آخر 10 مشاركات
رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          عندما يُخطئ حبيبان!! (21) -رواية شرقية- بقلم: yaraa_charm *مميزة & كاملة* (الكاتـب : yaraa_charm - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          1109 - شئ من الحقيقة - شارلوت لامب - د.ن (الكاتـب : * فوفو * - )           »          135 - الخطوة الأخيرة - مارغريت بارغيتر ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > شـرفـة الأعـضـاء

Like Tree15Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-10-19, 09:19 PM   #11

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي




"يويااااااااا"

قالها سيد بصوت أجش من أثر النوم بجوار أذنها قبل أن تتسلل يده لتمارس قليلا من الشقاوة هنا وهناك تحت الغطاء الصيفي الخفيف الذي يغطي جسدها بجواره ..محاولا كما يفعل منذ مدة أن يدفن في قلبه مشاعره المتألمة بألمها .. ومعاناته المقرونة بمعاناتها مع الحمل .. ثم رفع جذعه ليستند على ظهر السرير يلتصق بجسدها.

كانت توليه ظهرها وهي تنام على جنبها في وضع الجلوس على السرير تستند على عدد كبير من الوسائد وكأنها تنام على كرسي نظرا لعدم قدرتها على النوم على ظهرها منذ فترة بسبب ثقل حملها ..فأبعد شعرها الذي استطال كثيرا وتخللته خصلات سوداء كثيرة مع أطراف عسلية كما كانت تصبغه فأضفى عليها سحرا انثويا يخصها وحدها في عينيه .. وتأمل ظهرها العاري في المنامة الصيفية الكاشفة عن كل شيء التي ترتديها..

كان ظهرها متورما .. بل أن كل جسدها متورم بشكل يمزق نياط قلبه .. وتلك الطبيبة التي انفجر فيها منذ فترة تؤكد له بأن هذا التورم أمرا عاديا في الحمل مادام لا يصاحبه ارتفاع في ضغط الدم .. ولولا أن حماته أكدت له نفس المعلومة خاصة مع ضآلة حجم آية وثقل حملها بتوأمين لما سكت على حالتها أبدا .. رغم أنه غير مقتنع أو ربما غير قادر على تحمل وجعها ومعاناتها ..

مد كفه الكبير يدلك ظهرها العاري فنومتها المعذبة هذه تؤلم عضلاتها وهتف مجددا بجوار أذنها ليوقظها " يوياااااا"

استدارت بصعوبة فمد ذراعيه أسفل جسدها يساعدها على الاعتدال .. لتشرق أمامه عيناها اللتان تغوصان في بحر من العسل فغمغم سيد هامسا وهو يميل ليقبل شفتيها " أعلم بأنك لم تنامي سوى بضع ساعات يا روحي لكنك قلت بأنك ستستقبلين أروى وماجدة وبانة في شقتنا اليوم .. فإن لم تكوني قادرة فلنعتذر لهن"

غمغمت آية وهي تحاول إيجاد وضع مريح لجسدها متجاهلة ذلك الصداع الذي يضرب برأسها "لا لا أنا أصريت أن يكون التجمع عندي لا أريد ان أستسلم للأوجاع أريد أن ألتهي معهن عما أعانيه "

قال مداريا عذابه الشخصي " هانت يا عمري هانت وسأؤدبهما حين تتحررين منهما"
قالت بخفوت ووهن " هل ستذهب لمشاهدة المباراة مع الشباب في الخن؟"
أومأ برأسه ومال يطبع قبلٌ على خدها ورقبتها فأغمضت عينيها تربت على بطنها المنتفخة وقالت "اذهب واستعد إذن اعتقد بأنهن على وشك الوصول"

قال وهو يترك السرير "ليس قبل ان أناكف في رحمة قليلا فليس لديها محاضرات اليوم "

تأملت جسده الضخم أمامها وهو يلتقط الجيتار من الأرض ويضعه على أحد المقاعد وقالت بامتعاض " ألم يكفيك سهرتكما ليلة أمس في المطبخ طوال الليل !.. والحقيقة لا أعرف لمَ تجلسان في المطبخ بالذات وتطلبان طعاما جاهزا أو تطهوان وجبة ؟!.. ما هذا المزاج الغريب لكما في جلسة المطابخ !!"

قهقه سيد بضحكة خشنة وهو يتذكر كيف أنه ظل يتسامر ويناكف في رحمة طوال الليل وانتظر حتى الفجر ليصليه ويوصل آية لمحطة الإذاعة لتلحق ببرنامجها الصباحي مع فادي ورد .. فتلك العنيدة مصرة على الاستمرار في العمل رغم أنها في الشهر الثامن من الحمل ورغم تورمها الكامل وضعفها ..

احيانا لا يعلم إن كان يجب أن يشعر بالفخر بصغيرته القوية أم أن يكسر رأسها العنيدة .. لكنه يتركها لتفعل ما تحب فيكفيها ما تعانيه بسبب ذلك الحمل السخيف .

أما آية فاعترفت لنفسها وهي تتطلع فيه وهو يضحك انه يتحول معها هي ورحمة بالذات لولد صغير يختلف تماما عن سيد الشهير بهولاكو لكنها قالت بغيظ "تضحك يا سيد !.. تغيظاني بما تفعلان اقسم بالله .. وحين كانت ليزا هنا كانت تنضم إليكما احيانا وأنا أغط في نوم عميق لألحق بعملي في الفجر "

هدأت ضحكاته حين ذكرت اسم ليزا واسرع لهاتفه ليتفحص إن كانت قد اتصلت به أم لا.. لكنه لم يجد أي اتصال منها .. فقرأت آية ملامحه القلقة وقالت لتطمئنه " لا تقلق .. حين اتصلت بي منذ يومين كما قلت لك قالت بأنها على وشك انهاء كل شيء وستعود على أول طائرة "

مط سيد شفتيه وألقى بالهاتف على المقعد بجوار الجيتار يشعر بالقلق على تلك المختلة التي ابتلي بها فجأة والتي سافرت لتنهي بعض الأمور المعلقة في كندا .. ولولا حالة آية الحرجة في الحمل لسافر معها فبرغم كل شيء هي من دمه حتى لو كانت كالمصيبة التي هبطت عليه من السماء .

حاولت آية تحريك ساقيها فشعرت بوجع شديد وحين رفعت عنهما الغطاء الخفيف لاحظت أن تورم ساقيها كان أكبر من ذي قبل لكنها أسرعت بإخفائهما تحت الغطاء حتى لا تقلق سيد فيكفيه معاناته وتألمه من أجلها .

سألها سيد "ألن تغادري السرير .. هل تريدين أن أجهز لك ما سترتدينه؟"
تدفقت مشاعرها نحوه فرفعت ذراعيها إليه في دعوة صامتة للعناق لتتسع ابتسامته ويقترب من السرير يميل إليها بجذعه ويحتويها لتتوسط صدره العريض ويحيط جسدها المتورم بذراعيه ..فاختبأت آية في صدره لبعض الوقت تهرب من قلقها ومخاوفها بسبب حملها .

بعد قليل أبعدها سيد ومال يقتنص شفتيها بقبلة حارة تشتاقها إلى حد الجنون.. ثم أطلق سراحها قبل أن يفقد سيطرته على أعصابه تحت إلحاح مشاعره الجائعة إلى وصالها إلى حد معذب وقال بصوت مرح "لم أغني لأولادي اليوم"

ابتسمت آية ممتنة لهذه الجرعة من السعادة التي يمنحها لها كل يوم حين يغني لها.. وتأملته وهو يتحرك ويلتقط الجيتار ثم وقف يقول " ماذا أغني لهما اليوم؟.. ماذا يا زوجة سيد؟ "

حركت ساقيها على السرير بصعوبة شديدة ومسدت على بطنها المنتفخة بعد أن أراحت ظهرها على ظهر السرير وقالت" لا أعرف أنت عليك الاختيار"

همهم سيد ثم ضرب على الجيتار فجأة وبدأ في العزف فانسابت الانغام من بين أصابعه إلى قلبها قبل أذنها .. رغم الصداع ورغم الطنين الذي يملأ أذنيها فارتفع صوت سيد بالغناء:
لاموني الي غارو مني ..
قالولي ايش عاجبك فيها
جاوبت الي جهلو فني
خدوا عيني شوفو بيها

انفجرت آية في الضحك وقالت " مشهد عاطفي جدا وأنت تقف أمامي بالملابس الداخلية تغني بكل رومانسية على الجيتار"
اتسعت ابتسامته وأكمل وهو يميل عليها مستمرا في عزفه ..

هالطفلة الي غيرتو منها
وحبيتوني باش ننساها
ما نقدرشي نبعد عنها
وأنا كالحوتة في ماها

غلبها التأثر واغرورقت عيناها بالدموع فرفعت كفيها تحضن وجهه وتقربه منها .. ثم طبعت قبلة على شفتيه هامسة أمام عينيه" سأظل حتى أموت ممتنة لرب العالمين لاقتران اسمي باسمك يا سدسد"

××××

تقافزت شمس على ذراع أمها بإلحاح وزمجرة رقيقة ترفع ذراعيها في الهواء بينما قالت بانة بغيظ لأحمد الذي يطالع صغيرته ببرود واضعا يديه في جيبيّ بنطاله " أحمد .. حرام يا أحمد البنت تريد الذهاب معك"

رد أحمد باستهجان" ماذا سأفعل بها في الخُن يا بانة بالله عليك ! .. خاصة أننا سنشاهد مباراة وسترتفع أصوات هتافاتنا .. ألست ذاهبة لآية خذيها معك (واقترب من ابنته يقاوم تأثيرها عليه وقال ببرود) ماما ستذهب ( باي ) أيضا "

مال يطبع قبلة حنون على خدها فتشبثت شمس برقبته لكنه تماسك وابعدها بحزم ثم اسرع يوليهما ظهره مغادرا .. لتنفجر الصغيرة في بكاء حطم مقاومته وبروده الظاهري فأغمض عينيه متقبضا يشتم من بين أسنانه .

حانت منه نصف استدارة ينظر لصغيرته التي تحطم حصونه المنيعة كأمها وأدرك بأنه يوشك على الاستسلام لرغبتها خاصة حين رآها تفتح كفيها وتقبضهما في الهواء متمتمة باسمه " أممد أممد" بينما قالت بانة لابنتها مشفقة وهي تربت عليها " لا تبكي يا ماما أنا أيضا سأذهب باي .. وخالو سيأتي بعد قليل فاخرجي معه "

عاد أحمد إليهما يقول باستنكار " ولماذا تخرج مع خالها؟!!"


ردت بانة تغيظه "لأن والدها لا يريد"

سحب أحمد منها شمس يحملها فوق ذراعه قائلا بعناد "والدها موجود لا داعي لخالها"
اتسعت ابتسامة بانة واستطالت تطبع قبلة على شفتيه وغمغمت " لا حرمنا الله من والدها "


استجاب أحمد لقبلتها وقد لانت ملامحه بينما شمس تحيط عنقه بذراعيها الصغيرين وتنام على كتفه.

حين تركت بانة شفتيه نظر أحمد لشمس وذاب قلبه من تلك الدمعة التي تلمع على خدها فمد ابهامه يمسحها قائلا بمناغشة" تبكين بالدموع يا محتالة حتى تخرجين معي ! .. ماذا ستفعلين في الخن ها ؟"

تمتمت شمس بصوت رقيق باكي " بابا باي "
غامت عيناه فسألها" أين قبلة بابا؟"
مالت بدلال تطبع قبلة على خده فجرت ينابيع الحنان في قلبه فاحتضنها مغمغما بضحكة " اقسم بالله محتالة "

اسرعت بانة تقول" لحظة واحدة يا أحمد امشط لها شعرها"
قال متذمرا " هل سأتأخر أكثر من ذلك ؟؟... المباراااااة"

عادت بانة من الغرفة بسرعة تحمل مشطا وطوق مطاطي للشعر بدلايات مكورة باللون الاحمر ومرقطة بالأسود وهي تقول "المباراة بعد ساعة يا أحمد رامز أخبرني بأنها في السادسة "


حاولت بانة وأحمد اقناع شمس للذهاب لأمها لتمشط لها شعرها لكنها رفضت ترك والدها خوفا من أن يغادر بدونها .. فما كان من أحمد إلا أن أوقفها على منضدة السفرة ووقف قريبا منها حتى تقتنع بأنه باقي حتى تنتهي أمها من تصفيف شعرها الأسود الناعم ذي الخصلات الملفوفة حول نفسها.

سأل أحمد بانة " لماذا ستتجمعن عند آية وترهقونها مادامت المناسبة تخص ماجدة؟!"



ردت بانة وهي تربط شعر ابنتها كذيل حصان مرتفع على جانب واحد " أروى هي صاحبة فكرة الاحتفال بماجدة بمناسبة صدور أول رواية ورقية لها .. وكانت تعتزم اقامة جلسة نسائية بسيطة لنا في بيتها يوم المباراة .. وحين أبدت آية رغبتها في الحضور اقترحت أروى أن يكون التجمع عند آية فأنت تعرف كيف أن حالة حملها لا تحتمل أي مجهود .. واتفقا على أن تحضر أروى كل ما يلزم الجلسة من مأكولات ومشروبات وخلافه"

أطرق أحمد برأسه متألما لحالة أخته الصغيرة ولم يعقب .. فلم يتوقع يوما أن تمر عليه لحظة يشفق فيها على آية كما كان يشفق على أروى أثناء مرضها .. حتى أنه بات يتجنب مؤخرا رؤيتها ويكتفي بالمكالمات اليومية بينهما بحجة التصاميم المطلوبة للورشة لكن كلاهما يعلم بأنه يقصد الاطمئنان عليها .


انتهت بانة من تمشيط شعر شمس بينما ساعدها أحمد في أن ترتدي حذائها الرياضي الخفيف وهي تقف فوق منضدة السفرة.. ثم وقف يتأمل صغيرته التي توشك على بلوغ عامها الأول ترتدي فستانا بلوزته باللون الأسود وتنورته حمراء منفوشة مرقطة بالأسود تنتهي بإطار من التُل ..فبدت مهلكة في ثوب بألوان الدعسوقة ليقول مناغشا "ما هذا الجمال دعسوقتي الحلوة .. جدك ابراهيم لو رآك بهذا الفستان سيطير عقله ولن يتركك ( وحملها على ذراعه يكمل ) ما رأيك أن نصعد لجدك وجدتك لأرميك هناك .. أقصد ليروا الفستان الرائع هذا فيتمسكون ببقائك عندهم حتى أشاهد أنا المباراة ؟"

هتفت بانة بحنق" أحمد !! .. إياك أن تفعلها ستفقد ثقتها بك .. ما دمت قد وعدتها بالذهاب معك عليك بالتنفيذ"
تمتم بامتعاض متوجها نحو الباب " حاضر .. حاضر"

استدارت شمس تلوح بكفها الصغير لأمها مودعة .. فقهقهت بانة واقتربت تقبل يدها وهي تقول مداعبة "سعيدة انك ستغادرين مع أبيك .. كما تشائين يا ست شمس (وقالت لأحمد ) لا تشتري لها الكثير من الحلوى"

فتح أحمد الباب وهو يغمغم "المشكلة ليست في الحلوى الآن .. بل في القبلات التي يمطرها بها الأوباش ويستفزونني .. قرف أقسم بالله قرف"

ثم أغلق الباب خلفه بعصبية على صوت ضحكات بانة .

××××


يتبع

ولاء حنون likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-10-19, 09:20 PM   #12

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

كانت تشغل الخلاط وصوته العالي يملأ المطبخ حين وقف سيد خلفها ومال على أذنها يقول بفحيح بطئ مخيف "راحماااااااااه"

انتفضت رحمة رعبا واستدارت تمسك بقلبها تحدجه بنظرات موبخة فانطلقت ضحكات سيد الخشنة مجلجلة.. ثم قال " ماذا تفعلين؟"

ردت وهي تعود لتكمل ما تفعل " أعد بعض العصائر للضيفات القادمات"

قال وهو يلتقط بعض ثمرات الفاكهة ويلقيها في فمه "آية قالت أن أروى ستحضر كل ما يلزم الجلسة"

ردت رحمة " لا يصح هن في بيتنا.. سأصنع بعض العصائر على الأقل"

تأملها سيد في منامتها الصيفية القصيرة تحت ركبتيها وشعرها المائل للحمرة الذي تعقصه فوق رأسها .. وتأمل حركتها في المطبخ بنشاط فغمغم قائلا" أتعرفين بمن تشبهين يا رحمة؟"



أدارت رأسها إليه بفضول فرد بابتسامة حانية "اشعر بأنك تشبهين كثيرا أمي إلهام.. بل كثيرا جدا"

اتسعت ابتسامتها وقالت متفاجئة " أنا اشبه أم المساكين !!"



غمغم ضاحكا " كلما أراك تأتي هي إلى مخيلتي لا أدري لماذا .. فأنت تملكين طاقة حنان مذهلة مثلها .. محظوظ هو من سيتزوجك يا بنت يا رحمة"



تخضبت وجنتيها بالحمرة وأدارت وجهها إلى ما تفعل بحرج .. ليقترب منها سيد ويحيط رقبتها من الخلف بذراعه الضخم ويقبل رأسها بحنان قائلا "والله لأقيمن لك حفل زفاف يا رحمة تحكي عنه المنطقة كلها لسنوات .."



حين صمتت رحمة بخجل شديد ولم تعقب سألها سيد " هل اتصلت ليزا بك ؟"

تنهدت رحمة ثم قالت " اتصلت بي صباح اليوم ولم أفهم من لهجتها العربية المتعثرة سوى أنها تبحث عن تذكرة طيران حتى تعود"



قال سيد متفاجئاً" حقا قالت ستعود قريبا !.. ظننت بأنها تراوغ للعودة وتختلق الأعذار !!"

