آخر 10 مشاركات
أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          قلباً خالي الوفاض (116) قلوب أحلام شرقية للكاتبة ايمان عبد الحفيظ *مميزة* ف 17* (الكاتـب : ايمان عبد الحفيظ - )           »          347 - الراقصة و الارستقراطي - عبير الجديدة - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : lola @ - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          1127 - الرجل الغامض - بيبر ادامس - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          594- فراشة الليل -روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-11-19, 02:35 PM   #1081

ياسمين نور

? العضوٌ??? » 359852
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,830
?  نُقآطِيْ » ياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond repute
افتراضي


للتو قرأت المقدمة فقط وإن كانت تحمل الكثير من المعاني ولكنها تحمل أيضا الكثير من الغموض فكرت في تأجيل التعليق حتى قراءة الباقي ولكن تراجعت وأردت التعبير عن اعجابي بدقة الوصف
أسماء الأبطال توحي بأن الحكاية تدور بين الشرق والغرب
هل اللجوء للغرب هو النقذ لنا كعرب مما نعانيه في بلادنا من كبت وعجز وضياع
ام أن الغرب هو الآخر يحمل الكثير من العيوب
إن شاء الله أتابع القراءة والتعليق
دمتي بود وخير لا


ياسمين نور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 02:56 PM   #1082

moh khedre

? العضوٌ??? » 421864
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 96
?  نُقآطِيْ » moh khedre is on a distinguished road
افتراضي

هيييييييح بحب حالتهم دي اااااوي💓💓😍😍😍😍😍😍😍😍

moh khedre غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 02:57 PM   #1083

ياسمين نور

? العضوٌ??? » 359852
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,830
?  نُقآطِيْ » ياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond repute
افتراضي

سؤال آخر الرواية جزء ثالث من سلسلة , هل لا بد من قراءة الجزأين السابقين لأني بمجرد بداية قراءة الفصل الأول شعرت أن الأسماء كثيرة وكأن هناك معلومات سابقة أرجو الإفادة حتى أتمكن من استكمال القراءة

ياسمين نور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 04:12 PM   #1084

حنان حجاج
 
الصورة الرمزية حنان حجاج

? العضوٌ??? » 420274
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » حنان حجاج is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nor black مشاهدة المشاركة
تاااااااااااااااااااااااا ابع الفصل الثامن عشر رجاء النظر في الرد السابق لقراءة اوله :7r_001::7r_001:



كان يجلس محني الكتفين وكأن هموم العالم أجمع وضعت فوقهما ... في عينيه دمعه متحيرة وكأنها تخشى الهبوط حتى لا تحرمه من تأمل مجموعة صور يفردها أمامه بطول أرضية الغرفة ...

صور متعددة لبيتٍ كبير محاط بأشجار " الزعرور وشجر الزيتون ! وصور قديمة أخرى تحمل لقطات لرجال أشِداء يقفون أمام بيت خشبي كبير باللون الأزرق يتوسطه نافذة ما اخترقتها بعض الأعواد الحديدية ...

بينما أه مكتومة بحسرة مصاحبة لغصة تشق الصدر واجعة القلب المكلوم ...

فمه يتمتم بمرارة " هذا الزمن حكم ... وهذا الكلب نفذ !"

جلست مرح بجانبه علي ركبتيها يدها ترتفع بتردد تضعها على كتفه في مؤازرة ... ربما لا تفهم ما يقوله ولكنها كانت تُدرك منذ رجوعه بالأمس ينظر إليهما تلك النظرة النادمة و المفجوعة قليلة الحيلة وكأنه خسر عالمه كله لتوه ، بل خسرهم هم مرة أخرى !! أن هناك أمراً جلل حدث ، أن هناك سيف أخر شُرع في وجه الرجل المسكين طاعنه دون رحمة !"

رفع أيوب وجهه ينظر إليها بلوعة ... وكأنه في عالم آخر غير عالمهم !! همست بتردد حريص " أيا ما كان أوجعك ... يمكن أن نجد له حلاً !"

وكأن جملتها البسيطة كانت القشة التي احتاجها لتنهار أخر ذرة في تماسك دمع عينيه الذي هبط وهو يتمتم بالعربية " اتشحورنا و اتذلينا من الأقل قدر ... اتلطمنا يا بنيتي ، منذ أن غادرنا هنا !!"

أشار نحو ذلك المنزل الذي لوهلة ظنت أنها صور أُخذت من قلب الجنة ..!

أمسكت الصور بيدها تقربها منها وهي تسمعه يُكمل أخيراً بالإنجليزية " وأختكِ ما رحمت ... كما هم لم يرحمونا !"

كانت تحاول مجاراته ، أن تفهم ... حتى تستطيع منحه أي شيء من مشاعر بدأت تتحرك بداخلها نحوه في رابط أبوة يطالبها به كل لحظة !! " فرح ، ماذا فعلت مرة أخرى؟!"

قال بصوتٍ مثقل بالمشاعر الصارخة ... مشاعر كانت تبثها فجيعته منذ أن سمع وهو في المسجد يقيم صلاة الفجر !

صراخ الهاربين من الجحيم " اليهود ذبحوا الرجال ، وأخذوا الشباب ، ودكوا البيوت حارقين سكانها أحياء !!"

" الكبرى سميت والدي ، الذي حُرق وهو يدافع عن شرفها وأمكِ ... أبي العزيز الذي لم أملك حتى الوقت لأكفنه بيدي ، واريحه في نومته الأخيرة وأنا أهرب بما تبقى لي ... مخطي علي أبواب من الجحيم !"

شحب وجهها وهي تنظر إليه تستوعب ما يحاول قوله رابطة خيالتها بكيان بشع غير أدمي أُجهز بغدر على مجرد أناس بسطاء سالبهم حتى حق الاستعداد لتلك الفاجعة !" ربما هي لا تفهم أو لم تعش ما يقوله ... وربما كل ما تذكره هي صور باهتة من طفولتها تتشبث بها بعناد لصوت أخيها وهو يحكى عن أشياء مشابهة شنيعه رابطها بذلك البطل الذي كان يتحدث عنه وعيناه تبرقان !!!

ولكنها ببساطة كانت تريد فعل أي شيء لأزاحه تلك النظرة المطعونة المتحسرة من عيني أبيها !!

اقتربت منه تضع يديها علي وجهه المجعد بخطوط ليس الزمن المسؤول وحده عنها بل الأهوال التي عانها " أنا لن اتركك ... وأنا .أنا أغفر لك يا أبي لأنك أصبحت في نظري لست المسؤول عما حدث ، أنت حاولت وحاربت ولكن لم يكن هناك عدالة كافية لتنصرك !"

هز رأسه وهو يقول بصوتٍ مثقل بالدموع " أذنبت يوم أن خرجت هائماً على وجهي من دياري ... منذ أن غادرتها وأي مكان ذهبت إليه وجلست فيه لم أشعر إلا بالغربة والغرابة ... وكأني لا أنتمي لهؤلاء الناس ولا تلك الوجوه حتى وإن نطق لسانهم بلغتي وثقافتي !"

تخبطت أكثر شاعرة بآلام الجهل لإداراتها هذا الحوار " لماذا لا تعود ؟!"'

منحها نظرة موجعة موجعة للغاية ... نظرة لم تستطع تفسيرها بكل كلمات الندم والحسرة والغضب و الفاجعة !

" ليتني ما خرجت من الأساس ... ليتني أستطيع أن أعود لبيت أبي وجدي لبيتي وأنام ولو ساعة تحت شجرة الزيتون ، ضمامكم جميعاً داخل صدري !"

قالت ببهوت متردد " سيحدث يوماً ... كما وجدتنا أنا وفرح !"

حتى الابتسامة الساخرة كانت عزيزة على شفاه نست طعم الضحك وعلى قلب لم يذق يوماً طعم الفرح !!"

أي فرح تعنين تلك التي تختبئ منيّ ومنكِ منكمشة حول نفسها في غرفتها تنظر إليّ كأني وحش كاسر سيزهق روحها ... فرح التي لا تعترف بنا يا مرح وما أجلسها معنا إلا الحاجة والعوز ؟!"

دمعت عينيها وهي تقول باستسلام مختنق وجعاً علي توأمتها " ما عاشته منذ الصغر لم يكن سهلاً هؤلاء الناس كانوا يعاملون حيوانهم الأليف أفضل منها !"

يده كانت تضمها إلى صدره أخيراً ... بينما كل ما صدر عنه همهمات متوجعة أخرى تخرج بصهج وكأن كل أحشائه من الداخل تحترق !!"

.................................................. ...............



كان يصعد الدرج وهو يعلق معطفه فوق كتفيه إثر تعب يومه الطويل ...

عندما جذب مسامعة ترنيمة عواء حزينة منخفضة تأتي من داخل المطبخ ...

عقد حاجبيه بغرابة لعلمه أنه في هذه الساعة تكون سَبنتي في ثبات عميق وكلبها بصحبتها ... إذ أنها تتشبث بنومه داخل غرفتها على فراش خاص أعده له بنفسه كما أعد كل تفصيله صغيرة تخصها ...

تراجعت خطواته هابطاً مرة أخرى متوجهاً إلى هناك ... فلم تجد عينيه لثواني إلا العتمة وخيال ما ملتف حول بعضه على أحد المقاعد الخشبية ...

" سَبنتي ، ما الذي تفعلينه هنا صغيرتي ؟! " ناداها بنبرة متعجبة يغلفها القلق وهو يفتح النور الذي حتى لم يزعجها كما توقع !! بل رفعت له عينين ساكنتين خاليتين من أية مشاعر ... لم يهتم الآن بتلك الحالة العجيبة التيتلبستها ولا حتى بسؤالها الذي دفع لقلبه الريبة " لماذا أصبحت تناديني ابنتي ؟!"

احتاج جهداً جباراً ليبقي ثابت الانفعال متحكم التصرفات وهو يقترب منها ينحني نحوها ويمسك ذقنها رافعها بأصبعيه وهو يسأل " ما الذي جرى لوجهكِ .. تهور آخر لم تخبريني عنه أنتِ وحارسكِ ؟!"

برقت عينيها الثابتتين داخل عيناه بنظرة وحشية وكراهية خالصه لثانية واحدة ... ثم اختفت ليحل مكانها الجمود ، ثانية واحدة كانت كفيلة ليشعر بحزام من الأشواك يلتف حول عنقه مهدده بفقدان روحه " لماذا أصبحت تُعين لي حارس أنا كنت دائماً طفلة الراوي المجهولة !! عديمة القيمة لأيا من اعدائكم ... هل هذا يحدث خوفاً عليّ يا راشد ... أم أنه فقط من باب الحرص ألا يسلبك أحد بضع من ممتلكاتك ؟!"

الخوف كان يجد لقلبه طريقاً محاولاً أن يحسب أية معطيات منطقية ليصل لإجابة سليمة توضح له معنى تلك الكلمات المبطنة ... ولكنه لم يجد أية أسباب تدفعها لهذا التفكير العجيب !

تحامل علي نفسه مرة أخرى معذياً الأمر أنه مجرد تمرد مراهقة أو محاولة طفولية للهرب من إجابة ربما تخشى قولها ... أو هكذا تمنى أن يكون الأمر !"

رفع يده ينزع الشريط الطبي اللاصق من علي عينيها ليتبين جرح آخر حدث هناك ولكن لحسن الحظ هذه المرة لا يحتاج لتقطيب أو لن يترك ندبة مكانه ثم قال بحزم " كفي عن الألاعيب الكلامية ... ما الذي حدث لوجهكِ ؟!"

تسمرت نظراتها عليه طويلاً ... نفس تلك النظرة ال . ال مطعونة يسكنها اتهام صارخ بشبح ... الخياااااااااانة !"

نظرة بطريقة ما ذكرته ، بعينين عسليتين مذبوحتين تنظران إليه من باب موارب رغم جمود ملامحها !"

