شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f394/)
-   -   دقات محرمة (2) .. سلسلة قلوب معلقة *مكتملة* (https://www.rewity.com/forum/t459368.html)

Nor BLack 11-10-19 04:23 AM

دقات محرمة (2) .. سلسلة قلوب معلقة *مكتملة*
 


بسم الله الرحمن الرحيم

دقات محرمة
https://2.top4top.net/p_138098upj0.jpeg

https://h.top4top.io/p_16157eo1k1.jpeg

https://i.top4top.io/p_1615wop932.jpeg


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


والان بأذن الله سوف يتم بأذن الله نشر الجزء الثانى كامل ..أتمنى ينال إعجابكم وقراءة سعيدة مقدماً🤣🤣🤣🤣🤣




روابط الفصول



الفصول 1 - 13 .. في نفس الضفحة
الفصول 14 - 23

الفصول 24 - 30 مع الخاتمة

شظايا القلوب(3) سلسلة قلوب معلقة*مميزة*

https://www.rewity.com/forum/t459560.html

رابط تحميل رواية دقات محرمة
https://www.mediafire.com/file/tvlgq...25D8%25A9/file

Nor BLack 11-10-19 04:25 AM

الفصل الاول

صرخ إيهاب:"مرييييييم..تعالي هنا الأن."
أجابت مريم:"لا لن آتي..فأنت تريد معاقبتي"
رد عليها بسخرية:
"وهل تظنين أن بإختبائك أعلى خزانة الملابس لن أستطيع أن أصل إليكِ؟"
فردت عليه وهي تمط شفتيها:"لا أظن ولكنها مجرد محاولة"
لمعت عينيه ضاحكاً رغماً عنه من أفعالها مخبراً نفسه:
*مهما حاولت أن أراكِ ناضجة لا أستطيع..تبقين كما أنت صغيرة جدا بأفعالك مريم...*
قطعت إسترسال أفكاره وهي تلوح بيديها لتجذب إنتباهه اليها:
"أين ذهبت ؟!أنا ما زلت هنا وتعبت من التسلق..لن تعاقبني لو نزلت من مكاني!!"
رسمت إبتسامة بريئة مشاغبة فهي تعلم جيدًا أنه لا يستطيع مقاومتها فأضافت:
"أرجوووك أنا أكره العقاب"
عقد يديه على صدره ورفع حاجب واحد وهو قال:
"كفي عن ألاعيبك مريم وإهبطي لنتحدث كالبشر"
مطت شفتيها بإمتعاض قائلة:"وماذا نفعل الأن؟!"
رد ساخراً:
"في الحقيقة أنسة مريم أنا لا أرى إلا قردة و أنا مدربها للأسف"
أضاف محاولا فرض الجدية في الحوار:"إنزلي مريم الآن"
تنهدت وقالت بإستسلام:
"اللهم إني لا أسالك رد القضاء ولكني أسالك اللطف فيه"
رفع حاجبيه بدهشة حتى كأنهما يصلان لآخر جبهته وهو قال:
"لقد أصبحتِ تجيدين العربية وأيضاً الدعاء بها,من أنت ؟!!"
كتمت ضحكتها بصعوبة وهي تهبط تحاول توازن جسدها بحرص نادمة على فعلتها المتهورة تعلم جيداً أنه لم يعد يصلح لها ما كانت تفعله سابقاً..خرجت من أفكارها عند ملامسة قدميها للأرض شهقت بخوف عندما شعرت به يرفعها عن الأرض مرة أخرى..وقالت:
"ماذا تفعل إيهاب لقد وعدت أننا سنتحدث"
..وأضافت بصوت عال قليلًا معترضة:
"إيهاب إياك..أنا لم أعد صغيرة,أقسم إن ضربتني على..على"
إرتفعت ضحكاته على ترددها..وقال ساخراً:
"على ماذا مريوم؟! هيا قولي على مؤخرتك أليس كذلك!! كما كنت أفعلها عندما تخطئين وأنت صغيرة"
ردت مريم وهي تحاول الفكاك منه:"إيهاب إيّاك,لن أسامحك إن فعلتها"
لم يبالى بمحاولتها التخلص منه فشدد على خصرها بقوة وهو يضم ظهرها لصدره..توجه إلى باب الغرفة وقام بغلقه بالمفتاح..توجه بعدها إلى سريرها الخاص يمددها عليه ولفها بين يديه ليحكم محاصرتها بجسده حتى لا تستطيع الهرب وقال محذرا لها:
"كفي عن إعتراضك وحركاتكِ الخرقاء..مريم تعرفين أني لن أتركك"
أردف بعدها:
"والأن أنسة مريم لماذا فعلتِ ذلك ؟ماذا فعلنّ لكِ هؤلاء النساء لتقومي بفعلتك الشنعاء تلك؟!! أريد إجابة ولا تتهربي"
إستسلمت تماماً لحضنه ونفخت خصلة من شعرها عن عينيها بدون إهتمام قائلة:
"كنت أشعر بالملل..لا شيء جديد فأردت إضافة بعض المرح"
إجابتها صدمته فقال:
"شعرتين بالملل فتضعي لبلاب سام على مقاعدهن ليقمن كمن أصابهن الجرب ؟!"
جرته لمرحها وهي تحاول أن تذكره بالمشهد بشقاوة محببة وهي ترقص حاجبيها وإنفجرت في الضحك هي الأخرى عند مرور المشهد في ذاكرتها:
"هل رأيت والدتك عندما أخبرت إبنة عمك المصون بأن تقوم بحك ظهرها لها ؟"
لم يستطع مقاومة وجهها الضاحك ومرحها لينخرط معها في الضحك عند تذكره الموقف ويسايرها بالقول:
"هل رأيتِ إبنة عمي وهي تصرخ بأمي أن تقوم هي بالحك لها أولاً ؟! والسيدة فوزية صاحبة الأنف الذي يصل إلى عنان السماء هل رأيتها عندما إحتضنت الشجرة تحتك بها صعوداً وهبوط ؟"
زاد صخبه بضحكة عالية عند تذكره لحفلة والدته وإبنة عمه التي تحولت لجنون بسبب صغيرته ,توقف قليلاً وهو يرفع يده يتحسس ذقنها بطرف إبهامه ليسائلها بصوت أجش:
"اذاّ نفذتي إنتقامكِ منهم كما هددتِ لكن لماذا فتحتي عليهن خرطوم المياه ؟"
ردت بلا مبالاة ولم تنتبه للتغير الذي طرأ على نظراته:
"قلبي الكبير عطف عليهن وأردت أن يطفئن قليلا من نار أجسادهن"
لم يستطع أن يسيطر على إستنكاره وهو يخبرها:
"مريم هذا جنون ويجب معاقبتك حتى لا تكرريها..صحيح أنا مثلك تمام لا أحب تلك الحفلات المنمقة المتكلفة ولكن ما حدث خطأ كبير جدًا من جانبكِ"
لم تستطع أن تسيطر على خوفها تسأله ببعض التوجس:
"ماذا الذي ستفعله؟"
نظر لها طويلاً..عيناه بلونهما الرمادي المحبب اليها تتفحص عينيها بعسليتيها الدافئة بشغف..أدركت من تحول نظرته ويديه التي تسللت لملابسها تعبث بها وكأنه مغيب بما يفعل..إنه يريد أن يطلق مشاعره المتحفظة وينزع وجهه الوقور المراعي جانباً..يتحرر من شخصه الرزين الذي يعرفه الجميع معها هي فقط ليصبح إيهاب أخر لا يعرفه سواها جامح متلهف نار في مشاعره وفقط بين ذراعيها هي..يُخرج كل كبته وما كان يكتمه لسنوات..عاطفة لم يظهرها لأحد غيرها فيكتسحها ويرغمها لتستسلم لما يريد بدون حول لها أو قوة لمقاومته أو الإعتراض...
مال اليها يحاول إلتقاط شفتيها فحركت يديها سريعاً من بين ذراعيه تحاول أن تقاومه لتضع يديها على فمه
تخبره ونبراتها يحتلها الغموض:
"سوف تتأخر عليهم وسيأتون للبحث عنك..ألا تخاف أن يتساءلوا لماذا كل هذا التأخير؟"
أزاح يديها غير مدرك لمعاني كلامها المبطن وهو يميل بوجهه يلثم نحرها وهو قال بصوت أجش:
"هن يعتقدن أني أعاقبكِ الآن وهذا يفرحهم,وأنا أعقابكِ وكم يسعدني عقابك يا ناعمة"
رفعت يديها تحاوط عنقه بإستسلام تبادله عاطفته المتدفقة فهي إشتاقت له أيضاً وهي من وافقت على هذا الوضع بل وسعت له بكل قوتها..اذاً لكل حادث حديث و الآن لتعيش جنونه العنيف بها وربما..ربما هذه المرة لا يفعل مثل كل مرة ويهرب..ستمنحه فرصة أخيرة !!
بعد وقت طويل..كانت مازالت مستلقية و ملتحفة بأغطية الفراش تنظر له ببعض الغموض والغضب يتآكلها,كعادته معها ينهي ما يريد ثم ينهض كالملسوع ليغادر وكأنه يتهرب مما حدث !! مال عليها بعد أن أتم إرتداء ملابسه وهو غافل عن ردة فعلها والمشاعر المتعاقبة التي تحتلها وكعادته بعد إنتهاء العلاقة بينهم يحاول بثها الإطمئنان ويأمرها ككل مرة ما يجب أن تفعل..إقترب منها يهمس أمام شفتيها وهو يحاول لثمها:
"إنهضي الآن لترتدي ملابسكِ مؤكد ستأتي إحداهن لتشمت فيكِ بعد مغادرتي"
أبعدت وجهها عنه بحدة..عقد حاجبيه وحاول أن يفهم ماذا حدث ؟! حاوط بيديه رأسها وهو يميل عليها قليلاً:
"ماذا حدث؟! ما بكِ حبيبتي ؟"
لم تستطع مقاومة غضبها الذي يتآكلها وهي تهتف بِه بنبرة مغتاظة:
"ماذا بي؟ لا شيء,ولكن ألن يتسألوا لما ليس هناك أي أثر للعقاب عليّ؟"
قرب وجهه منها أكثر يتلمس شفتيها ولم يدرك بعد أن أوان ثورتها قد حان وإنقلابها قد بدأ..أخبرها بصوت رتيب:
"لا تخافي لقد تركت بعض الأثار على يديكِ وجسدك وسوف يفسرونها على أنها عقاب غير مدركين أنه عقاب ممتع لرجل جائع"
حاول مرة أخرى تقبيلها فمظهرها يثيره بشدة برغم انتهائه من جولةعشقها للتو..ما قاله ويحاول فعله جعل غضبها يتفاقم مع طعنة مؤلمة تمكنت منها إنه لن يشعر بها يوماً..فهو كما أخبرها..رجل جائع وشبع وسيغادر الآن فلما يهتم أو يفهم..أزاحته بحدة في صدره لتبعده عنها فقد إكتفت لا تريد عاطفته ولا شغفه ولا إهتمامه....
تراجع للوراء جالساً على الفراش أمامها ينظر اليها بعدم فهم مندهش من ردود أفعالها:
"ماذا الآن مريم !!ما بك؟"
ضغطت على أسنانها بقوة وهتفت في وجهه بغضب وهي تنهض من مكانها غير مبالية بالغطاء الذي إنحسر عنها:
"ماذا بي إيهاب باشا؟! لا شيء.."
اقتربت من وجهه تكاد تلامسه وإرتكزت على ركبتيها تواجه جلسته أمامها:
"سؤالي فقط لم كل هذا الإحتياط؟"
أضافت بإستفزاز:
"هل يخاف إيهاب باشا العظيم أن يكتشف أحد علاقته الشائنة بي؟!"
ردد مصدوم بما تتفوه به:
"علاقتي الشائنة بكِ؟!"
وأضافت بغضب وكلماتها تقطر سمّاَ تذكره:
"نعم,وهل لها مسمى آخر...أخي العزيز؟!"
بعد أن تدارك نفسه وكسى وجهه البرود الذي يحجب به نفسه عنها ليمنعها من الوصل الى محور أفكاره في هذه اللحظة
رد إيهاب:
"كما تحبين أن تسميها أختي الصغيرة,لكن أحب أن أذكرك العلاقة الشائنة أنت من سعيتِ اليها و رضيتي بها رغم معرفتك جيدا بأنها علاقة مستحيل أن يتقبلها المجتمع من حولنا"
أمسك بذراعيها العاريين وأضاف بقسوة:
"وما أنا إلا رجل يتقبل كل ما يقدم له بسخاء وإقناع"
رده البارد القاسي قتلها..فردت عليه بغضب وتهكم لتجلده:
"الآن أنا من سعيت اليها..وما أنت إلا رجل لم يستطع مقاومة أخته الصغيرة اذاّ أين كان عقلك ؟ كلأنا إرتضى برغم أني أرى بحكم سنك وإخوتك المزعومة كان يجب أن توقفني عند حدودي لا أن توافق على هذا الوضع الشائن"
ضغط على كتفيها يؤلمها رغماً عنه فما قالته جعله شبه مغيب العقل ليهدر متمتما من بين أسنانه بشراسة:
"اذاّ دعيني أذكرك كم قاومتك وأفهمتك أن العلاقة مستحيلة..في إحدى المرات هل تذكرين تسللك لفراشي ومحاولتك الخرقاءلإغرائي وجراءتك في لمسي بدون حياء ولم تفهمي كلامي بعقلك المحدود فضربتك !!"
إرتعشت بالألم من كلامه والذكرى تجتاحها وجهها متألم..وجع ينتشر في روحها وعقلها..لكن لن تضعف الآن هي من بدأت مواجهة صمتت عنها كثيرا مستسلمة لما يريد
فقالت بقوة وسخرية تملكت صوتها:
"نعم ولكن في النهاية لم تستطع الصمود ورضخت لي حولتني لشيء يستخدم عند حاجتك له كما قلت..أنت رجل لم تستطع السيطرة على رغباتك حتى مع أختك الصغيرة !!"
إقترب منها ونظر لها بإزدراء فتصميمها على ما قالت وسخريتها جعلته غير مبالي بوجعها بل تحكمت بِه شياطينه ليذكرها ويؤلمها فأجابها:
"نعم يا مريم كما قلتِ لا مانع لدي أن تكوني أخت في العلن وجسد يمتعني في السر..طالما الصغيرة لا تمانع وسعت إليّ بقوه لتقنعني وتغريني ببراعة"
توقف لحظة يدعي التفكير وهو ينظرلها بإستخفاف متفحصا جسدها العاري بين يديه قال ببطئ مهين يذكرها:
"ولكن سؤالي يا مريم..لماذا الآن ؟ كنتِ منذ قليل فقط متلهفة في أحضاني تبادليني الغرام بنارية و متشبثة بي وبعاطفتي..عند كل توقف مني تطلبي بقائي وكأنك لا تريدين تركي مهما طال اللقاء ؟"
طعنة مخذية مما قال إنتشرت في صدرها..تغضن وجهها بالألم فما قاله هو الحقيقة كاملة إنها لا تريد تركه فكانت تريد البقاء بين ذراعيه حتى لا ينفصل عنها وتتذكر وضعها الحقيقي..لم تكن أقل منه قسوة عندما أجابته:
"ربما شعرت الآن بالإشمئزاز مني ومنك وأنا أراك مثل كل مرة تفعل الخطأ وتلوذ هارباَ بعد أن تحرص جيدا على إخفاء جريمتك"
أجابها غاضبا:
"إخرسي,إخرسي سوف تندمين على كل كلمة حمقاء تفوهتِ بها يا مريم"
شعر أنه غير قادر على تحمل المزيد من كلامها المسموم..نظرلها بغضب فمظهرها أمامه عارية تقف على ركبتيها. غير مبالية حتى بستر نفسها ووصفها لعلاقتهم بهذا السوء جعله يؤلمها ويأمرها:
"أستري جسدكِ وإن كنتِ أدركتِ خطائك أخيراً فتوقفي عن إستسلامكِ المقرف كما تتدعي وتسللكِ لغرفتي كل ليلة بحجة الإطمئنان على أخيكِ الكبير أمام سكان المنزل وأنت تخفى سببك الحقيقي بالبحث عن عاطفتي"
أزاحها بحدة من كتفيها لتقع مباشرة على الفراش تراقبه وهو يغادر دون الإلتفات اليها وجفلت عندما سمعته يغلق باب غرفتها خلفه بعنف ,إعتدلت تجلس على الفراش تضم ركبتيها إلى صدرها تحركت لتمسك بالغطاء تشده عليها تحاول ستر جسدها جيداً تحدق في الفراغ تبكي بقهر فشعور الذل يجتاحها وكل ما حدث منذ دقائق بينهم يترافق مع جميع ذكرياتهم عندما بدأ الأمر..هو لم يكذب هي من وافقت على الوضع بل وسعت اليه وإرتضت به,كل كلمة تفوه بها لديه كل الحق فيها,أغمضت عينيها لم يفهمها ولم يتفهم إستسلامها ولا موافقتها وسببها كانت تصمت طالما هو بجانبها ويحميها,طالما يحبها حتى إن لم يصرح أبدا بذلك ولكن شعرت بالقليل من مشاعره التي تحولت لصالحها,ترضى بعلاقة مرفوضة يحددها مجتمع من حولها ومتحكم فيهم,ترضى بالقليل الذي يمنحه لها من مشاعر في سرية شديدة ويرضى قلبها المريض بحبه ,كانت تصمت راضية ولكن لن تستطيع الصمت بعد الآن ماذا تفعل في مصيبتها التي إن كُشفت سوف يتساءل الجميع عن المتسبب بها ؟!وقتها هل ستجرؤ على ذكر إسم إيهاب ؟ وإن فعلت هل سيصدقها أحد؟؟
خرج بعاصفة من غرفتها بعد أن أغلق الباب بقوة هزت أركان الغرفة من خلفه..لم يستطع المغادرة أبعد من ذلك فقلبه الخائن لن يستطيع المغادرة ويطرق بعنف وقلق عليها..توقف للحظات يستمع لنشيجها العالي فأغمض عينيه بيأس وسند رأسه على باب غرفتها لا يستطيع أن يسمع بكائها ولا يحب حزنها لكن هي من بدأت و سعت لذلك وجرته معها لما هما فيه الأن,بأي حق الآن تعترض؟!بأي حق توقظ بداخله نار ضميره بعد أن سيطر عليها بصعوبة بسبب وضعهم هذا ؟! بأي حق تسرق منه اللحظات التي يستريح فيها معها ؟ ألا تعرف الغبية أنه بعد كل مرة يشعر بالحقارة والإنحطاط من نفسه لإستغلال إستسلامها وضعفها له ؟ ألا تعلم كم من المرات يلوم نفسه على علاقة مستحيل الخروج بها للنور أو حتى المجاهرة بها ؟ مال فمه بإبتسامة ساخرة مريرة يؤكد لنفسه:
* نعم إيهاب جرحك كلامها في الصميم لأنه لمس الحقيقة التي تحاول نكرانها..لقد شبهت علاقتكم جيداً ووصفتها ببراعة علاقه شائنة ومحرمة *
قاطع أفكاره صوت من خلفه يوقظه من رثاء نفسه ووضعه المخزي صوت لا يُذكّره إلا بالغدر ونقصه:
"ماذا إيهاب ؟!هل ضعفت سريعا كما كل مرة على صوت بكائها الكاذب ؟ حقاَ إنها ممثلة بارعة,أنا واثقة أنك لم تفعل لها إلا بعض اللوم ككل مرة..لكن هي كعادتها تبكي بدموع التماسيح لجلب إهتمامكً والهرب من فعلتها"
إستعاد رباط جأشه على الفور ورسم الوجه البارد الخالي من المشاعر إستدار اليها قائلا:
"ماذا تريدين الآن إسراء ؟ طلبتم معاقبتها وها أنت تسمعين بنفسك نتيجة ما طلبتم ماذا الآن ؟"
اقتربت منه محاولة فتح الباب وهي تقول:
"أشك أنك فعلت لها شيء لولا إهمالك في تربيتها ودلالك لها ما كنّا تعرضنا لتلك المواقف المحرجة"
ليشد يدها ويزيحها بقرف من ملامسته قائلا:
"ماذا تريدين منها الآن؟ ليس لأحد أي حق في إقتحام غرفتها هكذا ,وان كان عليّ تربيتها ودلالها فأنت تعلمين من ينقصه المبادئ والأخلاق وبالتأكيد ليست هي"
نظرت له بغضب قائلة:
"ماذا تقصد بالضبط إيهاب من تتهم بقلة الأخلاق ؟"
فأجاب ببرود:
"أقصد من أقصد إسراء فكري وستعرفي بنفسك."
"أنا لا أسمح لك إيهاب فإنتبه لكلامك"
فقال لها ببرود:
"وأنت كفي عن ألاعيبكِ إسراء بجعل حياتها جحيم,مريم لا تفعل تلك المقالب إلا ردًا على ما تفعلوه بها,إنتقام واهي من صغيره تجهل بألاعيبكم الخطرة وما تريدون أن تصلو اليه بتلك الألاعيب"
فردت إسراء بغضب وحقد:
"كعادتك دائما من صغرها تدافع عنها وتتهم الآخرين بظلمها,وهي تستطيع جذبك بسهولة لصالحها"
رد عليها ببرود:
"ربما لأنها الحقيقة التي تخشون أن تصرحوا بها جميعكم حتى أمي..إنها تخشى وتغار من أختي الصغيرة التي لم تفعل لكم شيء وليس لها ذنب في أن تأتي لهذا العالم وسط عائلة حاقدة"
قالت إسراء ببعض الألم من كلامه:
"نحن عائلة حاقده إيهاب ؟ ومن أجل من ؟! هل ترأنا هكذا حقا من أجل تلك الا..."
لينهاها بشراسة:
"إياك التفوه بكلمة في حقها أمامي أو حتى من وخلفي فلن يعجبك ردي أبدا"
ضحكت بألم قائلة:
"أنت حتى لم تدافع عني أنا هكذا يوما"
نظر لها بإستصغار قائلاً:
"ربما لأنكِ لا تستحقين"
هتفت به إسراء:
"متى أصبحت هكذا ؟ من أنت بحق الله ؟ أين الحنون المتفهم للجميع؟ أين من كان لا يجرح عدوه حتى بكلمة"
أكمل ببرود واضعا يده بجيب بنطاله مبتعدا عنها خطوة للوراء:
"أنا ما زلت أنا ولكن مع من يستحق ولديه مبادئ وأخلاق"
هتفت بغضب:
"أنا أستحق,أنا إبنة عمك..أنا من تستحق وسط الجميع,أنا زوجتك إيهاب أنا أستحق حنانك وإحترامك أكثر منها"
إقترب منها وقرب وجهه من وجهها قائلاً ببرود فظ:
"كنتِ إسراء..كنتِ زوجتي,أنت مجرد مطلقتي ولا تتمني أكثر من ذلك يوما"
إبتعد عنها على الفور عقب كلامه غير مبالي بها اذ يدرك جيداً أين ينتهي كل حديث بينهم وهي لم تتأخر في فعلها عندما وصل لمسامعه توسلها الصارخ وتوعدها له بأنه سوف يعود لها صاغراً مذكرة إياه بعدم زواجه بعدها لاعتقادها بحبه فيها ,الغبية..أتعتقد أنه من الممكن أن ينظر لها بعد أن غدرت به وتركته لتتزوج من صديقه,والآن عادت تبكي بطفلتين مدعية حبها له ,وتريد العودة؟! كيف يأمن لها مرة أخرى؟! هز رأسه برفض يعلم جيداً أن المشكلة ليست في ذلك بل إنه أخرجها من حساباته بشكل نهائي,والكارثة الحقيقة أنه أصبح خبيثا,نفسه لا ترضى ولا تهدأ إلا بالوقت الذي يسرقه من الزمن بين ذراعي صغيرته..
خرج صوته عالي مرير:
"كم أنت حقيرا يا صاحب الأخلاق المثالية فعندما أخطأت لم تجد إلا هي تجرها معك!!"
أغمض عينيه بألم وشبح إبتسامة على وجهه يتذكر يوم مولدها في بلاد المهجر..كيف حملها بين ذراعيه والجميع بمن فيهم أمها رافض حتى النظر اليها,وقد سلمتها له إحدى الممرضات بعد غضبها من الحاضرين,والده وعمه الذين رفضوا حملها كأنهم يعاقبونها على إفساد خططهم جميعا,كيف ضم اللفة البيضاء بخطوط وردية إلى أحضانه,ينظر لها بإنبهار رغم عمره الذي تجاوز آن ذاك السابعة عشر,لكنه شعر بأجمل شعور لأخذه ذلك الكائن الرقيق بين يديه,يذكر جيدا شعوره أن الطفلة الصغيرة سوف تعاني من عائلة رافضة لها وأن أمرها أصبح كله على عاتقه عندما فتحت عينيها لأول مرة تنظر له مباشرة بعينيها بلونها العسلي المميز الدافئ ربطته بها وربطها به وهو يضمها الي صدره يحاول تهدأتها يحدثها ويبثها الإطمئنان ويعدها أنه سيراعيها,وهذا ما حدث,حتى إسمها رفضت أمها أن تمنحها إسماً,فأطلق هو عليها إسم (مريم) لا يعرف لِمَ ولكن قلبه حدثه أنها سوف تتعرض للظلم وسيكون لها نصيب من إسمها,وهذا ما حدث طول أعوامها التسع عشر لتنتهي بأن يذبحها هو على يديه,وينهي أي أمل لها في مستقبل مستقر سليم

Nor BLack 11-10-19 04:26 AM

الفصل الثاني

عاد من ذكرياته رفع عينيه ليصطدم بوجه أمه الغاضب الحانق دائمًا,تلك السيدة التي تحاول طمس خطوط الزمن بأي شكل على وجهها بدون فائدة,القسوة التي تُكنها في قلبها تتجلى بوضوح على وجهها لتمحو أي أثر للتجميل أو أن تظهر أصغر سنًا كما تسعى,لا يعرف ما سر كل هذه القسوة وخصوصًا تجاه تلك الصغيرة البائسة التي رماها القدر في طريقهم جميعا,ألا يكفي ما عانته؟ أ لم يكتفوا من قسوتهم! ماذا بعد؟!
سوف تثأر منهم صغيرته القوية ذات الروح الشفافة,برغم كل ما تعانيه من قسوة وكره يحيطها إلا أنها تحول الأمر لإنتقام ضاحك عفوي وأفعال بريئة .
قاطعت أمه تأمله وشروده وجهت الحديث إليه بغضبها المعتاد:
"هل عاقبت تلك البائسة ؟عديمة التربية تتجرأ وتفعل ما فعلت مع صديقاتي ومعي"
لم يستطع أن يمنع تأففه بضجر,ها هي المحاضرة تعاد مرة أخرى..حاول منع إسترسالها قبل أن تبدأ:
"أمي أرجوكِ,لقد تحدثت معها ولن تكررها كانت تمزح فقط معكم"
لتقاطعه بحدة:
"تمزح؟! تمزح مع سيدات من أرقى طبقات المجتمع و تجعلهم يقفزن مثل القرود,لقد خسرتُ مكانتي بسببها.."
لتكمل بوعيد:
"البائسة المتشردة,تقول تحدثت معها!! بالتأكيد لم تفعل لها شيئاً,لا فائدة يبدو أني سأقوم بتهذيبها بنفسي"
تركته وتوجهت إلى درجات السُلم,وقف إيهاب في طريقها قائلاً بصوت حازم:
"يكفي إلى هنا وتوقفوا,لا أحد سيتحدث معها ولا يوجد أحد له الحق في معاقبتها وأنا سأجعلها تعتذر لكم,لكن أقسم يا أمي إن تعرض لها أحد فرد فعلي لن يكون جيدًا"
نظرت له أمه باستنكار وقالت غضب:
"أهذا تهديد إيهاب؟! ومن أجل تلك الفتاة الحاقدة الناكرة للجميل ؟ أنا أمك تتوعدني من أجلها ؟"
زفر بضيق محاولاً مهادنتها قائلاً:
"أنا أسف,لكن لقد طفح الكيل وتعبت من المشاكل والتوعد يا أمي..فقط توقفوا عن أذيتها,مريم بطبيعتها لا تثير المشاكل إلا ردًا على من يؤذيها,الى هنا و يكفي لا أعرف سر كرهك لها هكذا!! حاولي ولو من أجل راحتى أن تعتبريها إبنتكِ"
ردت عليه أمه بإستعلائها المعتاد:
"من الذي يفتعل لها المشاكل يا إيهاب ؟ إنها لا تستحق حتى مجرد نطق إسمها في نظري,و لن أعتبرها أبدا إبنتي..أما كرهي فأنا لا أراها من الأساس لأكرهها أو أحبها,فقط أبعدها عن طريقي"
وأضافت بحقد قديم دفين:
"رغم كونها أختاً لك أنا لست مجبرة على تحملها"
أجاب بقنوط:
"لا فائدة منكم أبدا مهما حاولت"
كرر حديثه مرة أخرى بصوت قاطع قوي:
"أكرر كلامي لا يصعد لها أو يخاطبها أحد..تأكدي أنها سمعت الكلام الجارح واللوم الشديد ولا تحتاج المزيد"
تركها وغادر تاركاً البيت..شعر بالإختناق من كل ما حدث منهم ومن حمله الثقيل! حتى بعد أن وجد راحته أخيراً وهدوء نفسه بوقت يسرقه من الزمن معها ليستريح فيه لأنها تمنحه الكمال وتهبه من روحها..انقلبت الصغيرة عليه ثائرة ولا يعرف السبب !!
لم يرَ ضحكة الإنتصار والشماتة التي إرتسمت على وجه أمه وإسراء الغاضبة من ردوده الجافه حسناً فليست الوحيدة هنا من تتلق اللوم ربما يعزيها قليلاً أنه إنقلب على والدته ويعذب مثلما تتعذب هي !! كانت مازالت لم تتحرك من وقفتها أعلى الدرج تستمع للحوار بينهما .
تحركت مريم بتثاقل ناحية الباب لتقوم بغلقه بالمفتاح تسمع جيداً الكلام والصراخ المتبادل بين إيهاب وتلك..أغمضت عينيها بألم وأكدت لنفسها
* إبنة عمه فقط..إبنة عمه تذكري هذا جيدا,إسراء إبنة عمه وهو لن يعود اليها أبدا هو من أخبركِ بذلك مراراً حتى قبل أن تتحول علاقتكم*
تحركت إلى الحمام الملحق بغرفتها غير عابئة أو راغبة أن تسمع ما يدور,وما الجديد الذي من الممكن أن تسمعه؟ إنه مثل كل مرةعتاب,وشماتة بها,أو حتى سب في أخلاقها,ولوم له لتدليلها..ضحكت بألم *تدليلها *
بحق الله..يستكثرون عليها مجرد دلاله لها ؟ أي دلال هذا!! هل لأنه يلبي لها رغبة ما,أو يهتم بها في مرضها أو يدافع عنها أمام عائلة كاملة قامت بإضطهادها نفسيًا طوال عمرها وكرهوا وجودها..فأصبح هذا دلال ؟!
تذكرت وهي في عمر العاشرة,مرة من مرات كثيرة كانت تحتاج بشدة والدتها المصون معها في حفل مدرسي مثل باقي الفتيات,بكت وتوسلت لكن والدتها ككل مرة رفضت بإصرار ناعته إياها:
"بالدخيلة المقرفة."
في ذلك الوقت وجدها إيهاب تبكي في حديقة المنزل الخلفية بعد أن بحث عنها وعلم بما جرى لها من والدتها وتعنيفها لها,إحتضنها بشدة مهدئاً إياها كعادته وخاطبها بصوت حنون مثل كل مرة يعنفها أحد منهم وأخبرها أنه سيذهب هو معها مثل كل مرة,ولام عليها أن سألت أحد وهو موجود دائما لها,فأخبرته أنه لا أحد يحبها حتى أمها,وسألته لماذا حاول أن يقنعها بكل السبل أن الجميع يحبها وأن والدتها تعاني من بعض المشاكل فقط ولكنها إبنتها المفضلة؟ حاولت إقناع نفسها بكلامه فإيهاب لا يكذب أبدا عليها,رغم إدراكها في سنها هذا أنه لا يتقبلها أحد ولا يريدها إلا هو..وهو فقط دائما موجود ليذهب معها لمدرستها,و يتواجد بكل شيء يخصها ,ملابسها الحلوة..ألعابها..يذهب بها إلى متنزه الأطفال,دائما موجود ولا أحد أخر حتى إعتقدت بوقت مبكر من إدراكها أنه أبيها وليس أخ لها ولكنها أدركت عندما تزوج إيهاب بإسراء أن إيهاب أخيها الكبير كما أخبروها !! تذكر يومها بكائها الطفولي وإنهيارها لأن إيهاب سيتركها ليسافر مع عروسه,كان طول الحفل يحتضنها ويبقيها بجانبه,إلى أن سحبتها أمها وعادوا للمنزل..
ومع إزدياد بكائها قامت والدتها بتعنيفها وضربتها على وجهها فركضت لغرفتها والتي عرفت بعد ذلك أنه من قام بمنحها غرفة خاصة وقام بتأسيسها..هو لا غيره دائما هو..ولا أحد أخر إهتم بها غيره,يومها شعرت باليتم والنبذ,كانت في سنها الصغير هذا تدرك إنها غير مرغوبة من أحد إلا إيهاب ومُعلمة أمريكية في مدرستها غريبة عنها ولكن هي من عوضتها مشاعر الأمومة التي كانت تفتقدها بشدة إلى أن عاد إيهاب من سفره الذي إستمر شهراً,يومها إحتضنها وأحضر لها الهدايا ولعب أطفال ولكن هذا لم يعجب إسراء,ولا أي أحد فالكل لا يريد لها حتى و لو مجرد شعور بسيط بالإهتمام والسعادة..
حاولت يومها التسلل لغرفة إيهاب بغطائها الوردي الذي طالما تجره معها,لكنها صدمت بواقع أن إسراء أخذت مكانها فبكت كثيرا..لم تكن تستوعب معنى أنها زوجته كان كل تفكيرها في سنها الصغير أن إسراء أخذته منها عنفتها إسراء بشدة ليكون رد إيهاب قاسى لإسراء و حاول تهدئتها وإصطحبها إلى غرفتها وحكي لها القصص مثل كل ليلة حتى نامت وقام بالإنسحاب من جانبها ,وإستمر حالها هكذا لا أحد يهتم بها ولا بمشاعرها حتى بعد أن عادت إلى وطن لم تراه طول عمرها,بسبب قسوتهم ومنعهم إياها من مغادرة الأراضي الأمريكية قسوة وتصميم لم تفهم سببه !!,لم يتغير شيء في القسوة والكره الذي تتعرض له..
رجعت من ذكرياتها فضربت حائط الحمام بعنف ماذا فعلت لتستحق كل هذا النبذ ؟! ماذا فعلت ليكرهوها هكذا ؟! تذكرت أمها إن كانت لا ترغب بها من البداية فلماذا أتت بها لهذا العالم ؟! لقد إفتقدت الحب طوال عمرها وها هي تخسر إيهاب المراعي لها..ما الذي حدث؟!! كان كل شيء جيد..متى تحولت مشاعرها له بهذا الشكل ؟ وما الخلل الذي حدث ليرمي إيهاب كل شيء عرض الحائط و يوافقها على علاقتهم تلك؟!!
توقفت عن ضرب الحائط ناظرة لإنعكاسها في المرآة مخاطبة نفسها بقسوة..
* بل تعرفين متى تحولت مشاعركِ من رؤيته أخ يرعاكِ و يقوم بشئونك ويعطف عليكِ إلى مشاعر مراهقة سخيفة منكِ ترينه فيها حلمكِ وعشقكِ,رجل ترغبينه مثل زميلاتكِ الذين يتحدثون بتبجح عن علاقتهم الغرأمية,لتتحول كل مشاعرك له إلى غرام خالص تريدينه وترغبيه...*
صرخت لنفسها بصوت عال:
*غبية..غبية فبدل أن تتوقفي إستمريتِ في جذب إهتمامه ومحاولة جذبه لكِ *
أمسكت إحدى زجاجات عطورها وألقتها على المرآه بعنف فحطمتها لتفرغ غضبها وقهرها بها توقفت وصوت أنفاسها العالي يصم أذناها تنظر لصورتها المشوهة..
*هذا أنت هذه حقيقتكِ مشوهة من الداخل والخارج *
لم تستطع أن تقاوم إنهيارها وهي تجلس على أرض الحمام الباردة تبكي بعنف ونشيج حاد,ليجفلها بعدها طرق حاد على باب غرفتها الخارجية وصراخ حاد يأمرها بفتح الباب...
....0000000000000000000000
الفصل الثالث

أجفلت مريم من الطرق الحاد على بابها بعنف وصراخ إسراء وأمرها أن تفتح الباب فورا,أغمضت عينيها بقهر..
*ماذا تريد تلك الآن ليس لي طاقة أو مقدرة على مواجهة أحد أو تقريعه *
مع إزدياد الطرقات وصراخ تلك المجنونة كان يجب أن تنهض وتتسلح بسلاح البرود على وجهها لتستطيع مواجهتهم..قامت تترنح قليلا مما شعرت به من قهر وغضب وبغض للجميع
*ماذا يريدون فليتركوني في مصيبتي الخاصة بحق الله*
إستطاعت بصعوبة أن تسيطر على أعصابها مع إزدياد الطرق على الباب..غسلت وجهها ببعض الماء البارد لعلها تستطيع السيطرة قليلاً على نفسها..خرجت سريعاً من الحمام تبحث عن ملابسها لتجدها مبعثرة في كل مكان حول الفراش لتتذكر لمسات وكلمات إيهاب الملتهبة والمتوعدة وهو يقوم بتجريدها منها بنفسه وهي مستسلمة إستسلام تام ومتلهفة كلها شوق لوصاله,مسلوبة الإرادة تماما لا ترى إلا عينيه الحبيبتين برماديتيهما التي شعرتاها بالأمان وتتسلل لروحها فتشبع جوعها لإهتمام شغفه الذي أصبح يحيطها به فيجعلها شعرت أنها تستحق الحب لا النبذ المحيط بها ,أغمضت عينيها بقوة تحاول أن تنحي وجهه وخيالاته الآن جانبا حتى تستطيع مجابهة إسراء وتدفعها بعيد عنها..تناولت ملابسها وإرتدتها سريعًا وتوجهت إلى الباب فتحته فقابلها وجه إسراء الغاضب لتصرخ بها:
"لماذا لا تفتحي يا بائسة..أخيراً الأميرة المتشردة فتحت لنا الباب"
ردت عليها مريم محاولة السيطرة على أعصابها:
"ماذا تريدين يا إسراء الآن ؟"
قامت إسراء بإزاحتها بيديها جانباً ودخلت إلى الغرفة قائلة بغضب:
"سمعت صوت تكسير..ماذا فعلتي يا بائسة ؟"
أجابت مريم بإستنكار:
"كيف عرفتي سريعا هكذا؟ أم أنكِ تراقبينني!!"
وأضافت بسخرية:
"لا أرجوكِ لا تقوليها..هل تخافين عليّ إسراء ؟!!"
ضحكت إسراء بصوت عالٍ:
"أنا أخاف عليكِ ؟ هل جننتِ ؟ تعلمين أن مشاعرنا مكشوفة وأني أنتظر اليوم الذي سوف أتخلص فيه منكِ بكل شوق"
شملتها بنظرات متفحصة..جفون منتفخة وعينين بلون الدم شعرها الغجري عشوائي بطريقة مجنونةغريبة! لتنزل بعينيها على باقي جسدها..ذراعيها العاريين تبدو عليهما أثار يديه في كل مكان يبدو أنه أخيرا وفى بوعده وقام بتهذيبها كما يجب ولكن ما يحيرها حقا ذلك الأثر على عنقها بالتوافق مع مظهرها الذي يثير الريبة إنها تقسم أن من يراها الآن يعتقد أنها خرجت للتو من مغامرة عشق حارة جدا..
هزت إسراء رأسها بإستنكار محدثة نفسها:
*ماذا إسراء غيرتك وهوسكِ بجذب إهتمامه تجعلك تفكرين تفكير غير طبيعي,أهذا ممكن !!إيهاب ومريم هل جننتِ؟ *
قاطعتها مريم بغضب:
"ماذا إسراء هل أنهيتِ فحصك جيدا لي وتأكدتِ مما آتيتي لأجله؟ اذاّ غادري أنا لا طاقة لي بأحد"
اقتربت منها إسراء بشماتة قائلة:
"هل رأيتِ حبيبي إيهاب لم يستطع رؤيتي أعاني منكِ وأخذ لي حقي بأقسى الطرق"
وضحكت بعلوصوتها وأضافت:
"يبدو أنه أحسن تهذيبكِ هذه المرة..تبدو أثار يديه في كل مكان..هل هناك الكثير من الأثار في أماكن أخرى؟! أه إيهاب حبيبي عندما يتعلق الأمر بي ينتقم بشراسة ولا يعير أياً كان أدنى إهتمام."
حاولت مريم كتم غضبها قائلة بسخرية:
"حبيبك إيهاب ؟! فعلا أضحكتيني إسراء,كلأنا يعلم أن إيهاب لا يعيرك أدنى إهتمام..وبقائِكِ هنا في المنزل مجبر عليه لاأكثر أمام المجتمع ووالدكِ بعد رفضكِ العودة لأمريكا وأنا أعرف أنكِ تتمنين أن ينظر لكِ مره أخرى"
فضحكت إسراء بصخب:
"الصغيرة لها رأي وتعلم تفكير الكبار لا أصدق هذا,أنا لا أنكر عزيزتي..نعم سوف يعود إيهاب إليّ وقريبا جدا مرة أخرى"
"وكيف ستفعلين ذلك يا إسراء بعد ان رفضتي أن تقفي بجانبه في أزمته,ورفضكِ له,وطلبكِ للطلاق والزواج من صديقه ؟ هل أنت بلهاء لدرجة تصديق أنه من الممكن ان ينظر لكِ ؟ أفيقي قليلا من برجك العالي فالعالم لا يدور حول رغبتكِ"
"سوف يعود وسوف ترين وسوف يتوسلني للعودة ألا ترين كيف يعامل أطفالي فسيعتبرهم الجائزة المرضية له"
ردت مريم بصوت أجش رغماً عنها وهي تتذكر حنانه الدائم ورفقه به:
"إنه إيهاب يا إسراء,إيهاب الذي يعطف على كل من هو منبوذ ومكروه على من لا يجد الحنان ,فيعوضه بإهتمامه ليس الأمر لأنهم أطفالك أبدا ولكن مجرد طفلين يفتقدان الإهتمام"
ردت إسراء بصرامه وشماته تذكرها:
"أطفالي ليسوا منبوذين او مكروهين مثلك إحترسي من تشبيهاتك,وإبتعدي عن طريقي وإلا سوف أعيد تربيتك بنفسي"
اقتربت منها بشر قائلة بفحيح:
"يبدو أن جسدكِ شفي من أثار تهذيبي لكِ ونسيتِ طرق إنتقأمي منكِ,وكفي عن طرقك الطفولية في جذب إهتمامه وإهتمام من حولك إنضجي قليلا لنستطيع التخلص منك ويخف الحمل عن عاتقه قليلاً"
ردت مريم ببرود ساخر:
"هل إنتهىتِ من خطبتك العصماء وإدعاء إهتمامكِ بأخي ؟ أخرجي الآن خارج غرفتي حالاً,ووفري إدعاء الإهتمام أمامه ربما يصدقك"
فهدرت إسراء بغضب:
"عديمة حياء متشردة"
ضغطت مريم على أسنانها قائلة:
"أنا لست متشردة فنحن بالفعل نحمل نفس الإسم والكنية للعائلة الموقرة وكبرنا في نفس البيت وحصلنا على نفس مستوى التعليم,الإختلاف الوحيد أنكِ الأميرة المدللة وأنا العضو الزائد غير المرغوب في مولدها ووجودها.."
رفرفرت أهدابها ببراءة وأضافت بإستفزاز:
"أنت أبلة إسراء فِي مقام أختي الكبرى..في مقام أم ثانية لي وتعلمين الفرق بين عمرينا كبير جداً"
..أضافت متصنعة التفكير:
"أعتقد ياأبلة إسراء إثنى عشر عاما ربما ؟"
لتضغط إسراء على أسنانها من الغيظ:
"إحدى عشر عاما فقط"
أجابت مريم بنفس البراءة:
"أسفة ياأبلة..فرقت عام معك ولكن تبقى النتيجة واحدة,والآن تفضلي ياأبلة إسراء خارج غرفتي حالاً"
خرجت إسراء تتميز من الغيظ والحديث ضوضاء في كل ما تمر به..
أغلقت مريم الباب وإستندت بظهرها عليه مغمضة عينيها بإرهاق..كثير من المواجهات ليوم واحد إن هذا كثير جدا على أعصابها وعلى حالتها الحالية جرت نفسها جرًا إلى الفراش لترتاح قليلاً مما مرت به..ليتها صمتت ولَم تفسد يومها مع إيهاب..ربما قد أعطاها قوة أكبر لمواجهة الجميع ولكن لا هذا يكفي..يجب وضع حداً لهذا الوضع الذي طال .
**************
خرج من البيت لا يعلم إلى أين يذهب,باله مشغول بها وقلبه يعتصر لألمها وشعورها المخزي,يتألم لإحساسها بالنبذ وكَره العالم لها ,كأنهم إتفقوا ضمنيا بإتفاق غير معلن على كره وجودها,كم حُرمت صغيرته من أبسط الأشياء؟ تبا لقسوةأمها وعائلته !!لقد حرموها حتى من حقها في الحديث بالعربية مثلهم..يتذكر أمر أمها الصارم أن لا يتحدث العربية أمامها..إبتسم بحنان تذكر نَزهاتهم الخاصة التي كان يأخذها إليها بمفردهم وأحيانا مع بعضِ من أصدقائه الموثوقين فكان يأخذها لتعويضها عندما يذهب الجميع ويتركوها مع المربية,يرفعها على كتفيه ويجري بها على ضفاف البحيرة الموجودة قرب مدينتهم أو في الحدائق العامة أحيانا أو ملاهي الأطفال..كما إتفق معها سرًا أنه سيحدثها العربية طوال الوقت وأن لا تبوح لأحد بسرهم الكبير,وصغيرته لم تخيب ظنه أبدا ؛
تذكر أيضاً والدتها المصون لم تنهيها أو تنبها أنهم مختلفين عن المجتمع من حولهم ولم توجه لها أبدا عتاب على لبس ما أو حتى ألا تقوم بأفعال صديقاتها وأن تحافظ على نفسها..
شد شعره بغضب عند تذكره ما حدث يا إلهي مما صنعت تلك المرأة؟!! كانت مريم في سن الحادية عشرة في ذلك الوقت وأرسلت مدرستها الرسالة المعتادة لطلب موافقة الأهل على مناقشة العلاقات الجسدية مع الطلبة,ولكن والدتها ببساطة لم تهتم,يومها ثارإيهاب وخاطبها بدون إكتراث لمكانتها,لكنها أجابته ببرود:
"دعهم يفعلوا معها ما يريدون"
وأضافت بسخرية:
"أو أفعل أنت ألست أنت حامي الحمى وتعهدت يوم مولدها أنك من سوف تهتم بها؟ اذن مبارك كلها لك"
يومها ذهب هو إلى المدرسة قام بإمضاء إقرار قاطع أن لا يقوموا أبدا بشرح مثل تلك الأشياء لها طالما هي تحت السن القانوني وأنه سوف يهتم بالأمر بنفسه لأنهم من بيئة مختلفة ,وهذا ما حدث قام بنفسه بتثقيفها وعلمها أنهم من مجتمع يجب أن تحافظ الأنثى على نفسها وأن الله يراقب أفعالنا..
صرخ بصوت عالي ساخر من نفسه:
* خوف من الله يا إيهاب هل تصدق نفسك ؟ كيف تحافظ الأنثى على نفسها هل أنت مريض ؟! لقد فعلت بها ما حذرتها طوال عمرها على المحافظة عليه لقد قتلتها ببطء,تلذذت بكل لحظة كانت فيها بين ذرعيك غير عابئ بالنتائج أو المستقبل,أنت أناني مريض كما أخبرتها رجل رغب وأخذ بدون تفكير في العواقب*
توقف عن الصراخ يتنفس بصوت عالي:
* يجب ان أجد حل لهذا الوضع,بالتأكيد هناك حل,لن أدمر أمانتي الصغيرة بيدي,يجب أن أحفظ حقها ويجب أن أجد لها حياة طبيعية تعيشها وتنسى هذا...؟ لا يوجد وصف إلا وصفها بالقرف,يجب أن أخلصها من هذا القرف وهذا الوضع الشائن *
رن هاتفه قاطعاً تسلسل أفكاره نظر الى الرقم زافراً بضيق مجيباً الهاتف:
"نعم يا أمي ما الأمر؟"
"أين أنت؟"
"أنا في الخارج..ماذا تريدين ؟؟فقط أخبريني؟"
"تعال حالاً لقد وصل ممدوح الآن من المطار"
رد إيهاب مستغرباً الأمر:
"ممدوح لماذا ؟ومتى ؟ ولما لم يخبر أحد"
ردت أمه بضيق:
"لا أعرف تعالى وإسأله بنفسك"
أسند رأسه على كرسي السيارة وشعر بالضيق..أكان ينقصه ممدوح الآن بمشاكله وزوابعه التي يثيرها ولا تنتهي ,
بإستسلام إعتدل وهو يتحرك بسيارته متوجها للبيت مرة أخرى .
قالت إلهام:
"مرحباً بني كيف حالك لقد إشتقنا إليك"
"و أنا أيضا زوجة عمي إشتقت لكم جميعا ولَم أستطع أن أقاوم أكثر فأتيت لكم حالاً بدون أن أخبر أحد"
نظرت إلهام تتفحص هذا الشاب الذي يقف أمامها تعلم مدى خطورته وكذبه..وجهه وسيم بخطورة تصرخ ملامحه بالشر و عينيه الذئبية بلونها الأخضر الذي ورثه عن أمه الأمريكية,أنف مستقيم وجسد رياضي,ولكنه خطر جدا لديه تفكير وخطط لا تودي إلا للهلاك,حظه سيء من يقع تحت يديه,لا ترتاح له ولكن ما باليد حيلة في التعامل معه ربما هي تفهمه ويفهمها جيدا لهدف التخلص من شخص واحد..
وصل إيهاب في ذلك الوقت,ليدلف من الباب مرحبا بممدوح:
"مرحبا..حمد لله على سلامتك أولاً ,هل حدث شيء سيء لتأتي هكذا فجأة بدون إخبار أحد ؟"
تظاهر ممدوح بالعبوس قائلا:
"مهلك قليلا رحب بي أولاً"
"لقد رحبت بك بالفعل ممدوح ما الذي حدث لتأتي بهذا الشكل؟"
رد ممدوح ببرود:
"ماذا إيهاب هل أنا غير مرحب بي في بيت العائلة؟ لم أكن أعرف ذلك؟ لو أعرف ما كنت أتيت"
زفر إيهاب بضيق ما هذا الْيَوْمَ الذي لن ينتهي
"لم أقصد هذا بالطبع ولكن قلقت قليلاً."
رد ممدوح بلامبالاة قائلاً:
"لا تقلق الجميع هناك بخير والعمل جيد فقط مللت ,وتستطيع القول أني إشتقت للوطن.."
وأضاف بلؤم:
"ولكم جميعا إيهاب,أين مريم صحيح لم أرها حتى الآن ؟"
إشتعلت حدقتي إيهاب بغضب عند ذكره لها ضم يديه بجانبه يقبض عليها بقوة وتنفر عضلات وجهه بشكل ملحوظ يعلم جيدا ماذا يقصد هذا المستفز بتلميحاته ؛
لتتولى أمه الرد عنه وهي تستفيض في الشرح عن أفعال مريم التي لا تطاق لتختم كلامها بالقول:
"إنها هشمت أشياء بغرفتها بعد معاقبته لها ومن وقتها تغلق الباب على نفسها"
قاطعها إيهاب بغضب:
"ماذا قلتِ يا أمي هشمت أشياء وتركتموها كل هذا الوقت بدون حتى الإطمئنان عليها؟"
ردت أمه ببرود ولؤم:
"لقد ذهبت لها المسكينة إسراء ولكنها كالعادة أطالت لسانها وأخطأت في حق المسكينة وطردتها من الغرفة"
إستدار تاركاً لهم في غرفة المعيشة وتوجه لغرفتها,لن يطاوعه قلبه يعلم أن كلامه ما فعل بها ذلك,ليلعن نفسه في سره كيف تركها بعد أن جرحوا بعضهم هكذا ؟ يعلم تهورها وجنونها ,ولكن قبل أن تصل يديه لمقبض الباب,يسمع صوت ممدوح وراءه ,
ليتراجع ناظراً له:
"ماذا تريد ممدوح ؟"
رد ممدوح مدعي الإهتمام:
"أطمئن عليها بالطبع,وأراها تعلم من لا يشتاق الصغيرة مريم ؟"
إنقبضت يد إيهاب بجانبه يحاول كتم غضبه قائلاً:
"الأولى يا ممدوح أن تسأل على شقيقتك وأطفالها وتطمئن عليها لا أن تأتي لمريم,كما أني لن أسمح لك بإقتحام غرفتها هكذا تعلم هذا لا يجوز"
ليرفع ممدوح حاجبيه مدعي الاستغراب:
:
"لا يجوز لي ولكنه يجوز لك هذا غريب حقاً"
رد إيهاب ببرود:
"نعم تعلم جيدا أنه يجوز لي ويجوز لي أكثر من ذلك بكثير"
ليدلف إيهاب إلى الغرفة بعدها صافقاً الباب في وجهه..تحرك في الظلام الدامس متوجهاً إلى سريرها ليشعل أباجوره جانبية..وجدها تغط في نوم عميق ولكن أثار الدموع تبدو واضحة على وجهها الهادئ البريء,تفحص جسدها جيدا بدون أن يزعجها,دثرها بالغطاء جيدا..جلس جانبها بعد ان إطمئن عليها تأمل ملامحها البريئة,فم صغير نسبياً,أنف منمق صغير عيون واسعة باللون العسلي الفاتح دفء تسلل الي قلبه أحاط البروده الساكنه داخله وبددها. ولكنها تبخل عليه الآن في تأملهما ضحك بخفوت عند تذكر النظرة الشقية لها,ملامحها توحي ببراءة مطلقة لكن عينيها تحمل من الشقاوة التي لا تعرف حدود..تلك حقيقتها خجولة بريئة وشقية وقوية وشرسة عندما تريد لا يعلم كيف لها بهذا المزيج الغريب في شخصيتها ,
شعر بالضيق والغضب عليها ومنها كيف إستطاع أن يسمعها ما قال حتى لو جرحته في الصميم يَفترض أنه الناضج كما قالت والمسؤولية تقع عليه كاملة,مد يده يمسد على شعرها الغجري المنثور حولها في كل مكان,كم يحب ملمسه ولونه البني المتداخل مع بعض الخصل العسلية التي تماثل عينيها ,بتجعيداته المتدلية بشكل طبيعي جذاب شعر غجري بنعومة غريبة كل ما بها متناقض,تجمع كل شيء وعكسه ,ضحك بحنان على أفكاره تذكر كم مره قام بتمشيط شعرها بل وتمادت في الأمر لتجعله يضفره لها مئات المرات خرج عن عقاله بعد قليل من الوقت منثور بعشوائية خلابة من حوالها تزيد بشرتها ناصعة البياض جاذبيه خطيره..
تمتمت في نومها قليلا تبدو كأنّها ترى حلم سيء مال عليها متحدث بصوت هامس دافئ:
"لا تخافي صغيرتي أبدا أنا بجانبك أسف حبيبتي أسف على كل الألم والقلق الذي أتسبب به لكِ,نأمي حبيبتي أنا هنا"
وكأنها سمعت ندائه أو عقلها اللا واعي أدخل الكلام لها لتستكين في لحظة وعلى وجهها علامات الراحة ؛
بعد مضي بعض الوقت تحرك متوجها لغرفته فهو أيضا كان الْيَوْمَ سيء جدا له ,عقله لا يستطيع أن يتوقف عن التفكير ؛
000000000000000000000000

Nor BLack 11-10-19 04:27 AM

الفصل الثالث والرابع والخامس
الفصل الثالث

استيقظت من نومها على لمسات لجسدها تمر ببطئ تنهش برأتها أرجعتها لشعورها السابق بالعجز والتقزز والحرقة عند تذكر لمسات مشابة..عقلها الواعى نبهها لا لم تكن مشابهة هي نفس اليد الآثمة التي كانت شعرتها بالذل !!
فتحت عينيها سريعاً وكل إدراكها تنبه..عقلها ينفي ما تراه إنهما نفس العينين الغاضبتين والشرستين بخضرتهما تنظران لها برغبة وقسوة..تسمرت لحظات لتستوعب تلك النظرات لابد أنها مازلت في نومها وكوابيسها لقد هربت من صاحب العينين،لم يعد يهددها,هي تبعد ملايين الأميال..أغمضت عينيها بشدة وهي تهمهم لنفسها بكلمات تنفي ما تري
*هذا كابوس إهدأي,مجرد كابوس وسوف ينتهي..*
فتحت عينيها بخوف و رعب عندما أمسك ذراعيها بيديه وفمه يميل بإبتسامة ساخرة شرسة قائلا:
"ليس كابوس يا صغيرة إنه أنا..أتيت لك خصيصاً ،هل إشتقت إلي؟"
نظر لها نظرة تشملها كلها يمرر عينيه على كل جزء منها ببطئ مهين بنظرات مقززة وأكمل:
"أنا إشتقت لك هل تتخيلين؟"

