آخر 10 مشاركات
|
| |||||||||||||
 |
| | LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-12-19, 08:11 PM
| #301 | ||||
| كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
|  الفصل الثاني و العشرون الفصل الثاني و العشرون: في غربة الليل جلست.. تنتظر الحكم في تظلمها من ظالمها.. بعد أن تهدم صرح الحب العظيم بداخلها.. بنته بيديها.. بخيالاتها و أشواقها.. لم تعينها يديه أبدا.. و هي كانت تعلم أنه ما كان يهتم لما تبني.. بل كان يحفر أنفاقا من الغدر و الخيانة من تحت صرحها حتى تأتي اللحظة المناسبة فيسقط من تحت أقدامها جارفا إياها لقعر الظلام.. لتتهشم روحها و تغتال خيالاتها..و قد أتت اللحظة و ليتها ما أتت.. ليتها ظلت غافلة.. ليتها ظلت متوجة كملكة للخديعة.. فالحقيقة أثقل من تحملها.. أقسى من تجاسرها.. و أقذر من صفائها.. لمن الشكوى من أهلها؟ فالشكوى في هذا المقام أشد مراراً من الكبت.. و البوح سيكون كسياط النيران يجلدها و أختها.. ليس لها إلا أن تبتلع جمرات الغدر المحترقة حتى بدون راحة الأنين. كانت تقرأ بعض الذكر الحكيم في حجرتها علَ الله يحوِل نيران قلبها رماداً.. صوت قرعات على الباب قطعت وصالها مع صفاء روحها لتأذن لعمتها بالدخول.. - رقية يا نضر عيني.. خطيبك الدكتور عمر تحت و رايد يشوفك. تجمدت حواسها و خفق قلبها بشدة.. خفق رعبا.. خفق كرهاً.. أومأت بتوتر و هي تنهض عن فراشها و تتجه نحو دولاب الملابس و تنتقي ملابس غير متكلفة حتى من دون أن تضيف أي من لمسات مواد التجميل على وجهها.. سارت في الرواق المؤدي لحجرة الضيوف و على عتبة الباب وقفت تنظم انفاسها المتخبطة.. أدارت مقبض الباب لتلج للداخل فتسير بخطوات متمهلة نحو أول أريكة واجهتها و حتى اللحظة لم ترفع نظرها إليه أو تلقي السلام.. جلست و رفعت رأسها بإباء و بنظرات خاوية جابهته.. نظر إليها بعينين تنضح ذنبا.. تعرق جبينه بشدة من نظراتها المؤنبة و التي تخترق كيانه كسيوف نافذة.. تنحنح قبل أن يرسم ابتسامة سخيفة على ثغره و يقول: - معقول حتى السلام مش عايزة ترميه عليا.. ده حتى السلام لله. لم تجبه و بقيت على وضعها الصامت.. نهض عن مقعده و جاورها في جلستها ليحتضن كفها بين كفيه لتنتابها رعشة مشمئزة.. فقال بتقريع موجه لنفسه: - عارف إنك زعلانة مني.. و عارف إني مقصر بحقك و بصراحة يا رقية انتي ما تستاهليش ده مني.. انتي احسن مني بمراحل. قطبت جبينها و هي تلتفت إليه و ألف سؤال يتراقص في عينيها.. ألف سؤال لا معنى لهم في هذا المقام.. مضاع السؤال.. مضاع العتب.. مضاع الدموع.. سؤال من كلمة واحدة هو جل ما خرج من جوفها: - ليه؟ أدار وجهه عنها و شعور بالخزي يكتنفه.. ماذا يقول؟ كيف يبرر؟ الأمر جلل و ليس له من حيلة فيه.. هل يغض الطرف عن مشاعره و يكمل مع رقية و يبقى على عذاب رؤيا رؤى في محيطه.. لا يستطيع حتى مع زواج رؤى المرتقب.. كم بكى ليلة عقد قرانها.. لا يعلم متى و كيف تولدت تلك المشاعر كأنما خلقت لها دون غيرها.. مفارقة ساخرة من القدر أن يحب الرجل أخت زوجته.. هو العبث الشيطاني بعينه.. مسح وجهه بكفيه قبل ان يستقيم بوقفته و يتحرك بالمكان بتوتر.. راقبت حركته المشدودة فقررت أنها لا تريد أن تستمر هذه المهزلة أكثر من هذا.. قد أخذ الأمر أكثر من حقه من حرقة أعصابها و حزن قلبها: - انت ما بتحبنيش. خرجت من شفتيها تقريرا أكثر منه تساؤلا.. ثبت نظراته عليها و قد تهدلت أكتافه.. رفع يديه للأعلى بقلة حيلة و هو يقول باستكانة: - حاولت و ما اعرفتش. - بس عرفت تحب اختي. قالتها باتهام.. كمن يستل سيف العذل من غمد الحقيقة و يشهره في وجه الجاني، تجمدت أطرافه و انحسرت أنفاسه.. يطالعها برهبة و ذهول.. لم يمر بذهنه أن تكون رؤى قد حدثتها بما كان منذ بضع ليال.. بل بخيال مريض قرر أنها لربما ستعطي كلماته بعض الأمل.. أو حتى أنها لن تؤذي شقيقتها بهكذا جرح: - هي قالتلك؟ - أنا اللي شفت و سمعت. أسقط بين يديه.. يعلم أنه خائن للأمانة.. يعلم أنه قاتل لمعاني الرجولة.. يعلم أنه وضيع المقام.. و مع هذا وجد نفسه يبرر بصفاقة: - ما قدرتش ما احبهاش.. مش عارف هي دخلت قلبي ازاي و اتملكت منه.. حاولت اشيلها من قلبي و عقلي و ما قدرتش. نطقها.. نطقها كمن يداعب الجرح بسكين صدئ.. تحجرت مقلتيها و تهدم جسدها.. ناوشت ابتسامة حزينة ثغرها .. لربما كانت ساخرة.. من من؟ من نفسها.. من قدرها.. سكنت و سكن كل شيء حولها.. لربع ساعة.. ربما ساعة لم تفطن.. برودة قارصة تغلغلت بعظامها ليرتعش جسدها و قد ضاع الدفء، أخيرا رفعت عيناها إليه.. و قالت و النزف يثعب من كلماتها: - رؤى هاتنساها.. رؤى هاتتجوز راجل بحق.. راجل يستاهلها.. و انت هاتختفي من حياتنا.. بكرا من الصبح تبعتلي ورقة الطلاق.. و ان كان و شفت حد مننا تلف وشك الناحية التانية و تبعد.. ابعد يا عمر.. ابعد و خد معاك كل ذكرى ليك.. مش عايزة افتكرك بعد النهردة.. ربنا هايعوضني.. و ياخدلي حقي. و انتهى الحديث.. بعد أن هوى السيف المسلول على عنق الخطيئة فقطعها.. لا قيام لها من بعد هذا.. كانت حربا غير منطقية.. كل يقاتل في جبهة غير الآخر.. لتنتهي بالنهاية الحتمية.. فكلاهما خاسر.. كلاهما قد مني بالهزيمة. ------------------------------ دلفت للشقة التي خطتها مرة من قبل.. ابتسمت بتسلي تتذكر ذلك اليوم.. طرفت بعينها لسراج لتجده يهم بالدخول لحجرة النوم.. حذت حذوه و دخلتها بقلب معجون بالقوة.. علت الدهشة ملامحها و هي تجد أن كل ما في الحجرة قد تبدل: - شكلك مغير أثاث غرفة النوم. أجابها بهمهمة غير مفهومة ليغيب بعدها داخل المرحاض و يصدر صوت المياه دلالة استحمامه، جلست على السرير و حبل أفكارها ينعقد من جديد.. طوال الرحلة بالسيارة و فكرها يعمل.. يحلل و يقيم.. لتصل بالنهاية لخلاصة واحدة.. أن هناك فجوة في قصتها لا علم لها بها.. حتى اللحظة تناور نفسها أن تعطي زواجها الفرصة.. من