آخر 10 مشاركات
عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          3-المطاردة العنيفة - ساندرا فيلد -روايات نتالي (حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          دوامة الذكريات - فانيسا غرانت - روايات ناتالي** (الكاتـب : القصايد - )           »          13- حب أم واجب - كاى ثورب - روايات ناتالي (حصرياً لروايتي ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          [تحميل] إمــا "شيطـــان" أو شـخـص مــهـزوز الـكـــيان/للكاتبة Miss Julian(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree16Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-10-19, 08:59 AM   #21

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة reem1997 مشاهدة المشاركة
الي مر فيه الطفلان كان قاسي جدا والأقسى منه انه كان بعلم والدتهم
هل مصطفى قتل زوجته وشاهين عشان كذا هو مختفي !!
وايش قصة رحيم مع يارا المدلله وهل كان بيعرف مكان توأمتها
ننتظرك ي جميلة لا تتاخري علي 😘


بإذن الله مع كل فصل بتنفك عقدة من عقد الحكاية 😍في انتظاركم انا بالفصل القادم واتمنى ان اكون عند حسن ظنكم❤😘😘❤


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-19, 09:01 AM   #22

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت سعاد38 مشاهدة المشاركة
قرأت اول فصلين الان البداية مشوقة جدا والأسلوب رائع هل هذه أول رواية لكي لم أقرأ لكي سابقا واتمنى قراءة كل ماتكتبين انتي موهوبة حقا

حبيبتي💕💕أسعدك الله كما أسعدتني ويشرفني أن أكون مز كاتباتك المفضلات في انتظارك بالفصل القادم فلا تحرميني كلماتك الرقيقة😘😘😘


