آخر 10 مشاركات
368 - رياح الماضي - بيني جوردان ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          [تحميل] هن لباسٌ لكم بقلم ؛¤ّ,¸مــشـآعلـ¸,ّ¤؛ رواية أعادت معنى التميز ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          85- الانتقام الذيذ- دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          235 - دمعتان ووردة - جيسيكا ستيل-كاملة بصورة واضحة (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          تحملت العنا لأجلك يا ولد العم ... الكاتبه : mnoo_gadee (الكاتـب : جرح الذات - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree16Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-10-19, 10:43 AM   #11

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي


صباح الخيرات

اهلا بيرو حبيبتي
مشتاقين

واهلا بك من جديد

الحمد لله بعد انقطاعي لاسبوع اعود واجدك امامي مع جديدك

لو استقرت اوضاعنا واستمر وجود النت واستطعت ان اتواجد ان شاء الله ساتابع معك

ولكن ليس بالي حيله ونحن الان الاوضاع عندنا اكيد سمعتي بها والنت كان مقطوع وعاد من 8صباحا الى 2 مثل دوام الموظفين

ياترى سيستمر والكل يقول امامنا يوم جمعه قادم لانعلم ماذا يخبي لنا

الله يحفظ الجميع

بالتوفيق حبيبتي


um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
قديم 10-10-19, 02:06 PM   #12

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت الفصلين القصة جدا غامضة ومشوقة
ياترى هل هي فعلا يارا ام تيارا
وان كانت الاخيرة فأين الأولى؟
وكيف حدث اصلا واختفت تيارا منذ البداية لتعود وتختفي يارا
الطفل اخافني للحظة وكانه ليس طفلا لكن لننتظر ونعرف لماذا العمة تمثل دور الام....
في انتظار القادم باذن الله تحياتي


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 11-10-19, 09:48 PM   #13

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
صباح الخيرات

اهلا بيرو حبيبتي
مشتاقين

واهلا بك من جديد

الحمد لله بعد انقطاعي لاسبوع اعود واجدك امامي مع جديدك

لو استقرت اوضاعنا واستمر وجود النت واستطعت ان اتواجد ان شاء الله ساتابع معك

ولكن ليس بالي حيله ونحن الان الاوضاع عندنا اكيد سمعتي بها والنت كان مقطوع وعاد من 8صباحا الى 2 مثل دوام الموظفين

ياترى سيستمر والكل يقول امامنا يوم جمعه قادم لانعلم ماذا يخبي لنا

الله يحفظ الجميع

بالتوفيق حبيبتي
غاليتي أم سوسو وحشتيني جدا جدا😘😘الأوضاع ببلدي الثاني أعلم بها وأرجو لكم السلامة ولذلك لم استطع مراسلتك لعلمي بسوء الأحوال
أتمنى لك السلامة وتشريفي بقراءتك لروايتي المتواضعة فأنا في أمس الحاجة لرأيك😘😘دومت سالمة من كل شر



عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-19, 09:53 PM   #14

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت الفصلين القصة جدا غامضة ومشوقة
ياترى هل هي فعلا يارا ام تيارا
وان كانت الاخيرة فأين الأولى؟
وكيف حدث اصلا واختفت تيارا منذ البداية لتعود وتختفي يارا
الطفل اخافني للحظة وكانه ليس طفلا لكن لننتظر ونعرف لماذا العمة تمثل دور الام....
في انتظار القادم باذن الله تحياتي
ياالله! الكاتبة الكبيرة منى لطيفي مرة واحدة والله لا أصدق ما قرأته وقمت بتكرار قراءته أكثر من مرة🙈🙈
أنتظر آرائك الرائعة التي ستكون دفعة قوية لي وتساعدني في تقديم عمل رائع❤❤


