آخر 10 مشاركات
أسيـ الغرام ـاد -ج2 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائــد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          قلبي فداك (14) للكاتبة: Maggie Cox *كاملة+روبط* (الكاتـب : monaaa - )           »          راسين في الحلال .. كوميديا رومانسية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          وشمتِ اسمكِ بين أنفاسي (1) سلسلة قلوب موشومة (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          96 - لحظات الجمر - مارجري هيلتون - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1161Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-11-19, 01:15 PM   #381

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2


بأنفاس هائجة في طريقها للانتظام قََبّل الشيمي جفنيها المرتخيين بعد أن انتهت رحلة وصال بينهما ركضا فيها وقفزا بشقاوة الأطفال وصولا لقمة الجبل الذي استسلمت هي فوقه ليده وهو يقفز بها من ذلك العلو الشاهق.. لتستقر أخيرا غارقة في نبع من وريقات ورد ملونة ناعمة عطرة الضّوع ..فدفن وجهه في عنقها يدغدغه بشفتيه ..
الأرض المهجورة..
العطشى..
ارتوت بين ذراعي صاحبها.
الأرض المهجورة ..
ودعت قحولتها أخيرا واكتست بالأخضر.
همس الشيمي وهو يجفف بشفتيه دموع فرت من جانبي عينيها " يا رفيدة أخبريني بالله عليك ماذا فعلت بالشيمي ؟"
فتحت عينيها تقاوم ذلك الحياء الذي لا يزال يسيطر عليها وتطلعت في وجهه القريب جدا منها تتحسس ملامحه الخشنة بأصابعها هامسة " إن عرفت أنت ماذا فعلت برفيدة ساعتها سأعرف ماذا فعلت أنا بك"
طبع قبلة على شفتيها وقال "ألست الأستاذة؟"
اتسعت ابتسامتها وغمغمت وهي تتحسس عنقه " هناك أمور لا تخضع للشهادات.. ولا ندرسها في الكتب يا حبيب الأستاذة ..وإنما تحيكها الأقدار"
لف ذراعيه حول جذعها العاري يدفن رأسه في كتفها مغمغما "وما أحلى هدايا الاقدار"
فشددت رفيدة من ذراعيها حول عنقه تتحسس عضلات ظهره بإعجاب.
حررها بعد قليل واستلقى بجانبها يستند بمرفقه على الوسادة يسألها " ما رأيك يا زوجة ميمي الشيمي حمودة أن نخرج اليوم"
سألته بفضول "إلى أين سنذهب؟"
حرك مقلتيه الصغيرتين مفكرا ثم قال" نتناول الطعام في الخارج في احدى المطاعم العائمة مثلا أو نذهب في رحلة بمركب في النهر"
اتسعت ابتسامتها تجيب "موافقة يا زوج رفيدة عبد السلام .. لكن إياك أن تخبر عمتي بأن طعام الصباحية الذي أرسلته منذ قليل لن يؤكل اليوم.. ولا تخبرها أيضا بأني قد خرجت من البيت لأنها شددت على عدم خروجي من البيت قبل اسبوع .."
اتسعت ابتسامة الشيمي بينما ارهفت رفيدة السمع تقول "اسمع صوت هاتف يلح في الاتصال منذ مدة"
عقد حاجبيه يحاول التذكر أين وضع هاتفه ثم اعتدل يرتدي بنطاله وهو يقول "أعتقد أني نسيته في المطبخ"
بعد دقائق كان يتصل بزغلول قائلا بغيظ "يا بارد يا سمج ما هو الشيء الملح لكل هذه الاتصالات الآن "
لم يجاريه زغلول في مزاحه بل قال بصوت جاد" اسمع .. ترددت كثيرا إن كنت أخبرك أم لا .. لكني أعتقد بأنك ستضربني إن لم أخبرك"
طارت الملامح الرائقة من على وجه الشيمي ليقول بجدية "ماذا هناك"
قال زغلول "كارمن هانم مفقودة منذ ليلة أمس"
لاح الخطر على وجه الشيمي وقال باستنكار "ما معنى مفقودة؟!!"
فسر زغلول بسرعة " لا أعرف سوى أن فارس بك عاد للفيلا فجر اليوم ولم يجدها وفحصنا الكاميرات فوجدناها قد استقلت سيارة أجرة .. حتى والدها لا يعرف عنها شيء"
تحفزت أعصاب الشيمي وقال "اغلق يا زغلول أنا آت حالا (وأبعد الهاتف عن أذنه ليرى مكالمة أخرى تنتظره ثم قال بسرعة ) فارس بك على الخط اذهب الآن"
فتح الشيمي المكالمة الأخرى يقول بلهجة جادة" فارس بك"
قال فارس بعد أن استسلم أخيرا لإلحاح وخطورة الموقف شاعرا بأنه بذراع مبتور بدون رَجُله "شيمي أنا بحاجة إليك بشكل عاجل"
××××
قال يونس لفريدة وهو ينتحي جانبا في جناح الشركة في المعرض" إهدئي يا فريدة .. أنا أتوقع بأنها فقط غاضبة من فارس وترغب في عقابه ولن يطول اختفائها"
قالت بلهجة باكية" يا يونس والدها لا يعرف بمكانها"
قال يونس بهدوء" ما فهمته من فارس أن هذا الرجل لم يتحرك من شقته وهذا يثير الشك أظن أنهما متفقان على إرعاب فارس"
قالت فريدة بقلق " وهل سنثق في هذا الظن يا يونس .. أنا مندهشة كيف من الممكن أن تتخذ قرارا غريبا كهذا"
غمغم يونس وهو يتطلع في بعض الزائرين للجناح "أنا أيضا مندهش جدا .. كيف حال أمي؟"
ردت فريدة بإنهاك جسدي" لا تنطق .. ضغطها مازال يرتفع وتلازم السرير ولا ترغب في الحديث مع أحد"
استغفر يونس ربه بعصبية ثم قال" اذهبي الآن يا فريدة وسأحدثك بعد قليل .. وأنت أخبريني فورا إذا ما جد جديد .. سلام"
××××
خرج الشيمي من الحمام عائدا للغرفة ليرتدي ملابسه في عجلة بينما رفيدة تجلس على السرير في حالة ذهول .. فالتقط الشيمي من جانب السرير هاتفه ومفاتيحه لتستقيم واقفة .. فاقترب منها قائلا" ستسامحينني يا ست الناس أليس كذلك؟"
بلعت صدمتها بصعوبة لتقول بقلق حقيقي على كارمن "أنا أيضا أريد أن أطمئن على كارمن"
حضن الشيمي وجهها بكفيه ومال يلصق جبينه بجبينها قائلا" رفيدة.. أنت تعرفين بأن علاقتي بفارس سعد الدين ليست علاقة موظف برئيسه.. لهذا كنت سأذهب حتى لو لم يستدعيني"
غمغمت بخفوت" أعلم ذلك .. اذهب وطمئني على كارمن أرجوك"
طبع قبل طويلة على جبينها.. ثم غادر بسرعة بينما جلست رفيدة على السرير يتملكها القلق الشديد والإحباط الشديد أيضا
××××
بعد العصر
صرخت الحاجة نفيسة من جلستها على سريرها حتى بح صوتها" أحاول أن أجد تفسيرا منطقيا لما يحدث وفشلت.. ما الذي حدث بينكما يا فارس حتى تقوم كارمن بخطوة متهورة كهذه؟!! .. إنه سلوك امرأة تريد أن تعاقبك بالقلق عليها"
تقبضت كفي فارس الواقف أمامها بقوة يحاول تحمل ما يعانيه من آلام نفسية وجسدية ويحاول السيطرة على رغبته في تحطيم الاشياء وقال "شجار عادي مثل أي زوجين يا أمي"
حدجته بعينيها الزرقاوين الصغيرتين تسأل بإصرار "ما هو السبب؟؟؟"
قال بصوت بذل الكثير من الجهد ليخرج هادئا "هلا أجلنا هذا الاستجواب الآن يا أمي.. فأنا أسابق الوقت لأجدها"
تكلمت حانقة " أريد أن أعرف لربما استطعت أن أخمن أين ذهبت هذه المجنونة"
أشاح فارس بوجهه يجز بقوة على ضروسه يحاول ألا يفقد أعصابه وينفجر غاضبا ... ثم عاد ليقول "غرت عليها لسبب ما في الحفل وعنفتها وتشاجرنا ها قد علمت السبب يا أمي أتركيني بالله عليك"
وتحرك خارجا من غرفتها ليقابل فريدة فقال "راقبيها يا فريدة أرجوك وحاولي تخفيف الأمر عليها .. فأنا غير قادر حاليا على فعل ذلك"
قالها وتحرك يغادر الفيلا في رحلة أخرى من البحث في الشوارع بسيارته..
رغم أن الشيمي قد حضر ويباشر الرجال الذين يبحثون .. ورغم أن جميع الأخبار الآتية من الفنادق والمستشفيات لا تحمل اسمها.
نظر فارس للسماء وتمتم داعيا" الطف بي يا رب فأنك وحدك الأعلم بحالي"
بينما جلست الحاجة في غرفتها تحرك سبحتها بعصبية وقلبها يخبرها أن سبب شجارهما خطير وخطير جدا .
××××


قالت رفيدة في الهاتف وهي تتطلع في الهدية التي استلمتها منذ قليل لزجاجتين من عطر عالمي شهير هدية لها وللشيمي " أنا عاجزة عن الشكر يا ضحى الحقيقة ذوقك رائع جدا"

غمغمت ضحى بصوت واهن" أنا الحقيقة اعتذر بأني لم أحضر الحفل رغم أن براء كان متحمسا ..لكني قضيت يوم أمس كله في السرير"
قالت رفيدة متعاطفة "ألف لا بأس عليك هل أنت مريضة؟"
ردت ضحى بإعياء " الأخبار المنتشرة أحبطتني وضغطي انخفض"
عقدت رفيدة حاجبيها تقول "أي أخبار لا أفهم؟"
أجابت ضحى بلهجة محبطة " يبدو أنك غير متابعة للأخبار .. لقد انطلقت اشاعة كريهة بمجرد أن اعلنت عن كفالتنا لبراء في بيتنا بأنه ابني من زواج سري سابق رغم أن عمر زواجنا أنا وفادي قد تخطى الخمسة عشر عاما والجميع يعرف بأني لم اتزوج قبله .. والأمر تطور للقول بأن براء عمره ثمانية عشر عاما مشيرين لصورة لشاب في هذا العمر أدعمه في أحد برامج المواهب"
غمغمت رفيدة غير مصدقة" يا الهي!"
لتكمل ضحى " وهناك من تطوع للقول بأني (وارتجف صوتها لتكمل ) بأني كنت أخون فادي مع ملحن شهير وأن براء هو ثمرة علاقتنا"
شهقت رفيدة غير مصدقة .. فأضافت ضحى " أنا وفادي معتادان على الشائعات كوننا مشهورين .. لكن فادي هذه المرة غاضب بشدة والحقيقة لديه كل الحق فالأمر قد فاق الحد"
لم تدري رفيدة ماذا تقول فغمغمت "الحقيقة ما تقولينه صعب التصديق.. كيف يسمحون لأنفسهم بإطلاق الشائعات والاخبار الكاذبة دون التحقق منها"
ردت ضحى بصوت واجم "المحزن أن هناك صحف شهيرة وصفحات انترنت متورطة في هذا الأمر (وتنهدت تقول ) على أية حال ألف مبروك وأتمنى لك كل الخير والسعادة يا رفيدة"
قالت رفيدة بمودة "بارك الله فيك وأتمنى أن تستقر أمورك بسرعة .. وبلغي سلامي لبراء حتى ألقاه"
ودعتها ضحى وأغلقت الخط وهي تنظر لبراء الذي يطرق باب غرفتها المفتوح بخجل .. فابتسمت بحنان .. فكم هي مبهجة رؤيته .. لكن صراخ فادي في بهو الشقة أرعب الصبي فاسرع نحو ضحى التي قابلته في جلستها على سريرها تفتح ذراعيها لتضمه مطمئنة ثم قالت بعد أن قبلت رأسه " بابا فادي منزعج قليلا"
أومأ براء برأسه في صمت بينما أجلسته ضحى على السرير تقول" ابق هنا وسأعود إليك "
وتحركت تخرج من الغرفة وتغلق الباب خلفها ذاهبة لفادي الذي لا يزال يصيح في الهاتف" كلا .. أنا آسف لن نشارك لا أنا ولا زوجتي في البرنامج لتفسير أمر يخص حياتنا الشخصية .. وكل من تطاول على زوجتي في هذا الأمر سأقاضيه (وصمت قليلا يستمع لمحدثه ثم قال بإصرار ) آسف لن نشارك قلت في أي برنامج .. وحياتي الشخصية أنا وزوجتي ليست مادة للترفيه .. أجل لقد قام المحامي بالفعل برفع الدعاوى القضائية ضدهم حتى يتحروا الدقة فيما ينشرون من أخبار كاذبة .. سلام"
طالعت ضحى وجهه الأحمر من الغضب متألمة لحالته أكثر من حزنها على الافتراء عليها فاقتربت تجلس بجواره وتربت على ظهره قائلة" ليست أول مرة نتعرض للشائعات يا فادي هدئ من روعك"
رد بانفعال" لكن هذه المرة ليست ككل مرة يا ضحى .. ولن أتركهم قبل أن أرد لك اعتبارك"
أمسكت بيده ورفعتها إلى شفتيها تقبلها بحب قائلة "افعل بهم ما تريد .. لكن لا تنفعل أرجوك .. تبدو متعبا جدا "
أغمض فادي عينيه يحاول تهدئة أعصابه بينما جلس براء في غرفة ضحى وفادي يتطلع في قرص الشمس عبر زجاج النافذة والذي يغرب أمامه مختبئا خلف السحب ملقيا في نفسه الكآبة .. بعدما كان يتقافز من الفرحة منذ وصوله لهذا البيت.. لكنه لا يفهم ماذا يدور حوله.. ولماذا فادي متوتر إلى هذه الدرجة؟ .. كل ما استطاع أن يدركه أن هذا الرجل المسمى بفادي لا يحب وجوده في المنزل ! .

