آخر 10 مشاركات
245- احداث السحر - كارين فان - م.م .... حصرياااا (الكاتـب : angel08 - )           »          [تحميل] جنون المطر ( الجزء الأول) للكاتبة الراااائعة/برد المشاعر(مميزة) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          الإغراء الحريري (61) للكاتبة: ديانا هاميلتون ..كاملهــ.. (الكاتـب : Dalyia - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حق بين يدي الحق (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة نساء صالحات (الكاتـب : **منى لطيفي (نصر الدين )** - )           »          سباستيان...أنيسة (112) للكاتبة: Abby Green (ج3 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree29Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-19, 01:10 PM   #311

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
جمال كان سببا فى توتر العلاقة بين سراج ونور
افساد ليلة زفافهم...
نور علمت بما فعلة جمال وصارحت سراج بحقيقة
مشاعرها لة....
وهو شعر بالراحة والسعادة ...
لكنها قررت معاقبتى على عدم ثقتة بها....
🌸🌸🌸🌸
سمر تحب جمال ..نور ساعدتها لكى تتقرب منة
لكن الطريق امامها ما زال طويل
..
٠🌸🌸🌸🌸
رقية انفصلت عن عمر بعد ان كشفتة على حقيقتة
حقير ...لا يستحقها ...
🌸🌸🌸🌸
تسلم ايدك حبيبتى ❤❤❤
بإنتظار القادم
لخصتي كل شي يا قلبي.. أسعد الله صباحك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-19, 01:11 PM   #312

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
صخر الصوان مصعب. هههههههههههه يابختك يانور
ناس هايصه وناس لايصه فصل رائع سلمت اناملك المبدعة كل كلمة لها مذاق خاص
هههههههههههه خلي حدا ينبسط بهالرواية كله هم وغم!!


