آخر 10 مشاركات
كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          لا ياقلب كنوز أحــــــلام القديمة (كتابة / كاملة )* (الكاتـب : أناناسة - )           »          عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          عطر القسوة- قلوب احلام الزائرة- للكاتبة المبدعة :داليا الكومي *مكتملة مع الروابط (الكاتـب : دالياالكومى - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          10-حب وكبرياء - عبير مركز دولي (الكاتـب : samahss - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          96 - لحظات الجمر - مارجري هيلتون - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : عنووود - )           »          1014 - معا إلى الأبد - ليز فيلدينغ . د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          حقد امرأة عاشقة *مميزه ومكتملة* (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-12-19, 10:48 PM   #1491

امال ابراهيم ابوخليل
 
الصورة الرمزية امال ابراهيم ابوخليل

? العضوٌ??? » 383503
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 328
?  نُقآطِيْ » امال ابراهيم ابوخليل is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضور للفصل يا اروع نور😉😘

امال ابراهيم ابوخليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-19, 10:59 PM   #1492

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Arrow

الفصل الثالث والعشرين
ليس الحب فكرة... إنه عاطفة تسخن وتبرد
تأتي وتذهب
عاطفة تتجسد في شكل وقوام
وله خمس حواس وأكثر
يطلع علينا أحيانا في شكل ملاك ذا أجنحة خفيفة
قادرة على اقتلاعنا من الأرض
ويجتاحنا أحيانا في شكل ثور يطرحنا أرضا
وينصرف ...
ويهب أحيانا أخرى في شكل عاصفة
نتعرف إليها من آثارها المدمرة
وينزل علينا أحيانا في شكل ندى ليلي
حين تجلب يد سحرية غيمة شاردة
للحب تاريخ انتهاء كما للعمر وكما للمعلبات والأدوية
لكني أفضل سقوط الحب بسكتة قلبية
في أوج الشبق والشغف كما يسقط حصان
من جبل إلى هاوية ..•~
محمود درويش
.................................................. ..

ودع راشد الطبيب النفسي الذي استعان به بعد أن أدرك احتياجها المستميت لتدخل مختص ... ولكن ليساعدها حقاً فهو يحتاج لأجوبة شافية وصادقة ... وبعد صدمته التي لا ينكرها في كل من حوله هادمة ثقته في البشر لم يستطع أن يشرح له حقيقة ما تعانى منه صغيرته ... غير انها بالطبع منذ ما حدث من أيام دخلت في فقدٍ تام لمحيطها ... حتى انهم أجبروه لوضع مغذيات عبر أوردتها تبقيها على الحياة ...
" ألا تريد أن تخبرني بما حدث ... ما قاله خالد عن شجار نشب بينهما كعادته مؤخراً لا يقنعني " قالت السيدة منى بصوتٍ مكتوم بعد ان قدمت إلى هنا بدافع أمومي نحو ربيتها والتي رفضت أيضاً التفاعل معها ... بل فور أن افاقت لدقائق معدودة تنظر إليهم بتوهان صرخت بنبرة مرعبة رافضة بشكلٍ مستميت وجودها حولها !"
رد راشد باقتضاب " أنتِ محقة ، خالد كذب ... ولا لن أخبركِ بما يجري !"
رفعت منى رأسها تحدق فيه بخيبة أمل وهي تقول " ظننت أن ما بيننا هي علاقة شديدة الثقة يا راشد لا تقبل الاهتزاز !"
فرك جبهته بنوع من العصبية وهو يقول " وأتضح أنها ليست كذلك ... من الأفضل للجميع وضع في اعتباره أني وسَبنتي منذ اليوم غريبان عن بيت الراوي !"
سألت بنوع من الهدوء " ماذا تعني ، أنا لست امرأة صغيرة أو محدودة التفكير لأعرف أنك تخطط لأمرٍ ما يخص سَبنتي ؟!"
ادار ظهره لها في نية واضحة أنه لن يمنحها ما تريده من حديث مكشوف بينهما وهو يقول بخشونة " دعينا نقل أني أنوي أن أصحح جرم ارتكبته يوم أن نفذت وصية أمي بوضعها في عهدتكِ !"
اغمضت منى جفنيها بألم مبتلعة إهانته المبطنة ثم قالت " أنت لا تملك الحق في ابعاد ابنتي عني !"
أطلق همهمة ساخرة مسموعة لها أوجعتها أكثر وكأنه يذكرها بما صدر منها في حق صغيرته ثم قال بنبرة جامدة غامضة " بلا ، أنا أملك حقوق كثيرة كنت أرفض استخدامها ، ولكن جميعكم من دفعتموني لها !"
انتفض راشد عندما أمسكت منى بذراعه ... فأدرك بأنه كان ينتفض بحدة الغضب واليأس المكتوم الذي لم يخرجه مفرخه بعيداً عن صدره حتى اللحظة ثم قالت " دعني أخفف عنك ، أرشدك لطريق نفسك السوية ، قبل أن تفعل شيئاً ليس من شيمك كما كنت دائماً بعد والدتك !"
أفلت نفسه منها برفق ... ثم قال مقتضباً " أنت لا تعلمين ما هي نفسي السوية زوجة عمي ... فأنا رجل الأعمال القذرة لعائلة الراوي ، وللحقيقة لا أنوي بعد الآن التخلي عن هذا المنصب !"
اسقط بيد منى غير عارفة ما تقوله لا تجرؤ أن تتحدث معه في أمر بدور إذ أنها تعلم أنه ما عاد يحق لأحدهم جلب سيرتها أمامه أو طلب عونه مرة أخرى !"
تمالك راشد نفسه وهو يقول بصوتٍ أجش " سَبنتي رفضت رؤية خالد أيضاً حتى بعد أن سمحت له أنا بزياراتها لذا كما طلبت منكِ أريد لشيماء أن ترافقها لعدة أيام !"
قالت منى بتوتر" شيماء أيضاً ضائعة ربما رفقتها ليست في صالح كلتاهما ، ثم من أخبرنا أنها قد تتقبلها ؟!"
زفر راشد بقوة قبل أن يلتفت إليها وهو يقول " تفكيركِ خانكِ زوجة عمي ... بل الوحيدة التي ستقبل بها الآن هي شيماء ... فأرجو منكِ إرسالها إن تكرمتِ بعد مغادرتكِ حتى أستطيع أنا الآخر مباشرة عملي مطمئناً !"
"سأبقى معها أنا الأيام المقبلة ، حتى تستطيع أنت التحرك بحرية !"
" لا " هتفها بحسم منهي أية عروض أو مناقشات منها وكأنه يؤكد لها على حقيقة واحدة لا تريد الاقتناع بها ... نزع جميع أفراد العائلة دون تردد أو شفقة من حياته وسبنتي !"
شحب وجه منى من الإهانة الصريحة شاعرة بخنجر مسموم يغرزه في صدرها ... قالت بحرقة مرددة " إنها ابنتي يا راشد ... تعلم يقيناً أن الشجار يحدث عاده بين الأم وابنتها !"
رفع عينيه الحارقتين يحدق فيها بغضب استطاع أن يكبحه من نبرته الخالية من الرأفة وهو يقول " الدعسوقة الحلوة صاحبة البنفسج ليست ابنتكِ ... بل ابنة جوان صادق الأمير ... نزعها من ذراعيها ومنحكِ إياها لا ينفي تلك الحقيقة أبداً !"
توسعت عينيها بالصدمة وهي تقول " هل تستمع لما تقوله ... منذ متى نذكر هذا يا راشد ؟!"
ارتفع طارف فمه بالاستهجان المميت ، ثم وبدون كلمة إضافية كان يغادر منزله صافقاً الباب وراءه بحدة !"
.................................................. .....

