آخر 10 مشاركات
347 - الراقصة و الارستقراطي - عبير الجديدة - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : lola @ - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          1127 - الرجل الغامض - بيبر ادامس - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          594- فراشة الليل -روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          ☆باحثاً عن ظلي الذي اختفى في الظلام☆ *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Ceil - )           »          أجمل الأسرار (8) للكاتبة: Melanie Milburne..*كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree29Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-11-19, 02:36 AM   #281

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي


طمنينا عليكى ياقمر


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 29-11-19, 11:21 AM   #282

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل العشرون

اعذروني على التقصير هالموسم حافل بالأمراض و زيارة المشفى
الفصل العشرون:
هل اختبرتم يوما أن يطعن قلبك بسكين صدئ ليحزه حزا فيثعب منه الدم الأسود..هي اختبرته.. هي استشعرته.. هي تألمت له.. هي حكاية يحيطها إطار الغدر.. حكاية دُقت حروفها بنبضات القلب النازف.. القلب الجاهل.. القلب الذي يرعف بالوجع.. و يرشح بالحزن و الكمد.. أخبروها أن رجلا من أفضل الرجال طلبها.. جالسته و انبعث الحب الخجول في قلبها له و من أجله.. أرادت حياة عادية.. زواج هادئ.. زوج محب و بيت دافئ يركض فيه أطفالهما ثمرة حبهما الهانئ.. ربطهما عقد إلهي غليظ لتجد في النهاية أن كل هذا ما كان سوى وهم كاذب.. أخبروها أن تلفت نظره.. أن تجذب اهتمامه .. ان تقدر أسباب غيابه .. أن لا تلتفت لما أسموه بوساوس الشيطان التي تخبرها أنه غير مهتم.. و الآن ماذا؟ خطيبها يحب أختها الصغرى.. خطيئة لا يستوعبها عقلها النقي.. تريد الهروب من الناس.. الهروب من أهلها.. من خطيبها صاحب الطعنة الغائرة.. من أختها و من نفسها.. تريد الهرب نحو المجهول عله يكون أرحم من الواقع.. هل كانت مغيبة حتى لم تنتبه أم كانت غبية؟! كل الإشارات التي أتتها في السابق تشعر بها الآن كما السهام الموجهة لقلبها.. كرامتها.. حتى سلامتها العقلية.. ارتج جسدها بشده و تشوشت الرؤيا في عينيها.. بكت و بكت حتى شرقت بدمعها.. جاهدت لسحب الهواء لرئتيها اللاتي كأنما اغلقتا بصمام محكم..خرجت منها صرخة متوجعة شقت سكون الليل لتجد من فورها حضنا دافئا يضمها و أصوات جزعة متداخلة لم تتبين ماهيتها.

استفاقت لتجد نفسها على سريرها تلحفها الأغطية المحكمة.. حانت منها التفاتة للجانب لتجد جدتها بجوارها تبكي في صمت " ترى هل علموا؟" فكرت بحسرة.. اتجهت أنظارها للركن المنزوي القريب من الباب حيث تقبع شقيقتها.. لم يكن هناك داع للبوح فلغة العيون أوفى و أبلغ.. كلتاهما لا تحمل ذنبا.. كلتاهما كانتا جاهلات .. فلتحيا عدالة الجهل.

مضى عليها ثلاثة أيام لا تغادر سريرها.. حالة جمود تام سيطرت عليها.. لا أحد يعلم ما بالها.. شقيقتها فقط من تعلم.. هي كانت الحضن الذي تلقفها.. لا تفارقها و تشاركها صمتها و العبرات المسكوبة.. تلك الشقيقة و رفيقة درب الحياة تجد نفسها الآن تهرب بنظراتها من أختها المكلومة و شعور بالخزي يكتنفها في حضرة أختها و أفكارها تدور و تدور.. هل أوهمته بوجود مشاعر؟ هل افتعلت تصرفات جذبت انتباهه دون قصد.. هل و هل؟؟ كل تلك الافكار تحرقها و تجلدها بسياط الخزي لا تعلم مفرا منه.. كل هذا و قاتل القلب مفقود.. غادر لحظة صفق الباب في وجهه.. غادر كجرذ جبان.. حتى عندما حادثت جدتها والدته تخبرها بوعكة رقية الصحية تحججت بسفره.