××××

قلب عاصم في هاتفه وغمغم لنفسه بقلق " لماذا لم تتصل هذه البنت؟؟.. أخبرتني بأنها ستتصل ولم تفعل .. وها قد أمسى الليل .. احفظها يا رب "
شغل رسالتها الصوتية التي وجدها فجر اليوم حين ترك فارس على الباب ودخل لتفحص هاتفه واضعا سماعة الهاتف الخارجية على أذنه يسمعها للمرة الألف " بباه .. أرجوك لا أريد لفارس بأن يعرف بأني قد تركت لك رسالة .. أنا تركت فيلا سعد الدين .. لأني اكتشفت (وتحول صوتها للبكاء ) اكتشفت أمور صادمة عن فارس أخبرني بها لؤي عظمة.. أجل لؤي عظمة يا بباه ظهر أمام الفيلا أثناء الحفل وارتبكت وخرجت إليه قبل أن يراه فارس .. فإذا به يحاول اخباري بأمور صادمة عن فارس .. إنه يدعي بأنه يسعى للانتقام من قتلة والده ويتهم اونكل صفوت بالتورط في مقتله وأعطاني نسخة من ملف التحقيقات القديم أرسلت لك نسخة منه على الواتساب .. ثم أخبرني يا بباه بما لم أتحمل سماعه .. بأن فارس قد تزوجني ليكيد للؤي ووالده .. أي أنني كنت وسيلة لانتقامه من اونكل صفوت ..( وعلا نشيجها ) أنا لم أصدق هذا الكلام .. لكنه ارسل لي مقطعا مصورا من أمام بناية لؤي في ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه خيانته لي .. المشهد يظهر فيه فارس يا بباه.. فارس سعد الدين زوجي يصعد خلفي .. ( وتسارعت أنفاسها تقول وهي تنهت ) وقد واجهت فارس بكل ما علمته فاعترف بحقيقة سعيه للانتقام لكنه لم يخبرني أي شيء عن المقطع المصور ولا عن حقيقة زواجه مني .. لم يجبني لماذا تزوجني ( وصمتت قليلا إلا من أنفاسها المتسارعة ثم أكملت في رسالة أخرى بإعياء تغمغم بالإنجليزية ) بباه أرجوك .. أرجوك لا أريده أن يعرف بأني أرسلت لك .. أنا غاضبة منه جدا .. ومحبطة جدا جدا .. ومتوترة وأشعر بأني أريد أن أضربه وأخنقه .. وبأني لا أريد أن أبقى في محيطه.. أريد أن اختلي بنفسي .. وارتب أفكاري لهذا لم أرغب في الذهاب لشقتك لأني لن أتحمل أي تقريع أو شماتة من أمي (وصمتت مجددا ثم قالت بسرعة قبل أن تنهي ) هو طلب مني بمنتهى الغرور أن أجد الإجابات وحدي وأنا سأجدها إن شاء الله بطريقتي فلا يلومني فهو من بدأ .. لا تقلق عليّ بباه أنا لست صغيرة سأحدثك في أقرب فرصة سلام "
أبعد السماعة عن أذنه والقلق ينهش في كبده .. أين من الممكن أن تكون قد ذهبت؟.. ولماذا لم تطمئنه كما وعدت عقله سيجن.. لقد أرسل عبده لفيلا السيوفي لكنه أكد بأنها خالية تماما .. كما أنه علم بأن فارس ذهب إلى الفيلا مرتين يفتشها بنفسه .. وشويكار التي تتحرك في بهو الشقة الآن أمامه جيئة وذهابا بعصبية قد اتصلت بكل من تعرفهم من صديقاتها ومعارفها ..
لن يتحمل أكثر من هذا .. سيصبر لنصف ساعة أخرى .. وإن لم يصله أي خبر منها سيخبر فارس برسالتها الصوتية لربما ساعدته في شيء.
فارس !
إنه منذ أن علم بما أخبرته به كارمن فجر اليوم وهو يغلي من الغضب .. لقد قرأ ملف التحقيقات القديم وشاهد الفيديو .. ولولا أن سلامة كارمن هي الأهم حاليا لحاسبه حسابا عسيرا ولطلب منه تبريرا منطقيا لهذه المعلومات الصادمة .. لكنه مستمر في الادعاء بعدم معرفته بأي شيء حتى لا يكشف لفارس أن كارمن قد تواصلت معه وأخبرته مستجيبا لرغبتها رغم أنه غير موافق على تصعيد الأمر بهذا الشكل الذي حدث خاصة مع طول مدة اختفائها ..
عموما وقت الحساب مع فارس سيأتي بعد أن يطمئن على كارمن .
رن الهاتف فنظر إليه بلهفة ليجد رقم يونس فجعد جبينه ورد بهدوء" نعم يونس هل عدت من السفر ؟"
رد يونس بصوت جاد" كلا .. لازلت في روما .. لكن إن لم يتغير الوضع سأعود على أول طائرة .. عمي عاصم .. أنا حتى الأن غير مستوعب لما حدث ولا أعرف ما السبب الذي يجعل كارمن تفعل ما فعلت وتختفي بهذا الشكل الغريب .. لكن استحلفك بالله .. لو تعرف بمكانها أخبرنا .. فأمي حالتها سيئة وأحضرنا لها الطبيب ظهر اليوم .. وفارس (وصمت يحاول التماسك ثم أكمل بصوت مخنوق ) فارس يموت في كل دقيقة تمر عليه .. لا يغرك وجه أخي الجامد وعصبيته .. فارس لا يصل للحالة التي وصل إليها اليوم إلا لأمر جلل .. وما حدث غريب وصادم"
قال عاصم بانفعال "ولأنه غريب وصادم .. اقنع أخاك أن يخبرنا بصدق ماذا حدث بينهما لتتهور ابنتي بهذا الشكل (وأكمل بانفعال نابع من قلق حقيقي ) لو حدث لكارمن شيء سأقتله "
قال يونس مهدئا وقد قدر قلقه على ابنته" إن شاء الله سنجدها .. أرجوك إن وصلتك أي معلومة أخبرنا بسرعة .. سأذهب الآن عاصم بك"
أغلق يونس الخط وأشعل سيجارة أخرى تلو التي أطفأها يشعر بأن كل ما يحدث يشوبه شيء غير منطقي .. ولا يعرف لماذا تذكر حديث الشيمي وفارس في ذلك اليوم في المكتب عن أعداء فارس الذين يرغبون في النيل منه .. ففرك جبينه بإرهاق ..
إنه لم ينم منذ أن وصل .. واضطر للذهاب للمعرض اليوم في أول أيامه متابعا ما يحدث في الوطن أولا بأول وها قد عاد لغرفته لكنه لن يستطيع النوم بدون أن يطمئن على الجميع أمه وأخاه وفريدة وبالطبع كارمن فهي أصبحت كأخت له .
رفع الهاتف على أذنه من جديد ليطلب فريدة ويطمئن على أمه داعيا من كل قلبه أن تنتهي هذه الغمة على خير

××××

تطلع الشيمي بقلق في فارس الذي يقف عند بوابة الفيلا متخصرا .. طرفي سترته للخلف يحدق في اسفلت الشارع بوجوم.. لقد عاد للتو من الجولة المائة ربما له في شوارع العاصمة ووقف كالمشلول تعصف بذهنه الأفكار.
اقترب منه يراقبه في قلق فهو الوحيد الذي رافقه منذ أن تتيم بكارمن حين كانا يراقبان لؤي.. وقتها شعر الشيمي أن فارس منجذب بشدة لتلك الفتاة .
رفع فارس ناظريه نحو الشيمي يطالعه بسؤال صامت مرعب لكليهما لا يعرف الشيمي للأسف إجابة قاطعة عليه ألا وهو (هل للشماع دخل في اختفاء كارمن ؟)
تفاقم الغضب في صدر الشيمي وهو يشعر بالعجز فلم يعد هناك مكانا محتملا لم يبحثوا فيه.. والمكلفين من رجاله بالبحث في المستشفيات والفنادق وحتى أقسام البوليس لم يأتوا بخبر مفيد حتى الآن..
أما فارس فتمنى لو يقتل نفسه ..
عقابا لها على تهاونها في عدم الرد عليها ..
عقابا لغبائه ولغيرته التي أعمته وجعلته يتركها بهذا الشكل.
وتمنى قتلها ..
قتل كارمن بعد أن يطمئن أنها بخير .. لجنونها وتهورها بهذا الشكل لمعاقبته .
جز على اسنانه بقوة ليتحمل المزيد من الألم المبرح في قلبه وجسده يدعو الله أن يخفف عنه وأن يردها سالمة.. ورفع أنظاره نحو شقة عاصم في الدور الثاني .. قلبه ما زال يحدثه بأنه يعرف بمكانها .. فلن يرابط في شقته لو لم يكن مطمئنا عليها ..
زأرت وحوش الغضب في صدره من جديد تنهش في كبده فقرر أن يذهب لعاصم مرة أخرى.. قبل أن ينادي عليه الشيمي فجأة ..
استدار فارس إليه ليجده يناظره بوجه شاحب مصفر والهاتف في يده .. فتجمدت أعصاب فارس والشيمي يقترب منه قائلا بحشرجة والكلمات تخرج من فمه بصعوبة "هناك حادث .. لسيارة أجرة .. حدث صباح اليوم و .. و .."
قال فارس بصوت مبحوح" اكمل يا شيمي"
بلع الشيمي غصة مسننة في حلقة وقال "وكانت تستقلها فتاة شابة"
امسك فارس بذراعي الشيمي يغرز فيها أصابعه بكل قوته يحاول التماسك في ألا ينهار وغمغم " وماذا حدث؟"
كانت أصعب لحظة مرت على الشيمي في حياته .. وتمنى لو لم يختاره القدر ليبلغه لكنه تماسك يقول "الفتاة في المشرحة .. بدون هوية .. وعلينا أن نذهب لنتأكد......"
أغمض فارس عينيه بقوة شديدة ..
الألم مبرح ..
بل إنه يموت ببطء ..شاعرا بأن نَفََسه يضيق ..
فتح فارس عينيه قائلا بخفوت "خذني إلى هناك يا شيمي .. (وردد في سره) اللهم لا ملجأ منك إلا إليك"
×××××
صرخ عاصم بهمس وهو ينزوي في غرفة مكتبه ويغلق عليه الباب" كارمن !.. أوشكت أن أصاب بنوبة قلبية اقسم بالله"
قالت كارمن بإعياء" آسفة بباه.. آسفة جدا جدا أعرف بأني قد شغلتك عليّ لكني لم أقصد ذلك"
مال عاصم يسند رأسه بكفه يغمغم بصوت هارب منه وصوتها يتسرب إلى أذنه فيحييه من جديد "الحمد والشكر لك يا رب (ثم انقلب وجهه ليقول بتعنيف ) أين أنت يا كارمن وما هذا الجنون الذي فعلتيه؟؟"
في خارج الغرفة ابتعدت شويكار عن باب مكتبه بغيظ وقد سمعته وتأكدت بأنه يعرف بمكان كارمن بعدما كانت تشك بذلك طوال النهار .. فهي تعلم جيدا كيف هو متعلق بابنته ..فغمغمت من بين أسنانها وهي تتجه لغرفتها " عاصم وابنته اتفقا ألا يخبراني .. وأنا التي فاتتني اجتماعات مهمة اليوم وكان يأكلني القلق عليها .. لتطمئن أبوها فقط ..( وأكملت بوعيد ) اتفقنا يا كارمن .. اتفقنا يا عاصم ..( ونظرت في ساعتها تقول) على الأقل أذهب للجمعية لأثبت لهم وجودي وبأني لم أختفي.."
قالت كارمن في الهاتف "لا تقلق بباه أنا بخير وفي أمان أنا عند الدادة حميدة"
ضرب عاصم على رأسه موبخا نفسه أن سقطت هذه المرأة من ذاكرته وهو يضع احتمالات للأماكن التي ذهبت إليها بينما أضافت كارمن" الحقيقة كنت أنوي أن أذهب لفندق لكني لم أرغب في أن يعرف فارس بمكاني بسهولة .. فذهبت إليها .. لكني وصلت منهكة ومريضة فانقلبت على الفراش نائمة بدون أن أدرك أي شيء حولي إلا منذ قليل "
قال عاصم بلهفة "المهم انك بخير الحمد لله .. لا أصدق يا كارمن أن تفعلي بنا جميعا كل هذا"
قالت بوجوم " آسفة بباه .. لم أقصد افزاعك وهذا هو السبب الذي جعلني أرسل لك الرسالة الصوتية قبل أن أغلق الهاتف"
قال عاصم وقد بدأ يستفيق من صدمات اليوم المتتالية "وعلام تنوين ؟.. ولماذا فعلت ما فعلت ؟.. كان من الممكن أن تأتي إلى شقتي وأنا ما كنت لأسمح لفارس بمقابلتك إلا بإذنك"
قالت كارمن بعناد "لا بباه.. أريد أن أرى بنفسي مقداري في قلبه "
سألها عاصم وقد بدأ للتو يفكر في المعلومات التي أخبرته بها " اسمعي يا كارمن .. ما قلتيه فجر اليوم أمرا خطيرا خاصة شكك في أنه قد تزوج منك نكاية في صفوت وابنه ولكن هل تصدقين ذلك؟"
سألته بحيرة " ما رأيك أنت ؟"
قال عاصم بإصرار " أريد أن أعرف رأيك يا كارمن"
غمغمت بتوتر واضح في صوتها " الحقيقة أني كنت في حالة نفسية سيئة حين قررت الابتعاد .. واردت أن أفكر بعيدا عن أي مؤثرات.. وفي طريقي لدادة حميدة أخذت أعيد وأعيد فيما علمت .. (وصمتت قليلا تفكر ثم قالت) لا أعرف ماذا أقول يا أبي لكني في صراع بين قلبي وعقلي .. عقلي يرى الدلائل ولا يجد لها تفسيرا .. وقلبي مصر على عدم تصديق ما يحدث .. ولا أجد تفسيرا منطقيا إلا أنه كان ينوي بالفعل الانتقام من صفوت بزواجه مني لكن تغيرت خطته وقرر أن يستمر في زواجنا"
سألها مفكرا ومحللا هو الآخر " وهل اقتنعت بهذا التفسير؟"
صمتت قليلا ثم أجابت الحقيقة "لا"
سألها "لماذا؟"
بلعت ريقها وردت بحيرة أكبر من سابقتها " لسببين .. الأول أن أخلاق فارس لن تسمح له بالقيام بلعبة حقيرة كهذه بأن يستخدم بنات الناس فيها .. هذا ليس فارس الذي أعرفه .. قد أشك في حبه لي .. لكني لا أشك في أخلاقه ومبادئه أبدا"
ساد قليل من الصمت ليحثها والدها على الاسترسال وكأنه يساعدها على إيجاد التفسيرات أو ربما التخفيف من وقع الصدمة عليها قائلا "والثاني؟"
سحبت نفسا عميقا وردت " الثاني أني أرى الفكرة نفسها تافهة وسطحية ... فما هو حجم الضرر الذي سيصيب صفوت إن كان هدف فارس فعلا الانتقام منه بأن يتزوج مني"
شاركها عاصم في أفكارها قائلا " ضيفي على ذلك أن فارس ليس بهذه السذاجة أن يناسب عائلة كبيرة ليرمي ابنتهم بعد قليل كنوع من الانتقام من طرف ثالث .. صحيح أنا كنت مفلسا حين زوجتك له وكنت لا أعرف إن كنت سأخرج من غرفة العمليات أم لا لكني لا أتوقع أن يكون بهذه الأخلاق"
صمتت قليلا وكأنها تفكر ثم قالت " لكن هذا لا يعني بأنه يحبني.. قد يكون بالفعل قد قرر الزواج مني كزيجة عادية راغبا في الاستقرار لكنه أقدم على اختياري أنا بالذات نكاية في أونكل صفوت وابنه"
غمغم عاصم موافقا "من الممكن فعلا"
هتفت بضيق " وهذا لا يعجبني .. لا يعجبني أبدا أن تكون نيته حين اختارني أن أكون فقط نكاية في شخص آخر .. هذا يعني أنه لم يخترني لشخصي بباه .. ويعني أنه لو كانت أي فتاة أخرى هي التي على علاقة بلؤي لكانت زوجته الآن"
سحب عاصم نفسا عميقا وقال " كلام منطقي لكن .. "
تصديق والدها لما قالت وكأنه قد قذفها بحصاه في قلبها .. لكنها تماسكت حتى لا تقلقه عليها ليكمل عاصم " اسمعي يا كارمن .. أنا لن أنكر بأني مصدوم بما قلته .. وربما لأني شغلت بالقلق عليك لم استوعب الأمر بعد .. واتحرق شوقا لأن أواجه فارس بموضوع انتقامه هذا وأرى بماذا سيجيبني .. لكن السؤال المهم .. علام تنوين؟.. ومتى ستعودين؟.. أخبريني بعنوان حميدة لآتيك فأنا لا أذكره "
قالت كارمن بسرعة " لا بباه فارس قد يراقبك ليعلم إن كنت تعرف بمكاني أم لا (وتذكرت شيئا لتقول باستدراك ) أتعلم بأنه كان يراقبني ؟ .. ذلك اليوم الذي ذهبت فيه للحفل وعلم أين أنا .. واليوم الذي تتبعني لشقة لؤي .. والحقيقة أنا لا أفهم المغزى من مراقبتي "
زفر عاصم بضيق .. فغمغمت "الأمر معقد يا أبي ومتشعب وأنا أرغب في الابتعاد لأرتب أفكاري .."
قال عاصم " يا كارمن أخبريني بعنوانها وسآتي لآخذك ونعود للفيلا .. وهناك لن اسمح له بمقابلتك حتى لو وقف على أظافر قدميه"
قالت كارمن بإصرار" أرجوك بباه هذا الأمر أريد أن أقوم به وحدي .. أنا لست صغيرة وأنت تعلم ذلك"
سألها بإرهاق " علام تنوين إذن؟"
قالت بعناد " على الاختفاء لبعض الوقت"
هتف والدها بعصبية " والناس القلقة عليك .. فارس سيجن يا كارمن .. الرجل في حالة سيئة "
قالت بشك تحاول أن تسكت قلبها الأبله " طبيعي أن يقلق .. هذا شعور انساني .. حتى الشيمي وزغلول سيقلقون بالتأكيد "
هدر عاصم بأعصاب منفلته " ماذا تريدين بالضبط يا كارمن؟ .. أتريدين اختبار إن كان يحبك أم لا هل هذا ما تسعين إليه؟؟"
اجهشت فجأة بالبكاء .. مما احزن عاصم وجعله يتمالك أعصابه لتقول كارمن من بين دموعها " أتعلم بباه لو كان هذا حدث في أول أيام زواجنا لما كنت تألمت بهذه الطريقة .. لأني تزوجته وأنا مقللة من سقف توقعاتي وآمالي .. كنت وقتها أضحي من أجل انقاذ العائلة واضعة كارمن في آخر القائمة"
تألم قلب عاصم وهو يستمع لهذا التصريح بينما أكملت هي باكية "لكني الآن لم أعد يكفيني أني مجرد زوجة جيدة وجميلة فقط .. ويذكرني هذا الوضع بالأيام التي كانت أمي تعلقني في ذراعها كـدبوس جميل من الألماس فوق ملابسها .. لم يعد يكفيني أن يقلق علي ّ فارس مثله مثل الباقين.. ويتألم لفراقي كالباقين .. وألا يتعذب كما أتعذب.. صحيح بدأت علاقتي به وأنا لا أحمل من الأمنيات إلا أن أعيش حياة آمنة متفاهمة معه .. وألا اكتشف فيه ما يؤذيني .. لكني الآن لم أعد قانعة بهذا القدر وهذه الصورة لكارمن عنده .. لم أعد"
أغمض عاصم عينيه قائلا بإجهاد نفسي وعقلي " أنت وقعت في غرامه يا كارمن .. أحببتيه"
أجهشت بالبكاء في استلقائها على السرير في حجرة متواضعة وهي تغمغم " أجل بباه .. تلك هي المشكلة .. لهذا أنا متألمة جدا .. "
قال عاصم محاولا اقناعها " لكن يا كارمن فارس ليس بمفرده هناك عائلته أيضا .. يونس اتصل بي خصيصا من روما ليخبرني بأن والدته مرضت من حزنها"