كانت تقف بجانب الباب عاجزة عن الاقتراب من محيطه كما أمر بتعنت ... يتقبل ما كان رفض القبول به منها من الأطباء والممرضين ، ما يطلبونه منه في خطوات علاجه بكل هدوء وترحيب ، بمحبة واستماع لنصائحهم !"
لقد رُفِع الحظر عنه الآن ويساعدونه للتحرك بل يُرسل بشكل يومي ليكمل علاجه الطبيعي الذي ينفذه بعناد رغم مشقته على جسده الذي لم يعرف معنى نعمة التحرك منذ عام ونصف محبوساً في سجن فراشه ومقعده !"
راقبت كيف فلتت يداه منه من على الحوامل الحديدة المساعدة لتوازن جسده فأنخلع قلبها معه منتفضاً من مكانها كاشفة عن مكانها المستور بعيداً عن عينيه ... سمعت طبيبه يقول " تستطيع الحصول على المساندة لتجتاز التدريب فقط أطلبها !"
رفع عينيه الميتتين نحوها ينظر إليها بقرف ثم هتف بحزم " لا أريد !"
رأت كيف الطبيب يحرك كتفيه بقلة حيلة وهو ينظر إليها بأسف ! أغلقت عينيها بمرارة عارفة أنه لم يعد يخفى على أحد فعلتها الآن ورفض زوجها أية علاقة بها ودفعها بعيداً ... ولكنها لا تستطيع الاعتراض ولا تملك رفاهية لومه لما يفعل إذ أن جزءاً صغير بداخلها يعلم يقيناً أنها أخطأت في حقه بجرمٍ لا يغتفر !"
بعد ساعات أخرى ... كانت تحاول فيها إنجاز عملها بحرفية مبعدة عن تفكيرها مشاكلها الخاصة ... ناوية ككل ليلة أن تذهب لمنزلها لتحصل على قسطٍ من الراحة إذ أنه يرفض تماماً الحديث معها أو تقبلها !"
ولكن هذه الليلة لم تستطع أن تغادر ببساطة لهذا المنزل الذي أصبح قطعة من الجليد ، يحوي بين جدرانه الوحدة واليتم كما لم تشعرهم يوماً ... وكأن كل الأحداث الماضية والضغط النفسي والعصبي اللذان كانت ومازلت تعانيهما يتمحوران حولها بأشباحهما المريرة ... فقط لو تقدر على الذهاب لبيت أيوب وتطرق بابه ، فقط لو لديها الشجاعة لتواجهه وتخبره أنها تريد ذراعي حمامتها ليدفئا برودة أوردتها ربما يعيدا إليها بعض من اتزانها !"
اخفضت لورين رأسها ببؤس حزين وهي تلصق جبتها على باب غرفته التي وجدت نفسها أمامه دون إرادة منها همست بضعف يمس شغاف القلب " لا فائدة كل الطرق تقودني إليك حتى وأنت تنفرني !"
ابتلعت تكور مرير في حلقها وهي تعقد عزمها ثم تفتح الباب ... ناوية تحمل أية كلمات سامة يوجها إليها ، وأمل بسيط ينتعش بداخلها أنه ربما قد يحن إليها يريدها في إقامته الجبرية وفي حياته الوحيدة الخالية من الأحبة حتى من أخته التي هددها تقريباً إن أخبرتها بما حدث وإجراءه الجراحة ...
فور أن ولجت إلى الداخل كان يأتيها صوته الجامد " عودي من حيث أتيتِ يا " دكتور لوسيرو" لقد أخبرتكِ لا اريد أن ألمح طيفكِ !"
تحاملت على نفسها بقوة وهي تضع على شفتيها الباهتتين ابتسامة من نوع ما ثم قالت " أردت الاطمئنان عليك أو ربما أنا أفتقدك ممدوح !"
بأنفاس عنيفة كان يهس بتحذيره " اخرجي من هنا بكرامتكِ ... بدل أن أهينكِ أمام زملائكِ يا دكتورة !"
خلعت معطفها الأبيض بأنامل مرتعشة ليظهر من تحته بنطال من القماش الملون وبلوزة باللون الأسود ... ثم همست بنفسٍ مرتعش مستخدمة العربية " لم آتي إلى هنا كطبيبة ... بل كزوجتك التي تشتاقك ويكاد يفتك بها القلق لتطمئن عليك ... لتلمسك وتحتضنها كما مضى !"
راقبت ببارقة أنعشت فيها مزيداً من الأمل كيف تلوى وجهه وارتعش جسده وكأنه يتفاعل معها يتذكر عاطفتهما كما تتذكرها ... يحن إليها خارجاً من تلك الدائرة التي وضعهما فيها وأحرقتها !
صمته التام وعدم دفعها بعيداً جعلها تأخذ خطوة شجاعة مقتربة منه أكثر وهي تقول بهمس " أنا لا أمانع في أي عقاب تنزله عليّ ممدوح أعلم أني أستحقه ، ولكنى أتعشم بأنك ستعود تضمني إليك كما تعودت يوماً ... ألم تعدني بأنك ستبقي دائماً تظللني تمنحني كل ما حرمت منه من عاطفة ؟!"
لم يرد أيضاً فقط يحدق فيها بمزيد من الاضطراب المدروس ؟! بمزيد من الدعوة الصريحة لان تخترق حصونه وتهدمها كما تعشمت في تلك اللحظة وصدقت فخه !"
تقدمت أكثر حتى وصلت إلى فراشه جلست على طرفه أمامه وهي تراه يعتدل في جلسته سامحاً لها بأن تدنو منه ... خفق قلبها في وجل عندما امتدت أصابعه تتلمس وجنتها بخفة ، ثم ينتقل ليمسح على عينيها ... أحنى رأسه أمام فمها المصطك " ببساطة تريدين تقبل قدركِ في عقابي يا لورين ؟!!"
فلتت شهقة موجعة من داخل فؤادها وهي تقول " نعم ...نعم أنا لا أريد فقدك "
برفق كان إبهامه يلاحق دمعة فلتت منها قصراً حتى وصلت طرف شفتيها مسحها من هناك برقة وهو يهمس بصوتٍ أجش " وما ادراكِ بما أنوي ، أنتِ لا تعرفين ما أخبئه لكِ بداخلي إنه حارق قاتل محطم لروحكِ ... أعدكِ حبيبتي أن ما سأفعله بكِ لن تجبري منه أبداً !"
ذعر جامح كان يزحف ببطء على كل أحاسيسها مطفئ عقلها ، مسود العالم أجمع في عينيها ، مغطي حتى على لون الحداد الساكن في حدقتيها ... أكمل ممدوح ببطء " أنا سارق أرواح يا لورين ، أجد متعة سادية في انتقامي مِنِ مَن هن أضعف بكثير من شخصي ... الهلع الصافي الذي أراه في عينيكِ الآن هو ما يغديني دافعاً لي نشوة لا تقارن حتى بليلة ساخنة بين ذراعيكِ !"
جف حلقها بدافع الخوف وتصلبت سائر أطرافها جزعاً وهي تحدق في عينيه التي شعرت لوهلة بالشيطان يلوح براية حمراء منهما وكأنه رجل آخر بالفعل لا تعرف ... حركت رأسها بصعوبة شديدة يميناً ويساراً وهي تقول " صوت غضبك مني هو من يتحدث ... حبك لي سيمنعك من إيذائي !"
لم تتحرك عضلة واحدة في وجهه الغامض لا انفعالات لا مشاعر فقط ابتسامة برية يتنازع بينها رفقٌ خادع ونعومة افعوان سام يخدر حواسها لتبقي بين ذراعيه ثم هس أخيراً بخفوت " هذا صحيح حبيبتي ، عشقي لكِ سيمنعني ولكن أنا سأرد لكِ كل ما فعلتيه بي فقط من باب إخلاء الذمة !!"
انكمشت على نفسها والرهبة والتفكير السليم يجد لعقلها طريقاً بوجوب ابتعادها عنه ... ساعده طوق خصرها مقربها منه مانعها من الإفلات ثم مال برأسه أكثر وهو يهمس " الطبيبة لوسيرو تفتقدني ، سأكون رجلاً " ناقصاً " ملعون إن رفضت دعوتها !"
هتفت بجزع وكفها يصطدم بكتفه محاولة ابعاده " ممدوح توقف "
كتم اعتراضها وهو يقبلها أخيراً ، يقربها منه أكثر يديه تلتف حولها ليعصرها على صدره أكثر وأكثر في البداية كانت قبلته متطلبة عنيفة ومهينة ! فكانت تقاومه بحرقة رافضة بداخلها ان ينزع شيئاً جميلاً زرعه بينهما ، أن يشوه كل ذكرى لها معه أتسمت بالغرام ... حتى قرر هو أن يدير الأمر تماما باثاً إياها مشاعر متناقضة مختلفة لاعباً على ضعف أنوثتها ، على توتر محيطها ، ضاغطاً على نقاط الضعف فيها ، ودع شفتيها لبرهة ليلثم فمه برقة وتؤده وجنتيها عينيها طرف أنفها في قبلات هادئة متقطعة رغم سخونتها ... حتى حجب عقلها تماماً عن تفكيره مرتخية بين يديه مقربة نفسها في يأس الوصال إليه ... كبح زفرة انتصاره داخل صدره وهو يعود يحتضن فمها بهدوء ... يتلاعب بمشاعرها وباحتياجها لدقائق طويلة أخرى خارج إطار الزمن حتى كان استسلامها السهل تبادله رغبته بأخرى أشد منها تصرخ بالفقد حوطت يديها وجهه تحتضنه بتشبث مميت تتفاعل معه بيأس ... تهمس بعاطفة عنيفة " أنا أحبك ... أسفة .أسفة ونادمة لما فعلت !"
هشاشتها على صدره استفزته ، تسليمها كل دروعها جعلت كل طاقته على تحملها تنفذ فأخرج وحشه المستعر في وجهها أخيراً يجلدها بذنبها ، يدهس كبريائها ، يرد صفعتها بصفعات متتالية ترديها قتيلة ألف مرة ... ونفرها بعيداً عنه بعنف وقسوة راميها على طول ذراعه حتى التصقت على الجانب الآخر من فراش مرضه ينظر إليها بجحيمه ، فمه يتقوس بابتسامة نافرة ومنفرة ثم قال " إن أردتِ التشبه بتلك الممرضة التي منحتني وقتاً من اللهو في السابق فتحتاجين لإذن من وصيتي القانونية دكتور لوسيرو ، تعلمين الأطفال العجزة لا يجوز التحرش بهم !"
رأها تغمض عينيها بقوة ثم تفتحهما وقد اختفت كل المشاعر منهما ولم يتبقى إلا الإذلال العذب !
" لماذا تفعل هذا ... أنا لا أستحق تلك المعاملة ؟!"
قال بقرف " اخرجي من هنا !"
وقفت توازن نفسها بصعوبة على ساقيها الهزيلتين ... ثم همست بنبرة جعلته لوهلة واحدة يفكر فيما يفعله بها ، يعود لاستسلامه وإيمانه فيها ... وكيف للقلب العاصي أن ينكر أو ينسى أنها كانت أول سكانه ، بأنها الأولى والوحيدة التي ضمدت جروحه ثم عادت تفتحها بقسوة " لقد اعتبرتك وطني الذي طُرِدت منه ، وجدت فيك حضن عائلتي التي حُرِمت منها ، صورة باهتة لأبي الذي أحبني بكل ما أنا عليه ... أنا تعشمت في حبك يا ممدوح بأنك ستفهم يوماً وحدة روحي الطويلة واندفاع قراراتي "
همس
" الحقارة تقابل بالحقارة "

عقيق الحداد في عينيها كان يخبره آلاف الحكايا الصامتة عن سر جرمها في حقه ، كل الضغوط التي عانت منها وحدها ورفضت مشاركته ! دافعة إياه أن يخاف التأثر ، أن يمنح غفرانه ... ارهبته وهو الذي لم يرهب شيئاً يوماً ، عاش لنفسه وبنفسه غير مبالي بمصيره ، لقد بقى ككائن للظلام طويلا جداً وتأتى تلك الآن كشمس النهار تخترق ادرعته وتحرق قشرته ليبقى أمامها مبتور " الأجناد " ؟! صرخته أجفلتها ، زلزلتها وحطمتها !!
" واهمة أنتِ إن اعتقدتِ أنكِ عدت لتؤثري بي أني أهتم لكِ ... أنتِ عاهرة مثلها ، مثلهن ، وحقيقتكِ التي كُشِفت لم تكن أبداً حجة أو دفاع لكسب تعاطفي بل لأعرف من أي بيت داعر أتيتِ !"
عقيق عينيها كان سابحاً في الدموع غائم كمطر معبئ بأحماض الماضي الدامي الكئيب ! أذنيها عاد فيها طنين المدافع والرصاص !!
ابتعدت ... ابتعدت هذه المرة لأميال تشرد هاربة وهي تقول باختناق
" لقد اكتفيت أنا سأرحل ولن أعود ، أنتَ لم تكن أول وطنٍ يلفظنني ولا آخر أرضٍ تقتلني !! "
" كاذبة ... كاذبة يا لورين دائماً المجرم يعود للمكان الذي خلف فيه ضحاياه !"
..............................