أومأت رحمة برأسها مؤكدة وغمغمت" هذا ما فهمته منها.. اتمنى أن تتصل ليزا بآية لتفهم منها بوضوح"



ابتعد سيد ليستند بظهره على إحدى الخزائن متكتفا لا يعرف إن كان سعيدا من أجل عودتها أم يشعر بثقل مسئوليتها هي بالذات .. فهي ليست كرحمة وزهرة بل ليست كأي بنت عادية .. إنها تربت بشكل وبطريقة وبعادات وتقاليد تختلف كليا عن عادات الشرق.. واعترف لنفسه بأنه كان قاسيا عليها رغما عنه في أمور الحشمة وحدود العلاقات مع الرجال واعترف أيضاً بأنه توقع بألا تعود .. فاحتار في تصنيف شعوره المرتبك تجاهها.



سكبت رحمة بعضا من العصير في كوب واقتربت تناوله إياه .. فتناوله سيد منها وهو يرمقها بنظرات شاردة لتقول بابتسامة عصبية" أعترف بأني اشتقت إلى تلك المختلة عقليا .. ولا أعرف متى أصبحت مهمة لأشتاق إليها بهذا الشكل .. رغم أنها كانت تجلطني بأفعالها طوال الوقت"



أطرق سيد برأسه لثوان ثم رفع أنظاره إليها وقال بلهجة ممتعضة معترفا " وأنا أيضا أعترف بأني اشتقت إليها "



"اشتقت لي ؟؟؟؟؟"

قالتها زهرة مقتحمة عليهما المطبخ باندفاع فغمغم سيد " سلامٌ قولاً من رب رحيم .. ظننتك نائمة في غرفتك"



قالت بابتسامة سعيدة وهي تشير للتابلت في يدها "كنت ألعب بالتابلت الجديد الذي اشتريته لي"



رق قلبه لها وتأملها بذلك الشورت القصير من الجينز والذي يحمل الكثير من النقوش اللامعة والبلوزة البيضاء ذات الحمالات الرفيعة التي تحمل نفس النقوش اللامعة وشعرها الطويل الذي تنافس به شعر آية مسدلا على ظهرها .. في الوقت الذي اقتربت منه زهرة وسألته بابتسامة بريئة" سدسد .. هل تعرف حساب رامز على الفيسبوك؟"



سعل سيد وهو يرشف العصير وطالع رحمة باستفهام بينما احمرت وجنتي الأخيرة ولم تعقب ليعود سيد لأخته الصغيرة قائلا بلهجة خطرة "رامز من؟"



رمشت زهرة عدة مرات تدعي البراءة وردت" هل لدينا أكثر من رامز؟ ..رامز الخازن"



قبض سيد على ظهر بلوزتها وكأنه سيعلقها منها وقال بلهجة محذرة "زهرة اقسم بربي سآخذ هذا التابلت واكسره في أقرب حائط"



امتقع وجهها في رعب .. فتدخلت رحمة على الفور تفك أصابعه عن ملابس أختها وهي تهمس "سيد!!"



شعر سيد بأنه قد انفعل بشكل مبالغ فيه فترك بلوزتها في الوقت الذي رن جرس الباب فقالت رحمة "اعتقد بأنه فتى السوبر ماركت اذهبي وافتحي الباب يا زهرة "

تحركت زهرة وهي تعدل ملابسها فصاح سيد "بالشورت !!"



استدارت إليه وردت بقهر" سأرتدي بنطال .."

فأشار لها بسبابته بحزم لتذهب ..لتبرطم وهي تبتعد "نحن في سجن اقسم بالله ..لا شورتات ..لا اصدقاء على الفيسبوك .. لا رامز الخازن .. وفي الوقت نفسه يترك لليزا الحبل مفكوك"



استدار سيد لرحمة يقول باستنكار " بم تبرطم هذه البنت؟.. ألا تزال ليزا تتحدث مع رامز عبر الواتساب؟!!"



قالت رحمة بسرعة" لا أعتقد يا سيد .. بالتأكيد امتنعت بعد أن نبهتها"



جز سيد على ضروسه قائلا" لا تجعلوني أكره الشاب المحترم"



تكلمت رحمة مهدئة" كما قلت لك من قبل ليزا تربت وعاشت في بيئة مختلفة تماما"



نظر سيد نحو باب المطبخ حيث دخلت زهرة تضع بعض الاكياس في الأرض بعصبية .. ثم اعطت الفاتورة لرحمة بوجوم فقال سيد وهو يهم بالتحرك " حافظة نقودي في الشقة الأخرى"



أوقفته رحمة تقول وهي تفتح احدى الخزائن العلوية " خيرك كثير يا أخي سأدفع من مصروف البيت"



أخذت زهرة منها النقود وتوجهت بوجه مقلوب تغادر المطبخ فتأمل سيد بنطال المنامة الذي ارتدته ثم قال لرحمة باستنكار "وتلك الحمالات!!!"



ضحكت رحمة وقالت "سيد انها مجرد طفلة في العاشرة من عمرها أنت تبالغ معها "



قال بغيظ" هذه طفلة.. هذه !! (ثم تحرك مغادرا وهو يقول ) سأذهب لألحق بالمباراة قبل أن انفعل عليها واشوه وجهها بقبضتي"



قابلها في الصالة تخلع عنها البنطال وهي تطالعه بامتعاض ومقلتين مقلوبتين فتوقف للحظات يحدجها بنظرة محذرة قبل يتركها مغادرا.. وسمعها وهي تلقي بالبنطال في الأرض بعصبية وتبرطم" سجن.. قهر .. تعذيب اطفال أبرياء "



فتح سيد الباب الموصل بين الشقتين ودخل إلى شقته وصفع الباب خلفه بقوة .. ليتفاجأ بصوت باب غرفة زهرة يصفع خلفها هي الأخرى ردا عليه.. فقال من بين اسنانه " يوما ما سأقتلها هي وتلك الزرقاء واستريح منهما ثم أعيش بعدها مع آية ورحمة في سعادة أبدية "



××××



عاد أحمد من السوبر ماركت القريب بعد أن اشترى لشمس شيكولاتة فلمح عمرو يقف أمام البناية التي يملكها برقوق والتي تقع فيها شقة سيد صبرة ووجد معه أروى وعبد الرحمن الصغير .. وما أن اقترب حتى اتسعت ابتسامة أروى وهي تستقبلهما ..




أحيانا لا يصدق أنها أصبحت تقف على قدميها وتتحرك وحدها رغم العرج الخفيف الذي يلازم مشيتها .. لكن أن يحدث هذا بعد كل هذه السنين من المعاناة فهي معجزة من رب العالمين.



ألقى السلام فسألته أروى وهي تطبع قبلة على خد ابنة اخيها مرحبة "أين كنتما؟"

قال وهو يشير إلى شمس " كنا نشتري شيكولاتة"



أخذتها أروى من فوق ذراعه تحملها في الوقت الذي مال عمرو على شمس يرغب في طبع قبلة على خدها .. لكنها ادارت وجهها بعيدا عنه فضحكت أروى بينما قال له أحمد بامتعاض "لا تستفزني بالله عليك"



شاكسه عمرو قائلا" أين شيكولاتة ابني؟"

نظر احمد لعبد الرحمن الذي يقف بجوار والده لاهٍ في شيء ما في الأرض .. ثم رفع أنظاره لعمرو يقول باستنكار "وهل كلما اشتريت لابنتي شيئا سأحضر مثله لابنك؟!"



رد عمرو ببرود "أجل هذا من قواعد الذوق"

رفع أحمد حاجبا ورد بإغاظة" وأنا عديم الذوق يا أخي (ثم نظر لعبد الرحمن يناديه ) كيف حالك يا ابن عمرو بم أنت منشغل ؟"



رفع إليه عبد الرحمن رأسه .. ليميل عمرو يحمل ابنه على ذراعه قائلا "سلم على خالك"

تدخلت شمس تميل فجأة من فوق ذراع أروى تعطي احدي قطعتي الشيكولاتة التي في يدها لعبد الرحمن .. فأخذها الأخير بهدوء لتقهقه أروى مغمغمة "ابنتك كشفت خطتك يا أحمد"



قال أحمد لابنته "لماذا اعطتيها له الآن يا شمسي كنا أذلينا أبا قردان أولاً ( ثم اكمل وهو يبتعد ) اذهبي مع عمتك هيا .. هي ستذهب باي"



وتحرك مبتعدا لتصرخ شمس .. فتجمد والدها يغمض عينيه لثانية ثم استدار يتحكم في ابتسامته.. فقبضت صغيرته كفها في الهواء عدة مرات متمتمة "أممد أممد"



مجددا لم يستطع المقاومة فعاد إليها صاغرا يشعر بالغيظ بينما تبادلت أروى النظرات مع عمرو ضاحكين.



حملها أحمد على ذراعه قائلا " تعال يا بلوى أحمد الحلوة "



قال عمرو يغيظه "شمس تعلمك الأدب"



ابتسامة صفراء مستخفة كانت رد أحمد عليه قبل أن يوليه ظهره متجها نحو مقهى( كوكب الشرق ) فنظر عمرو لأبنه يقول "آخر كلام ؟.. ستذهب معي وليس مع أمك؟"



أومأ عبد الرحمن برأسه فربت عمرو على ذراع زوجته وقال "أرسلت كل الاشياء التي اعددتيها منذ قليل لشقة سيد وإذا احتجت لشيء اتصلي بي وسأرسله لك "



ابتسمت أروى وقالت قبل ان تتركه وتدخل البناية " لا حرمني الله منك يا حبيبي "





دخل أحمد المقهى يلقي السلام ليجد برقوق يجلس بعجرفة عند إحدى الطاولات الأمامية يدخن الشيشة .. ولكنه سرعان ما اعتدل عند مرور أحمد قائلا ببشاشة " وعليكم السلام ورحمة الله يا قريبي .. هل ستشاهد المباراة في الخن؟"



رد أحمد وهو يتجاوزه " إن شاء الله يا برقوق"

قال عمرو لأبنه بعد أن دخل المقهى وألقى السلام "لابد أن نسبقهما أليس كذلك؟"

أومأ الصغير مبتسما لينادي عمرو وهو يسرع" انتظر يا أحمد"

وقف أحمد عند بداية السلم واستدار إليه باستفهام .. فوصل إليه عمرو ثم تجاوزه صاعدا يسبقه وهو يضحك هو وابنه .. لينظر أحمد لأعلى بيأس ثم صعد خلفه مغمغما بسخرية " لا اعلم من منكما أصغر من الأخر!"



في الخن استقبلهم وائل قائلا بتهليل وهو يستقيم ليرحب بالصغار "يا هلا ..يا هلا .. هل سنستضيف المشجعين الصغار اليوم بالخن؟"

طالعه عبد الرحمن ببرود بينما اسرعت شمس تميل نحوه فحملها فوق ذراعه ليمط أحمد شفتيه ويقول وهو يجلس في مقعده المفضل " من فضلكم لا تستفزونني بتقبيلها "




بينما صاح عمرو باستنكار قائلا لشمس "لماذا ذهبتِ لوائل وأنا لا؟!!"

قهقه وائل ورد مغيظا "وسامتي يا بني تؤثر حتى في الإناث الصغار"



ثم أمسك يدها الصغيرة وقبلها قائلا " نستكفي بتقبيل يد الاميرة حتى لا يتذمر والدها "




دخول سيد من باب الخن يلقي السلام لفت انتباه الجميع ليقول وائل لشمس" هل ستذهبين أيضا لعمك سيد حتى نجلط الشيخ عمرو؟"



انكمش سيد قائلا " تعلم بأني اخاف من حمل هذا السن الصغير حتى لا اؤذيه"



ثم داعبها من بعيد ومال يقبل رأسها قبل أن يميل ويلتقط عبد الرحمن من فوق الأرض يرفعه على ذراعه قائلا " أما هذا البطل فأصبح كبيرا ما شاء الله كيف حالك يا وحش؟"

مد سيد يده لعبد الرحمن ليصافحه فسلم عبد الرحمن ذو العام والنصف على سيد بجدية .



غمغم أحمد وهو يتأمل ابن اخته " أبوه .. سحنة أبوه ينقصه فقط اللحية"

ابتسم له عمرو ابتسامة صفراء وقال "إن كان يشبهني في الشكل فهو يأخذ الكثير من طباع خاله للأسف .. ( وأكمل من بين أسنانه ) يكفي الاهتمام الزائد بالنظافة"



على صوت الضحكات المكتومة من سيد ووائل.. اتسعت ابتسامة أحمد لعمرو بفخر وإغاظة .. ليقول وائل وهو ينزل شمس أرضا لتلعب ويتجه نحو المنضدة الصغيرة بجوار الشاشة ليضع هاتفه في الشاحن " ألا يقولون في المثل الشعبي الولد يشبه خاله"



أنزل سيد عبد الرحمن هو الأخر واقترب من وائل قائلا بتهكم وهو يتطلع في حُلته الشبابية الأنيقة "ما كل هذه الأناقة يا اكسلانس؟ ..علام تنوي بالضبط؟ .. تبدو أصغر منا رغم أنك أكبرنا سنا"



فرد وائل أصابع كفه الخمسة أمام وجه سيد قائلا بامتعاض "أعوذ بالله"

رد عمرو يجاري سيد في الحديث "فعلا لا يبدو عليه أبدا أنه قد أتم الاربعين من العمر"



فاستدار إليه وائل يناظره بغيظ في الوقت الذي أضاف أحمد " انه يصغر في العمر منذ تلك السفرة لجزر البهاما .. لقد جدد شبابه يا أخي .. جدد شبابه بينما أنا هنا افني زهرة شبابي بدون أي اجازة اذهب فيها مع زوجتي إلى أي مكان "



رد عليهم وائل بكبرياء " أنا طيلة عمري وسيما وشابا يا رعاع (ثم تحرك يعود لمقعده قائلا ) لكن من الطبيعي أن شخصا مثلي على حافة الموت .. يعيش اليوم بيومه وهو يخشى أن يستيقظ في اليوم التالي ليجد أن المرض الخبيث قد عاد إليه أن يستمتع بكل شيء حوله ولا يترك شيئا للغد "



ساد الوجوم بين أربعتهم .. فبلع وائل غصة مرة في حلقه نادما على ما تفوه به باندفاع رغم صدقه فأضاف بتهكم وهو يرقص لهم حاجبيه محاولا لتخفيف وقع ما قاله " وائل موريس ملك قصف الجبهات فخور بإخراسكم جميعا"

××××




يتبع

.
.

ولاء حنون likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-10-19, 09:20 PM   #13

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

"يا عسل .. اقسم بالله عسل وجميل"
دخلت أنجيل إلى حي سماحة عائدة من المكتبة وهي تتأفف من ذلك الشاب السمج الذي تسمعه يتتبعها ويعاكسها منذ أن خرجت من المكتبة ..


حاولت اسراع خطاها فأسرع الشاب خطواته هو الأخر وهو يتأمل قدها الأنثوي الرشيق في بنطالها الجينز وبلوزتها الرقيقة وذلك الحذاء ذو الكعب الصغير الذي تتحرك به بخفة غزال .. فرفع نظراته يتطلع في شعرها البني المعقوص خلف ظهرها واستمر في مغازلتها لربما استطاع أن يحصل منها على أي معلومة .. اسمها أو رقم هاتفها بينما تقبضت انجيل شاعرة بالتوتر لأنهما أصبحا في داخل الحي وتخشى من أن يرى والدها ذلك الشاب وما يفعل فيجن جنونه ويؤذيه .

لقد بات سريع الغضب وحساس لما يمكن أن يطال أيا ممن يخصوه .
استمر الشاب في ملاحقتها " نظرة .. الق علينا نظرة لنرى لون عينيك يا عسل "
زفرت انجيل بغيظ مغمغمة "فُقِأت عيناك آمين.."
استمر الشاب من خلفها " يا عسل .. أموت أنا لأجل البشرة الحنطية .. "

"يااااا عسل .. أنت يا عسل! "
قالها رامز من خلف الشاب من ثم أطلق صفيرا حتى ينتبه إليه وأكمل بلهجة أهل البلد " ياااا برنس الليالي.. أنا أتحدث معك"

استدار الشاب لرامز الذي دخل للتو لحي سماحة عائدا من ورشة سماحة للموبيليا ووقف يتطلع فيه بتبجح في الوقت الذي التفتت انجيل أخيرا بفضول لترى من تدخل للتعامل مع الشاب السمج لتتسع ابتسامتها وهي تجد رامز يقترب من الشاب الذي قلب مقلتيه متحفزا.

قال رامز وهو يربت على خد الشاب ببعض الخشونة "ما رأيك أن تحترم نفسك وتذهب لتموت في حي أخر ؟.. هذا الحي فيه شوارب رجال قد تنسيك اسمك"

قال الشاب بغيظ "ومالك أنت ومالها لماذا تحشر أنفك؟ هل ستدعي بأنك أخاها؟"
رد رامز باستخفاف "بل خطيبها"

أسرع الشاب بالنظر لأنجيل التي كتمت ضحكتها وهي تطالعهما من مسافة قريبة ليحدد عمرها ثم قال لرامز باستنكار" كيف تكون خطيبتك إنها تبدو صغيرة العمر"

كشر رامز عن انيابه وضربه في صدره يدفعه للخلف قائلا بلهجة خطرة " وما دمت تعرف بأنها صغيرة لماذا لا تحترم نفسك !"

