آخر 10 مشاركات
نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          على ضِفَّة لوحة انتظار ! وَ في لحظاتٌ تُحَيّكَ بهما الأَشْواقُ.(مكتملة) (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          61 - الشبيــه - نان اسكويث- (مكتوبة/كاملة) (الكاتـب : SHELL - )           »          68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - ع.ق(كتابة /كاملة)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          0- عاشت له - فيوليت وينسبر -ع.ق- تم إضافة صورة واضحة (الكاتـب : Just Faith - )           »          030 - خيمة بين النجوم - دار الكتاب العربي (الكاتـب : Topaz. - )           »          [تحميل] الحظوظ العاثرة،للكاتبة/ الرااااائعه ضمني بين الاهداب " مميزة "(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree29Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-11-19, 09:24 PM   #181

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lina 91 مشاهدة المشاركة
ايه الفصل الجامد ده 💪
لا ايه الرواية التحفة دي والابطال والاحداث
روعة جدا جدا جدا
ياااااي يا قلبي انت و الله فرحتيني بكلماتك، ربي يسعدك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 09:25 PM   #182

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع عشر

الفصل الرابع عشر:
تهادى بخطواته عبر أرض المطار و هو يزيح منظاره الشمسي عن عينيه و يجول رواد المطار بأنظاره حتى وقعت عيناه عليه.. ابتسم باتساع و هو يحث الخطا نحوه ليلتحما بعناق كادت أن تتكسر له ضلوعهما سوية.. فرت دمعة من عين أحمد شوقا ليبادلها نزار بربتة على الكتف و من بعدها توجها لخارج المطار و هما يتبادلان أطراف الحديث و السؤال عن الأحوال.. بالرغم من سنوات البعد و المسافات الفاصلة لم تنتهي صداقتهما و لم ينقطع اتصالهما.. تلك هي الصداقة بأبهى صورها، في السيارة كانت عينا نزار تطوف بكل تفصيلة تمر من أمامه عبر النافذة.. تنهد بشوق يقول:
- القاهرة اتغيرت كثير عن لما كنا فيها.
ابتسم أحمد يعلق على حديثه:
- ما فيش حاجة بتفضل على حالها يا صاحبي.. بس ها.. مين أحلى مصر أيام زمان و الا دلوقت؟
ليربت نزار على فخذ أحمد يجيبه بمشاعر صافية:
- مصر دايما حلوة بأهلها و ناسها.
انفلتت ضحكة من أحمد و هو يقول:
- تسلم يا صاحبي.
و رغما عنه وجد نزار فكره يرتحل لسنين مضت و لن تعود.. لذكريات تدغدغ القلب بالشوق و الحزن بعد البُعد.. ارتسمت ابتسامة رائقة على شفتيه و هو يتذكر أيامه على أرض هذه البلاد مع رفيق العمر و الدرب.. ذاك الرفيق الذي رحل و أخذ معه الكتف الذي كان يميل إليه و الروح التي كانت تشاطره همومه و أحزانه فتخفف عنه.. هاجم الحزن قلبه بغتة و وقفت دمعة متحجرة على طرف جفنه.. ليلتفت إلى أحمد يطلب منه تلبية نداء الحنين:
- بتقدر تاخدنا على القهوة اللي بالحارة اللي كنا ساكنين فيها أنا و أمجد.
و فهم المشتاق الآخر.. ليعطي صديقه ابتسامة غير مكتملة و هو يهز رأسه باتفاق..و في المقهى الشعبي جلسا بدايةً بصمت يليق بهيبة الذكريات التي ملأت حجرات القلب.. طلبا الشاي و جلسا يرتشفانه باستمتاع ليقول نزار يخدش الصمت بسكين ناعمة:
- كنت غلطان لما حكيتلي ما في شي بيضل على حاله.. القهوة زي ما تركناها.
- الأصلي ما بيتغيرش يا صاحبي مهما مر عليه الزمن.
أومأ له نزار يجيب:
- صدقت.
ثم قهقه بخفه يستجلب إحدى الذكريات الراحلة:
- بتعرف.. هون أول مرة أمجد حكالي عن حبه لسهام.. و أنا شجعته انه يمشي ورا قلبه.. سبحان الله لوين ودتنا السنين.
عقد أحمد حاجبيه يتساءل بفلسفة:
- يعني لو ما كنتش شجعته ما كانش اعترفلها؟
- يا أحمد الزواج قدر و رزق يعني الواحد ما بياخد غير نصيبه لو شو ما صار.. و سهام كانت من نصيب أمجد.
- أيوة صحيح.. بقولك ايه .. مش نقوم احنا أحسن ما ام أدهم تديني كلمتين في العضم لو الاكل برد.
ناظره نزار بنصف عين يقرع:
- شكلها شايفة شغلها أم ادهم معك.. يا حيف على الشوارب بس.
قهقه أحمد بسخرية ليرد تقريعه:
- قال يعني انت بتعرف تزعل أم أمجد.. يا راجل قوم قوم خلي الطابق مستور.
ليشيح نزار بيده بلا مبالاة و هو يستقيم ناهضا:
- أنا ما بزعلها لانها بتتعب نفسيا بس تزعل فأنا براعي هالشغلة.
فقال أحمد و هو يضع النقود للحساب على الطاولة:
- اااااه قولتلي.. ماشي يا عم المراعي.. و اتفضل بقى خلينا نلحق الأكل.
ركن أحمد السيارة في مصف العمارة التي يقطن بها ليخرج و يتبعه نزار الذي كان يحمل حقيبة خفيفة و على باب الشقة استنشق نزار روائح الطعام الزكية ليقول بحبور:
- الله الله شكله أم أدهم مش مقصرة.
ضحك أحمد و هو يقرع جرس الباب دون أن يفتحه بنفسه فلربما كانت إيمان دون غطاء رأسها.. هرولت إيمان تجاه الباب لتفتحه و هي ترحب بنزار ترحيبا وقورا استقبله نزار بتهذيب و امتنان.
جلس أحمد و نزار برفقة إيمان إلى طاولة الطعام يتناولون منها بنهم و إعجاب.. و بعد أن انتهوا جلس الرجلان في غرفة المعيشة و أمامهما قدحين من الشاي الساخن بينما آثرت إيمان تركهما يستعيدان الذكريات.. لكنه لم يكن هذا ما يتسامران به بل كان محور الحديث هو عريس نور.. سرد أحمد ما علمه عن سراج.. رجل أعمال من الصعيد والداه متوفيان و لديه أخت واحدة.. عمه من تولى رعايتهما منذ صغرهما.. شديد في عمله و الكل يهابه لكنه مثابر و دؤوب و يعرف كيف يخطف اللقمة من بين أنياب الأسد.
كل تلك المعلومات اعتبرها نزار سطحية و لا تزيح مخاوفه.. هو يريد التأكد إن كان على خلق و دين.. إن كان سيحافظ على جوهرة كنور و يتوجها ملكة و أن لا يهينها يوما أو يجور عليها.. يريد الاطمئنان و أن يؤدي الأمانة تجاه أخيه الراحل، اتفق مع أحمد أن اللقاء واجب مع العريس المزعوم لتفحص دواخله و سبر أغواره و بهذا سيرتحلون غدا للصعيد.. و عند هذه النقطة أخبره أحمد أن احد أفراد عائلة نور سيأتي من الصعيد لاصطحابهم غدا صباحا لكنه لم يتجرأ على البوح بإسم هذا الشخص.. فهو حتى الآن لا يعلم ردة فعل نزار حالما يتقابل وجها لوجه مع سالم فالعداوة بينهما لها جذور عتيقة لكنه يدعو الله أن يتجاوز كلاهما الأمر دون مشاحنات و يتقبلا بعضهما بعضا على الأقل من أجل نور.
حلَ الصباح و قد تجهز الصديقان و جلسا يرتشفان القهوة بانتظار وصول الشخص المعني من الصعيد.. بينما في قصر التهامي فقد تم تجهيز غرفتي نوم للضيوف و كان سالم قد غادر المكان منذ ساعات الفجر الأولى.. كانت نور تحلق كما الفراشة بأرجاء القصر فقد اشتاقت أيها اشتياق لعمها نزار.. لكم تمنت لو كان عمها بحق كي تنعم مرة بدفء أحضانه.. لكنها تكتفي بنظراته التي تحيطها دوما و تبثها الحب و الأمان.. و في المطبخ انكبت النساء على تحضير أصناف متنوعة من الطعام لاستقبال الضيفان المرتقبان.
بقي يناظر ساعته كل حين بتأفف حتى أتاه صوت أحمد الناهر:
- كفاية يا نزار كل شوية تبص بالساعة.. شوية و هاتلاقيه وصل ما هو الطريق مش سهل برضه.
أومأ نزار بتفهم و هو يلوي شفتيه بغير رضا.. لينتبه كلاهما لرنين هاتف أحمد فقام بالتقاطه ليعلم أن سالم قد أضحى أسفل العمارة.. حاول أحمد مع سالم كي يصعد و يحظى بحسن الضيافة لكنه رفض متعللا بضيق الوقت و طول المسافة ليرضخ أحمد و يهم بالنهوض مودعا زوجته و يغادر برفقة نزار متوجهين للأسفل حيث اللقاء مع الماضي.