طرق ....... طرق حاد على بابه في جنح الليل الذي أصبح رفيق الالمه جعله يطلق بعض الأدعية المختصرة لله أن يكون الطارق يحمل خيراً يطبب ولو لحظات من أوجاعه ...
فتح أيوب الباب ليصدم بوجه ابنته الباكي ، جسدها المنهار في وقفتها أمامه وفي اندفاعها إليه بهوس تصرخ فيه وهي تضرب صدره بعنف هيستيري تردد من بين شفتيها بحرقة " لماذا لم تحاول من أجلنا ، لما لم ترى عذابنا يا أبي ، كيف استطعت أن تفرط فينا ، أن تكون سبب تشتتنا ؟!"
للحظات كان مضطرب وهو يحاول مقاومتها السيطرة على انفعالاتها على كفيها اللذان يهبطان على صدره دافعة إليه المرارة الصافية في كؤوس زجاجية تتهشم داخل جوفه جارحة إياه للأعماق " أنت السبب ... أنت المسؤول الأوحد عن موتها دون أن أسمح لها بضمي ، دون أن أرتمي على قلبها أشكوها همي ... أنت يا أبي من سرقتها مني قبل ملك الموت ! "
جذب أيوب رأسها عنوة في عنقه يدفنها هناك بحرقة أبوية يهمس لها بلكنته العربية " أهدأي يا حمامة عيسى ، الندم الذي يحطمكِ لن يعيد ما كان !"
صدمته عندما سلبت قوها أخيراً تتشبث في قميصه كطفل ضائع مشتت يتوسل الأمان " أنا فشلت ، تحطمت لشظايا يا أبي ... بداخلي مرارة لم أجد أحداً يداويها يمنحني الترياق الشافي لتبديدها !"
ضمها إليه أكثر فأكثر يتراجع بجسدها المنهار حتى هبط بعنف على أول درجات السلم آخذها معه ... قَبل رأسها بحنانٍ صافي دمعه يهبط بشهقات متقطعة ماثلت تحطمها " أنا هنا صغيرتي ، سأجمع شظاياكِ واحدة واحدة حتى وإن أدمت أناملي لأعيدكِ إلى نفسكِ !"
دفنت نفسها إليه بقوة تتكور بداخله باستسلام عذب مميت راضية بكل ما كانت تلفظه فيه ... ثم همست مسلوبة الأنفاس وكأنها في عالم آخر لا يعرفه بأمنية عاشت على أمل تحقيقها أعوام " أنا أريد صقري يا أبي ... أريد رفيق طفولتي أن يشد عضدي !"
" ليت الأمنيات تُمنح يا لورين ، ليتني أستطيع.....
وبطلكِ أختار طريقه ليجاهد في حلم عودة آخر ، تاركاً حلم لم شتاتكن لي وحدي !"
.....................................

وقف راشد أمام غرفة سَبنتي ، يحدق في ابنة عمه الصغيرة وهي تتلمس طريقها بتخبط مستخدمة عصاها حتى وصلت لباب الغرفة رافضة مساعدته في إرشادها لهناك ...
ثم قال بخفوت " أنا أعتمد عليكِ ، أعلم يقيناً أنكِ ستحمينها حتى أعود !"
رفعت عينيها الوجلتين المطفأتين نحو مصدر صوته ثم قالت بتوتر " لا تقلق لن أسمح لأحدهم بالاقتراب منها !"
اقترب راشد نحوها يربت على رأسها بحنان ثم قال " ثقتي بكِ لم تخب يوماً يا صغيرة !"
رفعت جفنيها فيه دون خجل معتاد يتلبسها ، دون أن تحاول تخبئه عينيها كما تفعل عادة متجنبة النظر بهما لأحد ، إذ أن راشد اكتسب ثقتها واطمئنانها ناحيته منذ زمن طويل جداً مستمد هذه المكانة المميزة لديها من رفيقتها ... ثم همست بخفوت أخيراً " أنت لست مسؤول عن حالتها تلك ؟! ، جميعهم لديه يد في تحطيمها عداك صحيح ؟!"
ابعد يده التي تكورت بجانبه ثم سألها بصوتٍ مكتوم " هل أخبرتكِ شيئاً شيماء ؟!"
هزت رأسها بخيبة وهي تقول بنبرة حزينة " لا ، لأول مرة ترفض أن تشاركني ما يؤلمها ، ولكنها لا تحتاج للشرح أنا أشعر بها راشد منذ شهر سَبنتي تتعذب لأمرٍ مجهول سلب صديقتي مني !"
قال بصوتٍ أجش " اعتذر مسبقاً لما سترينه بالداخل ، وأعلم جيداً أن حرصكِ عليها سيمنعكِ من إفشاء أيا ما قد تخبركِ به !"
قالت بحس صديق مدافع محارب " لن أخيب أملك ، أنا على قدر المسؤولية !"
ثم ضغطت على المقبض ودلفت دون كلمة إضافية ... للحظات أخرى منحها لنفسه كان ينظر من خلف الباب الموارب لتخبط ابنة عمه وهي تبحث عن فراشها حتى وصلت إليه أخيراً جلست وهي تسند عصاها جانباً ثم خلعت حذائها وببطء شديد كانت تبحث عن صغيرته هامدة الجسد الخالي من الروح حتى استطاعت أن تحيطها أخيراً تجذبها إليها تحتضن ضعفها وهشاشتها بقوة تهمس في أذنيها بكلمات خافتة لم يتبينها ... دقائق طويلة مرت دون أن تحصل علي نتيجة تُذكر ، رفعت شيماء رأسها تمسح عينيها برقه ثم قالت " لقد أخبرتني يوماً أني سأبقى صديقتكِ ، بأن ما من شيء أختلف سأظل دائماً رفيقة طفولتكِ ، وها أنا أردها إليكِ بقه ستبقين أنتِ توأم قلبي مهما كان ما حدث وابعدكِ عنا !"
لم تحصل على إجابة شافية كما فعلت هي في الماضي عندما اقتحمت سَبنتي عزلتها بعد حادثها ! باستسلام كانت شيماء تعود تتسطح بجانبها تبحث عن يدي سَبنتي لتحيط نفسها بها وليس العكس !! تلجأ إليها بدل أن تحتضنها هي كما طلب منها ... وكأنها بفعلتها البسيطة تلك تريد أن تخبرها أنها مازالت جدار حمايتها أقواهم وأحنهم بألا شيء مهما كانت صدمتها ومعانتها فيه تغير ... وحصلت على ما أرادت دافعة للمراقب هناك دموع عزيزة ترقرقت في عينيه عندما رأى أخيراً ردة فعل إنسانية لصغيرته التي تشبث في رفيقتها بقوة ثم حركت رأسها على كتفها وبكت من تحت أهدابها المغلقة !"
.........................................

