آخر 10 مشاركات
الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          476 - درب الجمر - تريش موراي ( عدد جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          على فكرة (مميزة) (الكاتـب : Kingi - )           »          ♥️♥️نبضات فكر ♥️♥️ (الكاتـب : لبنى البلسان - )           »          328 - العروس المتمردة - جوليا جيمس (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          اتركي الماضي ميتاً- نوفيلا زائرة -لفاتنة الرومانسية :عبير محمدقائد *مكتملة& الروابط* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          سحر جزيرة القمر(96)لـ:مايا بانكس(الجزء الأول من سلسلة الحمل والشغف)كاملة إضافة الرابط (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          [تحميل] للــعشــق أســرار، للكاتــبة : فـاطيــما (مصرية)(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-12-19, 10:56 PM   #1431

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي


فى انتظار الفصل

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-19, 11:03 PM   #1432

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile14

الفصل الثاني والعشرين :


الخوف هو أقدم وأقوى إحساس عند الجنس البشري
وأقدم وأقوى أنواع الخوف هو الرعب من المجهول ...
يخبر الأصدقاء بعضهم البعض كيف يشعرون بتردد نسبي ... ولكن الأقارب والأحبة ينتظرون وقتاً أكثر ملائمة ... ربما عندما يصلون لفراش موتهم !
" الخوف ... من مجهول "

.................................................. ..

عندما انحنى خالد قريب منها يمد يديه ليلتقط جسدها ضامه إليه مرة أخرى بذهول ورهبة المعرفة المدمرة !!
لم يفكر مطلقاً بما يفعل لم يعد حسابته جيداً فقط هو ذلك الندم الذي يهرع لداخل الإنسان فور أن يرتكب ذنباً لا يغتفر إذ أنه لم يقدر حالة الدمار الشامل واليأس التي كانت تعانيها وهي أمامه منذ أسابيع طويلة دون أن يفهم " بقة ؟!" نبرته التي تعاني خرجت مرتعشة باستجداء أن تجيبه أن تخبره أنها معهم ! ولكن لا أثر لحياة في روح غادرت الجسد البارد بين كفيه ...
" اترك ابنتي " رفع وجهه مجفلاً وكأنه يستوعب شيئاً فشيئاً كل الموقف الهزلي المؤلم الذي حدث منذ دقائق ...
حدق في وجه راشد للحظات وكأنه استعاد بطريقة عجيبة جموده ، وكأنه لم ينهار أمامه منذ لحظات فقط " أنا ... أنا آسف !" تمتم خالد باعتذار متألم لم يعرف حتى لِما أطلق ذلك الندم بين طياته ...
لم يرد راشد بشيء وهو ينحني بقامته نحوه يلتقط منه جسدها بهدوء شديد ، بهدوء مكبوت يخفي تحته الكثير من الانهيار والوجع !
ساعده في موازنتها بين ذراعيه دون اعتراض أو التفوه بكلمة أخرى ... فقط كان يُتم الأمر بصمت مطبق وكأن ثلاثتهم لا يجرؤ علي كسر حدة الموقف بعد ... ثم حتى وإن أرادوا الحديث بماذا قد يتفاوهون ، ما الكلمات التي قد يجدونها في أي قاموس لغوي لتقويم بنيان أفنى الكثير من عمره لإشادته ثم تهدم فجأة ودون إنذار بالحقيقة المرة ...
لقد كان الحنظل والكسر في أشد دراجاته مرارة وبؤس ....
" لا أريد لأحد أن يراها بهذه الحالة و يتساءل عما جرى !"
هز خالد رأسه برتابة ثم بيد مرتعشة كان يتوجه لمكتبه يخرج مفتاح مخفي هناك ثم قال " باب الحديقة الخلفي ، اتبعني !"
تدخل نضال وهو يقول بصوتٍ جامد " سأتأكد أن الطريق خالي من متلصصين ، وأقابلك بالسيارة في الخلف !"
قال خالد " سيارتي موجودة لن نحتج للفت الانتباه !"
هز نضال رأسه برتابة ثم خرج سريعاً ، مستغرقاً لحظات قبل أن يمنحهم إشارة التحرك ...
قبل أن يغادر راشد المكان يضمها اليه عيناه لا تفارق وجهها الطفولي المتألم ، وكأنها ذهبت في حالة من السبات ملقية نفسها داخل عالم من الكوابيس البشعة ...
نطق أخيراً وهو يقول بنبرة مظلمة " نضال ، أنت تحتاج لأكثر من حجة قوية لتجعلني أُبقي على حياتك !"
ثم غاب بين الأشجار متتبع خالد دون انتظار تفسير أو إجابة من الرجل الواقف هناك يحيطه ظلال أكبر بكثير من سواد حديقة آل الراوي !"
...........................
بعد وقت :
وقفت بدور بتصلب في حضرت أبيها وأمها بعد أن قام ياسر بطرد عزام الذي أصر أن يقف بجانبها داعماً موقفهما !
لقد رأت وعرفت كيف كانت نظرة التحدي منه الانتصار والظفر التي رمق ياسر الراوي بها ، دون أن يسفر وجه الأخير عن أية مشاعر !"
تحركت منى تجلس على أول مقعد يقابلها ... تغطي وجهها المنهار بكلا كفيها ثم قطعت الصمت أخيراً وهي تقول باهتزاز " عزام يا بدور ... بعد كل هذا ، بعد كل ما حاولت منحكِ إياه ، ترمين نفسكِ وسمعتكِ في الجحيم ، لماذا أخبريني عن سببٍ واحد يدفعكِ لما تفعلينه بكِ وبنا ؟!"
عيناها العسليتان الباردتان كانتا تنظران لياسر بنوعٍ من . من التشفي ؟!
وهي تجيبها بجليد متهكم " ألم تخبريني دائماً أن أبحث عن حياتي وفرصتي الثانية في الحب ، ها أنا فعلتها مثلكِ تماماً مع بعض التعديلات !"
اطلقت منى شهقة عنيفة قبل أن تصرخ فيها بهستيريا " مع قذر، حقير سارق أعراض ... أهذا انتقامكِ منا يا وقحة ؟! ذلك الجنون سينتهي حالاً ومنذ اللحظة ستنشرين خبر تكذيب عن ذلك الجنون ، لا يعنيني كيف ستحيكين الكذبة بالنهاية أنتِ وأبوكِ نسخة واحدة تجيدا فعل هذه الأمور !"
قالت في برود " أنا لن أنهي شيئاً !"
اقتربت منها منى وهي تقول بقرف وغضب يتصاعد " ستفعلين لن أسمح لكِ بأن تتزوجي ذلك الوغد الذي ...!"
قاطعها صوت ياسر الذي دوى أخيراً مصدع كل عزمها ، على إخبارها كل الحقائق " منى ، توقفي !"
التفت إليه وهي تصرخ فيه " أتوقف ؟! هل جننت أنت الآخر ألا تسمع ما تقوله تلك التي فقدت عقلها ؟!"

لدقائق لم يرد ياسر فقط نظرات متبادلة بينه وبين ابنته ، ما بين متشفية حاقدة من جانبها ، وغاضبة متوعدة بالويل والعقاب الذي قرر أخيراً ياسر أن ينزله بابنته التي حاول منحها كل شيء ، أعطاها كل الفرص للتعافي لتقترب منه وهي لم تكافئه إلا بالفضيحة تتلوها الفضيحة والانكسار ... كانت وكأنها كالشوكة في خاصرته وهو انتهى من محاولة إخراجها ببطء دون أن يحطمها ! بعض الأعضاء الحيوية في الجسد مهما بلغ الحزن في فقدها يجب أن تُبتر حتى لا تُمرض سائر البدن العليل !"