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-19, 09:10 PM   #23

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

[size="4"الفصل الخامس

جال بنظره في القاعة الكبيرة متأففًا ينظر إلى ساعة يده كل دقيقة، يتمنى لو ينتهي ذاك الإستعراض الذي لا فائدة ترجى منه، مؤتمرات، ندوات، حفلات استقبال وأشياء عدة تستنزف من الأموال ما يوضع في غير محله دون فائدة أما إذا وضعت فيما حل لها لأنقذت الكثيرين والكثيرين من ذوي الأمراض النفسية..
يد أحدهم الموضوعة على كتفه قطعت عليه شرود فكره وهو يقول:
_ما الأمر أراكَ شاردًا؟
التفت إليه رحيم فوجده صديق أخيه المقرب إليه سُفيان نظر إليه في اشمئزاز ونفور :
_لا شئ يهمك.
أزاح رحيم يد سُفيان ولكن الأخير لم يصطدم من طريقة رحيم المنفرة في التعامل مع الآخرين والتي تختلف كثيراً عن طريقة تميم
وضع يده في جيب سرواله وهو يزم شفتيه قليلاً ثم قال باستفهام:
_ رحيم مارأيك فيما يقال بأن ثلاثة يتشابهون في عقولهم الشاعر والمجنون والمحب؟
رام رحيم عنه{ابتعد} قليلاً وهو يفكر بإمعان فيما سمعه ترى هل صدر عنه ما جعله يسأله هذا السؤال؟
نظر إليه في تعالي وهو يجيبه وقد أسكرته خمرة الكِبر التي بدت آثارها على ملامح وجهه:
_لمَ تسألني هكذا سؤال؟ وأنت أكثر من يعلم بإجابته فأنت شاعر ومحب..أليس كذلك؟
لم يخطئ سُفيان نظرة التعالي المزينه لوجهه وتلك الطريقة التي يقف فيها وكأنه يقف على رؤوس رعيته أو كأن الشمس تطلع من جبهته والغمام يندي من يمينه لكنها امتزجت ببعض من التوتر، أخذ سُفيان يتفرس فى وجهه وهو يجاهد لسبر غور التوتر البادي فيه، إلا أن رحيم شمخ بأنفه وتابع مبتسمًا بابتسامة دبلوماسية:
_اعذرني، فأنت سلبت من وقتي ما يزيد عما تستحق.
تركه مذهولاً ومشى في تفاخر بين الجموع كأنه يمتطي السماكين {نجمان نيران أحدهما في الشمال وهو السِّماك الرامح والآخر في الجنوب وهو السِّماك الأعزل} كان يسير وفي سيره يبدو وكأنه يمتلك الخافقين{المشرق والمغرب} بين يديه حتى اختفى بعيدا عنه.
رفع سُفيان حاجبيه بسخرية ثم ضاقت عينيه تساؤلًا وقطب حاجبيه تعجباً وهو يردد في خفوت: ترى يا رحيم هل أصابك بعض مما تساهم في إيجاد حلٌ له، ولكن كيف وهل في المرض النفسي شئ ملموس يجعل منه مصدر عدوى ينتقل بالتلامس من العليل إلى الصحيح؟!
لقد كان يتعامل معه دائما وكأنه استعبد الثقلين{الإنس والجان} أوكأن الخضراء{السماء}له عرشت والغبراء{الأرض} باسمه فرشت ولكنه دائمًا تغاضى عن طريقته تلك في التعامل، أما اليوم يبدو أنه لن يستطيع الاستمرار في التغاضي، سوف يخبر تميم بظنونه في أقرب فرصة، فأخيه الطبيب النفسي يعاني من التيه والتكبر .
••••••
عسعس الليل{ذهب وأدبر} فانجابت ظلمته عن ضوء الفجر وهي ما تزال على جلستها لم يغمض لها جفن، كان كل شيء حولها ساكن كسكون الموت وداخلها مظلم كظلمة القبر..تفكر في مرارة كيف لأم زرع الله في قلبها محبة لطفلها حين زرعه جنينا في أحشائها، إذا انجاب صدرها عنها لفاضت تلك المحبة على الجميع تترك ابنتها هكذا فريسة لصياد اندثرت بداخله معالم الرحمة؟ كيف ينفق الوالدان النفس والنفيس لتنشئة أولادهم وتهذيبهم وتلك الأم عفت عن ذلك في سبيل رغباتها الحيوانية والتي لاتمت إلى الإنسانية بصلة؟.
هي غفلت او تغافلت عن مسؤوليتها كأم تبذل من روحها لحماية أطفالها..فكانت تستحق ما عوقبت به.
صوت خشخشة الأوراق اليابسة تتكسر تحت أقدام أحدهم جعلها ترهف السمع أكثر كي تتبين هوية سائر الفجر هذا، ومن بين الأغصان الكبيرة أطلت برأسها فرأت رجلين أحدهما يولى ظهره له وقد تبين هويته، وارث الشريك الآخر لأخيها أما الرجل الآخر فلم تستطع تبينه جيدا إذ كان متخفياً في الظلام.
سمعته يقول:
_أمامها بعض الوقت كي تستيقظ وأريدك أن تتعامل معها ببعض من الحنان والود حتى تعتاد عليك.
جاءها صوت وارث الغاضب:
_لقد أخبرتكم أكثر من مرة أن ذاك..ذاك..
قاطعه الرجل الآخر:
_اهدأ أنا أعلم أن في الأمر شبهة ما، ولكن هي بأمانتك حتى تأتي الأوامر الجديدة.
لم تهدأ ثورته ولا هياجنه فتابع غاضبا:
_أنا لن أنتظر تلك الأوامر وسوف أقوم بما تمليه علي نفسي فأنا سيد قراري.
أجابه الآخر وهو يجاهد كي يبدو هادئا:
_وارث أنا أنفذ ما تمليه عليّ هي محبةً لها واحتراماً ولك أن تدعوني بما تحب، لكنني لم أقود سيارتي في هذا الليل المظلم القارص البرودة ولم أعرض نفسي وأعرضها لمخاطر عدة كي استمع إلى ترهاتك..
تركه وسار مبتعدًا عنه وهو يتابع في تحذير:
_هي بأمانتك وأنا عائد عن قريب..وارث لا تتبع معها أسلوبك الهمجي حتى لا ترتعب.
اختفى الرجل واختفى معه الدم من وجهها، هل هربت من شرير واحد كي تقع بين عصابة من الأشرار خرجت شهقة رعب من حنجرتها فوضعت كفها على فمها كي لا ينتبه لها ذلك الرجل وتسمرت مكانها غير قادرة على الإتيان بأي حركة فتكشف مكان اختبائها وانتظرت حتى سار مبتعدًا عنها متجهًا إلى غرفة منزوية بعيداً عن البيت.
وهي على حالتها من الرعب والذعر تفكر في طريقة للابتعاد عن ذاك الذئب البشري، ولكن قبل أن تبتعد يجب عليها أن تعرف من هي تلك التي في قبضته، وماهي الطريقة التي تستطيع بها انقاذها من بين براثنه؟!
•••••
ها قد انهتك ستر الدجى{الظلام} فتنفس الصبح {أشرق} ولمعت أشعة الشمس في أجنحة الطير المحلق في عنان السماء يعانق السحاب مداعبا ويستنشق الهواء النقي مستمتعا، غير آبه لبرودة الجو ولبست الأرض حُلة النشاط وأرسلت الشمس جيوشها تدق نوافذ الدور كي توقظ ساكنيها.
بينما إحدى ساكنات هذه الدور تتململ{يتقلب متألما} في تكاسل على فراشها غافلة عما حولها بآلام رأسها التي باتت غير محتملة، تناهي إلى سمعها أصوات غريبة غير التي اعتادت عليها ففتحت جفنيها في تمهل كي لا يصيبها الضوء بمزيد من الألم إلا أنها أصيبت بالدهشة لغرابة المكان الذي اعتادت عليه، أغمضت عينيها بقوة وفتحتهما مرة أخرى لعلها تكون في حلم فتستيقظ منه إلا أن الصورة بقيت كما هي غرفة صغيرة يقبع في منتصفها خوان{مائدة طعام} صغير عليه طبق صغير يحوي بضع حبات من فاكهة البرتقال وفي منتصفه سكين صغير يلمع نصله تحت ضوء الشمس، وعلى أحد جانبيها كرسي صغير بجانبه بضعة أرفف مرصوص عليها عدة كتب أما الجانب الآخر فكان فيه مدفأة جدارية انطفأ لهيب النار فيه وخمد دفئها.
أزاحت الغطاء الثقيل عنها وقامت على عجل متوترة الأنفاس تجاه باب الغرفة لكنه كان مغلق نظرت إلى يدها فكانت ترتدي عباءة تختلف عما كانت ترتديه ليلة الأمس:ترى على أصبت بفقدان ذاكرة مرة أخرى، لا كيف بكون ذلك؟ أين أنا؟ جدتي؟..أسئلة كثير بحثت حولها عن إجابات لها لكنها لم توفق.
أزاحت غطاء النافذة السميك فكانت النافذة محاطة بسياج حديدي بينما الحديقة حولها تختلف عما اعتادت، داهمتها موجة قلق تفوق المعتاد فزادت من آلام رأسها احتضنت نفسها تجاهد في تذكر شئ ما لكنها لم توفق أخذت في الضغط على عقلها بقوة شديدة آلمتها هي حتى سقطت في ظلام دامس مرة أخرى.
•••••
أحبك لا بل أعشقك أقولها بكل جارحة من جوارحي..أقولها حينما أشعر بطيفك يتهادى حولي...عندما يهفو النسيم برائحة عطرك الأخاذ..أصرخ بها عندما يقتلني الشوق إليك وأبحث عنك فلا أجدك بقربي..أعشقك كلمة لا توازي ما أحمله إليكِ..يا من سكنتِ روحي وفؤادي قبل أن تقع عليكِ عيني، يا من بحثت عنكِ بين الفتيات فوجدت شبيهتك من تملك حسنك وبهائك وتفقد روحك وصفائك..الله يعلم وهو أعلم شهيد وأقرب للضمير من حبل الوريد أني أعشقك وأدعوه العالم بما تخفي الصدور السميع لراجيه والقريب ممن يناجيه ألا أفقدك أبدا بعد اليوم وأن يجمعني بكِ في خير.
احتجب ضوء الشمس الوليد في سرادق الغيم وتدثرت السماء بدثارها الأسود ثم رعدت وبرقت مما دفع تميم إلى التوقف بسيارته قليلاً حتى تهدأ عاصفة السماء، عاد برأسه إلى الخلف وأغلق جفنيه قليلاً يستعيد صورة ذات العيون السوداء عندما داهمتها نوبة الألم مرة أخرى بالأمس فاضطر أن يحقنها بمهدئ حتى غفت، كانت تشكو من الألم قبل أن تغفو وعندما قام بمعاينتها لم يجد سبب لما تشعر به وتذكر شكوك الجدة التي بثته إياها حينما عرضت عليه أن يذهب بها بعيدًا عن أعين من بالقصر دون علم أحد:
_أنا تيقنت وتأكدت أنها تيارا وليست يارا، السؤال الآن الذي يبحث عن إجابة هو كيف عادت وأين يارا؟!
كان يعلم أنها تعني رحيم بشكوكها ولكن وكما اعتادت، هي لا تجابه أحد بشئ ما إلا بعدما تتأكد من ظنونها:
_رحيم…
قاطعته الجدة في حزم:
_رحيم يعلم كل شئ لذا سعيت في إرساله بديلاً لرئيس تلك البعثة كي تتاح لي الفرصة لمعرفة ما يحدث..منذ ثلاثة أشهر اختفت يارا فجأة وتعلل رحيم بأنها مجهدة الأعصاب وأرادت السفر كي تستعيد هدوئها، هاتفتني مرة واحدة وأخبرتني أنها لا تريد أن يزعجها أحد وأنها سوف تعود وقتما يحلو لها..مرت الأيام ولم تعد وفي اليوم التالي لسفري إلى تركيا عادت بتلك الحالة التي رأيتها فيها.
أغمض تميم عينيه لبرهة، هي تتحدث بالمنطق والبرهان وإذا لم يكن لدى رحيم ما يبرر به ما حدث فسوف يكون المسؤول الوحيد عن البلبلة التي حدثت:
_ننتظر حتى يعود و…
_لا بل نسبقه بخطوة، أنت تأخذ تيارا خِفية وتذهب بها إلى مزرعة وارث فهو المكان الوحيد المحرم على رحيم دخوله وهناك تقوم بمتابعة حالتها النفسية ولك أن تهاتف أخت صديقك تلك فهي كما أخبرتني طبيبة نفسية وتطلب مساعدتها..لكن في الخفاء.
_ولكن..
قاطعته مرة أخرى:
_ليس هناك مجال للمعارضة..رحيم لديه الكثير من العيوب ورغم ذلك لا أريد أن أتجبر عليه{أظلمه}، لكنه دائما يكون محاط بألغاز لا حل لها..لذا أنا لن أنتظره حتى يأتيني معللاً.
قال في تردد:
_عمتي سلمى ترى فيه ولدها ولم..
قاطعته وقد عيل صبرها:
_ سلمى لا تعرف هِراً من بِرٍ{لا تميز من تكرهه ممن تحبه} والوقت يتسرب من بين أيدينا وأنت تستبق الأحداث بمرافعتك عنه.
عاد إلى واقعه وقد توقف المطر وانكشف غمام السماء، نظر إلى السماء في حسرة فعلاقته بأخيه علاقة لباس وثريد{ثرد الثوب أي غمسه في الصباغ} علاقة دم وروح، كيف يكون السبيل معه إذا كان له يد فيما حدث؟
أسرح النظر في انعكاس صورته في المرآة الأمامية فكانت باهته غير واضحة الملامح وظهر وجهها يبتسم له في رجاء، مرر أنامله على سطح المرآة متمتمًا:
_ارتسمت ملامحك على وجهي وأصبحت أراكِ في عيني أشعر بكِ تناديني..أنا آتٍ ملبياً يا وتين وجداني.
••••••
على إثر قطرات الماء الباردة المنثورة على وجهها استيقظت فزعة، ظلت للحظات تجاهد كي تتذكر ماذا حدث فاصطدمت برؤية أحدهم يقف على رأسها، يسأل في اهتمام:
_ماذا حدث؟
نهضت من مكانها بقوة أشعرتها بمزيد من الألم فصرخت، اقترب الرجل منها مهدئاً:
_اهدئي إنه أنا..وارث أ…
انكمشت على نفسها وهي تصرخ في هلعٍ مقاطعة:
_ابتعد عني، أين الجميع...أنا..
اقترب أكثر واحتضنها بين يديه حتى يهدئ من روعها إلا أنها زادت في صراخها فانفتح الباب في قوة ودخلت منه رُفيدة وهي تصرخ في اشمئزاز:
_ابتعد عنها أيها الوغد، ماذا تفعل؟
جذبته من كتفه وأبعدته عن فريسته والإشمئزاز يعلو وجهها وسرعان ما تحول إلى ذهول حينما اكتشفت هويته:
_وارث، ماذا تفعل أيها القذر؟
اقتربت من الفتاة الهلعة محاولة تهدئتها واحتضنتها بين يديها إلا أنها انكمشت على نفسها بين ذراعيها، همّ وارث بالحديث إلا أن دخول تميم قطع عليه محاولته.