حزنت كارمن على حماتها وقد نسيت أمرها تماما أو ربما لم تستوعب بعد بأنها أصبحت فردا من عائلة سعد الدين فقالت شاعرة بالذنب "أوكيه بباه سأتصرف بشأن الحاجة نفيسة "
أضاف عاصم موضحا " وهناك عددا كبيرا من الافراد يبحثون عنك يا كارمن"
هتفت بعصبية " اتركه يفعل الواجب كأي زوج عادي بباه .. أي رجل مكانه كان سيفعل ذلك .. وفارس بك شهم سيفعل نفس الشيء لو شهد اختفت "
غمغم عاصم يائسا " لا حول ولا قوة إلا بالله"
فتحت شويكار باب المكتب فجأة تقول وهي متأنقة ومستعدة للخروج "سأذهب للجمعية .. لدي اجتماع مهم"
رفع عاصم حاجبا .. لتقول بلهجة ساخرة " إذا وصلتك معلومات جديدة أخبرني "
حين تحركت مغادرة وسمع باب الشقة يُصفع .. هتف بعصبية" وإلى متى سيستمر هذا الوضع يا كارمن؟"
ردت لسبب ما في نفسها أحجمت عن إخبار والدها عنه حتى لا يزداد قلقه عليها" حوالي أسبوع"
هتف عاصم باستنكار "أسبوع يا كارمن !!!.. أسبوع لن أراك وأطمئن عليك ؟!!"
قالت مطمئنة " أنا بخير بباه وسأطمئنك عليّ أولا بأول بعد أن أشتري رقما جديدا لهاتفي .. سأعطيه لك وحدك .. ومعي نقود والحمد لله ومعي بطاقتي الائتمانية التي أعطاني إياها فارس"
حين لم يرد عاصم أكملت بإرهاق" أنا بحاجة ماسة للانطواء .. وترتيب أفكاري لبضع أيام فقط ..بعدها سأعود لأواجه فارس"
قال عاصم مستسلما "متى ستحصلين على رقم جديد؟"
ردت كارمن "ستبعث دادا حميدة من يشتريه غدا .. وسأفتح هاتفي من وقت لآخر حتى ذلك الحين .. لأطمئنك "
أطرق عاصم برأسه لتقول بالفرنسية "لا تقلق بباه سأكون بخير .. فقط دعني أفعلها وحدي ... سلام"
بقلب ينهشه القلق قال عاصم مستسلما" سلام يا حبيبتي"
××××


يتبع


Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-11-19, 01:27 PM   #382

Warda123

? العضوٌ??? » 435416
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » Warda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond reputeWarda123 has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
سلمت يداكي وجزاكي الله كل خير .


Warda123 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-19, 01:41 PM   #383

