آخر 10 مشاركات
فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          واهتز عرش قلبي (1) .. سلسلة الهاربات (الكاتـب : ملك جاسم - )           »          لا تتركيني للأوزار (الكاتـب : تثريب - )           »          قـيد الفـــيروز (106)-رواية غربية -للكاتبة الواعدة:sandynor *مميزة*كاملة مع الروابط* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          مهلاُ يا قدر / للكاتبة أقدار ، مكتملة (الكاتـب : لامارا - )           »          روايه روحي لك وحدك للكاتبه (ريم الحجر) روايه رائعه لا تفوتكم (الكاتـب : nahe24 - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree41Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-11-19, 01:51 PM   #21

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي ..


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shimo debo مشاهدة المشاركة
سردك اكثر من رائع .. اول مرة اقرأ لكي لكنها لن تكون الاخيرة باذن الله .. اتمنى ان تظل احداث الرواية بهذه القوة
سلمت اناملك حبيبتي
حبيبتي حضورك هو الأروع، واتمنى أن أكون عند حسن ظنك دائما ويارب تفضل الرواية عجباكي للآخر بإذن الله. 😍


Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-11-19, 04:24 PM   #22

Mini-2012

? العضوٌ??? » 456252
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,977
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Lebanon
?  نُقآطِيْ » Mini-2012 is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

Mini-2012 غير متواجد حالياً  
التوقيع
ﺎﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞّ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ
رد مع اقتباس
قديم 12-11-19, 04:25 PM   #23

Mini-2012

? العضوٌ??? » 456252
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,977
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Lebanon
?  نُقآطِيْ » Mini-2012 is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الرواية روعة وجميلة بانتظار القادم
ويعطيكي الف عافية


Mini-2012 غير متواجد حالياً  
التوقيع
ﺎﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞّ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ
رد مع اقتباس
قديم 12-11-19, 04:27 PM   #24

Mini-2012

? العضوٌ??? » 456252
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,977
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Lebanon
?  نُقآطِيْ » Mini-2012 is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بانتظار فصل اليوم 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

Mini-2012 غير متواجد حالياً  
التوقيع
ﺎﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞّ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ
رد مع اقتباس
قديم 12-11-19, 05:33 PM   #25

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي سُلاف الفُؤاد

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد؛
|| الفصل الثامن ||

قرابة الفجر / في الحديقة بدار الجبالي
كانت نبض ترفع الهاتف إلى أذنها، تقف بتشنج وقبضتها متصلبة إلى جانبها.. لقد عاودت الاتصال به للمرة الثالثة بعد انقطاع الرنين المرتين السابقتين دون أن تحصل على رد منه حتى أتاها صوته أجشا خافتا تسيطر عليه سحابة النعاس: " السلام عليكم "
شعرت حينها برجفة تسري في أوصالها لمجرد سماع صوته بعد حرمانها منه لأربعة أشهر كاملة فردت بعد لحظة بصوت متوتر: " وعليكم السلام.. صخر أنا... "
لم يدعها تضيف كلمة أخرى وهو يقاطعها بلهفة واضحة: " نبض هذه أنتِ.. يا إلهي إشتقت لسماع صوتكِ يا صغيرتي "
فترقرق الدمع في عينيها وهي تشعر بعدم القدرة على الكلام بينما على الطرف الآخر هب صخر من استلقائه جالسا وهو يتمسك بالهاتف على أذنه وكأنه طوق نجاته قائلا برقة: " كيف حالكِ يا نبض؟ "
ردت نبض بصوت مختنق: " أنا لستُ بخير أبدًا "
قطب صخر بقلق وهو يقول: " ما بكِ صغيرتي؟ "
ازدردت ريقها وهي ترد بخفوت تحت نظرات قاسم المراقبة لها: " أنا أحتاجك يا صخر.. كيف استطعت الرحيل وتركي بهذا الشكل؟ "
رد على الفور بعصبية: " لم أرحل إلا بعد أن تأكدت بأنكِ بين يدي أمينة يا نبض لكن قسما بالله لو خاب ظني وكان أحدهم قد أساء إليكِ فسوف... "
قاطعته بتنهيد: " أنا بخير ولم يزعجني أحد "
سألها بحيرة: " إن كنتِ بخير معهم فما حاجتكِ لي؟ "
صاحت بإنفعال: " بل ما حاجتي بهم؟ هل تزوجتهم هم أم تزوجتك أنت؟ "
عبس متعجبا وهو يقول: " هل فقدتِ الذاكرة يا نبض؟ أخبرتكِ أن زواجنا باطلاً أي أنه ما من رابط حقيقي بيننا "
ردت بحنق وهي تتخصر أمام قاسم المتسلي بالوضع رغم أنه لا يسمع شيء من طرف صخر: " وهل اتخذتها حجة لتفر هاربا من الطفلة السخيفة التي فرضوها عليك؟ "
شعر صخر بالحيرة فقال بتنهيد وهو يمسد جبينه بتعب: " أهدئي نبض.. أخبريني ماذا تريدين وسأنفذه لكِ لكن رجاءً اهدئي فأنا لا أحب الصوت العال؟ "
ردت بغيظ: " كيف لا تحبه وأنت لا تكف عن الصراخ عليّ؟ "
ابتسم صخر بحنو وهو يقول: " أنتِ لا تعرفين أي متعة أشعر بها وأنا أراكِ غاضبة حينما أصرخ عليكِ.. تبدين حينها مبهجة للعين "
عبست وهي تقول: " أنا مبهجة دومًا "
ضحك بخفوت وهو يقول: " طبعا صغيرتي "
ابتعدت نبض قليلا عن مرمى بصر قاسم وهي تقول بكآبة: " متى ستعود إليّ يا صخر؟ "
'يعود إليها' كلمتان تغنيانه عن ألف كلمة أخرى.. كلماتنا كافيتان لتشعراه بمدى أهميته عندها لكن رغم سعادته بلهفتها لعودته سألها بإحباط: " لماذا تريديني أن أعود؟ "
ردت بشراسة: " لأن لي حق عندك وأريد أن أناله كاملا يا دكتور.. أقسم أنك سترى معي أياما لا معالم ولا حدود لها فقط عُد وسترى مني العجب "
قهقه صخر بتسلية وهو يقول: " أحبكِ شرسة يا صغيرتي.. بَشركِ الله بالخير كما بشرتِني "
توردت من الخجل وهي ترد بعبوس مصطنع: " إذن متى ستعود لأحصل على حقي منك؟ "
رد بإحباط عاوده من جديد: " لا أعرف يا نبض.. ليس في الوقت الحالي وقد لا أعود يومًا.. صراحة لا أعلم ولم أقرر بعد "
هتفت بدون وعي بفكرة خطرت لها ولم تفكر في عواقبها: " بعد أسبوع سينعقد عرس زيد وهناك من تقدم لي ويفترض أن أخطب له في نفس اليوم "
صاح صخر وهو يهب من الفراش: " من ذاك الذي تجرأ وفعلها؟ "
ردت بمكر: " أخاك الأكبر.. قاسم "
صرخ صخر بعصبية: " من؟ كيف فعلها ذاك ال... تبًا يا نبض سأقتله إن مس شعرة واحدة منكِ "
ردت ببرود متهكم: " وكيف ستقتله وأنت في قطب وهو في قطب آخر؟ هل تنوي إرسال الرصاصة عن طريق البريد؟ "
بدأ يسب ويشتم بغمغمة لم تتبين منها إلا بضعة كلمات فصاحت بضيق: " كف عن تلك الوقاحة يا صخر.. أنسيت أنني أسمعك؟ "
صرخ على الطرف الآخر: " لم ترِ أي وقاحة بعد "
تأففت نبض بغيظ وهي تقول: " حسنًا سأغلق وأتركك على راحتك مع وقاحتك.. سلام "
صاح بشراسة: " أقسم بالله إن فعلتها وأغلقتِ الهاتف قبل أن أسمح لكِ يا نبض فسوف... "
قاطعته ببرود مصطنع قائلة: " لا داعي للقسم.. نعم.. أخبرني ماذا تريد؟ "
جلس على طرف الفراش مقطبا وهو يقول: " هل فعلها حقا وطلبكِ للزواج يا نبض؟ "
ردت بلامبالاة: " قلت نعم طلبني ويبدو أنني سأخبره بأنني موافقة على طلبه "
تكلم من بين أسنانه بوحشية: " أفعليها يا حلوة حتى أمزقكِ إربا وأطعمكِ لوحوشي الضارية التي تُلح عليّ في تلك اللحظة بأن آت إليكِ حالاً وأقتلكِ "
كتمت ضحكتها وهي تتصنع الملل قائلة: " وماذا بعد؟ هيا اطربني بالمزيد "
تنهد بعمق وهو يحاول السيطرة على أعصابه التي توشك على الانفلات منه قائلا: " أخبريني أنكِ تسكنين مع العمة فاطمة يا نبض "
ردت بهدوء: " لا أنا أسكن في دار الجبالي.. رفضت العودة مع عمتي فاطمة لبيتها لأنني أخاصمها "
تكلم بهدوء ورفق وكأنه يحدث طفلة صغيرة: " حينما تشرق الشمس أريد صغيرتي الوديعة بأن تنحي خصامها جانبا وتعود لبيت عمتها فاطمة حتى يكون قلبي مطمئنا عليها "
عبست نبض وهي تقول: " تريد أن يكون قلبك مطمئنا عليّ من أي ناحية بالضبط؟ "
رد صخر بغيظ: " بما أنكِ سألتِ هذا السؤال فأنتِ تعرفين الإجابة "
قالت بدلال حتى تغيظه: " لا.. لا أعرف الإجابة أخبرني أنت "
هتف صخر بما يشعر به دون تفكير: " أكاد أشتعل من الغيرة عليكِ يا حمقاء.. أشعر بقلبي سيتوقف من الحرقة.. حالاً ستحملين نفسكِ وتعودين إلى بيت العمة فاطمة يا نبض لن تبقِ دقيقة واحدة في هذه الدار "
رفعت حاجبيها بذهول وهي تقول: " هل جُننت يا صخر؟ هل تعرف كم الساعة الآن؟ "
رد بعصبية: " أنتِ من تهورتِ وهاتفتني في هذه الساعة.. ليس ذنبي فتحملي نتيجة أفعالكِ "
عبست بحنق وهي تقول: " لم أكن أعلم أنك ستتصرف بتلك الطفولية ثم أنا لن أعود لبيت عمتي فاطمة هي شاركت يوسف في إخفاء حقيقته عني وأنا أخاصمهما "
فجأة تغيرت نبرة صوته للرجاء وهو يقول: " بالله عليكِ يا نبض عودي لبيتها وارحمي قلبي.. لا تضطريني لفعل شيء قد أندم عليه لاحقا يكفيني ما فعلته بكِ ولازلت أندم عليه "
رمشت ببؤس وهي تقول: " لما لا تعد وتأخذني معك حيث ستكون وحينها سيكون قلبك مطمئنا عليّ؟ "
هتف بحرقة: " بأي صفة سآخذكِ معي؟ أنتِ بالنسبة لي كما النجوم في كبد السماء.. بعيدة كبُعدها عن الأرض.. القدر فرض علينا ألا نجتمع أبدًا "
تكلمت نبض برجاء رقيق مس قلبه وهي تقول: " كل ما أطلبه منك أن تعود فحسب.. عُد لي سالما وبعدها أعدك بأن تُحل كل الأمور بإذن الله "
سكت صخر وهو يشعر بمرارة العجز عن تلبية مطلبها الأول الذي تطلبه منه بينما تابعت هي بصوت حزين: " قل لي بأنك ستعود لأجلي يا صخر "
أيضا لم يرد فأردفت بصوت مختنق وهي على وشك البكاء: " أرجوك صخر.. لأجل خاطري عُد "
تنهد يقول: " نبض أنا... "
شعرت برفضه فقاطعته بضيق وقد بدأت عبراتها تنساب بالفعل: " ماذا أفعل لك حتى تعود؟ أنت لست طفلا صغيرا لتتهرب من مسئوليتك تجاهي بهذه الطريقة السخيفة.. لكن لعلمك إن لم يصلني خبر مؤكد بعودتك خلال يومين لا أكثر سأخبر أخوك بأنني موافقة على طلبه ليس هذا فحسب بل سأزف له ليلة عرس زيد أيضا "
هوت على ركبتيها أرضا بعدما رمت الهاتف إلى جوارها وغطت وجهها بكفيها وهي تجهش في البكاء بحرقة بينما قاسم يتابعها بنظرات حزينة محبطة لفشل محاولته في إجبار صخر على العودة
***