بصرت به{رأته} تيارا فهرعت إليه واحتمت بظهره بعيداً عن الحاضران وهي تردد في نفسها في اطمئنان:كم أشعرني حضورك بالأمان لاتتركني مرة أخرى.
وقف مذهولا غير قادر على الإتيان بحركة أو التفوه بكلمة، يشعر بها كجزء منه، يشعر بها كما لم يشعر بامرأة أخرى ولسان حاله يردد في سكون:أصبحت أسير عينيك تلك العيون التي رمتني في بحر لا قرار ولا شاطئ له، اطمئني ها قد عدت كي أراكِ وأمتع عيني برؤية عيناكِ.
_تميم!
تفوهت رُفيدة بإسمه في خفوت متحشرج لم يسمعها به أحد وقد أصابها الذهول.
أقر وارث في غضب:
_تميم، أخبرتك أنني لا طاقة لي معها وأنت أكثر من يعلم ذلك.
مرت لحظات قبل أن ينقشع الغمام عن عقله وتنحل عقدة لسانه ويتمتم بنفس متهدج:
_لهذا عدت مرة أخرى.
ادار رأسه إلى المتوارية خلف ظهره وتابع:
_إهدئي، هذا الغبي ليس بغريب عنك فهو أخوك..وارث.
شهقت رُفيدة بصوت مرتفع فالتفت إليها تميم ووارث في نفس اللحظة:
_رُفـ…
_سيدتي أستميحك عذراً لكن وجودك غير مقبول هنا.
كان وارث الأسبق بمتابعة الحديث مما دفع تميم إلى الإطراق{الصمت} والنظر إليها في تساؤل فبادلته النظر بالرجاء لعله يصمت وقد كان فأغمضت عينيها شكراً.
شعر وارث بالغضب والنفور من نفسه فتابع معللاً:
_أعتذر سيدة هالة، لكن..
انتبهت رُفيدة إليه فقاطعته:
_لا بل وَجب عليّ أنا الاعتذار فأنا.. اعتقدت خطأ أنك..
تابع متفهماً:
_لا عليك.
تركتهم على استحياء فكما يبدو لها هم عائلة وهي الغريبة بينهم، رمقها تميم بنظرة لم ينتبه إليها احد سوى وارث عندما كانت تمر بجواره ولكنه لم يفهم مغزاها.
•••••••
_الحياة عبارة عن أخذ وعطاء... جملة لطالما اعتادت على سماعها من زوجة أخيها"فضيلة" من لم تكن اسمها على مسمى..فقد كانت إمرأة معجونة من طينة الحسد والحقد فكانت جسد كله حسد وعقل كله حقد.
اعتادت فضيلة على الوسوسة إليها بما يخدم مصالحها الخاصة وأولى وسوساتها تلك كانت عندما ابتسم الحظ لها وتم تعيينها في شركة الليثي لتعبئة وتصدير الفاكهة دفعتها إلى التقرب من رئيسها المباشر في قسم الحسابات، لكن ومع ابتسام الحظ مرة أخرى وترقيتها سكرتيرة خاصة لرئيس الشركة كمال رستم الليثي كانت ثاني وسوساتها حينما دفعتها إلى إتباع أسلوب الشد والجذب معه كي توقع به، لكن حسن أخلاقه وجديته وحبه لزوجته الجنوني وقفوا لها بالمرصاد وشيدوا حصنا منيعا بينه وبين أي إمرأه مهما وصل جمالها لذروته فلم تستطع هي صاحبة الجمال المتوسط دك ذلك الحصن..حتى أتى اليوم ووقع كمال صريعا لحالة الحزن التي ألمت به بُعيْد وفاة ابنه ومرض زوجته.
أخبرتها فضيلة: أننا عندما نفقد أغلى الناس فتتركنا أرواحنا، جسد بلا روح وأن كمال ليس ببعيد عن ذلك وتلك ستكون فرصتها الوحيدة قبل أن تعود زوجته ويعود معها كمال الليثي.
صارت سلمى الفتاة العادية كغادة{ناعمة لينه} ميساء{متمايلة متبخترة} أمامه اقتربت منه، تصنعت الإهتمام به، بادلته حزنا بحزن وأسى بأسى وأغدقت عليه الحنان حتى وقعت الواقعة وهمّ بها كما يهم الزوج بزوجته.
هرولت بنكبتها إلى سبب تلك النكبة فما كان منها إلا السخرية منها ودفعها للاستفادة مما حدث قائلة:
_لله دُرّك{كثر خيرك} يا جازعة، عودي إليه واجعليه ينهل من سلسبيلك، اجعلي من صدرك مخدعاً له فتلك فرصتك بعدها يكون الحساب.
تركتها متمتمه وقد أسقط ما في يدها{ندمت}
_لا درك الله{لا زكا عملك} يا خبيثة ولا أوّل عليك شملك{الدعاء عليها بفقد أحبابها}.
عادت إلى من أسكره حزنه وغيب عقله قضت معه سبع ليالي سمان{زاخرة} أعقبها ليالي طوال عجاف.
انتهى السُّكر وعاد المكلوم{جريح}إلى زوجته
بعدما خلعت عنها لباس الحزن بينما ارتدت هي لباس الإثم والعار…
صياح وصراخ أحدهم في القصر أعاد سلمي من سفرة الذكريات الأليمة، هاتفها قلبها أن المعنية بالصراخ هي ابنتها الصغيرة فهرولت على عجل قاصدة غرفتها.
•••••••
كانت تيارا ماتزال تحتمي بظهر تميم مختفية خلفه تحدث نفسها بما يثلج قلبها:
_كم أحب الإختباء وراء ظهرك وكم هي كبيرة سعادتي حين أكون معك، يا من سكنت روحي وملكت كياني.
شعر تميم باستكانتها وأخبرته يدها التي تمسك بظهره بما تفكر فيه فأجابها في صمت:
_لقد أعلمني قربك بمدى ما أكنه لكِ فقد أسكنتك حبيبتي داخل قلبي لا بل داخل أعماقي فقد أصبح حبك يسري في سريان الدم..أخبريني هل هذا حب أم عشق لعينيك السوداوين.
خرجت رُفيدة على عجل متوتر وعيون وارث ترقبها خلسة ولسان حاله يحدثه بما يتنافى مع معتقده:
_لقد أمنت بعشقك وأنت طيف رُسم فقط في مخيلتي وخطته أناملي، فكنت ملكة قلبي احتمي بها أينما ذهبت ومنعت كل النساء الإقتراب مني، مؤلم جداً ما أشعر به… مؤلم حد الموت أن تجد خيالك حقيقة ملموسة ولكن محرم عليك لمسه، أن يكون قريب منك بعيد عنك..يا حسرة على سوء حظي.. صدقا إنها حياة مجحفة.
مرت الدقائق كأنها لحظات على ثلاثتهم كلٍ منشغل بحديثه مع نفسه، كان تميم أول من بادر بقطع أحاديثهم الصامته..مد يده وسحب تيارا من خلفه ببطء وهو يقول:
_أعتذر يا ابنة العم عمّ حدث! أحضرتك هنا دون أن أخبرك بشئ فقد كنت نائمة ولم..
عاد إليها صوتها وبعض من اتزان أفقده ذلك الأخ وقربها من ابن العم هذا فقاطعته:
_نائمة! أنا لم أكن نائمة.
يعلم أنها تتذكر ما حدث لها في الليلة الفائته ولكنه لا يريد أن يخبرها بأنه سوف يتركها هنا سرا دون علم أحد، فقول كهذا سوف يفتح مجالا آخر لكثير من الأسئلة:
_بلى! فقد غطيت في نوم كأهل الكهف فلم تشعري بتلك المسافة التي قطعناها من القاهرة إلى الفيوم والتي ناهزت الساعتين.
تدخل وارث سائلا في تعجب:
_أين زوجها؟ تركها هكذا وهي..
أجابه تميم مقاطعا وقد لاحظ تغضن وجهها:
_سافر..زوجها سافر لأمر طارئ ومحتمل عودته غداً.
تابع وارث:
_كيف..
قاطعه تميم وهو يوجه حديثه إلى تيارا:
_عزيزتي هل تستطيعين المكوث قليلاً هنا، فأنا وهذا الأحمق لدينا ما نتحدث عنه.
دفعه إلى خارج الغرفة وأغلق الباب وراءه وهو يقول:
_تكبر وتكبر وتظل كما أنت أحمق.
ضحك وارث ضحكة خفيفة تشع مرحا ثم أدار وجهه إليه:
_الأحمق من يقود سيارته ليلاً زائراً ويعود بعد دقائق مودعا ثم يعود مرة أخرى كأنه قد كُلف بتجربة الطريق.
أنهى عبارته وتابع ضحكه حتى لكمه تميم لكمة آلمته وأجبرته على الصمت، مسك فكه متأوهاً وهو يتساءل:
_ماذا حدث يا ابن العم؟
دفعه أمامه زافرا في حنق{غيظ} متمتما:
_سر أمامي يا منبع الغباء وفي سيرنا أخبرك بما حدث، ولكن قبل البدء في الحديث أخبرني من تلك الأنسة التي نعتتك بالقذر؟
توقف وارث وهو ينظى إليه بغيظ يندفع من عينه:
_ إذن كنت تقف وتستمع لنا!
أجابه تميم مدافعاً:
_لا ورب الكعبة، لكن سمعت كلمة قذر فقط فكان صراخها يطغي على سكون المكان.
_تلك..كانت السيدة هالة الحسيني زوجة الدكتور مصطفى شريكي في هذه المزرعة.
غمز له تميم:
_صاحبة العينان البنفسجيتان..متزوجة؟
لكمه وارث على فكه وهو يتمتم:
_اخرس!
مسك تميم بتلابيبه مزمجرا:
_تضربني؟!
ازال وارث يده وهو يقول:
_هذه بتلك يا ابن العم..هيا تابع ما سكت عنه.
أخبره تميم بالأحداث موجزه دون أن يشير إلى شكه في كونها تيارا وتابع:
_ما يدعو إلى العجب أن المصاب بفقدان الذاكرة لا يكون فاقدا لمجمل ذكرياته مثلما حدث مع تـ...مع يارا، لذا أشارت عليَّ الجدة أن أحضرها هنا خفية دون علم أحد حتى تبتعد عن جميع المؤثرات العاطفية وهنا أستطيع متابعتها بمساعدة طبيبة نفسية دون علم أحد.
دفع وارث الحصى أمامه بقدمه وهو يتساءل في تعجب:
_وذلك الزوج أليس طبيباً نفسيا وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها فلماذا لم تترك له الأمر وهو..
قاطعه تميم:
_رحيم زوجها قبل أن يكون طبيباً وسوف يكون ذو تأثير سلبي عليها لذا..
وضع وارث يده اليمنى على كتفه وأشار بالأخرى أمام عينيه قائلا:
_صرت في الثانية والثلاثين ولم تتعلم شئ من أخيك، أنت فاشل في الكذب يا صديقي
ما تريد قوله أن روچيندا تخشى على يارا من رحيم ولذا طلبت منك احضارها هنا فتلك الأرض محرم عليه وطئها بإصبع قدمه…
أدار إليه ظهره وفرك يده متابعاً:
_أليس كذلك؟
لم يجد تميم بدا من موافقته على استنتاجه خاصة أنه أصاب نصف الحقيقة:
_بلى يا ابن العم! فما قولك؟
التفت إليه مجيبا وقد ارتدى قناع التوعد:
_هنا بيتها يا تميم تمكث فيه ما تشاء، لكن إذا علمت أن لرحيم يد فيما حدث لها..أنت تعلم ما سيحدث له؟
أومأ له موافقا وطيف ذكرى يلوح في الأفق أمامه تمنى لو يستطيع محوه من ذاكرة الجميع.
******
الحياة عبارة عن رواية جميلة تتقلب أحداثها بين دَعَة{بحبوحة} وإملاق{الفقر} بين فرح وترح، عليك قراءة سطورها حتى النهاية، لا تتوقف أبداً عند سطر حزين والنهاية قد تكون سعيدة فتفقد بذلك متعتها.
هذا مبدأ دأبت العجوز روچيندا على إتخاذه قانون ملزم لحياتها منذ نعومة
أظفارها{صباها}.
عادت برأسها إلى الخلف واستقرت على ظهر المقعد لا تحيد بنظرها عن صورة فوتوغرافية معلقة على جدار الغرفة جعلها النظر إليها تدور مع دولاب{عجلة} الذكريات عائدة إلى الماضي فعادت إلى يوم دخلت إلى هذا القصر في مطلع العام 1960 دخلته كزوجة أجنبية لعميد عائلات الليثي (رستم كمال الليثي) فكانت منبوذة بين سكانه وكان طبيعيا جداً أن تواجه ذلك النبذ خاصة بسبب جنسيتها الأجنبية، إلا أنها ورغم سنوات عمرها الثماني عشر عملت على فرض نفسها بين الجميع بمحبة ساعدها في ذلك مبلغ الحب الذي جمعها بزوجها، كمال… من وافته المنية في منتصف طريقهما وأذاقها مرارة الفراق مرتان ... يالقسوة ما ذاقته!
عادت مرة أخرى إلى ذكرياتها بين جدران هذا القصر وبين سكانه حيث كايلت{صادفت} فيه القسوة باللين، الظلم بالتسامح والكره بالمحبة كانت صديقة وابنة واخت قبل أن تكون زوجة وأم، فاستطاعت بحنكة وحكمة المرأة الصبور امتلاك قلب والدة زوجها وصارت ابنة لها.
بعد زواجها بعام واحد تزوج الأخ الثاني لزوجها (وهيب) من قريبة له (صفا) وانجبا جلال وعائشة..ثم بعد توفيت والدة زوجها فتخلت هي عن أحلام الفتاة الصغيرة واستلمت زمام العائلة.
كانت ممتلكات العائلة من ضمن ما تم تأميمه في عام 1962 ولم يبق لديهم غير القليل مما أصاب زوجها بإحباط شديد إلا أنها تعاونت مع صفا وتقاسمتا الأعمال عن طيب خاطر من كل منهما، وأصبحت صفا هي المسؤولة عن أعمال المنزل وتربية الأطفال و روچيندا هي المسؤولة عن الأعمال الزراعية والصناعية، عملت بكد وتعب كتفها بكتف زوجها وأخيه حتى استطاعوا توسعة الأرض وزيادة رقعة حقل الفاكهة.
أنشأوا مخزن صغير لتعبئة الفاكهة وعملت بجوار زوجها وأخيه في المخزن أيضا كي توفر في الأيدي العاملة..
مرت سنوات أضناها التعب من عدِّها قبل أن ينشئوا أول مصنع لتعبئة الفاكهة وتصديرها فأصبح لزاما عليهم توفير العمال.
مرت سنوات الضيق وحلّ الرخاء مصحوباً بوفاة زوجها فسلّمت الراية لإبنها الوحيد كمال مما دفع وهيب إلى الإنفصال بعمله حتى لا يثير الخلاف بين ابنه وابن اخيه، خاصة بعد زواج كمال من عائشة ابنة وهيب.
العمر لحظة..جملة كثيراً ما ترددت على مسامعها دون أن تصدق لها معنى أما الآن فباتت تفهمها جيداً فها هي تستعيد ذكريات نصف قرن مضى وكأنها لحظة وليست أطول من لحظة.
بين غنى وفقر، ميلاد وموت، زواج وانفصال ،حب وكره وإختفاء وظهور..سنوات مضت زاخرة بالكثير والكثير ما لم يستطع بشر احتماله و حياة عاشتها مليئة بمتناقضات عدة، لكن كتب عليها ان تعيشها وكأنها ليل دائم وصمت سرمدي.