دفعت بدور نفسها على قدميها بالكاد نحو وقفة عزام أمام عيادة طبيبتها ، لم تصدم من وجوده إذ أنه أصبح يلاحقها في كل مكان منذ أن سمحت له بإعلان خطوبتهما ... " ما الذي تفعله هنا ؟!"
رفع وجهه نحوها يتأملها بتمهل عينيه تنضحان بعشقٍ صريح لم يعد يدخر أي جهدٍ لمداراته " أطمئن عليكِ بالطبع ، حتى تعلمي أنكِ لم تعودي وحيدة بعد اليوم بل في حمايتي !"
قبضة تمكنت من معدتها حتى شعرت أنها على وشك التقيؤ الذي لم يكن لجنينها أي يدٍ فيه ... ثم قالت " الاتفاق بيننا كان واضح يا عزام ... لا تودد لي حتى أضع صغيري !"
السخرية ارتسمت على ملامحه واضحة صارخة وهو يقول " لا أعتقد أني وأنتِ نخضع لتلك المعاير يا بدور ، خطوبتنا أُعلنت رسمياً وعمي باركها إذاً لا داعي للتظاهر بأنكِ تهتمين !"
جزت على أسنانها وهي تقول " أنا لست مستعدة ، لهذا أخبرتك أن ابني على قائمة أولوياتي ... أنت أردت شيئاً مني ومنحتك إياه و ."
قاطعها وهو يقول بقسوة " وأنتِ أردتِ توجيه صفعة قاسية نحوه واستغلالي وأنا لم أمانع يا بدور ، لذا إياكِ التلاعب بي ... لن أكون يوما أحد خيوطكِ الغبية !"
قالت في برود " ألا تجد أننا مقرفان بالفعل ... ألا تشمئز من نفسك ومني ونحن نعرف جيداً سبب زواجنا المرتقب ؟!"
ظللت عينيه بطريقة عجيبة مشاعر منهكة وتلون وجهه بكبت لا يحتمل عندما رقت نبرته وهو يقول بخشونة " لا ، أبداً لن أشعر نحوكِ بهذا ، أنتِ حلم الطفولة والصبا ... عشقي الرجولي الذي لم اتخطاه أبداً ، جاعلي أتحمل منكِ أي شيء وكل شيء فقط لاقترابي لتكوني لي في نهاية المطاف ، لهذا الحد أنا أُحبكِ يا بدور وأحتمل !"
توتر فمها القاسي بشكلٍ ملحوظ ، واشاحت بوجهها بعيداً عنه محاوله بيأس أن تدارى سوداً ما بعده سواد يغرق روحها ... إذ أنها تعلم يقيناً " بأن القلب العاصي لن يحب يوماً سوى مالك واحد لم يقدره !"
اقترب عزام منها خطوة أخرى مقتنص المسافة بينهما يتأمل ملامحها الحبيبة بنهم ، والفؤاد المحترق ينبض بوجع بين ثناياه يغرق في لجة من المشاعر الحقيقية غير مصدق أنها بالفعل أصبحت على بعد خطوة أن تكون ملكه له وحده ... رباه العذاب الخالص ، وطعم الحلى المر وهو يتلمس وجيعة روحه بعينيه دون قدرة على مس طرفها بعد ... هذه الشهور ستكون طويلة . طويلة جداً ومعذبة حتى يطمئن فؤاده لإدخالها دائرته وحلقته هو ، التي سيحرص بكل عزمه ألا تفلت منها أبداً " سأخرجكِ يا بدور من مرارتكِ ، سأنسيكِ كل ما عانيته على يديه ، سأثبت لكِ من الذي لم تفارقي قلبه أو تفكيره يوماً ، حتى وهو يائس أن تلتفتي إليه !"
عادت تحدق فيه بمشاعر مغلقة غير قادرة على التعاطي معه بأية طريقة ، ألا يفترض أن تسعد لما يقول ، أن تقنص تلك الفرصة الثانية مع رجل يحبها بالفعل ويتحمل منها كل معاملتها السيئة له ؟! إذاً ما بالها لا تشعر نحوه إلا بالقرف ، والسؤال المُر كيف ستقدم على القبول به زوجاً بينما تكاد تتقيأ في وجهه من مجرد مرور الفكرة برأسها ؟!
تمتمت " فقط أغلق هذا الباب الآن ، ودع كل شيء لوقته !"
انتفض جسده كالمحموم واهتزت كل أوصاله وهو يرسمها معه في خياله ... يضعها في صورة واحدة لا تفارق تفكيره ، معه ملكه بين ذراعيه يوسمها بختمه يطبعها برائحة جسده يبدد كل أثر لهذا اللعين عليها ، يمحو كل ذكرى لهذا المختطف المغتصب الذي سرقها منه من عقلها ... ثم همس أخيراً بنبرة مرتعشة مشتاقة حد الجنون الذي لم يخجل أو يتردد أن يجعلها تعرفه تكتشفه " سأمنحكِ شهرين آخرين بعد ولادتكِ ، لن أحتمل ضياع المزيد من عمري وعمركِ ، وحتى أعلمكِ أخيراً وببطء وتمهل أبجدية عشقي وحدي !"
كبحت موجة غثيان أخرى تتصاعد بداخلها وهي تومأ بصمت ودون اعتراض على ما قاله ، بالفعل كما قال ياسر هذا هو اختيارها الذي وضعت نفسها فيه ، وبطريقة أو أخرى بدا عقاب مناسب لما فعلته بنفسها منذ أعوام طويلة " أليس تقبل عقاب النفس وجلد الذات يعد نوعاً من العلاج لقلبها المفطور ربما أخيراً يخرج راشد من حساباتها ؟!"
راقبته يزدرد ريقه بصعوبة وهو يقول بلطف مبالغ فيه كابح تشنجه بصعوبة لقد بدا أنه يعانى من تأثره بها !! ثم قال بنبرة اجشه " لقد طال وقوفنا ، اصعدي معي سأصحبكِ للمكان الذي تريدين !"
قالت باقتضاب " معي سيارتي ، اذهب وسألحق بك !"
قال بتوسل " أرجوكِ ، اسمحي لي بقربكِ حبيبتي أعدكِ لن أحاول التطاول أو انتهاك حدودكِ !"
لم تعاند أكثر وهي تمر من جانبه متجنبة أي تلامس معه بأكبر قدر ممكن !"
وفتحت باب سيارته وجلست في مقعد! دافعة إليه مزيداً من نشوة الانتصار والأمل !"
شعرت به يحتل المقعد المجاور لها ، ثم أدار محرك السيارة وهو ينطلق بهما وقال " اعطني مفتاح سيارتكِ حتى أرسل أحد السائقين لجلبها !"
فتحت حقيبتها دون معاندة معتادة ثم مدت يدها بالمفتاح ، اجفلت منكمشة بغريزية الصدمة وهو يقبض على أناملها ، ثم يرفعهما غصباً متجنباً محاولتها لجذبها بعيداً ، ليقبل يدها بعمق حار ، وكأنه يضع فيها كل كبته وأشواقه إليها ...
نتشت يدها أخيراً بعيداً وهي تصرخ فيه " توقف ، توقف !"
الاستياء والخيبة علا ملامحه وهو يجبر نفسه أكثر على التحمل " بدور ، أنتِ لست صغيرة لردة الفعل هذه !"
تقلصت ملامحها بشكل مؤلم لروحه وهي تأمره بنفاذ صبر " أوقف السيارة حالاً !"
جز على اسنانه وخط أحمر يحجب الرؤية أمامه وهو يحاول أن يجد مكاناً جيد بعيد عن الطريق السريع ، ثم توقف جانبا ليجدها تقفز تقريبا خارجاً ، ثم تتوجه للرصيف وتنحني بقسوة وهي تضم بطنها المنتفخ ، ثم انفجرت في قيء حاد استمر للحظات طويلة ، لم يستطع الاقتراب أو منحها أي دعم بينما الجحيم الخالص والإهانة الغير محتملة توجه له كطعنات متتاليه دون رحمة !"
بينما بقيت هي هناك للحظات لم تستوي من كسرة ظهرها الموجعة مستسلمة لدموع القهر التي خطت على وجنتيها ، أناملها تتبع ضرب صغيرها لجدار معدتها وكأنه يحتج يصرخ فيها مشارك عقلها فداحة ما تفعل !"
بينما ذاكرت النسيان الإجبارية تزيح الستار الواهي لتتذاكر اول لمسه عشق منه هو
" جورجيا قبل أعوام:
خرجت من أبواب المطار الصغير لمدينة نيس وهي تتلفت حولها ،عينيها العسليتان ينضحان بالسعادة والبراءة المرابطة للخجل ، كتفاها ينكمشان بتلقائية وهي تجده أخيراً يقف أمامها بسطوة حضوره يقترب منها بتربص مترقب يرتدي ملابس شبابية متخلياً عن حلته الرسمية الدائمة بأنبهار كانت تحدق فيه بينما قلبها يتقلص داخلها نابضاً بشكلٍ عنيف وكأنه سيقفز من مكانه ويهرع إلى داخل صدره ليبقي بجانب فؤاده ...
وصل إليها أخيراً يتأمل هيئتها المنعشة الناعمة بمحبة ثم قال مشاكسها " بدر البدور ، تنازلت وأتت إليّ ، لِما أجدني في حلم لا يُصدق !"
أطرافها الباردة كانت تنتفض وهي تزيح خصلة من شعرها وراء أذنها ثم قالت بهمس متقطع مرتعش " حاول التعايش إذاً مع حلمك ... بدل أن أستدير مغادرة وأحوله لكابوس !"
نظر إليها متمعنا وهو يقول بمشاغبة محببة " لن تفعلي ، إذ أنكِ تشتاقين إليّ بقدر ما أشتاقكِ !"
اخفضت وجهها بخجل تنظر لنقطة غير مرئية تحت قدميها التي تحركها بعصبية الوجل ... ثم قالت بخفوت " رأيت أنه من العدل التحجج بزيارة شذى لرؤيتك ، بعد أن تنازلت أنت كثيراً وأتيت إليّ !"
تقرب أكثر منها ، لينحنى نحو قامتها الفارعة ... ثم قال بخشونة " لأني كنت أطاردكِ ، لم أعد أستطيع الإنكار أكثر يا بدور !"
كبحت نبضها الموجع بحلاوة وهى تحاول السيطرة على عمق وعنف مشاعرها وقالت برهبة المعرفة المسبقة " ماذا تعني ؟!!"
سمح لنفسه أن يمسك بيدها المرتعشة أخيراً ، مما دفعها لتعود تنظر إليه بعشقٍ صافي لم تهتم أن يغرق فيه مكتشفة بوضوح دون التظاهر بينهما أو ادعاء الثقل وهو يطاردها في الشهور الماضية ! انخفض
رأسه أكثر
يطبع قُبلة عميقة على معصمها ، أحست بكل جزء منها ينتفض ببراءة من تجربة كل تلك المشاعر مع حبها الأول والأوحد ، متناقضة مع قلبها الذي يغرد بأعذب الألحان ...
ثم عادت عينيه تأسرعينيها ببريق فرح شقي وهو يقول بحبور " كنت أرتب لاعتراف في أجواء رومانسية قليلاً ولكن لا بأس ... أُحبكِ ، وأريدكِ زوجة ... زوجتى يا أميرة !
.................
فلتت شهقه من بين شفتيها وهي تعود لحاضرها


المقارنة مميتة وفادحة كيف تكون لرجل لا تتحمل حتى لمسة منه ... كيف لأنوثتها العزيزة جداً الغالية العالية أن تمنحها لآخر ، أن تسلمها لأي رجلٍ كان ، وكل جزء منها محفور باسم راشد وحده ... كيف لها أن تستطيع حتى تخيل كشف نفسها لأحد غيره ؟! ماذا فعلت ، كيف لها أن تكمل في أمرٍ أصبح واقع سيُفرض عليها دون قدرة لها على التملص منه ، رباه أي غباء فعلتيه بنفسكِ يا بدور ، وهو حتى لم يهتم لم تؤثر به الصفعة التي وجهتها إليه لتعود تنغرز في قلبكِ وحدكِ "