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-19, 01:14 PM   #313

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثالث و العشرون

و الحمدلله رجع النت.. اعذروني على التقصير

الفصل الثالث و العشرون:
استفاقت في الصباح لتجد نفسها وحيدة في الفراش.. تطلعت إلى الجانب لتجد فراشه الأرضي على حاله.. نفخت أنفاساً مغلولة قبل أن تنفض الفراش عن جسدها و تتجه للخارج.. و في بهو الشقة الواسعة سمعت حفيف حركة آتية من المطبخ.. استبشرت قسمات وجهها و قد ظنت أن سراج يحضر لها الإفطار.. تحركت بخطوات متمهلة تريد مفاجأته و دخلت المطبخ.. لتخرج منها شهقة و قول صارخ مستنكر:
- انتي مين؟؟ و شو بتعملي ببيتي؟!!
تجمدت الفتاة من لهجة نور العدائية و توترت خلجاتها.. خرج حديثها متلجلجاً تحاول الإجابة لكن هيجان نور و خطواتها الواسعة نحوها خاصة و هي ترتدي ثيابا لا تستر البتة ألجمها.. لكزتها نور في كتفها متحدثة بأمر:
- احكي بسرعة.. شو بتعملي هون.. و ماخدة راحتك كمان.. انتي كم مرة فايتة هالبيت؟
لاحظت نور عزوف الفتاة عن الحديث لتبرق عيناها بنذير شر و تهدد:
- بدك تحكي و الا أمردغك ببلاط الشقة!
فتحت الفتاة فمها تود الحديث الذي تأخر:
- أأ أ أنا كفاح.. أنا باجي هنا أوضب الشقة.
خفتت وتيرة حدة صوتها و هي تجوب بأنظارها على تفاصيل الفتاة تتحقق من صدق حديثها:
- ممم.. حكيتيلي.. و من ايمتى بتيجي لهون؟
فركت كفاح كفيها ببعض بتوتر ظاهر:
- من ييجي سنتين.. باجي مرة في الاسبوع.
ارتاحت تعابير وجه نور لتبتعد عن محيط كفاح تسألها:
- تمام.. شفتي سراج شي؟
- ايوة يا هانم.. هو خرج من الصبح بدري و قالي أقولك لما تصحي إنه جاله شغل مستعجل و مش هيتأخر.
اومأت نور بتفهم و إحباط.. كل توقعاتها ذهبت أدراج الرياح.. سبت الرجال و عقلهم السقيم الذي لا يعرف من رمق الرومانسية شيئا.. نفخت بصوت مسموع و هي تجلس على المقعد الملحق بالطاولة التي تتوسط المطبخ.. أشارت لكفاح أن تقابلها بالجلسة.. ترددت الأخيرة الهنيهة قبل أن تنصاع للأمر.. و عادت نور لتأملها قبل أن تسأل:
- شكلك ما بيوحي بشغلك.. معلش لا تاخدي على خاطرك مني.. بس يعني شكلك.. ممم مش عارفة شو احكيلك الصراحة.. المهم ما علينا.. انا بعتذر اني عصبت عليكي بس مخي راح شوي لبعيد.
أومأت كفاح بتفهم و نهضت تهم باستكمال عملها لتمنعها نور بإشارة من كفها:
- خليكي قاعدة.. انتي من زمان بتساعدي بالبيوت؟
- يعني من تلات اربع سنين كده يا هانم.
- فكيني من هانم.. اسمي نور.. طيب يا كفاح.. خليكي قاعدة بنفطر سوا بس خليني اروح أبدل أواعيي.
قالتها نور و هي تهم بالنهوض بعد أن لاحظت أطباق الطعام المرصوصة على الطاولة:
- معلش حضرتك أنا فطرت من بدري .. و لازم أخلص شغلي قبل ما ييجي سراج بيه.
- دقيقتين و برجع.. خليكي قاعدة الشغل مش هايطير.
و بعد بضع دقائق عادت نور للمطبخ لتجد كفاح ترتب بعض الحاجيات.. جلست إلى المائدة تقول:
- تعالي شاركيني يا كفاح ما بحب أفطر لحالي.
لاح الاعتراض على مقلتي كفاح.. اعتراض لاحظته نور لتنهض من جديد تجتذب ذراع كفاح و تجبرها على الجلوس إلى المائدة.. و خلال لقيمات الطعام اللاتي كن يلُكنها سألت نور:
- انتي دارسة كفاح؟
- أيوة حضرتك.. انا بآخر فصل في الجامعة.. بدرس بكالوريوس تجارة.
ابتسمت نور بإعجاب صادق.. اتكأ ذقنها على يدها و هي تسأل من جديد و تطري:
- ما شاء الله عليكي.. عن جد ابهرتيني.. طيب يعني انتي بتشتغلي مشان مصاريف الجامعة؟
- ايوة.. أصل أهلي ناس على قد حالهم.. و انا ما كنتش عايزة أفرط بحلمي اني أكمل دراسة.
تأملتها نور بابتسامة معجبة.. هذه الفتاة مبهرة.. مكافحة.. هي إسم على مسمى.
أنهت الفتاتان تناول الطعام لتهم نور بإعداد قدحين من النسكافيه بينما كفاح تقوم بتنظيف أطباق الطعام.. و في الصالة جلست الاثنتان بإصرار من نور..
- احكيلي عن حالك كمان يا كفاح.
- ما فيش حاجة تتحكي حضرتك.. زي ما قولتلك.. انا بنت من بيت فقير.. و عندي طموح.. و في يوم ربنا يسرلي شغل في بيت ناس طيبين زيكوا و اشتغلت و شغل جاب شغل لحد ما بقيت قادرة أصرف على دراستي و اساعد ابويا.. ابواي قعد على المعاش من زمان.. كان بيشتغل سواق على عربية نقل.. و في يوم عمل حادثة و للأسف جاله شلل نصفي و من بعدها أحوالنا تدهورت لكن الحمدلله ربنا سترها معانا.
- ما تتخيلي يا كفاح إعجابي فيكي.. جد انك انسانة مبهرة و رمز للكفاح.
ابتسمت كفاح بامتنان و هي تقول:
- الحمدلله على كل شيء.. بس للأسف مش كل الناس شايفة اللي انتي شايفاه.
تغضن جبين نور بضيق ترد حديثها:
- ما إلك بكلام الناس.. المهم انتي تكوني راضية عن نفسك.. و ما دام هدول الناس بعاد عنك ما الهم فيكي و ما هيأثروا عليكي.
تنهدت كفاح و عبرة تقبع سجينة أهدابها لتقول:
- يا ريتهم كانوا بعاد عني.
- قصدك أهلك.. معقول؟
نفت كفاح بهزة من رأسها تجيب:
- لاء مش اهلي.. حماتي و بناتها.. بيفضلوا يقولوا عني.. الخدامة و بيعايروني اني بشتغل في البيوت عشان ما امدش ايدي للناس.
فتحت نور فاهها بتعجب و الكلمات خرجت منها بتلقائية:
- انتي متزوجة؟
- مخطوبة.. مكتوب كتابي.. و المفروض الفرح بعد ما اتخرج.. أصلي كمان بحوش عشان أجهز نفسي و ما اتقلش على أهلي.
اكتنف نور الضيق الشديد.. و مع ذلك حاولت التخفيف عنها:
- ما تهتمي حبيبتي.. اغلب الحموات هيك.. بدل ما تشكر ربها انه مرت ابنها قوية و هاتكون بضهر زوجها اذا جار عليه الزمن.. حسبي الله بس.
أرادت العرض لكن خشيت أن تظنها كفاح نوع من الصدقة و من حديثها معها استشفت انها عزيزة النفس.. لكنها غامرت و تحدثت:
- بتعرفي.. انا بصراحة حبيتك كتير.. و و . يعني لو تقبلي مني هدية عرسك من هلأ لإنه..
قاطعتها كفاح و قد استشفت فحوى حديثها:
- أنا فاهمة حضرتك عايزة تقولي إيه.. بس معلش مش هاقدر أقبل.. يا ريت ما تاخديش على خاطرك مني.
نفت نور بيدها تقول بتأكيد:
- لا حبيبتي ما في زعل.. انا كنت حابة أوقف معك لإني ربي يشهد اني حبيتك.. لكن خلص إذا انك بتتحسسي من الموضوع بلا منه.. لكن بدي وعد منك اذا بيوم احتجتي شي تيجيني على طول.
أومأت لها كفاح بابتسامة مرتاحة ليصدح وقتها رنين هاتف نور فتستأذن كفاح كي تنهي أعمالها بينما أجابت نور سمر التي كانت تتصل:
- سمووورة.. حبيبة قلبي.. اخبارك يا جميل.
جاء صوت سمر مبتهجا مهللا:
- أنا في الشركة يا نور.. الموضوع ما اخدش اكتر من اربعة و عشرين ساعة.. انا مش مصدقة نفسي.. الصبح خدني بابا على بيت عبدالعزيز.. حطيت شنطتي و طيران على الشركة.
استراحت نور أكثر في جلستها بعد أن أصباتها عدوى البهجة لتطلب من سمر الاستفاضة بالحديث:
- طيب احكيلي.. وين حطوكي.. و مين شفتي؟
- عبدالعزيز قالي اني هابقى في قسم الحسابات.. و في شاب اسمه أشرف يبقى رئيس القسم.. و هو اللي هايدربني.
- ممم حلو.. خليكي صامدة يا سمر.. بدي اياكي تنجحي بشغلك و تثبتي للكل انك قدها.
- يا رب يا نور يا رب.. انا عاوزة أنجح فعلا و ابقى حاجة مهمة في الشركة.
- ربك كريم يا عمري.. انتي اعملي اللي عليكي بس.
لاحظت نور أن سمر لم تأتي على طاري جمال.. مما أثار استغرابها نوعا ما.. فسألتها دون مواراة:
- شفتي جمال؟
- اوووه.. تصدقي نسيته.. لا يا نور ما شفتوش.. اتلبخت باللي انا فيه.. انا اصلا مش فاضية دلوقت الف وراه.
توسعت عينا نور كما مبسمها.. فسمر من ساعة واحدة من العمل في الشركة تناست جمال:
- عجبتيني يا بنت.. اسمعي أصلا ما تحطيه ببالك.. و لما تشوفيه طنشيه كانه الهوا.. و اذا حكى معك حسسيه انك مو فاضية توقفي ترغي معه.. ماشي.
- علم و ينفذ يا فندم.
قهقهت نور باستمتاع لتدعو لابنة خالها بسداد خطاها و من بعدها أغلقت الهاتف و انضمت لكفاح كي يخططان لطعام الغداء لليوم.
--------------------------