هو صمت فرضته تلك الأسرار التي وسع لها صدرها واحتواها بين قضبانه ثم اغلق عليها إلى الأبد..تعلم أنه إذا فتح عليها لإنهار كيان شيدته بدم ودمع، ولكنها تأمل أن يكر عليها فجر جديد يبيد بنوره ذلك الليل.
كانت تفكر في ماضيها عندما سمعت صراخ سلمى فتمتمت: ما أصعب أن يعيش المرء في الماضي بأفراحه وآلامه فيعود إلى الحاضر على صوت صراخ وعويل.
••••••
في غرفة تيارا وقفت سلمى بجوار الخادمة عزيزة وابنتها أسيمة، كانت أسيمة تبكي بحرقة وكأن من فقدت لم تكن يارا من أذاقتها ألوان العذاب، حدجتها عزيزة بنظرات ملؤها التعجب والشك سمعت صوت السيدة العجوز تتساءل:
_ماذا يحدث هنا؟ من هي غراب البين تلك التي صرخت؟
وقفت سلمى صامته مرتعدة الفرائص بينما تكلمت عزيزة بنبرة هادئة:
_يارا فُقدت مرة أخرى و..
قاطعتها روچيندا:
_فُقدت؟ كيف تُفقد في قصر كهذا؟ اعقلي كلماتك قبل التفوه بها يا عزيزة.
أطرقت عزيزه أرضا مطأطأة رأسها بينما تدخلت أسيمة بغضب:
_مازالت أمي بعقلها يا سيدتي وقد أصدقتكِ القول حينما أخبرتكِ بفقدان يارا..
صرخت فيها العجوز معنفة:
_ألم تعلمك صاحبة العقل الراجح كيفية الحديث مع من هم أكبر منك وكيفية التحدث عن مخدوميك..يا عديمة الأدب.
تدخلت عزيزة معتذرة:
_سيدتـ…
أشارت لها ان تصمت وتابعت:
_لا عليك يا عزيزة، هيا يا صاحبة اللسان السليط انزلي إلى الحديقة وابحثي عنها..
ذهبت أسيمة وداخلها يغلي كي تنفذ ما امرتها به، فأوقفتها متابعة:
_اذهبي إلى شجرة الليمون فهي تعشق الجلوس بقربها لعلك تجدينها هناك.
التفتت روچيندا إلى سلمى في حنق وتابعت في سخرية:
_وأنت يا حارسة ألم تشعري بغيابها؟
_أنـ..أنا..أنا..
صرخت فيها وقد عيل صبرها:
_أنت ماذا؟ أسكنتيها غرفة ملاصقة لغرفتك كي تكوني قريبة لها..فماذا حدث؟
تدخلت عزيزة مهدئة لها:
_سوف نجدها سيدتي..سوف..
قاطعتها بغضب ونبرة تنزف مرارا وعلقماً لَوَّن حروف كلماتها:
_سوف هي كلمة تشير إلى البعيد يا عزيزة..سوف كلمة نطقنا بها منذ عشرين عاما ولم تتحقق، سوف ثلاثة احرف ليس لهم زمان محدد ولا عهد تثقين فيه، لذا أنا لا أحبها يا عزيزة..لا أحبها.
جلست بانهاك على الكرسي المجاور لها وارتكزت برأسها على عصاها وقد بدا الإنهاك
في كل حركة تقوم بها، اقتربت منها عزيزة وجلست أمامها وهي تقول من بين دموعها المنهمرة:
_استغفر الله، مر أكثر من ثلاثة عقود علينا معا سيدتي ولم أرى منك غير الصبر والحكمة..كوني كما كنت ولا تبَكِيني.
نظرت إليها في أسى:
_ حاشا لله أن أكون ناكرة فضله علينا، ولكن وهن العظم يا عزيزة ودبت الشيخوخة في هذا القلب حتى يبس وصار كالعرجون القديم. {عنقود النخل اليابس بعدما يسقط منه البلح}
التقطت عزيزة يد روچيندا الواهنة بين يديها
وهمت بتقبيلها إلا أن العجوز سحبتها بقوة ووضعتها على خدها مكفكفة دموعها:
_لا تفعليها يا عزيزة.. لم تفعليها في شبابنا فتفعليها الآن وقد هرمنا واقتربنا من نهايتنا..هيا هيا الآن يا امرأة ابحثي لي عن حفيدتي.
•°•°•°•°•
انتهز تميم فرصة انشغال وارث بابنته مليكة وتسلل خفية إلى المنزل الملحق بالبيت الكبير، دخله دون استئذان فهو موقن أن ساكنته تنتظره الآن لإنهاء ما بينهم من تساؤلات وذهول قبل عودته.
وقفت رُفيدة بجوار النافذة تعد وتجهز ما ستقوله إلى تميم فور حضوره إليها فهي تعلم أنه فطن إلى إشارتها فكف فمه عن سؤالها حتى يختليا بعيدا عن عيني وارث، إلا انها وفور رؤيتها له صمتت وقد مُحي ما قد أعدته سلفاً.
وقف بقامته الفارهة المصقولة قوة واضعاً يسراه في جيب سرواله يمسك مقبض الباب بيمينه متحدثا بنبرة استفهام ممزوج بلوم:
_آخر مكان أتخيل رؤيتك فيه وماذا؟ متزوجة من أخيك وباسم وكنية تختلف عن اسمك وكنيتك..ماذا حدث يا رفيقة الغربة؟
بكت فكان البكاء إجابة غير مرضية له، ولكنها كانت مرضية لها فبكت ثم بكت وزادت في البكاء فجاء الدمع مدرارا مخلوطا بشهقات أبت التوقف رغم حجبها لها نظرت إليه تجاهد في تحريك شفتيها كي تتحدث إلا أن الفم عافَ{أبى} الانصياع.
تركها تميم تفرغ ما بداخلها من ألم في دموعها المنهمرة ولم يحاول الإقتراب منها أو التفوه بكلمه، أحضر كوبا من الماء ناولها إياه فتناولته بأيدي مرتعشة، بللت شفتيها ثم نهلت منه عدة مرات حتى هدأت ثورتها، نظرت إليه بجانب عينها وناولته الكوب الفارغ وهي تقول بمرارة وألم وبقايا غصة تحشرجت في حنجرتها:
_ مصطفى قيد الإيقاف الآن، متهم بقتل..قتل شاهين و..شيماء.
سقط الكوب من يده وهبت ريح صرصر
{عاتية،شديدة} حوله صيرت{حولت} السكون إلى صوت صفير مدوي، إلا أنه لم يسمع شيئا حوله بعد ان انغلق على نفسه داخل عالم من التعجب والذهول..عالم أخذ يتحول شيئا فشيئا من ذكريات طفولة ثم مراهقة ثم شباب ويُختزل إلى سخط متقدٍ..يالغبائه!
انقطعت أخبار صديقه منذ مدة فكان لزاما عليه أن يتصل هو يطمئن عليه لا أن يتركه هكذا مطمئن الجانب إلى استقراره في حياته الزوجية.
نظر إليها والرعب والذهول مازالا مسيطرين عليه:
_كيف حدث ذلك؟ ولماذا؟
بدت نبرة صوتها جافة باردة وهي تقول:
_جريمة شرف! عاد ذات يوم مبكراً إلى المنزل كي يستعد للمجئ إلى هنا فوجد..ذاك الشاهين هناك في وضع استعفى {أرفض}عن وصفه.
أومضت في عينيه شرارات النقمة وهو يسأل:
_كيف ذلك؟ فقد هامت به حباً وذابت فيه عشقاً.
رفعت يدها إلى جبينها وتابعت كلامها متجاهلة تعليقه وقد شحب وجهها وهي تتذكر ذلك اليوم المشؤوم:
_ما حدث أنني خطبت لرجل فور عودتي من الخارج، شاهين تقدم إلى خالي واتصل بأخي الذي كانت موافقته مقترنة بموافقتي، في أحد الأيام حدثتني زوجة أخي عن مبلغ الحمل الذي يحمله أخي على عاتقه والمسؤوليه التي يشعر بها تجاهي مما دفعني إلى الموافقة دون قيد أو شرط...بدأت مناوشات ذلك الشاهين معي ولكنني كنت دائما له بالمرصاد وتعهدت أن أظل هكذا حتى أنجح في تقويمه، ويبدو..يبدو أن أخي قد شعر بما أشعر به من رفض ونفور فأنهى تعاقده في الخارج وعاد إلى مصر وفي نيته شراء نصف المزرعة وخاصة بعدما علم أنها تخص وارث ابن عمتك…
نظرت إليه تنتظر أن يعقب بشيء إلا انه ظل واقفا كالتمثال الشمعي منتظرا أن تتابع ما بدأته من حديث يأبى عقله عن تصديقه، فتابعت:
_أخبرني بما في نيته وأنه يريد مني أن أسافر معه وأبدأ حياتي من هنا..كان كطوق النجاة فوافقت على الفور وعدت إلى المنزل كي أخبر شيماء زوجته بما أقره أخي فوجدت شاهين هناك وتحت ضغط وإلحاح منها وافقت أن أخرج برفقته كي نقابل والدته فحدثت نفسي أنها ستكون فرصة كي أخبره بما أضمره تجاهه...ذهبت برفقته وهناك..هناك..
تحشرج صوتها بالبكاء وارتعش جسدها بطريقه أنبأته ضمنيا بما تنوي هي التفوه به، فتابع:
_اعتدى عليكِ؟!
قاطعته فورا قائلة بنفي تام وقاطع لجميع ظنونه:
_لا..لا لم يستطع معي شئ، كما وأن أخي قد لحق بنا واستطاع انقاذي منه وقام بضربه كثيراً إلا أن الجيران استطاعوا أن ينقذوه من بين يديه وفر هارباً.
توقفت عن الحديث فحثها متسائلاً:
_وبعد ذلك ماذا حدث كي يقتل زوجته؟
كانت عيناها حمراوين متورمتين تحرقانها من كثرة البكاء، ففتحت صنبور المياه وأخذت تضع الماء البارد عليهما وانتهزت فرصة عدم رؤيته لوجهها وتابعت:
_ما حدث أن شيماء كانت على علاقة قديمه به فكانت تهيم به هو عشقاً لا بأخي وعندما تقابلا أرادت أن يكون على مقربة منها فشجعته على خطبتي وكانا يتقابلان في وقت عدم تواجدنا في المنزل، ماحدث أنها رفضت أن تأتي معنا هنا واتصلت به وتقابلا في المنزل كي يأخذها ويساعدها في الإنفصال عن أخي إلا أن عدالة السماء كانت لهما بالمرصاد وعاد أخي كي يراهما ويثأر لشرفه المهدور، وهذا ما حدث.
راح يتفرس في وجهها وقد شعر بالشفقة عليها وسألها:
_لكن ما سبب تغيير اسمك؟
رفعت ذقنها وتفوهت بأول كلمة أتت في ذهنا:
_الصحافة! ألا تعلم مبلغ الألم الذي تتسبب فيه الصحافة والصحفيين..أراد أخي الأمان لي و لأطفاله فطلب مني أن أحضر إلى هنا بصفتي الزوجة وأنه مسافر حتى تنتهي قضيته و..
قاطعها بنفاذ صبر:
_تنتهي قضيته! يالك من حمقاء غبية، أتيت إلى هذه المزرعة وتعلمين أن وارث هو ابن عم بعيد لي وأن والداته رحمها الله هي عمتي ولم يأتي إلى ذهنك خاطر أن تهاتفيني وتخبريني بما حدث..ألم تكن لتلك الأيام الخوالى لديك من الود ما يدفعك إلى اعتباري أخ لك و..
قطعت حديثه بالإرتماء في أحضانه باكية بحرقة شديدة ووضع هو يد على رأسها والأخري على ظهرها يطمئنها بوجوده بقربها.
•••••••
ألقت عليه قبضتها وكأنها إلى ضمته مشتاقة واستكانت على صدره برأسها وكأنها إلى نبض قلبه تواقة.
جسدها ملتصق بجسده في قوة أضحى لها وجهها على مقربة من وجهه وأنفاسهما تتهامس في حديث صامت.
مؤلم جداً ذلك الإحساس حتى الموت عندما يكون الطعن في الظهر مؤلم حد القسوة حينما يكون من قريب لم ترى منه غير حسن الخلق.
مرت لحظات لا يريم فيها{لا يبرح} وارث مكانه عيناه متعلقة بتلك السافرة{الكاشفة عن وجهها} وما يحدث أمامه، وإذ راعه{أفزعه} ما يحل به، حرر نفسه من السديم{بقع سحابية متوهجة في الفضاء} الأحمر الذي ألح عليه مطالبا بهدم المنزل عليهما اندفع إلى الداخل محاولا التمسك برجاحة عقله التي كادت تفلت منه وصاح مزمجرا في سخط:
_ تميم، ماذا تفعل؟
تسللت رُفيدة من بين أحضانه وقد اشتعلت وجنتها حرجاً واهتز داخلها توتراً،بينما تابع وارث:
_أراك نسيت ما دأبت على ترديده"من خاف على عقبه وعقب عقبه فليتق الله" أم تراك مداهن ولم أكن أعلم.
في غيظ وانفعال التفت إليه تميم وأجابه في تهكم:
_وما لك وما أفعل أو أقول؟ أم تراك مهتم لحاجة في نفسك!
التفت إليها في تقزز وتابع دون ان يلتفت إلى ما تفوه به تميم:
_منذ قليل دعوتني بالقذر والآن بم أدعوك ياربة الصون يا عفيفة قومك؟ فظاهرك يسر الناظر وباطنك يسوء الخابر.
صدمها ما تفوه به فجحظت عيناها وهي تنظر إليه وقد أبى دمع العين السقوط كما أبى اللسان التحرك واندفع هو في عاصفة من الذم والتقبيح مما دفع تميم إلى تكميم فمه قائلا له في همس:
_اصمت قبحك الله..هيا، هيا تعالي معي الآن.
دفعه تميم إلى الأمام فمسكت رُفيدة يده وهو يقترب من باب الخروج وأشارت له برأسها نفياً وترجته أن يصمت عما علم به فأشار لها أن تطمئن مما دفع وارث إلى الصياح تقززا وغيظاً:
_قمة العهر ما أراه صدقا خضراء الدمن{يكنى بها عن جميل الظاهر وقبيح الباطن} أنتِ وغيـ…
دفعه تميم إلى الخارج صارخا:
_اصمت وكفى يا أحمق ولا تتفوه بما يجعلك تعض على يدك ندما وحسرةً.
وقفت رُفيدة تنظر إلى خيالهما وهما يبتعدان عنها، كانت كلماته الأخيرة ترن في أذنها فاخذت تردد في صمت:
لا تحدثني عن الخيانة وأنا أعلم بها منك، فان اجتمعت كلمات اللغة وشيدت بنيان شاهق الإرتفاع كي تصفها فلن يكون كافيا لوصفها..ولا تحدثني عن العهر وأنا أكثر من اكتويت بناره وتفرق شملي بسببه.
بمَ دعوتني ...خضراء الدمن؟ وهل وجدت في ظاهري ما يناقض باطني حتى تدعوني بما دعوتني؟ إلى أين قذفت بي يا أخي..إلى أين؟!
تركتني لأمواج الحياة تقذفني من ظلمات سوداء إلى ظلمات أكثر سوادا، تركتني للقيل والقال ظنّا منك اني على الحياة اقوى.
أنا اقف لا حول لي ولا قوة مع ما صدمتني به الحياة..واتتني القوة وأخبرت تميم بنصف الحقيقة، لكن اندثرت تلك القوة حينما تذكرت ما حدث لصغيرتك..ترى ماذا سيكون رد فعلك إذا علمت؟!