لو تواجد في لحظتها رساما لكان مبتهجا من مشهد الغضب المبتعث من رفات الماضي التي جسدها نزار.. بعينين متوحشتين و الحاجب المرفوع متبعاً باشتداد القبضتين حتى يظن المشاهد أن الأصابع ستنعجن ببعضها بعضا.. اقترب ببطء من سالم الذي كان يطالعه بلا مبالاة مستفزة حتى وصل قبالته.. اكتفيا بالتحديق ببعضهما البعض لثوان بينما أحمد ينقل أنظاره بينهما بتوجس.. و بقرار منه لقطع الجو المشحون بسط يده تجاه سالم يبتغي السلام قائلا بحبور متوتر:
- أهلا يا سالم.. احنا متشكرين انك جيت كل المسافة دي علشان تاخدنا البلد عندكوا معلش تعبناك معانا.
نقل سالم بصره إليه و بادله السلام و هو يقول بوجوم:
- ما فيش تعب و لا حاجة يا دكتور.. حبايب نور يبقوا حبايبنا برضك.. دي بتنا كيف من كان.
أكد سالم على لفظ " دكتور " فهو لا يريد نزع الرسميات بينهما في حين قاوم نزار بضرواة نفسه من الضحك استهزاء من كلمة " بتنا " لينفلت لجام صبره و ينطلق حصان الغضب حراً على لسانه:
- هسة عرفتوا انوا عندكوا بنت يا ما شاء الله.. عالعموم مش غلط.. ان تصل متاخرا خيرا من أن لا تصل أبدا.
اقترب سالم من نزار حتى تقابل وجههما في نزال كلامي واضح فيقول بخفوت محذر:
- أنا بقول بلاش نقلبوا باللي راح يا دكتور.. المرة الماضية خدتونا على خوانة و احنا كنا على أرضكوا.. لكن دلوقت...
قالها و هو يبسط ذراعه يديرها حوله بإشارة ان الأرض أرضه.. ليبتسم نزار بزاوية فمه رافعا حاجبا قائلا:
- و الله لو بنص داركوا ما بتفرق معي.. ثانيا خوانة شو اللي بتحكي عنها انتوا اللي كنتوا جايين علينا على غفلة مشان شوية تخاريف براسكوا و لانه عرفنا و سبقناكوا بخطوة صرنا احنا اللي اخذناكوا على خوانة.. و يا سيدي اعتبرها خوانة ورجيني شو بدك تعمل !
ابتلع أحمد ريقه بتوتر و هو يشعر أن الوضع سيحتدم أكثر ليتقدم و يقبض على ذراعيهما و هو يقول بنبرة قوية:
- مش وقت الكلام ده يا جماعة.. احنا هنا متجمعين عشان بنتنا نور و احنا كلنا أهلها و ناسها و ده المفروض ينسينا أي حاجة حصلت زمان.. صلوا على النبي كده و خلينا نتحرك عشان نلحق الطريق.
كانت حرب الأعين مشتعلة لكن كلاهما أقر بداخله بصحة حديث أحمد.. انسحب كلاهما ليحتل سالم مقعد السائق و من جنبه أحمد و يتخذ نزار المقعد الخلفي بعد أن كان دفع أحمد دفعا ليستقل المقعد الأمامي فهو لا يريد مجاورة ذلك البغيض لساعات.. يكفي أنهما سيتنفسان نفس الهواء الخانق.
مرت قرابة الساعة على قيادة سالم السيارة و أحمد يحاول تجاذب أطراف الحديث معه لكن سالم كان يجيب في كل مرة باقتضاب ليستسلم أحمد بنهاية الأمر و يغمض عينيه ممنياً نفسة بغفوة قصيرة كالتي ينعم بها نزار من خلفه.
- فوقوا يا دكاترة.. احنا وصلنا الحمدلله.
تململ أحمد و هو يحاول زج نفسه لخارج عالم الأحلام الرائق.. مسح وجهه بكفه أكثر من مرة قبل ان يلتفت للخلف ليجد أن نزار ما زال نائما و يشخر!!!
هز رأسه بأسى مصطنع و هو يخرج من السيارة و يقف يفتح ذراعيه و يحرك جسده كي يفرد عضلات جسده:
- تعبناك معانا يا سالم تشكر.
- قولتلك يا دكتور ما فيش تعب و ابقى شوف صاحبك هايصحى و الا هايبات بالعربية.
ابتسم أحمد بتفكه و هو يفتح الباب المجاور لنزار و أخذ يهز كتفه علَه يصحى.. افترق ما بين جفني نزار بانزعاج ليجد أحمد بابتسامته السمجة.. أومأ برأسه أن قد فهم انهم قد وصلوا ليستقيم بجلسته متنهدا قبل أن يدلف لخارج السيارة.
---------------------
وثبت عن فراشها حالما أتاها الخبر.. وقفت أمام المرآة تعدل حجابها قبل أن تهرول للخارج و تنزل درجات السلم بسرعة و قد لاح ظليهما لها.. توقفت و هي تكور قبضتيها معا أمام صدرها و عيناها تذرف دموع الفرع و الشوق.. ابتسم نزار بشدة ما أن رآها و تبعه أحمد.. اقتربت منهم تتحمد لهم بالسلامة و تبثهما فرحتها بقدومهما.. كان اللقاء عاطفيا و مؤنسا حتى قاطعه صوت الحاج عبدالعزيز الجهوري المرحب:
- يا مرحب بيكوا.. نورتوا البلد يا دكاترة.
حول كل من نزار و أحمد أنظارهما للجد بقليل من التحرج أنهما تناسيا وجوده و قد صبَا كل تركيزهما مع نور.. اقترب نزار من الحاج يمد يده بغية المصافحة:
- البيت منور بصحابه حجي.. احنا بنتشكرك على استضافتك النا في بيتك و ان شاء الله ما نكون ضيوف ثقال.
التقط الحاج عبدالعزيز يد نزار بمصافحة ودودة و قال بابتسامة وقورة صادقة:
- البيت بيتكم يا ولدي.. و انتوا أهل بتنا نور يعني ما فيش بينا الكلام ديه.
أومئ نزار بتهذيب ليتقدم أحمد من الحاج و يصافحه و من بعدها استقروا جميعا بغرفة استقبال الضيوف حيث استمرت نور تتحدث دون هوادة أو كلل.. و كم أسعد نزار أنها تشعر بالسعادة.. بأنها تشعر بالانتماء بين أهل والدتها دون تحرج و دون حساسيات.. حمد ربه بداخله و ابتسامته ثابتة لا تتزحزح، و في غرفة النوم التي تم تخصيصها له تسطح نزار على فراشه يحاول إراحة جسده المنهك من السفر.. رجا بعض ساعات من النوم ليقطع رجاؤه دخول أحمد و ثرثرته و تخميناته و و .. :
- يا زلمة خلص خلص مشان الله انت ما تعبت.. أنا تعبت و بدي أنام فروح على غرفتك الله يهديك.
صاح بها نزار ليلوي أحمد شفتيه باستهجان صريح :
- تعبت من إيه يا راجل دي كلها كام ساعة في العربية.. قول بس انت اللي كبرت و عجزت.
انتفض نزار جالسا رافعا سبابته منذرا:
- ما فشرت .. أمثالك اللي بيعجزوا.. أنا شباب ( تمطع بجسده قليلا قبل أن يضيف ) أنا بس عندي شد عضلي خفيف.. عارف كل ما زادت العضلات بتزيد احتمالية الشد.
توسعت عينا أحمد و قهقه عاليا و هو يقول بسخرية:
- نفسي أعرف انت بقيت دكتور ازاي يا راجل.
- اللي اعطاني الشهادة هو نفسه اللي أعطاك اياها فحل عني.
قالها و هو يلوح له بيده أن يخرج و يتركه لينام.. و بعد ساعتين تناهى لمسامعه صوت نور يناديه.. فتح عيناه ببطء يحاول التأقلم مع الإضاءة بعد ان قامت نور بفتح الستائر التي أغلقها بنفسه.. هز رأسه مستفهما لتجيبه بابتسامة سعيدة:
- الغدا جاهز عمو .. يا الله قوم.
تثائب بصوت عال قبل أن ينهض ببطء لتتراجع نور إلى الخلف و من ثم لخارج الغرفة قائلة و هي تدلف خارجها.. أنا رايحة أصحي عمو أحمد ما تتأخر احنا تحت.