الهلع كان يتصاعد بداخله مقاوماً نفسه ألا ينهار ... ألا يستسلم لعفريته المرعب الخاص بحقيقتها ! لا لن يكون راشد الراوي إن سمح لعالمها أن ينهار ... ليست طفلته هو لن يكون ملعون حد أن يفقد كل ما تتعلق به روحه !"

" أحد أصدقائي أصابني بالكرة ... محطماً أوهامي في ...؟!

قطعت جملتها و صمتت تبتلع ريقها وكأنها تفيق شيئاً فشيئا من حالها العجيب ... ثم في تضارب فعل يليق بسنوات عمرها كانت تسأله باكية " هل أحبني أبي يا راشد

... كيف كان شعوره عندما حملني أول مرة ؟!"

كان يشعر بالهستيريا تتصاعد بداخله عندما جلس على ركبتيه أمامها يحيطها كما كان يفعل عندما كان عمرها لم يتجاوز السبع سنوات وتخبره باكية أنها تريد أن تنادي أبيها ، يلاعبها يحتضنها كما ترى عمها و آباء زملائها يفعلون ... فيجلس هكذا في محاولة أن يرضيها منتهي بهما الحال أخيراً علي اتفاق ضمني بينهما أنه سيقوم بدور الأب المزعوم ... تذكر أنها ظلت تناديه بأبي لثلاث سنوات تالية ... حتى توقفت عندما غادرهم بسبب " بدور ...؟!!"

أجفلت عندما شعرت به يعيدها إلى لحظتهم قصراً وهو يقول " أنتِ لستِ نكرة ... لقد اتفقنا منذ أعوام أني أباكِ قبل أن أكون أخاً لكِ ... أحبكِ أبي بلال الراوي نعم فعل ، كما أحبكِ كل فرد في هذه العائلة !"

" بدور وعزام لم يحباني ، يا ترى ما هو السبب ؟!" قالت بصوتٍ مرتجف مقهور وبعينين سبحتا في بركتين من الدموع !"

ابتلع راشد ريقه وهو يسألها بوجوم " هل هناك أمر تخبئينه عني يا سَبنتي ؟!"

نظرت إليه مرة أخرى بذات النظرة الغامضة التي وجدها تسكنها أول الحديث رغم دموعها التي لم تجف ثم قالت أخيراً " وهل جرؤت يوماً أن أفعل ... كما لم تفعل أنت ولن تفعل أبداً صحيح ؟!"



شحوب وجهه كان جلي لعينيها رغم محاولته أن يسيطر على انفعالاته ... تجنب كل ما تقوله لمعرفته الأكيدة أنها إن قررت ألا تفسر فلن يجبرها شيء في العالم أن تفعل " لا صغيرتي ، لا أنت قادرة ، وأنا مؤكد مازلت على عهد صداقتنا منذ أعوام !"

أحنت رأسها تحدق فيه بجمود قبل أن تقول بنبرة مهتزة " بل أبوتك يا راشد ... أبوتك للدعسوقة !"

احس بالرؤية أمامه تتلون بالأحمر القاني ... هناك أمرٌ جلل حدث من وراء ظهره ... أمرٌ خطأ فُسر بطريقة قاتلة ... ولكنه وسط رعبه وتخبطه لم يرسيه عقله حتى أن يضع أية احتمالات ...

وهي لم تمهله عندما شهقت في بكاء مكتوم مرة أخرىتنظر له بعينين طفوليتين وهي تقول بتوسل " أريدك أن تضمني ... أن أشعر أني محبوبة منك بالذات ومرغوب وجودي ، لا مجرد خطأ ارتكبته أمي !"

انقطعت أنفاسه هذه المرة وهو يتأمل وجهها الشاحب شعرها المنثور حولها بفوضوية ، الآن تبين أن هناك أثر لدموع حُفرت فوق وجنتيها وكأنها قضت كل نهارها تبكي منهارة ... وجهها ملئ بخدوشات صغيرة ولكن كانت كافية أن تعلمه أن أيا ما تعرضت له طفلته أبعد من أن يكون ضربة كرة ...



التقطها بين ذراعيه يضم جسدها الهش إلى صدره بقوة يهدهدها وكأنها مازلت لم يتجاوز عمرها العام ...عندما أخذها من جوان وهي تصرخ مقاومة يدى والديها مطالبة بها ... كما تبكيها صغيرتها !"

لمعت دموع عزيزة كانت تسكن عينيه بينما يُقبل رأسها محاولاً أن يسيطر على بكائها الغزير ... بينما القلب يهمس بغصة " لا أستطيع خسارتكِ أنتِ الأخرى ... ليس أنتِ صغيرتي ، بعد أن أضعت كل أحلامي والمرأة التيأُحب بيدي ... حتى صغيراً من صلبي أمسيت مهدد بخطر يحيطه كما أنتِ !"

.................................................. ...

حدقت في ظهره في ظلام الغرفة منذ ساعات عارفة من تصلبه وتصارع أنفاسه أنه يعانى مثلها من فراق النوم لعينيه ومن سرقة سلام روحه !!!

" لقد كانت تعاقبه هو !! تنتقم منه بتجبر تهينه بقصد حتى وهي تعلم مدى اعتزازه بنفسه ، بكبريائه بكرامته وحدة دمائه الشرقية !! فكانت بكل شيطانية نفس تستغل لحظات ضعفه لتضربه على غفلة حتى لا يستطيع مقاومتها ... أيا ما فعلته في ممدوح صباحاً لم يكن يمت بصلة لا لعلاج ولا لدفعة للأمام ... بل كانت ترى فيه بطريقة ما وجهه هو حتى وإن لم يتشابها يوماً !"

" هل ستظل تتجنبني ... أنا آسفة " خرجت منها كلماتها مرتجفة متحشرجة !

لم يأتيها الرد ولم تنتظر منه إجابة فحاولت مرة أخرىوهي تهمس " لم أقصد ايذائك ولكن ما حدث بالأمس حطمني بطريقة غير محتملة ... أنا حقاً نادمة على ما فعلت !"

لم تتلقي إجابة أيضاً فقط أنفاسه المكتومة التي علت بطريقة أوضحت لها كيف هو يسيطر على نفسه محاربها ألا يلتفت إليها ... فتجرأت هي أن ترفع نفسها تمر من فوق جسده حتى تصبح بين ذراعيه وتستطيع أن تنظر لعينيه ...

زفر بقلة صبر عند ملامستها إياه شاعراً بالغضب الذي يجتاحه حقداً عليها ... متمسكاً بقشرة واهية حتى لا يخرج وحشه الحقيقي في وجهها ويؤذيها بالفعل كما تشدقت يوماً واجزمت !"

" ألن تضمني إليك ... لقد فعلتها أنا بالسابق دون تردد عندما طلبتها منى !"

تمتم بصوت مكتوم جاف أخيراً " وهل تطلبين كنوعٍ من الأسف الذي كثُر مؤخراً ... أم لأنكِ تحتاجين ؟!"

اغرورقت عيناها بالدموع حتى استحال سوادهما لبركتين من الوحل !! وهي تقول " لأني أحترق ، أنا ما عدت أعرف من أنا ... أشعر بالطعن مؤلماً لقلبي ، بالندم الشديد لما جنته يداي ... لقد جبنت وتجبرت إن كان ينفع أن يجتمع النقيضان معاً ، لماذا لم أبحث عنها ... لما لم يمنحني القدر فرصة أخيرة لرؤيتها ؟!"

كان يحدق فيها في ظلام الغرفة وعاد يخلفه صمته ولكن هذه المرة رغبة منه أن يدفعها لتخرج ما بداخلها ...فسمعها تقول

" بداخلي ندم لا يحتمل وليس منه علاج ، هناك جزء ناري منيّ يأكل صدري ناهشه دون رفق على ما فعلته به وبها ... وهناك جانب آخر إبليسي بارد يردد عليّ أن كلاهما لا يستحق ... فكيف أغفر للقاتل وأنا الضحية التي سلبها حياتها حتى وإن كان مازال قلبها ينبض ؟!"

قال بخشونة

" ألم تفكري أنه ضحيه مثلكِ ... بأنه كما اعترفت سابقاً لم يمنحه أحد الفرصة ، الرجل الذي رأيته واقفاً أمامكِ يترجاكِ الوصال ، أكثر من ناله الوجع وشرب المر كاسات في تلك الحكاية ؟!'"

لاحظ كيف انكمشت أكثر رغم محاولتها المستميتة للزحف بين ذراعيه ... عيناها تنظران للبعيد وكأنها خائفة من النظر إليه وكشف ما يدور فيهما من أسرار ليست لها نهاية " فليبتعد هو وأحزانه ويكتفي بالتوأمتين ... أنا انتهيت من كل الذكريات البشعة !!"

قال بهدوء بينما يسمح لها أن تدفع يديه المعقودة على صدره بعيداً لتلجأ إليهما أخيراً " أنتِ تخدعين نفسكِ ... بل كل ما يحرقكِ الآن ويوجعكِ هذا الحد أنكِ تتمنين لو ذهبتِ إليهما !"

ازدردت ريقها وهي تنظر لعينيه الخضراوين في ظلام الغرفة ثم همست بشفتين مرتعشتين " أنا أفعل ... أريد أن أرى وجه أمي فيهما ... أن أشتم دفء عائلتي التيكانت في رائحتهما التي علقت في أنفاسي طويلاً !"

ببطء بدأت ذراعه تشتد حولها حتى استقر جسدها بين أحضان خُلقت لأجلها ... يبثها بكل ذرة في كيانه دفئه ، سكينة تطلبها وأمان تتوسله بألا يتركها ، أن يستمر في غفرانه جنون أفعالها ويكون هو العنصر الأقوى لتظل علاقتهما ! هكذا شعر وهكذا كانت بالفعل تقصد !"

نظر إليها أخيراً من علو وهو يقول بصوتٍ أجش " إذاً افعليها ... حققي حلمكِ الذي طاردته كثيراً ... جربي لن تخسري أكثر مما فقدنا بالفعل !"

قالت ببهوت " أنا خائفة ... إذ لم أملك أنا أي تعاطف لأيوب فكيف ستتقبلانني هما ؟!"

هبط بجسده قليلاً ليصبح رأسه مدفون في نهديها !! بينما ذراعيه تشتد أكثر حول خصرها مقربها منه حتى الالتحام " أنتِ أشجع امرأة قابلتها في حياتي ...أكثرهن صدقاً ، وعدلاً ... لا أعتقد أنكِ غير قادرة على أمرٍ كهذا !"

رمشت بعينيها وجسدها يتوتر عند نطقه " أكثرهن صدقاً وعدلاً ولكنها لم تسمح له بأن يتبين هذا عندما التفت يديها حول رأسه تضمه إليها بقوة أكبر ...

" هل تظن حقاً أني كذلك ... أني سأملك من القوة لكسب قلب شابتين لا تعرفاني ؟!"

شفتيه طبعت قُبل ناعمة في المكان الذي يريح رأسه المثقل فيه بينما يقول بصوتٍ أجش " أليس سؤالكِ هذا يعد جدالاً ليس له معنى ... أنتِ كنتِ تبحثين منذ سنين موقفة حياتكِ يا لورين ؟!"

شعر بدمعتين ساخنتين تحرقان وجهه مرة أخرى فرفع عينيه ينظر إليها وقال بحزم مشجعها " أذهبي إليهما ، دون أن تسمحي له بالتواصل معكِ أو دخول حياتكِ إن أردتِ ... ولكن رابط الدماء ووصية والدتكِ التي غادرتكِ تستحق التضحية وتحقيقها !"

نظرت إليه مرة أخرى طويلاً حتى شهقت أخيراً بنفس حالة الانهيار وهي تضم رأسه بقوة إليها " أمي ماتت دون أن أراها ... دون أن أُمنح الفرصة أن أخبرها أني أغفر لها ... بأني عشت عمري كله صوتها يتردد في أذني ورائحتها المسكية تعبئ أنفاسي !"