في منزل عائلة التهامي في الصعيد كانت حالة من الهرج و المرج تسود أجواء المنزل بعد أن وصلتهم قسيمة طلاق بإسم رقية.. اعتكفت رقية في حجرتها ترفض رؤية أحد بينما في الأسفل كان أباها و جدها يجلسان برفقة جدتها.. كان مصعب ينفث نيرانا مغتاظة من أذنيه.. فالأمر جلل.. و طريقة إنهاء الخطبة بهذه الطريقة لهي امتهان لقدرهم.. هاتف الجد والد عمر يطلب منه الحضور و لم يتأخر الأخير بتلبية الدعوة.
- يصح اللي عمله ولدك ديه يا ابو الدكتور.. يبعتلنا ورقة طلاق بتي من دون ما ييجي حدانا و يكلمنا و يفهمنا.. عافها كنه ما الهاش أهل يسألوا عليها!!!
كان مصعب يصيح بوالد عمر الذي جلس بينهم منكساً رأسه بخزي.. لم يكن لديه علم بما اقترف إبنه.. ظن أن بالتهديد الذي قذفه في وجهه سابقاً قد أعاده لسواء السبيل.. لكنه تيقن الآن أنه كان في ضلال.. تنحنح والد عمر يحاول تهدئة ثورة من كانوا انسبائه مقرا ان غضبهم مبرر:
- حقكم علينا يا ابو جمال.. احنا الغلط راكبنا من فوق لتحت.. و اني بقولكم بعهد الله إني ما كنت اعرف انه عمر هايعمل اكده ( قال اسمه متجنبا لفظ كلمة ولدي ) لكن أني هاعرف شغلي و اياه.. و هاخليه ييجيكم و يبوس الأيادي و يصلح غلطه.
أتى الرد هذه المرة من الحاج عبدالعزيز مقرعا:
- و احنا ما باقيناش رايدين يا ابو عمر.. الوصال اللي بينا اتقطع خلاص.. و ولدك عمل عملته من دون حتى ما يورينا وشه.. راجل كيف اكده ما يلزمناش لبتنا.. ما دامه مش رايدها احنا بتنا غالية علينا و مش هانرضى عليها تكون على ذمة راجل مش رايدها.
ثم نهض عن مجلسه متكئا على عصاه و هو يلقي بكلمة الختام:
- و اني مش هاحملك اللوم.. رغم انه ولدكوا.. لكن باين انكوا ما الكوش شور عليه.. و عشان المعرفة اللي بينا احنا مش هانقوم معاه باللازم..عالعموم اللي حوصل خلاص حوصل.. و ربنا يعوض بتنا باللي احسن.
أطرق والد عمر رأسه أكثر و هو يشعر أن جلد وجهه يكاد يذوب خجلا من فعلة إبنه الشائنة.. أراد تلطيف الأجواء قليلا و هو يقول لمصعب بعد أن غادر الحاج عبدالعزيز:
- أني مش عايزك تحط في قلبك يا ابو جمال.. و عمر أني هاخدلكوا حقكوا منه تالت و متلت.. و عهد عليا لاكون ..
و قبل ان يتم حديثه هب مصعب عن مجلسه يتحدث و الشرار يتطاير من مقلتيه:
- مش عايزين حلفان يا ابو الدكتور.. من دي اللحظة احنا ما الناش عنديكو حاجة.
ثم توجه نحو الباب و هو يقول:
- آنست و شرفت يا ابو الدكتور.
تحرك والد عمر بتؤدة و قدماه لم تعد تستطيعان حمله بعد أن أثقل كاهله.. تجاوز مصعب دون أن ينظر إليه خجلاً.. ليغادر أخيرا القصر و غضب الكون يتجمع في صدره.. و في السيارة نقر على هاتفه و انتظر برهة حتى أتاه صوت عمر.. ليعاجله بالصراخ:
- و الله لاكون مربيك من أول و جديد.. يبقى اكده .. تخلي ابوك مش عارف يرفع راسه بين عيلة التهامي .. ديه انت تحمد ربك انهم مش ناويين يقربوا ناحك عشان خاطري.. أومال لو عرفوا اللي فيها كانوا هايعملوا ايه.. اسمع يا ولد.. من النهردة تنسى البلد دي واصل أني مش طايق اشوف خلقتك.. قلبي غضبان عليك ليوم الدين.
ليغلق الهاتف و هو يتنفس بهياج.. فاليوم لم يكن بالهين البتة.. فكر كيف سيزف الخبر المشؤوم لزوجته.. فكر و فكر حتى حادت أفكاره نحو رقية.. فتنهد بقلة حيلة يدعو لها:
- ربنا يعوضك خير يا بتي.. هو اللي ما يستاهلكيش.. حسبي الله و نعم الوكيل.
--------------------------------
في العصر دارت نور حول المائدة تضع اللمسات الأخيرة على الطعام.. كانت كفاح قد استأذنت للذهاب لمنزلها منذ برهة.. سمعت صوت قفل الباب لتعلم أنه وصل.. فخطت نحو الباب لتستقبله بابتسامة رائقة و هي تتقدم منه قائلة:
- الحمدلله على السلامة.
ناظرها بنصف عين و هو يقول:
- الله يسلمك.
تجاوزها يخطو نحو حجرة النوم.. لتقسو تعبيرات وجهها و هي تتبعه تدب بأقدامها الأرض تخبره:
- ممكن أفهم ليش قالبلي وجهك.. هاد هيك بدنا نعيش تلات اسابيع كلهم رومانس.
أجابها و هو يصفق ضلفة الدولاب:
- و انا قولتلك اني مش هاقدر.. قولتلك اني تعبان و عايز ارتاح.
تصعنت شهقة ملتاعة و هي تقترب منه تمسد بيدها على صدره مما زاد من تأجج نيران جسده:
- ألف سلامة عليك.. ما تشوف شر.. اجيبلك بندول؟!
قبض على رسغها يضغط عليه و هو ينطق من بين أسنانه المطبقة:
- ما تلعبيش معايا يا نور لإني جايب آخري.. و انتي فاهمة انا تعبان من ايه فبلاش اللف و الدوران.
خطفت رسغها من قبضته قسراً توليه ظهرها و هي تؤنب:
- انا اللي مو فاهميته كيف كنت عايش عادي قبل.. يعني من لما اتزوجنا و بعدت و حكيتلي زيك زي قطعة الديكور.. زي ما كنت مدبر نفسك وقتها دبر نفسك هلأ.
مسح وجهه بكفه و خلل أصابعه بخصلات شعره يبتغي قلعها من منابتها و هو يجيب:
- ما هو أنا ما كنتش قادر اتنفس و لا انام وقتيها.. ولو عايزة تبقي التلات اسابيع دول من غير ما المسك.. فابعدي عن وشي احسنلك.
لوت شفتيها باستنكار و استدارت تواجهه:
- بس انا كنت عاملة حساب انه ..
صرخ بها يقطع سيل حديثها:
- بسسسس ما تقوليش رومانس.. احنا الرجالة الرومانسية عندنا حاجة تانية خالص.
تنهدت بقلة حيلة لتهز رأسها بتفهم قبل أن تغادره و هي تنطق بتبرم:
- طب غير أواعيك و تعال اتغدى قبل ما يبرد الاكل.
تابع رحيلها بحسرة.. و جلس على السرير مطرقا رأسه يضعه بين أكفه.. تنهد بألم و هو يعلم أنه يجاهد نفسه ألا يجبرها.. يريدها راضية راغبة بين يديه.. الصبر.. فقط القليل من الصبر .. منى نفسه بذاك الهمس.
في المساء جلس سراج وحيدا على الأريكة في الصالة يتابع التلفاز.. أرسى بحثه على القناة الرياضية ليرتخي بجسده للخلف و يحدق بالشاشة منتظرا.. فاليوم مباراة مهمة لناديه المفضل و الوحيد بالنسبة إليه " النادي الأهلي ".. حرك يده نحو المنضدة يلتقط لفافة تبغ من علبة السجائر.. وضعها بين شفتيه و قبل أن يشعلها تناهى لمسامعه صوت خطواتها تقترب من محيطه.. حانت منه التفاتة ليجحظ حينها بعينيه و يفغر فاهه مما جعل السيجارة تتدلى من فمه.. مرر نظره عليها من أعلاها لأسفلها.. ليهدر بغتة بقوة:
- ايه الهباب اللي انتي لابساه ده؟
انزلت نور نظراتها تطالع ملابسها و المكونة من قميص أزرق كتبت هي عليه بقلم التحديد " الفيصلي و بس " و من تحته " دق خشوم " يعلو بنطالا من الجينز الأزرق.. رفعت عيناها إليه تطالعه بتعجب و تجيبه بعجب أكبر:
- مش فاهمة ماله لبسي.. اليوم مباراة الفيصلي و الاهلي.. طبيعي اني بدي أحضر المباراة و اشجع فريق بلادي.
هب من مقعده هائجا يصيح باستنكار:
- نعم يا روح امك.. هاتشجعي مين.. غريم الأهلي؟ و فين؟في بيتي؟ أبدا مش هايحصل.. روحي خشي جوا يا نور غيري الهباب اللي لابساه خلي الليلة تعدي على خير.
تنفست نور بانتشاء و قد ارتفع لديها معيار التحدي.. تجاهلت حديثه لتذهب نحو المطبخ و هو يطالعها كأنه يريد اقتلاع رأسها.. "فكله إلا الأهلي ".. بقي على وقفته المتحفزة لبضع الوقت ليجدها تلج خارج المطبخ و هي تحمل بين يديها طبقا من الفشار و علبة من المياه الغازية.. فتجاوزته نحو الأريكة و هي تقول:
- ما في تشاركني.. روح اعمل لحالك.
نظر إليها كأنه ينظر لمجنونة فرت من مشفى المجانين.. هي تمتحن صبره و تدوس بقدمها على اللغم دون اكتراث.. شرع يأخذ أنفاسا و ينفثها بشكل متسارع يحاول تهدئة أعصابه.. التزم الصمت و هو يجاورها بالجلسة قائلا بلؤم:
- و ماله.. أهو تشوفي برضه فريق بلادك على قولتك و هو بيتكنس فيه ارض الاستاد.
جعدت انفها و هي تلتفت إليه ترد حديثه المغيظ:
- ايه شو عليه.. عالعموم أنا روحي رياضية.. و هلأ هانشوف مين اللي هايتكنس فيه أرض الاستاد.
حاول مد يده لصحن الفوشار لتضرب هي يده كطفل صغير و هي تحدجه بنظرات حانقة.. تأفف من الوضع قائلا:
- المفروض يا عاقلة انك متجوزة واحد مصري.. يبقي تشجعي النادي اللي جوزك بيشجعه.
ضحكت نور ملء فيها و هي تتحدث من بين ضحكاتها:
- بأمارة شو بالله.. و ليش انت ما تشجع فريق بلد مرتك.. ليش التبعية دايما تكون من المرأة لزوجها؟!!
- أهو كده و خلاص.
أشاحت بيدها تقول:
- إيه لاء ما حزرت.
ثم التمعت عيناها بدهاء لتنقض بغتة على ذراعه و هي تقول:
- طب ما دامك واثق كتير بفوز فريقك ليش ما نعمل شرط صغير؟