على مائدة الغداء كانت الاحاديث متنوعة يحاولون صبغها بسمة العموم كالسياسة و أوضاع المجتمع العربي.. تطرقوا لأعمالهم و ما إلى ذلك.. لم يتطرقوا أبدا لأمجد و سهام فهم الآن في وضع الهدنة و جميعهم يريدون السلام من أجل هدف أسمى بل من أجل رسالة أعظم.. أن تصل ابنتهم لبر الأمان، و في الحديقة الملحقة بقصر التهامي جلس نزار و أحمد يرتشفون الشاي برفقة الحاج عبدالعزيز و أبنائه سالم و مصعب بينما انضمت نور للفتيات كي تفسح المجال للرجال بالحديث.. ناظر نزار ساعته متحدثا بتساؤل:
- هو العريس متى ناوي ييجي؟
أجابه حينها مصعب بتقرير:
- المفروض كمان نص ساعة.. هاييجي هو و عمه.
هز نزار رأسه باتفاق و هو يشعر بقلبه يختض.. هو شعور الأب حالما تحين لحظة اللقاء بالرجل الذي ستنتقل إبنته إلى أحضانه.. شعور قميء يمر به أغلب الآباء و عشرات الهواجس تهاجمهم بخصوص هذا الرجل.. الرجل الذي ستنتمي له ابنته بعد أن كان انتماءها محدد به، و قبل أن تنقضي النصف ساعة طلت سيارة دفع رباعي باهظة الثمن تشق طريقها عبر الطريق الممهد من بوابة القصر الخارجية إلى البوابة الداخلية.. اصطف سراج سيارته ليخرج منها يتبعه عمه.. عدل جاسر من هندام عباءته قبل أن يتحرك متوازيا مع ابن اخيه نحو تجمع الرجال في الحديقة.
نهض الجمع يستقبلون آلـ حرب.. صافح سراج الرجال و ابتسامة غرور لم تستطع كبح نفسها إلا أن تظهر.. حاول مداراتها ما أن تقابل مع نزار.. صافحه بود لينتقل بعدها تجاه احمد و يهديه نفس المصافحة الودودة.. جلسوا جميعا و الحاج يلقي بعبارات الترحيب.. ليسكت الجميع لبرهة ينتظرون أحدهم أن يبدأ.. كانت عينا نزار متعلقة بسراج.. يتفحصه و يدقق بحركاته و سكناته.. لم يحاول مداراة تفحص عينيه حتى بعد ان التقطها سراج.. أسند نزرا قدح الشاي إلى الطاولة و انتصب بجلسته يقول مخاطبا سراج:
- طبعا ما بخفيك إنه لما نور حكت معي و قالتلي انه في شب من مصر متقدملها و انها أبدت موافقة مبدئية أنا ما عجبني الموضوع بالمرة.. أنا بعتبر نور بنتي.. هاي أمانة أبوها و أمها و صعب علي أسلم الامانة لشخص مش هايكون قصاد عيني ( ثم حول نظراته للحاج عبد العزيز ) بس انا متأكد إنه اهلها ما هايقصروا بإذن الله.. و بالنهاية احنا مش رايدين لبنتنا إلا رجل نرتضي أخلاقه و دينه.. فاحكيلي عمي انت كيف علاقتك بربك؟
بهت سراج لهذا السؤال.. إن أراد أن يكون عادلا في وصف نفسه فعنده تتوازى غلظة الخلق و التجبر مع الالتزام بالعبادات و الفرائض الربانية.. معادلة مستهجنة لكنها ليست بغريبة.. لكن ما جعله يتفاجئ بالسؤال هو أنه قد حضر نفسه لمزيد من الشروط من طرف صديق والدها.. مادية في الغالب.. لكن الحديث ما زال قائما فلينتظر و كما يقال ( للحديث بقية ).. ابتسم سراج بهدوء يجيبه:
- الحمدلله يا عمي أنا ملتزم بصلاتي و بصوم رمضان.
ندَت قهقهة خفيفة عن نزار قبل أن يمسح شفته السفلى بإبهامه يطالع سراج بعينين ضيقتين قليلا.. وضع الساق فوق الساق و قد بدأت لعبة الأعصاب لديه ليقول بمنطق ملتف:
- جميل انك تكون ملتزم بالعبادات اللي هي فريضة مفروغ منها.. أنا سؤالي شو علاقتك الروحية بربك يعني هل ممكن تحكي إنه عندك مكارم الأخلاق؟ بلاش هالسؤال أنا هسة لو مشيت بالبلد و سألت الناس كيف شايفين سراج شو برأيك هايكون ردهم؟
استبسل للحفاظ على سكون خلجاته و قد غادره الهدوء الداخلي.. لا يعلم كيف سيجيب على هذا السؤال !! هل يؤثر السلامة منافقا و يجيب ( كل خير ) أم يدلو بدلو الحقيقة أنه غليظ الطباع شرس المعاملة.. استحال صمته لصمت الموتى بطول مكوثه ليتدخل عمه يفصل الأمر:
- سراج ولدي زينة الرجال.. الكل اهنه بيحلفوا براسه.
ابتسم نزار بتفهم قائلا:
- معلش يا سيد جاسر.. حضرتك شهادتك مجروحة بسراج كونك عمه.. أنا بدي أسمع الجواب منه.
كان رجال التهامي يتطلعون للمشهد بقلق.. نور وضحت انه إن رفض نزار زواجها من سراج ستكون تلك النهاية.. وزع سراج نظراته بين وجوه التهامية و عمه المتوترة و من ثم وجه أحمد الجامد و بعدها نزار الذي كان يطالعه بنظرات حنونة لم يفهمها.. تاه للبعيد في نظراته قليلا قبل أن يعقد عزمه و ينطق بـ:
- هايقولوك واحد كله جبروت و غرور.. قلبه قاسي و ماشي بالدنيا مش عامل حساب لحد.
حبس الجميع أنفاسهم حتى أحمد الذي تدلى فكه بصدمة.. ما عدا نزار الذي صدحت ضحكاته عاليا كانه سمع طرفة.. صمتوا يتأملون ضحكات نزار كأن على رؤوسهم الطير و لم يعلم احدهم كيف التدخل و إصلاح الأمر إن كان له من إصلاح.. إلا أن نزار فاجأهم بقوله:
- عجبتني صراحتك عمي.. أكثر إشي بكرهه بالدنيا هو الكذب بتعرف ليش؟
قالها و قد مال بجذعه العلوي للأمام و أسند ذراعيه على فخذيه.. بينما بقي سراج يحدق به دون أن يبدي أي رد فعل ليستطرد نزار:
- لإنه لما أوخذ عليك كلمة رجال إنك راح تصون بنتنا و تكرمها و تحافظ عليها و عمرك ما تهينها هاكون متطمن إنك صادق بكلمتك.. الحكي اللي قلته هاد اله دلالات كثير و من نظرتي إلك ما أظن إنه غرور و كِبر زي ما حكيت ( عض باطن خده قبل أن يضيف ) غالبا قسوة قلبك اللي بتحكي عنها هاي مجرد قشرة خارجية عمي.. أنا راح أحكيلك كيف عرفت.. لإنه لما كنت تعدد صفاتك تعابير وجهك ما كانت مرتاحة و لو ما انك شايف غلط بتصرفاتك هاي كان حطيت إجر على إجر و حكيت اللي حكيته و انت بتضحك و رافع راسك بالعالي.. كمان انت حكيته بنبرة اتهام لنفسك لو غير هيك كان حضرتك اعتبرت انه الصفات اللي حكيتها هي ميزة كبار القوم زي ما بنشوف هالايام.
كز سراج أسنانه حتى كاد أن يطحنها و قد غزت بشرته الحمرة المختنقة.. لا يعلم هل هو غاضب من نفسه أم غاضب من هذا الذي أمامه يحلل دواخله و يقيمه نفسيا و سلوكيا.. بقي صامتا و عيناه معلقة بنزار كأنما إن حادها سيثبت أن ما قال حقيقة.. أوليس كذلك!! ( فكر متمنعا ).. كان نزار يراقب تبدل انفعالاته على صفحة وجهه بتأني.. قد أوقن أن هذا الشاب لديه معدن أصيل لكنه إنسان غاضب و الغضب يخرج أسوأ ما بالانسان للأسف.. تنهد و هو يرجع ظهره للخلف مستندا لظهر المقعد يقول:
- شوف عمي انت يمكن تقول انه احنا ما النا دخل إنه نقعد نحلل بشخصيتك بس بحب اذكرك إنه انت طالب القرب من بنتنا.. بنتنا اللي إن تم النصيب هاتعيش معك و تواجه شخصيتك هاي بعيوبها قبل محاسنها.. طبعا العيوب بشخصية الانسان ما بتنتقص منه احنا كلنا عندنا عيوب ما في إنسان كامل.. لكن بالمقابل في قدرة تحمل من الطرف الآخر.. و في حال ( قالها مشددا على العبارة حتى كررها منوهاً أن الموافقة ليست نهائية) في حال صار نصيب بإذن الله طباعك القاسية هاي أكيد ما هاتدخل بيتك و الا شو؟
أجابه سراج بصوت متحشرج و هو يشعر أنه أمام أستاذ في المدرسة و هو الطالب المذنب:
- أكيد يا عمي.
أومئ نزار برضى و هو يبرر لسراج بلفتة غريبة:
- انت يمكن مستغرب ليش ما انزعجت لما حكيت اللي حكيته عن حالك.. انا الي نظرة بالناس يا ابني و انت واضح عم تجلد ذاتك و جواتك غضب ما بعرف سببه ممكن بسبب انك فاقد لابوك و امك بسن صغيرة الله يرحمهم ( أمن الجميع على دعائه ليستكمل ) ما في حدا بيذم حاله بهالاسلوب الا اذا بيبالغ او مش عاجبه حاله.. يعني في نية للتغيير و هاي بالعادة بتنترك للأنثى.. ( ابتسم بعبث ) أنا يا عمي قبل ما اتجوز كنت زي ما بتحكوا مقطع السمكة و ذيلها ( على حد ظنه ) لكن اتجوزنا و الحمدلله انعدلنا سواء برحابة صدر أو بشكل قسري بدك تنعدل بعد الزواج و الزوجة اللي بتفهم بتعرف كيف ترجع زوجها للطريق القويم إذا حاد عنه لكن بدك يكون في نية للتغير عند الزوج و الا ما بتفلح المساعي.. و أنا يا عمي بقدر اتفهم اذا كنت شديد شوي مع اللي بيشتغلوا بأرضك و شركتك من منطلق المال السايب بيعلم السرقة بس كله بالعقل يا عمي.. المهم.. سمعت انه عندك أخت احكيلي عن اختك شوي؟
كان ساهماً شارداً و كأن كلمات نزار ارتحلت به لزمن بعيد.. زمن لم يعلم فيه كيف يكون الغضب.. زمن كان فيه طفلاً لا يفقه من شرور هذا العالم شيئا.. طفل اضطره الواقع أن يضحي رجلا قبل أوانه و فقد معاني الحياة السوية في كنف أبوين يحبانه و يغدقان عليه بالرحمة و الحنان.. طفل انتهكت سذاجته التي هي أجمل سمة بمن هم في عمره حين وجد نفسه وجها لوجه مع كلمات أكبر بكثير من عمره " ثأر.. قتل.. و حقد ".. خلال سنوات طفولته كان يجتهد بالتفكير لما يحدث ما يحدث؟ و كيف يمكنه تغيير واقعه؟ غامت عيناه أكثر و نزار ما زال يتحدث.. لكنه سرعان ما عقد حاجبيه بضيق حين وصله سؤال نزار عن أخته...
- مش فاهم السؤال (شمل الجميع بأنظار مستنكرة قبل ان يزيد بصوت خرج محتدا رغما عنه) إيه دخل أختي بكلامنا؟
اقترب نزار بجذعه من سراج ليربت على فخذه و من ثم عاد لوضعية الجلوس المستقيم يشرح:
- يا عمو انا مش قصدي عاطل لا سمح الله.. أنا بس بيهمني أعرف طبيعة علاقتك بأختك تنساش هاي من اهل بيتك زي ما أي وحدة هاتتزوجها هاتكون.
ابتسم سراج بارتياح يجيبه بصدق:
- أختي هي وردة حياتي.. أنا أخوها و أبوها و صاحبها.. عمري ما اسمح لحد انه ييجي جنبها أو حتى يكدرها.. دي بنتي مش أختي.
تبادل نزار نظرات ذات مغزى مع أحمد ليقول بعدها نزار :
- الي ما اله خير بأهله ما اله خير ببنتنا الله يخليكوا لبعض انت و اختك .. بس مع هيك يا ابني بدك ما تآخذني أنا مش موافق على طلبك بالزواج من بنتنا.
--------------------------------