توترت انجيل وهي ترى انفعال رامز المفاجئ ونظرات الرعب في عيني الشاب ليضيف الأول بلهجة خطرة " اذهب من أمامي وإياك التعرض لها أو لأي فتاة في الحي مرة أخرى "

بلع الشاب ريقه بصعوبة وهو يتراجع للخلف بينما وقف رامز متخصرا يناظره بتحدي قبل أن يستدير الأول ويبتعد بخطوات سريعة.. ليستدير رامز بدوره مستعيدا ملاحه الهادئة ويقترب من أنجيل التي قالت بوجنتين مخضبتين بالحمرة "شكرا يا رامز"

هز رأسه دون أن ينطق بشيء وتحركا معا يسيران بخطوات هادئة.. في نفس الوقت الذي تطلعت فيه رحمة في ساعة الحائط في المطبخ ثم اسرعت نحو الشرفة تتطلع في الشارع لتلمحه آتيا من بعيد يسير بجانب أنجيل الصغيرة.

ابتسامة زينت شفتيها تعانق دقات قلبها المتراقصة في صدرها وهي تتأمله من الشرفة ببنطاله الجينز الأزرق وذلك التيشيرت الأبيض والحذاء الرياضي.

عند بوابة البناية التي تقطن فيها توقفت أنجيل وهي تغمغم بامتنان" شكرا لك مرة أخرى كنت متوترة من أن يراه أبي وينفعل وتصبح مشكلة وفضيحة في الشارع"
ابتسم لها رامز .. ورفع اصبعيه السبابة والوسطى إلى جانب رأسه مودعا .. ثم تحرك مبتعدا واضعا يديه في الجيبان الأماميان لبنطاله .. فظلت رحمة تتابعه بنظراتها من بعيد كعادتها كل يوم حتى دخل مقهى كوكب الشرق واختفى من أمام عينيها .. فأسرعت تغادر الشرفة لتعود للضيفات في شقة سيد وآية
××××

تمتم أحمد من بين أسنانه وهو ينظر لصغيرته "هذا ما كنت اخشاه.. تعالي يا شمس ماذا فعلت بنفسك؟!"

استقامت شمس على الفور بفم ويدين ملطخين بالشكولاتة وذهبت إلى والدها بينما قال سيد وهو يرميه بعلبة المناديل الورقية " ماذا كنت تتوقع منها بعد أن اشتريت لها شكولاتة وتركتها تتعامل معها وحدها يا ذكي ! "

اعترض عمرو الذي يجلس بجوار احمد طريق شمس التي كانت تمر من أمامه قاصدة والدها وقبض عليها قائلا" أمسكت بك ( وحملها من خصرها وأجلسها على ساقه يضيف) لن أترك حقي في القبلة يا محتالة ما دمت تذهبين للجميع إلا أنا"

قال أحمد بقلة صبر " اتركها يا عمرو دعنا نتعامل مع هذه الكارثة أولا"
تمسك بها عمرو قائلا بطفولية "لن أتركها قبل أن تمنحني قبلة افعل ما تريد وأنا متحفظ عليها"

مال أحمد يتعامل مع يدي شمس الملطختين بالشكولاتة .. فتبادل الباقون النظرات والهمز واللمز والضحكات المكتومة..


تأمله عمرو وهو ينظف يديها وفمها.. ثم أخرج من جيبه علبة مناديل مبللة صغيرة قائلا "لن تفلح المناديل الورقية.. استعمل هذه أو اخطفها أنا واغسل لها يديها تحت الماء"

قهقه وائل ثم قال " جاء اليوم الذي أرى فيه عمرو يحمل مناديلا مبللة في جيبه!"

نظر عمرو لأبنه الذي يلهو في الأرض برص اسطوانات سيد فوق بعضها وغمغم" حين تعيش مع نسخة ثانية من الكونت وتطلب مسح يدك وفمك بعد كل قضمة من الطعام وكل عشر دقائق من اللعب .. ستدرك حجم المعاناة .. عموما أروى تقول أن علينا أن نقوم ببعض الأمور لكسر هذه العادة والتقليل من هذا السلوك حتى لا يشب متطرفا فيه (ثم توجه لسيد قائلا)احفظ يا هولاكو نحن السابقون وانتم اللاحقون )

كلمات عمرو رغم أنها عادية.. إلا أنها لم تكن عادية الوقع أبدا على سيد ووائل ..
فالأول تساءل في نفسه بقلق هل ستتحمل آية رحلة الحمل للنهاية؟ .. هل سيتحملان معا المزيد من المعاناة والآلام والأوجاع ؟

ورفع عيناه للسماء هامسا في سره "يا رب لا تعذبها بذنوبي ولا تعذبني بها"

أما وائل ففكر بأنه لا يحمل من الذكريات عن بناته وهن صغار إلا بعض المشاهد المتقطعة.. لا ينكر بأنهما كانتا السبب في خروجه من المستشفى.. وكانتا السبب في أن يحاول إيجاد وضعا أقرب إلى الانسان الطبيعي .. لكنه لم يشارك في كل هذا..
وحدها ماجدة من تحملتهما..
وحدها من غرقت في تربيتهما ..
وحدها ..

أما هو فرافقهم كخيال الظل.
تُرى كم بكت ماجدة وحدها وأوجاع الحمل تثقل عليها؟ ..
كم تمنت أن ترتمي على صدره ليخفف عنها آلامها؟..

بم شعرت وهي تعاني آلام المخاض؟ ..
أ لعنته ولعنت حظها العاثر وهي تصارع آلام الولادة ؟.
بدأ صدره يضيق بالذكريات ورفع انظاره يتأمل أحمد وهو يتعامل مع ابنته رغم حساسيته الشديدة تجاه النظافة.. إلا أن كل شيء يختلف مع من يخصوننا.

أشارت شمس إلى ذقنها مغمغمة" أممد"
مسح أحمد ذقنها قائلا " نظيف يا بنت أحمد لم يعد هناك أثرا للشيكولاتة فلا تكررينها.. هيا اذهبي للعب مع عبد الرحمن"
كانت لا تزال تجلس على ساقي عمرو الذي قال بصبيانية متشبثا بها" ليس قبل أخذ قبلة قلت"

ومال يطبع قبلة على خدها ثم نظر إليها بإغاظة وأنزلها لتقف أمامه .. فمسحت شمس موضع قبلته ببرود ثم أولته ظهرها مغادرة بكبرياء .. لينفجر الجميع في الضحك حتى عمرو نفسه الذي صاح "أشعر بأني مضطهد في هذا المكان!"

قال أحمد يناكفه" بالتأكيد كرهت لحيتك الخشنة"

طالعه عمرو بنظرة جانبية وغمغم بلؤم وصوت خافت لم يسمعه سوى صاحبه " غريب جدا! .. رغم أن عمتها تذوب عشقا في لحيتي "

نظرات ممتعضة وجهها له أحمد فتحكم عمرو في ابتسامة ملحة واعتدل في مقعده مشيحا بوجهه للناحية الأخرى وهو يقلده متهكما بهمس مسموع له " قرف .. اقسم بالله قرف! (ثم علا صوته وهو يدقق في هاتفه هاربا من نظرات صديقه ) ألم يؤذن لصلاة المغرب بعد!"

من الباب ظهر رامز يلقي السلام لتصرخ شمس مهللة وتجري نحوه بخطوات متعثرة .. فاستقبلها بابتسامة عذبة وهو يلتقطها ليحملها فوق ذراعه .. بينما غمغم وائل " يا هلا بمحطم قلوب العذارى في الحي والأحياء المجاورة .. ادخل يا بني المباراة أوشكت على البدء .."

ابتسم رامز وتمتم" كيف حالك يا أبا ميري؟ "

رد وائل " بخير والحمد لله هيا اجلس "
تحرك رامز يجلس بالقرب من أحمد ويُجلس شمس على ساقه يداعبها.. فمط أحمد شفتيه وهو يراقب تعلق ابنته بخالها وهو يعلم جيدا بأنه يتعمد استفزازه بالمبالغة في تدليلها هي وأمها أمامه .


قال سيد ضاحكا "في يوم من الأيام .. منذ خمس سنوات تقريبا .. شاركنا رامز آخر مشاهدة مباراة أتذكرون؟ .."

ابتسم رامز ومرر أنظاره بينه وبين أحمد ثم قال " أخبرتني بانة"

اشرقت ملامح أحمد وهو يستعيد الذكريات .. وتطلع في ذلك المقعد البعيد بجوار باب الغرفة الداخلية حيث كان يجلس بجوارها وقلبه يرتجف في صدره ..
استعاد الذكريات وشكر ربه كثيرا لأنه لم يكتب عليه الشقاء برحيلها.

علا صوت الأذان ليقول عمرو وهو ينهض من مكانه "فلنصلي أولا يا شباب.."
بعد قليل كانوا يصطفون في الغرفة الداخلية للصلاة .. احمد وعمرو وسيد ورامز فقال سيد لعمرو هاربا "أنت الإمام يا عمرو"

دفعه عمرو ليتقدمهم قائلا بإصرار " أنت الأكبر سننا يا رجل ( وأكمل بلهجة مشجعة ) كما أنني أحب صوتك وأنت تقرأ القرآن به خشوع مبكي يمس القلب "

وقف سيد بين يدي خالقه يشعر بالرهبة كالمعتاد من أن يؤم أحدا في الصلاة ..فمن هو ليكون في طليعة الصفوف ثم كبر
" الله أكبر "

علا صوت سيد يتلو احدى السور القرآنية القصيرة فتحرك عبد الرحمن يقف بجوار والده .. ثم سبقهم في الركوع والسجود وسط ضحكات وائل المكتومة وهو يتابع المشهد من الصالة .. بينما تركت شمس ما تفعل وتحركت تتبختر بفستانها المنفوش حتى وصلت إلى والدها الساجد وتسلقت ظهره وجلست فوقه تنادي عليه " أممد "

علت ضحكات وائل واسرع إليها يحملها من فوق ظهر والدها مغمغما " تعالي يا دعسوقتي هنا حتى ينتهون "

عاد بها إلى الصالة وأجلسها على الأرض حيث كانت تلعب .. فترك عبد الرحمن المصلين وتقدم نحوها يتطلع فيها مدققا .. وبالذات في تلك الكرات الحمراء المرقطة بالأسود التي تربط بها شعرها والتي تشغله منذ أن رآها فوق رأسها ..


اقترب منها بهدوء شد طوق شعرها فجأة يقبض على الكرات الحمراء فانفجرت شمس في البكاء .

ذعر وائل وتقدم يفض الاشتباك لكن عبد الرحمن ظل متشبثا بالكرات بقوة وعناد رافضا تركها حتى سحبها من شعرها ووقف يتفحصها في كفه بفضول متجاهلا صراخ شمس .

كان المصلين قد فرغوا من الصلاة فأسرعوا إلى الصالة يتقدمهم أحمد ورامز يظنون بأنها قد وقعت وتأذت لكن وائل طمأنهم وهو يحملها ويربت عليها.

حكى وائل ما حدث فرفع عبد الرحمن انظاره للجميع وشعر بالخوف والحرج فأسرع نحو والده يحتمي به .. ليلتقطه عمرو ويحمله فوق ذراعه قائلا بعتب رقيق " لمَ فعلت ذلك يا بيدو! ( وأخذ منه الطوق وأعطاه لرامز وهو يقول ) هذا طوق يخص شعر البنات "


حمل أحمد شمس يهدهدها فاقترب رامز يدللها بحنان قائلا بلهجته " لا بأس يا يمامتي سوف اصفف لك شعرك كما كان "

وقف رامز يعيد لها الطوق في شعرها من فوق ذراع أحمد الذي يمسح لها دموعها بينما قال عمرو لابنه بهدوء "مالك أنت وطوق شعرها لا أفهم !"

ضحكات مكتومة جاءت من خلفه فالتفت ليجد سيد يحاول كتم ضحكاته بصعوبة فرفع حاجبه باستنكار .. لتنضم إليه ضحكة مكتومة أخرى .. فتطلع في وائل بغيظ ثم ضحكة ثالثة من أحمد لينفجر الثلاثة بعدها في الضحك العالي .. بينما تطلع فيهم رامز بعدم فهم.

صاح عمرو قائلا بغيظ" ما الذي يضحك لا أفهم!"
رد سيد وقد احمر وجهه من الضحك " لأنك تسأل ابنك بكل براءة ماله ومال طوق شعرها !"

أكمل وائل مقهقها" ( ابن الوز عوام) ومن طوق الشعر لدبوس الشعر ليس هناك فارقا"

لملم عمرو ابتسامته ليبدو جادا أمام ضحكاتهم وقال باستخفاف " يا لكم من ظرفاء !"
فتمتم سيد وهو يحاول التوقف عن الضحك " غالبا العقدة امتدت من الأب للابن .. فهذه ليست المرة الأولى( واقترب منه يقاوم المزيد من الضحك وربت على كتفه قائلا ) لا بأس .. لا بأس ( ومال عليه يقول بصوت خافت مسموع للجميع ) المهم أن تعلمه أن سرقة العلكة من أجل حبيبة القلب حرام يا شيخ عمرو "

انفجرت الضحكات حتى من عمرو نفسه ونظر لابنه الذي لا يفهم ما يدور بينهم قائلا " هل أعجبك ما حدث يا عم بيدو ! "

فرغ رامز من ربط شعر شمس وقال مبتسما وقد اصابته عدوى الضحك "هلا أفهمتموني ماذا يحدث بالضبط ؟"

فرد وائل ذراعه على كتفه يسحبه قائلا " تعال يا بني سأحكي لك قصة لص العلكة ودبابيس الشعر"

اندفع سيد ينضم إليهما قائلا بحماس " لا لا ..بل أنا من سيحكيها (واستدار لعمرو يقول مغيظا ) كوني طرفا أساسيا فيها .."

على صوت ضحكات أحمد غمغم عمرو بغيظ وهو يعود لمقعده ويضم ابنه إلى صدره " كلاب! .. أوباش!"

بعد قليل كانت الصيحات تتعالى من وقت لآخر أثناء متابعة المباراة الأوروبية .. فيفزع الصغيران ويحدقا في الشاشة الكبيرة أمامهما وهما يحاولان استيعاب ماذا يحدث بالضبط في هذه الشاشة ويجعل الكبار يصيحون بهذه الطريقة الغريبة ..

لكن ذهن سيد كان مشغولا كليا على آية أكثر من أي وقت مضى .. خاصة بعد أن أرسل لها على الواتساب أكثر من مرة فلم ترد فأسرع بالاتصال بها ..

سأله أحمد بعد أن أنهى المكالمة" ماذا هناك؟.. لمَ أنت قلق هكذا رغم أن الفتيات معها؟"

ألقى سيد بهاتفه أمامه على المنضدة وقال" لا أعرف أشعر بالقلق .. (وبدا التأثر على وجهه وهو يضيف) انها تعاني وتتألم بشدة رغم أنها تتعمد عدم اخباري بذلك واليوم أشعر بأن تورمها قد ازداد"

اخفض وائل صوت المباراة لينصت الجميع لسيد باهتمام بينما تقبض أحمد بقوة متأثرا ومشفقا على أخته ..فرفع سيد لهما عينان متألمتان وأضاف "وأخشى أن يعاقبني الله على ذنوبي فيها"

انقبض قلب أحمد للفكرة خوفا على أخته بينما تدخل عمرو قائلا بجدية " ما هذا الكلام يا سيد استغفر ربك .."

استدار إليه سيد قائلا " صدقني استغفره كثيرا وأتمنى منه أن يغفر لي زلاتي وعثراتي الماضية"

قال عمرو بيقين صادق" ثق في ربك وفي رحمته واستمر في محاولتك للتقرب منه.. وكل شيء قسمة نصيب "
قال سيد برجاء "ادع لها يا عمرو (ونظر للجميع) ادعوا لها جميع.. انها لا تأكل تقريبا .. فلا يستقر شيء في معدتها كما تعلمون .. تنام وهي جالسة .. صدقني حالتها تمزق قلبي "

قال عمرو مطمئنا" كلنا ندعو لها صدقني .. هانت يا هولاكو اسبوعان أو ثلاثة على أقصى تقدير ..أليست في الشهر الثامن؟"
رد أحمد بوجوم "في أواخر الشهر الثامن أعتقد"

فرك سيد في رأسه بأصابعه مغمغما" كيف سأتحمل اسبوعين أو ثلاثة أشعر بأني أوشك على الجنون"
ساد الصمت قليلا لا يجدون ما يقولونه لصديقهم ليخففوا عنه ثم عادوا لمتابعة المباراة لكن ذهن وائل بقي شاردا وذلك الشعور بالضيق يزداد في صدره ونفس التساؤلات تعود من جديد لتجلده.


كيف مرت أيام الحمل في التوأمتين على ماجدة؟
لقد قضى تلك الفترة في المستشفى يتعالج من صدمة موت مريم ..
كيف اجتازت هذه الرحلة الصعبة وحدها؟
من كان بجانبها ؟..
كيف تحملت وحدها كل هذا العذاب ؟
ألم تفكر في التخلص من الحمل بعد كل ما حدث؟.. من كان يخفف عنها آلامها ؟..
من كان يدللها كما يدلل سيد آية ؟
من كان يتألم من أجلها ؟..