قطب حاجبيه يرد كلمتها:
- شرط؟
أومأت و هي تسترسل:
- اممم.. شرط.. يعني اللي فريقه بيخسر عليه يحضر العشا و طبعا العشا حسب طلب الرابح.
حرك سراج السيجارة بيده بعد أن أشعلها و هو يفكر بعرضها.. هو واثق كل الثقة أن فريقه سيفوز فلما القلق.. ليبتسم بزاوية فمه يؤكد لها:
- و ماله.. أنا أصلا ما تقلتش عالغدا و حاسس نفسي هافاني على المحشي و جنبهم كام جوز حمام.
اصفر وجه نور و هي تستمع لطلباته في حال فاز فريقه.. كادت أن تتراجع.. لكنها ستبدو كالبلهاء التي لا ميثاق لكلمتها.. تنهدت و هي تهز رأسها باتفاق ليجلس الاثنان بتوتر ينتظران بدء المباراة.
جاهد كي ينغمس في أحداث المباراة.. جاهد و لم يفلح.. عيناه تحيد كل حين إليها.. تتقافز و تهتف.. تهلل و تشهق.. تضربه على كتفه بقبضتها الصغيرة غيظا.. مبسمها الزاهي.. عيناها اللامعتان.. حركاتها الطفولية المغيظة و المغتاظة.. مع كل هذا كيف له حتى ان يتذكر أين هو.. ليس ماذا يفعل!! انطلقت صافرة الحكم ليعود بأنظاره الى الشاشة.. توسعت عيناه بصدمة... كيف؟ و متى؟ ما هذا الهراء!!
اصطكت ضروسه و توتر جفنه كأنه سيصاب بسكتة دماغية.. التفت إليها ليجدها تتراقص بأمجاد فريقها.. نهض ببطء يدب الرعب في القلب.. بطء لا ينبئ بخير البتة.. و هي ما أن رأته يحدق بها لا ينتوي خيرا.. رفعت يديها استسلاماً.. لكنه لم يأبه لرايتها البيضاء.. وصل قبالتها لينقض بقبضته على مقدمة قميصها يجذبها منه.. فأضحت بين يديه كالعصفور المبتل تنتفض بهلع.. أطبق أسنانه يتحدث بفحيح من بينهما:
- انتي قولتي إيه.. الأهلي ماله يا روح امك؟!!
تصنعت الضحك المتوتر تجيبه بعينان تنضحان براءة:
- بقول انهم احسن ناس.. و اللي صار كبوة فرس.. و الخير بالجايات.
رفع حاجبا ساخرا من جبنها.. فأطلق سراح قميصها لتعدله هي و تبتعد بضع خطوات لتعود إليها الشجاعة و كطفلة صغيرة ناطحته:
- ايه لا تصدق.. الأقوال المأخوذة تحت التهديد مو محسوبة.. و انا قلت أهلي مين و الناس نايمين!! ماخدين فيهم مقلب وحياتك.. بس يالله معلش تعيشوا و تاكلوا غيرها.
تحرك بخطوات واسعة نحوها لتشهق برعب و تركض بالاتجاه المغاير له.. حبست نفسها بغرفة النوم و تصاعد صوت مغناها بأغنية النادي الفيصلي.. بينما سراج كانت قد جاشت مراجله غضبا.. ركل الباب المغلق بقدمه ليبتعد بعدها و يستل لفافة تبغ كي ينفث دخانها علَ غضبه يتطاير مع دخانها.
مضت قرابة الساعة و هو جالس بمكانه و حتى اللحظة لا يستطيع ابتلاع طعم مرارة الخسارة.. سمع صوت تكة مفتاح الحجرة و من ثم فتح الباب.. خطواتها الخافتة كانت تقترب منه.. و إصبعها الناعم ينقر كتفه.. أعطاها نصف التفاتة لا مبالية و نوعا ما حانقة.. ابتسمت بتصنع تقول بتقرير:
- مش كانه في شرط و لازم يتنفذ.. مش شايفة شي عم ينطبخ بالمطبخ!!
و كأن هذا ما ينقصه.. ابتسم ساخرا بزاوية فمه قبل ان يزيحها بيده قائلا:
- روحي يا ماما.. روحي الله يهديكي بلاش أطلعه عليكي.
دبت بقدمها الأرض تعترض:
- ما بيصير.. انت وعدت.. و الوعد دين و الرجال بينمسكوا من لسانهم و اللي بيبيع كلمته ما..
- بس خلااااص.
هدر بها كي تتوقف عن سيل الشعارات التي تنطلق من لسانها.. نفخ أنفاساً حرَى من الحمم الملتهبة التي تقبع الان بجوفه.. أو يشعر بها كذلك.. وقف على قدميه يواجهها بشفتين ملتويتين بغير رضا يجيب و يسأل:
- ماشي يا نور.. أمري لله.. و الجايات اكتر.. اتفضلي قولي عايزة تاكلي ايه و انا اوصيلك دلوقت من أجدعها مطعم.
رفعت حاجبيها بالتوازي مع كتفيها بإشارة الرفض:
- لاء.. احنا اتفقنا اللي بيخسر فريقه هو بده يعمل الأكل.. فشمر عن ايديك و ورجينا همتك يا شيف و مريول المطبخ بيستناك.
تشنجت قسمات وجهه و برقت عيناه بالجحيم.. لكنها لم تبالي.. وجهت له نظرة تستهجن نظراته ليضرب الكف بالكف و هو يخطو نحو المطبخ ينفذ الشرط.
في المطبخ جال المكان بعينيه كأنه يتعرف عليه للمرة الأولى.. فرك عيناه بالسبابة و الابهام يرتجي الصبر على مبتلاه.. أتاه صوتها متأمرا و هي تقف على عتبة الباب:
- بدي فاهيتا.. و بطاطا مقلية.. و جاي عبالي سيزر سالاد.. يا ريت ما تتأخر ما بحب أتعشى و أنام دغري.
أملت طلباتها و من بعدها غادرت بخطوات مغرورة نحو الصالة تلتقط هاتفها تحادث صديقتها على برنامج مراسلات يهنئن بعضهما على الفوز.. بينما سراج.. بقي على وضعه الواجم الغير مصدق:
- بقى على آخر الزمن.. سراج حرب يطبخ و يخدِم على حتة مفعوصة.. لاء و بتتأمر عليا كمان.. ايييه زمن اغبر.
جلست تقضم أظافرها بتوتر.. تقفز فزعا لدى كل صوت ارتطام آنية بأخرى.. تحرك قدمها بعصبية فهي تخشى ثورة محتومة واجبة.. أغمضت عينيها تعتصرهما و هي تستمع لسبابه الحانق.. مضت قرابة الساعتان الآن و حتى اللحظة لم يخرج يطلب مساعدتها أو يعلن استسلامه أو لربما عدم اكتراثه بها و بشرطها.. فراشة مبتهجة تتلاعب بداخل قلبها لأنه يحاول من أجلها.. يكافح و يصبر في عمل لم يعهده من قبل كي يرضيها.. بالنسبة لها إن دلَ هذا الامر على شيء فهو يدل اهتمامه بها و مغالاته في تلبية رغباتها.. سرحت بأفكارها لدقائق عدة حتى انتبهت على صوته الهادر القادم من المطبخ:
- اتفضلي يا ست الحسن الأكل جاهز.
كبتت ضحكة ترجو التحرر.. و شدت قامتها لتسير بخيلاء للمطبخ.. ابتسمت بانبهار للمائدة التي أعدها.. كان قد قام بإعداد كامل الأصناف التي طلبتها.. ودت لو تحتضنه و تقبله.. لكنها تنحنحت تشكره:
- واو.. عن جد ميرسي.. ما توقعتك عن جد تعمل كل الأصناف اللي طلبتها.
قابل عبارتها بوجه جامد و هو يتخذ مقعدا على طاولة المطبخ.. سكب لنفسه و شرع بالأكل متجاهلا نور الواقفة تطالعه بحاجبين مرفوعين.. تغاضت عن قلة لباقته إذ يكفيها ما صنعه من أجلها.. و جلست بمقابله ثم وضعت القليل من الفاهيتا بصحنها.. ازاحت البصل و باقي الخضروات من صحنها ليجعر بها بصوته المتعصب:
- ايه اللي بتعمليه ده.. بتشيلي الخضار ليه؟!!
مطت شفتها السفلية قبل أن تجيبه بوداعة:
- ما بحبه.
هوى بكفه على الطاولة بضربة هزتها يصيح بها مستنكرا:
- و ما دامك ما بتحبيش الخضار يا هانم طلبتي فاهيتا ليه و الا عشان عايزاني أقطع بصل و اتعمي و انا بدمع.
ضحكة مبتورة هي أول ما خرجت من فاهها.. حمدت الله أنها بترتها قبل أن ينقض عليها و يقتلها.. أجلت حنجرتها تقول:
- لا و الله مو هيك بس بحب الطعمة اللي الخضروات بتضيفها للدجاج.
ارتقى بجذعه قليلا للأعلى و مد يده يعيد الخضار لطبقها.. ليأمرها بلهجة لا تقبل العبث:
- هاتاكلي الخضار يا نور.. و حسك عينك ألاقي فتفوتة على الصحن.. كله يتاكل.
تنفست بوتيرة سريعة و هي تنظر للطعام بتمنع.. رفعت نظرها اليه لتجده يضيق عين و الاخرى مفتوحة على وسعها.. تاففت قبل أن تقول مهادنة:
- طب باكل الخضار بس بلاش البصل.
ضرب بنهاية السكين على الطاولة قائلا ينهي النقاش:
- كله يا نور.
حدجته بنظرات مغتاظة قبل ان تنطق بهياج:
- فهمت خلص.. بعدين وين السيزار سالاد.. مو شايفة غير خيار و بندورة.. هاي مو سيزر.
فأجابها بنبرة لا مبالية مستفزة و هو يشرع باتمام تناول طعامه:
- احمدي ربنا على النعمة.. غيرك مش لاقي.
فغرت فاهها و هي تتصوره كأب يوبخ أحد أبنائه لتذمره من الطعام.. هزت رأسها بيأس قبل أن تتجاسر على نفسها و تحاول ابتلاع اللقمة تلو الاخرى.
انتهيا من الطعام لينهض سراج يضع طبقه في المجلى تتبعه نور.. توترت حدقتيها و هي تنتبه الآن للكم الهائل من الأواني التي بحاجة للغسيل.. شحب لون وجهها و التفتت إليه لتجده يطالعها بابتسامة شامتة.. أشار بسبابته للأواني المتسخة يقول:
- انتي قولتي اللي يخسر يطبخ بس ما جبتيش سيرة غسل المواعين.. معلش يا شاطرة غلطة الشاطر بألف.
ثم ربت على كتفها بغلظة قائلا:
- همتك يا حلوة.. عايزك ما تناميش الا لما كله يتنضف.. تصبحي على خير يا قمر.. و مبروك الفوز.
ليتركها برفقة ذهولها و غيظها و الكم الهائل من العمل الذي ينتظرها لتنهيه قبل أن تؤول للفراش.