كانت تذرع أركان حجرتها ذهاباً و إياباً و عقلها يعمل كما المكوك.. تريد أن تعلم ما يجري بالاسفل.. لم تستطع استراق السمع فجلستهم بعيدة عن أي حاجب قد يواريها.. دخلت عليها رحمة لتهرول نحوها نور مما دفع رحمة أن تتوسع عيناها بخوف:
- إيه إيه مالك يا بنتي؟
- عرفتي شي؟ سمعتي شي؟
رفعت رحمة أكتافها لتقول بنفي:
- لاء و انا هاعرف منين.. أنا جاية اطمن عليكي يا بنتي.
كانت تفرك يديها سوية و قد عادت لنفس الخطوات المتوترة:
- مش عارفة.. متوترة و معدتي عم توجعني.. التوتر بيخلي معدتي توجعني.
قالتها و هي تكاد أن تبكي لتقترب منها رحمة توقفها و تحيط كتفيها بذراعها و هي تقتادها للسرير يجلسون عليه:
- يا حبيبتي يا خبر بفلوس بعد شوية يبقى ببلاش.
- الله يجيب اللي فيه الخير.
ثم التفتت نور نحو رحمة تتفرسها لتقول باستفهام:
- صحيح شو صار بقصتك مع مجنون رحمة؟
كبحت رحمة ضحكة رائقة لتنفلت قسرا و تضرب الكف بالكف قائلة:
- و الله احنا الاتنين ربنا بالينا بعاهات.
ثم ارتمت بجسدها على السرير و ساقيها يتدليان منه متحدثة و هي تحرك يديها بشكل مسرحي:
- و لا حاجة يا ستي.. أمي جاتني و قعدت تمهد للموضوع.. انا قلت هاتقولي على محمد بقى هوب و الا هي بتقولي على العريس الجديد الدكتووووور و انه هو و امه و اخواته جايين لنا بكرا.. طبعا بعدها سابتني و انا قلبي بيطرقع و خايفة المجنون يعمل حاجة مجنونة زيه.
- يعني ما جابتلك سيرة محمد .. خالي ما حكى معها.
- لاء استني جايالك بالحوار أهو.. بعد ما خرجت بنص ساعة يا ستي جتلي و هي متوترة و مش عارفة تلم الكلام على بعضه.. قولتلها ما تتكلمي يا حجة و تخلصي قام قالتلي انه محمد طلبك كمان مرة و حالف انك لو رفضتي المرة دي ليكون مطربق الدنيا.
تناست نور موضوعها لتندمج اندماجا كليا مع قصة رحمة.. صدحت ضحكاتها المستمتعة لتجلس متربعة بالقرب من رحمة المتمددة لتنطق لتسأل بمكر:
- و انتي شو حكيتيلها؟
نظرت لها الاخرى بمكر لا يقل عن الاخرى و أجابت ببراءة مزيفة:
- قلتلها و ماله أهو يبقى الخير خيرين.. انا اشوف الدكتور اكمنه عيب نقولهم ما يجوش بعد ما اديناهم ميعاد و مين عارف يمكن يعجبني و اعجبه و تخلص الأمور على خير.. أما محمد فهو و نصيبه بقى.
عقدت نور حاجبيها تحاول فك الطلاسم التي نطقت بها رحمة..
- ما فهمت.. انت مش حكيتي بدك محمد.. فليش هاللفة هاي مش فاهمة أنا.
حتى أضاء ذهنها بفهم لترقص بغتة بجذعها العلوي و تغني :
- اااااااه .. و جرب نار الغيرة جرب و قولي آه قولي.
هدأت الضحكات قليلا لتحذرها نور:
- ترى يمكن يتهور و ينعمي ضوه و يطخك و يطخه و يضل يطخطخ تا يخلص الفشك.
اعتدلت رحمة بجلستها تشير بيدها بغير اكتراث:
- و لا تفرق معايا.. بعد الرعب اللي عملهولي لما دخل عليا القوضة و يقولي عايزاني افضل راكع و مش عارف ايه انا بجد اتخنقت منه.. بعدين هو هايفضل يحاسبني على الماضي لحد امتى.. انا وقتها كان ليا عذري يا نور و هو لا راضي يسامح و لا عايز يبعد و فوق كده مصمم يتجوزني بس عايزها بالعافية و انا شايفة انه لازمه خبطة على دماغه تصحيه ( التفتت حينها لنور تقول بجدية ودودة ) عارفة يا نور.. أنا بشكر ربي انك دخلتي حياتنا.. حياتي أنا بالذات.. انا كنت عايشة بالضلمة و رافضة إني أشوف حب محمد و خايفة دايما خايفة.. و انتي جيتي و غيرتي جوايا حاجات كتير و خليتيني أفتح عيوني على حاجات جميلة في حياتي.. انا بجد مش عارفة اشكرك ازاي.
دمعت عينا نور لتأخذ رحمة في حضنها و هي تمسد على ظهرها برفق مفكرةً بسخرية مريرة أنه لربما محمد لن يتبنى نفس شعور رحمة تجاه ظهورها في حياتهم بعد الذي سيصبح.
----------------------------------------------
في الأسفل كان يجلس برفقة جدته و عمته.. ناولته عمته الشاي و هي تتجنب النظر إليه مما أجج حيرته و هواجسه.. ادعى انه منشغل بهاتفه يطالع صفحات التواصل الاجتماعي بينما كانت الاثنتان منشغلات بالحديث بخفوت :
- هي قالتلك انها موافقة تشوف العريس؟
طرفت أحلام بعينها نحو محمد تتأكد أنه لا يصله شيء من حديثها لتعود بأنظارها لوالدتها تجيبها:
- أيوة اكمنه يعني اديناهم كلمة و ما ينفعش نرجع فيها و بتقول يمكن يكون خير ليها و يكون ديه فعلا نصيبها.
لوت الحاجة فتحية شفتيها بعدم رضا معلقة:
- و المخبول اللي ملقح اهناك ديه هاتقولوا له ايه.. ديه لو شم خبر هايهدها على روسنا و مش بعيد يطرد الضيوف كمان.
وضعت احلام يدها على جبهتها و قد أعياها كثر التفكير لتجيب بقلة حيلة:
- مش عارفة يا اماي هي قالت اكده.. بس اني حاسة بحاجة مش تمام.. البت بتي و اني عارفاها هي رايدة محمد و ما فاهماش هي بتعمل اكده ليه.. و على الحالتين ما ينفعش نقول للعريس و اهله ما تجوش فخليها على الله هو يسترها و ايانا.
جعدت فتحية أنفها و هي تقول بحدة لابنتها:
- أني تعبت من حديت الاتنين الماسخ ديه.. لميتى هانلعبوا لعبة القط و الفار ما تخلي بتك تحط عقلها براسها و بكفاياها عند عاد.. عالعموم احنا نقول للحاج و هو يتصرف انا ما قدراش للملاوعة.. خلاص فاض بيا.
مراجل الغضب كانت تغلي بداخله.. وصله حديثهن كاملا دون ان يشعرن.. أوهمهن بالتباعد الذهني لكن تركيزه كان كافيا ليسمع دبيب النمل إن أراد.. إذا فرحمته تبتغي اللعب على أوتار عمرها.. ابتسم شرا بمواراة فهو كما صرحت جدته.. سيهدم البيت فوق رؤوسهم و ليكن ما يكن.. قد أنهك عنادها قلبه و أضنى فكره و ثمار قصتهما قد اتت أكلها.

noor elhuda likes this.

وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 11:06 PM   #183

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

مصر أيام زمان و الا دلوقت؟
ليربت نزار على فخذ أحمد يجيبه بمشاعر صافية:
- مصر دايما حلوة بأهلها و ناسها


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 11:10 PM   #184

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

جميل انك تكون ملتزم بالعبادات اللي هي فريضة مفروغ منها.. أنا سؤالي شو علاقتك الروحية بربك يعني هل ممكن تحكي إنه عندك مكارم الأخلاق؟ بلاش هالسؤال أنا هسة لو مشيت بالبلد و سألت الناس كيف شايفين سراج شو برأيك هايكون ردهم؟

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 11:11 PM   #185

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

العيوب بشخصية الانسان ما بتنتقص منه احنا كلنا عندنا عيوب ما في إنسان كامل.. لكن بالمقابل في قدرة تحمل من الطرف الآخر..