إن قوة هذه الانسانة تدهشه.. وتشعره بالخزي ..وبأنه مهما فعل لا يستحقها ولن يوفيها ما تستحقه..
اسرع بالتقاط هاتفه ليتصل بها..
يتصل بضحيته .. وحبيبته ..
دائه ودوائه..
يتصل بسيدة الظل جوجو .
××××


يتبع









ولاء حنون likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-10-19, 09:21 PM   #14

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

قبل قليل:

في شقة سيد هتفت ماجدة " ماذا تفعلين يا أروى بالله عليك!"
قالت أروى ببراءة " ماذا أفعل؟ .. التقط لنفسي بعض الصور مع الكاتبة سيدة الظل جوجو "


علا صوت ضحكات بانة وآية المتابعات من الأريكة المقابلة بينما غمغمت ماجدة بحرج "ولماذا تلتقطين لنا الصور ؟.. فأنا بكليتي معك تصلين إليّ في أي وقت !"

التصقت بها أروى على الأريكة ومالت عليها تقرب رأسها منها وهي تحمل هاتفها في وضع استعداد لالتقاط الصورة فمال معها شعرها الأسود الناعم على كتفها وهي تقول " ابتسمي للكاميرا .. أعدك هذه آخر صورة"
نظرت ماجدة للهاتف بابتسامة وقورة فرفعت أروى اصبعين السبابة والوسطى على شكل رقم سبعة امام الكاميرا والتقطت الصورة .. ثم اطلقت سراح ماجدة التي تنفست الصعداء ضاحكة .

لمحت أروى رحمة تدخل عليهن تحمل في يديها صينية فصاحت بتوبيخ "يا بنت يا رحمة اجلسي قليلا .. ماذا احضرت مجددا ؟!!!"

وضعت رحمة صينية فوقها بعض الأطباق الصغيرة تقول بهدوء" آية تحب (مهلبية قمر الدين ) فمعدتها تهضمها بسهولة ففكرت وأنا أصنعها ليلة أمس أن أصنع لكُن منها أيضا"
قالت أروى بلهجة حانية " يا حبيبتي سلمت يداك .. أنا فقط اشفق عليك.. لم تجلسي معنا سوى وقت قليل .. فأنا حين اقترحت بأن أحضر حلويات للحفل ونأتي إلى هنا لم أكن أريد أن أثقل عليك"

اتسعت ابتسامة رحمة وقالت بحرج "لا بأس .. أنا أحب الحركة كما أنكن ضيوفنا مهما كان"
قالت آية وهي تعتدل ببطنها المنفوخة وتقاوم الصداع الذي يتزايد بقوة وذلك الطنين الذي بدأ يعلو في أذنيها "الحقيقة أنا الوحيدة التي تثقل على رحمة وتعذبها.. وأنا عاجزة عن فعل أي شيء"

اسرعت رحمة بالقول " لا تقولي هذا الكلام يا آية أرجوك !"

ابتسمت ماجدة وقالت وهي تتناول طبقا من المهلبية "بارك الله لك يا رحمة"

غمغمت رحمة بالشكر في الوقت الذي قالت بانة بعد أن تذوقت المهلبية "أممم انها شهية جدا.. سلمت يداك.. صفي لي الطريقة فأنا لم أجربها من قبل .. أعتقد بأنها ستعجب أحمد ورامز وخاصة رامز "

احمر وجه رحمة وردت بارتباك" طبعا .. طبعا سأكتب لك الوصفة ..وعندي ... (وبلعت ريقها واكملت ) وعندي المزيد من الاطباق في الثلاجة .. من الممكن أن تأخذي منها له .. لهما "

اسرعت بانة بالقول "سلمك يداك يكفي الوصفة وأنا سأجربها (ثم غمغمت بوجوم) بعد أن أنتهي من كابوس الامتحانات"

قالت أروى بلهجة مشجعة "هانت يا بانة بقيت مادة واحدة كما تقولين"
ردت بانة بإنهاك "اتمنى أن انتهي لأني مجهدة جدا ومشغولة عن أحمد جدا .. ولولا أن ماما الحاجة الهام تساعدني بشأن شمس لا أعرف ماذا كنت سأفعل"

غمغمت آية مشاكسة بصوت مسموع " طبيعي أن يحدث هذا فالدراسة للأعمار الكبيرة مجهدة جدا "

ردت بانة متنهدة" سبحان الله .. الانسان ليس به سوى لسان .. انظري لمنظرك ومع هذا لسانك لا يزال على نفس طوله "

طالعتها آية بنظرات باردة ثم سألتها "هل أحضرت ما طلبته منك؟"
مطت بانة شفتيها ومالت نحو حقيبتها تخرج منها شيئا وهي تقول" أجل أحضرته رغم ضغط الامتحانات .. لكني ضحيت بوقتي الثمين وذهبت للمحل بعد أن انتهيت من الامتحان صباح اليوم وأحضرتها لك"

سألت أروى باهتمام "ماذا طلبت منها؟"
ردت آية وهي تنظر للعلبة بسعادة " زجاجة عطر مستوردة كنت قد أوصيت المحل بها"
رن هاتف ماجدة فالتقطته تجيب "نعم وائل"
جاءها صوت وائل غريبا وهو يقول "جوجو .. ألا زلت عند آية؟"

أجابت باندهاش" أجل"
قال وائل " هلا نزلت لدقائق؟.. أنا أقف أمام البناية"

عقدت حاجبيها وسألته" لماذا؟!!.. هل حدث شيء؟"
قال وائل بإلحاح" انزلي لدقيقة يا ماجدة أرغب أن أعطيك شيئا مهما"
استقامت ماجدة واقفة وقالت بجزع وهي تتحرك نحو الباب" وائل هل انت بخير ..هل تشعر بالتوعك"

سألتها أروى بدهشة "إلى أين يا ماجدة؟؟"
استدارت تقول" سأعود بعد قليل ..وائل اسفل البناية يسألني على شيء"



بعد دقائق كان باب المصعد يفتح في أسفل البناية لتتفاجأ ماجدة بوائل أمامه .. فهتفت بقلب يضرب في صدرها بقلق "ماذا حدث يا وائل؟؟..لم تنتهي المباراة بعد!!"

دفعها برفق لتعود للمصعد .. ثم ضغط على أحد الازرار لينغلق أمام عينيها الذاهلتين ويعود للصعود للأعلى في الوقت الذي ألصقها في حائط المصعد وانقض على شفتيها بقبلة مفاجئة فاتسعت عيناها بذهول.

بعد ثوان أطلق سراح شفتيها .. فهمست بحشرجة وهي تستشعر ارتجاف جسده تحت كفيها المثبتين على صدره "وائل ماذا تفعل؟!!!"

أجاب بصوت مفعم بالعاطفة الجامحة "أقبلك"

قاومت تلك الدغدغة في أعصابها وقالت هامسة بارتباك وهي تنظر حولها " أخشى أن يكون في المصعد كاميرات"

صدرت منه ضحكة خافته قصيرة ثم قال قبل أن يميل على شفتيها مجددا "أتعتقدين بأن برقوق قد يركب كاميرات في المصعد يا حبيبتي"

فُتِح باب المصعد فسحبت شفتيها من بين شفتيه تحاولالنظر خلفه هامسة بارتباك "يا فضيحتي الناسيا فضيحتي"

قهقه وائل وسحبها من يدها لتخرج من المصعد فوجدت نفسها في طابق أخر لكنه هادئ ومظلم بعض الشيء إلا من الضوء الآتي من السلم ففهمت بأنهما في الطابق الأخير من البناية.

حبسها وائل بينه وبين الحائط بجوار المصعد الذي سرعان ما اغلق ابوابه وعاد للنزول.. فقالت ماجدة بارتباك تنظر حولها وهي تستشعر دفء جسده الملتصق بجسدها "وائل هل جننت! أخشى أن يخرج أحد السكان"

قال وائل وهو يمشط شعرها بأصابعه " لا تقلقي بهذا الشكل فأنت معي .. هذا الطابق ليس به سكان ولأنه الطابق الأخير لن يصعد إليه أحد"

تأملت زرقة عينيه ثم سألته " لماذا ترتجف؟"
بلع ريقه ثم قال هامسا" لأني أحبك"

مال ليقبلها من جديد.. قبلة أكثر عمقا وجموحا وعاطفة.. وأصابع يده مدفونة في شعرها .. بينما الأخرى تعبث بين طيات ملابسها.. فاستسلمت ماجدة تماما للذوبان بين ذراعيه ..

حين ترك شفتيها همست بدلال من بين لهاثها وهي تقاوم ذلك الخدر الذي يسري في أعصابها " وائل انت مجنون نحن لسنا في شقتنا"

قال بتأثر "لأني مجنون أفعل ذلك .. ولأني مجنون تحملتيني يا جوجو كل هذه السنوات .. ولأني مجنون عشتِ السنوات الماضية وحدك"
تأثرت لصوته المختنق فمدت يدها تتحسس وجهه ولحيته الشقراء الأنيقة حول فمه وذقنه وقالت" ماذا حدث لتقول هذا الكلام الآن؟"

غامت عيناه يتجول بنظراته في صفحة وجهها ثم مال يطوقها بذراعيه بقوة وغمغم وهو يشملها بدفئه "لا شيء سوى أني كل يوم يمر عليّ يؤكد لي أكثر وأكثر كم أنت امرأة عظيمة .. وأنني حتى لو مُنحت عمرا فوق عمري لن اوفيك حقك أبدا"

سكنت بخدها فوق قلبه في أمان وطمأنينة افتقدتها لسنوات طويلة .. وتمنت لو تتوقف xxxxب الساعة في تلك اللحظة ..لكن وائل ابعدها عنه لينظر في وجهها قائلا "أتعلمين لماذا أتمنى بأن أُرزق بطفل آخر منك ؟ ..لأدللك وأعوضك عما قصرت فيه معك في الماضي .. ولأعيش معك مراحل الحمل يوم بيوم "

مسدت ماجدة على صدره وغمغمت "وإن لم نرزق بطفل آخر فلا بأس .. (وتطلعت في عينيه تضيف وهي تطوق ذراعيها حول عنقه ) أنت وكفى يا وائل .. أنت وكفى .. أريدك واحتاجك أنت فقط .. احتاجك بكل ذرة من كيانك معي كما كنت لي على مدى عام ونصف حتى الآن .. فأنت دائي ودوائي"

ضمها إلى صدره بقوة هامسا بصوت متأثر " وأنت دائي ودوائي يا جوجو ..واتمنى من الله أن يطيل في عمري لأعوضك كما تستحقين ..وأثبت لك أني أحبك بجنون"

شددت في احتضانه وهي تشعر بشفتيه المعذِبتين تقبلان عنقها لكن حرارة جسديهما التي بدأت تستعر وشقاوته التي بدأت تعلو وتيرتها جعلتها تحاول ابعاده مغمغمة باعتراض "وائل كف عن الوقاحة نحن لسنا في غرفتنا"

تجاهلها يطبع قبلات محمومة على عنقها الخمري الطويل ونزلت شفتيه ليقبلها بجوار دلايتها الذهبية التي تحمل اسميهما معا ..بينما أصابعه تعبث في أزرار بلوزتها ..فدفعته ماجدة بحزم تقول " يا فضيحتي ابتعد يا وائل .. هل أنت مجنون؟؟! "

كتم الضحك وهو يشاهد احمرار وجهها ثم قال مشاكسا" هذه باتت قضية مفروغ منها يا جوجو"

عدلت من ملابسها وطلبت المصعد وهي تسأله "أي قضية؟"
اقترب مجددا والشقاوة تلمع في عينيه قائلا بهمس مغوي بجوار اذنها " أني مجنووون"
دفعته بمرفقها تقاومه وتقاوم اشتعال جسدها وهي تتمتم بابتسامة محرجة "كف عن الجنون يا وائل"

ثم أولته ظهرها هاربة من انجذابها له ووقفت تنتظر المصعد فطوقها من الخلف قائلا" ما رأيك يا حلوتي أن أهرب معك إلى أي مكان؟"
زمت شفتيها تتصنع الجدية وسألته "إلى أين؟"

همس بجوار أذنها "غرفة في فندق مثلا"
استدارت إليه تسأله عاقدة الحاجبين" ولماذا غرفة في فندق ولدينا غرفة نومنا ؟!"

وجمت ملامحه فجأة بشكل كاد أن يضحكها ثم أجاب بغيظ " بناتك موجودات بالبيت وأريد ان انفرد بك انفرادا تاما.. انفرادا صاخبا ..(وهمس بإغواء) كما كنا في جزر البهاما .. أتذكرين ؟"

أولته ظهرها في حرج فجذبها من ذراعها نحو الحائط من جديد رغم اعتراضها وهو يقول" قبلة أخيرة قبل أن نذهب"

حاولت عدم الاستسلام لأسلوبه المغوي وقالت ببعض الحزم" كفى يا وائل الوضع سيخرج عن سيطرتنا"

انفجر مقهقها فتحكمت في ضحكتها وضربته على صدره ليبتعد ثم قالت بوجنتين مشتعلتين وهي تعدل من شعرها " أشعر بأننا مراهقان يتقابلان في السر"

قال وهو يميل عليها من جديد " أحببت الفكرة جدا ..ما رأيك أن اشتري شقة صغيرة نتقابل فيها أنا وأنت سرا؟"
ناظرته بعينين متسعتين لثوان ثم انفجرت ضاحكة وهي تعود للوقوف أمام المصعد تضرب كفا بكف

لينفتح المصعد في الوقت الذي قال فيه وائل بعناد "سأفعلها يا ماجدة .. سأشتري شقة للقاءاتنا السرية كأننا عاشقان"

دخلت المصعد فوقف أمام المصعد يناظرها بتحدي واضعا يديه في جيبي بنطاله ثم أضاف بلهجة جادة لا تخلو من الشقاوة جاهدت كثيرا حتى لا تنفجر بسببها في الضحك " سنلتقي فيها كعشيقتي السرية .. حتى تكوني لي زوجة وعشيقة في نفس الوقت"

قاومت ماجدة انجذابها لكل ذرة فيه لحظتها حتى لا يتحول الوضع لفضيحة علنية فأضاف وائل بمناغشة " ما رأيك بأن تكتبي رواية بعنوان (زوجتي عشيقتي السرية)"

ضغطت على زر المصعد وهي تقول بإغاظة "بل سأطلق عليها اسم (زوجي مراهق ومجنون)"

اغلق الباب في وجهه فانتبه وائل وحاول الضغط على المصعد وهو ينادي "جوجو ..جوجو"

لم يستجب المصعد لضغطاته بل بدأ في النزول ليصيح وائل بصوت عال "سأنفذ ما قلته يا جوجو وسترين"

في المصعد وقفت ماجدة تعدل من هيئتها في المرآه بجوارها وهي تقاوم بشدة رغبة في الضحك .. ورغبة أخرى ..
في العودة إليه..

××××


يتبع









Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-10-19, 09:26 PM   #15

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي



بعد قليل دخل وائل الخن يسأل باهتمام "هل انتهى الشوط الأول؟"
أجابه أحمد " أجل .. أين ذهبت ؟..لقد فاتك هدف اسطوري"
تنحنح وأجاب " كنت في المحل احتاجوني بشكل عاجل"
رائحة دخان السجائر الآتية من بعيد تشممتها أنف وائل الذي يشتاق لواحدة .. فعلم بأن رامز يدخن في شرفة الغرفة الداخلية للخن .. فهو الوحيد الذي لا يزال يدخن بينهم .. فاسرع إلى الشرفة قائلا بمرح" كيف حالك يا أبا الشباب؟"
استفاق رامز من شروده وعدل من وقفته التي يتطلع فيها لسكان الحي .. واستدار إلى وائل يقول بابتسامة هادئة "بخير يا أبا ميري"

اقترب منه وائل يفرد ذراعه على كتفي رامز قائلا "أتعرف بأني أحبك يا ولد!"
اتسعت ابتسامة رامز فأضاءت ملامحه الوسيمة ورد" وأنا أيضا أحبك .. لكني لن امنحك واحدة"

اظلمت ملامح وائل وسحب ذراعه عن كتفي رامز ثم وقف واضعا يديه في جيبي بنطاله أمام ابتسامة رامز الذي حاول أن يتحكم فيها ليقول وائل بامتعاض " هل انضممت لفريق المؤامرة الكبري ضدي بزعامة زوجتي وبناتي لمنعي من التدخين والوشاية بي إذا ما دخنت؟!"

أومأ رامز برأسه بهدوء معترفا.. فناظره وائل بغيظ ثم قال باستنكار" إن الخونة الأوباش أصدقائي الثلاثة انضموا لهذه المؤامرة ايضا .. لكني كنت أتوسم فيك مؤازرة يا صديقي بما أننا مدخنان اصيلان"
رفع رامز كفه على صدره يقول " بل أنا وحدي المدخن الحالي .. سيد وأحمد كما فهمت قد أقلعا .. وأنت أيضا أصبحت مدخن سابق .. أليس كذلك يا أبا ميري؟"

تنحنح وائل وغمغم بشفتين مزمومتين " سابق وحالي.. أحيانا "
قال رامز وهو يقرب منه أذنه" نعم ؟!.. لم أسمع جيدا؟"
حدجه وائل بنظره ممتعضة ثم قال بلهجة خطرة "اعطني سيجارة وكن كريما معي يا رامز "

علّا رامز صوته يقول " أريد رقم هاتف الأخت أم ميري يا شباب"
دفعه وائل في صدره يقول بقرف "خائن وعميل مثلهم (ثم أكمل بامتعاض) لم أعد أحبك أنت أيضا"

قهقهة ضعيفة صدرت من رامز وهو يقترب ليربت على صدر وائل ثم قبّل كتفه قائلا" هذا من أجل صحتك يا أبا ميري"
مط وائل شفتيه وقال ساخرا" وماذا عن صحتك أنت يا آخرة صبر أبو ميري !"