[/size]

noor elhuda likes this.

عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-19, 12:11 AM   #24

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي

سلمت يمناكي مازال الغموض يحيط بكل الشخصيات أين كانت تيارا واين اختفت يارا غموض يزيد الرواية تشويقا وإثارة دمتي مبدعة حبيبتي

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-19, 04:45 PM   #25

غدا يوم اخر

? العضوٌ??? » 5865
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,155
?  نُقآطِيْ » غدا يوم اخر is on a distinguished road
افتراضي

يحتاج لنا وقت علشان نربط
احد احفاذ الشمس هو يظن انها اختطفت الطفله تارا وخلتها تعيش في فقر وهو الي رجعها لماذا يظن ان يارا خائنة مادام يحب اخيه لماذا تزوج يارا رحيم هل يارا تزوجته نكايه بالبنت الي تحبها وبعد ماعرفت انه يملك فلوس او شي باسمه وارث ليش حلف علي رحيم انه مايدوس ارضه والا يقتله هل اشتراها بجهده ورحيم منع عنه المساعدات وضيق عليه لماذا تارا تخاف من رحيم هل اذاها في طفولتها او هو الي خطفها وجابها عند القصر الجده ماشفت سو عليها صح فهمت غلط في سالفه اللليل مع تميم الام وش فيها خوافه وتشك في الجدة


غدا يوم اخر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-19, 10:35 AM   #26

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت سعاد38 مشاهدة المشاركة
سلمت يمناكي مازال الغموض يحيط بكل الشخصيات أين كانت تيارا واين اختفت يارا غموض يزيد الرواية تشويقا وإثارة دمتي مبدعة حبيبتي

سلمك الله غاليتي😍😍أدامك الله بخير💕💕❤❤


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-19, 10:38 AM   #27

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غدا يوم اخر مشاهدة المشاركة
يحتاج لنا وقت علشان نربط
احد احفاذ الشمس هو يظن انها اختطفت الطفله تارا وخلتها تعيش في فقر وهو الي رجعها لماذا يظن ان يارا خائنة مادام يحب اخيه لماذا تزوج يارا رحيم هل يارا تزوجته نكايه بالبنت الي تحبها وبعد ماعرفت انه يملك فلوس او شي باسمه وارث ليش حلف علي رحيم انه مايدوس ارضه والا يقتله هل اشتراها بجهده ورحيم منع عنه المساعدات وضيق عليه لماذا تارا تخاف من رحيم هل اذاها في طفولتها او هو الي خطفها وجابها عند القصر الجده ماشفت سو عليها صح فهمت غلط في سالفه اللليل مع تميم الام وش فيها خوافه وتشك في الجدة


يارا وتيار توأمتين اختفيتا
عادت يارا بعد بحث الجدة ولم توفق في اعادة تيارا
لسبب ما وصل رحيم لتيارا بعد عشرين سنة وتمكن بعدها من التخلص من زوجته وتبديلها بتوأمتها..الاحداث مازالت مستمرة والغموض يصل للذروة ثم تنجلي الاحداث😍😍😍