" بدور لن تنهي خِطبتها على رجل يُحبها وسيقدرها كما تستحق !"
رمشت منى بعينيها الزرقاوين وهي تقول بذهول " ما الذي تقوله يا ياسر ؟!"
تصلب وجه ياسر كما انتفضت عروق نحره وهو يقول " كما سمعت ابنتكِ ليست مجنونة ، بل امرأة عاقلة ، سبق لها الزواج بفضيحة ، والطلاق أيضاً ، امرأة تطيح في الجميع دون حساب ... أي هي فقط ابنة لم نحسن لا أنا ولا أنتِ تربيتها !"
لدقيقة كاملة كانت منى تحدق فيه مبهورة الأنفاس ، الذعر الخالص يتوسع في حدقتيها شيئاً فشيئاً ... وكأنها ببطء شديد تستوعب ما يفعله وما ينويه ، أسد الراوي طفى على السطح وهذه المرة ينوي الفتك بابنته ، بابنتهم دون تردد أو إبداء شيء من التعاطف أو الندم !"
عيناها العسليتان كانتا تنظران إليه بجمود ، ونظرة أخرى لم تخطئ منى الخوف فيها ، بينما تقول بصلف " أعتقد أني لا أنتظر موافقتك من عدمها ، إن أردت الزواج منه سأفعل ، وإن ترددت في أي وقت سأفسخ الخطبة ببساطة !"
وضع ياسر يديه في جيبي بنطاله ، وهو ينظر إليها بهدوء غريب ، وكأنها لا تعنيه وكأنها لا تحرق قلبه كمداً ! ثم شقت شفتيه أخيراً ابتسامة مريبة وهو يقول " لا ، لن تفعلي ، انتهى وقت تخايلكِ هنا وهناك ، تحت اسمي وحمايتي يا بدور ... أنتِ أخذتِ خطوتكِ الأولى نحو الانحدار في درك الوحل ، وأنا بنفسي هذه المرة من سيدفعك لتستقري هناك أبداً وأنتهي من عروضكِ المخزية !"
أسرعت تقول بخشونة " أنت لا تملك سلطة عليّ !"
قال بصوت مكتوم دون أن يتخلى عن وقفته الحازمة " بلا ! أملك ابنة مطلقة ، تنولها الألسنة وهي لا تدخر جهداً في إثارة كل الشائعات حولها ... بالنهاية أنتِ مجرد امرأة في مجتمع كبير يضطهد النساء بكل الصور ، إذاً بحسبة بسيطة إن قتلتكِ حتى معتمداً على أحد عروضكِ سوف يقف الجميع مصفقاً لي للخلاص من عاركِ !"
الآن فقط استطاع أن يستفزها لتخلع وجهها المتحفظ البارد وتصرخ فيه بانفعال " عاري ؟! هل تتحدث عني أنا... وأنت السبب الأوحد لكل ما أنا فيه ؟!"
اخرج ياسر يديه وهو يتوجه نحوها ، يرفع إصبعه في إشارة تحذيرية شديدة المعنى ثم قال من بين أسنانه " ها قد ظهرت الضحية المسكينة على السطح ، تنعي الأب الخائن الذي دمر طفولتها المسكينة ، وكأنه لم يحاول من أجلها دوناً عن كل أولادي التكفير بكل الطرق التي انتقده عليها الجميع ، منحتها الأجنحة لتحلق عالياً ، السلطة والنفوذ والحرية ... علها لا تشعر بالضعف والكسر يوماً... وماذا فعلت ؟!"
صرخ في وجهها بصوت جهوري منهي جملته
فقاطعته " ماذا فعلت ... سلمتني لشبيهك ، لخائن أتى يخبرك عن حقارته وبدل أن تحذرني أجبرته على الصمت ؟"
اكمل ياسر في وجهها بنفس صراخهما فاقد السيطرة " كنت أحاول حمايتكِ ، من جرح لم تشفي هي منه أبداً !"
انهارت منى على أقرب مقعد مرة أخرى تنظر إليه بقهر واستسلام تام ، عارفة بان كل ما سوف يأتي إعصار مدمر سوف يكتسح كل ما في طريقه دون أمل في العودة أو إرجاع xxxxب الساعة ومحو آثامهم ... لقد كانت ببساطة شديدة " استسلمت وتعبت !"
سمعت ابنتها تصرخ فيه " يال تضحيتك العظيمة ، لم أكن أعرف أن هدفك كان أبوي وبطولي ، وتأتي بعد كل هذا لتحاسبني وتفرض رأيك عليّ !"
قال ياسر بحدة " أنا لن أفرض كما فرضتِ عليّ أنتِ زواجكِ من راشد ، كما أجبرتني على الاستسلام تحت وطأة قصة حبكما الأسطورية ، بل سوف أجبركِ على الزواج بعزام يا بدور ... أنتِ لن تسببي لي فضيحة أخرى ، يجب أن تنالي من سم كأسكِ !"
قالت بدور بتصلب " عن أية فضيحة تتحدث ، أتقصد يوم رددت الصفعة لابن أخيك ، الذي ظننتم بحماقة أني قد أغفر فعلته !"
قال ياسر بلهجة صارخة ميتة جالدها للصميم " أي ابن أخ تتحدثين عنه فكلاهما الآن يلقفانكِ لبعضهما ؟!"
اهتزت واضطربت والدماء تهرب من وجهها لتستحيل للشحوب التام ... لم ترد لبرهة ، فاستغل أبيها الفرصة وهو يقول بوجوم " أه ، بالتأكيد تقصدين زوجكِ ، الذي لم تتردى في التسبب له ولنا في فضيحة كبرى ظللنا نلملم تبعاتها لأعوام وأنا اقف في ظهركِ احميكِ من بطشه ؟! هل تقصدين يوم زفافكِ وأنا أمنعه عنكِ ، وارسلكِ بعيد ؟!"
اشعل حقدها ببساطة مرة أخرى وهي تقول بقهر " نعم ، وأرسلته في نفس الليلة ، مرشده لمكاني ليدمر المتبقي مني !"
اهتزت نظرة شديدة الوجع في عيني أبيها وهو يقول " أه هذا الاتهام الباطل أيضاً الذي اهدرت أعوام أحايل فيه ابنتي المقربة أني لم أفعله ... لست خسيس ولا مهدور الكرامة حد أن أرسل إليها رجل تلفظه (ليعاشرها) !"
تخلل صوت منى الضعيف ببكاء مكتوم " كفى أرجوكما كفى حديث ملئ بالقذارة !"
ولكنها لم تكتفي عندما قالت باضطراب وقح " بلا فعلت ، أنت السبب في نيله مني !"
جز ياسر علي اسنانه بغضب صارخاً فيها " عندما عدت باكية منهارة كان كل شيء فيكِ يحكى عن الألم ، إلا الانكسار يا ابنة أبيكِ ... أنتِ سلمته نفسكِ راضية فكيف تقفين في وجهي تناقشيني بحقارة ؟!"
اغمضت عينيها للحظات يديها تحاوط جنينها بوجع بخزي شديد وكأنها لا تجد ما تدافع به عن موقفها الذي تعرف هشاشته يقيناً !"
فاكمل ياسر " تحملت لومكِ بصمت ، اُخبر نفسي أنكِ مجروحة ... متحملاً كل تبعات جنونكِ ، أفعالكِ الطفولية الانتقامية منه ومني ، مجبر على الصمت ، مجبره هو نفسه لمنحكِ وقتكِ ... وماذا فعلتِ ؟! كان نصيبي منكِ فضيحة أخرى بأفعال وقحة إجرامية بضرب زوجكِ !"
فتحت عينيها ليطل البؤس منهما ولكنها قالت بخشونة " فعدت لتسلمني إليه ؟!"
هتف بيأس" كنت امنحكِ الفرصة لتحيّ ، لتداوي جروحكِ أو تبتعدي !"
قالت بدفاع واهي " تركتني بين أنيابه لأسابيع وأنظر للنتيجة !"
مسد ياسر على صدره بوجه متألم للحظات وبدا أنه قد ينهار في أية لحظة ولكنه أصر على جلدها وهو يضحك ، بغرابة وعصبية ثم قال " لم أجبركِ على الجلوس معه لأسابيع لم تطلبي فيها مساعدة واحدة !"
" لقد " همست
فاقطعها بنفس ضحكته العصبية وهو يقول بتهكم " أنا لم أجبركِ على منح نفسكِ إليه ... لم !"
صمت يشير نحوها كلها راسماً بيديه المرتعشة حملها ... ثم قال بقرفٍ " أنا لم أقل لابنتي أن تعود بطفلٍ من زوجها ، تصرخ فينا بانهيار وغباء وندم عن حملها وكأنها مجرد ... يا الله !"
أخذت نفساً مرتجفاً وعيناها الواسعتان تنظران إليه بنوعٍ من الذعر فاهمة الاتهام " كيف تجرؤ ، لقد كان زوجي !"
اجفلت عندما التقط أحد التحف ثم ضربها في الحائط وراءها بعينين لا تريان وهو يهتف " وهل تخبرينني أنا بهذا بعد فضيحة محاولة اجهاضكِ إياه ، بعد فضيحة طلاقكِ التي لم تتورعي عن نشرها على الملأ ؟!"
لم تفكر وهي تهتف فيه بخشونة " أهذا دفاعك عن نفسك ، اتهامي بأني مجرد منحلة ؟!"
ارتسم الجمود مرة أخرى علي وجهه وهو يقول " هذا ليس دفاع بل توضيح لوضعكِ الجديد سيدة بدور الراوي ... بعد أن سمحت للحقير بأن يصدح بقرار زواجكِ منه كالعادة بين جموع من البشر ، بين أعين الصحافة المتلصصة ... هل تعلمين ما الذي يقال عنكِ في هذه اللحظة ؟!"
انمحت كل انفعالاتها وهي تنظر إليه بحذرٍ موجع بثه فيها ... لم ترد وعرف أنها لن تجد ما تقوله فأكمل والغضب الصافي يحرك كل إنش في جسده " مجرد امرأة بلا قيمة ، انتهى منها الأخ الأكبر بعد أن حملت في طفله ، ثم القاها كأية بقايا مقرفة لأخيه الأصغر ليقتات عليها ... يأخذها ف جولة مخزيه قبل أن يلقيها هو الآخر لمن بعده !!"
صرخت بعنف " توقف يا أبي !"
صرخ فيها هو الآخر وكأنه لا يحدث صغيرته المفضلة ، تلك التي كان دائماً في الظل يقف ينظف ورائها يحميها دون أن يجرؤ على تقويمها " الآن تذكرتِ أن لكِ والداً كسرتيه مرة تلو الأخرى دون أن يردعكِ شيء ... بلا أنتِ ملعونة يا بدور ، امرأة منحلة لا يقف في طريقها لا شرع ولا صورة اجتماعية !"
قالت بصوتٍ مرتجف " كان يجب أن أرد طعناته لقد عرفت أنه ...!"
لم يمنحها ياسر الفرصة وهو يقول بحسمٍ أخذ القرار فيه دون أن يوقفه أي شيء عن تحقيقه " لم يعد يعنيني ، اخترتِ عزام كفرصة ثانية ، إذاً بعد وضعكِ طفل راشد الراوي ... أنتِ ستتزوجين عزام ، عارفاً أن ذلك الحقير هو من سيدمر غروركِ وينهي أخيراً أسطورة غبائكِ !
ساد الصمت للحظات طويلة ، دون أن تقول شيئاً ، فقط تقف باهتزاز تنظر إليه بصدمة وكأنها ما فكرت أبداً في ردة فعله ، في عمل حساب له بالفعل أو أنه قد يحاول يوماً فرض سيطرته عليها ، محاصرها في زاوية ضيقة ليس منها فرار ...
عاد يمسد على صدره مرة أخرى بعنف ، ثم انهار يستند على أحد المقاعد يفك رابطة عنقه بنزق فاقداً قدرته على المجابهة مرة أخرى !"
هرعت منى إليه تضع يديها على قلبه ، محاولة مساعدته للجلوس " كفى ، ستقتل نفسك !"
جلس ياسر يمسك يديها ناظراً إليها بوجع وخيبة نظرات قصيرة محملة بكثير من البؤس واليأس ... ثم قال أخيراً منهي الحوار بمزيد من الانتقام

" الطفل سيسلم لأبيه سأحاربكِ بنفسي لوضعه بين يديه ... لأنكِ لا تستحقينه ، لن أخاطر بضحية أخرى لانفلاتكِ !"
تراجعت للوراء تضم على صغيرها أكثر بذعر ... ثم قالت " هذا في أحلامكم فقط !"
" جربي أحلامي يا بدور ... جربي معنى أن يقف ياسر الراوي بنفسه في وجهكِ ، إذ لا مكان ولا شخص في العالم قد يحميكِ مني بعد أن خسرتِ دعم راشد وحمايته إلى الآبد !"
أشاحت بوجهها بعيداً قبل أن تحرك قدميها ببطء شديد ، بتوهان أعظم القت نفسها فيه ... ثم غادرتهما وهى تهمس " قد تهزمني بقرارك الذي أخذته أنا مسبقاً بالزواج من عزام ، لكن لا أحد منكم قادر على سلبي صغيري !"
أغلق ياسر عينيه أخيراً ، مداري دمعة موجعة ترقرقت هناك ... لقد خسر . خسر قشته الأخيرة التي كان يمسك بطرفها معها لإنقاذها " لقد تشوه الإطار يا منى ... لقد دُمِرت صورتكِ المثالية من الداخل والخارج ... وأنا لا أملك تحقيق جانبي من صفقة بقائكِ معي وإصلاحها !"
جلست منى على ركبتيها ، تنظر إليه هي الأخرى كمحارب أخير حاول الصمود للدفاع عن أخر حصون مملكته ثم كثرت كلاب العدو ونيرانه الحارقة عليه أخيراً ليسلم راية الانهزام ... ثم دفنت وجهها على صدره تحيط خصره بذراعيها بقوة وبكت ، بكت حتى جفت مقلتيها ولم تجد ما قد يعينها مرة أخرى على رثاء حصيلة عمرها ، غير الموت وهي تتنفس حية !"
.................................................. ..
كان الوقت تخطى الساعات الأولي من الصباح ، وهو يجلس بعجز بين جدران مكتبه داخل المنزل ، مبعثر الهندام رابطة عنقه محلوله إلى جانب واحد دون أن ينزعها ، قميصه الأبيض مفتوح حتى منتصف صدره وكأنه كان يحاول استجداء بعض الهواء البارد ليطفئ نيرانه دون جدوى ...
يجلس أمامه خالد الذي رفض بشكل قاطع مغادرته حتى وهو ينهره مكرراً أن يبتعد ، أن يهرع ليختبئ بين جدران عزلته ناسياً كل شيء عنهم ... ولكنه ببساطة كان يصر ألا يتركه ، بل بالأصح ألا يتركها هي ...
" تحتاج لطبيب يا راشد ، أنا لن أقف متفرجاً ونحن نفقدها !"
رفع راشد وجهه يحدق فيه لبرهة وكأنه يستوعب أنه مازال هنا ولم يغادره ثم قال أخيراً بنبرة خشنة إثر الصمت الطويل الذي نالهما " هل تعتقد أنك تعرف مصلحتها أكثر مني ؟!"
قال خالد بصوتٍ مكتوم " وهل تعتقد أنت بأنه سيصلح وضعك إياها في الفراش ، مكتفي بحنانك كأي أبٍ صالح ؟!"
سأله فجأة " لماذا أنت هنا ، ما الذي تبقى وتريده بعد ما كُشف ؟!"
قال بصوتٍ متهدج " لقد كنت بيدق هام في لعبتها ، والآن أنا أعلم لماذا فعلت هذا بي !"
تمتمت راشد ساخراً" أليس من المفترض أن تكرهها ، راميها بأشنع الإهانات كما فعلت منذ ساعات أمامي ؟!"
قال بصوتٍ مبحوح " أعرف أن الوقت غير مناسب ، وأن ما سأقوله لا يليق ... مبرري الوحيد أني أُحبها ... أُحبها حد حقدي عليها وغضبي منها لما فعلت ... ولكن أنا الآن فهمت هي اختارتني أنا لثقتها بأني سأفهم لن أتخلى عنها أبداً عند ... عند ما عرفته !"
صمت لبرهة قبل أن يقف من مكانه بعصبية ثم أطلق التساؤل الذي أحرقه لساعات " كيف ، أخبرني بالله عليك كيف كل هذا القرف والجرم يسكن كالمرض الأليم في نسيج عائلتنا ؟!"
ضحكة بائسة ساخرة عميقة ارتسمت على شفتيه وهو يفتح يديه باستسلام وكأنه لا يجد ما يقوله أو يبرره ...
" من جوان ؟!"
ارتسم الغضب والقسوة على وجهه راشد سريعاً قبل أن يقول " أمها ، ظننتك فهمت من تلقاء نفسك !"
شحب وجهه وهو يقول باضطراب " فهمت... فهمت ما أعنيه كيف تخلت عنها ، لماذا تركتها وعادت الآن لتدمرها بالمعرفة ؟!"
قال بلهجة غريبة " لم تملك وقتها خياراً آخر ، من قال أنها تركتها برضاها ... أما عن عودتها مرة أخرى ، هذا ما سأعرفه منها قريبا جداً ! "
جسده الضخم كان ينتفض بعصبيه ، ممراً كفيه على وجهه ثم ضغط عينيه بباطن يده وهو يقول بعصبية " ماذا سنفعل ، أنا لن اسمح بتركها هكذا !"
وقف راشد أخيراً يواجه خالد بتصلب ثم قال بحسمٍ " دورك انتهى إلى هنا يا ابن ياسر ، أنت لا شيء ولن تكون في حياة ابنتي لتفعل ... نصيحتي الأخيرة لك تتبع نصيحة وخطى والدك وابتعد عنا !"
الغضب والقهر ارتسم بأبشع صورة داخل صدره ورغبة دفينة بداخله أن يقوم بأي عمل عنيف يفرغ فيه كل الطاقة السلبية بداخله " لماذا تحاول استفزازي ... لما تريد دفعي بعيداً ، أنا أصبحت واقعاً في حياتها واقع هي اختارته لكشف سرها أمامه !"
مد راشد يده يخبط بأصابعه نحو كتفه بعنف مكبوت ثم قال " أنت لا تعي نصف ما تقوله ، لا تفهم شيئاً مما كانت تسعى هي إليه ، لا تريد أن تستوعب أنك لا شيء حقاً في مخططها مجرد عسكري لا معنى له في لعبة شطرنج ذكية اداراتها سَبنتي بمهارة ، لتضع كل شخص فينا أمام حقيقته المخزية ؟!"
قال خالد بتصلب " أي كان ما وصل لعقلك أنت ، هذا لن يغير موقفي لن أتحرك من هنا قبل أن أفهم !"
عبس راشد بوجهه وهو يبتعد عنه ثم قال بحنق " تفهم ماذا ؟!"
" لماذا تركت الحقير ينجو بجريمته ؟!"
قال راشد بخشونة " أرأيت هناك الكثير من الأسئلة التي أطلقتها بدافع الفضول ، لا مساندتها ... غادر من هنا يا خالد إن تكرمت وقت الإجابة لم يحن بعد !"