تشبث فيها ممدوح يحاول أن يسيطر على ارتجافها العنيف ... ولراحته أنها طاوعته ساكنة إليه ، ولوقتٍ طويل جداً ظل كليهما على تلك الحالة ... هي تطالب بالكثير وهو يحاول أن يعطيها ربما يهدئ روحها الهائمة الملتاعة !"

.................................................. ....



كان يستشيط غضباً منذ الصباح عندما تلقى رسالة راشد التي لم تترك أي مجال للتكهن ... الدعسوقة المغيظة المستفزة ذات الوجه البريء والروح الشفافة الملائكية كانت شفافة الأسرار أيضاً ... إذ أنها على ما يبدو أخبرت المزعج المتسلط كل شيء !! حسناً سيأتي يومٌ لا محالة تصبح بين يديه هو ، ملكه هو ... ووقتها فقط سينكل براشد ملوعاً قلبه حتى يستطيع أن يلمس شعرة منها حتى !

عند هذا الخاطر وأحلام يقظته كانت ابتسامة كبيرة تحتل وجهه ، سامحاً لنفسه ببضع خيالته المحدودة جداً متمثلة في الخوص في عينيها الضاحكتين بلونهما العجيب ... ملمس شعرها الناعم عندما تخللته أنامله لثواني معدودة عرضاً ، وجسدها الهش الذي يثير كل جنونه متمنياً يوماً أن يعود ليضمه ويحتويه ويصبح حقه ... رباااه ورائحتها الطبيعية التي تسكر حواسه ، حتى بعد أن تفارقه بساعات !"

...

" من الجيد أنك هنا ... لم نتحدث وحدنا منذ وقتٍ طويل !"

بهت وجه خالد للحظات وهو يعتدل من على فراشه أخذاً شهيق وزفير متواصل حتى يستطيع أن يعيد كيانه ويعده لمواجهة والده !

" مرحباً أبي !"

تحرك ياسر بخطوات متمهلة واثقة بتكبر طبيعي لا يبذل جهداً في إظهاره بل منذ أن وعي خالد على الدنيا وهو يعلم أن تصرفات أبيه الملكية تلك والمتسلطة بتكبر وترفع ليس له دخل فيها بل جاءت من شخصيته وكأنه مكتسبه بالوراثة !! ... جلس ياسر أخيراً على مقعد مكتبه الدراسي يخرج سيجار من جيبه ويبدأ في تدخينه بينما عيناه تُقيم معتزل ولده دون رضى ... ثم قال أخيراً " ألن تتعقل وتعود لغرفتك في القصر متخلي عن هذه الغرقة الشبيهة بغرف الخدم ؟!"

عبس خالد بعدم رضى وهو يقول " هل تلك هي مشكلتك شبه غرفتي بمساكنهم ؟!"

مط ياسر شفتيه وهو يقول " بل بمحاولتك المستميتة أن تكون أحدهم ، أن تنسلخ عن جلدك الحقيقي ... مُؤثراً رفض أرث عائلتك !"

قال بهدوء " لقد خضنا هذا الحديث كثيراً من قبل ... وأخبرتك أنا لست مجبراً أن أتقبل شيئاً فقط لمجرد أني ولدت فيه ... أنا لا أشبه تلك العائلة على كل حال ؟!"

بحث ياسر بعينيه عن شيء ينفض فيه غباره فلم يجد ...فسحب دون مبالاة إحدى قصارى النباتات خاصته ونفضها بداخلها ملاحظاً عيني ابنه التي اشتعلت غضباً قبل أن يسيطر عليها سريعاً احتراماً !! لم يبالي ياسر وهو يقول " هناك أدوار وحياة هي من تختارك لا أنت ... وكابني الوحيد ووريث تلك العائلة من بعدي ... أنت مجبر أن تستمع لي ! "

ابتلع ريقه وهو يقول بجفاف " لا أريدها ... هناك نمر الراوي ، هو القادر على هذا الحمل ، إذ أنه يُجهز له من نعومة أظافره ، وفي أحلك الظروف هناك عزام أيضاً ... إذاً لن تحتاجني أبداً !"

وضع ياسر ساقاً فوق الأخرى ثم قال " أريدك أن تنهي هذا الجنون بأرداتك ... مازلت أحبك حد أن أترك لك حرية رجوعك إليّ بنفسك لا بإجبارك ...أنت تعلم أني أستطيع توجيهك رغم أنفك لما أريد ... صحيح ؟!"



(وبِالوالدينِ إِحسانًا) ذكر نفسه بقوة مردداً هذه الآية حتى لا يتطاول عليه أو يمنحه رداً قاسياً رداً على استفزازه ...

سيطر على نفسه وهو يقول أخيراً " ربما تستطيع بالفعل ... ولكن لن أكون أبداً الفارس الذي تحتاجه ، ببساطة لن أُفلح فيما تدفعني إليه ولن أكون إلا مصدر إحراج لك بين منافسيك !"

نزع ياسر قدميه من فوق بعضهم وجلس واضعاً يديه فوق ركبتيه بعد أن تخلص من سيجاره في نفس الإناء ... ثم قال بهدوء " اجلس يا خالد ودعني أدخل في الأمر مباشرة ... لتقيم الوقت الذي تحتاجه !"

ازعن إليه دون مقاومة تذكر وتراجع يجلس على طرف فراشه وهو ينتظر ما الذي يريده منه وجعله يتذكره أخيراً !"

" أنت تعلم أني سأظل أطاردك حتى تحتل مكانك بجانبي ... لأني احتاجك بالفعل ، كما أني لن آمن أحداً على مال أخواتك وإمبراطورية عائلتي من بعدي غيرك !"

ابتلع ريقه وهو يقول بتماسك " ولكن أنا أجهل حتى أبسط القواعد هناك ، ذلك ليس عالمي !"

تأمله ياسر بهدوء شديد قبل أن يقول " لم أعهدك كاذباً !! أذكر أني باكراً جداً كنت أصحبك معاندا والدتك ، وأجلسك مكاني ، أحاول تبسيط بعض الأمور لك لتتشربها ... كما أذكر أنك كنت مراهق شغوف بكل كبيرة وصغيرة تحدث في ربوع المجموعة ، حتى توقفت فجأة منذ ثلاثة أعوام وزهدت كل شيء كما زهدت صحبة والدك !"

قال خالد بخشونة " هذا لأنك لا تريد أن تفهم أن روحي ليست هناك كرهت كل هذا قبل أن يبدأ !"

قرب ياسر المقعد منه وربت علي فخذ ابنه وهو يقول مهاجماً إياه قاصداً إرباك دوافعه وإيجاد ثغرة فيها " ولكن نفس الروح الشفافة تلك قررت أنها تستحق أن تطارد مراهقة معلقة بها ؟!"

شحبت ملامح خالد بقوة وبدا متعثراً في الحديث وهو يقول " أنا لا أطاردها !"

رد ياسر ببرود " ولكنك تعلقها بك وأنت تعلم أن هذا غير جائز وبأنها لن تكون لك يوماً !"

نار أمسكت في قلبه محرقة إياه وهو ينتفض من مكانه ويقول " وما الذي سيمنع هذا ... أنا أريد سَبنتي لي !"

قال ياسر سريعاً من بين أسنانه " لا تليق بك ... لا تنفعك أبداً !"

حاول أن يكون هو الطرف المتمسك بأعصابه وهو يقول " وما المعيقات في علاقتنا ... فتاة كبرت أمام عيني ، وربيت علي يد والدتي أنا أرغبها بكل كياني ... وهي حسناً أعلم يقيناً أن قلبها البكر لن يتعلق بغيرى يوماً !"

بصبر كان ياسر يحاول ألا يهاجمه ألا يخسر حربه سريعاً مع ابنه بل أن يكسبها بدهاء ... تمتم بهدوء أمره أجلس !"

تردد خالد للحظات ونوبة من التمرد تكبر داخله شيئ

تنهد ياسر وهو يقول " مازلت صغيرة جداً ، تصرفاتها طريقتها كل شيء فيها مختلف ... كما أنها لن تضيف لعالمك ولا إمبراطورتينا شيئاً !"

صمت للحظة بينما جسد خالد يتوتر محدقاً فيه بنظرة العارف لما سيقوله ولا يعجبه ... فنطق أخيراً ياسر بصراحة مطلقة " أنت لست من الغباء لتعلم أني وضعت لك فتاة من اختياري في طريقك ... شابة تلمست فيها نفس طريقة تفكيرك ، توجهاتها تماثلك تقريباً ... والأهم لدي تعاون والدها المُطلق ودعمه القوي لمجموعتنا !"

لم يتردد خالد للحظة واحدة وهو يقول " لا أريدها ... حسبتك كلها خطأ ، إن لم تفهمني دعني أكن واضحاً !"

صمت لبرهة يحدق في عيني أبيه التي علمت ما سيقول وحذره أن ينطقها ولكنه لم يبالي وهو يقول بطريقة مباشرة " أنا أُحب سَبنتي ... أُحبهااااا يا أبي ولا أرىسواها شريكة لروحي ، هل يُعد قلب ابنك شيئاً ذو قيمة لتضعه في مخططاتك ؟!"

وقف ياسر يواجهه بقوة وهو يقول بغضب " لن تفعل ... لن ترتبط بتلك الفتاة وإن كانت أخر واحدة علي وجه الأرض!"

" لماذا ... أليس من الطبيعي كونها ابنة أخيك أن يكن موقفك مشجع لي ، بل إن لزم الأمر أن تجبرني لأتزوج ابنة أخيك اليتيمة ؟!"

الغضب كان داخل روحه هادراً غير مسيطر لا لن يفقد فارسه وولده الوحيد وأمله لأجل أيا كان ... كاد أن يصرخ فيه " ليست ابنة أخي ... بل إنها !"

صمت صوته الشيطاني بلحظة وتغلب عليه نور غريب سطع داخل عينيه من وسط عتمته ... متذكراً بوجع بندم وجه شاب صغير سلب منه نقاء سريرته وسلام روحه وثقته ورجولته أيضاً عندما اخبره بحقائق بششششعة !!"



تراجع ياسر أمام عيني ابنه المتسائلة بتشكك وترقب ... ثم قال أخيراً بشحوب " لهذا السبب تحديداً أنت ستبتعد عنها ... أنا لن أكرر قصة راشد وبدور مرة أخرى ... من الأفضل لك نسيانها تماماً لأنك لن تنالها حتى وإن كان أخر شيء أفعله في حياتي !"

صرخ خالد دون سيطرة في ظهر والده الذي انصرف عقب إلقائه قنبلته " أنا لست راشد ... لن أؤذيها كما تجزمون ، هي لي يا أبي تذكر ، هذا اليوم غداً أو بعد أعوام ... ستكون لي بالنهاية !"

....................................

عندما دخل راشد صباحاً إلى غرفتها ليطمئن عليها كانت مازلت تدعي النوم !!

تنهد راشد متبين جفنيها اللذان يتحركان وانفاسها المكتومة التي تحاول السيطرة على انتظامها عبثاً !

جلس بجانبها لدقيقة وهو يمد يده ساحباً قطنة طبية مطهراً جرح رأسها بحنان وروية ... اطلقت تأوهاً معترضاً فقال باسماً " أنتِ كاذبة فاشلة صغيرتي ... إن أردتِ التهرب من يوم دراسي يمكنكِ الطلب فقط !"

لم تفتح عينيها وهي تشعر به يضع شريط لاصق خاص بالجروح فوق جبهتها ... ثم قالت باقتضاب " شكراً "

حاول أن يجعلها تخرج من تلك الحالة تحدثه بأية كلمة عله يستطيع ربط تلك الأحجية " ألن تتحايلي عليّ لزيارة بيت عمكِ ... لرؤية شوشو حتى ؟!"

سحبت الغطاء فوق رأسها مرة أخرى واستدارت تمنحه ظهرها وهي تقول " أنا متعبة ... أريد النوم فقط !"

وقف راشد من مكانه يحدق فيها بجمود بينما الأمر لم يحتج لأي تفسير آخر !

ثم سحب نفسه خارجاً وهو يستل الهاتف من جيبه " نضال ... أريد تقرير عن كل شخص رأته سَبنتي بالأمس ولو عرضاً !"