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 09:48 AM   #15

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث

"وعهدي بكِ تيارا الصغيرة من توسدت أحضاني وشاركتني مخدعي، شرابي وطعامي..
گأني بالشمس أشرقت وأدفأت برد قلبي وشعّت فيه السلامِ..
لحظة وقعت عليكِ عيني وارتميت بين أحضاني،
ابكي يا صغيرة فلتغتسل بدموعك أحزانى، فقد جفّ الدّمع بعيناي لكن برؤيتك أبداً لن يوجد في حياتى بعدما احتضنتك أحزانِ.."
رفعت إليها جوهرتيها شديدتي السواد وقد التمعتا ببريق الدمع الجارف الرافض للتوقف، شعرت بالخزي يجتاحها بعدما انتبهت لما فعلته وبعدما رأت نظرة الأسى المزينة لهذا الوجه الباش الصبوح، انسلت من بين أحضانها على كره وهي تمسح دموعها بظهر يدها وتقول من بين شهقاتها المتلاحقة:
_اعذريني سيدتي، ولكن لا أعلم ماذا حدث أو كيف حدث؟
وعندما لم تستمع منها اجابه تابعت وقد غزاها التوتر والإضطراب:
_شعرت..شعرت گأنــ..شعرت..لا أعلم بمَ شعرت..
لم تحاول المرأة مساعدتها في تمالك نفسها وتركت لها الفرصة كي تتمالك نفسها وتهدأ من روع نفسها بنفسها.
إنتظرت أن تمد إليها يد المساعدة بكلمة أو أكثر كي تبث الطمأنينة إلى نفسها ولكن هذا الفم ظل مطبق رافضا الانفراجة بكلمة واحدة.
_أنا..جدتي،نونا.
ارتمت بين أحضانها مرة أخري وزادت الجدة في احتضانها متمتمة بخفوت:
_ششش، فلتهدئي يا صغيرة ، يكفينى ويكفيك أنكِ بين أحضاني..
انفرجت شفتي الجدة عن ابتسامة خفيفة والتمعت عينيها في سعادة لدى سماعها اسم نونا من فم حفيدتها فزادت في احتضانها.
ظلتا هكذا تحتضن إحداهما الأخري من ينظر إليهما يجهل من تحتضن من؟ ومن يحتاج إلى من؟
مر الوقت حثيثا{سريع} أو بطيئا وإنما مر عليهما وذراعيهما ما زالتا تحتضنان أجسادهما، وجدت الجدة أن جسد تيارا استكان اضطرابه وقد زال تشنجها وهدأت رجفتها وهي بين أحضانها، فتساءلت في جذل{فرح} قد بدا في لهجتها الودودة:
_ما رأيك يا صغيرة أن تشاركيني سريري الليلة ونعيد بذلك أمجاد الجدة والحفيدة الخوالى.
نظرت إليها في جزع وذعر وهي تتمتم بكلمات تنتزعها من حلقها الجاف انتزاعاً:
_أنــا..أخشـ..أخشى..أنا أرى الكوابيس في نومي وأخشـ..
هذه النظرة أنبئتها بأن تلك السلمى قد سبقتها إلى أذن الصغيرة بكلماتها الممزوجة بسموم الرهبة والذعر، ربتت على وجهها النضر بحركات خفيفة وهي تقول:
_تخشي ماذا يا صغيرة؟ بين ذراعي جدتك لا تخشي شيئاً ولا أحداً وكوني كما أنتِ.
تمتمت في توتر:
_أخاف أن أزعجك في نومك.
افتر ثغرها عن ابتسامة واهنة وهي تقول:
_أرى أن سلمى قد بثتك ما بداخلها من ذعر واهم ليس له وجود..لا أريد أن تقع على مسامعي كلمة خوف من تلك الشفتين الجميلتين فقد خلقتا لنطق كل ما هو جميل.
همت تيارا بالرد عليها إلا أنها رفعت يدها المزينة بالخاتم الماسي وكان اللون الأخضر يشع من الماسة الكبيرة التى تزين منتصف الخاتم وحولها تتلألأ الماسات البيضاء الصغيرة:
_كفى، هيا إلى النوم وفي الغد يكون لحديثنا بقية، جدتك قد وهن عظمها ولم تعد تقوى على شيء كما في الماضي.
قامت تيارا وأخذت بيد العجوز كي تعاونها في خطواتها القليلة إلى السرير، وتمددت بجوارها في تحفظ إلا أن العجوز شجعتها على الإقتراب منها:
_اقتربي قليلا يا فتاة وليبقى في قلبك مثقال ذرة من شفقة على هذه العجوز في هذا الزمهرير{شدة البرد}.
دنت منها تيارا ضاحكة وتوسدت كتفها وقد تكورت على نفسها كالوليد بين أحضان أمه يستمد منها الأمان كي يغفو قرير العين.
•••••••••
خمسة سنوات ها هي قد مرت وكأنها ليلة شتاء طويلة ينتظر انبلاج نور فجرها وإشراق شمس نهارها لعلها تزيل آثار تلك الليلة الكئيبة، لكن و كأن أيامه تزيده ايغالا {امعانا}فى العبوس والتجهم..فالشمس تُشرق وتُقشع{تزيل} بدفئها صقيع الأرض، لكنها غير قادرة على إزالة آثار الصقيع المحيط بأيامه.
نعم فالشمس وإن كانت آتونا لا تستطيع حيلة ولا تهتدي إلى سبيل معه كي تزيل برد أيامه وتصيّرها دفئاً مادام قلبه منبع الصقيع ذاك...ينبض فقط كي يحقق انتقاماً ينتظر إتمامه برجاء وأمل رسخته سنوات الخزي الخمس.
سهر، وارى الثرى جسدها ولم يوري ذكرياتها، ليته يستطيع محو تلك الذكريات، ليته يملك عصا سحرية فيشير إلى تلك الليلة و يمحيها، لكن أي سحر هذا قادر على محو تلك السوَءة والسبّة التي أُلحقت به وبابنته
الصغيرة"مليكة" ترى ماذا يخبئ لها مستقبلها؟
و ترى هل يعفو الزمان عنه ويزول شتاءه؟! هل تبتسم إليه الأيام فتهديه "ڤيولا" كما يراها في أحلامه وكما خطتها أنامله؟
°°°°°
على أضواء العواميد الخافتة تابعت روفيدة طريقها الغير معبد، لاتعلم ما ينتظرها في نهايته..جلّ ما تتمناه ألا تجد شاهين آخر .
وعلى ذكر الشاهين انفرجت شفتيها في شبه ابتسامة مريرة ومؤلمة وهي تتذكر وصفه لإسمه حينما قال في فخر وزهو:"الشاهين هو طائر من الجوارح يشبه الصقر قوي البنية شديد على الصيد وهو لا يؤول{يبتعد} عن الفريسة إلا وقد أصابها".
أين كان عقلها فلم تزن تلك الكلمات وقتئذٍ؟
رفعت عينها إلى السماء برهة تدعو بارئها أن يبرئ أيامها القادمة ممن يشبهون ذاك الشاهين؟
أعادت النظر إلى الطريق وفي لمح البصر كانت تضغط بشدة على مكابح السيارة كي تتفادى السيارة الأخرى التي داهمتها عند مفترق الطريق، نظرت إلى الخلف كي تطمئن على الطفلين نظرات الهلع التي زينت حدقتها أصابت الصغير بعاصفة من الضحك الهستيري الساخر فنهرته بنبرة مرتعشة:
_اصمت! طفل وقح.
كان السائق الآخر قد خرج من سيارته ويسير باتجاههم ولا يبدو على وجهه أي بِشر:
_هكذا إذا..إمرأة تقود سيارة في ليلة عتماء ماطرة، لا ينتظر منها أكثر مما فعلتِ!
خرجت كلماته الساخرة فأصابتها بمزيد من الغضب.
الهلع الذي أصابها منذ قليل والغضب الذي تملك منها جراء كلماته الساخرة جعلا جسدها يبدو عليه الارتعاش بوضوح وهي تجيبه:
_أرى أنك تسخر مني وأنت أكثر من يستحق السخرية.
خرج صوتها مرتعشا وكان صوت دقات قلبها الغير منتظمة تكاد تكون مسموعة فكرهت نفسها في هذه اللحظة لعدم مقدرتها على الإمساك بزمام نفسها.
كان قد اقترب منها حتى صار وجهها واضحا له فنظر إليها في ذهول، تبادلا النظرات لبعض الوقت جاهد كي يتدارك نفسه وهو يقول:
_أنا..أنا لا أسخر من أحد، ولكن..
سكت عن الكلام وكأنه ابتلع لسانه فجأة، بينما غضبها كان قد فتر قليلا وهي تراه على تلك الحالة فأجابته في تهكم:
_كأن القطة قد أكلت لسانك!
انتبه إلى كلامها الساخر فبادلها السخرية:
_وكأن بصرك قد خسأ{تعب شديدا}!
شعرت كأن الدم المتدفق من قلبها يغلي كغليان قدر مملوء بالماء، خرجت كلماتها متدفقة في غيظ وانفعال:
_من خسأ بصره هو أنت، فأنا أقصد هذا الطريق مباشرة وأنت قادم من طريق جانبي حري بك أن تقف عند انعطاف الطريق حتى أمر.
_هذا الطريق طريقي أنا وإنـ…
كان قد انتبه إلى وجود الطفلين فقطع عبارته متساءلا:
_إلى أين أنتِ ذاهبة في ليلة كهذه؟ والطفليـ..
قاطعته وقد عيل صبرها:
_هيا ابتعد بسيارتك ودعني أمر فأنا ذاهبة إلى بيتي-نظرت إلى ساعة يدها وهي تتصنع القلق-لقد تأخر الوقت وسوف يقلق زوجى.
تساءل في تعجب:
_زوجك؟!
_نعم زوجي مالك مزرعة الليثي.
تعمدت أن تمتزج عبارتها بالتهديد والتحذير، أما هو فقد أصابه الذهول إلا أنه أجابها في تفهم وهدوء:
_حسنا! إلى اللقاء.
قالها بهدوء ممزوج بتعبير لم تستطع تفسير كنهه، تركها وعاد إلى سيارته وأشار إليها أن تمر بسيارتها أولا، نظرت باتجاهه لبرهة وتكاد تجزم بأنه قد غمز إليها بطرف عينيه وهو يبتسم إليها ساخراً.
•••••
شعر برأسه يكاد ينفجر فأحداث هذا اليوم كان بها ضرب من الغرابة فمن جانب يتم تعيينه رئيسا لبعثة الأطباء النفسيين ويتم تحديد موعد سفره في نفس يوم عودة تلك العجوز الشمطاء، كأن كل شئ مدروس ومنمق..نعم!
منذ ثلاثة أيام فقط علم بإصابة رئيس البعثة المتجهة إلى سنغافورة لحضور مؤتمر الأطباء النفسيين، وتم اختياره بديلا له! ماذا يفعل هنا وكيف يستجيب إلى ذاك الطلب؟
فك أزرار قميصه وأزاح ربطة العنق التي تكاد تحجب عنه الهواء، وقف أمام النافذة ينظر إلى البعيد...هو يعلم كيف استجاب إلى ذاك الطلب، فنقيب الأطباء هو صديق مقرب لدى الجدة وإن نقل لها رفضه لطلب كهذا لشكت الجدة في أمره خاصة وأنها مؤخرا كانت تسأله كثيرا عن يارا وتلح عليه بعودتها سريعاً.
يارا العزيزة! ابنة الحسب والنسب..من أسقتها أمها الدلال بملعقة من ذهب، تدثرت بأفخر الحرائر وتزينت بالماس والذهب..من توسدت بالنعومة والراحة، بينما تيارا الصغيرة تزاحم ساكني الشوارع والأزقة كي تجد لنفسها ما يسد خواء بطنها ولو بكسرة خبز عفنة..رآها وهي ترمي بنفسها إلى التهلكة كي تجد طعاما..فقط طعام! بينما مثيلتها تتمرغ فيما يزيد عن حاجتها وتجحد بما آتاها الله من فضله، تجحد به وبعاطفته تجاهها.
حسنا! لقد تلقت ما يناسبها من العقاب والمزيد آتٍ لا محالة، عليه فقط أن يطمئن أن الأمور في القصر تسير على ما يرام وكما
خطط له.
*****
ذهب الليل و حل الصباح، لكنه صباح ليس ككل صباح، فيه أطلت الشمس بحيوية وتسابقت الطيور مغردة كأنها تحتفل معها باول ليلة تنام فيها قريرة العين دون أن يضيّفها{يحل ضيف} ذاك الكابوس المزعج والذى لازمها الليالي الفائتة.
شعرت بدفء له من اللذة ما تستسيغه العينان الناعستان فأبتا الانفراج، احتضنت تيارا وسادتها الناعمة وأغرقت وجهها في نعومة القطن العطر تتنسم عبيرها الفواح كأنها تتوسد بستان زهور لا وسادة من القطن.
انكمشت على نفسها وهي تمسك بشئ بين أصابعها أطبقت عليه ورفعته أمام عينيها فإذا عودين أخضرين ينتهي أحدهما بوردة تتجمع وريقاتها ذات لون أحمر قاني حول بعضها في نظام متدرج للداخل يجذب الناظر إليها ويدفعه لإحتضان قمة العود بين شفتيه، أما العود الآخر فكان ينتهي بأخري ذات لون أبيض موشح بالأحمر الفاتح، كان ذهنها في حالة من الذهول والاضطراب حتى انها لم تسمع صوت الباب يفتح ويغلق فجاء صوت العجوز مباغتا لها حينما قالت:
_يا له من صباح جميل يبدأ باعتراف صريح وها أنا أجده ماثلا بين يديك.
نظرت إليها جاحظة العينين ذهولا وهي تتمتم في خفوت:
_مـ..ماذا..أنا..فقط..
انتبهت الجدة إلى علامات الذعر المخلوط بالذهول البادية على وجه الصغيرة وخمنت أنها لم تعي معنى ما قالته فبادرت قائلة:
_أرى بين يديك زهرتي التوليب والجوري..أما الجوري فهي عنوان الحب الصادق بينما التوليب فهي زهرة التصريح بالحب، ترى من صاحب هكذا تصريح؟
كانت كمن أصيب بلسعة أفعى سامة حينما استمعت إلى توضيح الجدة فألقت بالزهرتين من يدها وكأنها تخشى احتوائهما لأفعى أخرى فتصيبها بلدغة قاتلة.
كانت ماتزال تنظر إلى الزهرتين جاثمتين على الشرشف الأبيض ويخيل لها أنهما تنظران إليها بحزن، جلست الجده بجانبها تدلك كتفها بيدها في محبة وحنان وهي تتساءل في حزن:
_لمَ يا صغيرة؟ إن إلقاء زهرتين بهذا الجمال الرائع لهو ضرب من الجحود!{النكران}
_أأنا..يا..أنا لا أعلم من أين أتت هاتان الزهـ..