وجمت ملامح رامز وعادت كما هي دوما ..ساكنة.. خاليا عن التعبير .. وغمغم بلهجة لا مبالية وهو يستند بساعديه على سور الشرفة "لا يهم .. صدقني لا شيء أصبح يهم عندي"

قال وائل محذرا" هذه اللهجة أعرفها جيدا .. تذكرني بشخص ما.. عاش يائسا محطما حتى أضاع سنين عمره هباءً"

قبل أن يكمل وائل علا صوت صراخ وصياح وتجمهر في الشارع أجفل له الاثنان وهما يشاهدان في الساحة عراكا كبيرا وتجمهرا .. فأسرع رامز لإطفاء سيجارته ولحق بوائل الذي عاد للصالة فوجد اصدقائه يتطلعون من النافذة.

في لحظات كان سيد يتحرك مغادرا ولحق به وائل بينما قال عمرو لأبنه وهو يتجه مسرعا نحو باب الخن " سأعود يا بيدو بعد قليل ( ثم نظر لأحمد قائلا ) ابني في أمانتك يا كونت"
صاح أحمد الذي كان مرتبكا وهو لا يعرف ماذا سيفعل بشمس" ولماذا لا تبقى أنت مع الاطفال؟!"

قال عمرو وهو يهرول على السلم" أنت خاله.. والخال كالوالد يا حبيبي"
شتمه احمد من بين اسنانه بغيظ ثم نظر لابنته على ذراعه وابن أخته مفكرا قبل أن يقترب من رامز الراكع على الأرض يربط رباط حذائه الرياضي وقال باستنكار " إلى أين تظن نفسك ذاهبا؟!!!"
رفع إليه رامز نظرات متسائلة ثم قال وهو يستقيم واقفا "سأذهب لأرى ماذا يحدث .. يبدو أن الأمر خطيرا"

دفع أحمد إليه بشمس قائلا "بل ستجلس هنا مع الأطفال"
استقبل رامز ابنة اخته على ذراعه بعينين متسعتين ثم قال باستنكار" ولماذا أنا؟؟!!"

رد أحمد وهو يغادر مسرعا " لأنك خالها والخال كالوالد"
تطلع رامز في عبد الرحمن الذي وقف يزم شفتيه مرتعبا وهو يراقب خاله الذي غادر هو الآخر ثم رفع انظاره لرامز الذي صاح خلف أحمد بحنق "وهل أنا خال عبد الرحمن أيضا؟!!!"
جاءه صوت أحمد وقد وصل إلى أسفل السلم يقول " لا ..ولكنك الأصغر فينا سنا "

اتسعت عينا رامز باندهاش ونظر لابنة أخته التي ربتت على صدره بكفها الصغير وكأنها تواسيه فازداد غيظه .. ثم أنزل انظاره إلى عبد الرحمن الذي يناظره بعنين متسعتين مرتعبتين تشبه كثيرا عيني والده..
لينفجر عبد الرحمن فجأة في البكاء .

×××××

في الشارع كان الجميع يسرعون الخطى نحو الساحة وأحدهم يهرول بجوار سيد وهو يخبره بأصل المشكلة "سائقي التوكتوك اشتبكوا فيما بينهم في قتال شرس .. والمشكلة أن من بينهم بعض البلطجية الذين يستخدمون الأسلحة البيضاء"

اقترب سيد من ساحة المعركة التي تدخل بعض سكان الحي في محاولة اقناعهم عن فض الاشتباك .. بينما تحلق الباقون يتابعون برعب المعركة الشرسة.

صاح سيد بصوته الجهوري في المتحلقين " هيا ابتعدوا حتى لا يصيبكم مكروه ( ثم توجه للمتعاركين قائلا ) ماذا يحدث هنا بالضبط ؟.. وفي حي ليس حيكم؟!!"

أخذ عمرو ووائل يبعدون الناس للخلف بينما تدخل أحمد مع سيد لفض بعض الاشتباكات الجانبية للمجموعتين المتعاركتين.
في شرفة شقة أخوات سيد وهي الأقرب للساحة من شقة آية وقفت الفتيات مرتعبات يتابعن ما يحدث بعد أن سمعن الجلبة وكل منهن كانت قلقة على من يخصها من شباب الخن الذين يقودون عملية فض الاشتباك بمعاونة بعض شباب الحي .

غمغمت بانة وهي تعود للشرفة بعد أن استلمت ابنتها وعبد الرحمن من رامز الذي تراه الآن في الشارع يسرع نحو الساحة" استر يا رب المتناحرون يبدون كمسجلي خطر أعوذ بالله"
في الساحة اقترب سيد من الجماعة المتسببة في التشاجر وهدر آمرا" قلت توقفوا "

عدد كبير من المتعاركين تركوا الشجار خوفا أو احتراما لسيد ورفاقه .. لكن بقي مجموعة منهم يبدون أغرابا عن الحي معاندين وبدأوا في اشهار اسلحتهم.. فرفع أحدهم مطواه في وجه سيد يقول " ابتعد أنت يا باشا علينا أن نؤدبهم"

دفعه سيد بقوة هادرا" وأنا قلت توقف.. يبدو أنك لا تعرفني"
انقض الشاب على سيد ينوي طعنه في بطنه فصرخت آية من بعيد في رعب لتقول لها أروى بحزم "أدخلي يا أية لا داعي لوقوفك هنا"
من الشرفة الأخرى صاحت إلهام فيها أيضا" أدخلي يا آية .. ادخلوا يا بنات لا داعي لوقوفكن .. سلم يا رب سلم واحفظهم جميعا "
لكن آية رفضت بشدة وعيناها كالباقين معلقة على ما يدور في الساحة وكل منهن تموت رعبا في كل ثانية.

تفادى سيد مطواه الشاب بسهولة ثم امسك برسغه وسحبه إليه بقوة وضربه برأسه فارتد الشاب للخلف ليصطدم بعنف في الحائط ..لكنه عاد بعد ثوان مترنحا للاشتباك مع سيد .. في الوقت الذي تدخل كلا من أحمد ووائل ورامز كل منهما يحاول اجبار اثنين متناحرين على الابتعاد عن بعضهما .

تحرك احدهم نحو التوكتوك الخاص به وأخرج منه ساطورا كبيرا واندفع نحو سيد الذي يتشاجر مع الشاب الآخر لكنه قبل أن يصل إليه كان عمرو يدور على عقبيه ويطير في الهواء ليضرب بقدمه الساطور من يده وهو يغمغم غاضبا " يبدو انكم لا تأتون بالحسنى "

في نفس الوقت كانت قبضه رامز تستقر في معدة الشاب صاحب الساطور ثم سحبه من شعره ليلقي به بعيدا ..
فجأة .. أخرج أحد المشاغبين علبة مبيد حشري ورشها في الهواء بسرعة وهو يشعل قداحته فخرج منها لهيبا قويا ليصيح وائل فيه محذرا "أغلق هذا الزفت الذي قد ينفجر في وجهك "

طالعه الشاب بنظرات خطرة هاتفا بعناد وهو يوجه ألسنة اللهب تجاهه "ابتعد أنت أيها الأشقر ( ثم نظر للجميع وهو يقول محذرا ) اتركونا نؤدبهم وانصرفوا وإلا سنحرق التكاتك والحي كله "
كانت اعصاب التوأمتين في الشرفة المطلة على الساحة مشدودة وكذلك ماجدة المتابعة من الشرفة الأبعد في الوقت الذي قال فيه وائل بلهجة ساخرة " أتصدق .. أرعبتني يا هذا!"

عاد الشاب يوجه إليه ألسنة اللهب والجنون يتراقص في عينيه صائحا" قلت ابتعد يا عمنا"
لكمة أتته من الخلف في كليته من أحمد بينما أمسك بذراعه أحد شباب الحي فأسرع أخر يساعده في اجباره على ترك علبة المبيد الحشري في الوقت الذي كان أحمد يسحبه من الخلف من شعره حتى تخلى الشاب عن العلبة أخيرا .

بعد دقائق كان المشاغبون يركعون على ركبهم أمام سيد الذي يقف أمامهم متخصرا مخيفا.. بينما رامز وعمرو وبعض المتطوعين يربطوا أيديهم خلف ظهورهم .. فاستدار سيد للمجموعة الأخرى وقال "قفوا أمامي هنا أنتم أيضا "

أطاعوه بهدوء ووجل ..ليعود سيد للفريق المقيد قائلا " ما دمتم تمرون من حي سماحة فعليكم أن تعلموا من هو سيد صبرة إن لم تكونوا تعرفوه .. (ورفع سبابته يوجه كلامه للجميع قائلا ) وإياكم أن تعتقدوا بأنه كوني قد اصبحت معروفا إعلاميا أني سأدير ظهري وأسمح بالعبث في حي سماحة"

علق أحد كبار السن الواقفين بين المتفرجين " حاشا لله يا ولدي أنت ورفاقك رجال ندر ما نجدهم في هذا الزمان "
نظر إليه سيد نظرة امتنان قبل أن يقول للفريق المقيد " سيلقي بكم الشباب خارج الحي ثم يفكون وثاقكم .. ولو تطاول أحد منكم على أحد من أهل الحي أو فكر في الانتقام من باقي سائقي التوكتوك .. فاعلموا أن المرة القادمة الأمر سيصل للشرطة (ثم نظر لجميع سائقي التوكتوك يضيف بصوت جهوري) وفرمان من سيد صبرة لن يمر التوكتوك من حي سماحة من الآن فصاعدا حتى تتأدبوا"



في شقة أخوات سيد بعد قليل صرخت أروى بفزع " أية ما بك ؟؟"
لم تحتمل قدمي آية جسدها فخارت قواها ونزلت للأرض راكعة وأروى تمسك بها .. بينما الأولى تصرخ بألم "رأسي سينفجر من الصداع لا استطيع التحمل"
صاحت أروى بقلق "ابلغي أحمد وسيد يا بانة بسرعة"

××××

كان سيد جالسا على أحد المقاعد في المقهى وبرقوق يربت على عضلاته قائلا بإعجاب" أسد وغضنفر أيها المخيف أنت وأصحابك"
رفع إليه سيد رأسه يرمقه بنظرة ممتعضة قائلا "هل حاسبت على المشروبات وتلك الشيشة التي كنت تدخنها منذ قليل ؟"
تنحنح برقوق ورد" بالطبع سأحاسب.. هل تظنني لن أدفع!"
ابتسم له سيد ابتسامة صفراء قاطعها أحد سائقي التوكتوك قائلا لسيد برجاء وهو يشير لأصحابه الواقفين خارج المقهى مهمومين " استحلفتك بالله يا عم سيد سيتضرر حالنا إن منعتنا من المرور من الحي .. ما ذنبنا نحن ؟.. هم من كانوا يتعاركون معنا وقد رأيت بنفسك كيف كانوا خطرين"

كان باقي شباب الخن يقفون خارج المقهى مع بعض أهل الحي .. وائل يتفحص يد عمرو ويدلكها بينما أحمد ينفض ملابسه بعصبية وانزعاج قبل أن يرن هاتفه ويرد على بانة قائلا بعصبية" ما بك يا بانة تلحين في الاتصال كلنا بخير والحمد لله"

شحبت ملامحه فجأة واتجه نظراته بسرعة نحو سيد وهو يغمغم بصوت متحشرج " سنأتي حالا"
بعد دقائق كان سيد يقتحم الباب بضخامته وملامحه المرتعبة ليجد آية جالسة بإعياء واضح على أحد الأرائك .
حاولت آية بقدر المستطاع .. ألا تبكي .. ألا تصرخ ألا تبدو أمامهم كطفلة .. بينما اندفع سيد نحوها يجثو على ركبته أمام الأريكة يتطلع فيها بذعر فقالت بصوت خافت وهي تمسك برأسها "الصداع يقتلني يا سيد"

هدر سيد بصوت عال "جهاز قياس الضغط يا رحمة بسرعة .. وأنت يا أحمد جهز السيارة بالله عليك لابد أن نأخذها لطبيبتها "
دخلت الهام تقول بجزع "ماذا حدث؟.. ما بها آية؟؟"
لم يرد أحمد وإنما تحرك مغادرا بسرعة بينما ربتت بانة عليها تقول "سيد يقيس لها الضغط"

غمغمت الهام "استر يا رب استر .. الطبيبة حذرتنا من أن يرتفع ضغطها لأنه سيؤدي مع هذا التورم لتسمم حمل والعياذ بالله"

بيدين مرتعشتين لف سيد الجهاز حول ذراعها وضغط عدة مرات وانتظر النتيجة .. ليسقط قلبه بين قدميه وهو يقرأ المؤشر الذي أخبره بأن ضغطها عال بدرجة مخيفة .. لكنه آثر ألا يخبرها خاصة مع عيناها المليئتان بالخوف المتعلقتان بوجهه فتنحنح ليقول بصوت متحشرج "عالي بدرجة بسيطة .. لكن علينا الذهاب للمستشفى للاطمئنان (ورفع أنظاره لرحمة قائلا ) عباءة يا رحمة بسرعة أرجوك "




يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-10-19, 09:34 PM   #16

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد ساعتين

وقفت الطبيبة أمام غرفة آية تقول بعصبية وهي ترفع رأسها لتواجه سيد المنفعل " ما الذي لا تفهمه يا مستر سيد ؟.. أقول لك أنها تعاني من تسمم حمل وقد اكدت تحاليلها ذلك.. لذا سنضطر للتدخل الجراحي لتوليدها فورا حرصا على حياتها"
هدر سيد بصوت جهوري وهو يرفع سبابته أمامها" اسمعي يا دكتورة آآآآآ ... "

تماسكت الطبيبة وحافظت على ملامحها رغم هيئته المخيفة وقالت بتحدي" سارة .. دكتورة سارة يا مستر سيد .. اعتقد بأن المدام تتابع معي حملها منذ بدايته وطبيعي أن تكون قد حفظت اسمي"

قال سيد من بين أسنانه وهو يكور قبضته أمامها "يا دكتورة .. أنا لست معترضا على التدخل لإنقاذها.. أنا معترض على الانتظار.. لمَ نحن منتظرون ؟.. لماذا لا تدخل العمليات فورا.. لماذا نتركها لتتعذب .. ألا يكفي ما انتظرناه وأنت تدعين بأن هذا التورم عاديا "
تدخل أحمد يحاول التحكم في قلقه الشديد وامسك بذراع سيد قائلا "تعال يا سيد أنا سأشرح لك "

نفض سيد ذراعه من يد أحمد قائلا بعصبية والجنون يتراقص في عينيه "اتركني يا أحمد أريد أن أفهم منها لأني لا أفهم أي شيء منذ بداية الحمل .. أخبرها أن تورمها هذا غريب تقول بأنه طبيعي مع الحمل المهم لا يصاحبه ضغط دم عالي"

صاحت الطبيبة " يا مستر سيد أخبرتك بأننا لن نستطيع التدخل الجراحي قبل أن ينخفض ضغطها ويستقر.. لن استطيع أن أدخلها غرفة العمليات بهذه الحالة .. وإن كنت لا تثق فيّ كطبيبة من الممكن أن أطلب من زميلة أخرى تولي العملية"

جاء صوت الحاج ابراهيم سماحة هادرا " كف عن العصبية يا سيد ودع الطبيبة تقوم بعملها "
كظم سيد غيظه بصعوبة فسحبه أحمد بقوة وهو يقول" تعال يا بني آدم"
تحرك سيد مع أحمد لكن عيناه بقيتا لثوان تحدجان الطبيبة بغضب بينما اقتربت الهام منها تقول معتذرة" لا تؤاخذيه يا دكتورة سارة انه قلق بشأنها.. لكننا نثق بالله ثم بك في أنها ستكون بخير إن شاء الله "

تحكمت الطبيبة في أعصابها وعدلت معطفها الأبيض تغمغم " شكرا لك "
سألتها إلهام بقلق "أريد أن أسأل عن الحالة الصحية للتوأم "

ردت الطبيبة بهدوء " سنحدد حالتهما بعد العملية إن شاء الله .. وبالطبع سيحتاجون للبقاء في الحاضنة وندعو الله أن يكونا بخير لكن حياة الأم هي الأهم بالتأكيد"
أومأت إلهام برأسها وقالت وهي تمسح دمعة سالت من عينيها " أسأل رب العرش العظيم أن يحفظ ثلاثتهم"

نفض سيد ذراعه مرة أخرى من أحمد وتوجه ناحية غرفة آية يفتح الباب برفق ثم دخل بهدوء هو أبعد ما يكون عما يدور بداخله.
كانت نائمة وعلى فمها وأنفها جهاز اكسجين وخرطوم رفيع يخرج من ظاهر يدها..