الصعب أن تغادر المعركة دون أن تستبسل لآخر رمق.. ليست هي من يستسلم لرياح اليأس لتوجه سفينتها كيفما شاءت.. إن شاء الله فهناك عمر بأكمله ينتظرها لتعشه و هي لا تريد أن تستمر بهذا البؤس.. بهذا التخبط. تنهدت بقنوط قبل أن تنهض و بنيتها أن تبدل ثيابها.. قلبت الثياب في الحقيبة التي جلبتها معها.. لوت شفتيها و هي تنظر لما اختارته بعدم استحسان.. فكرة هجوم مجنونة لا تعلم لما استقرت عليها.. بلى تعلم.. فكله من تحريض صديقتها بيان " على الحجر أن يذوب بين يديك و يذوي " لكن المعضلة ليست هنا.. هل تريده فعلا أن يقربها.. أن يكونا زوجين بالفعل.. أليس هذا الوضع أسهل و أقل تعقيدا.. لربما بعد فترة حازت على الطلاق و عادت لكنف أهلها دون ضجيج هذا الزواج المهلك.. " الطلااااق " فكرت بالكلمة فتراءت لها كوحش يتربص لها بين أغصان أشجار زقوم متشابكة.. كم هو صعب التخبط بالمشاعر.. خاصة حين تكون مشاعر الطرف الآخر غير واضحة.. لن تدور حول الحقيقة.. هي تكن له بعض المشاعر.. هو أول رجل دغدغ مشاعرها و أول رجل سمحت له بأن يقترب.. أول قبلة.. أول رجفة جسد.. و أول من سلب منها سبات لياليها ليهيدها سهادا غير منقطع حتى اللحظة، لم تعِ على نفسها انها قد ارتدت ما أخرجته في غمرة تفكيرها.. استدارت كي تتوجه نحو التسريحة لتجفل للحظة قبل أن تستعيد تماسكها و هي تناظره يقف بقربها يتأملها لا يستره سوى منشفة تلتف حول خصره.. تجاهلته و أكملت خطاها لتستل المشط و تحركه عبر خصلات شعرها. وقف يتأملها بهيئتها الجذابة.. سبها بداخله فهو خرج لتوه بعد نصف ساعة من الاستحمام بالمياه الباردة ليذهب كله أدراج الريح.. انفرج ما بين شفتيه و هو يتفحص ساقيها دون حجاب.. عيناه ترتفعان من الأسفل رويدا رويدا حتى وصلت للحد السفلي لبنطالها القصير.. القصير جدا.. التفتت تواجهه بغتة ليجد ما هو أدهى.. نهديها النافرين من قطعة القماش الملتصقة بجذعها العلوي و التي لا تغني و لا تستر.. حاول أن يحرف بصره كي لا تنتبه لتحديقه بها.. لعنها مئة مرة بسره و مئة فوقها كانت من نصيبه.. ليقرر أخيرا أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.. فتسلح بالعبث و هو يقترب منها ممرراً بصره عليها بجرأة و هو يقول دون مواراة: - ايه الإغراء كله ده. ثم اقترب لتلفح أنفاسه جانب عنقها: - كل ده عشان عايزاني أقربلك. حادت برأسها قليلا نحوه تثبت البصر على البصر.. و بكل ثقة و دون أن تهتز فيها شعرة جابهت: - أولا أنا متعودة البس هيك.. تانيا بالله مين اللي بده يعمل إغراء للتاني ( قالتها و هي تشير لمنشفته ) مش فاهمة ليش انت عن دون البشر ما بتاخد غياراتك معك للحمام! انعكست صورته في عينيها ليجد نفسه يغرق في بحورها.. أغفل عن بعض حديثها ليجاريها بما وصل مسامعه و يقول و هو يمرر ظهر سبابته على ذراعها العاري: - و الله انا متعود على كده برضه.. و ان كان مش عاجبك البشكير بلاش منه خالص. فابتسمت و قد التمع