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

خرجت شويكار من مصعد البناية تبرطم بغيظ وهي تنظر في ساعتها " عطلوني وأضاعوا عليّ يوما مهما.. لأكتشف أن الأب وابنته يحيكون المؤامرات من خلف ظهري .. (وزينت ابتسامة متسلية زاوية شفتيها ثم غمغمت لنفسها ) لكني أحببت ما يفعلونه بذلك المبلط .. أحببت الحالة التي بدا عليها .. لهذا سأتظاهر بأني لا أعرف شيئا"
انتفاضة حارس أمن البناية من خلف مكتب الأمن الصغير في بهو المبنى الرخامي الفخم واقفا عند مرورها أخرجها من شرودها فتوقفت لثوان أمامه دون أن تستدير إليه .. ثم تحركت نحوه تقول فجأة" اسمع يا هذا"
بلع الشاب ريقه وغمغم "أفندم شويكار هانم"
صمتت قليلا ترتب الفكرة التي طرأت في رأسها ثم قالت بتهديد وهي تضرب على سطح المكتب فجأة "سأسجنكم كلكم .. كل حراس الxxxxات في هذا الشارع وخاصة هذه البناية"
اتسعت عينا الشاب برعب وقال" لماذا يا هانم؟؟؟"
ضيقت عينيها تقول" قرطي .. قرطي الألماسي سقط مني في الحفل ليلة أمس ولم أجده في فيلا سعد الدين .. وبالتأكيد سقط في الشارع بين البناية والفيلا .. وأشك في أن أحد منكم قد وجده وأخفاه "
غمغم الشاب بارتباك "أنا من كان في وردية يوم أمس يا هانم .. وأؤكد لك أني لم أجد أي قرط سواء في الشارع أو هنا في بهو البناية"
اسندت ظهرها بقبضتها مائلة بجذعها على المكتب تستند عليه بيدها الأخرى وتحدق بقوة في عيني الشاب لتزيد من ارباكه وهي تقول بلهجة هادئة مهددة" هذا ما ستعرفه الشرطة حين ستأتي"
بلع الشاب ريقه وقال بثقة "تأكدي يا هانم بأني لم أجده"
قالت بلهجة ذات مغزى مستمرة في محاصرته "ربما لم تجده .. لكنك غفلت عن الحراسة .. فأنت تذكر كم مرة مررت عليك فوجدتك نائما على هذا المكتب!"
بدأت ثقة الشاب تهتز لكنه قال" يا شويكار هانم اقسم لك بأنني طوال أحداث الحفل ليلة أمس كنت أمام البناية وأراقب كل شيء.. حتى اسألي حارسي الدار كنا ..نثرثر ونتسامر خاصة بعد أن وزعوا طعاما من الحفل على كل أفراد أمن البنايات في الشارع"
اعتدلت شويكار واقفة وهي تقول" وماذا عن القرط ؟.. لابد أن تأتي الشرطة وتحقق وتراجع كاميرات المراقبة أو .. (وصمتت قليلا تتطلع في عيني الشاب المترقب لما ستقوله لتكمل بهدوء ) اعطني نسخة من تسجيل كاميرا البناية ليوم أمس لأتأكد بنفسي إن كنت قد خرجت من الحفل بالقرط أم بدونه"
قال الشاب بسرعة " بالطبع شويكار هانم سأعد لك فورا ما تريدين هل لديك (فلاشة)؟"
اتسعت ابتسامتها وهي تومئ برأسها وتبحث في حقيبتها ثم سألته وهي تناوله واحدة "كم ستحتاج من الوقت؟"
رد الشاب وهو يتوجه لإحدى الغرف الأرضية "فقط دقائق امنحيني بضع دقائق"
حركت رأسها برضا وقالت "حسنا يا .. ما اسمك؟"
رد الشاب بسرعة" سامر يا هانم"
قالت بلهجة هادئة تداري حماسها "حسنا يا سامر سأنتظرك في سيارتي.. لا تتأخر "
وتحركت بابتسامة واسعة .. وفكرة معينة تتراقص أمام ناظريها كأفعى ملونة مبهرة ..
لكنها سامة ..
سامة جدا ..
ستقضي على منافستها ثريا الفالح بالضربة القاضية.
××××
حدقت كارمن في سقف الغرفة في شقة مربيتها حميدة والأفكار لا تزال تتقافز في رأسها كحبات الذرة على سطح ساخن رغم أنها أهدأ من ذي قبل ..
لا تنكر بأن قرارها كان متهورا فجرا اليوم لكنها تشعر بالراحة أكثر لابتعادها عن الجميع ..
إنها متعبة ..
مستنزفة ..
ولا ترغب في الحديث مع فارس بالذات.
فارس الذي أوجع قلبها بشدة ..
الذي يمزقها قلقه عليها .. ويمزقها شكها فيه .
فارس الذي لم تتوقع يوما أن تصدم فيه صدمة كهذه فما أصعب من أن نصدم فيمن نحب .
كانت تحسب بأن حكايتهما أبسط من هذا بكثير .. فتاة تزوجت من شاب فرضته عليها الظروف.. لتتفاجأ بأنه هدية القدر لها .. فمنحته كل شيء عن طيب خاطر.. أو ربما تركته ليسلبها كل شيء عن طيب خاطر ..
لأنها أحبته ..
أحبته وتعلقت به كما لم تتوقع أن تتعلق برجل أبدا.
وهذه هي المشكلة .. المعضلة العقدة.
أنها أحبته.
لو كان ما بينهما مجرد علاقة تفاهم ومودة ورحمة لربما كانت صدمتها أقل ..
فالعتاب يكون بقدر المحبة.
.. والألم يصعب بقدر الحب الذي نحمله لمن يجرحونا..
ما يشغلها الآن هو .. ماذا ستفعل بعد هذه الخطوة؟ .. خاصة حين علمت بأن الحاجة نفيسة مفزوعة بسبب اختفائها وهو مالم تحسب حسابه .. كانت تفكر في عقاب فارس لتعرف بالضبط حقيقة مشاعره تجاهها أهي مجرد زوجة .. أم صفقة جيدة ربحها .. أم أداة انتقام .. ولم تحسب حسابا لوالدته وباقي الناس.
ضربت كارمن رأسها بكفها موبخة نفسها .. كانت تريد معاقبته وحده وليس الباقين .. لكن كيف وماذا ستفعل بعدما ألزمها الطبيب بالنوم على ظهرها لعدة أيام.. فتذكرت ما حدث لها صباح اليوم .
قبل عدة ساعات
دخلت كارمن في وقت مبكر من الصباح على المربية حميدة التي صرخت بفرح وهي تأخذها في حضنها "كارمن هانم .. يا الهي لا أصدق.. ما هذه المفاجأة !"
قالت كارمن برقة " آسفة يا دادة أني جئت في وقت مبكر كهذا ..لكني كنت أريد أن أبتعد عن الجميع في مكان لا يعرفني فيه أحد"
قالت حميدة مستنكرة" هل تستأذنين يا كارمن هانم والبيت بيتكم !.. فلولا أنك اشتريت لي هذه الشقة وكتبها عاصم بك باسمي بعد أن طردتني شويكار هانم من الفيلا.. لكنت الآن ملقاة على الأرصفة "
تذكرت كارمن الواقعة لتزيد المرارة في حلقها وتأملت مربيتها التي لم تراها منذ سنوات فغمغمت "أعتذر بأني لم استطع زيارتك أبدا يا دادة"
قالت حميدة تربت على ظهرها بحنان "ماذا تقولين يا هانم .. يكفي بأنك تسألين عني كل مدة في الهاتف .. بناتي لا يفعلونها .. ويكفي الراتب الشهري الذي يرسله لي عاصم بك (وتطلعت في كارمن وملابسها التي تدل على أنها عائدة من حفل ولذلك الحجاب الذي يحيط بوجهها الباكي وقالت بقلق) هل أنت بخير يا ابنتي"
بعد قليل خرجت كارمن من الحمام ترتدي منامة احدى بنات حميدة التي استقبلتها تقودها لغرفة النوم وهي تقول " سبحان الله هذه المنامة وبعض الملابس الأخرى عندي في الخزانة منذ مدة طويلة جديدة بأكياسها .. كانت ضيقة على بناتي تعرفين أن أجسامهن ما شاء الله ممتلئة"
كانت كارمن مجهدة إلى حد البكاء .. ترغب في فراش وتتمنى لو تستطيع النوم وسط زئير الأفكار في رأسها .. وهذا ما شعرت به مربيتها التي طالما كانت تشعر بها وتفهمها دون أن تنطق .. بعكس شويكار الشبكشي .. فاكتفت بهذا القدر من الثرثرة وهي تقودها نحو السرير وتغطيها بالأغطية قائلة" نامي يا بنتي .. نامي ولا تشغلي بالك بأي شيء .. تبيت كالنار وتصبح رماد بإذن الله"
نامت كارمن نوما مليئا بالأحلام المزعجة .. رأت نفسها في متاهة كبيرة لم تعرف إن كانت تبحث عن مخرج لتهرب من مطاردة فارس لها .. أم تبحث عن فارس نفسه !.
حتى استيقظت الساعة الرابعة عصرا على مغص شديد جعل مربيتها تدخل عليها مفزوعة "ما بك يا كارمن "
قالت كارمن من بين أسنانها باكية" مغص يمزق بطني يا دادة كآلام الدورة الشهرية ..لكنه أكثر شدة "
قالت حميدة مفزوعة "هل أنت حامل يا بنتي؟"
قالت كارمن باكية وهي تفتح هاتفها المغلق لتطلب طبيب عبر تطبيق على الهاتف "لا أعرف يا دادة لكني أتوقع ذلك "
خلال الساعة التي احتاجها الطبيب للوصول إلى مكانها انهارت كارمن في البكاء مرتعبة من أن تفقد جنينها رغم عدم تأكدها من حقيقة وجوده .. لكن الفكرة في حد ذاتها كانت مرعبة .. قاسية ..
ربما شعرت للحظة حين واجهت فارس بأن هذا الطفل هو ثمرة الانتقام التي نتجت عن علاقتهما .. لكنها الآن لا تتحمل فكرة فقده .. حتى لو كان ثمرة انتقام .. حتى لو كانت هي ككارمن لا تعني شيء لفارس .. لم ترغب في أن تفقد بذرته بداخلها .. لا تريد أن تفقد ابنه .. لربما كان الشيء الوحيد الذي ستخرج به من هذه العلاقة .. جزء منه ينمو في أحشائها .
طمأنها الطبيب بعد أن اطلع على نتيجة تحليل الدم السريع الذي استدعت حميدة أحد اطباء المعمل القريب ليجريه لها قبل وصوله قائلا" أنت بالفعل حامل سيدة كارمن وما تشعرين به هو بعض التقلصات نتيجة للتوتر الذي أراك تعانين منه الآن"
أحكمت كارمن من الحجاب حول رأسها تقول بوهن وهي مستلقية على السرير أمامه" الطفل بخير يا دكتور أليس كذلك ؟"
أجاب الطبيب بلهجة عملية وهو يكتب في مفكرته" الأمر غير مقلق إن شاء الله"
قالت بلهفة "لكن الدماء التي أخبرتك عنها"
قال الطبيب بهدوء "بضع قطرات ليست بالأمر الخطير إذا ما التزمت الراحة التامة في السرير لبضع أيام مع الأدوية والحقن التي كتبتها لك .. (ورفع أنظاره إليها مؤكدا )والابتعاد عن الانفعالات والتوتر ( وعاد ينظر في مفكرته وهو يكتب ) عليك ببذل الجهد حتى لا تنفعلي سيدة كارمن .. وبعد أن تمر هذه الفترة ستحتاجين لعمل بعض الفحوصات والتحاليل المعتادة للحمل .. عموما سأترك رقم هاتفي إذا ما جد جديد .. ألف لا بأس عليك"
صاحبته حميدة للخارج في الوقت الذي انتاب كارمن نوبة أخرى من البكاء ..
إنها منهارة .. مرتبكة .. وخائفة أن تفقد طفلها .. وتشعر بالغضب الشديد من فارس .. تريد أن تخنقه ثم تتعلق بعنقه ليطمئنها ..
لكن زمن الاطمئنان ولى .. ولا تعرف إن كان سيعود أم أنها ستكتشف المزيد من الأكاذيب.
وبرغم المشاعر المضطربة داعبتها هرمونات الأمومة ونشرت بعضا من البهجة في كيانها البائس فتحسست بطنها متأثرة بحملها طفل فارس في رحمها .. فمسحت دموعها فجأة لتقول لنفسها بتحدي " اهدئي يا كارمن ورتبي أولوياتك والتي في مقدمتها أن تحافظي على هذا الطفل ( وأضافت بتأثر ) طفلك يا كارمن .. وبعد ذلك رتبي أفكارك .. أنت لست صغيرة .. تستطيعين أن تجتازين هذه المحنة وحدك بدون فارس بدون بباه بدون أي أحد".
دخلت المربية حميدة تضع صحنا من الشوربة بجوار السرير فقطعت شرود كارمن فيما مر بها أثناء هذا النهار الغريب الذي لم تتوقع أن تعيشه يوما .. لتقول حميدة بحنان "صنعت لك شوربة خضروات .. عليك بالأكل والراحة ولا تفكري في شيء .. هل أخذت أدويتك؟"
أومأت كارمن برأسها تمسح دموعها لتقول حميدة "ستأتي فتاة من الصيدلية بعد قليل لتعطيك الحقنة التي وصفها الطبيب"
أومأت كارمن برأسها مجددا بصمت لتضيف حميدة بشفقة " أنا لا أعرف يا ابنتي سبب ما فعلتيه .. ولا أعرف إن كانت مشكلتك مع زوجك أم مع والدتك أم مع كليهما.. لكني أريدك أن تهدئي وتطمئني الجميع عليك"
تذكرت كارمن الحاجة نفيسة فأسرعت تفتح هاتفها الذي تصر على اغلاقه بعد كل مكالمة وهي تقول" عليّ أن أقوم باتصال مهم .. وأتمنى ألا تخبر ابنها وتفسد عليّ عقابي له"
في فيلا سعد الدين .. رن هاتف الحاجة بجوارها فتجاهلته غير راغبة في الحديث مع أحد ..لكن الحاحه جعلها تستدير لتلتقطه من فوق الكومودينو بجوار صينية الطعام التي لم تلمسها لتلمع عينيها الزرقاوين وترد بلهفة "كارمن أين أنت يا بنتي؟"
لا تدري كارمن لمَ شعرت برغبة ملحة في البكاء بمجرد أن سمعت صوتها .. وتمنت ساعتها أن تتمدد بجوارها على السرير .. وتبكي وتشتكي لها من ابنها .. قاسي القلب .. لكنها تماسكت حتى لا تقلقها وقالت" أنا بخير يا حاجة نفيسة .. واتصلت لأطمئنك أنت فقط عليّ"
قالت الحاجة بعتاب "أهنّا عليك يا بنت الناس! .. هنّا عليك لتفعلي بنا ما فعلت !.. أين أنت؟ وماذا حدث؟"
ردت كارمن بكبرياء مجروح" أنا عند احدى معارفي.. وأعتذر لأني أفزعتك يا حاجة ..لكني كنت منهارة فجر اليوم وأردت الابتعاد عن الجميع.. ونمت نوما عميق لم أدر بنفسي إلا الآن "
وأحجمت عمدا عن ذكر خبر حملها حتى لا تقلقها .. كما تعمدت عدم اخبار والدها أيضا لنفس السبب لتقول الحاجة نفيسة بتوبيخ "الزوجة لا تترك بيت زوجها يا كارمن مهما حدث"
بلعت كارمن التوبيخ ولم تحاول أن تدافع عن نفسها حتى لا تضطر لذكر سبب شجارها مع فارس فقالت مبررة "أنا أعصابي منهارة بشدة .. واحتاج للراحة والابتعاد عن الجميع"
قالت نفيسة بإلحاح" أخبريني يا بنتي علام تشاجرتما.. فارس يقول بأنه غار عليك أثناء الحفل ولا أجد أن هذا يغضب "
أغمضت كارمن عينيها بإجهاد ثم قالت" ابنك تفوه بكلمات جرحتني.. ولا أريد أن أراه الآن حتى أهدأ .. وارجوك يا حاجة .. أرجوك .. لا تخبريه بأني اتصلت بك .. أنا اختصيتك بهذه المكالمة حتى أطمئنك .. لكني لا أريده أن يعرف عني أي شيء (واكملت باكية ) ولا أريد أن أراه "
غمغمت الحاجة قائلة "لا حول ولا قوة الا بالله حسدوكما .. والله حسدوكما أعوذ بالله .. كنتما كعصفوري الكناريا في الحفل .. استهد بالله يا كارمن واخبريني أين أنت وسآتي أنا إليك لأعيدك .. فارس حين يكون غاضبا يتفوه بأمور لا يعنيها صدقيني ويندم بعدها"
قالت كارمن بإصرار" أرجوك يا حاجة نفيسة أريد بضع أيام وحدي لأهدا .. أنا على حافة انهيار عصبي أتريدين لحالتي أن تسوء؟"
قالت الحاجة باستسلام وضيق" حسنا.. كما تريدين يا ابنتي .. افعلي ما يريحك وأتمنى أن تعودين لبيتك سريعا "
قالت كارمن بإعياء وهي تنهي حديثها" أتمنى أن تبقي اتصالي بك سرا بيننا يا حاجة أرجوك"
غمغمت الحاجة قبل أن تغلق الخط "الله المستعان .. قادر كريم أن يلم شملكما ويبطل عين الحاسد .. إن شاء الله حين أراك سأرقيك"
غمغمت كارمن بتأثر" إن شاء الله"
وضعت الحاجة الهاتف في حجرها وحدقت أمامها لا تعرف أن كان عليها أن تفرح بهذه المكالمة أم ينقبض قلبها .. تشعر بأن الأمر بينهما أكبر من مجرد مشاجرة عادية بين زوجين.. وانهيار كارمن يجعلها تقلق على فارس متسائلة .. ما الذي فعله ليستفزها بهذا الشكل .. فما فعلته كارمن كانت تخشى وقوعه في أول زواجهما حين كانت ترى الرعب والبؤس في عينيها وهو ما جعلها تخمن بأن فارس قد تزوجها صفقة ربما ليوطد صلته بعاصم السيوفي كرجل أعمال كبير .. وكم تأذت من هذه الفكرة كثيرا .. كانت تريده أن يسكن لحضن امرأة تعوضه عن سنوات عمره التي قضاها في شقاء وتعب لكن تطور علاقتهما السريع وقدرة فارس على احتوائها وهي تعرف بعينها الخبيرة أنها فتاة ذات طبيعة خاصة جعلها تدرك بأن ابنها يحبها .. وكلما مرت الأيام ازدادت قناعتها بأن ابنها يحب كارمن .. بل غارقا فيها .. فحمدت ربها أنه وقع في غرامها معترفة بأن طبيعة فارس المدمنة للعمل لم يكن ليكسرها إلا فتاة يقع في حبها حتى تجبره على كسر الدائرة المغلقة التي يحيط نفسه بها .. وتساعده على استعادة اللون لشعره الذي شاب قبل أوانه .. لكن ما حدث اليوم مقلق .
رفعت الحاجة رأسها للسماء تدعو "الطف بنا يا الله ولا تريني فيهم مكروها"
××××
قاربت الساعة على العاشرة مساء والشيمي لا يزال لا يبعد الهاتف عن أذنه يتابع هذا وذاك عله يحصل على معلومة تطمئن فارس الذي يقف بعيدا يحدق في النهر متخصرا ويتملكه القلق الشديد تجاهه من أن يصاب بنوبة قلبية ..
أما فارس فلم يتخلص بعد من تأثير زيارته للمشرحة للتعرف على الفتاة التي ماتت في حادث صباح اليوم ..
ماذا يقول عن هذه اللحظات؟
كيف يصف شعوره وقتها؟
مقدار الرعب الذي شعر به من أن تكون هذه الفتاة هي كارمن لم يشعر به في حياته من قبل .. رغم أنه قد مر بالكثير من الأهوال.
لكنه أصر ألا يخبر والدها وأن يذهب أولا ليتأكد بنفسه .. والحمد لله أنها لم تكن هي ..
لكن تلك الدقيقة التي قضاها أمام الجثة حطمت آخر ذرة تحمل فيه .. وايقظت ذكرى مقتل والده .. فما أقسى وأصعب من أن ترى شخصا قد فارق الحياة.
ليخرج من المشرحة لا يعرف أعليه أن يفرح لأنها ليست كارمن .. أم يحزن وهو يسترجع صورة والده وهو جثة هامدة ..
ومن جديد عادت إليه تلك الهلاوس التي يرى فيها كفيه غارقين بالدماء .. بعدما ظن أنه قد انتهى منها.
لكنها عادت إليه من جديد لتذكره بثأر والده الذي يناديه .
شيء واحد إن لم يعرفه سيفقد ذرة العقل المتبقية في رأسه ..
شيء واحد يرغب فيه ..
هو أن يطمئن عليها حتى لو كانت قد رحلت عنه للابد.
فقط شخصا ما يخبره بأنها بخير وفي أمان.
شخص يشفق على حالته ويرحمه من عذابه.
نظر فارس للسماء في استرحام وتوسل .. ثم اندفع بسرعة نحو السيارة آمرا زغلول الذي يقف يستند عليها بوجوم بجوار الشيمي "علينا أن نعود إلى الفيلا فورا (وغمغم في سره) لن أتركك يا عاصم السيوفي إلا إذا اقنعتني بأنك لا تعرف شيئا عنها"
××××
بعد ساعة ألقى عاصم بالهاتف بجواره على الأريكة في غرفة المعيشة بعدما حاول الاتصال بكارمن عدة مرات لكن هاتفها كان مغلقا .
هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.. وللأسف لا يذكر أين تقع شقة مربيتها حميدة .. ومحاميه الذي سجل العقد يحتاج لأن يعود للملفات في مكتبه ليتذكر أين تقع الشقة بالضبط فهو لا يذكر إلا اسم المنطقة الشعبية .. لقد اشتراها لها منذ سنوات كمكافأة نهاية خدمة بعدما أصرت شويكار على طردها حين تهورت حميدة يوما وجادلت شويكار بانفعال في أمر يخص كارمن فلم تمررها شويكار وأصرت على طردها ..
يشعر بالإرهاق الشديد لكنه لا يعرف كيف هو المخرج من هذا الوضع المتأزم .. خاصة وأنه بعدما اطمأن على كارمن بدأ يدقق ويحلل فيما قالته عن فارس وعن علاقته بصفوت وأمر ذلك الانتقام .
إنه مصدوم ..
بالرغم من كل شيء مصدوم .. والأدلة التي أعطاها لها لؤي تدخل الشك في القلب خاصة حينما يتذكر كيف اضطر لتزويج ابنته من رجل اعتمد في اختياره له على حدسه قبل المعلومات التي طمأنته بأنه رجل جاد ومستقيم .. لكن هذه المعلومات الجديدة تحتاج إلى وقفة ليتأكد إن كان فارس قد ارتبط بكارمن لأسباب أخرى غير السبب الطبيعي لزواج رجل من امرأة ألا وهو تكوين بيت وأسرة أم لا .
شعوره بالذنب تجاه كارمن أن دفعها دفعا لهذه الزيجة يعذبه ويزيد من غضبه من نفسه ومن فارس .
رن جرس الباب بإلحاح .. فاستبعد أن تكون شويكار فهي تملك مفتاحا بعد أن طلبت بكل وقاحة من العم عبده نسخة من مفتاح الشقة منذ أن جاءت للسكن معه ..
سمع صوت فارس يقول للعم عبده غاضبا " أين عاصم بك أريده حالا "
فوقف في غرفة المعيشة متحفزا وقد جاشت مراجله استعدادا لمقابلته... ليدخل عليه فارس بعد ثوان يقول بلهجة ساخرة" ظننتك قد خلدت للنوم عاصم بك وابنتك لا تزال مفقودة"
طالعه عاصم ببرود قائلا" ماذا تريد في هذه الساعة يا فارس؟"
تكلم فارس والشرر يتطاير من مقلتيه الزرقاوين " أريدك أن تقنعني بأنك لا تعرف بمكان كارمن .. أريدك أن تفسر لي جلوسك هكذا في البيت وأنت لا تعرف إن كانت حية أو ميتة"
اقشعر بدن عاصم لسيرة الموت فقال بانفعال" ومن السبب فيما نحن فيه ؟.. ألا تمتلك الشجاعة لتخبرني عن السبب الذي جعل ابنتي تهرب من بيتك في الظلام وتختار أن تبتعد عن الجميع"
هدر فارس بانفعال "أهذا وقته !.. بما ستفيد معرفتك لسبب شجارنا؟"
قال عاصم بتحدي " أخبرني وأنا سأحدد قيمته بنفسي"
قال فارس بصلف " ليس عندي ما أخبرك به"
رد عاصم بغضب " وأنا أيضا ليس عندي ما اخبرك به"
صمت فارس قليلا ثم قال متصنعا الهدوء " عاصم بك أرجو أن تتفهم الوضع .. أنا لي أعداء وأخشى أن يكون أحد منهم قد آذاها أرجوك قدر حالتي"
سأله عاصم يحاول استدراجه "أي أعداء ولماذا"
جز فارس على ضروسه وغمغم " سنعود لنفس الأسئلة المضيعة للوقت من جديد .. ( ثم قال بانفعال ) بم ستفيدك معرفة هويتهم يا عاصم بك لا أفهم !"
هدر عاصم بانفعال مماثل " إن كنت لن تتحدث بصراحة فاذهب من هنا يا فارس ما دمت لا تريد الإفصاح عن كل شيء"
انفجر فارس غاضبا" هل تعلم أين كنت منذ قليل؟؟؟ .. كنت في المشرحة... لأتعرف على جثة فتاة ماتت في حادث"
اتسعت عينا عاصم محدقا في عيني فارس اللتان تصرخان بالعذاب رغم صلابته الظاهرية .. وتملكته الشفقة تجاهه ليضيف فارس بلهجة معذبة " تخيل حالتي وأنا ذاهب لأبحث عن ابنتك في المشرحة"
اسرع عاصم بالقول " بعيد الشر عنها"
سحب فارس نفسا عميقا وقال بلهجة حاول أن تكون هادئة " اصدقني القول عاصم بك .. هل تعرف بمكانها؟.. هل طمأنتك كارمن وترغب في معاقبتي؟"
للحظة كاد أن يشفق عليه عاصم .. لكنه عاد وتذكر حالة كارمن وانهيارها .. فربط على قلبه ورد ببرود لربما استطاع بذلك أن يجبره على الاعتراف بسبب المشكلة فيعرف منه بالضبط تفاصيلها " مادام ليس عندك ما تخبرني به يا فارس .. فأنا أيضا ليس عندي ما أخبرك به "
انفجرت قنابل الغضب في رأس الأخير وضرب المنضدة الصغيرة التي تتوسط الغرفة بقدمه بعصبية لتسقط البونبونيرة الكريستال من فوقها مسببة صوت ارتطام قوي وهو يهدر قائلا وقد جن جنونه " أنت تعرف بمكانها .. مؤكد تعرف بمكانها "
هدر عاصم محذرا " الزم حدك يا فارس سعد الدين"
وقفا أمام بعضهما وصدريهما يعلوان ويهبطان يحدج كل منهما الأخر شزرا .. ليهز فارس رأسه بعد ثوان قائلا من بين أنفاسه المتسارعة "من الواضح أنك قد اتفقت مع ابنتك على تعذيبي .. لكن أنتم لا تعلمون من هو فارس سعد الدين وماذا سيفعل بها حين يجدها .. ستندمون أشد الندم .. صدقوني ستندمون "
قالها واستدار مغادرا ليرد عاصم بتحد " هل تهددني يا فارس .. عموما اركب أعلى ما في خيلك"
جلس عاصم على أقرب مقعد يتملكه الغضب والحيرة وتطلع في هاتفه ليجد المحامي قد أرسل له عنوان شقة المربية حميدة .. بينما وصل فارس حتى باب الشقة يتفتت من الغضب .. ثم توقف هناك لثوان في حالة مزرية..
إنه غير قادر على تحمل دقيقة واحدة أخرى في هذا العذاب .. سيموت إن خرج من هذا الباب بدون أن يحصل على جواب شاف إن كان يعرف بمكانها أم لا ..
الوضع أصبح فوق طاقة احتماله
فوق طاقتها.
فضرب بقبضته في الحائط بقوة فألمته بشدة ثم تحرك عائدا لعاصم السيوفي يدخل عليه من جديد بوجه واجم .. ليتفاجأ الأخير به رافعا إليه أنظاره بتساؤل .. ثم جحظت عيناه مصعوقا وهو يراقب ما يحدث بصدمة.. حين نزل فارس أمامه ببطء لتستقر ركبته اليسرى على الأرض ..بينما اليمنى مثنية .. يميل بجذعه للأمام قليلا ضاما قبضتيه إلى جواره بقوة وجفناه مرتخيان قائلا بخفوت متوسل " استحلفك بالله يا عاصم بك أن ترحمني وتعطيني إجابة قاطعة .. أنا لا أريد منك سوى كلمة واحدة هي نعم أو لا .. كلمة واحدة ستقتلني أو تحييني من جديد .. هل تعرف بمكان كارمن؟ .. هل تواصلت معك وطلبت منك عدم اخباري؟"
هال عاصم المشهد وصعقه فتكلم بصعوبة ليخرج صوته بحشرجة قائلا "انهض يا فارس .. ماذا تفعل؟؟!!!"
نظر إليه فارس قائلا بخفوت مهزوم" استحلفتك بالله أن تصدقني القول عاصم بك وترحمني "
لم يستطع عاصم التحمل مذهولا فقال بسرعة" أجل كارمن بخير .. وأعرف أين هي .. انهض أرجوك .. فقد أرسلت لي رسالة قبل أن تذهب لكني..."
لم يعي فارس مما قاله حموه سوى أنها بخير ... فأغمض عينيه بقوة يسحب نفسا عميقا مؤلما إلى صدره ثم استقام واقفا بهدوء.. ليقطع عاصم حديثه ويرفع أنظاره إليه مخروسا وهو لا يزال تحت تأثير الصدمة ..
ساد صمت مشحون بالمشاعر ليسأله فارس بخفوت " هل ... طلبت منك عدم اخباري بمكانها؟"
رد عاصم مدافعا" هي منهارة الآن وتفضل البقاء بمفردها و... "
استدار فارس نصف استدارة مغادرا .. لكنه سأله مقاطعا دون أن ينظر إليه "هل أخبرتك بسبب شجارنا؟"
قال عاصم بصوت غاضب" أجل"
فقال فارس بنفس الخفوت الواهن "هل ستستطيع توفير حراسة كاملة لها أم أرسل رجالي .. ما دامت قد أخبرتك بالسبب الحقيقي فأنا أحذرك من أنني أتعامل مع رجل خطير وسيحاول استهداف نقاط ضعفي وابنتك إحداها .. فأرجو أن تعطي للشيمي العنوان ليتصرف .. وأعدك بأن كل ما ترغب فيه كارمن هانم سيُلََبى .. وبأنني لن أزعجها برؤيتي أبدا .. السلام عليكم"
تحرك مغادرا فاستقام عاصم يقول بذهول " فارس .. نحتاج لأن نتحدث "
توقف فارس بكتفين متصلبين ثم قال بهدوء وصلف دون أن يلتفت إليه "سأتحدث معك في أي شيء .. إلا فيما يخص مقتل والدي .. فهذا أمر لن اتناقش فيه مع أحد .. وأرجو ألا يعرف به أحد سواكما ( واستدار إليه نصف استدارة يقول بلهجة حزينة مجروحة ) فقط أخبر كارمن هانم جملة واحدة من فضلك (فارس .. يقول لك .. شكرا !) "
واستدار مغادرا بسرعة لا يعرف إن كانت الإجابة التي تلقاها من عاصم قد أحيته أم أماتته .