تفتت قلبه ألما على صغيرته التي تعاني منذ أن حملت في طفليه .. فاقترب من سريرها ومال عليها يرفع شعرها عن جبهتها ويقبل جبينها بحنان هامسا "تماسكي يا روح سيد .. هانت بإذن الله وكنا نحسبها ستطول"

في الخارج قال أحمد لبانة التي حضرت مع أروى وماجدة ورحمة وزهرة " لماذا أتيت يا بانة؟ .. لماذا اتيتن جميعا؟!"
ردت بانة وهي تنزل شمس أرضا فاسرعت نحو جدها ليلتقطها مرحبا ويجلسها على حجره" لم نستطع البقاء في البيت .. إن شاء الله ستكون بخير"
سألها أحمد " كيف حضرتن؟"

اقتربت أروى منهما وهي تقول "عمرو ووائل احضرونا بعد أن تركنا عبد الرحمن مع جدته"
سألت زهرة " أين سيد؟"
ردت إلهام " عند آية " لم تكد تلفظ بالعبارة حتى اجهشت بالبكاء قلقا على ابنتها .. فأسرعت إليها بانة وأروى لتهدئتها.
بينما رفع أحمد الهاتف واتصل بعمرو قائلا " أين انتما؟"
رد عمرو " نحن نستعد للعودة أنا ووائل"
انتحى أحمد جانبا وقال من بين أسنانه "وهل ستتركاني وحدي مع سيد !!.. لقد كاد أن يضرب الطبيبة .. وانفجر في طاقم التمريض منذ قليل.. وأتوقع أن إدارة المستشفى توشك على طلب الشرطة له ( ونظر خلفه ليتأكد من أن لا أحد يسمعه ثم قال بصوت خافت ) تعالا وابقيا معي فأنا بالكاد اتماسك واتحمل حتى يبقى أحد منا هادئا"

قال عمرو مطمئنا "لا بأس نحن قادمان "
بعد دقائق خرج سيد من الغرفة يحدق في هاتفه ثم رفع رأسه ليجد رحمة قد حضرت فتوجه إليها قائلا "رحمة انظري لهذا ماذا تقول؟"

اسرعت إليه زهرة تقول بلهفة "هل أنت بخير يا سيد؟"
ناول سيد هاتفه لرحمة وهو يسأل زهرة "لماذا أتيت ولم تنتظري في البيت؟!"
قالت بتأثر وهي تمسك بيده "جئت لأكون بجانبك وادعمك"

ضيق سيد عينيه لثوان ثم ربت على رأسها فقالت رحمة" لست ضليعة إلى هذا الحد في الانجليزية يا سيد وأختك تثرثر كثيرا .. غالبا تقول بأنها ستركب الطائرة في السابعة صباحا أو ستصل في السابعة صباحا"

أخذ سيد منها الهاتف واقترب من أحمد يطلعه على الرسالة التي أرسلتها ليزا فقال الأخير" تخبرك بأنها استطاعت بالكاد الحصول على تذكرة طائرة وستصل في السابعة من صباح غد ..وتطلب أن تستقبلها في المطار لأنها لا تذكر العنوان جيدا وتقلق من سائقي سيارات الأجرة "

مسح سيد على رأسه بعصبية مغمغما " إنها تأتي في أوقات عجيبة !"

حين لمح عمرو ووائل قادمان قال " وائل .. هلا أحضرت ليزا من المطار في السابعة من صباح الغد كما ترى آية ستدخل العمليات في أي ساعة"

رد وائل ببساطة وهو يقترب ليقف بجوار ماجدة "بالطبع لا تقلق بهذا الشأن .. ارسل لي تفاصيل الرحلة "
غمغم سيد وهو ينظر في هاتفه "سأرسل لك الرسالة التي أرسلتها لي"

نظر وائل لماجدة قائلا " ما فهمته أنها لن تدخل العمليات الآن لمَ لا أعيدك للمنزل لترتاحي قليلا؟ .. أنت منذ الصباح خارج البيت .. وليلة أمس لم تنامي جيدا"
ابتسمت ماجدة وقالت" لا بأس .. سأبقى قليلا لا يصح أن نتركهم"

تنهد وائل ثم قال بمناغشة " كما ترغب يا جميل .. هل أحضر لكِ شيئا لتشربيه؟"
ناظرته بدفء ثم تأبطت ذراعه وردت" لا أريد الآن ربما بعد قليل"
تطلع إليها بنظرات شقية وهو يغمغم" أنت تأمرنا يا حلو"

أجفلا حين اقترب منهما أحمد مندفعا يقول بخفوت عصبي " وائل .. لا تذهب إلى أي مكان وتتركني .. لا أنت ولا عمرو أنا لن أقدر عليه وحدي .. الله وحده يعلم كيف أشعر الآن .. وهو يهيج كالثور وسأقتله في أي لحظة وأستريح منه .. ولا تسألني من سيستقبل ليزا في المطار فلا استطيع التفكير في شيء حاليا"
ربت وائل على كتفه قائلا بهدوء " لا تقلق يا كونت سأتصرف في هذا الأمر"



××××

بعد عدة ساعات
بعد فجر اليوم التالي كانت آية قد استيقظت والبنات يملأن الغرفة حولها بينما الهام جالسة بجوارها على السرير تربت على يدها قائلة "هانت يا حبيبتي وستخرجين بألف سلامة"
ارغمت آية نفسها على الابتسام وغمغمت" إن شاء الله .. ألم يعد سيد بعد؟"

ردت أروى" أجبروه الشباب على الذهاب معهم لقسم العظام ليصور عمرو أشعة على يده فهي مازلت تؤلمه منذ تلك المشاجرة ليلة أمس "
اومأت آية برأسها في صمت .. فاندفعت زهرة تتمتم بامتعاض "الحقيقة أراه متوترا بشكل مبالغ فيه جدا .. فكل الفتيات تلدن ..حتى أنا سألد يوما ما "

لكزتها رحمة تقول بحرج " زهرة !"
بينما ناظرتها إلهام بعتب وقالت " أيصح هذا الكلام يا زهرة !"

شعرت زهرة بالحرج وندمت على مضايقة إلهام فأسرعت بالقول متصنعة البراءة " لم أقصد شيء .. قصدت بأن عليه أن يطمئن"
سحبتها رحمة من يدها وهي تغادر الغرفة مغمغمة بحرج " لا تؤاخذيها يا خالتي"



بعد قليل فتح سيد الباب مندفعا.. لكنه تراجع خطوتين للخلف حين وجد الغرفة مملوءة بالنساء فغمغم بحرج" آسف.. لا تؤاخذونني على اقتحام الغرفة بدون استئذان .. فأنا لست في وعيي اليوم"

قالت ماجدة وهي تتحرك مغادرة ويتبعها البنات" كنا سنتركها لترتاح"
افسح لهن الطريق وعيناه معلقتان على تلك الجنية الصغيرة التي تجلس بإعياء على السرير تناظره بابتسامة واهنة.. فربتت إلهام على صدره وهي تتجاوزه مغادرة للغرفة فالتقط سيد يدها ولثمها قائلا "دعواتك يا أمي"

حين اغلق الباب أسرع إليها يقول بلهفة " حبيبتي"

لم تستطع آية التظاهر بالشجاعة أكثر من ذلك فأجهشت بالبكاء .. ليجلس سيد بجوارها يطوقها بذراعيه ويأخذها إلى حضنه مربتا على ظهرها لتقول آية " حاولت أن أتماسك وأن أبدو قوية لكني غير قادرة على التظاهر أكثر من ذلك "

غمغم سيد بصوت هامس حنون " لا بأس يا روحي لا بأس أنت تحملت كثيرا"
اختض جسدها في حضنه وغمغمت من بين دموعها " أنا خائفة يا سيد .. لا أحب العمليات ولا التخدير .. وقلقة على أولادي .. كيف سيخرجون قبل موعدهم .. حتى الطبيبة لم تطمئني بشأنهما"

أمسك سيد بوجهها بين كفيه وهمس بعينين تلمعان بالدموع" أنت الأهم يا آية.. أنت الأهم عندي .. ستكونين بألف خير إن شاء الله .. الله وحده يعلم بأني لن أتحمل أن يصيبك مكروها"
قالت بخفوت وهي تناظره بعينيها العسليتين " أتبكي من أجلي يا سيد؟!"

عاد لاحتضانها بقوة ودفن وجهه بين رقبتها وكتفها هامسا بصوت متأثر" ومن عندي أغلى منك يا روح سيد"

طرق على الباب أجبرهما على الابتعاد ليمسح سيد جانبي عينيه متنحنحا بينما قالت الممرضة بلهجة عملية "علينا بتجهيزك للعمليات يا مدام آية"

××××

بعد ساعة

نظر سيد الواقف في الممر متوترا في ساعته ليجدها السادسة صباحا فسأل وائل" ألن تحضر ليزا من المطار؟ "
قالت رحمة بقلق "كنت سأسأل هذا السؤال حالا"

رد وائل بهدوء" لا تقلق طلبت من رامز أن يحضرها"
ضيق سيد عينيه يسأله" ولماذا لم تذهب أنت؟!"

حانت من وائل نظره تجاه أحمد ثم قال مراوغا "أعتقد بأنك ستحتاجني بجوارك يا هولاكو لأستقبل معك أولادك"

تمتم سيد بصوت متأثر وهو ينظر نحو باب غرفة آية التي لا يزالون يعدونها للعمليات" المهم أن تخرج آية سالمة"

بينما تحركت رحمة تجلس بجوار زهرة المشغولة في التابلت في يدها وغمغمت في سرها " دوما محظوظة يا ليزا !"

على الجانب الآخر من الممر اقترب عمرو من أروى وهو يراها واجمة قلقة وأهداها ابتسامة مشجعة فابتسمت له ابتسامة ضعيفة وسألته "هل اطمأننت على عبد الرحمن؟"

رد عمرو " يغط في نوم عميق لا تقلقي اتصلت بأمي منذ قليل"
امسكت بكفه المربوط برباط ضاغط بين راحتيها وسألته " ألا زلت تتألم؟"

هز رأسه نافيا ثم قال "الدواء قد سكن الألم الحمد لله (ثم عقد حاجبيه قائلا ) يدك مثلجة يا أروى ( وخلع سترته الخفيفة واضاف ) مكيف الهواء هنا عالي ارتدي هذا"

ابتسمت أروى ودست ذراعيها بالتناوب في سترته فعدل لها ياقتها قبل أن يفرد ذراعه على كتفيها ويسحبها تحت ذراعه ليمنحها المزيد من الدفء .

فُتح باب غرفة آية وخرجت الأخيرة منها على كرسي متحرك ترتدي ثوب العمليات وملاءة بيضاء تغطي ساقيها وخرجت خلفها الممرضة تدفع كرسيها ثم إلهام التي كانت تساعدها .. فاستقام الحاج ابراهيم من جلسته حيث كان يقرأ في مصحفه ومال يقبل رأسها متمتما ببعض آيات من القرآن وهو يربت على رأسها ثم قال" في حفظ الله يا حبيبة أبيك .. ليردك إلينا سالمة ان شاء الله"

قال أحمد مناكفا في محاولة لتلطيف الجو المشحون بالدموع والقلق" انتهي من عمليتك الجراحية هذه سريعا لأن العمل في الورشة متراكم ومطلوب منا تصميمات كثيرة .. سأمنحك حتى صباح الغد ثم أرسل لك التصاميم المطلوبة "

اتسعت ابتسامة آية وردت "حاضر"

جالت آية بنظرها في وجوه الجميع شاعرة بالامتنان وهي ترى هذا العدد الكبير من الأفراد الذين يتنظرون منذ الليلة الماضية في طرقات المستشفى الباردة من أجل الاطمئنان عليها .. ثم رفعت عينيها نحو سيد الذي يقف أمامها متقبضا بقوة يحاول التماسك ..
مال سيد عليها يطبع قبلة على جبينها .. فتأملت ملامحه لثوان ليهمس "أحبك"
لم يكن صوته مسموعا لكنها قرأتها من بين شفتيه قبل أن يستقيم واقفا لتدفعها الممرضة أمام ناظريه إلى الداخل..

دلكت بانة ذراع أحمد وهي تشعر بما يداريه خلف قناعه الخشبي .. فربت على يدها دون أن ينظر إليها وعيناه تتبعان أخته التي تبتعد على الكرسي المتحرك ثم تطلع في ظهر سيد الواقف أمامه متقبضا وتبادل النظرات المتوجسة مع صديقيه اللذان تحركا ليقفا بجوار سيد تحسبا لأي حالة انفلات أعصاب تصيبه في تلك المواقف .

أما سيد فعيناه ظلتا أسيرتان لذلك الكرسي الذي يبتعد عنه ..

إنها تبتعد نحو المجهول ..
آيته تبتعد..
وكأنها تنتزع منه.
وروحه أيضا تنتزع منه .
والعالم من حوله يضيق ويضيق .
اُغلق الباب المؤدي إلى غرف العمليات
فتوقف قلبه عن النبض…
وكأنها قد أخذت روحه معها ..
فأظلمت الدنيا أمامه.

و دون أن ينطق حرفا ..
انهار جسده ليسقط أرضا أمام أعين أصدقائه الذاهلة..

فتعالت صيحات الفزع وهم يلحقون به قبل أن ترتطم رأسه .

وصرخة جزعة ملتاعة من زهرة
"سياااااااااااااد"

××××


يتبع







Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-10-19, 09:43 PM   #17

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي



السابعة صباحا

وقفت ليزا في الطابور الطويل للقادمين في المطار تنتظر دورها .. وبمجرد أن اقتربت من منصة الجوازات تذكرت شيئا فأسرعت بإخراج بلوزة من حقيبة يدها وارتدتها فوق بنطالها الجينز وبلوزتها الأخرى ذات الحمالات مغمغمة لنفسها "نرتدي البلوزة طويلة قبل أن يقبض علينا مستر سيد المخيف ويعضنا "

تطلعت من خلف الزجاج علها تلمحه فلم تجد أحد فقالت في سرها بابتسامة سعيدة متحمسة "حسنا يا ليزا اعترفي بأنك اشتقت لهذا الجلف المتحجر الافكار .. وإلى رحمة الطيبة وطويلة اللسان زهرة"
بعد دقائق كانت ليزا تدفع حقيبتها أمامها وتخرج من باب المطار تبحث عن وجه تعرفه .. ثم وقفت تنظر في هاتفها مغمغة " لقد قرأ رسالتي بالتأكيد لماذا لم يحضر؟!.. أم أنه لم يكن يريدني أن أعود؟ .. لماذا كان يرفض سفري إذن؟!"

اقترب منها سائق سيارة أجرة يقول بإنجليزية ركيكة " تريدين توصيلة؟.. تاكسي .. تاكسي "
قالت ليزا بتبرم وهي تبتعد" لا شكرا"
جاءها صوت آخر يقول من خلفها " توصيلة للآنسة الجميلة ؟"
استدارت وهي تقول بالإنجليزية " قلت لا (ثم صاحت بفرح ) رامز !"

اهداها ابتسامة حلوة وهو يقف أمامها واضعا يديه في الجيبين الأماميين لبنطاله الجينز فغمغمت بالإنجليزية " ما هذه المفاجأة؟.. أين سيد ؟"
أجاب رامز بالإنجليزية " لم يستطع الحضور وجئت بدلا منه "

قالت ليزا وهي تمد يدها لتصافحه " آسفة سأكتفي بمصافحتك فقط فسيد سيقتلني إن قبّلت رجل غريب "

صافحها رامز ضاحكا ثم مد يده يحمل حقيبتها وهو يقول بلهجة ساخرة شقية" خسارة كنت انتظر ترحيبا خاصا منكِ"
قهقهت ليزا وهي تراه يجر حقيبتها خلفه نحو سيارة فلحقت به تسأله" هل سيد بخير ؟"

انتهى رامز من وضع الحقيبة في السيارة ثم قال وهو يتوجه لمقعد القيادة "زوجته على وشك الوضع وهو معها في المستشفى "
لمعت عيناها وقالت وهي تركب بجواره "يا الهي آية ستنجب التوأمين !"

بعد قليل على الطريق قالت ليزا بشقاوة " اشتقت إليك أيها الوسيم هل هذه سيارتك؟"
رد رامز وعيناه على الطريق" كلا إنها تخص وائل موريس"

صفقت بيديها وهتفت بمرح" اشتقت إليه وإلى الجميع"
تطلع فيها رامز قليلا ثم سألها "هل قررت الاستقرار هنا؟"

كست الجدية ملامحها وقالت بحيرة " الحقيقة لا أعرف يا رامز .. أنا سافرت لأنهي بعض الأمور العالقة ولأفكر بجدية فيما أريد .. وللأسف لم أصل لقرار حاسم .. الحياة هنا مختلفة كليا عن كندا لكني في نفس الوقت ارتبطت ببعض الناس هنا واصبحت غير قادرة على الابتعاد عنهم .. وسيد أخبرني ذات مرة إما أن أبقى للأبد أو أرحل للأبد .. لن يقبل بأن أكون بين هنا وهناك .. (صمتت قليلا تتأمل الطريق ثم قالت ) احاول أن أتفهم منطقه وأفكاره الشرقية .. والتي تعتبر بالنسبة لي أكبر مشكلة تواجهني هنا .. وفي الوقت نفسه أجد أن الأمر صعبا .. أن أغير حياتي ومعتقداتي وكل شيء بين يوم وليلة صعب .. (واستدارت إليه تقول ) أ اخبرك سرا ؟.. لبعض الوقت قررت بألا أعود .. لكني لم استطع .. وها أنا قد آتيت ولا أعلم إن كنت سأبقى أم لا"

زفر رامز وغمغم شاردا" أعلم هذا الشعور جيدا .. وأعرف كيف هو محير ومؤرق ومعذب"
تأملته قليلا ثم سألت" ألم تقرر بعد إن كنت ستبقى أم تسافر ؟"

هز رأسه بلا ..ثم تنهد يقول" لكني قدمت على طلب هجرة لأكثر من دولة أوروبية .. تعرفين هذه الأمور تحتاج لوقت طويل .. وحتى يحدث ذلك ربما أكون قد حسمت أمري "

قالت ليزا متنهدة " وأكون قد حسمت أمري أنا أيضا ( واستدارت إليه تقول بشقاوة ) ما رأيك أن نهرب سويا؟"

ابتسم وهو يتطلع في الطريق أمامه لتضيف ليزا بحماس وهي تضرب كفيها ببعض " عندي فكرة أفضل .. ما رأيك إذا ما قررت أنا العودة لكندا نهائيا .. وقررت أنت الهجرة .. أن نوقع على عقد زواج .. واستدعيك لكندا بصفتك زوجي "

رفع رامز حاجبا ثم قال ضاحكا " احببت الفكرة"

تأملته وهو يضحك ثم قالت بشفقة " سعيدة بأن أراك تضحك يا رامز.. أعلم بأنك قد رأيت الكثير ولا ترغب في الحديث عنه لكن عليك بمواصلة الحياة"

بهتت ضحكته شيئا فشيئا لتعود ملامحه ليكسوها الحزن فسحب نفساً وغمغم" ان شاء الله"

سألته بفضول " أ لازلت تعمل في مصنع آل سماحة للأخشاب؟"

أومأ برأسه فقالت بأسف "ولماذا لا تعمل بشهاداتك يا رامز وفي مجال تخصصك ؟!!"