قُبيل الظهر
كانت فرح تجلس على السلم الخارجي للدار وإلى جوارها حلا منشغلة بدميتها.. كانت حزينة شاردة وفجأة شعرت بظل طويل يخيم فوقها فرفعت رأسها مقطبة لتجده أنس فأبتسمت بلطف قائلة: " صباح الخير أنس "
رد مقطب الجبين: " صباح النور فرح.. ما بكِ تجلسين وحيدة على غير عادتكِ؟ "
حاولت اصطناع المرح وهي تقول: " لست وحدي أنظر حلا الشقية معي تسليني "
زادت تقطيبته وهو يقول: " لما كل هذه الكآبة يفترض أن تكوني سعيدة؟ "
تنهدت بإحباط وهي تطرق برأسها دون رد فجلس على الناحية الأخرى جوار حلا وقال: " ألستِ سعيدة بعرس زيد وشمس؟ "
نظرت له بحماس حقيقي وهي تقول: " بلى أنا سعيدة جدا لأجلهما وأتمنى لهما السعادة من كل قلبي "
سألها بحيرة: " إذن ما سبب تباعدكِ عن الجميع بهذا الشكل وفي هذا الوقت بالذات؟ "
ردت بحزن: " أنت لا تفهم أنس.. تلك الفجوة في قلبي ازدادت اتساعا ووحشة "
لم يعقب بشيء في حين تابعت هي ببؤس: " في أوقات سعيدة كالتي نمر بها حاليًا كنت أفتقد أمي كثيرا لكن اليوم أفتقد شخص آخر.. أفتقده بجنون "
نظرت له بألم وهي تكمل بصوت مختنق: " أتمنى لو يسمح لي جدي بأن ألقاه لمرة واحدة.. فقط لبضعة دقائق لا أكثر "
أغمض عينيه بحزن لأجلها وهو يقول: " لهذه الدرجة هو مهم لديكِ؟ "
ردت فرح بصدق: " إنه أخي يا أنس.. أخي الذي كان يفترض بي أن أتنعم بحضنه منذ خلقني الله.. أشعر بالعجب من نفسي وأنا أجد كل ما بداخلي يصرخ بالشوق إليه "
طالعته بحيرة وهي تقول: " كيف نشتاق من لم نراهم من قبل ولم نعرفهم أبدًا؟ كيف أشعر بقلبي تعلق بشخص غريب لمجرد أنه أخي.. لمجرد أن أبانا واحد ودمنا واحد "
ابتسم أنس وهو يقول بحنو: " أنتِ طيبة القلب يا فرح وأتمنى أن يحقق لكِ الله كل أمانيكِ وأن يجتمع شملكِ بأخيكِ عن قريب "
ابتسمت فرح بإتساع وهي تقول بسعادة: " هذه أجمل دعوة سمعتها يوما.. شكرا أنس "
وجد نفسه يبتسم بسعادة لأنها سعيدة، كان يطالعها بمقلتين لامعتين وقد بدأ لونهما العسلي يصفو أكثر من العادة
تنحنحت فرح بخجل من نظراته وهي تقول: " إلى أين كنت ذاهب؟ "
رمش لوهلة قبل أن يضحك بحرج قائلا: " لا أعلم.. يبدو أنني نسيت "
شاركته الضحك بينما تدخلت حلا فجأة تقول بعبوس: " هل تحب اللعب بالدمى؟ "
عبس أنس وهو ينظر لها قائلا: " لا "
رمقته حلا بطرف عينها قبل أن تتمتم ببرود: " إذن لا نصيب لك فيها فهي تحب اللعب بالدمى "
قطب أنس بعدم فهم يقول: " ماذا؟ "
ردت حلا بلامبالاة: " فرح تحب اللعب بالدمى "
شهقت فرح بصدمة ووجنتيها تتخضبان من الخجل بينما جحظت عينيّ أنس وهو ينظر إلى حلا بذهول بينما الأخيرة تقول بمكر: " هل ستغير رأيك وتحبها أم ماذا؟ "
للحظات شعر أنس بالبلاهة قبل أن يتكلم بتعجب: " لا أصدق بأنكِ طفلة "
ردت حلا ببساطة: " ولا أنا أصدق ذلك عن نفسي "
مال على أذنها فجأة وهو يكلمها بخفوت حتى لا تسمعه فرح: " هل تعرفين كل ما تحبه فرح؟ "
اومأت برأسها وهي تنظر له بحماس فضيق عينيه وهو يتابع كلامه: " لما لا نعقد اتفاقا بيننا؟ "
رفعت حلا حاجبا وهي تقول بمكر: " لما لا؟ "
ابتسم أنس بمكر مشابه وهو يقول: " ستخبريني عن كل ما تحبه فرح في مقابل أن أشتري لكِ دمى كثيرة وجميلة من العاصمة.. ما رأيكِ؟ "
اومأت على الفور وهي تقول بحماس: " اتفقنا "
رفع أنس بصره إلى فرح التي تقطب بحيرة وهي تناظرهم وهما يتهامسان فنظر لها بحماس ونصر وكأنه ربح جائزة ما فأبتسمت له بلطف في المقابل
انشغل أنس بالثرثرة مع حلا بينما أخذت فرح تتأمله خفية، كانت تظنه لا يشعر بها بينما هو يكتم بسمة ماكرة تكاد تفصح عن نفسها وهو يعلم أنها تنظر له لكنه ترك لها الفرصة كاملة واصطنع الإنشغال بالحديث مع حلا حتى لا يحرجها
أجفلته فرح فجأة وهي تقول: " لماذا تترك شعرك دائما مبعثرا هكذا؟ ألا تمشطه أبدًا؟ "
برمت حلا شفتيها وهي تغمغم: " بدأت الهانم في إظهار تحكماتها فيما يخصه من اللحظة "
بينما رد أنس بحرج: " أنا أحبه هكذا.. ألا يعجبكِ؟ "
ردت بعفوية: " بلى هو جميل.. كان مجرد سؤال "
شهقت حلا بطريقة مصطنعة وهي تغمغم: " فضحت نفسها بنفسها.. ماذا سيظن الرجل بها؟ أنها هائمة به مثلا لا سمح الله! "
كتم أنس ضحكته وقد وصلته غمغمة حلا بينما استدركت فرح ما قالت بحرج: " أنا أقصد أنه يليق بك.. و... و... عن إذنك "
هبت من جلستها ودلفت للداخل بسرعة وهي تشعر بأنها زادت الأمر تعقيدا أما حلا فنظرت لأنس وهي تقول ببرود: " لو سمعها عمي قاسم وهي تتغزل بشعرك سيقتلها "
حرك أنس كتفيه بخفة وهو يرد: " قريبا لن يكن له شأن بها وسيكون أمر طبيعي أن تتغزل بي "
قطبت حلا وهي تقول: " هل تظن جدي سيوافق؟ "
نظر لها بإهتمام وهو يسألها سؤال آخر: " ولماذا قد يرفض؟ "
ردت حلا بعفوية: " سمعت جدي عبد الرحمن يقول لجدي سليم أن عمو يوسف يجب أن يخطب فرح بعد أن ينتهي عرس عمو زيد "
شحب وجه أنس وهو يردد بصدمة: " ماذا؟ "
ردت حلا: " لكن فرح لا تعلم.. لم يخبرها أحد "
ازدرد أنس ريقه وهو يقول: " هل يعرف جدكِ خالد بهذا الأمر؟ "
اومأت إيجابا وهي تردف: " لكن جدي خالد قال أنه لن يزوج فرح إلا لمن تختاره بنفسها وإن لم تكن تحب عمو يوسف فلن يرغمها على الزواج به "
تنهد أنس براحة طفيفة وهو يقول: " إذن يجب أن أتصرف بسرعة حتى أضمن أنها لن تكن ليوسف "
ردت حلا بهدوء: " نعم تصرف بسرعة قبل أن يأتي آخر ويخطفها منكما أنتما الإثنين "
عبس أنس بغيظ وهو يقول: " مستحيل أن يكون عقلكِ هذا عقل طفلة "
رمقته ببرود قبل أن تولي دميتها اهتمامها من جديد بينما شرد أنس في أفكاره بوجوم
***

بعد قليل
إلتفتت نبض بعصبية وهي تقول: " توقفي فرح عن ملاحقتي.. أنتِ توتريني "
وقفت فرح مطرقة رأسها عاقدة يديها خلف ظهرها في هيئة بائسة فاقتربت منها نبض تقول بندم: " آسفة فرح لا تنزعجي مني.. لم أقصد "
رفعت فرح رأسها وهي تطالعها ببؤس مصطنع قائلة: " أريد أن أطلب منكِ طلب لكنني أخشى أن ترفضيه "
ردت نبض على الفور بود: " اطلبي حبيبتي وإن كان في مقدرتي سأفعله بإذن الله "
نظرت لها فرح بأمل ولهفة وهي تقول: " أريد أن أسمع صوته وأراه "
ردت نبض بكآبة: " لا أملك أي صورة له "
قالت فرح بنفس الحماس المتلهف: " لا بأس لدي فكرة.. لكن عديني أولاً أن تنفذيها لي "
قطبت نبض وهي تقول: " لن أعدكِ قبل أن أعلم ما هي فكرتكِ؟ "
اصطنعت فرح الحزن وهي تقول: " حسناً لا بأس لا تشغلي عقلكِ "
خطت فرح بضعة خطوات قبل أن تستوقفها نبض قائلة بقلة حيلة: " أعدكِ فرح أنني سأنفذها لكِ.. ما هي؟ "
إلتفتت فرح تحتضنها وهي تكاد تقفز كالأطفال قائلة: " سأخبركِ "
***

بعد لحظات / في غرفة فرح
كانت تجلس على طرف الفراش تشبك أصابعها بقوة وهي تنظر إلى نبض بترقب شديد حتى قالت نبض بإرتباك: " يبدو أنه نائما الآن.. دعينا نحاول في وقت لاحق "
هتفت فرح برجاء: " لا.. حاولي مرة أخرى الآن.. أرجوكِ نبض "
تنهدت نبض بقلة حيلة وهي تعيد الإتصال به مرة أخرى
كانت مغمضة العينين، كاتمة أنفاسها وقلبها لا زال يئنّ منذ ما حدث فجر اليوم وفجأة أتاها صوته اجشا مختنقا فظنته نائما فقالت بحنق: " هل تقضي وقتك كله في النوم؟ ألا تفعل شيئا نافعا سوا ذلك؟ "
رد صخر ببرود: " وماذا سأفعل غير هذا؟ "
قالت نبض بضيق: " وكأنك في سجن مثلا "
رد صخر ببرود سقيعي: " إن لم أجبر نفسي على إلتزام غرفتي فما سيحدث خارجها لا أظنه سيعجبكِ "
قطبت وهي تقول: " ماذا تقصد؟ "
ابتسم بسخرية وهو يرد: " أنا محاصر تماما.. تحيطني الفتيات من كل جانب كلما خرجت لأي مكان لهذا أفضل البقاء في البيت وفي غرفتي بالخصوص "
زمجرت نبض بغضب وهي تقول: " وأنت ماذا تفعل لهم يا سيد محاصر حتى تلتففن حولك بهذا الشكل؟ "
رد ببراءة مصطنعة: " لا أفعل لهن شيء والله "
عبست نبض بغيرة وهي تقول: " إذن التزم غرفتك كما تفعل هذا أفضل لك ولي "
سألها بعدم فهم: " أفضل لي ولكِ.. كيف؟ "
ردت نبض بإنفعال: " لا أعرف.. لا تسألني "
زفر صخر وهو يقول: " نبض اهدئي واخفضي صوتكِ قليلا "
جزت على أسنانها وهي تقول: " لا تطلب مني أن أهدأ وأنت تخبرني ببساطة أن الفتيات تلتف حولك في كل مكان تذهب إليه لأنني لن أفعل.. أنت زوجي أنا "
رغم حلاوة الكلمة وهي تخرج من بين شفتيها إلا أنه أسكت هتاف قلبه الفرح وقال ببرود: " لست كذلك "
صاحت نبض بإنفعال: " بلى أنت كذلك.. رغما عنك أنت زوجي أنا وإن لم تكن اللحظة فستكون يومًا "
صاح في المقابل بضيق: " كيف وأنتِ تخبرينني أن هناك آخر طلبكِ للزواج؟ "
هتفت نبض بصوت مختنق: " لا تصرخ عليّ "
صاح صخر بعصبية: " وأنتِ لا تقولي بأن آخر يفكر بكِ كزوجة له.. أكاد أجن من التفكير منذ أخبرتني بهذا الهراء "
شهقت باكية فجأة فزفر صخر بضيق وهو يقول: " لا تبكِ نبض "
لم ترد عليه فقال برقة: " هلا توقفت عن البكاء لأجلي صغيرتي؟ أرجوكِ "
تمتمت بعبوس: " أنت السبب "
رد بتنهيد: " أنتِ من استفزتيني أولاً يا نبض "
جففت عبراتها وهي تقول بجمود: " عامة لم اهاتفك لأجل هذا الموضوع.. أختك من تريد رؤيتك وسماع صوتك "
قطب بحيرة يقول: " أختي! تقصدين نغم؟ "
ردت بنفس النبرة: " بل فرح "
ردد بسكون غريب: " فرح "
تكلمت نبض حينما طال صمته: " هلا فتحت الكاميرا لتكون المكالمة مرئية؟ إنها متشوقة جدا لرؤيتك فلا تخذلها "
رد صخر بصوت لا حياة فيه: " لماذا تريد رؤيتي؟ "
اجابته نبض بتنهيد: " اسألها هي فأنا لا أعرف "
مرت بضعة دقائق وكلاهما صامتا حتى ترقرق الدمع في عيني نبض وهي تهمس له تحت نظرات فرح المتلهفة كطفلة صغيرة في انتظار سماع صوت والدها
" دقيقة واحدة ستكفيها يا صخر.. فقط دقيقة كل ما أطلبه منك.. أرجوك "
لحظات مرت ونبض تشعر بأن قلبها يتفتت ببطء مع مرور اللحظات الواحدة تلو الأخرى وهي ترى نظرات فرح التي بدأت تنكسر لهفتها ليحل محلها الحزن والوجوم
أتاها صوته أخيرا جامدا يقول: " امنحيني بضعة دقائق حتى أرتدي ملابسي فأنا... "
قاطعته بخجل: " حسنا "
على الطرف الآخر كان صخر يجلس على طرف الفراش مقطبا بألم نضحت به نظراته رغم توحشها
نظر بوجوم إلى قميصه المطوي إلى جواره ومد يده يلتقطه بخفة بينما وصله تمتمة بعيدة لكنها واضحة على الطرف الآخر
سألت فرح ببؤس: " رفض أليس كذلك؟ "
ردت نبض بحنان وهي تجلس إلى جوارها: " بلى هو الآخر متلهفا لرؤيتكِ يا فرح "
ابتسمت فرح بكآبة وهي تقول: " واضح "
افتعلت نبض الحماس وهي تقول: " صدقيني هو فقط طلب مني منحه بضعة دقائق وبعدها سيفتح الكاميرا ويحدثكِ "
قطبت فرح وهي تقول: " لماذا يريد وقت قبل أن يكلمني؟ "
ردت نبض بحرج: " حتى يرتدي ملابسه "
قالت فرح بتلقائية: " هل كان يغتسل؟ ليتنا انتظرنا قليلا حتى انتهى بدلا من أن نقاطعه هكذا "
ردت نبض: " لقد كان نائما "
قطبت فرح بذهول وهي تقول: " عاريا! "
شهقت نبض بخجل وهي تقول: " ليس بهذه الصورة التي تخيلتها بالطبع "
رفعت فرح حاجبا بمكر وهي تقول: " وما أدراكِ؟ هل أخبركِ بالتفاصيل؟ "
صاحت نبض بإرتباك ووجنتيها تتخضبان من الخجل: " توقفي فرح.. صخر لم يخبرني أي شيء "
تنبهت فجأة إلى أن صخر يتحدث فرفعت الهاتف إلى أذنها تجيبه: " نعم "
رد ببساطة: " الآن فقط تأكدت بأنها أختي "
قطبت بتعجب تقول: " كيف تأكدت؟ "
رد ببرود ساخر: " إنها وقحة "
عبست نبض وهي تقول: " تشبهك أليس كذلك؟ "
تنهد وهو يرد: " في هذه النقطة نعم.. نحن نشترك في الوقاحة "
تأففت نبض بينما قال هو: " اخفضي الهاتف لأراكِ أولاً "
أبعدت الهاتف عن أذنها بسرعة وهي تتطلع إلى الشاشة قائلة بحيرة: " لقد فتحت الكاميرا لكن أين أنت؟ "
تمتم ببرود وهو يغلق أزرار قميصه: " غيرت رأيي "
صاحت بعدم فهم: " ماذا؟ ألن تكلمها؟ "
رد بسماجة يغيظها: " ليس هذا ما قصدته.. ما غيرت رأيي بشأنه شيء آخر (رد بعد لحظة بلامبالاة كاذبا رغبة في رؤية تعثرها وخجلها) لا ارتدي قميص هل تستطيع أن تراني هكذا أم... "
قاطعته نبض بتوتر تقول: " سأسألها "
إلتفتت إلى فرح تقول بحرج: " لديه شرط حتى يكلمك هو... "
قاطعتها فرح بحماس شديد: " موافقة "
زفرت نبض وهي تقول: " انتظري إنه... "
صاحت فرح تقاطعها من جديد: " موافقة يا نبض "
عبست نبض بغيظ وهي تقول: " حسنا.. أنتِ حرة "
ناولتها نبض الهاتف وابتعدت قليلا وبمجرد أن تحولت المكالمة الصوتية إلى مرئية وباتت صورة كلا منهما ظاهرة أمام الآخر حتى توسعت عينيّ فرح بشكل طفيف وهي ترى أمامها شابا، وسيما، وأنيقا فهتفت بدون وعي: " ما هذا الكائن يا نبض؟ أين أخي؟ "
تمتمت نبض بعبوس: " ذاك الكائن الفظ المتوحش الذي أمامك هو أخوكِ "
رفعت فرح عينيها إلى نبض تقول بذهول: " لا أرى تلك المواصفات التي تقولينها فأمامي كائن فضائي "
قطبت نبض بعدم فهم وهي تقول: " ماذا؟ "
رمشت فرح لوهلة قبل أن تعيد بصرها إلى شاشة الهاتف وهي تحدق في صخر بقوة بينما تحدث نبض: " إنه وسيم جدا ما شاء الله لكنه عابس.. ما به؟ "
ردت نبض ببرود: " هذا المعتاد منه فيوم أن يضحك ستمطر السماء "
قالت فرح بإبتسامة واسعة: " بل ستشرق الشمس.. يا إلهي! لا أصدق بأن ذاك الوسيم أخي "
على الطرف الآخر كان صخر ينظر بسكون إلى تلك الفتاة التي تحدق فيه بطريقة احرجته، يستمع إلى هذرها دون أن يحاول مقاطعتها حتى وقد شعر بالراحة لرؤيتها سعيدة بهذا الشكل لأنه لبى طلبها وسمح لها بأن تراه
بعد لحظات معدودة تنحنح قليلا قبل أن يتكلم بصوته القوي: " مرحبا "
أشارت فرح لنفسها بذهول تقول: " نعم! هل تحدثني أنا؟ "
رمش لوهلة بحيرة من ذهولها قبل أن يقول: " نعم.. أحدثكِ أنتِ "
ابتسمت بحماس وفرح طفولي وهي تقول: " مرحبا.. أنا فرح "
اومأ بخفة وهو يقول: " أعرف "
ردت ببساطة: " بالطبع نبض أخبرتك عني "
هز رأسه سلبا وهو يقول: " لا.. أنا أعرفكِ قبل أن تعرفكِ نبض نفسها "
شعرت بالسعادة فقالت: " حقا! "
اومأ إيجابا دون تعقيب فقالت فجأة بإندفاع: " لعلمك أنا أحبك كثيرا "
رمش لوهلة وهو يتنحنح مجددا متمتما: " شكرا.. هل نبض إلى جواركِ؟ "
اومأت فرح وهي تقول بتعجب: " نعم.. لماذا؟ "
سألها بترقب: " أين تنام؟ "
ردت فرح بعدم فهم: " في دارنا "
تكلم صخر مقطبا: " أعرف ذلك.. أقصد هل غرفتها قريبة من غرف أولاد عمومتك؟ "
اومأت برأسها وهي ترد بثرثرة: " إنها تنام في غرفة يوسف وهي بجانب غرفة زيد من ناحية اليسار أما من الناحية اليمنى فهناك غرفة حمزة القديمة ثم غرفة... "
توسعت عينيه فجأة وهو يجز على أسنانه غيظا قبل أن يقاطعها: " كفي.. كفى.. وماذا عن غرفة الضيوف.. بالطبع لديكم أليس كذلك؟ "
اجابته فرح ببساطة: " غرفة الضيوف يشغلها عمي أكرم والد شمس ابنة عمتي رقية "
زفر صخر وهو يحاول تماسك أعصابه قليلا قبل أن يقول بصوت متصلب: " هلا فعلتِ شيء لأجلي؟ "
اومأت فرح على الفور بحماس ودون تردد وهي تقول مبتسمة: " بالطبع.. أي شيء؟ "
رد صخر بهدوء ظاهري: " أريدكِ أن تقنعي نبض بالعودة إلى بيت العمة فاطمة الليلة "
قطبت فرح وهي تقول: " لكنها ستظنني اطردها من دارنا "
رد صخر بجدية: " أفعليها إذن.. اطرديها "
تكلمت فرح بذهول: " لماذا تريدني أن اطرد نبض؟ "
قطبت نبض متفاجئة من حديث فرح وبعصبية كانت تسحب الهاتف من يد فرح صارخة: " هل جُننت يا صخر؟ "
أجفلها صراخه المفاجئ وهو يقول: " بل أنتِ من جُننتِ إن ظننتِ بأنني سأترككِ ليلة أخرى في هذا المكان "
ردت بعناد: " لن أترك دار الجبالي "
صاح في المقابل بإنفعال: " لا تستفزيني يا نبض حتى لا أؤذيكِ "
غامت مقلتيها في بحر من البؤس والوجع وهي تقول بصوت ضعيف: " لست خائفة منك فلن تستطيع أن تؤذيني أكثر مما فعلت يا صخر "
هتف فجأة بحرقة: " نبض أنا أحبكِ "
تسمرت مكانها متسعة العينين وهي تحدق في عينيه بينما هو يتابع بنفس النبرة: " لم أؤذيكِ متعمدا أقسم بالله.. كيف أفعلها وأنتِ يا نبض.. نبضي؟ "
تمتمت نبض بصوت هارب منها: " صخر هل عاودتك الحمى من جديد؟ "
نكس رأسه بقهر وهو يغمغم: " ليتني أموت حتى أرتاح يا نبض "
ردت بلهفة: " بعيد الشر عنك.. لا تقل هذا.. هل جُننت؟ "
رد بتمتمة محبط النفس: " نعم جُننت مذ رأيتكِ أول مرة؟ "
قطبت نبض بكآبة وهي تقول: " أنت تهذي يا صخر "
رفع رأسه بعد لحظات يقول: " ماذا أفعل لكِ حتى لا تكوني حزينة هكذا؟ ماذا أفعل حتى أجعلكِ تصدقينني يا نبض؟ "
ردت بعفوية: " لا تعلقني بك أكثر حتى لا تحترق روحي شوقا إليك في غيابك عني كما هو حالي الآن "
تكلم صخر باسما برقة: " فداكِ روحي يا نبض فلتحترق هي وتظل روحكِ في أمان وسلام "
أشاحت بوجهها وقد بدأت بضعة دمعات ينفرط عقدها على وجنتيها فتابع بصوت متألم: " لا أملك ما أنتِ بحاجته يا نبض.. حياتي جحيم ليس فيها سلامكِ "
ردت دون أن تنظر له: " وأنا أريد جحيمك "
تنهد بعمق وهو يقول: " سيحرقكِ يا نبض "
نظرت له برقة وهي ترد: " وأنت ستطفأني "
كاد بصيص الأمل أن يتسرب إلى روحها لكنه قطعه بوحشية وهو يقول بجمود قاس قبل أن ينهي المكالمة: " لا أعلم إن كنت سأعود أم لا يا نبض فلا تنتظريني "
رمت الهاتف بعنف فأصطدم بالحائط المقابل لها وسقط مهشما بينما صرخت هي بقهر: " كان يجب أن أعرف بنفسي أنك حقاً إسما على مسمى.. أكرهك يا صخر.. أكرهك "
***