اليوم هو الفرح الكبير.. اليوم المنتظر بوجل و رهبة و فرح عارم لكثيرين غيرها.. اليوم الذي كانت تتمنى أن يأتي بغير حلة.. أنهت مختصة التجميل اللمسات الأخيرة على العروس التي بدت كأنها اسطورة من الجمال تحكي هي قصة بطلتها.. التفتت تواجه الفتيات ليصفقن و يهللن فرحا بها.. اقتربت منها سمر تعدل طرحتها و تمنحها دعوتها بالحياة الهانئة.. تلتها باقي الفتيات حتى رقية التي حاربت ما ظنوه مرضا لتكون حاضرة في هذا اليوم.. اليوم ستغادرهم نور لحياة زوجية مبهمة المعالم.. طرق خالها سالم الباب لتهرع سمر لفتحه.. ابتسم سالم لنور بمحبة صادقة ظنتها لن تراها البتة ليقترب و يأخذها في أحضانه.. ابتعد عنها و أخذ يتأملها:
- ربنا يباركلك يا بنتي و يكتبلك الخير في اللي جاي.
ابتسمت له نور باتساع متجاهلة هدير قلبها الذي يكاد يشق ضلوعها جزعا من القادم.. تأبطت ذراعه و خرجت من الحجرة ترافقها الزغاريد المهللة.. استقبلتها أسفل السلالم جدتها بعينيها الدامعتين و جدها بابتسامته الرزينة.. قبلت يداهما و كتف جدها ليستلم يدها من خالها و يكمل هو المسير.. ابتسمت بعدم فهم فمن المفترض أنها ستذهب لتجمع النساء دون الرجال فإلى أين يقتادها جدها؟! و على عتبة الباب توقفت.. شهقت و كادت أن تذرف الدموع لولا صراخ الخالة ألا تفسد زينتها.. طالعته بعينان مشتاقتان.. و تعود الأمنية القديمة أن يا ليتها تستطيع الدخول في أحضانه.. تقدم منها و ابتسامة حنونة تزين ثغره.. جاهد سقوط عبراته هو الاخر و هو يرى ابنة أخيه في ثوب زفافها.. سرح فكره و هو يتقدم بخطواته القليلة.. كم يتمنى لو كان امجد هنا.. لربما تشبث بها و رفض تسليمها لعريسها.. وصل قبالتها و كسر القواعد و عاطفة الأبوة تتضخم بقلبه ليقبلها من جبينها و يسرها بعض الكلمات عن السند.. الدعم.. و الحضن الذي سيكون دوما متاحا مهما مر الزمن و مهما باعدت بينهم بلاد.. قبلته على كتفه و هي تشكره بابتسامة ممتنة لتلتفت من بعدها لزوجته سارة و كم فرحت لرؤيتها بعد طول غياب.. احتضنتها سارة و باركت لها و دعت لها بالذرية الصالحة لتنتقل بعدها نور لعمها أحمد فيصلها صوته بالمباركة و يفسح المجال لزوجته إيمان كي تتلقفها بين ذراعيها و تمطرها بالتقبيل و سيل الدموع الفرحة.
حلقت الفتيات من حولها يحثونها على متابعة المسير حيث جمع النساء.. قد قام جدها بالأمر بترتيب الصالة الضخمة في قصرهم لتضم حفل النساء.. وصلت حيث تقبع النساء لتصدح عقائرهن بالزغاريد من كل الجهات.. اقتربت منها كل من نعيمة و روح تهنئانها و تقبلانها بحب لتبادلهما القبلات بمحبة صادقة و هي تبارك لعمة زوجها عقد قرانها على خالها مصعب و الذي تم قبل ساعة من الآن.. جلست إلى مقعدها الأبيض المزين بشرائط لؤلؤية متقنة الصنع و تحيط بها باقات ضخمة من الورود البيضاء.. وزعت ابتسامات ودودة للنساء حينما كانت جدتها تتحرك بنشاط فتاة بالعشرين تزغرد و تأهل بالحاضرات.. صدحت الأغاني من جهاز التسجيل ليشتعل الحفل برقص الفتيات المتزينات.. حتى سارة زوجة نزار المتزمتة نوعا ما راقصت إيمان بعد أن ألحت عليها الأخيرة بذلك.. كانت بحق فرحة طروبة لتحلقهم حولها و قد تناست مخاوفها.. كم ودت أن لا تنتهي هذه الساعات.. كل من تحب يحيط بها فرحين سعيدين.. لكن تبقى هناك غصة.. غصة مشوشة تمنع الفرح من التغلغل لداخلها.. قبضة حزينة تعتصر فؤادها و هي لا تستطيع تمرير مجافاته لها طوال الأيام الماضية مرور الكرام.. فكرت مرارا أن تبادر بالاتصال به بعد أن أرسلت لها روح رقم هاتفه الجديد و تعاتبه لكنها ذكرت نفسها أن لا تعشم نفسها بالكثير هي فقط ارتفعت عاليا بسقف توقعاتها و الاصطدام القاسي بالأرض ما كان إلا نتيجة حتمية.. حاولت تجاهل الأمر و هي تشير بيدها للفتيات و ترسل لهم القبلات الطائرة.. تجمدت الابتسامة على شفتيها و هي تناظر الأختين و هما يرسمان لوحة عنوانها الكسر.. كسر لم تستطع تخمين مصدره طوال الأيام الثلاث الماضية و كلتاهما تعتكف في محراب الصمت المهيب.. بإمكانها التكهن بسبب الحزن لدى رقية فبالغالب هو تباعد خطيبها الغبي.. لكن رؤى.. رؤى تلك الشعلة المتقدة بالحماس و البهجة.. لم تفهم سبب الكآبة المرسومة على وجهها خاصة و أنها تعلم أنها سعيدة بخطبتها.. لكم ودت لو كان معها المزيد من الوقت كي تحاول سبر اغوارهن فالأمر لا يبشر بخير البتة لكن لا بأس هي لن تنقطع عنهم و ستعود في القريب العاجل بزيارة و وقتها ستحاول الفهم.. و عند تلك النقطة سرحت تفكر هل من الممكن أن يمنعها عن أهلها.. اختض قلبها و رجفت أهدابها لذلك الخاطر لتنفيه من فورها فسراج قد وعد أنه لن يحرمها كنف أهلها.. لعقت شفتيها الجافتان تحاول العودة للأجواء الاحتفائية تخلع عن نفسها أي دثار للشكوك الآن على الأقل.
أما في معقل الرجال.. أو حفل الرجال.. التجهيزات كانت مبهرة.. أرض الفرح كانت بالمنتصف كما البرزخ بين القصرين.. لكن أقرب إلى قصر التهامي بحيث يستطيع المتطلع من أحد نوافذه رؤية تفاصيل الحفل الرجالي بوضوح.. كان حفلا مفتوحا للهواء الطلق..أمر جاسر بتهذيب الأرض و فرشها بالرمل الناعم ليسقط فوقها البساط اللؤلؤي.. يحفه من الجوانب الأربعة عمدان شاهقة تزينت بالأشرطة البيضاء.. و قد تناثرت باقات الزهور على كل الطاولات و تدلت المصابيح الذهبية فوق حلقة الرقص، لتصدح أصوات المزامير و الطبول للزفة الصعيدية احتفاء بالنسب بين كبرى العوائل في البلدة.. إلى جانب نخبة من رجال الأعمال اللذين قدموا للمشاركة بالمصاهرة بين اثنان من أعمدة الاقتصاد في البلاد..
جذب سراج الأنظار بطلته المهيبة الجذابة بحلته الرسمية.. دار بين الجمع كما هو متعارف ليتقبل التهاني و يشكرهم مشاركته الفرحة.. يدور و يصافح و يبتسم بمجاملة بينما ذهنه يسافر بعيدا عن كل هذا الصخب.. يسافر حيث تقبع معذبة القلب و مؤرقة العقل.. أعاصير و عواصف تحوم بأفكاره و قد لفته طوال الأيام الماضية.. منذ ذلك اليوم بالتحديد.. لم يحادثها و لم يراها.. تجاهلها نهائيا لا يعلم لما! كاذب فهو يعلم.. فإن رآها سيواجهها بما علم و بالرغم من أن قلبه ينبؤه أن الأمر ما هو إلا مكيدة من ابن خالها لكن يبقى هنالك تلك الاحتمالية الطفيفة أن يكون صادقا.. لربما كان كذلك.. حديثه الواثق و الوقاحة التي جابهه بها تقذف بالمزيد من الوقود على نيران الشكوك في صدره.. و على عكس عروسه لم يتسطع التحكم أكثر من ذلك بالوجوم الذي يصارع للظهور على صفحة وجهه.. لينتصر الوجوم و تنحسر علامات الفرح.
تحرك أفراد فرقة الزفة الصعيدية التراثية إلى منتصف الحلقة ليشرعون برقصة التحطيب وسط انبهار الجميع بتلك الحركات و ضربات العصي المتناغمة مع نغمات المزامير، تابع نزار تفاصيل الزفاف بفرحة عارمة.. التفت نزار على أحمد يسره:
- قديش كان نفسي أدبك بعرسها.. بس يالله المهم انها مبسوطة.
ضحك أحمد بمرح يجيبه:
- و مين حايشك يا راجل.. قوم اعمل اللي انت عايزه ده الفرح فرحنا.
شاركه نزار ضحكاته قبل أن يقول بحسرة:
- ما بينفع أدبك لحالي.. بطلع زي الأهبل.
واساه أحمد:
- و الله لو كنت اعرف يا صاحبي كنت عملتها معاك.
ربت نزار على كتف أحمد بشكر لينتبه الجمع على انتهاء وصلة الغناء الصعيدي و دخول مصعب و محمد برفقة جاسر.. وقف جاسر في منتصف الحلقة و التقط المذياع بيده ليعلن الخبر:
- النهاردة الفرح فرحين.. من شوية كتبنا كتاب نسيبي مصعب التهامي على خيتي.. ربنا يباركلهم و يبارك لابن اخويا و عروسته.
وصلتهم الزغاريد بعيدة من قصر التهامي و تهافت المهنئين على جاسر و مصعب يباركون الزواج.. كان قد رفض كل من مصعب و نعيمة أن يشاركا العروسان اليانعان حفل الزفاف و قد بررا الأمر أنها ليست مرتهما الأولى فليحظا الشباب بفرحتهم الأثيرة.
التقط جاسر العصا من أحد أفراد الفرقة ليحذو مصعب حذوه فيتشاركا رقصة لطيفة بالعصي على أنغام الموسيقى التراثية.
-----------------------------------------
صدح صوت سمر بالمكان تهلل لرؤيا عمها يتحاطب مع جاسر بتناغم مبهر.. هبت بعض الفتيات يشاركنها تأمل تلك الاجواء الحماسية بينما نور كانت تتململ في جلستها لرغبتها الشديدة في مشاركتهم التطلع كونها لم تشهد شيئا كهذا من قبل.. لاحظت جدتها نظراتها المرتحلة نحو الفتيات المتحلقات حول النافذة الواسعة لتقترب منها و تأخذ بيدها تحثها للنهوض.. اقتربت من أذنها تهمس:
- ما تخليش في نفسك حاجة يا بتي.
ابتسمت لها نور بامتنان و هي ترفع أطراف ثوبها لتنضم للفتيات بينما ضحكات النسوة تطوف بالخلفية.. وقفت بين روح و رحمة المتابعتان لما يجري خارجا و ألقت بمدى بصرها حيث ينظرون..و للغرابة أول ما حطت عيناها عليه لم يكن حلقة الرقص.. بل هو.. ذاك المستبد المتعجرف الذي أشعل جذوة الشوق بصدرها و غادر بعدها دون اكتراث.. تابعته و هو يتحدث لهذا و يصافح ذاك.. طلته ألقت بسحر على عينيها لتبقى مثبتتان عليه.. تجاهلت تهامس الفتيات من حولها و بقيت تتأمله بحسرة حاولت نفيها عن نفسها.. التقى حاجبيها بعدم فهم و هي تنتبه لتصلب جسده.. ركزت أنظارها عليه أكثر لتجده يحدق بنظرات مستعرة على نقطة بعينها.. حركت نظراتها لمرمى بصره لتجد جمال يقف بآخر الصف يطالعه بجمود.. تعمق التقاء حاجبيها و قد أسقط في قلبها الخوف من حبل التوتر الموصول بينهما.. رمشت بأهدابها بوجل و هي تتابع تقدم جمال نحو حلقة الرقص ليقف هناك و يهنئ والده بالزواج.. حادت نظراتها لجدها لتجده كظيم الوجه بعينين كلون الدماء مركزتان على جمال.. لا تفهم ماذا يدور هناك.. هل يهابون أن يكون جمال قد بيَت نية شائنة لهذا الزفاف.. جف حلقها بغتة لدى هذا الخاطر.. و بعد لحظتان شعرت برأسها خفيفا يملؤه الهواء العفن و هي ترى جمال يلتقط العصا من والده و يفرد ذراعه القابض عليها و هو يوجه مقدمتها نحو سراج بدعوة صريحة للمواجهة الراقصة.. التفتت ببطء نحو سراج لتجده يبتسم بقسوة و ينتصب أكثر في وقفته و يرفع يده كملك يؤدي التحية لشعبه الذي كان يشجعه أن يمضي في الأمر.. خطا بخطوات واثقة متمهلة تجاه جمال ليلتقط العصا الأخرى من عمه الذي انسحب بموازاة مصعب ليبقى جمال و سراج في الحلقة التي تراءت لها كأنها ساحة الكولوسيوم و هما مقاتلان سيتنازلان في نزال حتى الموت.. ارتعد جسدها و عادت بأنظارها نحو جدها الذي لا يراها كأنما تستجديه أن يصله صراخ قلبها فيتدخل .. لكنه بالطبع لم يصله أي شيء من طبول الرعب التي تدق في صدرها.. بل كانت نظراته مركزة على الاثنان، تعالت نغمات المزامير و دار الاثنان حول بعضهما بعضا كضاريتين يتحين كل منهما فرصة الانقضاض على الآخر.. يدَعون الرقص بينما النيران التي تطفق من أعينهما تحكي معاني الصراع.. صراع من أجل الثأر.. صراح من أجل التفوق.. أم صراع من أجل الفوز بالأميرة.. لربما آخرها و لربما جلها.
انتفض جسدها لدى أول ضربة لتليها الأخرى و الأخرى و الجميع يتابع بجباه منعقدة بتعجب.. التف حولها عدد اكبر من النساء يتابعن المشهد و قد علت وتيرة التشويق حد صفحة السماء.. استدار سراج حول نفسه قبل أن يسدد ضربة أخرى لعصا جمال ليردها الأخير بضربة أقوى.. كانت ضربات هادرة.. ضربات مشبعة بالغل.. ضربات مقصدها النصر، و بلحظة غادرة كانت عصا جمال تتهشم أمام طوفان الوحش الكاسر.. خرجت صرخة عفوية من حنجرتها باسمه.. و لحظتها تراجع جمال للخلف قليلا بينما سراج كان يحدق بالنافذة البعيدة التي تقف بها نور و قد التقط أسمه يتعالى في أجواء الليل ليصله واضحا بصوتها.. امتقع وجهه لتلك الصرخة ليفسرها بما يخدم وساوسه.. كانت تخشى منه على غريمه.. أغمض عينيه و شدد من اعتصارهما يحاول لجم القدر الممكن من الغضب المتدفق في عروقه بينما حينها التفت جمال لأحد الرجال ليقذف إليه بعصا أخرى فيقترب من سراج المتأهب و قد استعرت عيناه بالجحيم لتلتقي العصاتان بتقاطع.. لم يفلت أحدهما العصا و هو يدفع بالآخر بكل ضراوة.. التف الإثنان حول بعضهما كطاحونة الرحى تجرش كل ما يدخل بقلبها.. صك كل منهما على أسنانه و تعرقت جباههما و ما زالا على دورانهم النزالي.. حتى أتى الفاصل.. عصا ثالثة دخلت بين عصيهما تفصلهما و يقف صاحبها بينهما.. رفع سالم عصاه عاليا صائحا:
- مش عايزين نتعب العريس اكتر من اكده.. ديه برضه وراه شقى آخر الليل.
صدحت ضحكات الجميع لينقطع حبل التوتر و التعجب الذي اكتنف الجميع.. التقطت نور أنفاسها أخيرا و هي تنسحب من بين الفتيات تعود أدراجها لجلستها بعد ان شعرت بأن كامل قواها قد خارت.. رطبت شفتيها بلسانها قبل أن تميل للأمام تلتقط كوب الماء لتروي جفاف جوفها، زفرت أنفاسها و هي تردد على نفسها ألا تجزع فما حدث لم يكن بتلك الخطورة.. تحرك بصرها على الحضور ليثبت على سمر الباكية.. لا بد انها تابعت المشهد هي الأخرى.. تألمت من اجلها و هي تتالم لأجل حبيب غافل.. لعنت الحب و أوجاعه.. لا يوجد سلام بوجود الحب فبوجوده يكون الشغف المهلك أو الألم المجحف.
في نفس الوقت.. بل من بداية الرقصة الضارية كان نزار يراقب بتفحص.. لا يعلم لما يتلبسه شعور أن الأمر به خفايا بين هذان الاثنان.. التفت برأسه نحو أحمد بعد أن انتهت الرقصة و قال باستنكار:
- هسى اللي صار هاد رقص و الا مشاجرة؟!!
عض أحمد على شفتيه من الباطن و تقطيبة غير راضية ترتسم على جبينه و هو يجيبه:
- بصراحة مش عارف.. انت شفت كام واحد رقص قبليهم ما كانوش بالعنف ده.. بس ممكن تكون روح الشباب.
ضيق نزار عينيه أكثر و قد استشف بحدسه أن الأمر له أبعاد أخطر.. و كم يخشى أن تطال صغيرته.
راقب جاسر ابن أخيه و هو يمشي تجاهه بخطوات متأنية و عيناه قد استحالتا لجمرتين مشتعلتين.. جلس بجواره دون أن ينطق بحرف.. ابتغى الحديث لكنه آثر الصمت الآن فلكل مقام مقال.. بينما هناك آخر قد تنفس الصعداء ما ان انتهت فقرة الفنون القتالية.. هز رأسه بأسى فصديقه ليس لديه سيطرة على الغضب.. ذلك الغضب الذي كما الوحش يغرز مخالبه في الجسد فيبث سمه في الدم.. قرر عدي أن يذهب لمنسق الأغاني و يخبره أن يبدأ بفقرات الموسيقى الغير تراثية مؤثرا السلامة و الحرص من إعادة مشهد مماثل للذي كان منذ قليل.

