(يستحقها فهو ثقيل الظل على قلبي...)

تشدقت "رحمة" بنبرة مقصودة تقول:
(يكفي خفة ظل "أحمد النجار" يا ابنة عم "هاشم")

جذبتها "رُبى" حيث الطريق العام تداري بسمة ملحة جميلة و سعيدة جدا...

وقف قبالته يرمقه بنظرة غاضبة جعلت "مهاب" يتعرق بقلق... هذا الرجل المهيب أصبح يأتي معها مؤخرا و ينتظرها حتى ينتهي الامتحان... من الممكن أن يكون أخاها أو قريبها!!... مال "أحمد" بوجهه المخيف إليه على حين غفلة جعلت "مهاب" يبتلع ريقه بوجل فقال له:
(ماذا؟!...)

همس "أحمد" بوعيد مستعر:
(ابتعد عن "رُبى"... لقد انتهت الدراسة فلا تجعلها تطرأ خيالك حتى)

حاول أن يوضح له نيته حتى لا يسوء الوضع و تُحسب عليه في المستقبل ذلة عندما يتقدم لها... قال بتلعثم:
("رُبى" صديقتي و أنا لا أنوي مضايقتها فهي...)

ابتلع لسانه مع كلماته حينما هدر "أحمد" بغضب:
(اسمها زميلتي لا صديقتي أيها الولد...)

هز رأسه بتوتر يقول:
(حسنا ... زميلتي و أنا كنت أنوي محادثتك من قبل بشأنها)

عقد "أحمد" حاجبيه بترقب لما يتفوه به هذا المعتوه الذي سينال ضربا مبرحا حتى يموت في يده... قال "مهاب" ببسمة بلهاء:
(هل أنت أخاها أم قريبها؟!..)

تراجع "أحمد" للخلف يقول بحدة:
(و ما دخلك أنت؟!... هل ستستخرج ليّ أوراقي؟!)

ابتسم "مهاب" في محاولة لتخفيف الجو بينهما فقال:
(لا أقصد... لكن ما أنوي قوله لا يجب أن أقوله سوى لشخص يتولى أمرها)

تنفس بصعوبة يكبح رغبته في تحطيم فكه بحدة ليمنع هذا الكلام الثقيل من الخروج... أكمل "مهاب" يقول بنبرة بديهية:
(بما أنك توصلها كل يوم فأنت بالتأكيد من الدرجة الاولى في العائلة... سيدي أنا معجبا بها جدا و أنوي الزواج فقط سأفاتح أبي في هذا الشأن و نأتي لنخطبها منكم... لذا رجاء لا تأخذ عني فكرة خاطئة أنا لا أعاكسها أبدا فقط كنت اطمئن عليها)

تكورت يده بقوة جانبه و جز على ضروسه بصوت مسموع جعل "مهاب" يبتعد بقلق كبير للخلف يضع كفه فوق عنقه برعب...
همس "أحمد" بصوت جليدي مرعب:
(لن آخذ عنك فكرة سيئة بل سآخذ روحك إن شاء الله... من التي تعجبك أيها الطفل ؟!... هل تفكر في الزواج و أنت لا تزال تأخذ مصروفك من والدك؟!... اسمعني يا ولد لو لمحت ظلك قريبا منها في يوم لا تبكي سوى على حالك )

اقترب منه يقول بتعجب مصدوم:
(هل الزواج عيب؟!... أنا اطلبها على سُنة الله و رسوله)

رفع "أحمد" كفه و كان وشيك من لطمه بقوة فوق خده المستفز ... لكنه توقف في أخر لحظة يقول بغضب:
(هل أنت معتوه ؟!...)

عقد حاجبيه يقول بغباء:
(لمَ؟!... هل تراني مجنونا لأنني أحب اختك؟!)

اتسعت عين "أحمد" قليلا ليقول بعدها بصوت مشتعل:
(هي ليست أختي ... و ليست للزواج)

لاحت الصدمة فوق وجه "مهاب" ليقول بوجه حزين:
(لماذا؟!... ثم ما صلتك أنت بها؟!)