......................................
حرك راشد مقعده بشكل جانبي بينما أصابعه تطرق برتابة على طرف مكتبه مسبباً لمن أمامه حرقة أعصاب من نوع ما ... ثم قال أخيراً بتفكه ساخر " أتعلمين خطبة أختكِ عادت عليّ بالنفع ، بعد المباركة بالطبع لكِ على زواج بدور المرتقب أستطيع أن أسألكِ كيف حالكِ يا نوة ، اشتقت للحديث معكِ ؟!"
أهدأي تحلي بالعقل وتذكري أن من أمامكِ محترف تلاعب بالبشر... ثم قالت بهدوء " أخشى اخبارك أن برودك هذا لا ينطلي عليّ ... أنا أعلم جيداً أن تحت هذه الواجهة ماء حارق يغلي بعنف في صهريج ، إن أُطلق سيسلخ دون رحمة من أمامه !"
مط شفتيه ببرود ، وهو يعود بظهره مسترخياً أكثر في مقعده ثم قال " رغم مبالغتكِ قليلاً في وصفي ، ولكن دعينا نصل لنقطة جيدة أنتِ قلتيها " ماء يغلي !"
صمت مفرقع بأصابعه في الهواء وهو يردف " أي أن بضع مكعبات ثلج بريطاني ستطفئه وهذا ما فعلته بالضبط !"
لم يستفزها متوقعة الأسوأ وهي تقول " حسناً أنت كرهتها ولا تبالي ، إذاً ما مصير طفلك ، هل تريد مني تصديق أنك ستفرط به بسهولة !"
وضع راشد ساعده على مكتبه ثم غط فمه بأحد أنامله ينظر إليها بترصد واضعها تحت ضغط نفسي بصمته المتفحص ... راقب باستمتاع شديد تحفزها وردود أفعالها المتوترة وهو يقول من تحت فمه " لماذا أتيت يا نوة ، هل من خدمة أقدمها لكِ ، عمل قذر تريدين مني حله كعادتكم ؟!"
اشتدت أصابعها بعنف وهي تدرك مقصده بالقذارة ... تعرف ضربه الكلامي المتواري دون أن يحتاج لجمل صريحة " تعلم جيداً ما الذي دفعني لألجأ إليك ... بكل آسف أنا أقر أنك الوحيد القادر على كبحها !"
في حركه مستخفة كان يضع إصبعه في أذنه وكأنه ينظفه ثم قال " عذراً هل أتيت إليّ لأنظف حقارة شقيقتكِ بكل ..... عنجهية وآسف ؟! "
أغلقت نوة عينيها وهي تبتلع ريقها بمرارة ثم قالت أخيراً بخفوت " لن اقتنع بمعاملتك لي هكذا يا راشد ... أنا أكثر من يعرفك جيداً ، أعلم عبر رفقة طفولتنا أنك لن تتخلى عن ....."
قاطعها بنبرة ميتة رافضاً أن يسمع المزيد وهو يقول " هل اكتشفتِ الآن من أنا يا نوة ... هل انقشع عن عينيكِ ذلك العمى أخيراً لتعلمي أني مجرد رجل مقدر له السقوط ولو مرة واحدة ؟!"
صرخت فيه بنفاذ صبر " سقطة حطمتها ، زلزلتنا جميعاً ، أنا ساندتك وشذى أمام أبي يا راشد ولكنك بقذارة نفس وسبب خنت ثقتنا جميعاً !!"
نهرها " وكفرت؟! ... سقطة انتشلتني من ذلك المستنقع إلى الآبد ... ولكن بنات ياسر الراوي رفضن منحي التوبة !"
" التوبة لا تُطلب منا !"
قال بجفاف " هذا أمرٌ لا أريد بالتأكيد توضيحه منكِ عزيزتي ، والآن دعينا في أمركِ " القذر " الذي اتيتِ من أجله !"
برقت عينيها بالغضب " توقف !"
" اسمعي يا نوة ... أنا بالفعل لديّ مشاكل أهم بكثير من أفعال بدور التافهة ... بصراحة مطلقة أخبرتها لوالدتكِ وأخيكِ الأمر لم يعد يهمني ، امرأة طلقتها من أشهر ... وانتهى الأمر وخُطِبت لغيري ، ما موقعي تحديداً لأعترض أو أبدي موافقة ؟!"
قالت بهدوء شديد وهي تحدق فيه " وأنت أيضاً تكذب ! لن تسمح لذلك النذل وضع إصبع واحد عليها ... إنها زوجتك بحق الله !"
هدر بدون تردد" طليقتى ... ونعم سأقتل أختكِ إن اضطررت قبل أن يمسسها أي مخلوق غيري !"
شحبت ملامح نوة مصدومة من تصريحه العنيف ... إذ أنها تعلم جيداً أنه لا يلقي تهديدات جزافاً قالت متوترة " ليس لهذه الدرجة يا راشد ... يوم أن طلقتها كنت تضع في حسبانك أكيد أن شخصاً آخر سيقف في طريقها ! "
قال في بنبرة اقتلعت قلبها من محجره رهبة " ... مؤكد كنت أحسب حساب أمراً كهذا ... لذا أنا أضع في تدبيراتى جيداً كيف أنزع روحها منها والقيها بعيداً دون أن أريق نقطة دم واحدة !"
ابيضت ملامحها وقلبها ينقبض أكثر حتى شعرت بالأكسجين يقل بالتدريج من محيطها ... فاكمل راشد بهدوء بارد " ليس كل الموتى يدفنون عزيزتي !"
همست نوة ببهوت " بدور تعتقد أن سَبنتي ابنتك وجوان ، لهذا في اعتقادي أقدمت على ارتباطها بذلك الحقير !"
رفعت عينيها تبحث عن أي أثر للصدمة فيهما ،عن إجفاله أو تفهمه لتلك الحقيقة المؤلمة ولكنها لم تجد إلا السكون الجليدي ثم قال صادمها هي " أعرف !"
" ماذا ؟! ... تعرف وتركتها تكمل طريقها المميت ، إن كنت تكرهها لهذا الحد ألم يشفع لها صغيرك لترأف بحرقتها وصدمتها فيك ؟!"
اتسعت عينياه بالغضب أخيراً وهو يهدر بها " صدمتها ، حرقتها ، مشاعرها ... وأخيراً طفلنا سوياً يا نوة الذي لم تضع المحترمة أختكِ أي اعتبار لحملها إياه ... مرة تحاول قتله وأخرى تهرب به مني ... وأخيراً تُخطب لعمه سامحة لحثالة البشر أن تشكك في نسبه إليّ .... دئماً
الامر يدور حولها بأنانية وماذا عنى اذا !"
شحب وجه نوة إن كان يصلح شحوبه أكثر وهي تسمع الاتهام الصريح الذي مؤكد وصل لراشد أيضاً ... جاعلها تشعر بداخلها بالتعاطف معه بإدراك كيف يحترق وهو يحجم نفسه ألا يذهب إليها خانقها بيديه العاريتين في التو واللحظة ومن يلومه إن فعل ؟!!
ولكنها جادلته بأمل أن يمد يده ينتشلها بعيداً عن يد أبيها وعزام حتى وإن أحرقها بجحيمه هو ، حبسها في عرينه هو لن تعود تهتم إذ أنها توقن أخيراً أن نار راشد أفضل من أي جنة قد تعرض على أختها " فعلت بدافع الغيرة ، من يعلم ماذا قد يكون أوصل لها الحقير ... ما الذي قد تكون تأكدت منه بصورة خاطئة لتدفعها للموافقه علي الزواج منه ... أنت لا تعلم راشد كيف غيرة المرأة القاتلة !"
انتفض من مكانه واقفاً بعصبية حتى خلف مقعده وراءه صرير مزعج ... راقبته كيف يحاول عبثاً السيطرة على جحيم مستعر انطلق منه بعنف خشن ... عم صمت مشحون بينهم مكهرب الأجواء في غرفة مكتبه لم تجرؤ هي على قطعه حتى هدأت انفعالاته أخيراً وهو يلتفت إليها وقال هادراً بشيءٍ من القسوة " لم يكن خطأ أيا من أوصل المعلومة لها ... بدور تريد أن تراني بصورة سيئة ، أن تصدق فيّ أي أمر يجعلني شيطان رجيم في عينيها حتى تقنع نفسها بصورة رسمتها منذ زمن و غذتها خيالتها المريضة ... هي ارتاحت لهذا يا نوة صدقيني بدور تعرفني جيداً تعلم يقيناً وقد سبق أخبرتها لها صريحة أن سَبنتي إن كانت ابنتي ما ترددت لإعلانها ... هي فقط كانت تحتاج لحجة لتلصق أية صفة مكروهة بي " مغتصب حقير ، ناكر نسب صغيرتي !"
وقفت نوة هي الأخرى تتبعه ثم قالت في بهوت متردد" إذاً أذهب إليها اخبرها بالحقيقة يا راشد أدفع هذا الظلم بعيداً عنك اثبت لها هذه المرة ...!"
قاطعها مرة أخرى وهو يهتف كسكين حامي حاد " لا !!"
الخوف الهستيري الذي يتصاعد بداخلها على شقيقتها دفعها أن تقول بتوسل " من حقها على الأقل أن تعلم أي حقير عزام ، كيف دمر جوان قتلها وهي مازلت تتنفس بيننا... كيف رمى ابنته وانكرها ، أرجوك . أرجوك يا راشد أتوسل إليك لا تدير ظهرك لها !"
" هل تعتقدين يا نوة أن بدور لو علمت بهذا ستتوقف ؟ مرة أخرى ذكائكِ يخونكِ ... هي فقط وجدت الفرصة المناسبة لترد لي الألم الذي شعرته إثر غلطتي تلك ... بدور لوحت بها قبلاً ، كل ما ترغبه من الحياة أن أعرف جيداً ما احسته وهى تراني مع أخرى !"
عضت نوة على فمها بوجع ثم سألت بتردد " وهل . هل شعرت ؟!"
أشاح بوجهه بعيداً وقناع جامد خالي من الانفعال ثابت المشاعر يعود يكسو وجهه ثم قال مقتضبا بعد برهة " إن كان يريحكِ بدور ستعرف في الوقت المناسب كل الحقائق ، ولكن بعد أن أصل لهدفي من ترك سلطة والدكِ تُفرض عليها وتقييد حريتها... ربما تتعلم درسها الصعب أخيراً هذه المرة !"
أومأت برأسها قليلاً وهي تسأل بتوتر" هل أنت جاد يا راشد ، هل تعدني ؟!"
وكما فعل مع خالد دون أن يحاول حتى في نطق ذاك الوعد الواهي كان يحرك رأسه في شيءٍ أشبه بتأكيد ثم قال بنبرة مغلقة " على الرحب نوة ، ما كنت لأرد قدومكِ إليّ واعيدك خائبة الرجاء !"
....................
: 0121::01 21:

‏‫يتبعععععععععععععععععععع عععععععععععع الان


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-19, 11:00 PM   #1493

مها العالي

? العضوٌ??? » 372455
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 132
?  نُقآطِيْ » مها العالي is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل الدخول بانتظار الدرس

مها العالي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-19, 11:05 PM   #1494

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile14

تاااااااااااااااااااااااا ااااااااااااالااااااااااا اااااابع الفصل الثالث والعشرين رجاء النظر في المشاركة السابقة

