آخر 10 مشاركات
4 - لعنة الماضي - بيني جوردان (دار الكتاب العربي) (الكاتـب : Gege86 - )           »          بعد النهاية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Heba aly g - )           »          قرابين الاعراف .. متميزة , مكتملة (الكاتـب : حنان - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          عيون الغزلان (60) ~Deers eyes ~ للكاتبة لامارا ~ *متميزة* ((كاملة)). (الكاتـب : لامارا - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree29Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-10-19, 12:58 PM   #91

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
تروي حكاية أنّ سيّدة عاشت مع ابنها الوحيد في سعادة ورضا حتّى جاء الموت واختطف روح الابن حزنت السيدة حزنا شديداً لموت ولدها ... ذهبت من فرط حزنها إلى حكيم القرية وطلبت منه أن يخبرها الوصفة الضرورية لاستعادة ابنها إلى الحياة مهما كانت أو صعبت تلك الوصفة أخذ الشّيخ الحكيم نفساً عميقاً ـ وهو يعلم استحالة طلبهاـ ثمّ قال : أنت تطلبين وصفة؟ حسناً أحضري لي حبّة خردل واحدة بشرط أن تكون من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً
وبكل همة أخذت السيدة تدور على بيوت القرية كلها و تبحث عن هدفها حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً طرقت السيدة باباً ففتحت لها امرأة شابة فسألتها السيدة هل عرف هذا البيت حزناً من قبل؟ ابتسمت المرأة في مرارة وأجابت :
وهل عرف بيتي هذا إلأ كل حزن؟! وأخذت تحكي للسيدة أن زوجها توفي منذ سنة، وترك لها أربعة من البنات والبنين ولإعالتهم قمت ببيع أثاث الدار الذي لم يتبق منه إلا القليل تأثرت السيدة جداً وحاولت أن تخفف عنها
وقبل الغروب دخلت السيدة بيتاً آخر ولها نفس المطلب وعلمت من سيدة الدار أن زوجها مريض جداً وليس عندها طعام كاف لأطفالها منذ فترة. ذهبت السيدة إلى السوق، واشترت بكل ما معها من نقود طعام وبقول ودقيق وزيت ورجعت إلى سيدة الدار وساعدتها في طبخ وجبة سريعة للأولاد واشتركت معها في إطعامهم ثم ودعتها
وفي الصباح أخذت السيدة تطوف من بيت إلى بيت تبحث عن حبة الخردل وطال بحثها لكنها للأسف لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن مطلقاً، لكي تأخذ من أهله حبة الخردل. وبمرورالأيام أصبحت السيدة صديقة لكل بيت في القرية، نسيت تماماً أنها كانت تبحث في الأصل على حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن. ذابت في مشاكل ومشاعر الآخرين ولم تدرك قط إن حكيم القرية قد منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن. لست وحدك.. إذا كنت حزينا ومهموما ومهما أصابك فتذكر أن غيرك قد يكون في وضع أسوأ بكثير..
سبحان الله.. الله يسعدك عزيزتي


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 12:59 PM   #92

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
نور تحاول الاندماج مع الجميع ...بالرغم من المها
لرفض جدها واخوالها لها
لقد اخبرت عمها نزار ان عائلة والدتها سعداء بوجودها
وتقبلوها بينهم .....
لكى لا يشعر بالقلق عليها ويطلب منها العودة...
رحمة تحب محمد لكن ما فعلة والدها جعلها تفقد الثقة
فى جميع الرجال..
تسلم ايدك ❤❤
رحمة زيها زي اي طفل بيعيش مأساة مع الأهل و بتنعكس عليه.. ان شاء الله تنحل بشكل يرضيكم


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 01:01 PM   #93

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورالخاقاني مشاهدة المشاركة
روايه جميله جدا

واحداث مشوقه

تحياتي 🌺🌺🌺🌺
تسلميلي يا قلبي.. جزيل الشكر


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 01:03 PM   #94

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
انت لازم تتجوز بنت سهام يا عمي.. و اللي ما جراش على بنتهم زمان يجري على بنت بنتهم دلوقتي.
يادي الصدمة مين يتجوز مين ياعيني يا جيمي دي عين سمورة
طيب القفله المدمرة دى عايزالها فاصل سريع
الجد والقلب انتصر وافاق العقل من الغيبوبة بس يافرحة ماتمت خدها جاسر وطار
بس هل حينسي سيهامبعد العمر ده ويوافق ع بنتها ام سراج حينوله من الحب جانب ويخطبها هو بدل من عمه وكده يبقي الله يرحمك يانور
سلمت اناملك
هههههههههههههه يا أهلا بالمعارك.. شوفي هو من الاخر لو ما كان سراج موجود كان خلصت على خير بس سراج ابن اللي انقتل على ايد التهامية هايوللللعها.. و تنسيش جمااال.. الحرب هاتكون من كل جانب


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 01:05 PM   #95

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة


يالهوى هى الحرب هتقوم ولا ايه

نور قدرت تكسب قلب وعقل جدها ويقف فى صفها ويعترف بحقها فى وجودها فى حياتهم بس لسه اخوالها محكمين رأيهم ورافضين وجودها
بجد زعلانه على سمر جدا مش سهل ابدا انها تشوف حب طفولتها وشبابها وهو منبهر بنور بالشكل دا

محمد دا عسل وياريت احلام تعفو عنه بقى

منك لله ياأمينه انتى ودياب اهو اللى كانوا خايفين منه حصل وعيلة حرب عرفة بوجود نور وانهم اتضحك عليهم