كانت ترتعش وتتمتم بالكلمات على غير هدى واعتدال فما كان من الجدة إلا أن احتضنتها مقاطعة لما تقوله:
_لا أجد ضيرا {ضرر}في هكذا استيقاظ..اهدئي، يبدو أنه يوجد في هذا القصر من يكن لكِ حباً لا مثيل له وبذل كثيراً كي يخبرك بذلك فما أعرفه أن زهرتي الجورى والتوليب تكون في أوج تفتحهما في شهر نيسان ونحن الآن في نهاية كانون الأول.
تمتمت في توتر بشفاه مرتعشة:
_أنا..لم..أنا لم أفهم؟
_ماقصدته أن الجوري والتوليب الآن مازالتا براعم صغيرة لم تتفتحا وهاتان الزهرتان متفتحتين ما يعني أن من أحضرهما..
دقات واهنة على باب الغرفة قطع عليهما حديثهما، همهمت الجدة بكلمات خفيّة دلالة الغيظ والاشمئزاز وأردفت قائلة:
_تفضلي يا سلمى!
همست سلمى فور دخولها باسم ابنتها الرابضة باستكانة بين أحضان جدتها في ذهول وتعجب، حتى أنها لم تستطع أن تحيد بنظرها عنها وهي تحتضن جدتها هكذا، مما دفع الجدة إلى سؤالها بنبرة ساخرة:
_ما الأمر يا سلمى؟ هل في الأمر ما يدعو إلى العجب؟
جاء سؤال الجدة كعادتها مباغتا، لذا جاءت إجابة المسؤولة مترددة كعادتها:
_أنا..فقـط..لم أعلم..أقصد لم..أجد يارا في غرفتها.
اعتمدت الجدة على عصاها وهي تقوم من مجلسها والألم باديا في كل حركة تصدر عنها، إلا أنها كانت تكابر وتخفيه تحت ستار الجد والقوة:
_هذا بيتها، حق لها أن تفعل ما تريد، وتذهب أينما تريد..أليس كذلك يا كنتي؟!
بكبسة زر أزاحت الجدة ستار النافذة الثقيل سامحة لأشعة الشمس الذهبية اللماعة بالنفاذ إلى الغرفة، والتفتت إليهما فكانت أشعة الشمس تنفذ عبرها، وقفت في شموخ كان رأسها مستقيما كملكة حاكمة والشمس بشعاعها الساقط عليها ترسم هالة ذهبية في شعرها الفضي وكأنها تتزين بتاج المُلك ولكنه تاج مصنوع من جواهر الطبيعة، نظرت باتجاه حفيدتها بعينين تشعان دفء يدعو الناظر إليها إلى الإرتماء بين هاتين الذراعين والتمرغ فيهما.
صدقت أمها حينما أخبرتها أن روچيندا هي الشمس واهبة الحياة وها هو التشبيه ينبض بالحياة أمامها.
أزاحت بصرها بصعوبة عنها وألقت به على أمها فوجدتها تنظر إلى العجوز بنظرة ملؤها الكره ممزوج بخوف لاتعلم ما سببه؟
لم تكن الجدة تنتظر إجابة وكأنها لا تعترف بوجود كنتها بالغرفة، والتفتت إلى حفيدتها قائلة:
_هيا يا صغيرة اذهبي إلى الحمام كي تغتسلي ريثما يأتي طعام الإفطار.
انتبهت تيارا إلى طلب جدتها فقامت على عجل ملبية هذا الطلب تحت نظرات إعجاب وتعجب!
أما الإعجاب فكان من العجوز التي تذكرت ما كانت تفعله الصغيرة تيارا ذات الأربع سنوات، بينما التعجب فكان من أمها التي كانت تنظر إليها متعجبة وهي ترى صغيرتها تهرول كطفل ملبية طلب جدتها، أخذ لسانها يردد في صمت"كأنك تيارا، لا بل إنك تيارا..من تعودت على غلظة قلب تولجهان وألانته بين يديها حتى صار كعجينة طيعة تشكلها كمـ.."
قطع شرودها صوت روچيندا القوي الثابت متسائلا في خبث:
_ما لي أراكِ شاردة يا سلمى، كأنك تحدثين الماضي بما خبأه بين طيات سنواته الفائتة؟!
جمدت سلمى في مكانها عاجزة عن الإتيان بأي حركة وإن كانت رمشة جفن، وجحظت عيناها وهي تمعن التفكير فيما سمعته، بالاضافة إلى الطريقة والنبرة التي ألقت بها هذه الكلمات جاءت نظراتها مؤكدة للمعنى المبطن داخلها.
بقيت عيونهما معلقة في نظرة طويلة حتى أدمعت عينا سلمى فأغمضت عينيها أخيرا طاردة تلك الدمعة الحارقة لجفنيها وتحولت برأسها بعيدا عنها وأومأت برأسها في بطء و شرود، شعرت كأن أفكارها قد توقفت أو كأن عقلها قد تخدر فصار عاجزا عن التفكير، لقد ظنت أنها الوحيدة القادرة على تمييز توأمها وأنها من فطنت إلى ذاك التغيير الملموس في تصرفات يارا مما ألبس الأمر عليها وجعلها تشك في كونها تيارا وليس يارا، ولم يخطر في بالها فكرة أن يفطن أحد آخر إلى هذا الأمر أيضا ومن يكون هذا الآخر؟! روچيندا آخر شخص تريد أن يكون لديه علم بالأمر!
قالت أخيرا بهدوء وهي تحاول التحكم في رعشة شفتيها وهي تتحدث:
_نعم.فقط كأنها..
روت الجدة ما بين عينيها{عبست} وهي تقر بنبرة واثقة قوية:
_تتحدثين وكأن غاشية{الكارثة} قد حلت بك.
ظهرت على وجهها ضحكة ساخرة فيما كانت تهم بمتابعة حديثها فقطعته عند دخول حفيدتها عليهما قائلة:
_هيا دعيني أراكِ عن قرب..هكذا، شعر حريري قبس لونه من ليلة ظلماء غشيّ ليلها{أظلم} وغفا قمرها، جوهرتان لامعتان تضاهي الكورلوف نوير جمالا..نعم يا عزيزتي لا تنظري إلى هكذا فالكورلوف هي أغلى وأجمل الماسات السوداء في الكون وأندرها، وأرى أنك امتلكتهما في حدقتيك الرائعتين..
أشعرها إطرائها بالحرج فاحمرت وجنتاها والتمعت عيناها مما دفع الجدة إلى الإفاضة في مدحها:
_أرى أن القمر قد لاح في حدقتيك وزادهما جمالا، كما وأن وجنتيك اشتعلتا إحمرار فزادتك بهاءاً ليس له مثيل بين البشر.
نظرت إلى أرملة ابنها وهي تتساءل:
_أليس كذلك يا سلمى؟
اندفعت مرددة رغم الغصة التي حشرجت صوتها:
_نعـ..نعم.
••••••
استيقظ تميم في الصباح على غير عادته، فكان يشعر بفيضان حزن يجتاحه بقوة وكأنه يسد عليه طريقه، بعد عدة ساعات قليلة من النوم القلق والمضطرب خرج للتريض قليلا وبين شجيرات الورد الغضة توقف كي يمتع نفسه بالنظر إلى براعم الزهور وعند حوض الجوري جاءته فكرة جعلته يقوم باتصال جنوني والإبتسامة مرسومة على وجهه.
دقات خفيفة على باب غرفته جعلته يعود من شروده مجفلا لدى سماعها وكانت الخادمة"أسيمة" دخلت إليه وهي تقول في دلال:
_سيدي تميم، إنّ الصباح اليوم ليس ككل صباح..فقد أشرقت الشمس فقط لمجيئك إلينا.
كان يغلق أزرار قميصه العليا وهو ينظر شزرا إلى نور الصباح النافذ إلى غرفته و يفكر في المعنى المبطن من عبارتها.
أسيمة ابنة السيدة عزيزة الكبرى اشتعلت نيران الحب بينها وبين رحيم منذ زمن، ولكن رحيم حينما قرر الزواج تزوج من يارا و التي كان يكن تميم لها باكورة حب لم تنضج؛ الأمر الذي كان مفاجئا لأسيمة وله أيضا وهو الشاهد على مدى الحب النامي بينهما.
لقد كان ذلك منذ زمن بعيد، قطب جبينه وهو يستجمع ما انقضى من ذكرى إلا أنه عافى {دفع}كل ذلك ليستسلم للنسيان فذكرى كهذه أسلم له أن ينساها من أجل أخيه.
نظر إلى أسيمة والتي بعد زواج رحيم انتقلت عواطفها تجاهه مما أزال لديه أثر المفاجأة وعلم حينها أن ما نما بينهما يندرج تحت عبث المراهقة.
أغلق قفل ساعته والتفت إلى المرآة يهندم ملابسه فتابعت أسيمة وهي تقترب منه:
_حفظك الله يا سيدي لم أرى مثلك من قبل بين الرجال..وسامة وأناقة و..
رفعت يدها متصنعة أنها تزيل شئ ما عن كتفه بينما كانت تحرك يدها لأعلى وأسفل في صفاقة{قلة حياء}، التفت إليها تميم ومسك بأطراف يدها ضاغطا عليها بقوة وهو يتمتم من بين شفتيه المزمومتين غضبا:
_للمرة الأولى بعد الألف لست أنا يا أسيمة وأحذرك من مغبة ما تفعلينه احذري من زلة {سقطة أو خطيئة}ليس بعدها استقامة.
حررت يدها من قبضته القاسية بصعوبة وأخذت تدلك أصابعها بنعومة وهي تتأوه في غنج وقد تغضن وجهها تألما:
_يا لك من ظالم! أنا فقط..
قاطعها وهو يتقدم ناحية باب الغرفة محذراً:
_أنت فقط تجربين حظك..
فتح الباب والتفت إليها متابعاً:
_ ولكنك اخترت الشخص الخطأ.
اتجه إلى غرفة جدته كي يبثها ظنونه وارتيابه وما كان سببا في سهده الليلة الماضية، وقف أمام باب غرفتها وهم بطرقه إلا أن يده توقفت في الهواء وهو يسمعها تقول:
_…شعر حريري قبس لونه من ليلة ظلماء غشي ليلها وغفا قمرها، جوهرتان لامعتان تضاهي الكورلوف نوير جمالا..نعم يا عزيزتي لا تنظري إلى هكذا فالكورلوف هي أغلى وأجمل الماسات السوداء في الكون، وأرى أنك امتلكتهما في حدقتيك الرائعتين..
أغمض عينيه وزم شفتيه غضباً كأن الجدة تتحدث بلسانه، انتبه إليها تتابع مديحها:
_أرى أن القمر قد لاح في حدقتيك وزادهما جمالا، كما وأن وجنتيك اشتعلتا إحمرار فزادتك بهاءاً ليس له مثيل.
كور قبضته وضرب الحائط بقوة لعل الألم الناتج عن هذه الضربة يطغي على الألم الذي يحز{يشق} قلبه.
ألم لمْ يشعر به من قبل حتى بعدما علم بنية رحيم للزواج من يارا، ألم كأنه يصدع قلبه لنصفين ويعيث اللغط {الفوضى} فيه..إنه ألم الغيرة!
نعم يشعر بالغيرة لما سمعه من مديح الجدة لها ووصفها لجمالها بهذه الطريقة، ليته فقط يستطيع البوح ما يعتمل في داخله وما ألم به، بل ليته يستطيع التوقف على حقيقة هذه الفتاة وعندها سوف يكون هناك مقالٍ آخر.
داهمته غصة خانقة عندما شطح{بعد} بفكره لإتجاه آخر يخشى أن تؤول إليه الأحداث، فجلّ ما يخشاه أن تكون هي يارا! حينئذ سوف تكون ضربة قاسية له ولقلبه.
تنحنح بقوة كي يجلي صوته من تلك الغصة ودق باب الغرفة في قوة أجفلته هو:
_تفضل يا تميم.
دخل إلى الغرفة متعجبا، تابعت العجوز مبتسمة بعدما لاحظت علامات التعجب:
_من غيرك يستطيع طرق الباب بهذه القوة.
اقترب منها لاثما جبينها في خفة، ملقيا تحية الصباح ورفع رأسه تجاه الجالسة بجوارها محييا فوقع نظره على الزهرتين الملقاتين على الشرشف الأبيض خلفها..اشتعل الغضب في داخله ولم يستطع إخفاؤه فلاح لهيبه في عينيه، لم يكن يظن أن هذا سيكون مصير زهرتيه اللتين حصل عليهما بشق الأنفس، التفت إلى زاوية الغرفة فوجد السيدة سلمى منزوية على نفسها تقف كتلميذة صف تنتظر عقابها ويبدو الشحوب على وجهها بطريقة واضحة للعيان:
_صباح الخير عمتي سلمى، مالى أراك وكأنكِ فاترة..هل بكِ علة ما؟
رفعت المعنية بالسؤال وجهها تجاه سائلها وهمت بالتفوه بشيء ما إلا أنها ولسبب ما في نفسها أغلقت فمها لبرهة وتداركت الموقف مجيبة بحذر:
_أنا بخير..بخير، أستأذنكم.
كلمات قليلة وهروب سريع إذن فقد أغضبت الجدة كعادتها وتلقت ما جعلها في هذه الحالة من الجزع.
في حين أغمضت تيارا عينيها في تحفز مهيئة نفسها للدفاع، إلا أنها انتبهت إلى حديث الجدة الودود وهي تقول:
_تأخرت يا تميمي وهو أمر ليس من شيمك الكريمة.
انحنى تجاهها في تأدب وأجاب متعمدا عدم النظر إلى الجالسة بجوار العجوز:
_اعتذر يا جدتي، لم أبكر في ساعة نومي فجاءت قبيل الفجر، هناك أمر ما أريد...
ارتكزت على عصاها بيد وبالأخرى على يد تميم وهي تغمغم مقاطعة:
_ تعلم أنني لا أحب الأعذار يا تميمي، هيا إلى الإفطار الآن ولنا حديث فيما بعد فأمامك تقف فتاة نامت دون عشاء، أليس كذلك؟
ساعدها على السير وهي يتمتم:
_ومن السبب يا جدة؟!
كرهت تيارا أن تكون محور حديث ولا تستطيع المشاركة فيه فتدخلت قائلة في انفعال غاضب:
_أنا..لا اريد تناول الطعام الآن.
دقت الجدة الأرض بنهاية عصاها المعدنية وصاحت في حزم:
_كفى، ما حدث تم وانتهى ولا أريد الخوض فيه مرة أخرى، والآن أريدك أن تتعاملي مع الأمر كأن الله وهبك حياة جديدة وعليك تعلم كل شئ.
_أنا..أنا..
قاطعت الجدة ترددها في حزم:
_أنتِ حفيدتي سواء تذكرتِ هذا أم لا وعليك التصرف على هذا الأساس..وهذا الرجل ليس بغريب عنك فهو ابن عمك ومعه سوف تتعلمين كل شئ..هيا الآن إلى الطعام فأنا غير معتادة على الحديث على معدة خاوية.