نظرت له بعيون جاحظة من صدمتها بوجود أسوأ كوابيسها،لقد كان سبب فعال في سعيها لعمل علاقة بينها وبين إيهاب،لقد ظنت أنها نجت منه,أنها لن تراه,أنها لو جاءت إلى هنا لن يستطيع أن يصل إليها..لن يستطيع أن يقترب منها مرة أخرى,ظنت أنها هنا أمنة.
أكمل بسخرية لاذعة من صمتها:
"ماذا مريم؟ هل أكل القط لسانك؟أم أنك لا تجدِ كلمات معبرة عن الفرحة بعودتي اليكِ ؟!"
تعالت ضحكاته قليلاً وهو يهمس لها ساخرا:
"هل ظننت أنك بعدت عن يدي بما فعلتيه أنت والأحمق ؟! وهل تخيلت أيضاً بإقناعك له أن يأخدك معه عندما قرر الرجوع إلى هنا أنك لن تري وجهي مرة أخري وأنك أصبحت بعيدة عن متناول يدي؟! لقد تركتك العام المنصرم فقط شعرتي بأنك هربتِ ولأجعلك تدركين أني لا أنسى وما أريده أحصل عليه متى قررت أن أفعل وأنا أخبرك الآن أني لن أتركك هذه المرة إلا اذا حصلت على ما أريد"
أكمل ببطئ مدروس
(تحطيمك)
انتفضت أخيراً تخرج من صدمتها تشحن نفسها بمقاومة شرسة عندما إستوعبت كلماته المهددة ،الحقير دوماً هكذا..لقد عاد وهذه المرة يبدو مصمما على ما يريد..قالت بصوت مماثل لشراسته وحدتة:
"إبتعد عني يا حقير وإلا صرخت غير عابئة بشيء وسوف ترى ماذا سوف يفعل بك الأحمق كما تدعي"
أحكم تكبيلها يهزها من كتفيها فيتراجع رأسها للوراء ويتناثر شعرها الغجري حولها بهمجية بعد أن استطاعت أن تجلس لتواجه عينيه..مازالت بها تلك النظرات المتوعدة بنظراتها القذرة القاسية،لم يرف لها جفن وهي تنظر له بنفور وتقزز حقيقى تهينه!
رد عليها:
"إصرخي لو إستطعت,فأنت جبانة..مجرد كلمات حمقاء تتفوهين بها ويبدو أنكِ نسيتِ وعدي لك وما أستطيع
فعله بإيهاب لو تفوهت بكلمة"
ردت عليه وهي مازلت في محاولاتها للتخلص منه للتحرر من رعبها القديم:
"أفعل ما تريد,فأنت أيضاً جبان قذر وأنا قد تأكدت من ذلك,لن تستطيع فعل شيء"
وأضافت بجنون وهي تتحرك تحاول الإفلات من قبضته:
"إبتعد عني الآن يا قذر,ما الذي جاء بك؟! لقد تركت لكم كل شيء ،ما الذي تريده مني؟!"
رد بقسوة:
"أريدك أنت،أريد جسدك هذا،أريد تدميرك"
ردت بصراخ تستمد قوتها الوليده من غضبها:
"لماذا؟!فقط أخبرني لماذا؟!ما الذي فعلته لك؟ما جريمتي؟أنت لا تريدني أنا،تريد إنتقام فقط،ولا أعرف لماذا تريد تلويثي؟!منذ مراهقتي وأنت تلاحقني بلمساتك القذرةماذا جنيت؟ ما جريمتي؟!"
وضع يده على فمها قائلا:
"إخرسي وإكتمي صوتك المقزز هذا،يبدو أنك إكتسبت حقاً شجاعة واهية يا صغيرة"
تمتمت من تحت يديه وهي شعرت بالقهر لما توضع فيه من مواقف متكررة,الدموع تحرق عينيها وتثقل أجفانها ولكنها لن تبكي أبدا وتريه ضعفها تسلحت بكل القوة التي لديها:
"ليست شجاعة واهية فأنا إكتسبت حق الدفاع عن نفسي وأنت لن تحصل على مبتغاك مني أبدا يا ممدوح،ولا تحلم بهذا ،أقسم بحق كل قهر شعرت به لتسللك لغرفتي ،بحق العديد من المرات التي عملت فيها على إخافتي وإرهابي أني سوف أقتلك بدون تردد إن اقتربت مني،الصغيرة المراهقة المرتعبة نضجت ولن تخاف مرة أخرى..لا منك ولا من سواك..لن تحقق إنتقامك الذي لا أعرف سببه إلا وأنا جثة هامدة أو سأكون قاتلتك ليرتاح المجتمع من أمثالك"
حرك يده المرتخية من على فمها ومازالت إبتسامته الساخرة الكريهة على وجه ينظر لها يذكر نفسه بإصرار غير عابئ بالصوت الضعيف الذي دائماً يذكره أنها لا تشبهها !!:
"حقا يا مريم هذا جيد كثيرا,فأنا أريدك هكذا لأستمتع أكثر بصراخك ومقاومتك وأنا أكسرك ,إن ظننت أن ما تفوهت به يخيفني فأنت حمقاء غبية وسوف أستمتع بعد إنتهائي بجثتك إلهامدة على يدي"
حركت مريم يدها الحرة بعد أن تركها لتتسلل إلي جانب سريرها تستغل عدم إنتباهه وتهديده لتستل تلك اللمبة الجانبية الضخمة وبدون أن ينتبه لها قامت برفعها سريعاً وبكل قوتها ضربته على مقدمة وجهه..
قام بتركها سريعا وهو ينتفض بعنف من جلسته على سريرها وصرخ بصوت مكتوم يسبها بأفظع الألفاظ الإنجليزية والعربية
نهضت هي هاربة من سريرها وقفت عند باب غرفتها وفتحت بابها آمرة إياه:
"أخرج حالا من غرفتي,لقد جربت وعرفت أن تهديدي ليس واهيا..وسوف أصرخ وأقوم بإيقاظ الجميع وسوف أخبر إيهاب بكل شيء من البداية يا حقير"
وضع يده على مكان الإصابة التي نالت جزءا من جبهته ومقدمة رأسه وتحرك ناحية الباب وبعينيه نظرة مليئة بالتصميم لما يريده ويسعى له..قضى على هذا الهاتف الضعيف بداخله ليخرسه ونظر لها بإزدراء وقال ساخرا:
"كاذبة..لو أردتِ لفعلت منذ زمن..فأنت لن تخبري أحدا كعادتك ولكن وعدُ مني يا مريم..هذا الجرح ستدفعين ثمنه جراحا عديدة لجسدك،سأقوم بتمزيقك إربا صدقيني,سوف أخرج الأن ليس لشيء ولكن لم يحن الوقت الذي أريده بعد"
خرج من غرفتها تاركاً إياها ترتجف بعنف فكلماته تطرق عقلها طرقا وتصيبها بالذعر التام..أغلقت غرفتها بالمفتاح بيد مرتجفة..عيناها تعبر عن الرعب الذي تمكن منها ودموعها أخيراً سمحت لها أن تغرق وجهها متمتمة لنفسها:
"يا الله..لقد عاد ولن يتركني أبدا هذه المرة،ماذا أفعل؟!"
عادت بذاكرتها..
الحقير منذ أن فتحت عينيها على الدنيا من حولها وهو يقوم بإضطهداها بشراسة..تذكرت في سن السادسة كانت تلعب بأحد الكرات في حديقة المنزل وبدون قصد صدم مجسم زجاجي كان يقوم بإنشائه في جراج المنزل كمشروع ما في سنته الثانية في الثانوية فتهشم المجسم..أتى بقسوته المعتادة وقام بنعتها بألفاظ لم تفهم معناها و لاتتذكر معظمها..لكن وجهه مليء بالشر لم تستطع نسيانه أبدا خاصة أنه رافقه منذ ذلك الوقت كلما رأته..إعتذرت وبكت كثيرا لكنه لم يكتفي بل توجه لغرفتها وقام بتمزيق كل ألعابها بحجة تأديبها وعندما أرادت أن تنقذ لعبتها المفضلة ورفيقة طفولتها دبها الوردي قام بدفعها لتصطدم بمقدمة سريرها وتسيل الدماء من مؤخرة رأسها..
قامت والدتها المصون كالعادة بأخذها لتقطيب جرحها مع التأكيد عليها إن تفوهت بكلمة سوف يأخذونها إلي مكان بعيد شرير ولن ترى إيهاب مرة أخرى..كتعويض لها قامت مجبرة بشراء بعض الألعاب حتى تصمت ولكن ما لم تدركه أمها أنها كانت ستصمت بدون الألعاب لأنها أصبح لديها قناعة بكلامها ورعب من الأشرار الذين سوف يأخذونها،كما أنها لا تريد الابتعاد عن إيهاب لأنه الوحيد الذي يحبها..كانت أمها الحنون تجيد إخفاء أي جرح أو عنف تتعرض له مريم من إسراء أوممدوح..حتى أن مراقبة الأطفال بحد ذاتها لم تستطع أن تكتشف جروحها.
بعض الرضوض التي كانت تظهر بجسدها كانت تفسرها بأنها لعب أطفال,حمدا لله على وجود إيهاب حاميا لها فلم تتعرض للكثير من العنف الجسدي..ولكن العنف النفسي وشعورها بكرههم لها لم يستطع منعه أبدا..
حين علم إيهاب بما جرى لها بعد عودته ورأى بكائها وتألمها المستمر من الجرح خرج عن هدوئه وتوجه لغرفة ممدوح وقلبها رأسا على عقب محطما كل أشيائه مثلما فعل معها.
زاد كره ممدوح لها أكثر وإستمر في إرهابها النفسي..
وليته إستمر بكرهها مع بعض كلمات لم تكن تفهمها بسبب حديثه بالعربية..ولكن عند بلوغها عامها الرابع عشر وظهور معالم أنوثتها ظهر لممدوح وجها أخر أكثر قبحاً..فبدأ يتحرش بها ويحاول لمسها بكل طريقة ممكنة،
كان يتعمد الإصطدام بها وتمرير يده على مواضع بجسدها مدعياعدم الإنتباه..
استمر هذا الحال لفترة ومع تكذيب أمها الدائم لها وإهمالها لها وإتقان ممدوح دور الأخ المراعي الحنون لم تستطع التفوه بكلمة فمن سيصدقها بجانب تهديده المستمر لها بفضح أمرها و سيدعي أنها هي من تأتي لإغوائه مراهنا إياها
أنهم سيصدقونه هو..فهو الطيب الصدوق وهي الشريرة المنحلة..صمتت ولَم تستطع حتى أن تخبر إيهاب بما يحدث معها فإزداد جراءة بعدها وتسلل لغرفتها عدة مرات..كان يقوم بكتم أنفاسها ويحرك يده من فوق ملابسها على جسدها..كانت تبكي وتتذلل له بأن يخرج ويتركها وهو يستمر في تهديده لها ولكنه يتراجع خوفا من صراخها وبكائها العالي..تعلمت بعد ذلك أن تغلق غرفتها جيدا عند نومها وتغلق شباك غرفتها لتصبح غرفتها ليلا مثل زنزانة جيدة الحصار عليها..إقشعرت بقرف عند تذكرها لمساته وإنتهاكه لبراءة جسدها حتى ولو بمجرد لمسه لها..وإستمر الحال هكذا حتى أصبحت في الثامنة عشر..
تذكرت بألم عيد ميلادها الثامن عشر فخرج تأوه حارق من صدرها..هنا,هنا يا مريم بدأ كل شيء..
مسحت دموعها بعنف عائدة من ذكرياتها،لن تبكي..يجب أن ترتب أفكارها،يجب أن تتخلص من مصائبها واحدة واحدة ولكن على رأسهم ممدوح ،يجب أن تكشفه..لن تصمت أبدا مرة أخرى لكن يجب أن توقعه في شر أعماله وينكشف بنفسه
تمتمت لنفسها:
*ما هذا الْيَوْمَ!! منذ الصباح بدأ بإنتقام ضاحك لتتبعه كوارث وزوابع متى ينتهي متى؟!*
ضحكت بتهكم:
*هذا على أساس أنه إذا إنتهى ستنتهي كوارثك معه؟!*
وضعت يدها على بطنها شعرت ببعض الألم..فهذا كثير من الضغط تعلم ذلك جيدا..كعادتها مؤخرا بعد أن تتأكد من تحصين غرفتها جيدا لا تنام بل تستلقي فقط,ليتها تستطيع التسلل لغرفته الآن,تحتاجه بشدة وشعور الأمان الذي يمدها به بين أحضانه ،ولكن بالتأكيد سوف يطردها..ثم بأي عين تذهب له بعد ما قالته له وقاله لها؟!
000000000000
صباحاً
طرقات على باب غرفتها أيقظتها من غفوتها التي أخذتها بصعوبة. فركت عينيها ببعض التشوش,شعرت بالتخبط بسبب الأحداث التي مرت عليها بالأمس هل حقا حدث كل هذا ؟!
تحركت ببطء بإتجاه الباب وتساءلت بحذر وخوف أن يكون الحقير ممدوح أو الحرباء إسراء:
"من بالباب"
ليأتيها صوته الحبيب المطمئن دائما لها ،ولكن تبدو نبرته بها بعض الغضب..حسنا هذا متوقع:
"أنا يا مريم إفتحي الباب"
فتحت الباب له وقالت بإقتضاب فور رؤيته:
"نعم ماذا هناك ؟!"
حاول كتم غضبه..يكفي ما حدث من جنون بينهم بالأمس ولا يريد لأحد أن يسمع نقاشهما فسألها بهدوء:
"لماذا لم تأتِ إلى الأسفل لتناول الإفطار حتى أستطيع إيصالك لجامعتك قبل ذهابي للعمل؟"
ردت بعنادها المعتاد:
"لن أهبط ولا أريد شيء,أتركني لحالي أريد النوم"
همت بغلق الباب فدفعها إلي الداخل وأغلق الباب خلفه قائلا بغضب:
"كفي عن أفعالك هذه..ما بيننا شيء وحياتنا الطبيعية شيء آخر"
لتتطاول على أطراف أصابعها تهتف في وجهه:
"بالطبع أخي الحنون العطوف..كالعادة يجب أن لا يشك أحد بشيء"
نظر لعينيها الشرسة..وقفتها المتحفزة..شعرها المنثور بغوغائية ثم إلى وجهها فبدى له مرهقا للغاية..تحت عينيها ظهرت هالات شديدة السواد فهدأ قليلا..هو الأكبر كما قالت والأنضج فليحتوي غضبها:
"مريم أذهبي حالا للحمام,حاولي أن تغتسلي بماء دافئ وبدلي ملابسك وإهبطي للأسفل..منذ الأمس لم تتناولي شيئا,وأعدك لوكان لديك نوبات غضب من أي نوع فسوف نناقشها في الطريق..كلامي مفهوم وسينفذ بالحرف ،لا نقاش يا مريم كما أحب أن أخبرك أن ممدوح جاء بالأمس"
أضاف بصوت أجش خافت:
"كما نبهتك عندما أتينا إلى هنا..لا تدعيه يقبلك على خدك أو يقترب منك"
(هه وكأنها لا تعرف!)
إقترب منها واضعا يده بين عينيها وهو قال:
"فكي هذا العبوس ونفذي ما أقول الآن"
ذهبت لتنفذ كلامه بالحرف دون نقاش فهي لا تريد أن تجلس في هذا البيت وهو ليس به..فربما يتعرض لها الحقير ،تعرف جيدا أن ما ردعه عنها ليس ضربها له ولكن إن سمع إيهاب صوت صراخها وعرف بما يحاول أن يفعل بها سوف يقضي عليه..ولكن قبل أن تصل الحمام أوقفها صوته:
"مريم لماذا أغلقتي الباب بالمفتاح"
أجابته بغلظتها المعتادة عند الغضب:
"حتى لا يستطيع أحد الوصول لي"
نظر لها ببرود:
"لا أحد له الرغبة في رؤيتك حتى ليتسلل لغرفتك ،تعلمين التسلل ليس طريقتي بل تعرفين جيدا من التي تتسلل لغرفتي منذ نعومة أظافرها ولكن تختلف الأسباب والحاجة حسب العمر صغيرتي"
تركها بعد ذلك ترتجف من كلامه يا الله!! ما أقسى كلماته عندما يريد!لن تحتمل منه هو بالذات كلمات أخرى من نفس النوع..بعد وقت..هبطت من غرفتها متوجهه لغرفة الطعام وبدون أن تفعل أي صوت جلست في مكانها المعتاد..
لا حاجه لها بطعام لكن يجب أن تأكل ولو القليل حتى لا ينهار جسدها..بأكثر صوت لا تريد سماعه الآن قالت إسراء:
"الناس المحترمة تقول صباح الخير أولا"
تولى إيهاب عنها الرد قائلا لها:
"والنَّاس المحترمة أيضا لا تهاجم من هم أصغر منهم سَنَاً بدون وجه حق ولا تقتحم غرفهم بدون إذن"
أكمل بصوت حازم منهيا الحوار قبل حتى أن يبدأ:
"حوار كل يوم..كفى إسراء ودعينا نتناول الإفطار بهدوء"
ردت إسراء بعد أن لبست قناع الرقة والطاعة ظنا منها أنه ربما يجعله يحن إليها مره أخري:
"كما تريد إيهاب,أنا فقط أحاول أن أعلمها الأسلوب الراقي والعادات المتبعة هنا"
فقال بلا مبالاة:
"إحتفظي لنفسك بهذا إسراء أو علميه لطفلتيك اللتان لا يرونكِ من الأساس"
همت بالرد عليه ليقاطعهما الصوت الكريه لأذن الجالسة بجانبه فإنكمشت على نفسها وقربت نفسها منه بطريقة ملحوظة وكأنها تختبئ فيه وظهر على وجها علامات النفور..لاحظ إيهاب كل هذا من ردة فعلها المكشوفة له..أقسم أنه شعر بذبذبات جسدها الفاضحة بمشاعرها تصل إليه..نظر لها يتأمل رد فعلها وسؤال يطرق في عقله بتعجب ما بها ولم ردة الفعل هذه ؟؟إنها لم تراه منذ ما حدث هناك قبل عودتهم إلى هنا لقد إختفى بعد الحادث الذي غير الكثير ليذهب إلى رحلة ما مدعيا الغضب والإعتراض على قرارهم..قطع إسترساله صوت ممدوح الذي اقترب من المائدة يلقي تحية الصباح على الجميع ووجه الكلام لمريم التي زاد توترها وإشمئزازها..يعلم جيدا أنها لا تحب ممدوح ولكن لم كل ردود الأفعال هذه؟!إقترب منها ومال قليلا إلى جلستها بجانبه مرحبا بها بصوت يحاول وضع لطف العالم به:
"مرحبا مريم الصغيرة لقد إشتقت اليكِ"
إقترب منها محاولا طبع قبلة على خدها كما إعتاد فعل ذلك منذ صغرها بأي مناسبة أو عند عودته من سفر أو رحلة
وقفت مريم قافزة من كرسيها وقفت خلف كرسي إيهاب قائلةبصوت مقتضب:
"مرحبا"
إعتدل ممدوح في وقفته ونظر لها بتلاعب وصوته يدعي المرح:
"ماذا صغيرتي ألن ترحبي بي"
ردت مريم ببرود:
"لقد رحبت بك ومع ذلك..مرحبا كيف حالك هل هذا جيد لك؟! وأنا لست صغيرتك أو صغيرة أحد فقط إسمي مريم"
قال بصوته المرح المتلاعب:
"كما تحبي مريم ولكن ألم تشتاقِ لأخيكِ ألن تقبيله؟"
ردت بصوت حاد قاطع:
"أنت لست أخي,ولا لن أقبلك وأنت أيضا لا تقترب مني"
"كما تحبي وتريدي حلوتي"
زاد استغرابه..ماذا بها؟؟ ما سبب تمردها؟! لقد طلب منها هذا ولكن ليس بهذه الطريقة..وأيضاً لم كل هذه الحدة والتهديد في نبرات صوتها؟! نظر لكليهما أثناء وقفتهما..مريم تقف بنفور وحدة وإستعداد ولم يفهم لماذا؟!
والآخر نظراته غامضة..هذا كل ما حصل عليه! حسنا حسنا مهلا يا مريم سوف أعرف ما بكِ..فربما ما حدث
بيننا بالأمس جعلها متحفزه هكذا ربما..وجه الكلام لممدوح محاولا أن ينهي التوتر المتصاعد وبعمليه أخبره:
"مرحبا ممدوح،أرجو أن تكون حصلت على نوم جيد؟"
قطع كلامه وهو يرى جرح ممدوح الظاهر ويضع عليه شريطالاصقا طبيا فسأله:
"ما بك..ماذا حدث؟ كنت جيدا بالأمس عندما تركتك"
رد ممدوح بغموضه واستهتاره:
"قطة شوارع أصابتني بهذا"
هتفت إسراء مقاطعة الحوار بإستغراب:
"قطهةشوارع هنا في منزلنا أنت تهذي ممدوح؟!"
رد ممدوح عليها:
"لا حبيبتي للأسف توجد في البيت قطة شوارع وجدتها على نافذة غرفتي وعندما حاولت السيطرةعليها هاجمتني ،لكن لا تقلقي سوف أردها لها وأحطمها تحطيما متلذذا بكل صراخ تخرجه"
عقدت إسراء حاجبيها قائلة بحذر:
"هل أنت متأكد بأنك تتحدث عن قطة؟!"
ضحك ممدوح بصوت عالِ:
"طبعا إسراء وماذا سوف تكون؟"
الحقير..الحقير سوف تريه من قطة الشوارع..سوف تريهم جميعا حقيقته ومن كلب الشوارع حقا!
قاطعهم صوت إيهاب موجها الكلام للمتحفزة الصامتة خلفه:
"هيا صغيرتي أنهي طَعَامِك حتى نذهب"
وجهت نظراتها إليه قائلة بصوت متعب:
"لقد إنتهىت,لا أريد المزيد,هيا الآن فلدي محاضرة هامة وأعتقد أنه لا يوجد وقت"
تريد فقط الهروب من هذا البيت لبعض الوقت
"كما تحبي صغيرتي هيا"
قام من مكانه لكن قبل أن يذهب وجه كلامه لممدوح:
"إهتم بحالك ممدوح وإقامة سعيدة هنا،لكن أحب أن أنبهك..أيا كانت نوع قطتك إحذر جيدا هنا ليست أمريكا..وليست كل القطط كما تراها أنت..إن كانت هاجمتك فهي تعني إبتعادك حقا عنها أو ربما حياتك..لا أدري كيف وجدت ما يسليك بهذه السرعة!"
أستدار إلى المنتظرة له فهاله نظرة عينيها التي يكسوها الألم. ربما لمواجهتهم بالأمس ووجعها منه..
كانت تفكر:
*ليتك تعلم أن ما يسليه هو أنا يا إيهاب..أنا من يريد ويتوعد لتحطيمها ولقد قطع الأميال من أجل ذلك فقط.*

إقترب منها محاوطا كتفيها كعادته لكن لصدمته إبتعدت سريعا عنه وكأن نارا أحرقتها ليتنهد بتعب:
"هيا مريم تحركي أمامي"
بصمت مطبق خرجت تجاوره بل تكاد تلتصق به حتى بعد أن رفضت محاوطته لها يكفيها أنه بجاورها. لتستطيع الشعور أن لا أحد قد يؤذيها
0000000000000000000000000
الفصل الخامس

ظلا صامتين طوال الطريق المؤدي لجامعتها..الجامعة التي ألحقها بها بعد حصولها على الثانوية من أمريكا و عودتهما إلى هنا صمم على عدم تضييعها أي وقت لإكمالها تعليمها..تنهدت بخفوت وتعب تغمض عينيها بإرهاق نظر لها,تأمل صمتها غير المعتاد،فالعادي أن تظل تثرثر طوال الطريق عن كل شيء وأي شيء عن المقالب الصغيرة التي تضعها لهم في البيت وتمثيلها بإتقان وجه أمه وإنفعالاتها ووجه إسراء لينهاها في معظم الأحيان وهو يضحك على ما تفعل,يعشق تلك اللحظات المسروقة من الزمن معها هو وهي فقط..ومن أهم تلك اللحظات إيصاله لها..رفض بإصرار أي سائق أن يقوم بتلك المهمة،كما رفض أيضاً أن تقوم هي بالقيادة خوفا عليها،يعلم أن كل شيء هنا يختلف عن حياتهما السابقة هناك..لقد واجهته صعوبة في جعلها تتكلم العربية بطلاقة عندما جاءا إلى هنا..ولولا تحدثه معها هناك بها قليلا ما إستطاعت أن تتقنها في وقت قصير جدا..وتظل بعض الكلمات أو الحروف التي قالتها بلكنة غربية فقط لاختلاف مخارج الصوت بين اللغتين..
عادت لتنهدها المتعب وهي تتأمل الشارع من شباكها المغلق أسندت رأسها عليه بتعب وإرهاق..وجه حديثه لها بنبرة بها
بعض الإهتمام والحنان متناسيا غضبها وغضبه وجرحهما لبعضهما:
"صغيرتي،إن كنت متعبة أعود بك إلى البيت لترتاحي قليلا،فوجههك مرهق للغاية"
نظرت له للحظات تتأمله لا يعلم بما يدور في عقلها إلتفت إلى جانبها مرة أخرى وردت بجفاء:
"لا تدعي الإهتمام الآن..لقد أخبرتك بتعبي وأنت صممت أن أذهب وأيضاً لا أريد أن أعود لذلك البيت،فأنا أسعد
بالأوقات التي أقضيها بعيدا عن جدرانه فلم أنل منه غير كل إهانة وإنتهاك"
أغمض عينيه بألم وغضب منها وعليها..ألم من شعوره بالعجز بإعطائها حق طبيعي لها بالأمان..
وغضب من كلام مسموم أصبحت في ليلة وضحاها تجيد النطق به،كور يديه على مقبض السيارة وتمتم من بين
أسنانه:
"توقفي..فقط توقفي عن كلامك المسوم هذا,هل عليّ تذكيرك كل مرة أنكِ لم تُنتهكِ ولكنك كل مرة كنت موافقة،سعيدة،وراضية بل وبعض المرات ساعية! يكفي مريم..أعلم أن كلامي يجرحك ولكن لا تستمري في استفزازي فلن تنولي شيئا منه"
ردت بغضب:
"وأنت كف عن دور الأخ المراعي المهتم الحنون..كف عن هذا"
. لتكمل بوقاحة:
"أنا أشعر بالغثيان عندما أتذكر كم أنت رجل متلهف شغوف معي وفِي العلن أخ حنون مراعي يحافظ جيدا علي"
صرخ بها:
"كفى..فقط كفى،أنا أحاول التمسك بأعصابي يا وقحة فقط من أجل مراعاة الحالة النفسية التي تمرين
بها والتي لا أعرف ماهيتها بالضبط،فلا تستغلي هدوئي وإحتمالي لكِ يامريم حتى لاتشاهدي الوجه الحقير والإنتهاك الحقيقي،لا تدعي دور المرغمة المكرهة ,تجنبي إثارة غضبي..فهذا لن يكون جيدا لكِ وللمرة التي نسيت عددها كلنا وافقنا على الوضع،كلُ منا إختار بإردته الحرة..وإذا كنت مشمئزة هكذا أعدك يا مريم لو كان الثمن حياتي لن ألمسك مرة أخرى أبدا"
ردت عليه بسخرية لم تستطع أن تسيطر عليها والوجع لا يتركها هذا ما وصله من ثورتها هذا هو الحل لمصيبتها ؟!
"هكذا يا إيهاب ببساطة لن تلمسني مرةأخرى!وكأن المشكلة قد حلت وأنا عدت كما كنت"
وأردفت بوقاحه لا تريد إلا أن تؤلمه كما أوجعها
"اممم لما لا تتمنى لي السعادة والتوفيق مع رجل أخر يقدر خدماتي؟!"
هدر بجنون:
"إخرسي! إخرسي ياوقحة ياعديمة الحياء..ما الذي تتفوهين به؟!"
لتصرخ به:
"هذه أنا...هذه حقيقتي،عشيقة سرية..لا تنكر إيهاب أني جيدة وكما إستطعت جذبك..أستطيع جذب أخر بسهولة"
ترك المقود ممسكا به بذراع واحدة وقبض على ذراعها بقوة حتى كاد أن يكسره:
"قولت أصمتِ..سوف أرتكب جريمة ما الذي تقولينه؟! هل جن جنونك؟! ما الذي يحدث معك؟!فقط أجيبيني..عن أي رجل تتحدثين؟! سوف أقتلك بيدي يا مريم إن لم تتوقفِ عن هذا الكلام حالا..أنت لم تجربِ قسوتي! لا تدفعيني لمعاملتك بها فسوف تندمين"
حاولت جذب ذراعها هاتفة بألم:
"أنت تؤلمني أتركني"
"وسوف أقطع لسانك هذا الذي أصبح يجيد الحقارة والكلمات القذره أتفهمين أم أن الغباء تغلب عليك وأصبحت لا ترين
شيئا ؟!غبية غبية!"
أجفلت عندما تركها بعنف أمسك المقود بكلتا يديه عندما إنحرف عن الطريق من غضبه وتوتره ليتفادى سيارة ما
بصعوبة ويوقف السيارة تماما..تنفس بعنف وبعض التوتر وإلتفت إليها سريعا..كم يكرهها في هذه اللحظة وكم إرتعب
أن تصاب صغيرته بالأذى..لم يقلق على مصيره بقدر ما شعربالقلق على إحتمال إصابتها هي..
نظر إليها ليجدها تضع يديها على وجهها وتميل للأسفل بنصف جسدها العلوي..حركة تفعلها منذ طفولتها عند الخوف الشديد والرعب كما رآها الكثير من المرات تفعلها..فتح حزامه ونزل من كرسيه وإلتف لبابها وفتحه وفتح حزامها ثم حاول رفعها عن جلستها تلك..تفحص جسدها ثم أزاح يديها عن وجهها يفحصه بدقة..سألها بعدها بجفاء:
"هل أنت بخير ؟!"
هزت رأسها ودموعها تغرق عينيها ردت بصوت خافت:
"نعم"
تركها على الفور وهو قال بصوت مقتضب:
"حسنا جيد"
تحرك بعدها مغلقا الباب بقوة ثم جلس في مكانه خلف عجلة القيادة وهو يتمتم ببعض الكلمات الجافة:
"إنتهى الحديث معكِ هنا ولو سمعت من لسانك هذا أي حديث عن أي رجل سوف أقطعه بدون تردد"
ليصيح بها بصوت مرعب:
"هل فهمت؟!"
لتجفل منتفضة من صوته الأمر القاسي وتهز رأسها بنعم أضاف بعدها:
"لن ألمسك مرة أخرى وأنت لن تأتي لغرفتي أبدا..أما عن الوضع الذي حدث فسوف أجد له حلا،ويكفي صراخ وتحدث في هذا الأمر لن تتحدثي به مجدداً أخذ أنفاسه بعمق محاولا أن يهدئ قليلاً وأردف لها بصوت متحلي بالصبر
"أما عن إنتهاكك فصدقيني أنت لا تعرفين شيئا عما تتحدثين عنه"
أغمضت عينيها بألم تحجب عنه وجعها:
*بل أنت من لا يعرف أني أعرفه حق المعرفة كما خطوط يدي..لا تعرف أني تعرضت له تحت حمايتك ورعايتك العديد والعديد من المرات!وما هو الإنتهاك إلا إنتهاك حرمة جسد وروح ولو مجرد لمسة لجسد الآنثى بغير رضاها،لو كلمة وقحة من قذر يسمعها إياها مرغمة ,لو مجرد نظرات قذرة تعريها من ملابسها مهماحاولت أن تداري جسدها..ليس بالضرورة أن يكون الإنتهاك إنتهاكا جسديا كاملا..فكل ما يحدث للأنثى بغير رضاها إنتهاكا لها وإغتصابا لنقائها وحرمة روحها*
قاطع إسترسال أفكارها غير منتبه للألم المتعاقب على محياها وأخبرها بجفاء:
"لقد وصلنا وعودة لسؤالي هل تستطيعين أن تكملي يومك في الجامعة أم أعود بك؟!"
فرك جبهته بتردد من موجة ذكريات أخرى لا يريد تذكرها الآن وأضاف بحذر:
"إن كنتِ لا تريدين العودة للبيت أستطيع أن أحجز لكِ الْيَوْمَ في أي فندق تستريحي به ولا تقلقي لن آتِ معك..تستطيعين الراحة وسآتِ لأخدك أخر الْيَوْمَ"
نظرت له تتأمله قليلا وهو يدق على المقود برتابة وتوتر تستطيع أن تعرف جيدا فيم يفكر عندما ذكر أخذها لفندق ما..تقسم أنه يفكر فيما تفكر فيه..تذكر عند عودتهم من رحلة أسبانيا التي بدأ بها تحول علاقتهما هناك..
فقد ظل لفترة حذرا أن تنكشف علاقتهما فتوقف عن الذهاب لغرفتها وحذرها أن تذهب لغرفته..
ليأتِ في يوم ما يجرها جرا من الجامعة قاطعا محاضرة هامة تحضرها بصمت دون أن قال لها ماذا حدث أو إلى أين سيذهب بها وهي ترى طريقا غير طريق البيت..
ودلف بها إلى أحد الفنادق وطلب مفتاحا لغرفة قد سبق و حجزها بالهاتف منذ ساعة واحدة..وسحبها من يدها أيضاً
وهي لا تفهم حقا ماذا يجري وفور أن أغلق باب الحجرة عليهما قام بدفعها بقوة وتهور ناحية الفراش لينضم إليها سريعا وهو يقربها منه بشغف يلتهم شفتيها بقبلة مشتاقة محمومة ليغيب عقلها تماما عن التفكير وتسلم كل حصونها كالعادة معه عاطفة تجتاحها تقتحم أنوثتها تكبل برائتها وتلف عقلها..
توقف بعد وقت لا تعلمه فعقلها المغيب لم يدرك كم مرمن الوقت على سيطرته عليها..رفع وجهه قليلاً عنها وأنفاسه الثائرة مازالت عالية يلثم طرف ثغرها نزولاً الي نحرها بنهم يحدثها بصوت متقطع تتخله قبلاته:
"لقد إشتقتك يا ناعمة ولم أعد أستطيع الصبر أو المقاومة"
وكالعادة لم تستطع مقاومته إو أبداء إعتراض..مستسلمة لذلك العالم الوردي الذي يأخدها له و لتثبت لنفسها بأنها طبيعية ولمسات ممدوح القذرة لم تؤثر بها أبدا.
تكررت فعلته هذه بضع مرات بعد ذلك وهي توافق بصمت وسعادة خفية بين أضلعها بشغفه بها..أليس الشغف وعدم القدرة على البعد نوع من أنواع الحب؟!
أعادها لحاضرهما وهو يعيد سؤاله بصوت حازم لكنه متوتر أيضاً يبدو أنه تذكر مثلها ردت عليه:
"لا لا أريد..أنا بخير ،تستطيع أن تتركني الآن"
رد بصوته الحازم ولكن جاف:
"كما تريدين"
تحركت من السيارة ليوقفها صوته:
"مريم!"
"نعم"
"تناولي شيئا من الطعام من أجل نفسك رجاء"
أغمضت عينيها..*توقف أرجوك أنا أريد أن أكرهك لا أن أحبك أكثر ،وسط كل هذا ما زلت تهتم*
تنهد بثقل قالاً:
"مريم..من أجلي أيضاً،ولا تتحركِ من هنا بعد إنتهائك سوف آتِ بنفسي لأقلك"
هزت رأسها بإستسلام معلنة موافقتها.
...............
تحدثه وهي جالسة جلستها الأنيقة المعتادة ترشف من كوب قهوتها تنظر إلي الجالس أمامها بتفحص،تعلم جيدا أنه لا يعير الروابط العائلية أي إهتمام وحجته بأنه إشتاق إليهم واهية كاذبة كما أن موضوع قطته وتحفز الأخرى ليس مصادفة..
للأسف تعلم نفس أخوها اللاهية العابثة التي لا تعير أي شيء إهتمام..ولكن ما هي متأكدة منه أنه يكره مريم على مقدار كرهها هي لها ولكن ماذا يريد منها بالضبط وماذا سيجني بأفعاله؟! ذلك الغبي الواثق من نفسه سوف يوقع نفسه في المشاكل..ألم يجد غير تلك التي ابتلوا بها ليلعب معها تلك اللعبة؟!
"إذاً ممدوح تعلم أني لم أقتنع بكلامك حقاً ربما إيهاب أو والدته لكن أنا وأنت نفهم بَعضُنَا جيدا وألاعيبنا"
وأضافت بصوت كله حزم وجدية فهي مهما كان تبقى أخته الكبرى
"ما الذي أتى بك يا ممدوح إلى هنا؟أنت لم تزر البلاد منذ ثلاثة أعوام وأتيت مرغما فما الذي حدث؟ ولا تقل إشتقت إلينا أرجوك أنا وأنت نعلم كذب الحجة"
أراح ظهره في كرسيه واضعا ساق على ساق يسحب نفسا من سيجارته وينفخ الدخان في الهواء وعلى وجه النظرة المتلاعبة وأجابها:
"أختي حبيبتي كيف تقولين ذلك؟أنا حقا إشتقت إليكم وأيضاً مللت من الروتين اليومي هناك..فلم أجد أفضل من هنا لأريح أعصابي وأكسر الروتين قليلا وأراك"
"تعلم أنك كاذب كما أعلم أنا جيدا..أنت لم تفكر في هنا مرة واحدة في الماضي,كنت تأتي مرغما حتى أنك لم تعترف بهنا
بلدا لك أبدا"
رد بنفاذ صبر فطبيعته لا تحب الاستجواب ولا أن يكون مكشوفا لأحد وتلك الغبية إسراء اللاهثة وراء رجل لن ينظر لها أبدا بعد طعنها له..تظن أنها ذكية وسوف يجيبها أو أنه سوف يكشف لها مخططه!
"إسراء هل هو تحقيق؟!أنا آتي في الوقت الذي أريد أتفهمين؟"
قالت إسراء بصوت حاد قاطع:
"ما الذي تريده من مريم يا ممدوح؟!"
عاد لبروده وإسترخائه ينفث من سيجارة وقال ببرود:
"وما الذي سأريده منها؟! أنت تعلمين جيدا علاقتنا بها لقد ربتت في بيتنا ومعنا أي أختنا الصغيرة"
رفعت إسراء حاجبا واحدا وقالت بإستهزاء:
"أختنا الصغيرة حقا هل تصدق ما تقول؟! تعلم جيدا أنه لا أنا ولا أنت إعتبرناها في أي مرحلة من عمرها أختا لنا أو تقرب لنا من الأساس لقد تشربنا كرهها منذ مولدها لتأتي الآن وتقول أنها في مقام أختك الصغيرة!"
أضافت بإستنكار:
"هل تمزح ؟!لقد كنّا نحول حياتها لجحيم ولولا وجود إيهاب لكنا تخلصنا منها بدون أي تردد وفِي مقدمتنا
والدتها"
أجابها بصوت به نبرة استهزاء:
"إسراء حبيبتي لقد كبرنا على ذلك والآن علمت أنها مثلك تماما ويجب أن أحبها وأقترب منها وأحتويها مثل إيهاب,يبدو حبيبتي أنكِ أنت التي لم تنضج بعد..هل مازلت تغارين منها؟!
قاطعته بصوت حاد وهي تنتفض من جلستها:
"ماذا؟ أنا؟!هل جننت؟ أنا أغار من تلك الصعلوكة!"
"إهدئي حبيبتي,للأسف نعم كنت تغارين برغم أنه لم يعاملها أحد أبدا مثل ما كنت تعاملين أنتِ"
ردت إسراء بغضب وهي تتحرك من مجلسها تجاه الباب مغادرة:
"أنا المخطئة لأني تحدثت معك من البداية,إحذر يا ممدوح وإبتعد عنها..الغبي الآخر لن يرحمك إن علم بأنها قطتك
فإن كنت جربت حمايته ودفاعه عنها هناك فهنا إزداد همجية في الدفاع عنها لقد وقف يصرخ في وجه أمه بسببها"
رد بلا مبالاة:
"لا تخافي أختي الحنونة عليّ أبدا..ثم من قال إنها قطتي؟! أنت التي يخيل لك ذلك"
أضاف قبل خروجها من الباب:
"إسراء..زوجك إتصل على والدك وعلي يريد أن يعود إليك ويرى أطفاله"
إلتفت له إسراء بحدة تحاول حجب الألم وشعور الغدر والطعن الذي نسته..لما يحاولون ان يذكروها أم يا ترى تتظاهر بنسيانه!! أكدت لنفسها وهي تجز على أسنانها تخبره:
"ليس زوجي..هل تفهم ليس زوجي..وليس له أطفال عندي,الخائن الحقير..لقد خانني,أنا لا أريد أن أسمع إسمه أبدا"
قال بلا مبالاته:
"كما تريدين ،ما أنا إلا ناقل خبر بعد أن فشل هو في الوصول إليك..لكن بما أنك نصحتني أحب أن أنصحك..إبتعدي عن إيهاب وحافظي على كرامتك فهو لن يلتفت لكِ مرة أخرى مهما كان السبب"
ردت بشراسة:
"لماذا هل ترى عيبا بي ؟ هل سيجد من هي أفضل مني؟ أنظر إليه لم تستطع إمرأة بعدي أن تلفت إنتباهه,لم
يتزوج بعدي"
رد عليها ممدوح بصوته الساخر:
"مغرورة يا إسراء من نعومة أظافرك حبيبتي،تعلمين جيدا ما سبب عدم عودته إليك وأيضاً سبب عزوفه عن الزواج هل تحبين أن أخبرك؟!"
لهتفت فيه بشراسة تنهيه:
"إخرس،أنا أعلم ما أقول"
وأضافت بتردد:
"هو..هو يحبني..كان ومازال يحبني ولن يستطيع حب إمرأة غيري"
"كان يحبك.أما مازال فأنت واهمة..لم يحب إمرأة!أشك حبيبتي،أي رجل هذا من يحب إمرأة باعته في قمة ضعفه وشعوره بالنقص لتتزوج من صديقه المقرب حتى لو كانت إبنة عمه"
أضاف بشماتة:
"أنت بعتيه بسب إكتشافك عدم قدرته على الإنجاب وهربتي أمام الجميع من وقوفك المنتظر بجانبه
وطلبتي الطلاق بعدها بشهر,لم يستطع أحد ردعك لتنهي عدتك وتتزوجي من صديقه مراد،أنا لا ألومك حبيبتي أبدا..
هذا حقك أن تنجبي وترفضي الوضع"
أغمضت عينيها بندم..تسرعت وبدلت الذهب بالتراب,من كان يحافظ عليها وعلى مشاعرها بآخر حقير كان كل ليلة في أحضان إمرأة غيرها..قالت ببعض الدفاع عن نفسها وعن إيهاب:
"أنا لم أتركه لذلك السبب..أخبرتكم مرارا كما أنه يستطيع الإنجاب لو إلتزام ببعض الأدوية"
أضافت بندم:
"أنا فقط أخطأت وظننت أني مللت وتسرعت ومن حقي فرصة ثانية"
"تعلمين أنه لا فرصة ثانية لديك معه،كما لا أعرف سر تمسكك بالعقيم هذا! إنه علقة يصعب التخلص منها..أنا أنصحك عودي لزوجك أو عودي إلى هناك وإبدئي من جديد"
ردت عليه بسخرية عاقدة ذراعيها على صدرها:
"ممدوح يهتم وينصح! هذا يفاجئني حقا!!تنصحني بل قل أنك تغار منه وتخاف إن عُدت إليه يصبح أقوى ويسيطر على الأموال وثقة أبينا أكثر..فكما تعلم والدنا يثق به أكثر منك"
إشتعلت عينا ممدوح بغضب:
"أنه حقير يعلم كيف يجذب والدنا بحجة أنه العاقل..لقد أقنع والدك بأن ينحيني عن إدارة أي شيء"
"تعلم جيدا أنه لم يقنع أحدا يا ممدوح..بل فشلك وإستهتارك كادا أن يكلفأنا الكثير"
"كاذب..هو كاذب هو من إفتعل ذلك"
كما إنه أصبح يسيطر على كل شيء بالفعل"
نظرت له إسراء بعدم تصديق,هي متأكدة من الكاذب المستهترهنا لتنهي الحديث الذي أوجعها معه فلا فائدة مجدية:
"أنا سأصعد الآن فلا فائدة من الحديث..ولكن للمرة الأخيرة إبتعد عن طريق إيهاب لا أريد مشاكل معه"
أعطته ظهرها وخرجت مغادرة فظهر الشر خالصا على وجهه وهو قال:
"بل سوف أقترب وأقترب يا إسراء وأحطمها وأحطمه معها وهنا أكون قد حققت عدالتي الخاصة من الإثنين،
تهينني أنا يا مريم أمامهم؟! حسنا يا حقيرة حسابك أصبح ثقيل معي وسوف أستمتع بكل لحظة تنالين عقابك فيها"
،،،،،،،،،
دخلت إلى المنزل وهي متعبة ومرهقة،لم تنم جيدا بالأمس كما أن كل الأحداث التي مرت بها تؤثر بها وتوتر أعصابها وحالتها التي إكتشفتها مؤخرا إن كانت صحيحة فتلك مصيبة أخرى تؤرقها بشدة..كيف تتأكد ومن تخبر ؟!
تنهدت بتعب ويأس..لم تركز في حرف واحد مما قيل في المحاضرات,جلست صامتة وكالعادة عازفة عن تلك الفئة من
زملائها..فلا هُم يتقبلونها ولا هي تتقبلهم..ضحكت محدثة نفسها
*يبدو أن العيب فيك إذ لا أحد يتقبلك !*
تذكرت عندما أتى إيهاب ليقلها لم قال بحرف واحد ووجهه كان متجهما ومرهقا مثلها وهي لم تحاول أن تلقي السلام حتى..صعدت للسيارة بصمت وخرجت منها بصمت أيضاً ليغادر بعدها إلى العمل كما قال تلك المرة الوحيدة التي سمعت صوته فيها.
يبدو البيت هادئا..حمدا لله فليس بها طاقة لتقابل زوابع السيدة إلهام الآن وسماعها درس في الأخلاق والآداب العامة التي تفتقدها من وجهة نظرها همت بالصعود ليصدمها الحقير وهي غير مدركة لنزوله..تراجعت للوراء بذعر عندما مد يده يريد أن يحاوطها متصنعا الخوف عليها من سقوط واهي..
الحقير طالما فعلها هناك,يتعمد الإصطدام بها ليلامس جسدها أو يتطرف ليحاول أن يلف ذراعه حول خصرها مدعيا حمايتها فإبتعدت عنه بنفورها المعتاد كما فعلت بهذه اللحظة..حمدت الله أنه لم يستطع لمسها الآن فلا تريد أن تتذكر..
سرت قشعريرة قرف في جسدها كله لتتحول لنفور كسى وجهها وقف بينها وبين السلم بإبتسامته المتسلية الذئبية
فتمتمت من بين أسنانها بصوت خافت حاد:
"إبتعد عن طريقي الآن وإلا..."
رد بتهكم:
"وإلا ماذا يا صغيرة"
"أنا لست صغيرة!"
وأضافت:
"وإلا سأصرخ لأخبر من في هذا البيت"
ليعلو صوتها قليلا آمرة إياه:
"إبتعد عن طريقي الآن"
قهقه بصوت عال:
"أخفتيني قطتي,أنت جبانة كالعادة..تهديدك واهي ولا تستطيعين فعل شيء مما تقولين,حسنا سوف أبتعد ليس لشيء ولكن كما تعلمين لا أحب النور..فأمثالك تحلو معهم التسلية في الظلام"
إبتعد ونزل الدرجة المتبقية ليمر من جانبها قائلا بصوت ساخر:
"إنتظريني الليلة حلوتي ولا تظني أنك إن أغلقت ألف باب سوف تمنعيني من الوصول لما أسعى"
"حقير..قذر..حيوان"
تمتمت بغضب ليقهقه بصوت عال وهو ينصرف من جانبها لتصعد السلم نهباً خوفاً من أن يكون ورائها لتغلق غرفتها وتستند على الباب تتأوه بألم تحاول كتم شهقات بكاء تريد الخروج من صدرها .

ليلاً..

لم تخرج من غرفتها من وقتها حتى لا تصطدم بالحقير..لا طاقة لها حتى برؤيته،لقد قامت الخادمة بجلب الطعام لها وطبعا لن يرسله أحد غير إيهاب خاصة أنها صعدت إليها بعد أن تأكدت أنه أتى وهي تلمح سيارته دخلت حديقة المنزل من شباك غرفتها..تريد أن تنام..مرهقة ومتعبة لكنها لا تستطيع ببساطة هي مرتعبة من أن ينفذ الحقير تهديده..رغم أنها حصنت غرفتها جيدا لكنها تعرف الندل له عدة طرق ملتوية..
بعد تفكير مرهق طويل تغلب ألمها وإحتياجها على كل قراراتها لتلبس روبها فوق منامتها الحريرية..
ستذهب إليه ويحدث ما يحدث..هي فقط في حاجة للشعور بالأمان والقوة قليلا وهو فقط من يعطيها منهما الكثير لتستطيع أن تقف في وجه الجميع.
خرجت من غرفتها تتلفت كعادتها عندما تذهب إليه ولكن هذه المرة أكثر حذرا خوفا من ممدوح أن يكون متربصا لها..
سارت على أطراف أصابعها حتى وصلت باب غرفته..وقفت للحظات مترددة ولكنها أخذت القرار بتهور وفتحت الباب لتدلف سريعا وتغلقه خلفها..إستندت عليه بظهرها وضعت يدها على فمها الذي تخرج منه أنفاسها عالية ويدها الأخرى على صدرها الذي يهبط ويعلو بإنفعال وكأنها ركضت لأميال..حاولت أن تتنفس ببطئ لتُهدئ نفسها وتنفض عنها لحظات الخوف الذي شعرت بها وهي تقطع المسافة القصيرة بين غرفته وغرفتها..هبطت يدها التي تكتم صوت تنفسها الي جانبها و هي تنظر للنائم أمامها لتجده مستلقي على فراشه يعقد ذراعيه على صدره وعينيه تحدق بها بنظرة لم تستطع تفسيرها ولكنها مختلطه بالحنان الذي دائما يخصها به وهو يتأملها كلها بهدوء..
وضعت يدها على شعرها بإرتباك لتزيحه عن وجهها بحركات متوترة تنظر له من تحت جفونها بقلق..هل سيرفضها ويعاقبها على ما قالته صباحاً ولكنها تحتاجه أخبرت نفسها بألم..تحسرت بداخلها لقد توقعته نائم الآن..كانت ستتسلل بجانبه ببطء فلا قدرة لها على مواجهته..ولا تقبل رفضه لها..قطعت الصمت المحيط بهما وهي تخبره بصوت مترددا خافت:
"أنا آسفة..لكن لم أستطع أن أنام وأنا..أنا...."
رفعت عينيها المعذبة تستجديه أن يتفهم حاجتها نظرت الى عينيه التي مازالت تحدق بها بنظرات مبهمة حانيه...
أخرجت أنفاسها المتعبة ببطئ وهي تكمل بإستسلام وصوتها يخرج بنبرات مريرة مهمومة يفضحها الإرهاق الذي يسيطر عليها:
"إيهاب أنا خائفة..وأحتاجك"
أحتاجك..كلمة بسيطة في حروفها عميقه في معانيها تهزه من داخله كرجل عاشق لها فلا تحتاج إلا نطقها وكأنها مفتاحها السري لتذيب أي جليد بينهم ليحيطها بحنانه يمدها بعاطفه متدفقة تبدد كل أوجعها لم يتردد لحظة وهو يفتح لها ذراعيه وهو مازال على وضع إستلقائه..وكأنها لم تصدق لتركض ركضا إلى ذراعيه المفتوحتين لها لتدس نفسها سريعا في أحضانه ليحاوطها بتشدد متملك يضمها إلى صدره يقربها منه..دفنت رأسها بين ذراعيه وهي تخرج تنهيدة هادئة مرتاحة وكأنها عادت الي الوطن الي أرضها التي دائماً ما تزيل عنها همومها
همس لها بعد أن إستقرت ثم تحرك رأسها على صدره وكأنها تتشمم رائحته بعمق كعادتها وهو يضمها بقوه أكبر:
"كُنت أنتظرك ولم تخيبِ أملي فيك،تغضبيني منك وتسارعين لأحضاني..هذه عادتك مريم"
تشبثت بقميصه القطني وهي تحرك رأسها وتضعها على قلبه مباشرة تستمع بضجيجه الهادر اليها قائلة بهمس:
"لا أريد الحديث أرجوك فقط أريد أن أنام وأنا مطمئنه هل يمكنني ذلك؟!"
حرك يده إلى أعلى رأسها وهو مازال يحتضنها مملساعلى شعرها بحنان:
"يمكنك أن تنأمي كما يحلو لكِ..فأنا هنا من أجلك دائماً صغيرتي"
بعد فتره قصيرة بدأت أجفانها في التثاقل أزاحها قليلا دون أن يفلتها ليحاول فك روبها لتزيح يديه بفزع ويجمد جسدها لحظات بين يديه فيتجمد هو الأخر وقال بصوت خالي النبرات وقد صدمه رد فعلها:
"أنا وعدتك لن ألمسك يا مريم فقط أردت أن تنأمي مرتاحة"
ردت بتردد بعد أن تداركت نفسها:
"آسفة"
وأضافت ببعض التوتر إن طردها فيثير ذعرها..لا هي لا تريد بعد أن حصلت على بعض الهدوء والأمان أن يتركها فقالت هامسة برجاء:
"أنا فقط متعبة إيهاب..أرجوكً إغضب في الصباح كما تريد لكن لا تطردني الآن"
عاد إلى إحتضانها بعد أن بدأت بتقريب نفسها أكثرمنه لتلصق نفسها به وكأنها تجبره أن لا يفصلها عنه..أغمض عينيه بقوة وكأنه يحاول أن يتعاطى مع الألم العميق الذي يمزق قلبه من أجلها من أجل حقها المسلوب والمهدر منذ يوم مولدها إزدرد لعابه وهو قال بصوت أجش يحاول بثها الثقة فيه:
"إهدئي يا مريم تعرفين أني لن أطردك أبدا حبيبتي ,لكن أحب أن أذكرك بما أنه أصبح هذا كل ما أفعله الآن تذكيرك صغيرتي..أنك تنسي من أنا حقاً بالنسبة لكِ!"
"لم أنسى إيهاب..لكن مجتمعنا من يرفض..أنت الذي تنسى وترفض الإعتراف"
صمت أمام ضعفها وحاجتها لعدم الحديث..وأيضاً لأنها لديها كل الحق فيما تقول وبماذا يخبرها أو يدافع عن نفسه به ؟!!
بعد وقت قصير سمع إنتظام أنفاسها وبدى أنها ذهبت في نومِ عميق بين ذراعيه ليحرر يده من إحتضانها أمسك وجهها برقة يرفعه إلى وجهه وقال بصوت مليء بالعاطفة:
"إن لم تأتِ أنت صغيرتي لأتيتُ أنا إليكِ"
لثم جبهتها بهدوء حتى لا يزعجها وعاد لضمها إليه وأغمض عينيه وهو مطمئن لوجودها بين ذراعيه.
0000000000000000000000

Nor BLack 11-10-19 04:28 AM

الفصل السادس والسابع

0000000000000000000000
الفصل السادس

ومع دقات الساعات الأولى من الصباح فتح عينيه على محاولتها التخلص من أحضانه فقام بتشديد ذراعيه حولها ليعيدها الي صدره قائلا بصوت ناعس:
"إلى أين؟! لن تهربي الآن!"
ردت بقنوط:
"إلى غرفتي قبل أن يستيقظ أحد أليست هي العادة حتى لا يلاحظ أحد أني قضيت ليلتي معك؟!أتسلل ليلا إليك وأغادر مسرعة فجرا"
استعاد وعيه وإنتبهت كل حواسه من نبرة صوتها..يالله عادت للهجوم..علم وشعر بما شعرت به ،علم برفضها للوضع كله لأنه وضع قاسي على أي إمرأة..وضع مذل لإحساسها بإرتكاب جرم لإخفاء مابينهم..رغم أنه رجل ولن يفرق معه الخفاء أو العلن لكن على أي إمرأة صعب لمشاعرها وكرامتها..و في حالة مريم فعلاقتهما المربكة تزيد شعورها بالجرم..إنها محقة بشيء واحد مما قالته أنه يزيد شعورها بالخزي مع اضطهادهم لها..فقط لو يعلم لمَ ظهرت كل هذه المشاعر فجأة هكذا؟! هناك حلقة مفقودة!! فقط لو يعرفها،لو يفهم لمَ كل هذا الهجوم على نفسها وعليه؟!
وما يزيد حيرته حالة النفور التي عادت إليها..تذكر في بداية علاقتهما أنها كانت تنفر من لمساته في بداية أي علاقة بينهما،ولقد صدمه هذا وتساءل..كيف سعت للأمر بإصرار ثم نفرت منه بعد أن بدأ هو بمجاراتها فيما أرادت؟!
كانت تنفر من ملامسته لجسدها وعندما يتراجع كانت تجذبه إليها وصوتها يحمل التردد والرجاء بأن لا يتوقف..كان يُنحي أي تفكير أو شك من هذا النفور ليعزيه إلى صغر سنها أو جهلها بعلاقة لا تعرف عنها غير بعض الكلمات في إطار ما يناسب سنها..كان يخبر نفسه أنها ربما تنفر لبرائة جسدها خاصة أنه كان يستطيع أن يذيبها بين يديه ببساطة فتسلم له كل مقاليد قيادتها ببراءة محببة..كانت في البداية عند إنتهاء أي علاقة تختبئ في أحضانه وتبكي بصوت هادئ ناعم بين ذراعيه وكان يحاول أن يحتويها متفهما مشاعرها المضطربة تلك بسبب تعقيد علاقتهما أو شعورها مثله بتأنيب الضمير لكن كان ما يثير حواسه وعقله دائماً بعد إنتهاء نوبة بكائها ترفع وجهها إليه بعينين معذبتين مليئتين بالدموع قائلة بصوت هامس ببساطة في تعبيره:
"أنا أُحبك أنت إيهاب"
وأضافت بتردد وتساؤل:
"أنا طبيعية إيهاب ليس بي خلل صحيح؟!"
فكان لا يجد إجابة لها سوى أن يطبع قبلة على جبهتها ويشدد من إحتضانها..كيف يرد على سؤال لا يجد إجابة عليه لنفسه؟! سؤال لا يزال يسأله لنفسه! ما سبب تحول مشاعره كلها إليها وهل هو طبيعي؟!
سابقاً..لم يفكر في مريم أبدا بمشاعر غير الأخوة لها..لم ينظر لها أبدا على أنها فتاة حتى وإن لفتت نظر بعض الشباب إليها في فورة مراهقتها بشقاوة روحها ونظرة الإغراء الخاطفة منها
بإختلافها وتناقضها لم تحول مشاعره إليها حتى بعد ما حدث هناك وإضطرارهم للعودة ثم محاولتها في جذبه..
في بداية الأمر كان يعنفها بشدة وفي بعض المرات كان قاسي عليها كما لم يكن من قبل توقفت بعد فترة ولكن بعد فوات
الأوان لأنه وجد نفسه يريدها بكل حواسه وأصبح ينظر لها كما لم ينظر لإمرأة من قبل قط..
حاول الإبتعاد يعلم الله كم حاول التماسك وعدم النظر إليها هكذا..أمانته الصغيرة،ربيبته،إبنته كان يذكر نفسه بهذا..يعذبه ضميره ويجلده ولكن في النهاية رفع رايات الإستسلام..لمَ سعت هي بنفسها إليه وراودته نفسه عنها ليته لم يأخذها معه إلى سفرته التي حاول بها أن يبتعد عنها قليلا..فربما يستيقظ من هذا الجنون الذي كان يفكر به ليضعف أمام دموعها عندما أخبرها بسفره إلى إسبانيا وفِي لحظة جنون قام بالعودة من منتصف الطريق إلى المطار..لم يكن يفكر إلا بوجهها الباكي وعينيها المترجيتين بأن لا يتركها هنا في مكان لا تألفه ولا يريدها أحد فيه..فأخذهامعه وهناك كان هو وهي فقط بدون مراقبين،بدون أن يعلم أحد طبيعة علاقتهما المعقدة وجد نفسه حر لأول مرة..متحررا من ضميره والمجتمع ليرضخ لسعيها ولما أصبح يفكر به..حاول أن ينفض رأسه من أفكاره ليعود إليها وهي تحاول التخلص منه ليحدثها بصوته الهادئ الدافئ:
"مريم إنتظري..أريد الحديث معكِ إهدئي قليلا"
ردت عليه بهدوء ومحاولة تماسك واهية:
"فيما إيهاب؟أعتقد أني أخبرتك بالأمس..لا أريد الكلام"
وأضافت بصوت به تهكم بعض الشيء:
"وأيضاً أريد أن أخرج من هنا..ألا تخاف أن يراني أحد أين حذرك ؟!"
ليحدثها بصوته الهادئ كاتما غيظه منها ومن قوقعتها التي تبنيها حولها:
"أولا ردا على سؤالك لا ما عدت أخاف من أن يراكِ أحد ياصغيرة"
وقال بسخرية على طريقتها:
"كما تعلمين أنا لا غبار على أخلاقي من أحد كما أنك صغيرتي وربيبتي"
حاولت مقاطعته عن الإسترسال في الحديث ليشدد عليها بذراع واحدة ويرفع ذراعه الأخرى واضعا يده على فمها قائلا بصوت حازم قليلا:
"أصمتِ ولا كلمة الآن..أنت تثرثرين كثيرا..أريد فقط سؤالك ما بكِ؟! لم كل هذه الثورات صغيرتي سوف أجن من التفكير
أنت لا تخفين شيئا عني صحيح؟؟بالأمس أخبرتيني أنكِ خائفة..من ماذا أو ممن يا مريم؟أفهم إحتياجك بعد ما تبادلناه لكن لم الخوف؟"
نظر إلى عينيها المواجهة له..تخفين شيئا صغيرتي..تخفين أشياء لا شيئا واحدا ولكن ما هو؟! هذا ما يحير!
نفورها الذي عاد بقوة أكبر من السابق وكان قد تخلص منه،مهاجمتها المتكررة له وخوفها لم كل هذا؟!
أزاحت يده ببطء وقالت بصوت خافت غامض:
"أنا لا أخفي شيئا وليس هناك أي ثورات..أرجوك إيهاب كما رجوتك بالأمس أنا لا أريد الحديث في أي أمر والآن دعني أذهب إلى غرفتي"
حررها من أحضانه ببطء ناظرا لها بتفحص لشعرت أنه يريد إختراق عقلها وروحها ليكشف غضبها تعلم أنه يريد أن يفهم ولكن هي ببساطة ليست مستعدة للحديث يجب أن تعد نفسها جيدا عند هدم المعبد على رأس الجميع وأولهم ممدوح..
نزلت ببطء من سريره تعدل ملابسها التي كانت بها منذ الأمس حتى روبها لم تتحرر منه توجهت إلى الباب ليعتدل في نومه هو يوقفها مغيرا الموقف كله وما كأنا يفكران به:
"مريم إنتظري"
إلتفتت له بتساؤل في عينيها ليحدثها:
"لدي صديق قديم هنا دعاني لزيارته وأريدك معي"
ردت بإستغراب:
"صديقك ودعاك إيهاب ماذا أفعل أنا بينكما؟!"
ليتحرك متوجها إليها وهي تستند على باب الغرفة إقترب منها ممسكا بوجهها بين يديه وقال بوجه باسم لعينيها:
"لا هو يريد أن يعرفني على أسرته..زوجته,إبنته كما أنك تعرفيه جيدا وأنا أريدك أن تتعرفي إليهم..زوجته في نفس جامعتك ولكنها في السنة الأخيرة"
لتعقد حاجبيها:
"كيف أعرفه لا أفهم أنا لا أعرف أحد هنا"
"دعيها مفاجأة لك"
مال يلثم جبهتها ووجنتها:
"صباح الخير ناعمتي هجومك لم يتح لي إلقاء تحية الصباح"
أزاحته بتوتر:
"إيهاب أنت قلت..."
رد بهدوء:
"أعرف ما قولت صغيرتي جيدا أنا ألقي تحية الصباح فقط على أختي الصغيرة"
ليحركها قليلا من أمام الباب ويقوم بفتحه:
"هيا صغيرتي إستعدي جيدا أريدك كما عادتك اليوم جميلة ومتألقة وودودة نحي عبوثك وثوراتك جانباً"
خرجت مسرعة حتى شعر أنها تريد الفرار ليخلع قناع الهدوء لقد تعمد لمسها وتقبيلها ليتأكد..مريم لا تنفر فقط ولكنها مرتعبة وبالتأكيد ليس منه كيف ترتعب من شيء قد حدث بالفعل بينهما؟ نفورها هذا لا يعزيه كما تدعي لشعورها بالخزي والاشمئزاز إنها تجفل ببساطة من لمسة وهو أدرى الناس بها..
ففي فترة ما هناك كانت تجفل من أي لمسة حتى ظن أن أحدا تعرض لها ولكن أين ومتى ؟!وهو يحاوطها دائماً بإهتمام ولا يغفل عنها خارج المنزل أبدا! حسنا سوف يكتشف الأمر وفِي أقرب فرصة يجب الضغط قليلا حتى لو أجبرها لكي يستطيع ان يعلم..
لمعت ذكرى قريبة جدا في رأسه عن بداية النفور الجسدي هذا بالأمس فقط وتحفزها أمام ممدوح..ولكن لماذا ؟!لو تتحدث ولا تغلق على نفسها..للأسف هو عاجز أمام تناقض تصرفاتها..نفض رأسه قليلا من أفكاره الآن ليستطيع اللحاق بمهامه
0000
"مرحبا"
نطقها الرجل الذي إستقبلهما بصخب ليفتح ذراعيه ويحتضن إيهاب بقوه وإيهاب يبادله العناق..
إنه رجل وسيم بعيون زرقاء ملفتة للنظر لقد رأته تتذكر جيدا وجهه ولكن أين ؟!عقدت حاجبيها تحاول التذكر.
ترك الرجل إيهاب وتوجه اليها قائلاً بصوت محتفل بشوش:
"يا الله إيهاب لا أصدق هذه مريم الصغيرة إنها رائعة لقد كبرت كثيرا عن أخر مرة رأيتها بها"
وأضاف بعبث:
"لقد أصبحت فتاة تخطف الأنفاس"
أتى صوت من خلفه هاتفا بغضب لفتاة تبدو في نفس عمرها أو تكبرها بأعوام قليلة تحمل طفلة ضخمة للغاية ويبدو أنها تعاني من حملها:
"إن شاء الله أنا من سأكتم على أنفاسك إلى أن أُزهقها تماما حتى لا يخطفها أحد"
لتلقي الطفلة إلى أحضانه بعنف ليتلقفها وهو يضحك بصخب ويوجه الكلام ل إيهاب:
"أعرفك إيهاب هذه حمقائي وزوجتي العزيزة"
زمجرت في وجهه وهي تضغط على أسنانها:
"كف عن تعريفي بحمقاء..الضيوف أول مرة يزورونا لا داعي أن يعرفوا المجنون الذي أحيا معه"
ضحك الرجل بصخب وسط ذهول مريم مما يجري..وضحكات إيهاب التي ترتفع أكمل الرجل:
"عذرا حبيبتي..هذه زوجتي الآنسة مَي كما تحب أن تدعو نفسها"
زمجرت تلك ال مي محذرة إياه:
"جاسر ليس مره أخرى"
قامت مَي بشد إيهاب من يده مال بوجهه مساوي وجهها تمتمت في أذنه بصوت خافت حذر:
"ما هذا بالضبط إيهاب أنت قلت سوف نزور صديقك لا مستشفى أمراض نفسية"
إنفجر إيهاب في الضحك غير قادر على السيطرة أكثر إلتفت اليه الإثنان خاطب صديقه المدعو بجاسر:
"لم أتوقع أقل من هذا منك جاسر دائماً مميز ومختلف بجنونك"
خاطبه جاسر بصخبه وهو يضم طفلته:
"أعلم هذه الحياة لا تستحق إلا أن تأخذ منها بجنونك ما تريد..هذا مبدأي وأيضاً صادف أنه مبدأ زوجتي"
غمز بعينه لمي:
"إن أردت سعادتك قم بإختطافها أو ماذا مَي ذكريني"
اقتربت مَي تهمس في أذنه بشيء لتلمع عينيه ويزيد من ضحكه توجهت لهما مَي:
"مرحبا وعذرا على ما يحدث لكن هو حدثني عنك كثير فلن تستغرب مقابلته هذه"
ليهز إيهاب رأسه بإبتسامته الهادئة بعد أن توقف عن الضحك:
"بالطبع أعرفه ولا أتوقع منه أقل من هذا"
لمعت عيني مريم بإدراك غير قادرة على السيطرة على لسانها وهي تقفز:
"نعم نعم تذكرته عمو المجنون جاسر"
أغمضت مَي عينيها غيظا:
"يا الله..لقد أصبحت عالمي حبيبي"
قابلها جاسر بصخبه:
"مرحي يا صغيرة وأخيرا تذكرتي"
إكتفت بإبتسامة وقد خجلت من هتافها لتعود إلى جانب إيهاب ملتصقة به تقريبا..رحب بهما جاسر وهو يدعوهما للدخول إلى حجرة الإستقبال..وضع جاسر طفلته التي ربما تبلغ عام او أكثر قليلا على الأرض لتمشي بترنح قليلا مشية أشبه بالبطريق..كتمت مريم ضحكتها وبصعوبة منعت نفسها من التعليق.
جلسوا وإنخرط إيهاب وصديقه في حديث جانبي بعد بعض الوقت من تعريفهم على أفراد العائلة..
ولاء أو زوجة أخ صديقه..إنسانة مرحة قليلا وغير مبالية بأحد و يطلق عليها ببساطة متسامحة..
رباب الغامضة إبنة عمهم ووالدته سيدة بشوشة للغاية وتبدو طيبة لقد أحبوها وإنخرطت معهم في حديث شيق ومرح متحررة من أي تفكير..دفء وترابط عجيب شعرت به بينهم فهم أسرة متكاملة,بينهم نسيج غريب لم تألفه وسط الأسرة التي نشأت بها رغم إختلاف طباع هذه الأسرة ولكنهم متكاملين بشكل او بآخر،روح رائعة ومحبة تطوف بينهم حتى وان كانت مَي تدعي وتُصرح أنها تكره الجميع..ولكن الجميع يضحك ويسايرها في كلامها..كم تتمنى أن تكون وسط أسرة كهذه.
راقبها من بعيد ورأى إندماجها غير المعتاد مع أسرة صديقه كان متأكدا من حاجتها لأصدقاء ورغم عدم معرفته لزوجة صديقه ولكنه يعرف أسرته جيدا وهذا يعود لمعرفته الوثيقة بصديقه والعمل المشترك البسيط بينهما هناك فعندما كان يأتي للبلاد في زيارات قصيرة كان يقوم بزيارةعائلة صديقه..عندما أخبره جاسر مصادفة أن زوجته في نفس الجامعة التي ألحق بها مريم لم يتردد لحظة في أن تتعرف عليها..عرف بحاجتها للأصدقاء لعلها تستطيع ان تخرج ما بداخلها لها وان تعيش ولو جزء طبيعي من حقها في ممارسةحياتها..أن تُكَون أصدقاء وعلاقات حية..لا يريد إبعادها عن محيطه ولكن يريد لها حياة مستقلة قليلا شعرت فيها بالحرية..مساحة شخصية لها شعرتها بالسيطرة على حياتها وتحديد أهدافها..
قطع جاسر تأمله بإندماجها بينهم..كم هو سعيد بتلك الضحكات التي عادت إلى محياها..
"ما بك؟ أين ذهبت إيهاب ؟!"
"لم أذهب لمكان أنا هنا معك"
تأمله جاسر ونظر إلى عينيه ونظراته عرف تلك النظرات جيدا لكن لا تعليق مع أحمق مثل إيهاب..وجه له الكلام:
"ماذا عن حياتك هنا وحياة مريم؟؟ هل إستطاعت التأقلم ؟!"
رد إيهاب بتهكم:
"وكيف تتوقع أن تكون هنا بوجود إسراء وأمي؟"
رد جاسر ببعض الإدراك:
"أستطيع التخيل..بالتأكيد لن تكون أفضل من حياتها هناك بل أسوأ ربما"
قال إيهاب بتأكيد:
"نعم بالضبط هذا ما يحدث لا أعرف سر هذا الكره لها !!ما ذنبها هي في كرههم جميعا لأمها ؟!يا رجل حتى أمها أشعر أنها لا تحبها وتكره وجودها..أتعلَّم نحن هنا منذ عام كامل لم تجري إتصالا واحدا بها وكأنها حمل ثقيل وتخلصت منه.."
أكمل وهو ينظر لها وهي ترفع الصغيرة تلاعبها بمرح فتلمع عينيه بسعادة خفيفة لعودة ضحكتها أكمل بصوت دافئ صادق:
"أنا أتألم لألمها الصامت وشعورها بالنبذ..هي جزء مني ولدت ونشأت على يدي أنا..أنا ياجاسر..أنت رأيت هذا"
نظر له جاسر بإهتمام وهو يتحدث..إيهاب المهتم دائما للجميع..تلك شخصية صديقه المراعي الصادق..ولكن عيبه الحماقة وإنكار حقه وخوفه من كلام الناس والمجتمع..يحمد الله أنه ليس به تلك الصفة وإلا كانت ضاعت منه سعادته وإستقراره مثل ما يفعل صديقه في نفسه..يعلم وشهد ماذا تعني مريم له وإهتمامه بها..كان يفرضها فرضا عليهم في خروجاتهم الشبابية ويخيرهم بين وجودها او عدم مجيئه على الإطلاق وهذا بسبب ترك العائلة لها وحيدة مع الخادم في المنزل وهذا ما كان يرفضه إيهاب بإصرار فكان إختيارهم دائماً وجودها ما بين مشفق على الطفلة التي لا يعلموا حقيقة وجودها وبين متذمر وبين غير مبالي..و كان هو من بين المشفقين المتمتعين بصحبتها..كانت طفلة حلوة المعشر وجميلة الروح حتى وهي ترفض مشاركتهم أي مرح يحاولون جذبها فيه لتندس في صدر إيهاب..كانت دائماً تنظر له نفس نظرة التملك والإنبهار من أفعال بسيطة يفعلها لسعادتها ولكن نظرة التملك الآن إختلفت لقد رآها في أعين الإثنان ربما هو كما تقول زوجته مجنون لكن لا يخطئ تلك النظرة أبدا..
رد جاسر عليه متفحصا وجهه بإهتمام:
"لا تحمل نفسك أخطاء الجميع يا صديقي ليس ذنبك،أنت فعلت كل ما إستطعت..أعطيتها كل ما تحتاجه ولم يقدم لك أحدا شيئا"
أضاف بعدها ببعض اللوم:
"مريم بالتأكيد في يوم ما سوف تجد من يهتم بها وتجد سعادتها وتُنشئ أسرتها المستقلة"
رفع إيهاب عينين مليئتين بالرفض والإستنكار ليتسائل ببعض الحدة:
"ماذا تعني؟!"
فأجاب جاسر مدعيا اللا مبالاة:
"أعني أنها سوف تجد شريك حياتها ويعوضها ما تعاني ويمنحها حياة مستقرة وسعيدة"
ظهرت علامات الرفض التام على وجهه والغضب المكتوم
نظر له جاسر بتسلية:
"ما هذا إيهاب هل هذه غيرة أخ؟!لم أعلم أنك هكذا"
حاول إيهاب تغيير الموضوع ومناقشته في شيء بعيد تماما..جاءت مريم بعد قليل حاملة الطفلة المكتنزة وجلست بجانبه
تلاعب الطفلة بهدوء إلتفت لها إيهاب ليأخذ الطفلة منها ويقبلها ناظرا لها بنظرة بها بعض الألم..قبل الطفلة التي تداعب وجهه وتضحك بصخب وطفولية له..من مداعبته لها خاطبها إيهاب بصوته المحبب للجالسة بجانبه:
"ما إسمك حلوتي؟"
ردت مريم:
"منار..إسم حلو لطفلة رائعة أليس كذلك؟أنا أحببتها"
عاود إيهاب النظر للطفلة ومن عينيه تطل تلك النظرة الجريحة حدثت مريم نفسها:
* آه يا الله..إيهاب أتألم لأجلك أنت مقتنع تمام بفكرة عقمك..فكيف أقنعك أنا بعكسها؟! *
تنهدت بكبت تناجى ربها:
*يارب ساعدني *
قالت الطفلة تشير لوالدها:
"مجا مجا"
رفع إيهاب حاجبيه:
"ماذا تقولين حلوتي؟!"
ردت مَي وهي تدلف إليهم:
"انها تنادي على جاسر تقول مجنون"
ردّد إيهاب بصدمة:
"ماذا قولتِ هذا مزاح صحيح؟!*
رد جاسر غير مبالي:
"لا هذا صحيح..حمقائي رقم إثنان تدعوني مجا مجنون وتدعي والدتها ققا. ويعني حمقاء"
إنفجر الجميع في الضحك لتقاطعهم مَي بغيظ:
"سامحك الله يا جاسر..أنت من علمت إبنتي هذه الكلمات,البشر قالون أبي وأمي وأنا إبنتي أول كلمات لها مجنون وحمقاء"
تنهدت مدعية اليأس:
"هيا الآن إلى غرفه الطعام والدتك تنتظرنا"
تحرك الجميع إلى هناك ليخبرهم جاسر بصوت خافت بتحذير:
"أنظرو لي جيدا عند الطعام..ما أهز رأسي لكم بالنفي إياكم وتذوقه..هذا يعني أنه صنع زوجتي وهذا يعني غسيل معوي عأجل"
"لقد سمعتك جاسر ولن أغفرها لك أقسم"
مال إيهاب إلى مريم يوقفها قليلا عن التقدم بتساؤل:
"هل أنت نادمة أنكِ أتيتِ معي؟"
نفت مؤكدة:
"لا بل أشكرك لقد أحببتهم بشدة..الفتيات رائعات ووالدتهم جميلة أول مرة أشعر بمعنى دفء عائلة إيهاب"
أضافت ببعض التردد والتساؤل:
"أنا أعتقد أنهم أحبوني..هل..هل تعتقد أن هناك أحد ما أحبني ذلك بغير العادة ؟!"
ألمُ قبض على صدره من عدم ثقتها أن يتقبلها أحد بطبيعتها..ألمُ حارق يكويه,ليته يستطيع ان يفعل أي شيء لنزع هذا الشعور..سيطر على شعوره وأجاب عليها ببعض البشاشة والتأكيد:
"بالطبع صغيرتي هم أحبوكي وبشدة أيضاً رأيت ذلك في مرحهم معكِ وأيضاً من يستطيع ألا يُحبك ؟"
ردت بمرارة مؤكدة:
"الجميع إيهاب الجميع"
"أنت لا تعرفين الجميع صغيرتي..ها هم أناس جدد وأحبوك ولم تمضي أكثر من ساعتين معهم"
قاطعهم جاسرليخبرهم أن الطعام جاهز ويجب أن يذهبا..