بس واضح ان جاسر كان بيحب سهام بجد زعلت عليه
سراج لسه شايل انتقام ابوه فى قلبه والمصيبة دلوقتى فى عرضه اللى بيقوله معقول جاسر يفكر انه يتجوز بنت الانسانه اللى كان بيحبها

تسلم ايدك ياقمر
هههههههههههه هانشوف لوين هاتوصل الاحداث و مين هايتزوج مين.. بعدين تنسيش.. نور مش من التهامية فموضوع الثأر أصلا ما بيشملها


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 01:07 PM   #96

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
نور استطاعت ان تقتحم قلب جدها وتتقرب منة بسهولة
اصبح جدها حليف لها ويرغب ب حمايتها ....
واضح ان سعادتهم لن تكتمل بعد أن علم جاسر
بوجود ابنة سهام فى البلد
وعلم انة تعرض للخداع
واضح ان سراج اكثر شراسة من عمة
ولن يتنازل عن ثارة...
تسلم ايدك حبيبتى ❤❤❤
لقدام هانعرف انه سراج مش بس الثأر و اليتم اللي قسا قلبه.. لسة في جوانب ما بنعرفها


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-19, 09:06 AM   #97

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-19, 09:02 PM   #98

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس

الفصل السابع:
اختضت الدماء بعروق جاسر و جحظت مقلتيه من محجريهما عقب الجملة التي ألقى بها ابن أخيه ليشعر بها كما الجمر الحارق فتلفظها أذنيه كما عقله و هو يصيح مستهجناً بشدوه:
- انت اتخبلت بمخك يا سراج.. عايزني اتجوز بت سهام؟!! طب ازاي؟ ده غير انها من دور عيالي لو كنت خلفت.. البت دي تبقى بت سهام حبة القلب و اللي عمري ما حبيت و لا هاحب غيرها، ما اقدرش أعمل في بتها اكده.
استهجن سراج رقة القلب لدى عمه و استكانته الغير محتملة من وجهة نظره.. ليجابهه بصلافة و صفاقة و هو يقذف بحمم كلماته:
- قصدك سهام اللي لو صدق كلام دياب تبقى هربت منك و اتجوزت واحد تاني و ادته قلبها و عمرها و جابت منه بنتها؟!
أشاح جاسر بوجهه و غصة قد تملكت من حلقه.. كما كانت الدموع تكابد للتحرر ليلجمها السجان متمثلاً بالروح الأبية.. فيجيب كمن لا حيلة له بقلب تلوع و صُكَ بختم الملكية الأزلية يبرر لنفسه قبل المتجهم أمامه:
- ما كانتش تعرف.. حبيتها بت صغيرة بضفاير زي الليل.. كنت براقبها لما كانت تروح و تيجي من مدرستها من غير ما تحس بيا.. بوقتيها قلت إني هاستناها تكبر و أتجوزها و أهو منه نقطع سلسال التار اللي بين العيلتين، لكن القدر ما امهلناش أو ما امهلنيش أنا الفرصة.. ابن عمها قتل بوك لومن كانت بالثانوي.. أني وقتها خوفت.. مع كل زعلي و حرقتي على دم أخوي خفت تروح سهام من يدي.. ففضلت اترجى بوي يقفل على حوار التار و نطلب النسب عشان نخلص.. دخلت براسه انه لو حصدنا روح منيهم بعدها هاييجي الدور علينا و احنا ما بقاش رجالة بعيلتنا غيره و أنا و انت و لو بقينا على الطريق ديه مش هايفضل من سلالتنا حد.. و وافق جدك و اتفق و اياهم.. و اني الفرحة ما كانتش سايعاني بس ما بينتهاش لحد.. لحد ما جيه اليوم اللي قالوا فيه إنها ماتت.. وقتها قلبي مات و اياها.. ما عدش شيء يفرق خلاص.. شهر عدى بعديها و ربنا افتكر جدك ( ابتلع ريقه بمشقة و هو يكمل ) وقتيها بقيت أني كبير العيلة.. على قد ما كنت زعلان على موت بوي بس ارتحت لإنه موضوع التار صار بيدي.. هملت حق الدم و نسيت كل الكره و ما فكرتش غير إني أرحم أهلها.. كنت ببرر لنفسي اني اكده برحم ناس كتير انها تفقد غالي و اولاد صغيرة تتيتم، لكن أمك.. أمك الله يرحمها لامتني كتير و واجهتني بحقيقة اني فرطت في حق اخوي عشان حبي لبت التهامية و اني كنت عارف ديه بس القلب له أحكام يا ابني و هو دايما غلَاب.
يريد التعاطف.. صدقاً يريد لكن الكره كان قد ضرب بجذوره في النفس عمقاً ليس له من اقتلاع أو تحرر، فالحق قد أضحى حقان.. حق الدم المهدور و حق القلب المغدور و في كلاهما ثأر موتور، نظراته كانت قاسية لا أثر فيها حتى لرماد الرحمة التي احترقت بقلبه منذ زمن.. اقترب من عمه حدَ أن لفحت أنفاسه المستعرة جبهة عمه التي توازي الأرض بخزي و قال بثبات دكتاتور ظلوم:
- كل الكلام ده ما يهمنيش.. أنا اللي يهمني دلوقتي تار أبوي اللي اندفن معاه و انضحك علينا فيه، انت مش حاسس يا عمي بالنار اللي جوايا.. نار كنت حابسها طول عمري عشانك انت يا عمي.. لكن دلوقتي هم فتحوا أبواب جهنم على نفسيهم.. من الآخر كده هانروحلهم و نحط على عينهم اننا عرفنا الحقيقة و نطالبهم بالعهد القديم و انه احنا عايزين بنت سهام ليك و مش أي وحدة غيرها.. لازم بنت سهام تاخد مكان أمها.. و طبعا هم مش هايقدروا على كده لإنها مش من التهامية و مش بعيد لما تسمع هي بالحكاية تلم هدومها و تقول يا فكيك.. و هنا بقى..
و تاهت عيناه للقريب المبشر بالظفر العظيم ليردف بنبرة متشبعة بالشوق السقيم:
- هنا.. هنحصد تارنا من غير ما حد يحط علينا العيبة و يقول توكم ما افتكرتم و هايكون عدانا العيب.. و وقتها هاحش راس زينة شبابهم.. هو ده اللي هايبرد نار قلبي.
وضع كفه على كتف عمه يضغط عليها بشدة و هو يضيف:
- و اللي قلتوا هو اللي هايصير يا عمي.. الخلاص هاييجي على ايد بنت سهام.. بس بالأول سيبني أدور ورا الموضوع صح.
قالها و حث الخطى للخارج صافقا باب المكتب خلفه باتراً لأي اعتراض قد يصدر عن عمه.. بينما تهالك العم على الكنبة و قد شرَع بوابات المقل لتتساقط دموع القهر و الندم و الوجل من القادم ..فيطلق جوفه آآآه حررتها حنجرته لترج جدران الحجرة رجاً فتخزن الجدران لحظة الألم كما تختزن كل مواقفنا.. فلو استنطق الله الجدران لتفتتت قبل أن تنطق لهول ما اختزنت و ما قد تنطق به.