كانت نبراته ثابتة هادئة ومتمكنة وهو يقول " عدا عن طلاب مدرستها ومدرسيها لا أحد غيري راشد بك !"

مشكلة راشد الراوي لم تكن الغباء يوماً بل الثقة العمياء التي منحها له بعد أن عمل طويلاً بإخلاص ليستحقها وها هو اليوم يستغلها بأسواء طريقة كما يقولون " حاميها هو حراميها وفي حالة ابنة أخيه ... محطمها وقاتل روحها البريئة الطفولية بغير عودة !"

حاول راشد أن يسيطر على نفسه وهو يقول بهدوء " هي لن تذهب اليوم لمدرستها ولا أريدها ان تغادر المنزل على كل حال إلا بصحبتك ... أريدك أن تلاصقها كما أنفاسها... وإن لزم الأمر اصطحب أحد الرجال من حراستي معك !"

" مما تخاف سيد راشد هذا الحد ...عذراً مسبقاً على وقاحتي !"

قال راشد بنبرة لاذعة باردة تلك التي تنمحي منها الرحمة " يعد وقحاً بالفعل بعد ما حدث منذ يومين ... أنت فقدتها في بيت العائلة الكبير ، فقط لأنها أرادت ... نضال لتقدير واحترام بل وربما صداقة أحملها لك ، قم بعملك دون نقاش !"

" بالطبع راشد بك كما تأمر !"

اغلق نضال الهاتف بهدوء بينما عيناه تبرقان بالغضب بالاحتقار ... احتقار لم يكن موجه لراشد الراوي بأية صورة بل لنفسه التي لم تصن الأمانة وخانت العهد " إن أردت أن تهد عرشاً أو تكسر بطلاً فقط ضع في طريقة امرأة كجوان !"

لم يكد راشد الراوي يخرج من باب منزله ، مستقلاً سيارته مراقبه يتحدث في هاتفه بصوت مكتوم ... مهدداً شخصاً ما

حتى كان رقمها هي الأخرى يُجبر هاتفه على الاهتزاز " صباح الخير يا سَبنتي ... كيف حالكِ اليوم ؟!"

كانت مضطربة مهتزة وهي تقول مباشرة " أنا . أنا أريد أن أرى تلك المرأة مرة أخرى تلك صديقة راشد السابقة !!! ولكنك لن تخبره ستجعله سراً بيننا كما وعدت ؟!"



" صديقة راشد ؟! ...اللعنة اللعنة ما الذي قالته المجنونة المتهورة للفتاة التي أرجعها بالأمس أشبه بجسد نُزعت منه كل معالم الحياة ... إذ أنهما عندما استطاعا أن يسيطرا على صراخها المرتعب بصعوبة وهي تلقي نفسها على أسفلت الطريق فتمسكت بها وضمتها جوان إليها مرغمة إياها على الهدوء ... أجبرته هو الآخر أن يغادر السيارة حتى تستطيع الحديث معها بحرية !"



" نضال " همست بصوت مبحوح مرتجياً !"

" حسناً سَبنتي ... انتظركِ لنذهب إليها قبل عودته !"

.................................................

هبطت لورين من سيارتها أمام ذلك البيت الذي ترك أيوبعنوانه قبل أن يغادر منزلها ... مغمورة بالرغبة في الهرب بعيداً ، في سب ممدوح بحنق لأنها اتبعت نصيحته ، وبالشوق لرؤيتهما أخيراً ... لقد كانت خائفة رغم كل شيء من هذا اللقاء ... فتحت البوابة الصغيرة وخطت أخيراً لداخل المنزل الذي شابه فيلا صغيرة ، جدرانها الخارجية باللون الأبيض بينما بابها كان خشبي ملون بالأزرق ويتوسطه نافذة صغيرة تتخللها ألواح حديدية !

" رباه ... انخلع قلبها من مكانه بقسوة وعينيها تغرق في دموعها مرة أخرى رابطة هذا الشبة بذكرى منزلها الكبير وسط أشجار الزعرور !!

استطاعت أن تخطو خطوتين أو ربما ثلاث حتى قطعت مسافة الحديقة الصغيرة
التي شعرت أنها طريق اشواك طويل جرحت قلبها لا قدميها ... وقفت لدقائق طويلة أخرى تتأمل المنزل بينما كلها ينتفض برهبة ... حماماتها هنا .هنا أخيراً ستلقاهما ، ستستطيع أن تلمسهما أن يتعرفا عليها ... ستتخلص أخيراً من كوابيس فاجعتها فيهما كل ليلة ... فقط لو تستطيع أن تقطع الدراجات القليلة وتطرق الباب ... أين شجاعتها ، أين برودها ولامبالاتها ، أين وجهها الحديدي الذي تضعه وقت ما تريد في وجه من لا ترغب أن يكشف هشاشتها ؟!

كل شيء ذهب مع رياح اتتها كزائر غريب مجردها من كل دفاعاتها ... كاشفها أمام ابتزازه العاطفي البحت ...

ادارت لورين ظهرها لبوابة المنزل ... تجلس على الدرج بتعب مسلوبة كل القوى ، ساندة رأسها علي سور حديدي صغير ... مستسلمة لقهرتها للوعتها ، مذكرة نفسها بقسوة أنها لن تقدر الآن على تنفيذ وعدها الذي قطعته منذ ستة عشر عاماً بإعادتهن لصدر نسرين !"

القهر المعتاد كان يغزل علي ألحان أوجاعها ... مذكرها بقلة حيلتها ، بكل لحظة عاشتها مع نسرين !! التي كانت تتمسك في ذيلها أينما ذهبت تستمع إليها ، تتعلم منها ، وتعشق صوتها الحزين الذي يُردد في حنين رثائها الخاص بجدتها !"

" علي دلعونا ... وعلى دلعونا أنتي يا أمي نور العيون ... العيونا ... يا مشط اتحنن علي شعراتها ، دخلك بالله دريلي شيباتها ....

" الجنة نزلت تحت جرياتها برضاها يا ال تعرفوها ... على دلعونا وعلى دلعونا ... تراب تحت أجرك كحل العيونا !"



نغماتها كانت مشحونة بلحن وجعها كان السهم الغارق الذي اخترق العقل الذي تحجر رافضاً أن يتذكر حتى ولو لمحات بسيطة تجعل دمائها تحن أو تعترف إليهم ... انتفضت فرح من مكانها مهرولة نحو الباب ... مما دفع أيوب ومرح أن يتبعانها خوفاً من أذى قد تلحقه بنفسها ...

فتحت الباب بقوة فتدفقت إليها لمحات كثيرة متتابعة ومتلاحقة وكأنها فتحت أبواب ذاكرتها علي مصرعيها ...

تسمر أيوب مكانه غير قادر على التعاطي مع المشاعر الكثيرة التي اجتاحته وهو يراها هنا أمام منزله ... قَدِمت بإراداتها وتترنم بأشعار زوجته الحزينة !"

لم تُعبر ملامح مرح عن شيء فقط تتأملها كشخص غريب آخر سيدخل دنياهم ...

بينما فرح التي ترفضهم ، تُصرح بمقتهم ، فرح المدمرة نفسيا وعاطفياً ... كانت تقترب منها بحذر تجلس بجانبها بنفس الحرص ... ثم تلمس معصمها بتردد شديد ...

ادارت لورين عينيها تنظر إليها بتفحص بعدم تصديق ترمش من بين دموعها التي غشت الرؤية أمامها ...

بينما تكمل دون انقطاع عن ترنيمات أمها " أيا يا مرايتها حني عليها خبي التجاعيد ال تحت عينيها ، نيال الفرشة اللي بتنام عليها ريحة أنفاسا زهر الليمونا ... بذكر يا أي أيام الماضي تحتاري مين فينا اللي تراضي .. أخطاءصغيرة كبيرة بتتراضي وبسمة مرسومة جوا العيونا ... لما على أمي بغنى الدلعونا تنزل دمعاتي لا لا تلومونا "

همست أخيراً فرح دون صوت فقط حركة شفتيها بضعف " لورين ؟!"

اهتز كتفي لورين مع انتفاض صدرها في شهقات مؤلمة وأومأت لها دون كلام ... شيئاً فشيئا كانت فرح تضع رأسها علي كتف لورين ... تغمض عينيها بسكينة ، يديها تتشبث بها بقوة ثم همست " أنا أذكركِ ... أنتِ وجدتني أخيراً كما وعدتِ !"

ضمت لورين كفيها بقوة ... مقاومة نفسها بألا تلمسها بألا تعانقها ولا تفصلها عنها أبداً كما خلعوها منها مرة " تأخرت !"

" ولكنكِ ... أتيت الآن !"

كانت في حالة من التخبط في الانفصال عن الذات وهي ترفع يدها أخيراً تحيط كتف أختها بتردد ضامة إياهاإليها ... شفتيها تهمس مرددة اسمها بينما الحزن الغير محدود يغمر روحها " فرح !"

" هل يمكنكِ قول تلك الترنيمات باللغة الغريبة مرة أخرى ، تذكرني ... تذكرني بتلك المرأة ... وأنا روحي تحتاج ولو عبثاً اقتناص برهة من حنانها !"

انفجرت عينيها مرة أخرى مع صوتها بفاجعة البكاء ...

بينما لا إراديا تتذكر لحن آخر من تلك المرأة ... أمهم الغالية ،أمهم التي تعذبت ، أمهم التي حُرمت من ريحهم ... أصبحت في ذاكرتهم مجرد تلك المرأة !"

" يما مويل الهوا يما مويليا ضرب الخناجر ولا حكم النذلفيا

ومشيت تحت الشتا والشتا رواني

والصيف لما أتى ولع من نيراني

بيضل عمري انفدى ندر للحرية

يما مويل الهوا يما مويليا ضرب الخناجر ولا حكم النذلفيا



يا ليل صاح الندى يشهد على جراحي

وانسل جيش العدا من كل النواحي

والليل شاف الردى عم يتعلم بيا "



انتهي قراءة سعيدة

‏‫
سعيده منييييييين نفسي افهم
والله ما عرفه اتكلم من كتر تخبط المشاعر اللي عيشته مع لو رين بالذات في الفصل ده كرهتها وصعبت عليا عيزه اضربها واوجعها وفي نفس الوقت احضنها واطبطب عليها
دمتي مبدعه يا نور العيون 😘


حنان حجاج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 06:14 PM   #1085

اني عسوله
 
الصورة الرمزية اني عسوله

? العضوٌ??? » 390126
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » اني عسوله is on a distinguished road
Rewitysmile2

:heeheeh::heeheeh::heeheeh:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Nor BLack مشاهدة المشاركة
اقتباس من الفصل التاسع عشر