بعد وقت ليس بقليل..كانوا يودعونهم مع وعد من الفتيات بأن يلتقوامجددا وفي جامعتها..
بعد مغادرتهم..
إلتفت جاسر إلى مي بتساؤل:
"إذاً؟"
ردت مَي بنفس نبرته وهي ترفع حاجبيها:
"إذاً ماذا؟!"
"مارأيك بمريم؟ لا تقولي لم أحبها أرجوك"
غمزت له بعينيها:
"بل على العكس لقد أحببتها تماما وسوف تكون تحت رعايتي ورعاية الفتيات ولاء ورحاب لقد أحبوها"
"هذه سابقة عزيزتي أحببت أحدا وأيضاً فتاة!"
أضاف متصنعا الجدية:
"هل قلتِ تحت رعايتك!أعانك الله يا صديقي على ما سوف تراه من غباء"
ردت مَي تدعي الغضب:
"أنا غبية يا مجنون! أقسم سوف أريك..أنا س...."
صرخت فجأة وهو يندفع إليها يحملها على كتفه مثل الجوال:
"أتركني يا جاسر لا تتحامق"
"لسانك طال عزيزتي ويجب قصه قليلا"
وأضاف بعبث:
"وأنا لن أتأخر لحظة..تعلمين جيدا أن كل ما يهمني هو الأخلاق"
ردت وهي تمط شفتيها:
"نعم فأنت سيد الأخلاق وأنا خير من يعلم..أنزلني الآن..طفلتي!"
ليعلو صوته وهو يهم بالصعود إلى طابقهما:
"أمي أرجوك إهتمي ب فنار إلى أن أُهذب زوجتي"
خرجت أمه على صوته وهي تستنكر ما ترى:
"هداكم الله..البيت به بشر غيركما تأدبا قليلا"
رد جاسر بعبث:
"وهذا ما سوف أفعله أمي,إبقي فنار معك"
غطت مي وجهها وهي تتمتم:
"منك لله..لم يبق أحدأ إلا و رآني بهذا الوضع..ثم كُف عن مناداة إبنتي بفنار إنها منار"
ضحك بصخب بعد أن وصل شقتهما ليصل إلى غرفته ويلقيها على الفراش بعنف لتتأوه بألم وهي تسبه كالمعتاد فإنضم إليها وقلب شفتيه:
"لقد أخبرتك لم أحب إسم فنار هذا"
"منار يا جاسر"
"إخرسي مَي فنار منار لا يهم المهم تأديبك بضمير بعد ان تخلصنا من نسختك"
"أتعلَّم ما المشكلة حقا جاسر؟!"
مال عليها ولثم جانب عنقها وتمتم:
"امممم.."
"أنا أحبك بجنون".
00000
في طريق عودتهما حاول أن يتجاذب الحديث معها وهذا ما نجح به..فالساعات التي قضوها بصحبة جاسر وعائلته فعلت
فرقا كبيرا في حالتها النفسية..الشعور بأنك مرحب بك ومحبوب يمنحك الثقة والراحة والسعادة..لم تتوقف عن الضحك وتذكر أفعال صديقه وزوجته وسردإعجابها بذكاء رحاب ومشادات ولاء ومي..لقد أحبتهم وهم شاركوها أيضا الإهتمام..هذا أراحه قليلا ان يكون أحدا بجانبها يستمع لها غيره..
في إعتقاده جاسر سوف يناصره ظالما أو مظلوما هذا ما يثق به ولا يأتمن على مريم أحدا غير هذه العائلة..تواصله مع جاسر ليس فقط من أجل الصحبة ولكن سوف يساعده فيما يسعى..
"إذا صغيرتي إستمتعت بتلك الزيارة؟!"
ردت بصوت مليء بالبهجة:
"نعم أكثر ما تتخيل. الفتيات تبادلن هواتفهن معي ووعدنني بأن نلتقي في الجامعة..مَي تدرس في نفس القسم لكنها في عامها الأخير ،وولاء في المرحلة الأخيرة أيضا لكنها في قسم مختلف ورحاب أستاذة مساعدة في قسمي رحاب تكبر مَي بعام واحد لكن مَي تأخرت عأمين لظروف زواجها وإنجابها على ما أعتقد"
قال بإهتمام:
"هذا جيد مريم..أنا سعيد من أجلك عزيزتي"
ردت مريم بسعادة:
"وأنا أيضا"
إختفت ملامح السعادة قائلة بقنوط:
"نعم أخيراً إيهاب سوف يكون لي صحبة..لا أعلم سبب نفور الفتيات مني في الجامعة ومهاجمتهن لي لمجرد أني احمل جنسية مختلفة"
وأضافت بتهكم:
"يدعونني بالأمريكية والشباب حدث ولا حرج.."
ليقاطعها وملامحه تحمل العبوس المختلط بالغضب:
"أي شباب؟ هل يتعرض لك أحد ولم تخبريني؟!"
قاطعته سريعا:
"لا بالطبع مجرد محاولات منهم يريدون جذب إهتمامي وأنا لا أبالي ومع الوقت إبتعدو بعد رؤيتهم لك عندما
تأتي بي وتأخذني..يلقبوني بالمحصنة"
حاول أن يبتسم لها وهو قال:
"يطلقون عليك ماذا؟!"
عادت لها روحها المرحة قليلا وحمدت الله أنه إقتنع بكلامها عن الشباب لا تريد المزيد من المشاكل..
"المحصنة عزيزي بعضهم لم يفهم من أنت بالضبط والفتيات يطلقون عليك لقب الوسيم الأنيق..فكيف سألتفت لأحد
آخر ؟!"
سألها بإهتمام:
"وأنت مريم ما رأيك فيما قالون ؟"
تأملته للحظات وقالت وهي تتنهد وتنظر من نافذتها معاودةالشرود:
"تعرف رأيي جيدا إيهاب على ما أعتقد..أنا لم أرى غيرك سابقا من الأساس فكيف سوف أنظر الآن؟!أرجوك هل يمكننا عدم الحديث؟ لا أريد أن يفسد يومي فكلأنا يعلم جيدا أين سيصل بِنَا الحديث"
مد يده وأخذ يدها في كفه الحرة حاولت سحبها ليضغط على يدها قائلا بصوت دافئ:
"أنت أصبحت تطالبين كثيرا صغيرتي بالإبتعاد عني ولكن أنا لن أيأس في كسر تلك القوقعة والوصول إليك ووصالك"
رفع يدها إلى فمه يلثمها وهو ينظر إلى الطريق غير غافل عن نظرت التحفز والإجفال الذي أفلتت منها بغير قصد
ليتنهد بتعب محدثا نفسه:
*صبرا إيهاب وسوف تعلم كل شيء*
وصلا إلى منزلهما ودلفت مَريمفتصدمت بوجه ممدوح أمامها..علي الفور حاول التقرب منها بتمهل خطر و هي تتراجع الي الخلف بتوجس قلق والخوف يدب في أوصالها لتحيد عنه ببراعة أوقفها سور المنزل عن التراجع بعد إصطدمها به من حلفها..سمعت صوته المقيت يحدثها بعبث خافت خبيث:
"مريم الصغيرة..لا تجفلي حبيبتي إنه أنا..من سيقضي عليكِ أين كنتِ؟ لقد إشتقت لنظرات الرعب في عينيك وإدعاءك الواهي بالقوة"
أغمضت عينيها بقوه متمتمة:
"إبتعد عني"
إقترب منها أكثر يضع يده على الحائط بجانب رأسها قائلا بتسلية:
"ماذا حلوتي ألا تجدين ما تقولين غير إبتعد عني..مريم ثلاثة أيّام أنتظر إجابتك على سؤالي ألم تشتاقِ إليّ حلوتي؟!"
ردت بغضب وقوة:
"بل أعطيتك الإجابة التي تزين وجهك القذر الآن"
أمسك فكها بيده الأخرى بقوة آلمتها وعلا وجهه إبتسامة شر خالص:
"قذرة وحقيرة ووقحة مثلها ولكن لا بأس..ما سوف أحصل عليه في المقابل يجعلني أنسى كل شيء يا وقحتي الصغيرة"
حاولت مريم إزاحة يده قائلة بإشمزاز وقوة:
"أنا لستُ وقحة ولا قذرة..لا أحد قذر وحقير غيرك..نجوم السماء أقرب لك مني"
أزاح يدها بيده الأخرى وضغط على فكها أكثر قاومت دموع الألم بشجاعة وصعوبة..لا تريد الضعف أمامه لحظة وكل تفكيرها وتضرعها ذهب له تناجيه بصمت *أين ذهبت..إيهاب أرجوك أسرع*
إقترب منها وأنفاسه الكريهة تلفح جانب وجهها:
"لم أجدك ليلة أمس بغرفتك أين ذهبت؟ إهربي كما تريدين..أنت لي في النهاية"
أنزل يده التي بجانب رأسها ومررها على ملابسها..حاول ملامسة مفاتنها ببطئ وأردف بصوت متلاعب مهين:
"من مثلك لا يستحق إلا الظلام ،أعلم أحلامك جيدا هل تظنين أنه من الممكن أن ينظر لك حقا؟! هو يعلم حقيقتك جيدا أنت فتاة للظلام"
صمت للحظة وعينيه تلمع بكره أكمل بسخرية:
"ولكن قلبه العطوف يرفض أن يعلم حقيقتك ولكن سيعلمها بعد أن ألوثك أنا ليرميك بعيدا حتى لا تلوثي عالمه المثالي"
صرخت بصوت مكتوم وغاضب وهي تدفعه عنها بجنون وشراسة وإشمئزاز لتتحرر دموعها:
"حقير قذر..أكرهك,أقسم أن نهايتك على يدي يا قذر..ابتعد عني إياك ولمسي"
ضمت يديها تحتضن جسدها الذي كان يختض بشدة..بكت ألم إنتهاك حرمتها المتكرر بغير حق رفع رأسه سريعاً وهو يتركها عندما إسشعرت خطوات تأتي من باب الحديقة وإبتعد عنها على الفور خطوات للوراء يشاهد صراخها الذي ذاد وشهقات بُكائها العنيفة..كانت ترتعش كلياً وكأنها فقدت القدرة على التحمل لم يمهله الأخر أي تفكير فيما أوصلها له أو حتى الشماتة بها والإستمتاع المعتاد برعبها عندما سمع صوت إيهاب يتساءل بقلق وهو يلتهم المسافة القصيرة بينهم يصل لوقفتها الملتصقة بالحائط تضم جسدها بإنهيار نظرة خاطفة تجاه ممدوح إستطاع أن يتبين وقفته القريبة منها على الفور حاول ضمها وهو يمسك بذراعيها يجذبها نحوه وهو يتساءل:
"ما الذي يحدث هنا ما بك مريم؟!"
قاومته بشراسة وهي تنفض يديه عنها كأنها مغيبة ولا تراه تصرخ به:
"إبتعدوا عني"
أمسك كلتا يديها التي تحاربه بضراوة بيد واحده ليسيطر عليها أخيرا وشدها بقوة يضمها إلى صدره ويده الأخرى تلتف حولها في محاولة لجعلها تتعرف عليه بوسط إنهيارها ولم تخيب ظنه وهي تتمسك بقميصه على الفور وإستكانت ودفنت رأسها به..إستمر في تهدئتها قائلا:
"ششش إنه أنا صغيرتي..إنه أنا إيهاب حبيبتي،. ما الذي حدث لقد تركتك بخير؟"
أجهشت ببكاء حار تستجديه وهي تتمتم بضعف و تتشبث به أكثر:
"لا تتركني أرجوك..لا تتركني كن بجانبي"
إقترب منها ممدوح مدعيا الإهتمام مداريا عنهم الغضب والكره والحقد الذي يكنه لهم..روؤيتها تنهار في أحضانه تسلم له على الفور وتستكين كأن هناك ما يربطهم أكثر مما يظهره تعلقها الدائم به منذ حداثة سنها وكأن لا يوجد في عالم الرجال غيره قرب يده منها في محاولة للتربيت على ظهرها قبل أن يصل اليها رفع إيهاب رأسه ونظر اليه بغضب أعمى ونطق بشراسة وهو يضغط على أسنانه حتى لا يجفلها:
"إبتعد عنها ،إياك ولمسها"
تراجع ممدوح خطوة للخلف على الفور واضعا يديه في جيوبه يسدل أهدابه يداري غيرته وقال بصوت غير مبالي:
"ما بك إيهاب أنا أردت تهدأتها فقط مثلك"
بتملك وهو يحاوطها بتشدد يضمها اليه رد بغضب:
"أنت لست أنا ولن تكون أبدا..والآن أريد أن أفهم ما الذي حدث؟!"
وقال ممدوح كذباً وهو يدعي الإهتمام:
"لا أعرف..أنا خرجت إلى الحديقة لأفاجئ بها كما رأيت تلتصق بالحائط وتبكي بهستيريا"
سائل إيهاب بتوجس مهتاج:
"هل لمستها ؟"
"ما بك إيهاب؟ أنا أخبرتك رأيتها هكذا وعندما حاولت الاقتراب جئت أنت..وحتى لو لمستها لأخبرتك فأنا لي فيها مثل ما لك بل أكثر"
وقال إيهاب بتحذير بعد أن هدأ بكاء مريم لكنها مازالت تتشبث به صامتة تدفن رأسها بين ذراعيه:
"ليس لك بها شيء يا ممدوح لا من قريب ولا من بعيد وتعلم جيدا بعد ما حدث منذ أكثر من عام لم يصبح لأحد فيكم أي شيء بها إلا أنا ولن أحذرك أكثر إبتعد عنها"
رفع ممدوح حاجبيه بتصنع:
"وهل اقتربت الآن؟ ما بك إيهاب؟أصبحت ترتاب كثيرا عليها لا تنسى انها أخت لنا جميعا"
لم يرد إيهاب ونظر له بتقليل ساخر ليعود يولي جل إهتمامه لمريم رفع وجهها بين يديه يخاطبها بقلق حقيقي وإهتمام:
"ما الذي حدث لقد تركتك بضع دقائق فقط كنت بخير حال"
تجنبت النظر لعينيه وهي تتمتم بضعف ؛ لم يحدث شيء إلتوى كاحلي أرجوك أنا أريد الذهاب إلى غرفتي"
هتف بغيظ:
"مريم لن أتركك أي كاحل؟!كأني لا أعرفك ما الذي حدث لتنفجري هكذا"
رفعت له عينين رأى فيهم الدموع تتوسّله:
"أرجوك إيهاب دعني أصعد إلى غرفتي"
لم يود أن يضغط عليها هز رأسه موافقا مدركا حالة إنهيارها..فقلبه لم يطاوعه ان يضغط عليها ،ساعدها على الصعود إلى غرفتها توجهت مباشره الي سريرها تمددت عليه..ساعدها بالتخلص من حذائها ثم حركها يساعدها على التحرر من كنزتها لم تقاومه مستسلمة لما يفعل..أغمضت عينيها على الفور عندما حررها لتعود تدفن وجهها في الوسادة هربا في غفوة كعادتها عندما يكثُر الضغط عليها..عندما شعرت بالفراش ينخفض بجانبها أمام ثقل جسده مدت يدها تجذبه من يده وتقربه أكثر منها بصوت خافت متوسل:
"لا تتركني..إبقى بجانبي قليلا أرجوك"
إستجاب على الفور وهو يقترب منها ورفع يده الأخرى ملس على شعرها محاولا بثها الإطمئنان وأخبرها بحنان:
"أنا هنا صغيرتي أنا هنا لن أبتعد"
تشبست بيده وهي تضمها الي صدرها بين يديها تغمغم له بنعاس:
"شكرا لك"
ذهبت في النوم سريعا وتركته يتأملها بشرود ويده مازالت تمر على شعرها.برتابه وبطئ بالطبع لا يصدق ما قاله ممدوح ولا هي إذن الخلل بجانب كارثتهم هوممدوح الخيوط عند الحقير..يعلم خبث إبن عمه جيدا ولكن ما الذي يمكن ان يكون فعله او قاله لها لتنهار سريعا هكذا؟؟ إنه يعلم مريم جيدا لا تنهار إلا اذا حدث ما فوق طاقة إحتمالها..بل ما يثير عجبه بها قوة احتمالها هذه؟! أمن المعقول أن يتعرض لها هذا الحقير ؟!
نظر طويلاً لها بتمعن يتذكر كلمات ممدوح قطة شوارع شرسة في البيت..هل من المعقول أن يكون الحقير يقصد مريم؟!
أغمض عينيه بغضب يجتاحه كله..توعد وأقسم إن ثبت ما توصل له فلن يرحمه..بل سيمزقه بيديه بدون تردد هل وصلت به الدناءة لذلك حتى بعد علمه ما أصبحت مريم عليهِ الآن بالنسبة له هو ؟!
حرر يديه منها يحجم غضبه بعيدا عنها فيديه تنقبض الي جانبه بغضب متوعدا له:
* لن أرحمك يا ممدوح كل أخطائك. شيء ومريم شيء أخر..*
عندما حاول التحرك ليبتعد عنها وجدها تتشبث به في نومها وتعيد طلبها السابق بإلحاح:
"لا تتركني أرجوك"
عاد بجانبها يقربها و يضمها إليه تمدد الي جانبها فاقتربت منه سريعاً ودفنت نفسها به وسكنت حركتها..بصوت خافت وهو يضع رأسها في عنقه ويدفن وجهه في شعرها أخبرها:
"لو تصارحيني فقط لو تصارحيني.."
000
"ممدوح توقف أريد الحدث معك"
نادته إلهام زواجه عمه فوقف ليرى ماذا تريد؟؟
قالت إلهام بتعالي:
"لقد رأيت ما حدث منك مع المتشردة"
رد ممدوح بلا مبالاة:
"ماذا !!زوجة عمي لا تقولي أنك أتيتِ لتهدديني أو أنك فجأةً أصبحتي تهتمي بها"
قالت إلهام ببطئ وخبث:
"بل أتيت لأقول لك أني سأساعدك في مسعاك بشرط واحد ,أن تخلصني منها وتخرجها من بيتي وتعود بها من مكان ما أتت".
نظر لها ممدوح مدعي عدم الإهتمام حتى لا تستغل الفرصة أو تظن أنها تلوي ذراعه وقال:
"ما أريده سوف أحصل عليه بنفسي ,لا أحتاج لشروط أو مساعدة"
اقتربت منه إلهام:
"إسمعني يا ممدوح كلنا هدفنا واحد في التخلص منها ,أنا أريدها خارج بيتي..وأنت تريدها"
وأضافت بإستنكار:
"ولا أعرف حقا ما الذي يعجبك بمن مثلها لكن...لا يهم ,اذاً لنساعد بَعضُنَا وكلأنا يصل لمسعاه
تصنع ممدوح التفكير للحظات وقال بعدها بتسائل:
"وكيف ستفعلين هذا ؟"

أجابته بتأكيد:
"سوف أسلمها لك بعيدا عن إيهاب لتفعل بها ما تشاء ولكن..إضمن لي عدم تحدثها"
وقال ممدوح بصوت قاطع و نبراته تحمل تأكيده وثقته:
"تأكدي أنها من المستحيل أن قالت"
أجابته و نظرات الإنتصار تحتل عيناها:
"حسنا أعطني بعض الوقت وحاول تجنبها حتى لا تلفت نظر إيهاب ,وسوف أسلمها لك في أقرب فرصه"
و أكملت:
"سوف تساعدني إسراء في ذلك فهي تشاركني الخوف على إيهاب من تلك الدخيلة ،ولكن إحذر فإسراء لا تعلم ما تريد منها بالضبط ,إنها تعتقد فقط أنك تريد إرهابها وتهديدها ,شرطها الوحيد أن لا تقترب منها فقط تريدك أن تخيفها وتعود بها الى فريال هانم المبجلة صائدة الرجال"
أجابها ممدوح:
"اذاً أنت تعلمي بما أريد بالضبط ,ورغم ذلك ليس لديكِ أي تحفظ"
جاوبته إلهام قائلة ببعض المدارة:
"ربما أشك في مسعاك الحقيقي ولكن نصيحتي إخِفيها فقط و لا تفعل شيء أخر,فأنا لا أضمن عواقبها أنت لا تعرف العقربة فريال ,و ما قد تفعله بك"
إجابها واستنكاره من حديثها يعتريه:
"إسمعيني زوجة عمي ,فقط سلميها لي ولا تدخلتي إن كنتِ تريدين حقاً التخلص منها,ولا تشترطي عليّ شيء
أما عن إسراء سوف أحرص أن لا تعلم شيء فقط سأخبرها أني أخَفتُها وجعلتها تهرب بعيداً عنكم"
صمتت إلهام لبرهة تحسب الأمر في عقلها:
*فيما يسعي هذا الغبي*
رفضت هذا ربما ليس من أجلها لكن لا ترضى بهذا الحد و لكن في المقابل سوف تتخلص منها وتشمت في فريال بعودة إبنتها ذليلة مكسورة اذاً هذا أفضل حل لها...سوف تساعده قالت إلهام بتأكيد:
"حسنا ممدوح اتفقنا"
إرتسمت على شفتيه إبتسامة ساخرة..زوجة عمه تشاركه نفس الدوافع وسوف تسلمها له..يبدو أنها لا تعلم صلة إيهاب الحقيقية بمريم ولكن لا يهم أي شيء طالما سيصل إليها سيرى إذلال عيني أمها فيها. سوف ينتقم لذل أمه وموتها وحيدة..سينتقم لإذلال رمز الرجولة في نظره بسببها هي . يجب أن تشرب من كأس الحسرة الذي شرب منه..سينتقم منه لتفضيلها له عليه !! سيري في تعذيبها وذلها وتلويثها وجه فريال فقط لا غير..سوف يعذبها كما لم يفعل أحد من قبل..
0000000000000000000000000000000
الفصل السابع
بعد مرور شهر
لم يستطع كسر ذلك الحاجز الذي وضعته حولها منذ بداية تغيرها ،ربما شعر بتحسن طفيف في حالتها لقد أصبح لديها أصدقاء..زوجة صديقه وأقربائها لم يتركوها كما وعدوا قابلوها في الجامعة أو تواعدن معها في بعض رحلات التسوق أو حتى الذهاب إلى منزلهم..لكنها تغيرت معه تماما،لم تعد مريم التي يعرفها،طوال الوقت صامتة تنأى بنفسهاعنه,يُخرج منها بعض جمل بالحديث معه بصعوبة لكن ما أربكه أنها لم تتوقف أبدا عن عادتها في التسلل ليلا لتنام في أحضانه بدون كلمة واحدة وكأنها تهرب من العالم أجمع بين ذراعيه،تربكه,تفقده صبره وتحمله..لقد إشتاق للتواصل معها..عقله وروحه تشبعا من رحيق روحها وإعترف لنفسه أن جسده يشعر بالجوع إليها لكنه وعدها ولن يكسر وعده أبدا.فما يهم الآن هي إذ أنها شعرتبالأمان معه فليحترق هو وكل أفكاره..أيضا ما أشعره بالحيرة تغير والدته وإسراء معها..أصبحا يعاملاها برقة وطيبة لا تليق بهما..ضحك بسخرية مستحيل أن يصدق ذلك الإهتمام،ما الذي حدث للعالم لتتغير والدته وإسراء؟! ولكن ما الذي يريدونه منها؟وممدوح الذي إبتعد عنها وأصبح لا ينظر حتى إليها لقد راقبه على أمل أن يجد أي شيء ضده فبالطبع هو من المستحيل أن يصدق هذا المسلسل الهابط منهم ولكنه سيجن من التفكير ما الهدف؟ وإلى أين يريدون أن يصلوا بذلك التظاهر ؟!
"إيهاب"
قاطعه صوت سبب حيرته وخوفه تخاطبه بتوتر وهي تقف على باب مكتبه الخاص في منزله بإرتباك..عقد حاجبيه مخاطبا إياها:
"مرحبا صغيرتي..تفضلي هل تريدين شيء؟"
ردت ببعض التوتر:
"أنا..أنا أريد أن أخبرك شيئا"
إتجه إليها وهي مازالت على نفس وقفتها ومد يده وأمسك بيدها برقة وسحبها إلى الداخل..خاطبها بصوت أجش:
"أعتقد أنني أخبرتك بأن دخلتي,صحيح أصبحت لا تستمعين إليّ ولكن هذا أقل شيء أطلبه منك صغيرتي"
حاولت سحب يدها منه..لقد ترددت أن تأتي إليه,لقد كانت طول الفترة الماضية تتعمد أن لا تكون في نطاقه,تعلم أنها تضعف بجانبه وهو أصبح يحاول الضغط عليها لحدثت وأيضاً لا تريد لمساته تلك على الأقل وهي مستيقظة هكذا،لقد إشتاقته كما رأت الشوق في عينيه أيضا عندما نظر إليها..الأحمق بعد كل ما حدث بينهما يظنها مازلت تجهل نظرات شوقه التي تستعر في عينيه شوقا لها أو توتره وتصلب جسده عندما تذهب إليه ليلا تنام على صدره..تعلم أنها تعذبه كما تتعذب هي ولكن ماذا تفعل؟ كل ليلة تقاوم بقوة خوفها وحاجتها إليه ولكنها لا تستطيع وتنهار حصونها لتتسلل ليلا إليه لتجده في إنتظارها وكما يفعل دائماً يفتح ذراعيه بصمت لها لتندس سريعا فيها بدون أن يوجه لهاكلمة وكأنه يعلم ويتفهم حاجتها لعدم الحديث..إنها تستمر في فعل هذا رغم توقف الحقير ممدوح عن التعرض لها وما يزيد حيرتها تغير والدة إيهاب وإسراء في إزعاجها بل أصبحتا تهتمان بها وتعاملانها برقة غريبة وإهتمام غريب وأيضاً تدعوانها معهما لرحلة إلى المدينة الساحلية ولكن ما جعلها تقلق قليلا تأكيد إسراء أن لا تخبر إيهاب بأمر الرحلة فإنه لا داعي أن يقلق وأنهم سوف يقومون بتلك الرحلة أثناء سفر إيهاب لبعض الأعمال لكنها أخذت القرار وسوف تخبره فغدا المقرر ليوم سفرهم جميعا..أجفلت من تمرير يده على طول ذراعها،لمساته بكل هذا الدفءوالاهتمام تضعف مقاومتها له وشوقها يستعر بداخلها نظرت له كما نظر لها بإهتمام وتفحص سارحا معها وكأنه يكتشفها غير مدرك ليديه التي تتفحص ذراعيها..تحيره وتصيبه بالجنون بتناقضها تجفل من لمسة عابرة منه ولا تجفل من النوم مطمئنة في أحضانه..قطع صمتهما:
"إذا حلوتي هل كل مرة تكونين معي يصيبك الشرود؟!"
تنهد بقنوط:
"أعلم لا إجابة..إذاً ما الشيء إلهام الذي أردت إخباري به؟"
نظرت له بتردد:
"سوف أخبرك لكن عدني ألا تخبر أحدا"
نظر لها بإهتمام:
"هل هو شيء خطير صغيرتي؟!"
"لا..لكن هو سر هي أخبرتني بذلك تريد أن تختبرني"
خاطبها بصوت أجش:
"أعدك صغيرتي..أخبريني كل ما تريدين"
قالت ببعض الحيرة:
"إسراء ووالدتك يريدوني أن أذهب معهما في رحلة إلى الساحل غدا كنوع من الصلح هكذا أخبرتني إسراء..تعلم أنها تحاول أن تبقى صديقتي ربما هي شعرت أخيرا بأني منكم وتحاول أن تحبّني هل تعتقد ذلك؟!لكن ما يحيرني ويخيفني بعض الشيء هو تأكيدهما عليّ عدم إخبارك"
أزاحت بعض الخصل المتهدلة على عينيها ورفعت وجهها إليه غافلة عن نظراته التي تشتعل ببعض التوجس والتفكير وأكملت حديثها بإبتسامة مرتبكة:
"أنا لم أستطع إخبارك,لم أتعود على فعل شيء بدون علمك"
إبتسمت له إبتسامة ناعمة جذابة لتكمل بتساؤل:
"إذاً؟!"
رد عليها ببعض الغموض:
"أكدا عليكِ ألا تخبريني؟!"
أومأت برأسها بتأكيد..
"هل أتيتِ لإخباري مريم أم لسؤالي أن تذهبي أو لا؟أريد أن أعرف رغبتك أولا'
هزت رأسها بحيرة:
"لا أعرف حقا..لا أعرف في بادئ الأمر وافقت لرغبتي قليلا في تغيير الأجواء من حولي وأيضاً لعدم إغضاب
والدتك وإسراء فأنا أريد أن أكتسبهما قليلا طالما هما من بدأتا معي في إعلان بعض السلام"
تنهدت بضيق:
"لقد تعبت إيهاب من العداء,تعبت حقا وأريد بعض السلام والإستقرار"
أردفت وهي تنظر إلى الأسفل ببعض الخزي:
"أتعلم أنا أحيانا أشعر ببعض الغيرة والحسد من علاقة أسرة صديقك،أنا أشتاق لأسرة هكذا"
تساءلت بصوت به بعض الذنب:
"هل أنا سيئة؟!أنا أحبهم صدقني لكن هذا شعور بداخلي"
مد يده يرفع وجهها إليه:
"لا حبيبتي أنت لست بسيئة أبدا"
أضاف ببعض الشرود:
"ربما نحن جميعا السيئون وأخطأنا في حقك ،هذا شعور طبيعي مريم لا شعرتي بالذنب،إحساس الانسان لا يملكه بيده صغيرتي"
"إذاً أنت تفهمني؟"
إبتسم لعينيها وإقترب منها يلامس جسدها بجسده ليحاوطها بيده ويده الأخرى تتلمس وجنتها أردف بصوت دافئ حار:
"بالطبع صغيرتي أفهمك..وهل فهمك أحد غيري يوماً؟!"
زاد إرتباكها وحاولت التخلص من قربه,رائحته تربكها وحاجتها له تعذبها..شدد ذراعيه حول خصرها يقربها منه فدفعته من صدره:
"إبتعد إيهاب سيرأنا أحد"
أكمل بنفس النبرة:
"لماذا صغيرتي؟ ما الذي فعلته؟أنا أجري فقط محادثة معكِ..إسمعي حبيبتي أنت أتيت لا لتخبريني فقط..أنت شعرتين أن هناك شيئا خاطئا وغامضا صحيح ؟"
رفعت يدها بإرتباك تزيح خصل شعرها المجنونة من على عينيها بعد أن يئست أن يتركها قالت بتردد:
"إمممم لا أعرف حقا..أنا أرغب في السفر معهم لكن لا أريد في نفس الوقت السفر وأخاف إغضابهما"
"إذاً صغيرتي سوف أخبرك ماذا تفعلين بالضبط بدون أن تغضبي أحدا"
صباح اليوم التالي في ساحة المنزل..
وقفت مريم بإرتباك وخوف من ملامح السيدة إلهام التي أظلمت بقسوة وإسراء التي تصرخ بها..لا تفهم سر كل هذا الغضب بعد أن أخبرتهم بأنها لا تستطيع السفر معهما كما إتفقا معها لأن أحد زملائها أخبرها أن لديها محاضرات هامة بسبب قرب إختباراتها في الجامعة كما أخبرها إيهاب أن تدعي..
"يا بائسة لقد قمنا بتجهيز كل شيء لتواجدكً معنا وقد قبلتِ لتأتي الآن وترفضي ماذا تعتقدين نفسك لترفضي صحبتنا هل تتدلين الآن؟! لأننا نعاملك بلطف وكرم أخلاق ؟"
ردت مريم بإرتباك:
"أنا لا أرفض يا إسراء ولا أعتقد شيئا لكن أنا لم أحسب حساب لتلك المحاضرات ولم أعلم بها,أنا أريد ان أذهب معك وأريد صحبتك لكن لا أستطيع ترك دراستي هكذا لن يساعدني أحد"

اقتربت منها إسراء بشر وغيظ:
"إسمعيني أنت ستركبين السيارة الآن بدون أي إعتراض وسوف تأتي معنا ومن تطوع وأخبرك بتلك المحاضرات سوف يأتي لك بها لاحقاً"
وأضافت بسخرية:
"بعض التغيب لن يضر في تفوق معاليك"
ردت مريم وهي تبتعد عنها خطوات ومازالت على خوفها وإرتباكها:
"إسمعيني أنا لا أستطيع حقا..يجب أن أقوم بنفسي بحضور تلك المحاضرات"
لتهم إسراء بالاقتراب منها لشدها غصبا إلى السيارة فهدر صوت إيهاب يوقفها وهو يدلف إلى ساحة البيت:
"إسراء ما الذي تفعلينه بالضبط؟"
ردت إسراء:
"أنت لم تسافر بعد لقد خرجت صباحا متوجها إلى سفرتك"
تجنب الرد عليها:
"لقد سمعت الحوار بينكما الآن لما لم يخبرني أحد بهذه الرحلة؟! مما فهمت أن مريم أخبرتك أنها لا تستطيع..إذاً إنتهىنا،وما سر كل هذا الإصرار على أصطاحبها ؟!منذ متي وأنت تهتمين بصحبتها أو وجودها من عدمه؟!"
أرتبكت إسراء وهي تقول:
"إصرار لا أبدا..نحن نحاول أن نبني ثقة بيننا وهي أول ما فعلت إخبارك ولا تنكر ذلك هي أخبرتك..ثانيا ترفض ونحن جهزنا كل شيء وقمنا بالحجز والترتيب لوجودها!"
رد إيهاب بصوت بارد:
"لن أتناقش معكِ الآن في ذلك الإختبار السخيف وتشجيعها على مدارة شيء عني,الحساب لم يأت بعد أما عن السفر هي لن تأتِ إسراء..دراستها أهم."
أضاف بسخرية:
"أما الثقة فتستطيعين أن تبنيها بأشياء أخرى داخل جدران هذا البيت لا في مدينة أخرى"
قالت إسراء بإرتباك:
"أنا فقط أحاول أن أجعلها قريبة منا كما تطلب أنت وأيضاً هي لم تر أي جزء من البلاد هنا أي أن الرحلة في صالحها هي"
"امممم قلبك الكبير إسراء ظهر من العدم وهذا يحيرني في الحقيقة..إنتهى النقاش..أذهبا لرحلتكما ودعاها تذهب لمحاضرتها و ستلحق بكما قريبا"
أصرت إسراء:
"لا سوف ننتظرها"
رفع إيهاب حاجبيه بتساؤل:
"لماذا إسراء ما سر كل هذا الإصرار؟"
جذبت والدته يد إسراء وأضافت ببعض الغضب من تصرفاتها التي تثير الريبة في أي إنسان:
"هيا إسراء حتى لا نتأخر على طريقنا ومريم سوف تلحقنا لا تعطي الأمر أكثر ما يستحق"
وجهت كلامها لإيهاب بصوت تحاول تصنع اللطف به:

"إيهاب سوف يلحقها بِنَا ما ان تنتهي صحيح بني؟!"
ليومئ إيهاب علامة الاجابة وهو يردف:
"صحيح أمي تعلمين ان طائرتي اليوم أيضا وبالتأكيد لن تبقى مريم وحدها في المنزل"
لتتساءل والدته باهتمام:"متى معاد سفرك؟"

رد عليها ببعض المدارة:"اليوم أمي سوف أذهب بعد ساعة
من الآن"
قالت إسراء بتعنت:"إذا سوف نبقى إلى أن تسافر انت"
ليربكهم إيهاب وهو يتساءل فجاة بغموض:"صحيح أين ممدوح لم أره من الأمس"
ربتتك والدته لحظات ناظرة لإسراء الغبية التي اثارت كل هذا الشك والريبة أجابت ببعض الثبات:"لا نعلم اعتقد انه اخبرنا بأنه سوف يذهب الي بعض أصدقاء قدامى لديه مقيمين هنا"

نظر لها إيهاب بعدم تصديق:"ممدوح لديه أصدقاء هنا ؟!"

أجابت امه بثبات:"نعم لديه أصدقاء يعرفهم من هناك ولكن عادوا للبلاد هل هذا مستحيل؟"

ليهز رأسه مدعيا التفهم وهو قال:"لا يا أمي ليس مستحيل ولكن محير"

جرت والدته إسراء الغبية من ذراعها تريد الهرب من أمامه فلوإستمرت لحظة أخرى بجانبه سوف يكتشف كل شيء وأن ممدوح سبقهم إلى هناك..
0000
داخل السيارة..هدرت إلهام بغضب في إسراء:
"يا غبية كدت أن تكشفي كل شيء"
أجابت إسراء ببعض الخوف:
"هل تظنين أنه إكتشف شيئا؟"
"لا أعلم لكن لا أعتقد ربما شك في شيء من إصرارك ولكن بالتأكيد لن يشك في مسعأنا ربما شك أننا نريد إرهابها غير ذلك لا أعتقد,المهم أن تلك البائسة سوف تلحقنا بالتأكيد فصحبتنا أفضل في النهاية من بقائها وحيدة"
فكرت إسراء بغل..كم تحملت تصنع اللطف مع تلك البائسة،إنها لا تريد تسليمها لممدوح فقط بل قتلها بيديها المجردتين القذرة شبيهة أمها على علاقه به! كذبت نفسها مرارا وإتهمت نفسها بالجنون حتى لو كانت لا تثق بتلك القذرة لكن إيهاب لا يخطئ,إيهاب ربيبها..مستحيل!
لكنها رأت العديد من المرات علامات على جسد مريم وارتباك مريم وتغاضت عنها ،وعندما دخلت في إحدى المرات مكتب إيهاب فجأة لتجد مريم على حجره وقفتز فجاءة بإرتباك وتفر هاربة من أمامها ومع ثبات ملامح إيهاب وجموده عزت الأمر ربما لأنها دخلت بصراخها المعتاد فإعتقدت أنها خافت منها ولكن منذ شهر رأت مريم تتسلل ليلا لغرفته ولم تخرج إلا في الصباح الباكر كادت تجن طوال الليل وهي تراقب غرفته لعل مريم تخرج ربما الطبيعي منها فهي دخلت غرفته منذ نعومة أظافرها لكن بهذا الشكل المريب هذا ما أثار الشك فيها كادت أن تهد كل شيء وتقتحم الغرفة وتثير فضيحة لكن عندما حسبت الأمر وجدت أنها الخاسرة الوحيدة هذا إن صدقها أحد في أمر مريم فمستحيل أن يصدقها أحد في الطعن بأخلاق إيهاب وستخسره إلى الأبد فلم تجد إلا أن تساعد ممدوح فيما يسعى ليخلصها منها إلى الأبد ويعود بها إلى أمريكا بعيدا عن محيط إيهاب ربما تستطيع مواساته وكسبه لها مرة أخرى..
رن هاتف زوجة عمها لتزفر إلهام بضيق تعلم مدى جنون الحقير وشره ولكن هو الوحيد القادر على تخليصهم من تلك الدخيلة وإعادتها إلى الحقيرة الأخرى أمها..
"مرحبا ممدوح نعم نحن في الطريق الآن"
رد ممدوح ببعض الإنتصار في صوته:
"والمدللة معكما صحيح؟"
زفرت إلهام وهي ترد:
"لا لم تأتي"
رد بصوت هادر غاضب:
"ماذا ما الذي تقولينه أليس هذا إتفقنا؟إذاً لم أتيتما دونها؟!"
"تأدب وإسمعني ممدوح تلك البائسة تحججت في اللحظات الأخيرة بمحاضرة هامة لها لكن إيهاب وعدنا أنها سوف تلحقنا غداً خاصة أن طائرته بعد ساعتين ولن تبقى في المنزل وحدها"
رد ممدوح وصوته يرتفع:
"لن أصبر للغد أنا المخطئ أني إعتمدت عليكما ،أنا سأعود للحقيرة طالما الحقير ليس معها"
ردت إلهام تنهاه:
"إحذر يا ممدوح وإصبر قليلا لن يفرق يوم أو إثنين لا تضيع ماخططنا له في لحظات تهور"
"لا..سوف يفرق معي ولا يخصكما من الآن ولا تدخلتا"
أغلق الخط بغضب وهو يأخذ قراره فورا بالعودة إليها
صرخت إلهام:
"أنت وأخيكِ سوف تدمرون كل شيء وسأخسر إبني بعد أن عاد اليّ بصعوبة"
ردت إسراء بقنوط:
"دعيه عمتي يفعلها على طريقته ولا تخافي ممدوح يستطيع السيطرة عليها فهي تهابه وإن وعد أنها لن تتحدث فهي لن تفعلها ومن أين سيعلم إيهاب عندما يعود سيكون ممدوح أخذها وإنتهىنا منها"
ردت إلهام بضيق:
"أتمنى ذلك وإلا أنت المسئولة أمامي"
لا تعلم مريم ما سر هذا الإصرار الغريب وغضب كل من إسراء والسيدة إلهام لمصاحبتهما..ولم تفهم مما حدث شيئا!
حمدت الله أنها أخبرت إيهاب وأنها لم تذهب معهما فبعد أن رحلا ظنت حقا أن إيهاب سوف يتركها ويسافر ويرسلها لهما كما أخبرهما لكن لحيرتها أخبرها أنه لن يذهب وسوف يبقى معها ولكن ملامحه بها غموض وكأنه يشك بشيء أو إكتشف شيئا ما ليأمرها بعدها أن تذهب لغرفتها وهو سوف يعمل قليلا في المنزل..لكن هواجسها وتفكيرها يلح عليها أن تسأل وتفهم أو ربما فقط تريد مجالسته لقد ملت من الجلوس وحيدة منذ ساعات ومي لا ترد على إتصالاتها ابتسمت عند تذكرها جنون مَي وعفويتها..إنسانة صادقة جريئة والأهم لديها ثقة في أسرتها وفخر بحياتها الطبيعية وعلاقتها بزواجها وإبنتها..لتسأل نفسها هل سيأتي يوم تستطيع مجاهرة العالم بحبها؟!هل من الممكن أن تحيا علاقة كما سائر البشر ام كما أخبرها الحقير ممدوح أنها فتاة للظلام وسوف تظل كذلك؟!"
نفضت أفكارها التي تذبحها,لا تريد التفكير الآن بها,سوف تذهب قليلا فقط إليه..فقط لحدثت حديث كما الأيام الماضية لن تهاجمه كما كانت تفعل مؤخرا فهو لا يبالي أو يدعي الغباء..ذهبت إلى حجرة مكتبه دقت الباب بهدوء ليأتيها صوته يسمح بالدخول..
دلفت إلى الداخل لتجده منهمكا في شيء ما وهو يحدثها:
"تعالي مريم لحظات وسأكون معكِ فقط أنا أنهي شيئا"
سحبت كتاب ما بالعربية وهي تحدثه:
"لا مشكلة خذ وقتك أنا سأقرأ قليلا كنوع من التدرب وتعزيز لغتي"
وأضافت متصنعة المرح:
"أنا أريد أن أقضي على لكنتي تلك التي تفضح عدم إنتمائي للبلاد"
سمعت منه غمغمه بمعني أنه رد..يبدو أنه يوافقها الرأي..
بعد وقت قصير كانت قد إنهكمت في قراءة الكتاب الذي لديها لشعرت به يراقبها رفعت إليه رأسها..فجأه إبتسم لها وهو يسألها:
"يبدو شيقا وسهل القراءة فأنت لم شعرتي بي عندما تحدثت إليك"
ردت عليه بإرتباك من تأمله لها هكذا:
"نعم أسفه هل كنت تحدثني منذ زمن؟"
"لا فقط أخبرتك أني إنتهىت..عن ماذا يتحدث كتابك لتنغمسي به هكذا ؟"
ردت مريم بإهتمام:
"يحكي عن حقبة زمنية من تاريخ البلاد..تعلم أني أحب التاريخ وأريد أن أعلم كل شيء عنها..يحكي عن الجذور إيهاب وفِي تفكيري الانسان بلا جذور وتاريخ ليس لديه حاضر او مستقبل"

رد عليها:
"ربما عزيزتي ولكن هذا لا يمنع أن الإنسان يستطيع صنع حاضره ومستقبله بنفسه"
"ربما ما تقوله صحيح لكن إن أقتلعنا من الجذور كيف نستطيع ان نصنع حاضر او مستقبل سوف نتخبط كثيرا وربما نختار الطرق الخاطئة دائما..التاريخ ليس فقط مجد القدماء ولكن يشمل العادات والتقاليد..كيف لا نقع في نفس الأخطاء مرارا بدون وعي كي نصنع مستقبل جيد بدون ماضي مشين"
رد بصوت أجش:
"عدت لترديد كلمات لا تفهمين معناها"
ردت بتقطع:
"أنا..أنا لم أقصد شيئا,فقط أشاركك وجهة نظري لا أقصد شيئا"
صمت قليلا وبعدها مد يده إليها في دعوة أن تأتي إلى جانبه قائلا:
"تعالي سوف أريك شيئا ودعينا من تلك المناقشة..أنا لا أريد بعد أن عدتِ أخيرا لحدثت معي بدون غضب أن نتجادل"
ردت بتردد:
"إيهاب أنا فقط"
أمرها بصوت آمر ناهي في نبراته:
"قلت تعالي مريم إلى جانبي"
نهضت بتردد توقفت بإرتباك إلى جانبه ما الذي يحدث معها لم تكن ترتبك في حضوره يوما لكن راحته تشتتها وتضعف أي مقاومة لها ووعد لنفسها أن لا تضعف له مرة أخرى أمرها وهو لاهيا في شيء ما على حاسوبه:
"إقتربي قليلا"
اقتربت أكثر من مقعده خلف مكتبه جذبها بقوة من يدها أجلسها على ركبتيه حاولت التخلص منه بضعف مهلك لها..تريد قربه ولا تريد ضعفها هدئها بصوت دافئ أجش وهو يشدد من إحتضانها:
"إهدئي مريم أنا لن أفلتك كما أني أريد أن أريكِ شيئا لم تريه من قبل"
أستسلمت يغلبها شوقها إليه وهي تسأله مدعية عدم الإهتمام بوضعها على ركبتيه أفلت إحدى يديه وضغط على ملف يبدو انه يخفيه يسميه (ز /م /أ)
تساءلت بإهتمام:
"ما معنى تلك الحروف وماذا يوجد بهذا الملف؟"
متجنبا تفسير معنى تلك الرموزرد عليها وهو يقوم بفتح الملف:
"صور رحلة أسبانيا صغيرتي أنت لم تريها صحيح؟"
بإستغراب سألته:
"ماذا؟ رحلة أسبانيا! تقصد صور رحلة عملك؟!"
ضغط على خصرها يضمها وهو يضغط على إحدى الصورقائلا:
"بل صورنا معا صغيرتي"
فتح لها بعض الصور وهو يحتضنها و صورة أخرى وهو يحملها على ظهره وهي تحاوط عنقه بيديها وتميل تقبل وجنته...ووو صور كثيرة متعاقبة في أماكن مختلفة من أسبانيا جميعها إحتفظ بها...وصورة أخرى ظهرت تحمل ذكرى خاصة مميزة لن تنسي هذه الصورة في محمية لاكونشا يومها أردات أن تركب الأمواج هناك وهو رفض بإصرار من خوفه عليها من المخاطرة فعوضها برحلة خاصه لثلاثة أيام متعاقبة وسط مياه خليج بسكاي هو وهي فقط..ربما كانت أكثر شيء مميز في عطلتهم هناك . شعرت أنها ملكت الدنيا بين يديها دللها وشعرت أنها أنثى حقيقيه بكل فعل يصدر منه ومشاعره المحتدة المحترقة بقربهاوحرصه الدائم محاوطها..كان يُظهر كل مشاعره بدون تحفظ ويعاملها كحبيب دون أن يغفل لحظة عن دوره كأب حريص على سلامتها وكأخ مراعي لها..
رغم ألم قلبها إبتسمت..لم تنكر سعادتها لقد إحتفظ بصورهما معا ولم يمحيها كما أخبرها على متن الطائرة وهما عائدين بمحي كل صورهم من على هاتفها كما فعل هو بل إحتفظ بها..مرر يده على خصرها وصولا إلى ظهرها بهدوء ليسألها بصوت هادئ:
"اذا حبيبتي ما رأيك ؟"
أجابت بتأثر وسعادة خفية:
"أنت لم تمحيها إيهاب..خاطرت وإحتفظت بها لقد إحتفظت بذكرى لنا معا ولم تُمحِ أثارها كما تفعل جيدا"
توقف عن ما يفعل ليدير رأسها إليه تواجه عينيه:
"مريم أنت تجيدين الضرب تحت الحزام ،لم كل هذا الهجوم أنا أردت أن أرى بعض السعادة في عينيك فقط ظننت أن شيئا كهذا سوف يسعدك"
رفعت كفيها وهي تهز كتفيها مدعية عدم الفهم:
"أي ضرب تحت الحزم أنا لا أفهم!أنا فقط أقول حقائق وإجابة على سؤالك نعم أسعدني ذلك جدا لكن لا أفهم ما الهدف أن أراها الآن..نحن هنا منذ سبعة أشهر بعد عودتنا من أسبانيا"
لن يجاريها الآن في محاولة إغضابه لقد إشتاق قربها وللأسف سوف ينحي ضميره ككل مرة..يحتاج اليوم بالذات قربها بشدة حد الألم..
أجاب بصوت حمله الدفء ليؤثر بها بنبرات خافتة:
"أردتُ أن تتذكري..هل تذكرين أمام قناطر سيغوفيا ماذا وعدتيني مريم ؟!هل تذكرين كل وعد وهتاف بصوت عال في الشوارع هناك تأكيد بما أكون أنا لك"
أجابته بقنوط لن تتأثر به والذكريات تطرق عقلها لتضعفها حتى وراحته تشتتها تريد دفن رأسها في صدره وضمه بقوة لكن سوف تقاوم أكدت لنفسها لن تستسلم وخير وسيلة للدفاع هي الهجوم
"بالطبع أذكر حبيبي ولكن أنا من كنت أهتف بجنون وأنت تجعلني أعيد تلك الكلمة وكأنك تؤكد لنفسك ولكن أنت لم قالتها أبدا إلا عند علاقتك الحميمية بي"
شدد من إحتضانه لها يدفن وجهه في عنقها يتلمس شامتها هناك بشفتيه وهو يتمتم لها بهدوء:
"لن أستجيب لهجومك مريم الآن وسوف أتحمل أي هجوم منكِ أعلم أنه لديك الحق به أسف حبيبتي ولكن عقلي يريد بعض السكينة من التفكير من هجومك المستمر وإبتعادك عني"
ما يفعله جعل الضعف يتمكن منها كأنه يقرأ ما يدور في عقلها ليتأمرو جميعاً عليها..ارتعاشة خفيفة سرت في جسدها شعر بها بوضوح وهو يضمها اليه سمع صوتها يخرج مرتعش مثلها بمحاولة واهية للنفي:
"أنا لا أبتعد عنك أنا معك دائما متى إبتعدت لا أفهم؟"
رفع وجهه يواجه عينيها:
"نعم مريم أنت قريبة لكن عقلك أصبح بعيدا كل البعد عني,أخبريني فقط ماذا بكِ ؟أخبريني ما تريدين تحدثي صغيرتي،هل خذلتك يوما؟"
دفنت رأسها في عنقه تهز رأسها هناك بالنفي وهي تجيبه:
"لا لكن أنا لست مستعدة لأي حديث الأن"
أجاب بتساؤل:
"اذاً هناك شيء؟"
تنهدت بتعب:
"ربما"
لم تستطع منع نفسها أو مقاومته أكثر وأكملت بنعومة وهي تتشمم رائحته بعمق:
"إيهاب أريد أن أخبرك شيئا..أنا أحب رائحتك أريد أن أتشممها طوال الوقت لا أعرف لما؟ إنها تسكرني !"
إبتلع لعابه بصعوبة في محاولة للسيطرة على نفسه,يا الله لم يكن ضعيف يوما أمام رغبات جسده..ماذا تفعل به تلك الصغيرة ليتأثر بها هكذا ليشتاق إليها حد الألم,يريد وصالها بجنون ضاربا بعرض الحائط كل وعوده لنفسه ولها..
حاول إبعادها عن تشبثها به قليلا لتغمغم باعتراض:
"أنت لم تجيبني لم أصبحت أحب رائحتك هكذا؟!"
أجابها بصوت أجش:
"أنت دائما تحبين رائحتي"
هزت رأسها بنفي وهي مازالت مندسة هناك تتشممه بوله
"لا أنت لا تفهم أنا لا أجد حتى وصفا بما أشعر أنا أصبحت أشتهي رائحتك"
أجابها وهو يرفع يده يلامس وجنتها بحرارة ثم تتحرك ليمررها على شفتيها وكل محاولة منه لمقاومتها تتكسر رغبته فيها تشتعل مع كل حركة وكلمة منها...
"لا أعلم حبيبتي بما يحدث معك هذا محير ولكن ما أنا متأكد منه ما سوف يحدث لاحقاً إن إستمر وضعنا هكذا"
رفعت اليه عينيها بعسلها الدافئ تنظر له بحيرة حقيقية وتسأله ماذا سيحدث ؟ّ!
تسللت يديه على طول ظهرها كما كان يفعل سابقا..ما فعله أشعل نار الحاجة بداخلها. الحاجة لأمان النسيان لشعور بحبه وإن كان كل تعبيره عن الحب يظهره في رغبته بها و الآن بالتأكيد يرغبها و يريدها فأرادت أن تسلم بلا مقاومة..أن تنصهر في عاطفته بدون خوف ربما يجعلها تنهل من عاطفته كما يسلبها كل شيء وتمنحه بسخاء روحها..
إستطاعت أن قالت بصوت خجل متردد:
"أنت تريدني أعني تشتاق لي!"
عندما وصلت يده إلى خلف رأسها قرب وجهها منه ليلتقط شفتيها مكتسحا بحرارة رغبته وحاجته..حاولت أن تقاوم بوهن حاجتها وحاجته شدد من إحتضانها يعصرها بين ذراعيه يجبرها على منحه رضاها بقبلته المكتسحة تعلقت به مريم كالغريق تبحث عن طوَّق نجاتها فيه تطلب بدون كلام أن يمنحها ما تحتاجه..إستسلامها جعله فاقدا للسيطرة على نفسه كما الحال دائما معها عندما خرجت منها آنة متألمة جعلته يحاول أن يخفف من عنفه معها فتحولت قبلاته هادئة متفرقة
إنفصل عنها..أنفاسه تخرج مهتاجة عالية ونظر لها بعينين غيبتهما العاطفة والرغبة وهي لم تكن أفضل من حاله بصوت خافت مليء بالعاطفة وهو يعود ينثر قبلاته على نحرها وخص بها شامتها في منتصفها:
"آسف صغيرتي أعلم أني وعدتك بعدم الإقتراب منك لكن أنا أشتاق لحبيبتي ,أشتاق لحقي فيكي لم أعد أستطيع
المقاومة أنا أريدك والآن مريم"
قبل أن تجيبه فجائها و نهض وهو يحملها بين ذراعيه متوجها بها إلى غرفتها لم يعطها فرصة حتى للتفكير وهو يعود يقبل كل إنش في وجهها و يتمتم لها بنفس كلمات العشق وأحقيته فيها مثل كل مرة وضعها على سريرها بحرص لم يفلتها و إنضم إليها بلهفة سألها بصوت متردد يريد أن يتأكد من قبولها الذي إسشعرته منها:
"حبيبتي أنت تريديني صحيح؟! إن كنتِ لا تقبلي أخبريني ودعيني أحترق في جحيمي"
هزت رأسها بنفي لا تعلم ما الذي يحدث معها هو بالذات قادراعلى أن يُشعرها بالكمال وأيضا لا تفهم لم تريد وصاله المتلهف هذا كما يريد هو قربها..أجابته وهي تحاوط عنقه بيديها بإستسلام:
"فقط عدني إيهاب"
أجابها بعينين تغشاهما رغبته فيها
"بم حبيبتي؟"
"فقط لا تهرب"
حاول أن ينفي و يعترض:
"مريم أنا لا..."
لتضع يديها على فمه بحزم وصوت أقرب للتوسل:
"فقط عدني إيهاب أرجوك"
أجاب بصوت قاطع وهو يعاود تقبيلها وضمها
"أعدك حبيبتي أعدك لن أهرب....."
بعد وقت....
تدفن وجهها في صدره تتوسده وهو يحاوطها بذراعيه بتشديد وكأنه يريد دفنها هناك هاربا معها وبها من كل ما يحدث حولهما
نادته بصوت خافت هادي:"إيهاب"
"نعم يا قلب إيهاب النابض"
رفعت له وجها باسما وعيون ضاحكة قائلة بنعومة:
"أنا أحبك جدا لا تبتعد عني أرجوك"
"وأنا أيضاً حبيبتي ووعدتكِ لن أبتعد"
أضاف بمزح:
"سأظل معكِ إلى أن تطرديني بنفسك"
"أنا لن أفعلها أبدا فهذه إحدى أمنياتي أن تظل معي دائماً"
وعادت تدفن وجهها فيه كقطة تشتم صاحبها للتعرف عليه أضاف وهو مستمر في مزاحه:
"هل رائحتي جيدة هكذا ما بكِ أنا لم أغير عطري حتى"
أجابته بنفي وهي مستمرة فيما تفعل:
"ليس رائحة عطرك أعتقد أني أحب رائحتك أنت رائحة جسدك ،هل تفهمني ؟"
"حيرني ما تقولين مريم ،لا أفهمك بكِ شيئا مختلفا حبيبتي ألاحظه منذ فترة وتلمسته منذ ساعات فيك"
أجابته ببعض الغموض:
"وهل إكتشفته بما أنك تدعي أنك تحفظني ؟!"
أجابها بحيرة:
"صراحة لا مريم لم أكتشفه لكني أجزم أن بك شيئا متغير ا"
ضحكت بخفوت وصوت ناعس:
"هل هو شيء جيد؟"
وضع رأسه فوق قمة رأسها وهو يحاوطها بذراعيه أكثر
"نعم حبيبتي شيء جيد,شيء أكثر دفئا وسحرا لكني لم أكتشفه بعد ،أنت طفلة مطيعة وسوف تخبريني"
هزت رأسها في عنقه بنفي مردفة ببعض الشقاوة وصوت ناعس:
"لا إكتشفه بنفسك لن أخبرك شيئا"
ضحك بصوت عال وهو يؤكد لها أنه سوف يكتشفه..بعد أن راحت في ثُبات عميق مد يده إلى جانبه يجلب ساعته نظر إلى الوقت ليحدث نفسه:
*حسنا هذا الوقت المناسب*
حررها من أحضانه وتشبثها به تمتمت بإعتراض للحظة وبعدها تستكين مرة أخرى نظر حوله عن شيء يستر جسدها به وجد قميصه أقرب شيء بمتناول يده قام بإلباسها إياه بهدوء شديد حتى لا يزعجها ثم يدثرها بالغطاء جيدا وينسحب مغادرا.
::::::::////::::::::::::
وصل إلى المنزل وقام بفتح الباب بهدوء شديد حتى لا يكتشف أحد عودته فربما يكون بعض الخدم هنا ولم يغادروا كما أخبرته زوجة عمه,لا يصدق أنها ساعدته حقا وهي تفهم ما يسعى إليه..لا يفضلها كثيرا لكن لا مشكلة إن كانت ستساعده فهو يتقبل تلك المساعدة التي أخفقت فيها من الأساس لينحي أفكاره الآن الليلة سوف ينول ما يريد سينتقم لأمه من شبيهة أمها،سينتقم من رؤية والده متذللا كثيرا لتلك المرأة التي حطمت هدوء أسرتهم,سيأخذ حقه من إبنتها وينتقم من إيهاب في تنديس ما حافظ عليه عمره كله,سوف يستمتع برؤية الإنكسار في عيني إيهاب عندما يخبره أنه دنسها,سيستمتع بإنكساره كثيرا,لقد ساعده الأحمق أكثر بضم مريم لإسمه إبتسم لنفسه في الظلام بخبث..كشر عن أنيابه وتشوه روحه تسلل بهدوء إلى غرفتها..لقد أصبح على بعد شعرة واحدة من هدفه لا يصدق..أدار مقبض الباب فوجده مفتوحا..الغبية لم تغلقه لقد إطئمنت حقا إنه إبتعد..دلف إلى داخل الغرفة متوجها إليها لفت إنتباهه الملابس المبعثرة في كل مكان تفحص المشهد أمامه بذهول وإنكار..الملابس تبدو له مبعثرة بعشوائية وملابس رجالية متكومة بجانب سريرها ليضربه الإدراك ملابس إيهاب كاملة مكومة بإهمال..
أعاد نظره إليها وهي نائمة وتفحص الفراش المشعث وهي نائمة عليه إقترب منها وذهوله إنقشع ليظهر الغضب والشر الخالص على وجهه بعد أن رآها ترتدي قميص إيهاب ليتأكد بشكل قاطع ما حدث ليجثم فوقها بعنف يمسك رقبتها بيديه صارخا بصوت غاضب بجنون:
"يا حقيرة أعطيتيه ما هو لي،أعطيتيه حقي يا قذرة يا مُدعية البراءة سوف أقتلك ببطء"
فتحت عينيها برعب تفحصت الوجه الناطق بغل وحقد وشر أمامها لتدرك في لحظة أنها أمام وجه ممدوح وتستوعب صراخه..تصلب جسدها وشُلت حركتها وخرس صوتها لكن أدركت..أدرك عقلها
*إيهاب هرب,إيهاب تركها ،إيهاب خذلها*
إستسلمت للضرب المنهال عليها بيأس وصراخ الجاثم فوقها بتوعد وحقد..عثرت بعد لحظات على صوتها عندما إستوعبت صراخه المجنون بإمتلاكها رغم أنها أصبحت له لن يتراجع عن تلويثها فهذا أكثر ذبحا لإيهاب وهو يحاول أن يمزق القميص الذي ترتديه..صرخ بصوت عال مقهور مستنجدة بمن خذلها:
"لااااااااااا إيهااااااب"
منهمك فيما يفعل بمكتبه بعد أن تركها توجه إلى غرفته لإرتداء ملابس أخرى وتوجه لمكتبه لإجراء مكالمة هامة ربما يستطيع أن يصل إلى ما يسعى إليه أن يغير وضعهما كله..جفله صوت مريم الصارخ المستنجد ليتحرك بجنون ملتهما درجات السلم إلتهاما..صدمه مشهد ممدوح الجاثم فوقها ويده تجتاحها في محاولة لتخليصها مما ترتديه ومريم التي تقاومه برعب ويأس بتخبط لا يعلم كيف وصل إليها في لحظة من إستيعابه ما يرى..جذب ممدوح بعنف من الخلف ليرميه على الأرض وجثم فوقه منهالا عليه بالضرب إستوعب الآخر ما جرى ليبادله اللكمات بعنف وهما يتبادلان السباب والشتائم والاتهامات..
بديان لنظرات المرتعبة هناك كثوريين شرسين نهضت بإرتجاف وفزع مما يحدث تراجعت بخوف إلى أقصى مكان بزاوية الغرفة بعيدا عنهما..
سمعت صوت إيهاب وهو يهدر بممدوح شاتما إياه وهو لا يتوقف عن كيل اللكمات له:
"يا حقير يا قذر..سافل ماذا تفعل هل أتتك الجراءة للإعتداء عليها"
ليجابهه الآخر وهو يرد له الضربة بأخرى:
"من الحقير يا مدعي المثالية والفضيلة،أنظر لنفسك و أخبرني ما الذي كنت تفعله أنت معها هذه الليلة؟"
أضاف بحقد:
"ومن قال أني أعتدي عليها؟!ليست أول مرة فالحقيرة كانت تأتي لي وتستمتع باللهو معي،ولكن يبدو أنه ككل شيء تأخذه أنت مني قد تحولت إليك"
ركله إيهاب بعنف هاتفا:
"يا قذر ،كاذب,سافل سوف أقتلك ،لن أدعك لحظة واحدة يا حقير"
أجابه الآخر بإستفزاز حاقد وهو مستمر في تبادل اللكمات:
"ما بك إيهاب إن كنت أنت تذوقت للنهاية لا تكن أناني دعني أتذوق مثلك ،الحقيرة جائزتنا المرضية للكل حق فيها"
سيطر على إيهاب غضب أعمى وكال له كل أنواع الشتائم والضربات..
"إخرس..إخرس يا وقح إنها زوجتي..زوجتي وأنت تعلم ذلك لقد كنت شاهدا يا قذر وتتجرأ وتعتدي على مريم زوجتي"
هتف الآخر بشراسة:
"لا يا حامي الحمى ليست زوجتك,مجرد ورقة غير مثبتة لحمايتها غير معترف بها"
أجابه الأخر بحدة:
"تبا لقوانينكم..مريم زوجتي أمام الله زوجتي شرعا ولا أهتم بأي قانون"
هتفت المرتعبة بصراخ حاد هناك في إحدى الزوايا تضم جسدها إليها وجسدها كله يرتجف ويرتج بعنف صامة أذنيها بيديها مما تسمع لتخرج كلمات منها بدون وعي وترابط:
"يكفي هذا يكفي أنا حقيرة,أنا فتاة للظلام,الحقير يكذب لم أفعل شيئا..كاذب..كاذب هل رأيت,هل رأيت ليس مرته
الأولي أنا لم أذهب إليه كان يأتي ويهددني بك ،أنت..أنت تركتني إيهاب وعدتني وتركتني..هربت ككل مرة"
صرخت بعنف وهما مازالا على صراعهما
"يكفي يكفي اااااه"
000000000000000000000
الفصل الثامن