بينما في منزل الحاج عبدالعزيز استفاقت نور على صوت ضجيج و حركة غير معتادة في هذا الوقت من الصباح.. اغتسلت و أبدلت ثيابها لتنزل للأسفل و تتفقد سبب كل تلك الجلبة لتجد نساء القصر في حالة كر و فر بين حجرات القصر ينظفون هذا و يلمعون ذاك.. ظنت أنه لربما وقت نفض المنزل لتبتسم ابتسامتها الساحرة و هي تقترب منهم تبتغي مد يد العون:
- صباح الخير عالغانمين .. هاتوا خلوني أساعدكوا شكله وقت نفضة البيت مش هيك؟
اقتربت منها رؤى و هي تجر خلفها ممسحة البلاط لتجيبها بانهاك:
- لا و انتي الصادقة ده عريس جاي.
اتجهت أنظارها على الفور تجاه رحمة بصدمة كأنما تستحثها نفي تكهنها أن العريس لها ( ماذا عن محمد؟! ) فكرت بين دهاليز عقلها لتأتيها الإجابة ساخرة من رحمة التي تبتسم من تعلق نور بقصتها مع محمد كأنها تحاول ان تنتصر لقضية إنسانية:
- العريس جاي لرقية.. عشان كده هي مش مطحونة معانا هنا و قاعدة فوق برنسيسة مع نفسها.
ضحكت نور بصخب لتعليق ابنة خالتها قبل أن تلتقط منها منفضة الغبار و تهوي بها على مؤخرة الأخيرة بخفة و هي تقول بمكر:
- ممم.. منيح إن كان لرقية لإنه كانت هاتصير مدابح لو كان العريس لحدا تاني.
هذه المرة الكركرة صدرت عن رؤى و التي ما أن أنهتها حتى شرعت تدندن
(بعدك عني انتحار سيبني في وسط نار ولا قدره اقول تعالي تعبني الانتظار تعبني الانتظار يا رتني ما كنت قبلتك ولا عرفتك في يوم قلبي ما بطلشي سرتك صحاني في عز النوم يا رتني ما كنت قبلتك ولا عرفتك في يوووم معرفشي انا ايه بيحصلي ببعد عنك بضيع عارف تب كنت قلي اللهفه دي شئ فظيع معرفشي انا ايه بيحصلي ببعد عنك بضيع بعدك عني انتحار سيبني في وسط نار ولا قدره اقول تعالي تعبني الانتظار تعبني الانتظار)
تجاهلت سمر الواجمة جل مناكفاتهم و أحاديثهم و هي تعطي تركيزها بإكمله في التنظيف و الذي استوفته في المطبخ برفقة خالتها أحلام و والدتها زهور كي تبتعد عن مجال تلك البغيضة ( نور ).
مرت قرابة الأربع ساعات و الفتيات ما زلن يعملن بجهد و كانت الجدة قد اعتزلتهم لتستريح في حجرتها قليلا قبل موعد الغداء الذي كانت الخالة أحلام تشرف عليه مع الخادمتان، فتح الباب الخارجي فجأة و دخل بهيبته المعهودة دون أن يلاحظه أحد.. ليتمسمر كأحد التماثيل الرخامية و هو يتطلع للمشهد المتمثل أمامه.. نور مبتلة من حجاب رأسها حتى اظافر قدميها المنمقة بعد أن رشقتها أخته بدلو المياه الذي كما يبدو كانتا يستخدمنه للمسح.. ثيابها تلتصق بجسدها بإغواء صريح و تحد سافر لعينيه ألا تتفحص كل نقطة من جسدها المهلك.. انفرج ما بين شفتيه يرتجي سحب الأنفاس التي هجرت صدره و قد فتك برزانته مظهرها الفاضح.. شعر أن التعرق قد وصل أهدابه كما جبينه و جل جسده و هو يتخيل أن أحدا من غير محارمها قد يدلف الآن و يراها بهذا الشكل.. فالتوى تفكيره و هو يفكر ربما عليه أخذها بأحضانه يحجبها عن كل عين و يداه تخفي ما شفَ و تفصل من مفاتنها.. لكنه ارتد بغتة للخلف على صراخ الفتيات فور أن انتبهن لوجوده فلم يكد يستعيد تركيزه بعدها حتى كانت نور تعدو للأعلى نحو غرفتها بينما رحمة تلكزه بمنفضة الغبار تتحدث بما يشبه الصراخ دون أن يتبين ما تقول.. فعقله و حواسه قد غادرت مع تلك التي غادرته جسداً دون ان تغادر صورتها الفكر.
أفاقه من جموح أفكاره صوت جدته الهادر و التي أتت بعد أن كانت قد استفاقت من قيلولتها ما أن سمعت صوت الصراخ:
- فيه إيه يا بنتة منك ليها؟؟ بتصرخي اكده ليه مش ناقص غير تلمي علينا الخلايق!!
جزعت رؤى ما أن رأت نظرات أخيها جمال الحانقة مسلطة عليها.. لتنتفض و تهرول محتمية بجدتها ما أن اقترب بخطوات واسعه منها كأنما يريد اقتناص رقبتها بين كفيه، نهرته جدته عن تهوره و هي تتسائل:
- فيك إيه يا جمال جاي متعصب و العفاريت عمالة تتنطط قدامك؟
جز جمال على أسنانه و هو يشير على أخته رؤى بسبابته و يخاطبها بتجريم متجاهلا الإجابة على جدته:
- انتي اللي دلقتي المية على نور؟؟
تلجلجت رؤى و قد حفت عيناها غلالة من الدموع لشدة رهبتها.. ليأتي الإنقاذ من رحمة ترحمها بالاجابة بدلا عنها:
- ما حصلش حاجة يا جمال .. عادي كنا بنضف و نور و رؤى كانوا بيهزروا مع بعض.. ما فيش داعي لكل العصبية دي.
و قبل أن يرد عليها بأن هذا ليس إلا مزاح ثقيل جاء التدخل من سمر لتقول بتقريع مشبع بالتشفي:
- ما حاصلش حاجة ازاي يا رحمة؟! افرضي محمد و الا اخويا عبدالعزيز دخلوا و شافوا المنظر اللي كانوا فيه.. ده حتى جمال ما كانش يصح يشوف اللي شافه بس نقول إيه سهوكة بنات ربنا يبعد عننا.
لم ترغب بتفصيل الحدث كي لا ينتبه جمال لذكرى مظهر نور المغري إن لم يكن قد انتبه.. لكنها لم تعلم أنها بكلماتها قد ألقت بمزيد من الحطب المشبع بالوقود لتشتعل نيران صدره أكثر فأكثر و تخيلاته لأحد غيره يرى ما حُرم رؤياه منها تنخر برأسه كما السوس تقتات منه و تفسح المجال للنيران لتنتشر أكثر ليقبض على ذراع شقيقته يعتصرها عصراً مما استدعى دموع الألم لعينيها و أنين الوجع لصوتها ليصيح بها موبخاً:
- أنا كام مرة قولتلك تبطلي تفاهتك دي! عاجبك اللي حصل دلوقتي؟!
ليأتيه صوت سمر المؤنب مرة أخرى و هي تدافع ظاهريا عن أخته بينما تدفع بالأخرى لجب الخزي:
- الحق مش على رؤى لوحدها يا جمال.. أنا شفتهم بيضحكوا و بيرشوا مية على بعضيهم.. حتى شوف!
اقتربت تشير على كم الثوب الخاص برؤى و الذي كان مبللاً بالفعل كأنما هو شاهد على التهمة التي ألقتها سمر و قبل أن ينطق أحدهم تدخلت الجدة و قد ضاق صدرها بأحاديثهم الفجة و هي تقول بحسم:
- بس منك ليها له.. إيييه ما فيش احترام لوقفتي بيناتكم و الا إيه! ( ثم التفتت لجمال تردف ) و انت يا جمال ما تعملهاش قصة خلاص بنتة بيلعبوا مع بعضيهم في دار أهلهم و انت كنت المفروض تضرب جرس الباب مش تدخل كيف الجاموسة من دون إحم و لا دستور.. إبقى اتعلم من أخوك و ابن عمك بعد إكده اللي عاملهم حساب يشوفوا حرمة البيت.
أين الجبهة؟ الجبهة قد قُصفت!! زفر بحنق و هو يقر بداخله بصحة حديث جدته.. هن فتيات و من حقهن التخفف و التسلي في منزلهن و إلا أين يكون ذلك! و هو كان من المفترض عليه الاستئذان، زفر بحنق قبل أن يوليهم ظهره و يحرك قدماه تجاه حجرته كي يُهدئ من عصف أفكاره لتلتحق به الجدة قاصدةً الحديث الذي أزف ميقاته.
ارتمت رؤى في حضن رحمة التي كانت تتابع انسحاب سمر بغيظ مكتوم.. ربتت رحمة على ظهر المفطورة من بكائها و هي تبثها كلمات المواساة و التآزر.. بينما في الأعلى كان جمال يذرع حجرته ذهابا و إيابا و ضربات قلبه أضحت عنيفة حتى ظنها ستفتت قفصه الصدري لقوة هدرها، رسمها لا يفتأ يرتسم في ذهنه فينفض هو رأسه محاولاً محيه دون نفع.. حرر عنقه من ربطة العنق و ارتمى على السرير فارداً ذراعيه كمن يناجي الرحمة باستسلام، طوال عمره لم يشعر مثلما يشعر الآن.. أحاسيس غريبة عليه.. عاصفةً فوق طاقة تحمله و أشهى من أن يصد عنها فتطلب روحه الاستزادة.. قاطع خلوته ولوج جدته دون استئذان بوجه مكفر و شرارات مجازية تنبعث من سواد عينيها:
- عايزاك تفهمني إيه اللي بيوحصل و اياك يا ولد ولدي.
أغمض عينيه ليشعر بحرقتهما و سؤال جدته أنبأه أن الحديث المؤجل قد حلَ بوحه.. اعتدل بجلسته يفرك عينيه بالسبابة و الإبهام ليقول و قد شاب نبرة صوته التعب:
- بحبها و عايز أتجوزها.
هي تعلم.. و من الغبي الذي لا يعلم حالما يرى حاله و نظراته ما أن تواجد طيفها بمحيطه.. عاشقٌ هو و العاشق دوما مفضوح بعشقه، تنهدت و هي تجاوره في جلسته على سريره لتقول بتعقل:
- و انت شايف إنه دلوقت وقت الحديت ديه ؟ البت لساها ما خدتش علينا زين و أبوك و عمك مش قابلينها بيناتنا.. خليها شوية يا ابني لحد ما الأمور ترسالها على بر.
التفت لجدته و تعابير الرفض تلوح في مقلتيه ليرد حديثها:
- بس لما نتجوز.. كده الكل هايكون مغصوب إنه يتقبلها.
قاطعته و هي تريح كفها فوق كفه المتموضعة فوق فخذه تقول:
- أديك قلتها يا ابني.. يقبلوها غصب، و ديه مش رغبتها.. غير اكده يا ابني أبوك هايبقى سد ما بينك و بينها.
نهض فجأة لتتحرر كف الجدة و هي تناظره من مجلسها يتحدث بهياج:
- ما يهمنيش إن كان يرضى و الا ما يرضاش.. دي حياتي أنا.. أنا اللي هاتجوز مش هو!!
أومأت الجدة فتحية بتفهم وقور لتقول كلمتها الأخيرة :
- إن كان اكده كلِم جدك بالموضوع بس مش دلوقت.. استنى لحد ما نشوف العريس اللي جاي لاختك رقية مايِته إيه ( ثم نهضت عن الفراش متجهة نحو الباب ) يالله.. أسيبك ترتاح شوية قبل المسا.. لازمن تكون جنب أبوك لومن ياجو الجماعة.
و خرجت قاصدةً حجرة تلك التي تعلم أنها تكاد تذوي خجلاً الآن من الموقف السابق.