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-19, 12:01 PM   #28

غدا يوم اخر

? العضوٌ??? » 5865
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,155
?  نُقآطِيْ » غدا يوم اخر is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير نيسان مشاهدة المشاركة
يارا وتيار توأمتين اختفيتا
عادت يارا بعد بحث الجدة ولم توفق في اعادة تيارا
لسبب ما وصل رحيم لتيارا بعد عشرين سنة وتمكن بعدها من التخلص من زوجته وتبديلها بتوأمتها..الاحداث مازالت مستمرة والغموض يصل للذروة ثم تنجلي الاحداث😍😍😍
ايو هذا الي ارتبت فيه رحيمي
وش يقرب تميم لرفيدة عمت الطفلين


غدا يوم اخر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-19, 12:55 PM   #29

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غدا يوم اخر مشاهدة المشاركة
ايو هذا الي ارتبت فيه رحيمي
وش يقرب تميم لرفيدة عمت الطفلين
تميم صديق قديم وراح يبان فيما بعد علاقته بيها وبأخوها😍😍


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-11-19, 01:36 PM   #30

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس

_كأني بك افتتنت بعيون البنفسج!
_وكأني بك تدعي الفضل وانت فيه دعيِّ{من يدعي ما ليس له}.
نظر إليه تميم ملياً يسبر أغوار ضيقه ومرت لحظات قبل أن ينطلق ضاحكاً في سخرية، دفعه وارث إلى الخلف عدة خطوات حتى اختل توازنه فوقع أرضاً ووارث فوقه يمسك بمقدمة قميصه متمتما في غيظ:
_أتسخر مني أم من حظي؟
ارتكز تميم على ساعديه ومسك بكتف وارث حتى طرحه أرضا وصار هو فوقه مجيباً:
_بل أسخر من حظنا فنحن ابتلينا بما نبغضه يا ابن العم.
اجابته أصابت وارث بالصدمه فتوقف عن مشاكسته ونظر إليه في تساؤل، بينما أزاح تميم عينيه بعيدا عنه واعتدل جالسا بجواره محتضنا ركبتيه بذراعيه ونظره شاردا في البعيد.
جلس وارث بجواره صامتا ولكن عينيه حملتا الكثير من الأسئلة أخيرا قطع حبل الصمت المقيد لهما وقال:
_من هي؟
أجابه دون أن يلتفت إليه:
_ من هي أقرب إلي من حبل الوريد وأبعد عني من القمر الذي يقبع في الفضاء البعيد.
علق في تهكم:
_وهل أجالس شاعر من شعراء العشق أم طبيب يجهل معنى العاطفة؟
التفت إليه معلقا في غضب:
_ومن أخبرك يا جهبذ الزمان بأن الطبيب جاهل بالعواطف؟
_أرى أنك عدت إلى السخرية مرة أخرى وأنسيتني وكما هي عادتك ما أغضبني منك؟
شبك يده بيد وارث وتعاونا على الوقوف وهو يجيبه:
_أكثر ما كان يميزك طول الأناةِ{الصبر والجلد} فكانت أحكامك صادقة ماذا حدث وصرت متسرعاً متجبراً{ظالما}
_أنـ…
قاطعه تميم:
_لا تجبني بل أجب نفسك..جُلّ ما أريد إخبارك به أن ما رأيته منذ قليل كان مخالف لما تعتقده الآن..مصطفى هو رفيق الغربة من آخاني في السراء والضراء و..هالة كانت..صديقة و..تزوجت به وافترقنا وعندما رأيتها لم أصدق عيني لذا ذهبت إليها كي أسألها..فقط.
كان وارث ينظر إليه بتمعن وقد أغلق عينيه نصف انغلاقة وهتف فيه وقد عيل صبره:
_اصمت يالك من فاشل! تبحث عن كلمات تجيبني بها..
أدار وجهه عنه وهو يقاطعه:
_ويل لمن يسقط بين يديك! أنا عائد الآن إلى القاهرة وما أريده منك يا أخي أن تكرم زوجة صديق لم أرَ منه غير الخير.
أوقف وارث حانقاً:
_انتظر وهل تأتي وتعود وتأتي وتعود هكذا فقد انتصف النهار وأنت لم تأكل منذ الأمس، تناول طعامك أولاً ولك أن ترحل وقتما تريد.
_وارث…
_ولا كلمة أخرى فأنا انهيت الحديث بكلمتي هيا يا ربيب روچيندا وظل حبيبها القديم.
قال وارث عبارته حازما وانهاها بغمزة وقحة مما دفع تميم إلى الركض خلفه كي يعاقبه على ما تفوه به صارخا بحزم:
_أخطأت روچيندا في تهذيبك يا وقح وأنا من سيصلح ذلك الخطأ.
••••••
انتعل كل شئ ظله فقد بلغت الشمس كبد السماء ولم يعثر على فلذة كبد عائلة الليثي، كانت نيران الغضب والقلق مشتعلة داخل جدران القصر.
كانت الجدة تلزم غرفتها والقلق يتآكلها فذاك تميمها لم يخبرها بشئ منذ خروجه ليلة أمس ترى هل حدث مكروه لهما؟
نقرات خفيفة واهنة على باب غرفتها أصابها بالسخط فصاحت في غضب بيّن:
_ادخلي يا سلمى.
دخلت الطارقة على استحياء وتوتر وهي تقول بشهقاتها المتواترة:
_لم..نجـ..لم نجدها..يارا اختفت..أنـ..
قاطعتها بنفاذ صبر:
_أنتِ ماذا يا نكبة الزمن؟ لا سلمك الله يا سلمى..أراكِ كما رأيتك منذ عشرين عاماً فعلتيها وقتئذ وذرفت الدمع ثَجاجاً{ماء غزير} وها أنتِ تأتيني ذارفة الدمع أنهاراً فأصدقيني القول أين هي يا صوانة{قطعة من حجر الصوان}.
ارتعاشتها، تعرق جبينها واهتزازة جسدها وتلك الدموع التي ازدادت في مقلتيها البنيتي اللون جعلوا روچيندا تتيقن أنها أصابتها في مقتل:
_هل اعتقدتِ أنني لم أعلم بما فعلته منذ زمن؟
افترشت الأرض تحت قدميها واحنت رأسها أمامها وقد تهدل كتفيها يكسرها سوء ما فعلت وهي تجيب:
_بلى..علمت أنكٍ تعرفين لكنني تعجبت من كرمك وتسامحك معي، اكتفيتِ بطرد فضيلة وابعادها عن المنزل..هي أخبرتني فظننت أن دوري حان لكي اترك القصر لكنـ..
نأت بيدها بعيداً عنها وهي تقطع حديثها:
_أن يقوم شخص ما بشئ سئ ليس معناه أنه شخص شرير وأنا أردت أن أعطيك فرصة كي تمحي السئ بداخلك قبل أن يستشري ويصيرك شخص شرير..لكن ضعفك وهوانك أمام الجميع جعلك سائغة طيعة بين يد الجميع وعلى رأسهم رحيم.
نظرت إليها بعدم فهم متساءلة:
_رحيم؟! ما به؟
هزت رأسها هزة خفيفة وهي تجيب في امتعاض:
_جعلكِ تنفذين ما يخطط له دون علمكِ يا فهيمة..دثرت عاطفتك وضميرك بدثار اللامبالاة وتركتي له أمر ابنتك.
_تقصدين يارا..نعم شعرت تجاهها بـ..
قاطعتها قاطعة وحازمة للأمر:
_بما تشعر به الأم تجاه عودة الغائب، سلمى عودي إلى غرفتك ولا تتحدثي بشئ مع أحد ولا رحيم نفسه.
وقفت على قدميها راجية:
_فلتغفري لي زلة تسببت فيها غيرة قاتلة وجهل بأمور الدنيا.
أغمضت روچيندا عينيها وهي تجيب في ألم:
_لا تطالبيني بما يفوق طاقة البشر يا سلمى واجعلي رجائك لرب العرش فهو رؤوف بعباده يغفر لهم مراراً وتكراراً دون ملل أو كلل.
تركتها سلمى لحيرتها وقلقها على تيارا وتميم وذهبت، فزفرت بما يجيش في صدرها وهي تتمتم في رجاء خافت:
_ما أرجوه حقا يا سلمى ألا يكون لكِ يد فيما حدث لكمال وعائشة أو سهر.
رفعت عينها إلى سقف غرفتها وهي تتابع رجائها:
_كما أرجو عودتك يا حفيد صفا وطمأنتي على حفيدتي.
••••
"مدللتي في قربك مني فرحتي وسعادتي وفي بعدك عني عذابي وآلامي فأخبريني يا حفيدة الشمس ماذا أفعل عندما أتركك وابتعد عنك..
لكن أجد في وجود رفيقة غربتي قربك سلوى ومواساة لي"
شعرت بأعصابها تتفتت إلى فتات صغيرة وهي تراه يودع تلك المرأة صاحبة العيون ذي اللون الغريب، أقسمت سرًا ألا تدعه يشعر باهتياجها وغضبها الشديد لتركها هكذا دون حتى أن يودعها.
أحست بشيء ما يعتصر فؤادها فكادت تبكي لما تشعر به من ألم، مسحت عينيها بقوة وهي تتساءل:
_لماذا أشعر بهذا الألم؟ ومالي وهذا الرجل؟ لكن كيف يقف هكذا ويتحدث مع تلك المرأة والتي علمت منذ قليل أنها متزوجة؟
ازدادت نيران الغضب تأججاً وأشعلت معها آتون الغيظ داخلها وهي تراه يمسك بيدها بين يديه فتمتمت في قهر:
_يالك من بغيض ووقح منتهك للحرمات.
التفت تميم تجاهها وكأنه سمع بما تفوهت به فعضت تيارا على شفتيها لتمنع نفسها من الإجفال ذعراً، أولته ظهرها وهي تمسك شفتيها:
_ترى هل سمع ما نعتته به؟ لكن كيف وهل تملك أذنه جهاز استشعار عن بعد!
••••••
لقد اعتاد منذ نعومة أظافره على جمع عثراته وبناء سلما نحو النجاح والتميز، لم يولد من نسل تركي وكان نصيبه أن يكون من نسل مصري خالص، بل وقروي وكأن الحياة تفننت في كسره إلا أنه نجح في تحسين ما أخطأت فيه الطبيعة واقترن بمن يسير في عروقها دم تركي..تفننت في إغضابه وتذكيره بأصله القروي فأخرس لسانها ذاك بقطعه لها، استند برأسه إلى مقعد الطائرة العائد عليها إلى أرض الوطن وهو يتذكر تلك الليلة التي حلت عليها بسوء العاقبة يوم وقفت أمامه ندا له تصرخ فيه:
_استفق يا سليل عائلات الليثي، ليس معنى أن جدتك رحمها الله كانت قروية أن يكون فيك ما يعيب، وليس معنى أن جدتي تركية أن يسري في دمٍ أزرق..
حينها قاطعها صارخا فيها:
_اصمتي، وإلا نلت ما تستحقين حقاً، أنا ابن حسب ونسب جدير بي أن أكون حفيدا لملك من الملوك..وأنت أعلم بذلك مني، ماذا ينقصني حتى لا أكون.
ليلتها ابتسمت في هزء وسخرية تهز رأسها لا يعلم إن كان نفيا لما قال أو عدم تصديق إلا أنها قالت:
_بئس ما تتفوه به يا رحيم، لمَ لا تجعل في نفسك من اسمك صفة تتصف بها فترحم نفسك مما تقودها إليه وترحمني معك؟
إذا اكتفت ليلتها بما تفوهت لتركها إلى حال سبيلها إلا أنها أتبعت ما قالته بما جرّ عليها السوء حينما قالت:
_ أصبحت حالتك ميئوس منها أيها الطبيب النفسي وصرت في حاجة إلى طبيب نفسي والآن سوف أذهب إلى الجدة وأبثها ما رأيت منك منذ ثلاث سنوات فقد فاض الكيل…
هنا لكم السيل عرض الجبل {أثر كلامها فيه} فاخرسها بضربة قوية على رأسها وحملها على كتفه منتهزا فرصة انشغال الجميع بالاستعداد لتناول العشاء وخرج بها على غفلة من ساكني القصر.
وفي مخزن قديم بعيداً عن العمران قيدها رحيم إلى كرسي وهو يقول لها في تحسر:
_ما أغنى عنك شيئا{لم ينفعك شيئا} اليوم يا ابنة القصور، الليلة أصبحت في متناول يدي بعيدا عن أنظار روچيندا القاتلة والآن لنرى ماذا يجب أن افعل أولا؟ نعم نقطع ذلك اللسان الذي لم يتوقف يوماً عن تقريعي وتذكيري بأصلي.
فتح فمها وقام بما اعتزم وكان قد أعد المكان مسبقا ليوم كهذا إلا انها استبقت الأحداث فعجلت بما خطط، خاط موضع القطع واوصلها بجهاز تغذية وقياس النبض والضغط، وقف واضعا يديه في خصره يشاهد ما صنعته يداه.
مر الوقت واستفاقت يارا فوجدته يقف امامها والإبتسامة تعلو وجهه، اشتمت روائح مختلفة كانها في مستشفى تسكنها الرطوبة فهمت بسؤاله إلا ان لسانها لم يتحرك فنظرت إليه في رعب، ركع أمامها يقول في أسف:
_اعتذر يا زوجتي العزيزة فقد أخذت منك أكثر ما أصابني بالقهر والغضب.
تركها تجاهد لتصرخ..تصيح..تتحدث وتأن في النهاية وهو يبتسم فقط، استدار لها قائلا:
_دقائق ويقوم المخدر بمفعوله..أتمنى لكِ إقامة سعيدة.
_نتمنى ان تكونوا قد قضيتم معا رحلة سعيدة.
عاد إلى واقعه على كلمات المضيفة التي تماثلت بكلماته السابقة فابتسم مرددا:
_وكأن القدر يتفق معي فيما فعلت.
••••••
في غرفة الصغيرة تجمعوا ثلاثتهم وقد أعدت رُفيدة بعض الأطعمة الخفية احتفالاً باستقرارهم في المنزل الجديد، ناولت رسل بعضا منها إلا أن الصغيرة لم تقبل منها شئ واحتمت بظهر أخيها وهي تنظر إليها في رعب، ذكرتها بتلك النظرة التي طغت على وجه يارا في الصباح حينما احتمت بظهر تميم، تمتمت في خفوت ويأس:
_ ما أشبهك يا صغيرة بهذه الفتاة! وما أقرب شبهك بي! يا الله، رحماك ربي!
قام رسلان ليناولها هو ما أعدته لهم عمته، ثم احتضنها بقوة جعلتها تتناول قطعة من البسكويت وتقضمها بنهم.
هددها دمع عينيها بالهطول فقامت من مكانها على عجل واحتمت بغرفتها تبث جدرانها ألمها ولوعتها، وتبكي فيها بعيدًا عن أنظارهما.
أخذت تذكر نفسها بأنها طبيبة نفسية ووجب عليها ايجاد حل لابنة أخيها كي تنجيها من مغبة ما وُضعت فيه، لكنها أخفقت في الوصول إلى مبتغاها رغم مهنيتها.
فجأة تذكرت كيف ارتمت الصغيرة بين أحضان أخيها وكأنها تستمد منه السند والعون، فربتت على كتفها بأناملها وهي تردد:
_نعم أخيها، رسلان هو الحل المناسب لها في الوقت الحالي.سيكون هو بلسمها وطريقها إلى الخروج للحياة الطبيعية!
•°•°•°•°•
أقبل الليل أسوداً كأن نجومه عقلت فلا تدور كما اعتادت كل ليلة أو كأنها فقدت بريقها فخبى نورها وأصبح هو كالأعمى يسير دون أن يبصر قبس نور يهديه في طريقه.
قاد سيارته عائداً إلى القاهرة لا يعلم كيف سيدخل إلى القصر وقد تركته من طيبت له السكن فيه، هل سيقوى على الإبتعاد عنها؟
لم ينسى وجهها وهي تنظر إليه وهو يتحدث مع رُفيدة يُطلعها على حالتها ويطلب منها الإقتراب منها ومداواتها دون علم أحد ولا وارث نفسه.
كان يتحدث مع رُفيدة وعقله وقلبه وعيناه معلقين بها هي يتمنى لو استطاع الحديث معها أو توديعها ولكن ذلك سوف يزرع الشك في نفس وارث إذا قام بذلك وهو أمر لا يريده الآن فيكفيه ما يحمله وارث تجاه رحيم من كراهية وبغض.
وقفت سيارته أمام بوابة القصر في نفس الوقت الذي توقفت فيه سيارة رحيم تبادلا النظرات للحظات ينتظر كلا منهما أن يعود أحدهما إلى الخلف سامحا للآخر بالدخول وأمام إصرار رحيم عاد تميم إلى الخلف وسمح له بالدخول وهو يتمتم:
_تمر السنوات ويبقى رحيم كما هو لا يتغير بل يزداد سوءاً.
سبقه رحيم إلى الداخل مرتديا لباس الشوق واللهفة على مقابلة زوجته والتي يعلم تمام العلم أنها ليست موجودة وهو ما جعله يسرع بعودته الليلة ولا ينتظر إلى الغد.
_يارا..حبيبتي الغالية أين أنت فأنا إلى عينيك مشتاق..
أجابته الجدة في سخرية:
_ما كل هذا الشوق يا حفيد صفا وأين كان من قبل؟!
مع انتهاء عبارتها الموجهة لرحيم انتبهت إلى دخول تميم فمدت يدها اليمنى مرحبة في جذل:
_تميمي الغالي، أين كنت اختفيت فجأة منذ الظهيرة.
اقترب منها تميم مبتسما، قبل يدها وهو يجيب معتذرا:
_اعتذر إليك يا جدة، لكن علمت بسوء حال صديق لي فذهبت إليه كي أطمئن عليه.
مسكت أذنه اليسرى بين ابهامها و سبابتها وهي تقول بعتاب لطيف لا يخلو من المداعبة:
_لا تفعلها مرة أخرى دون علمي، فيكفيني ما تفعله يارا بي.
تركته فكان يبتسم إليها مؤكدا عدم تكرارارها ثم التفت إلى أخيه مرحبا في سعادة:
_ أهلاً بعودتك يا رحيم.
رد عليه رحيم تحيته وهو يتابع في تساؤل:
_ما هي أخبار يارا وأين هي؟
تصنعت الجدة الذهول وهي تجيبه:
_يارا! ألم تخبرك أين ذهبت؟!
أجابها متصنعاً الذهول هو الآخر:
_ماذا؟ خرجت! كيف خرجت وهي بتلك الحالة؟ أين ذهبت؟
جاءت إجابة الجدة في نبرة الواثق:
_ما بها حالتها؟ إنها في أفضل حال..تذكرتني ليلة امس ونامت بجواري وتذكرت والدتها حتى تميم شعرت تجاهه بالألفة وإن لم تتذكره..يارا امرأة مسؤولة عن أفعالها وهذا ما دأبت على ترديده على مسامعي عندما سألتك عنها من قبل...أليس كذلك؟!
شعر كمن حصر في الزواية تردد وشعر بحرارة تسري في جسده وهو يجيبها بنبرة تكاد تصل إلى الهمس:
_بلى، لكن هي مريضة وحالتها…
قاطعته مستفسرة:
_ حالتها! ما بها حالتها؟ ما انفك لسانك يردد هذه الكلمة.
مرر يده على قفاه{مؤخرة العنق} مرددا في توتر بذل كثيراً كي يخفيه عن أعين الجدة:
_أنا..أقصد يا..جدتي أنها مازالت تحت تأثير صدمة ما حدث لها وأنها تحتاج إلى..
قاطعته العجوز في تبرم:
_ معك حق، رحيم يارا اختفت في ظروف غامضة وظهرت في ظروف أكثر غرابة..ترى هل علمتْ ماذا حدث لها وجعلها تفقد ذاكرتها على تلك الحالة؟
جحظت عيناه في صدمة وظل لبرهة يبحث في ثنايا عقله عم يجيبها به، ثم فرك عينيه متثائبا متصنعا الإرهاق وهو يجيبها:
_أنا لم أعلم جدتي، فأنا حاولت معها كثيراً كي تخبرني بما حدث لها لكن ظل عقلها مغلقا كما هو.
استندت بكفها على كف تميم:
_تميمي ساعدني على الجلوس، ها ماذا كنت تقول يا رحيم..
هم بالتفوه دون أن يحيد بنظره عن يدها التي مسكت بيد أخيه إلا أنها تابعت:
_آه، كنت تقول عقلها مغلق، لكن وحسب معلوماتي البسيطة أن فاقد الذاكرة لا يفقد ذاكرته كليةً بل يتذكر بعض الأشياء أو الأشخاص أو الأماكن لكن يارا…
صياح سلمى باسم رحيم جعلها تصمت متذمرة:
_رحيم، يارا اختفت وأنت..
وقع نظرها على العجوز والتي لم تراها وهي تنزل إلى البهو فكانت متوارية خلف تميم ورحيم، فصمتت عن متابعة الحديث وهي تنظر إليها في خوف:
_عمتي سلمى لمَ لم يبحث عنها أحد؟
قطعت عليها العجوز طريق الإجابة قائلة:
_ومن أخبرك أنني لم أبحث، أنا قمت بتوكيل السيد ياسين مسؤول الأمن بالبحث عنها وإن لم يجدها فسوف أتصل باللواء صبري البسيوني وهو سوف يقوم بالإجراءات اللازمة سراً، وأنت أكثر من يعرف صبري البسيوني، سوف يجدها ويحضرها إليّ.
••••••
تسللت خفية تحت جناح الليل الأسود وفتحت باب المخزن العتيق فصدر عن مفاصلة صوت صرير نبه المقيدة إلى الكرسي بدخول أحدهم، وقفت أمامها في تعالي وتكبر قائلة نبرة ملؤها التشفي والسرور:
_مرحبا يارا، أو أقول سيدة يارا كما نبهتني تلك العجوز الشمطاء.
أزالت الإبرة الموصولة بجسدها والتي تعمل على تغذيتها قاصدة أن تحدث فيها وخزا موجعاً جعل نقاط الدم تتراشق من يدها فمسحتها أسيمة في غل قائلة:
_فعلا كما يقال تكرار العمل يجعل منه عادة، وها انت صرت معتادة على الألم فلم تتأوهِ كعادتك..
رفعت القطنة المخضبة بدمائها إلى مستوى نظرها وتابعت في تهكم:
_آهه أرى أن لون دمك مثلنا وليس أزرقا كما يشاع يا ابنة القصر.
اقتربت منها ورفعت رأسها إليها قائلة:
_حينما اتحدث تنظرين إلى ولا تتجاهليني..
ضحكت بصوت عالي ضحكة جلجلت المكان وتابعت:
_أرى أن رحيم صنع لي معروفا حينما قطع لسانك.
على إثر عبارتها الأخيرة تذكرت يارا ما حدث لها فشرعت دموعها في الهبوط في صمت:
_ماذا؟ ألم تجف دموعك بعد..أخبريني ما الذي وجده لديك فتركني وتزوجك أنت، الجمال..تيارا أجمل منك بكثير..
نظرت إليها يارا في تعجب مستفسرة فأجابتها بحقد وتشفي:
_ألم يخبرك؟ تلك الفتاة التي قيدت إلى ذاك الكرسي المقابل لك..هي تيارا أختك التوأم!
•••••
ألم فظيع تشعر به في ذراعها وكأن أحدهم يغرز فيه سن ما، أغمضت عينيها تألما، فجأة ظهر انعكاسها في المرآة أمامها وكأنها مقيدة لا تستطيع تحريك أطرافها أخذت تئن من الألم وارتفع صوت أنينها فسمعت به رُفيدة التي هرعت إليها فزعة فوجدتها تنكمش على نفسها في وضع جنيني وتحاول أن تسيطر على الألم في رأسها، باحتضان رأسها تارة وصدغيها تارة أخرى.
اقتربت منها واحتضنتها بحذر وهي تحاول تهدئتها:
_ اهدئي يا عزيزتي، يارا انظري إلي..
لم تجيبها وظلت تئن وتصرخ بصوت منخفض، فتابعت رُفيدة:
_يارا واجهي ما تشعري به عزيزتي ولا تضطرني إلى حقنك بمهدئ ما ..أرجوك فهو لن يساعدك هكذا.
دارت أمامها حتى صارتا وجها لوجه ومسكت رُفيدة برأسها بين يديها وأخذت تدلك فيه على مهل وهي تقول:
_يارا إنه أنا رُفيدة وأنت هنا في منزل المزرعة بعيدة عن أي خطر..انظري إلي وواجهى ما تشعرين به.
رفعت تيارا رأسها ببطء وقد غمرت دموعها وجهها وهى تتمتم بخفوت:
_ألم..ألم فظيع يفتك برأسى و..ويدى لا بل
جسدى كله.
مسكت رُفيدة بكتفيها و ساعدتها على النهوض و وضعتها في سريرها وهي تقول:
_كوب ماء صغير يساعدك على متابعة الحديث..
قاطعتها راجية:
_لا ارجوك اريد مهدئ ما او مسكن للألم فأنا أريد النوم دون إزعاج.
ناولتها كوب صغير من الماء وهي تجيبها في مودة:
_اشربي يا عزيزتى ولا تفكري في شيء آخر، حاولى التحدث بما يشغل بالك وبعدها سوف تجدين الراحة والسكون.
نهلت تيارا الماء على مهل وهى ترتعش وناولتها الكوب الفارغ، مجيبة إياها بنبرة ملؤها الألم مخلوط باليأس:
_اتحدث! لماذا انها مجرد هلاوس..
وقفت رُفيدة على قدميها بتمهل دون أن تحيد بنظرها عنها وهي تقول:
_هلاوس! يارا هل..هل تتناولين دواء ما؟
رفعت تيارا عينيها البادي عليهما الألم الشديد تجيبها في تردد:
_أنا..فقط..لا أعلم..نعم، نعم ر..رحيـ..
داهمتها رعشة شديدة اجتاحت جسدها فتوقفت عن متابعة الحديث.
دثرتها رُفيدة واحتضنتها بقوه وهي تحاول تهدئتها:
_اهدئي، نامي الآن وأنا سأظل بجوارك.
جحوظ العينين، ارتعاشة الجسد دون سبب جليّ وعلامات التيه والضياع التي تغطي وجهها تنبئها بما لا يدع مجالاً للشك ولا للجدال بأن هذه الفتاة تعرضت لأمر ما جعلها تفقد ذاكرتها قسريا{قهرها على كره منها}.
أخذت تفكر في سبل كثيرة جميعها تؤدي إلى نفس النتيجة..فقدان ذاكرة كلي، لكن من يستطيع فعل ذلك فهو أحد اثنين إما محترف أو اختصاصي.
هدأت أنفاس تيارا الثائرة واستكانت رأسها على وسادتها فتسللت من جوارها بهدوء وتوجهت خارج الغرفة كي تهاتف تميم وتخبره بما توصلت إليه باستنتاجها الظاهري.
أعدت لنفسها كوبا من القهوة الثقيلة وانتظرت طويلاً حتى أجابها تميم:
_أين أنت؟ أتصل بك منذ ساعة.
أجابها بصوت منخفض النبرة وكأنه يخشى أن يستمع إليه أحد:
_اعتذر أنا مشغول الآن..ما الأمر هل هناك شئ ما؟
شعرت بشعور غريب ينبئها بأن هناك أمر ما يدور مع ذلك الرجل إلا أنها تغاضت عن الخوض في استفسار مفصل وأجابته:
_نعم، فقط انتابني شك ما حول حالة يارا، أظن أنها تعرضت لفقدان قسري للذاكرة.
سألها تميم مستفسراً:
_كيف ذلك؟
رشفت رشفة صغيرة من قهوتها المرة وهي تجيب بمهنية صرفة:
_كما تعلم أن هناك بعض الأدوية مثل الأدوية المضادة للقلق[بينزوديازيبين]، أدوية خافض الكوليسترول من عائلة[الستاتينات]، مضادات الاكتئاب[ثلاثية الحلقة]، أدوية ارتفاع ضغط الدم[حاصرات بيتا] والمنومات[مهدئات ومنومات ثيرو دياز بينية]
قد تسبب فقدان الذاكرة أو بعض الهلاوس ولذلك لا توصف لمريض ما إلا تحت إشراف طبي و..
قاطعها تميم متساءلا:
_وهل لاحظتِ على يارا ما جعل الشك ينمو داخلك؟
أجابته بحيادية:
_مبدئيا نعم، لكن تحليل الدم سوف يفي بالغرض ويقطع شكي بيقين على إثره نستطيع مساعدتها على استعادة ما فقدته من…
قاطعها متأففاً:
_ حسنا في الغد أخبرك بما سنفعله والآن اعذريني يجب أن انهي المكالمة.
أغلق الهاتف في سرعة بنفس سرعة إنهائه للحديث وكأنه لا يريد متابعة الحديث معها ترى ماذا حدث وجعله يتعامل معها هكذا.
نظرت إلى الخيلوب في يدها وهي تتساءل في ذهول:
_أي سر تخفيه عني يا رفيق الغربة؟!
••••••
رمى هاتفه على المقعد المجاور له وهو يلعن أخيه:
_ أيها اللعين! تأتي دائما بما يسيئنا ويسيء لذكرى والدينا..تبا لك.
أخذ عقله يعمل ويفكر فيما سمعه:
فوفقا إلى استنتاج رُفيدة فإن شكوك الجدة تكون في محلها ورحيم هو من تسبب في فقدان تيارا لذاكرتها:
_ لكن لماذا...كيف ومتى؟
زفر تميم بتلك الكلمات في خفوت وهو يستعيد أسماء الأدوية المهدئة والمنومة الموضوعة بجوار سريرها فهي من عائلة المنومات الثيروديازبينية، و تميم اختصاصي نفسي يعرف الآثار الجانبية لتلك الأدوية.
أخذ عقله يردد: لماذا وكيف ومتى؟
ثلاثة أسئلة تبحث عن أجوبة لكن ما من جواب يشفع له ويزيح إنقباض صدره.
شعر بألم في قلبه وكأن جدران الغرفة تضيق به وبأضلعه مما جعل الألم يزداد في قلبه،
تسارعت دقاته وكأنها تتسابق كي يظل قلبه
نابضاً.
ارتدى معطفه ونزل إلى حديقة القصر لعل برودة كانون الأول تثلج صدره وتزيح ما يقبض قلبه.
سار الهويني وهو يستعيد تفاصيل وجهها، عيناها الدعجاوين{الشديدتي السواد} النجلاوين{واسعتين}، وجنتها التي تباري الجوري في حمرته، أنفها الدقيق{الصغير}
، خصرها الأهيف{النحيل} الذي احتضنه بيديه وتلك القشعريرة التي سارت بجسديهما حينما مرر أنامله عليه وشفتيها حينما احتضنها بشفتيه..سحقاً لتلك التفاصيل التي تشعل النار به!
أنب نفسه بصوت هامس:
_ ياليتني ما احتضنتها ولا قربت شفتيها، يا ليتني ما فعلت، لا بل يا ليتني تذوقت رحيقها فها أنا أطالب بهما.
أغمض عينيه متذكرا وقوعها بين يديه واحتضانه لها كان وجهها في مقابل وجهه أنفه يستقيم فوق أنفها شفتيها الدافئتين قريبة من شفتيه وتدعوه لإحتضانهما بشفتيه والتمتع بدفئهما...وأراد أن يفعل لولا خوفه من الذنب..لفعلها.
كيف استطاع تركها، وكيف حملها إلى سيارته وذهب بها إلى بيت أخيها، بل حري به أن يسأل كيف استطاع العودة بدونها بعدما تمنى شهد شفتيها وذاق دفئ ضمتها وسكن عشقها قلبه؟
أرعدت السماء فهطل المطر من المزن{سحاب ذو ماء} كثيراً، فرفع تميم وجهه إلى السماء يجابه ماء المطر المنهمر عليه مختلطا بدمعه المسكوب ألما صارخاً:
قاتلتي…
يا من وهبتني عشقاً أبدياً،
لا يمكن إلا أن أهواها
يا من سقتني شهداً منسابا من شفتيها
تعجز شفتاي أن تسلاها..
أعشقك دون حدود..دون قيود أعشقك
فحبك قاتلتي تعويذة عشق تسكنني، تأسرني، تجتاح كيانى...تهلكني قاتلتي بصفوف العشاق..عشق يتحدى قانون الأحياء يجعلني أحيا دون حياة.
ازداد هطول المطر وجفت دموعه بينما التصقت ملابسه المبتلة بجسده، شعر كأن الماء ينخر عظامه والبرودة تجتاح جسده، لكن تلك الجمرة المشتعلة بداخله لم يخبو وهجها بل ازداد رغم إحساسه بالبرد الشديد وارتعاش جسده.
_من قاتلتك يا ابن أمي وأبي؟
استدار تميم جهة الصوت وكان أخيه يسأله في تهكم سافر فأجابه بنبرة يغلفها البرود:
_من تباري القمر بضيائها والشمس ببريقها، من تغلبت على دفاعاتي الحصينة ودقت حصون قلبي العتيدة… يا أخي.
توقف المطر وتدثر المكان بدثار السكون للحظات قبل أن يمزقه رحيم متسائلاً بنبرة ينضح منها الفضول:
_من تلك يا أخي؟!
أطرق تميم أرضاً يقطر الماء منه وهو يجيبه بانسيابية وثبات:
_اسمها رُفيدة وهي أخت صديقي.
دنا منه رحيم بخطوات وئيدة وهو يسبر أعماق عينيه مغلقا جفنيه نصف انغلاقة:
_وكيف هي تلك ال(رُفيدة) تلك التي جعلت من قلبك الثلجي جمرة مشتعلة؟
شق صوت آخر السكون صائحاً:
_تميمي، اصعد فثيابك مبتلة.
التفتا الإثنان إلى مصدر الصوت وعلق رحيم في تهكم:
_هيا يا تميمها اصعد قبل أن يداهمك المرض وتعلن روچيندا الحرب على المطر الذي بلل ثيابك.
أنهى جملته بصوت خفيض ورفع نظره إلى أعلى صائحا:
_ أخبرته بذلك جدتي لكنك تعلمين رأسه الحجري المتيبس ومزاجه المتقلب، فقد أصابته سهام العشق..
قاطعته الجدة موجهة حديثها إلى تميم:
_هيا يا تميم.
أجابها موافقا دون أن يحيد بنظره عن وجه أخيه المتهكم.
••••••
على الإضاءة الخافتة بجوار سريره، كان وارث يقرأ من كتاب ألف ليلة وليلة حكاية العاشق والمعشوق...
"…اعلم أيها الملك السعيد ذو الرأي السديد والعقل الرشيد أنه كان في سالف الزمان مدينة وراء جبال أصبهان، يقال لها المدينة الخضراء وكان بها ملك يقال له الملك سليمان وكان صاحب جود وإحسان وعدل وأمان وفضل وامتنان وسارت إليه الركبان من كل مكان وشاع ذكره في سائر الأقطار والبلدان وأقام في المملكة مدة مديدة من الزمان، وهو في عز وأمان إلا أنه كان خالياً من الأولاد والزوجات وكان له وزير يقاربه في الصفات من الجود والهبات فاتفق أنه أرسل إلى وزيره يوماً من الأيام وأحضره بين يديه وقال له يا وزير إنه ضاق صدري وعيل صبري وضعف مني الجلد{الاحتمال} لكوني بلا زوجة ولا ولد وما هذا سبيل الملوك الحكام على كل أمير وصعلوك فإنهم يفرحون بخلفة الأولاد وتتضاعف لهم بهم العدد والأعداد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
# تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة#.
فما عندك من الرأي يا وزير فأشر علي بما فيه النصح من التدبير.
فلما سمع الوزير ذلك الكلام فاضت الدموع من عينيه بالانسجام وقال هيهات يا ملك الزمان أن أتكلم فيما هو خصائص الرحمن أتريد أن أدخل النار بسخط الملك الجبار؟ فقال له الملك:
اعلم أيها الوزير أن الملك إذا اشترى جارية لا يعلم حسبها ولا يعرف نسبها فهو لا يدري خساسة أصلها، حتى يجتنبها ولا شرف عنصرها حتى يتسرى بها{يختارها} أفضى إليها{خلا بها} ربما حملت منه فيجيء الولد منافقاً ظالماً سفاكاً للدماء ويكون مثلها مثل الأرض السخية إذا زرع فإنه يخبث نباته ولا يحسن نباته وقد يكون ذلك الولد متعرضاً لسخط مولاه ولا يفعل ما أمره به ولا يجتنب ما عنه نهاه فأنا لا أسبب في هذا بشراء جارية أبداً وإنما مرادي أن تخطب لي بنتاً من بنات الملوك يكون نسبها معروفاً وجمالها موصوفاً فإن دلتني على ذات النسب والدين من بنات ملوك المسلمين فإني أخطبها وأتزوج بها على رؤوس الأشهاد ليحصل لي بذلك رضا رب العباد.
فقال له الوزير:
إن الله قضى حاجتك وبلغك أمنيتك، فقال له: وكيف ذلك؟
فقال له: اعلم أيها الملك أنه بلغني أن الملك زهر شاه صاحب الأرض البيضاء له بنت بارعة في الجمال يعجز عن وصفها القيل والقال ولم يوجد لها في هذا الزمان مثيل لأنها في غاية الكمال قويمة الاعتدال ذات طرف كحيل وشعر طويل وخصر نحيل وردف ثقيل إن أقبلت فتنت وإن أدبرت قتلت تأخذ القلب والناظر إليها كما قال الشاعر:
هيفاء يخجل غصن البان قامـتـهـا لم يحك طلعتها شمـس ولا قـمـر