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 07-11-19, 11:36 PM   #186

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

يعطيك العافية 🌸🌸
نزار وتعامله مع سراج وتصويره غايه في الروعه فعلا انت رائعه في السرد وتتابع الاحداث فصل ممتع بحق بالتوفيق انشاء الله 🌸


نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-19, 12:14 AM   #187

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 23 ( الأعضاء 6 والزوار 17)





‏موضى و راكان, ‏jewa, ‏ليلى هشام, ‏fathimabrouk, ‏Angelin, ‏توتو2008





كل عام و أنتم بخير


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-19, 01:13 AM   #188

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

لقاء فى منتهى الجمال بين الاصدقاء واستعادة الذكريات بينهم وبين صديق رحل عن دنياهم

اللقاء كان ممتع جدا مع سراج ونزار قدر يغوص فى اعماقه وليه حق يكون متخوف ورافض الجوازه اكيد شكل سراج مرعب ومش مريح

رحمة بتلعب فى عداد عمره ومحمد هيقلبها على دماغها ههههههههه
تسلم ايدك الفصل جميل جدا


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 09-11-19, 05:36 PM   #189

نورالخاقاني
 
الصورة الرمزية نورالخاقاني

? العضوٌ??? » 420542
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 702
?  نُقآطِيْ » نورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond reputeنورالخاقاني has a reputation beyond repute
افتراضي

ابدعتي فصل جميل

شخصية سراج بدت تتوضح انه شخصيه جميله من داخل لكن قسوته تحيط به من الخارج و نور ستكون لها الفضل في كسر غلاف القسوة والجبروت

تحياتي وتمنياتي بمزيد من الابداع المتواصل
💖💖💖💖💖💖💖💖💖😍😍😍😍😍


نورالخاقاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-19, 09:53 PM   #190

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس عشر

الفصل الخامس عشر:
- أنا مش موافق على زواجك من نور.
تغضنت الجباه و شُلَت الحناجر لتلك الكلمات.. قد أصبحوا على مقربة من واحة المنتهى .. منتهى سلسال الثأر.. و الآن يأتي هذا الغريب و يخبرهم بكل قسوة أن واحتهم تلك ما هي إلا سراب.. سراب تحسسوا طريقه بغيبوبة يسيرهم عطشهم لراحة الارتواء، تبادلوا فيما بينهم النظرات المستنكرة و خاصة جاسر الذي نظر للحاج عبدالعزيز بحاجب مرفوع كمن يقول ( ما هذا الهراء الذي أسمعه ؟!) كلهم يستنكرون ما عدا بطل القصة التي يبدو أنها ستُمزق أوراقها البيضاء قبل أن تكتب.. كان جامدا و قد تباطأت ضربات قلبه ليشعر بالخدر يسري بكامل جسده.. لا يعلم لما لا يغضب و يهدر هديره المعتاد.. لما لا يصدح بصوته و يخبر ذاك المتبجح بالقصة الصحيحة و التي لو علمها لعلم كم هو مغفل.. لكن ليس الخسارة ما توجعه بل هو لا يتوجع فالوجع ميعاده لم يحن بعد.. هو خائف.. بل فزع.. فزع من فكرة أنها لن تكون له.. تاه في هذه الفكرة البغيضة التي لا يجد لها تفسيرا فلتحل عليها اللعنة هي و أهلها و كل من يشد على يدها و هو لا يعلم لما و كيف دخلت حياته لتربكها و تجعل شغله الشاغل الحصول عليها كغنيمة حرب.. حرب طالت و لو كانت باردة في أغلبها لكنها تبقى حربا.. أرادها.. بكل جوارحه و كيانه أرادها.. يشعر أن الأرض قد توقفت عن الدوران بعد أن نحر نزار وريد القبول.. و مع ان مبتدأ القصة لم يكن لا بها و لا لها.. بل ابتدأت بكذبة حين انتقاها دون غيرها من فتيات العائلة لتفدي شباب العائلة و هو يراهن على رفضها.. صرح أنه باق على العهد القديم مع أهلها.. العهد الذي خرج من لسان جده ليكون كما طوق النار حول أعناقهم.. بلى كان كاذبا فهو كان ينتظر حتى يبتعد عمه عن تسيير أمور العائلة ليعلن وقتها ان العهد قد انتهى و السيف قد افترق عن غمده و سنت حوافه.. و ليس له مقصد سوى رأس أحد شبابهم ليكون فدوة لدم أبيه.. بذرة خبيثة زرعت في عقله و نفسه من يوم كان صغيرا.. و لم تمل والدته يوما من ترويتها.. لكن كل شيء اختلف ما أن التقاها في أرضه و أهدته صفعة أيقظته من سبات عمر بأكمله.. كأنه الأمير النائم و هي الأميرة الفارسة التي أيقظت الأمير الوسيم بصفعة !! تبا لقلبه الخائن الذي انتفض لحظتها بثورة على العقل ما أن أحاطته سحب سماء عيناها.. و الان ها هو يقف بين العقل و القلب متهدلا لا يعلم لمن ستكون الغلبة.. هو أعلن براءته من دم أبيه مقابل أن تكون هي له.. قد أكد لها أنها ستكون له و أنه سيعلمها الأدب و سيرد صفعتها كما يشتهي .. انتشت النفس لدى هذا الخاطر في حين يسخر القلب كأنما يقول ( من سيؤدب من يا ابن حرب ؟! ) .. خرج من أفكاره و هو يمسح وجهه بكفه لتقع أنظاره على سالم المتأهب على مقعده و هو يتهامس مع والده بكلمات لم يتبينها لكنها بدت له ساخطة.. استطاع حينها الحاج عبدالعزيز أن يهدأ من ثورة ابنه سالم الذي كان معارضا لتدخل نزار السافر في شؤونهم و شؤون نور و التي هي ابنتهم هم لكن الحاج عبدالعزيز زجره و أكد عليه التروي و ترك زمام الأمور له لتنتقل كلماته لنزار الذي كان يطالعهم بوجوم كأنما يعلم على ماذا يتهامسون:
- ليه اكده يا دكتور.. ده احنا قرينا الفاتحة خلاص ؟!! و تنساش انه البت رايداه و احنا أهلها ( شدد عليها ) راضيين و قلنالك انه احنا نضمنه غير اكده ما تنساش انه عمته هاتكون في بيتنا ( بإشارة ان المعاملة ستكون بالمثل ).
رسمت شفتا نزار خطا مستقيم غير راضٍ.. ثبت نظره على الحاج عبدالعزيز قائلا بتقرير :
- ما في داعي تذكرني يا حج إنه نور بنتكم هاد شيء مفروغ منه بس انا كمان الي نصيب فيها و يمكن أكثر منكوا.. البنت تربت ببيتي لمن كان ابوها ينشغل بشغله و قدام عيني كبرت و صارت عروس و أنا ما بنكر إنه الشب عجبني بس في عندي تحفظات بصراحة ما بقدر أغض الطرف عنها.. الشب حكى عن طباعه و ما كذب و انا حكيت انه بإذن الله لما يتزوج مرته هاتغير هاي الاطباع الحادة لكن ليش لتكون نور.. شو جابرنا انه نخليها تدخل بمعادلة يمكن تنحل معها و يمكن لاء ( ثم وجه أنظاره لسراج ) يا عمي يا سراج انت شب و النعم منك بس أنا بقولك اياها بكل صراحة انت عندك مشاكل داخلية ( استعاض بها عن نفسية ) و الحب يا ابني مش كفاية لازم يكون في توافق و انت باينك عصبي و هي عنيدة يعني بنتنا و عارفينها.. فاعذرني ...
و قبل أن يتسنى له إكمال عبارته قاطعه سراج بحدة لم يبتغيها:
- و انا مش هاقبل برفضك يا دكتور.. انا و نور عايزين بعض ( كاذب و هو يعلم لكنه يعلم أيضا انها لن تكذبه ) و أنا هاديك كلمة رجالة و شرف اني هاعاملها بما يرضي الله و مش هاجي عليها يوم.. و كلمتي دي تقدر تاخدها من الرقبة دي ( قالها و هو يضع كفه على رقبته ) و ان رفضت دلوقت هاطلبها تاني و تالت و في الاخر مش هاتكون غير ليا.
رفع نزار حاجبيه لجرأته و استبساله في السعي خلف مطلبه.. وضع كفه على فمه ليكور الكف على شكل قبضة استقرت فوق شفتيه.. تنهد بامتعاض قبل أن ينهض عن جلسته قائلا:
- أنا لازم أحكي مع نور.. من بعد إذنك يا حج عبدالعزيز طبعاً.
زفر الحاج عبدالعزيز أنفاسه بارتياح مؤمنا أن نور ستحل المعضلة ليقول برحابة صدر:
- توكل على الله يا دكتور عبال ما نقوم بواجب الضيافة.
ثم وجه حديثه لابنه سالم:
- روح ويا الدكتور يا سالم و اتأكد ان الطريق خالي و قولهم بالمرة يهموا بالضيافة.
استقام سالم عن جلسته بصمت لتسبق خطواته خطوات نزار إلى الداخل بينما نظرات الجميع تشيعهما بوجل و ترقب.
----------------------------
دخل الرجلان المنزل ليجدا الجدة و أحلام برفقة محمد يجلسون بصمت يرتشفون الشاي.. هللت الحاجة فتحية ما أن رأتهم و نهضت بتثاقل تتقدم نحوهم ليستبقها سالم و هو يهرول نحوها يعينها لتزجره و هي تبعد يده:
- ابعد اكده يا ولد لساتني بقوتي و لله الحمد.
ابتسم لها سالم بصفاء مؤمنا على قولها:
- أكيد يا اماي.. ربنا يديم عليكي الصحة يا ست الناس.
- الله يديم الصحة حجة.
كان الدعاء هذه المرة من فم نزار لتركز الحاجة فتحية بصرها عليه و تتساءل :
- طمني يا ولدي إيه قولك بالعريس؟
مطَ نزار شفتيه و هو يتنهد بقنوط يجيبها:
- و الله يا حجة الموضوع مش مرتاحله كثير مشان هيك بدي أحكي مع نور للمرة الأخيرة قبل ما نبت بالموضوع لاخر مرة.
أومأت الحاجة فتحية بتفهم و هي تلفت انتباهه لنقطة بحد ذاتها:
- يا ابني انت باينلك اكده مش عاوزها تتجوز من برات بلدها عشان ما تبعدش عن عينك.. و عشان اكده انت مش متقبل العريس.
ضحك نزار بخفوت يجيبها بحيرة:
- يمكن يا حجة.. يمكن.
نقل نظره لسالم كمن يحثه على المضي نحو حجرة نور ليلتقط سالم إشارته و يستأذن من والدته يتبعه نزار نحو نور.