طرقت الباب بخفة حتى أتاها الاستفهام عن هوية الطارق فالإذن بالدخول فور أن علمته.. كانت قد انتهت من حمامها و ارتدت ثيابها لتجلس الآن بمحاذاة جدتها التي أخذت على عاتقها تسريح شعرها.. أعادها المشهد لذكريات بعيدة كانت فيها في نفس هذا الموقف لكنه كان شعر ابنتها سهام الذي بين يديها.. تلمست شعر نور لتبتسم فكم يشبه شعرها شعر والدتها، استرضتها ببعض الكلمات قبل أن تتركها تنهي ارتداء حجابها لتخرج من غرفتها تجاه غرفة رقية و رؤى حيث تقبع رقية تجهز نفسها لاستقبال ضيوف الليلة.

تأنقت رقية و تزينت بأبهى ملبس و حلي.. رَقتها جدتها ببعض سور من كتاب الله قبل أن تحث كلتيهما الخطى للأسفل نحو النساء من أهل العريس الذين قدموا لرؤية العروس المنشودة بينما كانت بقية فتيات القصر يتابعن المشهد من شق باب المطبخ، انقضت قرابة الساعة بين احاديث متنوعة بين النسوة من كلا الطرفين بينما اكتفت رقية برسم الابتسامة المهذبة متوازية مع حمرة الخجل التي كانت تزين خديها و تجيب على أسئلتهن بصوت خفيض و رقيق يناسب رقتها الغير مصطنعة، و بعد العشاء الذي تم تقديمه لكلا المجلسين استأذن جمال يرافقه طالب القرب ليدخلوا مجلس النسوة كي يتسنى للدكتور عمر و هو العريس المزعوم الجلوس إلى رقية و تبادل بعض الأحاديث معها لربما قذف الله بسهم الود في قلبيهما لينقضي الأمر بارتباط وشيك.. لكن و لكون الحشد النسوي كان مرابطا بالقرب منهما لم يتمكن عمر و رقية من تبادل الحديث سوى ببعض كلمات ترحيبية و بعض الإيماءات المبهمة من رقية و بالرغم من هذا فالأمر قد كان مقضيا من قبل والد عمر فنسب عائلة التهامي لهو من أعظم النسب الذي قد يحظون به في منطقتهم.. و بينما كان عمر يجالس النساء كان والد عمر يطلب يد كريمتهم قربا و نسباً فيأتيهم الرد بالتمهل يومان حتى يتم الأخذ برأي العروس.