" ليس قبل أن أطمئن عليها ، أن تفيق وتحدثني بنفسها !"

كاد راشد أن يقول شيئاً ولكن قاطعه صوت هاتفه ، منح خالد نظرة طويلة غامضة وهو يجيب بهدوء " أخبرني أنك وجدتها !"

أتاه صوت رجله الحازم بعملية " لن تصدق من كان يحميها منا كل هذا الوقت ، راشد بك !"

كل عضلة في وجهه المتوحش كان تنفر بالجحيم وهو يقول " أعتقد أن لديّ فكرة !"

لم ينتظر أن يسمع الاسم الذي كاد أن ينطقه رجله ... وهو يغلق الخط في وجهه ، ثم توجه نحو الخارج بخطوات سريعة كنمر مفترس على وشك الفتك بفريسته التي بقت في عرينه بكامل إرادتها ...

نتش باب منزله بعنف يهبط على الدرجات الرخامية سريعاً ، ليتوقف في منتصف الممر ، يواجه عن بعد جذع نضال المتحفز للقتال ...
" أنا أمامك أفعل بي كل ما تريده ، ولكن على جثتي إن سمحت لك أو غيرك بوضع إصبع واحد عليها !"

للحظات حثه شيطانه أن يسحب سلاح نضال ويفرغه بالكامل داخل صدره دون تردد ... لا لم يكن الغضب فقط ما يقوده بل الخذلان التام ، فقدان الثقة في كل ما يحيطه ... والسؤال الذي ينحر جوفه بمشارط دقيقة حادة يطفو على السطح ممزقاً كل دواخله وروحه على حدة : ما الذي جناه ليوجه له الخناجر كل قريب أو حبيب أو شخص كالذي أمامه واعتبره يوماً جزءاً لا ينفصل عن عائلتهم ، منحه ثقة عمياء حد أن يستأمنه لسنوات على صغيرته وزوجته على حدٍ سواء ؟! " الجميع شرع أسلحته في وجهه ، الجميع غمد سيفه داخل صدره دون رحمة ، أو جرم وجهه إليهم !
" لماذا يا نضال ؟!" لم ينطق بغيرها وكأنه رغماً عنه تحاول نفسه إيجاد إجابة تطبب بعض من وجعه !"
اقترب منه خطوة وهو يقول بقهرٍ " لم أخطط أبداً لطعنك في ظهرك ، لم اُفطر يوماً على الخيانة ، تعلم يقيناً أني لم اعتبرك يوماً مجرد رجل أعمل لديه !"
قال بتهكم " هذا واضح بالتأكيد !"
" جوان كانت تحتاجها ، امرأة تتعذب ولا أحد فيكم حاول أن يمد يده ولو شفقة لينتشلها من ذلك الضياع !"

شيئاً فشيئا كانت ملامحه تستحيل للبشاعة للمشاعر المدمرة المنبئة بالخطر " جوان ، مجرده ...
تتحدث عنها ببساطة ... لا امرأة يفترض أنها سيدتك واشترتك ببعض المال ؟!"
احس نضال بالنار تغلي داخل عروقه بالغضب من الإهانة المتعمدة والمبطنة ...
يديه كانت تتكور بجانبه بعنف وهو يقول من بين أسنانه " لن أنجر لما تحاول فعله ، لن أشتبك معك وأمنحك الفرصة !"
مط راشد شفتيه ببرود قبل أن يصفق بكفيه وهو يقول " كم هذا مبهر ... الحارس الهمام مخلص حد النهاية !"
صمت قبل أن يتابع بهدوء قاسي " ومن قال أني سأوسخ يداي بدمائك ، أخبرتك أنك مجرد مستخدم لديّ ، أتعلم هناك ميزة للمال والسلطة ... حسابات أنت تجهلها كلياً ... وجوه عدة تتلون بها متى أردت ، واُقنع بها من أريد ... مثل ذلك الوجه الحكيم المسالم الطيب !" صمت قبل أن يطلق ضحكه غريبة مشوبة بالكثير من القسوة " كما اطلق عليّ خالد بك يوما ... طيبة وصداقة أنت اقتنعت بها ، لتقيم حول " وظيفتك ومهمتك الوحيدة " المؤامرات !"
صمت قبل أن يرفع يديه وبطرقعة إصبع كان كل حراسه يحومون حول نضال ... مكبلين إياه بعد مقاومة استمرت دقائق ولكن بالنهاية الكثرة أودت أية شجاعة ...

ركع نضال هناك على ركبتيه ينهت بعنف .. ينظر لراشد بجحيم مستعر غير خائف أو نادم ، فقط كانت هي كل ما يعنيه " جوان !"
تكلم راشد أخيراً بنفس نبرته التي تحمل الجحيم " أنت لم ترى وجهي الآخر يا نضال ، لم تجربه ... كم أتمنى الآن اطلاقً رصاص الرحمة في صدرك ، ولكن ذلك الجزء الخاص بالوحش داخلي يرفض أن يتركك قبل أن يفتك بك بما يناسب فعلتك !"
" جوان زوجتي ، أنا كنت أحمي زوجتي ، افعل ما تريد بي ، ولكن أنا أثق أنك لن تقترب من مجرد امرأة ضعيفة ، امرأة تخص أحد رجالك !"
الجليد ... الجليد التام هو ما كسى وجهه ، لم تهتز نظراته لم يتحرك جسده أو حتى يبدى صدمته ... ثم قال أخيراً بتلك النبرة منزوعة الرحمة " إذاً كما خمنت أنت لم تعرفني أبداً ، كما أشعر بالإشفاق عليك ، تضحيتك ضاعت هباء " أنت وهي ميتان منذ اللحظة !"

صرخ فيه نضال مقاوماً محاولاً أن يصل إليه بأية طريقة فلا يزيد رجاله اللذين كانوا تحت إمرته هو شخصياً يوماً
إلا إصراراً لتحطيمه وكسره ...

عندها فقط أتى هتاف خالد المجذوب

" راشد لقد اختفت سَبنتي دون أثر !"

..................................................