في مجلس الدار
كانت جلسة صامتة باردة كل واحد منهم ينظر للآخر بعبوس عدا قاسم وحده من كان ينظر إلى الأفق البعيد من النافذة التي تقابله
تكلم عاصم قاطعا الصمت بقوله: " لابد أن ينتهي هذا الأمر سريعا حتى لا نثير الأقاويل حولنا "
أيد صالح كلامه مكملا: " إن علمت الناس برفضك للاعتراف بصخر يا حاج فسوف يحيكون حوله الأكاذيب ويبتدعون قصصا ليس لها محلا من الصحة وهذا سيكون ظلما مضاعفا له "
وتدخل يوسف هو الآخر يقول: " هذا حقه يا جدي.. أمنحه إسم العائلة وإن شئت ألا تكلمه بعدها فأفعل لن يطالبك أحد بالمزيد "
كان عبد الرحمن يستمع لهم مقطبا دون أن يرد على أحد فقال آدم بهدوء: " إنه شاب جيد، ذو سمعة طيبة وفخر للعائلة أن يكون واحدا منها "
حدجه عبد الرحمن بنظرة حادة وهو يقول: " كل فرد في عائلة الجبالي هو فخرا لها ولا ينقصنا ذاك ال... "
قاطعه قاسم بجمود: " لا داع لسبه يا جدي "
صاح عبد الرحمن بضيق: " يبدو أنك تؤيده "
رد قاسم ببرود: " ولما لا أفعل؟ إنه أخي "
حينها تدخل زيد بتهكم يقول: " أتمنى ألا تخيب ظنونكم "
رمقه ياسين بغضب بينما سأله صالح: " ماذا تقصد يا بني؟ "
رد زيد بلامبالاة: " أقصد أنه من الممكن ألا يكون أخاهم.. ما أدرانا أن ما سمعه يوسف صدق؟ "
هتف يوسف بضيق: " ما هذا الهراء الذي تقوله زيد؟ هل جُننت؟ "
قطب زيد بحنق يقول: " ليس لديك دليلا يثبت صحة كلامك إذن من المحتمل أن يكون الأمر كله كذبة "
صاح يوسف بإنفعال وحمائية لأجل صخر: " أخرس زيد.. أنت بالذات لا أريد سماع كلمة واحدة منك في حق صخر.. لا أصدق بأنك جاحدا لهذه الدرجة؟ "
هب زيد من مكانه وهو يقول بغيظ: " هل غسل عقلك وجعلك تنقلب على عائلتك لصالحه؟ "
هب يوسف بعصبية من مكانه متقدما من زيد لكن آدم وقف بينهما بسرعة يمنع وصول أحدهما للآخر قائلا بإقتضاب: " لا ينقصنا شجاركما الطفولي في هذه اللحظة.. صخر ليس طفلا صغيرا وسيرد على زيد بنفسه حينما يعود "
تكلم صالح بهدوء حازم: " فليعد كلا منكما إلى مكانه حالاً "
أطاعا كلمة صالح باحترام وعلى مضض عاد كلا منهما إلى مكانه بينما غمغم آدم بسخرية: " أنتظر يا زيد حتى يعود صخر وحينها سنرى كيف ستقف أمامه ترتجف كالكتكوت المبتل "
بعد وقت طويل من نقاش لم يصلوا فيه إلى شيء جديد نهض ياسين من مكانه قائلا: " لن أضيع وقتي في لا شيء.. لقد مللت "
ودن أن ينتظر سماع رد من أحد غادر وتبعه قاسم مغمغما ببضعة كلمات لا معنى لها فلحق به آدم وبعدما أصبحا في الحديقة استوقفه قائلا: " قاسم هل تنوي الإستسلام؟ "
صمت قاسم ولم يرد فتابع آدم برفق: " أخوك لم يستسلم أبداً من قبل.. هل تنوي تركه وحده في هذه المعركة؟ "
صاح قاسم بحنق: " أين أخي هذا يا آدم؟ "
سكت آدم دون رد فتابع قاسم بضيق: " ها هو ينسحب من أهم معركة في حياة أي إنسان.. هرب كأرنب مذعور دون أن يواجه مصيره "
أتت فرح باسمة وهي تقول: " عمتي فاطمة حضرت و... "
سكتت فجأة حينما رأت شرارات الغضب التي تحوم حولهما وقبل أن تضيف كلمة أخرى كان قاسم يرفع سبابته في وجه آدم قائلا من بين أسنانه بغضب مكبوت: " قل لصاحبك أن يعود لو كان يريدنا في صفه وإلا فلا ينتظر منا التدخل حينما يتأزم الأمر أكثر لأننا لن نفعل "
أمسكت فرح ذراعه وهي تنظر له برجاء قائلة: " أنت لا تعني هذا يا أخي أليس كذلك؟ "
رد قاسم بغضب: " بلى أعنيه يا فرح.. أعنيه تماما.. لن أسعى لحل مشكلة صاحبها يترفع عن مواجهتها "
قالت فرح ببؤس: " إنه يتألم يا قاسم.. هل تظنه سعيدا بهذا الوضع؟ "
رد قاسم بصوت حاد: " إن كان رجلا على حق فليعود.. هذا ما أعرفه أنا.. ما عندي قلته "
أنهى حديثه وتركهما ببساطة ورحل بينما أطرقت فرح رأسها بكآبة فقال آدم: " الأمور تسوء أكثر "
أتى يوسف من خلف فرح وهو يقول مقطبا: " هل خرج قاسم؟ "
اومأ آدم وهو يرد: " إنه غاضب "
زفر يوسف وهو يتمتم بخفوت: " ليس هناك حلاً سوا عودة صخر "
تكلم آدم بيأس: " هذا رأي قاسم أيضا "
تدخلت فرح تقول: " ورأي عمتي فاطمة "
قطب يوسف وهو يقول بتعجب: " متى وصلت عمتي فاطمة هي لم تخبرني أنها قادمة إلينا وقد كنت أكلمها قبل ساعة؟ "
ردت فرح بتنهيد: " للتو وصلت.. هي في الحديقة تحاول أن تصالح نبض "
هتف آدم فجأة بحماس: " لما لا تحاول نبض أن تطلب منه أن يعود؟ "
قطب يوسف بتفكير وهو ينظر له قائلا: " هل تظنه سيسمع لها ويعود؟ "
اومأ آدم وهو يقول: " المحاولة لن تقتلنا "
قال يوسف وقد بدأ يتحرك بالفعل: " إذن دعنا نخبرها الآن فلا وقت لدينا لنضيعه أكثر "
تحركا قاصدين مكان نبض بينما غمغمت فرح في سرها بكآبة قبل أن تتبعهما: " حتى نبض فشلت في اجباره على العودة "
***

في الحديقة الخلفية
كانت نبض تجلس إلى جوار فاطمة ملتزمة الصمت التام، عينيها محتقنتين من أثر بكاء في وقت سابق ووجها شاحب كالموتى بينما كانت العمة فاطمة تقول: " نحن لم نقصد أن نخدعكِ يا ابنتي لكن الأمر كان معقد منذ البداية ولم نشأ أن نشغلكِ عن دراستكِ بتلك الأمور "
لم ترد نبض بينما تابعت فاطمة: " في كل الأحوال ما كان بيديكِ ما تفعلينه ليوسف.. ما كنتِ تملكين محو ماضيه وإعادة حياته لسابق عهدها لما كانت قبل أن يحدث ذاك الحادث "
أغمضت نبض عينيها وهي تكز على أسنانها بقوة في حين قالت فاطمة: " ماذا عن صخر.. هل يهاتفكِ؟ "
شبح ابتسامة مريرة ظهر على ثغرها وهي تقول بصوت مختنق: " ولما قد يهاتفني صخر بك؟ هل أعني له أي شيء حتى يفعل؟ "
تنهدت فاطمة بحزن تقول: " لن يستطيع أحد مواجهة الحاج عبد الرحمن في هذا الأمر سواه لذا يجب أن يعود "
قالت نبض بتهكم مرير: " العالم كله يريده أن يعود.. سبحان الله! "
ربتت فاطمة على كتفها وهي تقول بلطف: " صخر يحبكِ ويهتم كثيرا لأمركِ أظن بأنكِ لو طلبتِ منه أن يعود فسوف يلبي طلبكِ و... "
هبت نبض من مكانها وهي تصرخ بقهر وتلوح بكفيها في عصبية: " إلى هنا وكفى عمتي.. لقد تعبت.. تعبت من الأوهام التي تغزلونها كالخيوط من حولي.. تعبت من كذبكم وخداعكم لي.. تعبت ولم تعد لدي مقدار ذرة من القوة لكي أصدق المزيد "
أطرقت فاطمة بحزن بينما نبض تشهق بالبكاء وهي تتابع: " لا أحد يحبني.. لا أحد يهتم لأمري "
وصل يوسف ومن خلفه فرح وأدم لكن الجميع تسمروا في أماكنهم حينما شاهدوا الحالة العصبية التي تمر بها نبض
تقدمت نبض من يوسف وهي تشير إليه باتهام بينما تصيح في وجهه بحرقة: " أنت لا تحبني لأنك أخفيت حقيقتك عني وتعاملت معي على أني طفلة لا تفقه شيء.. لا أفهم كيف استطعت أن تخدعني وأنا أناديك أخي؟ "
ثم إلتفتت بعصبية تشير لفاطمة مردفة: " وأنتِ شاركتيه في خطأه عمتي وأبي وأمي أيضا مشتركين معكم في هذا.. جميعكم خدعتموني "
قال يوسف برجاء: " نبض اهدئي وحاولي أن تتفهمي موقفي أنا كنت... "
قاطعته صارخة في وجهه: " لا أريد سماع شيء ولا أريد فهم شيء لقد مللت.. هل تسمع؟ أنا مللت.. لماذا عليّ أنا أن أتفهم الجميع؟ لماذا عليّ أنا تقبل أخطائكم بصدر رحب؟ لماذا أنا؟ "
اجهشت في البكاء وهي تتابع بانكسار: " لماذا لا تشعرون أنتم بي؟ لماذا لا تحاولون أن تضعوا أنفسكم في مكاني لبضعة دقائق وترون حجم الضعف والخوف الذي أعاني منه وأنا أشعر بنفسي وحيدة تماما؟ "
رفعت رأسها تنظر لهم بقهر وهي تقول بشراسة حادة: " لا أريد سماع المزيد من الأكاذيب.. لم أعد أهتم بذاك المتبلد عديم الإحساس والشعور.. لم تعد تهمني عودته من غيابه لأنه لا يمثل لي أي شيء "
إلتفتت تهم بالرحيل لكنها توقفت ثانية وهي تستدير لهم صائحة بمرارة: " لا أحد يطلب مني أن اهاتفه لكي يعود لأنني فعلتها مرتين وفي المرتين رفض ولم يمنحني أي أمل حتى.. لن أكررها للمرة الثالثة تكفيني خيبات أمل حتى الآن.. لم أعد أحتمل المزيد "
***