اشاح بوجهه نحو النافذة ويده الحرة تدلك مؤخرة عنقه وتمتم قائلا " لا أريد أن افعل أي شيء .. لم يعد فارقا معي لا شهادات ولا مناصب ولا أي شيء .. يكفيني أن اكسب ما يغطي قوت يومي حتى يسترد الله أمانته"
لم تجد ليزا ما تعقب به .. فأشاحت بأنظارها نحو النافذة وآثرت الصمت احتراما لرغبته .



××××
العاشرة صباحا

قالت رحمة لزهرة المنهارة في البكاء في حضنها وهما جالستان في ممر المستشفى" يا حبيبتي سيد بخير ارتفع ضغطه بشكل مفاجئ وحمدا لله قد تلقى اسعافا سريعا وسيفيق بعد قليل"

ازداد نحيب زهرة في حضن أختها بعد أن باءت كل المحاولات من الجميع في تهدئتها.. فمنذ أن سقط سيد مغشيا عليه وهي على تلك الحالة حتى أنها قضيت كل الوقت الذي انتظروا فيه خروج آية من غرفة العمليات في حضن الهام .

ربتت رحمة مجددا على شعرها وشددت من احتضانها وهي تقرأ لها في سرها القرآن .
في غرفة آية قالت بإعياء" ألم يستيقظ سيد بعد؟.. لقد مرت ثلاث ساعات "
قالت إلهام مطمئنة " لا تقلقي سيستيقظ بعد قليل"

سألت بقلق " هل أنتم أكيدون بأنه بخير أم إنكم تخبئون عني شيئا؟"

ردت أروى " سيد بخير والشباب معه في غرفته الآن في انتظار أن يستيقظ"
سألت آية وهي تحرك عينيها في الغرفة "وأين ذهب أبي؟ اطمأن عليّ واختفى"
ردت بانة " إنه يجلس في الممر وقد أخذ مني شمس لتنام على حجره حين وجدها تنام على ذراعي"

غمغمت آية بوهن" لقد تعبتم معي جميعا وتلازمونني منذ الليلة الماضية"

ردت بانة متهكمة " ما شاء الله !.. يبدو أن الأمومة قد جعلتك أكثر نضجا واحساسا بالآخرين "

أشاحت آية بوجهها للناحية الأخرى تلملم ابتسامة محرجة لتكمل بانة بإغاظة "أم أنه من تأثير المخدر يا ترى ؟"

ضحكت الحاضرات بينما قالت آية " كم الظُرف الآتي من الأشقاء العرب لا يطاق "
علقت بانة بمشاكسة " اطمئنوا يا جماعة إنها بخير فلسانها لا يزال طويلا "
استمروا في الضحك حتى طرقت الممرضة الباب ودخلت لتقول "هل من الممكن أن نغير لها ملابسها"

بعد دقيقة كن قد غادرن الغرفة جميعا عدا الهام التي بقيت مع ابنتها .. فقالت أروى لماجدة "عليك بالعودة للمنزل يا جوجو لقد تعبت معنا جدا "

قالت ماجدة بإنهاك " لا تقولي هذا الكلام يا أروى نحن أهل .. عموما وائل سيطمئن على سيد ثم سيعيدني للمنزل"

تطلعت بانة في شمس الغارقة في النوم على حجر جدها ابراهيم سماحة والمغطاة بسترة الكونت الثمينة بالنسبة له وقالت لحماها الذي لا يزال يقرأ في المصحف" اعطيها لي يا أبي حتى لا تؤلم ساقيك "

صدق الحاج وقال " اتركيها معي مادامت نائمة .. لماذا خرجتن؟"
ردت بانة "يغيرون لها ملابسها"
قالتها واستدارت تتابع محاولات أروى وماجدة تهدئة زهرة التي لاتزال تبكي .

في غرفة سيد كان قد بدأ يستعيد وعيه ببطء .. يحاول لملمة شتات ذاكرته ليحدد أين هو وماذا يفعل وماذا حدث له .. خاصة مع صوت أحاديث أصحابه الذي يأتيه من كل جانب.

بعد دقائق انقشعت الغيوم عن رأسه واستعاد وعيه كاملا مع بعض الصداع والشعور بالثقل فرفع رأسه يتطلع حوله قائلا بصوت متحشرج "أين أنا؟"

رد وائل متهكما " في حضني يا حبيبي"

تحامل بصعوبة يحاول الاعتدال على مرفقه وهو يقول بجزع" آية .. ماذا حدث ؟.. ماذا حدث لي؟ وماذا حدث لآية؟"
رد أحمد مطمئنا " آية بخير لا تقلق بفضل الله خرجت من غرفة العمليات منذ ثلاث ساعات واستفاقت"

فأكمل عمرو ساخرا "وعلى وشك أن نعيدها للبيت"
انزل ساقيه يعتدل على السرير بجهد شديد ثم استقام واقفا وقال هو ينزع الخرطوم الرفيع الموصل بظاهر يده" لابد أن أراها"
أمسك به عمرو موبخا "ماذا تحسب نفسك فاعلا يا مجنون !"

لم يكد يكمل حديثه حتى هبط جسد سيد الثقيل على السرير المعدني محدثا صريرا عال والدوار الشديد يمسك برأسه .. فدلك جبينه بقوة وقال بثقل "ماذا حدث لي لا أذكر "

لم يجيبه أحد .. فنظر حوله ليجد ثلاثتهم مطرقين برؤوسهم أرضا وصوت ضحكات مكتومة بدأت تخرج خلسة من أفواههم ..

قال سيد بغيظ" علام تضحكون يا كلاب؟"
لم يستطيعوا التحكم في أنفسهم لوقت أطول فانفجرت ضحكاتهم مجلجلة تضرب في جدران الغرفة ..


اغتاظ سيد الذي حاول تحريك جسده الضخم لكن الدوار كان شديدا.. بينما ظلت الضحكات الخشنة تجلجل حوله حتى شعر بأن ضغطه قد عاد للارتفاع من الغيظ ليقول عمرو بلهجة متسلية وهو يدفعه برفق ليسند ظهره إلى ظهر السرير "استريحي يا شابة .. لازلت نفساء"

انفجار جديد في الضحك الهستيري ملأ المكان فزمجر سيد وقبض على مفرش السرير بقوة في الوقت التي ضرب عمرو كفه بكف أحمد الأقرب إليه في الجلسة .. ليتدخل وائل ويشارك في الحفلة المقامة على شرف هولاكو فيقول متهكما " وأنا تركت اشغالي .. وسهرت طوال الليل ومعي هذا المسكين ذو اليد المربوطة .. وكنا في وضع استعداد لتحجيم أي لحظات جنون وهياج قد تصيبك.. لتكون المحصلة في النهاية ... هووووب .. انهيار سور الصين العظيم في صمت"

ناظره سيد بنظرة خطرة يجز على أسنانه
فقال أحمد من بين ضحكاته ساخرا " أنا آسف جدا أني طلبت منكما الحضور لمساعدتي في تلجيمه .. كان الأولى بي إحضار ونش لرفع الاثقال"

انفجار آخر في الضحك تبع جملة أحمد حتى سيد نفسه كان يقاوم الضحك متصنعا الجدية ليقول عمرو من بين ضحكاته وهو يشير ليده المربوطة "الشرخ أصبح تهشما في مفاصل اليد وأنا اساعدكم في الإمساك به قبل أن يسقط كليا وترتطم رأسه بالأرض "

حرك وائل الجالس على مقعد بجوار الباب ذراعيه وكتفيه وكأنه يفك تشنجهم وقال" أشعر بأن بناية عالية قد سقطت فوقي وكنت ابذل جهدا لرفعها عن الأرض "

ضحكات أخرى مجلجلة خشنة متبوعة بالسعال ملأت الغرفة فغمغم سيد متوعدا " صبركم عليّ وسأريكم على من تتهكمون يا كلاب"

طرقة على الباب ثم دخلت الممرضة فساد الصمت فجأة .. لتقول بصوت رقيق وهي تقترب من السرير " لماذا نزعت الخرطوم؟"
كانت الممرضة جميلة ورشيقة بوجه مشرق في ثوب وردي أنيق فكان عمرو أول من أنزل نظراته أرضا وغمغم مغادرا " سأتفقد الوضع بالخارج"

بينما تنحنح أحمد وأشاح بوجهه ناحية النافذة..
أما وائل فأشاح نظره عنها بصعوبة وأخذ يتمتم لنفسه بهمس وهو يقلب في هاتفه" أنا مستقيم .. أنا مستقيم .. أنا مستقيم"
قال سيد للممرضة بعصبية" لا أريد أي خراطيم ولا زفت.. أريد أن أقف وأذهب لأطمئن على زوجتي"

قالت الممرضة بهدوء" لابد أن يبقى هذا الخرطوم متصلا بيدك حتى تتحسن حالتك بسرعة "

هدر سيد بصوت أخاف الممرضة " قلت أريد أن أتحرك ..تصرفوا "


تدخل وائل يقول بضحكات مكتومة" يقصد لو لديكم خدمة توصيل بالونش "

استدارت إليه الممرضة ترمش بعينيها في عدم فهم بينما رشقه سيد بنظرات نارية فعاد ينظر في هاتفه يكتم الضحك لتقول الممرضة لسيد بأدب " حاضر سأرى ماذا يمكننا فعله .. لكن عليك بإبقاء الخرطوم في يدك لفترة أخرى من فضلك "



في خارج الغرفة قال عمرو لأروى وهو يدلك يديها "طلبت للجميع عصائر وطلبت لك مشروبا ساخنا"

غمغمت أروى "لا أريد"
قال بقلق" يدك مازالت باردة يا أروى وهذا المكيف سوف يمرضك .. أعتقد بأن عليّ إعادتك للبيت ويكفي هذا القدر "

ردت بابتسامة "سنغادر بعد قليل إن شاء الله "
ظهرت ليزا عند أول الممر وخلفها رامز فغمغمت بالعربية عبارة علمتها لها رحمة" ماشالله! ( ثم اكملت بالإنجليزية بانبهار ) كل هذا العدد من البشر منتظرون من أجل ولادة آية !"

لمحتها رحمة من بعيد ولمحت رامز القادم خلفها في الوقت الذي اسرعت ليزا مهرولة تقول مهللة بحماس وعربية ركيكة "راااهمااااا راهماااا اشتقت إليك"

تبادلت الاختان الأحضان المشتاقة وغمغمت ليزا بتأثر وهي ترى رحمة دامعة العينان "أتبكين من أجلي يا راهما!"
حضنتها رحمة مرة أخرى وردت "عليّ أن أعترف بأني اشتقت إليك رغم أنك مزعجة "

رمشت ليزا بعينيها عدة مرات ثم سألتها "ما معنى موزززيجا ؟(ثم أخرجت هاتفها تقول بحماس) انتظري سأفتح القاموس "

قالت رحمة بابتسامة " فيما بعد يا ليزا.. فيما بعد "
انتبهت ليزا للحاضرين فقالت بالإنجليزية" آسفة اندمجت مع راهما "

وتحركت تسلم عليهم تباعا حتى وصلت لزهرة ذات الوجه المتورم من البكاء فسألتها بعربيتها الركيكة المختلطة بكلمات انجليزية " ما بك زاهرا أتبكين من أجلي أنت أيضا ؟"

ردت بانة بالإنجليزية " بل من أجل سيد"
اتسعت عينا ليزا وهتفت بقلق "ما به سيد؟"
أجابت بانة "لا تقلقي ارتفع ضغطه قليلا .. لكنه بخير وسيستيقظ بعد قليل"
رد عمرو مصححا " بل استيقظ بالفعل وحالته جيدة الحمد لله "

انتفضت زهرة واقفة تقول " حقا استيقظ! "

ثم اسرعت نحو غرفته هي وليزا في الوقت الذي اقترب رامز والقى السلام .. فرد عليه الجميع السلام ليتحرك ويقف بجوار أخته ..
التقت عيناه بعيني رحمة الواقفة بارتباك على الناحية المقابلة فهز رأسه لها بتحية صامتة ارتبكت لها الأخيرة وأسبلت أهدابها بخفر دون رد ..وقد انفجرت دقات قلبها بجنون فتحركت نحو غرفة سيد .. ليلف رامز ذراعه حول جذع أخته وهو يراقب شمس النائمة على حجر جدها ثم قال "يمامتي الصغيرة نائمة .. مع من سألعب أنا الآن؟ .. وأين زوجك الغيور؟"

في غرفة سيد كانت اختاه ترتميان فوق صدره وتعانقانه في نفس الوقت.. فسعل طالبا قليلا من الهواء .. لتطلق ليزا سراحه وتقول بتأثر" اشتقت إليك سيد"
ربت سيد عليها وغمغم "حمدا لله على سلامتك"

ثم نظر لزهرة التي لا ترغب في ترك عنقه وقال وهو يمسد على شعرها" أنا بخير يا زهرة لمَ هذه الحالة؟"
أبعدت رأسها عنه تقول من بين دموعها" كله بسببها .. كنت ستموت بسببها"

في جلسته على أحد المقاعد بجوار النافذة تقبض أحمد يهمس لنفسه " تعقل يا أحمد إنها مجرد طفلة "
أما سيد فبالرغم من عدم استساغته لطريقتها في الحديث عن آية لكن الحالة التي كانت عليها جعلته لا يعقب وإنما لف ذراعيه حولها مهدئا فتعلقت زهرة بعنقه من جديد وذرفت المزيد من الدموع التي جعلت سيد يتبادل النظرات المندهشة مع رحمة الواقفة على باب الغرفة.

بعد قليل كان سيد يخرج من غرفته وقد استعاد توازنه إلى حد كبير لكنه كان يتأبط ذراع وائل بينما أحمد وعمرو يتبعاه.
هتف رامز من بعيد" ألف لا بأس عليك يا سيد وحمدا لله على سلامة زوجتك وأولادك "

ابتسم له سيد شاكرا في الوقت الذي غمغم عمرو من خلفه متهكما بصوت خافت مسموع فقط لأصدقائه" تريثي يا شابة تريثي وأنت تتحركين"

ضحكات مكتومة أحاطت بسيد الذي جز على ضروسه بقوة ليتدخل أحمد قائلا بفزع مزيف" الحقني يا ولد يا عمرو الحقني .. إن الجدار يميل ناحية اليمين"

واسرعا معا يضعان كفيهما على ذراع سيد العضلي وكأنهما يدعمان جدارا حتى لا يسقط فقال وائل من الناحية الأخرى "سأشده ناحيتي وأنتم ادفعوا من ناحيتكم"

نفضهم سيد من حوله بعصبية مشيحا بذراعيه فجأة جعل الباقيين ينتبهون لما يحدث ثم اسرع بخطواته يتركهم مقاوما شعورا طفيفا بالدوار واتجه ناحية غرفة آية تلاحقه صوت ضحكات اصحابه ونظرات الذهول وعدم الفهم من الباقيين .

مع فتح باب غرفتها كانت الممرضة قد انتهت من عملها فشكرتها الهام في الوقت التي هتفت آية بلهفة "سيد"

طالعها بتأثر ..
لم يرى في الغرفة سواها ..
لم يرى الممرضة وهي تتجاوزه وتخرج ..
ولم يرى أو يسمع ما قالته له إلهام وهي تتركهما بمفردهما .

كان يراها فقط ..
منهكة مرهقة لكن عينيها العسليتان كانتا تلمعان وضحكتها التي تقطر عسلا تطمئنه عليها.

زم شفتيه وهو يقترب من سريرها فرفعت إليه آية هاتفها لتريه صورة مغمغمة بتأثر "انظر إليهما إنهما قطعة مني وقطعة منك يا سدسد .. أتصدق بأنني قد نجحت في إيصال قطعة منك وحميتها بروحي حتى خرجت إلى الحياة؟"

لم يحيد سيد عينيه عن وجهها الذي كان رغم ارهاقه الشديد مشرقا .. ثم مال عليها في صمت هو أبلغ من أي كلام وطوقها بذراعيه يدفنها في صدره هامسا "الف شكر لك يا الله .. ألف حمد وشكر لك.. كرمك معي كبير"

غرقت في دفء حضنه الواسع لبضع ثوان ثم أبعدت رأسها تقول "لم ترى صورة أولادنا"
حشر نفسه في السرير بجانبها فتمدد جالسا بجوارها على جنبه يدس ذراعه خلف ظهرها ليقربها من صدره ثم التقطت الهاتف من على السرير ونظر في صورتهما لأول مرة .

كانا صغيرين ..
صغيرين جدا ..
اتسعت ابتسامته وهمس "ملامحهما غير واضحة"


تطلعت في وجهه وقالت "أريد أن أرى طفلاي يا سيد.. وانتظرتك لنذهب إليهما سويا"
قال متفاجئا " أنستطيع أن نراهما ؟.. ظننت بأنه غير مسموح حاليا !"