جذبه "أحمد" من ياقة قميصه بعدما فلت الأمر من يده... هذا الولد يستفزه جدا و يجعل دمه يغلي... همس له و هو بهذا القرب المخيف:
(لماذا ... لأنها متزوجة ... و من أنا... أنا زوجها أيها المغفل)

سقط فم "مهاب" بصدمة يقول بعدم تصديق:
(مستحيل ... هل "رُبى" متزوجة؟!... كيف هي حتى لا ترتدي خاتما في يدها!!)

نفضه "أحمد" من يده ليرتد للخلف و يكاد يقع لولا حفاظه على توازنه بصعوبة... فقال "أحمد" بحدة كبيرة:
(و ما دخلك أنت بها؟!... ترتدي خاتما او لا هذا لا يخصك!!)

رفع إصبعه يؤشر له بوعيد حقيقي يقول:
(ولد أقسم لك لو رأيتك حولها في أي مكان سأجعلك تندم أشد ندم...)

تركه في صدمته و نعيه لحظه النحس و تحرك بغضب نحو السيارة... يراقبها من بعد تتحدث مع صديقتها ببسمة تخبله... هذه الصغيرة أصبحت مطمع و هذا المغفل فتح عينيه على اشياء لم تكن في حسبانه اولهم أنه لا بد من شراء خاتم زواج لها... و أهمهم هي بسنها الصغير هذا بالتأكيد ستميل لشاب من نفس عمرها و ليس رجلا يكبرها بحوالي عشر سنوات و تزوجته غصبا!!...

.......................................

يا ليلة العيد انستينا...
و جددتي الأمل فينا...
يا ليلة العيد...
هلالك هلَّ لعينينا...
فرحنا له و غنينا...
و قولنا السعد حيجينا...
على قدومك يا ليلة العيد...

وسط تراقص قلوب الناس على أنغام الفرحة لاستقبال أول أيام عيد الفطر... تقف هي في غرفتها بقلب وجل و عقل مشتت و جسد ثلجي... ساعات قليلة تفصلها عن معرفة نتيجتها!... فقط ساعات يا "رُبى" و ستعرفين إلى أين سيأخذكِ المستقبل... لقد رفضت مقابلة أي شخص حتى هو يكفي ما رآه معها في فترة امتحاناتها لا يجب رؤيتها في وضع مزري كهذا!... جلست فوق سريرها بتعب كبير كل اعضاء جسدها مشنجة بقوة... هاتفها لا يصمت للحظة الجميع يتصل بها يؤازرها و يدعو لها... الجميع ينتظر يا "رُبى"...
بعد ساعتين سيذهبون كلهم لزيارة القبور... كعادة عرفتها من "حنان" يزورون قبر والد "أحمد" كل عيد و يوزعون الطعام على الفقراء... رفضت الذهاب معهم و كم ارتاحت حينما وافقوا متفهمين خوفها... زفرت بتعب فمال رأسها للخلف لتغط في نوم اغلبه كوابيس!...

سمعت دقا فوق باب غرفتها ففزعت لتقف فجأة بفزع و عقلها يفقد التركيز ... اتجهت ناحية الباب تفتحه ببطء لتجد "أحمد" واقفا أمامها بكامل ثياب خروجه... عقدت حاجبيها تقول بتعجب:
(هل لا تزالون هنا ؟!...)

اجابها بنظرة غريبة عليها:
(لا لقد تركتهم و عدت لكِ...)

لا يزال عدم التركيز مسيطرا فقالت بتوجس:
(ماذا حدث؟!)


دلف الغرفة لأول مرة منذ تزوجا ليقف عند بابها ينظر لها نفس النظرة الغريبة ... قلبها تجمد و عقلها تشتت فهمست بقلق :
(ماذا؟!...)

تنهد ببطء يقول بهدوء:
(لقد ظهرت نتيجتكِ؟!...)

و كأنه سكب عليها دلو من الجليد... اتسعت عيناها بخوف و ثلج جسدها بشدة ... ابيضت بشرتها بصورة ملحوظة أمامه فقالت بهمس مرتعد مختنق:
(كيف كانت؟!...)