noor elhuda likes this.

عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-10-19, 01:28 PM   #16

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع

ها هو إشراق أول شمس لها في هذه المزرعة، ومع ذلك تشعر كأنها في بيتها فهي ومذ وطئت قدميها أرض المزرعة في الليلة الماضية شعرت كأنها عائدة إلى منزلها بعد طول غياب وليست قادمة إليه لأول مرة.
شعور غريب وإحساس عجيب لا يرد إلى شئ إلا لأنها تتمنى في داخلها أن تجد سلواها وراحتها المفقودة هنا، ليته مصطفى يعود ويكتمل بذلك إحساس السعادة لديها.
رفعت كوب الماء الزجاجي أمام وجهها تنظر إلى محتواه الشفاف الرائق ونهلت منه مرة تلو الأخرى في تلذذ واستساغة لبرودته ولذته، كأنها ملئت كوبها من نهر عسل وليس ماء، أو كأنها سكنت الجنة وها هي تنهل من سلسبيلها.
_أرى أن زوجتي المصون قد استيقظت..رغم عودتها المتأخرة.
الصوت الساخر والكلمات الممطوطة جعلها تفزع رعباً وتسقط الكوب من يدها، التفتت إلى الخلف فوجدته صاحب الابتسامة الساخرة ذلك الرجل الذي قابلته بالأمس.
لم تستطع تمالك نفسها الغاضبة فأتى صوتها مشحونا بالغضب المستعر في داخلها:
_أنا! من أنت.. وكيف دخلت إلى هنا؟
فرد ذراعيه على جانبيه باسطاً كفيه لأعلى وانحنى كأنه يقف على المسرح محييا جمهوره وهو يجيب في تهكم هادئ:
_من أنا؟! فأنا اسمي وارث، أما كيف دخلت؟ فاسمي هو وارث كمال الليثي صاحب هذه المزرعة..مزرعة الليثى و.. زوجك يا عزيزتي، كما أخبرتني بالأمس.
أنهى عبارته الساخرة بغمزة من طرف عينيه وهو يقترب منها في خطى وئيدة تبدو هجومية، كأنه يتعمد بث الرعب فيها:
_الآن أريد أن أتعرف بزوجتي العزيزة؟
كان يحدق إليها متحفز للهجوم عليها عند أول حركة هروب تقوم بها، أما هي فقد اندفع إلى ذهنها ذكرى ليست ببعيدة أو منسية، يوم هجم عليها ذاك الشاهين والذي كان خاطبا لها وقتئذ وأراد بها السوء لولا أن لحق بها أخوها و سحبها من بين براثنه بشق الأنفس قبل أن تقع الواقعة ويحدث بها ما أراد من سوء، صرخت في خوف وهلع وهي تردد باكية:
_ ابتعد أرجوك ابتعد فأنا..أنا لست بأفيكة{كاذبة} لقد أصدقتك القول...وإنما التبس عليك القول..أنا رو..هالة..اسمي هالة، هالة الحسيني زوجة مصطفى الألفي..شريكك.
هلعها،خوفها وصراخها وهذه الكلمات التي تفوهت به أصابته بصدمة ألجمته عن إكمال السير باتجاهها وتقدم من النافذة واضعا يديه في جيبي سرواله أما هي أشاحت بوجهها وهي تمسح عينيها بذعر غير مصدقة أنه ابتعد عنها.
نظر من خلال النافذة يشعر باحتقار تجاه نفسه لما سببه لها من خوف.
حدث نفسه في تعجب:
عجباً! كأنها كانت تدفع عنها أحد ما، ترى هل أراد بها رجل ما سوء؟ وما شأنك أنت يالك من متطفل! إنه أمر خاص بها وبزوجها..زوجها أين هو وكيف يتركها تأتي بمفردها إلى هنا في وقت و طقس كذلك الذي أتت فيه؟
جهر بما يفكر فيه سائلا:
_ أين هو زوجك؟
حدقت بظهره وهي تجاهد أن تتمالك أعصابها وهي تجيب:
_هو..هو غير موجود..مسافر..نعم مسافر..
التفت إليها وتمنى لو استطاع أن يقترب منها قليلا، عنف نفسه عما يفكر فيه فهي ملك لرجل آخر كيف يفكر فيما يفكر به؟! لكن كأنها تجذبه إليه بشئ ما لا يعلمه!
رفعت رأسها إليه وكان وجهها مغطى بدمع لا يتوقف عن السريان فناولها منديله الخاص:
_تفضلي، إنه..سـ.. سَيفِي بالغرض.
تناولته على مضض وفي يدها أثر من الإرتعاش كأن بها شئ من الخوف فتابع كي يطمئنها:
_أعتذر! لم أقصد أن أسبب هذه الفوضى لكنـ..
قطع حديثه حينما رفعت عينيها إليه، كانت قد كففت دمعهما وصارتا واضحتين للناظر إليهما.
بنفسجيتان! لها عينان بنفسجيتان؟! كيف؟
_أنا..لدي موعد هام يجب أن أذهب ولنا حديث آخر حين عودتي.
تركها مسرعا وصفع الباب بعنف من خلفه بينما نظرت بالاتجاه الذي اختفى منه في ذهول ..كأنه رأى الشيطان أمامه..ماذا رأى جعله يذهب هكذا؟
••••••••
انتظرت حتى انشغل الجميع بتناول طعام الإفطار واعتذرت من والدتها كي تخرج للاتصال بأختها رغبة في الإطمئنان عليها. خرجت إلى الحديقة بخطى حذرة متلفتة حولها وضغطت عدة أزرار على هاتفها الخليوي وانتظرت حتى يجيبها الطرف الآخر، لكن انتهى الإتصال ولم يجبها أحد.
نظرت حولها في ترقب مرة أخرى وأعادت الإتصال إلا أن صوت أحدهم صائحا بإسمها جعلها تغلق الهاتف في ارتباك وتلتفت حولها.
_أسيمة ما بك؟
كانت والدتها تنظر إليها في تعجب، بينما هي راحت تنظر أمامها وأفكارها تتسارع تبحث بينها عما تجيبها به:
_أنا..فقط لا شئ..أمي أنا..كنت أتصل..ولم..
راحت أمها تحدق في عينيها في نظرة ملؤها الوعيد:
_أراك تسيرين بخطى ثابتة تجاه هوة لن تستطيعي الخروج منها، احذري يا ابنتي.
نظرات أمها كانت تجعلها تبدو وكأنها في مجال الاتهام، كأن أمها تعلم ما تقوم به وتآمرت عليه مع هذا المريد{الخبيث المتمرد}.
ترددت عزيزة في ندم ثم طقطقت بلسانها دلالة عن ندمها على كلماتها الهجومية:
_ابنتي أنا أخشي عليك من غدر زمان لا يرحم زمان يجري بغير قياس يا عزيزتي...
ازدردت الفتاة ريقها في تردد وخشيت ما تؤول إليه كلمات والدتها، التي تابعت وقد وضعت يمناها على كتف أسيمة الأيسر:
_ انتبهي..فالسيد تميم رغم ما يحمله من تواضع وطيبة قلب إلا إنه لن يتزوج إلا عن حبٍ وما أراه أن ما يكنه لك لا يتعدى مشاعر أخ.
ضغطت الفتاة على شفتها تهدأ من ارتعاشها وهي تقول بنبرة ممطوطة مزيحة يد والدتها عن كتفها:
_أمـي! لا تقلقي ابنتك حذرة جداً لن تقع أبداً..والآن اعذريني يخيل لي أنهم انتهوا من تناول إفطارهم و عليّ جمع المائدة وتنظيفها الآن.
تركتها الأم تذهب وهي تهز رأسها حسرة وندما على ما آلت إليها تربيتها وما تقرأه في عيني ابنتها البكر، رددت بنبرة ينضح منها الأسى والمرارة:أبداً هي فترة طويلة الأمد فقط ولكن لها نهاية.
°°°°°°
أضناه الجهد الذي بذله منذ الصباح ولم يتوقف عقله عن التفكير فيها بعد، كذب من قال أن الإجهاد في العمل يُوقف العقل عن التفكير .
بالأمس فقط وقبل لحظات من الإصطدام بها كان يفكر في ڤيولا خاصته التي خطها بقلمه، عينان قبستا اللون من بنفسجة وريقاتها ناعمه، شعر ينسدل على كتفيها كشلال غدير ماؤه رقراق صافي به تموجات هادئة تجعلك تشعر بلذة السباحة فيه وبشرة تضاهي القمر ضياء وبهجة، شفاه تغلبت على حمرة توت بري فزادها اشتهاء ووجنتين...
توقف -أنب نفسه ضاربا الأرض تحت فأسه في قوة- ها قد مرت عليه ساعتين منذ أن تركها في المنزل وحمل فأسه، قلب التربة، شذب الشجيرات و قطع الأعشاب الضارة أنهي عمل خمسة أشخاص في ساعات معدودة ورغم ذلك لم يكل ولم يتوقف هذا العقل الغبي عن التفكير فيها ومازال يريد العودة إليها مرة أخرى ومتابعة حديث تركه معلقا كي يتنعم بمرأى ڤيولا خاصته، بالأمس جذبه شئ ما فيها جعله يسكت عن الحديث تاركا إياها تتحدث وعندما علم بعزمها على المجيء إلى مزرعته تركها رغم أنه كان يستطيع ثنيها عن متابعة الطريق..ترى لماذا؟!
رفع رأسه إلى السماء صارخا في يأس:
_من تمنيتها منذ سنوات أجدها ملكٌ لغيري! سحقا لهكذا حظ بهذا السوء و سحقا لهكذا زمان بهذا الشح، بل وسحقا لي رجل يشتهي أملاك غيره..استفق يا وارث وقف بأقدام ثابتة راسخة على أرضك، فلن تكون أنت إن استبحت لغيرك ما لم تبح لنفسك..لكن كيف يقف ثابتا وكل ما فيها يدعو شعراء العالم للكتابة عنه والتغني به.