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-11-19, 01:44 PM   #384

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

بعد دقائق كان فارس يدخل من باب الفيلا يجرجر قدميه..

مرهقا ..

منهكا ..

حزينا ..

يحمل كبريائه المهزوم فوق كتفه ..

وقلبه المطعون في قبضته يضغط عليه ليكتم صوت صرخاته.

فأسرعت إليه فريدة لتطمئن عليه لكنها تراجعت عن الاقتراب منه حين استشعرت حالته .. فاكتفت بالنظر إليه بشفقة بينما تألم قلب أمه التي كانت في حيرة إن كانت ستخبره بمكالمة كارمن أم لا لكن بمجرد أن تطلعت في منظره قالت بسرعة "فارس تعال يا ولدي أريدك"

تكلم بصعوبة قائلا بخفوت "ليس الآن يا أمي أرجوك"

أسرعت بالقول "كارمن هاتفتني وطمأنتني عليها فاطمئن"

استدار إليها يتطلع فيها .. بينما كست المفاجأة وجه فريدة التي لم تخبرها والدتها بهذا الخبر .

يسألها بخفوت سؤال لم يستطع لجمه " أهي بخير ؟"

قالت أمه تطمئنه" بخير يا حبيبي إنها فقط مشدودة الاعصاب وتحتاج لــ ..."

هز رأسه ببطء مغمغما بهدوء وهو ينسحب من أمامها" مفهوم .. مفهوم"

وتحرك بجسد متخشب صاعدا السلم أمامهما بإنهاك .. فاعتصر الألم قلب والدته وغمغمت" لا حول ولا قوة الا بالله اللهم هونها علينا يا رب"

بينما اسرعت إليها فريدة تقول بعتاب " أمي !.. منذ متى وأنت تعلمين بأنها بخير .. لماذا لم تخبريني يا أمي.. كدت أن أموت من القلق !!."

فتح فارس جناحه البارد الخالي منها .. وتحرك ببطء يخلع في طريقه سترته ويسقطها أرضا .. ثم حزام بنطاله .. ثم ساعته .. حتى وصل للأريكة .. فخلع حذاءه.. وقبل أن يستلقي .. سقط أرضا ساجدا لله يحمده ويشكره فأطال في السجود عاجزا عن الكلام .. واثقا بأن خالقه يعلم بما في قلبه .. ليرفع رأسه بعد قليل بصعوبة ويعتدل ليستلقي على الأريكة حتى ينام متمنيا لو لا يستيقظ مرة أخرى.

متمتما بهمس من بين إنهاكه وآلامه وكرامته المجروحة " إنها بخير "

××××



في نفس الوقت كان عاصم يقول لكارمن في الهاتف بعصبية بعدما فتحت هاتفها أخيرا " اسمعي يا كارمن لن أنكر بأني لازلت مصدوما من المعلومات التي علمناها عن فارس وعن سعيه للانتقام .. لكن لم يبقى عندي شك في صدقه حين طلبك للزواج .. أو ربما بدأ الأمر كلعبة كما تشير الدلائل التي يرفض هو نفسه تبريرها لكن سرعان ما انقلب الأمر وأصبح حقيقيا.. وكما حكيت لك الرجل ركع أمامي يا كارمن أتدركين ماذا يعني أن يصدر فعل كهذا من رجل؟ .. وليس مجرد رجل وإنما من فارس سعد الدين؟!!"

اجهشت كارمن بالبكاء وهي تقول " لم أرغب في أن يكون الأمر بهذا الشكل .. لكني كنت متألمة بشدة وأريد أن أعرف قيمتي عنده"

قال عاصم بلهجة عملية " إذن سآتي الآن إليك أمام البناية .. وستنزلين إليّ لأعود بك إلى هنا .. وستكونين في شقتي ولن اسمح لفارس برؤيتك إلا حين ترغبين أنت في ذلك أو نعود لفيلا السيوفي"

قالت كارمن بسرعة " لن استطيع المغادرة إلا بعد بضع أيام .. أرجوك بباه أحتاج لأن أكون بمفردي واخطط للقادم وأقرر ماذا سأفعل مع فارس وكيف سأمنعه من تلك الأمور الخطرة التي يسعى لأن يضع نفسه فيها .. إن رأسي ستنفجر واحتاج بألا انفعل .. ( وصمتت قليلا تبلع ريقها ثم قالت ) سوف أشرح لك فيما بعد فقط ثق بي وبأني استطيع التصرف بدون مساعدة"

سمع عاصم صوت باب الشقة يفتح فأدرك بأن شويكار قد عادت ليقول بإرهاق" اذهبي الآن فأنا متعب جدا وسنتحدث في الصباح .. تصبحين على خير "

غمغمت كارمن بالفرنسية "تصبح على خير بباه"

قالت شويكار بلهجة ساخرة" هل انتهيت أنت وابنتك من وضع الخطط وحياكة القصص عن اختفائها؟"

تطلع فيها عاصم ولم يتفاجأ .. لكنه قال بإعياء وهو يتجاوزها" أجلي أي شجار للغد يا شويكار فأنا متعب جدا وأريد النوم"

وتجاوزها متوجها إلى غرفته دون حتى أن يلقي عليها تحية المساء .. بينما وقفت هي تجز على أسنانها من الغضب .

×××××



اجهشت كارمن بالبكاء وعاودها المغص .. فما قصه والدها عن حالة فارس وما فعل .. جعلها تنهار حزنا عليه رغم غضبها منه ..

يا الله !..

أرادت دليلا على أنها ليست كالباقين بالنسبة له .

أرادت إثباتا بأنها ليست دبوس من الألماس يزين به حلته كما كانت دوما طوال حياتها .

لكن حتى في أحلامها لم تتوقع أن يفعل ما فعل ..

ربما بتكوينها الأنثوي واضطراب هرموناتها طمعت في تصريح شفهي عفوي بالحب كان كفيلا بتطبيب مشاعر الأنثى فيها.. بعيدا عن كل هسهسات المنطق التي حاولت بخبث تنبيهها لتلك الدلائل المريبة التي بحوزتها والتي لم يفسرها لها بعد .

لكنها لم تستطع الصمود .. يكفي هذا القدر عليه .. يكفي أنها تأكدت بأنها مهمة عنده.

استقامت نحو المشجب تتناول فستانها متجاهلة تلك التقلصات التي تشتد مصاحبة لتسارع ضربات قلبها وذلك النزاع بين المنطق والعاطفة بداخلها .

ارتدت ملابسها على عجل وتحركت نحو باب الغرفة فاشتد المغص أكثر في اسفل بطنها وظهرها حتى تأوهت بصوت عال وجلست على عقبيها .. لتأتي حميدة مسرعة وهي تصيح " ماذا تفعلين يا بنيتي .. ألم يطلب منك الطبيب الراحة "

استندت كارمن على ذراع مربيتها التي ساعدتها للوصول للسرير فاستلقت في وضع الجنين تبكي والصراع بين المنطق والعاطفة والتقلصات بداخلها حامي الوطيس .