الهمس باسمه مع طنين متقطع لبعض الأجهزة كان يأتيه من البعيد ... كالتائه في صحراء قاحلة حارة تلفحه أشعة الشمس الحارقة دون رحمة !! ريق جاف ، جسد يتصبب عرقاً جبين متألم ، والكثير من الطعنات الحادة التي تجبره على تلبية هذا النداء المتوسل لتتبع الصوت والوصول إليهم ، لقد كان يشعر أنه يركض ويركض نحو السراب ، فلا يجد خلفه إلا وحوش صحراوية تطارده محاولة الفتك به ، و أتربة تحيطه مخبرة إياه ، ومجهول يختبئ بين طيات تلك الأشباح التي تحيطه !
ثم ظلام يعود يلفه لفاً مرة أخرى ، وشعاع نور خافت ومعتم يومض داخل عينيه التي استطاع أخيراً أن يفتحها مزيح عن جفنيه أثقالهما ... ليجحظ بتوهان في الوجه الذي أمامه ملثم بقطعه بيضاء تغطي الأنف والفم ، ثم تقع حدقتيه الخضراوين أخيراً في لون الحداد !
" لورين " همسها بتخبط بادئ الأمر ويديه ترتفع بثقل محاولاً أن يصل إلى وجهها
" لورين ؟!" همسها مرة أخرى بشفتين شاحبتين ونبرة مبحوحة إثر المخدر الذي لم يستفق منه بعد ... مدت لورين أناملها تزيح الكمامة الطبيبة بعيداً عن وجهها ، فمها يرسم ضحكة مرتعشة من بين دموعها وهي تقول بعاطفة مريرة " مرحباً بعودتك ، لقد أخذت وقتاً طويلاً لاستفاقتك !"
كان يبدو عليه التخبط بأنه لم يدرك وضعه بعد وهو يمرر يده على وجنتها ببطء ثم قال " لقد كنت أطارد كابوساً تمثل فيه الماضي والحاضر والمستقبل !"
ارتعشت وجنتها بشكل مؤلم وهي تهمس " هذا طبيعي ، جراحتك استغرقت أكثر من تسع ساعات متواصلة !"
هز رأسه بلا معنى ، ويديه تسرح بعيداً عنها يغرزها في شعره الكثيف بتعصب وهو يقول بريقٍ جاف " أية جراحة ؟!"
عم صمت قصير بينهم تنظر إليه بألم ، بخوف يعصف بها يأكل فؤادها دون شفقة ، عارفة عند استعادة كل وعيه ، تذكره ما جرى ومعرفته ما يحدث ستخسره !
شعرت بيد أبيها بالتبني تمسك بكتفها محاولاً جذبها بعيداً وهو يقول بهدوء " لوسيرو من الأفضل للجميع انسحابكِ الان وترك المريض لنا !"
همست وهي تحدق في الخضار العاصف في عينيه وهو يتبين شيئاً فشيئاً محيطه وحديثها القصير مع والدها " لا أستطيع ، أنا عالقة هنا بابا ، لن اتركه جاهلاً بكل الحقائق مرة أخرى !"
" باكر جداً لوسيرو ، لم نتفق على هذا قبل الاطمئنان على جراحته ، حالته النفسية أهم في تلك المرحلة من أية مواجهات بينكما !"
شاحبة الوجه منزوعة السلام كانت تدير رأسها تنظر له من فوق كتفها وهي تقول " ألا تعي ما ورطته و أنا فيه ... لقد دمرت استقراره النفسي بالفعل ، أي أن كل ما تحاول حمايتنا منه أصبح شبح بلا قيمة !"
للحظات كانت تتبادل النظرات مع والدها ما بين الأسى والندم والتعاطف التام من جانبه ... ثم بهدوء كان يربت على ظهرها ثم ينسحب تاركها معه !"
عندما عادت تدير رأسها مرة أخرى ناظرة إليه كانت تدرك أنه سحب أنامله التي شبكتها في أصابعه ، مبتعداً عنها بروحه قبل جسده ولوقتٍ طويل آخر لم يتفوه أحدهما بكلمة ، مغلقاً جفنيه بعيداً ، وجهه يتوجع وجعاً أبعد من أن يكن يخص الجانب الجسدي لقد " هشمت قلبه " ببساطة !"
ثم قطع هو الصمت الكئيب أخيراً وهو يقول بنبرة لم تفهم المشاعر فيها " هل أجريت لي الجراحة ، لأصبح أخيراً رجلاً كاملاً في عينيكِ ؟!"
كل إنشٍ منها كان مشدود بالرهبة بالذعر حتى أنها كانت توقفت عن التنفس الذي أصبح عملية مؤلمة لها وهي تقول " الأمر لم يكن متعلقاً بي يوماً ، كل تفكيري كان أن أبعد عنك الخطر ، أن أساعد روحك المعذبة قبل فوات الأوان !!"
نبرته كانت جامدة وهو يكرر " هل أجريتها ؟!"
همست بنفسِ صعب " نعم ؟!"
" جيد !"
صمت لبرهة ، قبل أن يستعيد نفسه ببطء ، وكما توقعت بدأت الذكريات والواقع يتدفق إليه دفعة واحدة .
فتح جفنيه أخيراً ليخفيها ذلك الجحيم الساكن فيهما ، الإعصار القادم منهما والذي سيطيحها جارفها دون رحمة ثم قال بنبرة جامدة
" كيف فعلتيها ، أريد الحقائق فقط مختصرة دون التفاف أو تنمق ؟!"
قالت مرتعشة " بعد أن تتخطى المرحلة الحرجة سنتحدث!"
اطلقت صرخة مكتومة عندما شبت يديه تمسك في غطاء رأسها الطبي جاذباً شعرها منه بعنف مقصود وهو يقول من بين أسنانه " لا تختبري صبراً تعلمين أني لا أملك أيا منه ، الإجابة الآن ومن البداية دون تزيف !"
تمتمت " لا أستطيع أن أخسرك !"
رمقها بازدراء ثم قال " حقاً ، وماذا تعنين لي أنتِ بالضبط لتهمني مشاعركِ ؟!"
اجهشت في البكاء وهي تقول " لا تصعب الأمر علينا ، دعني أعالج ما كُسِر !"
قال من بين اسنانه بتهديد " الآن يا لوسيرو ، أنتِ لن تتحملي ما قد أفعله بكِ ، لا تظني أن العاجز سيترككِ تقيدينه للنهاية !"
هزت رأسها برفضِ مرة أخرى ثم تركت لدمع عينيها حرية التعبير وهي تقول " لقد بدأت رحلتي الخادعة منذ خطوبتنا !"
" فسري !"
حاولت التحرر منه وهي تزيح ذراعه بعيداً " اتركني ، أنت تسبب لي الألم !"
لوى فمه بابتسامة جانبية ساخرة ثم قال " حقاً ، يال وضاعتي !"
صمت قبل أن يردف بنبرة أجشه كانت لتخيف اعتى الرجال إن تبين ما وراءها" خدعتني منذ البداية ، إذاً كل مسرحية الحب والغرام كانت مجرد لعبة قذرة ، هل أنتِ من قدمتِ بنفسكِ تقرير للمحكمة بعدم أهليتي ، متواطئة مع ذلك الطبيب الحقير " روجر ؟!"
بريق جاف وبريق محتقن كانت تقول ببطء ضاغطة على كل حرف تتفوه به " لم أتعاون مع أحد ، فعلتها من تلقاء نفسي بمعاونة المحامي الخاص بي ، هو من لوح بالفكرة واستغللت كوني طبيبتك وحبيبتك التي كانت تُخفيك ، قدمت كل الأوراق التي في حوزتي مع تقرير بتأخر حالتك ، وشهادة طبيب نفسي كنت أستعين به معك ، حصلت على جلسة سريعة ، وبعد اتمام زواجنا قدمت العقد الذي اعترفوا به ومنحوني مع التحفظ بعدم معرفتك للأمر كل الوصاية ، وكأنك . وكأنك ؟!"
شعر ممدوح بمشرط دقيق حاد يمر في قلبه كما يمر في الحرير الناعم بكل سهولة فيكاد يصم أذنيه ذلك الصرير الحزين الذي يعلن عن بهوت كل دقة من خفقانه وهو يقول " وكأني مجرد طفل معاق عقلياً ، لا أملك حق نفسي ، لقد سلبتني كل معاني الكرامة ، حرمتني حتى حق أن أكون إنسان يتنفس بإرادته مثلكِ !"
مرتعشة ، ضعيفة ، منهارة عادت تمد يدها تحاول أن تلمس وجهه وهي تقول من بين دموعها " أنا أخطأت أعلم حجم جرمي ، ولكن كل ما أردته هو أن أمر بك بسلام ، كان يجب أن تحصل على فرصتك الثانية كاملة بإنصاف ... أنا سأذهب للمحكمة مرة أخرى ، سأخبرهم بأنك لا تحتاج أبداً مني أو غيري وصاية ، فقط ثق بي مرة أخرى ، دعني أكمل طريقي ، وسأجبر كل من ساعدني أول الأمر بسلبك حريتك أن يقر باستحقاقك إياها !"
أفلتها أخيراً مراقباً شفتيها الزرقاوين يطلقان تأوه متألم ... ثم أزاح يدها دون عنف ...
وهو يقول بنبرة غريبة بدا أنها لا تنتمى إليه " ليس كل ما يتمناه المرء يدركه يا " دكتور لوسيرو!"
قالت بخفوت مستعطف " كل ما أردته هو أنت ، أسرة صغيرة سليمة أبنيها معك بعيداً عن ماضينا !"
ضربة موجعة توجهت إلى صدره وهو يقول بتأوه متهكم " نعم بالطبع ، ومنعك الحمل مني أكبر دليل على هذا !"
نبرتها تلبستها وحشية غريبة وهي تقول " هل كنت تريد منى المخاطرة بإنجاب طفل من أبٍ غارق في رثاء نفسه ، ناعياً ماضيه لأكرر المأساة ؟!"
الظلمة تلبست روحه طغت على كل كيانه وهو يشعر بالعواصف الرملية تبرز من حلمه لتلف لافحة إياه بعنف لتوقظ فيه ذلك الجانب الأسود الذي كان يظن أن عشق لورين أيوب بدده دون عودة ... فيدرك الأن بما لا يقبل الشك أن كل ما كان معها محض سراب بيت من خيوط العنكبوت بناه ، وهدمته هي بطرف إصبع ... ثم ما لبث أن قال " أنتِ طاردتي شيئا بشدة ، ففقدت كل فرصكِ ، كل شعور اكتسبتِه بجهد من أشخاص كثر حولكِ ! هكذا نحن البشر يا لورين يحركنا الطمع الذي نولد به ، باحثين عما يرضينا ، ما يطبب جروحنا نحن ، دون الالتفات أو الاكتراث لمن نؤذى في طريق مسعانا ، آخذنا الغرور متوقعين أننا نفعل الأفضل الأصح ، رافضين أن نصدق إننا نذبح بكل جحود من يحيطونا ... رافضين التصديق أن شيطان النفس يجعلنا أشرار الحكاية !"
قالت معاندة إياه " هذا ليس صحيح بالمرة ، يوماً ما ستشكرني لما فعلت ، ستأتي إليّ بنفسك معتذراً!!"
مال فمه مرة أخرى بسخرية قاسية ، ثم قال بنفسٍ منهك " سخرت في الماضي من أبي وإيهاب من بعده لاستسلام كل منهما البغيض لمن أحبوا ... غير مدرك عندما سلمتكِ أمرى " أن أحب الأشياء إلينا هي من تدمرنا !"
قالت ساخطة صارخة " الآن أنا أصبحت مثلهن ، وأدمرك يا ممدوح ؟!"
التفت يحدق فيها بعينين حارقتين شعرت أنها تضربها بسهام سامة ثم قال " فريال ربما ... ولكن البريئة الصغيرة أنتِ لن ترقي يوماً لأضعكِ معها في خانة واحدة ؟
!"
توسعت عيناها بصدمة موجعة حتى احست أنها ستطيح عن قدميها ...
فأكمل بهدوء " أنا أشعر بالوهن والتعب ، ولا أطيق صبراً للتخلص من وجودكِ ، غادري لا أريد رؤيتكِ مرة أخرى هنا !"
قالت بجمود غليظ" في أحلامك أن تتخلص مني بهذه البساطة !"
قال بنفس تلك النبرة المريبة " من تحدث عن الخلاص هنا زوجتي العزيزة ، أنا لن أنفركِ بعيداً قبل أن أحطمكِ لأخر ذرة فيكِ ... أردتِ علاج الوحش وإيقاظه ؟! إذاً فتحملي تبعات أفعالكِ !"
...................................
" أخيراً لقد عدت ؟!"
زفر جوشوا بقوة وهو يغمض عيناه بسأم ثم خلع معطفه ليعلقه في المشذب بجوار الباب وهو يقول " ماذا تريد اختصر في القول ، الأمس بليله كان طويلاً ومرهقاً !"
حرك نزار يده في رأسه عدة مرات بعصبية كانت تفوح من كل عضلة في جسده برائحة نفاذة وملموسة ثم قال باضطراب " كيف هي ؟!"
سأل جوشوا ببرود " ومن هي ؟!"
صاح بعصبية " لا تسخر مني تعلم من أقصد !"
اعتدل مواجهه وهو يقول بهدوء " أنت تسأل عن حال إنسانة مجهولة ، شيء ليس له قيمة لديك لتقرنه بلقب ووصف تستحقه ... لذا أنا لن أجيبك مدعي مثلك إنكار قيمتها !"
حدق فيه نزار للحظات بتوتر بمشاعر عاصفة تهد الكثير منه وتستنزف من أعصابه ثم قال أخيراً بتقطع
" أمي ........... كيف حال أمي ؟!"
للحظات لم يمنحه إجابة وبدا أنه لا يريد أن يخوض معه أية محادثة إذ أن كل ملامحه كان يحتلها النفور والغضب المكتوم ... بدأ في خلع ساعة معصمه بوتيرة شديدة البطء ثم شرع في فتح أزرار قميصه عندما سمعه يقول بنفاذ صبر " أريد أن أعلم ما جرى معها بعد طرد جاسر لي من النيابة !"
أخذ جوشوا نفساً طويلاً وهو ينظر إليه برتابة حارقاً دواخله ثم قال " ألا يعنى صمتي أني لا أريد إخبارك أي أمر يخصها ، لعبتك انتهت يا نزار ، دعنا نتخطى الأمر وافرح بما نلته من انتقام رابح منها !"
صرخ وهو يندفع إليه " تباً لك ... ماذا تظن في نفسك لتلقي عليّ الأوامر ؟ أخبرني بما حدث !"
وأخرج شيطان غضبه بسهولة عندما تحرك مفاجئه ومربك توقعاته يدفعه على الجدار واضعاً ساعده على نحره ويده الأخرى تكبل يديّ نزار على صدره ثم قال بنبرة شديدة الغضب والتهديد " تباً لي أنا ؟! بل أنت من تظن نفسك لتقف أمامي متبجحاً قد لا أكون ربيتك يا غبي ولكنك من صلبي ابني جزء من " هابر " القديم المتمرد والغاضب ... فأحذر أن توقظ جنون بداخلي أنت لست أهلاً له !"
قال نزار من بين أسنانه بسخط " نعم بالتأكيد ، فأنا المغفل الذي سايرته لأشهر تدعي دعمك إياه وأنت تخطط لبيعي مع ذلك المحامي الخائن لقضيتي ... مجرد غر أخذته كجسر لتصل لحبك القديم لأمي أنا !"
نظر إليه جوش باستنكار جلل قبل أن يقول بسخرية لاذعة " بل أنت حمار ... حماااااااار أبيض كبير ، هل تستمع للغباء الذي تتفوه به ، أنها زوجتي يا أحمق !"
صرخ بانفعال ساخط " ليست زوجتك ، أنها أمي !!"

تحرك جوش مبتعداً عنه نافضه بتعب قبل أن يقول " لا تحاول استفزازي وجري للتعامل معك بطرق لن تعجبك ، أنا أحاول بيأس أن أحترم مشاعرك وعمرك !"
زفر نزار وهو يقول بخفوت " أخبرني عنها !"
احمر وجه جوشوا بعنف وهو يقول " إن كنت مُصر دعني أخبرك عن وجودها بين المجرمين ، وبنات الليل ، وهمز ولمز من يسوى بين البشر ولا يسوى ، عن الذعر داخل عينيها وهي تناجي بيأس أي أحدٍ لنجدتها من ذلك الخندق المريع الذي حط من كرامتها وكبريائها ، وهي تعيش ليلة مرعبة لم تتخيلها في حياتها قط ... وهي تقرأ في أعين وكيل النيابة وأفراد الشرطة عن المرأة اللعوب التي تزوجت برجلين في وقتٍ واحد ، حد أنها لم تفرق من منهما كانت حاملاً منه و والد طفلها !"