إلتوى فمها بضحكة ساخرة .. سخرية من أحلامها البريئة التى غزلتها معه .. من بيت الهادئ ومطالبها البسيطة التى كتبتها على رمال البحر .. لتجدها جميعاً ما هي إلا سراب ..!
" بعض الأحلام ، لم تكتب لنا ، من نحن حتى نتحدى طريقاً رسم لنا منذ بداية الخليقة ، ونتحدى أقدارنا ؟!"
رفع يده بيدها لأعلي يديرها بحرص حول نفسها .. معيدها الى صدره محيطها سريعاً داخل متسع قلبه: " إن أردنا سنفعل .. نحن من نختار مصائرنا .. لعبة القدر الأزلية تلك لا أعترف بها ؟!"
كفيها الإثنان تحركا ببطئ على قميصه المنشى متلمسة عضلات صدره القوية ، لتنتفض كل عظمة فيها إستجابة بالشوق ، والإجلال ؟! حتى شابكتهم أخيراً حول عنقه .. لينحني وجهه أكثر اليها و عينيها لم تجرؤ أن تتخلى عن التوهان داخل عينيه .. عندما قالت أخيراً: " إستسلامك لا يعني إنهزام ، بل تسليم بمصائر كتبت علينا ، يجب أن تعرف أنك مجرد بشر ياً راشد ، لا عيب في أن يفلت أمر ما من يدك ، تعلم أخيراً أنك مهما كنت من القوة يجب أن تنسحب بعض الخيوط لتأخذ الترتيبات القدرية مجراها"
" هناك ..أشياء أنا لا أتخيل إفلات زمامها من يدى بسهولة ؟!"
ابتسامة حزينة .. حزينة جداً ارتسمت على ملامحها قبل أن تقول بمرارة :
" جميعنا لدينا هذا الهاجس عدم التقبل أو التخيل ، أنها قد تحدث معه ببساطة ، حتى وإن صارت مع العالم أجمع .. ولكن ؟!
هزت كتفيها في حركة إستسلام وكأنها بالتضامن مع عينيها ستشرح كل شيء ستخبره أنها لم تتخيل يوماً قط ان تكون الضربة القاتلة منه .!"
أطلق ظفرة طويلة ممتزجة بآهة ملتاعة خرجت من صهد انبهار فؤاده ولم يخجل للحظة أن تكون قد إلتقطتها أذنيها وكيف لن تفعل وهي قريبة منه حد التلاحم ..حد التلاصق وحد التلازم والإتحاد لروحيهما المتعانقين ويرفرفان من فوقهما وكأنهما يرفضان الانصياع لأوامر صاحبيهما والذى قررا من قبل الإنفصال الى الأبد
" لكم كنت أحتاجك ، في هذا الوقت العصيب ان تكوني سكني وسكناي يا بدور .."
همست بضحكة مختنقة .. بينما ساقاها يتراقصا يمينا ويسارا.. وركيها يتحركان في حركة نصف دائرية .. بين وركيه وقدمها ترتفع لأعلى لتمرر على طول ساقه ببطئ مساعد إياها كفه التى يمررها هناك ببطئ كأنه يعزف على أوتار موسيقية لكمان حالم:" هل تعتقد اني كنت سأكون مناسبة لإحتواء غضبك وإحباطك يا نمري !"
قال بصوته الرخيم و بنبرة عاطفية بحته: " كنت لتكوني الأمثل .. وها أنا بين ذراعيك متناسياً حالتي قبل ساعة خير مثال !"
هبطت يديها لتسند بكلا مرفقيها على صدره .. سامحة ليده أن تحيطها أكثر دافعها اليه لتسكن بالفعل هناك لدقائق أخرى وأخرى ..
" كنا لنكون رائعين ومتناغمين ؟!" همست بعد برهة بإجابة لم تتبين اذا كانت إقرار أم تساؤل
فمه لثم جبهتها بخفة دون أن يقطع حصار حدقتيه لقارورتي العسل الصافي هناك: " الأمثل على الإطلاق .. يا صوانة!"
:syri asuperstarra8:
‏‫


اني عسوله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 06:44 PM   #1086

jeje alkadafi

? العضوٌ??? » 438572
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 152
?  نُقآطِيْ » jeje alkadafi is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nor black مشاهدة المشاركة
تاااااااااااااااااااااااا ابع الفصل الثامن عشر رجاء النظر في الرد السابق لقراءة اوله :7r_001::7r_001:



كان يجلس محني الكتفين وكأن هموم العالم أجمع وضعت فوقهما ... في عينيه دمعه متحيرة وكأنها تخشى الهبوط حتى لا تحرمه من تأمل مجموعة صور يفردها أمامه بطول أرضية الغرفة ...

صور متعددة لبيتٍ كبير محاط بأشجار " الزعرور وشجر الزيتون ! وصور قديمة أخرى تحمل لقطات لرجال أشِداء يقفون أمام بيت خشبي كبير باللون الأزرق يتوسطه نافذة ما اخترقتها بعض الأعواد الحديدية ...

بينما أه مكتومة بحسرة مصاحبة لغصة تشق الصدر واجعة القلب المكلوم ...

فمه يتمتم بمرارة " هذا الزمن حكم ... وهذا الكلب نفذ !"

جلست مرح بجانبه علي ركبتيها يدها ترتفع بتردد تضعها على كتفه في مؤازرة ... ربما لا تفهم ما يقوله ولكنها كانت تُدرك منذ رجوعه بالأمس ينظر إليهما تلك النظرة النادمة و المفجوعة قليلة الحيلة وكأنه خسر عالمه كله لتوه ، بل خسرهم هم مرة أخرى !! أن هناك أمراً جلل حدث ، أن هناك سيف أخر شُرع في وجه الرجل المسكين طاعنه دون رحمة !"

رفع أيوب وجهه ينظر إليها بلوعة ... وكأنه في عالم آخر غير عالمهم !! همست بتردد حريص " أيا ما كان أوجعك ... يمكن أن نجد له حلاً !"

وكأن جملتها البسيطة كانت القشة التي احتاجها لتنهار أخر ذرة في تماسك دمع عينيه الذي هبط وهو يتمتم بالعربية " اتشحورنا و اتذلينا من الأقل قدر ... اتلطمنا يا بنيتي ، منذ أن غادرنا هنا !!"

أشار نحو ذلك المنزل الذي لوهلة ظنت أنها صور أُخذت من قلب الجنة ..!

أمسكت الصور بيدها تقربها منها وهي تسمعه يُكمل أخيراً بالإنجليزية " وأختكِ ما رحمت ... كما هم لم يرحمونا !"

كانت تحاول مجاراته ، أن تفهم ... حتى تستطيع منحه أي شيء من مشاعر بدأت تتحرك بداخلها نحوه في رابط أبوة يطالبها به كل لحظة !! " فرح ، ماذا فعلت مرة أخرى؟!"

قال بصوتٍ مثقل بالمشاعر الصارخة ... مشاعر كانت تبثها فجيعته منذ أن سمع وهو في المسجد يقيم صلاة الفجر !

صراخ الهاربين من الجحيم " اليهود ذبحوا الرجال ، وأخذوا الشباب ، ودكوا البيوت حارقين سكانها أحياء !!"

" الكبرى سميت والدي ، الذي حُرق وهو يدافع عن شرفها وأمكِ ... أبي العزيز الذي لم أملك حتى الوقت لأكفنه بيدي ، واريحه في نومته الأخيرة وأنا أهرب بما تبقى لي ... مخطي علي أبواب من الجحيم !"

شحب وجهها وهي تنظر إليه تستوعب ما يحاول قوله رابطة خيالتها بكيان بشع غير أدمي أُجهز بغدر على مجرد أناس بسطاء سالبهم حتى حق الاستعداد لتلك الفاجعة !" ربما هي لا تفهم أو لم تعش ما يقوله ... وربما كل ما تذكره هي صور باهتة من طفولتها تتشبث بها بعناد لصوت أخيها وهو يحكى عن أشياء مشابهة شنيعه رابطها بذلك البطل الذي كان يتحدث عنه وعيناه تبرقان !!!

ولكنها ببساطة كانت تريد فعل أي شيء لأزاحه تلك النظرة المطعونة المتحسرة من عيني أبيها !!

اقتربت منه تضع يديها علي وجهه المجعد بخطوط ليس الزمن المسؤول وحده عنها بل الأهوال التي عانها " أنا لن اتركك ... وأنا .أنا أغفر لك يا أبي لأنك أصبحت في نظري لست المسؤول عما حدث ، أنت حاولت وحاربت ولكن لم يكن هناك عدالة كافية لتنصرك !"

هز رأسه وهو يقول بصوتٍ مثقل بالدموع " أذنبت يوم أن خرجت هائماً على وجهي من دياري ... منذ أن غادرتها وأي مكان ذهبت إليه وجلست فيه لم أشعر إلا بالغربة والغرابة ... وكأني لا أنتمي لهؤلاء الناس ولا تلك الوجوه حتى وإن نطق لسانهم بلغتي وثقافتي !"

تخبطت أكثر شاعرة بآلام الجهل لإداراتها هذا الحوار " لماذا لا تعود ؟!"'

منحها نظرة موجعة موجعة للغاية ... نظرة لم تستطع تفسيرها بكل كلمات الندم والحسرة والغضب و الفاجعة !

" ليتني ما خرجت من الأساس ... ليتني أستطيع أن أعود لبيت أبي وجدي لبيتي وأنام ولو ساعة تحت شجرة الزيتون ، ضمامكم جميعاً داخل صدري !"

قالت ببهوت متردد " سيحدث يوماً ... كما وجدتنا أنا وفرح !"

حتى الابتسامة الساخرة كانت عزيزة على شفاه نست طعم الضحك وعلى قلب لم يذق يوماً طعم الفرح !!"

أي فرح تعنين تلك التي تختبئ منيّ ومنكِ منكمشة حول نفسها في غرفتها تنظر إليّ كأني وحش كاسر سيزهق روحها ... فرح التي لا تعترف بنا يا مرح وما أجلسها معنا إلا الحاجة والعوز ؟!"

دمعت عينيها وهي تقول باستسلام مختنق وجعاً علي توأمتها " ما عاشته منذ الصغر لم يكن سهلاً هؤلاء الناس كانوا يعاملون حيوانهم الأليف أفضل منها !"

يده كانت تضمها إلى صدره أخيراً ... بينما كل ما صدر عنه همهمات متوجعة أخرى تخرج بصهج وكأن كل أحشائه من الداخل تحترق !!"

.................................................. ...............



كان يصعد الدرج وهو يعلق معطفه فوق كتفيه إثر تعب يومه الطويل ...

عندما جذب مسامعة ترنيمة عواء حزينة منخفضة تأتي من داخل المطبخ ...

عقد حاجبيه بغرابة لعلمه أنه في هذه الساعة تكون سَبنتي في ثبات عميق وكلبها بصحبتها ... إذ أنها تتشبث بنومه داخل غرفتها على فراش خاص أعده له بنفسه كما أعد كل تفصيله صغيرة تخصها ...

تراجعت خطواته هابطاً مرة أخرى متوجهاً إلى هناك ... فلم تجد عينيه لثواني إلا العتمة وخيال ما ملتف حول بعضه على أحد المقاعد الخشبية ...

" سَبنتي ، ما الذي تفعلينه هنا صغيرتي ؟! " ناداها بنبرة متعجبة يغلفها القلق وهو يفتح النور الذي حتى لم يزعجها كما توقع !! بل رفعت له عينين ساكنتين خاليتين من أية مشاعر ... لم يهتم الآن بتلك الحالة العجيبة التيتلبستها ولا حتى بسؤالها الذي دفع لقلبه الريبة " لماذا أصبحت تناديني ابنتي ؟!"

احتاج جهداً جباراً ليبقي ثابت الانفعال متحكم التصرفات وهو يقترب منها ينحني نحوها ويمسك ذقنها رافعها بأصبعيه وهو يسأل " ما الذي جرى لوجهكِ .. تهور آخر لم تخبريني عنه أنتِ وحارسكِ ؟!"

برقت عينيها الثابتتين داخل عيناه بنظرة وحشية وكراهية خالصه لثانية واحدة ... ثم اختفت ليحل مكانها الجمود ، ثانية واحدة كانت كفيلة ليشعر بحزام من الأشواك يلتف حول عنقه مهدده بفقدان روحه " لماذا أصبحت تُعين لي حارس أنا كنت دائماً طفلة الراوي المجهولة !! عديمة القيمة لأيا من اعدائكم ... هل هذا يحدث خوفاً عليّ يا راشد ... أم أنه فقط من باب الحرص ألا يسلبك أحد بضع من ممتلكاتك ؟!"

الخوف كان يجد لقلبه طريقاً محاولاً أن يحسب أية معطيات منطقية ليصل لإجابة سليمة توضح له معنى تلك الكلمات المبطنة ... ولكنه لم يجد أية أسباب تدفعها لهذا التفكير العجيب !

تحامل علي نفسه مرة أخرى معذياً الأمر أنه مجرد تمرد مراهقة أو محاولة طفولية للهرب من إجابة ربما تخشى قولها ... أو هكذا تمنى أن يكون الأمر !"