ليلا / في إسطنبول
كان صخر يقف أمام النافذة في غرفته بينما الهاتف على أذنه وهو يستمع لمصطفى يقول: " تم الأمر كما خططت له يا باشا "
رد صخر بإيجاز: " جيد.. هل هناك شيء آخر؟ "
تكلم مصطفى بضيق طفيف: " سعد الناصر لازال يبحث عن عمه عمران وعلى ما أظن هو بات قريبا جدا منه "
رد صخر وهو يضيق عينيه مرهفا السمع بينما يلتفت بجسده ببطء وحذر: " سأتصرف أنا بشأن هذا الأمر "
سأل مصطفى بهدوء: " ألن نخبره عما حدث لعمه فؤاد؟ "
رد صخر بصوت خافت وهو يقترب من الباب بحذر دون أن يحدث صوت: " حينما تحن اللحظة المناسبة سأخبره "
قطب مصطفى وهو يقول بجدية: " لكنه لو علم من أحد قبل أن تخبره ستكون مشكلة يا باشا "
جز صخر على أسنانه وهو يهمس فجأة: " سأغلق الآن يا مصطفى.. سلام "
وضع الهاتف في جيبه في ذات اللحظة التي انفتح فيها الباب ودلفت شذى بحذر قبل أن تغلق الباب خلفها
توجهت نظراتها مباشرة إلى الفراش وهي تهمس بصوت خافت ونبرة تفيض بالمكر: " فلنرى يا صخر كيف ستقاوم؟ "
كانت الغرفة مظلمة فتقدمت من الفراش بحذر حتى لا تصدر صوت وفي اللحظة التي جلست على الفراش ومدت يدها نحوه كما ظنت أضاء صخر المصباح وهو يقف عند الباب بوجه جامد ونظرات متوحشة جعلتها تشهق بهلع للحظة وهو يقول: " تخطيتِ حدودكِ كثيرا يا شذى "
ازدردت ريقها وهي تنهض ببطء عن الفراش قائلة بصوت مرتبك: " أنا... أنا أتيت لأطمئن عليك فأنت لم تغادر غرفتك اليوم أبدًا وأنا قلقت عليك "
رفع حاجبا بسخرية وهو يقول: " قلقتِ عليّ في منتصف الليل فتسللتِ لغرفتي كاللصوص بدون أن تطرقي الباب أو تستأذني من باب الإحترام! "
ارتبكت كثيرا وهي تقول: " لم أرد أن ازعجك فلم أطرق على الباب قبل دخولي ولم أظن أن هناك داعي لهذه الأمور السطحية المسماة بالذوق واللباقة "
جز صخر على أسنانه وهو يقول: " لم أتكلم عن اللباقة تكلمت عن الإحترام "
ردت ببرود مصطنع: " وما الفرق؟ "
هتف صخر بحدة: " الفرق كبير.. أنتِ لستِ نغم لكي انبهها لأن تطق الباب وتطلب إذني قبل الدخول عليّ من باب الذوق رغم أنها لو لم تطع أمري ودخلت ما من مشكلة أما أنتِ فلا.. غير مسموح لكِ بالدخول أبدًا بدون إذني لأنك لستِ أختي ولستِ إحدى محارمي "
ردت شذى بوقاحة وهي تقترب منه: " وأنا لا أريد أن أكون كنغم.. (وضعت يديها على صدره وهي تكمل بلهفة) أنا أريدك كحبيب لا كأخ "
دفع يدها عنه بقوة وهو يقول: " لا أصدق وقاحتكِ.. ما هذا القرف الذي تفعلينه؟ "
صاحت شذى بغيظ: " قرف! هل ترى حبي لك قرف يا صخر؟ "
رمقها بضيق وهو يرد: " لا أرى لما تفعلينه مسمى آخر سوا هذا.. هيا أخرجي حالا من غرفتي "
تراجعت للخلف حتى جلست على كرسي جانبي وهي تقول بوقاحة: " لن أخرج "
رافق قولها حركة يديها وهي تخلع سترتها ببساطة فيظهر ثوبها الخليع بلونه الأحمر البراق وكأنها للتو عادت من حفل ما تحت نظرات صخر المصدومة حتى غمغم بصوت هارب منه: " يا إلهي! ماذا تفعلين يا شذى؟ أنتِ بالتأكيد فقدتِ عقلكِ "
رفعت حاجبا بمكر وهي ترد: " أخبرتك.. لن أخرج من هنا قبل أن أصل معك لحل يرضيني بشأن علاقتنا "
صاح صخر بحدة: " ليست هناك أي علاقة بيننا من الأساس "
طالعته بهدوء مستفز وهي تهز كتفها بلامبالاة قائلة: " بسيطة.. فلتكن إذن "
رفع يده يمسد جبينه بتعب وهو يغمغم بصوت مشحون بالكثير من الانفعالات المكبوتة: " رُحماك يارب.. رُحماك.. ما هذه الكارثة؟ أكانت تنقصني هذه هي الأخرى؟ "
نهضت شذى من مكانها وتقدمت منه من جديد وهي تقول بصوت خفيض خبيث: " لما لا تترك العنان لنفسك لبعض الوقت لتجرب ما تحرم نفسك منه؟ التجربة لن تقتلك وقد يعجبك الأمر "
جحظت عينيه بصدمة من حديثها وهو يحدق في عينيها، عاجزا عن الرد للحظات وكأن من تتحدث ليست ابنة خالته التي كانت ذات يوم قريب تتعامل معه بطفولية مغيظة
تمتم بعد لحظة باشمئزاز كسى نظراته: " متى انحدرتِ لهذا المستوى يا شذى؟ لا أصدق أنكِ تقفين أمامي بهذا العري تطلبين مني أن أجرب معكِ أمر بهذه البشاعة والقرف "
هتفت بغيظ وحقد: " بشاعة! هل لو كانت تلك الحمقاء التي خدعتها بزواج باطل هي من طلبت منك هذا الأمر كنت ستشير إليه بنفس الطريقة؟ "
شهقت بفزع أكبر منه ألماً على إثر لطمته القوية لها قبل أن يقبض على شعرها وهو يجز على أسنانه قائلا بنبرة تنضح بالشراسة والغضب: " أولاً غير مسموح لكِ بذكر سيرتها على لسانكِ القذر هذا.. ثانيا أنا لم ألمسها أبدًا حتى أننا لم نكن نسكن في نفس البيت.. ثالثا نبض ما كانت لتطلب مني هذا الأمر حتى وهي زوجتي لأنها فتاة خجولة أكثر مما قد يخطر في عقلكِ الملوث هذا.. رابعا طلبكِ مرفوضا وليس عندي.. خامسا وهذا الأهم هو أنني لست بحاجة لأن أجرب معكِ أي شيء لأن ما حرمت نفسي منه لا أريد الحصول عليه في الحرام بعد طول صبر وانتظار.. (ثم طالعها وهو يكمل باشمئزاز) ما أحرم نفسي منه إما أناله بالحلال أو لا فنفسي تعاف الحرام.. ولا تطيقه "
حرر شعرها من قبضته وهو يدفعها بخشونة هادرا بأمر لا يقبل الجدال: " غادري "
دون أن تتفوه بحرف واحد كانت تهرول للخارج وهي تكتم شهقتها المقهورة بشق الأنفس
ما إن خرجت حتى زفر بقوة وهو يتخلل خصلات شعره بوحشية هاتفا: " ما هذا العالم الملوث يا ربي؟ أين أذهب لأحصل على بعض الراحة فقد تعبت؟ "
بعد لحظات معدودة كان يرفع هاتفه إلى أذنه بعدما طلب رقما ما وحينما رد الأخير قال صخر باقتضاب موجز: " جد لي حجزا في أسرع وقت.. أريد العودة غدًا "
رد الآخر بتوتر: " للأسف أكتمل الحجز يا بك هلا منحتني فرصة لبعد غد وستكون التذكرة بحوزتك... "
قاطعه صخر بنفس الاقتضاب: " حسنًا.. لا مشكلة "
***

في اليوم التالي / صباحا
كانت حياة تقف أمام باب غرفة قاسم عاقدة ساعديها أمام صدرها وهي تنتظر خروجه بفارغ الصبر
وحين انفتح الباب فجأة توترت للحظة قبل أن تستعيد السيطرة على أعصابها بينما قاسم عبس في وجهها قائلا ببرود: " ماذا تفعلين هنا؟ "
فردت حياة بجدية تامة: " أريد أن أتحدث معك في أمر هام "
أغلق الباب وهو يتخطاها قائلا بنفس البرود: " لست متفرغا لثرثرة النساء تلك أمامي أعمال أهم "
لحقت حياة به وهي تصيح بحنق: " وأنا لا أريد أن اثرثر معك سيد قاسم الأمر جدي بالفعل "
توقف مكانه وهو يزفر بضيق قائلا: " حسناً.. تكلمي لكن اختصري رجاءً "
واجهته حياة بنظرات مغتاظة وهي تقول: " لماذا انسحبت من المواجهة؟ هل ستتخلى عن أخيك؟ "
نظر لها بقوة وهو يقول: " برأيك هل سأفعل؟ "
ردت حياة بتلقائية ودون تفكير: " مستحيل.. أنت لا تتخلى عمن يحتاجك أبدًا "
تنهد بعمق وهو يقول: " وطالما تعرفين الإجابة ما حاجتكِ للسؤال؟ "
أطرقت برأسها بإحباط وهي تقول: " أردت أن اتأكد فالجميع بدؤا يستسلمون لأمر جدي "
قطب وهو يسألها: " وماذا عن نبض؟ "
هزت رأسها بلا معنى وهي تقول بكآبة: " تلتزم غرفتها منذ الأمس وترفض أن تتكلم مع أحد "
جز قاسم على أسنانه وهو يقول: " هل تبكي؟ "
اومأت برأسها إيجابا وهي تقول بحزن: " لو سمعتها يا قاسم سيوجعك قلبك عليها.. تلك المسكينة تلقت الكثير من الضربات الواحدة تلو الأخرى ولم تحصل على أي راحة بينهن حتى تجدد طاقتها لكي تتمكن من المواصلة والمواجهة.. الفتاة متعبة ومستنزفة للغاية يا قاسم "
أطرق رأسه وهو يتنهد بقلة حيلة بينما تشبثت حياة بذراعه فجأة وهي تقول بأمل: " لما لا تحاول أنت معها ربما تسمع منك وتتمكن من إخراجها من تلك الحالة البائسة؟ "
نظر ليدها بجمود وهو يقول: " ارفعي يدكِ عني "
سحبت يدها بسرعة وقد شحب وجهها وهو يتابع بقسوة: " هو علتها، هو سبب بكائها ولوعتها وأنتِ نفس الشيء.. أنتِ علتي وسبب لوعتي "
انسابت عبرة من زاوية عينها وهي تنظر له بألم بينما هو يكمل: " يبكيكِ قلبي قبل عيناي يا ابنة العم لكنكِ لا تشعرين به.. أخبريني ماذا أفعل لكِ لترضي عنه؟ "
شهقت بحرقة وهي تهز رأسها ببطء تنفي شيء لا تعرف كنهه فرفع قاسم يده يريد مسح عبراتها لكن يده توقفت في الهواء قبل أن تمسها وهو يقول: " لم أعاتبكِ لتبكي يا حياة الروح.. أردت فقط أن أخبركِ أنني أنا الآخر متعب ومستنزف للغاية ولا أجد من يخرجني من حالتي البائسة فلا تطلبي مني أن أحاول فعل شيء لم يفعله أحد معي.. لأنني لن أستطيع فهذا صعب وفاقد الشيء لا يعطيه "
تركها ورحل وهي من خلفه تشيعه بنظرات تكتم آهات عشق يحرقها دون أن تستطيع الإفصاح عنه
***

أثناء مروره بالصدفة من أمام غرفة يوسف والتي تشغلها نبض سمع صوت بكائها بوضوح فخطى مبتعدا وهو يجبر نفسه على تجاهلها لكنه لم يستطع فعاد ادراجه إليها يطق الباب بهدوء فسمعها تقول بصوت مختنق أبح من البكاء: " بالله عليكم اتركوني وحدي قليلا "
تكلم قاسم بصوت صارم: " افتحي الباب يا نبض إنه أنا قاسم "
هبت نبض من جلستها على الفراش وهي تشهق فجأة مغمغمة: " أبيه قاسم "
هرولت للباب تفتحه مندفعة إليه وهي ترتمي بين ذراعيه هاتفة بحرقة: " لن يعود لي يا أبيه.. لن يعود أبداً "
بدى قاسم مصدوما مما فعلته فظل متسمرا مكانه للحظات دون أن يتحرك بينما هي تكمل: " أنا أحبه "
تنهد قاسم بحسرة تملكته قبل أن يبعدها عنه بلطف قائلا: " لا تبكِ يا صغيرة.. كل شيء سيحل بإذن الله "
رفعت رأسها تنظر له بقهر قائلة: " كيف وهو بعيد؟ "
نظر لها بغموض يسألها: " إلى أي درجة تثقين فيه يا نبض؟ "
ردت بتلقائية: " أثق فيه لأبعد الحدود "
رفع حاجبا وهو يقول بترقب: " حتى بعد أن خدعكِ وكذب عليكِ؟ "
اومأت بخفة وهي تجيبه ببراءة: " لم تهتز ثقتي به أبداً.. إنه صخر يا أبيه كيف لا أثق فيه؟ "
سألها بإهتمام: " هل يحبك؟ "
ردت بعفوية: " هو أخبرني أنه يحبني لكنني أظنه كان يهذي من أثر الحمى "
ابتسم بلطف قائلا: " لماذا تظنينه يهذي؟ "
أطرقت برأسها للأرض في حرج وهي ترد بصوت متحسر: " صخر شاب ثري وسيم كل الفتيات تتمناه وتلاحقه أينما كان فلماذا سيحبني أنا ويتركهن؟ "
قطب قاسم بذهول وهو يقول: " ألا تنظرين لنفسك في المرآة أبداً يا نبض؟ أنتِ أجمل من كل الفتيات اللاتي رأيتهن في حياتي حتى أجمل من حياة نفسها وإن كان الحب يشترط على نسبة الجمال فمن الطبيعي أن يحبكِ صخر "
نظرت له بترقب تقول: " إذن الجمال لا علاقة له بالحب "
رد ببساطة: " من وجهة نظري أنا فلا.. لا علاقة بينهما وليس الجمال أمرا مهما "
طالعته بإهتمام وهي تسأله: " ما المهم من وجهة نظرك إذن؟ "
أشار قاسم على صدره وهو يقول بصوت قوي ذو معنى: " المهم هو ما يسكن خلف تلك القضبان يا صغيرة.. كل شيء قابل للمقايضة عدا القلب ما إن يسكنه شخص بصدق فمن الصعب أن يخرج منه "
عبست نبض وهي تقول: " قلبي يحترق "
إبتسم قاسم بمكر وهو يرد: " أهلا بكِ في واحة الحب ومآسيه "
نظرت له بحيرة فتابع يقول: " لا تتعجبي هكذا فمن يقف أمامك عضو قديم ولديه إمكانية على أن يعطيك دروس تقوية إن شئتِ "
قطبت بعدم فهم تردد: " دروس تقويه! فيما؟ "
اتسعت إبتسامته وهو يشاكسها: " في كيفية التعود على تبلد المشاعر واللامبالاة "
فغرت فاهها ببلاهة بينما هو يتابع ببساطة: " وعندك ياسين قد يعطيك دروس في كيفية الرد بسخرية وفكاهة في أصعب المواقف "
قطبت بذهول تقول: " ماذا؟ "
كتم ضحكته وهو يكمل: " عاصم أيضا يعتبر أستاذ في الرد بسماجة.. ويوسف ما شاء الله طبيب متخصص في التأفف والتذمر كالأطفال.. أما حمزة فأفضل شخص قد يمنحك دروس في العبوس.. وزيد قد تحتاجينه إن أردت تعلم العجرفة (ابتسم بتهكم قبل أن يقول) لدينا مدرسة متكاملة ومتعددة المواهب.. معنا لن تحتاجي لأي نصائح خارجية من أي أحد.. ما رأيكِ؟ "
انفجرت نبض مقهقهة بقوة وهي تغطي فمها بكفها بينما عينيّ قاسم تطالعانها بحنان وعذوبة قبل أن يتنهد قائلا: " سعيد لأنكِ ضحكتِ أخيرا "
بعد أن توقفت ضحكاتها نظرت له برقة وامتنان وهي تقول: " شكرا أبيه "
رفع قاسم حاجبا بمناكفة وهو يقول: " لما لا تتزوجيني ونحرق دم صخر وحياة في وقت واحد؟ "
قهقهت من جديد وهي تهز رأسها سلبا قائلة من بين ضحكاتها: " مستحيل صخر سيقتلني "
برم قاسم شفتيه وهو يقول: " أما حياة فستختبئ في جحرها كالفأر وتبكي "
قالت نبض بتنهيد: " الحب عذاب يا أبيه "
رد قاسم بشرود: " تحلي بالقوة يا صغيرتي فأنتِ لم ترِ منه شيء بعد "
اومأت برأسها دون رد فأضاف بلطف لكنه حازم وكأنه يحدث طفلته الصغيرة: " احذري يا صغيرة أن تندفعي مرة أخرى وتكررين لمس أي شاب لأي سبب فلولا أنني أقدر حالتكِ لكنت صفعتكِ.. مفهوم "
أطرقت برأسها محتقنة الوجه بحرج وندم وهي تتمتم بصوت مرتبك: " آسفة أبيه إنها المرة الأولى والأخيرة.. لن أكررها أبدًا "
ابتسم قاسم بحنان وهو يقول: " حسنا.. اعتني بنفسكِ يا صغيرة (ثم أردف بشقاوة) اممم نسيت أن أخبركِ أن صخر بالطبع إستثناء من تلك القاعدة "
رفعت وجهها تطالعه مقطبة الجبين بحيرة فتابع كاتما ضحكته: " بعد الزواج أقصد "
جحظت عينيها بصدمة لحظية قبل أن تفتح فمها هاتفة بغيظ ووجهها يحتقن بشدة: " يبدو أن الوقاحة داء متوارث في عائلتكم العجيبة تلك "
انفجر قاسم ضاحكا وهو يومئ برأسه متمتما: " إنها الجينات "
وتحرك مغادرا بعدها بينما وقفت نبض عابسة تراقب رحيله قبل أن تغمغم بغير رضا: " جينات وقحة يجب القضاء عليها قبل أن تتفشى في النسل الجديد "
***