ضم نزار جانبي رأسه بقوة وهو يهمس بنبرة مبحوحة خالصة في الألم " توقف لا تقل هذا ... هذه ليست الحقيقة !"
قال جوش بتهكم غير متعاطف مع ملامحه الموجعة على الإطلاق " حقاً ؟! لم أكن أعرف ... إذ أنك كنت تصر أن تراها بهذه الصورة ، فعكسته على جميع من علم بخبايا قضيتها دون أن يعرف الحقيقة !"
تلعثم حرج وهو يهمس " أنا . أنا كنت أريد حقي ، إثبات لكل من اتهمني بابن الحرام ، أن لي أب معترف بي ، أني اتيت من رابط مقدس !"
ادعى جوش الصدمة وهو يقول " لا تقل ؟! ... أحقاً كانت هذه أسبابك ، إذ أن ما سمعته منك وغيرى كان عكس هذا ؟!"
احتل الحزن مشاعره كاملة ثم قال " لحظة نطق الحكم عليها ، كانت صفعة لي وكأني رغم معرفتي أين سينتهي هذا الأمر ، لم أتوقعه ! " قال جوش " لا تتوقع منى رد مثالي يطبب نفسك أو يتعاطف مع ما تعانيه الآن ، أنا لست بتلك الروعة والتفهم يا نزار ! ألم كبير اعتصر قلبه وهو يتحرك من مكانه أخيراً ملقي كل حمل جسده على أقرب أريكه ثم قال " لم أتوقع منك هذا ، أنا قبلت بك وأنا أعرف جيداً كيف هي نوعية الناس امثالك ... أنا لست نادماً على ما حدث ، إذ أنه كان الطريقة الوحيدة والصحيحة لأحصل على حقي منك ومنها ، ولكن فقط أنا ... أنا !" أخذ جوشوا نفساً آخر محترق معبئ به صدره ثم قال " أنت نادم ... قلها وأرح نفسك ، تلك هي الحقيقة الوصف المثالي لما تعانيه الآن من وجع ضمير ، لقد حذرتك يا نزار وكثيراً ... إذ أني أعرف جيداً معنى أن تقضي عمرك في جحيم لا ينتهي يحرقك من الداخل والخارج ، أن تقف عند نقطة اللارجوع ، فلا تستطيع أن تتقدم أو تتأخر ، فكلاهما يصبح سيان في الوجع الذي يدمر روحك ! " اغرورقت عيناه بالدموع وغصة تخنقه وهو يقول بشرود " لم ترحمني أبداً ... فلماذا كان عليً أن أرحمها ... كلا الأمرين كان خسارة ، أنا خسرت هناء منذ اللحظة التي رمى الشيطان فيها تلك الأوراق متهمها في عرضها ... فأخبرني ماذا كان عليّ أن أفعل ، أخذها بين ذراعيّ وأتفهم ما فعلته بنا ؟!" قال جوش بصلابة " نعم كان عليك أن تفعل ، أن تستمع بتعقل ، أن تتذكر كل ما فعلته لأجلك !" " ذلك ليس أنا ... أنت قلت بنفسك أني أشبهك جزء من خلطتك الإبليسية فكان يجب عليّ أن أجعلها تدفع الثمن ! " قال جوش بهدوء " إذاً انتهي النقاش بيننا " مبارك عليك نصرك !" صمت للحظات قبل أن يتابع " أنا لم أكن أريد تدميرها بالماضي ، فقط كل ما رغبته حد الجنون بقائها ألا أفقدها ... ما كنت أسعى لانتقام بل كان عشقي أعمى ... إذاً أتضح مرة أخرى أنك لا تشبهني في المسعى أو التفكير يا نزار بل في عمى البصيرة !" حدق فيه نزار بجمود ، مسيطر على لمعة الدموع في عينيه ببسالة لا هو لن يبكى ولا ينهار أبداً من أجل أي إنسان حتى إن كان هناء !!" ثم قال صافعه " قبلت بك ، ولجأت إليك ، لتمعن في إيذائها ... هي عاشت عمراً تبعدك عن طريقي تهرب بي من حياتك ، لذا تقبلتك على الفور مانحك غفراني لحرق قلبها هي !
بادله جوشوا نفس النظرة الباردة وهو يشمخ برأسه بجمود غير مفسر عن حقيقة مشاعره في هذه اللحظة ثم قال " كنت أعلم جيداً هدفك ، وقبلت به بأنانية الحرمان منك أعوام طويلة !"
تمتم نزار " جيد ، نحن بالفعل متشابهان ، مكشوفان لبعضنا الولد سر أبيه كما يقولون !"
أومأ جوش ببساطة قبل أن يسمع نزار يقول بنبرة عادية رتيبة وكأنه لا يحترق كمداً " إذاً لِما أشعر أن فؤادي يتحطم لشظايا ، لما اللهيب لا ينفطر ينهش في صدري ، لماذا كل ما أرغب به الآن أن أهرع إليها أركع تحت قدميها أُقبلهما ندماً وأسفاً ، علها تهدئ من روعي ؟!"
حرك جوش كتفيه بجهل الإجابة ...
فاكمل نزار بنبرة منهكة صبيانية و بشهقة بكاء خشنة " كل ما أريده ذراعيّ أمي ... أمي التي خسرتها ولا شيء في العالم قد يعوضني ويطبب جروحي بعدها !!"
.................................................. .

ساعات طويلة قضاها كل منهما في البحث عنها مقيماً الأرض ولم يقعدها بعد ... ولكن لا نتيجة تُرجى من ايجادها ...

" كيف خرجت تحت أعين الحراس الذين ينتشرون في كل شبر من المنزل وخارج أسوار الحديقة ؟!"
قال خالد بصوتٍ مرتجف حد الضياع والقلق يتأكل روحه " لطالما أجادت الاختباء ، والتملص من القيود !"

أنفاسه كانت عنيفة متلاحقة والقسوة ترتسم بهالة مرعبة حوله عندما قال " بل يجب أن أفهم أخيراً ألا أحد يصلح لمراقبة طفلي غيري ، هذا العالم لن ينفع يوماً لتربيتهم إذ كل ما أحاول بنيانه تمتد إليه ذيول الأفاعي من حولي لتسممه !"

يتببببببببببببببببببببببب ببببببببببع الان في المشاركة التالية
:ridingh orse::ridin ghorse:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-19, 11:10 PM   #1433

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
1111

]تاااااااااااااااااااااااب ع الفصل الثانى والعشرين

تشنج خالد وهو يلتفت إليه في المقعد المجاور ، داخل سيارته التي يقودها بنفسه " أعرف أن الوقت غير مناسب ، ولكنك تحتاج للتفكير كيف ستحل ما فعلته بدور وذلك النذل ، يجب أن تعلم بحقيقته !"
أحس بالغضب والألم يحرقان صدره ، وهو يضغط على المقود حتى ابيضت سلاميته ثم قال بحزم " لم تعد تعنيني لأفعل ، أختك اختارت طريقها فلتكمل فيه وتنال مما اقترفته يداها ... أما عن معرفتك أنت لما يحدث فستلزم بالصمت يا خالد !"
قال خالد بجفاء " هل تتوقع أن أرى أختي تدمر نفسها معه وأقف متفرج عن إنقاذها ؟!"
اشتدت عيناه الحازمتان الحارقتان بقسوة أكثر من سابقتها ، وصمت لبرهة وكأنه يوازن أمراً ما في عقله ثم قال لاعباً على أوتار عشقه " وهل يجب أن تدفع سَبنتي ثمن انحطاط بدور يا خالد ... إذ أنها إن علمت بالحقيقة لن تدخر جهداً في تحطيم حياة ابنتي بالمعرفة ؟!"
للحظات لم يرد خالد وبان عليه الضياع من موازنة الأمرين حتى قال " لا تحاول بدور ليست بهذا السوء ، من المستحيل أن تقدم على ما يؤذيها أنا أعلم أختي جيداً !"
هز كتفيه وهو يقول " ولكنها تكرهها لا أعتقد أنها ادخرت أي جهد ، في إظهار مشاعرها نحوها ... دعني أكن واضحاً يا خالد ، أختك !! امرأة لم تهتم بجنين ينمو في أحشائها وهي تعلن خطبتها لأخ والده بمنتهى الوقاحة فقط لانتقام مني " وكأنى أهتم " علي كل حال ما أريد توضيحه بأنها إن عرفت حقيقة سَبنتي لن تتردد في إعلانها بكل الصحف بوقاحة وتعمد لتنال مني !"
صمت لبرهة قبل أن ينحني جانباً يرصد بخبث نمر مفترس توتر خالد واهتزاز عزيمته وحكمه وانحيازه لأي جانب ... ثم قال ببطء " هل هذا ما ترغبه بحق ، هل سَبنتي تستحق منك أن تنالها الألسن ومجالس النميمة ناعتين إياها بابنة الحرام ؟!"
شحب وجه خالد وهو يقول برفض " وما جريرتها ، لتنعتها بهذا ، لا أحد يجرؤ لتلقيبها بهذا ؟!"
احتلت نبرة راشد الوجع هذه المرة إذ أنه لم يحاول أن يخفيه وهو يقول بنبرة شاردة " هي كذلك يا خالد ... كم يوجعني الإقرار بأمر أعلم أنه الحقيقة البحتة التي سينظر الناس لها بها ... سَبنتي أتت نتيجة سذاجة فتاة وحقارة شاب دون أي رابط يجمعهما ... فقط لحظات لهو وشهوة كما وصفها عزام لي بمنتهي البجاحة بالضبط ... لهذا أنا أحكمت كذبة أخوتها لي ... حاولت بكل جهد أملكه ألا يكتشفها أحد يوماً ... ولكن يبدوا لي أيضاً أن أُسلم ألا بشر قادر علي تسير الأحداث القدرية ... كيف لم أتعلم من حادث نزار ومريم الدرس الشافي ألا أمر يبقي خفياً للآبد ؟!"
" لا أستطيع أن أقف متفرجاً على بدور وهي تُضيع نفسها وأعرف أنك تهتم بها أيضاً "
اشتعلت عيناه وهو يقول " لا تفرض الأمور من تلقاء نفسك ، أنا حقاً لم يعد يعنيني لقد تشبعت حد التخمة من طيشها ... دعني أكن واضحاً معك ما دخل أبوة عزام في قرار ربطها به ؟!"
لم يجيبه خالد فقط ينظر إليه بمزيد من التخبط لتقيم كلامه وحسابه جيداً ليصل لنتيجة منطقية واحدة بناء على أفعال بدور جميعها في محاولتها المستميتة لكسر الرجل الذي أمامه " هي لن تتردد في استخدام سَبنتي كورقة تحرقه بها إن تطلب الأمر !"
عندما طال صمته قال راشد وكأنه يقرأ أفكاره " بالضبط ، معرفتها لحقيقة الأمور لن تغير شيئاً هي تخطط للنيل مني ، إذاً كشفها للأمر لن يزيد إلا ضرراً لما أحاول الآن احتوائه !"
قال خالد بإحباط " وماذا عنها كيف أجعلها تفيق مما تفعله ؟!"
افتر فمه عن ابتسامة ميتة وهو يقول " ذلك لم يعد من اختصاصي ، جد حلاً أنت ووالدها الفخور جداً بزهوها !"
قال خالد وهو يراقبه يقف بالسيارة بإهمال أمام أحد العمارات متوحدة اللون والمطابقة لما حولها " كرهتها ، بهذه البساطة ؟!"
هبط راشد من السيارة باندفاع برشاقة لا تتناسب مع جسده الضخم " الكره كلمة بسيطة جداً ومهدر حقها نحو ما أشعره نحوها ... التشبع والنفور والملل يا خالد صدقني هم أمور أكثر من كافية لتجعلك ترمي عشق حياتك خلف ظهرك دون تردد !"
خبط بابه بعنف وهو يتوجه نحو مدخل تلك العماري فلم يجد بداً أن يتبعه بيأس ودون نقاش !
...................................