بعد ساعة أدركت أنها ستظل حبيسة جبرا في ذلك المثلث المؤلم لبعض الوقت فأمسكت بهاتفها تطلبه .. ليفتح فارس عينيه بهدوء ملتقطا الهاتف بصعوبة من فوق الأريكة وكأنه أحس بأنها هي..

وحين تأكد من ذلك تجاهل هتاف قلبه المكلوم والذي تراقص في صدره كطائر مذبوح وأغلق في وجهها المكالمة معيدا الهاتف إلى مكانه بهدوء .. ليعود ويغمض عينيه من جديد .. ليسمع بعدها صوت رسالة على الواتساب .. وقاوم كثيرا ألا يفتحها .. لكنه لم يقدر .. فأمسك بالهاتف مرة أخرى يفتح رسالتها ليجدها قد كتبت له "



فارس .. أنا بخير لا تقلق .. أعلم بأنك غاضبا مني .. لكن لا تلُُمني فأنت من طلبت أن أجد الإجابات بنفسي .. بخلت عليّ بالتفسير .. فلم أتحمل فكرة أن أكون مجرد أداة انتقام أو صفقة رابحة .. فأردت الابتعاد لأفكر وأصل لإجابات منطقية .. صدقني لو كنت أنت بالنسبة لي مجرد زوج فرضه عليّ القدر لما شعرت بحجم الألم الذي شعرت به .. قد أكون في نظرك مخطئة وقد أكون تهورت بعض الشيء برحيلي.. لكن صدقني لو تختبر حجم الألم الذي كنت أشعر به..

لو تشعر بما شعرت به من قلة القيمة والإهانة ..

لو شعرت بالآلام الجسدية التي كنت أعاني منها.. لفعلت مثلما أنا فعلت ..

عموما بباه حكى لي ما حدث بينكما منذ قليل وتأثرت جدا .. لكن أرجوك اعطني بعض الوقت لألملم شتات نفسي .. أنا كمن انفجرت في وجهها قنبلة حولتها لأشلاء .. أعطني فرصة لأستريح في هدوء فأنا مجهدة جدا .. وأحتاج لهذا الوقت مع نفسي بشدة.. احتاج أن اتخطى الساعات الصعبة الماضية التي كنت فيها في قمة الفرح اطير فوق السحاب كطائر يحلق في سمائك فأصابتني رصاصة غادرة أوقعتني أرضا .. واعتقدتُ من شدة الألم أن الرصاصة أصابت قلبي في مقتل فطلبت منك أن تساعدني لكنك أوليتني ظهرك.. لهذا انسحبت بعيدا لأتأكد من حجم إصابتي.

احتاج لبضع أيام لأهدأ وبعدها لابد أن نتحدث .. تصبح على خير "



بوجه واجم متخشب بالألم وضع فارس الهاتف بهدوء على الطاولة.. وأعاد رأسه للوسادة يغطي عينيه بذراعه في صمت .

أما كارمن فتطلعت في رسالتها وعلمت بأنه قد قرأها ولم يرد.. فعادت لاستلقائها على ظهرها تدلك أسفل بطنها التي كلما فكرت في فارس اشتد المغص .. ومدت يدها تخرج حبة مسكنة للألم لتبتلعها برشفه من الماء وتغمض عينيها .. فتدفقت المزيد من الدموع من تحت جفنيها تشعر بأنها عالقة في مصيدة لا تزال غير قادرة على الفكاك منها.

××××



فتح الشيمي باب الشقة وقد تجاوزت الساعة الثانية صباحا بعدما ذهب بنفسه لعنوان البناية التي تقطن فيها كارمن وترك هناك عددا من رجاله تحتها.

كان مجهدا.. مستنزفا .. لم ينم منذ ليلتين .. لكنه يشعر بالراحة أن انتهى اليوم بدون فواجع حقيقية .

استقبلته رفيدة بلهفة تخرج من غرفة النوم بمجرد أن سمعت بصوت المفتاح في الباب .. فاتسعت ابتسامة الشيمي مبتهجا لمجرد رؤيتها .. يبلع غصة مرة في حلقه أن اضطر لتركها مرغما في صبيحة عرسها .. واقترب منها بسرعة ليتعانقا بدون كلمة واحدة ..

لقد اشتاقت إليه وقلقت عليه بشدة .. وبالرغم من عدم رده على اتصالاتها واكتفائه برفض المكالمة كإشارة على أنه بخير لكنه غير قادر على الرد.. وبالرغم من انه اتصل بها منذ ساعتين يخبرها بموجز عن الاحداث وبأنه في الطريق إليها ..لكنها لم تتخلص من القلق عليه إلا حينما رأته الأن واطمأنت لسلامته وغرقت في حضنه.

شدد الشيمي من ذراعيه حول خصرها ورفعها من فوق الأرض لتتعلق قدميها في الهواء مغمغا بلهجة معتذرة "أنا آسف يا ست الناس .. الشيمي يعتذر بشدة "

لم ترد ولكن شددت من عقد ذراعيها حول عنقه لينزلها بعد قليل لتستقر قدميها على الأرض ويتأمل وجهها الذي افتقده وقمريها المضيئين أمامه .. فغمغمت رفيدة بإشفاق "تبدو منهكا جدا يا ميمي"

حضن وجهها بين كفيه ومال يقتنص شفتيها بشوق لم يدرك حجمه إلا حينها .. فارتجفت رفيدة بين يديه

قبل أن يتركها قائلا" ما أجمل أن ينهي الرجل يوما مرهقا كهذا ثم يجد كل هذه الرقة والأنوثة في استقباله.. بطعام ساخن وحضن دافئ يهونان عليه ما مر به من لحظات صعبة "

بادرت هذه المرة بالاستطالة على أصابع قدميها لتعقد ذراعيها حول عنقه فالتقيا في عناق حار أخر .. قبل أن يبعدها الشيمي برفق قائلا" سأذهب أولا لأغتسل من غبار الطريق "

غمغمت بحنان "وأنا سأعد لك طعام العشاء "

بعد قليل خرج الشيمي من الحمام يرتدي بنطالا بيتيا مريحا عاري الجذع يجفف شعره المجعد بالمنشفة .. وتوجه نحو المطبخ .. فمنحته رفيدة ابتسامة خجولة ليقترب منها ويخيم فوقها يحضنها من الخلف يسألها "هل ستأكلين معي؟"

قالت بخفوت " لقد انتظرتك حتى تأتي لآكل معك"

جعد جبينه وقال منزعجا" لا تفعلينها ثانية يا رفيدة"

ابتسمت ولم ترد وانما اكملت غرف الطعام رغم التصاقه بها وتطويقه لخصرها ليقول الشيمي وهو يتأمل صورة الأفيال بين وحدتي الخزانة العلوية والسفلية "أهذه هي الصورة التي حدثتني عنها؟"

ردت رفيدة مبتسمة "أجل هي ..وكنت أنوي أن أريك إياها صباح اليوم "

تأملها الشيمي مدركا بأن لها عندها معنى فسألها وهو يبعد شعرها المسدل على ظهرها ويطبع قبلة على كتفها" وماذا كنت تتخيلين بشأن هذه الصورة حينما تريني إياها"

ردت رفيدة بحرج "لا أعرف كنت فقط أريد أن أريها لزوجي .. وحين تحددت هويته في مخيلتي .. تخيلت بأننا سنقف أمامها متعانقان بهذا الشكل"

رفع الشيمي حاجبا وسألها بخبث ويده تتحرك بحرية على قدها الممشوق "فقط متعانقان؟"

احمرت وجنتيها وردت بخفوت وهي تتحرك بصعوبة بسبب التصاقه لتغرف الاطباق" أجل فقط متعانقان"

غمغم بشقاوة بجوار أذنها ويده تتحسس عنقها الطويل "يبدو أن لديك قصور في التخيل يا أستاذة (وتسللت يده لتترك عنقها وتندس بين طرفي المئزر قائلا بأنفاس لاهبة ) عموما .. بما أني طرف في هذا الأمر فدعيني أكمل لك باقي التخيل"

تلوت بين ذراعيه تغمغم باعتراض "شيمي أنت لم تأكل بعد"

دغدغ عنقها بقبلاته المحمومة هامسا "هناك أولويات تفرض نفسها على ما نخطط له دوما .. وفي هذه الحالة التي أنا عليها الآن لن استمتع بالطعام ( وأدارها لتواجهه يفتح حزام مئزرها مضيفا ) لأنني لا أفكر حاليا إلا في أمر واحد ألا وهو أنني اشتقت إلى ست الناس إلى حد الجنون"

أسقط عنها المئزر الحريري أرضا وحضن رقبتها بكفيه يميل على شفتيها بقبلة نهمة .. قبل أن يميل أكثر ويرفعها فوق ذراعيه قائلا من بين لهاثه" دعيني أخبرك أولا إلى أي مدى اشتقت إليك .. وبعدها سأحضر لك أنا الطعام بنفسي"

تحرك بها يقطع الشقة حتى غرفة النوم ..فحضنته رفيدة بقوة وقد غلب خجلها كل المشاعر التي تكنها لهذا الرجل الذي أصبح فجأة هو محور الكون بالنسبة لها .. فهمست وهي تشدد من ذراعيها حوله لتلتصق به بحرمان " أنا أيضا اشتقت إليك يا شيمي .. اشتقت إليك جدا "

وضعها الشيمي على السرير برفق وخيم فوقها .. فأمسكت بوجهه تقول بارتجاف واضح "اليوم قضيته وحدي لكني برغم اعتيادي على الوحدة افتقدتك بشدة .. حتى أنني مررت بلحظات خُيل لي فيها بأنني لم أتزوج بعد .. وأن ما حدث بيننا منذ يوم أمس ليس إلا هلوسة مني"

اسكت استرسالها بقبلة عنيفة وضع فيها كل جموح مشاعره ويداه ترسمان قدها بلهفة .. ليطلق سراح شفتيها بعد قليل قائلا من بين أنفاسه العالية وهو ينزل حمالتي قميصها الناعم عن كتفيها "إذن دعيني أمدك بالمزيد من التفاصيل عن تلك الهلوسة "

وسقط إليها يمطرها بقبلات محمومة تغرس بذرة حب في كل شبر من أرضها التي كانت قبل ليلة واحدة مهجورة متمتما باسمها من بين شفتيه المهاجمتين .. ثم رفع رأسه عنها بعد قليل يغمغم وهو يخلع عنها قميصها " هناك سؤال ملح أخر عليك بالبحث عن أجابته يا أستاذة"

اتسعت ابتسامتها في ترقب ليحتلها جسده الضخم قائلا أمام قمريها " كيف كنت أعيش حياتي بدونك من قبل يا رفيدة ؟.. أشعر وكأنني كنت شخصا ميتا فأحياني الله بمجرد أن وقعت عليك عيناي "

××××



في اليوم التالي



تطلعت الحاجة نفيسة بحزن لفارس المغادر في موعده المعتاد صامتا واجما لم يقل إلا بضع كلمات وقد عادت تلك القشرة الصلبة التي كان دوما يحيط نفسه بها للظهور .. حتى طعام الفطور لم يأكل منه سوى بعض لقيمات وخرج ليلحق بعمله .. فربتت عليها فريدة مواسية ثم أخرجت هاتفها من جيبها لترد على مكالمة يونس الذي بادرها بالقول " صباح الخير يا كحيلة العينين كيف هي الأخبار عندك ؟"

تنهدت وهي تنتحي جانبا بعيدا عن أمها ثم قالت" لا جديد عما أخبرتك به ليلة أمس بأنها اتصلت بأمي وطمأنتها"

سألها مهموما "وفارس؟"

لم ترد فريدة ولم تجد ما تصف به حالته .. فشتم يونس في سره متألما لما ألم بأخيه قبل أن تقول فريدة "الحقيقة أنا لا عرف ماذا أفعل معهما .. أشعر بالعجز.. فمن ناحية أمي تقول بأن كارمن كانت تبكي ومتأثرة بشدة لكنها طلبت فرصة لتهدأ .. ومن ناحية أخرى الحالة التي عليها أبيه ولا أعرف ما الذي حدث بينهما بالضبط"

غمغم بمزاج عكر "اهتمي بنفسك أنت وخففي من عليها فقد أقلقتني عليك يوم أمس"

قالت بحنان "أنت أيضا لم تنم جيدا .. لذا انتهي من عملك اليوم مبكرا واخلد للنوم حتى تستطيع المواصلة "

غمغم وهو ينظر في ساعته ويستعد لمغادرة غرفته في الفندق" للأسف ينتظرني يوم طويل جدا ..دعواتك واطلبي من أمي أن تدعو لي أيضا"

غمغمت فريدة" أتمنى من الله أن يسهل لك كل صعب"

قال يونس بوجوم "سلام"

غمغمت فريدة بهمس "يونس أنا أحبك"

زينت ابتسامة زاوية شفتيه تخفف من جمود وجهه وتعكر مزاجه ورد بخفوت " وأنا أعشقك يا حب عمري"

×××××



تطلع فارس من بعيد في البناية التي تسكنها كارمن حاليا في هذا الحي الشعبي البسيط.. وراقب من خلال زجاج سيارته الأسود الرجال الذين دبرهم الشيمي لحراستها متشبثا بمقعده حتى لا يندفع نحو البناية ويصعد إليها .. ومتمنيا لو تتطلع من الشرفة فيراها.

ابتسم لنفسه بمرارة ..

ها هو يعود من جديد لمراقبتها عن بعد ..

ها هو يعود لاستجداء رؤيتها ..

ما أغرب الأيام وما أمكرها !..

وما أقساها ..

وما أغبى من يأمن جانبها !.

إنه منهك.. مستنزف ..غير قادر حتى على الكلام وكرامته قفزت من جديد لتقف حائلا بينهما .. مدركا في قرارة نفسه بأنهما لن يعودا كالسابق ..

هو أخطأ في عدم إعطائها اجابات لأسئلة غاية في الأهمية لها وقد حسبها لحظة غضبه هينة ..

وهي أخطأت حين تركت البيت وقررت معاقبته بهذا الشكل المهين لكرامته .

لمح سيارة عاصم السيوفي آتية من الناحية الأخرى فأمر زغلول بأن يتحرك مغادرا ليلحق بعمله .