في ركن منزو من حديقة القصر استطاع العاشقان حديثا العهد الانفراد ببعضهما بعضا.. عاتبها هو برقة:
- وحشتيني.. كده يا ظالمة تلات تيام ما اسمعش فيهم صوتك!
أسدلت أهدابها بحياء قبل ان تضرب ذهنها ذكرى أيام سالفة بمرها و سقمها.. تطلعت لعينيه المبتسمتين تجيبه برجاء:
- معلش يا ياسين ما انا قولتلك انه اختي كانت عيانة عيا واعر.. و ما كنتش قادرة أسيبها.
اقترب بوجهه من وجهها ليقول بأنفاسه التي تضرب بشرتها:
- يا ريتني أعيا انا راخر عشان تكلميني كل شوية تتطمني عليا و يمكن قلبك يحن و تيجي تزوريني و تسقيني الدوا بايدك مع اني مش هاكون محتاج دوا بعد شوفتك.
شهقت بلوعة و هي تضع أصابعها على شفتيه تمنع استرساله في الحديث.. ابتسم من تحت أصابعها ليمسك بهم و يقبلهم واحد تلو الآخر.. اشتعلت وجنتاها بحمرة قانية لتخفي وجهها في صدره قبل أن تركن رأسها فوق خافقه لتقول:
- بعد الشر عنك.. ربنا ما يوريني فيك وحش.
باغتها بسؤال شحب له وجهها دون أن يراه و رأسها ما زال مسندا على صدره:
- هو عمر ما جاش الفرح ليه.. انا ما شفتوش و لا مرة من لما اتخطبنا خصوصا من لما سبت مصر و نقلت الشغل هنا!
تلجلجت نبرتها و هي لا تعلم إجابة لهذا السؤال.. حاولت بث نبرتها القدر الكافي من الاتزان و هي تقول:
- بيقول انه مشغول قوي بالمستشفى بمصر.. مش راحمينه.
تبرر و تختلق أعذارا تبقى أهون ألف مرة من الحقيقة القاصمة.. حادت عيناها تجاه بوابة القصر حيث تقبع اختها الكسيرة.. تجلس بروح منطفئة كما ابتسامتها.. مقلتان باهتتان و بشرة صفراء كأنه دبَ فيها مرض عسير.. دمعة يتيمة سقطت من عينها تلقفها قميص ياسين دون أن يشعر بها، ابتعدت عنه قليلا تبتسم له :
- أنا لازم ارجع عند أهلي.. دلوقت جدتي تستعوقني.
قبل جبينها و هو يوافقها على مضض:
- ماشي يا حبيبتي.. ابقي كلميني أول ما تدخلي قوضتك.
لتومئ له بنفس الابتسامة قبل ان تنسحب بهدوء.
------------------------
في المجلسين تم الإعلان عن افتتاح مائدة العشاء على شرف العروسين.. انشغل الرجال بالطعام و الأحاديث الجانبية بينما سراج يتابع خلو المكان من أغلب أنسبائه و على رأسهم الجد عبدالعزيز و جمال.. فطن أنه لربما ينال حصته من التوبيخ و التقريع الآن.. قهقه بسخرية ليت الأمر يتلاشى بمجرد توبيخ، و سواء الحال كان عند النساء ..الجميع كان منشغلا بطعامه و همهمات الاحاديث تصلها مشوشة.. عيناها شاردتان لما بعد حدود الحفل.. تتخيل أبيها ببذلة رسمية سوداء تزيده هيبة فوق هيبتة.. تقف إلى جانبه والدتها بصورة باهتة غير واضحة.. تحجرت الدموع في عينيها لتصك أسنانها تمنع انهمارها.. في حال غير الحال لكانت تمنت لو كانوا بجانبها و شهدوا فرحتها.. لكن ليس بعد.. تحمد الله أنهما لم يشهدا زواجها الهزلي هذا.. لربما لو كان ابيها ما زال معها لما وصلت إلى هنا البتة.. عبت من الهواء الخانق إلى رئتيها و هي تفكر " ليتني كنت قبل هذا نسيا منسيا.. ليتني لم أخطِ ديار الأهل قط ".. لا تعلم ماذا ينتظرها بالتفصيل.. لكنها تعلم الصورة الشاملة.. صورة مشوهة قبيحة ممتلئة بالندوب.
انتهى الحفل بعد أن غادر معظم المدعوون.. أعلنت الجدة عن دخول رجال العائلة لتستر النساء نفسها و قد قامت رحمة و سمر بمساعدة نور بارتداء المعطف القصير الخاص بثوبها.. دخل الرجال و استقبلتهم الزغاريد..أول من تقدم منها كان جدها.. أهداها قبلة فوق رأسها قبل أن يخرج من جيب جلابيته طوقا مصنوعا من الذهب. ألبسها إياه لتقبض هي على كفه و تقبلها.. تنحى الجد جانبا ليظهر عمها نزار الذي حذا حذو جدها.. ألبسها إسوارة غليظة نقش عليها آية الكرسي.. ابتسمت بامتنان لتقبل كتفه للتوالى عليها التهنئات و الهدايا الذهبية.. و حين انتهوا تقدم الحاج عبدالعزيز منها بقوله:
- يعز علينا فراقك يا بتي.. كنتي النور اللي نور حياتنا بس دي قدر و مكتوب على الجبين و أول عن آخر كنتي هاتفارقينا و تروحي بيت جوزك.. بس عايزك تعرفي إن بيتك ديه هايفضل مفتوحلك طول العمر حتى بعد ما ربنا ياخد أمانتي.. و هافضل ادعيلك يا بتي بكل صلاة.
تدحرجت دمعتين من عينيها تأثرا بقوله لترتمي بغتة في أحضانه تغرق بها و هي تدعو:
- ربنا يطوللنا بعمرك يا جدو و ما يحرمني منك.
و في الخلفية كان نزار و أحمد يبتسمان برضا يشوبه بعض الأسف.. أسف على سنين مضت كان من الممكن لتلك اليتيمة أن تتنعم فيها بأحضان عائلتها هذه، التفتت نور لعمها نزار تطلبه:
- بدي نمشي على العادات يا عمي.
أومأ لها نزار باستحسان ليذهب لجانبها الأيسر باسطاً لها ذراعه فتتأبطه و من بعدها قامت بتأبط ذراع جدها بيمينها.. فالعادات في بلدها من يسوق العروس لخارج بيت أهلها يكون أباها و خالها لكن في حالتها لا مانع من بعض الاستثناء.. جدها و عمها نزار.. كلاهما عماد حياتها من بعد الله.. كلاهما الصخرة الطود التي تتكسر عليها كل مخاوفها.
سارت و هي تتأبط ذراعي جدها و عمها و أصوات الزغاريد تلاحقها.. كانت كما الأميرة التي يزفها أهلها نحو أميرها، و هناك.. فوق الطريق المرصف الذي يصل بين البوابة الخارجية و الداخلية للقصر وقف هو و بجواره صديقه و عمه.. وجهه يكسوه الجمود دون أي تعبير.. التقط طيفها الأبيض من بعيد ليركز أنظاره عليها.. شعر بربتة مبتهجة من صديقه عدي لكنه تجاهلها.. تجمد الكون من حوله و هي تقترب.. أكثر فأكثر حتى أصبحت على مرمى يده.. اختض قلبه و خفق بشدة حتى ظنه سيتفجر بداخل قفصه الصدري.. التمعت عيناه بوله لن ينطق به.. تأمل اللوحة الفنية من قبعة معطفها الأبيض لحذائها الناصع البياض و عيناه تتلكئ لدى كل تفصيلة.. ازدرد ريقه ليتقدم بخطواته و هو يدعي الثبات أمام طلتها الساحرة.. التقط نظراتها نحوه ليجد فيها الكثير من العتاب الذي تجاهله بصلافة و هو يتلقف يدها من جدها و يرفعها لشفتيه فيلثمها برقة لم يصطنعها.. أصغى لعبارات التوصيات من جدها و من يدعي أنه عمها.. طمأنهما بكلمات واثقة ليعدل من ذراعها لتلتف حول ذراعه و يتقدمان سويا نحو السيارة المزينة بالورود بتشكيلات مبهرة.. دلفت للمقعد الخلفي للسيارة بمساعدته ليقوم هو بالانحناء و لملمة أطراف ثوبها و إدخاله لداخل السيارة.. صفق الباب برفق كرامة لأعين الجمع الذي يحيط بهم.. التف حول السيارة و دلف إليها ليجلس في الخلف إلى جانبها.. تولى عدي قيادة السيارة نحو قصر آل حرب لتلتحق بهم سيارات العائلتين.. لف الصمت أجواء السيارة.. كل من العروسان يتطلع من النافذة لليل الدامس و قد طمس معالم البلدة بدكنته.. حاول عدي كسر الهدوء و هو يقول بمرح:
- مبروك يا عروسة.. ان شاء الله يلين الحجر على ايديكي يا رب.
حدجه سراج بنظرات نارية رآها عدي واضحة عبر مرآة السيارة الأمامية .. ليرقص له عدي حاجبيه باستفزاز.. ابتسمت نور بزاوية فمها تجيبه بإصرار و قصد:
- و إن ما لان.. بنبدله.. عادي.
انتقلت نظرات سراج الآن لنور.. تلاقت نظراتهما ليبتسم و عيناه تبرق بنذير الجحيم فتبادله هي بابتسامة متحدية.. رأت الموت يتراقص بين عينيه و لم تكترث.. قد تصفح قلبها بالجليد و لم يعد هناك ما تخسره.
وصل جمع السيارات للقصر و بمشهد مكرر ساعد سراج نور بالخروج من السيارة.. تجمع الأهل حولهما يهدونهم تبريكاتهم و يلقون بالوصايا و خاصة الحاج عبدالعزيز.. اقترب نزار من سراج ليربت على كتفه يوصيه و عيناه على نور:
- دير بالك يا ابني.. هاي أمانة الغالي.. انا بذكرك بكلمتك انك هاتصونها.. و اعرف انك لو زعلتها بيوم بيت اهلها هون موجود و فوقه بيت عمها احمد و بيت عمها نزار.. كل البيوت مفتوحة لبنتنا و الك يا ابني.. انت هسة صرت بمقام ابن النا و اللي بصيبك بيصيبنا.. فرحك فرحنا و كربك كربنا.. خلي هالكلمتين براسك يابا.
ابتسم له سراج و هو لا يعلم هل يشكره على النصف الأخير من حديثه أم يلوي شفتيه امتعاضا من النصف الأول:
- تسلم يا دكتور.
و قبل ان يرد عليه نزار أتاهم صوت سارة زوجة نزار تقول بحماس:
- لحظة لحظة.. لازم العروس ترمي العجينة مشان نضمن انها تثبت بالبيت.
انعقد حاجبي سراج بعدم فهم بينما صدحت ضحكات نزار.. لتقترب سارة من نور و تمد يدها بالعجينة هامسة لها:
- زودت المي مشان تلزق.
ابتسمت نور و هي تهز رأسها بيأس.. تلقفت منها العجينة و تحت أنظار الجميع تقدمت من باب القصر و ركزت نظراتها على نقطة بعينها.. لا تعلم لما تعالى صراخ قلبها توجسا مع أنها لا تؤمن بهذه الخزعبلات.. حاولت نفض الأفكار السلبية عن رأسها و هي ترفع ذراعها عاليا و تقذف بالعجينة بكل ما أوتيت من قوة.. أنار وجه سارة للحظة قبل أن يشحب بغتة.. فالعجينة التصقت لثانية قبل أن تسحل على طول الباب و تستقر على الأرضية الباردة.. تصنم بصر نور على العجينة الساقطة بينما شهقة مستنكرة غادرت حنجرة سارة.. ارتحلت نظرات سراج نحو نور ليجد الوجوم يحتل ملامحها ليقطب هو بحيرة.. هل كانت تريد لها الالتصاق ( فكر بحيرة ).. اقترب نزار من موضع العجينة ليأخذها بيده وهو يقول مازحا كي يبدد جو التوتر:
- ما علينا من هالقصص هاي خزعبلات و أصلا حرام.
نظرت له سارة بعيني القطة الوديعة تبرر:
- غريبة مع اني زودت المي فيها مشان تلزق.
نظر لها بطرف عينه يجيبها باستهزاء:
- يبقى عشان هيك ما ثبتت.. لإنك غشيتي.
ليأتيهما الحل المبهر من أحمد الذي قال:
- طب ما ترميها على وش العريس عشان تفضل لازقاله في وشه طول العمر.
قهقه الجمع لحديثه و بعدها قاموا بتوديع العروسين ليتقدم سراج من نور و يقبض على كفها الثليجي و سار معها لداخل القصر.. تبعهما جاسر و روح بينما بالطبع غادرت نعيمة مع زوجها.
في منتصف البهو وقفت و ذكريات ليلة من الماضي القريب تتمثل أمامها.. تلك الليلة التي أتت فيها لهذا القصر و وقفت ندا لسراج في هذا البهو.. تنهدت بأنفاس متقطعة و صوت جاسر يصلها مشوشا:
- مبروك يا عرسان.. اطلعوا فوق جناحكوا متوضب من مجاميعه.
اقتربت روح من نور و باركت لها مقبلة اياها على وجنتها قبل أن تتنمى لهم ليلة سعيدة و تنسحب لحجرتها في الاعلى.. فكرت نور بداخلها ساخرة ( بالتأكيد ليلة سعيدة في الجحيم ).. وجهت أنظارها إليه.. حدقا ببعضهما لبرهة بغموض.. كل يدور بداخله دوامات لا هدأة لها.. ضيق سراج عينيه كأنه يود احراقها بنظراته.. ليقول بصوته البارد:
- اتفضلي يا عروسة.
قالها و هو يشير بيده لأعلى الدرج لتتجاهل نبرته الجليدية و تتقدم نحو السلم و تصعده و هو يتخلف عنها بخطوتين.. لاحظ أنها تجاهد بسحب ثوبها خلفها و مع ذلك لم يكلف نفسه بمد يد العون لها.. وصلت للحجرة التي تعلم مكانها مسبقا حينما أتت مع جدتها لترتب حاجياتها بها.. توقفت لبرهة كأنها تحسب الخطوات للداخل أو كأنها تفكر بعدم الدخول.. و على حين بغتة وجدته يتجاوزها و يدخل للحجرة دون حتى أن يعيرها اي اهتمام أو يدعوها للداخل..استعرت نظراتها غضبا و هي تنفث نيرانا من شفتيها على هيئة أنفاس.. أغمضت عينيها تحاول أن تهدئ من ثورة أعصابها.. ثبتت نظراتها على الباب و هي تقترب منه و تزيد من فتحه لتدخل للداخل.. دلفت تجر ثوبها خلفها لتقف في منتصف الحجرة.. جالت بأنظراها المكان كأنها تبحث عنه.. سمعت صوت المياه فتغضن جبينها بتساؤل ( متى تسنى له الدخول للاستحمام؟!) تجاهلت الأمر و هي تستل " التفريعة " من دولاب الملابس و بعض الغيارات لتجلس و تنتظر.. مرت بضع دقائق لتجده يخرج من المرحاض يلف منشفة حول خصره و أبخرة المياه الساخنه تتسلل من باب الحمام.. تحرك بؤبؤيها بزوغان و هي تحاول أن تثبتهما على أي شيء ما عدا جسده العضلي المغري و المخيف بنفس الوقت.. انتظرت حتى ابتعد عن خط الطريق المؤدي للمرحاض لتقفز و تهرول بعدها للمرحاض و تقفل الباب بالمفتاح.. قهقه هو باستمتاع و هو يمشط شعره مقابلا للمرآة الضخمة.. ارتدى الجزء السفلي من منامته ليبقى عاري الصدر و الهضاب و الوديان النابتة على جذعه تظهر واضحة للعيان.. بالداخل أنهت نور استحمامها و وضعت الكريم المرطب على كامل جسدها.. مسحت مرآة الحمام التي تشبعت بالبخار لتناظر وجهها.. تنهدت بوجل فهي الآن تقف مقاما لا قبل لها به.. قد أعطت نفسها قدرا فوق قدرها من الشجاعة.. في هذه اللحظة هي تريد الفرار.. الانزواء في ركن سحيق لا تصله يد و لا عين.. ذكرت الله بسرها تحاول التسلح ببعض القوة و بحركات سريعة ارتدت قميص نومها الأبيض ذو النقوش الشفافة و الظهر المكشوف و أسدلت فوقه الروب المخصص له.. نثرت خصلاتها للخلف لتقوم بتسريحها دون أن تضيف له أي حركة.. فقط شعر منسدل بنعومة مغرية للتلمس يصل أسفل ظهرها.. شردت لوهلة و هي تتذكر ومضات من مظهر جسده العضلي.. و للغرابة لم يلتفت تفكيرها لزوايا الإغراء و الذوبان الحسي.. بل العكس تماما.. أفكارها نقلتها لفكرة تفوقه الجسدي الواضح و الشاسع.. فكرت هل إن أغضبته يوما بشده سيستخدم قوته العضلية ضدها.. لربما لطمة واحدة منه قد تتركها بأذن غير صالحة مدى الحياة.. هي حتى الآن لا تعلم نوعية الرجل الذي هو عليه.. لربما من الأفضل استخدام استراتيجية الكر و الفر (فكرت بيقين )..انتصبت بجسدها و هي تقترب من مقبض الباب.. قامت بالعد للعشرة قبل أن تدير المقبض و تخرج لتجده يجلس على حافة السرير ينتظرها بابتسامة ماكرة تزين ثغره.. وقف و انتصب بجسده لتظهر عضلاته المنحوتة لها فتتوتر أنفاسها أكثر لكنها و بصعوبة حافظت على جمود قسمات وجهها.. اقترب منها و التف حولها بخطوات متلكئة كأنه يقيمها و كم أشعرها الأمر بالغيظ و الدونية.. عضت باطن خدها تمنع صراخا قد يرتج له قاطني القصر لتجده يقف بمواجهتها و تلك الابتسامة لم تفارقه فيقول بنبرة استهزاء:
- مش بطال.. و عاجبني فيكي انك فاهمة دورك كويس و ده واضح من اللي انتي لابساه.. مجهزة نفسك يعني و مش هاتعمليلي فيها خايفة و محتاسة.
طرفت بعينيها بعيدا عنه تجيبه بنبرة متقززة:
- حقك و لازم تاخده.
- يعني انتي مش راضية؟
احتقنت عيناها تجابهه و هي تجيب بثورة مشاعر و ثأر لكرامة مهدورة:
- و لا عمري هاكون راضية و راغبة.
هز رأسه بتفهم لينطق:
- يعني تأدية واجب و السلام.
- بالزبط.
خطا نحوها يعدم المسافات ليقبض على خصرها يقربها منه إلى الحد الذي اختلطت به أنفاسهما و تلاحمت نظراتهما.. لم تحد ببصرها و لم ترتبك.. بل ثبتت البصر على البصر بشموخ متحدٍ.. ارتاعت للحظة من مشهد النيران المندلعة في عمق عينيه.. ينظر لها بتجريم.. بتذنيب.. بنية للقصاص.. لكن من ماذا بحق الله؟! هي صاحبة كفة الميزان الصاعدة بالحق.. ابتسم سراج بزاوية فمه و اقترب أكثر لينفض الروب عن جسدها لتبقى بتلك الغلالة الحريرة الشبه شفافة.. مال برأسه قرب اذنها اليسار و يده تمتد لما هو محلل له من جسدها يهديها ارتعاشة مرت على طول عامودها الفقري من حركة أصابعه على ظهرها المكشوف ليتحدث بنبرة مختنقة يشوبها بعض الكسر:
- طب لو اتخيتلتيني حد تاني ممكن ترضي؟
اتسعت عيناها بغضب قبل أن تدفع يده عنها و ترتد للخلف و هي ترفع سبابتها نحوه:
- انت مجنون.. في زلمة عاقل بيحكي لمرته شرفه و عرضه هيك حكي؟
قبض سراج على إصبعها يلويه لتتأوه هي بألم.. صك أسنانه بغيظ يجيبها بفحيح:
- ده لو كانت هي صاينة يا هانم.. مش مبيتة النية و مخططة ازاي تخلص من الدغوف اللي متجوزاه عشان تكون بالاخر لحبيب القلب.
ازدادت تأوهاتها و هو يشد من لوي إصبعها.. تناثرت دموعها على السجاد الفاخر لينفض سبابتها من يده و هو يشتم بصوت مسموع.. شرقت بدموعها تهاجم بكرامة صامدة:
- حبيب شو و خطط شو اللي بتحكي عنها انا مو فاهمة شي.. ليه هيك عم تعمل معي؟ آخر فترة مضيناها سوا وصلتلي فكرة انك بتحمل مشاعر الي و هاد اللي خلا عشمي يزيد و قلبي يميل.. لكن بعدين.. ما شفتك الا بعدت و ما فهمت ليش.. شو عملت أنا؟؟ مش انت اللي حكيت بدنا ننسى كل القصص القديمة و نعيش بسلام.
حدق بها دون تعبير.. كلماتها و شهقاتها تصله لعمق فكره فتشتت اتزانه.. لا يعلم هل يصدق حديثها و دموعها أم يصدق ما سمع و رأى.. كلمات جمال كما السوس تنخر بعقله و مشهد لهفتها عليه في الزفاف يكاد يفتك بالصبر المتبقي في جعبته.. حسم أمره.. لن يمنحها الامان.. تلك دموع التماسيح و كما يبدو هي ممثلة جديرة بحق.. ابتسم باستسخفاف ليذهب نحو الدولاب و يستل قميص منامته و هو يقول معطيا اياها ظهره:
- شوفي يا بنت الناس حقي أنا متنازل عنه.. و انا هاكون صريح معاكي.. حاولت أتقبلك و مش قادر.. انتي هنا عشان التار اللي بين العيلتين.. هاتبقي زيك زي أي ديكور هنا بالبيت.. و ما تمنيش نفسك تبقي زوجة حقيقية ليا.. مش انتي اللي تنفع تكون مراتي.
ارتفع حاجبيها بعدم تصديق و نهج صدرها بأنفاس ثقيلة.. طحنت أسنانها ببعض و هي تصور مشاهد لقتله و التمثيل بجثته في ذهنها.. رفعت رأسها بشموخ تجيبه و هي تبصق كلماتها:
- إي لا خف علينا يا سلطان زمانك.. إذا انت ما بدك اياني طاق.. فانا عايفيتك مية طاق.
ثم لوحت بكفها أمام وجهها كمن يستجدي الهواء تغيظه و هي تردف:
- خيييي.. هم و انزاح.. و بزيدك.. الحكي اللي حكيتلك اياه انساه.. انا بتشرف اني أكون قطعة ديكور بهالبيت و لا اني أكون مرتك حلالك.
كان يظهر منشغلا بإقفال أزرار قميص منامته طوال حديثها.. لكنه ما أن انتهى اقترب منها بملامح هادئة و خطوات مماثلة بالهدوء و على حين غفلة كانت كفه تعتصر فكها.. اقترب بوجهه من وجهها و يتحدث بقسوة:
- لسانك ده تخليه في بؤك لو مش عايزاني أقطعهولك.. و مرة تانية عينك تبقى في الأرض و انتي بتكلميني.
عضت الفاصل بين إبهامه و سبابته ليتأوه مبتعدا عنها.. احتدت عيناها و هي تقول:
- مش نور اللي تحط عينها بالأرض.. راسي طول عمري مرفوع و هايضل بإذن الله مرفوع و اللي مش عاجبه يبلط البحر.
أعطته نظرة مزدرية قبل أن تتجاوزه و تدخل للسرير و تتدثر بالغطاء.. أدارت ظهرها و بعدها بثوان سمعت صوت باب الحجرة يصفق بقوة.