شعر بالقنوط يتسرب إليه شيئا فشيئا حتى اجتاحه كله فلم يستطع إلى الثبات سبيلا،
ألقي الفأس من يده على طول ذراعه وذهب في اتجاه المنزل ضارباً بتحذيرات عقله عرض حائط المروءة.
"توقف..توقف..توقف.." أخذ عقله يصرخ فيه آمرا إياه أن يقف ولكن ساقيه استمرتا في المسير وكأنهما ملك لأحد آخر وليست له، فأسكت ضميره الصارخ قائلا: أنا ذاهب فقط كي أنهي حديث بدأته ولم أنهيه.
وقف أمام المنزل واشتم رائحة طعام شهية تملأ أركان المنزل، دخل إلى المطبخ من الباب الخلفي وجدها منحنية أمام الفرن الكهربائي تحمل بين يديها صحفة{إناء طعام واسع} وتضعها على المنضدة المجاورة له، رفعت ذراعها ومسحت بظهر يدها على جبينها وهي شاردة كأنها تفكر في شئ ما وتتحسر عليه أيضا وهذا التفسير الوحيد لتلك النظرات على وجهها.
وقفت روفيدة تفكر في حسرة وألم هذه الوجبة المفضلة لأخيها ليته كان معها الآن وينعم بما يحب، فجأة أيقظها صوت من شرودها:
_ اعتذر عن تأخري فقد حدثت بعض المشكلات في المزرعة..
كانت قد أجفلت من الصوت فانتفضت من مكانها عائدة بضعة خطوات إلى الخلف، إلا أن قدمها تعلقت في شئ ما وكانت على وشك السقوط لولا يده التي امتدت وأمسكت بيدها لبضعة لحظات حتى استعادت توازنها و أفلتت يدها من قبضته وهي تقول:
_لابأس..شكـ..شكراً لك.
هز رأسها بينما رفع حاجبيه وهو يتساءل، كيف لرجل يملك مثقال ذرة من عقل يترك إمرأة بجمال كهذا بمفردها.
رغم وجود مسافة بينهما ورغم أنه لم يمسك بيدها إلا للحظات إلا أنها كانت كفيلة بتحريك عاطفتها و شعورها بالتوتر والاختناق.
حري بكِ ألا تفكري ولا تشعري بمثل هذه الأشياء:هكذا حدثت نفسها و وقفت على المجلى ثم وضعت يدها تحت ماء الصنبور البارد لعله يطفئ ما يستعر في داخلها بينما هو يقف خلفها يراقبها في سكون قطعه مجيء طفل يتساءل:
_عمـ..أمي؟
التفتت إليه في قلق، بينما تابع رسلان حديثه:
_رسل جائعة وأنا جئت..
تمتمت بعد أن استجمعت بعضا من صوتها وقوتها:
_حسنا عزيزي! لكن أولا قدم التحية للسيد وارث شريك والدك في المزرعة.
وقف الطفل أمامه مادا قامته لأعلى كأنه يريد فرض رجوله لم تكتمل وبسط يده محيياً:
_مرحبا، أنا رسلان مصطفى وصلنا بالأمس فقط!
رمقها وارث بنظرة خاطفة ثم حول نظره إلى الطفل..لا شك أنه يفكر الآن كيف أكون أم لطفل في العاشرة من العمر.
تمتم وارث في ذهول:
_أهه! أنا وارث الليثي أتمنى لكم إقامة هانئة.
ردد الطفل:
_وهذا ما أتمناه أيضا سيدي..اعذرني عليّ الذهاب إلى أختي..أمي هل أخبرها أن الطعام جاهز.
_نعم حبيبي.
تناول وارث حبة خيار وقضمها على تمهل رغبة منه في الوقوف طويلاً معها، كان ينظر إليها مراقبا لكل حركة تصدر منها، يبدو أن هناك ما يخيفه هذان الإثنان فنظراتها القلقة وحديث الطفل المقتضب يبين أنهما لا يريدان التكلم كثيراً، كما وأنها تبدو صغيرة جداً لأن تكون أم في هذا السن الكبير، تنحنح في قوة كي يجلي صوته ثم قال:
_بالأمس طلبت من سهيلة أنا تفتح لكِ الغرفة في الطابق الأعلى فأنا قد جهزتها لمصطفي لعلمي أنه بمفرده، لكن الآن وبعد تغير الوضع فأنا قد أمرتها في الصباح بتجهيز الجناح الملحق بالمنزل حتى تقيموا فيه، فالمزرعة الجديدة لم تجهز بمساكن بعد ولذا سوف تقيمون هنا.
التفتت إليه وهزت رأسها في تفهم:
_أنا آسفة فقد ظننت...حسنا! لا مشكلة..هل لنا أن ننقل أغراضنا الآن.
ألقى ما تبقى من حبة الخيار في السلة الموضوعة خلفها، كان قد دنا على مسافة قريبة منها، أمعن النظر داخل عينيها مما زاد من حيرته فهمس دون أن ينتبه:
_هل هذا اللون حقيقي؟ كأني أقف أمام ڤيولا صانعة البنفسج!
منذ زمن لم تسمع كلاما كهذا على لسان رجل، آخر من تساءل عن لون عينها كان شاهين لكنه لم يعلق عليهما كما علق هذا الرجل..احمرت وجنتاها خجلا ولحسن حظها كان وارث منشغل عنها فلم يلاحظ مدى خجلها.
ارتد إلى الخلف بسرعة وهو يلعن نفسه على ما تفوه به، ماذا تقول عنه الآن؟ سمعها تقول في تردد خجل كالعذراء في خدرها{مخبأ او غطاء}
_نـ..نعم.
التفتت إليها فوجد وجنتيها تشتعلان حمرة وكأنها لم تسمع هكذا حديث من قبل..ترى أي زوج هذا من مُلّكتِ يمينه يا امرأة خلقت لتسكن الخدور ؟!
عاد من شروده و تحدث في نبرة عالية تماثل الصياح وكأنه ينبه نفسه من مغبة ما يفكر فيه:
_اتبعيني سوف أخذك إلى المنزل كي تلقي عليه نظرة.
تبعته في القاعة الرئيسية، ثم صعدت درج خشبي بعد أن عبرت ممرا ضيق وبعدها فتح وارث الباب الخشبي وخرجا منه متوجهين إلى الجزء الآخر من المنزل، فتح الباب وتنحى جانبا سامحا لها بالعبور.
وقف خلفها عاقدا يديه خلف ظهره سامحاً لها باستكشاف المنزل، أما هي فكانت تدخل من غرفة إلى أخرى في توتر وهي تحدث نفسها: ليس الآن وقت الشعور بالتوتر، لا تنظري إليه واستمتعي بمشاهدة المنزل فإنه جميل وصغير يشع منه الدفء رغم برودة الجو لكن كأنه ينقصه شئ ما..
خرجت من غرفة النوم الصغيرة على صوت اغلاق الباب فوجدت وارث يقف كما تركته:
_اعتذر نسيت ان أضع حاجزا أمام الباب فأغلقته الريح.
ابتسم في مودة كي يبث فيها الطمأنينه فلا تظن فيه سيئا أما هي فكانت تهز رأسها لا موافقة على كلامه وإنما موافقة على إجابة سؤالها التي وجدتها في وجه هذا الرجل: نعم ان المنزل تنقصه أجواء المرح والسعادة، زوج محب، إمرأة سعيدة هانئة وأطفال يهرولون حولهم في مرح وسعادة.
أخرجها صوته سائلاً في اهتمام:
_فيم تفكرين؟ ألم يعجبك المنزل ؟
أجابته وقد احمرت خجلا وهي تتساءل عما سيفعله لو علم بإجابة الشطر الأول من سؤاله:
_لا على عكس ما قلته انه منزل جميل دافئ..أرجو أن تنقل شكري وامتناني إلى السيدة سهيلة.
رفع جانب حاجبه في تساؤل متعجبا:
_السيدة سهيلة؟!
_نعم..زوجتك!
ابتسم في مرح واتسعت ابتسامته حتى استحالت إلى ضحكة ترن في مرح، نظرت إليه روفيدة في ذهول وقد شعرت بالحرج إلا أنه تدارك نفسه معتذرا:
_آسف فمنذ زمن بعيد لم يعرف الضحك طريقه إليّ..
ضغط على شفته العليا حتى يمنع نفسه من الضحك وتابع:
_سهيلة ليس زوجتي وإنما ابنة مربيتي السيدة عزيزة وهي مديرة البيت الكبير وخادمة جدتي الكتوم الأمين.
دقت نقرات مرحة على الباب ما لبثت صاحبتها أن دخلت:
_رأيت المفتاح في الباب…أبي؟!
كانت طفلة صغيرة تماثل رسل في السن، ذو شعر ذهبي براق وأنف دقيق وعينان تماثل عيني وارث لونا زرقاء كزرقة سماء صافية.
_تقدمي يا مليكة..السيدة هالة تكون جارتنا الجديدة..سيدة هالة هذه مليكة ابنتي.
ركعت روفيدة أما الطفلة ومدت يدها إليها إلا إنها انكمشت على نفسها وعادت خطوة إلى الخلف مما دفع الأب إلى قول:
_مليكة غير معتادة على الغرباء..اعتذر لكن مع الأيام سوف تعتاد عليكم.
تدخلت الصبية معلقة في نحيب:
_اعتقدت أنك تجهز البيت لي..أبي.
رفعها والدها عن الأرض وحملها بين أحضانه مربةً على ظهرها:
_ليس الآن يا مليكه..هيا إلى البيت أظن أن السيدة هالة قد أعدت لنا طعام الغذاء.
نظر إليها بجانب عينه فوجد علامات الذهول مرتسمة على وجهها، أشار إليها أن تسبقهما فسارعت روفيدة في الخروج بخطوات واهنة مرتبكة إلى المنزل حيث ينتظرها رسلان وأمور أخرى يجب إنهائها.