المكر في صفاء عينيها و لم يعِ إلا و هي ترفع المنشفة أمام وجهه و هي تقول ببراءة: - على قولتك.. هو و قلته واحد. توسعت عينيه بصدمة لفعلتها الشائنة و تابعها و هي تخرج من الحجرة بعد أن قامت بتعليق المنشفة مكانها.. ناظر نفسه كأنه يتأكد أنها كانت منشفته و ليست أخرى.. تهدجت أنفاسه و تلك الحمقاء تلعب بعداد عمرها الذي سيقوم بتهشيمه فوق رأسها.. حركتها تلك.. جرأتها تلك.. هيئتها تلك.. أشعلت النيران بجسده.. أحكم على قبضتيه حتى ابيضت سلامياته.. يحاول استعادة بعضا من هدوئه و إخماد ثورته التي ترجوه وصالها.. و بغتة.. قد زالت السكرة و أتت الفكرة ليضيق عينيه و هو يهمس: - هي قالت إيه؟ و من دون أن يرتدي أي شيء من ملابس تستره خرج من الغرفة هائجا مائجا يصيح بإسمها. دخلت للمطبخ و هي تغلق الباب خلفها.. زاغت عيناها و هي تضحك و تتقافز بغير تصديق لفعلتها تلك.. لم تتخيل نفسها يوما أن تقوم بمثل تلك الفعلة.. غطت عينيها بكفيها لا تعلم أين المفر من خجلها.. لكنها انتفضت فجاأ على صوته الجهوري و من ثم فتحه لباب المطبخ بغضب.. أدركت هيئته لتفتح فمها و تحرف بصرها للأعلى من فورها.. تجمدت الحروف على لسانها و هو يتحرك نحوها بخطوات واسعة دون حتى أن تراه و بصرها يعانق السقف.. حاولت إخراج و لو كلمة واحدة تنبهه لحاله لكن هيئته و ثورته قد ألجما لسانها.. تيقنت أن أمرا جللا جعله لا يعي لما هو عليه.. كان يقترب كما الفهد.. ببطء متوعد.. حتى وصل قبالتها ليقبض على فكها يجبرها على النظر لعينيه فيسأل سؤاله بصوت كالفحيح: - انتي قولتي إيه جوا؟ توترت و اختلط عليها كل الحديث.. لم تجبه إلا بهزة غير مفتهمة من رأسها ليعيد مستفيضا: - انتي كنتي بتلبسي كده في بيت أهلك.. يعني كانوا بيشوفوكي كده.. مين شافك؟ انطقي؟؟ خرج الأمر الأخير بصراخ.. عقدت حاجبيها للتهمة التي يقذفها به.. تناست هي الأخرى عريه لتنفض يده عن ذقنها و تقول بحدة: - صاحي انت.. قدام مين بده البسه يعني.. اكيد بغرفتي مع حالي.. انت اكيد مخك مسوس.. ما في اي تفسير تاني. كادت أن تتجاوزه لكنه استبقها و هو يقبض على ذراعها يعيدها و يسأل السؤال الذي يخشى إجابته.. فقد أتت لحظة المواجهة: - حتى جمال؟ بقيت تحدق به دون إجابة.. كأنه مخلوق فضائي ليس من أرضها.. صدمتها بسؤاله فاقت كل استيعاب لديها.. لكن لحظة.. الآن ارتبطت الخيوط.. فالفجوة هي جمال.. بينما فسر هو صمتها تفسيرا بعيدا عن الحق: - انتي بتحبيه؟ هزها من ذراعها حين لم يجد أي إجابة و هو يصرخ من جديد: - اتكلمي.. قوليها و ريحيني. - لاء. كلمة واحدة باترة بنبرة خاوية خرجت من جوفها و من بعدها أبعدت قبضته عن ذراعها برفق لتتوجه نحو الثلاجة و تصب لنفسها كأسا من المياه و تتجرعه مرة واحدة.. اقترب منها ليصبح خلفها.. وضع كفه على كتفها يحثها أن تلتفت إليه.. تنهدت و هي تقاوم غصة بكاء و التفتت.. زرعت عينيها بعينيه كي يتبين صدق حديثها منهما: - عمري ما فكرت فيه.. هو حبني و حكالي.. بس أنا وقفته عند حده.. و حكيتله حتى لو سراج ما كان بحياتي.. أنا مو الك. ثم تغيرت نظراتها من الثبات للعتب و هي تردف: - مشان هيك قاطعتني؟ مشان هيك جرحتني؟ كنت شاكك فيي؟ بتعرف انه أكثر شي هلأ عم يخنقني انك ما بتعرف مين هي نور بس كيف بدك تعرف و انت ما فكرت حتى انك توصل للي جواتي. و كأنه كان ينتظر تلك الكلمات التي نزلت بردا و سلاما على قلبه الملتاع.. كأنهم أخبروه أنه قد شفي من مرض خبيث كان سيلتهمه حياً.. كأنه و كأنه.. لربما لا أحد يستطيع أن يصف حالة الرحمة التي سقطت فوق رأسه.. شعوره بالذنب تجاه ثأر والده الموتور اختفى.. الشكوك القاتلة.. الوساوس الخانقة كلها تبخرت.. عيناها صادقة.. حروفها واثقة.. لكن أوجعه نظرتها.. تعاتبه و هو حقها.. اقترب يدخلها بأحضانه لتبتعد بتمنع و هي تقول: - لاء.. اللي عملته كبير و ما راح اسامحك عليه.. بسهولة. ابتسم يحيط وجهها بكفيه : - خدي حقك مني زي ما انتي عايزة.. بس ما تبعديش.. انا كنت مخنوق يا نور من لما قالي انك بتحبيه. قطبت بحيرة تستفهم: - قالك؟ ليش هو اللي حكالك هالحكي؟ أومأ لها ليحل الوجوم على وجهها.. كيف له أن يقول حديثا كهذا لزوجها.. هل لتلك الدرجة هو مهووس.. قطع أفكارها صوته و هو يقول: - بس جدك فهمني و قالي نفس اللي قلتيه دلوقت.. بس انا كنت محتاج اسمعه منك. همست و هي في واد غير الواد: - جدي؟ - أيوة.. الصبح هو اللي فتح الموضع.. جدك مش سهل يا نور و اكيد عرف انه اللي حصل بيني و بين جمال لما حرق الارض و لما جيه الفرح و عمل الاستعراض بتاعه.. كله ده هايزرع شكوك جوايا.. و انا قلتله على اللي قاله و هو اكدلي انه مش صحيح. تذكرت صباح اليوم.. وداعهم الذي استتر خلفه رسائل لم تكن واضحة لها.. لتتكشف لها الآن جلها.. ابتلعت ريقها و قد عادت للانغماس بالتفكير.. لتشهق و قد حاصرها سراج بين ذراعيه.. العاريتين.. و جسده.. العاري.. لتطلق صرخة بجانب أذنه.. فيبتعد كما الملسوع وهو يصيح بها: - ايه اللي هببتيه ده!! وداني يا شيخة! حدق بها تهرب من المطبخ و هي تصرخ بكلمات متقطة " سافل" " ما بتستحي ".. عقد حاجبيه من ردة فعلها ليطرق رأسه و عندها فهم.. خرجت ضحكاته من أعماق قلبه.. ضحكات تتبعتها حتى وصلت لحجرة النوم لتنقض على الدولاب تخرج بعض الثياب. بينما هو فسار بهدوء نحو الصالة و جلس إلى الكنبة يضع الساق فوق الأخرى.. تناول جهاز التحكم بالتلفاز ليشغله و يقلب بالقنوات، اقتربت من محيطه و قذفت الثياب في وجهه ليرفع بصره إليها فيجدها توليه ظهرها و هي تقول: - قوم فوت جوا البس اواعيك.. كيف قاعد على الكنباية هيك!! قهقه باستمتاع و هو يزيح الثياب للجانب و يقول بعنجهية: - و الله اللي قلعني هو اللي يلبسني. - على اساس انك دخلت تتحمم و انت لابس. - لاء بس كنت لافف فوطة ساتراني.. انتي اللي عريتيني يا مفترية. دبت الأرض بقدمها و هي تصيح بيأس: - سرااااج مشان الله قوم البس