في المساء
كانا يجلسان في الحديقة، يتحدثان بشأن العرس والتجهيزات القادمة له حتى سكتت شمس فجأة فطالعها زيد بحيرة يقول: " ما بكِ شمس؟ فيما شردتِ عني؟ "
رمقته شمس بطرف عينه بخجل وهي تتمتم: " أنا أريد الإعتراف لك بأمر مهم و... "
قاطعها باسما بمكر وهو يقول: " إن كان ما أفكر فيه فلا مانع عندي إطلاقا "
قطبت حينها وهي تسأله: " وفيما تفكر أنت؟ "
رفع حاجبا بشقاوة وهو يجيبها: " أظنكِ تريدين الإعتراف لي بمدى إعجابكِ بي.. حسنا ما من داعي لهذا فأنا أعرف أنني حلم كل الفتيات "
رفعت هي حاجبيها تعجبا من نبرته المغترة وهي تقول: " ما كل هذا التواضع يا ابن عمي؟ تتحدث وكأنك قادم من الفضاء "
ضحك زيد وهو يرد مازحا: " أوَ لست كذلك؟ "
فزفرت شمس غيظا وهي تقول: " لا أمل في تغييرك أبدًا.. غرورك هذا سيكون قاتلك ذات يوم "
حرك زيد كتفيه بدون تعقيب فأردفت شمس: " رحم الله امرئ عرف قدر نفسه "
حينها ابتسم زيد باستفزاز قائلا: " أعلم ذلك وأنا أعرف قدر نفسي جيدًا "
قطبت بحنق وهي تهمهم: " واضح "
لحظات وشردت شمس بعيدا، تنظر للأعلى نحو السماء المعتمة عدا عن وجود بعض النجوم التي تتناثر على صفحتها بوجه كئيب ونظرات حزينة جعلت زيد يزفر بملل وهو يقول: " لا تخبريني أننا عدنا إلى ذاك الموضوع من جديد "
لم ترد شمس فزفر ثانية يردف: " حسنا على الأقل أخبريني عما يزعجكِ منذ الصباح؟ "
نظرت له بيأس تجيبه: " أنت ما يزعجني يا زيد.. ها قد أخبرتك فماذا ستفعل حيال ذلك؟ "
فعبس وهو ينظر لها قائلا: " أنا! لماذا؟ "
تنهدت بأسى وهي ترفع نظراتها إلى السماء بينما تقول: " لأنك تغيرت كثيرا يا زيد أو ربما أنت كنت كذلك منذ البداية لكنني من اوهمت نفسي بالعكس "
زاد عبوسه وهو يقول: " لا أحب الألغاز يا شمس.. هلا أخبرتني السبب مباشرة؟ "
إلتفتت تنظر له مقطبة وهي تقول: " السبب هو انانيتك يا زيد.. لا أصدق حجم الحقد الذي تحمله بداخلك لشخص لا تعرفه ولا أفهم لما هو بالذات؟ "
رد ببرود: " لا أحبه "
سألته بعدم فهم: " لماذا لا تحبه؟ ماذا فعل لك؟ "
هب من جلسته فجأة وهو يصيح بنزق: " لا أريد أن أتحدث عنه.. ألا يوجد لديكِ ما هو أهم من ذلك لنتناقش فيه؟ "
هزت رأسها سلبا وهي تقول بقلة حيلة: " لا ليس لدي يا زيد "
أشاح بوجهه بحنق وهو يقول: " إذن سأصعد لغرفتي لأنام.. أرى أن هذا الأفضل "
فردت بإحباط: " أفعل ما تشاء يا زيد "
رمقها بحنق وهو يقول: " أو لن تخبريني عن الإعتراف الذي... "
حينها طالعته بقوة وهي ترد: " أرى من الأفضل أن أؤجله قليلا بعد لربما كنت مخطئة فيه من الأساس "
قطب بضيق وقد فهم مقصدها، هو أبدًا لن يخطئ فهم لمعة الإعجاب التي ترمقه به كلما تلاقيا، يعلم أنها تحبه كما يفعل هو لكن.. ظهور صخر فجأة في هذا التوقيت بالذات كان خاطئا جدا حيث أنهما لازالا في بداية علاقتهما وها قد بدأت المشاكل بينهما
رفض التنازل وظل متشبثا بغروره وهو يغمغم ببرود قبل أن يرحل: " تصبحين على خير "
فأطرقت شمس شاعرة بالحزن من رده، هو حتى لم يحاول مراضاتها بل فضل الإنسحاب كما يفعل كل مرة.. لو أنها تجد تفسيرا لغيرته الطفولية تلك من صخر لربما كانت منحته العذر فيما يفعل لكنها للأسف لا تجد أي تفسيرا لذلك بل إنها لا ترى أن هناك تفسيرا قويا قد يتخذه زيد حجة لتدعم موقفه العدائي تجاه صخر.
لحظات وشعرت بمن يجلس إلى جوارها فألتفتت له لتجده أخوها فنظرت له بكآبة تقول: " هل تظنني أخطأت الظن به وأوهمت نفسي بالسراب؟ أتظنه لا يحبني يا أنس؟ "
رد أنس وهو يطالعها بهدوء: " إنه يحبك بالفعل يا شمس.. لكنه مغرورا قليلا كما ترين ومن الصعب على أمثاله أن تشعرين بحبهم تجاهك بسهولة فهم لا يعبرون ببساطة عما يشعرون به "
قطبت شمس بحنق وهي تقول: " لكنه لا يكف عن التذمر.. لا يمنحني أي فرصة لمناقشته في شيء ويعتبر رأيه هو الأصح في كل مرة ولا ينفذ إلا ما يراه أنسب حتى لو كنت أرفضه "
حرك أنس كتفيه بخفة وهو يقول: " أنتِ من اخترتِ رجل أناني يا شمس فتحملي تبعات اختياراتك "
زفرت بغيظ وهي تتمتم: " ألا توجد طريقة لتغييره؟ "
إبتسم أنس ببرود وهو يجيبها: " التغيير لابد أن ينبع من الداخل أولاً يا شمس وإلا فلا قيمة له "
رمقته شمس بغموض وهي تقول: " مثلك أنت أليس كذلك؟ لقد أقلعت عن التدخين وشرب الكحول منذ فترة.. تقريبا منذ تواصلت أنا مع عائلة أمي رحمها الله "
توتر أنس قليلا وهو يرد بمراوغة: " تعلمين أنني كنت أحاول الاقلاع عنهما منذ فترة طويلة بالفعل لكن الأجواء هنا ساعدتني لأجتاز الأمر بسرعة أكبر "
رفعت حاجبا بمكر وهي تقول: " الأجواء فقط أم هناك شخص دفعك لذلك؟ "
أشاح أنس بوجهه جانبا وهو يقول بإرتباك: " عن أي شخص تتحدثين؟ "
ردت بلامبالاة مصطنعة: " ظننت أنك بدأت تحب فتاة ما وفعلت ذلك لأجلها "
رد أنس بمراوغة: " لو كنت أحب فتاة بالفعل كنت أخبرتك عنها "
تصنعت شمس البراءة وهي تقول: " بالطبع ستفعل يا أخي.. فأنت لا تخفي عني أي شيء أليس كذلك؟ "
اومأ برأسه دون رد وهو يتهرب من نظراتها فقالت بخبث: " كنت أتمنى لو تكون فرح هي حبيبتك.. إنها فتاة مميزة جميلة و... "
هب أنس من جلسته وهو يقول بغيظ: " توقفي شمس.. هل جننتِ؟ لو سمعكِ أحد لن يمر الأمر بسلام ولن يعتبره أحد مجرد كلام "
رفعت حاجبيها تتطلع إليه بقوة قائلة: " وهل هو بالفعل مجرد كلام يا أنس؟ قل لي أنك لا تحبها وأعدك ألا أذكرها أمامك مرة أخرى "
قطب أنس دون رد فقالت شمس ببسمة ماكرة لكي تغيظه: " أ رأيت أن معي حق فيما قلت؟ "
تأفف أنس وهو يتمتم: " إلتفتي إلى خطيبك واتركيني في حالي إذا سمحتِ "
ردت شمس ببرود: " أنت حر.. كنت أود المساعدة ليس أكثر "
رد أنس باسما بسماجة: " شكرا.. فلتساعدي نفسكِ أولا ففاقد الشيء لا يعطيه أختاه "
***