•••••••
انتهوا من تناول طعامهم منذ ساعات وكانت العجوز قد انشغلت في حديث جانبي مع حفيدها بينما شردت هي في ظلماتها، أخذت تضغط بكل ما تستطيع من قوة لعلها تزيح الغمام عن ذكرى ما، فالتمعت ذكرى الأمس في ذهنها بقوة، تغضنت ملامحها وهي تحاول ان تطمس ذكرى الذي حدث لكنها أبت أن تطمس.
يالها من ذاكرة عجيبة لا تستجيب لما تريد ان تتذكره ولا تستجيب أيضا لما لا تريد أن تتذكره..وكأنها بعدم استجابتها تهوى عدم الانصياع لها.
تميم..تردد الإسم في أذنها لا تعلم إن كانت سمعته من حولها أم من داخلها، رددته في هسيس{همس خفي} فشعرت بنيران الشوق تلظى{اشتد لهيبها}في داخلها تسحبها سحباً للنظر إليه إلا أنها أبت أن تنصاع هي الأخرى ونهضت تتمشى قليلا في أرجاء الحديقة تمتع نظرها بمرأى النباتات والزهور فيها.
°°°
كان تميم ينصت بأذن شاردة تتلهف السمع لكل حركة تصدر عن صاحبة الذاكرة المفقودة، انتبه إلى العصا التي هوت على يده في قوة متعجبا:
_تميمي، أتحدث إليك وأنت تتحدث إليها!
هذه المرة الأولى التي يشعر فيها بهذا الشرود وعدم الإتزان أجاب في تهتهة عكست ما بداخله:
_أ..أ..أ..أنا..لم..اف..هم.
أومأت برأسها علامة النفي وتابعت؛
_لا إنك تفهم تميمي..أنا أحدثك بينما عقلك وقلبك يناجيان من خرجت لتوها إلى الحديقة..
قاطعها وقد أدار وجهه نحو من تقصدها وتمتم في يأس وقنوط:
_من تتحدثين عنها بعيدة المنال يا جدة فهي زوجة أعز إنسان إلى قلبي وهي..
قاطعته هي الأخرى في تبرم{ضجر وسأم}:
_من تتحدث عنها أنت هي يارا ومن أتحدث عنها أنا هي تيارا..وأنت سوف تثبت صدق ما أقول..واليوم تفعل ما أخبرتك به، قبل عودة رحيم وإلا فسد ما خططت له.ستفعل تميمي أليس كذلك؟
كان في داخله يشعر بمزيج من مشاعر متناقضة من ألم وراحة، يأس وقنوط و فرح وترح، إلا أنه تغاضى عن هذه المشاعر و أجابها في أدب:
_بلى جدتي، لكن رحيم..
قاطعته في تنبيه حازم:
_رحيم أنا أكثر العارفين به..تربى وترعرع هنا تـ...لسنا في موضع تعريف لرحيم وأخلاقه الآن نتحقق من صدق ما أشعر به أولا وبعدئذ يكون لكل مقام مقال.
كانت كلماتها أشبه بقيد من نار يضيق الخناق على عقله فقد جاءت في طريقة تحذيرية لكنها مختلطة بمرارة وألم دفين يجهل سببه..انتظر أن تكمل ما بدأته من حديث لكنها التزمت الصمت، إذن ليس أمامه سوى الإنتظار حتى يكشف ما تطويه الجده بين طيات صمتها هذا.
فرك يسراه بيمينه وهو يقول بتردد:
_جدتي هناك ما أريد إخبارك به؟
صرفت كامل انتباهها إليه فتابع:
_بالأمس إكتشفت أن ذاك الجرح الغائر في عنقها ليس له أثر و..
طرقت الجدة الأرض بمؤخرة عصاها وهي تقر في بشر وفرح:
_كنت أعلم! هي تيارا وليست يارا، لكن كيف علمت؟!
أصابه سؤاله بصدمة كبيرة فضغط بقوة على عقله كي يسعفه باجابة ما فلم يفلح وإنما تلون خداه بلون قاني دلالة خجله، وهو مالم يخفى على الجدة فضحكت قائلة:
_إنه لمن دواعي سروري يا تميمي الغالي، لكنها أمانتي لديك ووجب عليك أن تصونها.
أمانتي...تصونها! كلمتان شكلتا طوق من نار يطوق به رقبته ولزاماً عليه ألا يقطعه كي لا يحترق به.
••••••
حل الليل سريعاً فآوت إلى غرفتها بعدما اطمأنت على حال طفليّ أخيها تمنت لو استطاعت إقناع ذو الرأس المتيبس (رسلان) بأخذ رسل معها في غرفتها كي يرتاح في نومته إلا أنه ظلّ آبيا، رغم ما عددته على مسامعه من مساوئ نومهما معا"غرفتك صغيرة، رسل ما تزال صغيرة وتحتاج إلى حضن إمرأة، انت صرت فتى كبير وتحتاج إلى غرفة مستقلة و…"
أعذار كثيرة حاولت بها أن تثنيه عن قراره لكنه ظل على موقفه.
أطلقت تنهيدة حارة وهي تقف أمام صورة لأخيها تتساءل: ترى ماذا حدث مع هذا الصبي جعله بهذه الحدة والشراسة؟!
مشت خطوات قليلة وجالت بنظرها حولها، غرفة نوم متوسطة الاتساع يقبع في منتصفها سرير واسع يكفي لإثنين، الغرفة تحمل الطابع الأنثوي تبدو كأنها غرفة فتاة في ريعان شبابها أو غرفة لزوجين..وبذكر الزوجين تذكرت ذاك الخطيب هزت رأسها في حدة كي تطرد تلك الذكرى وحاولت أن تشغل فكرها بشئ آخر..لكن بماذا وهي وحيدة في هذه الغرفة والوحدة تجعل الإنسان خائفا مذعورا ويستعيد أسوأ الذكريات..رددت في مرارة:آه كم أرغب ألا أفكر في هذه الليلة الرهيبة، خالفتها خزينة الذكريات وانفتحت على مصراعيها على تلك الذكرى حينما كانت عائدة إلى المنزل من عملها ووجدت خطيبها في انتظارها برفقة زوجة أخيها حينها شعرت بشئ ما يدور بينهم خفية إلا أنها أنكرت على نفسها ما شعرت به وحاولت أن تبدو على طبيعتها معهما واقترحت وقتئذ عليها زوجة أخيها أن تذهب برفقة خطيبها إلى منزله كي تعيد النظر على شقتهما وترى ما ينقصها من ترتيبات ووافقت تحت ضغط إلحاحها عليها وذهبت معه ظنا منها أن والدته ستكون هناك إلا أنها لم تجدها وعندما همت بالعودة هاجمها من الخلف فحاولت أن تنجو من بين براثنه وجاهدت بكلتا يديها وزادت من صراخها لعل يسمعها أحد ففاجأها وشق ملابسها وحين جمعت ملابسها بكلتا يديها على جسدها كي تستر ما بدا منه انتهز الفرصة وألقى بها على الأرض مقيداً يديها بحزام سرواله وهم بها إلا أن وصول أخيها أنقذها من السقوط في هاوية لا تعلم ماذا كانت ستفعل لو وقعت فيها...
سقطت دموعها مدرارا وأخذت شهقاتها تزداد فقامت تغسل وجهها بالماء البارد لعله يمحى هذه السوداء{وهو مرض نفسانى يؤدي إلى فساد الفكر في حزن} ويساعدها في أن تصرف النظر عن هذه الذكريات
الديجية{سوداء}.
ذهبت إلى غرفة الطفلين كي تطمئن عليهما فوجدت رسلان مازال مستيقظا، تساءلت في ذهول:
_مازلت مستيقظا؟!
_نعم.
أجابها في خفوت ولكن خرجت كلمته في لهجة صارمة حازمة كسوط أراد به قطع استرسالها في الحديث، القت بنظرة خاطفة إلى رسل كان يرفع رأسها على ذراعه ضاما إياها إليه:
_رسلان، إترك رسل تنام في استرخاء وتعالى معي؟
تردد لحظة ثم أجابها:
_أنا..ماذا تريدين الآن؟
نظرت إليه مليا قبل أن تجيبه:
_الوقت مازال مبكراً..اترك الصغيرة واتبعني.
ترك أخته على مضض وسار خلفها مطأطأ الرأس وفي غرفتها بادرته سائلة:
_مارأيك في مدينتنا الجديدة؟!
وقف أمام النافذة المفتوحة في فتور وأجابها في سخرية:
_ألهذا السؤال السخيف أحضرتني إلى هنا؟!
حسنا! إنها من أجمل المدن مليئة بالأشجار الخضراء وغنية بالنباتات المتنوعة منها العطرية ومنها..
قاطعته وقد عيل صبرها من مرواغته:
_كفى مراوغة! أعلم ما ستقوله عن المكان وما يحويه ولكنني أسألك عن الأشخاص لا المكان؟
شخص بنظره إليها في انزعاج ارتسم بوضوح على وجهه، ثم تمتم من بين شفتيه المزمومتين:
_وما لي والأشخاص؟ جلّ ما يعنيني هو أختي وأبي فقط..ولا يهمني ممن حولي شخص آخر.
فقالت بهدوء بعدما أخذت تغالب دموعها
محاولة أن تكبح سيل القنوط الذي كان يكتسحها ليتها تستطيع أن تتعرف على ابن أخيها الصغير فيمن يقف أمامها:
_رسـ..،حبيبي ألا ترى أنك سهوت عن ذكري؟
_لا.
لا كلمة صغيرة خرجت في غضب، حرفان محملان بالكثير من المعاني، حرفان كبداية سهم ونهايته انغرس بكليته داخل قلبها الصغير، سارت تجاهه ومدت يدا مرتعشة تمسك بكتفه الصغير إلا أنه نأى بنفسه بعيدا عنها وسار مبتعدا عن النافذة حتى صار في منتصف الغرفة، كانتا عيناه من الإشتعال ما أشعرها بأن نظرة واحدة منه ستكون كفيلة بحرقها حية وهي تقف مكانها مكتوفة الأيدى لا تستطيع معه من شئ.