لا البس انا هلأ و أهج من البيت. قلب عينيه ضجرا و قد عاد للتقليب في القنوات يغيظها: - انا مش فاهم هو الواحد ما يعرفش يقعد براحته في بيته و الا ايه.. سيبيني براحتي يا نور.. و اهو انا سايبك باللي انتي مش لابساه ده. القت نظرة سريعة على ثيابها لتجيبه بجدل: - ما الك فيي.. المهم أني مغطية المناطق اللي المهم انها تتغطى. تأملها من الخلف و هو يقول بموازاة رفعة حاجب تدل على الاستحسان: - و الله اتغطت و الا لاء مش هاتفرق كتير.. بعدين انتي واقفة كده بتكلمي مين؟ صرخت بهياج تجيبه: - الحييييييط. ليرد حديثها بمشاكسة و هو يقلد لكنتها : - ممم الحيط اللي قبالك و الا قصدك الحيط اللي متجوزاه. - الاتنين ملحقين بعض عيني.. خلاصته يعني ما هاتلبس؟ - لاء.. و أهو بالمرة نشوف شغلنا المتعطل ده. كان قد نهض و اقترب.. و لم تعِ هي لقربه بعد لكنها فطنت لمعنى حديثه.. رفعت يديها تناجي الرحمة و هي تتحدث باستياء: - شغل شو.. هاد و جدتي عروس.. حكيتلك مش هاسامحك بالساهل. تصلب جسدها من حركه يديه على جذعها و حرارة أنفاسه فوق شعرها: - طب ليه العطلة دي.. ما احنا اتصافينا خلاص.. و ان كان على جدتك.. نقول للحج يعملها فرح من تاني مش مشكلة يعني. قالها بمناكفة لتنتفض مبتعدة عن محيطه و هي تهرول لحجرتها و تغلق الباب على نفسها بالقفل.. بينما سراج ارتدى ثيابه بسرعة و قد لسعته البرودة بشدة.. اقترب من حجرة النوم و طرق على الباب ليسمعها تسأل: - اتسترت؟ كبح ضحكاته و هو يجيبها بالإيجاب.. سمع تكة القفل لتفتح الباب تواربه قليلا و تخرج نصف وجهها تطالعه بعين واحدة.. و ما أن تأكدت من صدق حديثه حتى فتحت الباب و خرجت تمشي بغنج نحو الأريكة.. مسح بكفه على صدره و هو يمني نفسه بأي قرب منها في القريب.. اقترب و جلس بمحاذاتها يقول: - خلينا نحط النقط على الحروف.. احنا لازم نتفاهم. أومأت باستسلام و هي توليه كل تركيزها و تقول: - انا ما عندي لف و دوران يا سراج.. انا فعلا اول ما بلشت القصة كنت ناوية اني اطلع من هالقصة حتى لو بالطلاق.. لكن مش مشان انه في حدا ببالي و بقلبي.. و بعدها عرفتك.. و بالرغم من أسلوبك الهجومي بالاول كنت اشوف بعيونك حكي تاني.. و فعلا انت اتحولت.. زي كإنك بطلت تقدر تكابر.. و شفت فيك انسان تاني.. انسان أنا ممكن أحبه و أمضي حياتي معه.. و بعدين إنت قلبت فرد قلبة و طبعا ما كلفت حالك تحكيلي شو عم بيصير و اكتفيت بالبعد و الاسلوب الجارح. أخذ كفيها بين كفيه يمسدهما و هو يقول: - حقك عليا.. انا الشيطان لعب بدماغي.. و صدقت اللي اتقال لكن انا عايزك تعرفي حاجة.. ما كانش سهل يا نور اني أنسى التار و أنسى كرهي لعيلة التهامي.. لكن عشانك و عشان تبقي معايا كله يهون. أطرقت رأسها قليلا قبل أن تنطق: - يعني انت شو بدك هلأ؟ - عايزك زوجة ليا بحق. خرجت منه ببديهية و بإصرار.. - و بعد ما تاخد اللي بدك اياه؟ وجم من سؤالها ليمسح وجهه بكفه و هو يحوقل فيجيبها: - انتِ ليه مصرة تشوفيني واحد ندل؟ يعني انتِ شايفة اني هاخد اللي انا عايزة بعدين ارميكي لأهلك؟ - ليش لاء.. و أصلا سؤالك غير منطقي لإنك كل يوم بعقل .. أنا مو عارفة لوين أنا داخلة و لا شو ناوي تعمل معي.. هل إنت بتكرهني و بدك تنتقم من اهلي فيني و إلا ناوي على حياة طبيعية معي ؟ تأملها بحاجبين معقودين يعيد شريط لقاءاتهما سويا ليعترف لنفسه أنها لا يصح أن يلومها لاعتقادها هذا.. و لهذا وجب عليه أن يضع حدا لوسوساتها كي تستقيم حياتهما.. امتدت ذراعه تحيط خصرها و الأخرى أسفل ساقيها ليرفعها و يجلسها فوق قدميه.. تخبط قلبها بين جنبات صدرها بانتظار ما سيبدر منه و لم يطل انتظارها.. وضع كفه على رأسها يتحسس شعرها و هو يقول بنبرة رقيقة: - مش عايزك تخافي مني يا نور.. أنا دفنت الماضي عشان تكوني من نصيبي.. من أول مرة شفتك ما بقيتش عارف نفسي.. كل اللي طالبه منك انك ما تعانديش معايا و تنهي الحرب . تغضن جبينها بحيرة من كلماته.. هل هو اعتراف مستتر بوجود مشاعر بداخله؟ لم تعلم! بدت الحيرة واضحة على محياها ليمسح بإبهامه بشرة خدها يضيف برفق: - خلينا ننسى و نفتح صفحة جديدة. استكانت رأسها على كتفه و هو يشدد من احتضانها.. فقالت و خدر السكون يتملك من جسدها: - ماشي.. بس بالاول بدك تعوضني عن التلات أسابيع آخر خطبتنا. فابتسم يجيبها: - اطلبي العوض اللي عايزاه. - و هاتنفذ من دون اعتراض؟ أجابها مؤكدا دون ان يعلم أنه يسقط في الفخ: - من دون اعتراض. حركت إصبعها على بشرة صدره الظاهرة من فتحة القميص تقول ببراءة : - إذا بدنا نعيش التلات اسابيع الجايين زي مخطوبين.. و بدك تجيبلي ورد و شوكولا.. لم تكمل حديثها و هو ينفضها عنه بغلظة لتقع على مؤخرتها و هو يصرخ بانفعال: - نعم يا اختي.. بقى انا عامل حسابي اودع العزوبية الليلة تيجي تقوليلي تلات اسابيع.. ده انا أموت طقيق فيهم. جاهدت للنهوض بالرغم من الألم الذي اجتاحها لترد عليه بلا مبالاة: - و الله انت حكيت من دون اعتراض فالمفروض ما تعترض. نهض بسخط و تحرك بالمحيط دون وجهة محددة.. فرك مقدمة رأسه بالابهام و السبابة و هو يفكر كيف سيمنع نفسه عنها.. حتى في خصامهم كاد أن يصاب بنوبة قلبية لعزوفه عنها.. التفت إليها يستجديها بأمل أخير: - طب ايه رايك نروح شهر عسل.. شهر بحاله و تنسيلي الشرط ده. هزت رأسها بعدم موافقة و هي تعقد ساعديها أمام صدرها.. رفع قبضته المضمومة أمام وجهها كأنه يريد لكمها لترفع له حاجبها باستفزاز.. استعاض بالعض على قبضته لتتهدل من بعدها كتفيه و يعلن استسلامه: - حاضر.. بس ابقي استلقي وعدك بعد ما يخلصوا التلات اسابيع دول. أشاحت له بيدها بعدم اكتراث و هي تخطو للمطبخ كي تجلب بعض العصائر و المكسرات لغايات السهرة الأفلاطونية. أنهيا سهرتهما بعد أن شاهدا فيلما أجنبيا.. تملك منهما النعاس لتنسحب هي أولا نحو حجرة النوم و يتبعها هو.. بدلت ثيابها في المرحاض لملابس نوم مهلكة للنظر و هي تنتوي عدم الرأفة به.. خرجت من المرحاض و خطت نحو السرير تدخل جسدها في الفراش لتطالعه يفترش الأرض في الجانب البعيد عنها.. رفعت حاجبيها بتعجب ترجمته لسؤال منطوق: - انت شو عم تعمل؟ أجابها ببديهية: - هانام.. هاعمل ايه يعني! - و ليش نايم على الأرض.. ما تيجي تنام على التخت؟ حدجها بطرف عينه بنظرة حانقة قبل أن يقول: - السرير حر أوي.. مش عايز اولع انا. تفهمت مغزى حديثه لتعاند و تقول: - ايه قوم قوم.. تعال نام بالتخت ما تعملي فيها زي المرة الحردانة.. انا استحيت اعملها يا زلمة. - قولتلك مش جاي. تأففت من صلابة رأسه : - خلصني سييراج بلا لعب ولاد صغار.. تعال نام جنبي ما راح أكلك أنا. اعتدل في جلسته و هو يلوح بسبابته أمام وجهه: - أولا ما تقوليش سيييراااج دي.. بتخليني أقشعر.. غير كده الخوف مش منك يا حلوة.. الخوف مني أنا. لوت شفتيها تجيبه باستهانة لحديثه: - ايه لا تخاف.. تعال نام عالتخت و بنحط شريطة بينا. - شريطة!! حسبي الله و نعم الوكيل هي ليلة مش فايتة. رقصت له حاجبيها ترد حديثه: - قصدك تلات اسابيع و حياتك.. و تخيل معي هيك بس يخلصوا يكون عندي عذر و تستنى فوقهم كمان اسبوع. بهتت ملامحه و هو يحدق بها تقهقه باستعذاب للفكرة.. لم يستوعب بدايةً أو أنه لا يريد أن يكون ما استوعبه صحيحا.. فغامر بسؤاله: - طب ما انتوا الستات المفروض تكونوا بتحسبوا الحجات دي.. ( ثم علت نبرة صوته يقول بتهديد ) لاء ما هو بصي إن كان كده يبقى لازم تقللي المدة.. و مدة العذر ده تتحسب من المدة. تمددت بجسدها و هي تعطيه ظهرها قائلة: - بيصير خير.. خلصني نام و غدا لنا جدال آخر. لم ينم.. بل لم يتزحزح عن جلسته و هو يتأملها.. كانت تتقلب في نومها حتى أصبحت دون غطاء و وجهها مقابلا له.. لم يكلف نفسه عناء تدثيرها حتى لو كان البرد سيلسعها.. يتأملها كما لو أنه يروي ظمأه إليها ببعض قطرات من غيث.. هي بقربه لكن بعيده عن قبضة يده.. عن حصار جسده.. تنهد بحرقة و قد تيقن أنه يزيد من عذابات روحه.. فقرر الرحمة بها.. ليقترب يدثرها جيدا حتى أضحت كما المومياء.. ليتجاهل طلبها بمشاركتها الفراش و يعود لمفترشه على الارض فحرارة جسده الآن قد تودي بهما لما لا تحمد عقباه. | ||||
|  |
|
04-12-19, 12:19 PM
| #303 | ||||
| نجم روايتي
| السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته جمال كان سببا فى توتر العلاقة بين سراج ونور افساد ليلة زفافهم... نور علمت بما فعلة جمال وصارحت سراج بحقيقة مشاعرها لة.... وهو شعر بالراحة والسعادة ... لكنها قررت معاقبتى على عدم ثقتة بها.... 🌸🌸🌸🌸 سمر تحب جمال ..نور ساعدتها لكى تتقرب منة لكن الطريق امامها ما زال طويل .. ٠🌸🌸🌸🌸 رقية انفصلت عن عمر بعد ان كشفتة على حقيقتة حقير ...لا يستحقها ... 🌸🌸🌸🌸 تسلم ايدك حبيبتى ❤❤❤ بإنتظار القادم | ||||
|
| |
|
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
29Likes
العرض العادي
