آخر 10 مشاركات
السر الغامض (9) للكاتبة: Diana Hamilton *كاملة+روابط* (الكاتـب : بحر الندى - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ❤ ......إليكِ يانفسي......❤ *مميزة* (الكاتـب : متذوقة بالفطرة - )           »          نظرات في مقال جنون العظمة: حين ترى نفسك إله (الكاتـب : الحكم لله - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          رواية العودة المتأخرة _روايات غادة (الكاتـب : الأسيرة بأفكارها - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          ???? ليست ايام عابره ???? (الكاتـب : الاسود المغرمه - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree70Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-12-19, 07:14 PM   #641

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soy yo مشاهدة المشاركة
في الانتظار .....ونشوف احمد عيعمل ايه....و ادهم حيخبص ايه
ابقوا في وضع الاستعداد🔥🔥🔥


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 08:14 PM   #642

سيلينان
 
الصورة الرمزية سيلينان

? العضوٌ??? » 388542
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,265
?  مُ?إني » في حضن و دفء عائلتي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond reputeسيلينان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
الطيبة ليست غباء! .......... إنما هي نعمة فقدها الأغبياء!
افتراضي

مساء الورد نحنا جاهزين للانطلاق

سيلينان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 08:17 PM   #643

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيلينان مشاهدة المشاركة
مساء الورد نحنا جاهزين للانطلاق
يا هلا وغلا بسيلينان❤


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 10:20 PM   #644

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 23 ( الأعضاء 9 والزوار 14)

‏موضى و راكان, ‏mannoulita, ‏فديت الشامة, ‏asaraaa, ‏الغيد 11, ‏zezo1423, ‏سمية21, ‏AyahAhmed, ‏اذكرو الله




مساء الخير لكل الحضور

في أنتظار مفاجأت فصل اليوم


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 10:25 PM   #645

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 23 ( الأعضاء 9 والزوار 14)

‏موضى و راكان, ‏mannoulita, ‏فديت الشامة, ‏asaraaa, ‏الغيد 11, ‏zezo1423, ‏سمية21, ‏ayahahmed, ‏اذكرو الله


:ts_012::ts_012:

مساء الخير لكل الحضور

في أنتظار مفاجأت فصل اليوم
مساء الياسمين 🌹
مشكورة حبيبتي♥


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 10:58 PM   #646

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 24 ( الأعضاء 11 والزوار 13)



‏موضى و راكان, ‏الغفار, ‏houda4, ‏ميسى93, ‏zezo1423, ‏الغيد 11, ‏ward77, ‏AyahAhmed, ‏فديت الشامة, ‏asaraaa, ‏سمية21


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 11:02 PM   #647

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع و العشرون

الفصل الرابع و العشرون

خرجت بنفسها تغلق الباب خلفه لتتأكد من ذهابه و تريح قلبها المضطرب في وجوده... لكنها التفتت مجددا للبوابة لتجد هذا الشاب ينادي عليها بهدوء... تقدمت منه لتقف خلف البوابة الحديدية تسمعه بترقب...
(هل هذا منزل "الحسيني"؟!)

اومأت له بصمت فأكمل حديثه بينما يمد يده لها بكيس صغير بلاستيكي...
(هذه طلبات للسيدة "ريهام الحسيني" من الصيدلية)

امتدت كفها من بين فتحات الباب الحديدية لتلتقط الكيس منه قائلة بتعجب:
(أي طلبات هذه؟!...)

رفعت نظرها له لتبتسم بهدوء و تسأله عن ثمن المشتريات... بعدما ذهب تحركت هي للداخل و بيدها الكيس الصغير... قابلتها "ريهام" عند باب البيت بصدر لاهث تنظر للكيس في يدها بارتباك... رفعته "رُبى" إليها تقول بصوت هادئ:
(لقد وصل طلبكِ من الصيدلية...)

انتشلت الكيس من يدها بسرعة غير مقصودة تقول ببسمة متوترة:
(شكرا لكِ.... كنت أشعر بالصداع فأرسلت لشراء دواء له)

راقبت توتر أختها الغير مفهوم لتقول ببساطة بينما تعبرها لتدخل ...
(لا بأس... شفاكِ الله)

نظرت "ريهام" لحركة أختها حتى اختفت تماما فعادت تفتح الكيس البلاستيكي بنظرات مترددة...
بعد قليل في غرفتها...
خرجت من الحمام بأعين متسعة غير مصدقة و بداخل كفها تقبض على شيء ما بقوة... لقد شعرت بتغيرات كثيرة تدل على هذه النتيجة قبل أيام!!... وضعت ما بيدها فوق طاولة الزينة و ذهبت بنفس هيئتها للأسفل حيث "معاذ"...

كان جالسا مع ابنته يشاهدان التلفاز و خاصة برامج الأطفال التي تعشقها "روفان"... رفع بصره حيث صوت زوجته الخافت الذي يناديه من ناحية السلم... وجدها واقفة بوجه ربما مصدوم و كفيها متشبثين معا تفركهما بتوتر... استقام إليها بسرعة و حينما وصل لها لامس وجهها بكفه يقول بقلق:
(ماذا هناك حبيبتي؟)

ابتلعت ريقها بتوتر أمام عينيه ثم تحركت كفها لتتمسك بكفه تسحبه معها للأعلى قائلة:
(تعال معي حالا...)

عقد حاجبيه بدهشة كبيرة من تصرفها و لكنه صعد معها بقلب بدأ يتوتر بخوف عليها...
دلفت الغرفة و هو خلفها و لكنها التفتت لتمتد ذراعها حيث الباب تغلقه ورائهما... تابع كل ما تفعله بصبر و حينما جاء الوقت ليسألها صمت بأعين متسعة مما تفعله... لقد تمسكت بكفه بقوة تنظر في عينيه الرمادية ببنيتها الساحرة و الدامعة!!... تقدمت للأمام حتى أجبرته على التراجع ليستند على باب الغرفة بدهشة منها... همس بخفوت مترقب:
("ريهام"!!...)

قاطعته حينما استطالت على أصابع قدمها بينما كفاها لا يزالان متمسكان بكفيه بقوة... وصلت بشفتيها حيث عينه اليمنى تضع قبلة طويلة متمهلة فوقها ... أغمض عينيه يستقبل دلالاها بقلب عاشق سعيد... تركت عينه اليمنى لتنظر في وجهه ببسمة صغيرة من هذا القرب و تتجه ناحية عينه اليسرى تضع قبلة أخرى هناك... انزلقت قليلا بسبب استطالتها التي أرهقت أصابع قدمها فترك كفيها ليتمسك بخصرها بقوة و يرفعها منه حيث الطول المناسب لعينيه... بعدما انتهت امتلكت وجهه بعينيها الدامعة بحب... فتح عينيه ببسمة رضا يهمس بصوت متأثر:
(ما سر هذه الدموع في عينيكِ حبيبتي؟!)

امتدت يدها لتطوق عنقه بصمت و تنظر له نظرات تبهج قلبه ... اقتربت بوجهها من وجهه لتستند بجبهتها فوق جبهته تقول بصوت خافت للغاية:
(لأنني سعيدة جدا ...)

ابتسم بحنان ينظر لها من هذا القرب ... طبع قبلة خفيفة فوق أنفها جعلتها تبتسم بخجل و تتحرك للخلف تاركة جبهته فقال:
(و ما سر سعادة حبيبتي؟)

أحمر وجهها خجلا أمامه و نظرت للأسفل بحرج... عقد حاجبيه يراقب ما تمر به زوجته و قبل أن يتحدث سألته هي بخفوت متوتر:
(ماذا طلبت منيّ قبل أسابيع؟!)

تبلدت ملامح وجهه فقال ببسمة صغيرة:
(و هل أتذكر أنا ماذا طلبت قبل يوم حتى تسألينني عن قبل أسابيع؟!!)

زمت شفتيها بغضب طفولي محبب لديه... امتدت أصابعها تحرك ياقة قميصه بدلال قائلة بخجل:
(سأساعدك قليلا... أقصد ليلة القميص الأحمر)

ضحك عاليا بشكل أخجلها فضربته بخفة فوق صدره... تململت بين كفيه كي تنزل للأسفل لكنه شدد عليها رافضا... هدأ قليلا ليقول بأعين لامعة:
(سأكون كاذبا لو قلت أنني أتذكر شيئا مع هذا القميص... لقد أنساني اسمي يا مالكة القلب)

صرخت به بحرج قائلة بأمر:
("معاذ" توقف... و لا بد أن تتذكر ما طلبته ليلتها؟)

كتم ضحكه بصعوبة و امتلك وجهها الخجل بعينيه الذائبة بها... حينما لمح اصرارها دقق في ذاكرته البعيدة ليعرف ماذا تقصد... و بعد لحظات شعرت بكفيه يهتزان حول خصرها بصورة ملحوظة... رفعت بصرها إليه لتجده ينظر لها نظرة متسعة بينما لسانه قد عُقد... همست بخفوت مع بسمة صغيرة:
(أنزلني يا "معاذ"...)

برفق تحركت كفاه بها للأسفل حتى لامست قدمها الأرضية... لا يزال ينظر لها بعينيه الغير مصدقة... همس بتيهٍ يقول:
("ريهام"!!!)

تحركت كفها تتشبث بكفه حتى وصلت بها أمام بطنها مباشرةً... وضعتها فوقها ببطء تحركها حركات دائرية عليها بينما تهمس بأعين دامعة كلماته قبل أسابيع...
(تعرفين بماذا أحلم يا مالكة القلب؟!... بأن تكبر عائلتنا الصغيرة و تمنحيني أطفال كثر يشبهونكِ ... أريد أن أحمل طفلي هذه المرة دون خوف من كونكِ لا تريدينه!...)

ارتعشت كفه فوق بطنها و دون قصد ترقرقت عيناه بخيط رفيع من الدموع... همس بعدم تصديق يقول ببسمة كبيرة متوترة:
("ريهام" هل أنتِ... أنتِ حامل؟!!)

هزت رأسها ببسمة خجولة سعيدة تهمس له:
(لقد عرفت قبل قليل من اختبار الحمل... و غدا سأذهب مع أمي عند الطبيبة النسائية لأتأكد)

سحبها بسرعة بين أحضانه يطوقها بقوة و حنان يشتم شعرها بأنفاس تائهة في جمالها... لقد منحته حلمه الذي همسه لها من قبل دون أن تتردد... قبّل رأسها بقوة يقول بشكر:
(لا أعرف كيف أصف لكِ شعوري حاليا... لكن شكرا لكِ)

خرجت من بين كفيه تنظر له بأعين دامعة تقول:
(أحبك جدا...)

ابتسم بسعادة متأثرا بكل ما مر به الآن... حملها فجأة بين ذراعيه ليدور بها في الغرفة بضحكة عالية سعيدة يردد مع دورانهما كلماته بصوت عاشق:
(و أنا أحبكِ يا مالكة القلب.... أحبكِ حبيبتي)

بعدما تقاسما ضحكات الفرح و دموع السعادة أجلسها فوق السرير و جلس جوارها... تحتل رأسها مساحة صدره بينما كفها داخل كفه يداعبه بأصابعه بهدوء... همست بصوتها القلق تقول:
("معاذ"... أنا خائفة من نشر خبر حملي للعائلة)

توقفت حركة أصابعه لينظر لرأسها بتعجب قائلا:
( لماذا؟!!!)

تشبثت بيده تقول بصوت حزين:
(من أجل "رُبى"... لقد كذبت عليها و أخبرتها أن ما بداخل الكيس دواء للصداع كي لا أجرح مشاعرها)

تكلم بهدوء يقول:
(لا أعتقد "رُبى" ستحزن من خبر حملكِ... ألا ترين كيف كانت سعيدة اليوم و هي تصف ابن "مصطفى النجار" لنا؟!)

غامت عيناها بحزن على حال أختها لتقول :
(من بين هذه السعادة يسكن الحزن عينيها يا "معاذ"... حزن لن يره سوى مرأة مثلها تعرف معنى الحنين لطفلها)

تنهدت بثقل تقول:
(أختي يقتلها الحنين لطفلها يا "معاذ" لكنها تعاند و تخفي هذا عن الجميع)

تحول صوتها للحنق مرة واحدة لتقول بغضب لازمها منذ استيقظت و وجدت طليق أختها عندهم...
(ثم كيف واتته الجرأة ليأتي و يبيت هنا بعد ما فعله بها؟!... أنا لا استطيع نسيان طلاقه لها في أصعب مرحلة في حياتها كلها!!... كنت أعتقد أنه يحبها و لكن بعد ما فعله تبخر اعتقادي كله ... من يحب لا يجرح و لكنه جرح أختي بقسوة)

اتسعت أعين "معاذ" بتعجب من تغيير زوجته للأمور التي يتحدثان فيها بل و انفعالها أيضا... شدد من ضمه لها يقول بهدوء:
(لا تنفعلي من أجل صحة الجنين...)

تكلمت بعصبية تقول:
(لا أستطيع تمالك نفسي كلما أذكر طليق "رُبى"... كيف فعل بها هذا و يأتي الآن ليدخل حياتها بكل تبجح!!!)

ربت فوق كتفها بحنان ليقول بعدها بهدوء رزين:
(رغم صعوبة ما عاشته أختكِ في تلك الفترة و رغم رفضي لما فعله "أحمد" وقتها لكني بعد سنوات فهمت مقصده من طلاقها و رغبته في اعطائها حريتها)

عقدت حاجبيها بعدم فهم تقول:
(ماذا يعني؟!!)

أكمل هو بنفس الهدوء:
(يعني أنه لو استمرت حياتهما دون طلاق دوما كان سيتواجد بينهما شعور بالنقص من كليهما ، لكونهما أجبرا على هذه الزيجة ذات يوم... كانت ستظل هناك حساسية في علاقتهما و هذا ليس جيدا بالمرة... "أحمد" أراد أن يعطي لأختكِ حريتها لتنطلق بعيدا عن مصاعب كانت أكبر منها وقتها... أراد أن تحلق في السماء الواسعة و تشفي جراحها بنفسها ثم تعود لتغرد أمامه من جديد...)

زمت شفتيها بسخرية تقول:
(تغرد من جديد و هي مطلقة !!... لو فرضنا أن هذا مقصده لماذا يطلقها ؟!... ماذا لو عادت و رفضت عودتها له؟!)

تنهد "معاذ" يقول بهدوء:
("أحمد" قرأ شخصية "رُبى" و فهمها جيدا في وقت قصير... عناد و كبرياء أختكِ كان لا بد أن يُستفز لتخرج من صدمة فقدان ابنها ... كما أنه لا بد أن تختار هي بنفسها شكل حياتها الجديدة... "أحمد" منحها الاختيار بعيدا عنه و عن الضغوطات هنا... و بالنسبة لطلاقه لها لم يكن سوى مسمى فقط لا تنسي أنه كان طلاقا رجعيا و كان يحق له إعادتها دون السؤال عن رأينا أو رأيها ... لكنه لم يرد إعادة أختكِ غصبا بل وكلها أمرها تفعل به ما تشاء تحت عينيه...)

صدر صوت "ريهام" المستفسر تقول:
(تحت عينيه!!!)

شرد في الفراغ يتذكر مهاتفة "مصطفى" له حينما سافر "أحمد" دون أن يخبر أحد بمكانه ليقول بعدها بهدوء:
("أحمد" لم يترك أختكِ بمفردها يا "ريهام" كان حولها طوال الوقت...)

رفعت رأسها إليه بأعين غير مصدقة تقول بشك:
(كيف؟!)

ابتسم بسمته الرائعة يقول:
(دعيهما يرسما حياتهما برغبتهما و لا نتدخل... "أحمد" يحب "رُبى" بصدق رغم كل شيء... و أختكِ تمتلك مشاعر نحوه لكني غير متأكد من كونها حب حتى الآن ...)

قبّل رأسها ليقول بشرود:
("رُبى" جيدة في حجب مشاعرها الداخلية عن الأعين... و هذا ما جعل "أحمد" يخطأ في قرأتها و يفعل كل ما فعل ظنا بأنه يخفف عنها و يرحمها من تواجد شخص لا تحبه في حياتها رغم صعوبة ما فعله على نفسه... لقد تخلى عن حبه بيده فقط كي لا يجرحها أكثر )

..................................

واقفة أمام مرآتها تضبط سترة الحلة الرسمية بينما الهاتف فوق أذنها تحدث أحدهم...
(حسنا سيتم عند الواحدة ظهرا كما اتفقنا... لا أريد تأخير أرجوك يجب أن يتعرف عليك الجميع اليوم...)

سمعت طرقا فوق بابها فأسرعت تقول:
(مضطرة أن أغلق الآن ... تصل بالسلامة)

سمحت للطارق بالدخول ففتحت "ريهام" الباب تقول بخفوت:
(هل لديكِ بضع دقائق أتحدث معكِ فيهم؟!)