نظرت مريم نحو الشاطئ الساحر بصخب أمواجه العاتية ، ربما قبلاً لم تكن تفهم سر أن يربط معظم الناس تفسير مشاعرهم بمياه ... ولكنها الآن تستطيع القول أنها تعرف ! فتلك المياه التي تلطمها سريعاً مسببة لها بعض الألم الطفيف كلفحات عصاه مدغدغه تارة وكرباج لاسع تارات ... ثم تأتي موجه ناعمة لطيفة رغم صخبها تداعبها بلطف كأنها ترضيها تداوي ما فعله سابقيها
" تختصر بشكل غريب معادلة الحياة الصعبة والدنيا الغامضة بمقاديرها لنا نحن البشر !"
أدارت عينيها الواسعتين ترسم ابتسامة مرتعشة عندما شعرت به يجلس خلفها يفرد ساقيه ليحاوط جلستها بينهما ، ذراعه يلتف حول خصرها ليقربها منه أكثر ويده تداعب شعرها الكثيف الحر السارح ليغطي ظهرها فيزيحه على جانب واحد وهو يطبع قُبلة عميقه على العرق النابض أسفل أذنها ارتعش لها كل عصب حساس فيها ثم همس " إلى أين وصلت؟!"
أطلقت تنهيدة حلوة دفعته ليطيل قبلاته التي انخفضت تأخذ طريقها بحرية نحو نحرها وما يتبعه " أفكر أنهم جميعاً أغبياء ... كل واحد منهم أتته موجته الحانية مانحة بين طياتها المخرج المناسب و الفرص لإصلاح حياتهم دون مزيد من التخبط ولكنهم ببساطة تجاهلوها !"
قال بخفوت " من تقصدين بجميعهم ؟!"
" بدور ، نزار وحتى هناء مع ذلك المدعو زوجها !"
يديه التي تسللت تحت ثوبها المبلل داعبت بشرة بطنها العارية وهو يقول بنبرة أكثر مشاغبة " برغم أن فلسفتك العميقة أصبحت تصدمني ... ولكن ربما فرصتهم الحقيقة لم يأتي موعدها بعد !"
أسندت رأسها على كتفه سامحه لشفتيه أن تستبيح أكبر قدر ممكن منها وهى تقول ضاحكة مرتعشة " أنت لا تريد خوض نقاشات حولهم صحيح ... لذا ترد عليّ مقتضباً !"
أصابعه طالت أخيراً مفاتنها الكامنة بين كتفيها التي تكمشها بعناد صعبة المنال المشاغبة ... ثم قال بنفسٍ حار " لم أهرب بكِ إلى هنا عقب كل تلك الكوارث لأناقش مشاكلهم التي وجدت نفسي وسطها دون اختيار الرفض !"
هدر قلبها بعنف وهي ترفع عينيها الواسعتين الناعستين وقالت بنعومة " قبلني إذاً وأخرِس لساني !"
قال بفظاظة قاصداً وهو يحل ذلك الشيء محاولاً سحبه بعيداً بنفاذ صبر " أنا أفعل الآن ... ولكن عقلكِ أكثر انشغالاً ... ربما إن شاركتني قليلاً في تلك المهمة التي أصبحت صعبة !"
أطلقت ضحكة رائقة وهي تعتدل بين ذراعيه تلف يدها على عنقه وساقيها على خصره ثم أناملها تمتد من بين أزرار قميصه لتداعب منطقة مخفية هناك تعلم يقيناً أنها تثير جنونه ثم قالت " ما زلت أشعر بالذنب قليلاً لانجر لما تريده ... كان يجب أن أبقى بجانب هناء !"
همهم بصوتٍ مستمتع حد الجنون وهو يقول " هناء إن عرفت بما تفعلين الآن ستكون سعيدة وفخورة بكِ أيضاً ... و الآن هلا انتهيت وركزت معي قليلاً ؟!"
الاستهجان علا ملامحها وهي تنظر إليه بعينين مستنكرتين ارتفع طرف فمها وهي تقول " وما سر هذا الفخر العظيم ... بالله عليك هل أنت جاد ؟!"
تجنب صخب أنفاسه كما جحيم جسده الذي أُضرمت في كل خلية منه نار موقدة وحاول تلبس الجدية وهو يقول " بالطبع ... وهل من رسالة أهم من مرضاة زوجكِ الذي يكاد يجن لينالكِ يا ناعمة ؟!"
حركت أناملها بعبث داخل شعره ، ثم رفعت إحدى كتفيها بميوعة قاصدة أن تهبط حمالة ثوبها لتكشف أكثر عن بشرتها وقالت بنبرة خاضعة ذائبة كملمس الحرير " أنا دائماً معك في اشتياق وتأهب لتلبية متطلباتك ... حتى وإن أصبحت زائدة بعض الشيء مؤخراً !"
توسعت ابتسامته وفمه أخيراً يعرف الطريق لشفتيها الرطبتين " هل أرى نبرة تمرد ورفض هنا ؟!"
شهقت سريعاً باستنكار وقالت " رفض ، تمرد ؟! هل تعي ما تقوله ... أنا أكره الانحراف ؟! لا سمح الله يا رجل ... أعتقد أني المرأة الوحيدة العاقلة في العالم وتحب قلة الأدب مع زوجها رغم كل الظروف والمشاكل والكوارث !"
اطلق ضحكة خشنة وهو يمتص بطرف فمه شفتها السفلى المنتفخة قليلاً عن شفتها العليا لتشكل فماً في قمة الإثارة والأنوثة ... غمغم مرة أخرى بعبث " وهذا ما يعجبني بكِ ، الامتناع عن قلة الأدب لن يحل المشاكل !"
تأوهت بخفوت أكثر حلاوة وهي تحاوط وجهه بكلا كفيها ثم همهمت " لا ... بل سيحرمني من المتعة البحتة التي تمنحها لي ...أنا ... أحب ... قلة الأدب معك ، هوباااا !"
‎زفر بحرقة قوية حتى انتفض لها سائر بدنه وهو يضمها إليه أكثر مسبباً لقدها اللين بعض الألم ... ثم دون مقدمات كان يقبض على فمها يُقبلها بحميمة مهلكة وهو يستند قليلاً على الأرض موازياً نفسه ثم يرتفع على ساقيه أخيراً آخذها معه ... حاولت التملص وهي تطلق همهمة من داخل حنجرتها ، عاجزة عن النطق بسبب تحكمه المستميت فيها ، كورت قبضت يدها تدفعه من كتفه بتخاذل فيحرك رأسه يميناً ويساراً رافضاً ، ساحباً رأسها معه بعناد دون أن يحررها من سطوة قُبلته ...
‎كانت تلهث بعنف عندما عاندت روحها الجائعة كما زوجها النهم ، وحررت خصره من قبضة وركيها الملتفة عليه ككماشة ، لتهبط على الأرض في محاولة يائسة للابتعاد ... فاعترض ساعده القاسي طريقها وهو يضغط على ظهرها أكثر متحكماً فيها بشكلٍ أعنف ...
‎حتى شعرت بقدميها التي تتحرك للوراء بفعل دفعه إياها لتصطدم في عتبة المنزل ... أطلقت همهمة أخرى و صرخة مكتومة دافعة إياها لداخل فمه الذي يرفض تحريرها يلتهم منها المزيد والمزيد من عنف مشاعرها التي يعلم يقيناً أنها تُجن إليه بسهولة ... فلتت نفسها منه أخيراً وهى تشعر أخيراً بنعومة الفراش الذي احتضن عظامها اللينة فصرخت فيه بغيظ من بين أنفاسها المتقطعة " أنا أعترض !"
‎كنمسٍ خبيث متربص كان ينحني نحوها ببطء يجر ساقها فاردها بعيداً عن الأخرى ليحشر نفسه وهو يجثو على ركبتيه في الفراغ الذي تقصد فعله ... ثم همس ببطء وقح " كاذبة أنتِ لا تعترضين أبداً على معاشرتي !"
‎عقدت حاجبيها وهي تهتف بانفعال " بالطبع لا أفعل ... بل أتلهف بكل ضمير يقظ لدروسك التالية !"
‎كاد أن ينفجر في الضحك إذ أن طريقتها المتلهفة رغم نبرة الكِبر والترفع فيها ذكرته بأيامه الأولى معها في إسبانيا ... انخفض بكله مرة أخرى ليلتطم فيها ... هتفت بغضب " ما الذي يحدث معك ، أكاد أخافك ، هل تتعاطى شيئاً ما إيهاب ؟!"
‎إن كانت تظن أنها رأت وجهه الغاضب الشرس يوماً فما تستشعره وتراه الآن هو أمرٌ مختلف تماما ... إذ ضغط عليها بعنف شديد ووجه يتلون بالأحمر القاني وكأنها استفزت فيه وحشاً كاسراً غير مروض وكأنها وجهت إليه آلاف الإهانات التي لا تغتفر ... انكمشت تحته برقة ، بنعومة وبضعف كاذب ، دائماً مريم كانت تجيد ترويضه تعلم جيداً متى تضرب بعنف تتوحش في وجهه ، ومتى تعود لتستجدي حنانه لتستفز كل إحساس فيه لينكر ذاته ويمحور الكون كله حولها " كنت أمزح ... طرفة في غير محلها صحيح ؟!"
‎انفرجت شفتيه في ابتسامة متحفظة أخيراً وهو يقول " أنا افتقدكِ ليس إلا ، شهرين بعيداً عن ذراعيّ حتى وإن كنت أراكِ يومياً ، دفعاني للجنون !"
‎قالت بمناغشة سريعا حتى تمتص أية ذرة فهم خاطئ قد تصل لتفكيره " إذاً كالعادة ، أنت رجل نظيف ؟!"
‎حرك رأسه بيأس وهو يميل يقتطف قُبلة أخرى ثم قال مدعي الحزم " أنتِ حالة ميؤوس منها في الوقاحة !"
‎أطراف أصابعها داعبت الشعيرات البيضاء في فوديه بينما شفتيها تقبل لحيته النامية التي تزيده وسامة بشكلِ مؤلم همست بانبهار شارد " العيب منك إذاً ، لم تربيني بشكلٍ جيد "
‎انخفض مرة أخرى وهو يحيطها بداخله ثم انقلب على ظهره جاعلها تعتلي جذعه ، للحظات يديه كانت تسرح في شعرها العسلي والغجري والذي زاد كثافة واستطال حتى تعدى خصرها بإنشات كثيرة ، عينيه تمشط وجهها الصغير المستدير بوجنتين مرتفعتين يتوسطهم أنفها الصغير الأنيق ، فمها المرسوم بريشة فنان ساحر ، عيناها الواسعتان اللتان تحتضنان بداخلهما حدائق من ورد التيوليب ويحرسها هناك رموش سوداء كثيفة وطويلة ...
‎إبهامه كان يتحرك على شفتها السفلى مرة أخرى وبدا شارداً جداً لها عندما قالت " ماذا هناك ؟!"
‎رفع نفسه قليلاً ليضغط على طرف فمها في شيء أشبه بقُبلة ... ثم قال بصراحة أصبحت معتادة بينهما " أحيانا أفكر أنكِ صغيرة جداً وبأني استوليت عليكِ بأنانية ، مازال عمركِ لم يتعدى الواحدة والعشرين بينما أنا على مشارف الأربعين ربما الآن لن نعاني من اكتشاف الفرق ولكن ... !!"
‎قاطعته هابطة كالعاصرة على وجهه تطبع قُبلاتها المحمومة المعترضة هناك ، غاضبة مشتعلة وحاقدة على تفكيره ، ابتعدت عنه إنشٍ واحد بينما يديها الغاضبة مثلها تحل أزرار قميصه ثم تخفضها على خصر بنطاله القصير وهي تقول " أنت وعدت أن تُشتت عقلي عما يحدث ، ولكن ما أراه الآن أنك تتهرب سيد إيهاب العظيم ، هل تريد مني إعطائك محفز قل لا تخجل ؟!"
‎دفعها إيهاب دون تنبيه حتى رقدت على طرف السرير تنظر إليه بعبوس ، كان يعلم أنها تريد كالعادة التهرب من الحديث ، ولكنه لن يسمح هذه المرة بهذا حتى يسمع منها الإجابة الشافية ، ولكن لا مانع من تهذيب أخلاقها أولاً بطريقة عديمة الأخلاق تماما بالطبع ... يده تحكمت فيها وسحبها مرة أخرى عادلها في الوضع الذي يريده ثم رد بصبيانية تشعلها فيه وتعجبه !!" من هذا الذي يريد مساعدات يا فتاة ، أنا أفكر في التبرع لأخذ عينات و إعطائها لهؤلاء المساكين ومريدي الأدوية !"
‎قالت بمكر وهي تلتفت برأسها من فوق كتفها نحوه " هذا هو معلمي الماكر الذي كنت أبحث عنه ... أين شرائح المانجو إذاً ، هناك أجزاء صغيرة ودقيقة في بشرتي تفتقدها ... أه ؟!"
‎قال ساخطاً كابحاً صرختها بيده " توقفي عن تشتيت نفسكِ ... الأمر لم يبدأ بعد أنا في طور الاستعداد فقط !"
‎بعد وقتٍ :
‎كانت أنفاس كليهما الصاخبة لم تهدئ ، عندما سحبها لتريح نفسها على كتفه ، بينما لم تتوقف قُبلاته المنهمرة كشلال ممتع على صفحة وجهها و كتفيها الناعمتين العاريتين ... أدارت عينيها وهي تلوح له بأصبعها في غضب " إياك أن تحاول التفكير حتى ، ما بيني وبينك يتعدى أية مخاوف جنونية !"
‎أمسك إيهاب بأصبعها المستفز ثم قَبله برقة وهو يقول " أعرف أنكِ لا تفكرين بهذا ولكن صغيرتي ، يوماً ما ربما تشعرين بالفرق !"
‎رفعت طرف فمها باستنكار رافضة أن تحاول الاستماع لتلك الحماقات حتى ثم قالت " لن يأتي أبداً مطلقاً هذا اليوم بيني وبينك ، كما أخبرتك إياها قبلاً وأرددها لك ... إن غضبت منك كزوج يوماً ، سألجأ إليك كأبي لتأتي لي بحقي ، وإن زهدتك كعاشق وهذا ضرب من الجنون على فكرة ... ولكن ما أريدك أن تفهمه أني سأذهب إليك كأخي كصديقي وناصحي لترشدني ... أنت كل الرجال ، والرجل الأوحد إيهاب ما بيننا تعدى بكثير أي حساب أو مخاوف منطقية !"
‎عكس ما توقعت كان وجهه يبتسم لم يجادلها ... عندما استند على يده ليعود لمحاوطتها وخفض جبهته يسندها على جبهتها ، أنفه يداعب أرنبة أنفها بينما يهمس بصوتٍ رخيم أجش ، دفع رعشة أخرى ممتعة لوصالها " متى تحليتِ بالعقل والمنطق حد أني لا أريد أخباركِ بمخاوفي ؟!"
‎عيناها الجميلتان كانت تضيع في لون الرماد الدافئ في عينيه وهي تقول" يوم علمتني أنت أن المودة والرحمة والعشق الخالص الغير مشروط أو محدود هو ما يهم بيننا ...هو أساس العلاقة السليمة التي تبقي رابطنا المقدس دائماً و إلى الآبد ، وليس أية اعتبارات أخرى تحرقك ... أنا أُحبك إيهاب كأبي و كأخي وصديقي قبل أن تكون زوجي ... ألا يكفيك هذا ؟!"
‎حدقت في عينية بسكينة ، ليختفي العالم أجمع من حولهما فلا يبقى إلا هي وهو داخل قوقعتهما الخاصة بسحرٍ خاص جداً يخصهما وحدهم ثم تمتمت " نعم يكفيني ساعة واحدة معك تكفيني لما تبقى من عمري ... ضمك لي بحنان عندما أحتاجك لتبثنني من قيد عشقك كل مشاعر إنسانية حرمت منها ، يشبعني النظر إلى وجهيّ " معجزتنا الصغيرة" التي مثلت في توأمينا تمنحني الدنيا كلها بين يديّ ... ماذا قد أريد أكثر أنا لديّ العالم أجمع الذي منحته لي بين جدران منزل مستقر ، منزلي أنا وحدي مملكتي التي أهديتها لي وبقيت وستبقى حارس على أسوارها لتحمينا !"
‎دفعته لابتسامة أخرى أكثر دفئاً من سابقيها .. جاعلة إياه يصمت تماماً عاجزاً أن يجد كلمات توفيها حقها ، أن يخبرها أنها وحدها التي منحته أخيراً حياة عادلة بعد أن كان من يمنح دون حتى أن يجد شكراً وتقدير من أحدهم !"
‎" أُحبكِ أصبحت كلمة هزيلة جداً أمام ما تفعلينه في فؤادي يا ناعمة !"
‎حركت كتفيها بدلال وهي تقول بنبرة أجشه مداعبة " أعرف ... وإن كان بداخلي ما زالت بقايا سخط وحقد عليك إذ أني من أحببتك ووهبتك نفسى أولاً حين كنت أنت خائفاً مني !"
‎ارتفع طرف فمه استنكاراً وقبل أن يبحث في قاموسه عن إجابة مختلفة ترضيها كانت تدفعه بعفرته قافزة بعيداً عن مرماه متلحفة بالأغطية ثم قالت بتأنيب " استعجالك الدائم أضاع عليّ المفاجأة التي أهدرت وقتاً في تجهيزها ... ناهيك عن التسلل بعيداً عنك وحراسك الخانقين لشرائها !"
‎لم تنتظر إجابته وهي تهرب من أمامه متوجهة لخزانة الملابس تخطف شيئاً منها ثم تتوجه لحمام الغرفة مغلقة الباب خلفها بالمفتاح اعتدل ليتسطح علي الفراش وهو ينظر في اثرها متسلياً متوقعاً أنها تجهز لشيء كارثي مثل أخر هدية منحتها له متمثلة في قميص نوم أحمر قصير ملئ بالأشياء اللامعة الغريبة وبشع المظهر ... والذي تقبله هو بشغف لاهي عن الكارثة التي اكتشفها صباح ليلتهم تلك إذ أنه جزع تماماً وهو يرى انعكاسه في المرأة ووجهه وعنقه يغطيهم " ترتر فضي " بينما هي ترفرف أهدابها ببراءة مخبرة إياه أنها نسيت إخباره أن هذه الأشياء غير ثابتة ... يذكر يومها أن الاستحمام أكثر من خمس مرات متتالية لم يحسن من مظهره على الإطلاق فأُجبر للبقاء معها والصغيرين داخل المنزل يوم بطوله ... تنهد في انتظارٍ لقدره وهو يفتح هاتفه على أيقونة الكاميرا المثبتة داخل مهد أيأس وليبرتا حتى يطمئن أنهما بخير ومازال كلاهما في ثباته العميق ، من الجيد أن صغيريه وأمهما لم يتأثروا بما يحدث وبأنه استطاع أن يخطف يومي الإجازة تلك ليبتعد عن كل الصخب الذي يحدث في بيت الراوي أو حتى عند هناء ... بدور الراوي تلك الأخت التي تعلقت بها مريم ، متقبلة إياها لداخل دائرتهم ، تلك المرأة التي أبهرته بقوتها وحدة ذكائها ... ما بال كل شيء تعشمه فيها ينهار وذلك الانبهار يخفت ببطء من داخله ... ربما هو لم يحاول أن يتدخل يوماً أو يسألها عن سر حدتها وكرهها الذي يعلم يقيناً أنه بدافع عشق من الجحيم لراشد ... ولكن أن تصل بها الوقاحة للارتباط بذلك الآخر الغير مريح عزام... جعلها رغما عنه تصغر في عينيه ويكاد شيطانه يغلبه ليدفعها بعيداً عن أسرته !
‎" ربما راشد محق ... يجب أن ينأ بزوجته بعيداً ، إذ أنها بالفعل عانت في الماضي ولا تحتاج لأية اضطرابات أخرى في حياتها قد تفقدها اتزانها الذي مازال يبنيه داخلها بصبر !"
‎أطلق صوت بداخله يعارض ذلك الخاطر إذ أن بدور بالفعل قدمت لمريم الكثير في وقت حساس جداً ومهلك لروحها ، غير بالطبع تعلقها الغريب والمستميت بسميتها " ابنته " !! أطلق زفرة محتارة وهو يهمس " فقط لو أعرف كيف الطريق لأقدم لكِ أية مساندة ، تخفف من عمق جرحكِ وتعدلكِ عن إيذاء نفسكِ يا بدور ، ما ترددت !"
" هااااا ما رأيك " هتفت مريم قاطعة أفكاره وهي تستدير حول نفسها عارضة نفسها أمامه ... اعتدل إيهاب وفكه يتدلى من وجهه بصدمة وبدا غير مستوعب لذلك الشيء الذي أمامه ... صفقت بحماس وهي تقفز على عقبيها بسعادة طفولية مريعة ! ثم قالت " ما رأيك ... رائع أليس كذلك ؟!"
قال بذهول مردداً " ريش ... ريش يا مريم هل تظنين نفسكِ فرخة في طور التبويض ؟!"
عبست ملامحها وهي تتفحص قميصها بلونه الوردي الفاقع بحملات رفيعة يغطيها ريش عريض وكبير زهري اللون و ويلفه من عند الصدر الكثير من الريش أيضاً والممتد على طول الثوب وعلى الجانبين ... ثم قالت بحنق " ألم يعجبك ... لقد أكدت جميع النساء أنه مطلب أزواجهن الأول والوحيد ؟!"
ضيق ما بين عينيه بترقب وهو يمد وجهه للأمام ، سأل إيهاب بتشكك " أية نساء تقصدين ؟!"
قالت بترفع " في جروبات خاصة على صفحة التواصل الاجتماعي دائماً ما يتحدثن عن تلك الأمور ، وعن شغف الرجال " بالريش !"
وقف متوجهاً إليها بحرص شديد وكأنه يتفكر رهبة من فكرة الاقتراب من هذا الكم الهائل من " الريش " والذي قد يكون يخفي أية أسلحة ثقيلة أو خفيفة بين طياته !"
ثم قال أخيراً ساخراً " أخشى ضرب خطتكِ المبهرة أنتِ وكل تلك النساء ... إذ أني أجزم لكِ بعدم اهتمامنا بهذه الأشياء ، عقولنا أكثر بساطة من تفكيركن الجبار ...
غمز بعينة وهو يكمل هامساً وكأنه يفضي بسرٍ خطير " في هذه اللحظات المميزة كل ما يجذب انتباهنا هو ما يكمن متخفياً تحت الريش ، أي أن تلك الأشياء تعكر المزاج لا تعدله !"
أطبقت فمها بقوة وهي تهتف معترضة " تكذب عليّ ، أرى في عينيك تجدد شوقك وشغفك بي ، لقد أثارك لا تنكر ؟!"
مط شفتيه وهو يقول " مطلقاً بل يكاد يدفعني لاعتزالكِ أسابيع حتى أنسى هذا الشيء البشع " ريش يا مريم آخرتها تريدين أن تصبحي فرخة !"
زمجرت في وجهه بشراسة وهي تندفع إليه ناوية منازلته ... زمجرة وعبث شبابي أعجبه وجدد روحه وطاقته المتطلبة دائماً لها ... تقبل سطوتها برحابة صدر ، وهو يقيد يديها دافعها للمكان الذي يريده ...
لهثت من فرط الانفعال والغيظ وهي تقول " إياك أن تسخر من اختياراتي مرة أخرى وإلا حرمتك من إبهاري !"
قال بضحكة عميقة " ماذا هل سترتدين في المرة القادمة جذع شجرة ؟!"
سرحت في عينيها نظرة عميقة أخافته وهي تقول " إن كان سيعجبك ولكن الشجر يزرع فقط !"
قال بتهكم " هل هذه المشكلة الوحيدة التي ستقابلك ؟!"
أسرعت تقول بعفوية " لا بالطبع ، بل أفكر من أين سآتي بالفأس حتى تستطيع أنت كسر الجذع وتصل إليّ ؟!"
ضحك مرة أخرى بصخب وهو ينزع متعمداً ذلك الريش المبهر من على كتفيها بعيداً ... ثم قال " السهر أصبح خطراً عليكِ يخفض معدل ذكائكِ الغير موجود بالأساس !"
صرخت في وجهه مولولة " جناحي يا مفتري ، الآن فقط عرفت سر قول امرأة مكسورة الجناح من زوجها السادي !"
نظر إليها بعاطفة جياشة وقال " تعجبني روحكِ الجديدة يا ناعمة ، سأعهد المتبقي من عمري حتى تظلي هكذا دائماً !"
لفت يدها حول عنقه ثم همست بوداعة " بك ومعك دائماً حبيبي !
رفع وجهه بعيدا عن فمها وهو يقول هذه المرة بجدية حازمة " وهنا نصل لأمرٍ غاية في الأهمية ستنفذين دون دفاعات منمقة " لا جروبات نسائية ، لا تواصل اجتماعي إذ أنه اصبح يفسد عقلكِ الوقح بالفعل ! " ثم امال قليلاً نحو درج الكمود المجاور للفراش يسحب منه طبق مغلف وفض غشاشه ببطء أمام عينيها المتوسعتين النهمتين وهو يقول بنبرة رخيمة " الآن فقط أنتِ استحققت حصتكِ من المانجو ، ومن نفس مكاننا القديم ناعمتي !"
.................................................. .