خبط . خبط بدقات متتالية ومتسارعة على الباب جعلها تنكمش لا إرادياً مدركة إن تجرأت وفتحته قبل أن يأتي هو لحمايتها سيلتهمها الجحيم الذي يقبع خلفه ... ولكنها لا تملك رفاهية تجاهل الطارق نافذ الصبر إذ كاد الباب الخشبي الضخم ينخلع من مكانه خلعاً ...
كان كل جزء من جسدها المسكين يرتعش بردة فعل عنيفة وهي تفتحه لتجد ما توقعت بالضبط " موج عاتي سيحطم المتبقي منها " راشد ؟!"
همست بشفتين شاحبتين وهي تتراجع للوراء بذعر مذهولة أن يتوصل إليها ويأتي بنفسه ... كيييف لقد وعدها نضال بألا بشر قادر أن يكشف مكانها السري معه ...
لم يرد على همسها المرتعب باسمه بل اندفع دون تردد عبر الغرف المعدودة في منزلها يفتحها باكتساح واحدة تلو الأخرى باحث بنوع من الهوس عن ضالته ...
بينما شاب تعرفه يقيناً من خلال مراقبتها لابنتها يقف متوسع العينين يحدق فيها بارتباك وتعجب ...
" ملامح غريبة لا تخصنا ، لقد كانت محقة هي تشبهكِ ، هذا يفسر كل شيء إذاً !" همس خالد بنوع من التوتر قاطعاً الصمت المرعب وكاسراً الهالة الذعرة التي تحيط المرأة التي التصقت في الحائط ...
تراجع راشد عائداً إليها موجه كلامه لابن عمه ، متجنباً وقوف جوان هناك وكأنها شيء ليس ذو قيمة ليفسر لها سبب وجوده " لقد انتصف الليل ولا أثر لها ، هذا المكان كان أخر أملي أن أجدها بعد بحثنا في كل مكان كانت قد تلجأ إليه !"
انقبض قلب جوان بعنف بألم القلق الذي نهشها حية وهي تعيد كلماته على عقلها رابطة إياه باختفاء نضال تماماً منذ ليلة الأمس حتى أنه رفض أن يجيب على مكالمتها مكتفي برسالة قصيرة أن تلتزم حدود المنزل حتى يأتيها هو ليخرجها منه ويذهب بها لمكان أكثر أماناً " بيت والدته " التي لم تعرفها أبداً إلا من خلال حديثه عنها إذ كانت تصر ألا تورط نفسها معه في علاقات أسرية !!
همست بصوتٍ مرتعش " من تقصد ، هل ابنتي في خطر ؟!"
تابع راشد حديثه بنبرة غريبة " انتظرني في الخارج ، وحدث شيماء مرة أخرى ، واستفسر منها ربما تعلم شيئاً أو اتصلت بها ، وأحذر أن تكشف لها عن ما يجري !"
أومأ موافقه وهو يحدق في نفس العينين بلون البنفسج ، ليتلوى قلبه بقسوة الإدراك واليأس ووجع الفقد " أين أنتِ ؟ إن لم استغبى معكِ كنتِ لجأتِ لي كعادتكِ !"
عندما انصرف خالد استطاع راشد أن يلتفت للمرأة التي تكاد تنهار في وقفتها ... ثم نطق أخيراً بتصلبٍ قاسي " ابنتكِ ضاعت يا جوان ما دفعتني لفعله لحمايتها منذ خمس عشر سنة هُدم ، واحذري الفضل لمن في فقد كلينا إياها ؟!"
تصاعدت الهستيريا بداخلها على الفور وهي تهز رأسها بعنف برفضٍ شديد وصرخت فيه " لا تقل هذا ... أنت تخيفني فحسب ، سَبنتي لديك آمنة مطمئنة كما وعدتني !"
قال بجمود " كانت أمنة قبل أن تظهري أنتِ في طريقها ، برعونتكِ وغبائكِ ... أنا لا أعلم اين هي لقد هربت بعد أن علمت بكم القذارة التي بدأت أنتِ بأخبارها إياها !"
وضعت يدها على قلبها تضغط عليه بعنف علها توقف ذلك السكين التلم الذي انغرس هناك ينخر في وتينها دون رحمه " تكذب ؟!" همست بضياع بتوسل أن ينفي ما يقول أن يخبرها أنها مازالت بين جدران بيته وحمايته
" تكذب ، أنت لن تسمح بأن يمسها أذى ، كنت اراقبك لأعوام ، استمع منه عن حمايتك الشديدة الغير قابلة لثغرات تهددها !"
قال راشد واجماً " لم آتي لدخول حديث فارغ معكِ ، لقد ظننت أنها أتت لتحرقكِ بالتحطم الذي فعلتيه بها !"
هبطت دموع جوان على الفور تشهق بوجع الخسارة تنظر إليه بذات التوسل أن ينفي فقدها !!
اقترب راشد بتحفز ناحيتها لتشعر بالخطر أكثر ، بالرعب والخوف من أذيتها إذ لن يحتج الأمر منه أكثر من صفعة غاشمة ، لوأدها حية مكانها ... ثم همس بتصلب " لماذا أفهمتها أني أنا من غدرت بكِ ، بأني أبوها الذي تنكر لها يا جوان ؟!"
فغرت فمها بذهول ثم تمتمت بتقطع مرتعش " ما. ماذا ؟!"
" هل كان هذا انتقام طفولي مني لرفضي مساسكِ بها ... إذ كان هذا لا يبدو منطقياً ... ما الذي كنتِ تنتظرينه أمنحكِ إياها بوداعة متغاضياً عن أسئلة الناس ، عن موقفها الشرعي والقانوني بوجودها مع امرأة عاش صادق الأمير لإنكارها من العالم أجمع ،لإخفاء أثرها بعد ذلتها وعارها ؟!"
حدقت فيه بصمت ودموعها الغزيرة تنهمر حاجبة الرؤية من أمامها شاعرة بان كل كلمة منه تصفعها بإذلال وانحطاط لا يحتمل ... لا راشد الراوي لم يكن يحتاج لإيذائها جسدياً إذ أن وجوده أمامها بهالته تلك ، بحديثه المفعم بدحره إياها نحو نقطة عميقة وتحويطه إياها في أسفل الدرك كانت كافية لقتل المتبقي منها ... همست بشحوب صعب من بين أنفاسها " أنا ... أنا لم أخبرها أبداً أنك أبوها ..كل ما قلته أني لعبة بين أخوين ، بأنك رضيت بعد توسلي إياك أن تحميها من أبي ، بأنها تشبهك وتشبهني ... رباه !!"
هتفت بذعر وهي تحدق فيه بعينين شبيهة بجثة باردة فارقت الحياة ... الهلع يتصاعد بداخلها وهي تعيد على عقلها الغبي كل جملة صاغتها لابنتها دون تفسير لتصل لنتيجة واحدة : هي لم تذكر عزام قط في معادلة أبوتها !"
كممت فمها بكلتا يديها تكتمت صرخات قهر متتالية تريد أن تفارق صدرها لتشق عنان السماء ربما أحد يشعر بها يتعاطف معها ، يتفهم جنون اندفاعها " رباه ، لا مستحيل أنا لم أقصد ... لم أقصد وجعها في الشيء الوحيد الثابت في حياتها المظلمة !"
قال راشد بقسوة " ولكنكِ فعلتِ ، دفعتها لتحطيم حياتها ، اتهام نفسها في شرفها أمامي لتنتقم مني ...لتشبه انحطاطكِ يا جوان حتى أدرك أن الابنة سر أمها !"
ألقت بكل حملها على الجدار وهي تبكى بحرقة تنعي كبريائها الجريح ، ذلها الذي يتعاظم مع كل حرف ينطق به !"
التفت راشد ناوياً المغادرة وهو يقول " ليس لدي وقت على كل حال لسماع أسبابكِ الحقيرة ... لدي من هي أهم سأجدها مؤكد وهذه المرة سوف أحرص على عدم لمحكِ حتى طيفها !"
قالت جوان بنفس ذعر منهك ببكائها الهوس " لا تكن بهذه القسوة ، أريد رؤية ابنتي ، الاطمئنان عليها !"
كانت إجابته مرعبة إذ أنه أخذ يخبط على الباب الخشبي بكلا قبضتيه بعنف ، بقهر وتوحش ... ثم التفت إليها وهو يقول بصوتٍ أتى من أعمق درجات الجحيم " أخبريني ما الذي يمنعني الآن من دق عنقكِ ، من ذبحكِ يا جوان كما فعلتِ مع مجرد طفلة بريئة لم تعرف من قسوة العالم شيء ؟!"
ارتعشت خائفة تحدق فيه بحذر قبل أن تقول " أنا أشلاء بالفعل يا راشد لن يضير سلخي حتى ، لن أشعر ... إذ كل ما يعنيني الآن هي !"
للحظات نظر إليها من تحت ذراعه الممدودة أعلى رأسه مستندة على الباب ... ثم قال أخيراً بنبرة مرعبة " جيد ... أكثر من جيد يا جوان أنتِ من حكمتِ على نفسكِ وعليه إذاً بحكمي النهائي !"
إذا كان رأى الخوف والذعر يتلبسها منذ اقتحامه منزلها ... ما يبدو له الآن شيء أكثر وحشية من أن يصفه أو يصيغه بكلماته ... لقد كان أمراً يشبه الانصهار والذوبان في مكانها وهي تقول بتحطم هيستيري غير مترابط " نضال ... تعني نضال ، أنت هنا لكشفك إياه وليس لبحثك عنها ...لا أرجوك أفعل ما تريده بي ...لا تقترب منه لا أستطيع خسارته !"
مال فمه المذموم بشيء أشبه بابتسامة قاسية وهو يهمس بخفوت شرس " أنتِ تهتمين لأمره إذاً وليس مجرد مستخدم اشتريته بالمال ... تعلمين في عالمنا هم كُثر نستطيع إيجاد بديل عنهم سريعاً !"

هتفت في وجه بقوة صدمتها هي بالأساس إذ أنها لم تتخيل يوماً أن تنطق بحقيقة رابطها معه دفاعها عنه أمام أحد ... إذ أن حتى أمر زواجها منه نضال من تولى زفه لأبيها " هو زوجي يا راشد ... الرجل الوحيد الذي عرفت وحماني بكل ما يملك من قوة ... لا تحاول التقليل من شأنه أمامي !"
توسعت تلك الابتسامة الجانبية المريبة وهو يقول بعينين مظلمتين " لم أكن أقلل من نضال يا جوان بل منكِ أنتِ إذ أن لجوئكِ للزواج صدمني قليلاً نظراً لماضيكِ !"
صرخت ... صرخة طويلة مقهورة " تووووووقف ... تعلم جيداً أني لست كذلك !"
اعتلت ملامحه نظرة لم تفهمها وهو يتمتم " ما عدت أفرق بين ما أنتن عليه من عدمه ، لقد افسدتكن الحرية الغير مشروطة !"
نفض رأسه معيداً جل تفكيره في ابنته المفقودة ... ثم اعتدل أخيراً يسحب هاتف من جيبه ، هاتف تعرفه يقيناً فيزيد جنون الخوف بداخلها وهو يفتحه على شيءٍ ما ليكبر ... ثم يتركه على طاولة بجانب الباب وهو يقول بصوتٍ جمد الدماء في عروقها " لديّ شيء يخصكِ ، ولديكِ أمراً ملحاً أريده ، أعلم أنكِ ستأتين لي في أقرب وقت ... إن منحتني ما أحتاجه ، سأعطيك ما تطاردينه يا جوان !"
ثم غادر دون تردد ... دون أن يفسر معني جملته المبطنة ... بقدمين لا تحملان ثقلها تقدمت تلمس هاتف نضال الذي تركه راشد ، بأنامل ضائعة تحدق في الهاتف وأنفاسها تتصاعد مرة أخرى بشكل موجع تلهث بعنف وهي تفقد صوتها الذي حُجز هناك داخل حنجرتها المذبوحة ...
" لقد كان نضال يتدلى من ذراعيه في سقف غرفة مظلمة قدميه مرتفعاً عن الأرض عدة إنشات للتمعن في تعذيبه ... بينما وجهه تنزف منه الدماء حتى غطت على ملامحه !"
انهارت على رحاب الأرض لتحتضن جسدها المدمر كما نفسها تهمس بضياع ومرارة " الاثنين في ليلة واحدة ...لا أستطيع فقد كليهما مرة واحدة ... لماذا أنا يا الله ... لِما أنا ألم يكفي ندمي وتذللي لك لتغفر خطيئتي ؟!"
......................................
هتفت نوة بشحوب يكسو نبراتها " أخبريني مرة أخرى ، ماذا كان رد فعل أبي القاسي يا أمي ؟!"
تمتمت منى من بين دموعها " قرر قتلها أخيراً ، رميها لذلك الكلب بحجة تهذيبها !"
قالت نوة باستنكار " ومن منحه الحق ليفعل ... إذا كان هو المذنب الأول في كل ما يجرى معها ؟!"
ثبتت عينا منى الزرقاوين بجمود على غرفة بدور التي اختفت بداخلها منذ ما حدث مع ياسر ، موقنة أنها لا تختبئ بكسرة أو إذلال بل بكل غباء العالم تخطط لشيءٍ ما رداً على ابيها !! ثم قالت أخيراً " للآسف هو الوحيد الذي يملك كل الحقوق بعد أن فشلت أنا وأنتِ وشذى في مد العون لها ... أخبريني كيف كان لأبيكِ أن يقف صامتاً وهو يسمع بأذنيه ويقرأ بعينيه ما تناقلته الصحف ومجالس النميمة على الفور في عرض أختك ؟!"