توقف الإثنان,بصدمة ورعب عن الشجار نظرا للقابعة هناك مرعوبة تكاد لا ترتدي شيئا يسترها ,جسدها يختض بشدة تُغمض عينيها والدموع تجري على وجنتيها بدون توقف..تصرخ بالكلمات بغير ترابط تتهم وتنفي ما يقال تهز رأسها بعنف وتصم أذنيها بيديها وخيط دم يسيل منها على طول ساقيها.
وجه إيهاب لكمة قوية لممدوح هتف بعنف:
"ماذا فعلت بها ؟ ماذا فعلت ؟؟ سوف تدفع الثمن..سوف أقتلك".
انتهى

Nor BLack 11-10-19 04:29 AM

الفصل الثامن

توقف الإثنان,بصدمة ورعب عن الشجار نظرا للقابعة هناك مرعوبة تكاد لا ترتدي شيئا يسترها ,جسدها يختض بشدة تُغمض عينيها والدموع تجري على وجنتيها بدون توقف..تصرخ بالكلمات بغير ترابط تتهم وتنفي ما يقال تهز رأسها بعنف وتصم أذنيها بيديها وخيط دم يسيل منها على طول ساقيها.
وجه إيهاب لكمة قوية لممدوح هتف بعنف:
"ماذا فعلت بها ؟ ماذا فعلت ؟؟ سوف تدفع الثمن..سوف أقتلك".
تمتم ممدوح برعب ونفي:
"لم أفعل شيء,لم يحدث شيء"
أزاح الأخر بحدة وإعتدل مهرول إليها,إقترب منها بذعر من منظر الدماء يحاول أن يحتضنها لترمي نفسها إليه بعنف,تمتمت بحرقة:
"أنت تركتني,لقد كذبت على ...كذبت.."
حاول تهدئتها فخرج صوته مرتجف والذعر يتملك منه:
"إهدئي ما الذي حدث؟ ماذا فعل بك؟"
تراجع ممدوح بخوف وهو مزال ينظر للمشهد أمامه لا يفهم ماذا حدث ؟؟تمتم بنفس الكلمات مرددا إياها بإرتباك تلبسه دون إدراك منه:
"لم أفعل شيء,لم أصل إليها..لم أفعل شيء"
وكما إنتهت كلماتها جازمة بتأكيده,تحركت خطواته سريعا مع ختامها ليهرب بعدها مهرولا إلى الخارج .
أما إيهاب لم يلتفت أو يشعر بهروبه,منشغلا بما يحدث لمريم أمامه حاول أن يُصفي عقله من نوبة ذعره بحث عن أي شيء يسترها به تركها مسرعا إلى خزانتها يبحث بعشوائية عن أي شيء يلبسها إياه غير قميصه الذي مزقه النذل..سحب أول شيء أمامه وتوجه إليها وسيطر على انتفاض وارتعاش جسدها بصعوبة. كان كل ما يدور بخلده لحظتها هو وجوب السيطرة على أعصابه حتى ينقذها,كانت حياتها أهم من أي إنشغال بشيء غيرها..حتى لو كان عقاب ذلك الحقير ممدوح عما فعله بها..لكن كي يعاقب يجب أن يفهم وليفهم يجب أن يرعاها وبسرعة.
أتم إلباسها وحمل جسدها بين ذراعيه,هرول بحمله إلي الخارج أركبها سيارته فإستكان جسدها بجانبه,ومازالت تهمهم بنفس الكلمات يبدو أنها فقدت إدراكها لما يحدث حولها تحرك إلى عجلة القيادة يحدث نفسه محاولا أن يحصل على رباط جأشه.
*اهدأ من أجلها يجب أن تفكر*
تبادرلعقله جاسر وزوجته فإستل هاتفه وحمد الله أنه تذكره وسط كل ما حدث ضغط على هاتفه وأجرى الإتصال بتوتر وهو ينطلق بسيارته ليأتيه الصوت على الجهة الأخرى بعد وقت يجيبه بصوت ناعس لتأخر الوقت,تساءل بإستغراب عن ما حدث .
فأجابه وصوته يخرج متقطع يحاول مدارات ما حدث:
"مريم حالتها سيئة تنزف وأنا لا أعلم السبب ولا أعلم أي مستشفى جيدة وقريبة أذهب إليها"
تنبهت حواس جاسر كليا,حاول أن يربط ما يسمعه من إيهاب ليدركه,أجابه بعد ثوان وقد إستعاد كل وعيه من أثر النوم:
"إهدأ أنت أولا وأعد ما قلته,هل تركيزك خانك أم أن النوم يتلاعب بي لأعجز عن تصديق ما تقول"
قاطعه إيهاب يصرخ به بحدة:
"أنا هادئ جدا وتركيزي لم يخني وسمعك كذلك,أعطني فقط عنوان فأنا أتحرك بها الآن ولا أعرف أي إتجاه أسلُك"
حاول الأخر إجابته بهدوء مقدرا ما هو فيه ,وقد أدرك خطورة وضع مريم لا محالة:
"إسمعني هناك صديق لي طبيب سوف أعطيك العنوان وسأتصل به لإستقبالك حتى لا يضيع الوقت"
وصف له العنوان بدقة و أضاف بذات الهدوء:
"أنا سوف آتي إليك الآن"
أغلق الهاتف لا يستمع إلا للنحيب الخافت الذي يصل مسامعه من جانبه,إسترق النظر إليها وهو يحاول أن يركز على الطريق وهي مازالت في حالة عدم الإدراك التي إنتابتها فقط توقفت عن الهذيان بالكلمات فقط بكائها الخافت ووجها الشاحب بشدة و تحيط خصرها بيديها بقوة كأنها تحمي شيئاً هناك أنزل بعينيه يراقب فستانها باحث عن المزيد من الدماء ليجد بقعه صغيره قد بدأت في الظهور ولم يستطع أن ينظر لساقيها ليعلم هل هناك المزيد.
بعد وقت قليل إستطاع أن يصل للمشفى في وقت قياسي تحرك مسرعا وفتح الباب وحملها بين يديه تشبثت به بقوة تدفن رأسها في صدره وتنشج بقوه تتمتم بتساؤل واحد فقط له:
"لم خذلتني؟؟,لماذا تركتني؟؟,لقد وعدتني,لقد وعدت وخذلت,كيف أستطيع أن أثق بك مرة أخرى وأنت تخذلني مرة تلو المرة"
أجابها بصوت أسف لها بعد أن وصل إلى إستقبال المشفى:
"أنا هنا,لم أتركك كنت بجانبك..أنا أسف...أسف"
قابله طبيب يبدوأنه كان في انتظاره بهذا الوقت المتأخر من الليل متوقعا أن يكون هما من خلال منظر كليهما وبمظهرهم المزري هذا..سأله الطبيب:
"سيد إيهاب ذيدان"
هز الأخير رأسه بتأكيد:
"نعم هو أنا لا وقت أرجوك أسرع أجابه الطبيب بمهنية ضعها هنا على الحامل لنستطيع أخذها لغرفة الفحص"
خاطبته مريم بألم وهي تحيط خصرها بيد ويد متشبثة به بقوة:
"لا تتركني أنا خائفة"
تطلع إليها بمظهرها الضعيف والموجع لقلبه,عجز عن الإستجابة لطلب الأخير وخذلانها في رجائها الضعيف ذاك,أجاب إيهاب بحزم:
"فقط وجهني للغرفة,أنا لن أتركها".
تحركوا جميعا سريعا إلى الغرفة,دخل الطبيب أولا أمره بأن يضعها على سرير الفحص.
فوضعها حيث أمره,محاولا التراجع قليلا ليفسح الطريق للطبيب ويمنحه المجال للفحص. نظرت له وهي على ملامحها الألم الشديد ومازالت على تلك الحركة الحامية لخصرها. لا يفهم ما الذي يحدث ولما هذا الألم سوف يجن خوفا عليها منً مجهول لا يدركه لتكرر طلبها بإلحاح:
"لا تتركني..."
ضمها إليه ودفن رأسها في صدره فحاول الطبيب والممرضة التي معه أن يبعدوه عنها فرفض بإصرار تركها قائلاً لهم بتصميم:
"لن أتركها..تستطيع أن تبدأ عملك,أنا لن أسبب لك مشكله في قربي منها"
نظر الطبيب لمساعدته يأمرها بتجهيز مريضته محاولا أن يتفهم تشبثهم هذا والذعر المرسوم على وجه الإثنان .
بدأ الطبيب في فحصها بإهتمام فيما يفعل,فمنظر الإثنان العام يدعوا للشك,إيهاب بملابس يبدو عليها أثر العراك الشديد ووجه عليه بعض آثار لكمات وأيضا مريضته يبدوا أنها تعرضت لعنف من ملامح وجها المتورم,والرجل مازال مصرا على الإستجابة لطلبها بعدم تركها يحتوي بين ذراعيه جسدها المرتجف,محتضنا جذعها العلوي بقوة حانية,واقفا بجانب سريرها وهي تدفن رأسها في صدره دموعها تجري بصمت..سمع بعدها مريضته تهمهم بتعب,تنفي شيء ما له لا يستطيع التكهن بما تقوله فعليا .
تحدثت ومن الواضح أنه همهماتها كانت موجهة إلى رفيقها المتصلب بقوة وعنف ظاهرين,صوتها خافت بتأكيد:
"لم أفعل شيء هو كاذب,كاذب منذ مراهقتي يقوم بملاحقتي,لكن أنا لم أسعى اليه هو ليس أنت"
هدر بها إيهاب بقوة,أخرس هذيانها أمام الطبيب هربا من الشك المرتسم على وجه الرجل وهربا من إيحاءات معاني كلماتها الخافتة:
"أصمتي الآن,أصمتي لا أريد أن أسمع فالوقت ليس مناسبا لمثل هذا الحديث,دعينا نطمئن ما الذي حدث معك أولا"لكنه لا يستطيع أن يخرس الإلحاح الذي كان يعاند قوله فهمس بتلهف ينافي كلماته وإيقافه لإعترافاتها الواهية منذ قليل مستغلا إبتعاد الطبيب بضع خطوات عنهما,أضاف بصوت خافت متردد:
"هل فعل شيء؟,هل لمسك ؟,أجبيني لما الدماء أريد أن أسمع منك"
صمتت مريم وهي تفكر بخوف ودموعها لم تتوقف,سوف يعلم الآن,سوف يكتشف سرها الذي كانت تخاف البوح به تدعو الله أن يُخيب ظنها ولا ترى أي نظرت إنكار أو شك في عينيه سوف يقتلها إن فعل.
بعد وقت من الصمت بين الموجودين في الغرفة,فقط الطبيب ومساعدته يتحدثون فيما بينهم لا يفهم إيهاب الحوار الدائر بينهم وتعمد وشوشتهم بعيدا عن مسامع كليهما,إلتفت له الرجل بجدية ليخبره الأمر بعملية مهنية:
"حمد لله الجنين بخير ,فقط المريضة تعرضت لإجهاد قوي لو لم تأتِ في الوقت المناسب لكانت خسرته"
أكمل الطبيب:
"أنا سأعطيها حقن مثبته في الحال و...."
ليجمد إيهاب وترتخي يديه من حولها من صدمته من ما يسمع ليتساءل بجمود وإستنكار:
"أي جنين ؟ عن ماذا تتحدث ؟ ما الذي تقوله,أنا لا أفهم هذا ؟"
أجاب الطبيب,بتردد وإرتباك:
"أختك حامل,أنا أسف حقا هل هو خبر مزعج؟"
تركها إيهاب ببطء إبتعد خطوات عنها وتركت مريم تشبثها به بعد أن شعرت بجموده وسمعت في نبرات صوته الاستنكار,أغمضت عينيها بألم وطعنه لقلبها ببرود وقد إنقلب إهتمامه وخوفه عليها في لحظة واحدة,مخرسة إحتجاجها بينما أفكارها لا يمكن إخراسها بالمرة..هذا أخر شيء لك عندي إيهاب لقد خسرت كل نقاطك لدي.
إيهاب إستنكر وأيضا شك بها هذا ما شعرته من جموده وأيضا أخته مرة أخرى حتى بعد أن هدر بها أمام ممدوح عاد للإنكار وعدم الإعتراف.
نظر لها إيهاب بجمود يتمتم بتأكيد فتحت عينيها تلاقي نظراته الحادة،وهو قال:
"أنا لا أنجب فكيف هي حامل ؟"
خاطب الطبيب نفسه هذا المتوقع مرضى من طرف جاسر,ماذا يتوقع منهم..إلا الجنون..وواضح أن مرضى هذه الليلة أشد جنونا لا محالة..إذ ماذا قد يكون غير ذلك ليفسر منطق ما يسمعه,لا يفهم مريضته حامل..ما علاقة عقم أخيها,هل يظنه وراثي أم أن الجنون المتفشي بين جاسر ومن يعرفه سيطر على عقله.
أجابه الطبيب بعد أن طلب من مساعدته أن تأتي له ببعض الأدوية حتى لا يضيع الوقت في النقاش,ممسكا الطبيب يدها وهو يحاول وضع إبرة المحلول:
"لا أفهم سيدي ولكن العقم ليس شيء وراثي"
رد إيهاب وهو على حالة الجمود والإنكار بتساؤل:
"هل أنت متأكد مما تقول ربما إختلط عليك الأمر"
جاوبه الطبيب بتأكيد:
"لا بالطبع كيف سأخطئ في شيء كهذا هي حامل والجنين كان واضح أمامي عمره على وجه التقريب شهرين ونصف"
عاود انتباهه الكامل لمريم عندما جذبت بوهن ذراعها من قبضة الطبيب,وعلامة الألم لا تفارق وجها لا تعلم الآن هل هو ألم جسدها أم ألم روحها,فكما توقعت تماما هو لن يصدقها أبدا.
حدثها الطبيب:
"سيدة مريم أرجوكِ,الوقت ليس في صالحنا الآن..الجنين ينبض ومازال قوي لكن إن إزداد النزيف من الممكن أن نخسره"
أجابت بضعف وصوت منكسر وعينيها مازالت في عيني الناظر إليها بجمود وبعض الصدمة:
"دعه يموت أنا لا أريده فهو لا أب له مثلي تماما"
صدم الطبيب من قسوة كلماتها,ولكن شعور بالشفقة عليها مما تقول ومازال أخوها على نفس تجبره .
سمع صوت أخوها هادر بشراسة بها وهو يقترب منها يحاصر إستلقائها على الفراش الأبيض للمشفى:
"إخرسي...إخرسي عن التفوه بهذا الكلام"
إلتفت للطبيب أمره بحزم:
"نفذ الآن وأفعل كل ما يلزم لإنقاذه وإنقاذها"
توجه إليها ونظر لها بقوة وهي في نفس حالة التعب والوهن,يسألها بتأكيد غير قابل للشك:
"كنتِ تعلمين..يا مريم..منذ متى؟"
أغمضت عينيها بشدة عند وضع الطبيب في يدها الجهاز المغذي لجسدها,لتجاوب بتقطع وهي شعرت بالألم الشديد:
"وهل هناك فرق أنت لا تنجب إيهاب"
إرتبك الطبيب أكتر من ما يسمع,وقال بصوت واثق نهائي قوي يحاول مساعدة مريضته:
"سيد إيهاب جسد المريضة متوتر وأعصابها متعبة ألا ترى كم هي مرهقة كما يبدو لي وهذا ضد مصلحة الجنين أرجو تأجيل أي حوار الآن"
إلتفت إليه إيهاب بشراسة:
"فقط تأكد بأن لا تخسره أنا أريده..حيا يرزق"
أجابته الأخرى والوهن حل بها تتمتم بتساؤل:
"لما إيهاب أنت لا تنجب دعه يموت..هل تزيد إثنان في حياتك بدون أب,لا أريد لطفلي أن يكون مثلي"
هدر بها الأخر وهو مازال على وضعه:
"قلت إخرسي هذا طفلي وأنا موجود كيف تنكرين وجودي"
"أنا لم أنكر وجودك أنت من أنكرت"
مدت يدها الحرة بضعف تمسح دموعها وهي مستمرة في القول بصوت يخرج ضعيف مهتز بتخاذل:
"أختك مرة أخرى إيهاب"
إلتفت للطبيب يؤكد لها وربما لنفسه يصرح بالحقيقة أمام أحد غريب لأول مرة ولكن غضب الإستنكار والصدمة متمكنة منه:
"من أخبرك أنها أختي,إنها زوجتي..زوجتي,وهذا طفلي أنا رغم عقمي"
أضاف بأعصاب منفلتة بعض الكلمات بهذيان:
"هذه طفلتي تحمل طفلي هل تدرك هذا؟!"
إرتبك الطبيب لحظات,تمتم في سره *لعنك الله يا جاسر لا يأتيني منك غير الجنون.*
أجابه بعملية
"إهدأ..هذا يمكن أن يحدث في بعض حالات العقم هذا وارد وبالطبع إنها قدرة الله ومكافآته لك. فلتحمد الله أنا قمت باللازم وسوف أعطيها مغذيات أخرى ولكنها تحتاج للعناية هل لي أن أعلم ما سبب هذا التورم بوجهها"
إقترب الطبيب منها,حاول إبعاد إيهاب ليفحص وجهها وعاود الإستفسار بتردد:
"هل تعرضتم لعنف ؟"
أجاب الأخر بغضب لا يستطيع السيطرة عليه:
"أنت الطبيب هنا أخبرني هل رأيت أثار عنف أثناء فحصك لها"
"لم أقصد العنف بتلك الطريقة فأنا كطبيب إن حدث سوف أعلم فحسب أقصد علامات الضرب الواضحة عليها وعليك ولكن لتطمئن بشكل قاطع عنف لا يوجد ولكن هناك أثار لعلاقة"
لينهيه الأخر:
"يكفي فهمًت..إنه أنا"
همهم الطبيب بجواب معناه انه فهم هو الأخر,حاول وضع بعض الضمادات على وجهها لتجفل مريم من برودة تلك الكمادات وتخرج صوت متألم,هدئها الطبيب أمراً إياها بصوت هادئ:
"إهدئي الآن سوف يسري العلاج في جسدك وسوف يهدئ كل الألم حاولي أن ترتاحي"
ردت مريم في سرها *نعم سوف يهدأ ألم جسدها ولكن هل يستطيع أن يسكن ألم روحها ويُنسيها نظرات إيهاب المستنكرة وربما يشك بها لقد كرر انه عقيم بتأكيد *
أغمضت عينيها بتعب شديد بعد وقت قصير للغاية من أثر المسكنات.
أنهى الطبيب تضميد جميع جراحها وأمر ممرضته بالإهتمام بالمريضة ومراقبتها الساعات الآتية.
وجه حديثه للواقف قريب جدا منهم يراقب مريم بإهتمام وخوف لكن علامات الصدمة وعدم التصديق ما زالت كما هي:
"سيد إيهاب عفوا أريد الحديث معك على إنفراد,هل نتحدث في مكتبي ؟"
جاوبه إيهاب:
"أسف قل ما تريده هنا أنا لن أتركها وحيدة مرة أخرى"
لم يفهم الطبيب ما يقصد بمرة أخرى لكن ليس أمامه حل أخر,ليشير له ناحية نافذة في الغرفة بعيدا قليلا عن مريضته,تحرك إيهاب معه وهو يوجه استفساره للطبيب مرة أخرى:
"هل أنت متأكد من عمر الجنين و سبب حدوث هذا النزيف"
وقال الطبيب:
"كنت أريد الحديث معك في حالتها ولكن إجابة على سؤالك,نعم مؤكد عمر الجنين لم أحدده على وجه الدقة لكن بنسبة كبيره شهرين ونصف وربما أكثر,أما عن سبب النزيف.."
تنحنح الطبيب مجليا صوته بإشارة لما قاله إيهاب مسبقا:
"أنا أخبرتك هناك أثار علاقة وأنت قلت أنه أنت,إذاً الآن أنا متأكد مع ما حدث من علاقة طبيعية وَمِمَّا رأيت أختك..أسف أعني زوجتك تعرضت لتوتر شديد وواضح أيضا أنها تعرضت لبعض الضرب"
إشتعلت حدقتي الأخر بغضب عند تذكره مشهد الحقير وهو جاثم فوقها ويقوم بضربها محاولا إغماض عينيه بشدة لبرهة حتى ينسى ما رآه..ركز مع الطبيب فيما قال:
"إذاً مع كل ما حدث وتقريبا في وقت واحد مما فهمًت هذا وارد الحدوث فلنحمد الله فقط أنها لم تخسره ولكن مهنتي تحتم عليّ سؤالك ويجب أن تجيبني بصراحة أثار الضرب التي على وجهها هل أنت من قمت بها"
رد إيهاب باستنكار:
"أنا؟! بالطبع لا"
"إذاً ماذا حدث ؟؟"
صمت إيهاب ,وبعدها أجابه:
"ما حدث يخصنا ولن أتحدث عنه..تأكد أن من فعل هذا سيدفع الثمن"
"سيد إيهاب فقط إذا كنت تهتم بها حقا أتركها ترتاح وتستعيد قوتها فالتوتر ليس في مصلحتها أو مصلحة الجنين"
همهم إيهاب بموافقة..تركه الطبيب متوجها إلى الباب وهو يؤكد على الممرضة عدم تركها ومراقبتها جيدا.
إلتفت إلى إيهاب مرة أخرى,في تساؤل يبدو هام للطبيب:
"عذرا سيد إيهاب ولكن كيف إيهاب زيدان ومريم زيدان وزوجتك أسف للدخلت"
أجابه إيهاب بغموض وملامح وجهه كما هي:
"إنه لقب العائلة..ربما نسي جاسر أن يخبرك عن صلتنا الحقيقية فقط"
قدر الطبيب عدم تجاوبه وتحفظه,وتحرك قائلاً:
"سوف أمر بعد وقت قصير مرة أخرى فقط لا تقلق ولا تجهدها حسنا"
عاد هو إلى تفكيره الغاضب منها سوف يجن مريم حامل كيف؟؟ كيف!! وأيضا تعلم ولم تخبره..عندما استفسر منها منذ ساعات عن الإختلاف كانت تعلم ولم تخبره لماذا؟؟ وبدأ عقله يلعب به..لماذا لم تخبره ؟!!وممدوح ما معني كلامها ليس أول مرة؟!!نعم يثق بها لكنه لا يثق بالحقيرالآخر ويعلم إن أراد شيئا يحصل عليه ضم يديه بغضب أعمي يريد تحطيمه واوجهت اليها وهزها بشدة إلى أن تخبره كل شيء منذ البداية. نظر لها وهي راقدة على الفراش بوجهها الشاحب ولكنه لم يستطيع السيطرة على غضبه ولا على أفكاره سيطلب منها إجابة صريحة و يجب أن تخبره الحقيقة ليعلم كل ما حدث..يجب عليه أن يفهم ماذا تعني أنها لم تكن المرة الأولى.
سيطر عليه غضبه فتحرك ناحية الممرضة محاولا كبح إنفعاله كي لا ينفلت منه بصعوبة:
"عذرا لو سمحتِ هل من الممكن أن تأتي لي ببعض الماء"
نظرت له الممرضة بملامحه القاتمة وما شهدته من انفعالاته وما حدث وتأكيد الطبيب عليها أن لا تترك المريضة إسشعرتت أنه ربما من الخطأ الكبير أن تتركها معه بمفردها,فهي لم تسترح لملامحه وإنفعالاته وصوت الغضب الصادر منه
أجابته بإرتباك:
"عذرا سيدي ولكني لن أستطيع تركها فهذه أوامر الطبيب..يمكن أن تطلب عبر الهاتف وسيأتون لك بما تريد"
رد عليها بغضب لم يعد يستطيع أن يسيطر عليه:
"إذاً أنت لم تفهميني جيدا قلت لك أخرجي حالا..لا أريد أحدا هنا"
ردت الممرضة وقد إرتبكت أكثر:
"أخبرتك أيها السيد لا أستطيع ولن أتركها معك وأنت بهذه الحالة لقد أخبرك الطبيب أي إنفعال ليس في صالحها"
توجه إليها ولم يعد يسيطر على أعصابه أمسكها من ذراعها بحدة وتوجه بها ناحية الباب ,قائلاً بغضب:
"لا أنت ولا طبيبك سوف تخافون عليها مثلي أخرجي حالا ولا أريد رؤية وجه أحد منكم الآن"
فتح الباب ودفع الممرضة المذهولة من تصرفاته دفعا إلى الخارج وأغلق الباب خلفه جيدا ثم توجه للمستلقية هناك..يعلم أنها لم تنام بل تدعي النوم جيدا لتهرب من مواجهته.
مال إليها بنصف جسده يحيط رأسها بذراعيه وهي على استلقائها وأمرها بصوت خرج مكتوم غاضب:
"إفتحي عينيك الآن وواجهيني..أعرف أنكِ تهربين مني بإدعائك النوم"
أغمضت عينيها أكثر وإرتعش جسدها وإعتصرت غطاء الفراش بين يديها بشدة محاولة السيطرة على دموعها وخيبة أملها به أكثر..نعم تعلم ما يريد قوله لقد خسرته وخسرها .
صرخ بها بصوت أكثر حدة:
"إفتحي عينيك الآن,واجهيني وأجيبيني على كل شيء يا مريم وإلا..."
ترك كلمته معلقه بدون أن يكملها..فتحت عينيها المعذبتين برعب وحدقت في العينين المواجهتين لها بغضب أعمي
تمتم لها من بين أسنانه:
"كنت تعلمين بحملك منذ أن إنقلبتِ علي"
أومأت بصمت,أضاف بصراخ من غضبه والنار التي تشتعل به:
"ممدوح ليست تلك المرة الأولى التي يأتي فيها لغرفتك صحيح؟؟"
أغمضت عينيها بألم مرة أخرى ماذا تقول؟ هل يسألها أم يتهمها هل يشك بها ؟؟.
أمسك كتفيها يهزها بحدة:
"إياك والهروب وإغلاق عينيك واجهيني وأخبريني كل شيء يا مريم كل شيء"
أضاف بغضب ونوع من الهوس:
"هل لمسك؟؟ هل وصل إليك؟؟ أعرفه خسيس ولا يتنازل ولا يرجع مهزوم ماذا فعل بك"
صرخ بألم:
"هل إمتلكك تكلمي..."
قاطعته بصراخ غير قادرة على السيطرة على نفسها أكثر:
"إخرس..إخرس تعرف أنك الأول..وتعرف أنه لم يلمسني غيرك بماذا تتهمني؟؟"
صرخ بها بصوت عال ضاغط على كتفيها حتى شعرت بأنه سوف يحطمها:
"إذاً ماذا تقصدين أنها ليست المرة الأولى؟ ماذا يقصد بما قال أخبريني سوف أجن ماذا فعل الحقير معك ؟؟كل شيء..كل شيء يا مريم من البداية أخبريني كيف كنت غافل عن أمانتي؟! أخبريني كيف كانت تُنتهك زوجتي بدون علمي وتجعل حقير يسخر مني"
ردت عليه بصوت صارخ أقرب للهوس:
"تريدني أن أخبرك حسنا ما رأيك أن تعلم أنه منذ سن الرابعة عشر كان يسمعني كل الكلام القذر مثله وهو يوصف جسدي بدقة ويشرح خيالاته لي..هل تريد أن تعرف ماذا كان لقبي لديه فتاة الظلام..هل تريد أن تعرف كم مرة تلمس جسدي ؟هل تريد أن تعرف أنه كان يتعمد الإصطدام بي أمامكم جميعا وأنتم لا أحد يبالي بل تعزون الأمر أنه أخي حتى إن إحتضنني أو تلمسني ما المشكلة مريم الصغيرة لن ينظر لها أحد"
أغمضت عينيها بحرقة كأن نطق الكلمات يشعل نبض الذكريات فيها كأنها مازالت حية تسشعرت كل لمسة وهمسة بإحتقار...ثم عادت وأضافت بغل وحرقة أكبر تنتقم من خيالاتها المريضة ومن هذا الواقف أمامها بإتهام..لم يكن حاميا ولا صائنا لها كما يدعي ولا كما كان يجب...فتابعت تعذب نفسها وتعذبه بسياط الحقيقة المرة تكشفها لمسامعه لأول مرة:
"هل تريد أن تعلم كم مره إقتحم غرفتي وكتم أنفاسي ويديه جالت فوق وجهي وجسدي من فوق ملابسي؟ هل تريد أن تعلم كم مره تذللت له بطفولية وبكيت بل ورجوته أن يتركني ولم يتركني إلا إن رأى ذلي في عيني..لا يتركني إلا عندما أستطيع رفع صوتي والبكاء ليخاف و يتوعد إن فتحت فمي سوف يخبر الجميع أني أنا من تقوم بإغوائه ولم أستطع أن أتكلم فمن سيصدقني !!أردت أن أخبرك هل تعلم عندما شعر أني سأخبرك ماذا فعل لقد رأيته بعيني يضع سلاح ناري خلف ظهرك خفت بل إرتعبت"
ومع ختام كلماتها خفت صوتها و'رتفع نحيب بكائها:
"وقتها صدقته وإرتعبت..ماذا تريد أن تعرف أكثر إيهاب هل تريد أن تعرف مدى اشمئزازي من جسدي وفقداني لثقتي بنفسي؟ هل تريد أن تعرف أن أي ملابس كان يتلمسها كنت أقوم بخلعها وحرقها ؟وأنت ظننت أنه محاولة للفت إنتباه من حولي بتدلل,كنت أريد حرق جسدي كرهت كل معالم أنوثتي..هل تريد أن تعرف من قطة الشوارع وماذا فعل معي"
عجزه وصدمته من كلماتها التي تركته جامدا متصلب بينما يحترق ألف مرة مع كل لسعة من إعترافاتها إنفجرت مرة واحدة مع ختام أخر جملة منها,وضع يده فوق شفتيها بقوه شعر انه سوف يسقط من الألم والغضب والحقد والانكسار لقد كسرته مما تقول:
"إخرسي يكفي إخرسي لا أريد أن أعرف لا أريد"
قاومت يده بصعوبة وحاولت الإفلات منه رأى يدها التي بها المحلول الطبي تقاومه فخفف يده قليلا خوفا أن تضر نفسها .
صرخ بها:
"إهدئي وأصمتي لا أريد أن أسمع"
تمتمت له بضعف وكأن طاقة الاعتراف استنفذتها:
"لما إيهاب يجب أن تعرف كل شيء يجب أن تعلم,هل أخبرك شيء عندما أتيت أترجاك وأهددك إن لم تأخذني معك عند عودتك هنا سوف أهرب وأنت حاولت أن تفهمني انه مستحيل فإنهرت بين يديك وأنت إعتقدت أنه مجرد تعلق بك,ليلتها ممدوح علم بسفرك وتسلسل من شباك غرفتي لأني كنت أغلق بابي جيدا أتى يخبرني أني سأكون وحيدة وسوف يحصل علي مرارا وتكرارا.....و...و..و..أراد..أراد ..أااه..لم يرد لقد كاد أن يعريني من ملابسي مثل ما رأيت الليلة لكن عندما سمع صوت والده يأمرني بفتح الباب بعد أن علا صوتي خاف وهرب وأنا لم أستطع الحديث كالعادة أتيتك ورجوتك أن تأخذني"
عاد للضغط على فمها ويثبت يدها الموصولة بالجهاز أغمض عينيه بالألم ليضع جبهته فوق جبهتها لقد كسرته ذبحته بما تفوهت به..كانت تعاني وهو إستغل كل شيء قدمته له بدون أن يبحث عن أسبابها كانت تعاني وهو يمدح نفسه أنه يجيد الاعتناء بها كانت تعاني..كل هذا تتحمله وهي صامته ليتمتم لها:
"سوف أقتله أعدك كل رعب كل لمسة قذرة كل شيء سوف أخذ حقك منه"
أعاد سؤالها بألم وتأكيد:
"مريم نعم أم لا أرجوك هذا كل ما حدث منه صحيح أخبريني وأريحيني".
سوف تذبحه لو قالت نعم سوف ترديه قتيلا لو قالت نعم...
ترك فمها ببطء ينتظر الإجابة والحكم تمني أن لا يكون حكم إعدام عليه..نظرت إليه وهو يضع جبهته فوق جبهتها يغمض عينيه بشدة,لتمسح دموعها تبتسم بالألم:
"أخبرتك لم يلمسني غيرك أبدا بأي طريقة...على الأقل أنا لم أسمح بذلك إلا ما أخبرتك إياه بما فعله ذلك الحقير لي"
"غيرك أنت لم يصل لشيء معي أبدا مجرد تحرش بجسدي وتهديد لي"
رغم الألم القاتل مما سمع لكنها أراحته..أراحته. وأضافت بصوت يائس متألم موجوع:
"لكن أنت لن تصدقني إيهاب فمع حملي لن تصدقني أنت تشك بطفلي أنه ليس منك"
فتح فمه أراد أن يرد عليها ,جفل كلاهما معا على الطرق الحاد على الغرفة،وصوت الطبيب يهتف بعنف يأمره بفتح الباب تركها ببطء وحاول أن يتماسك أكثر نظر اليها سريعا ليرها تبتسم له بألم وربما خيبة..أغمض عينيه محاولا إستعادة رباطة جأشه يعلم أن ما مروا به من مواجهة كما هو ذابح له محطم لها لكن لا وقت لديه ليفهمها او لا يستطيع الآن الحديث اليها موجوع منها مذبوح عليها. تحرك الى الباب وفتحه نظرت له نظره أخيرة وتعطيه بعدها ظهرها ليأخذ نفس عميق ويرتدي قناعه البارد وفتح الباب ليصدمه أربع وجوه قلقة والطبيب يصرخ به:
"لقد طلبت منك أن تبتعد عنها إن كنت تريد قتلها لما أتيت بها الي هنا"
أضاف بتهديد:
"إن حدث لها أي مضاعفات سوف أبلغ الشرطة والمسؤولية كلها عليك"
رد إيهاب ببرود وبساطة:
"لن يخاف عليها أحد مثلي"
لتدلف مَي التي أتت مع زواجها سريعا إلي الغرفة متوجهة إليها لتجلس بجانبها تضمها إليها وهي تسألها عن ما حدث:
"ما بكِ حبيبتي؟ ماذا حدث كنت جيدة بالأمس"
رفعت مريم وجهها المتألم الشاحب إليها لم قالت إلا بإسم مَي بصوت خافت منكسر دفنت رأسها في حجر مَي تبكي بعنف ونشيج..حاولت مَي تهدئتها باضطراب:
"إهدئي حبيبتي أي إن كان ما حدث سوف تكوني بخير"
ردت عليها مريم بنحيب:
"لا لن أكون بخير لن أعود كما أنا لن أكون بخير أبدا"
توجه الطبيب إليها بغضب من برود إيهاب وجفائه أمرا الممرضة أن تأتي له بمهدئ أخر وهو يوجه لها الكلام:
"لقد أمرتك أن لا تتركيها مهما حدث"
ردت الممرضة بخوف:
"لقد حاولت ولكنه رفض بإصرار لقد طردني طردا خارج الغرفة"
وجه إيهاب الكلام للطبيب:
"إسمعني أنت لن تتحكم بِنَا أفعل ما يتحتم عليك فقط..أنا أعلم جيدا مقدار تحملها لا أنت"
نطق جاسر أخير ينهي إيهاب عما يفعل:
"إيهاب رجاءا تبدو أعصابك مضطربة إهدأ قليلا وساعد الطبيب بالتأكيد هو أعلم منك بما يحدث معها"
وجه كلامه للطبيب الذي يبدو على وشك فقد أعصابه وطردهم جميعا:
"فادي أرجوك قدر حالته الآن بالتأكيد لا يعي ما يفعل من قلقه عليها إهتم بها الآن لنفهم ما يحدث معها".
توجه الطبيب إليها يحاول أن يجعلها تعتدل ولكنها ترفض بإصرار وتدفن وجهها في حجر مَي .
كأنها لا تريد مواجهة أحد منهم.
تحدث بصوت يحاول أن يجعله دافئاً:
"مريم ساعديني أرجوك وساعدي طفلك إن إستمر الوضع هكذا أنا أؤكد أنك ستخسرينه وربما تخسرين حياتك"
رددت مَي بصدمة:
"طفلها هل مريم حامل؟".
سحبت نفسها ببطء من جانبها نظرت لها مريم برجاء صامت أن لا تحكم عليها قبل أن تعلم الحقيقة فهي تريد أحدا بجانبها..نظرت لها مَي بخيبة أمل وكعادتها لا تستطيع أن تسيطر على كلماتها وجهت لمريم بنوع من القسوة:
"ظننتك مثلنا يا مريم..ظننتك تعرفين دينك وعادات وطنك لم أظنك مثلهم كيف خدعت بك؟"
للغرابة كان رد فعل مريم الضحك أخذ صوت ضحكتها يعلو ويعلو إلى أن أصابتها هستيريا توقف جميع من في الغرفة ينظر لها بصدمة تحرك إليها إيهاب بإضطراب مما يحدث معها كلمات مَي كانت القاضية لها فالألم لا يُطاق وهذه أول واحدة تسمع الخبر كيف يكون حال الجميع؟!! ردت مريم من بين دموع ضحكات الألم توجه كلامها لمي بقسوة على نفسها:
"هذا خطئك مَي كيف تتوقعين من واحدة ناتجة عن زواج عرفي لم تعرف أبوها الحقيقي يوما عاشت في كذبة وسؤال لماذا الجميع يكرهها ؟؟لماذا شعرت أنها لا تنتمي لهم ؟بطبيعة الحال ستسلك نفس الطريق"
سيطر عليها إيهاب وضمها إليه بصعوبة وهي ترفض بإصرار. ليوجه كلامه لمي:
"إنه طفلي أنا..طفلي إنها تهذي لا تعيري كلامها إهتمام إنها تهذي"
عاد بكلامه لمريم:
"لا تقولي هذا..كفي عن إتهام نفسك أنا موجود و أنت لم تخطئي"
تراجعت مَي للوراء بصدمة تنظر لزواجها يراقب بصمت وملامح مغلقة فهتفت به بجنوبها المعتاد:
"أتسمع ما قال هل هو مجنون أخر أخته حامل منه كيف هذا؟!"
وأضافت باشمئزاز:
"ان كان هذا صحيح فهو مقرف ؟؟"
هدر إيهاب بصوت عالي:
"إنها زوجتي..زوجتي ليست أخت لي أبدا..زوجتي"
نطق جاسر أخيرا وهذا الشيء الوحيد الذي صدمه كان يشعر بالذبذبات التي بينهم لكن زوجته كيف و متى؟؟ حاول أن يسيطر على الموقف ووجه مي المصدوم كان الجميع ثابت في مكانه ولا يعرف ما يفعل وجه كلامه لفادي أولا:
"هل ستفعل شيء لها أم تقف تشاهد ما يحدث مثل ولادة زوجتي؟ تحرك قليلا وأفعل شيء ما ,أعطها مهدئ أو مسكّن أنت الطبيب هنا"
قام الطبيب بصمت وتوجه الى مريم وهو يردد بحيرة:
"المهدئ خطر عليها ولكن لا حل أخر يجب أن تنام وتبتعد عن كل ما يحدث"
نظر له إيهاب بتأكيد وهو يضمها أكثر:
"أعطها ما تحتاجه"
شعر بها بين يديه كأنها تحولت لتمثال جليدي ولكن لم تتوقف دموعها على صدره..بعد وقت قصير جدا من مفعول المهدئ ذهبت في غفوة وربما غيبوبة لا يعلم ماذا حدث بالضبط فقط ارتخت كل أعصاب جسدها بين يديه بإستسلام والجميع يراقب الموقف من بعيد وكأن على رؤوسهم الطير وضعها برفق ونظر إلى وجهها شعر أنها كبرت مئة عام مما مر بها دموعها لم تتوقف وشهقاتها في نومها تغفو ببطء..فقط لو أخبرته على الأقل بحملها ربما كأنا تجاوزا كل هذا سويا وتجنبوا بعضا مما حدث.
قالت مَي تقطع الصمت الذي حل على رأس الجميع مع إنسحاب الطبيب من الغرفة والمساعدة بعد تأكدهم من نومها:
"جاسر أنا أريد الخروج منها والعودة للبيت"
ولكن قبل أن يرد جاسر قال إيهاب:
"سيدة مَي هل هذه هي الصداقة التي وعدتيها بها تتركينها في أصعب وقت تمر به لن أعتابك على قسوتك عليها واتهامها بدون أن تفهمي ما حدث بالضبط ربما معرفتك حديثا بِنَا لكن أؤكد لك ليس هناك شيء مريب كما أخبرتك مريم زوجتي"
ردت مَي باندفاع:
"ولكنك قلت أنها أختك وعرفتماني عليها أنها أخت لك"
رد عليها وهو يحاول التماسك من كتلة الغباء كما قال زواجها ولا قدرة له في الجدال:
"نحن نحمل نفس لقب العائلة وهذا ليس بالضرورة أن تكون أختي وبالتأكيد لنا أسبابنا الخاصة..أنا لي رجاء واحد لديك أن كانت صديقة لكِ حقا حاولي أن تحكمي الصديقة هنا لأنها تحتاجك انظري إليها"
أضاف بألم:
"لن تتقبلني بعد أن تستفيق تحتاجك أنت أكثر مني"
نظرت مَي إلى زواجها بتساؤل وحيرة ليشجعها ويشير لها بتأكيد أن تثق بإيهاب..ردت مَي بتأكيد:
"حسنا سوف أبقى معها وأحاول أن أدعمها ولو أني لا أفهم شيئا مما قلت لكن لا مشكلة"
نظرت لجاسر بتأكيد:
"فأنا قابلني من هو أجن منك لا مشكلة من مجنون أخر ولكن أن اقتربت أنت منها سوف أقتلك بعد ما رأيت"
نظرت له بنوع من التصغير فهي لا تطيقه الآن ولا تفهم ما قالته مريم أو هو ولكن تشفق عليها شعرت أن هناك غموض أكبر يجب أن تفهم لقد أخطأت في الحكم على مريم بإندفاعها لقد صادفتها الشهر المنصرم لم ترى منها ما يثير أي ريبة او شك ربما بعض الغموض وإرتباكها تبا..كيف لم تلاحظ علامات الحمل عليها وهي عأنت منها قبلا .
توجهت إلى جانبها وسحبت مقعد وقربته من فراشها وجلست بصمت.
نطق جاسر موجه الكلام لإيهاب:
"هل نخرج قليلا أنا أريد الحديث معك"
عاود إيهاب النظر إليها بهم وتردد من الخروج وتركها..شعر جاسر برفضه فأصر عليه وهو يقول:
"هيا إيهاب من فضلك هي نائمة الآن ولا أظن أنها سوف تستيقظ قريبا ومي بجانبها لا تخف عليها"
توجه معه بصمت إلى مكان يمكنهم الكلام به
*************
في الحديقة الخارجية للمشفى جلس كلاهما متقابلين مع سطوع شمس الصباح. لتنتهي تلك الليلة الكارثية أخيرا.
وضع إيهاب مرفقيه على الطاولة التي بينهم يدفن وجهه بين يديه بتعب,فقطع جاسر الصمت:
"إذاً هل سنظل صامتين كثيرا هذا ممل لم آت بك إلى هنا للتأمل في طلتك البهية"
كل أحداث الليلة الماضية استنفذت صبره على تهكم صديقه..رفع إيهاب وجهه ينظر له و قال بصوت متعب:
"ماذا تريد جاسر؟؟ حقا كانت ليلتي متعبة بل قل مدمرة!!"
واجهه جاسر بإصرار,فهو كغيره الفضول يتآكله عرف حقيقة العقدة الخفية التي تربط بين الاثنين أخوة..وزواج !!كيف يستقيم الأمر وهو معوج من الأساس...ليس معوجا بل إنه جُرما شرعا وقانونا وكل ذلك سأل جاسر:
"أريد أن أفهم..أن أعلم كل شيء كيف حدث ذلك ؟مريم زوجتك!! لماذا تخبئ الأمر؟! متى حدث هذا؟ كل شيء منذ البداية يا إيهاب"
جاوبه بصوته المتعب بتأكيد:
"نعم هي زوجتي..هل تظن أني سأكذب بشيء كهذا ؟"
هز رأسه بينما قسماته تعكس إستغراب كلماته:
"كيف حدث هذا؟! أنا أعلم أنك الوصي القانوني عليها وأعلم أنه من المستحيل زواجك منها"
أضاف بتردد وخاطر أخر يبزغ في خلده:
"إيهاب هل هذا زواج سري أو عرفي"
إنتفض الأخر مستقيما بإستنكار:
"من تظنني لأفعل هذا إنها زوجتي زواج شرعي لقد تزوجتها في أمريكا عند شيخ المسجد هناك بعلم عمي وأمها"تحولت ملامحه لغضب وأضاف وقبضته تضرب على ما حوله بعدم إتزان:
"والحقير ممدوح يعلم الأمر"
ردد جاسر ورائه بنوع من الإستكشاف:
"الحقير ممدوح !".
تجنب إيهاب الرد وأضاف:
"تزوجتها هناك بعقد من شيخ المسجد ولكن لم يثبت الزواج بسبب القوانين تعلم القوانين هناك تجرم زواج الأقارب وتم التكتم على الأمر بيننا نحن الأربعة"
"إذا لماذا لم تثبته هنا ؟؟"
ليجيب بتردد:
"من المفترض أنه زواج لحمايتها..مجرد عقد يفسخ وطلاقها بعد أن تكبر قليلا وتستطيع أن تأخذ طريقها"
أعاد دفن وجهه بين يديه و أضاف:
"لم يكن يفترض أن أُتمم زواجي بها لم يكن من المفترض أن يحدث هذا"
نظر له جاسر وهو يؤكد:
"كنت أعلم هذا من أول مرة رأيتكم فيها ببيتي"
رفع إيهاب عينين حمراوين:
"ماذا تعني بأنك تعرف؟! لم يعرف أحد بهذا الزواج أبدا"
دمدم جاسر بإقرار متذكرا كيف بدا الاثنين معا في كل...كل مرة يجتمعان بها في مكان واحد:
"لم أقصد الزواج أعني نظراتك لها يا صديقي فأنا خير من يعلم لقدعشت مع نظرات التملك تلك أربع سنوات أتعلم لم أصدم بخبر حملها أو أن الطفل منك لأني رأيت يا إيهاب للأسف نظرتك كانت تملكية ولكن كانت مشبعة لحد التخمة"
ضحك بألم:
"هل كنت مكشوف هكذا ؟؟"
"ليس مكشوف لأي أحد ولكن أنا عشت مع تلك النظرات وأعرفها جيدا..لن أطالبك بمعرفة أسباب هذا الوضع بينكم الآن أريد أن أفهم أسبابك أولا لماذا تم الزواج من الأساس؟ مامعني كلام مريم وماذا تعني بأنها طفلة لزواج عرفي من والد مريم يا إيهاب,قبلا إحترمت صمتك وتكتمك ولكن الآن أريد أن أعلم"
لم يجيب..كم كان يريد أن يزيح هم الحقيقة وإخفائها عن صدره ويثقل كتفيه..بل يثقل صوته فيخشن مع صعوبة كل ذكرى وحدث من الماضي القاتم...كقتامة أحداثه المشوهة:
"سوف أخبرك كل شيء لقد تعبت حقا من إخفاء أخطاء تلك العائلة,ولكن لا تقاطعني إلى أن إنتهى...منذ أكثر من عشرون عاما...كانت لدى والدي إبنة خالة تعيش هنا في البلاد كانت وحيدة والديها مدللة بشكل مبالغ به أنانية و ما تريده تحصل عليه..كانت تعمل مع والدي وعمي في شركتهم كانت ذكية,قوية تستطيع القول أنها إمرأة متكبرة..تعرفت على شريك والدي وعمي الثالث ياسر الرواي بالطبع تعرفه جيدا..أحبته..أُعجبت به لا أعلم وهو بادلها الإعجاب ظلت تطارده كما علمنا بعدها ولكن كانت المشكلة أن ياسر الرواي متزوج ولديه ثلاث أطفال..فإتفق الاثنان سويا على الزواج العرفي الذي استمر لثلاث سنوات وربما أكثر بدون علم أحد منا..مع وفاة أبويها وإستقرارنا في أمريكا لم يكتشف أحد شيئا إلى ان أتت في يوم مابكل صلابة وجرأة تخبر والدي عن زواجها منه وعن رفضه إعلان الزواج بعد أن أخبرته بحملها ولتزيد من إنتقامها ظنا منها أنها ستكسب المعركة مع زوجته البسيطة في تفكيرها توجهت الي زوجته وأخبرتها بصفاقة وتأكيد عن كل شيء بينهم ليكون رد ياسر الرواي قاسي عليها بشدة مع إنهيار زوجته أنها مجرد منحلة إستمتع معها لا أكثر حتى أنه لم يرضى أن يكون بينهم زواج شرعي..مجرد زواج عرفي على ورقة يقوم بتمزيقها وهذا ما حدث مزقها ورمي عليها يمين الطلاق وأنكر أن تكون حامل من الأساس..يومها أكدت لأبي بكبريائها اللعين أنه بالفعل لا يوجد طفل في أحشائها..لقد كانت تظن أنها حامل في ذكر وستذل ياسر به لمعرفتها بشوقه لوريث ثم تعود منتصرة عليه وعلي زوجته..كعادته ثار أبي وأهانها ولكن خوفه على سمعتهم أجبره أن يخضع الي خطتها بالسفر الي أمريكا وهناك تلد الطفل وبعدها تعود به وتعلن عن زواجها من ياسر وسيكون مجبر لإعلان بزواجه منها..
أخذها أبي معه و تكتم أبي على خبر زواجها أمام جميع العائلة فقط عمي كان على علم بما جرى..عمي أحبها أيضا بل تستطيع القول أنه أُغرم بها حتى مع زواجه من زوجة أمريكية كانت مخلصة له ومحبة بشكل جنوني..وجود إسراء وممدوح لم يمنعا عمي من محاولات وصل ودها..رغم علمه بزواجها من أخر وحملها أهمل زوجته أمام الجميع وكان يلهث ورائها بالمعني الحرفي..انزوت زوجته بشكل ملحوظ أما فريال لم تستطع السيطرة على نفسها بل تمعنت في جذبه بطريقة غريبة حتى مع خطتها بالعودة لزواجها وليت المصيبة توقفت عند هذا الحد فأمي أيضاً كانت تكره فريال ولقد ظنت أن الطفل طفل أبي وهو يكذب عليها..تستطيع القول ان استقرار أسرتنا إنقلب بشكل قاسي فأصبح الجميع يبغض بعضه ويتهم بعضه أما أبي لا يستطيع طرد إبنة خالته التي إستنجدت به ولا أن يفضحها أكثر فأخبر أمي مرارا إنها متزوجة من أخر ولكنها مع تعنتها وتجبرها رفضت الاستماع وطلبت الطلاق من أبي بل وتمادت برفع عليه قضية تطالب بنصف أملاكه حسب القانون هناك..تعرضنا لأزمة كادت أن تقضي علينا..أبي كره أمي حقا وفقد الثقة بها وكانت فريال تراقب بإستمتاع إنهيار الجميع لما ؟!لا أعلم حتى أتي يوم ولادة الطفل ولكن أتت مريم لا ذكر كما خططت فريال يومها إنهارت وصرخت بأنها تريد ذكر بل ورفضت أن تضم الطفلة كأي أم طبيعية..كان عمي منهار لأجلها حتى وهو يعلم بخطتها وكره مريم لأنها إبنة رجل أخر أما أبي فكان غاضب من كل ما يحدث كان يظن أنه سيتخلص من فريال والزوابع التي فعلتها بِنَا..تسلمت أنا مريم بين يدي يومها شعرت برابط عجيب يربطني بها لا أستطيع بعد مرور أكثر من تسعة عشر عام أن أحدده..أتعلم جاسريومها أخبرني أبي وكأنه شعر بكل ما سوف يحدث (هذه أمانتك إيهاب لا تفرط بها مهما حدث لا تعاقبها على أخطاء أحد منا أبدا) لقد شعر أبي ما شعرت به أن الطفلة سوف تعاني..."
توقف برهة أجلى صوته..الإنكسار الذي رآه منها منذ ساعات قد صدق حدس الرجل وعأنت مع جبنه أكثر من غيره..وذلك الحقير ممدوح...لكن ثقل الكلمات كان يخفف من وجعه فاسترسل متمتما,بينما جفنيه يغضهما فتتراءى له من خلفهما الأحداث بوضوح شديد:
"بعد ذلك ما حدث كان متسارع وقاسي عمي قام برفع قضية طلاق على زوجته بل وقام بتحويل كل ما يملك بإسم فريال لينال رضاها من ناحية ومن ناحية أخري لا تستطيع زوجة عمي الحصول على شيء وبالقانون أيضاً الذي لا يعرف الرحمة حصل على حضانة الأطفال لأنه يستطيع أن يكفل لهم حياة أفضل فقط تراهم زوجته كل ثلاث أسابيع مرة او مرتين لتنزوي تماما وتمرض وبعدها تموت وحيدة منكسرة وذليلة..لقد أحسنت معاملة فريال عندما جاءت بل وعرفتها على كل شيء وإعتنت بها في حملها ليكون هذا ردها على الجميل أن تسرق بيتها وأطفالها وزواجها؟!!"
وأضاف:
"بالطبع فريال إقتنعت بهذا الحل لأنها أيقنت أن ياسر الرواي من المستحيل أن يهدم أسرته من أجل طفلة أخرى كما علمت أن زوجته أتت له بالوريث يكبر مريم فقط بشهرين فصنعت لنفسها حياة أخرى على حساب مولي زوجة عمي الأولى وعلي حساب أطفاله أما مريم بعد أن تزوج عمي فريال أعطاها إسمه وكنيته وتم إخفاء شهادة الميلاد الأصلية والتي مدون بها الإسم الحقيقي بحجة أن هذا فيه حماية لها وأصبحت مريم حسب القانون الأمريكي تحمل لقب العائلة رسميا أي أخت لنا لأن القانون هناك يعتبر كل من يحمل كنية العائلة ولقبها أخوة حتى مع إختلاف الآباء..أما الباقي أنت تعرفه وتعلمه جيدا ما عأنت منه مريم رأيته بنفسك"
صمت يحاول إلتقاط أنفاسه من كثرة المشاعر التي تعاقبت عليه وتذكر أسوأ فترة في حياتهم .
وجه له جاسر سؤال أخر:
"اذاً لماذا أنت الوصي عليها في القانون الأمريكي ولها والدين"
أجابه إيهاب بإرهاق:
"هناك في القانون والعرف يجب أن يكون للطفل ما يسمى بالعراب او الوصي القانوني عند حدوث أي شيء للوالدين او عدم توافرهم فيظهر هذا الوصي وعند والدة مريم كان أبي الوصي لأني كنت تحت السن القانوني وبعد عأمين توفي والدي ومع رعايتي وإهتمامي بها وإهمال الجميع لها فعل عمي شيء جيد..منحني الوصاية القانونية كاملة فأصبحت أمام القانون الأخ والوصي"
ضحك بألم:
"أي مكان والدها"
أضاف جملته التي قالها للطبيب بنوع من عدم السيطرة:
"والدها جاسر..هل شعرت بِما أشعر؟ طفلتي أنا تحمل طفلي..هل تستوعب هذا هل يستوعبه بشر؟".
نبهه جاسر وهويحاول أن يستمع الى نهاية ما حدث:
"ركز معي إيهاب لم تصل الي الشيء الأهم لم تزوجت مريم من الأساس؟ لما العقد ؟ هل هناك سبب لحمايتها ؟؟ثم إنك تزوجت إسراء هناك وهي أيضاً تحمل اللقب أي أختك والقانون يجرم الأمر"
هز رأسه ينفي المقارنة,قد تبدو المظاهر متشابهة لكن في داخله يعلم يقينا أن لا علاقة تشبه علاقته بمريم عن غيرها مع إسراء...لا تشابه البتة...ليس بما يفرضه القانون ولا مايسيره فيه قلبه هو الأخر..,لذا إكتفى بالتوضيح بهدوء يناقض افكاره تلك:
"زواجي من إسراء تم بشكل مختلف تزوجتها في المسجد مثل ما حدث مع مريم ولكن بإعلان الأمر وأيضا تزوجتها في سفارتنا هناك لأنها تحمل جنسية البلاد هنا أما مريم لم يمنحها عمي الجنسية هنا ولم يسجلها من الأساس مريم لا تحمل إلا جنسيتها الأمريكية ,أما عن أسباب زواجي بها سوف أخبرك مريم نفسها لا تعلم تظن أني تزوجتها لأستطيع أن أتي بها إلى هنا لكن ما حدث بعد عيد ميلادها الثامن عشر كان غير متوقع لنا جميعا ولم يكن أمامي حل أخر غير الزواج بها لحمايتها"
000000000000000000000000000000000
انتهي

Nor BLack 11-10-19 04:30 AM

الفصل التاسع

(ردي على رسائلي..مهما تهربتِ مني لن تستطيعي الفرار ،أريد أطفالي وسوف أحصل عليهم حتى لو أدى الأمر لإستعمال القوة,فمن الأفضل لك أن نتفاهم ونصل لحل )
كانت هذه الرسالة التي لم تعد تعلم رقمها ,وكم تكررت مرات إرسالها من مراد طليقها حتى باتت تعجز عن العد,لا تعرف ماذا يريد منها؟؟ والى ماذا يسعى؟؟ لقد ظنت أنه نسيها وأخرجته من أحداث يومها وإنتهى من حياتها إلى غير رجعة,لكن من الواضح أنها إرتكبت غلطة عمرها،لأنها وثقت برجل مثله,رجل يظن الجميع أنها خأنت إيهاب معه,بل حتى إيهاب نفسه يظن ذلك. لكنها لم تخونه أبدا كل ما حدث أنها أرادت الفكاك من هذه الأسرة ومع ظهور مشاكل إيهاب والروتين الذي لم تتعود عليه,أرادت الإنطلاق بحرية بعيدا عن قيودهم,ألم تكن أمها خير مثال لتتبع مصيرها وحدها,ألم تكن أمها من أخلصت وتفأنت وماذا كانت النتيجة ؟الموت وحيدة يائسة بعيدا عنهم.ومن أخذت مكانها عاشت لنفسها فقط وربحت كل شيء,فريال كم تكرهها وتمقتها لو إستطاعت أن تتخلص منها هي الأخرى,فتلك الحقيرة هي من زرعت الشك ونفذت بجدارة وهي تعلن بتأكيد صريح عند زواجها بمراد،أنها رأتها معه أثناء زواجها وسمعت محادثاتهم. ولكن هذا لم يحدث...لم يكن كما صورته ببشاعة,بل إن ما حدث هو أن مراد بعد طلاقها من إيهاب حاول التقرب منها وحتى أنه حاول التأثير عليها بإعترافه بحبه لها من قبل زواجها وأن ما وقف عائقا أمام إعلان ذلك أنه لم يستطع البوح بذلك بسبب علم الجميع أنه من المقرر زواجها من إبن عمها..لا تعلم صدقا كيف مالت مشاعرها لمراد فورا وتعلقت به...هل كان الإهتمام والإحساس بالإختلاف ؟إنها أنثى مرغوبة ومحبوبة,فرصة أن تكون هي رقم واحد في حياة رجل يقدرها ويحبها..لذا تتبعت ذاك الحلم وإستغلت تحقيقه أقرب مما تخيل الآخرون,ومع إنتهاء عدتها تزوجته وعاشت معه أيّام رائعة ولكن بعد فترة مل مراد وعاد لحياة العبث. سرعان ما ذوي الحلم مع مرور الوقت ازدادت الهوة..أخذت تكذب نفسها وتتغاضى عن أفعاله إلى أن رأته بعينيها مع إحدى صديقاته في شقة قديمة صغيرة من أيّام عزوبيته. يومها أصرت على الطلاق وحملت طفلتيها فورا وأتت إلى هنا إلى المنزل كسيرة,عادت إلى إيهاب تحديدا نادمة أشد الندم على تركه,وأيضا تعلم عند اللزوم لن يقف في وجه مراد ويدافع عنها وعن طفلتيها غيره لقد كانت تتعشم أن يعود إليها لأنه لم يتزوج بعدها لقد ظنت بما إنها هنا أمامه سوف يتذكر كل شيء ويعودا لبعضهم لكن إبنة فريال كعادتها ملتصقة به وقفت حائل بينهم تتمنى من كل قلبها أن ينجح ممدوح في إخافتها حقا ويريحها منها إلى الأبد.
رن هاتفها,قاطعا تفكيرها مظهرا رقم غير معلوم,فتحت الهاتف وردت ليأتيها الصوت الساخر التي ربما لم تسمعه منذ عام:
"لا أصدق..إن الأميرة قامت بالرد أخيرا"
ردت بطريقة ساخرة مثله بعد أن تداركت نفسها من المفاجئة:
"مرحبا بالخائن,ماذا تريد مراد؟؟ لقد إبتعدت عنك وعن طريقك وأنت مازالت تلاحقني ما الذي تريده مني؟؟"
"إحترمي نفسك وأنت تحدثيني وهذبي ألفاظك,طبعا أريد أطفالي يا إسراء..وأنت"
أجابته إسراء بسخرية:
"أطفالك!! الآن تذكرتهم وأصبحت تريدهم..أين كانو أطفالك وأنت تهملهم وتنتقل من إمرأة لأخرى؟؟"
وأضافت بصوت متحدي:
"ليس لك أطفال لديّ يا مراد,و نجوم السماء أقرب لك مني."
رد عليها ببعض الغموض:
"حسنا يا إسراء كما تريدين..إن شئت أن تتحدينني فأنا له ولكِ,لكن أريد أن أنبهك أن وقتك نفذ لدي والفرصة التي أعطيتها لك مرة لتعودي لعقلك قد نفذ وقتها أراك قريبا يا زوجتي العزيزة"
ردت عليه بغضب:
"أفعل ما تريد وأنا لست زوجتك"
سخر منها بالقول:
"بل يا عزيزتي أنت ما زلت زوجتي وسوف ترين ما سوف أفعله قريبا جدا"
أغلق الخط بعدها تاركا إياها تصرخ بجنون,فهي تعلم مراد وأساليبه الملتوية جيدا ماذا يعني أنها مازالت زوجته؟ لقد تم الطلاق الرسمي في المحكمة هناك والأوراق لديها. هل ردها الحقير بدون أن تعلم ولكن كيف القوانين هناك لا تسمح بذلك..شتمت بغل هذا ما كان ينقصها فعلا أن يظهر هذا الحقير مهددا،وفي هذا الوقت بالذات والآن حين تنتظر بتوتر،ألا يكفيها قلقها مما سوف يفعل ممدوح ورد إيهاب عما سوف يحدث،ألا يكفيها قلقها أن يكون ممدوح تمادى في الأمر مع مريم وأن يعلم إيهاب بأنها مشتركة معهم تريد أن تعلم فقط ما حدث أن تطمئن فممدوح لا يرد على إتصالاتها,لقد طلبته على الهاتف عشرات المرات لكن بدون جدوى ولا رد .
*************
الجانب الأخر – ممدوح-