التفتت لها ببسمة تقول:
(بضع دقائق فقط بل لكِ وقتي كله... تعالِ يا "ريهام")

دلفت بملابس الخروج تحت انظار اختها المتعجبة ... كانت متوترة و مترددة في قول ما تريد... تنحنحت "رُبى" تقول بمرح:
(إلى أين في هذا الوقت المبكر؟!... هل ستأخذين "روفان" في نزهة صباحية)

هزت رأسها نفيا ثم تقدمت من أختها تمسك يدها بنظرة عين متأثرة... ارتفع حاجب "رُبى" للأعلى لتقول بتعجب:
(ما بكِ "ريهام"؟!)

تنفست "ريهام" ببطء لتقول :
(أنا و أمي سنخرج الآن لزيارة طبيبتي النسائية... لأنه يعني من المحتمل أن... أنني حامل)

لم تشعر بنفسها سوى و هي بين أحضان "رُبى" التي هتفت بسعادة كبيرة بينما تقبّلها من وجهها بفرح...
(مبارك حبيبتي... مبارك يا "ريهام"... سأصبح خالة للمرة الثانية)

اشفقت عليها و هي تراقب هذا الحزن في مقلتيها المختبئ خلف فرحتها... لامست وجهها بكفها تقول بحنان:
(سيعوضكِ الله عن كل هذا الصبر يوما...)

ارتعشت شفتاها بصورة طفيفة لتقول بمرح بعدها:
(دعكِ منيّ أنا الآن و أخبريني ماذا ستقول الطبيبة على الهاتف اتفقنا...)

مالت "ريهام" تقبّل وجنتيها بحنو ثم مسحت بدفء فوق وجهها تقول ببسمة شاكرة:
(اتفقنا حبيبتي... شكرا لكِ لأنكِ أرحتني من حرج كبير)

ابتسمت لها "رُبى" بسعادة حتى خرجت من غرفتها و أغلقت الباب... انحصرت بسمتها شيئا فشيئا ثم تحسست بطنها بشوق يقتلها... هذه الأيام و كل ما يحدث حولها من ولادة و حمل يذكرها به... همست بحنين تقول:
(والدتك تموت شوقا لك حبيبي...)

اتجهت بأعين دامعة ناحية دولابها لتخرج حقيبة ملابسه الكبيرة... فتحتها ببسمة صافية رغم دموعها تتلمس كل قطعة بها بحب... لكن عيناها اتسعتا فجأة بخوف لتنبش في الملابس بسرعة كبيرة... وقفت تقول بصوت تائه:
(أين ذهب القفاز الصوف؟!...)

بعدما بحثت في كل ركن في غرفتها عن قفاز ابنها لم تجده... احتدت عيناها بقوة وهي تهمس بغضب:
(أقسم لك لو اكتشفت أنك الفاعل ستندم يا "أحمد"...)

حملت حقيبتها و خرجت تصفق الباب بحدة خلفها متوعدة له بالغضب.....
دلفت الشركة بوجه متعكر و كل هدفها أن تصل إليه لتعرف إلى أين ذهب قفاز ابنها... وققت قبالة "رحمة" تقول بصوت عصبي:
(لدينا اجتماع عند الواحدة ظهرا يا "رحمة" ... رجاء بلغي جميع الرؤساء)

هزت "رحمة" رأسها بحزن لم تلحظه "رُبى" بسبب غضبها... تحركت من أمام مكتب صديقتها لتتجه ناحية مكتبه و في نيتها أن تقتلع قفاز ابنها منه بكل قوة... وصلت حتى مكتبه لتدفع الباب دون استئذان و تدخل منه كزوبعة غاضبة تقول بحدة:
("أحمد" أين....)

قطعت جملتها حينما وجدت بعض العملاء معه في المكتب و "مصطفى" يقف أمامهم يشرح لهم خطة العمل...
منذ وقعت عيناه عليها ابتهج قلبه بسعادة... لكن هيئتها أفزعته فوقف بسرعة يتجه نحوها... واقفة عند الباب تنظر للجميع بحرج يجعله يريد تطويقها بين ضلوعه بكل روحه... وقف قبالتها يسألها بقلق:
("رُبى" ما بكِ؟!)

رمقته نظرة غاضبة ففهم أنها جاءت ناوية الشجار... ابتسم بسمة صغيرة متوارية و قلبه يطلب منها المزيد... حتى و إن كان شجارا يكفي أنها ستكون طرف ثان فيه... تحدث "مصطفى" مع العملاء بأدب يقول:
(أعتذر منكم جميعا يبدو أن رئيسة المجموعة تريد المهندس "أحمد" في شيء... هلا أتيتم معي إلى مكتبي لنكمل حديثنا؟)

شيعت الجميع بنظرات محرجة و بعدها قابلها وجه "مصطفى" الباسم يغمز لها قائلا بينما يغلق الباب:
(خذي حقكِ من أخي أنا في صفكِ...)

زادت وتيرة تنفسها و هي تتذكر لأي سبب أتت... همست له بوعد تقول:
(سأجعله يندم لا تقلق...)

ضحك بخفوت ثم أغلق الباب خلفه ليترك لهما المكتب الذي توترت أجوائه منذ دلفت هي... اتجه "أحمد" ناحية مكتبه يجلس عليه ببسمة صغيرة قائلا بهدوء:
(يبدو من هيئتكِ أنكِ هنا كي تقتلعي عنقي...)

تقدمت منه بنظرات حانقة ثم انحنت أمامه تستند على مكتبه تقول بنبرة صوت عدائية:
(أريد قفاز ابني الصوفي...)

راقب وضعها أمامه ليميل للأمام في مقابلتها قائلا بهدوء:
(أي قفاز؟!...)

اشتد غضبها فضربت سطح المكتب تقول بحدة:
(القفاز الذي سمحت لنفسك فتح خزانتي و النبش في مقتنياتي و أخذ ما تريد منها.... )

وقف من فوق كرسيه يتحرك إليها قائلا بهدوء:
(هذه لم تكن مقتنياتكِ بل أشياء ابني أيضا...)

نظرت له بحدة و كانت على وشك قول شيئا ما لكنه قاطعها حينما قال بتوبيخ:
(ربما هو عقاب على تمزيق صورتكِ التي كانت في محفظتي... يعني نحن متعادلان فتحتي محفظتي من ورائي و نبشتِ في مقتنياتي و أخذتي ما تريدين منها...)

شعرت بالحرج و هو يعيد نفس جملتها لتكتشف أن وقعها صعب على من يسمعها... لكنها عاندت تقول برأس مرتفع:
(هذه كانت صورتي و أنا حرة بها امزقها احرقها أو أفعل أي شيء بها...)

هز رأسها موافقا ليقول بعدها بتأكيد:
(و هذه كانت ملابس ابني و أنا حر آخذ ما أريد منها...)

زفرت بحدة تقول بينما تمد كفها له:
(هل انتهينا من تحديد ملكية كل منا؟!... أعد القفاز إليّ)

شملها كلها بنظرة حانية يقول بصدق لامس روحها:
(بقى أهم شيء لأعيد ملكيته ليّ... فقط يسمح هو و يعطي ليّ كفه تماما كما تفعلين أنتِ الآن لأتمسك به بكل قوتي...)

كورت يدها بخجل تبعدها عنه قائلة بتلعثم غاضب:
(لا تغير مجرى الحديث... أنا أتكلم بصدق يا "أحمد" أعد ليّ القفاز)

رق صوته ليقول برجاء كبير:
(أنا حقا أريده يا "رُبى" ... لديكِ الكثير من الملابس بينما لا أملك أنا أي شيء له...)

هتفت بحنق متذمر تقول:
(هذه الملابس صنعتها أمي له أي أنها كلها ليّ... و أنا....)

اقترب منها يمسك كفها برقة اتسعت معها عيناها... راقب تحرك شفتيها بتوتر ليدق قلبه بعنف... هذا اللون الأحمر فوقهما يزيدهما لمعانا و يزيده جنونا... نظر داخل عينيها يقول بصوت هامس:
(أعرف أن والدتكِ من صنعتهم... لكني أطلب منكِ أن تتركي ليّ هذا القفاز إذا سمحتي)

لانت ملامح وجهها لتنظر لوجهه الراغب بقوة في امتلاك هذا القفاز... تنهدت بضيق ثم سحبت يدها من يده لتتحرك أمامه حيث باب المكتب... فتحته لكنها توقفت قليلا و بعدها عادت تنظر له بأعين لمح بها الدمع تقول برجاء:
(بين خيوط هذا القفاز توجد ذكرياتي... حافظ عليه رجاءً أنت لا تعرف كم مرة تخيلت كفه الناعمة بداخله...)

هز رأسه بحنان بالغ يؤكد لها حفاظه عليه... سحبت نفسًا عميقًا أمامه كي تتماسك و لا تبكي ثم اغلقت الباب خلفها بهدوء ... تنهد بتعب و هو ينظر لباب قائلا بوعد:
(أعدكِ حبيبتي سأصلح كل هذا و أزيل حزنكِ بيدي كما تسببت به يوما....)

......................................

متكئا على كرسيه يحركه يمينا و يسارا بينما المسواك في فمه يتحرك ببطء لكلا الجهتين... انتبه لباب مكتبه حينما فتحه "عبادة" و دخل يحمل كومة أوراق بوجه ضجر... جلس قبالته يقول بصدر لاهث:
(لم أجد معلومة واحدة غريبة عنها... قبل خمس سنوات كانت طالبة في الثانوية كباقي الطالبات لا شيء أكثر من حياة عادية لفتاة والدها لا يمنح للصحافة معلومات عن أسرته...)

وضع الأوراق أمام "أدهم" الذي نظر لها بتدقيق دون أن يتحرك... أخرج المسواك من فمه و اعتدل في كرسيه يقلب في الأوراق بعقل شارد... منذ طلبها للزواج و عقله لا يوقف التفكير عن "رحمة"!!!... تطرأ باله أكثر من الأول و يتخيل شكلها إذا عرفت عن عرضه ل "رُبى"... هل تمكنت منه حبة الكرز لدرجة تجعله يخشى من نظرة عينيها... طلبه لزواج "رُبى" كان يعتمد بشكل كبير على تحديه مع "أحمد" لكن هل يكفي التحدي لإقامة حياة طبيعية بين أثنين... نظر لصديقه يقول بخفوت:
(الأهم أنه لا غبار على سمعتها...)

اومأ له "عبادة" يقول بتأكيد:
(بالتأكيد لو كان هناك شيء آخر كنت سأعرفه...)

هز رأسه بتفهم ثم ارتفع بصره ناحية الباب الذي يدق... سمح للطارق بالدخول لتتقلص عضلة قلبه بقوة غير معتادة حينما لمح "رحمة" تدخل... وجهها حزين للغاية و عيناها ذابلة... ماذا حلَّ بها؟!... راقبها تتقدم منه بسكون حتى وقفت قبالته تقول بخفوت منكسر:
(عند الواحدة ظهرا سيتم عقد اجتماع مع رؤساء المجموعة و عليك الحضور سيد "أدهم"...)

تحدث بنبرة صوت قلقة يسألها بتعجب:
(ماذا حدث معكِ لتحزني هكذا؟!)

تنحنح "عبادة" يقول بينما يقف استعداد للذهاب:
(سأذهب أنا يا "أدهم" أتابع العمل في الموقع...)

بعدما خرج "عبادة" وقف يتجه نحوها بتدقيق جعلها تتراجع للخلف برفض من قربه لها... توقف قبالتها يقول بهدوء رغم نظرة عينيه المخيفة:
(هل أحزنكِ أحدهم هنا؟!... هل تطاولت هذه "سارة" عليكِ مجددا؟)

ابتلعت ريقها بحزن تقول :
(شاكرة لعرض مساعدتك ليّ... لكن سيد "أدهم" يجب ألا تتجاوز حدودك معي ، لا تهتم بمن أحزنني أو أسعدني...)

راقب رد فعلها العنيف ليقول بشك:
(هل عرفتي شيئا بخصوص سهرة العمل الماضية؟!)

توترت ملامحها لتقول بحدة غير مقصودة:
(أخبرتك لا تهتم بأموري ...)

تحركت أمامه بهيئتها الغاضبة و التي دفعته ليغضب هو أيضا... جذبها من ذراعها يواجهها قائلا برفض:
(صوتكِ لا يعلو عليّ مجددا... و سؤالي لم يكن حميما لتكن هذه ردة فعلكِ!)

ابتلعت ريقها بخوف و هي تواجه وجهه الغاضب... كان مختلفا كليا عن كل الرجال الذين عرفتهم بسبب العمل... و رغم اختلافه إلا أنها أحبته دون شعور... التمعت عيناها بدموع غصبا لتقول بصوت مهزوز:
(اتركني...)

هيئتها الهشة أمامه جعلته ينظر بتعجب لنفسه و ما يفعله بها... تربيته تمنعه من التعامل مع النساء بهذا القرب أو هذه القسوة... لكنها مختلفة عنهن جميعا حتى عن "رُبى" التي أخذت من تفكيره مساحة كبيرة ... ترك ذراعها ببطء يراقب دمعاتها المحتجزة في عينيها... همس بخفوت خشن:
(ماذا حدث لتبكي؟!.... أعرف أن يدي صلبة و لكن أنتِ لستِ بسكوتة لتتوجعي من قبضتي هذه!!!)

نظرت له بحدة ليتبدل الدمع إلى نظرة ساخطة تقول:
(لا تناديني مجددا بمثل هذه الألقاب... أنا لست خطيبتك أو زوجتك كي تناديني مرة حبة كرز و مرة بسكوتة ... أنا لا أسمح لك بتعدي حدودك معي)

تفاقم غضبه غصبا ليهتف بها بحدة:
(أخبرتكِ صوتكِ لا يعلو عليّ لأنني حقا لا أضمن العواقب... ثانيا ما بكِ مختلفة عن كل يوم؟!... إذا كان هناك ما يزعجكِ منيّ أحب أن أسمعه؟!!!)

سحبت نفسها بقوة لترفع اصبعها في وجهه قائلة بإصرار:
(أبتعد عني و لا تظهر في طريقي... هذا كل ما أريده)

تركته و خرجت تحت انظاره الغاضبة... ضرب سطح المكتب بحدة لما يشعره بسبب اختلافها معه... و كأن بداخله مشاجرة شوارع يقتل بها الناس بعضهم دون حساب... حريق ينشب بداخله لأنها فقط تغيرت!!... "رحمة" حبة الكرز الحلوة أصبحت خطرا عليه!!!...

اتجهت إلى مكتبها بصدر يعلو و يهبط من الغضب... جلست عليه بحدة تقول بصوت حانق:
(يجب أن تعرف من تريد... أنا لست بديلا لها و لن أكن... إذا سحرك ضوئها و سرت في طريقه لا طريق لك معي لتسلكه...)

خفت صوتها بضعف تقول بحزن:
(مع نجمة خافتة ضوئها لا يكفي لينير قلبك....)

....................................

عند الواحدة ظهرا كان الجميع متواجدا في غرفة الاجتماعات... فوق كرسيها تنظر في ساعتها كل فترة بينما هو جوارها يراقب انتظارها لشخص ما!... على جانبها الآخر جلست "رحمة" المختلفة كليا عن طبيعتها بينما في مقابلة "رُبى" يجلس "أدهم" الذي لم يترك "رحمة" للحظة و كل تفكيره مأسور بها... انتبه الجميع على هذا الصوت الذي صدح من عند الباب بلهجة عربية مختلفة عن لهجتهم يقول بأريحية:
("رُبى" حياتي لقد وصلت...)

ابتهجت ملامح وجهها بقوة فوقفت سريعا تنظر له باشتياق... تقدم منها تحت انظار الجميع ليرفع كفه فوق ذراعها يقول بترحيب:
(اشتقت لكِ كثيرا ... كيف حالكِ ؟)

اتسعت عينا "أحمد" بغضب يراقب ما يحدث بأعصاب مشتعلة... هل سيجدها من "أدهم" ليظهر هذا الشاب !!!... و ماذا عن قول «حياتي» هكذا و كأنه حبيبها!!!.... عاد يتابع ما يحدث بأخر ذرة عقل متواجدة به... ابتسمت "رُبى" بسعادة تقول:
(حمدا لله على سلامتك "إياد" أنارت وطننا...)

تحدث "أدهم" بخشونة يقول:
(من هذا؟!)

التفتت له "رحمة" ترمقه نظرة حزينة قد لاحظها لتزيد من لهيب قلبه... ما بها لتنعكس تمام معه هكذا؟!... هل عرفت عن طلبه لزواج "رُبى"؟!... لكن من سيخبرها؟!... عاد على صوت "رُبى" تقول بحفاوة:
(هذا المهندس "إياد نسيم" صديق ليّ... و سيكون الشريك الجديد معنا بدلا من السيد "عزيز" الذي تخلى عنا لرفضنا التعامل مع شركة "الجندي"...)

بين غليان مشاعر "أحمد" و تيه عقل "أدهم" و ثرثرة "إياد" انتهى الاجتماع الذي نص أن الشريك الجديد سيبقى هنا لمدة أشهر حتى ينتهي العمل في المشروع المؤجل بسبب رحيل الشريك القديم... وقف "إياد" ببسمة عريضة يقول لها ببساطة:
(أحببت ملابسكِ العملية جدا يا "رُبى" ... جعلتكِ ذات مهابة خصوصا مع لون أحمر الشفاه هذا)


ضربة حادة صدرت من "أحمد" و هو يضع الملفات أمامه فوق المكتب... نظرت له ببرود تقول:
(انتبه من فضلك باشمهندس "أحمد"...)