كان يسحب الأنفاس المشبعة بالنيكوتين من لفافة التبغ التي بين سبابته و الوسطى.. غيمة دخانية خانقة تلتف حوله من كثرة عدد لفافات التبغ التي قام بحرقها داخل صدره، ذهنه يعيد الحديث الذي وقع منذ ساعة حيث كان قد استدعى دياب و زوجته في وقت متأخر من الليل خاصة بعد أن أخبره دياب أن زوجته لن تستطيع القدوم إلا في مثل هذه الساعة لحدث استقبال نسب جديد في عائلة التهامي و في قرابة الساعة الحادية عشرة كان الإثنان يقفان بخنوع أمام حضرته بينما هو يجلس على كرسي المكتب الخاص بعمه يضع الساق فوق الساق يفصل بينهم المكتب الماهوجني، ليتحدث مخاطباً أمينة بعنجهية معروفة عنه:
- اتكلمي و قوليلي بالتفصيل الممل كل اللي تعرفيه عن البنت اللي بتقولي عليها إنها بنت سهام.
شرعت أمينة تتحدث و تسترسل بالحديث دون انقطاع.. ذكرت ما أخبرتها به حسنية من مشهد استقبال نور في القصر حيث أمينة كانت غائبة لوضعها طفلها حديث الولادة و أخبرته بالنقاشات الحادة التي حدثت بين الرجال و كل تفصيلة صغيرة كانت أم كبيرة تخص الموضوع و حالما انتهت أخذت أنفاسها التي تاهت منها في سردها ليومئ لها سراج باستيعاب قبل أن يسألها أخيراً:
- جبتيلي إسمها بالكامل زي ما قولت لجوزك يقولك؟
هزت امينة رأسها بحركة عامودية متتابعة و هي تخرج ورقة من جيب ثوبها تمدها إليه ليلتقطها هو منها و يفتحها في نفس الوقت الذي كانت تفسر فيه أمينة:
- أنا دخلت اوضتها و فتشت بدروجها و لقيت جواز السفر الأردني بتاعها و نقلت عنه اسمها بالكامل و لقيت رقم اسمه الرقم الوطني نقلته كمان و مكان السكن و كل حاجة لقيتها كتبتها، ابتسم سراج بزاوية فمه برضى و هو يطوي الورقة لتغيب في جيبه و هو يقول:
- شكلك متعلمة يا أمينة.
نفخت صدرها بزهو و هي تجيبه بتأكيد:
- أومال يا سعادة الباشا.. أنا مخلصة ابتدائية.
- تمام.. كده أنا وصلني طلبي و ده حقكوا.
قالها و هو يقذف برزمة من المال عبر المكتب ليلتقطها دياب بسرعة و هو يقول بتملق:
- ما كانش ليه لزوم يا سراج باشا ده احنا بس كنا عايزين نخدم ده انتم خيركم مغرقنا.
أومئ سراج بملل و هو يشير لهم بيده للخروج.. و ها هو الآن يجلس وحيداً نهباً للأفكار السوداوية التي تطوف كناسك حول عقله لا تترك له سبيلا لنفاذ النور، ألم القهر أبدا لم يخفت و جراح الروح ما زالت تنزف.. أبداً لن ينسى و من قال أن الإنسان ينسى فقد ضلَل و افترى.. قد ينسى الإنسان الفرح لكنه أبدا لا ينسى الوجع مهما حيا، الرغبة في القصاص غريزة لا ذنب لنا بها.. منا من يأخذ قصاصه في الدنيا فترتاح نفسه و تستكين.. لكن أغلبنا ينتظر و يترقب يوم الدين حين تسدد كل الديون و هؤلاء تذوي روحهم مع كل يوم يمضي عليهم في الدنيا و علقم الظلم يجتث نقاء الروح و صفاء السريرة فيهم و هو لن يكون منهم.. هو سينشد الراحة و السكينة بإحقاق الثأر.
ترك لفافة التبغ من يده بعد ان بلغت منتهاها من الاحتراق و نهض بخطى متمهلة نحو النافذة الواسعة.. فتحها و أطل برأسه خارجها يعب من نسائم الليل داخل صدره علَها تخفف من لهيبه لكن دون جدوى.. ليرفع لحظتها أنظاره للسماء و أنفاسه قد علا تهدجها يجاهد لجمها بمشقة لكن دون اعتبار منها لرغبته.. لتنفلت و تعلو لحظتها صرخة قهر كادت تتمزق حنجرته من شدتها لتبلغ عنان السماء و تفزع سكون الليل.

في منزل التهامي كان الهرج و المرج هو السمة الطاغية على تلك الليلة في حجرة رقية التي اجتمعت فيها الفتيات حتى سمر التي تمنعت بدايةً لتذعن اخيرا لرغبة ابنة عمها.. تسامرن و تحدثن و باتوا يفصلون مواصفات العريس من شكل و ملبس و طبيعة أهله و كل شيء يخصه.. و بالنهاية ذهبت كل واحدة لمضجعها لتبقى رقية برفقة أختها التي ذهبت في سبات عميق من إنهاك اليوم لتتوضأ هي و تستخير ربها أن ييسر لها ما هو خير لها.