لقدهرب بمنتهى الجبن بعد ما حدث ،لام نفسه كثيرا كان يجب أن يبقي ويراقب لا أن يهرب بعيدا ويختبئ لماذا جبُن هكذا؟ كان يجب أن يعلم لماذا مريم وصل بها الحال مثل ما رأى؟ فهو لم يلمسها حتى كما أنه الأقوى الأن بما علم لا يصدق مريم وإيهاب الذي كان يملأ رأسهم بصداع أنها إبنته وأنها أخته حقا ولا يشعر أنها ليست منهم كيف هذا؟! كيف استطاع أن يتخذها زوجة؟ كان يعلم من نظرات مريم الهائمة بإيهاب أنها تحبه وتوقفت عن اعتباره أخا لها ولكن لم يلاحظ أبدا عليه هو أي فارق فنظرته لها لم تختلف حتى يوم زواجه منها الذي تم بتكتم كان يشعرأن إيهاب مجبر وداخل نفسه رافض لما يحدث لكنه مضطر اذا ما الذي حدث ليفعل زواجه منها ومتى حدث يجب أن يعلم أولا ماذا حدث لها بعد أن تركهم؟ في لحظة انقلب توتره زهوا بينما يبتسم لنفسه بإنتصار فقد وجد أخيرا حلا ليستصغر مكانة إيهاب لدى الآخرين وخصوصا لدى والده,متخيلا منظر –والده- الذي يثق بإيهاب أكثر من نفسه ويسلمه كل أمورهم حين يخبره عن حقارةإيهاب واستغلاله لأمانته وتفعيله للزواج من مريم بعد أن وعدهم إنها ورقة لا تعني له شيء وأن مريم ستبقى أخته وتحت وصايته بتلك الورقة وأنها سلاح لحماية مريم وعدم اقتراب أحد منها .
بسمته إزدادت توسعا بينما يدمدم لنفسه بخفوت أمنية أن يدفع نصف عمره ويرى جنون فريال بعد ما تعلم بما حدث لإبنتها وأنها أصبحت زوجة فعلية بدون أي حقوق او إثبات مثلها تماما..فإبنتها تعيد الماضي الذي حاولت فريال محوه وهدمه من ذاكرتهم.
ضحك مع ختام أفكاره بصوت عالي لفت أنظار كل من بجانبه في الفندق الذي يقيم به بشكل مؤقت حتى يحدد ماذا سيفعل وهو يتخيل وجه فريال وما سوف تفعل بوالده لأنه هو من أقنعها بفكرة إيهاب وأن تتخلى عن خطتها الأصلية لمريم.ليستل هاتفه ببطء وعينيه تلمع بإصرار يضغط أرقام والده ليأتيه بعد قليل صوته:
"مرحبا"
تحدث بشرِوملامحه تعكس بعضا مما يعتمل بداخله:
"مرحبا حسين بك أردت أن أعلمك بخبر عمرك كله,ابن أخيك البطل الهمام,من كنت تفضله وتتغنى بمزاياه,إستغل الصغيرة مريم أو ربما هي إستغلته,لا أعلم فربما جينات والدتها القوية هي من تتحكم بالتأكيد"
أجابه الطرف الأخر بغضب:
"ماذا تريد ممدوح..؟؟ كُف عن ألغازك وإحترم نفسك وأنت تحدثني..تذكر ذلك وإلزم احترامك يا ولد"
"لا..لا يا أبي انتظر قليلا..وتوقف عن اتهأمي وكأني أنا السيء الوحيد في العائلة,إفهمني أولا لتعلم من هو معدوم الإحترام..السيد مثالي وشبيهة فريال التي أقحمتها في حياتنا لقد رأيتهم في وضع مخل بكل ما تحمل الكلمة من معنى,رأيتهم بعيني يفعلان ما يفعلانه,ويسخران من العائلة بإسفار"
صاح الأخر فيه بغضب جلل:
"ما الذي تقوله يا عديم الأخلاق احترم نفسك ممدوح"
أجابه ممدوح بغضب هو الأخر:
"ما أقوله يا أبي من تثق فيه أكثر مني إستغل الثقة وجعل مريم زوجة له بدون أن يدرك أحدا لقد رأيتهم في وضع زوجين كامل وسوف أترك لك الفهم والتخيل بدون شرح فلا وقت لدي لذلك.."
أغلق الخط في وجهه وهو فاقد السيطرة على غضبه,سوف يعلم بما جري معها وسوف يعود لهم ولكن بعد أن يعلم الجميع بما حدث لن يترك إيهاب يفلت بفعلته. يجب أن يعلم الجميع أنه لا فرق بينهم في شيء وأنهم وجهين لعملة واحدة,ولكن إيهاب اختار وجه المثالية ليخبئ أفعاله ويظل الجميع يضعه في إطار الشهامة,ولكن لما هناك شعور يبغضه يسيطر عليه الآن عند رؤيته لمريم بهذا الضعف! لماذا لم يرى وجه فريال القبيحة تنبض إستغلالا وبشاعة تتلاءم مع قبح وبشاعة روحها التي كانت دمار لعائلته..لماذا؟؟
*******************
دمدم إيهاب معترفا بإقرار:
"هذا السبب القوي الذي جعلني أفكر بالزواج منها،لحمايتها منه لم يكن هناك حل أخر فبعد ظهور هذا الشخص وخطة فريال وعمي لمريم لم أجد حلا سواه..لم يكن بإمكاني إيجاد طريقة تمنحني الإطمئنان غير زواجي منها,ليبتعدوا جميعا عنها إلى ان تستطيع الاعتماد على نفسها قليلا".
كانت علامات الإرهاق واضحة عليه لجاسر الجالس أمامه وعلى وجهه علامات مبهمة..قال جاسربصوت قوي صريح:
"أنت أناني وشاركتهم في أفعالهم بدون أن تدري لقد سلبتها حقها في الإختيار حتى لا تفقدها..لا تحاول الإنكار إيهاب أنت وجدت المبرر بظهور هذا الشخص لتربط مريم بك أكثر"
حاول إيهاب الإنكار وإقناعه:
"ما الذي تقوله جاسر بعد كل ما أخبرتك إياه تأتي لتتحدث عن الأنانية وحق الإختيار أي إختيار بحق الله كنت تريدني أن أُخرجها من جحيم لأرميها في جحيم أخر مجهول".
رد جاسر بقوة:
"وما الفرق هنا أيضا جحيم والإختيار الأخر جحيم بل ربما يكون أفضل"
"كما قلت أنت جاسر ربما يكون أفضل وربما لا..كنت تريد أن أخاطر على الأقل جحيم أسرتنا أمام عيني أنا موجود لأحميها"
"يا إلهي إيهاب أنت لا تفهم ام تدعي عدم الفهم لم أعهدك تستخدم طرق ملتوية وتحاول التهرب"
أردف بتأكيد:
"أنت أيضاً إستغليتها..أنت لا تفرق عنهم كثير"
رد إيهاب بغضب:
"جاسر أنا أخبرتك لولا ما حدث كان من المستحيل أن أقدم على الزواج منها..لم أفكر في مريم يوما بهذه الصورة"
"إذاً ماذا حدث لتفكر إيهاب بها؟ ماذا حدث لتفقد تماسكك وتحولها لزوجة في الخفاء بدون حقوق وكأنها عشيقة"
نهره بغضب:
"جاسر توقف عما تقول"
رد جاسر بطبيعته غير المبالية:
"لا لن أتوقف إيهاب أنت إخترتني بالذات لتواجه نفسك التي أخطئت في حقها كيف إرتضيت لزوجتك أن تكون بهذا الوضع؟ كيف إرتضيت لمريم التي ربيتها على يديك بهذا؟ أرأيت ما حالتها الآن إنها ترفض حتى الإعتراف أنها زوجتك وأن ما حدث طبيعي..تتهم نفسها بأبشع الصفات يفترض أن تكون أكثرعلما بوضعها الحساس..أنا حقا أشفق عليها أنت من أوصلتها لهذا الإنكار"
فأجاب إيهاب بقنوط غير قادر على الشرح أكثر فما بينهم أكبر من أن يفهمه أحد..أكبر من أن يتحدث به،كان بحاجة لها وهي كانت تحتاجه ولكنه كان غبي ولم يفهم سبب سعيها اليه ليوجه كلامه لجاسر:
"لا تلقي الأحكام جاسر في وجهي بدون أن تعلم كل الحقائق"
وقال جاسر بتساؤل:
"وما هي الحقائق إيهاب أخبرني ما السبب القوي الذي جعلك تفقد سيطرتك وتجعل زواجك في السر هكذا"
نظر له إيهاب بوجوم:
"هناك أشياء تبقى خاصة جاسر ولا نستطيع البوح بها"
"وأنا لن ألح عليك بالطبع"
ضغط على حروفه قائلا:
"ما بينك وبين زوجتك يبقى خاص..زوجتك إيهاب لا أختك"
وضع إيهاب يديه على وجهه يفرك عينيه بتعب:
"وهو يتمتم أنا لا أصدق إلى الآن مريم حامل هذا أخر شيء كان من الممكن أن أتوقعه"
رد عليه جاسر بإستنكار:
"لم تكن تتوقعه..إذاً لم تكن تفكر في إمكانية حدوث ذلك"
"لا كيف حدث؟ تعلم المشاكل التي كنت أعاني منها ولم أكمل العلاج لقد توقفت بعد فترة بسيطة من تناول الأدوية،لأنه بلا فائدة فأنا لم أتزوج,كما أني لم أحسب للأمر حسابا فمريم طفلة كيف ستحمل طفل"
رد الأخر بصوت ساخر:
"طفلة !!هل تمزح إيهاب؟! طفلة على أن تحمل طفل ولا تراها طفلة عند تعاملك معها كزوجة,هل لديك إنفصام يا صديقي ؟!"
"يكفي جاسر..حقا لم أعد أتحملك وأنت تُقحم نفسك في أشياء تعلم ان لا إجابة عليها"
نهض من على كرسيه بحدة,منهيا الحديث وهو يقول:
"كل ما أخبرتك به لثقتي بك جاسر وأيضا لأني أحتاجك في القادم وفِي حربي التي ستبدأ فهل أنت معي؟؟"
"تعلم أني معك بحياتي ولن أتأخر لحظة وبعد ما سمعته الآن أظن حربك ستصبح على جهتين"
أجابه الأخر وقد حل به الإرهاق:
"أعلم هذا وأتمنى أن أنجح في ذلك شكرا لك حقا أنا الآن سأصعد لأطمئن عليها"
حاول جاسر نصحه وهو يرى مظهره المزري:
"لما لا تذهب للمنزل أفضل..غيرملابسك الممزقة تلك وإرتاح قليلا..وعد أنه سيبقي ومي معها"
أجابه بصوت قاطع:
"لن أستطيع أن أتركها يا جاسر"
حاول جاسر مرة أخرى أن يعلم سبب ما حدث:
"أ لن تخبرني عما حدث وأوصلكم لتلك الحالة؟؟"
هز إيهاب رأسه بنفي و قال:
"هناك بعض الأمور من الأفضل أن تبقى طي الكتمان"
هز الأخر رأسه بتفهم بعد أن تأكد أنه من المستحيل أن يتحدث في هذا الأمر ولكنه يبدو أمر جلل:
"كما تحب يا صديقي ولكن أنا دائما موجود للمساعدة إن إحتاجتني في هذا الأمر أيضاً"
أجابه إيهاب بثقة وإصرار:
"أعلم هذا لكن هذا الأمر بالذات لن يحله غيري أنا بدون مساعدة أحد"
أجابه جاسر بعملية وهو ينهض ويلتقط مفاتيح سيارته من على الطاولة:
"إذن إصعد أنت اليها وأنا سأذهب لأي مكان مجاور أقوم بشراء بعض الملابس لك"
طرق الباب بخفوت,حتى لا يزعج النائمة داخل الغرفة مع أنه يعلم أن أثرالمهدئ لن يجعلها شعرت بشيء وأيضا من أجل أن ينبه الجالسة معها بدخوله أجابته مَي:
"تفضل"
فتح الباب ببطء يتأمل المستلقية هناك بالألم وحدث نفسه:
*كيف كنت غبي ولم ألحظ كل الرسائل التي كنتِ ترسلينها إليّ,بل إلينا هم لم يهتموا لكن أنا ما مبرري أمام نفسي وأمامك جاسر محق في شيء واحد كنت أنكره لنفسي لقد إستغللتك مثلهم تماما لأداوي جروحي بحثت عن راحتي فيكِ أنت ولم أبحث عن أسباب إستسلامك وسعيك لأحضاني ولكن لما خبأتي عني سرك ؟!ظننتك تثقين بي ظننت ان كل الحواجز بيننا أُزيلت لكن إتضح الآن أن ما بيننا طريق طويل مليء بالحواجز والعقبات التي يجب أن أتخطاها كلها لأجل الوصول اليك حقا...وليس كما حدث فعلا.*
قالت مَي بنفاذ صبر:
"هيييي أنت؟!ما الذي تفعله هنا ؟؟ وأين جاسر؟؟ ألم أمنعك من الدخول".
نظر لها عاقد حاجبيه وقد نسي وجودها تماماً,رد بإستنكار:
"ماذا ؟َ! منعتني من ماذا ؟؟"
ردت مَي بقوة وجنون:
"أخرج حالا خارج الغرفة أنت طلبت أن أبقى معها وأنا إشترطت عدم رؤية وجهك هنا"
لتكمل وهي تنظر لمريم:
"لا أعلم صدقك من كذبك ولاأثق بك ولكن يكفي أن أنظر الى المسكينة وحالها لأعلم أنك أنت السبب الرئيسي فيما يجري لها بمظهرك المزري هذا أنظر إليها لا مقارنة بينكم يبدو أنك قمت بالإعتداء عليها بالضرب بعد أن علمت بحملها كما أنك أخبرتني أنها لن تريد أن ترى وجهك فتأكد حدسي مما حدث إذاً أخرج حالا من هنا كما لا يجوز أنت دخلت الغرفة وتجلس معي وزوجي غير موجود"
نظر لها إيهاب بذهول وإستنكار:
"ماذا؟! ما الذي تقولينه؟! من اعتدى على من ؟ومن ضرب من؟"
عقد حاجبيه بتوجس:
"لحظة هل أنا دخلت غرفت نومك؟!! إنها غرفة زوجتي المريضة في المشفى"
ردت مَي بسخرية:
"زوجتك اممم,أذكر أنه بالأمس القريب كانت أختك"
وأضافت بجدية آمرة إياه:
"أخرج حالا وإلا صرخت بأعلى صوتي ليطردوك خارجا"
تمتم في سره يا إلهي هذا ما كان ينقصني جنون هذه أيضا ,إنها تستحق فعلا لقب حمقاء بجدارة كما يطلق عليها زواجها. هل هرب من جنون زواجها واستجوابه ليجد نسخة منه أعلى حماقة يبدو أنها ألفت سيناريو وأخرجته أيضاً وصدقته.
لا يعلم بالضبط ما الذي يجب أن يقوله لها,بدون أن يفقد أعصابه إحتراما لزواجها.أنقذه الطبيب وهو يطرق الباب ويقوم بالدخول نظر الى الإثنان المتواجهان مَي بغضب وإستعداد واضح للشجار وإيهاب بعلامات استنكار وذهول يبدو انه يمسك أعصابه بصعوبة..خاطبهم الطبيب قائلا:
"لقد أتيت لاطمئن عليها"
إقترب من سرير مريم وإيهاب يهز رأسه علامة الموافقة على كلامه. مر الطبيب بجانبه مقتربا جدا منه ليهمس له:
"هل أطلقت لسانها عليك؟!"
نظر له إيهاب بتساؤل:
"من؟".
أشار الطبيب فادي بطرف عينيه لمي المتحفزة-وقال إيهاب بصوت هامس:
"اه نعم إنها تتهمني بمحاولة إجهاض مريم وضربها وأيضا تطردني من الغرفة".
تنهد فادي قائلا:
"أنت لم ترى من الجنون شيء كان يجب أن ترى يوم ولادتها لطفلتها لم تترك أحد وإلا سبته واتهمته لقد قامت بإتهأمي بمحاولة قتلها كان يوم يجب أن يوثق في طرائف وغراب"
قاطعتهم مَي وهي تنظر لهم بتوجس:
"عن ماذا تتحدثان أنتما الإثنان؟"
إقترب فادي من مريم يفحصها بإهتمام وهو يقول لمي:
"لا شيء أنا فقط أسأله عن أشياء تخص المريضة"
تمتمت مَي بإمتعاض بصوت خافت:
"ألم يجدوا غيرك لا أعلم ثقة جاسر بك وأنت فاشل"
نظر لها الطبيب بذهول:
"ماذا قلتِ؟؟"
"لم أقل شيء,إهتم بها فقط وأخبرنا بما يجعلنا أكثر إطمئنأنا عليها"
تمتم إيهاب في سره:
*يا إلهي ألم يجد غيرك كيف عثر جاسر عليك؟*
حاول ان يحدث الطبيب متجنب مَي تماما:
"ما هي حالتها الآن؟ هل هي والطفل بخير؟؟"
نظر له الطبيب متجنب هو الأخر مَي ومحاولتها في استفزازه وأجابه:
"نعم وضع الطفل مستقر لا تقلق"
"لا يهم الطفل بقدرها هي لدي"
أجابه الطبيب بعملية:
"مؤشراتها الحيوية جيدة الأن ولكن العامل النفسي جزء مهم لديها ولن نستطيع أن نقيم الوضع بالضبط إلا عندما تستفيق تماما..أرجوألا يتكرر ما حدث منذ ساعات"
وقال إيهاب بإهتمام:
"متى ستستيقظ؟؟"
"ربما ينتهي مفعول المهدئ بعد ساعة أو ساعتين ,لكن في إعتقادي أنها سوف تستسلم للنوم لتهرب مما يحدث بالطبع أنا لا أفهم ما يجري بينكما ولكن أتفهم حالتها النفسية في بعض الأحيان تمر عليّ حالات هكذا"
"حسنا شكرا لك"
إستأذن الطبيب بعد أن أنهي الفحص قائلاً:
"إن إحتجت أي شيء فورا إستدعيني وأنا سأمرعليها مرة أخرى قريبا"
همس له بنفس الطريقة الأولى:
"حاول أن تتمالك أعصابك"
مشيرا ناحية مي:
"إنها تُفقد الحجر صمته وصبره"
أومأ له بموافقة واتجه بعدها إلى كرسي قريب يجلس بتعب،يدفن وجهه بين يديه يحاول أن ربت أفكاره وخطواته الأتية,كان وضعهم صعب من الأساس ويستحيل المجاهرة به والآن كيف سيجاهر بحملها منه؟! كان يفكر في تصحيح وضعهم وأن يحاول جعل أسرتهم تتقبل أولا وضعهم كزوجين لكن الآن وفي الظرف الحالي يأتي طفل..في المقام الأول وجب ان يجاهر للمجتمع أجمع به..طفل لطالما حلم به وفقد الأمل في وجوده ليختار القدر من بين جميع نساء الأرض أن تكون مريم هي من تحمله..سمع رنين هاتفه سحبه من جانبه ينظر الى الرقم بإستغراب فتح الخط يحاول أن يتحدث بصوت هادئ,ليأتيه صوت عمه صارخ فيه بغضب يأمره بكلمات قليلة:
"أريدك أن تأتي على أول طائرة الي هنا أنت ومريم في أقرب فرصه أتفهم هذا"
عقد إيهاب حاجبيه مستغربا نبرة صوت فعمه لا يمكن أن يتحدث معه هكذا..حاول تصنع الهدوء وأجابه:
"لما عمي ماذا حدث؟؟"
قال عمه بصوته الغاضب بقوة:
"عندما تأتي أنت وهي ستعلم بما حدث أريدك أمامي في اقرب وقت ممكن الحديث لن ينفع على الهاتف يجب أن أراكم أنتما الإثنان"
وقال إيهاب بصوت بارد:
"أسف يا عمي لن أستطيع أن آتي إلا إن فهمت السبب أما مريم لن تأتي في كل الحالات ولن تتحرك من هنا"
"أترفض أمري إيهاب هل جننت؟"
رد ببرود:
"لا عمي لم أجن وأنت تعلم ماذا يعني كلامي ورفضي..لن أتحرك من هنا إلا إن فهمت ومريم لن تأتي إليكم"
"إذن سوف أحضر أنا وأخذها بنفسي"
خرج إيهاب عن بردوه قائلا بصوت متحفز:
"حاول ذلك يا عمي!! كيف ستجبرها وتأخذها مني ؟"
هدر عمه بقوة:
"إذن كلام ممدوح صحيح أنت خنت الأمانة..لقد أخذت إبنتي سرا إيهاب"
صاح إيهاب بغضب,عند ذكر إسم الحقير وشعر أن بصدره ألم الحارق و نار تشتعل:
"لا تأتي على ذكر إسم هذا الحقير أمامي مرة أخري وأنا لم أخن الأمانة..ثم عن أي أمانة تتحدث؟؟"
أضاف بصوت غاضب مستنكروساخر:
"أنت مُضحك..متي أصبحت تلقي النكات؟! عن أي إبنة تتحدث؟ مريم ليست إبنة لك..متى عاملتها كإبنة؟ متى شعرت بذلك إنها تحمل إسمك فقط..أرجوك هذا الكلام تخبر به وسطك ومجتمعك لا أنا وهذا التمثيل الهابط لا يفلح مع بَعضِنَا ونحن نعلم الحقائق"
"أنت ولد غير مهذب وأنا تأكدت من جنونك كيف تصرخ بوجهي هكذا؟؟"
رد إيهاب بصوته المستنكر وسخرية:
"ماذا!! ولد غير مؤدب..حسين بك أرجوك هل تعي مع من تتحدث؟ هل هذا الكلام موجه لي أنا؟"
أضاف بقوة:
"أنصحك أن تراجع نفسك قليلا وتراجع حساباتك وتعلم مع من تتحدث! أنا أحترمك فقط لفارق السن ووصية أبي وأحب إخبارك أن إبنك الذي أهملته سأُعيد تربيته بنفسي فقط لتعلم بالأمر وأما مريم فإن كنت نسيت إنها زوجتي بتوقيع منك و لم يكن لأحدِ منكم يوما شأن ولن يكون أبدا..زوجتي لن تتحرك من هنا ولن يستطيع أحد منكم أن يقترب منها إنتهى وقت عمل حساب لأحد لقد تحملتك كثيرا ولم أجني شيء منكم تعبت من مداراة فضائحكم والسكوت عن أفعالكم ,أما عني سوف أحضر قريبا جدا لأصفي حسابات أخرى كثيرة"
ضغط على حروف كلماته:
"سوف أحضر وحدي يا عمي بدون مريم"
أتاه صوت عمه مستفسر بتوجس وقد تراجع عن غضبه بعد أن شعر بحزم إيهاب في كلماته:
"عن أي حسابات تتحدث ؟"
قال إيهاب بصوت قوي منهيا الحديث:
"سوف تعلم عندما أحضر"
أضاف بسخرية:
"تحياتي لك ولفريال هانم..حسين بك".
أغلق الخط مباشرة يهدر بأنفاس عاليا ناظرا لهاتفه بإصرار لم يود أن تتم أول مواجهاته هكذا لكن الحقير هدم كالعادة مخططه لكن لا مشكلة هذا أفضل له وفِي كل الأحوال لن يكتشف أحد مخططه الأصلي ومسعاه..يتمنى فقط أن يعثر المحامي الذي وكله من أسبوعين ماضيين على الأوراق التي طلب منه البحث عنها لتساعده في حل هذا الوضع .
ولكن مشكلته مع الطرف الأخر هل سيقبل؟؟ وهل يستطيع ان يضغط عليه ؟؟ رفع عينيه ينظر للمستلقية أمامه لم تستعيد وعيها ولم تتحرك عن وضعها الذي وضعها به بنفسه..حرك عينيه قليلا ناحية مرافقتها ليجدها تنظر له بتوجس وبعض الخوف قالت بتوجس وتردد بتساؤل:
"ماذا؟؟ على ماذا تنوي ؟؟"
عقد حاجبيه بإستغراب وقد نسي وجودها تماما وقال:
"انوي على ماذا لا أفهم؟!"
"أنا لا أرتاح لك..أين جاسر لما لم يأتي؟؟"
رد عليها غير راغب في مجادلتها:
"سوف يأتي بعد قليل إطمئني"
لتعود مَي الي مقعدها بتوجس..همهمت مريم بشيء ما لفت نظر مَي لها اقتربت منها مَي تميل اليها تهمس لها وقد حولت عاطفتها كلها اليها شعور بالشفقةعليها ويزيد إصرارها أن تعلم القصة كامله قالت بصوت خافت واعادا لها ومعتذرا عما فات من تصرفاتها المتسرعة نحوها بشكل أذاها ولا شك:
"أنا أسفة لحكمي عليك وتسرعي أنا أعدك لن أتركك وسأكون بجانبك دائما مهما كلفني الأمر"
أتى بعد وقت قليل جاسر يطرق الباب يعلن عن دخوله..خاطب إيهاب أولا,قائلا:
"لقد أتيت لك ببعض الملابس كما أخبرتك أرجو ان تكون مناسبة"
مقتربا ناحيته بخطوات واثقة وناوله إياها مقرنا القول بالفعل..شكره إيهاب و قال:
"أي شيء ينفع الآن أنا ممتن لكم"
توجه الي الحمام الملحق للغرفة و قال بصوت مرهق:
"دقائق فقط وسأعود"
توجهت مَي بعد أن إختفي إيهاب الي الداخل تقول بصوت خافت لزواجها:
"إنه مجنون جاسر أنا تأكدت الآن يصرخ فجأة ليعود بعدها للهدوء أنا أخاف منه وأخاف على تلك المسكينة"
وأضافت بتآمر:
"هل يمكننا أن نأخذها أو نبلغ عنه بمحاولة قتلها ونخلصها منه".
إقترب منها جاسر متصنع الإهتمام يجاريها بتسلية ويهمس بطريقتها:
"فكرة عظيمة حبيبتي أو ربما نختطفه هو ونودعه في بيت الصحراء."
هتفت مَي مستحسنةالفكرة:
"نعم نعم هذا حل رائع"
أكمل جاسر:
"ونعلقه في السلاب ونأتي له بحنفي الثعبان ما رأيك"
عقدت مَي حاجبيها بغيظ وقد أدركت سخريته منها:
"أنت تسخر مني صحيح"
رد جاسر بجدية:
"بالطبع حمقائي ماذا تعتقدين حبيبتي ؟أني سأنجر إلى جنونك أنا الأخر,أرجوك ان تأجلي حماقتك وتفكيرك العبقري قليلا فوضعهما لا يحتمل أي حماقة او جنون"
ردت مَي بضيق:
"كنت أعلم أنك لن شعرت بالمسكينة فأنت رجل مثله وسوف تناصره"
وأضافت بإمتعاض:
"كلكم نسخة واحدة سيئة"
أمرها جاسر بهدوء:
"إخرسي حبيبتي سوف نتناقش في قضية المرأة والرجل لاحقاً ونرى وجهة نظرك العظيمة".
بعد وقت طويل
تحدث إيهاب يقطع الصمت الذي حل بهما كلا يشغله فكره خاطب جاسر:
"جاسر خذ زوجتك وغادر الآن أنتم هنا من الصباح الباكر أعلم أنك تركت أعمالك وطفلتك يوم كامل"
قاطعته مي بقوة:
"أنا لن أتركها أريد أن أتحدث معها عندما تستيقظ"
خاطبها إيهاب بهدوء:
"أشكرك حقا لشعورك هذا ولكن الطبيب أكد انها ربما لا تستيقظ إلا في صباح اليوم التالي أذهبوا الآن من أجل طفلتك وسوف تنتظركم في الصباح من أجلها جلوسكم الآن لا فائدة منه وأنا لن أتحرك من هنا"
نظرت مي لزواجها تنتظر رأيه لا تريد تركها ولكنه يبدو محق في كلامه..خاطبها جاسر قائلاً:
"هيا مَي إيهاب لديه حق لا فائدة الآن من وجودك الأن وتأخرت على منار حبيبتي غدا في الصباح الباكر سوف أتي بك"
وافقته وهي تنهض تنظر لمريم بتردد من تركها تريدها عندما تستيقظ أن تراها بجانبها أن تعتذر لها أن تشد من عزيمتها وتدعمها.سمعت صوت جاسر يقول لها:
"هيا حبيبتي أنا وعدتك وأيضا سوف تأتين اليها منذ الصباح الباكر"
نظر لإيهاب بنظرات قوية وتصميم وكأنه يريد أن يخبره أنه أصبح في صفهامصرحا دون حاجة له للقول أنه أصبح سندا ودعما إضافيا لن يتركها أبدا مهما حدث هو وزوجته سيكونان بجانبها..أجابه إيهاب بهدوء وإمتنان متمتما على كلماته التي لم تقال:
"وهذا ما أتمناه جاسر أشكركم حقا".
"ليس من أجلك إيهاب بل من أجلها هي"
إنصرفوا بعدها بهدوء تاركين الغرفة له إقترب منها لأول مرة منذ ما حدث يستطيع ان ينفرد بها وحدهما,لا يستطيع التخلي عن أفكاره المضطربة الموجعة منها وعليها ليتأمل وجهها الشاحب إقترب أكثر غير قادر على السيطرة على مشاعره ليقبلها على جبهتها همس لها بصوت متألم علم أنها لا تستطيع أن تسمعه,لكن علها تسشعرت ما يعانيه وما ينبض منه إليها فشعرت بما يعتمل في صدره حتى لو لم تسمعه:
"أسف مهما أعتذرت لكي وأبديت ندمي لن يعوض ذلك شي ولكني أعدك سوف أخذ لكً حقك من الجميع وأولهم أنا طفلتي".
تركها ببطء ونظر الى يديها الموضوعة على خصرها وموصولة بالمحلول الطبي رفع يدها ببطء إليه يقبلها بأسف واعتذار صامت لها..وأعاد وضع يدها الى مكانها تحركت يدها ببطء وهو يميل اليها لتتسحب يده ببطء وإرتعاش غير قادر على السيطرة عليها..تلمس بطنها غير مسيطر على مشاعره خاطبها وكأنها تسمعه:
"هنا طفلي أنا..مريم لا أصدق الى الأن"
مرر يدها على بطنها كله بغير سيطرة على مشاعره هامس بصوت خافت:
"هنا تحفظين قطعة مني طالما حلمت بها وفقدت الأمل في وجودها طفل..أشعروني بنقصي وأني لن أستطيع أن أحصل عليه..أنا لن أكون أبا ما حييت..هم سلبوا مني الأمل وأنت أعدته إلي..أحييته فيّ كما تحيين الحياة في أرض جرداء قاحلة..."
سيطر على مشاعره بصعوبة إبتسم لنفسه نظر الي وجهها ويده تستريح على بطنها:
"هذا سحر صغيرتي سحر طفلي لم يختار أن يكون في رحم أي واحدة من النساء إلا أنت وكأنه يعلم صلتنا الخفية يعلم كرمك على وبأنك لن تتخلي عنه"
قبل جبهاتها برقة ضاغطا بشفتيه عليها ليتركها ببطء مرة أخرى بمشاعر مضطربة لم يعرف تحديد ماهيتها تراجع إلى الخلف ليجلس على أحد الكراسي يتأملها بتفحص غير قادرعلى إغماض عينيه عنها للحظة او إبعاد تركيزهما من عليها.
****************

بعد مرور ثلاثة أيام،،
ظل الحال كما هو تستيقظ لبعض الوقت فتنعزل عن الجميع بصمت لا ترد على أي منهم..إيهاب الذي يحاول محادثتها بكلمات قليلة كأنه غير قادر على مواجهتها بعد ما حدث بينهم..ومي التي تأتي يوميا من الصباح الباكر ولا تتركها إلا ليلا وقد إعتذرت لها مرارا عن سوء ظنها بها وحاولت أن تجعلها تخرج عن الصمت..طلبت منها أن تثق بها ولكنها لا تريد كأنها عجزت عن الكلام يائسة منه..ماذا ستجني من الحديث معهم من وقف بجانبها في أكثر اللحظات القاسية التي مرت عليها!! خيبتها به ذبحتها ولا تستطيع أن تنسى أبدا نظرات الإستنكار في عينيه ولا نبرة الشك مهما قال او فعل لقد خسر ثقتها به وإنتهى الأمر..تعلم الآن انها وحيدة لا أحد لها تعلم ان الآتي مدمر لها وستتحمل تبعاته وحدها كما تعلم أن ربما مَي عذرها معها لقد هدأت الآن وفكرت..لا تلوم مَي فاللوم كله على إيهاب فبعد ما كان يحدث بينهم استمر في تعريفها أنها أُخت له..إنه لم يكلف نفسه إخبارهم سابقا أنها تحمل لقب عمه..الآن أظهر خوفه وأراد الطفل لا تعلم سر إصراره وتمسكه بحقه في صغيرها هي,على أنه يريده وبقوة تسشعرتها منه في تصرفاته وحرصه على سلامتها. وما القادم لها ولطفلها في المستقبل؟؟ لقد فكرت كثيرا وقد اتخذت قرارها وسوف تنفذ ما قررته مهما حدث لتهبط بضع دمعات منها وهي تحدث طفلها باعتذار وكأنه يسمعها:
"آسفة أني أتيت بك لهذا العالم..آسفةلأنني لا أريد لك الحياة التي عشتها أنا،هذا في مصلحتك أنت صدقني هذه الحياة لا تستحق لا أحد يستحق سوف تُضطهد سوف تعاني مثلي وأنا لا أريد لك ذلك..يكفي ما أعاني أنا منه"
اقتربت منها مَي التي تجلس بجانبها وهي تجلس على سريرها في المشفى تسألها باهتمام وبعض القلق والإلحاح:
"لمَ تبكين عزيزتي؟! هل شعرتين بالألم؟؟"
ولكن لا رد أكملت مَي بإلحاح:
"لم تسامحيني مريم ألن تكلميني"
وأضافت بنوع من التفسير:
"لقد أخبرتك حبيبتي أنا صُدمت فقط لثقتي بك لم أتحكم في نفسي أقسم لكي لم أقصد جرحك ضعي نفسك مكاني"
نظرت لها مَرْيَم وكأنها تريد أن تستكشفها أكثر بكل هذا الاهتمام الذي تظهره لتسأل نفسها هل حقا تهتم بها هكذا وبمسامحتها لها ؟؟.
هل تستطيع الثقة بها لتخبرها لتزيح همها وآلمها الذي يقتلها عن صدرها؟ وهل تستطيع الثقة بها أيضاً لمساعدتها فيما تريد ؟؟
خاطبتها مَي مستمرة بإلحاح:
"مريم حبيبتي ألن تتحدثي؟؟ تكلمي فقط تستطيعين الثقة بي لقد وعدتك سأكون بجانبك وأدعمك مهما كان ما تقولينه فقط افصحي عما تريدين..لن أحكم عليك أبدا وسأتفهمك"
تمتمت مريم بضعف خارجة عن صمتها الذي يقتلها قائلة:
"هل تعدينني مَي بذلك"
اقتربت مَي منها بسعادة أنها استطاعت أخيرا أن تكسر هذا الصمت قائلة بلهفة:
"بالطبع حبيبتي أعدك أقسم لك لن أخذلك..تستطيعي الثقة بي مريم كما تحبي وتريدي فقط تكلمي في بعض الأحيان ان تُفضي بما يضيق صدرك به راحة"
تمتمت مريم لها وهي مازالت على صوتها الخافت:
"وفِي بعض الأحيان الكلام يقتلنا مَي يذبحنا ان صرحنا به"
تنهدت مَي بألم من أجلها..شعرت بها ولكن حاولت معها مرة أخري قائلة:
"حاولي فقط حبيبتي جربي لن تخسري شيء"
إبتسمت لها مريم بألم قائلة:
"نعم لديك حق لن أخسر شيء فأنا خسرت كل شيء مسبقا ولم يبقى لي شيء أخاف عليه"
حاولت مَي شد أزرها وبثها بعض الاطمئنان:
"لا تقولي ذلك مريم بعض المشاكل في حياتنا لا تعني النهاية ولا تعني أنك خسرت كل شيء,بالعكس قد تكون فرصة لتفكري فيما تريدين فعله مستقبلا فعلا وإن كان يستحق الأمر منك مزيدا من الجهد..أيا كان ما يُثقل صدرك وما حدث,فهناك حل حبيبتي أنت لم تخسري كل شيء كما تقولين,وأنا بالفعل لا أستطيع الحكم الآن لأني لا أفهم يا مريم ربما لو فهمًت أستطيع المساعدة نستطيع النقاش أن نجد الحل سويا...فقط صارحيني بالحقيقة"
ردت مريم بيأس ودموعها تجري ولا تستطيع السيطرة عليها قائلة بألم ويأس:
"لا يا مَي أنا أختلف معك...الآن وبعد ما حدث أشعر أني نضجت أكثر مما فعلت طوال السنوات التي مضت,ولأول مرة أدرك حجم الوضع الذي وضعت نفسي فيه وأنه لا يوجد حل فمصيبتي أكبر من أن أجد لها حل ومن بيده الحل لا أعتقد أنه سيفعل شيء..لو أراد التحرك كان فعل منذ زمن"
وأضافت بيأس وعدم ثقة:
"لقد إرتاح للوضع هكذا ولديه مبرره دائما أنا من وافقت,أنا من إرتضيت,أنا من أهنت نفسي بحبي المجنون له وثقتي العمياء..لقد أهنت نفسي بغباء,لقد كان كل شيء لي يا مَي هو أبي وأخي وصديقي حتى....."
وأضافت بتقطع وصوت مهزوز:
"وجعلته أنا في كل أحلأمي وخيالاتي حبيبا لي"
إسترسلت في الحديث بشرود وكأنها غير واعية لمي التي تُنصت باهتمام لما تقول وأضافت وكأن الكلمات توجعها وتحرقها أكثر مما يظهر بإنفعال على قسماتها الشاحبة الملتوية ألما مع كل حرف:
"لم أعرف غيره منذ فتحت عيني على العالم كان بجانبي دائما يحميني ويعلمني خطواتي,أتعلمين أنا لم أحصل على أصدقاء يوما مجرد زملاء لي كان يحاوطني وأنا لم أخجل منه يوما كنت أخبره بكل شيء وأي شيء وهو كان يهتم لم أشعر يوما أنه كان يضيق من حديثي وعندما علمت حقيقتي لم يساندني غيره لم يهتم بألمي غيره"
أنتقلت في الحديث بشرود وكأنها ما عادت تسيطر على نفسها:
"لم أعلم متى تحديدا أصبح قلبي يدق له بعنف ويراه كحبيب..حبيبي أنا وحدي كما هو يحبني ولكنه كان لا يراني يا مَي لم يرى غير الصغيرة التي كانت تلتصق به كعلقة"
أكملت بعدم ترابط:
"عندما أتى يخبرني أنه سيتزوجني ليستطيع أن يأخذني لأي مكان بدون اعتراض من أمي لا أستطيع أن أصف لكِ بماذا شعرت إيهاب يتزوجني أنا؟!"
ملامحها رسمت صدمة ذهول مع الذكرى:
"هل استطاع أن يخرجني من إطار الأخوة تلك؟؟ ولكنه صدم قلبي عندما قال انه زواج لن يعلم به أحد وأنا سأظل إبنته وأخته كما أنا وسيرعاني كزوج فقط رعاية معنوية لا غير"
وأضافت بتردد وكأنها شعرت بالعار من شعورها بحبها له:
"لكن أنا كنت أحتاجه كنت أحتاج حبه كنت أحتاج أن أرى أنوثتي بعينيه هو وهو فقط لن يستطيع أي شخص أخر ان يشعرني بما أحتاج فهو أماني كل محيطي"
شهقت بألم من بين دموعها وذكرياتها,تهز رأسها نحو الأخرى ونحو المجهول بإنفلات:
"أخبرني عند إتمام زواجه بي أن لا خطأ وأنه ليس بالضرورة أن يعلم أحد بعلاقته بزوجته لأن علاقتنا معقدة ولن يتفهمها أحد أنا صدقته يا مَي...صدقته بكل حب الصغيرة التي كانت تتعطش لإلتفاتة إهتمام فكيف إن كان زواج حقيقي...صدقته..وثقت به إيهاب لا يمكن أن يكذب علي من المستحيل أن يؤذيني...وسلمت..وصمت راضية أنه رآني أخيرا كحبيبة حتى لو لم يصرح بها أبدا أنا راضية طالما بجانبي,لم يعلمني أحد ما هو الخطأ أو ما هو الصحيح هو فقط من علمني كل شيء..إذا قال شيء جيد وصحيح فهو صحيح ,إلى هذا الحد كان يستطيع تحريك قراراتي بسهولة وخضوع..لكني علمت وشعرت..إحساسي الداخلي كان يصرخ بي طوال الوقت أن إستسلامي خطئ وعلاقته بي خطئ أنها مثلها كأي علاقة محرمة وفِي الخفاء لو كانت صحيحة كان جهر بها...كان ليفتخر بي كزوجة..ولم يكن ليحرص كل هذا الحرص على مداراتها كوصمة عار...هكذا كنت أنا معمية عن كوني لا أتجاوز وصمة عار في علاقة محرمة...أنثى خاضعة لدقات محرمة...والخضوع كان ثمنه هذا"
يداها ارتفعتا من حولها بإرتجاف تشير إلى وضعها ومعأناتها دون الحاجة إلى التوضيح أكثر.
فصمتت غير قادرة على ان تكمل أكثر دافنة وجهها بين يديها بألم تبكي بصوت عال غير قادرة على السيطرة على شهقاتها:
"آه ماذا أفعل؟ طفلي سيلاقي نفس مصيري يا مَي لا أريدهذه الحياة له أنا لا أريده من الأساس"
اقتربت منها مَي تضمها إليها بقوة ودموعها هي الأخرى تجري على خديها ألما عليها مما شعرت من انكسار..حاولت تهدئتها بكلمات لم تقنعها هي شخصيا لكن حاولت فقط أن تهدئ من روعها:
"اهدئي مريم حبيبتي لا تقولي ذلك ألم تري خوفه عليك ألم تسمعي يا حمقاء تأكيده أمام الآخرين على زواجه منك وعلى أبوته لطفلك,أنت لم ترتكبين ذنب لم تعلمي كما قلتِ الصحيح من الخطأ"
وأضافت وكأنها غير قادرة على إيجاد كلمات تواسيها بها أكثر:
"فقط اهدئي هناك حل دائما يوجد مخرج"
ردت مريم عليها بعذاب:
"أنت لا تفهمين لقد شك بصدقي...شك بأبوته لإبني..رأيت ذلك على وجهه وفي نظرة الشك بعينيه..لقد أنكر في بادئ الأمر إيهاب شك بي أنا بعد كل ما بيننا هو يحفظني كما يدعي لم أتركه لحظة في عمري شك بي إستنكر الأمر أنا أثق به دائما ويخذلني يا مَي دائما يخذلني لقد تعبت من هذه الحياة"
وأضافت بألم:
"لقد خسرت يا مَي إنتهى كل شيء لن أثق به مرة أخرى"
ردت مَي بتردد:
"أنت تحتاجينه وطفلكً يحتاجه كما أنه ليس بهذا السوء إفهمي أولا حبيبتي لماذا فعل ذلك؟ أنا لم أرى منه غير إصراره على أن الطفل طفله وأنت زوجته إذاً كيف أنكر أو شك بك ؟؟"
نظرت لها مريم بحيرة,ماذا تخبرها ؟!هل تحدثها عن ممدوح؟ وشك إيهاب بها..هل تريد أن تلوث صورتها أكثر في عيني مَي؟ لن تستطيع لن تتحمل أي نظرات منها أخرى يكفي نظرات الشفقة التي تطل من عينيها .
أجابت مريم بصوتها الباكي:
"لا يهم يا مَي كيف أنا متأكدة مما اقًول ولا لن أحتاجه لن أحتاج أحد"
وأضافت بتساؤل وصوت خافت:
"مَي هل أستطيع ان أثق بكِ حقا وألزمك بوعدك لي"
ردت مَي بثقة:
"بالطبع حبيبتي لكي كل ما تريدي"
"إذا ساعديني فيما أريد أرجوك"
هذه المرة لم يكن الانكسار ما يطغى على صوتها بل الإصرار مع الرجاء الفاضح من نظراتها نحو مي.
**************
بعد بعض الوقت,دخل إيهاب إلى غرفتها كالعادة نظر لها أولا,ليجدها تجلس نفس جلستها اليومية شاردة وعلى ملامح وجهها تتوالى كل أنواع الألم لا يعلم هل تتذكر ما حدث أم فيما تفكر؟؟
إقترب منها ببعض التردد يريد الاطمئنان فقط عليها..مازال لا يستطيع النظر في عينيها بعد ما قالته له بعد كمية الألم الذي واجهته به..حاول ان يتحدث معها بكلمات قليلة يعلم جيدا أنها لن ترد عليها.
وقعت عينيه في عينيها عندما انتبهت لوجوده وإقترابه منها فتسمر في مكانه لحظات واجها بعضهما والنظرات بينهما ابلغ من أي كلام وعتاب..عتاب صامت منها ولوم قاتل له نظرات صريحة مع خيبة أمل واضحة.
قطعت هي النظرات أخيرا بينهم أزاحت وجهها بحدة بعيدا عنه لتستلقي على الفراش تولي وجهها جهة مَي,التي تنقل النظر بينهما بصمت تحاول استكشاف أي فعل منه هو.
قطع الصمت إيهاب أخيرا قائلا بصوت يبدو بارد في نبراته ولكن داخله يحترق ألما من أجلها وحاجة ملحة أن يذهب إليها ويكسر رأسها الغبي لعدم الثقة التي يراها في عينيها وبعدها يضمها بشدة إلى أحضانه يطمئنها ويطمئن نفسه بغد أفضل لهما.
خاطب مَي بتساؤل:
"كيف هي اليوم هل تناولت أي طعام؟؟"
ردت عليه مَي تحاول مداراة ما حدث من حديث بينهم,تتفهم حاجته وسؤاله اليومي,تراه يوميا أمام الغرفة مرابط لا يتركها أبدا ربما يذهب قليلا لتغيير ملابسه وبعدما يأتي لا يتركها وليلا يأتي جاسر لأخذها ويبقي هو معها.
"بخير كما ترى وقد تناولت اليوم الطعام بشكل جيد"
خاطب مَي قائلا:
"لقد أخبرني الطبيب باستقرار حالتها وهي جيدة الآن سوف يأمر بخروجها اليوم"
أجابته مَي قائلة:
"هذا جيد أنا أشعر أيضاً بتحسنها وأعتقد لا تحتاج للمشفى أكثر من هذا"
وأضافت بتساؤل:
"ولكن هل أستطيع أن أزورها يوميا؟؟"
رد إيهاب بتأكيد:
"بالطبع لن تحتاجين لتستأذني بيتي هو بيت جاسر في أي وقت,تريدين مرحب بك"
رن هاتف مَي معلنا عن اتصال خاطبت إيهاب بعد أن علمت من المتصل:
"انه جاسر هو ينتظرني بالأسفل كما أخبرني منذ قليل"
اقتربت من مريم التي تدعي أنها لا تسمع حوارهم تميل إليها وهي تهمس:
"أراكِ غدا حبيبتي ولا تقلقي وثقي بي"
رفعت مريم وجهها نظرت لها بامتنان,تهمس لها بصوت خافت جدا لا يكاد ان يسمع فقط تحرك شفتيها:
"شكرا مي أنا اعتمد عَلَيْكِ."
بعد خروج مَي توجه إيهاب إلى مكانه اليومي بجانبها ليجلس على هذا المقعد يواجهها وهي مستلقية في سريرها كالعادة,تدير وجهها إلى الطرف الأخر مبتعدة عن مجال رؤيته,ليحدثها بصوت حازم وكأنه قرر كل شيء:
"غدا صباحا سوف نخرج من هنا إلى المنزل أعلم أنكِ لن تردي عليّ مريم وأنا لا أعرف من منا يفترض أن يعاقب الأخر وبشدة لكن ليس وقته الآن لكن بالتأكيد لنا حساب طويل على كل ما حدث,أريد أن أخبرك سوف يستمر الوضع كما هو لفترة إلى أن أجد حل لهذا الوضع لا ذهاب إلى الجامعة إلى أن تتحسن حالتك,لا إنفعالات ولا أي جدال مع أحد".
إقترب منها يميل بجذعه عليها يقترب من إذنها ليهمس لها بحزم:
"ما في داخلك أمانة لديك وأنت مجبرة على المحافظة عليها في كل الحالات لا إعتذارات ولا أي شيء يا مريم,سوف تحافظين على حياتك وحياة طفلي مهما كلفك الأمر أتفهمين"
أغمضت عينيها بألم كل ما قاله لا يعنيها ولم تفهم إلا جملة واحدة،سوف يبقى الوضع على ما هو عليه الوضع السري المهين كما توقعت لن يتحرك ولكن ما حجته عند إنتفاخ بطنها وظهور الحمل.
حدثت نفسها بإنعدام ثقة أكثر به وكأنها لم تسمع أمره بالمحافظة على الطفل ربما يخطط للتخلص منه أو أن يدعي أنها كفريال أخطأت مع أي أحد ولما لا فهي فتاة الظلام!!
**************
صباح اليوم التالي
تم خروج مريم من المشفى وصلوا إلى المنزل.
دخلت بتردد وكأن ما حدث منذ أربع أيام يحدث الآن,تتوالى عليها كل الذكريات القريبة كأنه تحدث في التو واللحظة تألمت وشعرت بالرعب والذعر لا تريد هذا البيت لا تريد الدخول.
أمسك إيهاب يدها بحزم فنظرت لعينيه بذعر..خاطبها بحزم وقوة بعد أن شعر بتراجعها وبالكلمات التي يبدو انها خرجت منها بدون أن شعرت:
"بل سوف تدخلين وتنسي حدوث أي شيء من الأساس لن يصيبك شيء أبدا بعد ذلك ولن يقترب منك أحد:
ردف بصوت جدي لقد طلبت من الخادمة أن تجهز لك الغرفة الملاصقة بي ونقلت كل أشيائك بها سوف تتناسين يا مريم ولن تتفوهي بحرف لمخلوق عما حدث,أتفهمين"
هزت رأسها بنفي غير مستوعبة لكلماته..فأكد بصوته الحازم الجاد:
"بل نعم تفهمين وسوف تنفذين الأمر وتثقين بي لن يقترب منك أحد أي كانت صفته,هيا أدخلي أمامي بدون تردد لأريك غرفتك"
خرج صوتها لأول مرة منذ ما حدث مهزوز ضعيف:
"لا أريد أن أدخل..لا أريدهذا البيت أرجوك"
إستدار إليها ونظر لعينيها المهزوزة بعدم ثقتها بقوة وتأكيد:
"لم يحدث شيء لتخافي منه هكذا يا مريم..لن يقترب منك ولن يدخل هذا المنزل أبدا بل سيتلقى العقاب كما وعدتك"أضاف بألم:
"خذيها عليّ أنها صفعة إفاقة متأخرة لي أنا من أجل أن أعلم بما تخبئينه عني"
أضاف بحزم وفظاظة:
"هيا الآن أمامي فوقت الحساب لم يأتي بعد لكلينا وكما أخبرتك مثلما كنتِ تحفظين سرك عن الجميع سابقا ببراعة سوف تستمرين في هذا الدور فأنت تتقنينه جيدا"
تهربت من عينيه مطرقة رأسها وتفكيرها يخبرها بيقين عن صواب قراراتها السرية,سوف تستمر وأيضا هو يحاسبها وينكر أي صلة له بكل ما يحدث.
تحركت بهدوء إلى داخل المنزل بدون أي كلمة أخرى.
أتاها صوته يأمرها بالانتظار:
"انتظري قليلا سوف أوصلك بنفسي إلى غرفتك"
أضاف ببعض التردد:
"هل أنت واثقة أنك تستطيعين الصعود أم أحملك إلى أعلى"
نظرت له بإبتسامة ميتة بها بعض السخرية,وهي تجيبه:
"أعرف طريقي جيدا إيهاب وأحفظ كل محيط غرفتك هل نسيت أني أجيد التسلل منها واليها بدون أن يكتشفني أحد ولا تقلق وفر 'هتمامك هذا لأحد يستحق..أستطيع الصعود وحدي"
أعطته ظهرها متوجة لغرفتها الجديدة بصمت.
وقف عاجز عن أي كلمة يستطيع أن يطمئنها بها..أن يخبرها انه وضع مؤقت وسوف ينتهي ويعلن للعالم أجمع بصلتها الحقيقة به كيف يعدها بشيء لم يستطع إلى الآن التأكد بأنه سوف يستطيع ان يحققه؟؟ كيف يستطيع ان يأخذها بين ذراعيه وهو مذبوح بما علمه منها بعدم ثقتها به كأن كل ما بينهم من وعود له بالتذكر والصبر حتى يستطيع المجاهرة بما يربطهم كان سراب لقد نسيت كل شيء وعدته به هناك في رحلتهم عند إتمام زواجه منها .
************
بعد يومين آخرين،,
عادت والدته وإسراء من رحلتهم ولكنه غير متفرغ لتصرفاتهم الغريبة وسؤالهم الملح بما يحدث مع مريم ولما هي في غرفة أخرى لا تغادرها مطلقا ولا تسمح إطلاقا لأحد بالدخول إليها فقط الخادمة تذهب إليها بالطعام في وقته لتعود به كما هو أو ينقصه لقيمات قليلة للغاية ولكن هو يذهب لها عند عودته من عمله يجبرها على أن تأكل أمامه وتتناول أدويتها بصمت مطبق تتقبل منه كل شيء مجبرة ولا تبادله أي كلمة بعد انتهائها من الطعام والدواء تفرد جسدها وتلتف بالأغطية وتوليه ظهرها بصمت وكأنها تعلن عن عدم احتمالها لوجوده في محيطها ولكن بعد خروجه من غرفتها يسمع بكائها الخافت المكتوم كم يتمنى أن يقتحم حصنها هذا,يضمها بين ذراعيه يشعرها باحتياجه إليها ويطمئنها كما عادتهم سابقا ولكنه يهرب هو الأخر لغرفته يقاوم شعوره هذا يؤكد لنفسه لن يعطيها أي وعود أخرى حتى يتأكد من نجاحه في مسعاه.
قطع تفكيره وسارع إلى الاتصال بجاسر الذي يساعده فيما يريد:
"مرحبا جاسر هل لديك أي خبر جيد؟؟"
أتاه صوت جاسر بانتصار فيما حقق:
"نعم كنت سأتصل بك الآن لقد تحدثت مع الرجل وأخبرني أن أذهب معك إلى منزله اليوم اذا أحببت الحديث في منزله أفضل من أي مكان أخر أنا أقنعته بهذا نظرا لحساسية الموضوع مع تحفظه الشديد على مقابلتك بعد ما حدث منك هناك"
وقال إيهاب بصوت عملي:
"إذاً أخبره أني أريد مقابلته اليوم جاسر أما تحفظه على جفائي معه هناك فأنا أخبرتك عن أسبابي وقتها الرجل كان طلبه غريب جاسر وغير واثق مما يريد لكن الوضع الآن إختلف ويجب ان يستمع اليّ ونتعاون سويا لاحل أخر أمامي لإنقاذ زوجتي وطفلي من وضع مشبوه أمام المجتمع"
"حسنا إيهاب سوف أخبره ولنا حديث مطول خاص بيني وبينك بعد ان ينتهي هذا الوضع"
رد إيهاب بحزم:
"فقط دعنا ننتهي جاسر وسوف أستمع لك ولجنونك ولومك كما تحب"
ردف بصوت جدي:
"لو وُفقنا جاسر في مقابلته يجب أن أذهب بنفسي إلى أمريكا لآتي بكل الإثباتات اللازمة لإنهاء هذا الوضع وسوف تبدأ حربي مع فريال وعمي ولا أعلم على ماذا تنتهي او متي تنتهي وكم ستأخذ من الوقت ؟"
"أخبرك بهذا لأني لن أستطيع ان أخذ مريم معي أنا سأتركها في عهدتك وأطلب منك أن تستمر مَي في زيارتها ولا تتركها"
رد جاسر بتأكيد:
"لا تقلقك أخبرتك بأني بجانبك كما أن مي تستطيع القول أنها تبنت مريم عمليا لا حديث لها إلا مريم وإحساسها بالمسؤولية تجاهها"
"حسنا أشكرك حدد الموعد اليوم,أريد أن أرتاح وأعلم ما خطوتي التالية"
"حسنا سوف أتحدث معه الآن لتحديد الموعد وأمر عليك لنذهب سويا"
دخلت إسراء الغرفة بحدة على إلهام وجهها يعتليه كل علامات الغضب وهي تخاطبها بصوت غاضب خافت,حتى لا يسمعهم أحد,وجهت إتهام مباشر ولكن في داخلها تعلم علم اليقين أنها الحقيقة.
قالت لإلهام مباشرة:
"كنت تعلمين بخطة ممدوح الأصلية..كنت تعلمين انه سيقوم بالتعدي عليها"
ردت إلهام ببرود:
"عن ماذا تتحدثين بالضبط إسراء؟؟ تعدي على من؟؟ لا أفهم ؟؟"
"لا تدعي الجهل يا زوجة عمي,تعلمين عمن أتحدث فنحن شركاء في الجريمة"
ردت إلهام بنفس النبرة الباردة وهي لم تتحرك من جلستها حتى قالت لها:
"من الجيد أنك تتذكرين أننا جميعا إشتركنا في الخطة..الآن لما كل هذا الغضب؟"
وأضافت بسخرية:
"أرجوك لا تقولي أنه أصبح لديك ضمير وإستيقظ أو حتى شعرتين بالشفقة عليها"
نفت إسراء بصوتها الغاضب:
"لا يا إلهام هانم إتفقأنا على الخلاص منها بترهيبها تهديدها أو حتى ضربها ولكن كان شرطي ألا يعتدي عليها..أعلم أخي وجنونه ولذلك أكدت عليكم ألا يعتدي..كيف علمتي بهذا ولم تخبريني ؟! كانت نظرات التشفي لديك يا إلهي أي إمرأة أنت وأنا التي كنت أعتقد في نفسي الشر الخالص"
ردت إلهام بشراسة وتهديد:
"إياك وإدعاء البراءة لتكسبي نقطة عليّ..كنت تعلمين وقلتِ أتركيه يفعلها على طريقته"
لتصرخ بها إسراء قائلة:
"لقد أخبرتموني وأكدتم لي انه سيرعبها و يهددها فقط لقد وعدتموني أن لا إعتداء عليها,يا إلهي كيف استطعتم أن تفعلوا هذا؟"
نهرتها إلهام بتعجرف:
"إخرسي الآن وإخفضي صوتك هل تتعمدين أن يسمع الجميع أم ماذا ؟؟ وأيضا نحن لم نتأكد بعد مما حدث يا غبية أخوكِ لم يظهر حتى"
"أنا تأكدت يا إلهام هانم إنظري لمريم وأنت تعلمين مدى انهيارها وعدم مغادرتها الغرفة وصوتها الباكي المستمر والذي نسمعه جميعا,لقد ضغطت على الخادمة لتخبرني لما تم تبديل الغرفة وأخبرتني عن أثر دماء وملابس ممزقة ووجدت الغرفة رأسا على عقب إذاً ماذا يعني هذا غير شيء واحد؟ وإبنك المتكتم لم ينتبه حتى إلينا غاضب طوال الوقت ويبدو كأنه يخطط لشيء..انه لم يستطع النظر لوجهينا أخبريني ما معني كل هذا ؟؟"
وأضافت بصوت مذهول به بعض الضمير:
"يا إلهي كيف استطعت أن أشارككم بهذا؟! أنا أكرهها وأكره أمها وأتمنى أن تختفي من العالم أجمع لكن هذا إغتصاب لماذا ؟؟"
وأضافت بتردد:
"أنا لا أرى الآن غير وجه طفلتي في وجهها المكدوم لا أسمع نحيبها هي بل أضع طفلتي مكانها كيف استطعتم ؟!كيف؟"
وجهت الكلام مرة أخرى لإلهام بغضب وتهديد:
"لن أسكت يا إلهام إن ثبت الأمر سأخبر إيهاب ويحدث ما يحدث حتى إن قتلني لا أهتم ولكن لن يلحقني ذنبها"
غادرت الغرفة بعاصفة كما دخلتها غير عابئة بصوت إلهام الصارخ المهدد والمتوعد لها متوجهة مباشرة للأسفل.
لفت انتباهها الصوت الباكي الخافت فهدأت عاصفة غضبها قليلا وشعرت بالندم,ضميرها يعذبها ليس لشيء ولا لأنها مريم التي تمقتها ولكن تسمع في صوتها ونحيبها المستمر صوت فتاة مكسورة ومجبورة..شعور مقيت لا ترى إلا وجه إحدى طفلتيها كيف استطاعت أن تشترك معهم وتثق بهم كيف لقد اعتقدت ان ممدوح سيقوم بإستخدام اُسلوب الترهيب والرعب كالعادة لم تتخيل انه يستطيع حقا أن يتمادى إلى النهاية رغم كل شيء مريم تحمل إسم والدهم أي رسميا مريم مثلها تمام"
تقدمت تفتح الباب بتردد قد تستطيع أن تفهم منها أي شيء وربما لم يصل للنهاية ولكن كسرتها هكذا وعدم سفر إيهاب وغضبه الدائم ولم يلتفت حتى إليهم لا يعني غير شيء واحد ممدوح أتم الأمر بخسة.
دخلت الي الغرفة بخطوات مترددة تنظر للمتكورة حول نفسها هناك..اقتربت بتردد تجلس بجانبها حدثتها بصوت خافت تحاول أن تلفت نظرها لوجودها:
"مريم هل يمكنني الحديث معك قليلا؟"
وأضافت بتردد:
"لماذا تبكين يمكنك الوثوق بي هل تذكرين منذ شهر قد وعدتك بالمحاولة ان نكون أصدقاء"
ردت مريم عليها بدون ان تلتفت اليها تحاول كبت دموعها وتغير نبرات صوتها الباكي لكنها فشلت تماما خرج صوتها مهزوز بتساؤل:
"ماذا تريدين إسراء لا طاقة لي بالحديث مع أحد وأنا لا أبكي ولا أثق بأحدِ منكم..أتركيني وأخرجي إسراء لا تحاولي إدعاء الاهتمام أو حتى أنك تتقبليني فأنا أعرف جيدا كره الجميع لي"
ردت إسراء بمحاولة واهية وإدعاء عكس ما تقوله مريم تنفي هذا الكلام:
"لا تقولي ذلك مريم أي عائلة بها المشاكل والمنازعات ربما وضعنا هو ما حتم علينا ان نكون في صراع دائما ولكن في النهاية أنت ليس لك عائلة إلا نحن,حاولي فقط أن تثقي بي ماذا حدث معك ؟"
ردت مريم بصوت ساخر ينبض بالألم:
"أرجوكِ لا تدعي الاهتمام هل هذه حيلة جديدة لتظهري بمظهر جيد لإيهاب. أحب ان أنصحك غيريها لأني لن أتقبلها ولا هو سوف يصدقها"
ردت إسراء وقد تغلب عليها طبعها وكرهها لها وقد بدأ يضمحل شعور الشفقة عليها:
"أنت مستفزة وربما تستحقين أي ما كان حدث لك نهضت عازمة على مغادرة الغرفة"
أوقفها صوت مريم بعد أن إلتفتت عنها:
"إسراء أريد أن أخبرك شيء ربما لا أستطيع إخبارك إياه مرة أخرى"
وقفت إسراء عاقدة ذراعيها على صدرها وقد عادت لعجرفتها ومقتها لها بدأ في الظهور شعرت بصراع داخلها ما بين رفض ما حدث لها وبين كرهها
تحدثت مريم بصوت هادئ قائلة:
"أتذكرين إسراء عندما كنت ألف ورائك وأنا صغيرة أحاول تقليدك أو أتسلل إلى لقاءاتك أنت وصديقاتك أراقبك باهتمام وأفعل ما تفعلين"
وأضافت ببعض الألم من ذكرياتها:
"وأنت كنت تقومين بتعنيفي وأحيانا ضربي وتشتكين أفعالي لفريال بأني أضايقك وأخرب أشيائك أنا لم أكن أحاول ذلك أبدا أنا كنت فقط أحاول جذب اهتمامك ربما تهتمين بي مثل إيهاب كنت أريد أن أحصل على أخت كبرى مثل صديقاتي تصاحبني تهتم بي تعلمني أشياء الفتيات تصبح صديقة لي كنت أريدك ان تعتبريني أختك لم أكن أفهم حقا أني لست منكم كنت أحاول جذب إهتمامك لا أكثر لم أقصد مضايقتك يوما"
خفت صوتها بالألم:
"لكنكِ كنتِ تعلمين الحقيقة أنا لا أرقى لأن أكون أختا لك فحقيقتي الكارثية تمنع ذلك صحيح"
فكت إسراء ذراعيها شعرت ببعض الألم مما تقول لأول مرة ترى مريم إنسانة أمامها كيان مستقل وليست إبنة فريال السارقة..حاولت أن ترد عليها ولكن لا تجد ما تقول ماذا تخبرها أنها كانت ومازالت تتمني اختفائها من العالم .
رفعت مريم عينيها تتأملها للحظات ثم أضافت وهي على شرودها في ذكرياتها والألم يعصر قلبها مما تقول:
"أتعلمين مازلت أتذكر فستان زفافك..أتذكر رقصك مع إيهاب..أتذكر الزفاف الضخم الذي أقامه من أجلك..أتذكر كل حفلة أو مكان نذهب اليه ليقدمكً للعالم بفخر إسراء زوجتي"
وأضافت بإبتسامه الألم:
"أنا أتذكر كل ذلك هل تتخيلين الذكريات كلها تتدفق إلى ذاكرتي ولا استطيع حتى أن أوقفها"
وأضافت بصوت مذبوح مطعون:
"كم أتمنى إسراء أن يحبني ويحترمني ولو جزء ضئيل للغاية مثلك"
لتعقد إسراء حاجبيها بشك,لا تفهم معاني كلامها ولا نبرة الألم والانكسار في صوتها حاولت ان تجاريها ربما تفهم شيء:
"ماذا تقصدين مريم وهل استطاع أحد أن يصل لمكانتك أنت لدى إيهاب أنا من كنت أتمني أن يهتم بي مثل ما إهتم بك"
هزت مريم رأسها بألم ساخر تتهرب من عيني إسراء:
"أنت لا تفهمين إسراء ولن تفهمي ما أقصد أبدا الفرق كبير جدا إيهاب كان يحبك ويحترمك أما أنا مجرد عطف على طفلة منبوذة"
ردت إسراء باستفهام:
"ما المقصود بكلامك..وضحي مريم"
نظرت لها مريم طويلا تستكشفها وتعقد المقارنة في عقلها تؤكد لنفسها كيف كانت عمياء الفرق كان واضح لقد أحب إسراء إبنة عمه كان فخور بزواجه منها لم يحاول يوما ان يخفي علاقته بها بل كان كل شيء في النور كل شيء جهر به أمام الجميع.
فردت جسدها مرة أخرى على الفراش تتكور تحت الغطاء وهي تقول بتعب:
"أخرجي إسراء..تعلمين جيدا أن لا إجابة ولن نصبح يوما صديقتين كما تحاولين التصنع كلأنا يعلم حقيقة مشاعرك تجاهي والتي لن تتغير يوما فأنت تمقتين إبنة فريال هذه هي الحقيقة الوحيدة التي توصل إليها عقلي أخيرا"
نظرت لها إسراء نظرة أخيرة ربما هي محقة مهما صحي ضميرها وشعرت بالشفقة ورفضت ما حدث معها سوف تظل تمقتها ولن تحبها يوما ولكن ما علاقة إيهاب وعقد المقارنة الآن بعلاقة كل واحدة منهن به,إذا كان ممدوح فعل ما هي متأكدة منه بشبه يقين ما دخل إيهاب في الأمر ألا يجب ان تحدثها عن مقت ممدوح أو أي شيء له علاقة به..إنها لم تأت حتى على ذكراسمه.
هزت رأسها بحيرة:
"لغزك بدأ يكبر يا مريم ويجب أن أعلم به
قراءة سعيدة

Nor BLack 11-10-19 04:31 AM

الفصل العاشر -

خرجت إسراء من غرفة مريم بمشاعر محيرة لها..تتضارب أفكارها بتعثرأكثر..تتساءل في سرها,ما الذي حدث حقا معها؟؟,انكسارها يوحي بوضوح غير مستساغ عما حدث لها,ولكن إسشعرتت أن هناك لغزا أقوى وأكبر تسبب في عقدة من نوع أخر..فهي لم تقم أبدا من قبل بالإفصاح مقارنة ومصارحة بما كانت تشعر به وهي صغيرة,والآن وفِي هذا الوقت. لماذا؟؟ما معنى كلامها أنها تتذكر كل شيء يخص علاقتها وزواجها من إيهاب ؟؟,ولما نظرات الحسرة التي تملأ عينيها ونبرات الندم في صوتها..عقدت حاجبيها بقنوط,تتذكر ما شكت به سابقا أن كلا من مريم وإيهاب على علاقة,ولكن هذا مستحيل ربما...ربما لا تستطيع إلا أن تسمح لخيالها أن يتجرأ على الجزم ببعض قبلات لا أكثر..هذا ما توصلت له بخيالاتها,فشخص كإيهاب لا يمكن أن ينجر لشيء أخر..لا تستطيع أن تصدق ذلك,لذا كان هذا ما توصلت اليه كما أنه قد لا يكون هناك أي قبلات من الأساس وعقلها النشط هو من صور لها ذلك. هزت رأسها بنفي مؤكدة لنفسها من المستحيل ان يكون هناك أي علاقة بينهم هذا غير وارد بالمرة.