صباح اليوم التالي
كانت نغم تقف أمام الرجلين وهي تكاد تعض على أناملها من الغيظ وهما مطرقان الرأس أمامها بهدوء
أعادت سؤالها عليهما للمرة الألف بنفس الحنق والغيظ: " لآخر مرة سأكرر سؤالي.. إلى أين سافر صخر بك؟ "
كانا يتناظران خفية فيما بينهما وهما على نفس حالهما مطرقي الرؤوس ليهمهم مصطفى بغيظ: " أشعر بألم في مؤخرة عنقي متى ستحل تلك العفريتة عن سمائي لأرفع رأسي؟ "
عبس سيف يحدجه بحزم وهو يهمهم: " تأدب مصطفى في حديثك عن الهانم وإلا سأخبر صخر بك عنك "
همهم مصطفى بضجر: " ليتك تخبره حتى يقتلني وأرتاح من هيئتها المخيفة تلك التي تقابلنا بها كل صباح "
كتم سيف ضحكته وهو يرسم الجدية على ملامحه يهمهم: " لا تزد مصطفى أنت تتخطى حدودك كثيراً "
أجفلتهما صارخة: " بماذا تتهامسان.. ها؟ "
رد مصطفى بإستفزاز: " أحاول جهدي في تذكر هل أخبرني صخر باشا عن البلد التي سيسافر إليها أم لا وكنت أستعين بصديق حتى أتذكر؟ "
رفعت نغم حاجبا بغيظ تقول: " وهل تذكرت؟ "
رفع مصطفى حاجبيه ببراءة يقول: " لا أبداً يا هانم آخر ما أتذكره أنني بت ليلة أمس دون عشاء (ثم أشار على سيف وهو يكمل ببؤس مصطنع) بعدما أكل ذلك البغيض كل الطعام ولم يترك لي ولو لقمة خبز جافة حتى "
كتم سيف ضحكته بشق الأنفس وهو يرى عيني نغم التي تكادان تنفثان لهبا من شدة الغيظ والغضب الذي تكبتهما
بعد لحظات من التفكير بسطت نغم كفها أمامه وهي تقول بأمر: " أعطني هاتفك "
قطب مصطفى يقول بنفس نبرة البؤس الكئيبة: " وهل لو كان لدي هاتف كنت لأعمل حارسا يا هانم؟ إن الهواتف الخاصة رفاهية لا يمتلكها الجميع "
تقدمت نغم منه وقبضت على قميصه بكف بينما الآخر تشير به قائلة بحنق من بين أسنانها: " قلت أعطني هاتفك اللعين "
رد مصطفى بثبات: " ليس لدي هاتف يا هانم وإن لم تصدقينني فبإمكانك أن تسألي صخر بك "
زمجرت نغم والغيظ يتآكلها بينما تغمغم: " وهل لو كان يرد عليّ من الأساس كنت أضعت وقتي مع حمقى مثلكم؟ "
عبس مصطفى بطفولية وهو يشير خفية لسيف متمتما: " عفريتة، طويلة اللسان "
زم سيف فمه بقوة كاتما ضحكته وهو يراها تلتفت له رافعة حاجبيها بشر واضح في مقلتيها وهي تقول بفحيح: " أنتَ تملك هاتف.. لقد رأيته بحوزتك ذات مرة "
رد سيف بتهذيب وصدق: " نعم لدى واحد يا هانم.. أهناك مشكلة في ذلك؟ "
بسطت كفها أمامه تقول ببرود متسلط: " أعطينيه حالا "
قطب قليلا وهو يقول: " عذرا في السؤال يا هانم ولكني أريد معرفة السبب أولاً "
ردت نغم بنفاذ صبر وهي تكاد تصرخ فيهما: " أريد الرقم الخاص بصخر بك "
تدخل مصطفى يقول بتعجب: " ألم يمنحك صخر بك رقمه؟ "
هتفت نغم في وجهه وقد بدت فاقدة للسيطرة وعلى وشك ضربه: " ماذا تظن أيها الأحمق السخيف؟ بالطبع معي رقمه لكني أريد رقمه الخاص.. ذاك الرقم الذي بحوزة أشخاص قلة وللأسف أنتما منهم "
رد مصطفى بسماجة يغيظها: " أعذريني يا هانم فيما سأقول لكن ألا ترين أنه لو كان يريد منحك إياه لفعل دون أن تطلبي حتى؟ "
جحظت عينيها بغضب من وقاحة مصطفى معها فصرخت وهي تلكزه في كتفه: " وما دخلك أنت أيها السخيف؟ لماذا تحشر أنفك الكبير هذا فيما لا يعنيك؟ "
شهق مصطفى بصدمة وهو يتحسس أنفه ناظرا إلى سيف بينما يقول بذهول مصطنع: " هل تضخم حجم أنفي دون إذن مسبق مني؟ ما هذا التسيب؟ "
لم يستطع سيف كتم ضحكاته أكثر فأنفجر ضاحكا وحينما رأى كيف تنظر له نغم بغضب تنحنح بحرج يقول: " آسف يا هانم "
قطبت نغم وهي تنظر إلى سيف تارة ومصطفى تارة أخرى قبل أن تقول بصوت جامد مختصر: " الرقم "
رفع مصطفى رأسه يناظر سيف بصمت بينما قطب الأخير بجدية وهو يقول بتهذيب: " آسف نغم هانم لا يمكنني أن أعطيك إياه.. غير مسموح لي بهذا "
صاحت نغم بضيق وعجرفة: " كيف ترفض تنفيذ أوامري أنسيت مع من تتكلم؟ أنتَ هنا تعمل لدي وأوامري لا يقال لها لا "
قطب سيف وأطرق رأسه للأرض دون رد بينما عبس مصطفى وهو يقول: " لسنا عبيداً لديك يا هانم وإن أختلط عليكِ الأمر فمن واجبي أن أصححه لكِ.. نحن لا نعمل لديك بل لدى صخر بك وأوامره وحده هي التي لا يقال لها... لا "
ثم رمق سيف بنظرة غامضة قبل أن يلتفت لها قائلا بجدية: " بعد إذنكِ يا هانم "
كانت ليال تقف على بعد منهم تتابع الحوار دون تدخل رغم رفضها التام لطريقة ابنتها المتعالية في الحديث مع الحارسين
قبل أن تتفوه نغم بحرف وهي تتابع انسحاب الحارسين من أمامها دون أن يهتما بأمرها نادتها أمها بحزم تقول: " نغم.. أريدك حالا في المكتب "
ضربت نغم الأرض بقدمها بطفولية وهي تشعر بالغيظ قبل أن تستدير لاحقة بأمها
دخلت المكتب تقول بعبوس: " نعم ماما "
نظرت لها ليال بهدوء وهي تشير لأحد الكراسي قبالة المكتب حتى تجلس فأطاعتها نغم وهي تجلس ببساطة منتظرة أن تخبرها أمها بما تريد
رفعت ليال حاجبا ببرود مقصود وهي تقول: " تلك العجرفة التي تتحدثين بها مع سيف ومصطفى غير مقبولة بالمرة وقد ناقشتك في تلك النقطة أكثر من مرة من قبل "
صاحت نغم بغيظ متفاقم: " إنهما مجرد حارسين يعملان لدينا كالكثير غيرهم.. لماذا تضعينهم دومًا في خانة خاصة؟ "
ردت ليال بهدوء: " لأنهما عزيزين جداً على أخيك.. صخر يحترمهما كثيرا ولا يعاملهما كحارسين بل كأنهما أخوة له ويزعجه كثيرا أن يهينهما أحد "
تكتفت نغم بحنق وهي تتمتم: " اه بالطبع نسيت أنهما مخزن أسراره الغامضة التي يخفيها حتى عن عائلته لكنه يفصح عنها لغريبين "
ابتسمت ليال وهي تنظر إلى ابنتها قائلة: " لطالما كنتِ مندفعة كالعادة في تفسير الأمور وتحليل المواقف.. أنتِ غبية بالفعل "
عبست نغم وهي تنظر إلى أمها قائلة بغمغمة: " لماذا تنعتيني بالغبية؟ "
تنهدت ليال وهي ترد بعد لحظة بشرود يحمل الشجن: " لأنه من الصعب بل من المستحيل أن يفصح صخر عما يحمله بداخله لأحد سواء كان قريبًا أم غريبًا.. أسراره الغامضة كما تصفينها لا أظن بشر غيره يعلم عنها شيء.. أتعلمين السبب؟ "
هزت نغم رأسها سلبا وهي تقول بإهتمام شديد وترقب: " أخبريني أنتِ السبب ماما "
نظرت لها ليال مبتسمة بفخر تخص به صخر: " لأن أخاكِ لا يحب أن يشاركه أحد أسراره ومسؤولياته.. أعتاد دوما أن يقوم بواجباته أولاً بأول دون أن يطلب أي مساعدة من أحد ولطالما أداها كلها على أكمل وجه دون خطأ أو تقصير "
غامت مقلتي نغم برقة مفرطة كحالة استثنائية عن تلك الحالة العجيبة المتقلبة التي تظهر بها عادة قائلة بإبتسامة: " تتحدثين عنه بفخر وكأنه حبيبكِ مثلاً وليس ابنكِ "
أتسعت إبتسامة ليال بحب شديد وهي ترد: " بلى هو حبيبي.. الحبيب الأول في حياتي، الحبيب الذي لم تقلل الأيام والصدمات من حبه في قلبي مثقال ذرة.. كثيرا ما أرى نفسي طفلة أمامه.. أتعلم منه الكثير مما أجهله وأتعجب من جهلي هذا وأنا أكبر منه عمرا وأكثر منه تجاربا وخبرة "
تسمرت يد معتز على مقبض الباب وهو يسمع صوت ليال المبتهج وهي تتحدث عن حبيبها، تسمر في مكانه وهو يفكر بجنون.. ترى أتحكي لابنتهما عن حبيبها الأول دون مراعاة لشعوره كرجل غيور وكزوج؟
نهضت ليال من مكانها واتجهت إلى النافذة تقف أمامها ممسكة بحافتها وهي تكمل حديثها بسعادة تتلألأ كالنجوم في مقلتيها الزرقاوتين بلونهما الشفاف الصافي: " أتعلمين نغم.. كثيرا ما تمنيت في مرحلة مراهقتي وشبابي أن أحظى برجل صارم، شديد لا ينحني أمام مخلوق ولا يهاب سوا خالقه.. تمنيته فارسا لا ليأخذني معه وينطلق بي على صهوة جواده كما تحلم كل الفتيات بل ليعاملني بأخلاق الفرسان التي حلمت أنا بها "
رددت نغم بتعجب: " أخلاق الفرسان! "
إلتفتت لها ليال وهي ترد برقة: " نعم أخلاق الفرسان.. كما كان أبي رحمه الله لأمي وكما أخبرني ذات يوم بأن الفارس المغوار ليس فقط من ينتصر في حروبه أمام العدو وهو يشهر سلاحه بل من يربح كل الصولات والجولات على اختلاف أنواعها وأشكالها فأنا لا أحب الخسارة.. تشعرني بالضعف وهذا بالنسبة لي شعور كريه لا أحبه "
سألت نغم بإهتمام أكبر: " لم تخبريني بعد عن أخلاق الفرسان التي كنت تحلمين بها "
تنهدت ليال بعمق قبل أن ترد وهي تتكتف مستندة بظهرها على النافذة من خلفها: " تمنيت فارس شجاع لا يفر هاربا من الصعوبات بل يواجهها ببسالة وصمود.. تمنيته شديد، صارم، متبلد المشاعر مع كل بنات حواء لكنه أمامي وحدي يلين ويحنو.. تمنيته رقيقا مترفقا في معاملتي.. يتحملني ويتفهمني ولا يحملني فوق طاقتي.. تمنيته شغوفا بي ومكتفيا بوجودي عن كل النساء.. تمنيته قوي لا يهاب أحد ولا يقبل بالخطأ مهما كلفه الثمن.. تمنيته أن يتمسك بي مهما تكالبت علينا الأزمات واشتدت علينا مشاكل الحياة.. صدقيني حبيبتي تمنيت في فارسي الكثير مما قد ترين أن بعضه عجيب "
ابتسمت نغم بمكر وهي تقول: " وهل حظيتِ بفارسك أم لازلتِ تبحثين عنه وتترقبين مجيئه؟ "
ضحكت ليال بعذوبة فأنسابت تلك الضحكات على قلب معتز تروي ظمأه وتطفئ القليل من نيران غيرته التي تنهش أحشائه دون رحمه
ردت ليال بفخر واعتزاز وهي ترفع حاجبا بغرور بينما تقول بدلال: " حظيت باثنين.. الأول هو زوجي حبيبي ومالك فؤادي والثاني هو إبني سلطان روحي "
ضحكت نغم وهي تقول بشقاوة: " أين هو زوجكِ ليسمع ما يقال عنه من خلف ظهره؟ "
شاركتها ليال الضحك وهي ترد: " بالطبع في عمله منشغل بمرضاه "
توسعت عيني معتز بصدمة أثلجت قلبه الذي كان قبل لحظة واحدة مضت يشتعل بحرقة الغيرة وألم اليأس والقهر، فغر فاهه وهي يردد بغير تصديق: " هل أتوهم ما سمعت؟ "
بينما لسان حاله كان يتخبط بحيرة، ويتساءل هل قصدته ليال حقا؟
أتراه بالفعل الفارس الذي حلمت به وتمنته يوما؟ أهو ذاك الحبيب ومالك فؤادها الذي أخبرت نغم عنه؟
تنهدت نغم تقول بلطف: " لم أكن أعرف أنكِ تحبين بابا لهذه الدرجة "
ابتسمت ليال برقة وهي ترد: " والدكِ يستحق ما هو أكثر من الحب.. معتز كنزي الخاص، ثروتي التي لا أقبل فيها المشاركة.. لو أملك تغيير الأقدار لاخترت أن يكون الرجل الأول الذي ألتقيه.. لاخترت أن لا تقع عينيّ على رجل سواه ولا عشق قلبي قبله ولا غيره "
نكست رأسها بتفكير وهي تتذكر بعض الذكريات المريرة التي مرت بها من قبل ثم تابعت بصوت ينبض بالألم: " حييت لسنوات طويلة أبكي على الأطلال وما ندمت في حياتي على شيء أكثر من بكائي هذا.. كنت هبلاء عاطفية بشكل مثير للشفقة وذلك ساعد في تيهي وتشتتي لسنوات حتى بدأت أشعر فجأة بالارتواء من بعد ظمأ، بدأت أشعر بالطمأنينة والأمان من بعد خوف وقلق، بدأت أشعر بنفسي بعدما ظننت لفترة طويلة بأني فارقت الحياة رغم أن صدري لازال يحتوي قلبا نابضا وأنفاسا هادرة "
شهقت كاتمة غصة البكاء الحارقة حتى لا تنفجر منهارة أمام ابنتها وهي تضيف: " معتز كان السبب في تلك السكينة التي اكتنفتني بظلالها.. كان السبب في أن أرى الحياة بمنظور جديد، بطريقة سليمة ومحايدة كنت أفتقر لها "
انهمرت بضعة دمعات وهي تجز على أسنانها بشراسة بينما تقول: " معتز يظنني لازلت أبكي ذاك الرجل الذي تخلى عني وأتحسر عليه.. يظنني نادمة وأتمنى لو يعود إليّ لكنه مخطئ (نظرت إلى نغم وهي تصيح بمرارة) أجبر نفسي كل يوم على تذكره حتى أظل شاكرة للنعمة التي بين يديّ الآن.. أرغم نفسي كل يوم على استرجاع كل لحظة قضيتها معه حتى أرى الفارق الكبير بينه وبين معتز وفي النهاية أرى كم كنت حمقاء حينها حينما وثقت به وآمنت له وأوهمت نفسي بأني أحبه.. أجد نفسي أضحك على نفسي وأسخر منها على وقوعها في خطأ فادح كهذا "
أغمضت عينيها بقوة وهي تكمل بصوت معذب مختنق: " حينما أنظر إلى صخر لا أرى أي شبه بينهما، أي تفصيلة صغيرة تجمعهما.. حينما أنظر إلى صخر أشعر بأني... بأني أنظر لانعكاس صورتي في المرآة أو هكذا أوهم نفسي حتى أشعر بالراحة (ثم شهقت وهي تتابع) لا أحب فكرة أنه يحمل منه أي شيء.. الفكرة في حد ذاتها قاتلة.. هو لا يستحق أن يشبهه صغيري، لا يستحق أن يحظى بابن كصخر.. أبدًا لا يستحق "
اقتربت نغم من أمها تربت على كتفها بحنان تواسيها وهي تقول بصوت قوي واثق يشبه كثيرا نبرة صخر التي دوما تنبض بالثقة والسيطرة: " اهدئي ماما.. صخر ابنك أنتِ، صغيركِ أنتِ ولا يستطيع مخلوق في الوجود أن يسلبك إياه.. ما كان صخر ليسمح لأحد بأن يبعده عنكِ لأنه يحبك أنتِ، يرى فيكِ وحدكِ نفسه.. صخر فارس تلقن دروسه على يديكِ أنتِ ومحال أن يخذلك لأنه أمين وعلى قدر المسؤولية التي حملتيه إياها.. حتى أنا حينما أنظر إليه أراكِ فيه ماما أنتِ لا تتوهمين شيء.. صخر قطعة منكِ... قطعة ملتصقة بكِ وغير قابلة للانفصال عنكِ ولا بأي شكل من الأشكال "
هدأت ليال وقد كان لكلمات نغم مفعول السحر على قلبها المهتاج بلوعة الهجر وروحها المنكسرة بمرارة الخوف من فقد ابنها فلذة كبدها ومهجة فؤادها وقرة عينها الذي لا تشعر بالسكينة إلا وهو أمام ناظريها سالما قويًا
همهمت ليال بشوق وهي تميل مستسلمة لذراعي ابنتها التي تحيطها بها: " لقد إشتقت إليه جداً وأشعر بأن تلك الأشهر الأربعة التي ابتعدها عني تعادل دهرا كاملا "
تنهدت نغم وهي ترد بخفوت: " وأنا الأخرى إشتقت إليه ماما "
أما معتز فقد ظل مكانه وقد خبت شعاع الفرح الذي للتو قد أستضاء بعدما سمعها وهي تفصح بحبها له
يشعر بالحزن على حبيبته التي تأبى تصديق أن صخر لن يهجرها ويرحل يوما ولا يعرف ما يفعل ليريحها ويطمئن قلبها؟
***

في الخارج
بينما كان مصطفى يغمغم بينه وبين نفسه شاتما تلك المغرورة المزعجة نغم إذ بعطر قوي مميز يعكس عن شخصية صاحبه يلفه بنفس القوة فيخرسه وهو يستدير ببطء متفاجئا مما يرى
كان صخر يقف واضعا كفيه في جيبي بنطاله رافعا حاجبا وملامحه عابسة بوحشية مكبوتة وهو يطالع مصطفى بصمت وإلى جواره كان سيف يكتم ضحكة متشفية تكاد تصدح مجلجلة وهو يرى هيئة مصطفى المتوترة
تمالك نفسه بعد لحظات ليهلل فجأة قائلا: " صخر بك.. حمداً لله على سلامتك يا باشا.. اشتقنا لكَ والله "
ارتفع حاجبي صخر بتعجب مصطنع بينما مصطفى يتابع متنحنحا بإرتباك وهو يقول: " كنت في سيرتك للتو يا باشا "
رد صخر بتهكم: " واضح.. فأنا مدرك جيدا لما تفعله سيرتي بكَ من خلل في العقل وطولا في اللسان "
تنحنح من جديد بحرج وهو يقول: " لا تقل هذا يا باشا.. من أنا لأطيل لساني على سيرتك حاضرا كنت أو غائبا؟ "
مال صخر برأسه اتجاهه يطالعه بشر واضح وهو يقول من بين أسنانه: " لكن لا مانع لديك أن يستطيل لسانك على أختي أليس كذلك مصطفى بك؟ "
رد مصطفى بغيظ وهو لا يدري كيف اندفعت الكلمات منه بهذه السرعة ودون تفكير: " والله لو تعطني إشارة واحدة كنت قتلتها وأرحتك منها حتى لا تلاحقك كالأشباح، وأرحت ليال هانم منها حتى لا تزعجها، وأرحت معتز بك المسكين الذي يكاد يفقد عقله بسببها وأرحت سيف من عجرفتها وأرحت نفسي من هيئتها المريعة التي أشعر وكأنها تتقصدها حتى تخيفني "
قطب صخر بعبوس بينما أخذ مصطفى يضيف المزيد لاهيا عن اشتعال النيران في مقلتي صخر: " وكأنه لا يكفينا صوتها الرفيع كلحن مزعج نشاز حين تصيح فيسبب التشنجات في الجسد حتى تضيف على هيئتها ذلك الكحل الأسود الذي تلطخ به عينيها وكأنها طفلة عبثت في أدوات الزينة الخاصة بأمها.. لكنه للحق يا باشا يليق... بعفريتة... مثلها... ماذا؟ هل تماديت في حديثي؟ "
قطب صخر بهدوء متعجبا وهو يرد: " لا تقل هذا مصطفى بك.. من حقك طبعا أن توضح رأيك في هيئة أختي الغريبة... "
قاطعه مصطفى يصحح له بعفوية: " تقصد المريعة يا باشا "
اومأ صخر برأسه وهو يكمل حديثه متحليا بالصبر والتماسك: " العفو منك مصطفى بك... أقصد أن رأيك مهم بالفعل في هيئة أختي... (وشدد في نطقه للكلمة) المريعة لكن أسمح لي أن أخبرك بشيء مهم يخصك "
ابتسم مصطفى بسماجة وهو يقول: " بالطبع تريد أن تكافئني على فكرتي العبقرية.. لكن ليس هناك داعٍ لهذا يا باشا ولا تتعب نفسك فأنا لا أريد سوا راحتك وتكفيني أفضالك التي تغرقني "
جز صخر على أسنانه غيظا وهو يقول بفحيح وحشي: " أنتَ مقتولا الليلة على يديّ يا مصطفى.. فقط أنتظر حتى يحل المساء وحينها (ثم مال عليه يهمس بنفس الفحيح) سترى كيف سأدهشك بآخر أفضالي عليكَ والتي من فرحتك بها ستخر صريعًا "
ثم تركه بخطى ثابتة مختالة يحدق في ظهره الغارب عنه بينما أخذ مصطفى يتمتم بدهشة مضحكة: " هل سأنال هذا الشرف حقاً وأكون أول من يُقتل على يدي صخر باشا؟ يا لحسن حظك يا مصطفى يا محظوظ "
ومن خلفه وقف سيف يضرب كفا بآخر وهو ينظر له بذهول متمتما: " فقد المسكين آخر ذرة تعقل كان يمتلكها "
***