رمقها نظرة اخرستها بينما كل حواسها تؤكد لها بأنه سيقتل "إياد" لو بقى للحظة اضافية معها... ابتلعت ريقها بقلق تقول لصديقتها:
("رحمة" من فضلكِ أرشدي "إياد" إلى مكتبه...)

اومأت لها بصمت ثم ابتسمت بعملية له ليتحرك أمامها تحت انظار "أدهم" الرافضة... هل ستتعامل معه بهذه النبرة الرقيقة و يلاحظ هو حمرة خديها؟!... لربما تجرأ و منحها لقب كحبة الكرز مثلا!!!... وقف بسرعة يتحرك خلفهما لكنه توقف قليلا عند "رُبى" لينظر ل "أحمد" نظرة طويلة ثم بعدها قال:
(هل لا تزالين تفكرين في عرضي؟!...)

تنحنحت بحرج بالغ و قد نست تماما ما حدث يومها بسبب ولادة "ندى"... حاولت أن تتحدث لتنهي هذا الأمر و لكن تواجد "أحمد" يصعب الموضوع عليها... فخرجت جملتها خافتة للغاية...
(يفعل الله ما يريد...)

هز رأسه بهدوء يقول بخفوت:
(نعم... يفعل الله ما يريد)

ابتسمت بسمة مهزوزة تشيعه بنظراتها حتى خرج من الغرفة التي خلت عليها و عليه!!... أصبح يبقى بعد كل اجتماع ليخرج معها... حملت أوراقها بحدة مقصودة و تحركت ناحية الباب لكنها تجمدت فجأة حينما امتدت ذراعه أمامها تغلق الباب قبل أن تصله مباشرةً... تحركت انظارها جوارها ترمقه بتعجب فرد عليها بنظرات مشتعلة جعلتها تتأكد من أنه بلغ ذروة الغضب... قبض على ذراعها بقوة ليوقفها خلف الباب بحركة واحدة... واقفة تستند عليه و تنظر له بدهشة كبيرة... تحركت شفتاها بغضب تقول:
(ماذا تفعل أنت؟!... ابتعد عني كي أخرج؟!)

اقترب منها ببطء يقول بخفوت مستفهم:
(ماذا كان يهمس لكِ "أدهم"؟!...)

همست بتلعثم من قربه تقول:
(لا دخل لك...)

اغمض عينيه لفترة ثم فتحها مجددا لتراقب الحمم المشتعلة بهما... قال مجددا بصوت خافت:
(هل وافقتي على طلب زواجه؟!)

هذه المرة التصقت بالباب بخوف حقيقي من رد فعله لكنها عاندت تقول:
(أخبرتك لا دخل لك...)


كتمت صرختها حينما ضرب الباب خلفها بقوة جعلتها تفزع... قال بأنفاس متسارعة:
(ألم أقل لكِ لا تكرري هذه الجملة من قبل؟!)

راقبت غضبه بأعين مترقبة لتهمس بخفوت:
(قل ما تريد لست مجبرة على السماع منك...)

سمعته يسب بصوت هامس و بعدها عاد ينظر لها قائلا بحدة:
(و من "إياد" هذا أيضا؟!)

رفعت ذقنها تقول بغيظ:
(ألم تسمعني حينما قلت صديقي...)

قاطعها يقول بوعيد:
(اسمها زميلي... لا صديقي)

أكمل بسخرية يقول:
(و ما مدى علاقتكِ به؟!... أرى أنه يتعامل بكل راحة معكِ... يتغزل في ملابسكِ في لون أحمر شفاهكِ و أنتِ تبدين سعيدة بهذا!!!)

امتدت كفه حتى رقبتها لتنكمش من لمسته لعنقها... قال بصوت حاد:
(ألم أخبركِ أن تخفي عنقكِ هذا عن الأعين؟!...)

تحركت كفه مجددا لتصل فوق شفتيها يمسح بأصابعه أحمر شفاهها قائلا بأعين تشع غيرة:
(و ماذا عن بشرتكِ الحساسة ؟!... ألم نكن نعاني من مجرد عطر و الآن ما شاء الله نضع كل أدوات التجميل!!!)

ارتعشت بقوة و أصابعه تتحرك فوق شفتيها على حين غفلة... ماذا يفعل بها بحق الله؟!... ألا يعرف أنها تموت من النظر إليه ما بال لمسته لها؟!... ألا يعرف أنه السبب في كرهها لنفسها بسبب حبها له؟!... تهدجت أنفاسها لتلفح كف يده الذي تسمر و هو يراقب تأثرها به... تاهت منه الأحرف و تعب القلب من الركض خلف حب يبدو للجميع سهل المنال لكنه الوحيد الذي يعرف كم هو صعب... مال للأمام حتى قارب على لمس وجهها تحت انظارها المصعوقة... انتبه لقلقها من قربه فابتسم بخبث يقول:
(أم أن أحمر الشفاه هذا من مصنع صديقة والدتكِ الصيدلانية؟!...)

فاقت من تأثيره عليها لتدفعه بحدة في صدره فتراجع للوراء بنظرات معلقة حيث كانت اصابعه قبل لحظات... تنفست بصعوبة تقول بصوت متقطع حاد و متلعثم:
(هل أصبحت صعب الفهم هذه الأيام؟!... كم مرة سأقولها لا دخل لك بيّ... أضع أحمر شفاه أو أصادق شاب لا تعرفه .... أوافق على زواجي من "أدهم" أنت لا دخل لك... و كي ترتاح أنا مرتاحة ل "أدهم" و أفكر جديا في الموافقة)

يعرف أنها تكذب خصوصا مع حركة عينيها هذه في كل مكان... ابتسم بمشاغبة يقترب منها لتبتعد هي حتى كادت تكسر الباب من كثرة التصاقها به... وقف قبالتها يقول بهدوء عجيب:
(فقط وافقي كما تقولين لأكسر لك عظامكِ كلها عظمة عظمة يا "رُبى" حتى لا يبقى بكِ عظمة واحدة تؤهلكِ للزواج من أحد آخر...)

اتسعت عيناها لتقول بغضب:
(أصبحت تهددني بالكسر كثيرا... ليس بالجديد عليك فأنت دوما تكسرني...)

فتحت الباب بأصابع عصبية غاضبة لتخرج منه تحت انظاره المتألمة... همس بخفوت يقول:
(أقسم لكِ و أنا أيضا كُسرت في بعدكِ عنيّ...)
...................................

دست مفتاح شقتها في الباب بوجه سئم من العيش هنا... فتحتها ليقابلها الظلام الذي يقبض الروح... بحثت عن مصدر الضوء لكنها قبل أن تفعل امتدت يد خشنة و كبيرة من خلفها في عتمة الليل تقبض على فمها بقوة و تكبل ذراعيها معا خلفها... اتسعت عيناها برعب جلي و هي تنساق للخلف مع هذا الرجل الذي لم تره حتى الآن... حاولت قدر الإمكان أن تعرقل حركته بتشبثها في أي شيء لكنه كان أقوى منها بكثير... سحبها حتى الأسفل و بعدها استلمها منه رجل آخر يضع منديلا مبللا فوق أنفها لتسقط في لحظات مغشيا عليها بين أيديهما... أدخلاها السيارة بسرعة قبل أن يلحظ أحد السكان ما يحصل و تحركا بها حيث المكان الذي اتفقا أن يتم تسليمها به!!....

فتحت عينيها بصعوبة بعدما شع هذا الضوء المؤلم قبالتهما... تألمت بصوت مسموع بعدما شعرت بيديها مكبلة بحبل غليظ ... حينما اتضحت الصورة أمامها نظرت حولها في كل مكان برعب كبير... تبدو في مخزن قديم تجلس فوق كرسي خشبي متهالك مكبلة بحبال كثيرة بقسوة... حولها العديد من الرجال المخيفين و الكثير من الظلام الذي يتخلله ضوء مصابيح متدلية كالذي يشع أمامها... ابتلعت ريقها بخوف تقول بهمس متعب:
(أين أنا؟!...)

سمعت صوت أحدهم يقول بضحكة ساخرة:
(أنتِ في الحفظ و الصون يا "سارة"...)

اتجهت بعينيها ناحيته لتتسع بعدم تصديق بينما تهمس بخفوت:
(سيد "عزيز"!!!!)

اقترب منها يقول بنفس الضحكة المخيفة:
(نعم بشحمه و لحمه...)

توحشت نظرة عينيها لتقول بحدة:
(ماذا تقصد من اختطافي و جلبي هنا؟!... هل جننت؟!)

ابتعد قليلا يفسح المجال لأحدهم قائلا بنبرة ساخرة:
(لست أنا حبيبتي... بل السيد "عدوي الجندي" )

نظرت خلفه بأعين ضيقة ليتضح لها ظهور أحدهم من الظلام ... إنه نفس الرجل الذي يظهر في الصحف ... هل هذا هو "عدوي الجندي" حقا؟!...
جلس قبالتها يقول ببسمة مخيفة:
(مرحبا "سارة"... أردت الترحيب بكِ بطريقة غير هذه لكن طمعكِ ما دفعنا لهذا)

ابتلعت ريقها لتقول بتلعثم:
(عن ماذا تتحدث؟!)

ضحك بصوت عالٍ يقول:
(لا أحب الغباء و أنتِ لستِ كذلك)

تابعته يسحب نفسا كبيرا من سيجارته ليقول بعدها:
(أخبرناكِ كل ما نحتاجه توقيع صغير من أحد الرؤساء لتتم صفقتي في صمت بعيدا عن الطفلة الجديدة التي تم تنصيبها رئيس جديد للمجموعة)

رفعت ذقنها تقول بصوت مهزوز:
(و أنا أخبرتكم بمطلبي...)

ضحك مجددا يقول :
(كثير يا "سارة"... كثير جدا ما تريدينه من مال)

نظرت بقلق ناحية "عزيز" و بعدها عادت تنظر له قائلة بثبات زائف:
(لا بأس جدوا غيري يقبل بأموال أقل...)

تحدث "عزيز" يقول بغضب:
(لا يا حلوة ليس بعد أن كشفنا ورقنا أمامكِ...)

هتفت بجزع تقول:
(ماذا تقصد؟!)

تكلم "عدوي" ببساطة يقول:
(أي أنكِ فقط من سيفعل ما نريد...)

اشتدت نبرة صوتها لتقول بحدة:
(و إن رفضت؟!...)

ضحكا معا بصوت عالٍ ليقول "عدوي" بعدها:
(بسيطة سنقدم دفتر شيكاتكِ هذا للشرطة لأن حساب في البنك لا يغطي الشيك الذي كتبته ليّ)

اتسعت عيناها بصدمة و هي تراقب دفترها في يده قائلة بعدم تصديق:
(كيف وصلت له؟!...)

اتجهت رأسه ناحية زاوية من الزوايا يقول ببساطة:
(من يملك أخا متعاطيا يجب أن يخاف لأنهم من أجل جرعة واحدة مستعدين لبيع كل شيء...)

نظرت إلى هذه الزاوية لتجد "أمير" متكوم بها يحك جسده بقوة و يتألم بصوت مكتوم... اشتد غضبها فصرخت به بحدة عالية...
(أيها القذر المتعاطي ... هل تسرقني يا حثالة من أجل جرعة مخدر؟!... أتمنى أن تموت و أتخلص منك أيها الكلب الأجرب... أنا لن أصمت على ما فعلته سأقتلك بيدي يا "أمير"...)

سحب كرسيها "عدوي" بيده حتى قابلت وجهه المخيف ليقول بهدوء:
(الصراخ و العويل لن يفيد... ستفعلين ما نريد و بعدها تأخذين دفتركِ و أخاكِ و معهم خمسة ملايين هدية منيّ...)

صرخت به بحدة تقول:
(لكن ما تطلبه صعب جدا... و سيأخذ منيّ وقت طويل لأفعلها)

ابتسم ساخرا يقول:
(بالتأكيد ليس بطول سنوات السجن بعدما أقدم هذا الدفتر للشرطة... و بالنسبة للوقت معكِ عدة أشهر و بعدها لا تلومن إلا نفسكِ...)

وقف يؤشر لمن معه بأن يحلوا وثاقها لتعود حيث أتت... وقفت تحك كفيها مكان الحبل الغليظ و تتجه معهم حيث مخرج المخزن... سمعت صوت أخيها يقول بتوسل:
("سارة" أرجوكِ أحتاج جرعة حالا... أنا أموت و هم يرفضون إعطائي... أخبريهم أن يفعلوا يا "سارة"...)

تشبث بساقها بقوة يرجوها مساعدته... دفعته بحدة في معدته ليقع متألما على الأرض بينما هي تقول بصوت اختفى منه التعاطف:
(مت فالموت لك راحة مما سأفعله بك ...)

عادت لشقتها بأقدام متعبة و عقل لا يصدق ما مرت به قبل ساعات... جلست فوق طاولة الطعام تشد فوق شعرها بتعب من كثرة التفكير... من من الرؤساء يمكن أن تأخذ توقيعه... "أحمد" بات لا يقبلها منذ سنوات... "أدهم" لا يستريح لها بالمرة... "رُبى" من المستحيل أن تستقبلها في مكتبها لدقائق... رفعت وجهها فجأة لتقول بأعين ضيقة ...
("مصطفى"...)

..................................

نائما فوق الاريكة بصدره العاري بينما ابنه نائما فوق صدره بعد عناء... لقد اتعبهما طوال الليل و "ندى" أصبحت كشبح يعيش في البيت من قلة النوم و التغذية... كله بسبب عقلة الأصبع المتربع فوق صدره هذا!!... سمع صوته الرفيع يبكي من جديد ففتح عينيه بتعب يقول بضجر:
(ماذا يا بني؟!... ألا تنام خمس دقائق على بعض و تمنحني الفرصة لأنام؟!... هل أنت عقاب من الله ؟!)

اعتدل برأسه ينظر له بوجه الأحمر الذي يلامس صدره العاري... زفر بتعب يعتدل بكليته يقول بصوت نعس:
(ما بك يا "مالك"؟!... هل هي غازات مجددا أم أنت جائع؟!)

نظر ناحية زوجته الغافية بعمق فوق السرير... أشفق عليها فلم يرد ايقاظها... حمله و وضع له الرضّاعة الصغيرة في فمه و ظل يتحرك به في الغرفة... تارة يحدثه في مواضيع عديدة و تارة يغني بصوت هامس كي لا يزعج زوجته... بعد ساعتين غفى أخيرا ليعود به ناحية الاريكة قائلا بتعب:
(أيها الوغد الصغير سأجعلك تدفع ثمن ما تفعله بنا حينما تكبر...)

وضعه فوق صدره مجددا و سقط في نوم أصبح كمطلب محرم عليه هو و زوجته...
شعر بقبلتها الرقيقة جوار فمه ففتح عينيه بنعس كبير... استقبلته ببسمتها الجميلة تقول:
(صباح الخير حبيبي... أتعبك "مالك" بالأمس أليس كذلك؟)

اعتدل يطالع صورتها المرهقة بأعين حانية قائلا:
(و الله يا "ندى" ابنك هذا سيقتلنا في نهاية الأمر...)

ضحكت بخفوت تهمس له:
(أخفض صوتك لقد أرضعته و نام قليلا)

وقف يضمها إليه بأعين مغلقة قائلا:
(نوم الظالم ... عليّ التجهز للذهاب إلى الشركة)

استطالت على أصابع قدمها تطبع قبلة أخرى فوق وجنته قائلة بصوت خافت:
(لقد حضّرت لك الحمام و الفطور... لا تتأخر كي نتناوله سويا)

ابتسم بحب يقبّل وجهها قائلا:
(أخبرتكِ أن ترتاحي لماذا تتعبين نفسكِ؟!...)

مالت تستند برأسها على صدره قائلة ببسمة خجولة:
(أنا لا اتعب منك أبدا...)

راقب ابنه الغافي فوق السرير و زوجته بين يديه لتتسع بسمته برضا عن أسرته الصغيرة...

وصل مكتبه بوجه متعب و عقل مشتت من قلة النوم... جلس يتابع ما تركه بالأمس من أوراق تحتاج للمراجعة... يشعر بأنه بات يقصر في عمله بسبب حياته الجديدة مع طفل رضيع لكن ما باليد حيله... سمع طرقا فوق الباب فسمح للطارق بالدخول... دلفت "سارة" ببسمة غريبة عليه... زفر ببطء يقول:
(نعم يا "سارة"؟!)

تقدمت منه تقول بهدوء:
(هل تحتاج لمساعدة؟!)

ضحك بخفوت يقول بسخرية:
(و هل فشلتي في مساعدة أخي و أتيتي إليّ؟!)

احتدت نظرتها له لكنها تلبست وجه البسمة تقول:
(أخاك بات لا يحتاجني منذ دخلت "رُبى" حياته...)