الجحيم كان يشتعل داخل جدران بيته الكبير مزلزلاً حيطانه من حوله وهو يجلس بهدوء مستفز يراقب التناحر الدائر بين نوة وخالد من جهة ... ضد شقيقتهم !!
ابنته الكبرى الصلبة القوية شبيهة أمها كان يراها كمرجل يغلي على شفى الانفجار كما لم تكن قط عندما صرخت فيها بغضب وهي تقول " يوماً سألتكِ يا بدور أنكِ تستخدمين ذلك النذل كورقة ضد زوجكِ وقلتِ أنكِ لستِ بتلك النجاسة فأخبريني الآن هل ما تقدمين على فعله يمت للطهر بأية صلة ؟!"
عقدت بدور يديها على صدرها باستخفاف وهي تقول ببرود " حبه لي وإخلاصه الذي لم يتغير رغم زواجي بأخر لين عقلي وقلبي تجاهه وغيرت رأيّ ببساطة !!"
هتفت نوة بنفاذ صبر مستهجن " إخلاصه ؟! هل تخدعين نفسكِ أم نحن ... عزام الحقير الذي نعلم يقيناً دون أن نرى بأعيننا أنه كل يوم في أحضان ساقطة ما ؟!"
رفعت كتفيها واخفضتهما دون معنى ثم قالت بفظاظة " علاقات عابرة كأي رجل ، لا أملك حق حسابه عليها قبل خطبتنا !"
" أنتِ مؤكد جننتِ ، ويجب وضعكِ في مصحٍ عقلي !"
تدخل خالد وهو يقترب منها بتحفز ثم قال " إن كنتِ متسامحة لهذا الحد ، أليس والد طفلكِ أولى بكرمكِ هذا ؟!"
اشتعلت عينيها الصفراوين وهي تلتفت لخالد بحدة ثم قالت من بين أسنانها " الأمر لا يقارن البته ... أنت لا تعلم شيئاً عن شخص يمنحك العهود والوعود يضعك في السماء السابعة ثم يتركك تهوي لسابع أرض متحطماً داخل خيباتكِ !"
قال بغير تنازل " بلا ... كلا الأمر سيان ... ولكن كالعادة غروركِ الذي يعميكِ لا يجعلكِ ترين الأمور على حقيقتها !"
كل ما كانت تراه أمام عينيها الغضب الأحمر وهي تهس من بين أنفاسها " بل أنت المعمي غارقاً في عهد منحه لك من أجل عيني دعسوقتك الحمقاء ، تدافع عنه باستماته دون أن تدرك حقيقة ما فعله بي ... غافلاً أن نمر الراوي سيمنحك نفس الخيبة ويغدر بك طاعنك للصميم كما فعل بي تماماً !"
انفجر شيء داخله مرة واحدة وهو يهتف فيها بخشونة " فليحترق هو ، إن ظننتِ بعقلكِ المتخلف أن وقوفي أمامكِ من أجل رجل رماكِ على طول ذراعه وتخطاكِ ، رجل أصبح لا يراكِ إلا امرأة منحلة تتهمها الصحف في عرضها الذي منحته على طبق من ذهب لتلوكه الألسنة !"
كانت المشاعر العنيفة تتصارع داخل صدرها حتى كادت تنفجر داخل أضلعها وهى تتذكر بحرقة ما يقصده خالد وقرأت كل كلمة ترديها قتيلة عدة مرات بسادية حارقة
" اخرس!"
هتف خالد فيها بنبرة متسلطة " بل اخرسي أنتِ ، وكفاكِ ما تفعليه بنا وبنفسكِ ... على جثتي إن سمحت لهذا الوضيع بالاقتراب منكِ !"
قالت بعناد جليدي " أنت لا تملك سلطة عليّ ، إن كنت ترى أن زواجي منه نار ستحرقني ، فأنا أراها فرصتي الحرة ! "
فتحت نوة فمها تقول شيئا ما ... فأوقفها خالد مشيراً بيده بغلظه وهو يقول بنبرة كطلقة الرصاص " فرصتكِ لترينه يتألم كما فعل بكِ عندما رأيته بين أحضان أخرى ... لهذا أنتِ اخترتِ عزام بالذات الذي تعلمين يقيناً أنه سيقدم حياته ثمناً أمام ضرب أخيه في امرأة تخصه ... ولكن دعيني أخبرها لكِ صريحة !"
صمت أمام عينيها التي توترت بوجع ملحوظ أمام ملامحه التي تلوت بمرارة الصراحة المطلقة المكشوفة ... ثم قال ببطءٍ ضاغطاً على كل حرف ينطقه بتأكيد " خاب انتقامكِ هذه المرة يا بدور كما مرات عدة ... أنت أصبحتِ ورقة محترقة !"
قالت نوة سريعاً دافعة إليها المزيد من الألم " تتغنين بحبكِ لطفلكِ واهتمامكِ به ، هذا الصغير عندما يكبر سينفركِ كأبيه بالضبط ... سينظر إليكِ كأم أنانية ... امرأة منحلة تزوجت بعمه وسمحت للألسنة السامة أن تطعنه في نسبه قبل أن يفتح عينيه على الدنيا !"
شحب وجهها حتى قارب لون الجدران ناصعة البياض وهي تقول " لا تتلاعبا بأمر ابني كابيكما ... هو لن يفعل سأفهمه كل شيء باكراً جداً ، ابني أبداً لن يتخلى عني !"
هتف ياسر ونوة وخالد في صوتٍ واحد دون تردد " سيكرهكِ !"
لم تلتفت لأخواتها بل عينيها حدقت في أبيها لاهثة مضطربة ، وغاضبة فقال ياسر بنبرة جامدة " سيكرهكِ غير قادر على تخطي الجرح الذي افتعلته في روحه ... كما كرهتني أنتِ بالضبط ... الغفران رفاهية لا يملكها آل الراوي يا بدور وابن راشد راوياً خالصاً بكل صفاتنا التي تُكون كل فرد منا !"
تسارعت أنفاسها وهي تقول بنبرة ميتة " هل هذا يعني أنك تتراجع عن قرارك الحاسم بزواجي منه غصباً إن رفضته أنا ؟!"
نظر إليها مستخفاً وهو يضع ساقاً على الأخرى و ببطء كان يخرج سيجار يشعله بهوادة تاركاً نار " ولعته" تحرقهم هم للحظات ثم قال أخيراً " في أحلامكِ ... زواجكِ منه قائم للنهاية !"
احترقت لأمد طويل وهي تقول بخشونة " إذاً ، نحن نتفق أخيراً يا أبي ... أنا لن أتراجع !"
اندفعت تتجاوزهم تهرع لتحتمي بجدران غرفتها حتى لا تكشف نفسها أمامهم أكثر ...
" أنا لن أتخلى عنكِ يا بدور ، مازلت هنا ، فقط لو تستمعين لي " قالت نوة في نبرة وضعت كل حنانها فيها ... أملها ورجائها أن تلتفت إليها تستمع لتوسلها ...
أغلقت عينيها بألم ثم همست " أنا دائماً ما كنت وحيدة يا نوة ... وسأبقي هكذا حتى وإن كنت أتظاهر بالحياة بينكم ... فلا تحاولي ادعاء شيئاً لن اسمح لك بتقديمه !"
حاولت نوة اللحاق بها ، غير قادرة على تلبية دفعها بعيداً هذه المرة ...
هتف خالد من وراء ظهرهما بنبرة لم يسمعوها منه قبلا قط
" سأمنحكِ وقتاً حتى ولادتكِ يا بدور ... وبعدها إن استمررت في طريق مؤامرتكِ سأكون حريصاً أن أضعكِ تحت وصاية قانونية مدعي جنونكِ ، وحتى والدكِ لن يستطع أن يقف في وجهي ، بموتى إن سمحت لكِ بالزواج منه !"
ثم التفت لوجه أبيه المصدوم قليلاً في ابنه الذي قرر أخيراً أخذ دورٍ عاش عمراً يدفعه إليه باستماته " قل ما تريده أبي ولكنك لا تملك حق تقرير مصيرنا وحدك ... هي لن تتزوجه ، إن قررت عقابها أخيراً وتحجيمها أنا سأتولى الراية منك عند هذه النقطة !"
وقف ياسر مواجهاً ابنه بانتصار وهو يقول " لا تعتقد أن حمايتك لها تغضبني حتى وإن وقفت في وجهي ... دعني أقول أني فخور بخروجك من عالمك الزاهد أخيراً لتحمل رايتك القادمة من بعدي !"
لم يفكر خالد وهو يستجيب لكل غرائز الفارس فيه وهو يقول " لا تسعد سريعاً أبي ، أنا قبلت بدوري نحو أخواتي ، وليس لاتباع مصير ترسمه لي بخبث !"
تحركت عضلة في وجه ياسر وهو يقول " لم أعهدك متطرف غير ملتزم بحدود الاحترام بيننا !"
" وأنا عهدتك دائماً ظالماً " همسها داخل صدره بحرقة الوجع على ما علمه مؤخراً واكتشفه من سر دفع لانا في طريقة ورفضه للفتاة التي يعلم يقيناً أنه يحبها !"
عندما طال رده اقترب منه ياسر يضع يده على كتفه يضغط عليه وهو يقول " مازلت في أول حياتك لتعرف أني أختار لك الصالح دائماً ما يليق بمكانتك ، ودورك القادم ... يوماً ما ستشكرني يا خالد وتعرف أن كل اختيار دفعته إليك كان الصحيح تماماً !"
فهم مقصده دون شرح أو استرسال في الحديث ... أخذ خالد نفساً عميقاً وهو يرفع رأسه في علامة على عدم التنازل أبداً ثم قال أخيراً بصوتٍ أجش " بالطبع أبي ، ولهذا تحديداً أنت بنفسك من ستبارك في الوقت المناسب زواجي من ابنة أخيك !"
تجمد وجه ياسر وملامحه تتشح بالسواد كما نبرته وهو يقول "
لن يحدث حتى وإن ظللت عمرك راهباً غير راغب في النساء !"
" إذاً ستبقى هي العائق الدائم بيني وبينك دائماً !"
.................................................. .