إنتبهت لصوت رنين هاتفها,تنهدت بتعب,بعد أن علمت هوية المتصل تسأل نفسها"
*لماذا ظهرت الآن مراد ما الذي تريده مني؟؟,أكان ينقصني حيرة وقلق لقد تجنبت الرد على اتصالاتك الملحة منذ يومين ورسائلك الغاضبة التي شعرت فيها بالتهديد.*
حدثت نفسها بصوت خافت,سوف ترد عليه وتعرف ما يريد منها وربما هذه المرة تستطيع ان تجعله يقتنع أخيرا بالابتعاد عنها.
ردت بصوت هادئ,تحاول جاهدة ألا تنفلت منها أي نبرات للغضب الذي يعتمل بداخلها,فهي الى الآن عند سماع صوته لا تتذكر إلا مظهره في أخر مرة رأته فيهاردت قائلة مباشرة:
"ماذا تريد مراد ؟؟"
أتاها صوته هادئ قاطع:
"أخبرتك إسراء سابقا...أريدك"
ردت عليه بصوت بارد:
"وأنا أخبرتك أيضاً مراد نجوم السماء أقرب لك مني"
فأتاها صوته قائلا بصوت هادئ لكن جملته تشي بقوته وشعرت التهديد في نبراته:
"وهل إعتقدتِ أني سوف أستمع لكلامك وأستسلم...ما بك إسراء؟؟ يبدو أنك لم تعرفيني جيدا طوال الفترة الماضية,لذا إسمعيني جيدا وكما أخبرتك من قبل مهلتك التي أعطيتها لك بكرم مني إنتهت والآن حان وقت أن تتعقلي وأن تعودي لصوابك..وبيتك"
أكمل بصوت آمر:
"يجب أن نتحدث وجها لوجه,واجهيني ولا تتهربي بجبن"
ردت بصوت مكبوت وغضب لتضغط على حروفها بتأكيد:
"ما بيننا إنتهى مراد..عن أي فرص تتحدث,لا حديث بيني وبينك أنت صفحة طُويت من حياتي وإنتهت لم يعد لك أي مكان بها وأنا أرفض أي حديث بيننا عن هذا الموضوع"
رد الأخر بصوت مهدد وصريح:
"إسمعيني جيدا أنا خارج منزلك الحصين الآن أنتظر خروجك بكل أدب كأي زوجة مطيعة وإلا سوف أقتحمه لأجذبك خارجه جذبا ولن أهتم بأي إعتبارات أخرى,أقسم إسراء أني سأفعلها تعلمين جيدا أن لا شيء سيمنعني"
ردت بإستفسار صادم لها:
"عن أي منزل تتحدث وكيف أنت بالخارج؟ هل أنت في البلاد؟"
"هل الغباء تملكك إسراء أخرجي حالا أمامك خمس دقائق لا غير وسوف أقتحم المنزل مثير فضحية ولن أهتم بأحد"
ردت بغضب بعد تداركها معاني كلامه وتهديده لها:
"لن تستطيع مراد إيهاب سيقف لك ان فعلتهاو أنت تعلم ذلك"
صرخ فيها بغضب عند ذكرها تحصنها بإيهاب الجدارالذي كان ومازال بينهم..تشبتها بماضيها وسبب انهيار حياتهم:
"جربيني إسراء لا إيهاب ولا غيره سيمنعني من أخذ زوجتي أنا الى الآن أحترم صورتك أمام أهلك لكن أقسم كلمة أخرى منك بتحصينك بزوجك السابق وسأفعل ما سوف تندمين عليه بقية حياتك...أخرجي حالا"
أغلق الخط وتركها ترتجف من نبرات صوته,تعرفه حق المعرفة بجبروته,ما قاله لا يتراجع عنه كيف كانت غبية وصدقت عشقه الكاذب بها.
أخذت قرارها بعدم تفكير,غادرت المنزل فما يهمها الآن ألا يعرف أحد بظهور مراد في حياتها مره أخرى لا أحد متفرغ لها ليسمع مخاوفها ومشاكلها مع زواجها المجنون..تعلم ذلك جيدا لتدرك استحالة تهربها منه,فالحل هو المواجهة معه.
ستعرف ما يريده منهاوتجعله يخرج من حياتها وهذه المرة الى الأبد,لتصل الى باب المنزل فتجده في الجهة الأخرى يقف بملامح غاضبة الى جانب سيارته.
توقفت للحظات تتأمله,كم مر عليها منذ أخر مرة رأته فيها,ربما عام..لا تذكر. تتفحصه بتأمل غير قادرة على تذكره الا بصدره العاري وملامحه الباردةعندما فتح لها باب شقته والحقيرة عارية تقف ورائه تنظر لها بنصر وتحدي لم قال كلمة واحده وقتها ولم تتغير ملامحه ولم يتحرك قيد أنملة حتى مع صراخها وضربها له,كأنه غير معني بخيانته لها..ولم يكن طرفا فيها.
تركته بعدها وفرت هاربة الى منزلها لتحمل طفلتيها وتعود الى منزل أبيها تجر ذيول الخيبة ورائها,طلبت منه الطلاق رسميا,لم يكلف نفسه حتى ليأتي لقد تكفل محاميه بكل شيءلإتمام الإجراءات وكأنها لا تستحق حتى إعتذارا منه او ان يقوم بالأمر بنفسه لتحمل أطفالها بعدها هاربةمن شماتة فريال بها وبرود أبيها معها,لتأتي الى هنا لعلها تنسى وتعيد ثقة انهارت من الجميع بها وإيجاد حياة أفضل لها ولطفلتيها.
تحركت بعدها بهدوء إلى جهته لم ترى حتى أن ملامحه تغيرت او تحرك من وقفته فقط أومأ لها بدون صوت وكأنه يأمرها أن تتبعه ليفتح لها باب السيارة,لتصعد هي الأخرى بدون أي كلمة إلتف بعدها بهدوء وإحتل مقعده وإنطلق بها .
***************
في إحدى المنازل الكبيرة,التي تحتل مساحات شاسعة,يكفي النظر اليها لتعرف أصول من يسكنها.
جلس إيهاب وجاسر في حجرة مغلقة يواجهان رجل يبدو في الظاهر عليه ملامح الهيبة والوقار لكل من يراه. رجل له سمعته الجيدة وأصله العريق لا يوجد عليهما غبار ولكن للجالسين أمامه يعلمان حقاً ماضيه الذي حاول أن يصلحه ويخفيه,ولكن هناك أخطاء لا يمكن أن تمحى مهما مر عليها من الزمن وكأن القدر يحاول أن يذكرنا بفداحة جرائمنا والضحايا التي تعقب أنانياتنا وزلاتنا. أو ليس هو خير مثال ؟؟
قطع جاسر الصمت الذي حل بهم,منذ دخولهم الغرفة,كل من مرافقيه يتأمل الأخر وكأنه يحاول استكشاف بعضهما البعض وما يدور في عقل كل واحد منهما للأخر..حاول التحدث بهدوء حتى يحصلا على ثقة الرجل ويستطيع أن يتوصل إلى حل يرضي الجميع,فصديقه يبدو انه لن يبدأ في الحديث بنفسه,لا يعلم ما الذي يدور بخلده,ليتحدث مخاطب الرحل الذي أمامه:
"أشكرك على تلبية طلبنا سريعا واستقبالنا في منزلك"
أومأ الرجل له بصمت يحاول ثبر أغوار من أمامه من طبيعة تلك المقابلة الملحة منهم وماذا يريدون؟؟,فبعد مقابلته لآخر في أمريكا وما حدث في تلك المقابلة ظن أنه إنقطعت به كل السبل للوصول معهم الى حل فيما إكتشفه ولم يعلم بِه طول تلك الفترة ولم يحسب أي حساب لوجوده ولكن داخله كان يشعر ويعلم ان هناك شيء مجهول شيء ناقص كان قلقا من العواقب التي كان يعلم انها لن تنتهي الي هذا الحد لذلك عندما اكتشف الأمر لم يصدم تمام بما رأى.
قطع صمته بصوت هادئ مرحبا:
"مرحبا بكم في أي وقت،بيتي مفتوح للجميع وأنت بالأخص جاسر لك منزلة عندي"
رد إيهاب هذه المرة بهدوء يماثل هدوء الرجل:
"إذاً سوف أستغل هذه المكانة لتستمع لي وأرجو أن نصل لحل يرضي الجميع ويعيد الحق لأصحابه"
حاول الرجل التهرب منه وهو يفهم معنى إشارته تلك جيدا من أجل الجالس بينهم لا يريد أن تهتز صورته أمام أحد:
"بالطبع إيهاب ولقد إتيت لك بنفسي لعلنا نصل لحل مرضي ولكنك قابلت يدي الممدودة ومطالبتي بحقي برفض قاطع وتهديد صريح"
رد عليه إيهاب يواجهه بما شعر منه قائلا:
"ربما لأني إسشعرت عدم تحديدك لما تريد حقاً..لقد أتيت تطالب بسرية تريد إقرارا بما إكتشفت ولكن لم تكن متأكدا مما تريد"
أضاف:
"سيد ياسر لا داعي لكلامنا المبهم جاسر صديقي وأخي الذي أثق به وأعلم أيضاً صلتك به لذلك إخترته هو من بين الجميع ليعلم الحقيقة كاملة"
طرق ياسر برأسه مفكرا فيما قال للحظات لطريقته نظر بقوة وإستكشافه لمن أمامه وجه سؤال مباشر أو ربما إقرار:
"إذاً جاسر يعلم..أخبرته بشيء ليس من حقك أن تبوح به لأحد"
إلتفت لجاسر كنوع من الاعتذار وهو يردف:
"لم أقصد إهانة لك بالطبع بني أنا أثق بك ولكن.."
عاد لإيهاب الذي بدأت تظهر عليه علامة التحفز:
"ليس من حقه إخبار أحد بأشياء خاصة وحساسة وأيضا بعد أن رفضه بشكل قاطع الإعتراف بها لي أو تأكيدها من نفيها بل تجرأ على تهديدي وأنا في مكتبه الخاص ولم يراعي أي أصول في التعامل بيننا"
رد عليه إيهاب بصوت صريح يعبر به عما شعر به ويضعه أمامه بنفسه:
"ربما سيد ياسر لأني لم اشعر بحزمك وقوتك,او حتى تحديد ما تريد لقد أتيت لتفسير وسؤال ولم تطالب بحقوق وبعدها تخبرني بدون أن أجيبك بالحقيقة أنك لن تستطيع المجاهرة من أجل المحافظة على مظهرك ومركزك أمام المجتمع وأيضا من أجل إستقرارك الأسري فماذا كنت تريد مني تحديدا أن أرحب بالفكرة وأخبرك لا تقلقك أفعل ما تريد كلنا طوعا لرغباتك"
رد عليه ياسر بصوت حازم يحاول أن يشير له فيه على ما فعله هناك من مقابلة جافة وأيضا يلفت إنتباهه بضرورة أن يسيطر على نفسه في الحديث معه:
"لن أرد عليك بما يليق بلهجتك الساخرة تلك إيهاب أنا أحترم أنك في منزلي ولن أفعل مثل ما فعلته معي هناك ,أخبرتك ظروفي وقتها ولكن ضع نفسك مكاني وتخيل للحظات..أنك تجلس في مكان ترى فيه كل المعارف والأصدقاء بعيدا عن الوطن.."
أضاف بصوت يسترجع الذكرى وكأنها أمامه:
"لتفاجئ بنسخة مصغرة من إبنتك الكبرى أو نظرت لعينين لتجد عينيك أنت..روحك في قسمات وجهها...لتحول عينيك لمن يرافقها و تحاول ان تنفي ما ترى,تكتشف أنه مجرد شبه او صدفه..أو حتى مجرد خدعة..وأردت حدوثها..وان قلبك وأبوتك التي تحركت ربما هي مجرد اشتياق للوطن او اشتياق لإبنتك أيقظته فيك من تشبهها"..
أضاف ببعض الندم والكره يقطر من نبرات صوته:
"فجد أخطاء عمرك الذي لم تستطع محو أثاره يوما يرافقها ليزيد شكي بما أرى وبعد محاولة فاشلة أستطيع جذب إهتمام تلك الطفلة محاولا أن أستشف أي شيء منها لقطع شكي باليقين هل تلك ابنتي أم لا ؟؟ّ,ولكن ما تأكدت منه بدون أي اثبات بعد الحديث معها ان التي أمامي قطعة مني إبنتي والتي لم أعرف عنها يوما شيء وبالطبع هلع فريال بعد أن رأتني مع مريم هو ما أكد لي"
أضاف بصوت قاطع ما أخبره سابقا لإيهاب في مكتبه:
"مريم إبنتي إيهاب صحيح أخبرتك يومها حدسي تأكد وبحسبة بسيطة لعمرها ومولدها لا يمكن أن يكون هناك أي احتمال أخر ولكنك استكثرت علي أن أتأكد من الأمر وأصررت على نفيه"
رد إيهاب بغضب ضاغط على حروفه وهو يهب واقفا من مجلسه غير قادر بالسيطرة على مشاعره وهو يشعر بالألم من أجل مريم وحقها الذي ينكره الجميع,غاضب من هذا الرحل الذي يلقي الشعارات ومشاعر الابوة التي تحركت ولكنه لم يفعل شيء..لم يحارب من أجلها إكتفى أن يلقي لهم خبر معرفته وأكتفي برده هو بالنفي والتهديد وابتعد..ابتعد بعد ان خرب كل شيء وجعل أفكار فريال الخطرة مثلها تخطط لرمي صغيرته في جحيم من أجل فقط ألا ينتصر ياسر الرواي عليها ولكن مريم لا يهم ما سيجري لها فالمهم تجبرها وكبريائها وعدم انتصار ياسر عليها,ليواجهه قائلا:
"لن أضع نفسي مكانك ياسر لأني لو وضعت نفسي مكانك ستكون الخاسر في المقارنة,بل أسألك أن تضع أنت نفسك مكان مريم وأخبرني حينها كيف ترى نفسك ان فكرت لمرة بما عانته تلك المسكينة من كليكما أم متجبرة لا تفكر بغير نفسها وأب غير واع بالمرة وحتى بعد معرفته لم يحرك بالأمر شيئا...لذا لا تطلب مني أن أضع نفسي مكانك بل سوف أخبرك ما هي خطواتي إن حدث وكنت سأجبر الجميع وأتحدى العالم لإثبات حقي في ابنتي كنت سأحاول الإقتراب منها ولو وضعوا أمامي آلاف الأبواب".
على صوته بغضب:
"لكن أنت ماذا فعلت بظهورك غير التسبب لها في ضرر أكبر مما هي تعيش فيه من الأساس إختفيت بعدها بدون أي إكتراث وخلفت ورائك زوابع لظهورك واكتفيت أن تأتي الي وتخبرني مريم ابنتي إيهاب ولكن لن أستطيع الاعتراف او هدم استقرار أسرتي والمخاطرة بها لكن أنا أريدها وأريد أن أخذها معي لتكون أمام عيني كيف تكون أمام عينيك وأنت لن تجاهر بوجودها كنت تريدني أن أسلمها لك بكل صدر رحب لتأتي بها الي هنا والله وحده أعلم بما كنت ستفعله بها ربما تضعها في مكان حقير الى إشعار أخر ترضي ضميرك أنك فعلت الصواب..ماذا يعني هذا بحق الله أخبرني أي عقل يقبل هذا أسلمها لك لإنسان لم تعرفه لمكان تجهله!! أخبرتك يومها ياسر مريم ليست إبنتك او إبنة فريال..مريم تخصني أنا وحدي وسوف أدفع عمري من أجلها"
وقف جاسر بجواره بعد أن شعر أن كل شيء سيخرج عن السيطرة وهذا ما لا يريدونه الآن بل يريدون بعض التعقل ليجدوا الحل المناسب..حاول أنا يهدئ من غضب صديقه مخاطب إياه:
"اهدأ إيهاب لم نأتي هنا لفرض حقوق او حتى عتاب"
توجه بالقول لياسر الذي بدى هو الأخر الغضب على ملامحه وقال له:
"سيد ياسر رجاء ما حدث هناك أي كان إنتهى"
أضاف بنوع من الحزم:
"كلاكما أخطئ على حد سواء في الطلب أو حتى الرد,والآن نحن أمام كارثة ويجب أن نناقشها بهدوء ونجد الحل الذي يرضي جميع الأطراف ولا ننسى أن نضع في الحسبان ان هناك ضحية تنتظر الخلاص من هذا الوضع ورد حقها"
حاول إيهاب ان يُهدئ نفسه مذكرا إياها أنه هنا لإثبات حق زوجته وإبنه..هو هنا من أجلهما و يجب أن يتحمل أكثر من ذلك ولا يسمح للرجل أن يثير حفيظته وغضبه,ولا يخرج عن شعوره مع هذ ا المستفز الذي يتحدث عن أبوة وشعارات ولم يتحرك لفعل شيء بل ظهر ليقلب حياتها وإختفى بدون حتى أن يعود مرة أخرى لمحاولة ولو واهية لإثبات حق إبنته كما يدعي.
أتاهم صوت ياسر بداعي واهي للهدوء والوقار مؤكد على حروفه ومستفسر عما يريدون:
"أوافق جاسر هذا ليس وقت عتاب او تبادل اتهامات إذاً ما الذي أتي بك إيهاب الآن وماذا تريد؟؟ في أخر مقابلة لنا أنت أوضحت موقفك من الأمر بشكل قاطع ورفضت حتى ان أحاول ان أراها مرة أخرى او أقترب منها وردا على اتهامك من أخبرك أني لم آت للبحث مجددا لقد أتيت بعد شهرين محاولا مقابلتك ورؤيتها مرة أخرى ولكن علمت بأنك أخذتها وعدت إلى هنا فإرتحت للأمر قليلا أنها تحت سماء واحدة معي الي ان أرتب بعض أموري وأعود للمطالبة بها..لم أكن لأتخلى عنها بعد ان علمت بوجودها"

رد إيهاب بعد ان هدأ قليلا وشعر من كلامه أن ربما هناك أمل فيما يسعي اليه هو:
"لا أريد إلا شيء واحد فقط منك وبعدها لن ترأنا أو حتى نطالبك بشيء غيره،فقط إثبات أبوتك لها في الأوراق الرسمية"
تفاجئ ياسر من الطلب والنبرات القاطعة مهما تصور طلبه لم يكن يتخيل أنه سيطالبه بذلك بعد رفضه هناك حتى على التأكيد أن مريم إبنته..أردف إيهاب مكمل حديثه بعد أن رأى ملامح ياسر المتفاجئة:
"وأنا سوف أتي لك بكل الإثباتات الازمة..أوراق مريم الأصلية التي تحمل إسمك ولو أردت أن تقوم بفحص (دي ان ايه) فأنا مستعد لمساعدتك في ذلك حتى يستريح قلبك من أي شك بشكل قاطع"
عم الصمت الغرفة لحظات أو ربما دقائق لا يعلم فقط كل منهم يدوي في مسامعه وعقله طلب إيهاب القاطع للذي أمامه ونبراته التي تحمل التصميم وكأن حياته تتوقف على تحقيق مطلبه,تحدث ياسر قاطعا للصمت المطبق بينهم يوجه سؤال واحد فقط:
"لماذا الآن إيهاب ظننت أني من سيسعى وأنت من سترفض باصرار؟!!"
رد إيهاب:
"لي أسبابي الخاصة ياسر"
رد ياسر:
"بالتأكيد...أنت تطلب مني أن أقلب حياتي وأعترف للعالم بوجود إبنة غير شرعية والمخاطرة بمركزي وإسمي ولا تريد مني أن أعلم سبب سعيك..هذا أقل حقوقي"
رد إيهاب بصوت مستنكر:
"حقوقك تبحث عن حقوقك وحقها هي المهدر بيننا ألا يعنيك الأمر شيء أنت الآن كنت تخبرني أنك كنت سوف تعود اليها إذاً ما المشكلة أنا أريد إسمك فقط لها لن نعلن الأمر او نطالبك بشيء ياسر بك"
رد ياسر بقوة:
"لماذا إيهاب من حقي أن أعلم..ماذا حدث لتغير رأيك؟ وهل وافقت فريال وعمك بهذه السهولة ليبعثوا بك تطالب الآن بهذا الحق ؟؟"
رد إيهاب بتأكيد:
"لا فريال ولا عمي يعلمان بالأمر ولن يوافقا يوما..هذا حقها هي وأنا الذي أطالب بِه"
ردف بنبرة قاطعة مؤكدة:
"ولن يقف أحد في طريقي وإن كنت تريد أن تعلم لماذا بإصرار هكذا وسبب سعيي ليرتاح تفكيرك وشكك..أريد أن أثبت حق زوجتي وتصحيح نسبها"
ردد ورآه مستنكر الأمر:
"زوجتك مريم !!زوجتك كيف ومتى؟؟"
"لا يهم كيف او متي ياسر أريد منك إجابة قاطعة نعم ام لا هل ستمنح ابنتك حقها"
رد ياسر بعد أن تملكه الغضب منه..يأمر وينهي ويهدد بشيء ليس له حتى حق المطالبة به,فهم جميعا من أخفوا حقيقة الأمر عنه من البداية أنكروا عليه ان يعلم حتى أن هناك جزء منه يحمل لقب وإسم رجل أخر وإن لم يرسم القدر خططه أن يرى إبنته صدفه ربما لم يكن ليعلم يوما وحتى بعد ان علم سارعوا بتزويجها وكأنهم يثبتون الأمر له أنه لا يعني وجوده شيء ولن يستطيع الاقتراب منها"
وقال بصوت فاقد السيطرة على انفعالاته:
"تريد إجابة قاطعة والآن تأتي لتآمر تُولد ابنتي وتحمل إسم غير إسمي وتُربى في بيت غير بيتي وفِي أحضان عائلة ليست عائلتها وعندما أعلم بوجودها ترفضون حتى أن تجعلوني أقترب منها والآن تأتي لتخبرني أنك تزوجتها وتأتي الآن لتآمر أنك تريد إسمي"
ردف بصوت مستنكر:
"كيف إستطعتم إنها مراهقة لا تكبر عن كونها طفلة بأعوام قليلة"
أتاه هذه المرة صوت جاسر الذي كان يلتزم الصمت يحاول أن يعطي الاثنان فرصة للتفاهم بدون تدخله:
"إهدأ قليلا سيد ياسر مهما قلنا الآن وإستنكرنا ما حدث قد حدث..لنحاول فقط الوصول لحل مرضي لكليكما ولا تنسيا ان هناك من تتوقف حياته على تفاهمكم هذا"
في نفس الوقت كان إيهاب يستمع لإتهامات ياسر ومحاولته قلب الطاولة عليه ليصبح كل الحق عليهم..خدعة قديمة للتهرب من سؤال خطير وتحديد موقف يجب أن يتحلى بالبرود حتى يستطيع أن يسيطر على الرجل,تحدث موجه الحديث لياسر:
"اسمعني سيدي...أياً كان غضبك فلديك الحق به:
أكمل وهو يشير لما أخبره به سابقا:
"كما أخبرتك عندما علمت بوجود ابنتك لم تحدد ماذا تريد وهي لم تعلم بك ولم يكن هناك أي حل وقتها غير رفض طلبك المتردد الغير واثق..لن أخبرك الآن ما حدث بظهورك لتزيد حياتها مصاعب غير المستقرة من الأساس..تستطيع القول أن زواجي منها كان إنقاذا لها او ربما لكلينا ولكن الآن مع الوضع القائم لا يوجد حل إلا أنت فمريم يجب أن تحصل على إسم لتستطيع أخذ حقوقها كاملة مني أيضاً ولإشهار زواجنا"
دمدم ياسر بخفوت:
"حقها منك واشهار زواج"
لتعلو نبرات صوته بإستفسار وهو يتفحصه ليحاول أن يفهمً كلامه ويكتشف إن كان كاذب أم قال الصدق:
"كيف بالضبط تحصل على حقوقها وعن أي إشهار تتحدث ألم تقل أنها زوجتك بالفعل"
وقال إيهاب بتأكيد:
"كما أخبرتك هي زوجتي بالفعل وليطمئن قلبك زواج شرعي على يد مأذون ولكن بسبب القوانين التي تعلمها جيد لم أستطع إثباته فهو الآن مجرد زواج شفهي بورقة غير مثبتة"
وجه له ياسر سؤال أخر يحاول أن يفهم أكثر ليعلم بالوضع كاملا:
"ولما لم تثبته هنا مثل كل المهاجرين الذين يفعلون ذلك"
حدث إيهاب نفسه حسنا سؤاله يعني أنه يهتم ربما يفكر سيحاول التحلي بأكبر قدر من الهدوء والدبلوماسية لمحاولة كسبه،فأجاب قائلا:
"لم أستطع للأسف عمي لم يمنح مريم جنسية البلاد ولم يثبتها هنا من الأساس ربما كان قلق من القوانين هنا أن يثبت طفل ليس بطفله ويمنحه إسمه إكتفي بمنحها إسمه هناك وبالطبع تحمل الجنسيي بحق المولد ولن يحاسبه أحدعلى شيء ان ثبت أن مريم ليست إبنة له فهذا يحدث طوال الوقت في أمريكا"
إستفهم ياسر منه أكثر:
"واذا وافقت على ما تريد كيف سنفعل ذلك هذا الأمر يحتاج رفع قضية وكسبها..طبعا لن أذكر لك ماذا ستفعل الصحافة بِنَا ان حدث هذا وخطورته على وضعي"
تجنب إيهاب حرص الرجل على سمعته هكذا مضحيا بإبنته يريدها فقط في الخفاء وكأن مكتوب لمريم أن تعيش في الظل دائما:
"لن نحتاج لهذا ياسر أنا أسعى للأمر منذ أشهر مضت معي شهادات ميلاد مريم الأصلية التي تحمل إسمك أنت وبحثت في الأمر جيدا مريم ستغير إسمها وكنيتها هناك بورقة تمنحها أنت الإذن بإستخدام إسمك ونستطيع بعدها ان نثبته هنا كأي إثبات لطفل ولد هناك وجاء والده لإثباته هنا..أي محامي جيد يستطيع أن يفعل الأمر بتكتم لن يعلم أحد بالأمر أما عمي فأنا كفيل به وفريال"
فكر ياسر للحظات في كل المعلومات التي قالها وبعدم اقتناع وتردد قال:
"كل ما تقوله جيد إيهاب ولكن هذا به مخاطرة كبيرة لسمعتي وإسمي"
خرج إيهاب عن شعوره ورد بصوت غاضب كل ما قاله وتهديده له لم يعنيه شيء مازال كل ما يهمه إسمه أنكر الأمر وهو سبب رئيسي فيما تعاني منه مريم هو من أوصلهم لذلك لا يفكر الآن إلا في إنكسارها يحرقه ألما عجزه لرؤية عينيها تتهمه وفقد ثقتها به بعدها عنه خسارته لها هما السبب في كل ذلك ربما لو وضعها كان طبيعي لإستطاع أن يعلن للعالم بدون أي تكتم وبدون سرية مهينة لها..وجه كلامه له وهو يصرخ:
"بعد كل ما أخبرتك به وتعود لقول سمعتي مما أنت مصنوع؟؟ أي قلب لديك!! تتغنى أنك شعرت بأنها إبنتك وتريدها ولكن لن تعطيها حقها..أخبرك أن إبنتك زوجة بلا حقوق يفترض أن تصرخ بي أن تنتفض بثورة علي وقفت في صفها وتسبت حقها ولكن كل ما يهمك إسمك الغالي"
رد ياسر هو أيضاً بصوت غاضب عال:
"هل تأتي الآن لتلومني وكأن الخطأ خطئي..أنتم من أخفيتم وجودها عني طوال عمرها ولولا تدخل القدر ما كنت علمت بوجودها من الأساس..تريد مني أن أخبر العالم فجأة أنه قد ظهرت لي إبنة من العدم لم أكن أعلم عنها شيء أن أخاطر بنفسي في قضية نسب في يوم وليلة هكذا"
قطع صراخهم المتبادل وسيل الاتهامات ومحاولة جاسر الفاشلة للسيطرة على الوضع فهو أيضا يريد أن ينقض على ياسر الرواي ويشبعه ضربا من بروده وعدم إكتراثه,فتح باب الغرفة بصوت مرتفع وضجيج متعمد,لفت انتباه الثلاثة الى السيدة التي ولجت الى الغرفة تتقدم نحو مجلسهم يسبقها صوتها الهادئ بنبرة رزينة يأمرهم بالهدوء..إمرأة في منتصف العمر يبدو عليها ملامح الوقار والطيبة.
خاطبت الجميع:
"آسفة لتدخلي ولكن أرجو الهدوء من الجميع صراخكم وصل الى أرجاء المنزل..لكنه لن يحل شيئا..أيا كان ما يحدث"
اقتربت أكثر بخطوات هادئة ولكن واثقة نحو إيهاب في محاولة منها لبادرة سلام تعرف عن نفسها:
"مرحبا بك بني أنا زوجة ياسر الرواي"
إبتسمت بمجاملة:
"تستطيع ان تناديني مني القاضي"
كتم إيهاب غضبه قليلا تفحص السيدة التي أمامه وجهها فقط يبعث على الاطمئنان فأجاب محاولا السيطرة على غضبه:
"مرحبا بك"
إلتفت ترحب بجاسر الذي يعرفها سابقا من بعض زيارات عائلية في المناسبات فقط لصلة العمل التي تربطه بياسر ولكن يعلم جيدا أنها سيده تتسم بالطيبة والرزانة مناصرة للحق فأجاب:
"مرحباً بك"
تحركت بعدها متوجهة لجانب زواجها تحدثت بهدوء مخاطبه الجميع:
"أسفه لتدخلي ولكن صوتكم كان عالِ قليلا"
رفعت عينيها بعدها تواجه زوجها الذي يبدو عليه بعض الإرتباك من الموقف,يبدو عليه انه لم يكن يريدها أن تعلم وتدخل لكن الأمر خرج من يده ومن نظرات عينيها علمت بما يدور,وأضافت بعدها بقوه وحزم لهم:
"الأمر الذي تتناقشون به ويبدو أنكم لم تصلوا لحل يرضي جميع الأطراف ومن حقي أن أعلم به وبقرار ياسر"
وجهت كلامها لإيهاب غير منتظرة الإجابة من زوجها. فهي تعلم بماذا قد يجيبها لقد خسر ثقتها به منذ زمن وحتى عندما اتى منذ أشهر يخبرها بوجود إبنة له انتظرت أي فعل منه ولكن لم يتحرك لم يفعل شيئا بالطبع كعادته المهم هو..وهو فقط بأنانية ذاتية وأي شيء أخر لا يهم,تعلم جيدا ما يوقفه عن المطالبة بإبنته سمعته وإسمه أمام المجتمع .
قالت بعدها موجهة بحديثها للمتحفز الغاضب وبمحاولة واهية ليتظاهر بالهدوء والسيطرةعلى غضبه:
"أنا أعلم سبب وجودك اليوم ولكن أريد أن أتحدث معك أولا في كل شيء يخص من تسعى لإثبات حقها وبعدها يقدم الله ما فيه الخير للجميع"
تسائل إيهاب بإستفسار لرغبته أن يفهم ما تسعي اليه:
"لما وماذا سيفرق معرفتك بها أنت تعلمين أنها صاحبة حق في كل الأحوال"
ردت عليه منى بصبر تحاول تفهم موقفه المتحفز:
"أنت تطالب بنسب بني يقلب عالما..تطلب أن أعترف بإبنة غريمتي كأخت لأولادي تأتي بعد عشرون عاما تطالب بحق لم نعلم عنه شيئا من قبل..أنت لك حق التصرف بإنفعال ونحن لنا حق التصرف بحذر أفلا تريد منا بعض الأسئلة البسيطة عنها وعن أسباب سعيك الآن"
أجابها إيهاب:
"لقد أخبرت ياسر بكل الأسباب والدوافع ولكنه يصر على الرفض"
نظرت منى إلى زوجها مرة أخرى لتجده يتفحصها يحاول استكشاف ردة فعلها وما تسعى اليه من تدخلها في هذا الأمر بكل هذا الهدوء ولكن يعرف جيدا أنها تتألم وكل الجراح فتحت بقوة مرة أخرى.
ردت مني على إيهاب بهدوئها الغريب وكأنها لا تتحدث عن اثبات نسب لإبنة غريمتها من كانت السبب في ذبح روحها والجرح الذي لم يغادرها أبدا الى هذه اللحظة:
"أنا أسألك الآن أريد أن اسمع منك كل شيء بني يخصها"
أردفت بصوت جاد:
"ربما أستطيع مساعدتك بعد تفهم أسبابك"
صمت إيهاب لبرهة يطرق بنظراته للأرض كأنه يدرس المرأة،فكلامها وإصرارها الغريب على معرفة كل شيء عنها.
أخذ قرارا وفِي عقله لا يفكر الا بصغيرته والعذاب الذي رأته,نظراتها القاتلة المذبوحة وهي تخبره بكل شيء حدث معها,عزوفها عنه انتظارها هناك بغير ثقة او شعور بالأمان لإثبات حقها وحق طفلهما.
رفع عيناه اليها بعزم قائلا:
"سوف أخبركم بكل شيء من مولدها الى هذه الساعة ربما السيد ياسر يشعر بما صنعت يداه والضحيةالتي تركها خلفه تعاني أنانية الجميع وتدفع وحدها ثمن أخطائهم"
قاطع جاسر حديثهم وهو يخبر إيهاب أنه سينتظره في الخارج لأن الأمر أصبح خاص بينهم ومن الأفضل عدم وجوده ليستطيع الثلاثة الحديث بحرية أكبر.
نظر له إيهاب بإمتنان لتفهمه الوضع..رد بعدها جاسر على الكلام الغير منطوق من إيهاب:
"بالطبع لا مشكلة سوف انتظر الى ان تنتهي"
إنسحب بعدها بهدوء الي الخارج تاركا إياهم خلفه..جلس إيهاب في مواجهتهم،راقب علامات الترقب من ياسر الذي ينقل النظرات بينه وبين المرأة الهادئة الواثقة,يجهل ما تفكره به زوجته وإلى ما تسعى وسبب إصرارها على معرفة كل ما يخص إبنته أكد لنفسه نعم إبنته ولكن لم لا يفهم أحد أنه غير قادر على المخاطرة..متردد فقط من خوضها..فقد تكون زلة ماضيه سبب في تشويه سمعته وصورته لدى الأخرين بوصمة قد لا تزول الى الأبد..سمع إيهاب يحاول بدء الحديث وهو يواجه زوجته,قائلا بصوت حازم مؤكد:
"ما سوف أخبرك به سيدة منى لتوسمي فيك خيرا وكما أخبرني جاسر حبك لرد الحق ولو كان على مصلحتك شخصيا,من أطالب بالحق لها عأنت من رفض الجميع والظلم والقهر منذ مولدها وكانت تصمت..."
أضاف وهو يتهم نفسه:
"وللأسف أنا أيضاً وقفت في صف العائلة بصمتي والمداراة عليهم وأنانيتي وتملكي لها..مريم منذ مولدها لم تعرف أحد غيري ولكن ما حدث الآن يجب أن يوقف الجميع عند حده وأن أقدم مصلحتها على الجميع"
ردت مني بصوت هادئ منصتة بإهتمام له:
"أقدر اهتمامك بني وثقتك بي وهنا أنا أسمعك وتفكيري كله في معاناه فتاة ليس لها ذنب في أخطائنا جميعا أنا لدي أربع فتيات أخاف عليهن وهنا أنا أحسب مريم أخت لهن فقط...أي ما يسيء اليها يسيء لبناتي..لذا أنا أسمعك أريد أن أعلم كل شيء"
بدأ إيهاب بعدها في سرد كل شيء يخصها ويخص تعامل الجميع معها....منذ البداية.
****************
منذ صعودها الى السيارة لم قال بحرف واحد,تركها تغرق في تساؤلاتها ماذا يريد منها؟؟ ولم عاد بعد أن تركها؟؟,عام بأكمله بدون حتى ولو سؤال واحد عنها إكتفى فقط أن يخبر والدها أنه يريد أن يرى أطفاله كما أخبرها ممدوح.
وجهت اليه السؤال مباشرة بصوت جاد:
"ماذا تريد مراد ها أنا قد أتيت ونفذت طلبك أعتقد ما بينا انتهى بخيانتك المتعددة لي"
صمتت منتظرة الرد راقبت انفعالاته,ولكن كل ما حصلت عليه الصمت التام والوجه البارد وكأنها لا توجد معه,وأضافت بصوت أكثر قوة:
"لا تدعي عدم سماعي مراد أنا لست نكرة هنا ولم أفرض عليك تواجدي بهذه اللحظة...أنت من أحضرتني وغصبت على مقابلتك لذا تكلم بحق الله وأجبني ما الذي تريد أن تصل اليه بظهورك بعد كل هذه المدة"
أجابها ببرود:
"أنت نكرة بالفعل إسراء وأنا عندما أريد الرد سوف أرد بنفسي لا بأمر منك"
أضاف بعدها بسخرية:
"وتلك جلالتك"
ردت بصوت غاضب صارخ:
"أنا لست نكرة بل أنت الخائن لقد دمرت حياتي والآن تعود لتزيدها تعاسة بوجودك بعد أن تخلصت من أي ذكرى لك من حياتي الى الأبد ورميت وراء ظهري كل كذبك وتفاهاتك,عدت لحياتي واستقراري ونسيت..أي لحظة كانت معك ندم عليها من قلبي"
هتف بها بصوت صارخ وخرج عن بروده وشدها من ذراعها:
"قلت إخرسي تماما..يا متبجحة ياقذرة"
هتفت به بشراسة:
"بل أنت الخائن القذر مراد إبتعد عني وعن طريقي ما الذي تريده مني لقد تركت كل شيء لك حتى حياتي هناك تركتها لأستطيع الفرار منك والبعد عن وجودك في نفس القارة لأبدأ من جديد حياة نظيفة لا تشاركني بها كل يوم إمرأة"
قام مراد بإيقاف السيارة على جانب الطريق وإلتفت لها يمسكها من كلا ذراعيها بقسوة ولكن بداخله نار مشتعلة يسيطر عليها بصعوبة يريد قتلها إخراج ذلك الكائن الأناني من داخلها يمزقه بيديه و محو أفكارها البشعة وماضيها الذي طلما تغنت به أمامه وأعلنت ندمها غير عابئة بطعن رجولته وحبه لها دائما كانت تتغني بإخلاص إيهاب وندمها على تركه..ثقتها بطليقها والتي لم تمنحها له هو يوما إتهامها الدائم له بالخيانة التي لم تحدث أبدا..لقد ترك كل العالم من أجلها خسرجميع أصدقائه في سبيل أن تكون له..اتهم بالخيانة من المجتمع تحمل نظرات الخيبة من والديه على زواجه من طليقة صديقه ولكن ماذا يفعل وقتها؟ لقد أحبها وحاول الابتعاد لينساها وأن يراها زوجة لصديق مراهقته وشبابه لكن قلبه الخائن هو من تعلق بها..هو من أعلن بضجيج عن دقاته لها وحدها غير عابئ بأي اعتبارات واتهامات بالخيانة لأنه أحبها وأراد فرصة معها لعلمه أن صديقه من المستحيل أن ينظر لها مرة أخرى بعد أن تخلت عنه ورغم ذلك هو تقبلها بكل عيوبها بكل نواقصها مبررا لنفسه أن إيهاب لم يفهمها وهو إستطاع في أشهر قليلة أن يكسب قلبها او هكذا ظن ؟؟
هدر بها وهو يهزها قائلا:
"تركت كل شيء إسراء خلفك صحيح لنسياني ولكن كان أملك وهدفك أن تعودي لطليقك متناسية الأحمق الذي يحمل لقب زوجك من الخائنة والقذرة هي من تحمل زوجتي تسعى لطليقها وتحتمي به"
ردت بشراسة غيرعابئة بالألم الذي شعرت به من جراء ضغطه على ساعديها:
"أنا لست بخائنة وأخبرتك أكثر من مرة لم أعد زوجتك لم أعد لك أم فقدت ذاكرتك"
علا صوتها بصراخ حاد:
"أنت طلقتني مراد لم تهتم حتى أن تواجهني بعثت لي بمحاميك ليتمم الإجراءات هكذا كجرثومة منبوذة,رحبت بنفيها بعيدا حالما سنحت لك الفرصة أخيرا...وتجرؤ على إتهامي بالخيانة بل أنت...أنت الخائن..خنتني مرارا..لم تهتم حتى بعد أن رأيتك بعيني وتأتي بعد عام تحاسبني لماذا هل إستيقظت رجولتك الآن وأنت تعلم أني تحت سقف بيت طليقي منذ شهور"
رد بحدة:
"بل مازلت زوجتي يا جاهلة قلتيها بنفسك لم أت ولم أخبرك بطلاقي لك..لأنه لم يحصل من الأساس..أنا لم أطلقك..هل كنت تظنين أني سأسمح لك بالفكاك مني بهذه البساطة لتعودي لزوجك السابق...واهمة أنت ولكن مع من أتحدث؟؟ أنت جاهلة لا تعلم أقل أمور دينها التي تنتمي له..عمياء تبكي على أطلال ماضيها غيرعابئة بأن تدقق في الأمر"
أضاف بتشدق وسخرية:
"ظننتك إمرأة صاحبة خبرة سبق لها الزواج والطلاق وتعلم أركانه جيدا..وستحاول المحافظة على زواجها بعد أن أثبت لك كل مرة كم أحببتك...لكن أخبريني إسراء كيف تم طلاقك السابق..اممم لا سأخبرك أنا لقد قام بطلاقك على يد مأذون شرعي طلاق بائن على ما أذكر وأتممت الأوراق القانونية في السفارة بعد إصرار منه أن يتخلص منك بأي طريقة من الممكن تربطك به أما عن وضعك الآن أنا لم أقم بالأمر..فقط أرسلت لكِ محامي يمضي على أوراق لا يعترف بها شرعا أي أنت ما زلتِ زوجة لي أنا شئت أم أبيت"
جحظت عينيها بصدمة:
"أنت تكذب مستحيل أنا طُلقت منك..وزواجنا انتهى منذ زمن...انتهى الأمرو ما تقوله مستحيل"
ضحك بسخرية ورد بقسوة وشماتة يطعنها بكلماته كما طعنته في كبريائه:
"بلى يا غبية مؤكد أما عن تسائلك لم صمت عن وجودك لأني لم أعلم برجوعك الى هنا لقد أوهمني والدك العزيز أنكِ في ألمانيا وعلمت بوجودك هنا منذ شهرين من الغبي أخيك كما أني أعرف جيدا بمن تسعي اليه لن ينظر لك مرة أخرى بعد طعنك له إنه يشمئز منك رأيتها كثيرا في عينيه ولن يقترب رجل من إمرأة يعافها...أنا أراقبك وأرصد تحركاتك منذ علمت بوجودك هنا لم أكن لأسمح أن تلوثي إسمي الذي لا تستحقينه"
قاومته بعنف وثورة لكرامتها وكلامه الذابح لها:
"اخرس..اخرس أنت كاذب مدعي حقير تريد تدميري فقط أكرهك"
"وأنا أكرهك إسراء بل أصبحت مثله أشمئز من النظر اليكِ"
"إذاً أتركني..لما عدت ما الذي تريده مني؟"
"الإنتقام منك..رد كل طعنة منك تحملتها بصبر متفهما عقدك وتشوه روحك أخبر نفسي ستتعقل..حبي لها سيزهر تشوه روحها طفلتيا ستكونان الدافع لها لفك عقدها ستبادلك عاطفتك التي أغدقتها عليها ولكن لا فائدة منك ستظلين هكذا مشوهة الروح قاسية القلب حتى طفلتينا لم تحركا فيك مشاعر أمومة لتحافظي عليهما وعلى بيتك"
صرخت به ودموعها تجري على خديها من قسوة كلماته ومشهد خيانته عند رؤيتها له لا يترك ذاكرتها:
"أي إنتقام أنت خنتني كل يوم في أحضان إمرأة غيري رأيتك بعيني حتى لم تهتم ولم تحاول حتى الاعتذار توضيح الأمر..ادعي انه لم يحدث..أي حب وصبر تتحدث عنه؟؟"
قاومته..ضربته على صدره بقوة واهيةغير قادرةعلى السيطرةعلى نفسها وكأن المشهد يعاد وكأنها تراه هناك يقف ببرود غير مهتم برؤيتها له مع إمرأة أخرى تهتف بنشيج:
"خائن قذر ذبحتني خدعتني بحب واهي لترميني بعدها وكأنك ما صدقت الخلاص مني..أكرهك مراد لم أكره في حياتي مخلوق مثلك"
ترك ذراعيها وأمسك بيديها يصد الضربات عنه نظر لانهيارها يذكره بانهيارها وصراخها به عند رؤيتها له شعر بالألم القاتل عليها لكن برر لنفسه هي تستحق..كانت تستحق ما حدث وتمثيله الرخيص برؤيتها له في هذا الوضع وقتها كانت تستحق أن تشعر بالألم والمرارة التي سقتها له مرارا وتكرارا كان يجب ان تشرب من نفس الكأس..ربما لم تخنه بجسدها مثلما أوهمها هو أنه فعل..لكن كانت تخونه بفكرها بحنينها لزوجها السابق بتشدقها بالكلمات عنه وعقد المقارنات دائما..اتهامها له بالخيانة دائما وهي تعلم يقينا أنه لم يفعل ما ذنبه هو في عقدتها من والدها؟! لماذا لم ترى إيهاب هكذا؟ لم رأته ووضعته في خانة الخائن ؟عاد ونظر لانهيارها وكلماتها التي لم تتوقف عن طعنه لها ما زالت غبية لا ترى أبعد من أفكارها من خوفها أن تصبح مثل والدتها؟ لم تشعر بعشقه لها ولم تعلم بخطئها في حقه..ولكن رغم كل ألامها لن يرحمها لن تأخذه بها شفقة..لا تستحق ويجب أن تتعلم الدرس يجب أن تستيقظ من أوهامها يجب أن تعاقب ربما تدرك أخيرا أخطائها وتطهر روحها من شرور نفسها لتصبح كما رآها هو طفلة نقية مذعورة ضحية لأب أناني وإمرأة دمرتهم بقسوة.
وقال بحزم:
"إسمعي إسراء وأفهمي عقلك الغبي او حتى حركي فكرك ولو قليلا,لا أهتم لكن يجب أن تعلمي ذلك مازلتِ زوجتي وملكي وهنا لن تستطيعي أن تحتمي بأحد سوف أعاملك بقوانين البلاد هنا ان حاولتي حتى الفرار لقد وضعت نفسك في سجنك بنفسك ولكن كرم مني سوف أمنحك بعض الوقت ربتتي أفكارك لتعودي اليّ لنربي طفلتينا بيننا لن أسمح لتجربتك أنت وأخيك أن تتكرر"
قالت بتقطع من بين دموعها:
"ولكن أنا لا أريدك حتى لو ما زلت زوجتك أنت خائن وأنا أكرهك ولن تستطيع أن تأخذني إجبارا إيهاب سوف يتصدى لك ويحمي طفلتيا"
إشتعلت به نار غضبه وجنون لم يعد يستطيع السيطرةعلى نفسه من تكرارها وتشبثها بحماية إيهاب,بمن كان يملكها في الماضي. وبدون أن يشعررفع يده ليهوي على وجنتها بصفعه قوية أرجعتها الي الخلف لتصدم بنافذة السيارة بعنف.
وهو يهتف بجنون:
"ألم أخبرك أنكِ حقيرة وضيعة..تذكرين زوجك السابق كجدار حمايتك من زوجك...تحتمين بأخر مني أنا ؟؟"
أمسكت وجنتها بصدمة وشعرت بالدماء التي تنزف ببطئ من فمها من عنف الصفعة وارتطامها القوي بالنافذة,تمتمت بذهول وكلمات بطيئة:
"أنت قمت بضربي مراد"
جذبها من ذراعها بعنف تواجهه وأخبرها بشراسة:
"وسوف أقتلك إسراء..سوف أقتلك كوني متأكدة من ذلك..إن تجرأت على ذكر إسمه بيننا..او حتى على التفكير بطلب الحماية منه مرة أخرى..يومين..يومين فقط لا أكثر وسوف تخرجين من بيته أو من بيتكم لا أهتم بصفته وسوف تأتين للعيش معي..أنت وإبنتاي"
تداركت أخيرا صدمتها وقاومته بعنف:
"لقد تعديت عليّ..."
ولكن قبل أن تتم سبابها كان يقربها منه بحدة يضمها اليه ويقبلها بعنف وهي تقاوم بشراسة ليضغط عليها بقوة غير مهتم بمقاومتها ولا لطعم الصدأ للدماء التي تسيل من شفتيها..ربما لم تكن قبلة بالنسبة له كانت أشبه بعقاب..إشتياق..كبت..قهر او انتقام لا يعلم كل ما يعرفه أنه يريد ان يعاملها بإهانة ربما هذا يشفي غليله منها ولو بقدر ضئيل للغاية.
000000000000000000
الفصل الحادي عشر