noor elhuda likes this.

وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-19, 03:56 PM   #283

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
جمال المجنون متهور سوف يسبب المشاكل
لنور ..
سراج صدق كلامة وبات يعتقد ان نور
مجبرة على الزواج منة وهى تحب جمال
اما الحقير عمر فلا يستحق رقية ابدا
اتمنى ان تنفصل عنة وتجد من يستحقها
تسلم ايدك حبيبتى ❤❤❤


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-19, 08:27 PM   #284

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

يسعد مسائك الفصل جميل جدا.
ننتظر ردة فعل رقيه فالضعف لا يناسبها ابدا
سراج للاسف صدق جمال وخرب على نفسه وهو الخسران الوحيد
ويبقى الاثنان في حال جذب ونفور الى ان يتمازجان سويا
في انتظار القادم موفقه تحياتي 🌼🌼


نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-19, 10:29 PM   #285

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

هل اختبرتم يوما أن يطعن قلبك بسكين صدئ ليحزه حزا فيثعب منه الدم الأسود

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 30-11-19, 11:23 PM   #286

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

اللي مش عاجبه يبلط البحر.

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 01-12-19, 09:21 PM   #287

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضور بانتظار الفصل 🌼🌼

نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-19, 10:44 PM   #288

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
جمال المجنون متهور سوف يسبب المشاكل
لنور ..
سراج صدق كلامة وبات يعتقد ان نور
مجبرة على الزواج منة وهى تحب جمال
اما الحقير عمر فلا يستحق رقية ابدا
اتمنى ان تنفصل عنة وتجد من يستحقها
تسلم ايدك حبيبتى ❤❤❤
الاحداث كل مالها عم تحتد لكن في بعض القصص هانكتب نهايتها لنبلش بغيرها عزيزتي.. تسلميلي


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-19, 10:44 PM   #289

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور علي عبد مشاهدة المشاركة
يسعد مسائك الفصل جميل جدا.
ننتظر ردة فعل رقيه فالضعف لا يناسبها ابدا
سراج للاسف صدق جمال وخرب على نفسه وهو الخسران الوحيد
ويبقى الاثنان في حال جذب ونفور الى ان يتمازجان سويا
في انتظار القادم موفقه تحياتي 🌼🌼
معلش بدنا نعطي رقية حقها بالحزن لانه اللي صار معها ابدا مو قليل عزيزتي