صرخت بغضب:
_ما جريرتي{ذنبي} يا درة الغالي؟
قطب حاجبيه وعبس وجهه مجيباً بصوت ملؤه الغضب:
_ كل ما حدث كان جريرتك..أتيت برجلٍ عاث في حياتنا الفساد، دأب على التغرير بوالدتي حتى استجابت له ولم يرتضي بها فقط وإنما حاول مع..مع..
شهقاته المتلاحقة وبكائه المكتوم حال دون استمراريته في الحديث ، فحثته هي على المتابعة بصوت مكلوم تجاهد حتى يبدو واضحاً:
_ مع من؟..لم التزمت الصمت، تابع مع من؟
لم تجد منه غير الصمت والبكاء فقط فصرخت فيه:
_سألتك مع من؟ هيا أخبـ..
قاطعها صارخا هو الآخر:
_مع رسل..مع رسل حاول مع رسل.
بحثت بيدها عما تتكئ عليه من هول ماسمعته فشعرت كأن الأرض تميد من تحتها، لمَ لم يغشى عليها الآن وتستريح من وقع ما سمعته؟
لعله يقول هذا كي يشعرها بذنب كبير ويحملها مالا طاقة لها به نظرت إليه بعيون تنضح بالهلع وتساءلت بصوت خانق لا تعلم ان كان وصل إليه أم لا:
_أنت تكذب أليس كذلك؟
*******
ظلت تيارا حبيسة لغرفتها تنتظر أن يدعوها أحد للإنضمام إليهم أو أن تدخل تلك المرأة التي لازمتها طوال الأيام المعدودة السابقة ولكن ومنذ أتت الجدة في اليوم الفائت وهي تلزم غرفتها أغلب فترات اليوم، لم تنضم إليهم على مائدة الإفطار، تعمدت عدم الخروج إلى الحديقة بسبب خروج الجدة إليها قبيل الظهيرة، كما وأنها تناولت طعام الغذاء على عجل متعللة ببعض الأعمال..ترى لمَ تخشى حضور الجدة بهذه الطريقة؟!
سارت إلى نافذة الغرفة وأزاحت بعضا من غطائها تسترق النظر إلى الحديقة من وراء الزجاج، كانت شجيرات الورد العطرية وأشجار الزينة تزين أرض الحديقة كروضة من رياض الجنة استطاب لها المسير فيها صباحا واستطاب لها أيضا النظر إليها الآن، انتبهت إلى برعم على رأس الشجيرة الصغيرة
يميل مع كل هبة ريح تأتي إليه ويعود إلى موضعه دون أن ينكسر..تأتي الريح مرة أخرى إليه ويعود يقف سليما، فكرت في ألم أنها كتلك النبتة.. طرية و مزهرة تقف في بستان الحياة وقد هبت رياح عتية على ذلك البستان كله وأتت عليه فباد البستان وبقيت هي وحدها لكن بقيت حَطبة يابسة سوف تنكسر مع أول هبة ريح، أو كأنها كلمة كتبت في كتاب الماضي فمحيت حروفها وبقيت هي وحدها الكتاب وتجهل المستقبل.
جالت عيناها في أرجاء الغرفة تردد: كأني لا أعيش في دنيا هؤلاء الناس أو كأنهم ليسوا من دنياي..أنا لا أعرف شيئا مما يحيط بي..
ظلت واقفة بجوار نافذتها حتى غربت الشمس وراء الأفق البعيد، و أقبل الغسق بظلمته في تمهل وأقبلت معه برودة الشتاء القارصة، رفعت يدها تمسك بشعاع هزيل قبل أن يذوي داخل غسق الليل لعله يزيل هذه الظلمة التي ذاعت{انتشرت} في داخلها ولكنه أبى السّجن بين يدها وغاب عنها مع الشمس التي غابت منذ لحظات.
داهمتها نوبة ألم جديدة فأخذت تضغط بقوة على صدغها محاولة إنهاء ذلك الألم إلا أنها لم تستطع إيقافه أغمضت عينيها بشدة فوجدت نفسها مقيدة بقوة إلى كرسي وموصول بها عدة أنابيب وتحاول التنفس بقوة، ألم شديد يحز في ذراعها ويدها بل جسدها كله.
*****
جلس أمامها وقد انهارت كل الحصون التي أقامها وسقطت دموعه منهمرة دون توقف وهو يقول في صدق دون موارية:
_لا.
_متى؟
لقد كان ما بداخلها متبلدا فخرجت كلمة الإستفهام من فمها باردة كالثلج أيضا، أما هو فأجابها بعينين مغمضتين وفم ملتو:
_قبل انفصالك عنه بأيام، كان ينتظرك في المنزل كعادته ودخل غرفتنا أمرا إياي بالخروج تلبية لنداء أمي وحينما تركته على مضض أغلق الباب من خلفي، لكنني لم أشعر…
أغمضت عينيها هي الأخرى على دموع حارقة تنهش جفنيها وقد تمثل المشهد أمامها:
_تابع!
_لم أشعر بالارتياح خاصة عند رؤيتي لنظرة الرعب التي ارتسمت على وجه أختي، نظرت من ثقب الباب فوجدته يرفعها على السرير ويزيح ثيابها عنها وهي تبكي…
مع كل كلمة تخرج من فم الصغير تمنت لو كان ذاك الآثم أمامها الآن لكان ميتا ألف مرة ومرة، بكت صارخة:
_وبعد ذلك.
_اقتحمت الغرفة وأزحته بعيدا عنها كانت ترتعش وتهمهم بكلمات لم أفهمها، أما هو فقد اعاد غلق سرواله وذهب إلى أمي وأخذ يتوعد لها بأشياء عدة إذا تحدثت أنا بشئ..
زادت في اغلاق عينيها بشدة ألمت جفونها إلا أنها لم تبالي فالألم بداخلها كان أقوى، صرخت:
_لمَ تصمت! تابع.
نهرها بقوة:
_أتابع ماذا؟ هل استمتعتِ بما أقول؟
سؤاله أشعرها بصدمة كبيرة ففتحت عينيها مرة واحدة فلم ترى أمامها غير دوائر سوداء صغيرة وأخرى كبيرة وكأن كل دائرة تنبثق عن الأخرى وتغوص بها داخلهم بعد لحظات تداركت أمرها:
_ ماذا؟! كيف تحكم على ما لا تعلم عنه شيء،
أنا..لم أقصد أن يحدث ماحدث وما قصدت بحثّك على الحديث إلا الاطمئنان على رسل والوقوف على حقيقة ماحدث لها وما أحدثه ذلك الفاسق بها.
ارتعشت شفتيه ودارت عينيه في الغرفة على غير هدى فسألته مرة أخرى:
_أصدقني القول يا رسلان، ماذا حدث؟ هل..هل..لا اعلم كيف أقولها؟!
بكلمات متقطعة صارخة أجابها:
_لا..لاأعلم..ورسل..هي أختي..لن أسمح..لكِ أو لغيرك..بأذيتها..و..
صرخت فيه بغضب وهي تكمم فمه:
_اخرس! تريد أن يسمع الجميع ما تقوله؟
ازاح يدها عن فمه بتقزز:
_لن أخرس!
جلست بجانبه لا تعلم ماذا تقول،او ماذا تفعل لقد ظنت أنها انتأت بهما بعيدا عن الخطر وأنهم سوف يعيشون ملئ حياتهم سعادة وأن الماضي قد وراه الثرى كما وارى جسد أمهما وذاك الفاسق، ترى ما مبلغ ما أصاب الصغيرة؟
شعرت كأنها تقف على أرض ثلجية فأطرافها متيبسة لا تشعر بهما أو كأن صدرها قد جثم عليه ما أثقله وأثقل رئتيها فأصبحت دقات قلبها عالية الوتيرة:
_ياالله!
رفعت رأسها زافرة ما بداخلها مرددة بإسمه الأعلى عونا ورجاءا.
التفتت إلى رسلان متمتمة:
_أقسم بمن أحل القسم! أني لم أشعر تجاهه بمثقال ذرة من حب وأني لم أطمئن إليه أبداً، فلا تحملني بوزر ليس لي وساعدني فيما أوقعنا فيه من أرجو ألا يرحمه الله بما فعله.
_أنا..أنا..
شعر بالارتباك يغزوه غزوا ولم يستطع قول شئ فتابعت هي:
_رسلان..ما تفعله مع رسل يضر بها أكثر مما أضر بها ذاك الفاسق..رسل يجب أن تذهب إلى الطبيب نطمئن عليها ونرى مقدار ما أحدثه بها ذاك الماجن.
وقف بغتة وهو يهدر:
_لا! لن تستطعين فرسل تخشى أن يقترب منها أحد غيري.
ماذا؟! كيف لم تشعر بذلك وهما معها قرابة الأسبوعان؟ لقد ظنت أن انزواء الطفلة والتزامها الصمت ما هو إلى رد فعل لما حدث لأمها ووالدها، لكن أن يكون بسبب شئ كهذا اذن فالطفلة تحتاج إلى تدخل أخصائي نفسي وهو ماليس بشئ هين في حالة كحالتهم.
ترى إذا تدخلت هي هل تقبلها الصغيرة، نظرت إلى رسلان وتمتمت في رجاء:
_رسلان أنت تضرها بما تفعل، ضع يدك في يدي كي نساعدها وتساعدني وكي نساعدك أيضا فما يحتاجه ثلاثتنا الآن هو الإقتراب أكثر وأكثر من بعضنا كي نخطو خارج هذه الدائره التي تسحبنا إلى أسفل.
لم يكف دمع الصغير عن السيلان وإن هدأت شهقاته المتواصلة، تمتم بصوت حشرجة كثرة البكاء:
_وماذا تريدني أن أفعل؟
_تساعدني في الإقتراب منها وإذابة الغلاف الجليدي الذي أقامته حول نفسها وساعدتها أنت في ذلك.