رفع يده ينزع الشريط الطبي اللاصق من علي عينيها ليتبين جرح آخر حدث هناك ولكن لحسن الحظ هذه المرة لا يحتاج لتقطيب أو لن يترك ندبة مكانه ثم قال بحزم " كفي عن الألاعيب الكلامية ... ما الذي حدث لوجهكِ ؟!"

تسمرت نظراتها عليه طويلاً ... نفس تلك النظرة ال . ال مطعونة يسكنها اتهام صارخ بشبح ... الخياااااااااانة !"

نظرة بطريقة ما ذكرته ، بعينين عسليتين مذبوحتين تنظران إليه من باب موارب رغم جمود ملامحها !"

الهلع كان يتصاعد بداخله مقاوماً نفسه ألا ينهار ... ألا يستسلم لعفريته المرعب الخاص بحقيقتها ! لا لن يكون راشد الراوي إن سمح لعالمها أن ينهار ... ليست طفلته هو لن يكون ملعون حد أن يفقد كل ما تتعلق به روحه !"

" أحد أصدقائي أصابني بالكرة ... محطماً أوهامي في ...؟!

قطعت جملتها و صمتت تبتلع ريقها وكأنها تفيق شيئاً فشيئا من حالها العجيب ... ثم في تضارب فعل يليق بسنوات عمرها كانت تسأله باكية " هل أحبني أبي يا راشد

... كيف كان شعوره عندما حملني أول مرة ؟!"

كان يشعر بالهستيريا تتصاعد بداخله عندما جلس على ركبتيه أمامها يحيطها كما كان يفعل عندما كان عمرها لم يتجاوز السبع سنوات وتخبره باكية أنها تريد أن تنادي أبيها ، يلاعبها يحتضنها كما ترى عمها و آباء زملائها يفعلون ... فيجلس هكذا في محاولة أن يرضيها منتهي بهما الحال أخيراً علي اتفاق ضمني بينهما أنه سيقوم بدور الأب المزعوم ... تذكر أنها ظلت تناديه بأبي لثلاث سنوات تالية ... حتى توقفت عندما غادرهم بسبب " بدور ...؟!!"

أجفلت عندما شعرت به يعيدها إلى لحظتهم قصراً وهو يقول " أنتِ لستِ نكرة ... لقد اتفقنا منذ أعوام أني أباكِ قبل أن أكون أخاً لكِ ... أحبكِ أبي بلال الراوي نعم فعل ، كما أحبكِ كل فرد في هذه العائلة !"

" بدور وعزام لم يحباني ، يا ترى ما هو السبب ؟!" قالت بصوتٍ مرتجف مقهور وبعينين سبحتا في بركتين من الدموع !"

ابتلع راشد ريقه وهو يسألها بوجوم " هل هناك أمر تخبئينه عني يا سَبنتي ؟!"

نظرت إليه مرة أخرى بذات النظرة الغامضة التي وجدها تسكنها أول الحديث رغم دموعها التي لم تجف ثم قالت أخيراً " وهل جرؤت يوماً أن أفعل ... كما لم تفعل أنت ولن تفعل أبداً صحيح ؟!"



شحوب وجهه كان جلي لعينيها رغم محاولته أن يسيطر على انفعالاته ... تجنب كل ما تقوله لمعرفته الأكيدة أنها إن قررت ألا تفسر فلن يجبرها شيء في العالم أن تفعل " لا صغيرتي ، لا أنت قادرة ، وأنا مؤكد مازلت على عهد صداقتنا منذ أعوام !"

أحنت رأسها تحدق فيه بجمود قبل أن تقول بنبرة مهتزة " بل أبوتك يا راشد ... أبوتك للدعسوقة !"

احس بالرؤية أمامه تتلون بالأحمر القاني ... هناك أمرٌ جلل حدث من وراء ظهره ... أمرٌ خطأ فُسر بطريقة قاتلة ... ولكنه وسط رعبه وتخبطه لم يرسيه عقله حتى أن يضع أية احتمالات ...

وهي لم تمهله عندما شهقت في بكاء مكتوم مرة أخرىتنظر له بعينين طفوليتين وهي تقول بتوسل " أريدك أن تضمني ... أن أشعر أني محبوبة منك بالذات ومرغوب وجودي ، لا مجرد خطأ ارتكبته أمي !"

انقطعت أنفاسه هذه المرة وهو يتأمل وجهها الشاحب شعرها المنثور حولها بفوضوية ، الآن تبين أن هناك أثر لدموع حُفرت فوق وجنتيها وكأنها قضت كل نهارها تبكي منهارة ... وجهها ملئ بخدوشات صغيرة ولكن كانت كافية أن تعلمه أن أيا ما تعرضت له طفلته أبعد من أن يكون ضربة كرة ...



التقطها بين ذراعيه يضم جسدها الهش إلى صدره بقوة يهدهدها وكأنها مازلت لم يتجاوز عمرها العام ...عندما أخذها من جوان وهي تصرخ مقاومة يدى والديها مطالبة بها ... كما تبكيها صغيرتها !"

لمعت دموع عزيزة كانت تسكن عينيه بينما يُقبل رأسها محاولاً أن يسيطر على بكائها الغزير ... بينما القلب يهمس بغصة " لا أستطيع خسارتكِ أنتِ الأخرى ... ليس أنتِ صغيرتي ، بعد أن أضعت كل أحلامي والمرأة التيأُحب بيدي ... حتى صغيراً من صلبي أمسيت مهدد بخطر يحيطه كما أنتِ !"

.................................................. ...

حدقت في ظهره في ظلام الغرفة منذ ساعات عارفة من تصلبه وتصارع أنفاسه أنه يعانى مثلها من فراق النوم لعينيه ومن سرقة سلام روحه !!!

" لقد كانت تعاقبه هو !! تنتقم منه بتجبر تهينه بقصد حتى وهي تعلم مدى اعتزازه بنفسه ، بكبريائه بكرامته وحدة دمائه الشرقية !! فكانت بكل شيطانية نفس تستغل لحظات ضعفه لتضربه على غفلة حتى لا يستطيع مقاومتها ... أيا ما فعلته في ممدوح صباحاً لم يكن يمت بصلة لا لعلاج ولا لدفعة للأمام ... بل كانت ترى فيه بطريقة ما وجهه هو حتى وإن لم يتشابها يوماً !"

" هل ستظل تتجنبني ... أنا آسفة " خرجت منها كلماتها مرتجفة متحشرجة !

لم يأتيها الرد ولم تنتظر منه إجابة فحاولت مرة أخرىوهي تهمس " لم أقصد ايذائك ولكن ما حدث بالأمس حطمني بطريقة غير محتملة ... أنا حقاً نادمة على ما فعلت !"

لم تتلقي إجابة أيضاً فقط أنفاسه المكتومة التي علت بطريقة أوضحت لها كيف هو يسيطر على نفسه محاربها ألا يلتفت إليها ... فتجرأت هي أن ترفع نفسها تمر من فوق جسده حتى تصبح بين ذراعيه وتستطيع أن تنظر لعينيه ...

زفر بقلة صبر عند ملامستها إياه شاعراً بالغضب الذي يجتاحه حقداً عليها ... متمسكاً بقشرة واهية حتى لا يخرج وحشه الحقيقي في وجهها ويؤذيها بالفعل كما تشدقت يوماً واجزمت !"

" ألن تضمني إليك ... لقد فعلتها أنا بالسابق دون تردد عندما طلبتها منى !"

تمتم بصوت مكتوم جاف أخيراً " وهل تطلبين كنوعٍ من الأسف الذي كثُر مؤخراً ... أم لأنكِ تحتاجين ؟!"

اغرورقت عيناها بالدموع حتى استحال سوادهما لبركتين من الوحل !! وهي تقول " لأني أحترق ، أنا ما عدت أعرف من أنا ... أشعر بالطعن مؤلماً لقلبي ، بالندم الشديد لما جنته يداي ... لقد جبنت وتجبرت إن كان ينفع أن يجتمع النقيضان معاً ، لماذا لم أبحث عنها ... لما لم يمنحني القدر فرصة أخيرة لرؤيتها ؟!"

كان يحدق فيها في ظلام الغرفة وعاد يخلفه صمته ولكن هذه المرة رغبة منه أن يدفعها لتخرج ما بداخلها ...فسمعها تقول

" بداخلي ندم لا يحتمل وليس منه علاج ، هناك جزء ناري منيّ يأكل صدري ناهشه دون رفق على ما فعلته به وبها ... وهناك جانب آخر إبليسي بارد يردد عليّ أن كلاهما لا يستحق ... فكيف أغفر للقاتل وأنا الضحية التي سلبها حياتها حتى وإن كان مازال قلبها ينبض ؟!"

قال بخشونة

" ألم تفكري أنه ضحيه مثلكِ ... بأنه كما اعترفت سابقاً لم يمنحه أحد الفرصة ، الرجل الذي رأيته واقفاً أمامكِ يترجاكِ الوصال ، أكثر من ناله الوجع وشرب المر كاسات في تلك الحكاية ؟!'"

لاحظ كيف انكمشت أكثر رغم محاولتها المستميتة للزحف بين ذراعيه ... عيناها تنظران للبعيد وكأنها خائفة من النظر إليه وكشف ما يدور فيهما من أسرار ليست لها نهاية " فليبتعد هو وأحزانه ويكتفي بالتوأمتين ... أنا انتهيت من كل الذكريات البشعة !!"

قال بهدوء بينما يسمح لها أن تدفع يديه المعقودة على صدره بعيداً لتلجأ إليهما أخيراً " أنتِ تخدعين نفسكِ ... بل كل ما يحرقكِ الآن ويوجعكِ هذا الحد أنكِ تتمنين لو ذهبتِ إليهما !"

ازدردت ريقها وهي تنظر لعينيه الخضراوين في ظلام الغرفة ثم همست بشفتين مرتعشتين " أنا أفعل ... أريد أن أرى وجه أمي فيهما ... أن أشتم دفء عائلتي التيكانت في رائحتهما التي علقت في أنفاسي طويلاً !"

ببطء بدأت ذراعه تشتد حولها حتى استقر جسدها بين أحضان خُلقت لأجلها ... يبثها بكل ذرة في كيانه دفئه ، سكينة تطلبها وأمان تتوسله بألا يتركها ، أن يستمر في غفرانه جنون أفعالها ويكون هو العنصر الأقوى لتظل علاقتهما ! هكذا شعر وهكذا كانت بالفعل تقصد !"

نظر إليها أخيراً من علو وهو يقول بصوتٍ أجش " إذاً افعليها ... حققي حلمكِ الذي طاردته كثيراً ... جربي لن تخسري أكثر مما فقدنا بالفعل !"

قالت ببهوت " أنا خائفة ... إذ لم أملك أنا أي تعاطف لأيوب فكيف ستتقبلانني هما ؟!"

هبط بجسده قليلاً ليصبح رأسه مدفون في نهديها !! بينما ذراعيه تشتد أكثر حول خصرها مقربها منه حتى الالتحام " أنتِ أشجع امرأة قابلتها في حياتي ...أكثرهن صدقاً ، وعدلاً ... لا أعتقد أنكِ غير قادرة على أمرٍ كهذا !"

رمشت بعينيها وجسدها يتوتر عند نطقه " أكثرهن صدقاً وعدلاً ولكنها لم تسمح له بأن يتبين هذا عندما التفت يديها حول رأسه تضمه إليها بقوة أكبر ...

" هل تظن حقاً أني كذلك ... أني سأملك من القوة لكسب قلب شابتين لا تعرفاني ؟!"

شفتيه طبعت قُبل ناعمة في المكان الذي يريح رأسه المثقل فيه بينما يقول بصوتٍ أجش " أليس سؤالكِ هذا يعد جدالاً ليس له معنى ... أنتِ كنتِ تبحثين منذ سنين موقفة حياتكِ يا لورين ؟!"

شعر بدمعتين ساخنتين تحرقان وجهه مرة أخرى فرفع عينيه ينظر إليها وقال بحزم مشجعها " أذهبي إليهما ، دون أن تسمحي له بالتواصل معكِ أو دخول حياتكِ إن أردتِ ... ولكن رابط الدماء ووصية والدتكِ التي غادرتكِ تستحق التضحية وتحقيقها !"