noor elhuda likes this.

وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-19, 01:35 PM   #314

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

هههههههعع فصل روعة سلمت ايدك

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 07-12-19, 06:17 PM   #315

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل مذهل لديك حس فكاهي رائع استمتعت بقراءة الفصل يا جميله سلمت يداك 🌼🌼

نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-19, 07:39 PM   #316

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضور بانتظار الفصل 🌼🌼

نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-19, 08:38 PM   #317

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
هههههههعع فصل روعة سلمت ايدك
حبيبتي تسلميلي يا غالية ربي يسعدك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-19, 08:39 PM   #318

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور علي عبد مشاهدة المشاركة
فصل مذهل لديك حس فكاهي رائع استمتعت بقراءة الفصل يا جميله سلمت يداك 🌼🌼
الله يعزك يا قلبي سعيدة انه نال اعجابك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-19, 08:41 PM   #319

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع والعشرون

الفصل الرابع و العشرون:
- انتي شو بتحكي يا سمر.. معقول رقية اتطلقت.. حسبي الله و نعم الوكيل بس.. اااخ بس لو أطوله بين ايدي لامزعه تمزيع.
وصلتها تنهيدة سمر المشبعة بالهم الثقيل تبوح بما يكاد يطفق عن قدر احتمالها:
- و الله و لا انا مصدقة يا نور.. انا كنت عارفة انه مهملها و ما بيسألش عنها.. بس كنا نقول اكمنه دكتور و مشغول.. بس اللي انا حاساه انه في حاجة كبيرة حصلت بينه و بينها و هي مش راضية تقول.. و قلبي بيقولي انه رؤى تعرفها.. أصل وشها اليومين اللي قبل الطلاق كان مخطوف و مش على بعضها و دايما الدمعة واقفة على باب عينيها.
- لا حول و لا قوة الا بالله.. لا تكون هاي التانية عندها مشاكل مع خطيبها.
- لا لا يا نور.. خطيبها شايلها من على الارض شيل.. بعدين فرحهم كمان كام يوم.. الموضوع يخص رقية.
حكت نور جبينها و صداع مهلك يجتاح رأسها لتقول باستسلام:
- خلص يا سمر .. هلأ انتي ركزي بشغلك و ان شاء الله بشوف سراج يمكن ينزلني هاليومين على البلد.. المهم احكيلي صار معك شي؟؟
طفقت سمر تسرد لها الكثير من الأعمال الموكلة إليها.. تدريباتها العملية و الحسابية.. مكتبها الأنيق و زملائها الرائعين.. طوال الوقت كانت نور تستمع لها بابتسامة هانئة.. صدق حدسها عندما شكت في المرة السابقة ان سمر تخرج رويدا رويدا من بوتقة الحلم بعيد المنال و تكسر لعنة الحب التي حاصرتها طوال سنون مضت.. كانت بحاجة للتغيير.. لهدف ترتجيه و تسعى خلفه غير رجل لا يبادلها جميل المشاعر.. انتهت سمر من حديثها دون أن تاتي لذكر جمال.. هنأتها نور و شجعتها:
- برافو حبيبتي.. الله يسعدك و يقويكي يا رب.. انا كتير فخورة فيكي بفترة صغيرة عم تندمجي بسرعة و تثبتي حالك.
خرج صوت سمر مغموسا بالفرح تجيب:
- انا اللي لازم اشكرك يا نور .. انتي فتحتي عينيا على حاجات كانت غايبة عني.. ساعدتيني بعد ربنا انه حياتي يكون ليها طعم تاني.
- طيب احكيلي.. شفتيه شي؟
- ممم شفته مرة و طنشني.. عالعموم مش هاتفرق.. اصلا انا مش فاضياله.
- معلش حبيبتي.. الموضوع بده وقت.. بس سؤال يعني ليش حاسيتك فاترة بالنسبة للموضوع؟
تلكأت سمر قليلا قبل أن تجيب بنبرة حائرة:
- ممم مش حكاية فتور يا نور.. الحكاية انه بالاول هو كان كل حاجة.. كان واخد كل تفكيري.. و كنت بفكر انه لو ما كانش من نصيبي أنا هاضيع.. لكن دلوقتي في عوامل تانية دخلت المعادلة.. يعني بقى في شغلي.. ناس اعرفهم و يعرفوني و اتصاحب عليهم.. حياة جديدة و حتى بفكر اكمل ماجستير و الله.. لكن انا ما انكرش انه هو لسة موجود لكن وجوده مش بنفس القوة اللي كانت.. و لا بقى ليه نفس المساحة الأولانية.. يمكن كده احسن.
- مزبوط حبيبتي.. ان كان فيه خير الك.. الله يقدمه و ان كان شر الله يبعده.
- آمين يا رب.
أنهت نور المكالمة مع سمر لترمي برأسها للخلف ليستند إلى ظهر الأريكة.. أفكار كثيرة تأخذها و تجيء بها.. دوامات و دوائر..أطبقت بغتة على شفتيها بأسنانها من الداخل و هي تلعن الشيطان.. كانت قد نسيت تماما.. كيف لها أن تنسى!!! قد أصبح هناك سببا آخر للعودة باكرا.. تنهدت و هي تمني نفسها أن يوافق سراج على العودة المبكرة.. مدت يدها تلتقط كوب النسكافيه و أخذت تتصفح الاخبار على مواقع التواصل الاكترونية على هاتفها.. الكثير و الكثير من أخبار الوطن.. بعضها المحزن و بعضها المفرح.. كم اشتاقت لأحضان الوطن.. لجبال عمان و سهول الشمال.. لصحراء الجنوب و وديانها.. نقرت بأصابعها على الهاتف ليصدح صوت فيروز يغني وطنها:
أردن أرض العزم أغنية الظبى... نبت السيوف و حد سيفك ما نبا
في حجم بعض الورد إلا أنه ... لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا
فرضت على الدنيا البطولة مشتهى ... و عليك دينا لا يخان و مذهبا
في حجم بعض الورد إلا أنه ... لك شوكة ردت الى الشرق الصبا
وفدت تطالبني بشعر لدنة... سمراء لوحها الملام و ذوبا
من أي أهل انت؟ قالت من الأولى ... رفضوا و لم تغمد بكفهم الشبا
فعرفتها و عرفت نشأة أمتي.. ضربت على شرف فطابت مضربا
غنيتها كل الطيور لها ضحى.. و يكون ليل فالطيور إلى الخبا
إلاك أنت فلا صباح و لا مسا.. إلا و في يدك السلاح له نبا
شيم أقول نسيم أرز هزني.. و أشد كالدنيا إلى تلك الربى
إلى تلك الربى
سقطت على وجنتها اليمنى دمعة مشتاقة.. مشتاقة لربى الوطن.. وجدت الدمعة مستقرا فوق القلب.. كأنما تواسيه على لوعة الفراق.
سحبها من شرودها إلى الواقع رنين هاتفها.. تطلعت تتحقق هوية المتصل لتجدها سمر.. رفعت حاجبيها باستغراب فمنذ قليل حادثتها فماذا استجد.. لم تدع مجالا للتخمين لترد بلهفة:
- أيوة سمر شوفي؟؟ صار شي معك!!
بالكاد وصلها صوت سمر الهامس و هي تقول:
- اسمعي يا نور أنا ما بقتش قادرة استحمله خلاص.. انا هاقول لابويا يتعامل و اياه.. ده واحد ما عندوش دم.
- مين هاد بالزبط؟
- جمال يا نور يعني هايكون مين.
استغفرت نور بصوت خفيض قبل أن تطلب بحسم:
- سمر.. خدي مغادرة و تعالي عندي خليني افهم منك.. سراج بالشغل هلأ فبنقعد نحكي براحتنا.
لتمضي قرابة الساعة قبل أن يتشكل المشهد بنور و سمر تجلسان في غرفة الصالة ترتشفان العصير الطازج و سمر تتحدث بهياج و امتعاض:
- كنت واقفة مع المدير بتاعي و بنتكلم عادي و الا الاقيلك جمال طاب علينا بيزغدلنا بعينيه تقولي قفشنا بشقة مفروشة.. المهم بصلي كده بصة بصراحة أنا اترعبت و قالي بصوت خشن كده:
- الحقيني على المكتب يا سمر.. و ما لوش لزوم حوارات هايفة في الشغل.
نطقت العبارة و هي تخشن صوتها لتضيف بعدها:
- طبعا ما أقولكيش عن الإحراج اللي سببهولي و سببه للاستاز أشرف.. و أهو جمال دلوقت متلقح في مكتبه و انا لمن قلتيلي تعالي قلت أهي جت من عند ربنا.. جيتلك على طول و خلي جمال يفضل مستنيني كده.
ضحكت نور ملء شدقيها قبل أن تعلق بدهاء:
- شوفي يا حب.. انت هلأ بتروحي على البيت و انسي دوام اليوم.. و بكرا بس اتداومي في حال صادفتيه و حكالك ليش ما اجيتي احكيله صار معي ظرف و اضطريت اطلع.. غالبا هايقولك الحقيني على المكتب فانت شو بتعملي.. بتطنشيه شي ربع ساعة.. تلت ساعة و بعدين بتروحي على مكتبه عادي و لا كأنه في شي.. و إذا حكالك ليش تأخرتي.. و غالبا هايسأل فانتي بتجاوبيه.. سوري أصل الكلام في الشغل خدني مع استاز شريف.. فهمتي!! استفزيه يا سمر.. و اذا حكالك ما بيصير توقفي هيك معه بتحكيله ما بيخصك.. و بتفهميه انه اخوكي موجود و هو اللي وكل الاستاز شريف بتدريبك و احكيله انا متربية ببيت محترم زي ما انت عارف فبلاش التلميحات اللي ما الها داعي.