عاد بظهره للخلف يقول:
(و هل هذا لا يجعلكِ تتراجعين؟!)

اتسعت بسمتها تقول بتأكيد:
(لا أتراجع حتى آخذ ما أريد...)

ابتسم بسخرية يقول بصدق:
(لم أر في حياتي من هو فاقد للكرامة مثلكِ أنتِ...)

رمقته نظرة حاقدة بينما هو اتجه يجيب على هاتفه الأرضي ببرود ... راقبته يترك مكتبه قائلا بأمر:
(إن لم تجدي ما تفعلينه هنا أرحلي...)

صفق باب المكتب خلفه بحدة جعلتها تصرخ بحقد عليه... لمحت هاتفه ينير فوق مكتبه فاتجهت نحوه بغل كبير... فتحته تبحث بداخله عن أي شيء تستطيع أذيته به... توقفت حركة يدها عند شيء معين و بعدها اتسعت بسمتها بشكل مخيف لتهمس بتشفي:
(سأجعلك تدفع ثمن غلطتك معي يا "مصطفى"... دعنا نمهد الطريق قبل أن توقع ليّ على صفقة "الجندي"....)
.............................

وقفت قبالتها بينما هي توقع الورق الذي جلبته لها منذ قليل... قبل أن تنتهي صدح صوتها الخافت تقول بنبرة مختلفة :
(لماذا لم تخبريني برغبة "أدهم" في الزواج بكِ؟!)

توقفت يد "رُبى" عن الكتابة و تسمرت للحظات تستوعب كيف عرفت صديقتها هذا الخبر تحديدا... لقد حاولت الأيام الماضية ألا تظهر لها شيئا كي لا تجرحها حتى تعرف كيف ستجيب على "أدهم" ... رفعت نظرها لها تقول بنبرة مهزوزة:
(من أخبركِ؟)

التمعت الدموع في عيني "رحمة" تقول بحزن:
(لا يهم... لماذا لم تخبريني ؟!... هل خفتي على مشاعري لكون الرجل الوحيد الذي أعجبت به لم يلمحني حتى و طلب يدكِ أنتِ للزواج؟!... هل يروق لكِ كونكِ دوما الفتاة المطلوبة من الجميع؟!... دوما يا "رُبى"...)

تركت القلم من يدها تنظر لصديقتها بتعجب كبير... وقفت تتقدم منها تهمس بخفوت متوتر:
("رحمة" ماذا تقولين؟!... أنا أحب كوني فتاة مطلوبة ؟!... )

هتفت بها بحدة غير معتادة:
(نعم يا "رُبى" رغم أنكِ تملكين رجل تحبينه و تعاقبيه على فعلته في حقكِ لكنكِ تسعدين بطلب "أدهم" لكِ... تسعدين لوجود من يريدكِ)

هزت رأسها نفيا بينما تقترب منها بأعين مصدومة تقول:
("رحمة" أنه أنا "رُبى"... هل تعتقدين أنني أفكر بهذه الطريقة؟!)

صرخت بها بهستيرية تقول:
(لماذا لم يلمحني أنا بدلا منكِ؟!... لماذا لم يطلبني للزواج بدلا منكِ؟!... هل لكونكِ الأجمل؟!... أم لأنني غير مرئية للبشر؟!)

رفعت "رُبى" كفها فوق فمها تمنع بكائها بصعوبة... تقدمت من صديقتها الباكية تقول بترقب:
(من أوصل لكِ الخبر؟!... يبدو أن هناك من أخبركِ بأشياء غير صحيحة!!!... يا إلهي "رحمة" أنا صديقتكِ ماذا حدث؟!)

ارتعشت بقوة ثم انحنت تضم نفسها إلى ساقيها أمام أعين "رُبى" المتألمة من انهيار صديقتها الغريب هذا... انحنت جوارها تتمسك بكتفها قائلة بصوت باكٍ صادق:
(أنا لا أحب "أدهم" يا "رحمة" و لن أوافق أبدا عليه... ليس لكوني أحب "أحمد" كما تقولين... و ليس لكون "أدهم" لم يلمس قلبي لمرة... بل لكونه الرجل الوحيد الذي اعجبكِ... "رحمة" أنتِ تحديدا من لا أقوى على خسارتها... أرجوكِ لا تبكي حبيبتي)

اشتد بكائها بين أحضان "رُبى" لتهمس بخفوت متعب:
(لماذا لم يرني يا "رُبى"؟!... لماذا ؟!... ما بيّ كي ينجذب لغيري؟!... لماذا إذًا أقترب منيّ و جعلني أشعر بالسعادة؟!... لماذا يعشمني به و يتركني؟!...)

قبّلت رأسها بدموع متأثرة تقول:
(من لا يفكر بكِ كأول اختيار له لا يستحقكِ يا "رحمة"... ثم ربما اختلط عليه الأمر... ربما يعيد تفكيره ... ربما يحبكِ كما تفعلين لكنه تائه لا يعرف الطريق لكِ...)

تشبثت بكتفها بقوة تبكي حالها و تبكي غضبها من صديقتها... تبكي على من أحبته و هو لم يشعر بها... ضمتها "رُبى" لها بقوة تهمس لها ببضع كلمات مواسية لحالها...
بعد فترة وقفت تهندم ثيابها بأعين منتفخة... نظرت لصديقتها بأسف تقول:
(لا تحزني من كلماتي رجاءً... كنت حانقة من كل شيء)

ابتسمت لها "رُبى" تقول بهدوء:
(لا بأس حبيبتي... لقد تحملتني في مواقف أصعب من هذه بكثير...)

ابتسمت لها "رحمة" بشكر ثم اتجهت ناحية الباب لتخرج... لكنها توقفت فجأة تقول:
(أعتقد "سارة" تخطط لشيء... هي من أخبرني بعرض "أدهم" لكِ)

زفرت "رُبى" بتعب تقول:
(ألن ننتهي من هذه المرأة أبدا...)

تحركت تجلس على مكتبها تعيد التفكير في كل ما حصل... "سارة" تخطط لشيء ما يربطها مع "رحمة" و "أدهم" و بالتأكيد "أحمد"!!! ... تُرى ما هو؟!... أجفلت فجأة حينما اندفع باب مكتبها بحدة ليظهر "أدهم" بوجهه المتحفز و الغاضب يقترب منها بصورة مخيفة... وضع هاتفه أمامها بحدة فوق المكتب تحت انظارها المصدومة ليقول بنبرة تسلب السلام الداخلي و تبدله برعب دفين...
(هل كنتِ حامل من قبل؟!!!)

اتسعت عيناها بقوة لتمسك الهاتف تنظر بداخله... صورتها و هي في عمر التاسعة عشر تقريبا في حديقة بيت "النجار" تبتسم بينما تضم بطنها بكفيها الصغيرين... هذه الصورة!!!... من التقطها لها لا تتذكر؟!... ارتفع بصرها بخوف حيث صوت "أدهم" المخيف:
(هل هذا سبب سفركِ للخارج؟!... كي تداري على حملكِ هنا هربتِ هناك حيث لا سؤال و لا عقاب!!)


سقط فمها للأسفل بصورة مأساوية و هي تسمع ما يقوله... هو يعتقد أنها اخطأت هنا و هربت إلى انجلترا !!!!





أنتهى الفصل....
نجدد اللقاء بعد قليل مع الفصل الخامس و العشرين....

من جديد لا تنسوا الفصل طويل و حينزل على أجزاء....

noor elhuda likes this.

AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 11:31 PM   #648

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس و العشرون

الفصل الخامس و العشرون

(هل هذا سبب سفركِ للخارج؟!... كي تداري على حملكِ هنا هربتِ هناك حيث لا سؤال و لا عقاب!!)
سقط فمها للأسفل بصورة مأساوية و هي تسمع ما يقوله... هو يعتقد أنها اخطأت هنا و هربت إلى انجلترا !!!!

احتدت نظرة عينها بقوة و قد فك سراح غضبها المكبل منذ فترة ... ضربت فوق سطح المكتب بكل حدتها و استقامت أمامه بجسد متحفز و وجه يقطر لعنات... تكلمت بصوت حاد تقول بنبرة قاطعة:
(أخرس يا "أدهم" و لا تتفوه بالمزيد...)

وقف قبالتها بغضب لا ينتقص يشعر كأنه مغفل تم الضحك عليه من فتاة نوى الزواج منها... تقدم من المكتب يحمل الهاتف و يرفعه حيث وجهها المحتد ليقول بصوت هادر:
(و ما بقى لأتفوه به بعد هذه الصورة؟!... لا احتاج مزيدا من الكلام!!)

صرخت بصوتها العالي تقول بوعيد:
(أخرج من مكتبي و إلا أجعلك تندم و تخجل من
دخول هذه الشركة مجددا)

اعتدل في وقفته يقول بتأكيد لا رجعة فيه:
(لقد طلبتكِ للزواج و من حقي أن تشرحي ليّ معنى هذه الصورة ... لن اتحرك من هنا إلا بعد أن أعرف)

سحبت نفسا عميقا لتكبح من غضبها القليل ثم خرجت من خلف مكتبها لتواجهه بأعين مشتعلة تقول:
(طلبك مرفوض سيد "أدهم" أنا لست موافقة ... و هكذا سقط حقك في معرفة حقيقة هذه الصورة)

ضحك عاليا يقول بسخرية:
(و هل معتوه أنا لأصدقكِ بكل هذه البساطة؟!!)

كورت يدها جوارها بحدة تقول:
(صدق أو لا تصدق هذا لا يهمني... أخرج من هنا و أحمل ما تبقى لك من كرامة أمامي)

ضرب الهاتف بالأرضية حتى أصدر صوتا عاليا بقوة جعلها تجفل و تنظر حيثه... تقدم منها يقول بنبرة بدت لها تائهة رغم خشونتها و غضبها...
(لقد وقعت في حيرة من أمري بينكِ و بين فتاة أخرى و لكني فضلتكِ عنها و رغبت في منحكِ اسمي... ليس هينا أن أخرج من هنا قبل أن أعرف حقيقة حملكِ يا "رُبى"...)

التفتت تواجهه بأعين حانقة بعدما فهمت أي فتاة يقصد... قالت بحدة عالية :
(حيرتك و تخبطك لا دخل ليّ أو لها به... أنت من يقرر خطوتك دون تدخل خارجي من أحد أو موقف... أعرف أنني قمت دون قصد باستفزاز جزء كبير منك ببساطة لأنك تعيش في محيط مختلف عنا... محيط يكبل المرأة داخل إطار ضيق و يجبرها أن تعيش به... أما أنا كنت أول مرأة تراها عينك بصورة متحررة و ربما عنيدة ، أقف ندا لرجال و أقود رئاسة مكان كبير... لكن صدقني يا "أدهم" ما تشعره تجاهي لا يزيد عن اعجاب بشخص لامع ظهر لك فجأة ... لو أعطيت نفسك الفرصة كنت ستختار الاختيار الجيد لك و لمن أحببتها و فضلتني عليها... هناك من يحبك كما تفعل أنت و لكنك رغبت في دخول عالمي ظنا بأنه عالم وردي و مشرق تريد بداخله خوض تجربة مختلفة عن نمط حياتك الروتيني... لكن صدقني عالمي مدمر يحمل رائحة الخراب في كل شبر به لن ينالك منه سوى الهم و الحزن... ثمن هذه القوة التي نالت اعجابك بيّ كان غاليا و كلفني الكثير...)

صدره كان يعلو و يهبط بحدة و هو يستمع لها... لقد قرأته بسهولة و عرفت دواخله!!... هل حقا ما يشعره نحوها مجرد إعجاب؟!... هدأ صوته قليلا ليقول بخشونة:
(من هي؟!)

ارتفع حاجبها بدهشة لتقول بصدق تام:
(و هل تنتظر منيّ قول اسمها لك مثلا؟!... إن لم تسعَ أنت لها لا تستحق وجودها معك... أنظر جيدا حولك و ستعرف)

توترت حدقته ليقول بعدها بصوت مضطرب من الاعتراف بأن "رحمة" هي المقصودة:
(لست هنا لمعرفة من أحب أو من يحبني... أنا هنا لمعرفة حقيقة هذه الصورة يا "رُبى" ... أنا لست ولدا لتستغفليني بهذه الطريقة!!!)

استنفذ كل طاقتها في التحكم بالنفس و الآن لا يلومن سوى نفسه على صوتها الحاد و الهادر بغضب يحرق كل ما حوله!....

.......................................
تحرك في مكتبه حتى وصل للباب يفتحه بسرعة و دهشة من صوتها العالي في مكتبها... اتجه نحوه بوجه قلق و عقل يفكر في كل الأسباب التي من الممكن أن تدفع "رُبى" للصراخ هنا تحديدا!!... وجد العديد من الموظفين متجمهرين أمام مكتبها بنظرات متسعة و أخرى متعجبة ... تحرك بينهم يزيح منهم من يقف من طريقه بحدة ...كل تفكيره بها و ما يحدث معها بالداخل... و حينما وصل لبابها و كاد يدخل توقف على صوت "رحمة" المصدوم و هي تناديه:
( سيد "أحمد"!!!! ...)

التفت لها ليجدها متسعة العين تضع كفها فوق فمها بذهول بينما ترمق هاتفها بنظرات مصعوقة... عقد حاجبيه بعدم فهم ثم اقترب منها يتساءل عن سبب ندائها... رفعت الهاتف له بوجه متعكر تهمس بخفوت:
(انظر لهذه الصورة !!...)

أخذ الهاتف منها بتعجب و قد زاد و تحول لنظرة عين غاضبة متواري خلفها الصدمة... صورة "رُبى" و هي حامل في حديقة بيته !!... بعد أقل من ثوان معدودة صدح صوت رنين هواتف المتواجدين لتصل لهم نفس الصورة و التي جعلت الهمهمات تعلو و النظرات تتسع... دفع الهاتف في يد "رحمة" بغضب و اتجه ناحية مكتبها يفتح بابه بقوة ليعرف من معها جعلها تحتد و هل ما يحدث بالداخل سببه هذه الصورة أم لا؟!... وقف بالباب ليجد "أدهم" واقفا في مواجهتها بجسد متحفز و وجه مشتعل... بينما هي ساخطة عليه بكل ذرة بها متشبثة بالقوة رغم التماع الدموع في عينيها الذي يراه من مكانه... اقترب بحدة منه ينوي تعليمه الأدب على معاملته لها لكنه تسمر حينما سمعه يقول بلهجة حادة لا تليق سوى بفتاة سيئة السمعة!!
(أخر مرة سأسألكِ يا "رُبى" ما معنى صورتكِ هذه و من والد هذا الطفل؟!... أم أنه حقا عشتي حياتكِ كما حلا لكِ في الخارج دون رقيب؟!!)

صرختها المنفعلة انحسرت في جسد "أحمد" الذي ظهر من العدم ليقف أمامها يحجبها عن هيجان "أدهم" المدمر بغباء... اتسعت عيناها و تسارعت أنفاسها الغاضبة و هي ترى تحفز جسد "أحمد" أمام عينيها و هيئته المشتعلة اشتعال تخطى ما يمر به "أدهم"... وقف أمامه بأعين حمراء و وجه مرتسم عليه الهمجية بشدة... تخلى عن التعقل و الصبر و هو يسمع أحدهم يتهمها في شرفها... و شرفه!!
دون النطق بحرف واحد ترك العنان للكمته القوية أن تحتضن وجه "أدهم" على حين غفلة لتجعله يتراجع للخلف بصوت متألم و جسد كاد يسقط... صرخ به "أحمد" بصوت مخيف يقول بتهديد و رغبة في حرقه:
(حينما تتحدث معها لا تتعدى حدودك ... لا تجرؤ على وصفها و لو لمرة واحدة بما وصفتها به أيها الحقير...)

اعتدل "أدهم" ليزداد غضبه و تتوحش نظرته ... تقدم بخطوات بطيئة قد أظهرت نيته من "أحمد" ليقول بصوت محتقن:
(بغض النظر عن تدخلك بيننا و الذي لا معنى له... من أنت لتدافع عنها؟!... هل وكلتك محامي لها؟!... أم أنك كنت تنوي الوصول لها بطريقة ما بعدما عرفت ما عرفته أنا اليوم؟!..)

ضيق عينيه ليقول بتأكيد:
(يبدو أنك كنت أذكى منيّ و وصلت لهذه المعلومات قبلي و اخترت طريقك لرئيستنا الجديدة... أنا فقط المغفل الوحيد هنا ... أنا فقط من ظن أنه سيرتبط بذات الطهر والعفاف الآنسة أو السيدة "رُبى الحسي....")

قطع جملته لكمة ثانية عنيفة و بدائية من "أحمد" ... سقط على أثرها أرضا بحدة... وقف فوق رأسه يقول بصوت حاد مخيف و كأنه تحول فجأة من رجل أعمال لرجل يفقد معاني التمدين كلها...
(أيها «....» عمن تتحدث بهذه اللهجة ؟!... تتهمها بمثل هذه التهم البشعة و تريد منيّ أن أقف مستمعا لك دون رد فعل؟!!... و الله يا "أدهم" لأقتلك بيدي دون ذرة ندم واحدة عقابا لك عما تقوله في حقها...)