نظرت إليه مرة أخرى طويلاً حتى شهقت أخيراً بنفس حالة الانهيار وهي تضم رأسه بقوة إليها " أمي ماتت دون أن أراها ... دون أن أُمنح الفرصة أن أخبرها أني أغفر لها ... بأني عشت عمري كله صوتها يتردد في أذني ورائحتها المسكية تعبئ أنفاسي !"

تشبث فيها ممدوح يحاول أن يسيطر على ارتجافها العنيف ... ولراحته أنها طاوعته ساكنة إليه ، ولوقتٍ طويل جداً ظل كليهما على تلك الحالة ... هي تطالب بالكثير وهو يحاول أن يعطيها ربما يهدئ روحها الهائمة الملتاعة !"

.................................................. ....



كان يستشيط غضباً منذ الصباح عندما تلقى رسالة راشد التي لم تترك أي مجال للتكهن ... الدعسوقة المغيظة المستفزة ذات الوجه البريء والروح الشفافة الملائكية كانت شفافة الأسرار أيضاً ... إذ أنها على ما يبدو أخبرت المزعج المتسلط كل شيء !! حسناً سيأتي يومٌ لا محالة تصبح بين يديه هو ، ملكه هو ... ووقتها فقط سينكل براشد ملوعاً قلبه حتى يستطيع أن يلمس شعرة منها حتى !

عند هذا الخاطر وأحلام يقظته كانت ابتسامة كبيرة تحتل وجهه ، سامحاً لنفسه ببضع خيالته المحدودة جداً متمثلة في الخوص في عينيها الضاحكتين بلونهما العجيب ... ملمس شعرها الناعم عندما تخللته أنامله لثواني معدودة عرضاً ، وجسدها الهش الذي يثير كل جنونه متمنياً يوماً أن يعود ليضمه ويحتويه ويصبح حقه ... رباااه ورائحتها الطبيعية التي تسكر حواسه ، حتى بعد أن تفارقه بساعات !"

...

" من الجيد أنك هنا ... لم نتحدث وحدنا منذ وقتٍ طويل !"

بهت وجه خالد للحظات وهو يعتدل من على فراشه أخذاً شهيق وزفير متواصل حتى يستطيع أن يعيد كيانه ويعده لمواجهة والده !

" مرحباً أبي !"

تحرك ياسر بخطوات متمهلة واثقة بتكبر طبيعي لا يبذل جهداً في إظهاره بل منذ أن وعي خالد على الدنيا وهو يعلم أن تصرفات أبيه الملكية تلك والمتسلطة بتكبر وترفع ليس له دخل فيها بل جاءت من شخصيته وكأنه مكتسبه بالوراثة !! ... جلس ياسر أخيراً على مقعد مكتبه الدراسي يخرج سيجار من جيبه ويبدأ في تدخينه بينما عيناه تُقيم معتزل ولده دون رضى ... ثم قال أخيراً " ألن تتعقل وتعود لغرفتك في القصر متخلي عن هذه الغرقة الشبيهة بغرف الخدم ؟!"

عبس خالد بعدم رضى وهو يقول " هل تلك هي مشكلتك شبه غرفتي بمساكنهم ؟!"

مط ياسر شفتيه وهو يقول " بل بمحاولتك المستميتة أن تكون أحدهم ، أن تنسلخ عن جلدك الحقيقي ... مُؤثراً رفض أرث عائلتك !"

قال بهدوء " لقد خضنا هذا الحديث كثيراً من قبل ... وأخبرتك أنا لست مجبراً أن أتقبل شيئاً فقط لمجرد أني ولدت فيه ... أنا لا أشبه تلك العائلة على كل حال ؟!"

بحث ياسر بعينيه عن شيء ينفض فيه غباره فلم يجد ...فسحب دون مبالاة إحدى قصارى النباتات خاصته ونفضها بداخلها ملاحظاً عيني ابنه التي اشتعلت غضباً قبل أن يسيطر عليها سريعاً احتراماً !! لم يبالي ياسر وهو يقول " هناك أدوار وحياة هي من تختارك لا أنت ... وكابني الوحيد ووريث تلك العائلة من بعدي ... أنت مجبر أن تستمع لي ! "

ابتلع ريقه وهو يقول بجفاف " لا أريدها ... هناك نمر الراوي ، هو القادر على هذا الحمل ، إذ أنه يُجهز له من نعومة أظافره ، وفي أحلك الظروف هناك عزام أيضاً ... إذاً لن تحتاجني أبداً !"

وضع ياسر ساقاً فوق الأخرى ثم قال " أريدك أن تنهي هذا الجنون بأرداتك ... مازلت أحبك حد أن أترك لك حرية رجوعك إليّ بنفسك لا بإجبارك ...أنت تعلم أني أستطيع توجيهك رغم أنفك لما أريد ... صحيح ؟!"



(وبِالوالدينِ إِحسانًا) ذكر نفسه بقوة مردداً هذه الآية حتى لا يتطاول عليه أو يمنحه رداً قاسياً رداً على استفزازه ...

سيطر على نفسه وهو يقول أخيراً " ربما تستطيع بالفعل ... ولكن لن أكون أبداً الفارس الذي تحتاجه ، ببساطة لن أُفلح فيما تدفعني إليه ولن أكون إلا مصدر إحراج لك بين منافسيك !"

نزع ياسر قدميه من فوق بعضهم وجلس واضعاً يديه فوق ركبتيه بعد أن تخلص من سيجاره في نفس الإناء ... ثم قال بهدوء " اجلس يا خالد ودعني أدخل في الأمر مباشرة ... لتقيم الوقت الذي تحتاجه !"

ازعن إليه دون مقاومة تذكر وتراجع يجلس على طرف فراشه وهو ينتظر ما الذي يريده منه وجعله يتذكره أخيراً !"

" أنت تعلم أني سأظل أطاردك حتى تحتل مكانك بجانبي ... لأني احتاجك بالفعل ، كما أني لن آمن أحداً على مال أخواتك وإمبراطورية عائلتي من بعدي غيرك !"

ابتلع ريقه وهو يقول بتماسك " ولكن أنا أجهل حتى أبسط القواعد هناك ، ذلك ليس عالمي !"

تأمله ياسر بهدوء شديد قبل أن يقول " لم أعهدك كاذباً !! أذكر أني باكراً جداً كنت أصحبك معاندا والدتك ، وأجلسك مكاني ، أحاول تبسيط بعض الأمور لك لتتشربها ... كما أذكر أنك كنت مراهق شغوف بكل كبيرة وصغيرة تحدث في ربوع المجموعة ، حتى توقفت فجأة منذ ثلاثة أعوام وزهدت كل شيء كما زهدت صحبة والدك !"

قال خالد بخشونة " هذا لأنك لا تريد أن تفهم أن روحي ليست هناك كرهت كل هذا قبل أن يبدأ !"

قرب ياسر المقعد منه وربت علي فخذ ابنه وهو يقول مهاجماً إياه قاصداً إرباك دوافعه وإيجاد ثغرة فيها " ولكن نفس الروح الشفافة تلك قررت أنها تستحق أن تطارد مراهقة معلقة بها ؟!"

شحبت ملامح خالد بقوة وبدا متعثراً في الحديث وهو يقول " أنا لا أطاردها !"

رد ياسر ببرود " ولكنك تعلقها بك وأنت تعلم أن هذا غير جائز وبأنها لن تكون لك يوماً !"

نار أمسكت في قلبه محرقة إياه وهو ينتفض من مكانه ويقول " وما الذي سيمنع هذا ... أنا أريد سَبنتي لي !"

قال ياسر سريعاً من بين أسنانه " لا تليق بك ... لا تنفعك أبداً !"

حاول أن يكون هو الطرف المتمسك بأعصابه وهو يقول " وما المعيقات في علاقتنا ... فتاة كبرت أمام عيني ، وربيت علي يد والدتي أنا أرغبها بكل كياني ... وهي حسناً أعلم يقيناً أن قلبها البكر لن يتعلق بغيرى يوماً !"

بصبر كان ياسر يحاول ألا يهاجمه ألا يخسر حربه سريعاً مع ابنه بل أن يكسبها بدهاء ... تمتم بهدوء أمره أجلس !"

تردد خالد للحظات ونوبة من التمرد تكبر داخله شيئاً فشيئاً ..



تنهد ياسر وهو يقول " مازلت صغيرة جداً ، تصرفاتها طريقتها كل شيء فيها مختلف ... كما أنها لن تضيف لعالمك ولا إمبراطورتينا شيئاً !"

صمت للحظة بينما جسد خالد يتوتر محدقاً فيه بنظرة العارف لما سيقوله ولا يعجبه ... فنطق أخيراً ياسر بصراحة مطلقة " أنت لست من الغباء لتعلم أني وضعت لك فتاة من اختياري في طريقك ... شابة تلمست فيها نفس طريقة تفكيرك ، توجهاتها تماثلك تقريباً ... والأهم لدي تعاون والدها المُطلق ودعمه القوي لمجموعتنا !"

لم يتردد خالد للحظة واحدة وهو يقول " لا أريدها ... حسبتك كلها خطأ ، إن لم تفهمني دعني أكن واضحاً !"

صمت لبرهة يحدق في عيني أبيه التي علمت ما سيقول وحذره أن ينطقها ولكنه لم يبالي وهو يقول بطريقة مباشرة " أنا أُحب سَبنتي ... أُحبهااااا يا أبي ولا أرىسواها شريكة لروحي ، هل يُعد قلب ابنك شيئاً ذو قيمة لتضعه في مخططاتك ؟!"

وقف ياسر يواجهه بقوة وهو يقول بغضب " لن تفعل ... لن ترتبط بتلك الفتاة وإن كانت أخر واحدة علي وجه الأرض!"

" لماذا ... أليس من الطبيعي كونها ابنة أخيك أن يكن موقفك مشجع لي ، بل إن لزم الأمر أن تجبرني لأتزوج ابنة أخيك اليتيمة ؟!"

الغضب كان داخل روحه هادراً غير مسيطر لا لن يفقد فارسه وولده الوحيد وأمله لأجل أيا كان ... كاد أن يصرخ فيه " ليست ابنة أخي ... بل إنها !"

صمت صوته الشيطاني بلحظة وتغلب عليه نور غريب سطع داخل عينيه من وسط عتمته ... متذكراً بوجع بندم وجه شاب صغير سلب منه نقاء سريرته وسلام روحه وثقته ورجولته أيضاً عندما اخبره بحقائق بششششعة !!"



تراجع ياسر أمام عيني ابنه المتسائلة بتشكك وترقب ... ثم قال أخيراً بشحوب " لهذا السبب تحديداً أنت ستبتعد عنها ... أنا لن أكرر قصة راشد وبدور مرة أخرى ... من الأفضل لك نسيانها تماماً لأنك لن تنالها حتى وإن كان أخر شيء أفعله في حياتي !"

صرخ خالد دون سيطرة في ظهر والده الذي انصرف عقب إلقائه قنبلته " أنا لست راشد ... لن أؤذيها كما تجزمون ، هي لي يا أبي تذكر ، هذا اليوم غداً أو بعد أعوام ... ستكون لي بالنهاية !"

....................................

عندما دخل راشد صباحاً إلى غرفتها ليطمئن عليها كانت مازلت تدعي النوم !!

تنهد راشد متبين جفنيها اللذان يتحركان وانفاسها المكتومة التي تحاول السيطرة على انتظامها عبثاً !

جلس بجانبها لدقيقة وهو يمد يده ساحباً قطنة طبية مطهراً جرح رأسها بحنان وروية ... اطلقت تأوهاً معترضاً فقال باسماً " أنتِ كاذبة فاشلة صغيرتي ... إن أردتِ التهرب من يوم دراسي يمكنكِ الطلب فقط !"