كأنما ريقها شهـد وقـد مـزجـت به المدامة{الخمر} ولكـن ثـغـرهـا درر

ممشوقة القد من حور الجنان لـهـا وجه جميل وفي ألحاظـهـا{باطن العين} حـور

وكم لها من قتيل مات كيد من كمـد وفي طريق هواها الخوف والخطر

إن عشت فهي المنى ما شئت أذكرها أو مت من دونها لم يجدني العمـر

فلما فرغ الوزير من وصف تلك الأميرة قال للملك سليمان شاه: الرأي عندي أيها الملك أن ترسل إلى أبيها رسولاً فطناً خبيراً بالأمور مجرباً لتصاريف الدهور ليتلطف في خطبتها لك من أبيها فإنها لا نظير لها في قاصي الأرض ودانيها وتحظى منها بالوجه الجميل ويرضى عليك الرب الجليل، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا رهبانية في الإسلام.
فعند ذلك توجه إلى الملك الفرح واتسع صدره وانشرح وزال عنه الهم والغم، ثم أقبل على الوزير وقال: اعلم أيها الوزير أنه لا يتوجه لهذا الأمر إلا أنت لكمال عقلك وأدبك، فقم إلى منزلك واقض أشغالك وتجهز في غد واخطب لي هذه البنت التي أشغلت بها خاطري ولا تعد لي إلا بها فقال: سمعاً وطاعة، ثم إن الوزير توجه إلى منزله واستدعى بالهدايا التي تصلح للملوك من ثمين الجواهر ونفيس الذخائر وغير ذلك مما هو خفيف في الحمل وثقيل في الثمن ومن الخيل العربية والدروع الداودية وصناديق المال التي يعجز عن وصفها المقال، ثم حملوها على البغال والجمال وتوجه الوزير ومعه مائة مملوك ومائة جارية وانتشرت على رأسه الرايات والأعلام وأوصاه الملك أن يأتي إليه في مدة قليلة من الأيام…(منقول)
"من كتاب ألف ليلة وليلة"
أغلق وارث الكتاب وقام إلى نافذة غرفته وقد زادته القراءة هماً وحزناً فأخذ يناجي الدجى{سواد الليل وظلمته} وقمره الغائب:
_كيف لمضغة صغيرة واهنة تقض مضجعي، تؤلمني و تتحكم في فرحي وترحي هكذا؟ كيف لذلك القلب الخائن يفلت من زمام العقل فيفتك باتزاني ويجعلني أفكر فيما أنكرته عليها..كيف؟
بئس العشق وبئس القلب الخائن، بل بئس الحياة حينما تهبنا ما نريد عندما لا نريد ؟
أحيانا اشعر انني اعيش دون روحٍ وأريد أن اصرَخ كي أعلَم أني ما زلتَ حيّاً، وأنّ الحياة على هذه الأرض ما زالت ممكنة..يا إلٰهي،
هل تسرعت بزواجي منها كما أخبرتني؟
سهر، زوجته الطفلة جاهد كي يستعيد ذكرى تفاصيل وجهها لكن قسمات وجه هالة طغت عليها وارتسمت امام ناظره بعينيها البنفسجيتين وشعرها الأسود الذي يباري سواد الليل...
أزاحت ستار نافذتها و ظهرت أمامه وكأنها تتحدى قدرته على التحمل فأخذ يردد بيتين قد قرأهما في روايته المفضلة:
من قال أول الهـوى اخـتـيـار°°° فقل كذبت كلـه اضـطـرار
وليس بعد الاضـطـرار عـار °°° دلت على صحتـه الأخـبـار
"من كتاب ألف ليلة وليلة"
رفعت رأسها إلى السماء مغمضة العينين وكأنها تبتهل في رجاء..ترى بمَ ترجو الله؟!
يالك من أحمق! إمرأة قد غاب عنها زوجها هجرها النوم وفتحت نافذتها كي تلفحها برودة الجو وتتساءل بمَ ترجو الله؟
أغلق نافذته واستند بجبهته على زجاجها البارد متذكراً أيامه الخالية{الأيام الماضية التي لم تأتي عليه بشيء}.
متمتماً وهو يتنهد في يأس:
_الحياةُ ليسَت عادِلة يا وارث فلتُعَّوِد نَفسِك على ذلك،في المدرسة كانوا يعَّلِمونك الدَرس ثم يختَبِرونك، أمَا الحياة فتختَبرك ثم تُعَلِمك الدّرس.
سار بإتجاه سريرة وتمدد عليه واضعا يده خلف رأسه متذكرا تفاصيل الماضي...
"شاب في مقتبل العمر تزوج قبل أن ينهي عقده الثاني من فتاة في سن الطفولة أنجبا طفلة وأصبحوا مجموعة من ثلاث أطفال يجمعهم رابط قدسي..أي مزحة تلك التي وافق عليها وشارك بها، اليوم فقط تأكد له أنها كانت على حق فقد كانت طفلة لم تكد تترك اللعب مع أقرانها حتى تزوجته وأنجبت مليكة…
_الحياةُ معك كأنها منفى…
دأبت كثيراً على ترديد تلك العبارة في الشهور الأخيرة قبل وفاتها وكان يظن أن ما أصابها مجرد فتور زوجي وأراد أن يمهلها الوقت كي تستعيد حماسها مرة أخرى وسمح لها بالمكوث لدى جدته، لم يكن يعلم أنه يسلمها بيده إلى نهايتها.
••••••••
_لا تغب كثيراً فصبري ليس بصبر أيوب بحر لا ينضب، وفؤادي ليس بفؤاد أم موسى فيحتمل، وإيماني ليس بإيمان يعقوب فأنتظر…فقط لا تغب.
استندت برأسها على الحائط بجوار النافذة تفكر فيما زجت بها الحياة وكأن ما بها لا يكفيها فزادت عليها بما حدث لأطفال أخيها وتلك الفتاة التي تركها تميم في رعايتها.
وافقت على استضافتها رغم تعجبها من عدم استضافة أخيها لها ترى ماذا حدث بينهم حتى تكون الأمور بذلك التعقيد؟!
صوت أنينها الصارخ جعلها تتوقف عن التفكير الغير مجدي بشيء وسارعت إليها تتقصى سبب الصراخ.
كانت تيارا ممدة على فراشها وكأن جسدها به تشنج ما أو كأنها مقيدة وهي تجاهد لفك القيود، والعرق يتصبب من وجهها تتفوه بكلمات مبهمة، تذم شفتيها كأنها رافضة لتذوق شيء ما.
جلست بجوارها وأخذت تجفف العرق المتصبب من جبهتها بحركة خفيفة لا تشعر بها ودنت بأذنها منها كي تفهم ما تتمتم به…
_لا اريد...اتركني..ذلك مر..لا..لا..أنا لست..أنا تيارا...لا..لا.
تلك الكلمات المتفرقة هي ما وصلت إلى أذن رُفيدة فأصابتها بذهول واستنكار.
أحكمت عليها الغطاء وجعلت{شرعت} تجفف عرقها في هدوء تاركة لها المسافة كي تخرج ما يؤرقها.
مرت الدقائق طويلة قبل أن تستعيد تيارا هدوئها، ثم وضعت رُفيدة يدها على جبهتها فشعرت بازدياد في حرارة جسدها وهو أمر مسلم به في حالة بحالتها.
قامت إلى المطبخ وأحضرت قطعة قماش بيضاء مبللة بالماء البارد ووضعتها على جبتها كي تمتص بعض من حرارتها الزائدة فيهدأ جسدها.
كانت تنظر إليها وهي تتساءل:
_ماذا حدث لكِ يا فتاة؟ من أنت يارا أم تيارا تلك التي تفوهت باسمها؟...آهٍ يا تميم بماذا بليتني يا رجل لا غفر الله لك إن كان في الأمر شبهة ما.
•••••••
دخل رحيم غرفته يشعر بنيران الغضب والغيظ تكاد تأكله، لماذا؟! يفعل كل شيء بالميزان كما ترغب ورغم ذلك لا تكن المحبة إلا له، تزوج من حفيدتها فلم تعره اهتمام بأكثر مما اعتادت...لماذا تميم وليس هو؟ هل لأنه يشبه زوجها؟...نعم، نعم وهل تتساءل يا غبي، لأنه يشبه حبيبها القديم..إذن فيجب أن يختفي تميم حتى تخلو له ساحة قلبها.
رنين هاتفه قطع عليه تفكيره، فتح الإتصال متأففاً:
_نعم، ما الأمر يا امرأة؟
أجابته بصوت يخنقه الخوف:
_إنها يارا، لقد رفض جسدها المغذي…
قاطعها هادراً في غضب:
_ماذا؟ أسيمة ماذا فعلت بها؟
_لا..شـ..لا شيء..
أغلق الهاتف دون أن ينتظر سماعها وهي تتابع دفاعها عن نفسها وارتدى معطفه على عجلة دون أن يلتفت إلى الخلف.
قاد سيارته بسرعة جنونية وتفكيره منصب عما سيحل عليه إذا عاجلته يارا وتوفيت قبل أن يتم ما بدأه..
ضرب بقبضته مقود السيارة وهو يتمتم بغيظ:
_سحقاً للغباء! بل سحقا للنساء وسحقا لأسيمة..ولكل من حوله.
••••••
كان تميم قد بدل ثيابه المبللة وذهب إلى الجدة كي يطمئنها ويطمئن عليها، كانت تجلس على كرسيها أمام المدفأة تتابع تآكل القطع الخشبية تحت وطأة النار الملتهبة، يبدو عليها التفكير العميق:
_جدتي!
قالها بخفوت فأجابتها بنبرة تكاد تقترب من الهسيس:
_ادخل تميمي.
أغلق الباب خلفه عاقدا جبينه، فسألته باهتمام:
_ما الأمر تميمي هل تشعر بشيء؟
دنا بجوار مقعدها ومسك يدها بين يديه وهو يجيب:
_لا أعلم بمَ أجيبك فأنا..
نظرت إلى عينيه التي لمعت أمام نيران المدفأة وهي تتابع ما اقتطعه من كلمات:
_أعلم أنا بمَ تجيبني يا عزيزي، تحبها أعلم.
جحظت مقلتيه تعجبا وتمتم بخفوت:
_كيف؟!
رفعت عينيها إلى اللوحة الكبيرة المثبتة على الجدار وهي تجيب في تنهد ملؤه الحنين:
_نظرتك! رأيتها من قبل يا عزيزي فقد سكنت عينيه من قبل كنت أقرأها يوميا دون ملل أو كلل.
تبع نظرها بعينيه وهو يتساءل مواريا ابتسامته:
_جدي رستم؟!
نظرت إليه بجانب عينيها وقد رأت الإبتسامة مرسومة بعينيه فأجابته بشرود:
_نعم يا وقح..رستم، وهو أيضا حبيبي الأول والدائم.
نطقتها بشرود وتابعت وقد انتبهت إليه:
_ فيك منه الكثير لكنه يفوقك بقلبه فهو ذو قلب أخضر يانع كخضرة أشجار الربيع لم يعرف الكره طريقه إليه..
انتظر أن تتابع إلا أنها توقفت فتابع هو:
_لذلك كان عليك أن تكوني قوية.
أمنت على حديثه:
_نعم يا عزيزي، فقد كان لزاما على أحدنا أن يكون ذو قبضة حديديه والآخر تكون قبضته حريرية...هو لم يستطع إلا أن يكون لين القلب واليد ولم يكن أمامي إلا أن أكون تولجهان{زعيم قوي} حقيقية.
صوت سيارة شق سكون الليل فقام تميم إلى النافذة وسمعها تقول:
_رحيم؟
وعندما أشار موافقا:
_إذن فقد خرج من كهفه..
_أنا سأخرج خلفه.
أوقفته قائلة بصوت واثق النبرات:
_غير مهم...إترك له الحرية، فحريته سوف تكون نهايته.
_لكن..
قاطعته سائلة:
_أخبرني بحالة تيارا؟
ذم شفتيه حنقاً وأخبرها بما أخبرته به رُفيدة كانت تهز رأسها في هدوء ولم تقاطعه حتى انتهى من حديثه، علقت:
_يجب أن تسرع بأخذ عينه كي تقوم بتحليلها فمرور الوقت ليس في صالحنا.
_وهذا ما سأفعله، وهو نفس ما أريد فعله الآن مع رحيم فالوقت يمر ولا أعلم ماذا يفعله رحيم الآن.
نظرت إلى النار المتأججة التي يخبو لهيبها رويدا فتسقط فيها قطعة أخرى فيزداد لهيبها مرة أخرى، علقت بنبرة رخيمة:
_ قد تَقصُر الحياة وقد تطول، لكننا نحياها رغم ذلك وكل شيء مكتوب ومقدر في صحفنا يا عزيزي فلا تتعجل شيء وتذكر أن
كُل شيء في حياتنا مَرهون بالطّريقةِ التي نحياها بها.
تركها وغادر الغرفة واستدارت هي إلى النار المشتعلة تناجيه سراً:
_هيا يا عزيزي كن خلفه ولا تفقدني حفيدتي!


noor elhuda likes this.

عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:43 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.