انحنى يسحبه من سترته بحدة ليستقيم في مواجهته... اعتدل "أدهم" لينزع كل قيود الطبقة المخملية و يرتدي تصرفات طبقته الشعبية الغاضبة... كور يده ليضرب بها "أحمد" في معدته بحدة جعلت الأخير يتراجع بألم كبير... أمسكه من ياقة قميصه يهزه بعنف قائلا بصوت بدا عشوائي كأنه في شجار الحواري:
(سكوتي على ضربتك الأولى لا يعني قبولي لها أيها «....» هل تظن نفسك بأن ما تفعله الآن سيرفع قدرك عندها؟!... عند واحدة مثلها ...)

ركلة قوية من ساق "أحمد" أخرست باقي جملته و جعلته يتكور على نفسه بوجه متألم... التف لها بصدر يلهث ليجدها منكمشة عند مكتبها تراقب ما يحدث بأعين متسعة مصعوقة من هول كلمات "أدهم" الغير معتادة عليها ... و التي ربما لا تعرف كل معانيها المبطنة و التي جعلته يحترق فقط لسماعها... زفر نفسه بحدة ليعود ينظر له قائلا بصوت مخيف:
(لا تزيد عن هذا يا "أدهم" لأن وقع الكلمات السيئة لا يُمحى و لو مر عليه قرون... "رُبى" أشرف و أطهر من قد تقابلهم يوما و أقسم لك لو نطقت بالمزيد لآخذ روحك بيدي...)

لهاثه العنيف جعله يستند على الأرض لينظر تجاه "أحمد" الذي وقف كسد منيع أمام "رُبى" ليقول بسخرية:
(بأي حق تدافع عنها؟!...)

بأي حق؟!... بل هو الأوحد على الاطلاق الذي يمتلك الحق... هو الكتاب الذي سطر بداخله ذكرياتها معه... هو مرجع لكل البشر الذين يريدون معرفتها... هو وحده من يملك كل الحق!... اتسع صدره و ارتسم التملك على وجهه و قد استعد كليا ليعلنها للجميع و كأنها لا تزال ملك يمينه و تحت جناحيه ..
(بحق أنها زوجتي و أم ابني الذي تسأل عنه الآن بكل تبجح...)

توقفت أنفاس "أدهم" و تجمدت مراكز الشعور بداخله و هو يستمع لهذا التصريح الذي لم يطرأ باله للحظة... أي زوج و أي ابن يتحدث عنهم ابن "النجار"؟!!!... هل كان يعرفها من قبل بل هل حقا هو زوجها؟!... إذًا لماذا هما بعيدان و كأنهما لا يعرفان بعضهما؟!... لماذا سمحا له بعرض الزواج عليها؟!... هناك شيء ناقص لم يعرفه بعد... همس بتيهٍ خشن و عقل أصابه الغباء:
(ماذا تقول أنت؟!!)

نظم تنفسه بصعوبة ليتجه لها بالخلف ينتشلها من وضع الخرس الذي أصابها... امتدت يده ليسحبها بكف متملك و دافئ معه و يعبرا "أدهم" المراقب لهما بذهول... قبضته الحانية فوق كفها دفعت في قلبها رغبة مميتة في البكاء... الصراخ... شعورها بالاحتياج لحماية ... لسند... له هو... يهدم كل قوتها التي عاشت سنوات تبنها في الخارج... فتح باب مكتبها لتتفاجأ هي بهذا العدد الكبير الذي ينظر لها نظرات آلمتها رغم جهلها معناها... أوقفها خلف ظهره ليقابل هو الجميع بهيئته الفوضوية يقول بصوت به أثر الانفعال و التهدج:
(المتواجد منكم عليه أن يستمع ليّ جيدا و يُعلم الغائب بكل حرف سأقوله... الصورة التي وصلتكم قبل لحظات و جعلتكم مجتمعين هنا لمعرفة أصلها هي صورة زوجتي و أم ابني "رُبى الحسيني"... و التي لا اسمح لأي مخلوق بالخوض في احاديث تمسها من قريب أو بعيد... من نشر هذه الصورة بينكم سأعرفه و أعده بالله أن يكون حسابه عسير... حساب يجعله يتمنى الموت ألف مرة و لن يطله... شرف زوجتي و ام ابني ليس مادة خام لتصنعوا منها حكايات ...)

زادت الهمهمات أمام عينيه و أصابته نظرات الكل المستفهمة من لقب زوجة ... زفر بحدة ليقول بصوت قاطع ينهي هذا الجدل الذي ينهش في سيرتها...
(قبل ست سنوات كنا متزوجين و لكننا انفصلنا... هل هذا يكفي ليذهب كل منكم إلى مكتبه؟!)

توارت نظرات الشك و تبدلت بالحرج من الموقف ككل... الجميع لا يصدق أن "أحمد" و "رُبى" كانا متزوجين قبل سنوات و لا تعرف الصحافة عن خبر ثقيل مثله!!... قبل أن ينفض الجمع صدح صوتها الحاد تقول بنبرة شامتة:
(يبدو أن من سرب هذه الصورة الخاصة جدا كان يعرف عنها !!!)

التفت الجميع نحو "سارة" التي كانت تتطلع في هاتفها للصورة بنظرة عين باسمة... اقتربت من "أحمد" لتميل قليلا تنظر لها خلف ظهره ببسمة صفراء... صمتها و تشبثها بيد "أحمد" جعل قلبها يبتهج ... رفعت الهاتف للجميع تقول بتأني:
(الصورة تم ارسالها من رقم خاص بالشركة لجميع العاملين بها... تُرى من صاحب هذا الرقم الخاص ؟!)

تحدث أحد الموظفين يقول بتأكيد:
(لكل منا رقم هاتف خاص بالشركة مسجل على نظام الحاسب الالي المركزي و يمكننا معرفة الفاعل منه...)

هزت "سارة" رأسها بموافقة تقول بهدوء بارد:
(جيد ... فلنسأل مهندسين الحاسب الآلي)

بعد دقائق وقف مهندس مختص بالحاسب الآلي يحمل حاسوبه المحمول و يبحث أمام الجميع عن صاحب هذا الرقم الخاص... توقفت حركة يده لينظر ناحية "أحمد" بتردد يقول بصوت خافت غير مصدق:
(سيد "أحمد" صاحب الرقم هو السيد "مصطفى النجار"!)

اتسعت عينه بقوة و هو يستمع للاسم الذي لا يمكن أن يتوقعه بالمرة!... تعالت اصوات الموظفين ليهمس هو بعقل متوقف عن العمل يقول بتأكيد:
(مستحيل... مستحيل أن يكون الفاعل أخي!!)

صدر صوت "سارة" تقول بصدمة زائفة و بصوت عالٍ:
(لا يعقل ما نسمعه!!... هل واتت أخاك الجرأة لينشر صور زوجة أخيه السابقة و يجعل سيرتها علكة في فم الناس!!!)

تحركت وسط الجمع تقول بنبرة مقصودة:
(هل لكونه الأخ الغير شقيق لك يفعل هذا؟!!... لا أصدق!)

وسط صخب الموظفين و سم "سارة" التي تبخه في أذن الجميع ظهر "مصطفى" من بعيد بعدما أنهى ما كان يفعله بطابق الشركة الأرضي... تجمهر الناس حول مكتب "رُبى" قذف القلق في قلبه فتقدم يتحرك وسطهم تحت نظراتهم الرافضة لفعلته... عقد حاجبيه بدهشة يقول بجهل:
(ماذا يحدث هنا؟!!)

رمقه البعض بنظرات غير مريحة و البعض استلم أذن من يجاوره لينظروا له في خبث و يتحدثون في وجهه ... جميعهم كانوا غريبين تماما... وصل لأخيه يسأله بتعجب بينما يرمق "رُبى" القابعة خلف ظهره بصمت ...
("أحمد" ماذا هناك؟!)

نظرة أخيه أكدت له أن الأمر جلل و لم تمنح له الفرصة ليسأل حينما تدخلت "سارة" تقول بصوت مستفز:
(لقد عرف الجميع عن فعلتك يا باشمهندس... الصورة وصلت للكل و أنتهى الأمر)

نظر لها ببلاهة يقول بعدم فهم:
(أي صورة بالضبط؟!)

رفعت هاتفها له تقول :
(هذه الصورة التي ارسلتها من رقمك الخاص بالشركة لجميع الموظفين... و التي لا يعلم إلا الله نيتك منها في هذا الوقت تحديدا!!!)

التقف الهاتف منها بعدم تصديق ينظر للصورة التي التقطها لزوجة أخيه قبل سنوات... كيف أتت هنا و وصلت للجميع؟!... ثم ماذا تهذي "سارة" بكونه أرسلها من رقمه الخاص؟!!... عاد ينظر لها مختفية خلف أخيه بسكون غريب بينما "أحمد" ينظر له بأعين متسائلة اقترب منه يقول بصدق:
(أخي أنا لا أعرف كيف وصلت هذه الصورة للجميع... كانت من ضمن الصور على هاتفي و لكن...)

قاطعه "أحمد" حينما لمح الموظفين يتابعون ما يحدث بتدقيق... قال بصوت دفع به الثقة يقول:
(ليس الآن يا "مصطفى" ... ليس الآن)

من بين نظرات ضايقته... و كلمات خافتة أشعرته بالخسة انفض الناس من حوله ليتركوه تائها لا يعرف مصنف يضع أسفله ما حدث من كارثة... يبدو الوضع تأزم و اعتقد الناس ب "رُبى" السوء خصوصا أن زواجها من أخيه كان خارج حدود الصحافة و هي لم تظهر لعالم العمل سوى قبل أشهر بعد عودتها من الخارج... نظر للفراغ الذي خلّفه أخاه بعدما سحبها لداخل مكتبها كي يبعدها عن نظرات الناس... لم يبقى سواها هي تراقبه بنظرات راضية و بسمة كبيرة... همست بخفوت متسلٍ:
(حينما تسقط الشاه تكثر سكاكينها... و أنت سقطت فلننتظر السكين التالي يا "مصطفى"...)

.................................

أدخلها مكتبها بعدما أعلن للجميع حقيقة الأمر ... صمتها هذا يكرهه لأنه يذكره بفترة سيئة لهما معا... فترة الحادث و موت ابنهما كانت هكذا بالضبط و خوفه كله من أن تستمر على هذا الوضع كثيرا... أغلق الباب و تحرك ينظر لها بتدقيق بينما يقترب بوجه متألم من ضربات "أدهم"... وقف قبالتها مترددا في الحديث معها... في كل مرة تحمل هي نتائج زيجتهما و كل مرة يكن الحمل أثقل و أصعب مما سبقه... اتهامها في سمعتها شيء يدك من أجله الجبال فما بال حالها هي... لقد وقفت صامدة غاضبة و ثائرة في وجه "أدهم" لكن بعد تدخله ركنت للصمت... هل ترفض منه التدخل أم تلجأ للحماية بوجوده؟!... مهما كان ظنها فلن يتركها للحظة دون أن يحفظ لها اسمها و هذا أقل ما يقدمه لها بعد سنوات من العذاب بسببه... تنفس بثقل و قد تبعثرت منه الكلمات أكثر من مرة لكنه نطق أخيرا ليقول بهدوء مترقب:
(كيف حدث الأمر؟!)

انتظر ردها بفارغ الصبر فقط ليطمئن بأنها لن تستكين... انتظر و ظن أن الانتظار سيطول لكنها قاطعته حينما همست بخفوت دون ان تنظر له:
(لا أعرف...)

تنهد بتعب يوليها ظهره كي يفكر كيف لصورة في هاتف أخيه أن تنتقل لتصل للجميع... لكنه استمع لهذيانها الخافت تقول بصوت بدا له مرتعش...
(لقد دخل فجأة يخبرني أنه فضلني عن أخرى ليتزوجني و بعدها سألني عن ابني بطريقة سيئة... حاولت أن أحميه بكل طاقتي لأعوضه عن ضعفي السابق و فشلي في حمايته لكن ظل هو يتحدث و يخبرني بأشياء لم أفهمها... حاولت و الله حاولت أن أحمي ابني لكني ببساطة فشلت... لماذا دوما أقع كخيار ثان مع أخرى؟!... لماذا لست خيار أحدهم الوحيد؟!... ما ذنبي أنا لأتحمل كل فترة مثل هذه الاتهامات و الاوجاع؟!... هل لا استحق الراحة و لو لمرة واحدة في حياتي؟!)

زاد ارتعاشها و تداخلت كلماتها بهذيان كبير... وجهها ينظر للأرض و كفاها متشبثان ببعضهما بحدة... هيئتها دفعته ليقترب منها بسرعة قائلا بحنو بالغ:
(حسنا لا بأس لقد انتهى الأمر... لا تفكري بشيء)

فلتت منها شهقة مكتومة جعلته ينظر لها بصدمة... وجهها المحجوب عنه يمنعه من معرفة هل تبكي فعلا أم لا؟!... امتدت يده لكتفها المهتز يلمسه ببطء قائلا بصوت خافت :
("رُبى"!!!)

لم تتحمل المزيد بعد فصدر صوتها الباكي ليرج قلبه بقوة عليها... ابتلع ريقه بصعوبة يلعن كل ما حدث لها و كان هو سببا به بقصد او بدون قصد... تمسك بكتفها يقول برجاء:
(لا بأس يا "رُبى" ... لا تبكي أرجوكِ أنتهى الأمر)

و كأنها لم تسمعه بل زاد هذيانها لتقول بقلب موجوع:
(لماذا يحدث معي هذا؟!... لماذا لست خيار أحدهم الوحيد؟!... لماذا دوما يتم جرحي بصورة سافرة؟!)

آه يا حبيبة القلب على وجع قلبكِ... ليت همومكِ تتبخر من صدركِ و تحتل صدري... سأتحملها بقلب راضٍ لأخفف عنكِ... لم يستطع منع نفسه من ضمها إليه ... فور شعورها بذراعه المتينة التي حوتها غصبا تشبثت بقميصه من الخلف تبكي بكل طاقتها بصوت عالٍ يزداد مع الوقت... كانت ضعيفة و منتهكة ... كانت قاب قوسين أو أدنى من الدمار... كانت صغيرة و لا تزال على كل هذا... لامس شعرها القصير بيده يهمس لها بخفوت حنون:
(شششششششش.... أنتِ دوما خياري الوحيد ، لأنكِ تستحقين أن تسكني القلب دون منازع... لا بأس لقد أنتهى الأمر حبيبتي... لا بأس)


يتبع.....


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 11:36 PM   #649

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس و العشرون

(شششششششش.... أنتِ دوما خياري الوحيد ، لأنكِ تستحقين أن تسكني القلب دون منازع... لا بأس لقد أنتهى الأمر حبيبتي... لا بأس)

في غمرة المشاعر تُحمل أمنيات الروح فوق سفن الكلمات لتعبر بشراعها المتين حيث القلوب... تصنع منها مرسى و تهبط بسلام لتبرد نيران الشوق و الحنين... بعد صراع مع الموج العتي و الليل الطويل يأتي الضوء المنتظر من بعيد يعطي إشارته بأن القلب بات مستعدا ليتمتع بما يشعر دون خوف أو رقيب... القلب وجد ضالته و أدار دفته حيث هنا ... حيث هذه الهضبة الخضراء المشع فوقها الحب برونق جذاب...
و فوق رُبى الحب يتجدد لقاء القلوب بعد ضمور أصابها لسنوات...

بكاؤها لم يمنحها الفرصة الكافية لفهم كل ما قاله بقلب بات لا يتحمل البعد أكثر و عقل كل ما به يتوق لها... ربت فوق ظهرها بهدوء يهمس في أذنها بكلمات دافئة كي تستكين... رفع نظره حيث باب مكتبها الذي فُتح فجأة ليطل منه هذا الشريك الجديد بوجه مقتضب و هيئة حانقة... تقدم منهما ليتمسك بذراعها و يخرجها من بين احضانه قائلا بلهفة أشعلت قلب "أحمد":
(هل ما سمعته صحيح؟!... كيف أنتِ الآن؟!)

استندت بكفها على ذراعه تمسح دموعها بالأخر و تهمس بصوت مختنق:
(بخير... أين كنت؟)

نظر خلفه لتدخل فتاة بشعر أحمر و وجه متوتر تتجه ناحيتها بسرعة و قلق... قال "إياد" :
(كنت استقبل "تقلا" في المطار لأن مواعيد طائرتنا كانت مختلفة... و حينما أتيت سمعت من الموظفين ما حدث!!!)

سحبتها "تقلا" منه تقول بلغة عربية متكسرة متداخل معها الكثير من الكلمات الانجليزية:
("رُبى" حقيقي لا أصدق ما حدث!!... من الذي نشر مثل هذه الصورة ؟!... ألا يكفي ما مررتِ به قبل سنوات؟!!)

تنحنح "أحمد" بهدوء قائلا:
(ما حدث لن يمر مرور الكرام... مهما كانت هوية الفاعل!)