خطى صخر للداخل متصنعا اللامبالاة وهو يرتدي إحدى قناعات الصلابة حتى يخفي عمن حوله لهفته الشديدة وتوقه البليغ في أن يرمي بنفسه وأحماله الثقيلة بين ذراعي أمه
فتحت له الخادمة مبتسمة وهي تقول بتهذيب: " حمداً لله على سلامتك يا بك "
اومأ برأسه وهو يرد بلطف: " شكراً علية.. أين أمي ونغم؟ "
ردت علية بنفس البسمة الهادئة: " آنسة نغم بصحبة ليال هانم في المكتب وقد وصل معتز بك منذ بضعة دقائق أيضاً "
اومأ مجددا وهو يقول بإيجاز: " حسنا "
لحظات وكان يطرق على باب غرفة المكتب بخفة قبل أن يفتحه دالفا للداخل وهو يلقي عليهم التحية ببساطة: " السلام عليكم "
توسعت عينيّ ليال بدهشة وهي تطالعه واقفا أمامها بهالته الملوكية التي تحيط به أينما كان بينما قطبت نغم مغمغمة: " لو جئنا على سيرة اللهو الخفي لما تمثل لنا بتلك السرعة "
أما معتز فقد ابتسم بسعادة مقتربا منه وهو يعانقه قائلًا بمودة: " حمداً لله على سلامتك بني "
بادله صخر العناق بنفس المودة وهو يرد: " سلمك الله يا أبي "
تقدمت نغم منه هي الأخرى تقول ببرود: " مرحبًا "
رفع حاجبا وهو يرد ببرود مماثل: " أهلاً "
حادت عينيه قليلاً بتعجب نحو أمه التي لازالت تقف أمام النافذة المفتوحة بعيدة عنه وفي خاطره تدور أفكار قاتمة حول ما تسبب في بقايا الدموع التي يراها عالقة بأهدابها
نظر إلى والده بتساؤل صامت فأشار الأخير برأسه بخفة يخبره أن يقترب منها وخلال تقدم صخر منها انسحب معتز ونغم من الغرفة وتركاهما على إنفراد لربما كانا بحاجة إليه
توقف أمامها مباشرة لا يفصل بينه وبين أمه سوا بضعة سنتيمترات قليلة ودون سابق إنذار رفع يده متلقف بطرف سبابته تلك العبرة التي سالت من عينها
نظر لتلك العبرة مقطبا وهو يقول بصوت قوي مؤثر: " تعلمين أن لآلئك الماسية تلك غالية عليّ فلماذا ترهقين قلبي العليل برؤياها؟ "
عضت ليال على طرف شفتها السفلى تمنع نفسها بقوة من الانخراط في موجه بكاء شديدة تلح عليها في تلك اللحظة بينما تابع صخر بنفس النبرة: " هل تريدين لقلبي انتكاسة أخرى قد لا يقوى على تحملها هذه المرة؟ "
هزت رأسها بعنف وبضعة عبرات تنهمر رغما عنها وهي تقول شاهقة برعب: " لا.. بعيد الشر عنك يا حبيب قلب أمك أنت.. لا تقل هذا وتؤلم قلبي بالله عليك فلست أحمل من القوة ما يمكنني من تحمل فراقك "
رفع عينيه إليها يتطلع إلى زرقاوتيها الشفافتين المكللتان بسحابة مطيرة وهو يقول بصوت يفيض رقة وحنانا: " إذاً لا تبك أمي فلا ينتكس قلبي العليل ولا يتألم قلبك "
جذبته ليال إليها تضمه بقوة إلى صدرها وهي تجهش في البكاء قائلة بحرقة: " لو بيدي كنت انتزعت قلبي من مكانه وقدمته لكَ يا حبيبي حتى تبرأ من عِلتك.. لكني لا أستطيع فهو ليس ملكي وقد قدمته لكَ منذ سنوات فلم تحافظ عليه ونقلت إليه عِلتك فبات يشاركك الألم والداء.. فمن أين آتيك بقلب يشفيك ويداويك؟ "
لجم لسانه عن الكلام حتى لا يجرحها فكلاهما يعلمان أن علته الوحيدة تتمثل في تشتته بين طرفين لا يشعر في قرارة نفسه بالانتماء لأي واحد منهما، كلاهما يعلمان أن علته وسبب انتكاسة قلبه في كل مرة هي اشتداد وتأزم حالته النفسية حين تتكالب عليه الأفكار فيؤذي نفسه بدون تفكير
تنهد بإحباط وهو ينظر إليها، يكره رؤيتها على مثل هذه الحالة التي تضعفه وتسقط جميع قناعاته، لا ينكر بأن من أكثر الأشياء التي تؤثر به حد إيلام قلبه هو رؤية مآساتها النفيسة منسكبة بتلك الغزارة من المحجرين الشفافين اللذين يحبهما
طوقها بقوة أكبر يدعمها ويمدها من قوته وصلابته وهو يقول: " لا تكلفي نفسكِ عناء البحث عما سيداوي قلبي أماه فهذا ليس مهما بقدر اهتمامي اللحظة بمعرفة سبب بكائك "
شهقت بقوة وهي تمرغ وجهها في صدره تتشممه كهرة صغيرة تتمسح بصاحبها وهي تتمتم بصوت باك: " غبت عني لأربعة أشهر كاملة دون أن تهاتفني لمرة واحدة حتى وتركتني قلقة عليك يؤلمني الشوق إلى مرآك دون أن تهتم لأمري "
رمش لوهلة بحيرة وهو يسألها بشك: " هل هذا هو ما يبكيك حقا أمي؟ "
اومأت وهي تدفن وجهها في صدره أكثر مغمغمة من بين شهقاتها: " بالطبع وهل هناك ما هو أكثر إيلاما لقلبي من غيابك عني؟ "
انفصل عن أمه في تلك اللحظة بروحه وقلبه وهو يفكر في أخرى
ترى كيف ستستقبله نبض حينما يذهب لزيارتها؟
هل بكت شوقا إليه في غيابه عنها؟ هل تمنت عودته إليها سريعا أم أنه لم يخطر في بالها قط بعد مكالمتهما الأخيرة المشحونة؟
أغمض عينيه يتخيل ويتمنى لو أنها تلقي بنفسها بين ذراعيه حينما تراه حتى وإن لم تنطق بعدها بكلمة، سيكفيه ذلك بل وسيفيض ليدخره لوقت لاحق
فتح عينيه بقوة وهو يعبر بغيظ من أفكاره ساخرا من نفسه وهو يحدثها: " غبي أنتَ يا صخر لتمني نفسك بالمستحيل بل وتستشعر حلاوته بحمق أكبر منك "
أبعدت أمه نفسها عنه مقطبة وهي تشعر به شرد في شيء ما لتقول بعد لحظة من مراقبتها له: " فيمن تفكر؟ "
حرك كتفيه ببساطة وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله قائلا: " لا أحد "
قطبت ترمقه بحذر وهي تقول: " ونبض؟ "
قطب هو الآخر يسألها: " ماذا بها نبض؟ "
ردت بإبتسامة تصنعت فيها اللامبالاة وهي تمسح عبراتها قائلة: " ألم تكن تفكر فيها للتو؟ "
حرك رأسه سلبا وهو يرد كاذبا: " لا "
رفعت حاجبا باستفزاز وهي تقول: " لماذا تحاول أن تكذب وأنتَ لا تجيد ذلك؟ "
تنحنح بحرج من وضوح أفكاره بهذه البساطة أمام عيني أمه المراقبتين لكل شاردة وواردة عنه فقال بهدوء ظاهري: " ولماذا سأحاول أن أكذب عليكِ أماه؟ لستُ في حاجة لهذا "
ابتسمت ليال بمكر وهي تقول: " قد يكون غرضك من الكذب هو إخفاء شوقك إليها مثلا "
نظر لها مقطبا بعبوس شديد فرمشت ببراءة مصطنعة وهي تقول: " ماذا؟ لقد قلت مثلا ولم أجزم بشيء "
عبس بغيظ مكبوت وهو يتمتم: " سعيد لأنك أصبحت بخير.. بعد إذنك أمي أحتاج للاغتسال "
ابتسمت ليال بحنان وهي تقول: " حسنا وسأجعل علية تحضر لك الغداء "
رد وقد أصبح عند الباب: " لستُ جائعا كل ما أحتاجه حاليا أن أغتسل وأنام "
تنهدت ليال وهي تقول: " حسنا حبيبي كما تشاء "
***

نفس التوقيت / في دار الجبالي
كان سليم يلزم غرفته الخاصة التي يصلي فيها منذ بضعة أيام، لم يخرج منها لمرة واحدة أو يدخل إليه أحد حتى يوسف لم يفعل وفضل أن يترك لوالده حريته في العزلة وعاد هو إلى العاصمة.
كانت المرة الثانية التي يفعلها سليم بعد وفاة زوجته ورحيل ابنه.. مرة ثانية حملت نفسي ألم وحرقة الأولى.
حزين لحال أخيه وقسوة والده وضياع ذاك الابن الذي ظلمته الحياة ووضعته في منتصف الطريق فلا هو طال السماء ولا ثبت قدميه على الأرض.
طرق أحدهم الباب فجأة قاطعا عليه عزلته وهو يقف إلى جوار النافذة يتطلع إلى السماء بسكون، عرف سليم ببساطة أن الطارق هو آخر شخص أراد مواجهته اللحظة لكنه لم يستطع منعه من الدخول أو رده فتنهد باستسلام قائلا: " تفضل أخي "
دلف خالد إلى الغرفة وأغلق الباب من خلفه وهو ينظر إلى حيث يقف أخوه الذي يوليه ظهره، تقدم منه بهدوء حتى جاوره أمام النافذة، ناظرا هو الآخر إلى السماء قبل أن يقول بصوت عاتب: " أتخاصمني يا سليم؟ "
لحسن حظ الأخير أنه لم يطالع خالد في تلك اللحظة فلم تنكشف أمر تلك العبرات الثقيلة التي كانت تفرض نفسها كغمامة تحول بينه وبين الرؤية التامة.
سكت ولم يرد، خشى إن رد أن يؤذي أخوه بالكلمات فأختار السكوت، لكن خالد لم يسكت وهو يعيد سؤاله من جديد: " إذن أنت تلزم غرفتك بسببي.. لا تريد أن تراني أو تكلمني أليس كذلك؟ "
أطرق سليم رأسه للأرض وهو يرد بصوت خافت تغلفه نبرة الأسف: " السماح منك أخي لكني لم أستطع مواجهتك بعد ما جرى "
التفت حينها خالد ينظر لأخيه وهو يقول: " أنا لم أخطئ يا سليم.. لم أفعل ما هو حرام... "
قاطعه سليم بصوت متشدد النبرة: " بلى فعلت يا أخي.. فعلت وأنت تعلم ذلك علم اليقين فلا تنكر "
ازدرد خالد ريقه يطالع أخوه بصمت، علم الآن أن ما يدور في عقله صحيحا وأن سليم بالفعل كان يتجنب رؤياه لأنه ليس راضيا عما فعله في الماضي.. كان يعلم أن الأمر مع سليم لن يمر مرور الكرام إلا بعد تأنيب طويل سيعيد الآلام إلى السطح من جديد لكنه يستحق.
تحرك سليم من مكانه مبتعدا عن النافذة، متجها إلى جلسته المنخفضة أرضا في إحدى الزوايا فسبقه خالد يستوقفه قبل أن يشرع في قراءة القرآن: " لا يصح أن نتخاصم هكذا كالأولاد الصغار وانا لا أجد سببا لهذا من الأساس "
جز سليم على أسنانه وقرر التزام الصمت لآخر لحظة فعلى ما يبدو أن أخاه يماطل فيما يعلمه ويدركه لذا قرر ترك الساحة له وحده حتى يفرغ ما في جوفه دفعة واحدة وبعدها لكل مقام مقال وحديث.
زفر خالد بنفاذ صبر وهو يتجه إلى أخيه يجلس أمامه قائلا: " سليم تعلمني لا أحب تلك الحركات الصبيانية ولا أطيق أن يتجاهلني أحد كما تفعل الآن "
رفع سليم عينين كئيبتين يطالع أخوه أخيرا وهو يقول: " في هذه النقطة لا فرق بينك وبين الحاج عبد الرحمن الجبالي.. تبدو بكريه وشبيهه على حق "
قطب خالد وهو يرد: " ماذا تقصد؟ "
فحرك سليم كتفيه لحفظ وهو يجيبه: " لا شيء "
زفر خالد من جديد وهو يقول: " أخبرني السبب على الأقل "
أطرق سليم رأسه مجيبا: " السبب أن أخي الأكبر، قدوتي، ومثلي الأعلى كاد أن يكون قاتلا لولا إدراك رحمة ولطف الله له وبه "
جحظت عيني خالد بصدمة وكأنه لم يتخيل سماع تلك الكلمات التي أخذته بغتة دون أن يستعد لها ويعد عدته بينما سليم يضيف بصوت حزين: " السبب صدمتي فيك يا أخي.. لا أصدق أنك اعترفت ببساطة بأنك طلبت من طليقتك أن تجهض طفلها.. أردت قتله قبل أن يخرج إلى النور ويرى الحياة التي هي من حقه "
ابتلع خالد غصته المريرة وهو يرد بصوت خافت وكأنه لا يجرؤ حقا على المواجهة: " لقد كانت في الشهر الأول من الحمل "
تابع بعد لحظة بصوت أكثر خفوتا: " كان مجرد نطفة.. نطفة صغيرة لم تنفخ فيها الروح بعد وهذا ليس قتلا "
رفع سليم رأسه يبتسم بسخرية اختلطت بالمرارة وهو يقول: " قل لي أخي أنسيت ما علمنا إياه الشيخ عبد الله رحمه الله أم تراك تجبر نفسك اللحظة على تناسيه حتى لا تعترف بذنبك العظيم وإن كنت نسيت حقا فهل نسيت أيضًا كلام الله الخالد في كتابه المجيد؟ "
رمقه خالد بصمت فأضاف الأخير بصوت شديد البأس: " إذن لازلت تذكر يا أخي.. تذكر جيدا أن الإجهاض حرام شرعا طالما ليس هناك عذرا قويا يحول دون إتمام الحمل، وعلى ما يبدو أنه ما كان من عذر أو حجة قوية بحوزتك لتطلب منها ذلك "
أطرق خالد برأسه وهو يتمتم بصوت هربت منه الحياة: " أردت حمايتها من بطش أبي.. أليس هذا عذرا كافيا؟ "
رد سليم بقوة: " لا ليس كافيا بل إنه حتى عذرا واهيا لا قيمة له.. العذر الحقيقي يكون حين تكون حياة الأم في خطر وشيك مؤكد وطليقتك كانت حياتها في أمان فأنت تعلم أنه مهما بلغت قسوة أبينا فلن تصل به إلى قتل امرأة بريئة بغية ابعادها عن ابنه وبالنسبة للجنين فهو أتى بصورة شرعية صحيحة إذن سقطت كل الحجج والاعذار التي قد تحاول استخدامها في نفي ذنب ما فعلت "
ظل خالد على صمته بينما سليم يضيف بلوم: " كيف واتتك الجرأة على قولها يا أخي؟ كيف وأنت الحافظ لكتاب الله والمتبع لهدي وسنة نبيه _عليه الصلاة والسلام_؟ كيف وأنت من أكملت تعليمي على يديه بعد وفاة الشيخ عبد الله؟ أعلمتني ونسيت ما تعلمته أنت يا أخي؟ "
ازدرد خالد ريقه علقما مسننا في حلقه وهو يستمع إلى أخيه يضيف بيأس: " أين أنت من قول الله تعالى 'بسم الله الرحمن الرحيم'
" وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ "
وأين أنت من قول ابن وهبان الذي أقره جمهور الحنفية 'إن إباحة الإسقاط محمولة على الضرورة'
أين كنت من كل هذا يا أخي وأنت لا تملك الحق ولا حتى حجة بالضرورة؟ "
رفع خالد وجهه شاحبا وهو يرد بصوت مختنق متردد: " لحظتها لم تكن أمامي أية فرصة للتفكير الصحيح.. كنت... أنا كنت خائفا عليها حقا، ظننت هذا الأفضل لها قبلي فهي من بعدي كانت ستصبح وحيدة ومن الظلم أن أحملها عبء طفل بالإضافة إلى هجري لها "
رد سليم بتنهيد: " فاخترت أن تظلم الطفل بدلا منها "
صاح خالد وقد بدى غير محتملا للمزيد من اللوم والعتاب: " قلت لك كانت في شهرها الأول من الحمل أي لم يكن هناك أي طفل من الأساس.. كان مجرد نطفة "
رمقه سليم بهدوء وهو يقول: " وأنا قلت لك ما تعلمه في قرارة نفسك وتصر على إنكاره والتغافل عنه.. ما فعلته خطئا جسيما في حق ابنك يا أخي، ذنبا عظيما ترك من خلفه تبعات سوداء في نفسه.. ما فعلته حرام والحرام لا أثواب متلونة له ولا مفر من الاعتراف به فالحرام في الشرع حرام في كل شيء آخر "
ظل خالد على تجهمه وتشنج قبضتيه للحظات حتى تراخى كتفيه فجأة وهو يقول بصوت مهزوم موجز بكلمة نضحت بالمرارة: " أعلم "
أطرق رأسه وهو يزم شفتيه حتى بديتا كخط مستقيم مشدود بينما اقترب سليم منه يربت على كتفه بحنو قائلا بتفهم: " لا تغضب مني يا أخي.. كان يجب أن اعاتبك لأنني لا أقبل لأخي بأن يقع في مثل هذا الخطأ.. ما حدث قد حدث فاستغفر الله بصدق يغفر لك إنه الغفور الرحيم يا أخي.. أنت اعترفت بذنبك وهذا كافيا ليكون الأمر أسهل في المواجهة القادمة بينك وبينه إذا ما تطرق حديثكما لهذا الأمر "
تمتم خالد بصوت يائس، كئيب: " كيف أسهل يا سليم؟ كيف أخبرني؟ هل تتخيل أنني سأملك القدرة حتى على الوقوف أمامه وجها لوجه؟ وماذا سأخبره حينها؟ أنني تخليت عنه، لفظته وأمه من حياتي لأنني كنت جبانا وانصعت خلف كلمة أبي دون أن أفكر في مصيرهما من بعدي، دون أن اتأكد من حقيقة وجوده أو عدمه "
رفع خالد عينين تتلألأ فيما العبرات الحارة وهو يردف: " إن كنت تظنني أحاول إنكار بشاعة ما طلبته منها فأنت محق في ظنك فالإنكار أسهل علي من الإعتراف بما سولت لي نفسي طلبه "
حاول سليم أن يقاطعه لكن خالد لم يسمح له وهو يضيف بصوت متحسر: " أنا أتألم يا أخي أقسم لك أتألم.. ما فعلته جرما كبيرا سأظل ألوم نفسي عليه لآخر لحظة في عمري وما بيدي حيلة لتصحيحه اليوم.. حين أنظر إلى فرح أرى في عينيها سؤالا متحيرا وكأنها تسألني لماذا تزوجت على أمها؟ فأتهرب منها غير قادرا على إجابتها وحين أنظر إلى ياسين أرى في عينيه استنكارا من فعلتي وكأنه يسألني كيف جرؤت على خيانة زوجتي ثم التفريط في ابني؟ وقاسم يا سليم قاسم عينيه تسألانني نفس سؤالك.. كيف استطعت أمر ليال بالإجهاض بهذه البساطة؟ "
خانته عيناه وهما تدمعان بلا حرج أمام أخيه متابعا حديثه: " أتراهم يكرهونني الآن يا سليم؟ يرون أنني لا أستحق أن أكون أبا لأبناء رائعين مثلهم؟ وماذا عن... عن صخر؟ ترى ماذا يظن بي الآن؟ أنا لي ابن فرط فيه وقصرت في رعايته يا سليم؟ ابن نشأ بعيدا عن كنفي وحمايتي! "
أشفق سليم على حال أخوه فربت على كتفه بمؤازرة يقول: " أنت أب رائع يا أخي.. لا تفكر في غير ذلك لأنها الحقيقة ولا ترهق نفسك بالتفكير في المستقبل.. أترك كل شيء لوقته المناسب هكذا تخف وطأة الشدائد وتزول الصعاب.. ثق بربك ورحمته التي لولاها لطال بك الزمن دون أن تصل إلى ابنك أو تكتشف وجوده من الأساس وزد من حمدك له لأنه حفظ لك ابنك وها هو يرده لك سالما "
تنهد خالد بانكسار وهو يتمتم: " معك حق، لا فائدة من البكاء على الأطلال.. اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك "


انتهى الفصل..
قراءة ممتعة🌸..


السكر likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 14-11-19 الساعة 12:47 PM
Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-11-19, 05:37 PM   #26

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mini-2012 مشاهدة المشاركة
الرواية روعة وجميلة بانتظار القادم
ويعطيكي الف عافية
حبيبتي تسلمي يارب، حضورك هو الأروع😚


Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-11-19, 07:32 PM   #27

houda4

? العضوٌ??? » 389949
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » houda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond repute
افتراضي

الرواية رائعة حقًا لكن لدي بعض استفسارات
مثلا قصة شمس وزيد لم تتطرقي لها أبدًا كيفا التقى وأحبت بعضهما البعض وقررا الزواج ...... إلخ
كذلك نبض كانت فتاة صغيرة منعدمة الشخصية تقريبا ، انطوائية والآن أصبحت بطلة القصة !!
كذلك صخر كان يراها فتاة صغيرة جدا وهي حسب القصة تبلغ فقط 18 سنةً والآن أصبح يعشقها بجنون يوجد عدة تناقضات والآن أصبحت تملك قوة كبيرة وتتحدث مع الجميع فتاة في 18 مستحيل تكون بهذا النضج صراحة !!!
ارى انكي سلطتي القصة كثيرا على نبض وصخر خاصة في الفصول الاخيرة مع ان الجميع كانت له مساحة من القصة


houda4 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-19, 05:25 AM   #28

Shimo debo

? العضوٌ??? » 397091
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 107
?  نُقآطِيْ » Shimo debo is on a distinguished road
افتراضي

اشيد بسردك و لغتك .. لي بعض التساؤلات و ارجو ان تردي عليها ..
لما غضبت نبض عندما عرفت شخصية يوسف الحقيقية طالما هي تعرف من البداية انه ليس اخ حقيقي فما يضيرها ايا كان نسبه
في البداية تم قتل الاخين من اجل الثأر فلما قرروا قتل يوسف و لما تركوا زيد طالما هما تؤام
لما اخفوا خبر نجاة يوسف خوفا عليه و ابعدوه طالما ان العائلة الاخرى اخذت بثأرها
شرعا.. هل تأكدتي من جزئية عدم صحة زواج صخر و نبض لمجرد انه يعيش بنسب ليس نسبه .. اعتقد في هذه الجزئية سقطة كبيرة


Shimo debo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-19, 08:24 AM   #29

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي ..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة houda4 مشاهدة المشاركة
الرواية رائعة حقًا لكن لدي بعض استفسارات
مثلا قصة شمس وزيد لم تتطرقي لها أبدًا كيفا التقى وأحبت بعضهما البعض وقررا الزواج ...... إلخ
كذلك نبض كانت فتاة صغيرة منعدمة الشخصية تقريبا ، انطوائية والآن أصبحت بطلة القصة !!
كذلك صخر كان يراها فتاة صغيرة جدا وهي حسب القصة تبلغ فقط 18 سنةً والآن أصبح يعشقها بجنون يوجد عدة تناقضات والآن أصبحت تملك قوة كبيرة وتتحدث مع الجميع فتاة في 18 مستحيل تكون بهذا النضج صراحة !!!
ارى انكي سلطتي القصة كثيرا على نبض وصخر خاصة في الفصول الاخيرة مع ان الجميع كانت له مساحة من القصة
أولا تحياتي لك حبيبتي وشكرا لمتابعتك🌹
ثانيا/ بالنسبة لزيد وشمس: زواجهم في حد ذاته كان أمر مسلم به بعد قرار الجد الصريح بكدا ومع عودة شمس لعائلة أمها بعد سنوات طويلة فهي تقبلت الزواج بالطريقة دي إرضاء لجدها دا أمر متوقع بالنسبة وكمان ظننت أن القراء هيشوفوه من نفس الجهة لكن بإذن الله في الفصول القادمة هتبدأ لقاءات زيد وشمس تكتر عشان نبين قصتهم بشكل أوضح فعلا.
نبض: أنا مقولتش في أي فصل من الفصول أو الفقرات إنها انطوائية هي فقط مثال لفتاة اتربت في بيت مغلق عليها بدون ما تختلط بالناس اللي برا ومش معنى دا ان شخصيتها انطوائية هي فقط كانت مكتفية بوالديها ويوسف كأخ ليها.
نقطة سنها إنه 18 أنا قلت اننا بدأنا وهي 18 بالفعل لكن مع تطور الأحداث مش ممكن هتفضل نبض في سن ال 18 اكيد كبرت يعني سنة مثلا لأنها شوية وهنلاقيها في قلب الجامعة ومعاها صاحبتها وليلة كبيرة جاية بعدين.
وبالنسبة للقوة اللي أظهرتها في نبض فجأة بعد ما كانت بالنسبة للجميع وأولهم صخر مجرد طفلة فهي فعلا كانت فيها لكن ارجع وأقولك إن لكل إنسان قوة داخلية مش بتظهر غير في المواقف اللي بتتطلب إظهار القوة فعلا ونبض مش انطوائية، فتاة عاشت عمرها اللي هو ال 18 سنة بدون خلافات أو بمعنى أصح متعرضتش إطلاقا لمواجهة المشاكل ودا وضح في حوارها مع العمة فاطمة في الفصل الثامن لما اتكلموا بخصوص يوسف، العمة فاطمة كان ردها إنهم خبوا عنها عشان مش عايزين يشغلوها عن دراستها ويدخلوها في مشاكل هي كطفلة من وجهة نظرهم مش هتقدر تتصرف فيها.
صخر: شايفها طفلة بحكم سنها لكن دا برا نزاع مشاعره لأنه بالفعل كان بيحبها من البداية لو تفتكري معايا اول مرة راحت نبض المدينة الجبلية عند فاطمة بعد ما مات والديها، وأفتكر تي كمان المقتطف الفلاش باك اللي حصل في مرة وهما بيفتكروا موقف حصل وهما صغيرين لما إياد اتكلم عن صخر بطريقة وحشة وهي كانت مستنياه على الأقل يدافع عن نفسه وهو خذلها ومشي.. أنا قلت ان دا أثر فيها جدا لأنها منجذبة لصخر وهو كمان اتاثر باللي حصل لما افتكره.. يمكن انا عندي مشكلة وهي إني عايزة القارئ كمان تكون له مساحته في ربط الأمور بدون ما أفصص كل جزئية لكن بإذن الله هحاول اغير من دا وأوضح أكتر.
وأخيرا/ طبعا لكن ثنائي مساحته وقصته الخاصة اللي المفروض تتوضح ولغاية دلوقتي انا اكتفيت بوضع الخطوط العريضة لعلاقة كل ثنائي بس بالفعل صخر ونبض هما أبطال الرواية الرئيسيين وفكرة الرواية اصلا بتدور حولهم وصخر بالأخص.
أرجو إني أكون قدرت ارد على استفساراتك يا جميلة وفي إنتظار تعليقك وتساؤلاتك🌸


Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-19, 08:44 AM   #30

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي ..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shimo debo مشاهدة المشاركة
اشيد بسردك و لغتك .. لي بعض التساؤلات و ارجو ان تردي عليها ..
لما غضبت نبض عندما عرفت شخصية يوسف الحقيقية طالما هي تعرف من البداية انه ليس اخ حقيقي فما يضيرها ايا كان نسبه
في البداية تم قتل الاخين من اجل الثأر فلما قرروا قتل يوسف و لما تركوا زيد طالما هما تؤام
لما اخفوا خبر نجاة يوسف خوفا عليه و ابعدوه طالما ان العائلة الاخرى اخذت بثأرها
شرعا.. هل تأكدتي من جزئية عدم صحة زواج صخر و نبض لمجرد انه يعيش بنسب ليس نسبه .. اعتقد في هذه الجزئية سقطة كبيرة
بالنسبة لنبض: الموضوع دا أثر فيها من نقطة ليه اخفوا عنها هل لعدم ثقتهم فيها مثلا او لأنها طفلة مش من حقها تعرف أمور زي دي؟؟؟ هو دا اللي ضايق نبض أو بمعنى أصح هو دا اللي جرحها، هي فكرت إن علاقتها بيوسف وإن كان ليس اخوها في الواقع لكنها علاقة تتسم بالصدق فلما تيجي بعدين وتكتشف إنه كان مخبي عنها سر زي دا فأكيد كان لازم تزعل.. لو أنتِ مكانها ايه هيكون رد فعلك؟؟؟ أنا شخصيا هزيل وأصيب ناس تزعل معايا😂
بالنسبة للثأر: أنا قلت كمان ووضحت ان فؤاد في اللحظة دي كان وحش بيقتص من ناس ملهمش أي دخل في اللي حصل اصلا ومتطلبيش من وحش زي دا لما يشوف طفل بينتقص من قدر وقيمته قدام رجالته إنه يعدي الأمر بسلام اكيد كان هيكون له رد فعل وانا اخترت الموت بالذات عشان أوضح درجة الحقد الكبيرة اللي بيكنها فؤاد لعائلة الجبالي.. ومش شرط عشان زيد ويوسف توأم انهم كانوا يتقتلوا هما الاتنين لأن اللي غلط بس كان يوسف وفؤاد شاف أن زيد جبان اصلا فسابه.

صحيح ليه اخفوا وجوده طالما الثأر كان واجب بما ان عائلة الجبالي قتلة وفؤاد كل اللي عمله انه أخد حق عيلته منهم إلا إذا كانت عائلة الجبالي في الأساس ملهاش ذنب في الثأر دا.. وهو دا الحقيقي فعلا ولما يظهر فؤاد هنعرف ليه ألصق التهمة دي في عائلة الجبالي وكان قاصد مين بيها؟؟؟

حبيبتي بالنسبة لزواج صخر من نبض: هو بالتأكيد باطل طالما هوية أحد الطرفين مزيفة وغير صحيحة.. حقيقة النسب دا من أكبر الأمور اللي بتترتب عليها كل حاجة فما بالك بزواج هتترتب عليه تكوين أسرة وأطفال فيما بعد.. أنتِ تقدري تطلعي على أقوال الفقهاء وعلماء الدين لو عايزة تتأكدي أكتر لكن أنا واثقة من النقطة اللي طرحتها وان الزواج بينهم فعلا غير صحيح.
اصلا النقطة الأساسية اللي بناقشها في الرواية هي ضياع نسب صخر الحقيقي.
تحياتي لكِ غاليتي🌹 وشكرا جزيلا لمتابعتك وتساؤلاتك🌸


Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:21 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.