لم تفتح عينيها وهي تشعر به يضع شريط لاصق خاص بالجروح فوق جبهتها ... ثم قالت باقتضاب " شكراً "

حاول أن يجعلها تخرج من تلك الحالة تحدثه بأية كلمة عله يستطيع ربط تلك الأحجية " ألن تتحايلي عليّ لزيارة بيت عمكِ ... لرؤية شوشو حتى ؟!"

سحبت الغطاء فوق رأسها مرة أخرى واستدارت تمنحه ظهرها وهي تقول " أنا متعبة ... أريد النوم فقط !"

وقف راشد من مكانه يحدق فيها بجمود بينما الأمر لم يحتج لأي تفسير آخر !

ثم سحب نفسه خارجاً وهو يستل الهاتف من جيبه " نضال ... أريد تقرير عن كل شخص رأته سَبنتي بالأمس ولو عرضاً !"

كانت نبراته ثابتة هادئة ومتمكنة وهو يقول " عدا عن طلاب مدرستها ومدرسيها لا أحد غيري راشد بك !"

مشكلة راشد الراوي لم تكن الغباء يوماً بل الثقة العمياء التي منحها له بعد أن عمل طويلاً بإخلاص ليستحقها وها هو اليوم يستغلها بأسواء طريقة كما يقولون " حاميها هو حراميها وفي حالة ابنة أخيه ... محطمها وقاتل روحها البريئة الطفولية بغير عودة !"

حاول راشد أن يسيطر على نفسه وهو يقول بهدوء " هي لن تذهب اليوم لمدرستها ولا أريدها ان تغادر المنزل على كل حال إلا بصحبتك ... أريدك أن تلاصقها كما أنفاسها... وإن لزم الأمر اصطحب أحد الرجال من حراستي معك !"

" مما تخاف سيد راشد هذا الحد ...عذراً مسبقاً على وقاحتي !"

قال راشد بنبرة لاذعة باردة تلك التي تنمحي منها الرحمة " يعد وقحاً بالفعل بعد ما حدث منذ يومين ... أنت فقدتها في بيت العائلة الكبير ، فقط لأنها أرادت ... نضال لتقدير واحترام بل وربما صداقة أحملها لك ، قم بعملك دون نقاش !"

" بالطبع راشد بك كما تأمر !"

اغلق نضال الهاتف بهدوء بينما عيناه تبرقان بالغضب بالاحتقار ... احتقار لم يكن موجه لراشد الراوي بأية صورة بل لنفسه التي لم تصن الأمانة وخانت العهد " إن أردت أن تهد عرشاً أو تكسر بطلاً فقط ضع في طريقة امرأة كجوان !"

لم يكد راشد الراوي يخرج من باب منزله ، مستقلاً سيارته مراقبه يتحدث في هاتفه بصوت مكتوم ... مهدداً شخصاً ما

حتى كان رقمها هي الأخرى يُجبر هاتفه على الاهتزاز " صباح الخير يا سَبنتي ... كيف حالكِ اليوم ؟!"

كانت مضطربة مهتزة وهي تقول مباشرة " أنا . أنا أريد أن أرى تلك المرأة مرة أخرى تلك صديقة راشد السابقة !!! ولكنك لن تخبره ستجعله سراً بيننا كما وعدت ؟!"



" صديقة راشد ؟! ...اللعنة اللعنة ما الذي قالته المجنونة المتهورة للفتاة التي أرجعها بالأمس أشبه بجسد نُزعت منه كل معالم الحياة ... إذ أنهما عندما استطاعا أن يسيطرا على صراخها المرتعب بصعوبة وهي تلقي نفسها على أسفلت الطريق فتمسكت بها وضمتها جوان إليها مرغمة إياها على الهدوء ... أجبرته هو الآخر أن يغادر السيارة حتى تستطيع الحديث معها بحرية !"



" نضال " همست بصوت مبحوح مرتجياً !"

" حسناً سَبنتي ... انتظركِ لنذهب إليها قبل عودته !"

.................................................

هبطت لورين من سيارتها أمام ذلك البيت الذي ترك أيوبعنوانه قبل أن يغادر منزلها ... مغمورة بالرغبة في الهرب بعيداً ، في سب ممدوح بحنق لأنها اتبعت نصيحته ، وبالشوق لرؤيتهما أخيراً ... لقد كانت خائفة رغم كل شيء من هذا اللقاء ... فتحت البوابة الصغيرة وخطت أخيراً لداخل المنزل الذي شابه فيلا صغيرة ، جدرانها الخارجية باللون الأبيض بينما بابها كان خشبي ملون بالأزرق ويتوسطه نافذة صغيرة تتخللها ألواح حديدية !

" رباه ... انخلع قلبها من مكانه بقسوة وعينيها تغرق في دموعها مرة أخرى رابطة هذا الشبة بذكرى منزلها الكبير وسط أشجار الزعرور !!

استطاعت أن تخطو خطوتين أو ربما ثلاث حتى قطعت مسافة الحديقة الصغيرة
التي شعرت أنها طريق اشواك طويل جرحت قلبها لا قدميها ... وقفت لدقائق طويلة أخرى تتأمل المنزل بينما كلها ينتفض برهبة ... حماماتها هنا .هنا أخيراً ستلقاهما ، ستستطيع أن تلمسهما أن يتعرفا عليها ... ستتخلص أخيراً من كوابيس فاجعتها فيهما كل ليلة ... فقط لو تستطيع أن تقطع الدراجات القليلة وتطرق الباب ... أين شجاعتها ، أين برودها ولامبالاتها ، أين وجهها الحديدي الذي تضعه وقت ما تريد في وجه من لا ترغب أن يكشف هشاشتها ؟!

كل شيء ذهب مع رياح اتتها كزائر غريب مجردها من كل دفاعاتها ... كاشفها أمام ابتزازه العاطفي البحت ...

ادارت لورين ظهرها لبوابة المنزل ... تجلس على الدرج بتعب مسلوبة كل القوى ، ساندة رأسها علي سور حديدي صغير ... مستسلمة لقهرتها للوعتها ، مذكرة نفسها بقسوة أنها لن تقدر الآن على تنفيذ وعدها الذي قطعته منذ ستة عشر عاماً بإعادتهن لصدر نسرين !"

القهر المعتاد كان يغزل علي ألحان أوجاعها ... مذكرها بقلة حيلتها ، بكل لحظة عاشتها مع نسرين !! التي كانت تتمسك في ذيلها أينما ذهبت تستمع إليها ، تتعلم منها ، وتعشق صوتها الحزين الذي يُردد في حنين رثائها الخاص بجدتها !"

" علي دلعونا ... وعلى دلعونا أنتي يا أمي نور العيون ... العيونا ... يا مشط اتحنن علي شعراتها ، دخلك بالله دريلي شيباتها ....

" الجنة نزلت تحت جرياتها برضاها يا ال تعرفوها ... على دلعونا وعلى دلعونا ... تراب تحت أجرك كحل العيونا !"



نغماتها كانت مشحونة بلحن وجعها كان السهم الغارق الذي اخترق العقل الذي تحجر رافضاً أن يتذكر حتى ولو لمحات بسيطة تجعل دمائها تحن أو تعترف إليهم ... انتفضت فرح من مكانها مهرولة نحو الباب ... مما دفع أيوب ومرح أن يتبعانها خوفاً من أذى قد تلحقه بنفسها ...

فتحت الباب بقوة فتدفقت إليها لمحات كثيرة متتابعة ومتلاحقة وكأنها فتحت أبواب ذاكرتها علي مصرعيها ...

تسمر أيوب مكانه غير قادر على التعاطي مع المشاعر الكثيرة التي اجتاحته وهو يراها هنا أمام منزله ... قَدِمت بإراداتها وتترنم بأشعار زوجته الحزينة !"

لم تُعبر ملامح مرح عن شيء فقط تتأملها كشخص غريب آخر سيدخل دنياهم ...

بينما فرح التي ترفضهم ، تُصرح بمقتهم ، فرح المدمرة نفسيا وعاطفياً ... كانت تقترب منها بحذر تجلس بجانبها بنفس الحرص ... ثم تلمس معصمها بتردد شديد ...

ادارت لورين عينيها تنظر إليها بتفحص بعدم تصديق ترمش من بين دموعها التي غشت الرؤية أمامها ...

بينما تكمل دون انقطاع عن ترنيمات أمها " أيا يا مرايتها حني عليها خبي التجاعيد ال تحت عينيها ، نيال الفرشة اللي بتنام عليها ريحة أنفاسا زهر الليمونا ... بذكر يا أي أيام الماضي تحتاري مين فينا اللي تراضي .. أخطاءصغيرة كبيرة بتتراضي وبسمة مرسومة جوا العيونا ... لما على أمي بغنى الدلعونا تنزل دمعاتي لا لا تلومونا "

همست أخيراً فرح دون صوت فقط حركة شفتيها بضعف " لورين ؟!"

اهتز كتفي لورين مع انتفاض صدرها في شهقات مؤلمة وأومأت لها دون كلام ... شيئاً فشيئا كانت فرح تضع رأسها علي كتف لورين ... تغمض عينيها بسكينة ، يديها تتشبث بها بقوة ثم همست " أنا أذكركِ ... أنتِ وجدتني أخيراً كما وعدتِ !"

ضمت لورين كفيها بقوة ... مقاومة نفسها بألا تلمسها بألا تعانقها ولا تفصلها عنها أبداً كما خلعوها منها مرة " تأخرت !"

" ولكنكِ ... أتيت الآن !"

كانت في حالة من التخبط في الانفصال عن الذات وهي ترفع يدها أخيراً تحيط كتف أختها بتردد ضامة إياهاإليها ... شفتيها تهمس مرددة اسمها بينما الحزن الغير محدود يغمر روحها " فرح !"

" هل يمكنكِ قول تلك الترنيمات باللغة الغريبة مرة أخرى ، تذكرني ... تذكرني بتلك المرأة ... وأنا روحي تحتاج ولو عبثاً اقتناص برهة من حنانها !"

انفجرت عينيها مرة أخرى مع صوتها بفاجعة البكاء ...

بينما لا إراديا تتذكر لحن آخر من تلك المرأة ... أمهم الغالية ،أمهم التي تعذبت ، أمهم التي حُرمت من ريحهم ... أصبحت في ذاكرتهم مجرد تلك المرأة !"

" يما مويل الهوا يما مويليا ضرب الخناجر ولا حكم النذلفيا

ومشيت تحت الشتا والشتا رواني

والصيف لما أتى ولع من نيراني

بيضل عمري انفدى ندر للحرية

يما مويل الهوا يما مويليا ضرب الخناجر ولا حكم النذلفيا



يا ليل صاح الندى يشهد على جراحي

وانسل جيش العدا من كل النواحي

والليل شاف الردى عم يتعلم بيا "



انتهي قراءة سعيدة

‏‫
😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😍😘😘😍😍😍😍


jeje alkadafi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 07:01 PM   #1087

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile21

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين نور مشاهدة المشاركة
سؤال آخر الرواية جزء ثالث من سلسلة , هل لا بد من قراءة الجزأين السابقين لأني بمجرد بداية قراءة الفصل الأول شعرت أن الأسماء كثيرة وكأن هناك معلومات سابقة أرجو الإفادة حتى أتمكن من استكمال القراءة
السلسله اجزاء منفصله متصله يا قمري اي يمكنك قراءة كل جزء لوحده عادى وهتفهمى الاحداث


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 11:40 PM   #1088

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس قمة الجمال ⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 11:42 PM   #1089

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

على قد جمال الاقتباس بس بقى عندي احساسان الفصل هيكون مش عادي واحساسي بيقولي ان سبنتي هي السبب فى اننا نشوف لحظة احتواء بدور ل راشد زي ما شفنا فى الاقتباس⁦❤️⁩

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-19, 11:45 PM   #1090

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

رغم استغرابي الشديد للالفه اللي بين راشد وبدور وخصوصا بعد الطلاق بس عجباني الحاله الليما بينهم جدا صحيح مستغربه لموقف وتصرفات بدور بس حباها جدا

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:28 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.