ضيقت "تقلا" عينيها بتدقيق لفت نظر كل من "إياد" و "أحمد"... نظرت له طويلا لتقول بالإنجليزية:
(هل تقابلنا من قبل؟!)

عقد "أحمد" حاجبيه بتعجب من السؤال لكنه قال بهدوء:
(لا أعتقد...)

نظر لها جوار هذا المدعي "إياد" ليجدها في حال أفضل قليلا عن قبل... قال بصوت حنون :
(سأذهب الآن لأفهم ما حدث... و أنتِ لا تفكري في أي شيء سأحلها أنا و أعيد لكِ حقكِ )

تركهم ليخرج من المكتب تحت نظرات "تقلا" المتفحصة له... تشبثت بذراع "رُبى" تأخذها حيث كرسيها قائلة بتعجب:
(أشعر و كأني أعرفه من قبل...)

نظرت لصديقتها ثم حبيبها لتجلس أمامها قائلة بصوت مستفهم:
(أحكي ليّ ما حدث بالتفصيل كي نجد طرف الخيط...)
...............................

وقف فوق رأسه يضع له الثلج بحدة مكان كدمات وجهه... تأوه بصوت عالٍ يقول بخشونة:
(وجهي يا "عبادة" لا ينقصه غبائك في التعامل...)

جلس "عبادة" قبالته يقول بتأنيب:
(و الله تستحق ما حدث لك ... كيف تمكن منك غضبك و ضرب عرق البهائم في دمك لتجري إليها و تتهمها في شرفها بهذه البساطة؟!)

زفر بحدة من كل ما حدث و كان خارج سيطرته بالمرة... لقد ارتكب خطأ جسيما في حقها يعترف بهذا لكنه رجل ذو دم حامي لم يقوى على معرفة أن الفتاة التي أراد الزواج بها كانت حاملا من قبل... و الله أي رجل محله لو حصل معه مثل هذا الموقف لفعل مثل ما فعل... تحدث بصوت حوى الذنب يقول بخشونة:
(الصورة تسببت في فوران دمي... كيف ليّ التمهل و الأمر تعلق بالشرف؟!)

زفر صديقه يقول بحدة:
(و لأنه يتعلق بالشرف كان يجب أن تتعقل... و الله كنت أعدّ نفسي ثور مندفع و اتكل عليك لكن بعد ما حدث الثور يجلس ليعطي لنا دروسا...)

زمجر "أدهم" بخشونة رافضا يقول:
("عبادة"!!...)

حرك صديقه يده بقرف في وجهه قائلا:
(والدك لو عرف عما حدث سيجعلها جلسة عرب و يجلب للفتاة حقها منك و أنت أدرى الناس بوالدك حينما يتعلق الأمر بسمعة أحدهم...)

شرد "أدهم" في الفراغ يقول بتأكيد:
(بالفعل أصبح لها عندي حق عرب... عليّ الاعتذار عن كل شيء و ما تريده سأفعله لها بكل نفس راضية)

وقف "عبادة" يبدل له قطعة الثلج بأخرى قائلا بسخرية:
(أين كانت هذه المعاملة الطيبة و النبيلة قبل أن تهدم الدنيا فوق رؤوس أهالينا؟!)

تأوه بحدة من خشونة معاملة صديقه معه و بعدها صمت قليلا ليقول بنبرة مقصودة:
(بارك الله في الآنسة "رحمة" هي من أعطت ليّ الثلج كي ألحقك به)

شعر باضطراب انفاسه فابتسم "عبادة" بخبث و همس له بخفوت:
(ابنة حلال و الله.. رجاء لا تهد ما تبقى لنا هنا من سمعة طيبة و عامل البنت معاملة حسنة تليق بمساعدتها لنا ... و ركز جيدا من تريد يا "أدهم"...)

ارتفعت انظار "أدهم" له ليغمز صديقه له بشقاوة قائلا:
(هيا يا ابن الحاج "صلاح" أكمل نصف دينك)

تركه مبتسما ليخرج من المكتب و يمنح صديقه الوقت ليفكر جيدا فيما يريد... تأوه بصوت مكتوم يقول :
(يدك ثقيلة يا ابن "النجار"... يد قوية تدك بقسوة لحماية من تحب... لكن غريب و الله ابتعاده عنها رغم حبه الكبير هذا!!!)

سرح قليلا في الفراغ ليهمس بخفوت:
(و أنتِ يا حبة الكرز كيف اسلك طريقي لكِ بعد كل ما حدث؟!...)

في مكتب "رُبى"....
وقفت بوجه محتد الملامح فجأة لتفزع "تقلا" أيضا و تقف تتمسك بذراعها تقول برجاء:
(انتظري هذه كانت مجرد فكرة فقط كي نعرف الحقيقة...)

نظرت لها بأعين غاضبة لا يزال أثر البكاء بها لتقول بتأكيد:
(سأعرف الحقيقة و أعرف لماذا فعل هذا بيّ؟!)

تحركت ناحية الباب بعدما فشلت صديقتها في منعها... وقفت "تقلا" بقلق تنظر ل "إياد" بقلة حيله... همست بخفوت متوتر:
(يبدو فكرتي ستهدم الدنيا في الشركة...)

زفر "إياد" بحدة يقول:
(ما دام هي كذلك لماذا اقترحتها يا عبقرية؟!!!... الله يستر و تتعامل "رُبى" بروية لأنها تبدو على وشك حرق المكان بمن فيه!!)

فتحت باب مكتبه بحدة ليلتفت لها "أحمد" و "مصطفى" معا... كان وجهه تائها لا يصدق بعد المصيبة التي حدثت من رقمه الخاص هنا... بينما أخاه واقفا يفكر بعمق ليجد طرف الخيط ... تقدمت منهما تحت نظراتهما المتفحصة لتقف قبالة "مصطفى" بنظرات جامدة شعر أنها محملة بخيبة الأمل... خرج صوتها الجامد بثبات عجيب تقول:
(لماذا فعلت ما فعلته يا "مصطفى"؟!...)

تراخت ملامح وجهه بيأس بعدما تأكد من أن "رُبى" صدقت كل ما حدث... ما أبشع أن يشعر بالخسة كما هو حاله الآن!!... جلس فوق كرسيه بأعين مرهقة لينظر لها نظرة طويلة محمل بها الحزن!...

................................

ربتت فوق ظهره بحنان بينما هو واقفا أمام نافذة غرفتهما بصمت كحاله قبل شهرين ... تنهد بثقل ليلتفت لها بأعين باتت تحمل اليأس و الحزن... أوجعها قلبها بقوة عليه فابتسمت بسمة صغيرة مهزوزة تقول بحنان:
(لم تأكل جيدا على الغداء... هل تحب أن أحضر لك شطائر خفيفة؟!)

سحب نفسا عميقا ثم تحرك للداخل يقول بخفوت مرهق:
(لست جائعا يا "ندى"...)

تحركت خلفه بحزن تقول برجاء:
(أرجوك يا "مصطفى" هذه ليست الطريقة الصحيحة التي نواجه بها الأمر... أنت على هذا الحال منذ ما يقارب شهرين!!... صحتك تأثرت و مزاجك تغير تماما...)

وضع رأسه داخل كفيه بعدما جلس على السرير يقول:
(و ماذا عليّ أن أفعل مع نظرات الناس التي تتهمني كل يوم؟!... ماذا عن همسهم المسموع بأنني شخص خسيس تلاعبت بسمعة من كانت زوجة أخي؟!... حتى "رُبى" منذ ذاك اليوم و هي ترمقني بنظرة خيبة تقتلني... بعد بحث دام شهرين لم أجد الفاعل الحقيقي... لم أبريء نفسي من هذه التهمة!!)

جلست جواره بوجه حزين على حاله و ما يحدث له من تعامل اختلف تماما من الناس حوله... تمسكت بكفه تقول بتوسل:
(وضعك الله في هذا الاختبار لأنك تقوى عليه... و كما وضعك بداخله سيخرجك منه صدقني... فقط أرجوك عش حياتك بشكل طبيعي و حاول السيطرة على نوبة اليأس هذه!!)

هتف بحدة غير مقصودة في وجهها يقول:
(أي حياة هذه يا "ندى"؟!... أي حياة يتهمني بها الناس بقلة الشرف و تريديني منيّ عيشها؟!.. لمن أعيشها بقلب خالٍ من الهموم؟!)

غصبا دمعت عيناها لتتمسك بكفه تقول بصوت مختنق:
(ليّ أنا و لابنك يا "مصطفى"... نحن بحاجتك و نريدك أرجوك تماسك كي يظهر الحق...)

زفر ببطء ليتمسك بيدها بقوة بقول بصوت خافت آسف:
(أعتذر يا "ندى" منذ شهرين و أنتِ تتحملين منيّ مزاجي المتعكر و تقلبي)

مالت على كتفه بأعين دامعة تقول بتأثر:
(لا تعتذر حبيبي أنا معك في أي وقت و تحت أي ظروف... لكن أريد منك ترك الأمر لله سيدبره )

همس بشرود متعب يقول :
(و نعم بالله...)

صباح اليوم التالي في مقر المجموعة....
دلف رجال الحراسة الخاصين ب "عدوي الجندي" مقر المجموعة تحت انظار الجميع المندهشة... و بعد وصول الخبر للرؤساء تحركت "رُبى" مع "أحمد" و "أدهم" و خلفهم "مصطفى" ليعرفوا ما سبب هذه الزيارة خصوصا بعدما تم رفض صفقته من قبل... وقفت "رُبى" أمامه تنظر له بحدة تقول بصوت رافض:
(ماذا تفعل هنا؟!...)

ابتسم بسخرية بعدما رمقها نظرة مستهينة ليقول بصوت مستفز:
(مرحبا بالفتاة الصغيرة ... لعبة "الحسيني" المدللة)

احتدت نظرة عينها لتقف له ندا قائلة بحدة:
(التزم حدود التعامل باحترام معي... ماذا تريد من مجموعتنا ؟!)

تحرك أمامها ليقول ببسمة متسعة:
(أنا هنا بصفتي عميل تم الاتفاق معه على صفقة عمل)

اتسعت عيناها بقوة لتقول بعدم تصديق:
(أنت تكذب بالتأكيد!!...)

احتدت ملامحه ليتقدم منها بصورة مخيفة جعلت "أحمد" يسرع ليقف أمامها و يقابل "عدوي" بوجه محذر ... ضحك "عدوي" بتهكم ليقول بصوت عالٍ:
(يعجبني في الشباب قوة اندفاعهم... حسنا يا فتاة كلامي ليس كذبا بل هو موثّق من مجموعتكم...)

تقدم "أدهم" ليقف جوار "أحمد" يقول بعدم فهم:
(لا تهذي دون دليل)

أشار بيده لأحد الحرس خلفه ليحضر ورقا ما رفعه في وجه الجميع قائلا:
(هذا هو دليلي... ورق اتمام الصفقة موقّع من الرئيس "مصطفى النجار"....)

صدمة الجميع بما قيل لم تعادل صدمته و لو قليلا... ماذا يقول هذا الرجل؟!... هو وقع له على اتمام صفقته التي تم رفضها من قبل لسوء سمعته؟!... ماذا يحدث معه بحق الله و ما كل هذه المصائب التي تتساقط فوق رأسه من لا مكان؟!!!... ابتلع ريقه بصعوبة و شعور بالتيه يعصف بكيانه... وقف بذهول يقول:
(ماذا؟!!!... أنا من وقع لك عليها؟!!!)

نظرة عين الجميع المستفهمة له و تأكيد "عدوي" الأمر غير توقيعه الصحيح على الأوراق... كل شيء جعله واقع في بئر أسود لا يرى منه شيئا... بعد مُشادَّة كلامية مع الرؤساء و "عدوي" قاموا بإخراجه عنوة من المقر تحت رفضه القاطع ... اجتمعوا كلهم في غرفة الاجتماعات لتقول "رُبى" بإرهاق:
(لقد وقعنا في مصيبة كبيرة .. لو انفض العقد سندفع شرط جزائي كبير جدا ربما سيقع اقتصاد شركاتنا بسببه!!... و ايضا لا نستطيع التعامل مع رجل مثله سيء السمعة في السوق!!!)

حاول الجميع ايجاد الحل و لكن لا حل سوى التعامل مع "الجندي" و اتمام الصفقة... تدخلت "سارة" تقول بتأكيد:
(لقد فهمت الآن لماذا نشر "مصطفى" صورة رئيس المجموعة في هذا الوقت... أراد أن يشوش عقلنا بشيء مثله كي يمر أمر تعاونه مع "عدوي الجندي" دون أن نلحظ...)

صرخ بها "أحمد" بحدة يقول بوعيد:
(أخرسي يا "سارة" ... عمن تتحدثين بهذه الطريقة؟!!)

اتسعت عيناها لتقول بحزن زائف:
(أ هذا جزائي بعدما حاولت مساعدة المجموعة؟!)

دلكت "رُبى" جبهتها بتعب لتقول بصوت خافت مرهق:
(بل هذا جزاء دخولكِ هنا بعدما منعت دخول غير الرؤساء... للخارج دون مزيد من الكلام...)

رمقتها بنظرة عدائية و تحركت ببطء حاقد نحو الخارج... وقف "أحمد" يتحدث للجميع بتأكيد:
(أخي مستحيل أن يفعل ما قيل... مستحيل)

تكلم أحد الشركاء يقول بسخرية:
(من يسرب صور لزوجة أخيه و يجعل الجميع يظن بها السوء يفعل أي شيء...)

احتدت نبرة "أحمد" ليقول :
(لا تخلط الأمور معا ثم لم نعرف الفاعل الحقيقي حتى الآن...)

اشتد الجدال بين الجميع فوقفت "رُبى" تقول بأمر:
(أنتهى الاجتماع ... الكل يذهب لمكتبه و من الأفضل أن نفكر في حلول بدلا من حديث لا معنى له...)

بعدما بقت بمفردها اتصلت ب "تقلا" تقول بنبرة صوت راضية:
(لقد تم كل شيء كما توقعنا... تعالِ اليوم بعد انتهاء العمل في المقر)

في المساء...
دلف البيت بوجه مرهق بشدة... تراكمت عليه المصائب و زادت بكارثة كتوقيعه على صفقة عمل مع "الجندي"... ما الذي يحدث و كيف لا يعرف!!... وصل لباب البيت لتقابله "حنان" بوجه بشوش فتتفاجأ من ملامح وجهه الغير معتادة بالمرة... لم يتحدث معها بكلمة واحدة و صعد غرفته بصمت تحت أنظارها المندهشة... وصل غرفته يفتحها بجسد ثقيل و رؤية تسود شيئا فشيئا... نزع رابطة عنقه بأيد مرتخية و ألقاها فوق الأرضية ببطء... اتجه ناحية النافذة يستنشق بعض الهواء لشعوره بضيق مفاجئ في التنفس... فتحها لينظر إلى السماء الواسعة أمامه يهمس بقلب متعب من كثرة ما يحدث له مؤخرا...
(يا رب تعرف أنني بريء فساعدني أرجوك...)

فتحت "ندى" باب الغرفة تحمل ابنها بقلب وجل بعدما أخبرتها "حنان" بحالة زوجها... وجدته واقفا عند النافذة مستندا عليها بهيئة أخافتها ... اقتربت منه بقلق تقول:
("مصطفى" ماذا حدث؟!)

التفت لها بأعين ضيقة و كأنه يعاني من شيء ما يهمس بخفوت:
(زادت المصائب واحدة جديدة يا "ندى"... واحدة أصعب من سابقتها)

ربتت فوق كفه بحنان تقول:
(لا تحزن الله كفيل بكل شيء)

هز رأسه بخفوت مهزوم و منحها بسمة صغيرة مهزوزة... تحركت أمامه توليه ظهرها قائلة:
(هيا لننزل للأسفل و نجلس مع العائلة لتنسى همومك قليلا)

داهمه الاختناق بقوة و غيم سواد كحيل على عينيه... شعر بروحه تسحب منه ببطء و بعدها فقد الشعور بكل شيء... تجمدت مكانها و هي تسمع صوت الارتطام خلفها على الأرضية... التفتت بخوف تنظر لجسده الساقط أرضا دون حركة واحدة تدل على حياته!!!... أصابها الهلع فانحنت جواره تصرخ بكل قوتها في محاولة لأن تنادي عليه... فزع ابنها مما يحدث فبكى بضعف مختلط مع ضعف والديه أمامه... هزته أكثر من مرة ببكاء تقول برجاء:
("مصطفى" انهض ارجوك ... "مصطفى" لا تفعل هذا بيّ و توجع قلبي... أخبرتك أنني و ابنك بحاجتك لا تفعل هذا!!!!)

وصل الجميع للغرفة بعدما صدح صوت صراخها لهم... اتسعت عينا "سوزان" و هي تراقب جسد ابنها ساقطا ارضا بلا روح... تمسكت بهاتفها بأيد مرتعشة تتصل بالإسعاف و قلبها يتألم مما تراه...

في المشفى....
وصلا معا بعدما عرفا الخبر في الشركة... "أحمد" يقطع الممر المؤدي لغرفة أخيه بعقل لا يستوعب ما سمعه... و "رُبى" جواره تهرول بوجه مضطرب... وقفا أمام باب غرفته ليجدا زوجته تبكي بينما يحدثها الطبيب... وقف "أحمد" بصدر يلهث قائلا بخوف:
(ما به أيها الطبيب؟!)