أغلقت نوة جفنيها بألم وهي تهمس " وهنا يأتي سؤالي الملح إذ أنها ترفض تماماً الإجابة على رسائلي ومكالماتي ... لِما فعلت بنفسها هذا ، أنا أعلم يقيناً كيف تقرف من هذا القذر ، تكره محاولته الدنيئة في مطاردتها ؟؟!"
قالت منى بمرارة يائسة " لا أعرف ... أنا لا أعرف إلا أني فقدت جميع بناتي يا نوة ، أمكِ ترقد الآن بين الحطام ، وتجهل بعجز كيف تنتشل أشلائهم !!"
القلق عصف بنوة بطريقة مذهلة وهي تسألها بحذر " ما بها شيماء ... هل حدث أمرٌ آخر مع ذلك الفتى ؟!"
اختنقت منى بغصة بكاء أخرى وهى تقول بانهيار " شيماء في حالة مغلقة مجهولة ، عادت مرة أخرى الطفلة العاجزة الناقصة وكأنها في لمح البصر فقدت جميع ما بنيته معها لأعوام فأصبحت حتى تجهل كيف تعين نفسها لترتدي ملابسها بالطريقة الصحيحة ... لقد استسلمت يا نوة وترفض المقاومة والتعايش !"
همست نوة بأنين " رباه !"
قالت منى بوجع أشد متردد " و و ... سَبنتي ابنتي يا نوة لقد حطمتها بيديّ ارتكبت ذنب عظيم في حقها لن تغفره لي أبداً !"
أسرعت نوة تسأل " رباه أمي ... ما الذي تتحدثين عنه ؟!"
شحبت ملامح منى وهي تهمس بضياع " ليتني أعرف ...لا علم لي بما يحدث معها ... أنا أجهل حتى لماذا أخبرتني بذلك الأمر البشع ثم عندما التقطت الطعم وحطمتها ...عادت تنفي بقوة طاردة إياي من حياتها ... يا الله أنا لا أعرف ... لا أعرف إلا أني خسرت كل شيء !"
صمتت نوة تحاول دحر رعبها هي الخاص حتى تعرف كيف تحتوى أمها التي لأول مرة في عمرها تراها تفقد كل ركائز حكمتها وعقلها عن مجاراة الأمور وتحليلها ... ثم قالت بتشدد " إن ربطنا الأمور ببعضها أمي قد نصل لنتيجة موفقة !"
هتفت منى بعصبية " تباً يا نوة لا أريد ربط شيء ... فقط كل ما أرغبه هو إبعاد أنياب أبيكِ عن أختكِ ... أن أقتحم غرفتها الآن وأضربها بكل قوتي كما كان يجب أن أفعل منذ زمن طويل ...علها تتعقل تفوق مما هي فيه ، أن أبعد ذلك الوغد عنها ... رباه هي لا تدرك حتى بأن كل ما تفعله سينعكس يوماً على صغيرها الذي لن يغفر لها أبداً أفعالها !"
قالت نوة " أمي أرجوكِ إهدائي أنا أكثر رعباً منكِ ...لا أنفك أفكر كيف أخبر بدور عن حقيقة ذاك الشيطان ، عن خبث نفسه وقبحها ... ولكن . ولكن يا أمي ضميري يوجعني يعذب إياي إذ أننا إن فعلنا سندمر حياة سَبنتي إلى الآبد بدور غير أمينة بعد على هذا السر !"
تكورت المرارة بطعم العلقم في حلق منى وهي تقول " لقد فكرت بأخبارها وأبوكِ منعني في اللحظة الأخيرة ... والآن وأنا أفكر ببعض التعقل أجدنني في مفترق الطرق الشائكة ... إن أخبرت بدور سأحطم سَبنتي التي خذلتها بالفعل ... وإن صمتت سأقضي على حياة ابنتي لصالح ربيبتي ، فأخبريني ما الحل ؟!"
أخذت نوة نفساً محترقاً صعب ثم قالت بحرص " منذ أسابيع حدثتني بدور تسأل عن جوان يا أمي رابطة إياها براشد ...هل تظنين أنها علمت بشيء هل تعتقدين أنها تفكر كما كانت تلوح دائماً بأن سَبنتي ابنة لراشد ؟!"
توسعت عينا منى للحظات ثم عادت تلك الظلال تحجب عن عقلها التفكير السليم وهي تهمس ببداهة " وإن كانت ... ما دخل هذا بالجنون الذي فعلت بالحقارة التي أقدمت عليها ... أختكِ ليست طفلة لتحطم نفسها مع عزام لمجرد ظنون ... إذ أن حتى لو سَبنتي ابنته فهي كانت قبل أن يراها راشد في الصورة حتى ؟!"
لم تقتنع نوة تماما وهي تهمس " بدور لا تفكر بمنطق يا أمي مثلنا ... إذ أن شماعتها الباهتة التي تدعيها بأنها امرأة مغدورة في الحب تشل تفكيرها !"
غفلت منى تماماً وسط ما يحدث من مصائب متتالية عن اعتراف سَبنتي المتواري بحقيقتها ... حُجب عن عقلها الغائب تماماً وهي تقول بتعب " حتى وإن كان يا نوة ... لا أستطيع منح أبيكِ قبل بدور السكين التي سيمزق بها سَبنتي دون رحمة كما فعل مع ذلك الفتى نزار من قبلها ... إذ أنه سيفعل أي شيء ...أي شيئئئئئئئئئئئئ لإبعادها عن خالد !"
ابتلعت نوة ريقها الجاف وهي تقول " راشد سيحميها ... ولكن بدور من سينقذها من نفسها ؟ أنا لا أملك تلك النزاهة أمي لأرقب أختي تضيع فقط من أجل سر الصغيرة !"
قالت منى بخفوت " هل أنتِ جادة ابنة جوان يا نوة ، تلك التي توسلتكِ أن تُبقي عينيكِ عليها دائماً وتحميها معي ... ستقدمين على ايذائها ..........هل تريدين مني الإخفاق مرتين في حمايتها ؟! "
لم تملك نوة ثباتها أكثر وتركت أخيراً لدموعها العنان تجهش في البكاء بحرقة العجز ... وهي تقول " لا أستطيع ، رباه الاختيار بينهما موجع ... ومن السبب ذلك الأفعى الذي تركه أبي يحوم حولها بحجة السيطرة عليه ... ها هو ينبش أنيابه ويبخ سمه أخيراً !"
" أجدنني عاجزة حتى عن لومه ... بدور تمادت لوقت طويل في أفعالها ، فقدت قدرتها على السيطرة على جماحها عزام ما هو إلا وسيلة استخدمتها بكل إرادتها !"
قالت نوة بيأس " أعجز عن إخباركِ الآن بأي شيء أشعر أن عقلي يتوقف عن التفكير ... ولكن أنا آتيه أمي ... سأذهب بنفسي للوحيد الذي في يده إيقاف تلك المهزلة بأقل عدد من الضحايا !"
احتقن وجه منى وهي تقول ببؤس " لن يستمع لكِ ... لقد نجحت هذه المرة في كسب حقده وكرهه !"
قالت برجاء " سيستمع لي ... أنا أعرفه جيداً سيقدر تنازلي وتوسلي إليه بعد كل سنوات القطيعة بيننا ... راشد لن يخذلني !"
أصدرت منى صوت من صدرها أشبه بضحكة بؤس وهي تقول " ولماذا لم يقدره أحد منكم عندما حاول بكل جهده أن يطلب عونكِ وشذى في لملمة بقايا أختكِ ... جميعكم لم تدخروا جهداً في رفضه وخذله فلن يصدمني إن تجاهلكن مزحكن من طريقه يا نوة .
...............................



أتكئ راشد على سياراته وهو يسحب من جيبه علبة سجائر يشعلها بيدين مضطربتين يمج منها بتواصل وعينيه تحدق في ظلام الليل أمامه بقلق يستنفذ من طاقته الكثير
" لم أعرف أنك مدخن ؟!" قال خالد وهو يتكئ بجانبه يحدق في نفس النقطة المفرغة أمامه " لا أحد منكم حاول يوماً أن يعلم عني شيئاً إلا صورة رُسمت في أذهانكم ورفضتم التخلي عنها !"
تابع جملته بمد يده في دعوة أن يشاركه ...
هز خالد رأسه رافضاً كما توقع ثم قال " هل سنقف هنا عاجزين ؟!"
قال راشد بوجوم ساخر " هل أخبرك أحد أني بطل خارق سأطلق أشعة عيني السحرية لأحدد مكانها ؟!"
أحس بالنار تتقد في صدره رافضاً وقوفهم العاجز هكذا وهي في مكان مجهول الله وحده من يعلم ما تواجهه !"
قال بصعوبة " مرت نصف ساعة منذ اتصالك بصديقك الشرطي هذا ... حدثه مجدداً ربما وجد شيئاً !"
تشنج راشد وهو يقول بنبرة مغلقة " قلت بنفسك تجيد الاختباء ومع حالتها الراهنة ... أنا أوقن أنها في مكان يصعب على أحد توقعه ... سَبنتي تتمعن في إيذائي وحدي ، هذا هو عقابي الآخر منها شعور الجهل والعجز ، هي فقط أرتنا جميعاً مدى هشاشة أنفسنا ، حطمت خيوط بيت العنكبوت الذي نعلمه عن يقين وكنا نتجاهل ضعف بنيانه لوقت طويل جداً !"
بدا خالد شارداً للحظات عن كلمات راشد التي اكتشفها منذ لحظة ضمها إلي صدره ... إذ أن ما يعصف بتفكيره شيئاً آخر يتمحور حول قرار بدور المدمر ، والذي اخبرته عنه شيماء متهامسة بعد غيابه يوم وليلة عن منزلهم الذي تقام فيه الآن الحرائق ... ثم نطق أخيراً بتساؤل منطقي " بدور كانت سعيدة جداً بطفلها ، تخلت عن غباء الخمس أعوام ، وبدت لشهور قصيرة مرتاحة جداً معك ، حتى ظننت أنك قد تعيدها أخيراً مصلحين علاقتكما !!"
أطلق راشد تأفف سأم لم يهتم خالد وهو يعتدل ليوجهه ثم قال بحيرة " لماذا أخذت قرار أحمق كهذا وفي هذه الليلة تحديداً التي قررت سَبنتي أيضاً الضرب فيها بعنف ... ألا يبدو الأمر مريباً ؟!"

اخفض راشد رأسه ينظر لتحت قدمه للحظات يومأ برأسه برتابة وكأنه يقيم أمراً ما في عقله ... ثم رفع جفنيه ينظر إليه بتمعن وهو يقول بهدوء غريب " هذا كان عقابي الأول من سَبنتي ... هل أخيراً استوعبت ؟!"
توسعت عينا خالد بذهول وهو يقول " هل تقصد أنها ...؟!"
" نعم ، أنها !"
امتقع وجه خالد بقوة ثم قال بعصبية " إذاً يجب أن تعلم ، لن أسمح بتحطيم حياتها فقط لتستمروا أنتم في كذبتكم !"

نفخ راشد بغيظ عارفاً أن حماية خالد الزائدة ستجعله يفقد كل خيوط اللعبة التي أجاد رسمها في رأسه فأجبر لمهادنته وهو يقول بنبرة ناعمة خبيثة لم يتبين خالد فحواها " سأعود لأخبرك أن حالة سَبنتي الراهنة ، تستدعي عدم إخبار أي مخلوق بأنها تعرف بأبوة عزام لها ... دع الأمور مستترة لبعض الزمن حتى أعيد سيطرتي عليها ... وبعدها سأتركك تخبر بدور في الوقت المناسب !"
نظر إليه بتشكك ثم قال " هل تعد ؟!"
أومأ راشد بهدوء دون أن يطلق وعداً منطوق ، إن فعله سيكون مجبر لتنفيذه ...ثم وضع يده علي كتف خالد يضغط عليه برجولية وهو يقول " أعتمد عليك يا فارس الراوي ... بعد أن ضرب الجميع في ظهري بالغدر والخيانة !"
بعينين مشوشتين وبشعور بحت بالضياع كان خالد يهمس بتأكيد أنه على قدر تلك الثقة ... سيصمت حتى يحين وقت الحديث ، حتى لا يغدر بالمفقودة المغدورة دعسوقته !"
طال الصمت لدقائق بينهم ... حتى قطعة رنين هاتف خالد المُلح
فقال " إنها أمي ... لا تنفك تتصل منذ الصباح وأنا عاجز عن الرد عليها حتى لا تعرف ما يجرى !"
" أجبها قد يكون لديها أي خبر يريحنا !"
استل هاتفه وهو يسحب نفساً آخر مهدئ به أنفاسه باحثاً في عقله عن كذبة يخبرها بها لسبب اختفائه عنهم ... ولكنها لم تمنحه الفرصة وهى تقول بقلق " حارس المقابر أخبرني عن وجود فتاة ذعره تتلحف بقبر عمك و زوجته ... خالد هل تعرف أين سَبنتي الآن ؟!"
.................................................. .......