Nor BLack 11-10-19 04:32 AM

الحادى عشر والثانى عشر

الفصل الحادي عشر

بعد وقت طويل,كان قد إنتهى من سرده حياة مريم وكل شيء يخصها..سرده عليهم مداريا لمحات كثيرة كانت تغلب فيها مشاعره حين يتكلم عن ذكرى تستدعي ابتسامة,حزن...ووجع وما أكثرها..وبالطبع تجنب ما عاشته مؤخرا وعانته على يد ممدوح من تحرش مهين لها سوف يكون إنتقامه الخاص وحده ولن يعلم به مخلوق مهما حدث.
وجه الكلام الى السيدة منى متجنبا النظر في وجه ياسر الذي بدى على قسماته الألم مما سمع:
"هذه قصتها كاملة منذ نشأتها وما حدث لها على قدر جهدي حاولت حمايتها ولكن لم أستطع صد الجميع عنها ومنع كل الأذى"
نظرت له مني ببعض التفحص قالت بعدها:
"هل مريم تعلم حقيقتها أم تظن أنها إبنة عمك"
هز رأسه بنفي قائلا:
"مريم تعلم جيدا أن لا أب لها لقد أخبرها ممدوح إبن عمي في إحدى مشاجراتهم وهي في الثانية عشر أنها ليست أخت له وأنها مثل من ترى في أمريكا ولقبها في مجتمعنا إبنة حرام أتت تسألني لا تعلم معنى الكلمة لم تخبرني أن ممدوح نعتها بهذا الوصف بل سألت عن معناه يومها لم أنتبه لبكائها وأثار الدموع في عينيها وأخبرتها محاولا أن أبسط الكلمة لها وذكرتها كيف أخبرتها أن تحافظ على نفسها وأن إبن الحرام ناتج عن علاقة غير شرعية وأن هذا يغضب الله منا وان الله ينهانا عن ذلك ويحب الالتزام بكلامه سبحانه حتى لا نغضبه وأن طفل الحرام مكروه ولن يحبه أحد...ولم أعلم أن محاولتي اتخاذ أسلوب النهي والترهيب أني سأسيء الى مشاعر الطفلة الصغيرة بداخلها وأجرحها جرحا أكبر...بل أشيد بما قاله ذلك الحقير..إنهارت يومها وعلت شهقاتها وتمتمت من بين شهقاتها *اذا لهذا تكرهونني*.ارتبكت متفاجئا بما تقول وحاولت أن أستفسر منها لما قالت هذا؟ فأخبرتني أنها علمت سبب كرهنا لها لأنها ليست أخت ممدوح وإسراء وأنها ليست أخت لي..حاولت أن أنهاها وأُفهمها ولكن مع ذكائها وإنفتاح المجتمع من حولنا وإضطهادهم لها كانت أدركت حتى مع سنها الصغير هذه الحقيقة ودخلت في حالة نفسية سيئة جدا لم تتبادل الحديث مع أحد وتوقفت عن الإلحاح على فريال بإستعطافها ومحاولة جعلها تحبها حاولت أن أخرجها من هذا وكنت مجبرا أن أخبرها الحقيقة مبسطا إياها ما إستطعت لكي يستوعبها عقلها الصغير أن هناك ما يسمى الزواج العرفي وأنه سيء أيضاً لأنه يحدث بالسر لكنه يبقى زواج ولكنها أدركت أنه لا فرق إن كان زواج عرفي أو مجرد علاقة كلاهما يُغضب الله وفِي خضم أنانية الجميع نسوا وجود طفلة منبوذة علمت بحقيقتها وتنزف بصمت"
قاطعه صوت السيدة منى هاتفة به فاقدة السيطرة على هدوئها مما تسمع:
"يا الله كيف إستطعتم ذلك,أي عائلة مريضة تعيش بها المسكينة ما كل هذا الألم ما الجريمة التي إرتكبتها"
نظرت لزوجها الذي يتألم بصمت مما يسمع غير قادرعلى التفوه بكلمة يشعر أن قلبه يطعن مع كل كلمة يسمعها كيف كان أعمى لما لم يتأكد من جزء منه لم يختفي مع أكبر خطأ إرتكبه في حياته..قالت زوجته بحدة موجهة اللوم له:
"أتسمع ياسر كم ضحية تركت كم إنسان حطمت وآذيت!! ما ذنبها هي في أنانيتك؟؟"
وجهت الكلام بعدها لإيهاب بعزيمة وكأنها إتخذت قرار لا رجع فيه:
"أنا أريدها"
رد إيهاب بإستفهام:
"عفوا لا أفهم من ؟"
ردت عليه بصبر:
"أنت أتيت لتطالب بحق مريم صحيح،أنا أريدها هنا معي"
"لماذا تريدينها أنا لا أفهم أنا أتيت في طلب محدد سيدتي وهو إثبات حقها لتستطيع بعدها أن تأخذ حقها من الجميع"
"اسمعني بني رغم أنها إبنة من كانت في فترة سببا في إنهيار أسرتي وكادت أن تجعلني أخسر أولادي أيضاً المنطق قال أن أتشبث في حقي برفض ما تطلبه ولكن أنا هنا كما أخبرتك لا أرى إلا ضحية أخرى انسان مسلوب حقه أريدهذه الفتاة ليعود حقها ربما بعد أن تجلس معنا نستطيع بثها قليلا من الإطمئنان عجزتم أنتم أن تمنحوه لها أعدك أني لن أفرقها عن بناتي أبدا,والقرار في يد ياسر وحده في منحها إسمه وأنا أخبره أمامك أني لا أمانع أبدا فالضرر وقع بالفعل فلن يضر منحها إسمه في شيء"
قال ياسر أخيرا قاطع صمته وحيرته مما سمع عن إبنته,يخاطب زوجته بعينه بإمتنان لم تخذله يوما رغم كل الألم الذي سببه لها معدن أصيل لم تتخلى عنه يوما والان مستعدة لتقبل إبنته متناسية أنها إبنة إمرأة أخرى.
رد بقرار قاطع,مخبرا إياه:
"رتب كل ما يلزم إيهاب ووعدت به أنا سوف أمنح مريم إسمي ونسبها الحقيقي كما تريد"
لم يستطيع إيهاب في هذه اللحظة تحديد مشاعره الفرح الانتصار لقد رد لها جزء صغير ومهم من حقها وسوف يرده كاملا بعد إثباته زواجه منها وإعلانها زواجه له وأم لطفله الذي حلم به طويلا.
أكمل ياسر قائلا:
"لكن كما أخبرتك زوجتي أنا أريدها إيهاب هنا معنا ان نعوضها جزء صغير من حقها"
رد عليه إيهاب بإعلان واضح حتى يحدد لهم كل خططه وما يريد:
"لكن أنا أخبرتك أنها زوجتي وأول أسباب سعي لإثبات زواجي منها وأنا لن أتخلى عنها مهما حدث او كان الثمن لا أستطيع تركها بعيدا حتى ولو أيام"
رد ياسر بتأكيد:
"ولكن هذا شرطي إيهاب على ما تريد"
"لا تساومني سيد ياسر"
فرك وجهه بيده بحيرة,هل يخبره بأخر أمر لديه سوف يخبره وليكن ما يكن .
"سيد ياسر حاول أن تفهم..الوضع حقا معقد بما فيه الكفاية سبب سعي وتسرعي في طلبي وأيضا أن تزوجها لي بنفسك وبأقصى سرعة"
أضاف بتردد يراقب الوجهين الذين يستمعا بترقب:
"زواجي من مريم زواج كامل وهي تحمل طفلي"
صاح به ياسر بصوت جهوري:
"ماذا تقول هل هذه لعبة حتى لا تبعدها عنك"
رد إيهاب بتأكيد وقوة:
"لا يوجد أي لعبة..لدي ما يثبت الزواج وأستطيع ان أجعلك تراه وأيضا هي زوجتي أي ما يحدث طبيعي لما تستنكر الأمر أو تظنه مجرد محاولة مني لإبقائها لدي"
"ولكن أنت أخبرتني هناك أنك تعتبرها إبنتك..أنت يا إلهي أنت ضعف عمرها تقريبا"
قطعت زوجته الحديث الذي يبدو انه سوف يشتعل مرةأخرى:
"إهدأ ياسر على ماذا تلومه هي زوجته كما يخبرك هل تعترض على ما يحلله الله"
وأضافت بعدها بتشدق:
"على الأقل هو زواج شرعي لا عرفي ياسر لا نعلم ظروفهم الكاملة حتى نستطيع الحكم عليه ولا تستطيع محاسبته بل شكره لأنه سعى أن يعيد اليك إبنتك ويحاول ان يثبت حقها وحق طفلها"
صمت ياسر مفكر في كلام زوجته وكلامها المبطن لا يستطيع حتى الرد فهي لديها الحق في كل كلمه تحدثت بها .
أعادت حديثها لإيهاب:
"بالطبع لن يستطيع أحد أن يأخذ زوجتك منك ولكن طلبي منك أنا أريد أن أراها أعرفها وان تتعرف علينا هدفي مصلحتها هي بني وهذا سيساعدها على تقبل كل الحقائق مما شرحته لي..أستطيع ان أتخيل ما تعاني منه ربما أنت تجهله لكن أخبرتك لدي من مثلها وأستطيع بقلبي أن أشعر بكل ما شعرت به من قهر مارأيك؟"
حدث نفسه *لا يعلم ما تمر به* هل يمازحونه ؟!!هو أدرى الناس بمأساتها وبما تعاني منه وبكل ألم شعرت به.
وافق المرأة بهدوء:
"أنا لا يوجد لدي أي مانع ولكن أولا ننهي كل الإجراءات اللازمة لأستطيع أن أخبرها الأمر بهدوء وتروي حتى لا يؤثر هذا عليها بالسلب ومع حالتها الصحية الراهنة يجب أن أتوخى الحذر في كل شيء معها"
وافقه ياسر وزوجته بصمت ويعقدون إتفاقهم أخيرا على سفر إيهاب الى أمريكا ليأتي بكل ما هو مطلوب لإنهاء الأمر في أقرب وقت مع الحفاظ على السرية التامة ليودعهم بعدها على الاتفاق بالتواصل وأخبارهم بكل ما هو جديد.وجه شكره وإمتنانه لتلك المرأة التي تمثل الآن منقذته فلولا هي ما كان استطاع ان يصل لشيء.
***************
بعد يومين,مما حدث في بيت ياسر الراوي وإتفاقهم على تسجيلها بإسمه أخيرا,لم يستطع تحديد مشاعره من فرح غامر ربما إنتصار لها فمازال لا يصدق أن الأمر تم من جهة ياسر ولن يكون مجبرا بعد الآن على خوض حرب طويلة معه شعر بالإنتصار من أجلها هي لأنه رد جزء ولو بسيط من حقوقها من مجتمع ظالم وتمنى فقط أن يتم الأمر بهدوء وسرعة,كما خطط له..قاوم نفسه بضراوة أن لا يخبرها فهو يريد أن يتم الأمر كامل حتى يستطيع مواجهتها بكل شيء..يعلم جيدا أنها ستغضب منه عندما تعلم بالحقيقة كاملة ولعلمه بوجود والدها الحقيقي الذي رأته وتحدثت معه بلقائهما في السفارة هناك وبكل أنانية وخوفا أن يفقدها قرر الصمت وألا يخبرها..لن تفهم خوفه عليها وقتها من مجهول ومن أب لم يحدد ما يريده بحزم للأسف يعترف لنفسه أخيرا أن جاسر لديه كل الحق في إتهامه له بأنانيته فيها ومشاركة عمه وأمها في خططهم وأفعالهم وقتها ولكن هو حاول أن ينقذها وقتها ظن في نفسه القوة أن يستطيع حمايتها حتى من نفسه وها هو يقف الآن أمام باب غرفتها يريد أن يدخل اليها بعد ان كان في الماضي القريب فقط لا يوجد بينهم أي عائق او حدود متردد أن يواجهها لا يستطيع النظر في عينيها القاتلة له بنظراتها المختلطة بالألم والسخرية من إهتمامه وحرصه على طعامها او أدويتها ولكن يجب أن يطمئنها قليلا أن يودعها ويخبرها بسفره المقرر اليوم ليأخذ قراره ببعض الحزم والقوة فتح بابها بدون إستاذان كالعادة يقتحم حصنها وكم يتمنى أن يقتحم أفكارها ليعلم فقط فيما تفكر وأين وصل بها عقلها.
فتح الباب لتقع عينيه عليها جالسةعلى أريكة بجانب نافذة غرفتها شاردة حتى لم تنتبه لوجوده بعد إقترب منها بخطوات هادئة متمهلة ليصل إليها وهي على شرودها حتى لم تلقي نظرة اليه تفهمه أنها شعرت بوجوده حولها..جلس جانبها بصمت يتأمل وجهها الذي يسكنه الحزن آه صغيرتي لو أستطع فقط أن أخبرك بكل شيء أن أبثك الإطمئنان ولكن هناك الكثير يمنعني ويقيدني وعد نفسه *فقط إيهاب بضعة أيام أخرى وسوف تستطيع أخبارها بكل شيء.*
قرب يده ليلتقط يدها المستريحة بجانبها فجفلت وإلتفت له كأنها لم تتوقعه او فوجئت بوجوده نظرت له للحظات بعد ان أدركت انه هو عينيه في عينيها بنظرات تحكي الكثير ولكن نظراتها غامضة شعر أنه يخوض في بئر عميق متسع ملئ بالحزن لا عيون حبيبته وطفلته المليئة بالشقاوة رغم كل ما رأته إلتفت مشيحة وجهها عنه مرة أخرى تنظر من نافذتها تحاول أن تسحب يدها بهدوء من بين يديه فترك يدها وحاول إدعاء البرود أخبرها بصوت عادي غير مكترث في نبراته ولكن داخله يتحرق شوقا اليها:
"أنا أتيت لإخبارك فقط بسفري لأمريكا لبعض الوقت..لدي عمل هام هناك ولن أستطيع تأجيله"
غمغمت لنفسها تردد كلمته:
"تسافر لعمل!"
أغمضت عينيها بيأس,ماذا كانت تنتظر أن يأتي يخبرها بندمه او إعتذار لها على صمته ويعلن وجود طفله الذي يحاول أن يوهمها بأهميته لديه فلتت دمعة واحدة مقهورة عندما وصلت أفكارها الى نقطة محددة إيهاب لا يريدها ولا يريد الطفل هل يهرب منها ويتركها هنا وحيدة في منزل يعرف جيدا ما تعانيه فيه,ان إكتشفوا أمرها لن يرحموها أبدا يعلم ذلك ويعلم قلوبهم المتحجرة ورغم علمه سوف يتركها ويغادر غير مكترث فعمله أهم من فتاة الظلام لقد أصبحت ثقل يجب البعد عنه،لتؤكد لنفسها للمرة التي لم تعد تعي عددها منذ ما حدث أنها مصيبة في قرارها يجب أن تنفذ ما قد عزمت عليه وبدون أي تأخير او مزيد من الإنتظار وماذا تنتظر؟ لقد وضح كل شيء سوف يذهب ويتركها..يهرب كعادته مع أي أمر يخصها..إقترب منها عند رؤيته لنظرات الألم والدمعة الفارة من عينيها غلبه قلبه وحنينه اليها كيف يستطيع السفر بدون لأن يضمها إليّ صدره يشبع أنفاسه من رائحتها..يطمئن قلبه بأنها هنا في انتظاره واللقاء قريبا بعد ان يحقق ما ينصرها ويرفع شئنها أمام الجميع.
إقترب منها وحاوطها وضمها الي صدره بشدة فقاومته للحظات فقط وبعدها تركت نفسها بين يديه تدفن رأسها في صدره وتطلق لدموعها العنان مبررة لنفسها وجيب قلبها العالي فقط إحتضان أخير منه حضن وداع حتى تسجل في قلبها كل دقة منه تحفظ في ذاكرتها كيف يكون دفء صدره..تذكر نفسها بالحنان الوحيد الذي حصلت عليه من انسان ولكنه حنان زائف على قدر ما أعطي أخذ..حدثها بصوت هادئ بعد أن تغيرت نبرته الباردة وحاول بثها إطمئنان واهي:
"لا تبكي أرجوكِ أعدك بالعودة سريعا..أعدك عند عودتي بأخذ حقك مني وحل هذا الوضع"
تحركت يديها تحيط خصره بشدة تضم نفسها إليه تحدث نفسها:
*حضن وداع يا مريم أخر ضمه لصدره ذكري نفسك جيدا وعود واهية أخرى وعد كاذب مثل كل وعوده زائفة وخاوية لو أراد حل الأمر من كان سيمنعه او يقف في طريقه.*
ظلا على احتضانهم بعض الوقت بدون تبادل أي كلمات وكأن ما عاد أي كلام يقال بينهم لا تعلم هل دام عناقهم لحظات دقائق لم تشعر بشيء تركها ببطء مميت لهما بعدها تفحص وجهها نظر الي عينيها طويلا.
قطع الصمت محدثها بكلمات قليلة:
"حافظي على نفسك جيدا وتجنبي الجميع سوف أحدثك يوميا حاولي الرد لأطمئن عليك"
لم ترد فقط نظرت اليه كأنها تحفظ ملامحه وتسجل صورته في ذاكرتها..تحرك من جانبها ناحية باب غرفتها إلتفت اليها قبل ان يغادر:
"رحلتي بعد بضعة ساعات من الآن ثقي بي مريم لولا الأمر الهام وما أسعى اليه ما كنت تركتك أبدا"
إلتفت بعدها يهم بفتح الباب ليوقفه صوتها:
"إيهاب"
إلتفت اليها لتهب واقفه مسرعة اليه فتح أحضانه اليها لترتمي بين يديه تضمه بشدة قالت الكلمات برجاء أخير يائس بصوت خافت:
"لا تتركني لا تغادر إبقى إيهاب"
ضمها إليه بشدة يملأ رئتيه من عبير روحها قال بعد برهة الكلمات الطاعنة لها من دون أن يشعر:
"ليت بإستطاعتي حبيبتي ولكن الأمر هام يجب أن أغادر"
أكمل بصوت يرجوها بحرارة:
"حافظي على الطفل مريم هذه أمانتك طفلي وأنتِ تركت أمانتي لديك حافظي عليهما من أجلي"
،إنسحبت من أحضانه ببطء ويأس تهز رأسها بموافقة واهية على طلبه ورجائه الكاذب بالنسبة لها..قالت ببطء وقنوط:
"إرحل إيهاب,غادر"
تراجعت للوراء خطوات قليلة إلتفت بعيدا عنه تعلن لنفسها وضعف روحها وقلبها تجاهه مؤكدة,لقد إنتهى كل شيء وصدر القرار من كليهما.
***************
بعد أسبوع،,
مر أسبوع على تركه لها لقد استطاع في وقت قياسي أن يحصل على ما يريد وما ساعده كثيرا انه كان بالفعل قد أخبر محاميه هنا منذ وقت طويل البحث والتقصي عن الأمر وجلب كل الأوراق اللازمة,شعر بالانتصار فكل الأوراق لديه الآن وتم رفع القضية بتغير إسمها هنا فعل جيدا بالتوكيل الذي جعلها في الماضي تعطيه له ساعده كثيرا هنا سوف يتمم باقي الإجراءات بالسفارة الأمريكية في البلاد لن يستطيع ان يغيب عنها أكثر من تلك المدة.
لكن قبل كل شيء يجب أن يواجه عمه وفريال..لم يعلم أحد بوجوده حتى الآن أتي في سرية ليستطيع التحرك بدون أي إزعاج او تعطيل منهم..إن مواجهتهم الآن قد تكون مدمرة وحرب ضارية يعلم الله وحده ما هي عواقب دمارها. ولكن كما إتخذ قراره سابقا,سيخوض كل حروبه مرة واحدة ويحدث ما يحدث..الآن هو مطمئن لقد تم رفع القضية هنا كما أنه تم إرسال جميع الأوراق لمحامي ياسر وأيضا محاميه هو ولم ينسى أن يطبع نسخة إضافية تحسبا لأي حدث وإرسلها لجاسر. فتح هاتفه ليرسل رسالته اليومية للسؤال عنها يريد أي خبر يطمئنه عليها فقدإتصل بها يوميا عشرات المرات ولكن لا رد منها أبدا..أرسل الرسائل لها ولكن لا مجيب فتقصى أخبارها من جاسر وزوجته المقيمة معها تقريبا بناء على طلبه حتى يطمئن قلبه قليلا عليها من الوحوش التي تعيش معهم..للأسف يعلم جيدا كيف هي أمه وإسراء وما هو ممكن أن يفعلوه بها في غيابه. ضغط على أزرار هاتفه يبعث رسالته اليومية لها سألها عن أحوالها متأملا أن تجيبه ولو بكلمة واحدة تطمئنه عليها..نفض أفكاره قليلا عنها وسلح نفسه بجميع أسلحته في أهم مواجهة له لوضع كل شخص عند حده,أجرى اتصاله بعمه فأجابه:
"مرحبا كيف حالك إيهاب هل تذكرت الآن أن تجيبني"
أجابه باقتضاب:
"مرحبا عمي أنا هنا عمي وأريد أن أراك أنت وزوجتك في أمر هام للغاية قبل عودتي للبلاد"
دمدم عمه بإستفهام:
"ماذا تعني بأنك هنا هل أتيت لأمريكا؟؟"
"نعم"
"ومريم هل أتت معك ؟؟"
أجابه بصوت قاطع و مذكرا إياه بمحادثتهم الحادة:
"أخبرتك يا عمي مريم لن تترك البلاد ولن تأتي إلى هنا وأنا قد أتيت وأريد رؤيتك لأسمعك وتستمع لي ونتحاسب على كل شيء"
أجابه عمه ببعض الإرتباك من نبرة صوته الحادة القاطعة,سأل نفسه ما الذي يقصده بالحساب ؟!لقد ظن بما علمه أنه الأقوى وسوف يستطيع كسره أخيرا ربما غضب قليلا بما علم وخاف أن يخسر فريال إن علمت بما جرى لإبنتها ولكنه في داخل نفسه شعر بالراحة لأنه أخيرا استطاع إيجاد ما يضغط به عليه..زلة صغيرة يأخذهاعليه ويعيد زمام الأمور في يده هو لا يد ابن أخوه.
قال بعد لحظات:
"حسنا إيهاب أنتظرك في المنزل الآن..سوف أخبر فريال ولكن هل أستطيع أن أعلم طبيعة المقابلة"
رد عليه بصوت ساخر متشدق:
"ما بك عمي؟! عن أي طبيعة تتحدث هل نسيت أن البيت بيتي أنا وعندما أريد أن أتي لا أحتاج الإذن من أحد أنا أخبرك فقط لتكون متواجد أنت وزوجتك"
"لم أقصد إيهاب..هل تعايرني الآن أنه منزلك"
"بالطبع لا عمي ولكن أذكرك بالأمر فقط ربما تكون نسيت مثل ما نسيت عدة أشياء فمثلا جميع ما تملك حولته لأموال ووضعتها في حساب زوجتكً وربما لولا وقوفي لك لكنت أضعت جميع شركتنا أيضا"
لينهاه عمه بحدة:
"إيهاب ما بك..أصبحت فاقد السيطرة غير مراعي لأحد"
ظفر إيهاب بضيق قائلا:
"فقط إنتظرني..الكلام في الهاتف لن يجدي لكلينا"
****************
بعد وقت ليس بالقليل،،
وصل إلى المنزل الذي شهد مراهقته وشبابه حتى زواجه السابق تم هنا بناء على وصية والده الذي حمله إياها أن لا يفترقوا ويبقى الجميع يدا بيد ولكن والده كان يعرف جيدا بينه وبين نفسه أنهم لن يكونوا يوما العائلة الطبيعة المترابطة ولكنه حاول وضحى وغطى على جميع أفعالهم ولكن لا فائدة منهم..اذاً فليبحث عن نفسه وعن حق من تقدره حقا ويهمه أمرها لا شيء يستحق أن يضحي بطفل تمناه وكاد يفقد الأمل في أن يحصل عليه يوما لعل ضميره يرتاح وهي تسامحه بعد رجوع حقها.
طرق باب المنزل وقد عقد العزم على أن يواجههم ومتسلح بكل قوته لن يتراجع مهما كانت النتائج..يعلم أن المواجهة ربما كانت من الأفضل بعد أن يتم الأمر لكن يحب أن يغلق جميع حساباته المفتوحة كما أنهما بالتأكيد سوف يقومان بإرسال خطاب لعمه يعلموه فيه أن إبنته قامت بطلب لتغير إسمها..إذاً فليسبقهم هو حتى يضع النقط على الحروف له ويعلم أنه سيقف له بكل قوته والخاسر الوحيد سيكون هو إن إنجر وراء خطط فريال.
فتحت له الخادمة الباب وبعد ترحيب معتاد منها دلف بهدوء إلى المنزل,متحدثا إليها بلغته الإنجليزية:
"أخبري عمي أني وصلت وأنتظره في حجرة الإستقبال"
أجابته:
"تحت أمرك لحظات فقط"
إنصرفت بهدوء تلبي طلبه..توجه إلى الغرفة مباشرة ينتظرهم هناك سوف يخبرهم بالأمر ويغادر فورا عائدا إلى الوطن إليها هي تحديدا..بعد دقائق,دخلت فريال أولا كالعادة دائما هي أولا وبعدها يأتي كل شيء بملامحها القاسية وعلامات البرود التي لا تفارق وجهها..يعلم أنه برود يحتل قلبها وروحها أيضا هذا إن كان لديها قلب أو روح مثل سائر البشر. دلف بعدها عمه وعلى وجهه علامات قلق وتوجس وهذا نقطة في صالحه,حدث نفسه خوف عمه في صالحه وان كان خوف عمه كالعادة دائما خوف من فريال..جلست أولا فريال تواجهه بجلستها المتغطرسة تعقد ساق فوق أخرى وجلس عمه من الجانب الأخر لتتحدث فريال أولا,بصوت بارد:
"مرحبا إيهاب مر وقت طويل على رؤيتك"
أجابها ببرود مماثل لبرودها:
"مرحبا زوجة عمي أنا بخير بالتأكيد"
أضاف بتهكم:
"جيد أنك تذكرتي أن وقت طويل مر على مغادرتي"
قاطعهم عمه بصوت مشحون بأفكاره وانفعالاته من ملامح إبن أخيه فحاول مهادنته ربما لا يتسبب في كارثة:
"جيد أنك بخير سعداء برؤيتك"
"وأنا سعيد برؤيتك عمي بالتأكيد ولكن لا يوجد لدي وقت لكل هذا الترحيب لندخل فيما أتيت من أجله مباشرة"
ردت فريال بتغطرسها المعتاد:
"وما الذي أتيت له على وجه الخصوص ووقتك ضيق هكذا؟ ولما تصر على وجودي أنا بالذات؟!"
أجابها:
"ربما لأنه يخصك ويهمك أو ربما أنا أعتقد ذلك,أولا لنوضح الخطوط العريضة لكليكما منذ أكثر من عام تم زواجي من إبنتك زواج بموافقة كليكما"
أضاف بسخرية:
"هل تتذكرينها فريال تلك الصغيرة التي كانت هنا تدعى مريمربما قمت بنسيان اسمها"
قاطعته فريال متأففة بضجر:
"هل أتيت كل هذه المسافة لتخبرنا بأمر نعلمه بالفعل ما الذي تريده؟؟ أيضاً يجب أن أقوم بتذكيرك مثل ما ذكرتنا,زواج قمت بالإلحاح عليه ولكنه ليس بزواج حقيقي ما مقصدك إذاً بالتذكير؟"
رد يواجهها بثقة وألقي كلماته بغير اكتراث لهما:
"لا فريال هانم إنه زواج فعلي وشرعي أمام الله,وما أردته من تذكيري لكم أن تعلمون أن الزواج أصبح كامل بالفعل"
ردت فريال ببعض التوجس بعد إن اسشعرت الحزم في كلماته التي لم تفهم معناها :
"ماذا تعني أنه أصبح زواج كامل أو فعلي أي ما كان تقوله؟!"
"أعني يا زوجة عمي أنه زواج مكتمل الأركان ..أصبحت زوجتي بالفعل ما هو الغير مفهوم في كلامي بالضبط"
إلتفت لعمه يشير له وهو يكمل:
"ألم يخبركِ لقد علم منذ فترة وإتصل بي يدعي غضبه"
ظهرت علامات الشر الخالص على فريال وهي تصرخ بنبرات علت قليلا:
"ماذا قلت؟! أنت أخذت إبنتي سرا!! إستخدمت زواج تعلم أنه غير حقيقي وبررت لنفسك به كيف إستطعت..."
إلتفتت لزوجها:
"وأنت علمت ولم تخبرني ما الذي يحدث هنا؟ هل هذه خطة بينكما أنتما الاثنين؟!أخبراني"
رد عليها إيهاب بقوة:
"أي إبنة فريال التي تدعين الغضب من أجلها أنت حتى لم تسأليني عن أحوالها,حاولتي الاطمئنان عليها ولو مرة..عام كامل وبضع أشهر الآن ولم ترهقي نفسك كذبا إدعاء الإهتمام وإجراء مكالمة واحدة لها تشعرينها أنها تعني لك شيئا"
صرخت فريال متجنبة الرد عليه وجهت غضبها لزوجها بجنون:
"حسين هل تسمع ما قاله إبن أخيك؟ هل كنت تعلم أنه أتم زواجه منها بالفعل؟"
رد حسين بإرتباك وبعض الخوف من إغضابها لا يريد خسارتها:
"إهدئي حبيبتي أنا لم أعلم إلاما قاله ممدوح فقد إتصل بي منذ فترة وقال كلام غير واضح وعندما إتصلت بإيهاب نفى الأمر بالطبع,هل تصدقين هذا ؟ربما إيهاب لم يقصد هذا ولا يعنيه"
نظر له إيهاب بذهول يا الله هل وصل جبن عمه وضعفه للكذب وأمامه !!نظر له عمه نظرات ضعيفة بها رجاء صامت ألا يكذبه ولكن إيهاب قرر وإنتهى الأمر ولن يتراجع مرة أخرى:
"لا يا عمي لم يحدث هذا,لم أنفي شيء"
توجه لفريال وعلامات الشر الخالص تكسي وجهها:
"إبنتك زوجتي فريال وإنتهى الأمر ما الذي تعترضي عليه الآن وغاضبة منه تحديدا؟ هل إهتممت بها يوما لتغضبي هكذا أذكر قديما أخبرتيني وأنت تعيدين كلماتي أني قلت أنها مسئولة مني وأنت أكدت بإعطائي موافقتك (كلها لك أفعل ما تريد) وأنا قبلت الصفقة فريال ..مريم ربيبتي وحدي وأصبحت زوجتي ولا تملكين حتى حق الاعتراض"
هتفت فريال بتهديد:
"سوف أبلغ الشرطة والسلطات عنك بإرتكاب جريمة يحرمها القانون"
سخر إيهاب بكلماتها:
"أي قانون تحديدا..امّم نعم هل تقصدين قانون منع زواج الأقارب؟"
عقد حاجبيه يتصنع التفكير لحظة وتشدق بعدها بكلماته مستمعا برؤية جنونها وعمه بخوفهم مما قد يحدث:
"أحب أن أخبرك أفعلي ما تريدين فريال فمريم ليست إبنة عمي وقريبا لن يراها القانون أختي أنا في طريقي لإعادة الحق لصاحبته وتساعدني من هي أفضل منك من تستحق لقب أُم حقا حتى وهي تشفق على طفلة لم تراها إلى الآن ومستعدة لإحتضانها وهي إبنة عدوتها"
عادت فريال لتواجه معاني كلماته وقالت بصوتها الغاضب:
"ماذا تعني بما تقول؟!كف عن ألغازك وأخبرني مباشرة"
"حسنا سيدة فريال سوف أخبرك لقد ذهبت لياسر الرواي بنفسي وأخبرته ما أراد أن يسمعه عندما علم بوجود مريم أنها إبنته من صلبه وأخبرته أني أريد أن تحصل على إسمه وساعدتني إمرأة بقلب طاهر يحوي كل مشاعر الإنسانية والرحمة على جعل ياسر يوافق وأعلنت عن تقبلها لها تحت سقف بيتها لأنها أم وتحمل الفطرة الرحيمة في قلبها هل تعلمين من هي منى القاضي زوجة ياسر ؟كما أني حضرت منذ زمن وأنهيت جميع أوراق مريم مجرد وقت قصير وسيتم إرجاع حقها إليها"
هدر عمه به قاطع الصمت مدافع عن فريال يعلم جيدا كم ترفض الأمر زخوفه عليها مما قد يحدث لها أو مما ستفعل فيه:
"هل تمزح إيهاب؟ هل فقدت عقلك؟ بالتأكيد كاذب هذا مستحيل..هل ضحيت بأسمائنا وبعائلتك هكذا؟"
إقترب من فريال يحاول أن يهدئها ويطمئنها متصنع الحزم مع إيهاب و قال:
"تجرأ وأفعلها إيهاب وسترى ما سأفعله بك ..سوف أتقدم ببلاغ أمنعك من تغير إسمها وأرفع قضية عليك وعلي ياسر"
صرخت فريال وهي تنفض يده بعيد عنها:
"إخرس...إخرس حسين أنت السبب..أنت من جعلتني أعطيها له أنت من منحته الفرصة للتبجح الآن أمامي أخبرتك أن الحل كان زواجها من إبن صديقتي هو من كان سيجعلها تحت أيدينا"
صرخت بجنون غير قادرة على السيطرة على نفسها تتهم زوجها:
"وأنت أقنعتني أن هذا الحقير هو المناسب لها وهو في صفنا ..كنت أعلم أنه سوف يضيعها مني ويجعل ياسر والغبية زوجته ينتصرون عليّ سوف أحرقكم جميعا لن أسمح لك سوف أبلغ الشرطة وأقيم الدنيا وأفضح ياسر في كل الصحف من قال أنها إبنته من أخبركم أنها له سوف أنكر الأمر وأريني ما ستفعله"
هدر إيهاب ردا على كلامها:
"إلتزمي حدودك فريال معي ..أنا لست حسين ولا ممدوح ولا أحد من الخاضعين لكِ سواهما,كنت أحتملك فقط إحتراما له"
مشيرا إلى عمه.
"وأصبر عليكِ إكراما لمريم فقط حتى لا تحرميني منها ولكن الآن لم أعد أهتمً او أبالي أفعلي ما تريدين فريال وما يحلو لكي خرج الأمر عن سيطرتك كل الإثباتات معي وهناك أيضا ما يدعى بتحليل إثبات النسب ولو أُجبرت سأقوم به لها لا أستطيع شكرك أنتِ وعمي أنكم لم تسجلوها في بلادنا فلن تستطيعا الإعتراض أو فعل شيء هناك والقانون هنا في صفها هي..كما أحب أن أخبرك أني سأحاربكم بقوتي كما سوف تفعلون وأيضا أذكرك يا عمي أن كل الأعمال أنا الذي أملك نصيب الأسهم الأكثر بها وأستطيع لو أردت أن أسيطر على كل شيء بسهولة وأبلغ عن جميع تجاوزتكم التي تعدت حدود العقل,أتعلمي فريال لو أردت وقتها لنسفت صديقتك وإبنها الفاشل المدمن الذي كنتِ تريدين القضاء على حياتها بتزويجها منه,ثم من أخبرك وقتها أني كنت سأوافق ؟كنت سأقف وأعارض بكل قوتي لقد صبرت وأقنعتكم بصبر رغبة مني ألا أفتعل مشاكل معكم وأن لا أفقدها هي وأجعلها تتمرد لكن إن وصل الأمر لهذا الحد,كنت أبلغت الشرطة بنفسي لتعديكم على حريتها..أنا أردت أن أنقذها هي فقط من تداعيات الأمر وما سيحدث على أثره"
صرخت فريال بجنون والشر الذي تحتويه نفسها تلقي عليه كلمات طالما سمعها منها أكتر من غيرها وهي تلقيها بكلمات مبطنة سابقا:
"أنا لن أسكت تهددني يا عقيم ..لن أسكت سترى ما سوف أفعله بك وبالحقير الأخر ياسر اتفقتم علي أقسم أن أنتزعها منك,أنت تستغل ابنتي أنا وتبليها بك وبعقمك..ماذا ألم تكتف بمن خانتك وهي تحمل لقبك مع صديقك وتركتك وفرت هاربة إليه"
ربما الكلمات سابقا كانت تذبحه وهي تشعره بعجزه ونقصه ..رجل خانته زوجته مع أقرب الناس اليه وأيضا محاولتها بالتلميح أن رجولة ناقصة غير مثمرة كأرض بور لكن الآن لسخرية القدر لا يريد إلا أن يضحك فإبنة المتبجحة أمامه الآن من دون كل البشر هي من أثبتت كذب اتهاماتهم وتحمل طفله بين أحشائها هي من منحته بين ذراعيها كل شعور بالكمال وروت أرضه العطشى من روح أنوثتها ليعود جزء ناقص منه كان يبحث عنه طويلا متمثلا فيها هي صغيرته.
وقف للحظات ينقل نظراته بين فريال وعمه لا يعلم شعوره انتصار أو ربما شماتة بتخبطهم إنتقام بسيط بجنونهم ورؤية فريال وكل الأمور تفلت منها وأكبر مخاوفها أن ينتصر ياسر عليها تحققت..غادر بهدوء بدون أن يعطيها حتى كلمة رد واحدة شيطانه يسيطر عليه أن يخبرها بحمل إبنتها من العقيم ولكن لن يفعل ليس لشيء ولكن ليحفظ سرها إلى أن يعلنها للعالم أجمع وهي زوجته القانونية كما أنه يخاف عليها من أي خطط قد تفعلها حقيرة مثل فريال وهو بعيد عنها كل هذه المسافة ليصبر فقط بضعة أيام أخرى فقط..لقد إقترب الأمر كثيرا"
**************
"هل أنت مستعدة"
قالتها مَي بتردد للواقفة أمامها وكلها إصرار وعزيمة على ما تنويه..ردت عليها مريم بصوت قاطع:
"نعم مَي مستعدة ولن يجعلني شيء مهما كان أن أتراجع"
ردت مَي بصوتها المتردد تحاول أن تنهيها عما تنوي..شعرت ببعض الخوف عليها لديها أمل أن تُحل الأمور بدون أن تلجأ مريم لخطتها فقالت لها:
"ربما لو صبرتِ قليلا مريم وإنتظرنا سيحل الأمر..قرارك صعب وخطر"
ردت مريم:
"ماذا مَي هل تنخلين عني الآن؟ أنا لن أتراجع في قراري وإن كنت تريدين أن تخلفي بوعدك لا مشكلة لدي صدقيني لن تكوني الأولى التي تعدني وتخذلني"
اقتربت منها مَي سريعا تمسك يديها وقد عزمت أمرها وأنهت ترددها:
"لا تقولي ذلك أخبرتك أنني معك مهما كان ما تنوي فعله لن أتركك مهما حدث ولن أخذلك أبدا يجب أن تثقي بذلك أنا أحاول مناقشتك الآن لخوفي عليكِ حبيبتي لا أريدك أن تندمي يوما على قرارك هذا..كنّت أريد إعطائك أنت كل الفرص والوقت الممكن"
ردت مريم بصوت قوي حازم وعازم على قراره:
"لا فرص أخرى مَي لا لي ولا له فإيهاب أخذ كل الفرص و أثبت ككل مرة أنه لا يستحق,وأنا لا فرص لي مع نفسي أنا من إرتضيت لنفسي هذا الذل أستحق ما أنا فيه وأيا كان مصيري...."
صمتت لحظات لتكمل:
"المهم لدي أنكِ معي مَي ولن تتركيني"
"لن أتركك أبدا مريم"
وأضافت بصوت تحاول تصنع المرح:
"هيا بنا الآن لقد تأكدت خلو البيت من المعزة إسراء وزوجة عمك (الشمطاء ) سيدة إلهام"
"كيف إستطعتِ أن تعيشي معهم كل هذا؟! لو كنت مكانك لفجرتهم ودفنتهم في الحديقة الخلفية منذ زمن"
إبتسمت مريم بألم وهي تقول:
"لا أتمنى لك أن تكوني يوما مكاني لا أنت ولا أي أنثى أخرى"
ربتت مي على كتفيها بحنو:
"أسفة مريم من أجلكً ..حبيبتي سامحيني لم أقصد تذكيرك بشيء"
"لا تأسفي لم يحدث شيء أعلم أنك تمزحين والآن هي بنا لا أريد أن يضيع الوقت في الكلمات"
خرجت من الغرفة بهدوء هي وصديقتها حتى لا يلفتن نظر أحدا متوجهة للخارج وفِي قرارها لن تعود لهذا البيت مهما حدث طوال عمرها هذا ان كان في عمرها بقية تذكر..وصلا إلى سيارة مَي ركبا بدون كلام متوجهتان إلى المكان المقصود,كلا منهما غارقة في تفكيرها..كل تفكير مَي في الخوف على من جانبها من قراراتها ومستقبلها,وأيضا من شيء تخبئه على زواجها جاسر,تذكرت بالأمس حاولت أن تبسط له الأمر حتى لا يتهمها أنها تفعل شيء من ورآه فهي جربت أن تُخفي عنه شيء سابقا ولولا حبه لها وتفهمه لغبائها هذه الفترة كانت دمرت حياتها وحرمت إبنتها من أن تنشأ بينهم. إتخذت قرارها بالأمس أن تخبره أنها ستخبّئ عنه شيء لا تريده ان يعرفه فكان رده:
"هل هو شيء لا تستطيعين البوح به لي ..لن أخبر أحد تعرفين ذلك حبيبتي"
ردت وقتها محاولة أن تفهمه صعوبة أن تبوح له بالأمر:
"هو لا يخصني كما أخبرتك جاسر كل ما أريدك أن تعلمه أني سأفعل شيء لا أريدك أن تعلمه أن تثق بي وأن تتفهمني لو إكتشفت الأمر"
صمت بملامح غامضة ليسألها بعدها:
"هل أنت مجبرة على المساعدة وعلى عدم إخباري"
تنهدت بضيق وهي تخبره بشكل قاطع:
"هي صديقه لي جاسر ولن أستطيع التخلي عنها يجب أن أساعدها وعدتها بهذا حاول أن تتفهم"
صمت بعدها محاولا إدَّعاء أنه تفهمها,ليجعلها تعده أن لا تتهور وأن تحرص ان مهما كان الأمر لا تساعد في أذية من تساعدها ولا أذية نفسها..نظرت لصديقتها الغارقة في أفكارها تضغط على شيء ما في يدها بقوة.
قالت بعدها:
"أوقفي السيارة مَي قليلا أريد إجراء مكالمة هامة"
أجابتها مَي وهي تحاول أن تأخذ جانب الطريق:
"لحظة واحدة حبيبتي لنوقف السيارة في مكان أمن وخالي نسبيا"
وضعت مريم ما بيدها بحرص شديد في حقيبتها وأخرجت هاتفها,عاقدة العزم بداخلها,إيهاب يجب أن يتعذب مثلها يجب أن تذيقه مما أذاقها هذا إن كان لديه ذرة إهتمام واحدة بها ولكن يجب أن يعلم بقرارها حتى لا يبحث عنها أبدا يجب أن تخبره للمرة الأخيرة بما يعتمل بصدرها..خرجت من السيارة تبتعد قليلا عن مسامع مَي,تطلب رقمه لأول مرة من يوم مغادرته لم تجيبه على أي إتصال أو رساله إنتظرت لحظات على الهاتف ليأتيها صوته يرد بلهفة مناديا إسمها بعدم تصديق...روحه تطالب بالتأكد أنها هي فعلا من تتصل به..أجابته هي ببرد وجفاء وقسوة مما تنوي أن تخبره به فهو معلمها الأول وهي أصبحت تلميذة نجيبة لأستاذها:
"مرحبا إيهاب."
رد عليها بلهفة غير مبالي ببرود نبراتها:
"مرحبا حبيبتي لقد إشتقت اليك,لا أصدق أنكِ خرجتي من صمتك وحدثتني !!"
ردف بصوت منتصر:
"أنا سآتي قريبا جدا مريم,ولدي خبر سيسعدك حبيبتي."
قاطعته بنبرات حادة باردة وكأنها ليست مريم التي يعرفها:
"لا أهتم إيهاب حقا لم أعد أهتم,أردت فقط أن أعلمك بشيء هام وأشكرك على اهتمامك بي طوال حياتي....لكن إيهاب على قدر ما أعطيت أخذت..إذاً أنا لم أعد مدينة لك بشيء"
قاطعها ببعض التشوش من نبراتها ومعاني كلمتها:
"مريم ما هذا الذي تقولينه أنا أخبرك أن....."
قاطعته هاتفة بحدة:
"توقف قليلا إيهاب وإسمعني,لقد إكتفيت منك ومن صمتك ومن حبك الزائف,من سريتك المهينة"
تغيرت نبرات صوتها للألم والمرارة التي لا تفارقها:
"لقد إكتفيت منك إيهاب أنا سوف أرحل وأخلصك من العار الذي حملتني إياه"
صمتت لبرهة واحدة ثم أضافت بإصرار قاتل لكليهما:
"سأقوم بإجهاض الطفل,سوف أقتل إبني بسببك وكم أتمنى من الله إن يأخذ روحي معه"
غلقت الهاتف بعدها غير عابئة بصراخه المجنون بها وفقدان سيطرته وعجزه ..صرخ بقهر وعجز من وضعه وبعده عنها:
"مريم إنتظري إسمعيني مريم أجبيني"
نظر لهاتفه يطلبها بيأس مرار وتكررا ولكن لا مجيب أبدا..وعندها صعدت إلى السيارة مرة أخرى دموعها تجري كالأنهار على خديها وقهر من كلماتها السامة التي ذبحتها هي وربما لا تعني له شيء ربما غضبه أن الأمور خرجت عن يديها ربما أراد أن يسيطر على الجسد الذي يستمتع به في الخفاء كما أخبرها سابقا..نظرت لها مَي بألم وعجز حاولت أن تتأكد منها للمرة الأخيرة:
"هل نذهب مريم؟ هل أنتٍ واثقة لن تندمي حبيبتي ؟؟"
نظرت لها مريم بالألم تخبرها من بين دموعها:
"لا يا مَي أخبرتك لقد إكتفيت حقا ولم يعد أي حل أخر أمامي أنا واثقه مما أريد تحركي الآن"
حركت مَي السيارة تمضي في طريقها وقد أُتخذ القرار المحتوم على الجميع.
0000000000000000000
الفصل الثاني عشر

يدور حول نفسه بجنون فاقد السيطرة تماما,حركة إرتباكه تجذب أنظار من حوله إليه,في الشارع المكتظ بالبشر في هذا الوقت من النهار,ينظرون بإستغراب إلى هذا المجنون بصراخه الذي يملأ المكان ولكن لا أحد يتوقف أو يبالي بركله سيارته تارة بقدميه وضربات يديه ولا سبابه بلعنات مرافقة,وتارة أخرى يمسك بهاتفه وكأنه يستجديه الرد,ولكن هل من مجيب أهات حارقة تخرج من صدره وكلمات تخرج بهذيان وكأنها أمامه حواره مع هاتفه وكأنه بشر وسيدركه في مصيبته يصرخ:
"ردي أرجوكِ مريم ردي لما لا تجيبني,اسمعيني,افهميني,لا تقتليني كيف إستطعت أن تقولي لي هذا؟! كيف؟ الصغيرة أصبحت بتلك القسوة,مستحيل أنت تهذين غير وارد أن تفعيلها بنا نحن الإثنين,لا يوجد لديك الشجاعة أن تقتلي جزء مني لن تعذبيني مريم".
ركل سيارته مرارا بقدميه ويديه تخبط بقوة على سقفها ليتوقف عما يفعل وكأنه أدرك مصيبته الآن ..بُعده آلاف الأميال عجزه عن الوصول إليها وإن كل ما يفعل غير مجدي لتتوسع عينيه بذهول:
"يا إلهي بل لن أستطيع فقدانك أنتِ..هل فقدتك..هل فقدتك لا مستحيل"
عاد إلى هاتفه غير قادر على التفكير في أي قرار صائب أو بمن يدركه,ليتمتم لنفسه بأعصاب منفلتة ويد مهزوزة من يستطيع منعها وإرهابها الآن عن الخروج من المنزل ربما لم تخرج لا بالتأكيد لم تغادر,عقله متوقف تماما لكنه مجبر باللجوء إليها يعلم أنه سيقدمها لقمة صائغة ولكن ما الحل أمامه لمنعها. ليضغط على هاتفه بإصرار ليجري ما يجري الآن,حتى إن لامته حتى طلبه المساعدة منها,ولكن لن يفقدها,لن يسمح لها بذلك بهذه السهولة,لذا توقف بعجز ينتظر لحظات قصيرة قاتلة بينما يرن الهاتف إلى أن يجيبه الطرف الأخر.
ردت إسراء بصوت مستغرب فهو لم يتصل بها من قبل..لم يهتم يوما بعد ما حدث بينهم:
"مرحبا إيهاب"
ليأتيها صوته صارخ يهذي فاقد السيطرة:
"إسراء توجهي إلى غرفة مريم سريعا أوقفيها عن ترك المنزل لا أهتم كيف حتى إن تشاجرتما أو أجبرتها بالقوة...كل ذلك لا يهم..حتى...حتى إن اقتضى الأمر,أنا أسمح لك قيديها حتى لا أهتم فقط لا تسمحي لها أن تترك غرفتها إلى أن أتي أتفهمين ما أقول"
ردت إسراء بصوت مذهول مستنكر من مطلبه:
"ماذا ؟ هل إيهاب من معي ما الذي تقوله أنا لا أستوعب شيئا"
رد عليها وصراخه يعلو بأمر قاطع:
"نفذي إسراء لا وقت لمناقشات سخيفة تحركي حالا"
تحركت إسراء بعد استشعارها أن هناك خطر مؤكد يحدث و إلا ما كان طلب منها هذا الطلب خرجت من غرفتها سريعا مندفعة في طريقها إلى غرفة مريم وتمسك الهاتف بيدها الأخرى لتقتحم الغرفة الخاوية تنظر بعينيها سريعا في كل مكان بحيرة .
أجابته على الهاتف:
"إيهاب مريم غير متواجدة في غرفتها"
"إبحثي جيدا إسراء في الحمام أو في أرجاء المنزل"
صرخ بها بلعنات:
"اللعنة إسراء إبحثيو تفحصي كل شيء"
أجابت بإستعجال وهي تتفحص كل مكان بالغرفة:
"إهدأ إيهاب ما بك أنا أبحث الآن ولكن لا أثر هنا سوف أفحص باقي المنزل و..."
أغلق الخط قبل أن تكمل حديثها لتعقد حاجبيها بتوجس وتساؤل يتردد في أفكارها المضطربة من كل ما يحدث حولها.
ما الذي يحدث مع هذان الاثنان وأين ذهبت مريم ولم هذا الجنون من إيهاب؟؟لفت نظرها باب الخزانة المفتوح الفارغ من بعض الملابس عقدت حاجبيها بتفكير وبعض الإدراك يضرب عقلها,هل رحلت بهذه البساطة..ألهذا كان فاقد السيطرة ولكن إلى أين ومن تعرف ولماذا هربت ؟؟.
مازال في تخبطه وجنونه وعدم سيطرته على نفسه ماذا يفعل لقد تركت المنزل الآن متأكد من يوقفها وكيف يجدها. تذكر بإدراك جاسر ولكن هل يستطيع ؟وهل يستطيع الأمل في أنها ربما أخبرت زوجته ؟لقد تركها وهو مطمئن أنها لا تفارقها,طلب جاسر وأتاه الرد سريعا فهتف به مسرعا:
"جاسر أنجدني,مريم هربت إتصلت تخبرني أنها سوف تُجهض الطفل"
"إهدأ إيهاب وتمهل ما الذي تقوله ؟؟"
صرخ به بجنون:
"أهدأ...اهدأ لا أحد يدرك مصيبتي أخبرك مريم هربت من المنزل وذهبت لتقتل طفلي وربما تقتل نفسها وأنا بعيد عاجز عن فعل شيء ولا منعها ..لا أعلم عنها شيئا في هذه اللحظة..العجز يكبلني كليا...لا أستطيع فعل شيء غير تذكر صوتها وهي تلقي بصاعقتها ..المصيبة فوق رأسي وتختفي,وتخبرني أن أهدأ"
,رق صوته أكثر بينما يترجاه بسرعة:
"تحرك أتوسل إليك أفعل شيء أي شيء أبلغ الشرطة تحرك جاسر الآن"
أتاه صوت جاسر وهو يغادر مكتبه مسرعا:
"حسنا إيهاب إهدأ فقط سأتحرك الآن لا أعلم من أين أبدأ لكن سأحاول"
توقف جاسر للحظات يتذكر كلمات مَي بالأمس القريب وإرتباكها صباحاً ونظراتها المضطربة مي تعلم بالأمر هي الصديقة التي تساعدها,أخبره على عجل:
"حسنا إيهاب أنا سأتصرف..سأُنهي المكالمة وأبلغك أي شيء أصل إليه"
رد عليه باضطراب ورجاء:
"حسنا جاسر أنا أثق بك سوف توقفها,انتظرك.."
أغلق الأخر الخط على عجل..نظر إيهاب إلى الهاتف وقد إنتابه الذهول من ما يحدث هل مريم اتصلت حقا؟ هل هربت؟!!ما يعيشه الآن من رعب حقيقي يحدث أم أنه في كابوس مرعب لا يستطيع الخروج منه ليتحرك ناحية باب سيارته المفتوح ببطء قاتل يجلس في كرسيه ينظر بعينين متسعتين أمامه,يحدث نفسه بتساؤل :
"كيف إستطعت فعلها يا مريم؟! وأنا بعيد مقيد هكذا لا أستطيع الوصول إليك لا أصدق أنكِ مثلهم تستغلين ضعفي لتضربي الضربة القاتلة الآن يا مريم ..ألم تستطيعي الصبر قليلا فقط الآن تسعي لأخذ الأمل مني بعد أن منحتيه لي تريدي قتل طفلي وقتل نفسك للهروب مني حتى أنتِ فشلت معك"
لا يستطيع أن يقاوم القهر الذي يشعر به العجز الذي أشعرته به الآن يجلس بعيد وربما الآن طفله يُقتل ولا يستطيع أن يدافع عنه ليؤكد لنفسه ودمعة رجولية تطفر عينيه بل طفليك إيهاب طفل تمنيته وطفلة ربيتها بيديك يُقتلان الآن وأنت عاجز كعادتك دائما ..دفن وجهه بين يديه على عجلة القيادة يجهش بصوت عالي من كتمانه لدمعاته يهمهم بتساؤل,لماذا الآن؟؟,لم الآن بعد أن شعر أنه إقترب من أن يحصل على سعادته وإستقراره أخيرا...لكن لا لم يكتب له بعد أن يهنئ بتحقيق حلمه الرجولي أخيرا...لا المرأة التي أحبها ولا الطفل الذي داعب خياله الأبوي لسنوات....
فهمس بوجع محترق يفتك بأحشائه:
"اااااااااااااااا ه يا مريم لقد حطمتيني...حطمتيني كليا".
****************
"هيا مريم لقد وصلنا عيادة الطبيبة حبيبتي"
نظرت لها مريم بعيون متسعة وكأنها لا تعي ما تخبرها به ..شعرت أنها في حلم تنجر إليه وتسايره غير قادرة على التوقف أو حتى العدول عن رأيها,سوف تقتل طفلها,ستقتل قطعة من إيهاب,من الرجل الذي أحبته,هل هي بكل تلك القوة..ربما لا لكن في ظروفها ما كانت لتسمح لنفسها بأن تغامر بغير ذلك حتى..هزت رأسها بحيرة وأفكارها تتبلور إلى حديث عاجز مع نفسها,فما من حل أخر أمامها هي ستفعل ذلك من أجله,لن تكرر مأساتها لن يعيش مثلها منبوذ مكروه,إبن حرام لا يحمل هوية إن كانت هي قد منحها عمها حسين إعتراف بها..كيف سيفعلها إيهاب ويسجله بإسمه مع خوفه من القوانين؟ ضحكت بألم أو تمثيل خوفه مريم تلك هي الحقيقة إيهاب لو أراد فعل شيء سيفعله تعلم هذا جيدا,همست لطفلها وهي تحيط خصرها ودموعها تنزل على خديها:
"آسفة صغيري سامحني أرجوك هذا من أجلك أنت كم أتمنى أن ألحق بك..والدك هو السبب أنا لم أقصد أن أتي بك أو أقتلك حبيبي"
ربتت مَي على ذراعها تحاول أن تلفت إنتباها إليها تخاطبها:
"يكفي مريم عذاب في نفسك أخبرتك حاولي الرجوع عن قرارك قتل طفلك ليس هو الحل حبيبتي .هناك حلول أخرى أنت لا تفهمين الآن مريم ماذا يعني طفلك؟ قطعة منك عالمك لن تشعري إلا وهو بين يديك تضميه إلى صدرك تكتفي من العالم بمجرد إبتسامة منه في وجهك عَل....."
نظرت لها مريم بألم,تقاطع حديثها المسترسل الذي كان يدغدغ أفكارها وأمانيها لكنها لا تستطيع أن تتراجع وتضعف لذا همست بحزم:
"كلام رائع منك لكن لمَ لمْ تفعل فريال ذلك معي لمَ لمْ تُحبّني يوما ليس كل النساء مثل ما تصفين هناك أمهات لا يستحققن اللقب أنا عشت مع احدهم وأعلم هذا جيدا",وأضافت بعزم واهي:"هيا الآن لا أريد أن يضيع الوقت لا فائدة ولن أتراجع مهما حدث"
لتخرج كلتاهما من السيارة متوجهتان إلى العيادة الطبية.
طبيبة مَي الخاصة التي إستطاعت بصعوبة أن تقنعها بما تريد بعد أن شرحت لها بعضا من ظروف مريم وخوفها أن تلجأ مريم لأحد ما غير جدير بالثقة أو الحرص على حياتها..توجها لغرفة الطبيبة مباشرة والتي لا يوجد بها أحد إلا ممرضة بناءً على رغبة الطبيبة حتى لا يشك أحد في الأمر إن حدث شيء,تقدمت مَي في المسير ومريم وراءها بخطوات بطيئة مترددة تمنع دموعها بصعوبة من الهطول ولكنها تشوش الرؤية أمامها.
سمعت صوت مَي يخاطب مساعدة للطبيبة تسألها:
"مرحبا أخبري الدكتورة فريدة أني هنا وقد أتت معي صديقتي..إنها تنتظرني"
أجابتها الممرضة بتفحص بملامحها الهادئة التي لا تمثل طبيعتها فهي تعرفها جيدا أثناء متابعتها لحملها هنا والأخرى التي ورآها تقف بخوف وإرتعاب كأنها منقادة لموتها,قالت تحدث مَي بهدوء مماثل لهدوئها:
"مرحبا بكِ مدام الدكتورة فريدة تنتظركما بالفعل منذ بعض الوقت,لقد تأخرتما قليلا تفضلوا أمامي"
ذهبتا خلفها وهما على نفس الحالة وكل واحدة منهما غارقة في فكرها الخاص..بعد دقائق جلست مريم بإرتباك أمام الطبيبة ..تبدو في منتصف العمر وجهها يعطي راحة غريبة من المفروض أن ترتعب منها وتخشاها ولكنها شعرت بالراحة بين قسماتها رضى غريب..خاطبتها الطبيبة بعد أن كانت تُحدث مَي بصوت هادئ يبعث على الاطمئنان:
"مرحبا مريم ..سعيدة برؤيتك حبيبتي حدثتني مَي عنك وعن طلبك"
ردت مريم بإرتباك وألم من وضعها الحالي كأي مخطئة تقوم بمداراة جريمتها:
"مرحبا وأنا أيضا سعيدة برؤيتك"
وأضافت بتلعثم:
"وأشكرك لقبولك مساعدتي"
أغلقت الطبيبة أهدابها ناظرة لما بين يديها وكأنها تفكر وتدرس من أمامها والتي لم يسبق لها أن رأتها تبدو صغيرة للغاية عن كل ما يحدث قالت بعد برهة:
"على الرحب مريم ولكن أريد أن أسألك بعض الأسئلة أولا"
"تفضلي"
"لما تريدين التخلص منه بنيتي إن كنت متزوجة..أنت صغيرة للغاية حبيبتي على مخاطره مثل تلك"
لم تعرف مريم بما تجيبها صمتت لبرهة وبعدها أجابت ببعض التوتٍر:
"ظننت أن مَي أخبرتك عن أسبابي أرجوك لا تقولي أنك ستغيرين رأيك ..أنا مستعدة للإمضاء لحضرتك على أي ورقة تُخلي مسؤوليتك أنا في الأساس لا أهتم أوأحرص على حياتي",لتنزل دموعها المحبوسة وهي أضافت بصوتها المتألم:"هذا ما أتمناه ومن الأساس لن يهتم أحد بوجودي أم عدمه"
نظرت الطبيب لمي ترى ردة فعلها من كلام صديقتها نظرت لها مَي برجاء صامت وثقة أنها تستطيع أن تفعلها وتساعدهم تحركت الطبيبة من مقعدها متوجهة لمريم الجالس مقابل لها وهي تفكر ربما يكون إقناعها صعب مع كل هذا الألم النابع من صوتها ومظهرها لو لم تثق في مَي وتعرفها جيدا ما كانت صدقت كلامها وظنت أن من أمامها مخطئ كالعاديات من مروا عليها بحكم مهنتها وقامت بطردهم شر طردة بدون ذرة تفاهم ولكنها تتفهم ما أخبرته به مَي والآن مع مظهر من أمامها تأكدت أنها أخذت القرار الصحيح ربما مهنتها كطبيبة تحتم عليها أن تنحي مشاعرها جانباً ولكنها الآن لا تريد إلا أن تضم هذه الطفلة المذعورة وتبثها الاطمئنان على قدر إستطاعتها كبت شعورها هذا بصعوبة لتصل إلى مريم ربتت على كتفها بحنان وهي تحدثها:
"لا تقولي هذا بنيتي بالتأكيد هناك من يهتم أنا لم أراك إلا من دقائق وأهتم حقا بك وبحياتك"
نظرت لها مريم وكأنها ترجوها ألا تقول مجرد كلمات,هزت الطبيبة رأسها بتأكيد صامت وهي تكمل:
"الآن حبيبتي وقبل كل شيء يجب أن أعلم ما عمر جنينك ووضعه"
لتتساءل مَرْيَم بصوت خافت:
"لما وما الفرق ؟؟"
"لأستطيع أن أحدد حبيبتي هذه مهنتي ..هيا أمامي لن تخسري شيء استمعي لي فقط واطمئني"
توجهت معها مريم بصمت لتعدل الطبيبة وضعها وهي تخبرها:
"أنا صرفت المساعدة وسوف أقوم بالأمر بنفسي حتى تكوني أكثر راحة"
بدأت بإستعداداتها وفحص الجنين أمامها على شاشة ما يدعي (بالسونار) إلتفتت لها الطبيبة مبتسمة تحاول بثها إطمئنان واهي تحدثها بنبراتها المطمئنة وهي ترى دموعها التي لا تتوقف:
"أتريدين سماع دقات قلبيهما"
هزت مريم رأسها بنفي وبعدها بتردد بموافقة من حقها توديعه كما ودعت والده ..وقفت مَي هناك تراقب الوضع بصمت وترقب لديها أمل في إن تساعدها الطبيبة فيما فشلت هي فيه ...نظرت لها مريم عند سؤال الطبيبة لتشجعها بنظراتها ومع موافقة مريم المترددة قالت مَي لها:
"اسمعيها مريم لن نخسر شيء ..إنه سحر حبيبتي شعور لن تستطيعي تعويضه أبدا ..قطعة منك تنبض بداخلك أنتِ من منحتيها الحياة"
وبدون أن تؤكد أو تنفي قامت الطبيبة بجلب جهاز ما وضعته على بطنها المنتفخ قليلا وهي تحاول ضبطه وقالت لمريم بصوت مقنع دافئ:
"عمرهم يتعدى الثلاث أشهر الآن..ما تريديه مخاطرة حبيبتي وحرام لقد دبت بهم الحياة أنت تريدين أن تقتلي روحين لا ذنب لهم في مشاكلك أنت وزوجك"
نظرت لها مريم بتشوش لما تتكلم بصيغة الجمع لا تفهم وقبل أن تدرك كان يعلو الجهاز بضجيج صوت دقات تعلن عن تشبثها بالحياة ...لم تستطع أن تتخلى عن شهقاتها وهي تستمع إلى هذا الصوت ..لم تحدد بما شعرت لم تكذب مَي عندما أخبرتها بوصفها انه سحر صوت ساحر فإن قالت أنه أجمل ما سمعت يوما فهل سيصدقها أحد؟! حولت نظرتها إلى الجهاز الذي يوضح وضع الجنين لأول مرة منذ أن بدأت الطبيبة فحصها دموعها تشوش عليها الرؤية وصوت شهقاتها العالي يحجب عنها ذلك الصوت الذي يعلن عن اعتراضه بقرارها عن حق في الحياة مثلها من هي لتمنعه من فرصته مسحت دموعها بعنف تريد أن تراه .جزء منها ومنه إتحدا في كيان واحد بداخلها هي..خاطبتها الطبيبة عند رؤية محاولتها الواهية أن تنظر نحو الشاشة و أن ترى ما أمامها من بين ضباب الصورة:
"هل رأيتهم حبيبتي حاولت أن تشرح لها ترشدها عن وضعهم ومكانهم ليتضح لها الرؤية"
قاطعتها مَي الغارقة في دموعها مثلها ..لديها آمل أن تتحرك مشاعر الأمومة لديها أن شعرت بهدية الرحمن إليها:
"عفوا فريدة ولكن لما تتكلمين بصيغة الجمع"
نظرت لها فريدة عاقده حاجبيها:
"عفوا مَي هل انتم لم تعلموا من قبل أنهم توأم"
نظرت مريم لها بصدمة تتفحصها أنها تمزح أو محاولة أن تجعلها تعدل عن قرارها..أما مَي تحدثت بذهول:
"ماذا توأم !!هل أنت متأكدة؟بالتأكيد هناك خطأ ربما الجهاز به عطل أو......"
قاطعتها فريدة:
"كفي عن إستنتاجاتك مَي أرجوك بالطبع أنا متأكدة والجهاز سليم"
توجهت لمريم المصدومة أمامها بالسؤال:
"متى أخر فحص قمتي به"
هزت مريم رأسها بنفي بعينيها المتسعة مرة وبالتأكيد مرة..قالت بصوت مذهول مصدوم:
" حقا ما تقولين توأم !!هل تمازحونني,أنا لم أقم بأي فحص من قبل ربما عند اكتشافي الحمل"
وأضافت بتشوش:
"لا أتذكر كيف كان الفحص أنا..أنا لا أعلم هل أنت جادة؟"
أشارت الطبيبة إلى الجهاز بتوضيح:
"بالطبع جادة مريم وهل أمزح معك أنظري حبيبتي"
أشارت إلى الجنينين اللذان في مرحلة التكوين بتأكيد موضحة أين يوجد مكان كل منهما...مازالت نظرتها المصدومة تتفحص الطبيبة الجادة ومي المذهولة تريد منهم أي نفي أي تكذيب ولكن لم يعطيها أحدهم ما تريد,لتغلق بعدها الطبيبة الجهاز وتسحب منها جهاز فحص قلب الجنين ,لتواجه مريم الراقدة أمامها مصدومة..حدثتها بصوت جاد مخاطبة مشاعر الأمومة التي كانت تأمل أنها موجودة فيها حتى بدون أن تراها ترجع الأمر أن هذه هي الفطرة الذي خلقها الله داخل كل أنثى
"أنظري إليّ مريم واسمعيني جيدا ..لأكون صريحة واضحة معك عندما أتتني مَي تطلب المساعدة لصديقة تثق بها وتحمل معزة خاصة لها كلمتني عن بعض من ظروفك إبنتي لن أجمل لك كلامي في أول الأمر رفضت رفضا قاطعا ما تطلبه مني,أنا لا أفعل تلك الأمور مهما كانت الأسباب والظروف وكدت أن أطردها رغم ثقتي ومعرفتي الوطيدة بها,لكن عندما شرحت لي أنها فقط تريد أن تأتي بك وإيهامك أني وافقت على ما تريدين كان كل أملها أن تغيري رأيك عن ما تريدين فعله عندما ترين طفلك وتسمعين نبضاته,وتستوعبين ما أسمعتك إياه ربما يبدو للبعض مشاعري مرهفة لكن حبيبتي أنت فقط من تستطيع أن تسمع وراء دقات طفلك خطابه لك وكأنه يخبرك تمسكي بي,أحبيني,احميني,أنا لا يوجد لدي غيرك لأعتمد عليه...يا بنيتي أي كانت ظروفك هذا طفلك قطعة منك وان شاء الله إن أتم حملك على خير سوف يصبح عالمك الصغير سندك إنسان يحبك ويتعلق بك بدون شروط آو قيود لا ينتظر منك إلا الاهتمام وحب متبادل منك له فكري مرة واثنتان حبيبتي كيف تستطيعي قتله بعد كل ذلك وهنا أنت لديك عالم صغير خاص بك عوضك الله به طفلين قطعتين منك يمنحونك الأمل في غد أفضل بهم هم هل تفهميني مريم"
ردت مريم من بين دموعها التي هطلت مره أخرى مع كل كلمه تخبرها الطبيبة بها مسدت على بطنها بحركة لا شعورية وكأنها تعتذر بدون كلام:
"أنا فقط لا أصدق حقا لا أصدق كيف حدث هذا أنا لا أعلم...لا أعرف"
أجهشت عبراتها وهي تكمل:
"أنا آسفة لم أعي ..أردت أن أخلصه من عذاب مؤكد سوف يراه أنتم لا تعلمون ما رأيته ألا يجد من يدافع عنه..أنتِ لا تفهمين أنا حتى لا يوجد معي ما أثبتهم به أمام المجتمع"
قاطعتها الطبيبة:
"إهدئي مريم وفكري في كل ما حدث منذ دقائق بهدوء أي كان ما تقولين أنا أتفهم مخاوفك لكن حرصك هكذا على جنين لم يكتمل وخوفك عليه يؤكد لي إنك أم صالحة وسوف تدافعين عنهما بكل ما تملكين من قوة أنا أثق بك راجعي تفكيرك حبيبتي"
وأضافت بوجه مبتسم مشجع:
"طفلين حبيبتي عالم خاص بك وحدك جزء من روحك لن يستطيع أحد أن يفصله عنك يوما لا ترتكبي ما يغضب الله منك حتى لو بالتفكير ستندمين يوما على تفكيرك بقتلهم,إذا تخيلي شعورك لو قتلتهما حقا"
نظرت لها مريم برجاء لا تعلم ما الذي تريده منها ولكن داخلها وبعد سماعها لهم ورؤيتهم لا تستطيع أن تحدد ما تريد مشوشة مذهولة طفلين إبتسمت بألم تخاطب نفسها:
"كنت سأقتل نفسي,أقتل قطعه منك إيهاب فكيف الآن وهما إثنان آه وكأنك تؤكد على إمتلاكك لي جزأين من روحك إختلاط بروحي وأحشائي"
أكملت الطبيبة كلامها:
"اسمعيني مريم أنا أتفهم تماما شعورك وصدمتك الآن لكن كما أخبرتك كلي ثقة بك خذي وقت ابنتي فكري جيدا في كلامي وأنا أعدك وان كان هذا ضد مبادئي أن أساندك في أي قرار تقومي بالعزم على تنفيذه لاحقا.."
نظرت لها مَي بنوع من الإستفهام بتبادلها الطبيبة النظرات بكلمات غير منطوقة تؤكد لها مريم لن تفعلها ولن تفرط في طفليها مهما حدث.
*************
بعد وقت طويل جلًستا في السيارة بدون كلام,مَي تنتظر منها القرار والخطوة القادمة والأخرى مشوشة تمام لا تعلم ماذا تفعل وكيف ستكون خطوتها التالية,قالت مريم أخيرا تقاطع الصمت تخبر صديقتها:
"مَي أنا إن عدلت عن قراري في أن أقوم بتأجيل إجهاض طفلي لن أتراجع أبدا في قرار عدم العودة للمنزل أو إيهاب ولكن أنا لا أعلم أين أذهب أنا لا أعرف أحد هنا غيرك وان عدت لأمريكا لا يوجد لدي أحد هناك..لا أعلم ماذا أفعل؟"
,وأضافت بتذكر:
"أنا لدي بعض المال هنا كان يضعه لي إيهاب في حسابي بشكل منتظم ولكن أنا لم استخدمه يوما استطيع سحبه وأخذ سكن صغير إلى أن أعلم خطوتي القادمة"
ردت عليها مَي بصبر وتفهم:"مريم أظن أننا تناقشنا في هذا الموضوع من قبل قرارك بأخذ سكن مستقل هنا صعب ومع حملك أيضا أنت لا تعلمين ماذا يعني فتاة حامل تسكن وحدها في بلادنا حبيبتي هذا مرفوض"
"إذا ماذا أفعل وأين أذهب هل أذهب لأحد الفنادق أو...؟"
ظلت تتمتم سؤالها المرتبك معلقة بينما تقاطعها مَي:
"مريم هل تثقين بي صحيح حبيبتي أخبرتك أنا رتبت لكل شيء نحن سنذهب لعمتي الآن هي وافقت على إستضافتك المدة التي تريدين إنها تعيش وحيدة هي وإبنها شاب صغير في المرحلة الثانوية"
قاطعتها مريم:
"ولكن أنا لا أريد أن أثقل على أحد أو أثير التساؤلات لا أريد التحدث مَي افهميني أنا أريد مكان منعزل لأستطيع التفكير في القادم..أيضا عمتك يعني أن يعلم زوجك وسوف يخبره بالتأكيد وأنا لا أريده أن يعلم مكاني مهما حدث"
"لن تثقلي على أحد أخبرتك أنها متحمسة لرؤيتك حبيبتي واطمئني جاسر مستحيل ان يعلم من سيخبره فصلته بعمتي تكاد تكون معدومة هي لا تحبذ حياة الصخب ولديها بيت صغير يبعد عن المدينة ثقي بي سوف تحبينها وستحترم أي صمت منك طبيعتها لا تحب الفضول ولكنها مستمعة جيدة وتحب المساعدة وقت الحاجة"
وأضافت بتساؤل:
"هل نذهب مريم ؟؟"
نظرت لها مريم بتشوش لا تستطيع اتخاذ قرار ولكن ما الحل الآخر المتاح الآن ستستمع إليها إلى أن ترتب خطواتها جيدا وبعدها تختفي من أنظار الجميع حتى مَي هزت رأسها بموافقة مترددة.
تنفست مَي الصعداء وهي تأخذ طريقها فإلى الآن حققت ما خططت له..يجب أن تكون مريم تحت عينيها حتى لا تفعل شيء متهور تضر به نفسها..لديها آمل أن تصلح حياتها ولكنها تسايرها فيما تريد لأنها توافق وبشدة على انتفاضتها لنفسها وان كانت أتت متأخرة نعم متأخرة بطفلين..مازالت مذهولة نعم هذا يحدث ولكن أن يحدث لمريم بالذات بظروفها تلك ..تحدثت بصوت مستنكر طبيعتها تغلب عليها أن لا تصمت:
"طفلين يا مريم دفعة واحده كيف فعلتيها"
نظرت لها مريم بإستغراب من السؤال:
"كيف فعلت ماذا؟؟"
وأضافت مَي بجدية,المغلفة بالإستغراب:
"كيف إستطعت أن تأتي بطفلين حبيبتي دفعة واحده؟! أنا أريد الطريقة"
توسعت عيني مريم ونظرت لها بتوجس وهي تخاطبها:
"أي طريقة التي تريدين علمها تلك"
ردت مي بتعالي:
"بالتأكيد يا بلهاء لا أقصد طريقة الحمل ولكن كل فضولي لأعلم كيف استطاع من يملأ رأسنا"
وأضافت وهي تسخر من كلمات إيهاب تقلد صوته بتصغير للكلمة:
"(صغيرتي طفلتي ) وأنتِ تحمليني طفلين لا أخبئ عنك لي خيالات في طرق قتله لا أستطيع أن أتوقف عن تخيلها يستفزني,أختي طفلتي صغيرتي وأنتِ تحملين طفلين كيف فعلها"
نظرت لها مريم بتوجس حسنا يبدو أن من يدعوها بحمقاء لديه كل الحق به.
بعد وقت وصلا إلى بيت يبدو منعزل قليلا كما وصفته مَي لها محاط بسياج حديدي من كل جانب وباب حديد ضخم تم فتحه لهم فور أن عرف الحارس بهوية مَي.
ترجلت من السيارة لتشاهد حديقة بسيطة مشذبة بعناية يتوسطها بيت متوسط يبدو قديم الطراز وتنتهي أطراف الحديقة على جدول مائي رائق..المظهر العام مريح للعين بمجرد أن يقع البصر عليه .
وقفت مَي بجانبها تشجعها على التقدم بعد أن شعرت بترددها:
"هيا مريم أنتِ تنظرين إلى المكان الذي ستعيشين فيه,فلا تخافي أو تتردي أعدك سوف تحبين المكان ومن في المكانً"
خاطبتها مريم بشرود:
"لم تكن مشكلتي يوما مَي في أن أحب أحد ولكن هل هؤلاء الأشخاص سيتقبلونني أو يحبونني ..لم يستقبلني أحد يوما إلا أنت وأسرتك"
ربتت مَي علي يدها بتشجيع وهي تسحبها متوجهين إلى المنزل:
"كُفي عن كآبتك قليلا..أخبرتك مرارا وأكررها لك فالمشكلة لم تكن بك بل بهؤلاء معدومي المشاعر الذين كنت تعيشين معهم,كما أنك قلتها أسرتي أحبتك وعمتي من أسرتي أي بالتأكيد ستحبك هيا أمامي جاسر سيقتلني لم أحدثه منذ الصباح وتركت إبنتي لوالدته ..مؤكد مللت مني اليوم بعقلك الصدئ وأنت أيضا يجب أن تستريحي كما أخبرتك الطبيبة"
وصلا لباب المنزل طرقت مَي الباب متصنعة المرح والصخب فهي قلقه للغاية مما سيحدث لها هي من جراء ما تفعله و تدعو الله أن لا يكتشفها جاسر ويقوم بالضغط عليها فهي لن تخبره بشيء ولكن تعلم كم ستكون ردة فعله قاسية.
انتظرت لحظات فقط فتحت لهم الباب إمرأة تبدو في العقد الخامس من عمرها بملامح هادئة ووجه مرحب مبتسم أنيقة للغاية وكأنها ذاهبة لحفل ما بمظهرها هذا
فتحت مَي ذراعيها تحتضنها بصخب:
"هنون إشتقت إليك جدا ها قد أتيت وجلبت لكي مصيبة أخرى ربما تستطيعي أن تعلميها ما فشلتم فيه معي"
ردت عمتها بضجر:
"ألن تعقلي أبدا ..يبدو أن زواجك من ذلك المجنون زادك حماقة"
تصنعت الجفاء وهي تبعدها:
"ابتعدي أريد أن أرى مصيبتك الجديدة وما جلبته لي"
فإبتعدت مي وضحكتها تعلو
إرتبكت مريم من كلام تلك المرأة وشعرت بالخوف قليلا ..يبدو أنها مجبرة على التقبل لا كما أخبرتها مي,لاحظت عمة مي عليها ذلك فتقدمت تسحبها من يدها وهي تقول بصوت جاد:
"مرحبا عزيزتي سامحيني حبيبتي ولكن بعض العادات لا نستطيع التوقف عنها..لا تخافي نحن نمزح فقط بل أنا كلي شوق لأراكِ منذ حديث الحمقاء عنك"
قاطعتها مَي بإعتراض:
" أنت أيضا تدعوني بذلك الإسم الذي أطلقه عليّ المجنون"
نظرت لها هناء وهي تجذب مَرْيَم من يدها بدون انتظار إجابة إلى الداخل:
"هو مجنون وأنت حمقاء هذه هي الحقيقة الوحيدة المؤكدة"
بعد وقت من تبادل التعارف المحدود لإدراكهم أن مريم مازالت متوجسة من الوضع كما أنهم راعيا كل أحداث اليوم القاتلة وما مرت به وجهت لها هناء الحديث:
"حبيبتي أنا قمت بتجهيز غرفه لك بجوار غرفتي ..أعلم وضعك الصحي ويجب أن ترتاحي أكبر قدر ممكن تعالي معي سأريك غرفتك لترتاحي قليلا أريدك أن تتصرفي هنا كما تشائي وتحبي أنا مثل مَي تماما لا تقلقي حبيبتي"
تمتمت لها مريم بشكر خجل متلعثم فهي إلى الآن لا تستوعب كل ما يجري حولها ووافقتها على اقتراحها تريد الانفراد بنفسها تفكر في كل ما حدث اليوم والذي يصعب تصديقه تماماً لعقلها,نهضت مَي هي الأخرى:
"أنا أيضا يجب أن أغادر هاتفي نفذت بطاريته وبالتأكيد جاسر سوف يجن وأنا لم أخبره عن وجهتي"
قالت مريم تخاطبها بتلعثم:
"هل ستتركينني هنا وحدي ؟؟"
إقربت منها هناء تتولى الرد لتحاول التقرب منها:
"حبيبتي لن تتركك وحدك أنا هنا لا تخافي مريم وأعطني القليل من الثقة"
وأضافت بمرح :
"انتظري قليلا فقط وستخرجينها زمن حياتك وتكتفي بي أنا"
إلتفتت لمي:
"هيا أنتِ إلى مجنونك وفنار وإنسي مريم هي معي وهناك طفل يجب أن نعتني بأمه ونراعيها حتى لا يغضب منا"
غادرت مَي أخيرا متنفسة الصعداء كل ما رتبت إليه إلى الآن سار بشكل جيدا تدعو في سرها:
*هداكِ الله إلى الصالح يا مريم ولينتقم الله منك إيهاب على ما سينزل بي من عقاب ولكن لا يهم*
حدثت نفسها بزهو آه لو تستطيع أن تخبر جاسر بما صنعت من يدعوها بحمقاء !!
***************
بعد وقت وصلت مَي إلى المنزل لتجد الجميع في حالة ترقب وقلق,ألقت السلام غير مدركة لحالتهم تلك,توجهت إلى إبنتها الجالسة في أرضية غرفة المعيشة تلعب ببعض اللعب لتجلس بجانبها تضمها إليها تتشمم رائحتها وهي والصغيرة تبادلها العناق وتثير الصخب بصوتها الطفولي مرحبة ب (ققا ) خاطبتها مَي وهي تحتضنها ,تخاطبها بحنو:
"يا روح (الققا) إشتقت لكِ حبيبتي لو تعلمين ما فعلته اليوم الققا بسببك أنت"
إنتفضت بمفاجأة لقد سحبها أحدهم من ذراعها بعنف وقبل أن تهم بتساؤل إصطدمت بوجه جاسر الغاضب وعينيه الشرسة تلقي النيران إبتلعت ريقها بتوتر وقالت بتلعثم:
"ماذا هناك جاسر لم جذبتني هكذا"
تمتم لها من بين أسنانه:
"أين كنتِ مَي من الصباح وأنا أهاتفك وبحثت عنك في كل مكان لم أجد لك أثر"
ردت بتلعثم وخوف أن يكتشف شيئا مما حدث,ماذا تخبره لم تجهز للأمر أو تحسب للمواجهة:
"أنا.....أنا"
صرخ بها:
"قولي أين كنت وأي مصيبة فعلت؟؟ أعرف قلة عقلك وغبائك؟؟"
بدأت الصغيرة في البكاء والهلع من صراخه,حاولت مَي التملص من إمساكه بها وهي تهتف به:
"أتركني جاسر لقد أفزعت إبنتي"
تدخلت أمه تنهيه:
"يكفي جاسر حاسبها في وقت لاحق ما ذنب ابنتك لقد أخفت الطفلة"
جر جاسر مَي من يدها و قال بصوت غاضب:
"إعتني بها أمي وهدئيها"
"يا بني توقف..ماذا فعلت لك ؟!"
أجابه بصوت قاطع:
"أرجوكِ أمي لا أحد يتدخل إهتمي فقط بالطفلة التي تتركها الهانم من الصباح إلى الآن وتأتي تعترض على الصراخ"
تمتمت مَي بخوف من ورائه وهو يسحبها إلى حجرة مكتبه داخل المنزل:
"ماذا حدث جاسر؟؟ لقد أخبرتك في الصباح بذهابي لمريم"
تركها جاسر في منتصف الغرفة وأغلق الباب جيدا بعدها توجه إليها:
"جيد مَي أتيتِ مباشرة في الحديث ذهبتي مريم التي إختفت مع إخبارها لإيهاب بقتل الطفل وقتل نفسها وأنا كالمجنون أبحث عنكما منذ أخبرني وأتصل بك ولا مجيب أين مريم يا مَي؟"
نظرت له مَي بصدمة لم تكن مفتعلة بسبب أنها لم تعلم بإخبار مريم إيهاب بالأمر هل وصل بها الضغط عليها لتنتقم بهذه القسوة ؟!!
تمتمت له مَي بذعر من ملامح وجهه ونبرات صوته وأيضا العهد الذي أخذته لمريم:
"أنا لا أعرف لا أعلم عن ماذا تتحدث لقد زرتها في الصباح وكانت كانت جيدة وبخير حال وووا بعدها ذهبت لعمتي كانت مريضة تعلم نادرا ما أزورها ولم أشعر بالوقت"
أمسك ذراعها يضغط على أسنانه بشراسة:
"مـــــــــــــي هل تكذبي عليّ"
إبتلعت ريقها بتوتر:
"لا أنا لا أكذب"
"إذاً من الصديقة التي أخبرتيني أنك ستساعدينها بالأمس ولن تستطيعي إخباري قولي"
هزت رأسها بنفي وهي تقول بصوت قاطع:
"لن أخبرك جاسر مهما حدث أبدا لقد وعدتها وهي تستحق بعض الإخلاص من أي إنسان لن أفعلها أبدا"
نظر لوجهها الذي عليه علامات العزم والإصرار ووجها الكامل بكلماتها القاطعة..سيطر على نفسه قليلا يحلل الوضع الراهن بعقله إن كانت مريم تأذت لن تأتي مَي إلى هنا وعلامات الراحة على وجهها كما رآها عند دخوله عليها وهي تلاعب إبنتهم ..حاول أن يتمالك نفسه وهو يلقي سؤاله بطريقة أخرى ملتفة فهو متأكد بشكل قاطع أن صديقتها هي مريم,وقال بصوت جاف لها:
"هو سؤال واحد مَي وأقسم إن لم تجاوبي بصراحة عليه أن تري مني ما لا تتوقعينه"
"هل آذيتي أي مخلوق أيا كانت الصفة التي يحملها أثناء مساعدتك تلك؟ أجبيني هل صديقتك في أمان ؟"
نظرت له بتوجس وخوف من نبرات صوته هزت رأسها بنفس غير قادرة على الكلمات.
"اللعنة مَي ماذا يعني هذا؟هل آذيتي أحد ؟"
قالت بلهفة,غافلة عن زلة لسانها مع محاولتها تهدئة الشرر في عينيه:
"لا أقسم لك لم أؤذي أحد بل أنا أنقذت ثلاث أرواح أقسم لك هذا ما حدث وصديقتي في أمان تام الآن بل وضعها الحالي أفضل بكثير من وضعها السابق"
دمدم بخفوت والنظرة في عينيه تتألق بتربص مختلف:
"متأكدة يا مَي!!"
صرحت بتأكيد حازم:
"أقسم لك جاسر ثق بي"
سخر منها وهو يتركها:
"أثق بكِ يا مَي لماذا ؟!هل أنا أحمق لأتناسى كل أفعالك؟ أنت لن تنضجي يوما سوف تظلين حمقاء ..حبي لك لا يعني أبدا أن أنسى تلك الحقيقة ولكن يا مَي إن ثبت لي أنك كنت طرف في أذية أحد والله يا مَي لأعاقبك بنفس العقاب"
ردت بتوجس:
"ماذا تعني؟ وأي عقاب ؟"
ترك الغرفة وهو يهتف بها:
"راجعي نفسك وإعلمي بما ساعدت وأنت ستعلمين حينها ما هو العقاب؟!"
توجه فورا إلى والدته التي تحاول مهادنة إبنته التي لم تتوقف عن البكاء نظر لها بإعتذار وأخذها منها ضمها إلى صدره لتهدئتها وهو يتمتم لها بإعتذار:
"أسف صغيرتي سامحيني حبيبتي ولكن أنا أشعر بألم صديقي عندما أنظر إليكِ..فقدانه طفل حلم به شيء قاتل وأن زوجتي أنا لها يد من بين البشر كيف أستطيع مسامحة نفسي؟!"
هدأت الصغيرة بين يديه قليلا ,وهو ربت على ظهرها بهدوء متشبثة به وهو شارد مع من يكاد يُجن هناك عاجزا أن يفعل شيء..فهو يصدق حمقائه الخاصة لم يحدث شيء إلى الآن ولكن سوف يبحث ورائها ويتأكد بنفسه.
لن يخبر إيهاب أنه يشك أين مريم فغبيته أخبرته ما يريد بدون أن تدري هي لدى هناء بالتأكيد ..إن مَي رغم كل حماقتها وتلاعبها ولكنها فاشلة في الكذب ولكن ربما الغبي الأخر إيهاب يستحق اذا كانت مريم بخير وطفلها أن يتركه يتعذب قليلا ليدرك غبائه وظلمه لزوجته لعله يقدر النعمة التي كانت بين يديه.
وقف متوجها إلى طابقه بعد أن شعر بسكون جسد الصغيرة بين يديه وجد وجه مَي الباكي ينظر له برجاء وتفحص مدت يدها تحاول أخذ إبنتها أزاح يدها بحدة وهو يأمرها بصوت خافت ومازالت نبرات الغضب تسيطر عليه:
"إبتعدي إياك والإقتراب منها وأنصحك بالابتعاد عني تجنبيني تماما"
أضاف بتشدق:
"أو عودي إلى حصنك القديم".