التفت له يقول بهدوء:
(هبوط حاد في الدورة الدموية سببه حالته النفسية الأخيرة و عدم انتظامه في تناول الطعام... كانت حالته خطيرة منذ وصل و لكن الآن استقر الوضع... سيبقى في المشفى للغد لنطمئن عليه)

ابتلع ريقه بوجل و هو يسمع ما أصاب أخاه الصغير... تركهم الطبيب لتنظر لهما "ندى" نظرات غاضبة و تهدر بهما بتوبيخ:
(ما الذي أتى بكما إلى هنا؟!... أنتما السبب فيما حدث له... "مصطفى" مستحيل أن يفعل ما تظنونه كيف صدقتما أنه الفاعل؟!!!)

وقفت تبكي أمام "رُبى" تقول بحزن:
(كنتِ دوما غالية عنده ... هل جزائه أن تشكِ به كما فعلتي؟!!!... لماذا ؟!)


راقب "أحمد" الألم المرتسم على وجه "رُبى" و هي تستمع للوم زوجة أخيه... تنحنح بخفوت يقول:
("ندى" نحن نعمل جاهدين لنعرف من الفاعل الحقيقي وراء كل هذا... و أقسم لك بمجرد أن أعرفه سأجعله يدفع ثمن ما يمر به أخي غاليا...)

تمكنت "رُبى" من كبح دموعها حزنا عليه و ألما لرؤية زوجته بهذه الحالة لتقول بخفوت مختنق:
(قريبا سيظهر الحق يا "ندى"... )

اولتهما ظهرها ببكاء لتتجه نحو غرفة زوجها و تغلقها خلفها... نظر "أحمد" لها بطرف عينيه ليقول بهدوء:
(لا تحزني فهي متأثرة بما حدث...)

هزت رأسها بنعم ثم قالت:
(لقد وصلت "تقلا" قبل أن نعرف ما حدث ل "مصطفى" و اكتشفت أن كاميرات المراقبة كانت مشوشة ... قالت أحدهم غير نظامها المتصل بالكاميرات المركزية كي لا يصل لها ما يحدث في مكتب "مصطفى"...)

سحب نفسه بقوة ليقول بعدها بوعد:
(فقط أصل للفاعل و سأجعله يتجرع الويل...)


يتبع....

noor elhuda likes this.

AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 11:39 PM   #650

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس و العشرون

بعد أيام قليلة....
(لا أعرف لماذا نأتي إلى هنا و أنت لا تزال مريض؟!)

تمسك بيدها جيدا يدخل معها من بوابة مقر المجموعة تحت نظراتها المتسائلة... همس بخفوت بات يلازمه منذ مرض :
(لقد طلبت "رُبى" حضوركِ اليوم معي...)

تحدثت باقتضاب بينما تتوقف في مكانها:
(ماذا تريد منيّ "رُبى" بعدما صدقت أنك سبب فيما حدث؟!)

جذبها بحنان ضعيف يقول:
(تعالِ يا "ندى" و لا تتعبيني أكثر ... كلها دقائق و سنعرف ماذا تريد!)

تقدمت معه بخطوات رافضة أن تأتي للمكان الذي تسبب في تعب زوجها و مروره بتلك الأزمة النفسية و الصحية التي لم تتوقع يوما أن يقع بها... وصلا حيث غرفة الاجتماعات و التي كانت مختلفة كثيرا عن قبل... بعدما كانت مكان يجتمع به الرؤساء فقط تجمهر به كل موظفين الشركة تقريبا... دلفا تحت انظار الجميع الغير مريحة ل "مصطفى" و حزن "ندى" على حاله... قابلتهما "رُبى" بوجه جامد الملامح تقول:
(أجلسا في الكراسي القريبة من شاشة العرض رجاء...)

تقدما ليجلسا حيث طلبت و "ندى" كل ما يحدث لا تفهمه مطلقا... اجتمع الجميع أخيرا لتقف "رُبى" خلف كرسيها تنظر لهم نظرة طويلة متمهلة و متفحصة... تحركت للأمام تمسك جهاز التحكم عن بُعد بيدها ثم عادت تقف مكانها لتقول بهدوء رزين:
(منذ شهرين أو أزيد قليلا انتشرت صورة ليّ و أنا حامل قبل سنوات و أوضح لنا مهندس الحاسب الآلي أن الرقم الذي أرسلها للسيد "مصطفى النجار".... و بعدها بوقت ليس بكثير وقعت مصيبة أكبر و هي موافقة مجموعتنا على صفقة "الجندي" الذي يعرف الكل أنها غير قانونية بعدما وافق أحد الرؤساء عليها و أيضا الفاعل كان السيد "مصطفى النجار".... تساءلت مع نفسي كثيرا لماذا "مصطفى" تحديدا ليصدر منه مثل هذه الافعال؟!... و الاجابة كانت أنه لربما أراد تشويه سمعتي بين الناس... أو ربما لكسب المزيد من المال عن طريق صفقة "الجندي"!!... )

ابتسمت بتروٍ تقول بنبرة صوت رسخت بها كل الثقة و الصدق معا...
(لكن "مصطفى النجار" ليس رجلا خسيسا ليتاجر بشرف امرأة لا يعرفها ما بال من كانت تحمل اسم أخيه؟!... كما أنه ليس بحاجة لأموال آتية من طريق غير مشروع لأنه يتقي الله في نفسه و أهل بيته... منذ حدث ما حدث و أنا متيقنة من كونه بريء و هذا شيء لا غبار عليه...)

اتسعت بسمتها بينما ترمق "مصطفى" بنظرة عين راضية عما ستقوله...
(لذا قبل شهرين اتفقت مع السيدين "أحمد و مصطفى النجار" لنعمل في صمت ثلاثتنا و نجعل الفاعل الحقيقي يقع في المصيدة دون أن يدري أننا نراه...)

ثبتت نظرتها للخلف حيث هي جالسة من البداية تستمع بتدقيق و تأني ليحتل وجهها اللون الأسود بعد تصريحات "رُبى"... تحدثت الأخيرة ببطء متلذذ بهذا الرعب المرتسم على حنايا "سارة" لتقول بهدوء:
(و قد وقع أخيرا .... و بالجرم المشهود)

ابتلعت "سارة" ريقها بوجل و هي تترجم نظرات عين "رُبى" بمعنى واحد لا ثانِ له.... رفعت "رُبى" يدها الحاملة جهاز التحكم عن بعد لتشغل شاشة العرض بينما تقول:
(اتفقنا نص على مراقبة مكتب السيد "مصطفى" عن طريق الكاميرات لنعرف من الفاعل و لكن وجدناها مشوشة بجهاز مخصص لتعطيل نظامها المتصل بالكاميرات المركزية... و بعد وصول المهندسة "تقلا" للمقر و عرض الأمر عليها تحملت هي مسئولية إعادة تشغيل الكاميرات مجددا و التي وجدنا بها الدليل...)

فتحت الشاشة ليتم عرض كل ما حدث مؤخرا في مكتب "مصطفى"... ظهرت "سارة" في الشاشة ممسكة بهاتف "مصطفى" بعدما خرج من مكتبه و بعدها قامت بتحميل شيئا ما على هاتفها و خرجت ببسمة منتصرة... في يوم آخر دلفت المكتب لتضع ورقة ما بين أوراق تركها "مصطفى" فوق مكتبه بعدما قرأها بتمعن و بقت على التوقيع فقط...

ران الصمت على الجميع و هو يشاهد ما يحدث بدون تصديق.... "سارة" هي الفاعلة !!!!... وضعت خطة محكمة مبنية على تشويش كاميرات المراقبة لتفعل ما يحلو لها دون رقيب... و لسوء حظ "مصطفى" وقع هو في شباكها... اتسعت عينا "ندى" و هي تسمع و ترى كل ما يحدث... مالت بذهول على زوجها تهمس له :
(كنت متفقا مع أخيك و "رُبى" على كل شيء!!!... لماذا لم تخبرني يا "مصطفى"؟!!)

ابتسم بسمة صغيرة ضاعت من وجهه منذ وقت طويل ليقول بهمس مشاغب:
(الخطة نصت على التكتم و ما كان عليّ سوى التنفيذ)

رمقته بنظرة غاضبة لتقول بتعجب:
(لكنك مرضت و دخلت المشفى... كيف؟!!!)

حزنت عيناه ليقول بعدها بصدق:
(أخي و "رُبى" كانا واثقين بيّ بروحيهما لكن الجميع كان يتعامل مع كوني الفاعل الحقيقي... نظراتهم كانت قاتلة و كان عليّ التحمل حتى يظهر الحق... كانت فترة صعبة رغم تأكدي بأن الحق سيظهر )

ربتت فوق كفه بحنان تقول:
(الحمد لله حبيبي أظهر الله براءتك للجميع...)

التفتا سريعا حيث الضجة التي صدرت من الخلف حيث "سارة"... وقفت بحدة رغم ذعر ملامح وجهها الظاهر للجميع... تركت كرسيها لتتراجع للخلف بينما نظرات الجميع تخترقها و تزيد من رعبها الداخلي... همست بتلعثم غير مرتب تقول:
(هناك سوء فهم... أنتم تفهمون الأمر بشكل خاطئ)

بين همهمات الجميع و نظراتهم وقف "أدهم" يقول بسخرية:
(و ما هو الصواب يا "سارة"؟!... لقد دفعتي الجميع ليظن السوء في "رُبى" و كنت أول من صدق للأسف)

ابتلعت ريقها بوجل تقول:
(ما حدث ليس ليّ دخل به... كنت أخذ شيئا آخر من هاتف "مصطفى"...)

تحدث أحد الشركاء يقول بتأني:
(حسنا و ماذا عن صفقة "الجندي" و التي وضعتي ورقتها بين الورق التابع للشركة هنا؟!.... لا تبرري بعد يا "سارة" لقد كُشف أمركِ...)

تراجعت أكثر للخلف بخوف تقول:
(لا... لا لست الفاعلة)

وقف الجميع يرمقونها بنظرات ساخطة و أخرى ساخرة... اتجهوا ناحية "مصطفى" الجالس جوار زوجته بشعور من الفخر لتتوالى عليه الاعتذارات من الكبير قبل الصغير في الشركة... انفض الجمع في لحظات ليتركوا الغرفة على "رُبى" و "أحمد" الصامت من بداية الاجتماع و هي في الخلف بهيئتها المصعوقة من كشف ما فعلته بتلك البساطة... تركت "رُبى" ما بيدها لتتجه نحوها بخطوات بطيئة تعيد عليها كل ما مرت به قبل سنوات و كانت "سارة" سببا فيه... توالت كلماتها السامة في المشفى على عقلها لتزيد من الرغبة في قتلها الآن دون شفقة... وقفت قبالتها تتنهد بنظرة عين ساخرة و بعدها همست بهدوء:
(و الآن ما رأيكِ فيما فعلته المراهقة التافهة في السيدة "سارة الراوي"؟!)

احتدت نظرة عينيها رغم موقفها الضعيف لتقول بحدة:
(أنتِ تنتقمين منيّ أليس كذلك؟!)

ضحكت "رُبى" بسخرية لتقول بعدها بصدق:
(نعم أليس واضحا أنني هنا بعد تلك السنوات لأجعلكِ تدفعين ثمن كل ما حدث؟!)

اهتاجت بقوة تقول بصوت غاضب مشتت:
(و ما ذنبي أنا و الذي آذاكِ يقف خلفكِ بكل راحة؟!... هل أنا من وصفكِ بالغلطة أم هو؟!... هل أنا من قتل ابنكِ أم هو؟!... أنتِ تهدرين وقتكِ مع الشخص الخاطئ)

ابتسمت "رُبى" برزانة لتميل عليها و تهمس:
(بلى ... أنا أنتقم من الشخص الصحيح... ممن آذاني نفسيا و شوش راحتي قبل سنوات... ممن نعتني فوق سرير المشفى بالتافهة و رمى تهم بالباطل عليّ... أنتِ المقصودة يا "سارة" و لعبكِ القذر هو ما أوقعكِ بسهولة)


زاد معدل تنفسها بحدة و اسودت نظرتها لترفع يدها بكل قوتها ناوية أن تصفع "رُبى" فوق وجهها بحدة... لكن كفها توقف في منتصف الطريق ليتكبل بقوة أوجعتها... نظرت لعين "أحمد" الملتهبة بغضب مخيف تراه للمرة الأولى بينما كفه يعصر كفها بداخله بقوة... حجب "رُبى" خلف ظهره ليقابل "سارة" بجسده المتحفز و يقول بعد صمت دام طويلا:
(حذاري أن يُهيأ لكِ عقلكِ بأن تفعلِها...)

تحركت كفها داخل كفه بحدة في محاولة لسحبها لكنه كان متمكنا منها بقوة... اشتعلت كل خلايا عقلها و هي تراقب فشل خطتها بل كل خططها و ضياعهم هباءً... تكلمت بحدة عصبية تقول:
(و لمَ ؟!.. لأنها تثير بك رغبة التواصل الجس...)

صفعة قوية مشتعلة دامية أصابت وجهها على حين غفلة لتسقط على اثرها أرضا و ترتطم بقوة في الارضية... اتسعت عين "رُبى" و هي تراقب ما يصدر من "أحمد" لأول مرة ضد امرأة... حاولت التقدم منه لتمنعه عنها لكنه فقد كل التعقل لينحني يجذب "سارة" من شعرها بقسوة و يرفع رأسها قائلا بغضب:
(كيف لسنوات لم أرَ قبحكِ؟!... كيف رسمتي صورة غير حقيقتكِ و استطاعتي العيش بداخلها بكل هدوء؟!... منذ سنوات أخبرتكِ لا تأتي سيرة "رُبى" على لسانكِ لكنكِ تماديتِ... لدرجة أنكِ تجرأت على شرفها لتكملي خططكِ القذرة)

تأوهت بألم بينما يدها تحاول فك سراح شعرها من بين اصابعه الحديدية... ابتلعت ريقها لتركن للاستجداء قائلة بصوت مهتز:
("أحمد" أنا أحبك...)

جذبها مجددا من شعرها ليركن كل اللطف في معاملة النساء جانبا و يقول بحدة:
(أخرسي و لا تتفوهي بهذه الكلمة ... لقد سئمت سماعها من سنوات...)

اتسعت عيناها بتأكيد من كون كل شيء قد ضاع و انتهى... حاولت أن تستقيم فتألمت من قطع بصيلات شعرها في يده لكنها قاومت ليتركها هو بحدة نافرا من لمسها أكثر... نظرت له بأعين غير مصدقة ما يحدث ثم وقفت جواره تقول بهمس متوسل:
(هذه حقيقة .... أنا أحببتك طوال الوقت )

ضرب سطح طاولة الاجتماعات بيده ليصرخ بها بحدة:
(اخرسي .... اخرسي )

أمسك ذراعها بقوة ليجرها حتى باب الغرفة تحت نظرات "رُبى" المتسعة ليلقيها خلفه قائلا بوعيد:
(من هذه اللحظة أنتِ خارج الشركة و قبلها خارج حياتي تماما... ما فعلته في حق أخي و "رُبى" ستدفعين ثمنه غاليا و لكن بعد أن نحل قضية صفقة "الجندي" مع الشرطة...)

تحرك بؤبؤ عينيها بقوة لتتجه نحوه و تتمسك بذراعه برجاء تقول:
(لا تفعل... لا تتركني)

نفض يده منها لينظر لها بسخط قائلا بصدق:
(ذنبي الوحيد حولكِ هو أنني يوما اعتقدت أنكِ الفتاة الصالحة لتكن زوجتي ... من سنوات يا "سارة" و أنتِ تعرفين أنكِ لستِ هي و أنا أوضحت لكِ هذا أكثر من مرة لكنكِ دوما كنتِ تتشبثين بعلاقة غير مكتملة لنا... أنا لم أحبكِ لمرة واحدة يا "سارة" و لن أفعل أبدا...)

أغلق الباب في وجهها المصدوم ليتركها تترنح للخلف و شعور بالهزيمة يحنيها... لملمت شعرها بيدها المرتعشة و نظرت في كل مكان حولها بتيهٍ مميت... ابتلعت ريقها و كأنها تبتلع اشواك تؤذيها... عادت تنظر للباب المغلق في وجهها لتحتد نظرة عينيها و تتناسى ما مرت به للتو لتهمس بوعيد أسود...
(ستندم يا "أحمد"... ستندم أشد ندم)

..................................