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-19, 10:46 PM   #290

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الحادي و العشرون

الفصل الحادي و العشرون:
في عتمة الليل التي تحيط بجدران حجرة المكتب انزوى.. جالسا على مقعد مقابل الشرفة يتأمل القمر المستتر من الفاصل الزجاجي.. " ليلة سوداء بحق " فكر ساخرا.. ساعات مرت و هو على نفس الوضعية.. لا يتحرك به سوى كفه اليمين و هي تطفئ سيجارة و تشعل أخرى.. نور.. معادلة السهل الممتنع.. كم يتمنى لو يعلم خبايا نفسها.. فقط كي يرتاح.. بالرغم من اتخاذه منهج المتشكك و القاذف بالذنب إلا أن هناك نقطة دقيقة في قلبه تنغزه.. تنبؤه أنه لربما كان ظالما.. لأول مرة في حياته يتمنى أن يكون مخطئاً.. أطرق رأسه يفكر حتى أنهكه التفكير.. و رغما عنه حادت أفكاره إلى منطقة يحاول نفضها عن ذهنه لكن هيهات.. مظهرها المهلك لحواسه.. الحارق لمقلتيه.. شفتيها اللاتي تتحدثن بغيظ و كم تمنى التهامها حتى يخرسها.. عض على شفته السفلى و هو غارق في خيالاته.. أغمض عينيه و هو يراها تتمثل أمامه.. يقترب منها ليزيح غلالتها عن جسدها الغض.. رفع يده دون إدراك منه و هو يتخيل أنه يتحسس بشرة جسدها الناعمة.. و انحناءاتها المغوية.. ليقبض على خصرها النحيل.. و يُغرق وجهه في ثنايا شعرها فيتنفس عبيره.. يرتجف جسده لرائحتها التي توقظ فيه غريزة الشبق.. يرسم بشفتيه ملامح وجهها.. و يلتقط الكرز من شفتيها كتحلية ما بعد الرسم.. و من لم يجرب التحلية قبل الطبق الرئيسي فقد فاته الكثير.. قبلة هنا و قبلة هناك.. تحلية هنا و تحلية هناك.. ليحملها أخيرا بين ذراعيه بشوق و قد استحال الجسدين لشعلتين متقدتين.. ينزلها برفق على السرير و يصر أن يتخم نفسه بالتحلية.. ذراعاها الشهيتان و المغريتان للعض تحيطان به كأنها تريده أن يختفي داخل ضلوعها.. و هو من بد يريد الغوص بأعماقها.. الارتشاف من رحيق جسدها.. أن يجعلها له.. تقابلت عيناه المظلمة بالرغبة بغيوم السماء في عينيها المنبأة بعاصفة وشيكة.. تسارعت الأنفاس و تعرق الجسدان بينما يديه تحاولان تثبيت جسدها.. قبلها بين عينيها يطمأنها قبل أن تأتي اللحظة الحاسمة.. اللحظة المنتظرة و..
تأوه متألما و هو يفتح عينيه يلعن حظه النحس.. نظر إلى إصبعيه ليجد آثار حرق السيجارة قد تركت أثرا بهما.. لعن بصوت مختنق ببقايا الرغبة قبل أن ينهض عن المقعد و يذهب كما العاصفة لحجرة النوم يمني نفسه باستحمام ثلجي طويل يعيد الاتزان لعقله و جسده.
تمطت بجسدها و أشعة الشمس تداعب بشرة وجهها.. تثاءبت و هي تفتح عينيها تحدق بالسقف لبرهة قصيرة قبل أن تلتفت إلى جانبها لينعقد حاجبيها بحيرة و هي تتأمله نائما إلى جوارها.. أدارت وجهها عنه دون اهتمام لتفكر أنها ظنت باستحالة نومها ليلة الأمس.. فما ان وضعت رأسها على الوسادة و وصلها صوت صفقه للباب منت نفسها بليلة طويلة من ماراثون الأفكار القاتمة.. لكن و للمفارقة لم تمر سوى دقائق قلائل حتى غاصت بنوم كما الغيبوبة.. يبدو أن التعب الجسدى و الإنهاك النفسي و العقلي قد نال منها الكثير.. نفضت اللحاف عن جسدها و مشت بخطوات توحي ببقايا نعاس و تشوش ذهن نحو المرحاض.. غسلت وجهها و فرشت أسنانها لتخرج من بعدها لمحيط حجرة النوم.. حانت منها التفاتة إليه لتجده على وضعه.. لوت شفتيها بامتعاض قبل أن تتقدم من الدولاب و تنتقي قفطانا مغربيا عاجي اللون مزين بنقوش آخذة للبصر.. أسندته على السرير لتخطو نحو التسريحة و تشرع بتجهيز نفسها.. و بعد ما يقارب الربع ساعة كانت تقف بخيلاء أمام المرآة تتحرك للجانبين كأنها تستعرض نفسها.. ابتسمت برضا و مالت بجسدها تلتقط زجاجة العطر كي ترش بعض من قطراتها عليها.. كادت ان تضغط بسبابتها كي تخرج الرذاذات لكن أجفلها صوته الصارم الرادع:
- ما تحطيش زفت.
تجمدت لثانية قبل أن تاخذ نفساً عميقاً و تلتفت تتطلع إليه لتقول بنبرة محتقنة:
- أي زفت فيهم بالزبط؟
ارتفع قليلا بجسده ليبدو جالسا متكئا على ظهر السرير فيجيبها:
- البرفان.. ما تحطيش برفان.. و خففي وش البويا اللي حطاه على وشك ده.
ارتفع حاجبها الأيسر و هي تطالعه يعتدل بجلسته على الفراش بتلكؤ مستفز للأعصاب.. أطرقت رأسها و نقرت بمقدمة خفها بلاط الأرضية نقرات متتالية كأنها تحاول لجم حديث لن يروق له.. رفعت أخيرا رأسها إليه تنطق بسخط حاولت مداراته بفشل:
- معلش جلالتك.. بس متل ما بتعرف أو ما بتعرف العلم عند الله.. المفروض أنا عروس.. و لازم اطلع بأحلى طلة.. تانيا يا ريت تحسن ألفاظك شوي يعني مشان التلوث السمعي.
ابتسم بزاوية فمه و هو يلتفت للمنضدة بجانبه يلتقط لفافة تبغ من علبة السجائر الفاخرة خاصته و هو يقول:
- قصدك انه كلامي دبش.. تؤ تؤ في وحدة محترمة تقول لجوزها كده و في يوم الصباحية!
التمعت عيناها بجنون بعد أن أوصل أعصابها لأعلى درجة من الغليان.. خطت نحوه بخطوات واسعة غاضبة لتختطف لفافة التبغ من يده و من بعدها علبة السجائر لتطالعه بتحدي و هو يحدجها بنفس درجة الغضب:
- أولا سجاير بالغرفة عندي ما في.. تانيا الله يخلف على هيك صباحية و بكل قلب قوي عم تحكي كمان.
ثم لوت شفتيها ببتابع كممثلات الشاشة القديمة باستهجان و هي تضيف بتقريع مبطن:
- خلي الطابق مستور عيني.. قال اتجوزنا لننستر اصقالله ايام الفضيحة.
راقته مناكفتها.. فناوشت ابتسامة مشاغبة فمه.. ليقبض بغتة على رسغها يجذبها بحدة كي تسقط على حجره لتتبدل نظراتها المستهجنة لمرتعبة بلحظة.. قبض على خصرها يقربها إليه أكثر و كل المعوقات.. كل الوساوس قد ذابت في بحر عينيها:
- قصدك اني مش نافع؟!
اهتزت مقلتيها كما جسدها تحت سطوة يديه اللاتي تحتضناها.. ادعت الشجاعة التي لا تعلم أين هربت منها كأنها لم تعرفها قط و هي تحاول هروبا تكتيكيا من الحصار الذي وضعت نفسها به فقالت تحاول التملص من الاتجاه المتوقع للفخ الذي ألقت بنفسها إليه:
- ما كان قصدي.. أنا متزكرة حكيك منيح اني بالنسبة الك مجرد قطعة ديكور.. ما حدا جاب سيرة فحولتك العزيزة.
جعد وجهه بتقطيبة مزيفة و هو يرفض استسلامها السريع:
- لا لا لا.. كده انا ازعل.. خليكي قد كلمتك و كملي عليها.. انتي شكلك زعلانة اني ما تممتش الجواز مبارح و انا بقى ما يرضينيش زعلك.
قالها و ومضات من تخيلات ليلة الأمس تغزو ذهنه و خلايا جسده فتشعلها من جديد بجذوة التوق.. ركز نظراته على شفتيها المرتجفتين ليقترب ببطء متلذذ لتتلامس الشفاه.. شعر بدوامة تلفهما سويا.. دوامة منعشة من عبق أنفاسها التي انغمست بأنفاسه.. ملمس جسدها المرتعش تحت يديه كان حارقا.. نسي نفسه.. نسي الماضي بندوبه و الحاضر بأغلاله.. لا يوجد الآن سواهما و هذه القبلة.
ابتعد قليل ليلتقط أنفاسه المخطوفة و يتيح لها المثل.. وجدها متحجرة بعيون حائرة.. مسح بإبهامه على وجنتها دون ان ينطق.. لا يريد إفساد ما كان من لحظات.. أعتقها من أسر ذراعيه لتثب متحررة تحاول استعادة بأسها.. رمقته بنظرات ساخطة قبل أن تتجاهل ما حدث و تخطو من جديد للمرآة تكمل ما تبقى من الرتوش على هيئتها.. أصدر قهقهة قصيرة أتبعها بـ:
- أومال عملالي فيها محموءة و شوية تسيحيلي ليه.. انتي نفسك مش عارفة انتي عايزة ايه.
تاهت عيناها و هي تناظر المرآة دون أن ترى حقا انعكاسها أو أنها لم تعطيه انتباها.. هو صادق.. هي لا تعلم.. لكن:
- انت كمان مو عارف شو بدك.. ساعة بدك قربي و ساعة بتشمئز مني.. ساعة بتتطلع علي كأني أميرة هالكون و ساعة بتعطيني نظرات كلها تجريم.. احنا بدوامة ما بيعلم فيها غير الله.
و هنا تذكر.. جمال و الثأر و كل السواد المعتق.. حاد بعينيه بعيدا و قد انتهت اللحظة.. بل أعدمت بمقصلة الواقع.. عاد بأنظاره اليها ليجدها تخطو لخارج الغرفة.. ليزفر أنفاسه بيأس قبل أن ينفض اللحاف عن جسده و ينهض هو الآخر.
خرجت من الغرفة تتهادى بخطواتها للأسفل.. طافت عيناها بأرجاء المنزل تتأمل تفاصيله الذي لم تسنح لها المرتان الماضيتان بتفحصه.. ذوق رفيع يضخ من أركانه يختلط بعبق التراث الصعيدي.. وصلت للباب المفضي للحديقة الخارجية لتجذبها أصوات زقزقة العصافير للمضي نحو الكلأ.. مشت بين الورود و هي ترفل بقفطانها حتى استوقفتها عينان تحدقان بها من قريب، ابتسم لها فبادلته الابتسام.. اقتربت من جلسته على إحدى الأرائك المصطفة بشكل دائري تتوسطها طاولة زجاجية مزخرفة بنقوش جذابة يشكلون جلسة خلابة مغرية للاسترخاء:
- صباح الخير.
ابتسم باتساع يرد صباحها العليل:
- يا صباح الورد يا عروستنا.. اتفضلي نوريني.
جلست على أريكة مقابلا له بأريحية استغربتها من نفسها.. تشعر و كأنها تعرفه منذ زمن فات.. كأنه ليس بغريب عنها.. بينما هو فقد شجعته ابتسامتها التي يعلم ما يتدارى خلفها.. فابن أخيه ليس باللغز الصعب عليه:
- في حاجة عايزك تعرفيها يا بتي.. ابن اخويا ديه دماغه كيف الصخر و مش سهل يلين.. لكن قلبه أبيض كيف اللبن.. ديه تربيتي.
مسحت بلسانها الجزء الداخلي لأسنانها السفلية و هي تبتسم بتعجب لتطرقه لهذا الأمر على حين بغتة.. لكنها تفهمت أنه لربما مطلع فبالتالي أومأت برأسها و لم تعقب.. بل أنحت الموضوع جانبا لتضع آخرا في الواجهة:
- زمان و أنا صغيرة بابا الله يرحمه حكالي حكايته مع ماما.. و بعدين قرأت مذكرات أمي و عرفت تفاصيل اكتر يمكن والدي نفسه ما كان مهتم يعرفها.. و من هالتفاصيل كان الأكثر جذبا لانتباهي هي جاسر حرب.. حضرتك كنت القصة الغير مكتوبة.. الحكاية المبتورة.. و مو معروف تفاصيلها.
غامت عيناه بحزن سحيق و صدره يصرخ بنزف تخثر دون علاج.. جاهد كي يبقى على ثباته و هو يجيب سؤالها الموارى:
- حبيتها.. من كل قلبي عشقتها.. كنت ببقى متابعها من لما كانت بالمدرسة بضفاير.. و برغم النار اللي كانت قايدة بين العيلتين كان عندي أمل.. كنت بمني نفسي إنها بيوم تكون من نصيبي.. مر بينا الزمن و حبها بقلبي بيزيد و هي ما خابراش عني واصل.. سهام بقت كل الحريم في نظري.. ما كنتش شايف غيرها و لا هاشوف.. و لمن صار الاتفاق بين العيلتين فرحتي كانت مش سايعاني.. كنت بعد الايام لحد ما تنور بيتي و وقتها كنت هاقولها عن كل اللي بقلبي ليها.
شرد بالمحيط الأخضر من حوله بينما نور تراقبه بوجل و التمعت عيناها بدموع متحجرة.. ابتسمت ساخرة من تصاريف القدر فكم هو قاتل ان تحب دون أمل.. و حين يلوح الامل في الأفق البعيد تقف و تترقب اقترابه من أرضك.. و في غمضة عين.. يأتي شهاب و يخطفه بعيداً.. و ماذا تفعل أنت؟ أو بالأخص ماذا فعل جاسر!! بقي واقفا مكانه يحدق بالأفق الخالي من أمله.. أمله الذي سرق منه دون أن يكون له حيلة باسترداده.. و كأن الشهاب الذي خطف أمله قد ألقى بتعويذة مسته فصنمته على وقفته مدى حياته.. هل كان ينتظر عودته؟ أم انه فقط انطفئ.. كنجم لامع زاد احتراقه حتى انطفى فكف عن الدوران و المسير.
أعاد أنظاره إليها ليجدها على تأملها العميق له.. أراد نفض الحزن فابتسم بشقاوة لا تعلم من أين أتى بها فيشاكسها بقوله:
- حقك تتأمليني.. عارف إني ماليش زي.. حتى إني أحلى من ابن أخويا.
اتبعها بضحكة مجلجلة لتهمس هي تنهي على حديثه:
- و أطيب منه كمان.
خفتت ضحكاته ليقول لا تعلم هل باتهام ام بحسرة :
- ما تشبهيلهاش.. بس واخدة شعرها.
فأجابت:
- يمكن هيك أرحملك.. لو بشبهها كنت هاتتعذب بزيادة.
هز رأسه باتفاق منطوق:
- صدقتي يا بتي.
نحنحة رجولية قطعت حبل الوصال بينهما ليلتفت جاسر بينما امتنعت نور و قد استشعرت هوية المقبل عليهم..
- صباحية مباركة يا عريس.
صاح بها جاسر لسراج الذي أصبح يجاورهم في الجلسة.. امتعض وجه سراج يرد صباحه:
- أهو صباح و السلام.
ضحك عمه بصخب و هو يقول بنية قصف جبهة:
- إكده عاد.. شكلك قصرت رقابينا يا ولد المركوب.
توسعت نظرات سراج و احتدت و هو يطرف بعينه لعمه جهة نور كإشارة أن لا يتفوه بهكذا حديث أمامها خاصة بعد تلك القهقهات المستفزة التي خرجت منها.. ثم التفت إلى نور يزجرها بحنق:
- و انتي مش لابسة على راسك ليه؟
رفعت حاجبيها بعجب تجيبه ببديهية:
- ما في حدا غريب.. عمك بمقام ابوك!
- مش في الشرع يا ماما.
ثم صدح صوته ينادي الخادمة آمرا إياها ان تجلب وشاحا لنور من حجرتهما.
انضمت للجمع روح التي استفاقت منذ برهة.. سعدت بوجود نور بمنزلهم فكم تمنت أن تحظى بأخت تكون منفى الأسرار و تشاركها كل ما تتوق الأنثى له.
انزوت الفتاتان بجلسة خاصة على الرغم من قربهم من الرجلان.. التقت الرؤوس و بدأت الهمهات التي لا يُفهم منها شيء لأي أحد سواهما.. أما هو فكان يتأملهما و وخزة في صدرة تضرب بقوة.. سعيد هو أن أخته بدأت تنفتح على الناس و قد تقبلت نور و اتخذتها صديقة.. لكن كم سيدوم الأمر خاصة مع وضعهما الذي يشبه الكأس الممتلئ على حافة الجرف السحيق.. قطرة زائدة و ينقلب الكأس.. فتنقلب حيواتهم.
- ايوااااا هلأ فهمت سبب العزل اللي عاملك اياه سراج.. خايف على قلبك؟
هزت روح رأسها تجيبها بأريحية فقدتها مع غيرها.. و كم كانت دهشتها من نفسها عميقة و هي تسر لها بنقمتها على وضعها و ما أتى عليه بها:
- أيوة.. من لما كنت صغيرة و عرفوا اني عندي ثقب في القلب و هو بقى يخاف عليا من كل حاجة.. حتى الجامعة ما رضيش اروحها لانه خايف عليا من التعب و المرمطة على قوله.
طافت نور بعينيها تفاصيل روح لتعلم بحدسها أن الأمر يحمل اكبر مما تدعي.. هناك غرفة ما زالت مغلقة عن علمها.. لربما استطاعت يوما ما الولوج إليها.. ارتشفت القليل من العصير الذي تم احضاره ريثما يتم تحضير الإفطار و هي تقول:
- طيب ما حكيتيلي.. متذكرة ابوكي؟
انعقد حاجبي روح تجيبها:
- مع اني مستغربة سؤالك.. بس لاء مش فاكراه.. كنت صغيرة قوي لما اتقتل.
- ليش مستغربة السؤال؟
فركت روح كفيها ببعضهما تجيبها بتلعثم تحاول أن تخفي بغضا لعائلة الأخرى قد يطفو على السطح:
- يعني لإنه..
لم تمنحها نور الفرصة لإتمام حديثها المتلجلج لتبادر هي بالجواب:
- مشان انه انقتل على إيد أهلي صح؟
أومأت روح دون أن تنطق لتبتسم لها نور بحبور تؤكد:
- حبيبتي.. أنا ما الي دخل باللي صار.. مو انا اللي قتلت و لا تزر وازرة وزر اخرى.. و اللي قتل ان ما تحاسب بالدنيا.. حسابه بيستناه بالاخرة.
تنهدت روح تؤمن على حديثها:
- معاكي حق.
ثم ابتسمت و هي تتذكر ما سبق من حوار مع أخيها:
- عارفة انا كنت معارضة قوي انه سراج يتجوز من عيلة التهامي.. و مع انه قالي انه عشان كلمة جدي و ما ينفعش نكسرها لكن انا كنت حاسة انه هو بيحبك قوي.. أصل سراج كان عايش و حاطط التار بين عينيه لكن كان مستني الوقت المناسب.. لكن سبحان الله النصيب.
فغرت نور فاهها بتعجب من تصريح روح.. سراج يحبها !! يكن لها مشاعر جميلة.. يصعب عليها التصديق مع كل ما جرى و ما يجري بينهما.. اكتفت بالصمت دون التعليق.. لتحرف مسار الحديث بسؤالها:
- طيب ما حكيتيلي عن أمك الله يرحمها.. كيف كانت؟ اوصفيلي اياها.
تجمدت قسمات وجهها.. و تجمعت العبرات على طرف جفنيها.. اشتدت قبضتها تحاول منع الالم من التدفق لخارج الجسد فيفضح صاحبه.. و ظنت الغافلة بجانبها أن ذكرى والدتها تحزنها و وجع الفقد ما زال يضرب بالقلب.. ظنت أنها تشتاقها و أن شعور اليتم عاد ليحلق فوق رأسها حالما أتتها الذكرى.. أنبت نفسها على ما قالت لتحاول تلطيف الجو المحتد:
- آسفة ما كنت حابة أذكرك فيها.. شكلك كنتي متعلقة فيها كتير.
ارادت الابتسام بسخرية.. صدقا ارادت السخرية.. كلما أتى ذكرها يأتي معه غضب.. حسرة.. وجع.. و لوم، كفكفت بعض العبرات التي تساقطت رغما عنها تداريها كي لا ينتبه أخيها الحامي.. و ابتسمت بوهن و هي تقول:
- ايه رأيك نروح نشوف حصل ايه بالفطار.
وافقتها نور لتنهضا بعد أن أبلغا سراج و جاسر بنيتهما.. ودعتهما عيناه و هو يكبت نفس الحسرة التي استحوذت عليه منذ ليلة الأمس.. ليته يستطيع قطع حبائل الشك من داخله كي يتحرر و يأنس بقربها الذي أراده من أول نظرة لوجهها الصبوح.
-----------------------------------
- صباح الخير.
- يا صباح الجمال.. ايه الجمال ديه كلاته على الصبح.. خلي بالك اني اتعود على اكده.
توردت وجنتاها بعد إطرائه الصريح و هي تقول:
- ان شاء الله تبقى سالم يا سيد الناس.
اعتدل يجلس على الفراش بينما ابتعدت هي عن محيطه بعد أن أتمت مهمتها بإيقاظه لتذهب تجاه الدولاب تنتقي له جلابية و بعض الغيارات.. وصله صوتها تقول:
- أنا جهزتلك الغيارات و هاحطهملك على السرير عبال انت ما تسبح جتتك أكون انا رحت جهزت الوكل.
رحل عن سريره يقترب منها و يأخذ بيدها التي تمسك بجلابيته ينتزعها من يدها و يقذف بها بعيدا و هو يقول بمشاعر انبثقت من ارض طال موسم الغيث عنها:
- الوكل هايجهزوه لينا و يجبوهلنا لحد اهنه.. و بصراحة انا عايزك انتي اللي تدعكيني.. ناقصني دلال يا بت الناس و رايده منك يا حلالي.
كاد ان يغمى عليها من فرط الحياء و التوتر.. استسلمت له و هو يسوقها نحو المرحاض ليغلق الباب و يعلو صوت رذاذ المتناثر الذي لم يفلح بأن يغطي على صوت بعض الضحكات المكتومة.
على مائدة دائرية يحيطها مقعدين جلسا بعد جولة استحمام محمومة.. كان قد أصر أن لا يأكل بيده و ان تطعمه هي.. لتقهقه هي على طريقته في كسر الحواجز بينهما.. هي لم تره سوى يوم كتب الكتاب أي يوم الزفاف.. و يومها أصبحت ساكنة لمنزله و حجرته.. عاملها برفق لم تظن أنه يملكه.. لكل ما سمعته سابقا عنه.. عن صخر الصوان مصعب.. لكن معها أظهر لها جانبا دعت الله كثيرا بعد خطبتها له ان يمتلكه.. ليلة الأمس كانت فوق قدرتها على الوصف.. أخذها برفق حاني لكن بمشاعر متفجرة بنفس الوقت.. علمت كم كان تائقا للزواج و حتى الان لا تعلم سبب عزوفه عنه طوال تلك السنون.. قد وردها حديث في زمن مضى أنه باق على ذكرى زوجته.. أو أنه لم يود أن يأتي بزوجة أب تهين أبناءه.. لكن لا مجال للتحقق من أي رواية حتى يؤكدها هو.
-------------------------------
بعد الإفطار قُرع جرس باب قصر حرب لتعلم نور أن من أتى هم أهلها.. هرعت تود فتح الباب لينهرها سراج و يأمرها بالتراجع.. همت بالاعتراض لكنه كان حاسما بأنه لربما يوجد أحد الرجال من غير محارمها " و ما العيب في ذلك؟ " فكرت بحيرة و من ثم ضربتها الفكرة فالسؤال " هل يغار؟ " هزت رأسها للجانبين و هي تتعمق برفيقتها هذه الأيام " الحيرة ".. تدارت هي بالداخل بينما فتح هو الباب ليجد جمعا من النساء.. نساء عائلة التهامي برفقة عمته و في أيديهم طعام الغداء الوفير و الذي انتشرت رائحته بالقصر.. لمح سراج من بعيد محمد ينتظر ولوجهم للمنزل كي يرحل.. لكنه لم يكلف نفسه عناء الذهاب إليه أو حتى القاء السلام من بعيد.. رحب بهن و هو يفسح لهن المجال للدخول.. و بعد دخول الجدة كانت عمته تأخذه في أحضانها تبارك له و تدعو له بالذرية الصالحة.. لثم جبينها و استأذن أن يحادثها على انفراد بعد أن ظهرت لهم نور بحلتها الهيفاء.. و في مكتبه ابتدأ وصلة التحقيق بما يخصها في كنف زوجها.. كان شديد التخوف إن كان نالها منهم أي مهان.. لتضحد هي مخاوفه فتضحي كالزبد فوق بحر هائج.. أخبرته انه زينة الرجال.. و انها سعيدة معه.. أراحته كلماتها و زفر نفسا ثقيلا و كم سعد لخروجه.
تلقفت الجدة نور في أحضانها و أمطرتها بالقبلات كأنها غائبة عنها منذ دهر.. ضحكت نور للهفة جدتها عليها و بادلتها الأحضان.. توالت الأحضان على نور و المباركات ليجلس الجميع بعد أن انضمت إليهن نعيمة و روح في جلسة نسائية بحتة.. و أعلنت الجدة الخبر:
- الاسبوع الجاي فرح محمد و رحمة و ياسين ورؤى.
ذهلت نور و فرحت للخبر.. نهضت و تقدمت تحتضن رحمة التي اصطبغت وجنتاها بحمرة طفيفة ماثلت الحمرة التي غزت بشرة رؤى و التي نالت نصيبها هي الأخرى من أحضان نور:
- ما شاء الله يعني هاد صار موسم أفراح.
ردت الجدة بزهو:
- إيوة صحيح.. و عقبال فرح رقية يا رب.
رجفة طفيفة سرت في جسد رقية استشعرتها نور عن بعد.. حال رقية لا يعجبها البتة.. هناك أمر جلل يتخفى بين ثنايا روحها.. ليتها تستطيع الانزواء بها و التحدث إليها لعلها تفضي لها بحملها.. لكن المقام الآن غير مواتٍ.. لم تطل النسوة بالزيارة ليغادروا بعد أن أوصلوا لها سلام الجميع و بالأخص جدها الذي اشتاقها.
بعد الغداء جلست هي و روح يتحدثن بالكثير.. علمت أن هناك عملية مقررة لروح منذ صغرها لكن سراج بتعنته و خوفه منعها عنها.. كان يخاف أن تفارق الحياة بداخل حجرة العمليات.. و برأيه هكذا أفضل على الأقل سيضمن وجودها بحياته.. حتى لو أقام حولها حجرا صحيا.. لو منعها عن متاع الدنيا.. يكفي أنها تتنفس بمحيطه.. جادلت نور لكنها وجدت استكانة غريبة من روح.. زفرت أنفاسها بمقت قبل أن يأتيها صوت سراج الهادر:
- نور.
رفعت عيناها للسماء تناجي بعضا من الصبر.. أرادت الإجابة بـ ( خير يا طير) لكنها ابتلعتها لتستعيض بـ:
- يا نعم.
حدجها بنظرات رادعة عن التمادي و قال بنبرة آمرة:
- قومي هاتي البسبور بتاعك.
التقى حاجبيها بعدم فهم لكنها اجابته باستهزاء:
- و ليش ان شاء الله ناوي تسفرني باريس و الا المالديف؟!
اقترب منها يصيح فيها:
- بقولك إيه أنا مش ناقصني الهري بتاعك ده.. قومي اجري و هاتي البسبور.
تهدل فكها السفلي من اسلوبه المهين و كلمة " إجري " التي قالها لها كأنها طفلة و ليست إمراة بالغة.. لتتوعده سرا و هي تقفز عن مقعدها و تركض للأعلى نحو غرفة نومها.. طال انتظاره لها ليتأفف و يدرك أنه لا مناص من الذهاب إليها.. صعد السلالم يأكل كل درجتين سوية حتى وصل لحجرة النوم ليجدها تجلس على السرير باسترخاء تطالع مجلة.. رفع حاجبا مستنكرا يقول:
- ايه اللي بتعمليه ده.. مش انا قولتلك هاتيلي البسبور؟
اجابته بعدم اكتراث و هي تقلب صفحات المجلة:
- تعبت من الجري فحكيت أريح شوي.
- نعم يا اختي!!
قالها بصراخ لتشيح بيدها و هي تخبره:
- جواز السفر عندك بدرج التسريحة.
صك أسنانه غضبا من تصرفها ليتجه نحو التسريحة و يفتح الدرج بهياج حتى كاد أن ينخلع بيده.. أخرج جواز السفر و وضعه في جيبه قبل أن يغادر صافقا الباب خلفه.. تنهدت نور بسأم و هي توجه أنظارها للدولاب حيث يستقر جواز سفرها الكندي.. لربما من الأفضل أن لا يقع في يده.. فهي تعلم مبتغاه.. و تعلم ما يخشاه.
------------------------------
بين جنبات الليل جلست إلى مقعد وثير في حجرتها.. و من المفترض أنه زوجها يقبع بالأسفل في مكتبه لا تعلم ماذا يعمل.. ارتشفت القليل من شراب التوت و أفكارها تأخذها للبعيد.. لذكريات مضت.. لحاضر محير.. لأرض غير الأرض.. آآآه كم اشتاقت وطنها.
بينما في الأسفل جلس هو وحيدا كما الليلة السابقة.. لا يعلم إلى متى يستطيع مقاومة سحرها.. هو لا يعلم لما تفوه بذاك الحديث أنه لا يريدها.. لربما انتفاضُ لكرامة يعتقدها جريحة من كلام نقل إليه من فم غريمه.. يشعر أنه ساذج.. لكن كيف له بالتراجع.. نهض و حرث أرضية الحجرة جيئة و ذهاب دون أن يجد مستقراً لأفكاره.. يفكر لو أنه يتحقق من بطلان حديث جمال.. لارتاح و استكانت سرائره.
في اليوم التالي استفاق على صوت الموسيقى المزعجة في حجرة نومهم.. فتح عيناً واحدة يتأملها تتحرك من الدولاب للتسريحة ثم تعود للدولاب و هي تردد كلمات الأغنية المقيتة و كل حين ترسل له نظرة كأنها تعنيه بكلمات الأغنية:
" و بحب الناس الرايقة اللي بتضحك على طول.. اما العالم المتضايقة أنا لاء ما ليش في دول "
جعد أنفه و ضيق عينيه و هو يتأمل هيئتها المغيظة و جسدها الذي يتراقص على نغمات الأغنية كأنما تتراقص على أعصابه المشدودة.. نفض اللحاف عنه بحركة سريعة لينهض متجها نحو هاتفها ناقرا على شاشته فيخرس صوت الأغنية.. رمقها بنظرات مستاءة دون أن يتفوه بحرف ليتجاوزها و يدخل للمرحاض و قبيل صفقه الباب بحنق أتاه صوتها المغناج:
- إيه صباح الروقان ابو السروووج.
بعدها بساعة أعلنها سراج.. سيذهب إلى القاهرة برفقة زوجته.. نقلت له اعتراضها ليقابله بعدم الاكتراث برأيها.. و بالنهاية كان له ما أراد.. لكن قبل أن يلتهما طريق العاصمة.. نال منهما قصر التهامي زيارة خاطفة و هناك حاولت البحث عن رقية ليأتيها الرد " تعاني من وعكة صحية و ترقد في فراشها نائمة".. تحرجت من الذهاب إليها لكنها وجدت البديل بسمر التي سحبتها من ذراعها بعد أن اختلى جدها بزوجها.. و في حجرة سمر:
- ما حدش يعرف عنه حاجة.. مع انه جدي كان قال انه يرجع القصر بعد ما تتجوزي.. لكن اللي عمله في الفرح خلا جدي يتعصب منه بزيادة.
أومأت نور بتفهم و هي تتنهد بقلة حيلة.. ليته فقط يفهم و ينسى.. رفعت أنظارها لسمر الواجمة لتقول بسؤال:
- سمر انتي مش حكيتيلي انك دارسة محاسبة؟
- أيوة بالزبط.
ابتسمت بنصر.. إذا فهو التسلل من خلف شباك الاعداء.. لنرى يا جمال كم هو منيع مرماك.
- تمام.. و انتي يا هبلة بما انك دارسة محاسبة ليش ما تشتغلي بالشركة.
تغضن جبين سمر و هي تجيب بفتور:
- و الله ما انا عارفة يا نور.. كلنا بنقعد بالبيت بعد ما نخلص جامعة.. و بعدين هاعيش في مصر ازاي بعيد عن أهلي.
- بالله!! لا تكوني بيبي و لسة بتاخدي الرضعة.. و انتي ما هاتقعدي عند حدا غريب بتقعدي عند اخوكي عبدالعزيز و بتشتغلي بمال أهلك و الأهم...
نفخت نور صدرها بعد نفس عميق لتضيف بعض التشويق و قد استأثرت بنظرات سمر المتابعة:
- و الأهم يا حلوة تضلي بوجه الجبل.. يشوفك أنثى مستقلة و قوية و ذكية.. و ياااا ويلك يا سمر إذا اعطيتيه وجه.. بتمري من جنبه كأنه هوا.. خليه يولع و يفكر و يتعبه التفكير يااا عيوني انتي.
احتبست الأنفاس بصدر سمر و هي تتخيل ما تحدثت به نور.. أن تكون إلى جانبه.. أن تثير اهتمامه.. ان يفكر بها.. انطفات فرحتها بغتة و هي تترجم توجسها لكلمات:
- ما اظنش جدي و أبويا يوافقوا يا نور.
ربتت نور بكفها على فخذ سمر و هي تقول بغرور:
- ما عليكي.. الموضوع عندي.. و بدي اشوفك بعد كم يوم بالقاهرة.
تركتها نور لخيالها الذي جمح بها بعيدا كفرس فلت لجامها.. لتخطو نور تجاه حجرة المكتب حيث يقبع جدها برفقة زوجها.. جالستهما قليلا حتى وقف سراج و هو يقول:
- إحنا نستأذن يا حاج.. ورانا طريق طويل.
ابتسم له الحاج عبدالعزيز برضا و مغزى يجيبه:
- بالسلامة يا ابني.. و مش هاوصيك.
بادله سراج الابتسامة كأنها لغة لا يفقهها إلا كلاهما فحسب.. رفعت نور حاجبها الأيسر بتعجب من حالهما.. لتتغاضى عن الأمر للوقت الحالي فأمامها مهمة إنقاذ مستعجلة.. أسدلت أهدابها بأدب طالبة مدرسة أمام مدير مدرستها تقول:
- معلش سراج.. كنت بدي أحكي مع جدو كلمة راس.. اسبقني و أنا بلحقك على طول ما بطول.
بالرغم من الطرد الغير مباشر الذي استشعره إلا أنه رضخ و غادر و ما أن أقفل الباب خلفه حتى وثبت نور عن مقعدها لتجاور جدها تتعلق بذراعه و تقول برجاء:
- جدي عندي طلب و بتمنى ما تردني.
أفلت ذراعه من قبضتيها لتلتف نفس الذراع حولها يضمها إليه بحنو و هو يلبيها:
- انتي تؤمري يا حبة القلب.
- ممم بصراحة الطلب بيخص سمر و هي كانت متحرجة تطلبه منك خوفا انك ترفض.. بس أنا دقيت على صدري ( قالتها و كفها تهبط على صدرها ) و حكيت الموضوع عندي.
بقي صامتا دون تعبير يذكر.. لتتوتر و تتحشرج نبرتها مردفة:
- بصراحة أنا حكيت بما إنه سمر ما شاء الله دارسة بالجامعة محاسبة ليش تضل قاعدة بالبيت زهقانة هيك.. خاصة و انه في شركة موجودة يعني بتقدر تروح على القاهرة و تقعد ببيت اخوها و تشتغل بالشركة.. خصوصا انه يعني أخوها هناك و ابن عمها كمان.
أبعد الحاج عبدالعزيز ذراعه عنها و نظر للأمام يفكر بقولها.. أمعنت النظر إليه و قد اكتنفها التوجس من رفضه.. عضت باطن خدها من الداخل و هي تنتظر رده ممنية نفسها بالموافقة على مطلبها.. و بعد برهة لم تكن بالقليلة.. التفت إليها و هو يقول:
- هو إيه اللي بيدور بنافوخك يا نور.. أني عاوز افهم لإني شاكك بحاجة و و رايدك توكديلي حدسي.
تجهمت تعابير نور و لوت شفتيها دون رد.. كيف ستخبر جدها أن سمر تحب جمال.. و أنه لربما بوجودها حوله استشعر حبها و بادلها إياه.. أشاحت بوجهها و هي تلتزم الصمت حتى قطعه جدها بقوله:
- أني موافق.
شهقت نور بمفاجاة لتهب عن جلستها و تناظر جدها من عليَ تتحدث بصوت تغمره الفرحة:
- عن جد.. عن جد جدو وافقت.. الحمدلله يا رب.. طيب و خالو سالم؟
أشاح الجد بيده يجيبها:
- ما الكيش فيه.. سالم أني هاقنعه و كلمتي أنا اديتها خلاص.. و ان شاء الله يا بتي اللي براسك يحصل.
رمشت بأهدابها بتتابع بعد تصريحه الملغم لتجلي حنجرتها و تهم بالمغادرة و هي تقول:
- طيب أنا راح أروح أبشر سمر و بلاش أخلي سراج يستنى أكتر من هيك.. أشوفك على خير جدو.
و في الردهة زفت نور الخبر لسمر التي تقافزت فرحا و هرولت لتخبر جدتها بالأمر.. أخذت نور نفسا عميقا قبل الخروج من القصر و ما أن فعلت وجدت سراج يستند إلى السيارة بهيبته الطاغية على كل من و ما حوله.. جالت عيناها حول تفاصيله تتأمله بأمنية لربما كانت بعيدة قبل أن تنفض الأفكار عن رأسها و تخطو نحوه ليهموا بالذهاب نحو القاهرة.





وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:08 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.