الفزع والخوف الشديد الذي تلبسها منذ حل الظلام بأنيابه الحادة كان ينهش فيها دون رحمة ... صرير مرعب كان يأتي من تحت عقب الباب الحديدي الذي أُغلِق عليها ،
رياح عاتيه بصوت زئير مبهم مع همسات خافتة لشياطين تحيطها تخبرها داخل أذنيها عن إجابة السؤال المُلح الذي أتت تسأله لبلال الراوي بنفسها هنا في هذا المكان الذي كثيرا ما صحبتها إليه السيدة منى متمعنة في حبك الكذبة عليها معلقة قلبها الطفولي البريء اليتيم بحب أب وأم وهميين لها ... بأسفهما لتركها باكراً جداً دون منحها من حنانهما ... لتكشف بالنهاية أن هذا الأب البطل الأسطوري ما كان إلا أداة ذبحت كيانها ، مجرد أناني فضل حماية ابنه هو ، تبرئة ابنه هو ومنح ابنه هو كل الحياة الرغدة التي يعيشها دون خوف أو قلق بينما هي ستعيش لما تبقى من عمرها منبوذة مكروهة متهمة دون ذنب فعلته في أحقيتها في الحياة مثلهم ... هي وجوان لا شيء أمام المدعو عزام " عزام أخيها الجاف ... ذلك الرجل الذي يرعبها من مجرد النظر إليه ، الأخ الذي يكرهها ينفرها هو أباها الخسيس !"
كتفاها كانا ينتفضان برهبة وهي تعود تنكمش أكثر على نفسها متكورة بشكلٍ مؤلم حتى توحدت مع ذلك القبر الذي تدحر نفسها في جدرانه " لقد قالت تلك المرأة أنها دُفِنت حية في مكان مشابه ، هل ذلك الخوف الذي يحطمها يُخرس لسانها الذي عجز عن التفوه بحرفٍ واحد هو ما شعرت به ؟! تُرى هل رأت تلك الهياكل العظمية التي تقترب منها الآن بكماشات حديدية مشتعلة بالنار .. محاولة تكبيلها وجرها لعالمهم ... هل يا تُرى شعرت مثلها بفقدان أحبالها الصوتية وسقوط شفتيها حرفياً من وجهها ، مصابه بفقدان النطق التام !
عيناها المتوسعتان المرعوبتان كانتا تراقبان ما حولها بتلفت سريع وخاطف وكأنها شبيهة برأس بومة من ساكني المقابر ... بينما سؤال مريح في إجابته يسطع في عقلها " أتستسلم لتلك الشياطين ... أتلبي طلبهم العطوف جداً وتذهب معهم لعالم الأموات علها ترتاح من ذلك المرار ... علَ ذلك الفزع الرهيب يحل عنها إن أصبحت واحدة منهم كما يطالبونها ؟!"
أنفاسها كانت تتلاحق ونبضات قلبها العنيف كانت تفعل بها أشياء لم يسبق لها الإحساس بها لتُعرفها بمعاني مفهومة عندما تحركت يديها تصارع شيئاً يحاول تكبليها يسيطر عليها يصارعها ليتغذى على روحها الثمينة وقد أتت لهم بقدميها كما يستمروا بالوسواس داخل أذنيها " لا ... لا ابتعدوا عني !" صرختها خرجت أخيراً محملة بالأهوال بالتوسل الذعر بالقتال الشرس وكأن الادرنالين الذي اندفع في عروقها بتدفق الخوف يمنحها قوة ألف رجل لتهزمهم ... وآنت ؟! آنت بصوتٍ مجروح وبعينين لا تريان حقيقة تلك الأشباح الضخمة التي تحيطها محجوبون داخل ضباب معتم يحجب الرؤية عنها لتدرك واقعها إذ أنها كانت محبوسة داخل عالم سكان الليل !
لم تستوعب حقاً أن ذلك الشبح الذي احاطها ما هو إلا راشد الذي كان يحاول ضمها إلى ذراعيه بعجز ... يحاول تكبيل كفيها اللذان نهشها وجهه وضربا على صدره مقاومة إياه ... تركها للحظة واحدة وهو يراقبها بوجع تزحف مستندة بيديها على الأرض الترابية للوراء ... تحدق فيهما بهلع دون أن تتبين ملامحهما حقيقة " لقد ضاعت ... ضاعت منه ابنته دون مبالغة في الوصف هذه المرة !"
كانت غمامة تلف عقل خالد وهو ينهار و يزحف على ركبتيه يتبع ابتعادها عنهما ...ظلال تشبه ما تعانيه كانت تحط على روحه فتكاد تسحبه من الواقع مثلها ، ليستطيع أن يلج داخل فقاعتها التي سرقتها منهما ... متقطع الأنفاس ، فاقد كل منطقه وتفكيره كان يفعل الشيء الوحيد الذى ينقذه دائماً من عتمته ... شفتيه أخذت تهمس بآيات قرآنية بصوتٍ بالغ الخشوع والتضرع بدا يرتفع شيئاً فشيئاً ليكسر تلك الهوة السحيقة مادا إليها بحبال موثوقة التقطت طرفها أخيراً بتوسل النجدة ... لتبدد خلال لحظات بوتيرة بطيئة أشباحها التي تحيطها واحداً تلو الآخر ... مودعة وسواس شياطينها تباعاً ... كفها المهتزة تمتد بحذر وبطء نحوه وكأنها ترجوه أن يأخذ بيديها ليسحبها من درجة الجحيم السابعة البعيدة ... و نطقت أخيراً هامسة باسمه بتضرع شديد وكأنه ملاك ما أرسل إليها لينجدها منهم واعدها بالجنة !!
" خالد ... خالد ؟!"
ترقرقت دموع في عينيه وهو ينعزل أكثر فأكثر عن العالم أجمع يحدق داخل عينيها مدفق إليها الطمأنينة وكأنه يطبب على روحها يدفع إليها مزيد من السكينة ، يخبرها بهمساته القرآنية وبعينيه اللتان احتضنتا حدقتيها بإحاطته الكاملة بها بأنه معها داخل عالمها الغير واقعي أتى ليعيدها إلى عالم الأحياء ولن يتخلى عنها أبداً ...
واحدة واحدة وبوتيرة سينمائية متمهلة كانت تقترب منه بنفسها ... يديها تمتد امامها بتخبط حتى استراحت أناملها تتشبث بذراعه تسحب نفسها إليه مقربه جسدها منه ، وكأنها اخيراً تخرج من داخل أهوالها دون أن يحاول لمسها مكتفياً بهالة جسده التي إحاطتها ... محتضنها بداخله بقسوة الخوف والفقد اللذان عانهما لساعات حتى دون أن يضع إصبع عليها ... كان يبتهل إلى الله بداخله بينما فمه يرتل في آيات من سورة التكاثر اتبعها بآيات أخرى محصنة ... جاعلة إياها تسكن إليه تغلق عيناها أخيراً بهدوء شديد وسلام بسيط ، بينما كفاها يستندان إلى صدره الذي كان اشبه بقطعة من هلام في حضرتها " كنت أعرف أنك ستجدني !"
نطقتها بهمس مبحوح آخر منهكة الروح منزوعة القوة ثم سقطت رأسها على صدره ليلامس شعرها المشعث أسفل ذقنه وكأنها تلقي عليه بجميع حمولها الثقيلة التي لم تحتملها كتفاها الضعيفة ... لم يشعر بنفسه وتلقائياً ساعده يلتف أخيراً ليحيط هشاشتها بقوة ، وجهه ينخفض ليدفنه داخل غيمتها الكستنائية ...شفتيه تلثم رأسها ... ثم همس بخفوت واعداً " دائماً حبيبتي ، دائماً سأنتشلكِ !"
لم يعلم كم مر من الوقت على حالتهما تلك فقط كان مكتفي أخيراً بوجودها هنا على صدره ... ثم تبدد كل سلامه بشعور موجع رغماً عنه عندما تدخل راشد مغلق الملامح ليزيح ذراعه بعيداً عنها مستغلاً دخولها في تلك الغيوبة مرة أخرى ... غيوبة يشعر هذه المرة ألا قومه منها ! ضمها إليه رافعاً نفسه ومبتعد عنه مغادراً المكان بصمت مطبق لم يتبادل أحدهم أية كلمات ... فقط غادره تاركه هناك جاثياً على ركبتيه في عالم الظلام الذي يبدوا انه وكل إليه إضاءته وحده ... ولكن كيف السبيل ؟!"
.................................................. .....


انتهى

قراءة سعيدة




‏‫
[/color]


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-19, 11:17 PM   #1434

theredrose

? العضوٌ??? » 286136
?  التسِجيلٌ » Jan 2013
? مشَارَ?اتْي » 805
?  نُقآطِيْ » theredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond repute
افتراضي

اثبات حضور هقرا وليا عوده ان شاء الله

theredrose غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-19, 11:19 PM   #1435

Hoda.alhamwe
 
الصورة الرمزية Hoda.alhamwe

? العضوٌ??? » 456087
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Hoda.alhamwe is on a distinguished road
Rewitysmile25

قشطة نبداء قراءة بقى بسم الله

Hoda.alhamwe غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-19, 11:33 PM   #1436

bella vida
 
الصورة الرمزية bella vida

? العضوٌ??? » 336887
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 404
?  نُقآطِيْ » bella vida is on a distinguished road
افتراضي

مش عارفه اجمع
اطمنت اقرا تاني بقى


bella vida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-12-19, 11:55 PM   #1437

Zozaaaaa

? العضوٌ??? » 427865
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 80
?  نُقآطِيْ » Zozaaaaa is on a distinguished road
افتراضي

💖💖💖💖😱💖💖💖💖💖💖مبددددددد
دعه


Zozaaaaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-19, 12:05 AM   #1438

besomahd
 
الصورة الرمزية besomahd

? العضوٌ??? » 127637
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 391
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » besomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nice
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nor black مشاهدة المشاركة
[align=center]الفصل الثاني والعشرين :
قال نزار من بين أسنانه بسخط " نعم بالتأكيد ، فأنا المغفل الذي سايرته لأشهر تدعي دعمك إياه وأنت تخطط لبيعي مع ذلك المحامي الخائن لقضيتي ... مجرد غر أخذته كجسر لتصل لحبك القديم لأمي أنا !"
نظر إليه جوش باستنكار جلل قبل أن يقول بسخرية لاذعة " بل أنت حمار ... حماااااااار أبيض كبير ، هل تستمع للغباء الذي تتفوه به ، أنها زوجتي يا أحمق !"
صرخ بانفعال ساخط " ليست زوجتك ، أنها أمي !!"


نبدأ على بركة التعليق عليه وأبدأ بالجزء المرفق , أنا قلت إن الفصل ما فيه حتى ابتسامة في نهر الدموع ؟ اعتذر كنت مخطئة ! الحق أنه رغم الموقف المأسوي وغل نزار واتهامه أبوه بمسايرته ثم مساعدة أمه وكأنه كان يريد أن يحكم عليها بالمؤبد مثلا 🤨 لكن كل مناقرة من هذا النوع ( دي مراتي يا واد 😛 لأ دي مامتي أنا وبتاعتي لوحدي 😂) تهلكني ضحكا ! عادي يا نزارو هناء بتاعتك , هناء بتاعته , هناء بتاعتنا كلنا 🤣🤣🤣
مش عارفة أجيبها لك إزاي يا نزارو بس ما هي عشان تكون أمك لازم تكون مراته الأول على الأقل جسديا 🙈 يعني كونها أمك ينفي قطعا أن تكون لا سمح الله البكر الرشيد 🙊أكيد في سنك ده مش محتاج درس بيولوجي ( من أين يأتي الأطفال ) وأكيد كبرت على تصديق انهم يأتون من معلقة سكر توضع تحت السجادة أو بوسة بين الأب والأم 🤪 بلاش بقى جو والدة أبوكم آنسة اللي أنت عايش فيه ده 🙈🙉🙊





besomahd غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-19, 12:11 AM   #1439

رجاب عبد

? العضوٌ??? » 407944
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 54
?  نُقآطِيْ » رجاب عبد is on a distinguished road
افتراضي

وجع قلبى على سبنتى 💔 💔 💔 💔 💔 💔 💔

رجاب عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-12-19, 12:24 AM   #1440

Mai aboelmaged

? العضوٌ??? » 454989
?  التسِجيلٌ » Sep 2019
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » Mai aboelmaged is on a distinguished road
افتراضي

لااا انتهي ايه يا نور بس انا قلبي وجعني علي سبتني اووي صعبانه عليا اكتر من اي حد
الفصل صعب و مؤلم اووي يا نور 😭😭😭💔💔


Mai aboelmaged غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.