Nor BLack 11-10-19 04:33 AM

الفصل الثالث عشر –

دخلت غرفتها بحيرة مما حدث منذ قليل إتصال إيهاب وطلبه الغريب..عصبيته وهذيانه حول مريم وحبسها بالإجبار,ومريم التي إختفت فجأة,لا تستطيع إلا أن تتوقع أنها بدون شك قد هربت,من منظر غرفتها التي ينقصها العديد من الأشياء التي تخصها. ولكن لما؟هل هذا بسبب ما فعله بها ممدوح؟ولكن إلى أين؟وهي لا تعرف أحدا هنا عدا تلك المجنونة الأخرى التي ظهرت في حياتها مؤخراً. ولكن إن كانت هي من ساعدتها,أو ذهبت معها,فهي على حسب ما علمت من زياراتها المتكررة إليها أنها زوجة صديق إيهاب أي أنه بالتأكيد سيعلم أنها معها إذا كانت هي فعلا من ساعدتها,لذا فمن غير الوارد أن زوجة صديقه تعلم بمكانها. لتعقد حاجبيها بحيرة,كيف علم إيهاب من الأساس بهذه السرعة؟! إذ أن من يشاركونها نفس البيت والمدينة حتى,لم يعلموا أو يشعروا بشيء.
زفرت بضيق وهي تتمتم لنفسها:
*كان ينقصني أن أهتم وأحلل لما إختفت مريم..من رافقت مريم,وكأني أهتم لما يحدث لمريم....!*
أكدت لنفسها :
*لا شأن لي,بالتأكيد سوف تعود بعد قليل*
هرعت إليهم في النهاية فهي لا يوجد لديها أحد غيرهم ..علقة مثل أمها تماما يصعب التخلص منها.قاومت شعور بداخلها بصعوبة وهي تردد ذلك لتقنع نفسها وتنفي بشدة:
* لا..أنا لن أقلق عليها أبدا ليجري ما يجري لا أهتم!*
توجهت إلى سريرها ببطء حتى لا تزعج صغيرتيها اللتان نقلت منامهما إلى غرفتها الخاصة,منذ ما جرى معها ولقائها الأخير مع مراد والذي إنتهى بمواجهة حادة موجعة لها,نظرت إليهما الآن وتفحصت ملامحهما البريئة,فتأسفت على كم التغيير الذي طال صغيرتيها في غفلة منها,نظرت إليه الآن ورئته ووجدت أنها لم تلمحه ولم تتابعه في حينه,لأنها كانت مشغولة,الكثير!!هل كانت تهملهما حقا كما أخبرها الجميع لدرجة لم تلاحظ ذلك؟؟اقتربت من الكبيرة ميرا ذات الخمس أعوام,شعرها أسود حالك ناعم وبشرتها الخمرية وعيناها بلونهما الأسود,مررت يدها على وجه إبنتها تمتمت لنفسها بخفوت:
*كم تشبهينه حبيبتي,نسخةمصغرة منه*
تذكرت يوم علمها بحملها بها,كيف خرجا من المشفى بهدوء,فقط مراد يبادلها الابتسامة ويمسك يدها بقوةعينيه تشعان بسعادة ظاهرة للعيان,وتفاجأت بمراد بعدها يشدها الى صدره يضمها بشدة غير عابئ بالبشر من حولهم..أبعدهاقليلا بعدها يقبلها بجنون وهو يشكرها بصخب وكأنها حققت له معجزة ما..أخبرها أنه حاول تمالك نفسه والإنتظار إلى حين وصولهم إلى منزلهم لكنه لم يستطع كبت مشاعره تجاهها كعادته معها أكثر مما يتعدى حدود المشفى يومها.
تنهدت بكبت لا تريد تذكرأي ذكريات تخصه..لا تريد. فلما تتدفق عليها الآن غير قادرة على ردعها. تراجعت بسريرها إلى الوراء أغمضت عينيها غير قادرة على وقف سيل ذكرياتها فإستسلمت لها,تذكرت كيف تحدى كل من رماهم بالخيانة وإتهام أمه الصريح لها أنها لن تقبل بتزويج إبنها لمطلقة خائنة. تغضن وجهها ألما,عند الذكرى. لم تكن خائنة أبدا ولم تنظر إلى مراد وهي زوجة لأخر.هي كانت في حالة لا تدركها يوم أتاها ملحا يعلن عن حبه لها. لما لا يستطيع أحدهم تفهم أنها أحبت حبه المتملك لها،أحبت نظرات الشوق والفرح في عينيه نحوها,إنها الأنثى الوحيدةالتي يريدها,ملكة قلبه,كم إعترف وإعترف أن قلبه سيكون لها وحدها بدون أن تشاركها إياه أي إمرأة أخرى كما وعدها وأكد لها..يومها وقف مراد في وجه الجميع,دافع عنها بدون تردد أمام أمه وأمام أبيها والحقيرة فريال التي إتهمتها بكذب أنها رأتها مع مراد أثناء زواجها الأول,وكالعادة لم يحرك أبيها ساكنا,كلام فريال هو الصدق ..يومها قرر مراد أن الزواج بعد إنتهاء العدة مباشرة لن يؤخره يوم واحد بعدها. وهي وافقت بدون تردد,أرادت الهرب من كل شيء لهذا الحب الذي أوهمت به,ابتسمت بمرارة من الكذبة التي عاشت بها وصدقتها,فقد أتقن مراد الدور جيدا. تذكرت يوم زواجهما،رفضت أن ترتدي ثوب زفاف مرة أخرى,وهو إحترم رغبتها. ولكنه أصر أن يتم الزواج بكل الطرق الشرعية والقانونية,كأنه يريد أن يربطها به بكل الطرق. ليلة زفافهما بعد أن ودعا بعض من أصدقائهم من الذين حضروا الحفل الصغير الذي أقامه لها مراد وقد إمتنع باقي أصدقائهم عن الحضور بسبب رؤيتهم لهما كما رأهم باقي المجتمع من حولهم,الصديق الذي خان صديقه وتزوج زوجته يومها شعرت بالظلم..بالغضب ولكنه كان أكثر سعادة وثقة منها فيما حقق.أغمضت عينيها بشدة لا تريد التذكر,لا تريد أن تتذكر أي ذكرى جيدة له لما تتذكر الحدث وكأنه أمام عينيها؟!يومها وقبل أن يفتح باب المنزل تذكر كيف حملها وعينيه تكاد تراقص النجوم في سعادتها دار بها يصرخ وهو يخبرها:
"لا أصدق أنكِ أصبحتِ ملكي,إسراء لي,زوجتي,يا حلم صباي وشبابي,حلم كان بعيد بعد النجوم حبيبتي,وأصبح بين يدي الآن"
صرخت بخوف تتشبث به:
"أنزلني مراد,يا مجنون ماذا تفعل؟"
صرخ بعلو صوته:
"أحبك كما تستحقين,أميرتي"
توجه الى الباب وهو يحملها بين ذراعيه رافضا حتى إنزالها إلى الأرض,نظر إلى عمق عينيها البنية يتأمل ملامحها,شعرت أنه يريد أن يتغلغل الى روحها ويتشرب كل ذرة بها.
دخل بها إلى منزلهما أغلق الباب بقدمه وتقدم بها بدون كلام فقط يتعمق في عينيها وهي تتعلق برقبته يبتسم لها بسعادة جلية..أنزلها ببطء مُهلك لها وهو يمرر جسدها على طول جسده الممشوق وصدره العضلي المُهلك لها. ظلت تنظر إلى عينيه التي إنقلبت النظرة بها إلى نظرات جموح,إثارة,لهفة وشوق,كانت لها وحدها هي يخصها بها ..حب لا يشاركها به أحد..أمسك وجهها برقة بين يديه يقربها منه ..أنفاسه الساخنة تلفح وجهها أغمضت عينيها بإثارة وترقب تنتظر قبلته تلك.إقترب منها لثم جانب فمها برقة شديدة مهلكة لأعصابها,إقترب من شفتيها وإلتقطهم بجموح قوي,وهي كانت بين يديه مستسلمة خاضعة تماما,فقط تتقبل تلك العاطفة منه بجوع إلى أن تستشف عمق حبه من تصرفاته تلك. ربما عاطفة إعتقد البعض أنها جربتها من قبل. ولكنها شعرت مع مراد كأنها تجربتها لأول مرة !,لماكانت في إشتياق وترقب لكل ما يصدر عنه متلهفة لرؤية كيف تكون عاطفته وشوقه لها!.
إبتعد عنها بعد قليل أنفاسه تهدر بعنف صدره العريض يصعد ويهبط وكأنه غير قادر السيطرة على نفسه,همس لها بحرارة بصوت متقطع من بين أنفاسه الهادرة وهو يتلمس وجنتيها:
"لا أريدك هكذا إسراء,إرتدي هذا لأجلي أولا أريد أن أراكِ به,لي أنا وحدي وملكي,أريد أن أصدق بعيني أن حلم مراهقتي بعيد المنال أصبح لي"
رمشت بعينيها حاولت ان تستفيق من تلك الغيمة الوردية الخاطفة التي أخذها بها غير مستوعبة لمعاني كلامه فسألته بإستغراب:
"ما هو مراد الذي تريدني أن أرتديه ؟؟"
حررها ببطئ وتوجه الى خزانة الملابس وجلب شيء ما مغلف جيدا وفرده على فراشهم الوثير وتحرك تجاهها وهي واقفة هناك تراقب كل حركة تصدر عنه بتأمل مهلك لها,إقترب يحيط خصرها مرة أخرى وهو يهمس لعينيها:
"فستان زفاف إسراء إرتديه لأجلي أنا لطالما حلمت بك وأنت ترتدينه لي وتزفين أمام الجميع زوجتي وملكتي ولكن أنا إحترمت رفضك ورغبتك لكن لن أتنازل أبدا على أن أراك ترتدين الفستان الليلة مهما تمسكتِ بالرفض"
حاولت أن ترد عليه أو تقنعه..لكنه لم ينتظر محاولتها بل حررها من بين يديه وهو يحدثها بصوت قوي جدي:
"نفذي إسراء لا نقاش ستحققين حلمي أن أراكِ عروسي مهما رفضتِ"
توجه لباب الغرفة المقفل فتحه وإلتفت إليها قبل الخروج وطالبها بصوت خافت دافئ:
"هيا إسراء ولا تتأخري نصف ساعة وأجدك أمامي يا عروسي"
تحركت ببطء ناحية الفراش مالت الى الفستان لمسته وهو داخل مغلفه,مشاعرها كانت مرتبكة مما يفعله بها مراد الليلة ومفاجأته لها بتصرفه ذاك,إصراره على أن يشعرها أنها عروس حقيقية تزف لأول مرة,كان مدغدغا لمشاعرها,فكانت تتساءل حينها بحيرة,لما كل شيء معه مختلف,غير متوقع,لما شعرت كأنها فتاة بريئة لم يسبق لها الزواج ,أو أن جربت دفء رجل من قبل,لماذا شعرت معه أن كل شيء جديد,عالم مجهول لا تعلم عنه شيء وأن زوجها –مراد- رجل لم تحاول يوما أن تعرفه على حقيقته سابقا ولم تنظر له يوما على ذلك الأساس,هذا الرجل الذي ينتظر خارج الغرفة الأن لعروسه. شعرت أنها لأول مرة تعرفه وتراه منذ أن جاء يحدثها عن حبه المُهلك والمجنون بها.
فتحت سحاب الغلاف أخرجت فستان الزفاف وفردته أمام عينيها تتأمله بتمهل فستان عاري الصدر والكتفين يضيق عند الخصر بقماش شفاف للغاية وبدءا من الخصرينزل بطبقات دائرية بقماش مختلف من الحرير مطرز بالكامل,خلعت الفستان البسيط الذي كانت ترتديه وقامت بارتدائه بصعوبة قليلا وهي تبتهل شكرا أن السحاب من الجانب عندما إنتهت نظرت في المرآة تتأمل نفسها بصمت ولكن داخلها يرقص فرحا شعرت أنها لم ترتدي فستان زفاف من قبل أنها أول مرة لها حقا.
تفاجأت بمراد يفتح الباب هاتفا بها:
"لقد تأخرتي هل غيرتي رأيك؟؟"
صمت عن المتابعة وقف أمامها ينظر لها مبهور بما يرى،حلمه الرجولي في المرأة التي تملكت قلبه أمامه الآن في فستان زفاف لطالما حلم بإرتدائها لأجله هو..تحرك ببطئ الى أن وصل اليها,صدره يشيج بمشاعر هادرة مرر يده على طول جيدها ونزل بها ببطء على ذراعيها العاريتين أكمل لمس جسدها من فوق فستانها,عينيه تغشى عليها نظرات الدفء والإنتصار بحلمه الذي أمامه إمرأته,حبيبته,فتاة أحلامه التي مهما حاول نسيانها لم يستطع.
قال بصوت مرتعش عكس يديه الجريئة التي تتلمس كل جزء بها وكأنه يريد التأكد من وجودها مخاطبا إياها:
"أنت هنا إسراء معي كما حلمت بكِ كل ليلة منذ أن وقعت عيني عليكِ اااه حبيبتي بين يدي لما يصعب على التصديق؟!!"
قالت بخفوت بصوت مرتعش ضاحك,تقاوم إرتعاش جسدها بين يديه:
"أنا هنا مراد يجب أن تصدق هل ستظل كثيرا في حالة النكران تلك أشعر أني لا يوجد نساء غيري"
ضمها إليه مال بها بتراقص هادئ بدون موسيقى يدفن وجهه في جيدها يتشممها بعمق مد يده وحرر شعرها القصير البني الناعم المماثل للون عينيها تخلله بأصابعه,قال بعد دقائق ومازال يدفن وجهه هناك:
"بل أنتِ كل النساء لي,اه لو تعلمين,فقط لو تشعرين بما أشعر به,كم أعشقك منذ وقوع عيني عليكِ وأنت إبنة السادسةعشر تسللتِ بين طيات قلبي بدون أن أشعر اه حبيبتي لو استطعت خطفك يومها لتكوني لي وحدي ولا أفقدك أبدا"
رفع وجهه يواجه وجهها تذكر ببعض الألم:
"ظننت اني فقدت أي أمل لي معك,فبُعدك القريب البعيد كان يقتلني ببطء وأنا أقاوم وأقاوم أن أنساك ولكن لم أستطع إلا أن أحبك أكثر فأكثر يا قلب مراد"
ردت مأخوذة به وبكلامه:
"ما الذي أوقفك ان كنت تحبّني هكذا،لتنفي سريعا لا يهم لا أريد ان أعلم"
وأضافت برجاء خافت:
"فقط إبقى هكذا أحبني كما تقول تملكني لا أهتم فقط لا تتوقف عن النظر لي هكذا"
إقترب منها أمسك رأسها من الخلف وإلتقط شفتيها بعنف لم يعد يسيطر على مشاعره ويده تسللت الى سحاب فستانها,
فتحه بتسرع فسقط بين قدميها ليحيط خصرها العاري بذراعه ضغط على جسدها بجسده قال من بين قبلة وأخرى:
"أعدك لن أتوقف عن حبك يوما او أتوقف عن النظر لك بهذه الطريقة يوما انت حبيبتي وسوف تظلين إلى الأبد"
حملها بين يديه بحركة واحدة وضعها برفق هناك وإنضم لها بعد أن تخلص من ملابسه بطريقةعشوائية ليعود لتلمسها وهو يأمرها بصوت متسلط:
"أنت ستمحين أي ذكرى أخرى في عقلك ياإسراء,أي لمسة لجسدك من غيري,سوف ترين كل شيء للمرة الأولى على يدي غير مسموح لك إطلاقا بأي تفكير في غيري أنا"
قالت بصوت ناعم خافت:
"أنا حقا أشعر بهذا مراد أترقب كل شيء منك كأني فتاة صغيرة لم يسبق...."
قاطع كلماتها بشفتيه ينقض عليها تركها بلحظات أضاف بصوته المتسلط وأنفاسه الهادرة بثورة:
"لا تشيري لأي شيء أبدا,جيد حافظي على تلك الفكرة أنت فتاة لي وحدي وأنا الأول في كل شيء,تلاشي بي إسراء كما أنا أتلاشى بكِ".
إستفاقت من ذكرياتها وتعود إلى وضعها الحالي,فقد مرت السنين وتلاشت أمالها التي بنتها تلك الليلة كما تلاشى إيمانها في حبه يوما بعد الأخر,وهي تبتسم بسخرية مريرة كم كانت غبية وصدقت أنها وجدت أخيرا مرساها على شاطئ بحوره الهادرة بها كما أوهمها,كيف إستطاع إتقان كل هذه المشاعر هكذا من أين وجد القدرة على إقناعها وإقناع كل من يراهم بحبه المجنون بها؟!الفترة التي قضتها بعد ذلك سعيدة راضية أنستها كل شيء,كان يطيح الأرض من تحت قدميها بمجرد قبلة أو كلمة مفعمة بمشاعر لم تجدها مع إيهاب,يلقيها عليها,كل شيء كان مختلف,غير مقيد،وجدت به كل ما إفتقدت مع زواجها السابق مراد كان الزوج المثالي استطاع إن يخترقها. كما حكت له وأخبرته كل شيء,بكت بين يديه طفولتها المريرة فقدانها لأمها,إفتقادها لحنان والدها,كل شيء لم تخجل منه او تتردد ان تخبره بشيء كان يتسلل إليها ببطء يمتلكها بتمهل لكن هو خانها..بتعدد علاقاته لم تكن لتسمح له بأن يعلن إحتلاله الكامل لها,لن تكون هناك صورة (لمولي)أخرى عاشقة مطعونة مهزوزة تهمل وتلقى على جنب,تنزف ببطء الى أن تفقد حياتها. يجب أن تكون قوية لن يتسلل إليها رجل كمراد مثله كحسين عاشق لملذاته. خائن يامراد لم يحبها كما كان يتشدق هو أراد شيء لم يستطع الحصول عليه وهي بغباء وقعت فريسة لاحتىاجاتها وكلماته الولهة بها أغمضت عينيها بيأس,ااه يا مراد لو كنت مثله مخلص مثالي لا طريق لك في النساء لكنت أصبحت لك كما تريد..فتحت عينيها على لمسات صغيرة لها,حاول لفت إنتباهها وملاعبتها أخذت بيدي الصغيرة تقبلها وتشدها الى أحضانها. لا تعلم لما دموعها تجري عندما ترى تلك الصغيرة ذات العامين التي لم تعرفه. لقد تركت مراد بل هربت بعد تلك الذكرى الأليمة لها وصغيرته لم تكمل العام بعد لم تعرفه لم تشبع من حنانه الأبوي كبكرتها ميرا التي لم تتوقف أبدا عن السؤال عنه مراد القوي البارد التي عرفته في أخر فترة لهم معا,عند ازياد مشاكلهم وشجارهم كان يتحول مع ميرا الى فيض حنان أبوي,دفء وضحكات صاخبة مع صغيرتها,دفء كان يخصها به لكنه أصبح يبخل به عليها يتجنبها,ولما لا وهو لديه البديل خارج المنزل بين نسائه. كانت تجن كيف هو محب عاشق لطفلتيه وهو خائن يبحث عن ملذاته خارجا,حتى عند اتهامها له ومقارنتها له بإخلاص إيهاب,لم يتحرك كان ينظر لها ببرود ويتحرك الى غرفة الصغيرة يحتضنها,يلاعبها وكأنها هي إسراء لا وجود لها,كان في بادئ الأمر يحاول اقناعها أن هذا غير صحيح ولكنه بعد فترة أصبح بتردد يهملها ولا يهتم حتى عندما حاول التقرب منها لرغبة رجولية كانت ترفضها هي,كان يتركها ببرود ويسمعها كلام جارح بانه لا يريدها ولكن فقط هي صودف وجودها وقت رغبة رجولية له.تأوّهت بصمت تضم الصغيرة أكثر لإحتضانها تهمس لها باعتذار:
"آسفة صغيرتي,أنا آسفة لم أختر لكليكما الأب المثالي الذي يحافظ علينا ويحافظ على وعوده لي,أب مثل أبي أنا,إختيار خاطئ ظننته طوق نجاتي والأب الأفضل لك ولأختك آسفةلأنك لم تعرفيه يوما عن قرب ولم تحظي بنعمة أن يكون لك أب رغم وجوده حيا,فقد كان وجوده كعدمه"
علت شهقاتها قليلا:
"آسفة لإهمالي لكما والبحث عن نفسي فقط نسيتكما وسط سعيي لتصحيح أخطائي أردت لكما أبا يعطي بدون شروط,أبا يهتم ويحتويكما,أبا مثل إيهاب لن يفضّل عليكما إمرأة أخرى ولكن لما نسيت أنه لم يعطيني أنا ما أحتاجه يوما"
تحركت الصغيرة قليلا بين يديها تنظر لوجها الباكي تحرك يدها الصغيرة على وجهها تمسح دموعها المنسابة وكأنها تخبرها أن لا أحد يستحق,ان ما تبحث عنه لن تجده يوما إلا مع طفلتيها.ربما ظهور مراد وتهديده لها بأخذ طفلتيها منها كان بمثابة صفعةإفاقة لها,وربما أيضا وجه مريم المكدوم,شهقاتها المذبوحة نظراتها الجريحة المكسورة أيقظ فيها آلام.
لتأخذ وجه الصغيرة بين يديها تعدها بقسم رغم جهل الصغيرة بما تقوله أمها لكن أرادت أنا تعدها بصوت عالي وكأنها تفهمها:
"أعدك تالا,أعدك حبيبتي لن أسمح لأحد أن يأخذك أنت وأختك بعيداعني,أعدك سأحاول أن أنجح من أجلكما,أن أكون الأم التي تستحقان..أعدك صغيرتي ألا أرى في عينيك أنت وميرا مريم كسيرة مضطهدة تبحث عن أمان أخر ولو دفعت حياتي الثمن."
***************
لا يعلم ماذا يفعل هنا,ما الذي يوقفه عن إقتحام المنزل وسحبها هي وطفلتيه سحبا منه ليكون ثلاثتهن أمام عينيه,تحت سقف منزله مرة أخرى,ليشعر بأنفاسهم تحاوطه فينام قرير العين بعد طول عذاب من بعدهم عنه طوال الأشهر الماضية.
إبتسم بحنان..في هذه اللحظة لا يريد إلا أن يضم إبنتيه الى أحضانه يشبع قلبه وأنفاسه منهما,إشتاق لشقاوة كبيرته ومناغشتها الطفولية المرحة,كانت تجبره بكل جبروت أن يشاركها جميع ألعابها,كانت تصر في بعض الأحيان أن ترسم له على وجهه. ضحك بخفوت,شبيهة أمها ربما أخذت شكله الخارجي لكن روحها المتجبرة,روح إسراء عندما يضمها كان يشعر أنه يضم جزءا من إسراء,جزء بريء هادئ,جزء يحبه هو بدون عقد او شروط او مقاومة..زفر بحرقة ربما يأكله الندم لإنتقامه هكذا منها,لم يفكر في بُعد طفلتيه عنه..أراد أن يعلم إسراء درس..أن يجعلها تفيق من غيبوبتها وحبها لنفسها,الغلاف الجليدي التي عادت لتحيط به نفسها. أن تذوق من كأس مرارته وشعرت بالطعن مثل ما طعنته في رجولته كيف كان أنانيا ولم يتحمل قليلا من أجل طفلتيه,ولكن وقتها لم يكن لديه قوة لإحتمال أي شيء منها كان قد وصل لحافة الانفجار..علم ان انتقامه قاسي وذابح لكليهما,لكن ما أشعرته به في أخر ثلاث سنوات من زواجهما كان قد أوصله لحافة الجنون. خبط مقود سيارته بقسوة وتحول وجهه للغضب وهو يهدر لنفسه عند تذكر ما كان يشعر به الغبية كانت تقف أمامه تتهمه وتشيد بصفات إيهاب التي يعرفها جيدا..الغبية..الغبية..ألم تشعر بالنار التي تكوي صدره,صراعه معها عند تذكره أن إيهاب إمتلكها وكانت له قبله,ألا تشعر به وهو يصارع لمحو أي أثرله في ذكرياتها,تفكيرها أو حتى جسدها.فعل كل شيء لها أحبها,أخلص لها,تفهمها صبر وصبر عليها,صارع دواخلها ونوازعها لتصبح هشة بين يديه تخبره أسررها الدفينة،أسرار ربما هي نفسها لم تكن تعرفها ..كم من المرات إنهارت بين يديه باكية كطفل صغير فضمها الى صدره ليحتويها ويشعرها بأمان لم تجده يوما. كان يشعر بالرضى إذ لم يستطع أحد كشف إسراء المذعورة,إسراء الضحية كان فخورا أنها تثق به,ظن أنه انتصر على تذبذبها,كسر غلاف القسوة التي تحيط نفسها به بإدعاء كاذب واهي للقوة والبرود لقد رأى إسراء الهشة الدافئة كانت تبادله عاطفته بعاطفة متلهفة..تبادل جموحه بجموح أكبر وشغفه تستقبله باحتواء..لقد ظن أنه وصل اليها وكان على استعداد لوضع عمره بين يديها لم يرد منها مقابلا إلا أن تحبه فقط تبادله حبه. ما الخطأ الذي إرتكبه معها لتقاومه هكذا لتحن لماضي هربت منه بإختيارها,لما جرحت كبريائه ورجولته؟,ما الذي فعله لتضع نفسها داخل غلافها البارد القاسي مرةأخرى؟,كم حاول أن يفهمها أنها واهمة وأنه مخلص لها,فهو ليس حسين وهي لديه بكل النساء وطفلتيه أهم. ولكن ظلت تُكذبه وتصدق خيالاتها الخاصة الى أن تعب ويأس وعندما كان يستسلم لشوقه اليها كانت تصده بقسوة فتثور رجولته ويذبحها بكلمات قاسية..مسد وجهه بتعب,إلتفت ينظر الى المنزل المتواجدة به مرة أخرى من يوم أن قابلها لم تخرج ولم ترد على اتصالاته لم يرى أي أثر لها أو لطفلتيه كان يأمل ان يلمح إحدى صغيرتيه يتعذب عند ذكر الصغيرة التي لم يشبع من ضمها بعد ولا يحفظ ملامحها الرقيقة،تساءل من تشبه الآن هو ام هي؟!كم يتمنى ان تكون نسخة منها في الشكل فقط لا النفس الحاقدة على الحميع بمرارة الماضي لقد بحث عنها في ألمانيا كما أوهموه أنها هناك ونسي بغباء أن يراجع وجهات سفرها. ليخبره أخوها الغبي في زلة لسان او ربما يكون متقصدا فضح مكانها,أن يخبره أنها في بيت طليقها تحتمي به كاد يُجن,حطم كل شيء حوله عند سماعه الخبر رغم كل ما حدث بينهم بسببه أتت لتحتمي به ربما لتُحيي الماضي معه هكذا ببساطة. ألم يترك أي أثرمعها فسبع سنوات من عمره راحت هباءً,ألم تتذكر حتى حبه هو لها،لتتعذب ولو قليلا ألما وشوقا اليه،تثور لنفسها وتعود لمعاتبته. كان ينتظر أي فعل منها إلا طلب الطلاق ورميه وراء ظهرها بمجرد إعتقادها أنها تحررت منه,ألا تضم صاحبة المشاعر الجليدية طفلتيه وشعرت بجزء منه فيهن كما كان يشعر عند ضمه طفلتيه بجزء منها يسري فيها ؟!!يكاد يجن وهو يتذكر إسراء التي تزوجها وعاش معها أربع أعوام خيالية دافئةيغرقها بكل أمواج شوقه وحبه اليها ربما لم تخبره بحبها له مرة واحدة ولكن كل تصرف كان يصدر منها كان يدل على إرتياحها وسعادتها التي لم يراها على وجهها من قبل غير معه كان يرى الرضى على قسمات وجهها تفتحت كل مشاعرها الأنثوية على يديه بدون تحفظها السابق لكن لم تخبره أبدا بحبها له.
إبتسم بألم عند تذكره في احدى المرات رافقها في رحلة للتزحلق على الجليد في أعالي أحد الجبال كانت تطلبها بإصرار,تريد تجربتها ولم يتاح لها ذلك لم يستطع إلا ان ينفذ لها رغبتها كالعادة مع خوفه الشديد عليها انها لا تجيدها كان يحاوطها لم يتركها لحظة واحدة..ولكن في إحدى المرات تعثرت فقام هو بإلقاء نفسه سريعا بمهارة رياضة يجيدها جيدا ليتلقفها على جسده حتى يقيها خطر الاصطدام والشعور بالألم من الأرض الجليدية تحتهم,تذكر توسع عينيها بنوع من الخوف من الارتطام لتلتقط أنفاسها المضطربة بعدها تسأله بصوت مماثل لانفاسها:
"لم فعلت ذلك؟؟"
عقد حاجبيه بعدم فهم سؤالها,يستفهم منها بنفس طريقتها:
"فعلت ماذا ؟؟"
أخبرته:
"لقد أسقطت نفسك عمدا أنا أعلم جيدا أنك ماهر بالتزحلق"
حاوط خصرها وضم جسدها أكثر الى جسده الملتصق بها بالفعل وباليد الأخرى لمس خصل شعرها الناعمة والهاربة من القبعة الصوفية التي ترتديها حماية من الصقيع ..نظر لعينيها وأخبرها بمشاعر تعتمل في صدره ربما لا يستطيع ان يعبر عنها بالكلام..أخبرته هي بعد قليل وكأنها فهمًت نظراته وكلماته الغير منطوقة:
"فعلتها لحمايتي مراد !!لكن كان من الممكن أن تتأذى,لما تخاطر من أجلى؟؟"
كان سؤالها له في ظاهره سؤال عادي لكن كان يعلم انها تريد ان تسمع مبررا قوي،وسببا أسمى..أنزل يده على طول خدها ولمس بطرف سبابته شفتيها المهلكة,ليخبرها بصوت هامس يدغدغ أحاسيسها:
"أردت حمايتك إسراء لا أستطيع أن أجعل شيء يؤذيك أو أرى أي لمحة ألم في عينيك حبيبتي"
ألحت بسؤال أخر:
"لم لأني زوجتك؟!"
هز رأسه وابتسامة تلوح على شفتيه الغليظة,أخبرها:
"أسف فتاتي سيخيب ظنك خوفي وحرصي عليك لا لأنك زوجتي هذا سبب يستطيع أي زوج أن يدعيه ..أي رجل يستطيع إخبار إمرأة بذلك لكن سبب خوفي لأني جربت ماذا يعني أن أفقدك..تألمت وأنت بعيدة كل البعد عني ..أنك لن تكوني يوما لي أخاف عليك وأريد ان أحميك من أي شيء وكل شيء حتى نسمة عابرة معبئة ببعض الأتربة قد تطرف عينيك أريد ان أخبئك في ثنايا صدري,لا أستطيع رؤيتك حزينة او تتألمين أريد ان أعوضك وأحميك حتى من ذكرياتك أريد ان تشعري بحبي وخوفي عليك وحدك وأنت فقط من بين كل النساء أنا إكتفيت بك من بين الجميع ولا أريد إلا وجودك معي أمنة,سعيدة,راضية"
صمت قليلا ضغط على شفتيها بإصبعه أخرج نفس حارق من النار المشتعلة به دائما بقربها,أردف بعد لحظات:
"وأريدك أن تحبينني..أحبيني إسراء كما أذوب بك"
يومها يتذكر عينيها المأخوذة به نظراتها المتملكة ولكن بغموض لم يعرف معناه أجابته بعدها وهي تميل تلثم شفتيه برقة,تخبره:
"ولكن أنا أحبـــــــ...."
قاطعها وهو يقبلها لتذوب باقي الكلمة في شفتيه ليترك شفتيها بعد دقائق يرفع وجهها قليلا لتواجه عينيه يلهثان طلبا للهواء وأمرها بتسلط بأنفاسه الهادرة وصوت قوي:
"إياك وقولها لي الآن لا أريد سمعاها منك هكذا"
نظرت له ببعض التشوش وهي تجيبه:
"لما إنها مجرد كلمة أشعر بها الآن وأريد إخبارك بها"
أمسك وجهها بين يديه بقوة وهو يكمل بنفس نبراته القوية المتسلطة:
"هذه هي المشكلة إسراءمجرد كلمة تشعرين بها هنا والآن لتخبريني بها أنت لا تفهمين معناها حتى قداستها تلك الكلمة التي تستخفي بقيمتها تعني الكثير في كل حرف منها ولا يجب ان تخرج من شفتيك لأي بشر إلا إن كنتِ تعنيها فعلا وشعرتي بها،تتذوقين كل حرف منها عند إخبارك لي بها أريد أن تخصيني بها وحدي أن يفقد قلبك دقاته عند كل حرف يخرج من شفتيك أريد ان تعنيها إسراء ان تذوبي فيها وأنت تتلاشين بين ذراعي وتخبرينني إياها هل إستوعبت ما أريد إعتبريه أمر مني لك وأنا سأنتظر كل الوقت حتى تكونِ لي كما أريد سماعها فعلا"
عاد بذاكرته لما هو فيه الأن,بعيد عنها كما كان دائما لم تخبره أبدا بعدها بما أراد,وهو انتظر وانتظر لكنه لم ييأس ولكن كان دائما سؤال يلح عليه ومازال هل أحبته إسراء يوما ؟؟.
علم أنه أثر بها وتغلغل اليها وترك بصمة خاصة في روحها لكنه لم يصل لقلبها أبدا رغم كل غروره الذكوري الذي جعله تحت قدميها ..علم ذلك جيدا ولكن حبه لها وحبه لطفلتيه جعله يتحمل منها ما لا يتحمله أحد لينفجر في أخر المطاف ولا يرى غير وجهها وهي تتبجح أمامه بإخلاص إيهاب واتهامها إياه بالخيانة,ليفعل ما فعل بدون ذرة ندم,يومها رتب الأمر جيدا وإتصل بأحد صديقاته القدامى من قبل زواجه من إسراء بكثير لكنها كانت تعرفه جيدا قام بدعوتها إلى شقة عزوبيته ورتب الأمر جيدا ليجعل إسراء تعرف بوجوده هناك وجعل صديقته تعتقد أنه يريد حقا إحياء الماضي بينهما ليجعل إسراء ترى كيف توجع الخيانة ويحقق لها ما كانت مقتنعة به..عندما أتت وإنهارت بين يديه،كم ألمه قلبه عليها ..كان يريد ان يتخلى عن تمثيله للبرود ويضمها ليتأسف عن كل شيء يعترف بالحقيقة وأنه لم ولن يخونها يوما,فقط لو أشعرته ان إنهيارها وثورتها من أجله هو من أجل حبها له لا من أجل كرامتها وكبريائها..نفض رأسه بعنف من أفكاره لا يريد ان يشعر بالحنين اليها,او حتى الندم. هو فعل ما فعل لمعاقبتها لجعلها تفوق من أوهامها و تعلم أن الخيانة سهلة لرجل يستطيع القيام بها بدون أن يداريها او حتى أنكارها,ان إخلاصه لها وحدها كان حبا فيها ان شعرت به انه لا يشبع روحه سوى روحها لكن هي الغبية فقط لو أحبته,لو تركت لقلبها العنان بدون ان تراه حسين أخر نسخة سوداء لوالدها,كان تجنبا كل شيء حدث بينهما,اتهاماتها وانتقامه,ألمه وألمها,قلب الغبي مازال يهتم بوجعها حتى لو تظاهر بعكس ذلك منذ أخر مقابلة لهما واستشعاره قربها أخيرا وهو يكاد يجن. نفذ صبره يريدها بجانبه مرة أخرى لا يهتم بأي شيء أخر ولا الجنون الذي أخبرها به من إنتقامه منها وهو ينتظر فتاته مرة أخرى بيأس كالماضي لكن هذه المرة فتاته لن يفقد الأمل بها فهي زوجته ملك له وحقه رغم عن أنفها وأنف أي أحد يقف في طريقه.
أخرج هاتفه بهدوء وطلب رقمها ليأتيه صوتها بعد وقت ليس بقليل,تجيبه بصوت متعب باك ولكن تهاجمه بكلماتها وكأنها فاض بها الكيل:
"ماذا تريد مراد؟؟أخبرتك إبتعد عني,لم عدت يكفي لا أمل لنا أبدا مرة أخرى أنا لا أحبك وأنت تريد إنتقام..أخبرني كيف تكون العلاقة بيننا كيف تريد ان تنشأ طفلين بين أم كارهة لك وأب حاقد"
تجنب هجومها وسألها بصوت هادئ في ظاهره لكن داخله غاضب حاقد على تكرارها لكرهه في وجهه وتصميمها القاتل أن لا فرصه أبدا بينهم:
"لما تبكين ؟"
أجابته بصوت هادر:
"أنت لا تشعر أخبرك أني أكرهك مراد إبتعد عني وأنت تسألني لم تبكين هذا شيء لا يعنيك"
أجابها ببرود:
"بل يعنيني كلك,يعنيني وأنا أسأل متى أريد ووقت ما أحب"
أجابته بتعب:
"لما الآن ؟؟ لما تذكرتني الآن لتأتي تثبت ملكيتك او أني أعنيك ألم تكتفي من تدميري لتعود تطلب الإنتقام بعد ..أتركني مراد سأفعل أي شيء لو هذا يرضيك لكن إبتعد عني وعن طفلتي"
أجابها بصوت غامض:
"مازالت غبية إسراء لم تفهمي ويبدو أن لا أمل ان تفهمي يوما ولكن ضعي في عقلك الغبي لن أتركك ولا فرص أخرى لكِ في الرفض"
لم تجيبه فقط صوت أنفاسها العالي بالهاتف بصوت بكاء مكتوم يحفظها كخطوط يده..انفعالتها ردودها وصوت بكائها المكتوم عندما تعجز عن التفكير او حتى الرد ظل الخط مفتوحا بينهما لدقائق قطعه هو بصوت هادئ ثابت به رجاء في طيات كلماته:
"إسراء أريد أن أرى بناتي الآن إشتقت لضمهما الى صدري أريد أن أرى ملامح الصغيرة التي هجرتني"
إبتسم بألم:
"أخاف أن أراها صدفة ولا أتعرف عليها,أن أرى جزءا مني ولا أضمه الي"
صمت للحظات ينتظر الرد...لم تستوعب طلبه وسط كل تهديده لها وسطوته عليها ردت بحيرة:
"تريد أن ترى ابنتيك الان؟ !"
زفر بضيق:
"وما العجيب في طلبي هذا !,لم أرى طفلتي منذ ما يقارب عام"
أضاف بصوت جدي:
"نعم إسراء أريد رؤيتهم الآن أنتظرك بالخارج ولا يوجد لديك فرصة للرفض"
أجابت بتردد:
"مراد تريد أن تراهم فقط ام من الممكن أن تأخذهم مني ؟أنا أعرفك وأعلم جبروتك وإجادتك للكذب جيدا"
صمت للحظات يفكر في ردها وكلماتها تردد في عقله,(إجادته الكذب) تهم لن تكف عن ترديدها يوما,في نظرها هو كذب في حبه لها,كذب في ادعاء إخلاصه لها والآن تظنه يكذب في رغبته رؤيةطفلتيه لأنه يريد اخدهم منها ؟؟
أجابها بصوت منفعل قليلا:"وهل تظنين ان اردت ان ادخل وانتزعهم منك انتزاعا أني لا أستطيع هل تظنين ان هناك من يردعني او يقف في وجهي"
لم ينتظر ردها وهو يكمل:"انتظرك بالخارج بصحبتهما,سأراهما فقط وبعدها سأترككن الى حين عودتكم لي جميعـــــــــــــــــــــ ــا"
حاولت ان ترفض بتردد وبعض الخوف مما قد يحدث لا تثق به ولا بنواياه ولكن ما البديل الأخر,الوحيد الذي يستطيع التصدي له والوقوف في وجهه غير موجود وتعلم جيدا عند عودة إيهاب واختفاء مريم لن يتفرغ لها أحد وستكون حرب طاحنة للجميع...تنهدت بضيق ردت:
"حسنا مراد سوف أتي ولو أني لا أثق بك او بنواياك لكن أريد ان أنبهك الصغيرة لا تعرفك ولا أعلم رد فعل ميرا على رؤيتك بعد كل هذا الوقت الطويل"
رد بلهفة:
"هل كانت تسأل عني؟هل كانت تشتاق لي ؟؟"
ردت بصوت قاطع مؤكدا:
"لم تتوقف يوما منذ نسيتنا أنت"
بعد وقت بدا له كالدهر وهو متلهف لرؤيتهن,ظهرت إسراء على بوابة المنزل تضم تاليا الى صدرها بقوة وتتشبث بيد ميرا التي تفرك عينيها وتبدو كأنها أيقظتها من نومها..لا يستطيع ان يحدد مشاعره الآن لولا كبرياء دموع الرجال لكان إنهار راكعاً تحت أقدام صغيرتيه يبكي ألما وشوقا وندما على ظلمه لهما بمشاكله هو وأمهما على أنانية ذاته في تنفيذ انتقامه وعلى إجحاف أمهم بحقه وظلمها له..تقدم ببطئ تجاههن,عندما أدرك تردد إسراء واسشعر أنها ستتراجع هاربة الى داخل البيت مرة أخرى لولا صعوبة الموقف لكان ضحك وسخر منها..إسراء تخاف على إبنتيه منه والمحير إسراء تخاف ان تفقدهم؟ متى بدأت تهتم أم أن أنانيتها ما تسيطر عليها هنا؟وصل اليهن وعلى بعد خطوتين من مكان وقوفهن هبط على أرضيةالشارع بركبتيه ليوازي طول إبنته الكبرى,هتف بصوت مخنوق من لوعة قلبه وإشتياقه اليها وفتح احضانه اليها:
"ميرا"
نظرت إبنته اليه تحدق به بعيون متسعة ولكن لا تقوم بأي ردة فعل يبدو عليها عدم الإستيعاب لا يعلم من أثر نعاسها البادي عليها أم لا تصدق انه أمامها ..قطعت تفكيره تهتف بصوتها الطفولي وكأنها أجمل سيمفونية موسيقية سمعها يوما وقد حرم منها لأشهر طويلة:
"بابا..ماما لقد أتى بابا"
تحررت من يد أمها التي لا تبدي أي رد فعل غير القلق الواضح على وجهها وإندفعت إليه بصخب وتهليل تحيط رقبته بذراعيها الصغيرين تضمه بشوق:
"بابا لقد أتيت,كنت أعرف أنك لم تتركنا مثل ما قالت لي ماما,أنت تحب ميرا ولن تتركها صحيح"
ضمها إليه بقوة وشوق لم يهتم بكلامها الآن ولا بما أخبرتها إياه أمها غير مراعية لسن صغيرته أو تأثيره عليها لا يبالي إلا بضمها إلى صدره بقوة يشتم عبيرها الطفولي ليحركها قليلا من ضمه لها وتشبثها به يأخذ وجهها بيد واحدة يغرق وجهها بقبلاته الأبوية المشتاقة لها.
أكد لها من بين قبلة وأخرى يتصنع المرح:
"أنا أتيت صغيرتي ولن أتركك مرة أخرى أبدا"
"ولكنك تأخرت كثيرا وأنا غاضبة للغاية منك لن ألعب معك بألعابي مرة أخرى"
ضحك بخفوت:
"أنا أعتذر منك صغيرتي سأحاول لاحقاً أن أعوضك ونرى العقاب المناسب لتسامحيني"
إلتفت للأخرى التي تضمها أمها بقوة,لم يستطع لمح وجهها المخبأ في صدر أمها إقترب منها الخطوتين المتبقيتين ومد يده وعينيه تخاطب الأخرى أن تمنحه القليل من الثقة أن تتفهم إشتياقه ولوعة قلبه الأبوي على ابنتيه.
ردت بتردد وهي تحرك الصغيرة من صدرها إليه:
"إحذر قليلا معها،إنها تخاف الغرباء وتندس هكذا في صدري لا تلتفت لأحد أنها لا ترضى أن تذهب لأحد إلا أشخاص معروفين لديها من داخل المنزل"
مد يده يتلقف منها الصغيرة بمقاومتها الضعيفة للبقاء في حضن أمها,لن يدعي الغباء إنه لم يفهم من تقصد بالأشخاص المألوفين لدى صغيرته هو حملها بذراعه الأخرى يضمها إليه لتبدأ الصغيرة في بوادر بكاء,مد يده بصمت لإسراء بدعوة أن تأخذ ميرا منه لتعترض الأخرى وهي تنتقل من حضن أبيها لأمها:
"إنتظري ماما لا أريدك أنا أريد بابا"
أخبرتها إسراء بهدوء:
"إهدئي..ميرا بابا يريد رؤية( تاليا ) مثلك"
حاولت السيطرة على إعتراضها وعينيها على إنفعالات الأخرى أمامها ومحاولة إحتوائه وتهدئة الصغيرة المعترضة.
نظر لها بتأمل بعينيها الخضراء,وجنتيها المكتنزتين بحمرةخلابة ووجه أبيض مماثل للون والدتها,شعر حريري بلون مدرج بين البني والعسلي,تشبهها بشكل كبير,شبيهتها مع إختلاف لون العينين نسخة من إسراء تغيرت كثيرا عن أخر مرة رآها وضمها إلى صدره,لون العينين والشعر لم يختلف بالطبع ولكنه ازداد طولاً وملامح وجهها إختلفت تماما لتصبح نسخة منها..ضمها الي صدره بقوه لا يريد تركها,وهو يحدثها بصوت هادئ حاول أن يسيطر على انفعالاته:
"إهدئي تاليا,إهدئي صغيرتي أنا والداك,أنا بابا تاليا,لا تذكريني صغيرتي هل نسيت صغيرتي البابا"
لحظات أخذ يضمها إلى صدره بقوة يبثها الأمان لعلها تشعر أنها قطعة منه شعرت بلوعة قلبه عليها لعل الصغيرة البريئة التي لم تلوث بالحقد تشعر بدفء صدره وحبه الأبوي لها ولا تكون مثل أمها التي لم تشعر بدفء صدره أو قلبه العاشق يوما..سكنت الصغيرة بعد لحظات على صدره وتوقفت عن مقاومته أبعدها عن صدره مثل ما فعل مع أختها ولكن ليتركها وهي تتأمله تتعرف عليه,تطبع وجهه في ذاكرتها. تعلم من هو أبوها,من هو ومن يستحق حبها ويستحق ألفتها لا كما أشارت أمها المستفزة لن يكون مجبرا أن يحارب شبح إيهاب مع إبنته كما حارب مع أمها.
مدت الصغيرة يدها بتردد تمرر يدها على وجهه وكأنها تستكشفه,لتخبره إسراء:
"يبدو أنها ألفتك وتريد التعرف عليك,تفعل هذا عندما تشعر بالاطمئنان لأحد وتريد التعرف عليه وإنشاء صلة بينها وبينه"
وأضافت بعد برهة وهي تتأمله:
"لكنها تفعلها سريعا معك مراد"
أمسك يدها الصغيرة من على وجهه ولثمها بعمق ويقربها لصدره مرة أخرى يريد أن يدخلها فيه ليمد يده الأخرى يأخذ ميرا من أحضان إسراء لتتشبث به هي الأخرى.تحرك ناحية سيارته بصمت,هتفت إسراء من خلفه برعب وهي تتحرك وراءه:
"ماذا تفعل مراد؟ لقد وعدت أنك تريد رؤيتهما فقط أين تذهب بهم ؟؟"
لم يرد عليها وهو يميل لباب سيارته الخلفي بحرص ويقوم بفتحه قام بوضع ميرا أولا ويلحقها بالصغيرة تاليا ويؤمنهم جيدا غير مهتم بصوتها العالي قليلا من خلفه ولا إعتراضاتها,إلتفت لها بعد أن أغلق الباب يأمرها بتسلطه المعتاد:
"اخرسي واهدئي قليلا سوف تصيبينهم بالذعر,يكفي دمارهم النفسي الذي أنا متأكد منه من جلوسهم معك ما يقرب العام الآن أنا لم أرجع في كلامي لكن من حقي أن أجلس مع ابنتي قليلا بعد كل هذه المدة لا أن آتي كالخائف من شيء أراهم في الخفاء من على الأبواب بعد أن جعلتي حارسها يتركها لقد رأيتك وأنت تأمرينه بتعجرف أن يقوم بالدخول إلى البيت يبدو أن الأميرة المخلصة تخاف أن يعلم أحد بظهور زواجها مرة أخرى"
ردت ببعض الخوف من كشفه لها هكذا دائما يعلم ما تفكر به وكان عقلها كتاب مفتوح أمامه. أكمل بصوت يبدو هادئا ولكنه آمربحزم:
"أنا سوف أذهب إلى منزلي هنا أريد الجلوس مع بناتي قليلا إن أردتي أن تأتي مرحبا بك,أما إن لم تريدي فهذا شيء يعود لكِ وأنا أعدك سأعيدهم اليوم"
تحرك بعدها نحو مكانه يستقل السيارة بصمت دون انتظار الرد.
نقلت هي نظراتها بين إبنتيها وبينه بحيرة وبعض الخوف فأخذت قرارها وفتحت باب السيارة بصمت تستقل مكانها بجانبه. لتسأله بصوت خافت:
"لا يجب أن نذهب لمنزلك من الممكن ان نذهب لأي مكان أخر وعام"
نظر لها بسخرية وهو قال:
"حقا إسراء أنت تزيدينني اندهاش تخافين من الذهاب لمنزلي وأنت تجلسين في بيت طليقك"
ردت عليه:
"انه منزل العائلة لا منزله هو فقط"
إكتفي بالرد عليها قائلاً:
"مازلت زوجك إسراء هانم أي أن وجودك الطبيعي في منزلي لا مجرد زيارة عابرة"
صمت بعدها لم يضاف شيء وهو ينطلق بسيارته وعينيه تنتقل ما بين الطريق وطفلتيه.
**************
بعد ثلاثة أيام،،
يدور ويدور كأسد جريح,مقيد لا يجد الخلاص او لا يعلم الطريق لم يهدأ لحظة واحدة منذ أن إستقبله جاسر في المطار,لم يرتاح ولم يذهب إلى منزله حتى,بل توجه فورا إلى قسم الشرطة ليقلب الدنيا هناك باستخدام بعض الواسطة له ولياسر الرواي ولكنه لم يكتفي توجه أيضا للسفارة الأمريكية هنا ليقدم بلاغا بإختفاء مواطنة أمريكية تحت سماء البلاد.
بحثا في جميع المستشفيات,لم يتركا مستشفى واحدا كبيرا كان أوصغير دون أن يستفسرا عن وجود مريضة أو نزيلة باسمها,دون جدوى..كانت بالنسبة له وكأن الأرض انشقت وابتلعتها.
تركه جاسر ليلا بعد أن يأس من محاولة إقناعه أن يهدأ ويذهب إلى منزله لكنه رفض بإصرار ليظل يجوب الشوارع ليلا,هل يعتقد انه سيجدها على قارعة إحدى الطرق تنتظره المجنون لقد جن صديقه لا محالة يؤلمه مظهره هذا,يريد أن يطمئنه وان يخبره أنها في أمان,لكن ما يقيده وعد حمقائه لمريم والسبب الأقوى إعطاء إيهاب درس قوي أن يقدر ما كان بين يديه كلاهما يحتاج هذا الدرس الصعب أو يشعرا بخطئهما. ربما لا يعلم أسباب مريم ولكنه يتفهم صغر سنها والبيئة الظالمة التي نشأت فيها,لكن ما مبرر إيهاب الحازم القوي الذي لا يقبل بالخطأ,ما مبرره لإهانة زوجته وإشعارها بالتدني. أن يأخذ زوجته سرا كأنها مخطئة أوتفعل شيء حرمه الله وليستمر غبائه لم يخبرها عن سبب سفره او عن خطته بجعل والدها يعترف بأبوته لها. انه لم يخبرها حتى بوجود والدها لقد أخبره بأشياء كثيرة عندما عاد من سفرته ليجعله يقتنع أكثر بأنه محق,إيهاب يجب أن يستوعب فعلته التي ينكر أنه أخطأ بها..لقد تأكد أن مريم أمنة وطفلها بخير,علم بطريقته الخاصة كل شيء حدث مع الطبيبة أو وجودها في بيت هناء ..قاطع سيل أفكاره,وهو يخبره بيأس يكاد أن يخلع شعره بيديه:
"أخبرني جاسر ماذا أفعل ؟لا تنظر لي هكذا لقد بحثت في كل مكان تعرفه او لا تعرفه لم أترك قسم شرطة أو مستشفى أو حتى فندق في المدينة لم أبحث عنها فيه ذهبت لجامعتها,لعلها لجأت لإحدى زميلاتها ولكن لم يعلم أحد عنها شيء منذ شهر من إختفائها وتوقفها عن الذهاب بأمر مني,آه..أشعر بالألم في كل ذرة من جسدي لم أعد أستطيع,أريد أن أعلم انها بخير أشعر أن جزءا مني أُنتزع وبقسوة لا أستوعب إلى الآن أن مريم قد تفعل ذلك بي أنا ..مريم تقسو عليّ وتبتعد عني,أنا لا أستطيع التصديق أنكر لنفسي بشدة أخبرها أنه كابوس وسوف أستيقظ منه"
رد جاسر بهدوء:
"هذا ما زرعته إيهاب فيها ويجب ان تستقبل حصادك وتصدقه لا تنكره لنفسك ربما إن هدأت قليلا وفكرت أين خطئك وماذا جنت يداك تستوعب ما يجري وتفكر بهدوء لا أن تتخبط هكذا"
صرخ به وهو يجيبه:
"هل أنت تساعدني هنا أم عينت نفسك جلادي؟ أخبرتك ما بيني وبينها لن يستطيع أحد ان يستوعبه يوما أن يقدره أو يتفهمه"
"اهدأ إيهاب ولا تصرخ عليّ أنا أخبرك بالحقيقة التي تنكرها..نعم ما بينكما لن يستوعبه أحد ولكن ان كنت أعلنت الأمر حتى بين عائلتكما كان لن يضر شيء أو يتدخل أحد بينكما,كنت جنبتها أشياء كثيرة,والآن دعنا من هذا,ما حدث قد حدث لماذا لم تبثها الأمان وتخبرها بأمر سفرك ووالدها,لما بعد إكتشافك حملها لم تخبر أحد بزواجك منها ووجود طفل تنتظره منها"
رد بوجع:
"لم أستطع يا جاسر,كان يجب أن أنهي أوراق زواجنا القانوني,لأتفرغ لثورتها عندما أخبرها بوجود أب أعرفه ولم أخبرها يوما به لم أستطع إعلان طفلي منها وتركها لهم ليؤذوهاهي وطفلي وأنا مسافر أو غافل في هذا الأمر ومشغول عنها كنت أخطط لزواجي القانوني منها وأخذها بعيدا عنهم في سكن مستقل أمن لها لا يعلمون طريقه لأستطيع إحتواء ثورتها في معرفتها والدها أن أحتويها وأحبها"
أضاف بعد ان فقد سيطرته في نبرات صوته:
"لم يخطر لي على بال أبدا أنها مهما ثارت وإحتجت أنها ستتركني يوما,مريم تتركني تهددني وأنا عاجز بسبب بعدي عنها لا إنها لم تهدد لقد كان الإصرار القاتل في نبرات صوتها يخبرني بقرارها النافذ,يا إلهي قد تكون الآن ملقاه في إحدى الصحاري ميتة وأنا أقف هنا عاجزا مشلول عن فعل شيء"
نفى سريعا بخوف وهلع وهو يتخيل جسدها ملقى هكذا كما تخيله ميت و بارد .
"لا لا مستحيل هي بأمان أنا لن أتخيل أي شيء إلا أنها بأمان..مرعوبة أكيد خائفة تريد أن تطمئن ولن تجد هذا غير بين ذراعي أنا أعرفها جيدا وأعلم حاجتها لي"
زفر جاسر بضيق سوف يسيطر على نفسه ويقدر ما هو فيه لن يرد عليه بكلام لاذع ويهاجمه يكفيه جنونه الذي قارب على فقدانه لعقله تماما...إقترب منه جاسر يربت على كتفه ينتشله من أفكاره السوداء التي تطوف بعقله:
"إهدأ قليلا,يجب أن تهدأ,ليس من أجلك بل من أجلها هي من أجل أن ترتب أفكارك وتبحث جيدا تفكر بهدوء أنت تتصرف بعشوائية ستنتهي هكذا في مستشفى قريبا منهار عاجز حقا وهذا لن يفيدها او يفيدك إذهب لمنزلك إيهاب ارتاح قليلا غير ملابسك أرح عقلك لتستطيع أن تعلم خطواتك القادمة,الشرطة لم تتوقف لحظة ولا سفارتها إن كان شيء لا قدر الله حدث بالفعل كنّا سوف نعلم بالأمر"
نظر له باستنكار يهتف به:
"أرتاح !!تريدني أن أرتاح وأنام أيضا وأنا لا أعلم هل هي مرتاحة أم لا,وجدت مكان جيد تلجأ إليها أم أنها تدور تبحث في الطرق"
"يا إلهي إيهاب أنا يئست منك حقا..هل تظن الجنون الذي تلبسك هو من سيجدها وان كانت مثل ما تقول هل بحثك العشوائي هذا هو ما سيجدها,رغم عدم اقتناعي بما تفعل لكن أنا أقف بجانبك أساندك وأنا أعلم انه مجهود مهدور عديم القيمة لأخر مرة أخبرك إيهاب رتب أفكارك,مريم هربت منك أنت على وجه الخصوص وإن كانت هربت منك مؤكد أنك لن تجدها إلا عندما تريد هي أو تهدأ أنت وتبحث بتخطيط مدروس لخطواتك كعادتك دائما هل فهمًت كلامي,يا إلهي لا أصدق إيهاب أني أنا من أنصحك بمنطقية وعقل الآن وأنت تأخذ دور المتهور المجنون ..هل انقلبت الموازين هنا؟ إرجع لعقلك لتستطيع ان تجد زوجتك وطفلك قبل ان تتهور مريم أكثروتفقدهم إلى الأبد"
رفع إيهاب عينيه بقهر يستنكر بصوت معذب:
"وهل أنا لم أفقدهم بعد جاسر حقا هل تعتقد ذلك؟؟إذاً لما أشعر بمرارة فقدهم وأني لن أراهم مرة أخرى لقد فقدت طفلين جاسر طفلي وطفلتي مريم بسبب غبائي وترددي


الساعة الآن 02:41 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.