××××



في نفس الوقت قالت حميدة لكارمن باعتراض "أنت لم تأكلي يا كارمن ما هذه الكمية الضئيلة من الطعام"

قالت كارمن بإجهاد" سآكل بعد قليل يا دادة"

عادت لاستلقائها على السرير تحدق في سقف الغرفة لتربت عليها حميدة بتشجيع .. فسألتها كارمن بمودة "كيف حال بناتك يا دادة؟"

ردت حميدة ببعض الحزن "كل واحدة منهن مشغولة بحياتها وأولادها ولا أراهن إلا كل مدة "

سألتها كارمن متعاطفة" وهل تعيشين طوال الوقت وحدك؟"

ردت حميدة متنهدة بحسرة "وحدي تماما ..أنا والجدران"

أطرقت كارمن برأسها لتقول حميدة مغيرة للموضوع "اتركينا من أخباري واسمعيني يا بنتي.. تركك للبيت لن يحل شيء .. عليك بإخبار زوجك بمكانك ليأتي وتتحدثان سويا"

ردت كارمن بحزن "أحتاج لبعض الوقت وحدي أولا يا دادة خاصة وأن أي انفعال يوترني ويزيد من شعوري بالمغص"

رن جرس الباب فاستقامت حميدة بصعوبة تقول" خير اللهم اجعله خير.. من سيزورنا في هذا الوقت المبكر من الصباح ! "

بعد دقيقة قالت حميدة متفاجئة "أهلا عاصم بك تفضل"

قال عاصم وهو ينهت من صعود السلم" كيف حالك يا ست حميدة؟"

ردت حميدة بمودة" بخير بفضل كرمك يا عاصم بك"

قال عاصم" نادي على كارمن من فضلك"

افسحت له حميدة الباب تقول" تفضل عاصم بك كارمن راقدة في السرير"

دخل عاصم متحرجا وقال بقلق "لماذا ترقد هل هي مريضة؟"

ابتسمت حميدة لكنها لم ترد وإنما قادته للداخل وهو يتبعها محرجا قبل أن تقابله كارمن على باب الغرفة وتلقي بنفسها في حضنه مغمغمة" بباه "

ضمها عاصم إلى صدره متأثرا وهو يربت على شعرها يقول بحنان "حبيبة بباه الحمد لله أنك بخير"

سحبته كارمن وعادت للسرير لتستلقي عليه وتجلسه بجانبها .. فقال عاصم بقلق "هل أنت مريضة يا كارمن؟"

ابتسمت وقالت "لست مريضة .. ( وتخضبت بالحمرة لتكمل بصوت متهدج ) أنا حامل بباه.. ومضطرة للاستلقاء على ظهري لبضع أيام لأني كدت أن افقده"

كست المفاجأة وجه عاصم واتسعت عيناه للحظات قبل أن يقهقه بسعادة ثم يميل عليها ليقبل رأسها قائلا" ستصبحين أما يا كارمن!"

شاركته الفرحة بعينين دامعتين تومئ برأسها سعيدة .. ليستوعب عاصم الشق الثاني من الخبر فيقول بجدية" هل حالة الحمل مقلقة ؟!"

ردت كارمن" الطبيب طمأنني الحمد لله.. أحتاج فقط للابتعاد عن أي انفعالات هذه الفترة والراحة"

قال عاصم "فارس لابد أن يعرف"

اطرقت كارمن برأسها قليلا ثم قالت "كنت أتمنى أن يكون أول من يعرف .. وأن أزف إليه الخبر في ظروف أفضل من هذه.. لكني أحتاج أولا لأن أضع النقاط فوق الحروف في علاقتي معه .. أريد أن أشعر بأنني أنا كارمن في حياته أهم من الانتقام الذي يسعى إليه"

قال عاصم باستنكار خافت" هل ستخفين عنه أمر الحمل؟؟!!!"

ردت بهدوء "كلا بالطبع فهذا أمر لا يمكن اخفائه لفترة طويلة .. لكني كما قلت لك يا أبي عليّ أن أواجهه فيما يدبر له .. بيننا أمور كثيرة غير مفهومة وعليّ أن أعرفها منه أولا .. عليّ أن أفهم وأن أختبر قيمة كارمن عنده لربما استطعت أن أثنيه عما يخطط له .. وسأحتفظ بأمر الطفل كورقة أخيرة استخدمها للتأثير عليه اذا ما فشلت أنا في إقناعه .. لكني سأكون وقتها في قمة خيبة الأمل "

وأمسكت بطنها بألم فلاحظ عاصم ليقول بسرعة "اهدئي يا ابنتي واسترخي"

غمغمت بضيق "لهذا أؤجل الحديث معه حتى اطمئن على الجنين .. فكلما فكرت فيما حدث تنتابني التقلصات"

قال عاصم "ألا يمكن أن انقلك للبيت حتى لو اضطررت لاستدعاء سيارة اسعاف؟"

ابتسمت كارمن واستقامت بجذعها تقول وهي تطبع قبلة على خده" سيارة الإسعاف ستقلق كل من يعرفوني وسأضطر لإخبارهم بالسبب .. لكني أعدك أن اسأل الطبيب اذا في امكاني الانتقال للبيت أم لا"

قبّل عاصم رأسها ثم أخرج نقودا من جيبه يضعها بجوار السرير قائلا " عموما اذا احتجت شيء أبلغيني فورا يا حبيبتي .. وسأرسل لك طبيب العائلة لفحصك .. وسأطلب أيضا من فريدة أن تحضر لك حقيبة صغيرة من ملابسك وسأرسلها لك "

امسكت بكفه بين يديها فربت عاصم بيده الأخرى على يديها قائلا "سأغادر الآن فأنا أشعر بالحرج من وجودي هنا ( وغمغم وهو يميل ليحضنها ) الف مبروك يا حبيبة بباه هذا الخبر اسعدني جدا"

قالت كارمن معترضة" ابق قليلا "

رد عاصم " قلت لك اشعر بالحرج .. اهتمي بنفسك حبيبتي"

قبّل عاصم جبينها وغادر الغرفة متأثرا أن تضطر للبقاء وحدها هنا .. متمنيا أن تمر هذه الأزمة على خير .. يشعر بالغيظ من فارس وخططه السخيفة للانتقام .. متمنيا لو يحطم رأسه حتى يرتجع عما يخطط له وهو على وشك أن يكون أبا ..

غادر عاصم الشقة موصيا حميدة على كارمن بينما خبر حملها يدغدغ مشاعره الأبوية.. فنزل السلم وهو يرفع سماعة الهاتف على أذنه يطلب ريتا قائلا بالتركية" صباح الخير ريتا هانم"

جاءه صوت ريتا الواهن ترد بالتركية "صباح الخير عاصم بك"

سألها بقلق" هل أنت بخير أم أنني ايقظتك من النوم؟"

ردت ريتا بهدوء" أمر ببعض الاكتئاب"

قال وهو يخرج من بوابة البناية متجها نحو سيارته" لماذا الاكتئاب يا ريتا ؟ (ثم أضاف مشاكسا ) أرأيت ... لو كنت خططت للسفر معي لتركيا لما اصابك الاكتئاب"

ضحكت بضعف ثم سألته بفضول "أخبرني بما كنت متلهفا لتقوله في هذا الوقت المبكر من الصباح"

كاد أن يخبرها سعيدا لكنه تنبه لأنه ليس من اللائق أن يعرف أحد قبل فارس .. بالإضافة لأنها قد تخبره لهذا قال باستدراك "لا شيء سوى الاطمئنان عليك( ثم سألها بفضول ) متى ستعودين ؟"

ردت بوجوم " لا أعرف لم أحدد بعد .. ذهبت لتركيا لأهرب من الاكتئاب فلحقني إلى هنا "

قال عاصم بصدق " أعتقد أن عليك التخلص من الوحدة يا ريتا .. فإنها تجتر عليك الذكريات "

سألته بهدوء " وكيف سأتخلص منها في رأيك؟ "

قال عاصم مبتسما " تزوجي "

قهقهت ريتا ثم سألته " هل أعتبر هذا عرض زواج؟ "

قهقه عاصم بدوره وهو يحرك سيارته ليخرج من الحي الشعبي والكثير من العيون الفضولية تتطلع في هذه السيارة الغريبة عن حيهم بينما قال هو بمشاكسة " قلت لك من قبل ليتني أصغر في العمر قليلا "

قالت مداعبة " أرأيت سبب اكتئابي وحسرتي ! "

انفجر عاصم في الضحك .. فشاركته ريتا فيه حتى دمعت عيناها.

إن لديها خفة ظل تظهر دوما حتى في أسوأ حالاتها النفسية.. وتشعره بإحساس دافئ من الرفقة لا يستطيع إنكارها .

بعد ساعة كان عاصم يركن سيارته تحت البناية المواجهة لدار السعد للأيتام .. ليجد اتصالا من أحد أصدقائه فبادره بالقول " صباح الخير يا جودت أنا آسف جدا أني لم آتي التجمع ليلة أمس ولم أعتذر فقد حدث لي ظرفا طارئا "

جاءه صوت جودت يقول بمواساة " أعلم كل شيء يا عاصم وأريد أن أخبرك بأننا كلنا متضامنون معك ومع شويكار هانم فما حدث لا يمكن السكوت عليه أبدا .. إنها قمة الوقاحة "

جعد عاصم جبينه وسأله بتوجس " عم تتكلم بالضبط؟!"

قال جودت بانفعال " أتكلم عما فعله لؤي ابن ثريا الفالح .. شويكار هانم أخبرتنا بكل شيء وكيف أن لؤي عظمة يطارد كريمتكم حتى تجرأ وذهب إليها عند فيلا زوجها .. الحقيقة حين رأينا المقطع المصور مع شويكار هانم الجميع استنكر ما يحدث .. وثريا انعقد لسانها من الذهول .. وتأكد بأن الكثيرين قد عدلوا عن التصويت لثريا الفالح في الانتخابات .. فمن لا يستطيع حكم أهل بيته كيف سيدير جمعية كبرى كجمعيتنا !"

جف ريق عاصم وحظت عيناه يقول بحشرجة " ماذا تقول يا جودت .. ماذا فعلت شويكار بالضبط وعن أي مقطع مصور تتحدث !!"




مساء الليلة الماضية :




دخلت شويكار قاعة الاجتماعات الكبري في مقر الجمعية .. تتطلع في العدد الكبير من الحاضرين للندوة الخاصة بثريا الفالح متسائلة إن كان كل هؤلاء ينوون التصويت بالفعل لصالح ثريا..

وقد بدا على الجميع الانصات للكلمة التي تلقيها الأخيرة على المنصة..

تحركت ببطء وثقة تقطع الممر الطويل بين المقاعد نحو المنصة تضرب بكعب حذائها بتعمد على أرضية القاعة محدثة صوتا عاليا شتت ثريا لثوان وقد لمحتها بمجرد دخولها.. فتبدل ذلك الزهو الذي شعرت به لحظة دخول شويكار حين تجدها تقف أمام هذا العدد الكبير من المهتمين بسماع برنامجها الانتخابي .. فدوما كانت شويكار هي صاحبة الاعداد الكبيرة في ندواتها ..

تبدل زهو ثريا للارتباك وهي تستشعر الطريقة التي تقترب بها شويكار..

خطوات عالية الصوت ..

رتيبة ..

ملفتة للانتباه ..

وكأنها دقات المسرح تعلن عن اقتراب فتح الستار..

أو دقات الطبول إعلانا عن استعداد المقصلة لقصف الرؤوس.

طقطقة كعب حذاء شويكار العالي صاحبه تصفيق من صاحبته..

تصفيق بطيء الرتم ..

قوي ..

ساخر ..

كصفعات مهينة .

انتبه الجميع وتابعوا شويكار التي اقتربت من المنصة .. فقطعت ثريا كلمتها ووقفت تتطلع فيها كالجميع باندهاش بينما استمرت الأخرى في تصفيقها بذلك الرتم البطيء الساخر لثوان ثم تكلمت بلهجة ساخرة " رائع عزيزتي ثريا .. كل ما تقولينه رائع .. خاصة ذلك الجزء المتعلق بمسئولية الجمعية المجتمعية في توعية الافراد وعمل دورات مجانية لنشر الأخلاقيات والقيم والمثل العليا بين الشباب"

بلعت ثريا ريقها وبدأ توترها يزداد متسائلة علام تنوي شويكار بالضبط .. واختلست النظر للصف الأول من الحضور حيث يجلس عدد من أعضاء مجلس إدارة الجمعية .. فطمأنت نفسها أن أي تجاوز من غريمتها سيكون معلن أمام الجميع وسيضر بصاحبته.

بينما وقفت الأخيرة تسند ظهرها بقبضتها وتضيف متهكمة " أحببت أيضا أن يقود هذه الدورات رجال دين وشخصيات عامة لها وزنها في المجتمع للتأثير في الشباب.. كل هذا جميل ورائع .. لكن يا عزيزتي ألا تجدينه متناقضا حين يصدر منك أنت بالذات !"

سرت الهمهمات العالية وتحفز أعضاء مجلس الإدارة غاضبين لتقول ثريا بانفعال "ماذا تعنين بالضبط يا شويكار هانم؟!"

برقت عينا الأخيرة بالشرر وردت بغل "أعني أنه قبل أن تحلّّقي بهم في سماء الوعود والامنيات وقبل أن تعديهم بمستقبل واعد لشباب البلد .. طبقي هذا أولا على بيتك .. فكيف تعدينهم بإصلاح جيل .. وابنك...."

قاطعتها ثريا صائحة" شويكار !!.. أنا لا أسمح لك (ونظرت نحو أعضاء مجلس الادارة تقول )ما هذا التهريج !!"

سرت همهمات أعلى في القاعة .. فاستدارت شويكار نحو الجالسين ترفع كفيها في الهواء بحركة واثقة خبيرة في الاستحواذ على الانتباه تقول "اسمحوا لي يا سادة أن أقوم بالتوضيح وبعدها سأترك لكم التعليق .. السيدة ثريا الفالح تقدم برنامجا طموحا يعتمد غالبيته على النهوض بالشباب .. لكن حتى نقبل ببرنامج كهذا لابد أن يكون مقدمه قدوة يحتذى به وابنائه نموذجا صالحا في المجتمع"

هدرت ثريا تترك المنصة مقتربة منها " سأعتبر هذا سب وقذف علني يا شويكار وسأقاضيك"

تعلقت ذراعي الأخيرة مفتوحة في الهواء مقاطعة أدائها المسرحي وحانت منها نصف التفاته إلى يمينها حيث تكون ثريا ثم قالت بغرور وثقة " وهل أكذب؟ ( وعادت تنظر للحضور الصامتين يراقبوا المشهد بصدمة وقالت ) هل أكذب يا سادة ؟.. فغالبيتكم يعرف بالضبط من هو لؤي عظمة وكيف يقضي حياته"

كادت ثريا أن تبكي من الحرج .. تقاوم أعراض نوبة قلبية بينما استقام أحد أعضاء مجلس الادارة واقفا يقول بانزعاج" شويكار هانم ما تفعلينه لا يليق .. ولا يخصنا أن نتدخل في حياة المرشحين الخاصة"

رفعت شويكار حاجبا وردت باستنكار" كيف لا يخصنا مصطفى بك .. برنامجها كله توعية للشباب فإن كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص .. عموما .... "

رغم الغصة وانكسار قلبها أن عايرتها شويكار بابنها إلا أن ثريا قاطعتها قاصفة بانفعال "هل ستكررين ما فعلت مع ليلى بدران المديرة السابقة يا شويكار؟!! .. ألا يوجد لديك طريقة أفضل للمنافسة سوى فضح العائلات والتدخل في حياتهم الخاصة بكل وقاحة!! .. ( ورفعت ذقنها ترد بكبرياء ) عموما أنا لست ليلى بدران .. وابنها ليس ابني .. وبدلا من هذا الاسلوب الرخيص من ضرب المنافسين تحت الحزام .. أرينا برنامجك ومؤهلاتك .. نافسيني بشرف شويكار الشبكشي"

صمتت ثريا تناظر غريمتها بانتصار وقد شعرت بأنها قد افحمتها أمام الجميع بينما سرت الهمسات الجانبية في القاعة على شاكلة :

" نفس الاسلوب تعيده"

"دوما تبحث عن الفضائح"

"أسلوب رخيص جدا للمنافسة"

شعرت شويكار أن الأمر سيخرج من بين يديها فارتدت قناع البؤس بسرعة وغمغمت بانكسار "يا سادة أنا هنا لأشارككم مأساة عائلتي "

ساد الصمت وقد نجحت في لفت انتباههم من جديد لتضيف الأخيرة " إياكم أن تنظروا لما قلته من زاوية مرشحة تنافس أخرى.. فالأمر اليوم مختلف جدا .. أنا هنا لست بصفتي شويكار الشبكشي المرشحة لإدارة الجمعية .. أنا أمامكم (وصمتت لثوان تحرك انظارها بين الحضور لتتأكد من تأثيرها على أكبر عدد ممكن من الحاضرين واكملت بصوت مرتعش وهي تضع كفها على صدرها ) أنا هنا شويكار الأم المتألمة المتحسرة على ما ألم بابنتها بسبب شاب مستهتر فشل أهله في تعليمه الأصول والدين.. ( وعلت صوتها قليلا ) ابن السيدة ثريا (واشارت عليها ) يطارد ابنتي المتزوجة كما كان يطارها قبل الزواج ليحثها على الهرب معه وترك زوجها .. ووصلت به الجرأة أن يذهب إليها عند بيت زوجها"

علت الاحاديث الجانبية غير مصدقة بينما صرخت ثريا في وجه شويكار بدون تصديق " كذب .. كذب .. أنت كاذبة"

قالت شويكار محتفظة بوجهها البائس رغم رغبتها في صفعها " أنا لست كاذبة سيدة ثريا ومعي الدليل"

ساد الصمت من جديد فأعطت هاتفها للشاب المسئول عن تشغيل شاشة العرض في القاعة تقول "صل هاتفي بالشاشة من فضلك (ثم توجهت للحضور تقول ) سأعرض عليكم ما حدث أمس أمام الفيلا التي تسكن فيها ابنتي مع زوجها"

أعاد لها الشاب الهاتف فضغطت على زر التشغيل ليظهر لؤي أمام بوابة فيلا سعد الدين وهو يمسك بمرفق كارمن بينما هي تنتزعه منه بعصبية وتتركه لتدخل الفيلا.