في الصباح التالي كان سراج قد غادر تجاه القاهرة و استقر في مكتبه داخل شركة العائلة المختصة بتجارة و تصدير المنتجات الزراعية كما الأدوية الزراعية.. كان شارداً يطرق بقلمه الذهبي المنمق على سطح المكتب حتى أتاه صوت الطرق على الباب ليقطع شروده، دخلت مساعدته الشخصية تستأذن دخول محامي الشركة و الذي كان سراج قد طلبه منذ بضع دقائق ليأذن لها بإدخاله.
- ارتاح يا متر.
قالها سراج للمحامي الذي كان يتصبب عرقا من وقوفه بين يدي سراج غليظ القلب.. هكذا كان معروفا في سوق العمل إذ أن الغلطة عنده بقطع الرقبة أو بالأحرى قطع الاسترزاق من شركته سواء للموظفين أو المتعاقدين مع الشركة.. شديد و متكبر و لا يعلم عن الرأفة و الرحمة سوى طريقة كتابتها.. و يكفي جسده ذو العضلات الناتئة ليبث الرهبة في قلوب أعتى الرجال، جلس المحامي " مرتضى " على المقعد المقابل لسراج يفصلهما المكتب.. نظر له سراج نظرة ثاقبة و هو يقول بثبات:
- تعرف حد في الأردن يساعدنا ندور ورا حد؟
مسح المحامي أنفه بعد أن تجمعت بعض قطرات العرق عليه محاولاً اعتصار ذاكرته ليخرج بإجابة ترضي المستبد الذي يناظره بطريقة تحل عصب ركبه لها ليجيب بنبرة مهتزة:
- فف في محامي إسمه حسين عياد بيزبط العقود اللي بين شركتنا و الشركات اللي متعاقدين معاها في الأردن.. لو حضرتك عاوز ممكن أكلمهو..
لم يمهله أن يكمل جملته بل قاطعه قائلاً بنفاذ صبر:
- تمام .. اكتبلي رقمه و اسمه و انا هاتواصل معاه.
استل المحامي ورقة صغيرة مربعة الشكل من أمام سراج الذي كان يناظره كما الصقر و كتب عليها ما طلب رئيسه ليضعها في يد سراج الممدودة وهو يتأمل عضلات ذراع الأخير التي تكاد تشق قماش القميص الذي يرتديه لضخامتها ليفكر وقتها أنه إن فكر سراج يوما بعناقه لربما سيخنقه أو يكسر ظهره.. لينتفض عن خيالاته على زعقة سراج فيه:
- ما اتياله روح شوف شغلك انت هاتفضل مبرقلي!!
ليهز المحامي رأسه بطاعه قبل أن يهرول خارج المكتب متنفساً الصعداء ما أن أغلقه الباب خلفه.
استقام عن مكتبه متوجها نحو شماعة الملابس حيث قام بتعليق سترة بذلته ليستل هاتفه الخلوي من أحد جيوبها و يعود لمقعده و يطلب الرقم المسجل بالورقة.. مضت ثوانٍ حتى أتاه الرد مستفهما ليجيبه سراج بهويته و يدخل في صلب الموضوع:
- عاوز منك خدمة.. و كله بتمنه.
أتاه الرد صريحاً بالمضي بحديثه عن مطلبه ليبتسم سراج ابتسامة نصر و هو يريح ظهره للخلف و يفصل مطلبه:
- هابعتلك بيانات عن بنت أردنية و المفروض انه أمها مصرية من عندنا.. فأنا عايزك تعرفلي عن حياتها الصغيرة قبل الكبيرة و تبلغني.
ضيق سراج عينيه عندما لم يجد رداً من الطرف الاخر حتى أنه أبعد الهاتف عن أذنه ليتأكد أن الخط لم يُقطع.. لحظتها أتاه صوت المحامي الأردني يتحدث بحذر:
- معلش سراج بيك إنت طلباتك أوامر.. لكن موضوع إنه أدور ورا بنات الناس صعبة شوي على نفسي إلا إذا كان في سبب قوي يعني!
غامت عينا سراج بسحب قاتمة.. اصطكت أسنانه ببعضها غيظا ليجيب المحامي بما يهدىء من ثورته:
- مع انه ما يخصكش بس الموضوع فيه نسب و جواز.. زي ما قولتلك أمها من عندنا و من جديد سابت الاردن و جت تعيش عند أهل امها.
- ألف مبروك يا بيك.. إذا كان الموضوع هيك فما تهكل هم هاي أمانة و ان شاء الله هاكون قدها بس ابعتلي البيانات و امهلني كم يوم و الخبر اليقين بيكون عندك بإذن الله.
- هم تلات تيام و تبعتلي كل حاجة عنها.. سلام يا متر.
أنهى الاتصال دون أن ينتظر الرد و شباك الخطة تتشكل نصب عينيه.. لكنه سينتظر الثلاثة أيام و سيتجهز فالمحارب يلزمه التأهب و أن يتدجج بما سيحتاجه بالمعركة التي تنتظره.
مرَ يومان بأحداث رتيبة.. رتيبة حد الضجر و الجنون على حد سواء، لم تحتمل نور حبسها لأكثر من هذا فروحها المنطلقة كما الفرس الحرة تصارع الرغبة بالعدو للخارج.. أن تتقافز جذلا بالسهول التي تتأملها كل صباح دون التمكن من تحسسها بقدميها، هذا الصباح قررت انها قد اكتفت.. فهي ليست بخطيئة يسترونها داخل جدران قصرهم المهيب.. ستنطلق و تغير على تلك السهول التي تناديها كل صباح لتلتحم بخضرتها.. اليوم ستلبي النداء لكن يلزمها بعض الحنكة!