شعرت نور أن سمر قد شحب لونها خاصة و هي تقول بصوت بعيد عن التركيز:
- عايزاني أقول كل ده؟!
- و اكتر من هيك كمان.. خليكي قوية.. احكي الكلمتين و اسأليه شو بدك و بعدين بتطلعي من دون سلام.
هجم الخوف على قلب سمر.. بالرغم من قرارها بالتحرر من أي قيود لروحها إلا ان شجاعتها ما زالت حديثة النشأ.. لكن نور بقيت تحثها و تشد من أزرها لتظفر بحريتها.. الحرية من عشق كان محكوما عليه بالاعدام اختناقا.. لكن الان.. يبدو ان جلسة استئناف ستغير مجرى الأمر.. و لربما كان لذاك العشق الفرصة في التنفس بحرية خارج قضبان سجن الأماني.
مع حلول العصر كانت قد أعدت وجبة دسمة من المحاشي على الغداء .. محشي الكوسا و الباذنجان و طبعا ورق العنب.. كانت قد تذكرت حديثه بالأمس أنه في حال فاز النادي الأهلي فهو يريد طعام المحاشي كغنيمة يظفر بها تباعا للفوز.. كانت ساعات مرهقة مرت عليها و هي تعمل بجد في المطبخ.. مسحت عرق جبينها بظهر كفها قبل أن تطفئ نار الموقد تحت آخر آنية طهي.. تركت كل شيء مكانه و ذهبت لحجرة النوم و من ثم المرحاض فاستحمت و بدلت ثيابها لأخرى فاتنة.. صففت شعرها بتموجات أظهرت رونق و بهاء شعرها الليلكي الطويل و المنسدل على كامل ظهرها.. و خرجت بعدها للمطبخ من جديد لتضع الطعام على المائدة بتنسيق جميل.. ناظرت الساعة لتفطن أن الوقت يبكر عودة سراج بربع ساعة.. لتتحرك للخارج و تلتقط هاتفها لتقوم بالاتصال بعمها نزار تطمأن على أحواله.. مضت قرابة الثلث ساعة و هي تحادث نزار و بعد أن أنهت المكالمة تطلعت للساعة لتدرك أن سراج قد تأخر عن موعده.. ففطنت أنه لربما قد استجد أمرا في العمل استدعى تأخيره.. لتنوي و تقرر فترفع الهاتف من جديد تحادث رقية هذه المرة، حاولت سبر أغوارها.. التقصي و الحفر في عمق روحها لعلها تستشف السبب الخفي خلف الانفصال.. لكن دون جدوى.. فرقية كانت منيعة محصنة و قد بنت حول أفكارها سدا منيعا.. اكتفت بقولها " ليس بيننا نصيب " " نحن بعيدين بالتفكير " " هناك فجوة بيننا ".. و هكذا دواليك.. يأست نور بعد أن استنفذت كل أسلحتها لتعلن الاستسلام و الاقتناع المزيف و تنهي المكالمة مع رقية على وعد بلقاء قريب.
جلست و أفكارها ترمح بها كخيل دون لجام.. تأخذها لرقية و من ثم رؤى.. لسمر و رحمة.. جدها و جدتها.. عمها نزار و و .. كثر من تحبهم في حياتها و مع كثر الأحبة تكثر المعضلات التي تشملهم.. وصلت فرس أفكارها لأرض زوجها.. أرض واسعة بمساحة افكارها التي تخصه.. غريبة هي الحياة.. بالأمس أعداء و اليوم .. وقفت عند تلك الكلمة.. هل تقول أحباء؟ أم ماذا؟ ما الوصف المناسب.. هل هما متحابان؟ هل و هل.. سكن الفرس في أرض سراج و أحنى هامته مع صوت فتح قفل الباب الخارجي.. رفعت أنظارها إليه قبل ان تنهض و تقترب منه.. استقبلها بابتسامة مشتاقة لتقول بعينان تلمعان ببريق ماكر:
- الحمدلله على السلامة.. هلأ بالله عليك هاد بده ينحسب علي شهر عسل و زوجي نزل الدوام بعد كم يوم.. تلاقيهم بالشركة عندك بيحكوا شكلها مرته شنعة و ما صدق يهرب من خلقتها!!
ضحك سراج بصوت مرتفع و يديه تقترب و تحتضن خصرها يقربها منه.. لينطق أمام شفتيها:
- معاكي حق.. بس خليهم فاكرين كده أحسن ما يعرفوا الحقيقة.. إنه المدير اللي عامل فيها سبع الرجال مش عارف حتى يبل ريقه بحاجة من مراته و بيهرب من البيت عشان ما يتهورش و يعميها.
ضربت صدره بخفه و هي تقول:
- فعلا اللي بيدري بيدري و اللي ما بيدري بيقول كف عدس.. المهم.. روح غير أواعيك و تعال على المطبخ الغدا جاهز.
أهداها قبلة على الجبين قبل أن يسمح لها ان تنسل من بين ذراعيه و يذهب هو نحو حجرة النوم.
-----------------------------------------
في صباح اليوم التالي كان جمال يقف متحفزا في البهو المخصص للقسم الذي تعمل به سمر.. كان أول من خطت قدماه الشركة بعد موظفي الأمن.. يريد لقياها قبل ان تلج لداخل قسمها و تجالس ذلك البغيض.. أفكار و خيالات جمة أغارت على فكره.. أحدها أن يقتنص عنقها بين يديه يرجها منها كي تستيقظ من ميل أهوائها و تصرفاتها الغريبة عنها و عنه.. كيف لتلك الطفلة أن تتجاهله و ترمي بأمره للحاق به بعرض الحائط كأنه وباء تنأى بنفسها عنه.. لا يعلم متى و لما أصبحت بهذا الشكل.. لا يستسيغ هذا التحول في شخصيتها البتة.. لا هو كاذب.. هذا التحول كان مثيرا للدهشة في جل حواسه.. لم تعد تلك الطفلة التي دوما تتعلق بذيله.. لم تعد عيناها تبثه رجاء يعمله جيدا.. بل احتلت مقلتيها لمعة تبث الرهبة في أوصاله.. رهبة تحفزه أن يفعل أمورا لم تخطر له من قبل تجاهها هي بالذات.. قد تحولت سمر.. و كأن الشرنقة تفتحت و تفصدت عنها فراشة بهية الطلة ذات ألوان زاهية تسر الناظرين.. و تسر قلبه بالذات.. لكن تلك الألوان الزاهية باتت تجذب الجراد و الوضيع من الحشرات على حد رأيه.. عليه أن يضع حدا لهذه المهزلة فبالنهاية هي ابنة عمه و له الحق في توجيهها، تحفز جسده ما أن التقطتها عيناه تقبل نحوه.. لاحظ تصنمها للحظة ما أن حطت نظراتها عليه.. و من ثم أكملت طريقها بإباء كأنها تخبره أنه لا يعني شيئا البتة لكيانها.. تقابلت الأقدام و تجابهت العيون.. ليكز جمال على أسنانه و هو يحدثها بغلظة مقرعاً:
- أنا مش امبارح قولتلك تيجيني على المكتب.. ما جيتيش ورايا ليه.
لوت شفتيها بعدم اكتراث تجيبه بتلقائية تفتقد للرهبة التي ظنت أنها ستجتاحها مما أثار عجبها قبله:
- ما حصلش حاجة يا استاز جمال.. كان عندي ظرف طارىء و خرجت من الشركة و بعدها روحت البيت.
استعر الجحيم في عينيه و هو يومئ برأسه و لم تفطن هي أهو تفهما ام توعدا ليقول لها آمرا و هو يشير بسبابته:
- طب الحقيني نكمل كلامنا في المكتب.
أصدر فرمانه و غادر لتتابعه عيناها و دغدغة جميلة خفيفة تدغدغ قلبها.. لكنها قررت اتباع ما أفضت اليه جلستها مع نور لتلج إلى مكتبها تزجي بعض الوقت قبل مواجهتها معه.
طرقات تأخر موعدها على باب مكتبه ألحقها هو بإذن الدخول لمن في الباب.. تأملها و هي تخطو لداخل المكتب بخطواتها الواثقة.. بطلتها الحديثة العهد.. ثيابها الرسمية التي تضفي عليها رونقا جذابا.. عيناها الائي تلمتعان بقوة لم يظنها تمتلكها في السابق.. وقفت تواجهه ليبقى محدقا بها لبضع ثوان قبل أن يقول بصوت رخيم منزعج:
- انا مش قولتلك تلحقيني فورا! ليه كل التأخير ده؟
أجابت بكلمات اصطبغت بسمة العنفوان ترد حديثه:
- كنت بتكلم مع الاستاز أشرف في الشغل و خدنا الكلام شوية.
أومئ برأسه و هو يحك طرف ذقنه بالإبهام.. وقف ليلتف حول المكتب و يقف مقابلا لها يفصلهما نصف متر.. و قال بامتعاض جلي:
- يعني قاعدة تتكلمي مع الاستاز زفت و سايباني هنا استناكي و انتي و لا على بالك!!
رفعت أكتافها تجيب ببديهية:
- ما جاتش على نص ساعة يعني.. انت مكبر الموضوع كده ليه؟!
ضيق عينيه لتزداد حدة.. تعكس ما يجيش في صدره من ضيق.. رفع رأسه عاليا ياخذ نفسا عميقا قبل أن يعود لمواجهة عينيها قائلا:
- ماشي يا سمر.. و ايه موضوع الحوارات و الضحك و المرقعة مع رئيسك ده.. أظن هنا مكان شغل مش ستار باكس!! لازم تفهمي يا سمر إنه أي تصرف منك هنا بينعكس على اسم العيلة.
قال قوله بتقريع يظنه مستحق بحق صلة الدم.. فهو إبن عمها و يجوز له التدخل في ما لا يراه مناسبا من طرفها.. أما هي فرفعت حاجبيها باستهجان من المغزى الشائن لحديثه.. لتشيح بعينيها تجيبه بحدة:
- أظن إن أبويا و اخويا لسة موجودين يا جمال.. و بالذات أخويا اللي موجود هنا بالشركة يعني هو الأحق إنه يراجعني لو حصل إنه سمع أو شاف حاجة تضر بسمعة العيلة.
تخط الحدود بينهما.. تزرع في إدراكه انه ليس له الصلاحية لمحاسبتها.. تصنفه كما الغريب.. احتقنت عيناه بغيظ أحمر و اقترب منها قليلا لترتد هي بجسدها للخلف و ترسل له نظرات محذرة لتنزرع قدماه بالأرض دون حراك مؤثراً التريث قبل الإتيان بفعل يعود عليه باللوم.. لم تمهله فرصة التهدأة للنفس لتضيف بنفس وتيرة الحدة:
- و بعدين الاستاز أشرف انسان محترم.. و هو المسؤول عن تدريبي هنا.. فيها إيه يعني لما أكلمه و يكلمني.. و بالنسبة للضحك.. هو قالي حاجة تضحك فأنا ضحكت.. عادي يعني!
- عادي يعني؟!
قالها هو باستنكار لتجيبه هي بتأكيد:
- أيوة عادي.
مسح وجهه بكفه ليلتف من جديد عائدا إلى مقعده الوثير خلف المكتب فيجلس عليه و يقول :
- شوفي يا سمر.. أنا هاعتبر نفسي ما اسمعتش التخريف اللي قولتيه ده.. أنا ابن عمك و ليا الحق إني اتدخل في علاقاتك و تصرفاتك خاصة مع الجنس التاني.. و ده أول و آخر إنذار يا سمر.. إن اتكرر اللي شفته مبارح.. فالشركة دي مش هاتعتبيها تاني.
توسعت عينيها بغضب لم تسعى للجمه.. لوحت بيدها و قد استشاطت حنقا من تأمره عليها:
- و الله يا جمال ده شيء ما يخصكش.. أموري ما لكش دعوة بيها.. و موضوع وجودي هنا في الشركة من عدمه مش انت اللي اتقرره.. فبلاش تحط نفسك بموقف بايخ لما تروح لجدو و تقوله الكلام السخيف بتاعك ده.
أنهت حديثها و تجاهلت أن تعطيه المجال أن يرد عليها.. بل خطت بخطوات سريعة لخارج المكتب صافقة الباب خلفها بعنف.. ليبقى ذلك المبهوت من فورة الغضب التي عصفت به جالسا دون حراك.. منذ متى سمر تحادثه بتلك الطريقة!! سمر التي يعلم مشاعرها الراسخه له.. مشاعرها التي لم يبدي تجاهها أي اهتمام يوما.. هل تكون قد تخطته بعد قصته المبتورة مع نور!! لا يعلم لما نغزه قلبه لدى ذلك الخاطر.. لما لم يرق له فكرة أن تتخطاه ابنة عمه المتيمة.. كانت دوما أمرا مسلما به في حياته.. هي تحبه و هو يصدها بالتجاهل.. لكن الآن انقلبت الطاولة و أصبحت هي من تصده.. بل حتى أنها تتحداه أن يتجاوز معها!! غاص في أفكاره عميقا و هو يحاول فك الرموز.. تكاثرت الرموز المشفرة في حياته فبات كمن يقبع بوسط متاهة.. قرر نفض الأفكار عن رأسه حاليا ليعود و ينغمس من جديد في عمله على وعد لنفسه أن يحل الأمر مع سمر في حين لاحق.
-----------------------------------------
أما بما يخص الزوجان حديثا العهد بالمفهوم العام فقد مضى يومان و الاثنان في حالة شد و جذب.. مد و جزر.. و اليوم هما ينتهجان الطريق نحو الصعيد.. كان عصي الرأس و لم يقبل العودة بهذه السرعة.. لكن مع إصرارها اضطر أخيرا للرضوخ.. و ها هما الآن على أعتاب البلدة.. ألحت نور على سراج أن يقلها إلى بيت عائلتها أولا.. ليستسلم مرة أخرى لإلحاحها و يحول مسار السيارة نحو قصر التهامي بدلا من قصر حرب..
- هما ساعتين بالتمام يا نور و هاجي آخدك.. مش عايز تلاكيك.
تجعد جبينها لأمره الغير منطقي بالنسبة لها لتجادل:
- كيف بس ساعتين.. شو بدي اعمل بهالساعتين هدول.. بليز سراج تعال خدني بالليل و اذا مشغول بخلي حدا من خوالي أو محمد يروحني.
حدجها بنظرة نارية و هو يصدر حكمه النهائي:
- ساعتين يا نور.. و مش دقيقة زيادة.. بعدين هاتبقي ترجعي.
نفخت نور بغيظ قبل أن تدرك أن السيارة أصبحت امام بوابة القصر.. فتح الحارس البوابة لتلج سيارة سراج للداخل و يركنها على الطريق المعبد و المؤدي للبوابة الداخلية.. ألقت السلام سريعا و هي تهم بالخروج من السيارة ليقبض فجأة على رسغها بقوة يعيدها إلى مقعدها.. التفتت إليه تطالعه بغرابة لتجده يحدق بنقطة بعينها.. التفتت لمرمى نظره لتجد سيارة جمال.. لعنت حظها النحس لهذه المصادفة.. أرادت الحديث لكنه كان قد شغل محرك السيارة ينتوي المغادرة.. قبضت على كفه القابضة على رسغها ترتجيه:
- بالله عليك سراج.. أمنتك بالله تخليني أنزل.. انت مو واثق فيي؟!!
تجهم وجهه و احتد سعير الجحيم في عينيه و هو يصرخ بها:
- انتي مجنونة !! انا اكيد واثق فيكي لكن ما عنديش ثقة بابن خالك.. انتي ناسية عمايله؟!
- مو ناسية.. و الله مو ناسية بس بليز ما تحطلي هالموضوع عائق بيني و بين اهلي.. بدك تحاول تتحمل وجوده.. بالله عليك يا سراج أنا مشتاقة لأهلي.
أخذ ينفث أنفاسا من لهب و قبضتيه تشتدان على المقود.. كاد أن يفضي برفضه و أن لها أن تعود لاحقا لكن استوقفته حركة جمال الذي خرج من خلال بوابة القصر الداخلية بخطوات هائجة دون حتى أن ينتبه لهما.. استقل جمال سيارته و التف بها ليغادر القصر و ما ان وصل بمحاذاة سيارة سراج ألقى بنظرة سريعة حانقة خص سراج بها ليبادله الآخر إياها بأخرى أشد حنقا.. تنفست نور الصعداء بعد أن غادر جمال.. لتقترب تطبع قبلة على وجنة سراج و تخرج من السيارة مهرولة نحو القصر.
استقبلتها جدتها بالأحضان.. و قادتها نحو الصالة حيث يقبع جدها.. لثمت رأسه و جلست بجواره.. و سألها عن زوجها فتعللت بأعمال تنتظره.. التفت ذراع الجد حول كتفيها يقربها منه طالبا:
- إيه رأيك نلعب انا و انتي دور شطرنج.. العيال اللي عندي كلهم أغبيا ما بيعرفوش يلعبوها زينا.
كركرت نور ببهجة قبل أن تنهض و تركض نحو حجرة جدها تجلب رقعة الشطرنج.. لتمضي قرابة الساعة برفقة جديها.. ساعة فصلتها عن كل شيء و أي شيء.. انتهت اللعبة بخسارة نور لمرتين متتاليتين.. لتقول و هي ترفع حاجبا واحدا:
- انا مش فاهمة.. المرة الماضية لما لعبنا أنا غلبتك بسهولة.. شكلك خليتني أغلبك هداك اليوم صح؟!
قهقه الحاج عبدالعزيز و هو يلكزها في كتفها بأحد جنودها الأسرى لديه قائلا:
- كانت أول مرة ليكي معايا.. ما حبيتش اكسر بخاطرك.
ترقرقت الدموع في عينيها لترنو منه و تحتضنه داعية:
- ربنا ما يحرمني منك يا غالي.
- و لا منك يا روح جدك.
دخلت عليهم رحمة مهللة مرحبة:
- نووور.. حبيبتي وحشتيني قوي.. الحمدلله انك جيتي عشان تساعديني.. انا ملبوخة قوي في تجهيز الفرح.
افترقت نور عن جديها و هي تأخذ بيد رحمة لتصعدا سوية للاعلى.. و في حجرة النوم الخاصة برحمة ساعدت نور ابنة خالتها في انتقاء ثوب الزفاف من موقع الكتروني يخص أحد معارض الأزياء الراقية في القاهرة.. أخذ منهما الأمر قرابة النصف ساعة لتتوتر نور و تعتذر من رحمة واعدة اياها بالعودة و مساعدتها في كل ما تبتغيه في القريب العاجل.. هرولت نحو حجرة رقية و دقات الساعة تلاحقها فلم يتبقى لموعد رحيلها سوى نصف ساعة.. طرقت الباب و دخلت دون استئذان.. لتجدها مرتمية فوق سريرها و أنظارها مثبتة على السقف بشرود سقيم.. اقتربت منها تطالعها من علي.. و جلست بجوار جسدها المتخاذل تتأملها بحرقة.. مسحت على شعرها و هي تتنهد..
- بتعرفي شي.. أنا دايما بآمن إنه الخير ممكن يكون بطيات الشر.. سبحان الله ممكن ربنا يبتلينا ليمتحن صبرنا و يحثنا إننا نقرب منه أكثر.. حتى لو ما كنا مقصرين بنظر أنفسنا.. و اكبر مثال عندك أنا.. و لا مرة اتخيلت إني أكون مرتاحة بزواجي من سراج.. خاصة مع طبيعة الظروف اللي جمعت بينا.. بس صدقيني لما أحكيلك إني متفاجأة منه و متفاجأة من حالي أكتر.. سبحان الله كيف بيصرف أقدارنا.. كنت مفكريته شر و طلع عوض.
لم تجد أي رد من رقية و لو حتى حركة جفن.. تسطحت بجانبها تردف:
- رقية حبيبتي اللي صار معك امتحان من ربنا.. و ربنا بده يشوف قوة تحملك و صبرك على هالامتحان.. ولي وجهك لربنا و ادعي الله يعوضك خير.
التفتت رقية ليلتقي البصران.. تجمعت الدموع في مقلتيها لتتدافع ساقطة من جفنيها.. كل دمعة تحكي حرفا من وجع.. من قهر و من غدر.. اشتد أوار نيران الحزن في قلب نور على رقية ظانة أنها تبكي حباً ضائعاً و محباً باع الحب.. فأخذتها بين أحضانها تهدهدها حتى تسرب الخدر لجسد رقية لتسقط في نوم رحيم.
أتت ساعة الرحيل.. و بخطوات متئدة خطت نحو بهو القصر.. ودعت جدها و رافقتها جدتها نحو الباب.. استوقفت نور جدتها تسألها:
- أنا شفت جمال طالع من هون معصب؟ شو قصته؟
ظهر الامتعاض على وجه الجدة لتجيب بنبرة ترغي و تزبد:
- الولد ديه مش رايد يريح نفسه.. جايلنا من مصر عشان قال إيه.. مش عايز سمر تشتغل في الشركة بين الرجالة.. و قعد يقطم في جده كيف خلاها تعمل اكده.. بس جدك ما سكتلوش.. اداه اللي فيه النصيب و فهمه انه مالوش كلام على سمر.. و سمر متربية زين كيف باقي بناتنا و ما ينخافش عليهم.. طبعا ما عاجبوش الكلام فخد نفسه و مشي.