تقدم خطوة اخرى للداخل يقول:
(الحمد لله على كل شيء... أنتِ مؤمنة بقضاء الله)

فركت كفيها بخوف جلي و هي تتطلع له بأعين دامعة... همست بتوسل تقول:
(ماذا يعني؟!)

راقب دمعاتها المرتبكة و جسدها المتخشب فزفر ببطء اشعل خوفها... سحب نفسًا كبيرًا ليقول:
("رُبى"...)

صمت لتتقدم منه تكاد تلتصق به و كأنها تنوي على سحب الكلام من جوفه ليبرد نار قلبها المرتعد... غمغمت بصوت مختنق:
(ماذا؟!... أرجوك)

نظر داخل عينيها الباكية لتلين ملامحه و يقول ببطء :
("رُبى" أنتِ... ستدخلين كلية الهندسة)



الجمتها الصدمة بقوة فجعلتها تشهق باكية و كأنه اخبرها أنها رسبت!... تقدم منها يعتذر عن مقلبه الثقيل فقال ببسمة:
(اعتذر ... لا تبكِ لقد نجحتِ بمجموع يخول لكِ الدخول لكلية الهندسة)

نظرت له بأعين ملتهبة لا يعرف متى ذرفت كل هذه الدموع في فترة قصيرة جدا... همست بصوت متقطع تقول بأنفاس متلاحقة:
(أنا ... نجحت بمجموع... كبير... أنا كلية الهندسة... صحيح)

رق قلبه لها بصورة كبيرة فامسك كفها المرتعش يقول بهدوء حنون:
(لا بأس تنفسي ببطء... لا بأس ب...)

قطع جملته حينما ارتمت بين أحضانه تتعلق في رقبته ببكاءٍ عالٍ... توقفت الدنيا و من عليها و هي جوار قلبه... تتشبث بكل قوتها به ... تبكي بكل طاقتها لتسيل دموعها على رقبته تشعل شعوره نحوها... "رُبى" بين ذراعيه!!!
أغمض عينيه لا إراديا لترتفع ذراعاه حول جسدها الساكن بداخله ببطء... فقد الشعور بأي شيء فقط ملمس ظهرها النحيل الذي يزين كفه ينعش قلبه بقوة... فقط حركة قفصها الصدري التي تضرب ضلوعه ترفع من سعادته ... فقط هي "رُبى"
يستشعرها و يستشعر قربها لأول مرة... يده مُنحت الفرصة اخيرا لتسكن جسدها الذي عزز من مشاعره مفقودة الهوية بالغصب بداخله... أنه يضم صغيرته لقلبه... يشعر بها كمرأة كاملة ناضجة... كامرأته !!!... نعم من بين ضلوعه قرب قلبه الآن هي زوجته التي انعشت به شعورا خاصا جدا...



أنتهى الفصل....
ألقاكم الفصل القادم...

Jayb and ام علي هاني like this.

AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:22 AM   #313

سيلينان
 
الصورة الرمزية سيلينان

? العضوٌ??? » 388542
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,266
?  مُ?إني » في حضن و دفء عائلتي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
الطيبة ليست غباء! .......... إنما هي نعمة فقدها الأغبياء!
افتراضي

ياعسل شو هالحب كلو يسلمو

سيلينان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:48 AM   #314

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيلينان مشاهدة المشاركة
ياعسل شو هالحب كلو يسلمو
تسلميلي حبيبتي⁦❤️⁩💞⁦❤️⁩💞


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 02:22 AM   #315

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

تسجيل حضور متأخر
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 40 ( الأعضاء 18 والزوار 22)
‏ام زياد محمود, ‏simsemah, ‏Hya ssin, ‏شروق شادى, ‏NON1995, ‏AyahAhmed, ‏منارًً, ‏zezo1423, ‏الغفار, ‏احب القراءه, ‏mariam sayed, ‏نور المعز, ‏Arjoana, ‏Soy yo, ‏زهراء ش, ‏الكويتية, ‏موضى و راكان, ‏Miraljood




ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 03:26 AM   #316

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

الفصل الخامس عشر
ايوه بقي هي دي الخطط اللي بتجيب من الاخر الله عليكي ياحاجه نعمه
لقد هرمنا ياريهام اخيرا اقريتي واعترافتي بمكانة معاذ في قلبك وحياتك وقدرتي تشوفي الفرق بين شيطان حاول يستغل احتياجك للحنان والاهتمام اللي افتقدتيهم بسبب معاملة ابوكي الجافة وتحكماته الدائمه
وبين انسان بيحبك فعلا وبيخاف عليكي
وبعدين الصرصار والغيره من المنيلة شريفه بيجيب نتيجة برضو
سارة انسانه غير سوية بسبب تربيتها الغريبة وبصراحة بلقي كل اللوم علي امها بسبب ضعفها واستسلمها وسوء اختيارها اللي خلاها تعيش في اهانه دايمه ودا اثر علي بنتها اللي طبعا ليها حق تدور علي فرصة عشان تخرج من الفقر اللي عايشه فيه بس مش من حقها تفرض نفسها علي انسان مش راغب فيها
الحمد لله ان احمد عرف سبب تغير ربي واتمني يبطل موضوع المسئولية دا بقي ويبدأ يشوفها بشكل حبيبة دخلت لحياته
طفطف وغصن الزيتون لا تعليق فيه قر وحسد بس هههههههه
لي عودة ان شاء الله



ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 04:33 AM   #317

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

والله رمضان وحشني انا بحب رمضان جدا والنقشبندي واغنية ياليلة العيد الله الله بحبهم جدا
الحمد لله في استقرار اخيرا في حياة معاذ بعد تفهم ريهام لمشاعرها
ياعيني عليك ياطفطف مش قادر تستحمل الصيام واديت الموظفين اجازه باقي اليوم هههههههههه والله انت عسل
حبيت ذكاء الجدة وفهمها لمشاعر الاتنين اللي هيجننونا
هاشم بدأ يصعب عليا وهو مش عارف يعبر عن حبه لبناته بطريقة تخليهم يقربو منه بدل البعد والجفاء
مهاب امشي ياحبيبي العب بعيد
اجواء الثانوية والكابوس و الأزلي وبرضو رحمه عسل هههههه
احمد ياعيني علي الغيرة والقرارات المصيرية في اثبات الملكية
تسلم ايديك يا يويا الفصلين في منتهي الجمال



ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 12:40 PM   #318

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اخيرا ياريهام اعترفتى معاذ يستاهل الفرحة
بس لازم تشكر حماتها عملت مجهود جبار وفر غليهم كثير من الوقت
الحمد لله ربى نجحت وحققت حلمها وهتدخل هندسة
انا كان احمد كان هيقتل مهاب اومال هيعمل ايه فى شباب كلية الهندسة
ربنا يبعد بس عنهم العقربة سارة وكل حاجة تمشى تمام
تسلم ايدك يويو


عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 01:35 PM   #319

Arjoana

? العضوٌ??? » 370019
?  التسِجيلٌ » Apr 2016
? مشَارَ?اتْي » 308
?  نُقآطِيْ » Arjoana is on a distinguished road
افتراضي

رائعة 👏👏👏👏👏
آه مشاعر ربى وأحمد 😍😍😍😍

الفصلين رائعين وسردك ووصفك أروع وأروع
مشكورة على هالإبداع


Arjoana غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-19, 05:29 PM   #320

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
تسجيل حضور متأخر
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 40 ( الأعضاء 18 والزوار 22)
‏ام زياد محمود, ‏simsemah, ‏hya ssin, ‏شروق شادى, ‏non1995, ‏ayahahmed, ‏منارًً, ‏zezo1423, ‏الغفار, ‏احب القراءه, ‏mariam sayed, ‏نور المعز, ‏arjoana, ‏soy yo, ‏زهراء ش, ‏الكويتية, ‏موضى و راكان, ‏miraljood


منوراني دايما يا أم زياد 💕💕💕


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:36 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.