رفعت كفها تلمس وجهه وقالت بخفوت "يسمحون للأم والأب فقط (وأضافت بتأثر ) أي أنا وأنت "

قال سيد وهو يغرق في عسل عينيها" آسف يويا لم تجدينني في انتظارك حين خرجت من غرفة العمليات"

دلكت بكفها صدره وغمغمت بخفوت وهي تتأمله "آحيانا أشعر بأني لا استحق كل هذا الحب منك يا سيد "

طبع قبلة طويلة على جبينها ثم رد بنفس الخفوت "وأنا أحيانا اشعر بأني لا استحق أن اُهدى بك يا روح سيد "
غرقت في حضنه لدقائق حتى أبعدها وهو يستقيم تاركا السرير ثم قال" هيا يا أم الأولاد لنرى أين وضعوا طفلينا"



في خارج الغرفة وقف وائل يدلك جبينه بملل فربتت ماجدة على صدره تطلب منه أن يكون أكثر صبرا بينما رحمة وليزا تحاولان اقناع زهرة للعودة معهن للبيت .. لكن الأخيرة صرخت "قلت لن أذهب واترك سيد .. من سيهتم به ؟ إن زوجته مريضة"

قالت رحمة تحاول كظم غيظها " سيد أصبح بخير وليس بحاجة لرعاية يا زهرة .. والجميع سيغادرون بعد قليل دعينا نعود مع أبيه وائل"

وقفت زهرة متكتفة تهز ساقها بعناد وردت "ابيه أحمد وأبيه عمرو باقيان قليلا"
تدخل الحاج سماحة الذي يراقب المشهد من أوله وقال آمرا "زهرة عودي مع اختيك"

توقفت زهرة عن هز ساقها واحمر وجهها تشعر بالرهبة من الحاج سماحة .. ليتحرك رامز ويقول لوائل "اذهب أنت يا أبا ميري ..تبدوان مرهقان .. وأنا معي سيارتك الأخرى سأعيد بها الفتيات"

أومأ وائل الذي كاد أن يسقط من الإجهاد برأسه وتحرك هو وماجدة التي ودعت الجميع وغادرا.. بينما اقترب رامز من زهرة ذات الوجه المحتقن والرأس المنكس والتي كانت تلتقط حقيبتها من أحد المقاعد الجانبية تستعد للرحيل مع أختيها فمال بجذعه أمامها يقول "هل تحبين الكعك المحلى بالسكر؟"

تخضبت وجنتاها بالحمرة وهي ترتدي حقيبة ظهرها البنفسجية الصغيرة المرصعة بقشور لامعة فرفعت خصلة من شعرها خلف أذنها وهزت رأسها بالإيجاب .. فقال رامز " ما رأيك أن نشتري منه ؟.. أنا أعرف محلا ممتازا يصنع هذا الكعك"

شبكت كفيها أمامها بأدب وأومأت برأسها كقطة لطيفة خجولة .. فاتسعت ابتسامة رامز وأشار لها بيده لتسبقه ثم اعتدل واقفا يتطلع في رحمة المنكمشة وأشار لها بيده بأدب لتتقدمه .. فتحركت بارتباك خلف أختها .. ليودع هو الجميع مغادرا وليزا تسير بجواره تقول بحماس" لقد فهمت ما قلته لها .. أنا أيضا أريد كعكا بالسكر "

××××

عند باب الحضانات الخاصة بالاطفال المبتسرين وقف سيد مرتبكا ومترددا فلاحظت آية ذلك لكنها لم تبدي أي شيء بل تشبثت بذراعه بقوة وهي تتحامل على الألم الشديد للجرح اسفل بطنها وغمغمت" أنا في غاية الحماس"

لم يرد ولكنه تحرك معها يحيط جذعها بذراعه ليدعم جسدها وهي تخطو بخطوات بطيئة داخل الحضانة بعد أن تركت الكرسي المتحرك خارجها حتى وصلا عند تلك الحضانة الزجاجية التي تحتوي على مولدين صغيري الحجم .
دمعت عينا آية بمجرد رؤيتهما بينما اتسعت عينا سيد يدقق فيهما بمشاعر مختلطة
شعور بالرهبة ممزوج بعاطفة غريبة ..
عاطفة لم يشعر بها من قبل .. ولم يقدر لحظتها على تصنيفها.

همست آية "يا الهي انظر إليهما يا سيد إنهما صغيرين جدا .. لكن لماذا البنت أصغر بكثير من الولد؟"

اتسعت ابتسامته فجأة ورد" هذا طبيعي .. أنظري لحجمي وحجمك"
هتفت بحنق "سيد!"

مال يقبل رأسها في الوقت الذي تحركت الممرضة لتحمل البنت وتناولها لآية ..فحملتها ووقفت تدقق فيها بتأثر .. ليمد سيد يده يتحسس بإصبعه برفق ملامحها وهي مغمضة العينين ثم أمسك بكفها الصغير جدا ومال يقبله ...فأجهشت آية بالبكاء الصامت..

حملت الممرضة الولد تناوله لسيد لكنه عقد حاجبيه يقول بفزع" لا لا .. لا أعرف كيف أحمله"

قالت آية تشير للحائط الزجاجي الذي يقف خلفه عائلتها " إنهم ينتظرون ليلتقطون لنا أول صورة مع طفلينا"

عقد سيد ذراعيه خلف ظهره وقال بعناد "لا .. لن استطيع "
قالت الممرضة بابتسامة "ضم ذراعك إلى صدرك وسأضعه عليه برفق"
قال بتوتر" وماذا لو اوقعته أو أذيته دون أن أشعر؟!"

اتسعت ابتسامة كلا من الممرضة وآية بينما تدخل الطبيب الذي كان يتابع المشهد من بعيد قائلا وهو يقترب " إن لم تحمله ونلتقط لكما الصور سأكتب على السوشيال ميديا أن الملحن سيد صبرة يرفض حمل ابنه"

ابتسم له سيد ابتسامة مرتبكة فتحرك الطبيب وتناول الولد من يد الممرضة بحرص ثم اقترب من سيد ووضع برفق على ذراعه ابنه العاري الذي لا يرتدي سوى الحفاض.


سرت رعدة خفيفة على طول ظهر سيد وهو يتطلع إلى ابنه المغمض العينين ويشعر ببشرته الناعمة فوق لحم ذراعه .. فرفع رأسه للطبيب يسأله بصوت مبحوح "هل .. هل هما بخير؟"

رد الطبيب مطمئنا " وزنهما قليل لكن حالتهما مستقرة الحمد لله .. بضع أيام وتستطيعوا العودة بهما للبيت إن شاء الله (ثم اضاف بمرح ) سأبعد عن المشهد حتى يلتقطون الصورة"
هتف سيد بجزع وهو يراقب الطبيب يبتعد" إلى أين أنت ذاهب؟ سيقع مني"

طمأنته آية قائلة " سنلتقط الصورة سريعا"

نظر سيد للواقفين خلف الجدار الزجاجي لكنه لم يستطع أن يبتسم ابتسامة مشرقة للصورة كآية وإنما احنى رأسه يدقق في الجسد خفيف الوزن شديد النعومة الذي يحمله ثم مال يقبل جبينه بعينين تلمعان بالدموع .

سألته آية "ألن تكبر في أذنهم ؟"
انتبه سيد للأمر وتحركت أنظاره بسرعة نحو الحائط الزجاجي يقول" أبي .. أبي سماحة هو من سيكبر في أذنهم "

هم بالتحرك لكنه تردد ونزلت أنظاره نحو ابنه النائم على ذراعه .. ثم رفعها نحو الطبيب بقلق .. فطمأنه الأخير قائلا " لا تقلق أنت تمسك به جيدا (واشار للممرضة وأضاف ) ساعدي المدام لتتحرك نحو الباب بالطفلة"
عندما وصلا لباب الحضانة قال سيد للحاج سماحة وهو يشير لابنه " أبي هلا كبرت في أذنيهما ؟ .. أريدك أنت من تقوم بذلك لا أنا "



بعد قليل كان سيد وآية يخلعون الغطاء المخصص لدخول الحضانات ويخرجون بملامح متأثرة من عند طفليهما فقال أحمد بقلة صبر "خلصني وبلغ الادارة باسميّ الطفلين فقد سألوني عنهما أكثر من مرة"

نظر سيد وآية لبعضهما لتقول الأخيرة وهي تحضن ذراع زوجها" أعتقد بأن سيد يرغب في تسميتهما بأسماء معينة"

تنحنح سيد وقال "أفكر في أن اسميهما ابراهيم والهام"

هتف أحمد باستنكار " أفندم ! وعندما تسمي أنت ابراهيم ماذا سأسمي أنا؟؟؟"

وضع سيد يديه في جيبيه وقال بخيلاء وإغاظة مبطنة "حبيبي .. (من سبق أكل النبق ) كما يقولون في المثل الشعبي وأنا انجبت الذكر أولا"

احتقن وجه أحمد وحدجه بغيظ بينما قهقه الحاج ابراهيم .. فاستدار إليه احمد هاتفا باستنكار" أتضحك يا أبي؟؟!!"
تدخلت إلهام تقول ضاحكة "بارك الله فيكما لكني أرى أن تسميا أولادكما بأسماء حديثة أسماؤنا قديمة بعض الشيء"

قال الحاج ابراهيم معترضا "ما به اسمي يا ست إلهام!!.. الآن أصبح اسما قديما !!.. ماذا كنت تريدين أن يكون لولو أم مودي حتى لا يكون قديما!"

قهقه الجميع بينما قالت الهام ضاحكة وهي تربت على صدر زوجها "لا أقصد والله يا حاج اسمك من أحلى الأسماء "

تدخلت أروى تقول " بدون عراك سموا اسماء أخرى"

نظر سيد لآية بحيرة ليقول أحمد بنفاذ صبر "خلصنا يا عمنا كان من المفروض أن تكونا مقررين طوال الاشهر الماضية .. نريد أن نبارك ونذهب إلى بيوتا نكاد نتساقط من التعب"
غمغم عمرو مشاكسا هو الآخر " لا يشعر بنا يا كونت.. فقد نام المحظوظ لثلاث ساعات"

رمقهما سيد بنظرات غاضبة محذرة ثم قال" آية كانت تحب اسم نغم"

تمتمت بانة تجرب الاسم "نغم سيد صبرة .. أحببت الاسم ..والولد؟"
هتفت الهام بحماس " باسل ما رأيكم؟"

غمغم سيد يجرب الاسم "باسل سيد صبرة"
ونظر لآية فاتسعت ابتسامتها ورددت برضا" باسل سيد صبرة .. نغم وباسل احببت الاسمين"

قال أحمد بسرعة " مبارك يا أبا باسل (ثم اقترب من أخته وقبل جبينها قائلا ) ومبارك لك عزيزتي المجنونة أم نغم "
حضنته آية بتأثر.. فشدد من احتضانها ثم قبل جبينها مرة أخرى .. قبل أن يتحرك ناحية بانة يسحبها من يديها ببعض الخشونة قائلا لوالده " هل ستأتي معي يا حاج إن كانت أمي باقية ؟"

رد الحاج سماحة "كلا سأبقى قليلا توكل أنت على الله "

قال أحمد لبانة" هيا سأسقط من التعب( وأشار لشمس الغافية على كتفه وأضاف) وادعي ربك أن تظل ابنتك نائمة والا سأنام أنا وأتركك معها بمنتهى النذالة"
ودعتهم بانة وتحركت تتأبط ذراع زوجها الذي يحمل طفلتهما بينما سأل الحاج سماحة عمرو "وأنت يا أبا عبد الرحمن؟"
أجاب عمرو "سنذهب للبيت لنستريح وسأعيد أروى بعدها إلى هنا ان شاء الله"

اقتربت أروى تقبل أختها وتبارك لسيد ثم تحركا مغادران خلف أحمد وبانة ..



بعد دقائق في الدور الأرضي من المستشفى سأل عمرو أروى التي تتأبط ذارعه" ها ؟.. أخبريني هل جاءت؟"
هزت أروى رأسها بلا ثم هتفت بحنق "عمرو كف عن هذا السؤال أنت بهذا الشكل توترني بقي ثلاثة أيام على موعدها"
قال عمرو ببراءة "أنا اطمئن فقط"

قالت أروى بتعجب "من يرى إلحاحك هذا لن يصدق أن عمر ابننا عام ونصف فقط"
قال عمرو بثقة "هذه المرة لن تأتي إن شاء الله "

ردت متهكمة" الشهرين الماضيين قلت نفس الكلام"
التفت إليها يسألها ببراءة مصطنعة " أنا قلت ذلك؟؟"

لمعت عيناها وهي تتأمل ملامحه الوسيمة وأجابت بتحدي "أجل"

وضع يديه في جيبي بنطاله وهو يسير بجوارها بخطوات بطيئة ليجاري خطواتها المتمهلة ثم قال " لا بأس سنظل نحاول بكل تفاني"

قهقهت برقة ثم قالت" ظننتك حين قلت بأننا نريد أن ننجب مرة أخرى أنك تتحجج لترسل عبد الرحمن لجدته وتكثف جلسات التدليك "

التفت إليها يتطلع في عينيها بنظرة ذات مغزى فدبت الحرارة في جسدها ليقول عمرو " أممممم ..تهمة لا أنكرها .. الحقيقة كل الأسباب صحيحة أروتي "

قرصته في ذراعه الذي تتأبطه فغمغم وهو يهرش أرنبة أنفه" إن شاء الله لن تأتي.. إن شاء الله"

توقفت فجأة وتركت ذراعه تسأله بحاجبين معقودين "لمَ أنت واثق إلى هذه الدرجة؟"
فرد كتفيه ورد بخيلاء ذكورية" ثقة في الله وفي نفسي طبعا "

ضيقت أروى عينيها وسألته بشك " تُرى .. هل زارك الشيخ عبد الرحمن في المنام؟"

ابتسامة متسلية ظهرت على زاوية فمه .. فأمسكت أروى بقميصه تسأله بلهفة " هل كنّاك باسم هذه المرة أيضا؟"

اتسعت ابتسامته المليحة حتى ظهرت اسنانه البيضاء ولم يرد فسألته بترجي "بمن كناك؟"

تنحنح عمرو واستدار بخيلاء يهم بمواصلة السير لكنها امسكت فيه تقول بإلحاح طفولي " هيا اخبرني يا عمرو لا تكن ليئما"

حدق في عينيها بتلك النظرة التي تفعل بها الأفاعيل وهو يسألها بشقاوة " علام سأحصل إن أخبرتك؟ "

قالت بسرعة وهي تلملم ابتسامة شقية من فوق شفتيها " كل ما يأمر به عمرو القاضي "
هرش عمرو في لحيته ثم قال بلهجة متسلية " قالي لي( أبشر يا أبا جَنّة).. "

قالها وتحرك يسبقها .. يديه في جيبي بنطاله فتمتمت أروى بفرحة " سنرزق ببنت بإذن الله؟!! ..(وجربت الاسم على لسانها ) جَنّة عمرو القاضي.."

تسارعت ضربات قلبها فضمت قبضتيها أمام فمها تقول بتأثر " أحببت الاسم جدا ( وانتبهت لعمرو الذي ابتعد قليلا فأسرعت باللحاق به وهي تعرج منادية ) انتظرني .. انتظرني يا أبا عبد الرحمن وجنة"



النهاية
مع حبي
شموسة






جهاد 20 likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 03-10-19, 10:51 PM   #18

احباب الله

? العضوٌ??? » 152949
?  التسِجيلٌ » Jan 2011
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » احباب الله is on a distinguished road
افتراضي

وااااو اخيرااا حبايب الحلوين

احباب الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-10-19, 11:18 PM   #19

Khawla s
 
الصورة الرمزية Khawla s

? العضوٌ??? » 401066
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,978
?  نُقآطِيْ » Khawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond repute
افتراضي

واوووو واووووو شموستي المشهد بجنن تحفففه تسلم اناملك رجعتينا لحي سماحه والاصحاب واجوائهم 😍😍♥♥
المزززززز ذبحوني🤩🤩🤩


Khawla s غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-19, 12:09 AM   #20

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 526 ( الأعضاء 65 والزوار 461)
ام زياد محمود, ‏moh khedre, ‏knight, ‏Merna miroo, ‏عناياو, ‏منال سلامة, ‏لارا لوجي, ‏هامة المجد, ‏بنان قنيري, ‏Monya05, ‏نيدانور, ‏fatma ahmad, ‏sira sira, ‏myryam, ‏سارة فؤاد, ‏ريتاج القلب, ‏Shadwa.Dy, ‏spd, ‏هناء بلاسي, ‏Oh15, ‏Hanasyriana, ‏ارج هاجر, ‏غنى محمد, ‏نزهه هبه, ‏samah 02, ‏tota70, ‏Lautes flower, ‏سيدة11, ‏روكا اشرف, ‏norakamel, ‏Azza aly, ‏nairouz mohammed, ‏Walaa sham, ‏زينة معلا, ‏rahoom337, ‏رنا رسلان, ‏ولاء حنون, ‏حنان الرزقي, ‏nadoshlibya, ‏Khawla s, ‏طيور الجنة, ‏fathimabrouk, ‏amira salim, ‏Angelin, ‏eylol, ‏Omsama, ‏Habiba eslam, ‏دموع ♡الياسمين, ‏Amira94, ‏Eman Mohamed1977, ‏bas bas, ‏هاجر علاء, ‏taljaoui, ‏رانيا خالد, ‏Nehad Abozaid, ‏فراشه وردى, ‏انفال مريم, ‏الفراشه النائمه, ‏احباب الله, ‏Abeer el, ‏اميجو, ‏بسمة فرحة, ‏whiterose99, ‏المحب لله, ‏ema imy


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:20 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.