noor elhuda likes this.

عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-10-19, 11:35 PM   #17

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضلان صعبان جدا ... مشاعر محتدمة وقصة غامضة
تيارا ويارا اذن هي خطة رحيم عل يكره زوجته الى حد ان
يبدلها بتوأمتها وهل كان يعلم اين كانت توءمتها طوال الوقت الذي فات؟
والان تميم لم افهم جيدا هل يحب التي تزوجها شقيقه أم توأمتها ؟
الجدة لها دور مهم ولما سلمى تخاف منها؟
أشفقت جدا على رسل وارسلان عاشا ما هو فظيع على سنهما الصغير.
وهل ستتمكن عمتهما فعلا من إخفاء الحقيقة وادعاء انها امهما ؟
واين شقيقها مصطفى ومن اين كان وارث يعرفها؟
فصلين جميلين في إنتظار القادم باذن الله
سلمت يداك


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 27-10-19, 04:47 PM   #18

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضلان صعبان جدا ... مشاعر محتدمة وقصة غامضة
تيارا ويارا اذن هي خطة رحيم عل يكره زوجته الى حد ان
يبدلها بتوأمتها وهل كان يعلم اين كانت توءمتها طوال الوقت الذي فات؟
والان تميم لم افهم جيدا هل يحب التي تزوجها شقيقه أم توأمتها ؟
الجدة لها دور مهم ولما سلمى تخاف منها؟
أشفقت جدا على رسل وارسلان عاشا ما هو فظيع على سنهما الصغير.
وهل ستتمكن عمتهما فعلا من إخفاء الحقيقة وادعاء انها امهما ؟
واين شقيقها مصطفى ومن اين كان وارث يعرفها؟
فصلين جميلين في إنتظار القادم باذن الله

سلمت يداك

بإذن الله😘😘😘تسلمي يارب أستاذة منى بجد بيفرق معايا قراءتك لخربشاتي البسيطة وتعقيبك عليها💕💕💕💕


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-19, 07:18 PM   #19

Reem1997

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Reem1997

? العضوٌ??? » 410013
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,948
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » Reem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond reputeReem1997 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الي مر فيه الطفلان كان قاسي جدا والأقسى منه انه كان بعلم والدتهم
هل مصطفى قتل زوجته وشاهين عشان كذا هو مختفي !!
وايش قصة رحيم مع يارا المدلله وهل كان بيعرف مكان توأمتها
ننتظرك ي جميلة لا تتاخري علي 😘


Reem1997 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-19, 11:55 PM   #20

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي

قرأت اول فصلين الان البداية مشوقة جدا والأسلوب رائع هل هذه أول رواية لكي لم أقرأ لكي سابقا واتمنى قراءة كل ماتكتبين انتي موهوبة حقا

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:52 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.