أطرقت نور رأسها لبرهة تفكر بمعطيات الأمر.. فردة فعل جمال أتت سريعة و عنيفة نوعا ما.. ظنت أن الأمر سيحتاج لكثير من الوقت.. كما القدر الممتلئ بالماء فوق نار هادئة.. لتتيقن الآن أن الماء الذي في القدر هو ساخن من الأساس فلم يحتج لكثير من التسخين.. ابتسمت بداخلها و هي تفكر أن طعم الغيرة لاذع.. فهنيئا له و ليستمرئ به فسمر قد نالت نصيبها منه و ما يناف.
وجدته ينتظرها في السيارة و هو ينفث سحب رمادية من لفافة تبغه.. اتخذت مقعدها بجواره ليهم بتحريك السيارة مغادرا محيط القصر دون حتى أن يرد سلامها الذي ألقته.. هزت رأسها للجانبين بقنوط فالرجال غالبا ما يكونون كما الأطفال.. خاصة في ردات فعلهم.. أو لربما كما أفصحت صديقتها يوما.. أن الرجال يعانون من أعراض الزائرة الشهرية دون أن تأتيهم بحق.. هم فقط يتلبسون أعراضها.. فإن كان كذلك فلا عتب !!
طرقت على باب المعتكفة دوما في قوقعتها المنغلقة تستأذن الدخول.. وصلها صوت تكة قفل الباب الذي تصر على إقفاله دوما مما يثير حفيظتها.. ألقت السلام و ولجت إلى الداخل تلحقها خطوات الهادئة:
- تعالي حبيبتي روح.. بتعرفي اني اشتقتلك كتير بهاليومين.
ابتسمت روح بلطف و هي تجاورها على السرير تقول بنبرة خافتة:
- ربنا يخليكي يا نور.
لم تعلم ما المدخل الصحيح للخوض بدواخلها.. أمر هذه الفتاة غامض و مقلق.. و هي كعادتها تعشق تروية فضولها و مد يد العون.. خاصة و أنها قد التقطت عبارة عفوية خرجت من فم عمة روح و سراج في يوم سابق.. كانت عبارة تحمل الكثير من علامات الاستفهام و التعجب.. عبارة ملخصها الأم.. الأم هي الوجع في هذا المقام.. الأم هي الجرح المتقرح و الذي تم إهماله ليعثب القيح منه فيتسلسل لجوف الجسد.. حيث الروح ذات الشروخ.. فيعود و يتسلل عبر تلك الشروخ فلا يبقي من جميل و لا يذر.. صمتت قليلا تفكر في المدخل.. حتى التمعت الفكرة بذهنها.. فلتشركها بمشكلة ليست لها:
- بصراحة أنا كتير مخنوقة و مو عارفة مع مين أحكي.. حكيت آجي احكيلك يمكن تهوني علي.
قطبت روح بوجل تسأل:
- هو سراج مزعلك في حاجة.. معلش يا نور أنا عارفة انه عصبي بس هو و الله قلبه حنين و ..
قطعت نور استرسالها بأن رفعت يدها.. و قالت بعد أن صمتت الروح الكسيرة بجانبها:
- لا حبيبتي فكرك راح لبعيد.. أنا كان قصدي عن بنت خالي رقية.. حالها مو عاجبني.. ما بعرف اذا وصلك الخبر بس خطيبها طلقها.. من الأول أصلا انا حسيته بيتلكك و كان يضل يحكي احنا مو فاهمين على بعض.. ما في اشياء مشتركة.. و حكي خرابيط زي وجهه.. بتعرفي أهملها بطريقة جد بتوجع و هي كانت متحملة و صابرة.. آآآخ و هيه اللي ما بيخاف الله طلقها.. شو ذنبها البنت بس!! بتعرفي قطعتلي قلبي.. بتضل تحكي لو أمها موجودة ما كان صار فيها هيك.. مع انه كله قدر ربنا.
ارتسمت ابتسامة ساخرة على ثغر روح.. عيناها سافرت لغير زمان.. و نفس المكان.. ابتلت أهدابها بدمع رقيق و هي تقول بصوت يخرج من روحها:
- مش ضروري يا نور.. مش ضروري الأم تكون هي المنجدة دايما.. مش ضروري تكون هي الحضن اللي بيهدهد مخاوفنا.. اللي بيحمينا من الأذى.. عادي.. ممكن يكون الحضن ده كله شوك.. أصلها مش قاعدة نمشي عليها.. المهم هي تحتسب اللي حصل ليها عند ربنا.
- و انتي حضن أمك كان دافي و الا كله شوك؟!
أجفلت روح لسؤال نور الذي أتى كما المشرط الذي فتح الجرح القديم.. الجرح المتقيح.. النزف الأزلي.. هربت بعينيها لا تعلم جوابا.. هل تفضي أم تبقى على حديث النفس للنفس لا غير.. ارتجفت شفتها السفلى لتقبض عليها بأسنانها فتقول و عيناها ما زالتا في مهرب:
- أمي.. أمي ما كانتش زي باقي الأمهات يا نور.. زمان كانوا يبرروا اللي بتعمله إنها ما خرجتش من صدمة موت أبويا.. كانت بتاخد مهدئات و أدوية نفسية.. قالوا إنها ما كانتش بوعيها.. ما كانتش بوعيها لما كانت تضربني.. ما كانتش بوعيها لما كانت تحبسني بالحمام عالضلمة.. ما كانتش بوعيها لما كانت تناديني بألفاظ وحشة.. حتى سراج ما سلمش منها.. بس هو كان يقدر يهرب.. كان دايما مع عمي في الأرض.. في مصر.. كان دايما بعيد.. ما قربش إلا لما ماتت.. كان بيسمع اللي كان بيحصل معايا بس .. اللي بيسمع غير اللي بيشوف.. و اللي بيشوف غير اللي بيعيش الوجع.. مع إني كنت مريضة و قلبي ما يستحملش.. بس ده برضه ما شفعليش.. يالله أهي أيام و راحت لحالها.
و صمتت لتصمت الأخرى.. فلا حديث يرتجى بعد الذي قيل.. لا حديث ينظف الجرح و لا قول يبعث النور في ظلمة الروح التي اعتادت عتمتها.. فمن يعد ضربات السياط ليس كمن يتلقاها.. لم تجرؤ نور على رفع عينيها للطير الجريح بجانبها.. هل تربت.. هل تحتضن.. هل تبكي ألمها.. هل سيخرجها هذا من غياهب الوادي السحيق الذي استقرت به منذ زمن بعيد؟!! بالنهاية وجدت يدها مستقرها فوق يد الاخرى.. تشد عليها بمؤازرة واهنة هي كل ما تمتلك.. اجتاحها عذل و ألم.. عذل من سراج لبعده عن اخته في أشد الأوقات حلكة و ألماً على ما عاناه هو الآخر.. إلى أين اللجوء؟! تجاسرت و رفعت رأسها فبصرها.. ابتسمت باهتزاز تنطق:
- بتعرفي.. دايما بسمع العشم بغير الله مضاع.. الواحد ما يتعشم بحدا حتى لو أهله.. العشم كله بالله.. ارمي حمولك عليه.. لكن الله كمان حكالنا ناخد بالاسباب.
توترت قليلا لا تعلم كيف ستلفظ المقترح القاسي لربما:
- و بحالتك.. يمكن الأفضل انك تشوفي طبيب نفسي.. يعني اللي مريتي فيه عمل تشوه بداخلك حبيبتي.. و لازمك علاج.. لازم تحكي و ينحط كل شي بنصابه الصحيح.. لازم تجابهي و تواجهي.. تصارعي الألم و تدعسي على الجرح حتى لو صرختي من الوجع.. بس عشان ترتاحي.. انتي هلأ لساتك بنقطة زمنية وحدة ما طلعتي منها.. انتي لساتك هناك.. لساتك هديك الطفلة المرعوبة بالضلمة.. انتي ما طلعتي منها.. لازم تطلعي.. لازم تريحيها و ترتاحي.
كل كلمة كانت تدخل لمسمعها لتتغلغل بداخل ثنايا روحها.. فعلا هي ما زالت هناك.. لم تخرج من أجمة الظلام بعد.. فركت كفها بالأخرى و أفكارها تثور و تتخبط.. تخاف و تتراجع.. تتأمل و ترى بصيصاً من نور.. بصيص يأتي من ثقب ضيق كسم الخياط.. لكنه ضياء.. لربما سيبدد ظلمتها يوما ما.. قريب كان أم بعيد.. المغزى بالنهاية، انتبهت لعبارة نور التالية:
- بتحبي أحكي مع سراج بالموضوع؟
شردت و تخاذلاً اعتادته و اعتادها يحيط بها:
- معلش يا نور.. خليني أفكر بالموضوع ده.. مش سهل و الله.
ربتت نور على كتفها تؤكد لها أنها موجودة ما أن أرادت العون.. أو حتى البوح بالمزيد.. لتشكرها روح ممتنة و تخرج من بعدها نور مخلفة خلفها ذكريات سوداء تطوف بصاحبتها تأبى الانفكاك عنها.
دخلت إلى حجرة النوم لتجده يغط في سبات عميق.. وضعت نفسها بالسرير و تدثرت باللحاف.. كلمات روح ما تفتأ تنغز قلبها و ذهنها.. اهتزت حدقيتها و هي تحولهما أولا لسراج و من ثم للباب كأنما تريد لبصرها اختراقه ليعبر نحو تلك التي تعاني ألما بسنين العمر.. يعز عليها أن تجدهما بهذا الحال.. يعز عليها أن يكونا قد مرا بتلك المآسي.. مبتدأها اليتم جورا و قهرا و من ثم المعاناة مع أم عليلة غير سوية.. رفعت نظرها للأعلى تستجدي الرحيم بدعائها:
- يا رب رحمتك.


noor elhuda likes this.

وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-19, 11:02 PM   #320

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

سلمت يداك يا جميله 🌼🌼
جمال عرفت سمر كيف تلاعبه على الشناكل يستاهل ولانه كان عارف انها تحت امره لو فكر فيها كخيار متاح ولكن ان تتمرد هذا الذي لا يريده وبعد ضياع نور لن يسمح بضياع سمر
رقيه حتطلع من الازمه لانها تملك قوة كبيره والله يعوضها بالافضل
روح جروحه من الي المفروض تكون بلسم جروحها
نور لا زالت كنحله تدول حولها تجمع الرحيق لتخرجه عسل صافي

موفقين


نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:03 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.