وصلتهم أصوات ضحكات نور و رحمة ليعقد سالم جبينه بضيق قد بدا واضحا من طرقه العنيف على الباب مما أفزع الفتاتين.. تبادلت الفتاتان النظرات الحائرة قبل أن تصيح نور :
- مين؟
- أنا خالك سالم يا نور وياي عمك نزار.
أسرعت الفتاتان بلف حجابيهما على شعرهما و ما أن انتهيتا أقدمت نور على فتح الباب ليطالعها الرجلان يطلان عليها بهيبة خفق لها قلبها توجسا.. تسللت رحمة للخارج بينما دخل نزار لداخل الحجرة تتبعه نور بخطوات متمهلة.. قابلته في جلسته على الأريكة ليصمت قليلا كمن يوازن الحديث في رأسه قبل النطق به:
- يا بنتي هاسألك لاخر مرة.. هاد الشب انتي رايديته؟
رطبت نور شفتيها و ابتلعت ريقها بعسرة لتجيب سؤاله بسؤال:
- ليش عم بتعيد السؤال عمو؟ حضرتك ما ارتحتله؟
- شوفي يا بنتي بكون كذاب ان حكيت الشب ما عجبني.. لكنه عصبي و خلقه ضيق و اللي زي هيك صعب تقدري تتعاملي معهم.. صحيح قلبهم بيكون طيب لكن كثرة المشاكل هاتهد الود يا بنتي.
- ليش متوقع مشاكل عمو؟
حك نزار رأسه قبل أن يقول:
- لأنه يا بنتي هو عصبي و انتي عنيدة.. من دون زعل يعني.
ابتسمت بحب .. لكم تحبه و تقدره و كم تحمد ربها على وجوده في حياتها:
- اذا من هالناحية ما تقلق عمو.. ان شاء الله ما بيصير مشاكل و ناس كتير بيبينوا ملائكة بالاول و بعدين بتكتشف انهم استغفر الله.. فما تقلق.
ركز عيناه يزرعها بعيناها و هو يسأل السؤال الأخير الذي سيحسم الجدل:
- يعني متأكدة يا بنتي؟
أومأت له دون نطق ليتنهد قائلا:
- خيرا ان شاء الله.. اتكلنا على الله.
ثم ابتسم لها بفرح و هو يبارك:
- مبارك حبيبتي.. عقبال ما أشوفك بالفستان الأبيض و بعدها يا رب أشيل اولادك.
اصطبغت وجنتيها بحمرة الخجل و هي تتلقى مباركته.. أسبلت أهدابها تقول:
- الله يبارك فيك عمو.. عقبال عند الشباب يا رب.
اقترب منها نزار و قد أحنى رأسه يقول مؤكدا:
- شو ما صار معك يا نور اعرفي انه في الك بيت بتدفشي بابه برجلك و بتفوتي و انه في الك ظهر بتستندي عليه مهما صار و عمرك ما هاتسمعي مني كلمة لوم.
ترقرقت العبرات في عينيها تأثرا.. لكم تريد الغرق في أحضانه.. يا ليته كان عمها بحق.
خطى لخارج الحجرة بخطوات متأنية مخلفا نور و قد تساقطت دموعها راحة.. تلك الراحة التي خرجت من رحم كلماته.. قد أعطاها الدعم المطلق مهما حدث و صك غفران أبدي على أي ما كان و ما سوف يكون.
وصل نزار لأول السلالم ليتنحنح كي ينبه عن وجوده .. انتبه له سالم فتقدم نحو الدرج من الاسفل و أومئ بما معناه أن الطريق سالك.. ليحث نزار الخطى و من قبله سالم عائدان نحو تجمع الرجال.
جلس نزار و التجهم ما زال يسكن محياه.. هناك غصة لا يستطيع لفظها من جوفه.. لكنه أجبر نفسه و لسانه على ذلك:
- أنا بعرف إنكوا قرأتوا الفاتحة.. بس مش مشكلة بنقرأها مرة ثانية.
زفروا أنفاسا مرتاحة قبل ان يرفعوا أكفهم يقرأون فاتحة الكتاب.. و ما أن أنهوا مسحوا بأكفهم على وجوههم ليتبادلوا المباركات تارة أخرى.
كانت عيناه تلمع بظفر.. هذه أكبر عقبة و قد تجاوزها ( ابتسم بعبث و هو يفكر ) أن قد يخيل للغريب أنها تسعى لهذا الزواج أكثر منه بإصرارها على الموافقة بالرغم من كل التنبيهات، نفض رأسه من أفكاره و هو ينخرط بالاحاديث مع الجالسين.. حانت منه التفاتة نحو نزار ليجده يتهامس مع الرجل الآخر و الذي علم أن أسمه أحمد.. قطب بحيرة فحديثهما قد بدا جديا و بالتالي له الحق أن يرتاب.
- مش عارف.. أنا مش مرتاح يا نزار.. أنا سبتك تتكلم وحدك يعني قلت أنت ليك فيها اكتر مني بس برضه مش مرتاح.
ربت نزار على كتف أحمد بتفهم و عيناه يكتنفهما الغموض:
- معلش.. أنا كمان ما بخفيك قلبي مقبوض بس ان شاء الله خير.. بالنهاية هاي رغبتها و مش حاب أضغط عليها أكثر من هيك و أخسرها خاصة إنه الموضوع جاي على مراق أهلها.. خليني نمشي مع الموجة و نشوف وين هاتودينا.. الله يجيب اللي فيه الخير.
- يا رب.
اتفقوا أن تكون الجاهة ليلة الغد خاصة مع تواجد نائب البرلمان الذي يمثل البلدة في البلد ليكون على رأس المدعوين و ان يكون عقد القران في اليوم الذي يليه في وزارة العدل في مصر و أخبرهم سراج أنه سيتوجه من فوره للعاصمة ليعمل على ترتيب كافة الإجراءات اللازمة كي لا تواجههم أي عقبات يوم كتب الكتاب.. أمنوا على حديثه ليستأذن سراج و جاسر مغادرين و يتفرق جمع الموجودين كل إلى وجهته ما عدا نزار و أحمد اللذان فضلا المكوث في الحديقة لمزيد من الوقت بخلوة يحتاجها الصديقان.
-----------------------
هاتف سراج صديقه و معاونه في عمله " عدي " و أكد عليه أن يتمم إجراءات التجهيز لكتب الكتاب من اليوم و قبل ان تغلق مكاتب الوزارة اليوم.. أخبره عدي أنه بحاجة لصورة عن جواز السفر الخاص بنور ليتنهد بإحباط كونه نسي هذه التفصيلة.. أغلق معه الهاتف سريعا ليبحث في الاسماء و تتلكأ عيناه على إسم " سالم التهامي" ابتسم و هو يضمر أمرا ليلغي البحث و يعيده من جديد و يضغط على إسم " منزل التهامي ".. أصدر الهاتف رنينه المعتاد قبل أن يأتيه صوت فتاة:
- ألووو.. ايوووة مين معايا؟
صدرت منه قهقهة واحدة ساخرة من أسلوب الرد البدائي ليجيبها بسؤال:
- إنتي الشغالة ؟
انعقد جبينها بتعجب بدا واضحا في نبرة إجابتها:
- إيوة يا بيه مين معايا؟
فأجابها بإسلوبه المعتد:
- أنا سراج حرب .. اسمعي.. عايز منك تروحي تندهي لنور و تقوليلها إنه في حد عاوزها على التلفون بس ما تقوليلهاش مين.. عايزها تبقى مفاجأة.. فاهمة !
صمتت لبضع ثوان تقلب الأمر برأسها خاصة مع علمها بخطبة نور إليه.. و بالتالي بدا لها الأمر منطقيا لترد باتفاق:
- حاضر يا سراج بيه هاروح أنادم لها دلوقت.
في الطابق العلوي و بالأخص في حجرتها كانت تجلس متربعة على السرير ترتدي إسدالها و هي تموضع كتاب الرحمن بين يديها و تقرأ ما تيسر منه.. قاطع قراءتها طرقات على باب حجرتها و من بعده صوت حسنية تستأذن بالدخول..
- ستي نور.. في واحد على التلفون رايد يتكلم واياكي.
هزت رأسها باستفهام منطوق:
- ما حكى إسمه؟
ردت بثبات و حنكة:
- لاه يا ستي ما قالش.
أومأت لها نور و هي تستقيم ناهضة فتقبل كتاب الله قبل أن تسنده إلى المنضدة بجوار سريرها و تلتحق بخطوات أمينة للأسفل..
- ألو مين معي؟
اتسعت ابتسامته لسماع صوتها من جديد.. و كأنها جرعة مخدر ما ان حصل عليها سكن جسده براحة..لتحثه نفسه أن يستزيد من العبث هذه المرة:
- مبروك يا عروسة.
رفعت نور كلا حاجبيها و بلا اكتراث أجابت:
- الله يبارك فيك .. بس كمان مين معي؟
- إيه ده انتي مش عارفة صوت خطيبك.. لا لا لا دي كبيرة بحقي و الله.
بهتت نور و توسعت عيناها بصدمة.. المفاجأة الجمت لسانها في البداية لكنه انطلق لاحقا برنة تكبر:
- إحم .. أهلين.. خير شو في؟
- هو في واحدة تكلم خطيبها بالنشافة دي.. طب ارميلك كلمة حلوة حتى لو من غير قصد.
رفعت حاجبا متعجبا من مشاكسته إياها.. لكن هيهات أن تنوله مراده في استفزازها:
- هاد على أساس إنه ظروف خطبتنا كانت طبيعية.. عالعموم هاد اللي موجود عجبك عجبك ما عجبك بطل.
أبعدت الهاتف عن أذنها بغتة بعد أن كادت ضحكته العالية أن تثقب طبلة أذنها.. تأففت بانزعاج و هي تعيد وضع السماعة مقابل أذنها تستمع لحديثه:
- آآآه قولي كده بقى.. أنا دلوقت فهمت.. انتي بتخططي تطهقيني بعيشتي و تعيشيني جو النكد الأصلي عشان أطفش أنا.. بس بعينك يا قمر لابدلك في البخت يا اختي.
حاولت منع ضحكتها لكنها فشلت لتخرج رنانة استدرجت الابتسامة لشفتيه و هو يقول مناغشا:
- طب ما احنا بنضحك حلو أهو أنا كنت فاكر ضحكتك وحشة زي لسانك بس لاء.. أمال ليه دايما مصدرالي الوش الخشب.
ارتفع جانب شفتها العلوية مع أنفها و هي تستمع لسؤاله الغير منطقي:
- أولا اللي فهمك إنك بتعرف تتغزل غشك و بيطلعلك تشتكي عليه.. تانيا دايما اللي هو إيمتى هاد بالزبط.. على اساس طول نهارنا وجهنا بوجه بعض.. و سبحان الله كل لقاء إلنا بيكون أنيل من اللي قبله على أي أساس بدي أضحك بخلقتك.