تحرك في موقع الانشاء الذي تعمل به حبة الكرز يبحث عنها بعينين مشتاقتين... منذ ما حدث مع "رُبى" و اكتشف علاقتها ب "أحمد" و هو يحاول جاهدا الاعتذار منها و طلب السماح عما بدر منه و ايضا السعي من جديد للحصول على حبة الكرز... لكنهما عنيدتين للغاية و متشابهتين بشدة... لقد دفع مبالغ لا بأس بها في ورود يرسلها يوميا لمكتب "رُبى" و "رحمة" و النتيجة هي قبول "رُبى" وروده بعدما كانت تلقيها أمام عينيه في سلة المهملات... بينما "رحمة" لا تزال ترفض استلامها من الاساس... يعرف أنه جرحها حينما طلب يد صديقتها للزواج و تناسى مشاعره و مشاعرها التي بات يراها بوضوح رغم غضبها منه... يعرف أن فتاة رقيقة مثلها ستتعب كثيرا مع بهيم مثله لكن و لأول مرة في حياته قلبه يعشق!... كان يضحك ساخرا على من يقص له حكاية حب وقع بها و لكنه وقع مثلهم دون مقدمات... تنهد بتعب يرمقها تقف بقامتها الممشوقة وسط العمال الذين اعتادوا عليها و تغيروا في معاملتها عن أول مرة لها هنا... سحب نفسا عميقا ثم تقدم منها ببسمة مشاغبة خطيرة...
(صباح الخير يا حبة الكرز...)

التفتت ترمقه بنظرة تحذيرية جعلته يرفع كفه اعتذارا يقول:
(آه آسف ... صباح الخير يا سيادة المهندسة "رحمة"... هل هكذا تليق؟!)

إجابتها كانت الصمت كحالها معه مؤخرا... عادت تنظر للعمال و تكتب بعض المعلومات في اوراقها... تقدم بصبر ليس من شماته ليقف جوارها يميل عليها قليلا قائلا بصوت موبخ:
(يقولون في حيينا الشعبي الثقل صنعة و لكن أقول أنا العفو عند المقدرة...)

صدر منها صوت تأفف مقصود جعله يعتدل بيأس لينظر لها مليًا... نزع نظارته الشمسية و أخرج مسواكه يضعه في فمه قائلا:
(ألن يحن وقت المسامحة بعد؟!... اعترفت أنني اخطأت بحقكِ و حق صديقتكِ ماذا يجب أن أفعل ايضا؟!)

جمعت اوراقها بحدة و تجاهلته لتتركه و تبتعد... اغمض عينيه يتحكم في غضبه منها الذي هو في غنى عنه حاليا كي لا يسوء الوضع أكثر... اسرع يمسك ذراعها و يواجه وجهها المصدوم من فعلته ليقول بنبرة هادئة صادقة:
(ما أفعله معكِ لم أفعله مع أحد من قبل... أنا حقا نادم عما بدر منيّ تجاهكِ )

توترت نظرتها لتهمس بصوت شابه التأثر:
(اتركني يا "أدهم"...)

زفر ببطء يشدد من قبضته عليها قائلا برفض:
(لن أفعل يا "رحمة" قبل أن تعرفي أنني أحبكِ...)

اتسعت عيناها بقوة و هي تسمعه يعترف بحبها بكل بساطة و كأنه يخبرها عن أحوال الطقس... تلعثمت بعدما زادت حمرة خديها تقول:
(ماذا تقول أنت؟!)

ابتسم بسعادة يهمس بصدق:
(أقول أنني أحبكِ... أقسم بالله أحبكِ منذ رأيتكِ أول مرة في مصعد الشركة)

ابتلعت ريقها بخجل مميت و قد حاولت التملص منه لكنها فشلت... همست برجاء خجل:
("أدهم" ابتعد...)

خفف من قبضته فوق ذراعها ليقول بأمل:
(هل أنتِ موافقة ؟!)

افلتت نفسها منه لتتلاشى حمرة الخجل من فوق خديها و تتبدل بحمرة الغضب و الثورة لحبها...
(أنا لست بديلا لأحد ... ليس لأن "رُبى" رفضتك تعود تبحث عن بديل يسد حاجتك)

ضيق عينيه ليقول بخشونة:
(بديل يسد حاجتي!!!... لا تنطقين كلاما لا تعي معناه الحقيقي)

هتفت بحدة و غيظ:
(أنا لست معتوهة لأنطق بما لا أعرف...)

زفر ببطء طالبا أقصى مراحل التعقل ليقول بصوت حاد قليلا:
(نعم لستِ معتوهة لكنكِ تحبينني أليس كذلك؟!)

زاد توترها و هو يكشف كل الورق أمامها... الغبي يعرف أنها تحبه و ذهب ليطلب الزواج من صديقتها... و الله هو المعتوه و المجنون و ليس هي... كرر سؤاله بشيء من الصراخ و كأنه يستجوب لصا... فزعت من لهجته فانتفضت بخوف تنظر له بأعين غير مصدقة أن اعتراف الحب الأول في حياتها يكون بهذا الشكل المأسوي... كررها ثالثا بنظرة عين مخيفة لتجيب هي بصوت صارخ بعدما أغمضت عينيها غصبا:
(نعم... أحبك للأسف)

لم يكن يعرف أن مجرد كلمة صغيرة كهذه ستفعل فيه ما تفعله الآن... قلبه استكان على حين غفلة و زاد نبضه بوتيرة مختلفة عن سابقتها... وتيرة هادئة و راضية جدا... اتسعت عيناه بصورة طفيفة ليشملها كلها فيها بحنان لم يظن يوما أنه يملكه... هتف بنبرة مهتزة قليلا و رجاء:
(افتحي عينيكِ يا "رحمة"...)

فتحتهما ليلتمع بهما الدمع و تهمس بخفوت متألم:
(هل رأيت حالة مزرية كحالتي أنا؟!... أنت بكل ما بك من مساوئ و بعد ما فعلته بيّ أحبك)

ابتسم بسمة صغيرة يقول:
(و أخيرا سمعتها منكِ...)

ضحكت بسخرية تقول:
(لا تتعشم فليس معنى أنني قلتها أي أنني سأسير على خُطاها)

عقد حاجبيه بعدم فهم قائلا:
(لا أفهم...)

زفرت بيأس تقول:
("أدهم" أنا لن أهدر كرامتي من أجل حبك... لقد جرحتني بقوة و لازلت أعاني من جرحك ليس هينا أن اسامح)

تمسك بيدها برقة لم تكن به يوما ليهمس بأمل:
(دعيني أساعدك كي تسامحي... لقد اختلط الأمر عليّ هل سأدفع ثمن هذا ببُعدكِ عنيّ؟!!)

هزت رأسها برفض لكنها تسمرت حينما صدر فجأة صوت طلقات نارية في موقع العمل و تبعثر العمال هنا و هناك في غمضة عين بأصوات متداخلة و محتدة... اتسعت عيناها بصدمة و لاح الرعب بينهما لتنظر له بخوف تقول:
(ماذا يحدث؟!!)

الوضع كان مخيفا و هو كان مرتعدا من أن يصيبها أذى... حاوطها داخل سترته بقوة ليتحرك بها حركات مدروسة بطيئة حتى وصل بها ناحية مكتبها ليفتحه بسرعة و يدخلها به... أخرجها من احضانه لينظر لعينيها المرتعبة و الممتلئة بالدموع ليقول بصوت آمر:
(إذا انقلبت الدنيا بالخارج لا تخرجي من هنا.. سمعتي؟!)

هزت رأسها نفيا تتمسك في سترته بأيد مرتعشة تقول ببكاء:
(أين ستذهب أنت؟!)

سحب سترته منها بوجه متحفز ليقول :
(لأرى ماذا يحدث بالخارج؟! ... و من هؤلاء الذين تجرأوا ليهجموا على موقع العمل في وضح النهار بأسلحة نارية؟!!)

قبضتها المستميتة حول سترته منعته من الحركة لتقول برجاء:
(لا تفعل يا "أدهم" سيضربونك بالنار...)

فك تشابك اصابعها من فوق سترته ليقول برفض:
(و هل سأختبئ كالنساء؟!... انظري ما سيحدث بالخارج مهما كان صعبا و مهما سمعتي من أصوات لا تخرجي... لا تضعفي موقفي أمامهم و تلجمي حركتي ... لا تخرجي يا "رحمة" من هنا و لا تجعليهم يوجعني بكِ...)

دموعها المتساقطة و اصابعها المتشبثة به جعلته يتوقف للحظات و يرجع لها يلامس وجهها المبلل بكفه الخشنة ليقول بصوت قذف الرعب بها و كأنها أخر كلمات تخرج منه...
(أنا حقا أحببتكِ يا حبة الكرز... سامحيني)

ابتعد بسرعة ليخرج من مكتبها و يغلق بابه عليها بالمفتاح... اسرعت ناحيته تدق عليه ببكاء عالٍ و توسل بألا يفعل و يتركها... بألا يتأذى بعدما عرفا كل منهما عن مشاعر الآخر... دقت فوق الباب بصوت احتقنت نبرته واختلطت بالبكاء لتسقط بعدها بضعف خلفه حينما اشتد صوت ضربات النار في كل مكان...
كانت ترتعش بخوف في المكتب الصغير المحاط حاليا بأصوات مرعبة من الرجال و الأسلحة... لا تعرف ماذا أصابه و لا من هؤلاء لكنها تتمنى بكل روحها أن يكون بخير... أن يعود لها سالما... و أن تخبره أنها تحبه و لا تستطيع العيش دونه!... سمعت صوت دق عالي فوق بابها و كأن أحدهم يحاول كسره ارتعدت و اتجهت ناحية المكتب تحتمي به... صوت تحطمه جعلها تشهق بخوف و تختبئ اسفل كرسي مكتبها الكبير... دلف الغرفة رجلان من الغرباء بأجساد مخيفة و هيئة مرعبة يحملون بأيديهم اسلحة كبيرة تراها لأول مرة... كتمت صوت انفاسها بيدها تراقب تحركهما في المكتب من شقوق صغيرة فاصلة بين الكرسي و سطح المكتب... سمعت أحدهما يقول بحدة :
(ابحث معي عن الورق المطلوب هنا بسرعة قبل أن يستفيق الرجل الذي بالخارج ...)

تحركوا تحت أنظارها المرتعدة ليقلبوا محتوى المكتب في غمضة عين... و لسوء حظها لمحها أحدهم ليتقدم منها و يسحبها من شعرها بحدة... صرخت بخوف و هي تنساق معه للخارج و تبكي بصوت مرتعد... سألها أحدهم بصوت مخيف:
(أين الورق الخاص بشركة "الجندي"؟!)

ارتعشت شفتاها بقوة تقول بكلمات باكية متلعثمة:
(ليس هنا... و لا أعرف أين مكانه)

ضربها الرجل الذي يمسكها من شعرها بحدة في جانبها جعلها تئن بصوت متألم ... عاد يسألها الآخر بصوت ارعبها فمجيئهم هنا ليس بحثا أكثر منه ترهيبا كما أمرهم "الجندي"... قليلا من الخوف و التشتت سيجعلهم يلتهون بعيدا عنه لبعض الوقت...
(و نحن لن نرحل من هنا قبل أن نأخذ هذه الأوراق)

نظرت لهما ببكاء لكنها قالت بحدة رغم خوفها:
(و أنا لو بها موتي لن أدلكما عليه...)

صفعة قاسية نالها وجهها الرقيق لتسقط ارضا على أثرها و تتأوه بوجع مؤلم... بكت برعب على ما سيحدث لها و ما حدث ل "أدهم" و لا تعرفه... أين هو و لماذا ليس هنا جوارها يحميها؟!... كادت تصلها يد أحد الرجال و لكنه تراجع بعدما اطاحته ركلة بربرية من ساق "أدهم" الذي وصل للتو... ارتفعت انظارها ناحيته لتشهق بخوف كبير و هي تراقب الدماء النافرة من جسده و خصوصا بطنه... مال يلتقطها من الأرض بوجه متعب لينظر لها بنظرة شعرت معها بكم الأسى الذي يمر به لكونه فشل في حمايتها... همس بصوت خشن متألم:
(أبقي خلفي و لا تتركيني حتى لو سقطت ميتا أمامك... احتمي بيّ و اجعليني درعكِ حتى تأتي الشرطة..)

همست بعدم تصديق تقول ببكاء:
("أدهم"...)

جذبها خلفه ليناظر هو الرجلان بأعين مخيفة و جسد رغم نزفه يرفض بكل ما به من قوة أن تمس امرأته... تقدم منه رجل ليهز هو رأسه بحركة استفزته قائلا:
(تعال لقدرك يا «....»)

احتدت نظرة عين الرجل و رفع سلاحه بالمؤخرة ينوي ضرب "أدهم" به فوق رأسه بينما خرج الآخر من المكتب يراقب الأجواء تاركا أمر "أدهم و رحمة" لصديقه ... أخرج "أدهم" من جيبه مديته ليسكنها بحركات سريعة معتادة على الشجار في عنق الرجل بقسوة ... نفرت الدماء منه لتغطي وجه "رحمة" بعدما تلطخ وجه "أدهم" بها ... ما يحدث أمامها لأول مرة جعلها تصرخ بهستيرية مرتعبة ... لف ذراعه للخلف ليحيط خصرها و يشعرها بالأمان قائلا بأمر :
(لا تخافي أنا معكِ...)

خبأت وجهها في ظهره مما تراه و شعر بارتعاشها فعاد برأسه يهمس بخفوت:
(تماسكي حتى تأتي الشرطة... أشعر بأن قوتي انتهت و لكني سأماطل معهم حتى اطمئن أنكِ اصبحتِ في أمان...)

غمغمت ببكاء اختلط في سترته تقول:
(لا تمت يا "أدهم"... لا تتركني أرجوك)

ابتسم بخشونة يقول:
(و الله أنتن غريبات... كنت معكِ قبل قليل بالخارج بكامل صحتي أتمنى أن أنل الرضا و كنتِ تتمنعين و الآن و أنا اواجه الموت اسمع منكِ هذا الكلام...)

صرخت ببكاء مرتعد تقول بصوت لامسه:
(اصمت ايها الغبي... أنا أحبك لذا لا تمت ارجوك)

تنهد بألم يحاول كتم جرح بطنه قائلا بصوت رغم ما به سعيد:
(سأحاول ألا أموت ... لكن تذكري جيدا ما تقولينه هنا لأنني إذا كتب الله ليّ عمرا جديدا سأتزوجكِ حتى لو رفضتي أنتِ)

بكت بصوت أعلى من قبل تقول بحدة:
(لا تأمرني و نحن في هذا الموقف... و لا تتكلم و كأنك فعلا ستموت و الله لا أقوى على العيش بعدك)

توقفت انفاسه للحظات معدودة ليلتفت لها بنظرة عين لن تنساها أبدا... نظرة حانية ، شاكرة ، صادقة و محبة ... همس بعدها بوعد رجولي خشن:
(أقسم بخالقي يا "رحمة" أنه كما وهبتني كل هذه السعادة بسبب كلماتكِ و إن حقا خرجنا من هنا احياء لأعيش عمري كله لكِ و أهبكِ من الحب ما يليق بكِ...)

بكت بتأثر و بخوف ... بكت و تشبثت به و كأن حقا هذه أخر ساعات لهم في الحياة... اليوم الذي نالت به اعترافه بأنه يحبها ربما سيكون الأخير في عمرهما سويا... لكنها رغم كل شيء راضية... يكفي أنه معها و يكفي ما يقوله لها...

دلف الرجل الذي خرج مجددا ليرى صديقه ساقطا أرضا اشتعل غضبه و اقترب منهما بنية قتلهما لا محال... رفع الرجل السلاح في وجههما يقول :
(ما يفصلكما عن الموت طلقة واحدة فقط... و ما يمنعني عنها هو مهمتي في أخذ الورق ... لذا كي تموتا بهدوء أين هو؟!)

ابتسم "أدهم" بسخرية ليتألم وجهه بقوة و بعدها قال بنبرة مقصودة:
(عند أمك... )

لكمة قوية طرحت بوجه "أدهم" لتزيد من صراخ "رحمة" و تشبثها به... عاد برأسه يبصق الدماء من فمه ببسمة مستفزة قائلا:
(ماذا هل حزنت من ذكر اسم الحاجة؟!...)

تابعت "رحمة" حركة الرجل الذي وجه سلاحه ناحية "أدهم" لتصرخ به بحدة مرتعبة:
(انتبه...)

اتسعت عيناه حينما وضِع السلاح فوق صدره و ابتسم الرجل بتشفي قائلا:
(تركت لكما مساحة للحديث لأنه سيكون الأخير بينكما و الآن اسمعاني الشهادة...)

اشتد تمسكه بها من الخلف في محاولة واهية بأن يبث بها الأمان... أما هي دفنت رأسها في ظهره تتمتم بخفوت مرتعش بالدعاء أن يمر كل هذا دون أن تفقده... اغمض عينيه مستعدا بأن تنطلق الرصاصة و تخترق صدره لكنه استمع لصوت سيارات الشرطة و التي جعلت الجميع يكر و يفر في غمضة عين.... خرج من تحمل الجري منهم لخارج المكتب فالتفت هو لها يقول بصوت متعب:
(لقد أتت الشرطة يا "رحمة"...)


ثقلت رأسها فوق ظهره فارتعد و هو يتقبل جسدها الفاقد للوعي بين ذراعيه و يسقط بها ارضا!!...


يتبع.....



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 21-01-20 الساعة 05:24 PM
AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.