لم يتعدى المقطع الدقيقة .. واختارت هذا الجزء بالذات لتثبت الحاحه وتمنعها وغضبها فكان دليلا دامغا رغم عدم وجود صوت.

ذهل الجميع بينما فقدت ثريا النطق لا تجد ما تقوله فصورة لؤي واضحة ورد فعل كارمن الذي يوحي بالغضب والاستنكار كان جليا .

أما شويكار فاستمرت في أدائها المسرحي تقول بلهجة حزينة "المشكلة أن زوجها قد علم بما حدث وتشاجرا رغم أن ابنتي ليس لها أي ذنب .. والآن حياة ابنتي العائلية على المحك بسبب رعونة ابن هذه السيدة التي تتشدق بأخلاقيات لا تعرف عنها شيء ( ارتعشت نبرة صوتها بتعمد مضيفة ) أنا لست هنا لأقول انتخبوا أو لا تنتخبوا .. ولكن لأطلب أن تدعوا لابنتي أن يلم الله شملها بزوجها وأن تمر الغمة بسلام .. فما أصعب أن تفجع أم مثلي بخراب حياة ابنتها .. واعلموا أن من يساند الظلم يتشارك معه في الذنب .. ( صمتت قليلا تحرك مقلتيها على الحضور ثم أنهت خطبتها قائلة ) العرض انتهى يا سادة .. انتهى بخراب بيت ابنتي .. شكر الله سعيكم"

قالتها بنفس الطريقة المسرحية المؤثرة وتحركت في الممر عبر الصفوف بخطوات أسرع وأعلى صوتا من دخولها السابق ..

تاركة الجميع بين الهمهمات الغاضبة والمدافعة يتناقشون بصوت عال ..بينما ثريا تستند على المنصة بإعياء ومساعدوها يتحلقون حولها.

××××



أن ترى حياتك كلها سارت في اعوجاج رغم محاولاتك المستميتة لتقويمها.

أن تعترف بأن صبرك طوال السنين من أجل مصلحة فلذة كبدك ذهبت هباء.

أن تعترف بأنك فشلت في العبور حتى أخر حياتك بأمان.

أن تحاسبك سنوات عمرك وبدلا من أن تشعر بالفخر لما جنيت تشعر بالخزي مما فرطت.

لهو شعور لا يوصف من الخسارة !!..

جلس عاصم بخيبة أمل .. وفراغة صبر.. وباكتفاء بما تلقاه منها .. وبتأنيب ضمير على سنوات عمره التي ضاعت بصبره عليها..

جلس يتنظر عودتها بوجه واجم .. وحمد ربه أن كارمن بعيدة ولم تدر بما فعلت والدتها.

أما شويكار فكانت تطفو فوق السحاب من الفرحة وهي تخرج من مصعد البناية التي تسكن فيها مع عاصم عائدة من الجمعية..

لقد قضت على ثريا مساء أمس بالضربة القاضية .. وتراجع الكثيرين عن تأييد انتخابها.. أما ثريا نفسها فلم تجرؤ على أن تظهر أمامها اليوم..

حين اقتربت من الشقة افاقت من سكرات الفرح على رؤية حقائبها على بابها.. فجحظت عيناها غير مصدقة .. حتى أنها دققت فيها لتتأكد من أنها لا تهلوس .. لتنتفض غضبا واعتراضا على هذه الطريقة المهينة من عاصم .. وتمسك بمفتاح الشقة تبرطم بوعيد .. لكن قبل أن تدسه في الباب فُُتِح بخشونة .. فتسمرت تتطلع في عاصم الذي يقف في استقبالها بوجه مكفهر غاضب .. ولم تفهم لأول وهلة ما سبب حالته فقالت باستنكار "ما هذا؟"

قال عاصم للعم عبده آمرا "عبده انزل الحقائب لسيارة الهانم"

تحرك عبده بسرعة ينفذ فطالعته شويكار بذهول وهو يلتقط حقائبها ويبتعد نحو المصعد لتستدير إلى عاصم كالعاصفة صافعة للباب لتغلقه وهي تصيح" هل جننت يا عاصم؟!!"

لطمها عاصم على وجهها بقوة المكبوت في صدره منذ سنين وفاق تحمله..

صفعة آلمت كرامتها قبل أن تؤلم وجهها فجحظت عيناها تطالعه بذهول وهي تلمس موضع صفعته لينقض عليها يغرز اصابعه بقوة في لحم ذراعها هادرا" هذه الصفعة جاءت متأخرة للأسف لأنني رجل أحترم نفسي قبل أن احترم شريكتي حتى لو كانت هذه الشريكة انسانة أنانية لا تفكر إلا في مصلحتها فقط .. إنسانة تسير على مبدأ (أنا ومن بعدي الطوفان)"

بلعت شويكار ريقها واستعادت ثباتها بعد دوار المفاجأة لتنزع ذراعها منه بخشونة وهي تصيح "هل تضربني يا عاصم .. ضربتني أنا شويكار الشبكشي!!"

هدر عاصم في وجهها " ليتني كنت همجيا يا شويكار لربما استطعت ايقاف توحشك .. كنتِ قديما تخفين صلافتك خلف قشرة ماكرة ناعمة لكن الإنسان لا يقدر على إخفاء حقيقته لوقت طويل .. فتماديتِ وتماديتِ وأنا صبرت وصبرت .. ليس ضعفا مني وإنما حبا لابنتي المتعلقة بك بشدة .. لم أرغب في ان أكسر بقلبها .. لم أرغب في أن تعيش بين أبوين منفصلين ولم أكن لآمن عليها معك وأنا بعيد..

حاولت معك كثيرا .. عاتبتك ..خاصمتك ..عنفتك لكنك لا ترين سوى نفسك ولا تدورين إلا حول ذاتك.. (وسحب نفسا مؤلما لصدره وأكمل بأسى ) أنا نادم بشدة على أني أحببت كارمن أكثر من نفسي فصبرت عليك من أجلها فإذا بي اؤذيها بك.. تصورت بأنني بتضحيتي هذه أقلل من حجم الخسائر والانكسارات التي قد تتعرض لها ..لكن المسكينة تجني الآن ثمار حبي المتطرف لهاوحبها الغير مشروط لك .."

صاحت شويكار بغير صبر شاعرة بالملل مما تعتبره كلاما عاطفيا لزجا " هل من الممكن أن أعرف سبب تلك الخطبة العصماء على الأقل؟"

هجم عليها من جديد يغرز أصابعه في لحم ذراعها يهزها بقوة " السبب نرجسيتك وحبك لذاتك وتفضيلك لمصلحتك على حساب ابنتك .. السبب حالة كارمن التي تعاني منها الآن مع زوجها وقد استيقظت بداخلها عقدة بأنها مجرد دبوس ألماسي يعلق للزينة فتطرفت في ردة فعلها مع أول شجار بينهما حتى جرحت كرامة الرجل دون أن تدري .. ابنتك التي لم تسأليني حتى أين هي وكيف هي حالتها .. ( بلعت شويكار ريقها تطالعه بعينين متسعتين بينما أضاف عاصم ) السبب يا هانم يا بنت الأصول والعائلات الراقية ما فعلتيه حين فضحت ابنتك أمام أعضاء الجمعية بذلك المقطع المصور الذي عرضتيه أمس لتفضحي ثريا وأتمنى من الله ألا يعرف زوجها بما فعلت ِ.. السبب يا شويكار أنك لست أم ولست زوجة وإنما مسخا يحمل ملامح آدمية "

خلعت شويكار ذراعها مجددا من يده وصاحت باستنكار " تقول بأنك صبرت عليّ!!.. أنت صبرت عليّ أم أنا من صبرت عليك وعلى ابنتك التي تشبهك !! .. صبرت على غباءكما وافتقادكما للطموح .. حاولت تغييرك وحين فشلت حاولت تقويم شخصية ابنتك الغبية حتى تقدر ما تملكه وتستغله لتكون في الصفوف الأولى للمجتمع .. أنا مسخ يا عاصم .. أنا مسخ .. ألأنك رجل ضعيف تغار من نجاحي .. تصفني بكل هذه الصفات !!"

هدر عاصم بقوة " أنت طالق يا شويكار .. طالق"

وكأن دلوا من الماء المثلج قد اغرق جسدها المتأجج بالغضب لكنها لم تجد الفرصة لتستوعب لأن عاصم دفعها بانفعال نحو باب الشقة حتى ارتطمت به وهو يهدر حتى بح صوته" واذهبي من أمامي قبل أن أقتلك فلا أرغب في أن ألوث يدي بدمائك "

جحظت عيناها وهي لا تزال ترزح تحت المفاجأة معقودة اللسان ليفتح عاصم الباب وقد فقد أعصابه تماما ليدفعها للخارج قائلا "هذه الشقة لا تخطيها بقدمك أبدا .. وفيلا السيوفي ستمكثين فيها حتى أجد لك شقة صغيرة وبعدها ستتركين الفيلا نهائيا وهذا الكلام لا رجعة فيه .."

حاولت شويكار الحفاظ على توازن جسدها بعد دفعه لها بكل قوته .. ووقفت أمام الشقة تطالعه بعينين ناريتين غاضبتين ثم رفعت ذقنها بكبرياء زائف تداري شعورها بالهزيمة وردت " حسنا يا عاصم كما تريد .. فقط لي طلبا واحدا .. ألا تعلن خبر طلاقنا إلا بعد أن تنتهي انتخابات الجمعية "

لم يرد عاصم وإنما صفع الباب بقوة في وجهها .

××××


نهاية الفصل العشرون

اتمنى يكون قد حاز على اعجابكم



مع حبي

شيماء يسري شموسة


Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-11-19, 02:47 PM   #385

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 172 ( الأعضاء 58 والزوار 114) ‏Shammosah, ‏Algraba, ‏Ghada$1459, ‏Kokinouna, ‏غرام العيون, ‏tasoo, ‏نورسه, ‏شاكره لله, ‏suzi ar, ‏نور المعز, ‏حزينة جدا, ‏shdn, ‏Berro_87, ‏ميرو*محمود, ‏كياكيا, ‏shstar87, ‏maisa hibar, ‏hekmat.3+, ‏YHaneen, ‏تالن يوسف, ‏ام حسن وحنين وحازم, ‏امل حياتي3, ‏باسم محمد ابراهيم, ‏منوني1, ‏أم نور وحياة, ‏بودي ريمي, ‏Roro adam, ‏شكولاين, ‏لينا وساره, ‏shatoma, ‏اليجرا, ‏Soy yo, ‏نو الحق, ‏samam1, ‏safinaz 81, ‏Asoomy, ‏asaraaa, ‏نهى عطار, ‏Booo7, ‏رحوبه, ‏hhanen, ‏سيلينان, ‏Ki na, ‏HEND 2, ‏إميلا, ‏همس البدر, ‏إحترت أسميني, ‏هــــمــــــســــــ..., ‏ghdzo, ‏محبة ريم, ‏@جار القمر@, ‏Lolo rabah, ‏lama., ‏د/عين الحياة, ‏lolo ahmed, ‏prencess of aliens, ‏موضى و راكان, ‏Mada0
Dr. Aya likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-11-19, 05:20 PM   #386

عائشة احلام

? العضوٌ??? » 441609
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 74
?  نُقآطِيْ » عائشة احلام is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل جدا وحداث مشوقة معى تمنياتي لك بتوفيق

عائشة احلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-19, 06:41 PM   #387

عبق الوطن

? العضوٌ??? » 439195
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 31
?  نُقآطِيْ » عبق الوطن is on a distinguished road
افتراضي

الكاتبة الوحيدة الثي أحس بكل كلمة تكتبها وكأنني أعيش مع أبطالها

عبق الوطن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-19, 07:12 PM   #388

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل مليئ بتوتر وتن كان يتخلله بعض رومانسية شيمي و رفيدة ....انا غير مقتنعة بطريقة التي تعالج كارمن بها مشكلتها ..حتى و ان كانت تريد ان تتأكد من حب فارس لها....لان حقا معاناة فارس و قلق عليها كان كثيرا عليه.. لا عرف كيف سيكون وقع خبر الحمل على فارس.......اما شويكار تستاهل اكثرلان تماديها حتى وصل لفضح ابنتها من اجل جمعية ...قمة الانانية ..اسلوبك رائع وفوق الوصف يوصل المشاعر بكل سلاسة للقارى ....موفقة ان شاء الله

Soy yo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-11-19, 03:33 AM   #389

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

اخص عليكى ياكارمن هان عليكى فارس تعملى فيه كدا وجالك قلب
منها لله امك احسن والله انك طلقتها ياعاصم

ويخربيتك يالؤى قفلت الليلة على دماغهم والرجل اتبهدل تدوير ياعينى

الشيمى والاستاذة انطلقوا ياعينى ههههههههههههه
تسلم ايدك ياقمر


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 28-11-19, 06:28 PM   #390

نهى عطار

? العضوٌ??? » 432489
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 340
?  نُقآطِيْ » نهى عطار is on a distinguished road
افتراضي

رواية جميلا جدا في انتظار باقي الفصول

نهى عطار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:09 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.