قربت فنجان القهوة من شفتيها ترتشف منه و براعم لسانها تشتاق القهوة الأردنية المرة.. سافر فكرها إلى بدايات عمرها و كيف كانت تكره طعمها المر حتى استطال عودها فأدمنت مرورتها فلا تستقيم صباحاتها إلا بها، أسندت فنجانها و خلال حركتها تلك غمزت ابنة خالتها بخفية عن جدتها القابعة بجانبها ففهمت رحمة الرسالة:
- جدتي.. بقولك.. نور قالتلي إنها زهقانة و حابة تتمشي شوية بالأرض.. فقلت أروح أنا و هي نمشي شوية و نرجع تاني.. مش هنتأخر كلاتها ساعة زمن.
وزعت الجدة نظراتها بين الاثنتين.. هناك اتفاق تم إبرامه بخفية عنها لكن على من!! أشاحت الجدة بوجهها عنهما ليرتحل البصر نحو الأفق البعيد لتنطق بما يجول في خاطرها من هواجس دون مواربة أو تزيين:
- الخوف إنه حد يشوفكوا و يسأل مين الغريبة دي؟ وقتها هانقولهم إيه و الرجالة عندينا ما وصلوش لحل لحد دلوقت!
قفزت رحمة من مقعدها تجاور جدتها تهديها الحل الذهبي:
- ما تقلقيش من الحوار ديه يا ستي.. هاقول إنها صاحبتي من أيام الجامعة و جت تزور مصر و تقعد ضيفة عندينا شوية.. مع إني ما اظنش حد يوقفنا و يسألنا.. حريم التهامية ما حدش يقدر يرفع عينه فيهم و الا إيه؟!
قلبت الجدة المقترح في رأسها حتى أعطت حكمها بهزة موافقة من رأسها.. لتنتفض الفتاتان تحتضناها و قبل ان تغيبا عن مجال نظرها أتاهما صوت الجدة آمرا:
- غطوا وشكم.. الزيادة في الحرص ما يضرش.
ارتدت رحمة عباءتها السوداء و دارت وجهها بوشاحها الأسود بينما نور امتنعت عن السواد مبررة بأن (إحنا ما بنغطي وجهنا غير بشماغنا و غير هيك ما عندي )، ارتدت نور قميصا أبيض فضفاض يعلو تنورة زرقاء تحاكي لون عينيها و دارت شعرها الأسود بحجاب من لون التنورة لتختم الأمر بأن لفت حول رقبتها الشماغ الأحمر ثم أنهت لفته بلفة أخيرة حول النصف السفلي من وجهها مظهرة عينيها ليس إلا، و في السهل كانت رحمة و نور تتمايلان مع ميلان الزرع و تتقافزان عدوا هنا و هناك حتى تراءت لهما بقعة أرض لم ترى نور لها من مثل قبلها.. مفتونة بسحر البقعة الخلاب ساقتها قدميها نحوها كأنها مسيرة تحركها الرياح الخفيفة التي تحدت شمس الظهيرة الحارقة لتأتي قبضة رحمة كما المخلاب تمنعها مبررة:
- دي مش أرضنا يا نور.. الأرض دي احنا ما نقدرش ندخلها.
ارتفع حاجبي نور باستخفاف لتجيبها بعد أن انتشلت ذراعها من قبضتها:
- شو احنا كاينين بدنا نستولي على الأرض!! بعدين شوفي ما أحلاها ( و أشارت نحو نبع المياه المترقرق ) و شوفي نبع المي ما أجمله حرام نوصل هون و ما نمتع عيونا شوي بهالمنظر.. تعالي نريح هون شوي و بعيدن بنكمل.. ما تخافي ما بنطول!!
جلستا تحت شجرة زاخرة بثمارها.. إحداهما بوجل و الأخرى بهناء، امتدت يد نور نحو الحشائش المتناثرة من حولها تتلمسها و عيناها تجولان في محيط الأرض لتثبتا على الساقية المجاورة لهما و هي تدور و تدور، بينما رحمة كانت بأوج قلقها.. الفكرة ليست أن هذه الأرض ليست أرضهم.. الطامة أنها أرض محرمة عليهم كونها أرض....
و قبل أن ينطق فكرها باسم مالك الأرض أتاهما صهيل خيل اجتذب أنظارهما.. كانت خيل سوداء تسر الناظرين يعلوها رجل ذو قامة مهيبة اتحدت بجسد الحصان ليرسما صورة أسقطت الفزع بقلب الفتاتين.
ترجل الرجل عن حصانه بخفة أشادت بكونه متمرساً بركوب الأصائل ليمسك برسن خليله الأسود و يقتربا كلٌ بهامته العظيمة فيصدح صوت الرجل صائحا فيهما:
- انتوا مين و بتعملوا إيه هنا؟



وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-19, 11:11 PM   #99

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

القلب له أحكام يا ابني و هو دايما غلَاب.



يريد التعاطف.. صدقاً يريد

لكن الكره كان قد ضرب بجذوره في النفس عمقاً ليس له من اقتلاع أو تحرر، فالحق قد أضحى حقان.. حق الدم المهدور و حق القلب المغدور و في كلاهما ثأر موتور،


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 22-10-19, 11:40 PM   #100

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

تبقى بت سهام حبة القلب و اللي عمري ما حبيت و لا هاحب غيرها، ما اقدرش أعمل في بتها اكده


ياعيني ياجسور والله اصيل في محراب العشق عاش


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:21 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.