- خلقتي!! على فكرة انتي voulgar قوي يا نور..
أراد المتابعة لكن قاطعته شهقتها المستنكرة و من ثم كلماتها الفجة:
- أناااا voulgar!! أنااا.. لاء يخزي العين عنك بتعرف تحكي حلو كتير.. عالعموم تركنالك الكلاس سيدي.. و بعيد و بكرر إن ما كان عاجبك بطل.
- خلاااص يا نور ما كانتش كلمة.. أنا كنت بناغشك بس.
قالت بنفاذ صبر و هي لا تعي لما هما يتحادثان من الأساس او بالأحرى بأي حق عدا الود المفقود:
- سراج خلصني إحكي شو بدك.. ليش متصل؟
- متصل عشان حاجتين يا قمر.. أول حاجة حبيت أباركلك و أقولك " welcome to my world ".
انتظر منها تعليقا و لم تبخس عليه:
- أها مية أهلين.. و الشي تاني.
كز أسنانه من برودها المستفز.. هو لم يتوقع أن تبادله حديثاً ودياً لكنه بالفعل توقع مناوشة من أي نوع لإغضابه على أقل تقدير:
- الحاجة التانية هي إني عايز صورة عن جواز السفر بتاعك فيا ريت تبعتيهولي واتس آب.. خدي عندك الرقم......... .
سجلت نور الرقم بالمفكرة الصغيرة الملحقة بالهاتف.. مزعت قصيصة ورق و التي كتبت عليها الرقم و قالت تنهي الحديث:
- خلص هلأ ببعتلك الصورة.. سلام.
صاح يستبقيها:
- استني استني.. بعد كتب الكتاب إحنا لينا قعدة مع بعض.. في حاجات كتير لازم نقولها لبعض.
وافقته بجرأة:
- مزبوط معك حق.. و أول شي بدنا نحكي فيه هو انفصام الشخصية اللي عندك.. انت يا بني آدم مش احنا المفروض ما بنطيق بعض.. مش فاهمة ليه عم تحكي معي بالتباسط هاد.
زفر بغيظ من محدودية تفكيرها و قال بغموض:
- شوفي يا نور.. فكك من جو الروايات و الافلام الاهبل بتاع البنات.. مش معنى انه احنا ظروف جوازنا كانت مش معتادة زي ما قولتي قبل كده إنه ما نقدرش نتفاهم و نتعايش مع بعض.
صاحت به دون اكتراث لعلو صوتها:
- هاي الظروف اللي بتحكي عنها انت اللي فرضتها علي.. انت ما بيطلعلك تحكي انك خاضع للظروف.. انت اللي دخلتنا بهالدوامة.. جد جد نفسي أفهم كيف متخيل تتعايش مع وحدة مغصوبة عليك حتى لو كانت وافقت بس عشان تمنع الدم... انت شو مستني مني بالزبط؟!
- مستني داهية تاخدني.
خرجت منه زاعقة قبل أن يغلق الهاتف و يلقيه على المقعد بجواره.. أما نور فكانت تناظر سماعة الهاتف بغير تصديق.. هل صرخ بها للتو و أقفل الخط بوجهها.. ( باينها هاتكون أيام فل ) فكرت باختناق و أضافت بتمتمة ساخطة:
- أنا مش فاهمة ليش أصلا بيرنلي.. كان رن لواحد من خوالي.. بيستاهل هو اللي جابه لحاله.. بارد وجه.
دلفت لحجرتها و حالة العصبية ما زالت تتملك منها.. فتحت أحد الأدرج بقوة تبعثر محتوياته فتلتقط جواز سفرها و تتجهه نحو سريرها.. التقطت صورة للجواز و أدخلت رقمه بغية تسجيله على الهاتف.. و حين أتتها خانة التسمية ابتسمت بحقد و هي تكتب
"الثور البارد".. أرسلت الصورة لتلقي هي الأخرى بالهاتف إلى جانبها و تلقي بجسدها على السرير بتأفف و حنق جلي.
أمسك بهاتفه يتأمل صورتها التي على صفحة جواز السفر.. و رغما عنه اشتعلت جذوة التوق في جوارحه من جديد..
" لاموا افتتاني بزرقاء العيون *** لو رأوا جمال عينيك ما لاموا افتتاناتي
لو لم يكن أجمل الألوان أزرقها *** ما اختاره الله لونا للسماواتِ "
من أشعار حسن المرواني
أيقظه من سكرته صوت أبواق السيارات التي تحثه على المضي.. رفع أنظاره لإشارة المرور ليجدها خضراء.. تنهد بقلة حيلة و هو يشرع بالقيادة من جديد نحو العاصمة.
---------------------
- مبروك يا عرييييس.. أيوة يا عم تخطب و تكتب الكتاب و أنا آخر من يعلم.
صاح بها عدي و هو يحتضن سراج رغما عنه.. أبعده سراج بغلظة متحدثا من بين أسنانه:
- يا راجل بلا هم.. عالعموم عقبالك يا سيدي.
رفع عدي كلا حاجبيه مستغربا من رد فعله الغير مناسب لبهجة الخبر.. اقترب منه و ربت على كتفه متسائلا باهتمام:
- مالك يا صاحبي.. لسه مش عارف تقرأ اللي في قلبك؟
جلس سراج على المقعد الجلدي المخصص له خلف المكتب.. فرك مقدمة رأسه بالإبهام و السبابة و صداع مقيت يكاد يفتك برأسه.. أراح رأسه للخلف و حتى اللحظة لا يجد إجابة يجيب بها صديقه الذي يتأمله باهتمام:
- ما تفرقش يا صاحبي.. انا هاتجوزها عشان التار و بس.
ابتسم عدي بسخرية أقرنها بقوله:
- أيوة بالزبط كده إفضل عيد و زيد بالاسطوانة عشان تقدر تصدقها.. و برضه مش هاتقدر.
- ما خلاااص يا عدي فضها سيرة بقى.. قولي خلصت الإجراءات ؟
- آه يا عريس كله جاهز عشان كتب الكتاب.
أومأ شاكرا لينسحب عدي من غرفة المكتب و قد لاحظ مزاج صديقه المنهك فارتأى أن يدعه و أفكاره.. أراح سراج رأسه للخلف يتطلع بشرود لسقف غرفة مكتبه في الشركة خاصتهم.. مضى وقت ليس بقليل و هو على نفس الحالة و حين وعى لنفسه كانت رقبته قد تصلبت ليحاول تحريكها يمينا و شمالا كي يزيح الألم منها.. رفع سماعة هاتفه طالبا فنجان قهوة من مساعدته الشخصية.. بعدها استل هاتفه الشخصي و عاد لصورتها و تأمله لقسمات وجهها الساحرة.
-------------------------
في المساء كان الكل مجتمعون في غرفة المعيشة.. الكل يتبادل الأحاديث العامة و نور تشاركهم.. لكنها كل حين كانت تضيع منهم و تشرد للبعيد.. و لم يفت أمرها عن نزار الذي كان يتابع حركاتها و إيماءاتها بتفحص.. يريد الاطمئنان و هي لا تمنحه إياه.. هناك شيء خاطئ.. شيئ يغفل عنه.
بينما في الطابق العلوي كانت رقية تحادث خطيبها الدكتور عمر.. و ليتها كانت تحادثه بل هي همهمات غير مفهومة و كلمات مقتضبة زادته حيرة:
- رقية انا عايز أسألك سؤال و تجاوبيني بصراحة.. انتي مغصوبة عليا؟
انتفضت بجلستها تنفي بسرعة:
- إييه.. أكيد لاء يعني ليه بتقول الكلام ده؟
- لأني مش شايف أي تجاوب معايا منك.. بحسك بتكلميني من غير نفس كل كلامك قليل و بتردي على قد السؤال.. ان كنتي مغصوبة قوليلي و انا اوعدك اتصرف من غير ما تتضرري.
تجمعت الدموع بعينيها و هي تعلم أنه محق.. هي ناشفة معه لكن الأمر ليس بيدها هذه هي طبيعتها و لم تعتد يوما على التباسط في مشاعرها خاصة أنه لم يتسنى لها الوقت لمعرفته قبل عقد القران.. صدقت أختها رؤى حين قالت عنها يوما " قفل ".. فتحشرج صوتها تجيبه:
- لاء يا عمر انت فاهم غلط.. أنا بس مش متعودة على كلام الحب و السهوكة يعني.
أرادت أن تطبب الجرح فزادته قيحا.. توسعت عيناه بصدمة من كلمتها " سهوكة " لتخرج منه شاردة:
- سهوكة!! هو انتي لما تكلميني زي أي اتنين مخطوبين تبقي بتتسهوكي يا رقية.. عالعموم براحتك.. انا تعبان و بكرا عندي شغل من الصبح .. ابقى أكلمك بكرا ان شاء الله.
لم ينتظر ردها بل أغلق فورا.. نزلت دموعها تتخبط ببعضها بعضا و هي تعلم أنه محق.. هي لا تجيد حديث المحبين لكنها تقسم أنها أحبته.. كيف و متى و هل من الممكن بهذه الفترة القصيرة.. ستكون إجابتها بلى هو أول الرجال و آخرهم في قلبها.
اقتحمت حجرتها رحمة تهرول نحوها و تجلس بجاورها على السرير.. لم تنتبه لحالة الشرود التي كانت غارقة بها فهي أتت بروح حماسية لتخبرها بآخر ما فعل محمد.. تشعر كأنها مراهقة من جديد و هو حبيبها المترصد دوما بها..تحدثت عن الموعد الذي تم تحديده لأهل " الدكتور " الذي يريد التقدم لها و قد تم تأجيل موعد الغد إلى اليوم الذي يلي عقد قران نور.. وصفت نظرات محمد النارية لها و التي تجعلها تنتشي زهوا أيما انتشاء.. بثت لها شكها أنه يعلم بمخططها و أنه يعلم عن العريس المتقدم إليها.. كانت تتحدث و تتحدث بينما الأخرى ساهمة حزينة.. حزن ولَده الخذلان لكنها هي من خذلت.. تشعر بنفسها أنثى ناقصة.. هل هي كذلك فعلا؟ لما لا تجيد حركات الإناث و دلعهن و و و.. هي حتى الحديث النقاشي تتهرب منه خجلا مع عمر.. لكم تتمنى لو تعتاد أكثر عليه لربما حينها تنفك عقدة لسانها و تتجرأ أكثر معه.. لكم تمنت لو كانت والدتها موجودة فتستسقي من خبرتها في الحياة.. لربما هذه هو السبب.. أنها ترعرعت دون أم توضح و تشرح لها كيف التصرف.

اندست في فراشها تتمطى بجسدها كسلا و إرهاقا.. تثائبت و هي تنزلق تحت اللحاف و ما كادت أن تغمض عيناها حتى وصل لمسامعها صوت نغمة وصول رسالة على هاتفها.. مدت يدها بتثاقل نحو المنضدة الملاصقة لسريرها تلتقط الهاتف.. فتحته بأعين شبه مغلقة لتجحظ فجأة و هي تدرك أن الرسالة منه.. تثائبت من جديد لكن هذه المرة كانت مع تقطيبة جبين.. قرأت الرسالة مرة أخرى " نمتي و الا لسة ؟ " لتلوي شفتيها باستهزاء .. بحق الله صدقت حين قالت انه يعاني من انفصام في الشخصية.. لما يصر على التعامل مع زواجهما كأنما حصل بعد قصة حب.. او على الأقل برضى و قبول خالص، أغلقت الهاتف دون رد لتلتف بجسدها و هي تضع الهاتف بالقرب من وسادتها..
- أووووه علينا بعدين مع هالليلة!!
قالتها متأففة و قد وردتها رسالة أخرى.. ناوشها فضولها لفتحها و بالفعل فتحتها لتجدها منه أيضا " يعني شفتي المسج و ما رديتيش!! " ثم أتبعها برسالة أخرى و قد أيقن أنها تقرأ من إشارة الصحين بقرب الرسالة " فاكرة لما جيتيلي البيت عندي بنص الليل.. قولتلك وقتها إني هاربيكي من اول و جديد و الله كنت ناوي أغير رأيي بس بعد تناكتك دي اعتبريني عند كلمتي ".. رفعت حاجبا مغتاظا من تذكيرها بتلك الليلة المخزية.. نقرت بإبهامها ترد عليه " بارد ".. ثم وضعت الهاتف على وضع الصامت و أغمضت عينيها.. لكنها ما كادت أن تغفو حتى أيقظها صوت قرعٍ على بابها.. رفعت رأسها بحنق و صداع بدء بالتشكل يضج في رأسها لحاجتها للنوم.. نفضت فراشها عنها بهياج و اتجهت نحو الباب لتفتحه بقوة أفزعت رقية التي كانت ترفع قبضتها بنية قرع الباب من جديد..
- رقية !! في شي؟
تململت رقية متحرجة من الإزعاج الذي تسببت به لنور فمن هيئتها المبعثرة توضح لها انها كانت نائمة..
- إحم آسفة و الله يا نور أصلي كنت عاوزة أتكلم معاكي في موضوع كده بس خلاص بايني صحيتك.. ارجعي نامي و نتكلم بكرا.
أمسكت نور بمرفقها تحثها الدخول و هي تقول باستسلام:
- تعالي فوتي هي وقفت عليكي.. اللية شكلها مضروبة عالخالص.
استقرت الفتاتان على السرير و نور تنتظر رقية أن تستهل الحديث دون جدوى.. في حين كانت رقية متحيرة كيف ستبدأ و ماذا تقول !!
- رقية في بتمك حكي.. خشي بالموضوع من دون مقدمات الله يرضى عليكي .. يعني لحقيلك شوية خلايا صاحية بمخي قبل ما تطفي كلها.
قضمت رقية إظفر إبهامها بتوتر لتقبض نور على كفها تزيحه من أمام فمها و تقول آمرة:
- إحكيييي.
- مم بصراحة مش عارفة يعني أبدا منين و ..
بدا حديثها متوترا غير مترابط.. مما اجج القلق بنفس نور لتحثها و هي تهديها نظرات مطمئنة:
- حبيبتي خدي نفس و احكي كل اللي بصدرك عادي حتى لو حكيك مش مترابط انا راح أفهم بإذن الله.
أخذت رقية نفسا عميقا و زفرته على مهل.. ثبتت أنظارها على نور قائلة:
- أنا عندي مشكلة مع عمر.
- عمر خطيبك؟ شو المشكلة؟
بدأت الدموع بالتجمع في مقلتيها و هي تجيب بصوت قد بُح فجأة:
- بيقول عني ناشفة.. يعني ما بتجاوبش معاه و كلامي قليل.. ده حتى شك إني مغصوبة عليه.
ضيقت نور عينيها بتشكك طارحة السؤال الأول الذي تبادر إلى ذهنها:
- حكي شو بالزبط؟ يعني حكي عادي و الا اللي بالي بالك.. لو كان اللي بالي بالك فالمفروض يفهم انه هالاحاديث تؤجل و لا تلغى .. و انتي لسة خام على هيك حكي.
نفت رقية اتجاه أفكارها بيدها:
- لا لا يا نور فكرك راح لبعيد.. هو قصده على الكلام العادي.. مش عارفة ليه لحد دلوقت ببقى خجولة معاه و مش عارفة ألم كلمتين على بعض.
- طيب وضحتيله إنه هالشي سببه الخجل مشان ما يروح فكره لبعيد زي ما فعليا راح.
- لاء أصلي مش عارفة اجيبهاله ازاي.
وضعت نور كفها على مقدمة رأسها بتعب.. فكرت قليلا لا تعلم كيف أو بماذا ستنصحها.. تنهدت و قالت أول شيء منطقي خطر لها:
- حبيبتي رقية المفروض تحكيله إنك لسة بتخجلي منه.. إنك بدك لسة وقت تا تتعودي عليه مزبوط و ان شاء الله بعديها بتفكي.. لا تتركيه للوساوس تاخده و تجيبه.. و كمان انتي التانية حاولي تتلحلحي شوي يعني اعتبري حالك بتحكي مع واحد من اخوانك..
لكنها توسعت عيناها بغتة و هي تستنكر و ترجع عما تفوهت به:
- لا لا انسي اللي حكيته ما بيزبط تتخيليه واحد من اخوانك.. و الله ما انا عارفة خلص انتي بس حاولي تغصبي حالك انك تتباسطي معه بالحكي.
ثم التمعت عيناها بمكر أنثوي خاص بها:
- بعدين البنت الشاطرة ما بتخلي خطيبها يستنى إنها تحكي من الأساس يا حلو انت يا حلو.
تغضن جبين رقية بعدم فهم لتجيب نور سؤالها الصامت:
- بكرا بترنيله و بتعزميه على العشا.. بتزبطي الصالة الصغيرة و بتحطي شموع و هيكا و بتتوصي باللبس.. بدي أشوف ما حرم الله النظر إليه من دون الزوج.. فاهمتيني يعني.. البسي شي يبسطه يا رقية.. صدقيني هو هاينربط لسانه و تعالي حاسبيني إذا ما روح من عندك مبسوط و منشرح صدره.
ارتد جسد رقية للخلف لتنهض بغتة عن السرير و هي تشير بسبابتها لنفسها:
- أنا؟ عايزاني أنا ألبس خليع يا نور!! ده لا يمكن يحصل أنا ما تربتش كده.
خرجت شهقة طويلة من نور أتبعتها باللطم التمثيلي على وجهها:
- يا ويلي يا ويلي يا ويلي!! و الله الزلمة معه حق ينجلط منك.. ولك هاد صار زوجك يا غبية يعني حلالك كمان انا ما بحكيلك خليع كتير يعني إشي و منه.. بعدين تعالي هون انتي بتعرفي شو هو الزواج؟
- يا نور افهميني انا أمي متوفية و ما عنديش حد يفطمني.. يعني أكيد مش هاروح لجدتي و أسألها.. من و انا صغيرة بابا و جمال هم اللي واخدين بالهم مننا.
- يا سلاااام.. طب ما انا أمي متوفية من لمن كان عمري سنتين.. بس عندي صاحبات و كمان كنت أشوف عمو نزار كيف بيعامل زوجته بكل حب و تقدير.. عالعموم ما تقلقي انا راح أمشي معك خطوة بخطوة ان شاء الله و نقدر نعدي.. المهم ( احتدت نظراتها بتصميم بغتة و هي تردف ) لازم نشوفلك فستان.. و أنا بإذن الله عندي شريطة ..آآآآ قصدي فستان راح يجيب جول بنص المرمى.. انتي بس اتركيلي حالك.
همهمت رقية بما أشبه بالموافقة لتفترق عن نور متمنية لها احلام سعيدة.. أغمضت نور عينيها بعد أن عادت لحضن فراشها لكنها تذكرته فجأة لتفتح عينيها و الفضول يتحرك بداخل نفسها.. و بحركة متمهلة التقطت الهاتف و فتحته لتجد رسالة جديدة منه " هاحاسبك على كلمة بارد دي لما تبقي ببيتي.. المهم قوليلي بتعرفي ترقصي أصل انا بحب الفرفشة فاعملي حسابك لو ما بتعرفيش تتعلمي من دلوقت ؟ "
انفرج ما بين شفتيها بعدم تصديق.. هذا الرجل بالفعل مخبول!! و بعنفوان أنثى معتاد أرسلت " هارقصلك بس أمك ترجع عروس "






sosa mahdy likes this.

وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:19 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.