لم يشعر نزار بتلك الوحدة والحاجة قط ، بالتغرب عن أرضٍ وبيت وحضن دافئ كانوا هم دائماً كل ما يملك ...
وقف هناك داخل أسوار قلعته الحصينة والتي دائماً ما كان يسأل نفسه عن سر نفيها وهو بداخلها وكأنها تحميهما من وحوش العالم أجمع ... مفطور القلب ، منزوع الوجدان ، مسروق منه قبس الأمل والنور ... كان يقر أخيراً بأنها كانت محقة " ليتني ما غادرت حمايتكِ قط !"
تدحرج على السور حتى جلس القرفصاء يراقب أبواب الدار الذي تكمن داخله الحبيبة الأولى ، صاحبته ، طبيبته وناصحته ، قاضيه العادل ومحاميته ، تلك المرأة التي حطمها بكل سادية ، ناسياً ومتناسياً كل ما فعلته من أجله ، غير متذكر إلا الوجع الذي حصل عليه منها وكأن كل الأدوار التي قامت بها ، كل ما فعلته لم يشفع عنده أبداً ... أين كان العقل مغيب وهو يدحرها داخل الوحل ويدوس عليها بقدميه دون رأفة " لن تغفري لي أبداً !"
ترقرقت في عينيه دموع كئيبة وهو يحدق في نافذة غرفتها بالأمل والألم ، عله يلمح حتى طرف ثوبها الذي كان يتعلق فيه يوماً معتبره كل أسلحة الحماية ... جنته التي طُرد منها ، عندما فعل خطيئة أدم الأبدية والتي لم يتعظ منها البشر قط !"
صدى صوت والده المستخف جعله يرفع وجهه المتألم ، ينظر إليه برجاء أن يكف عن جلده ... ولكن جوشوا لم يتوقف وهو يجلس بعفوية جانبه ثم قال " هل سأقضي الباقي من عمرى ألملم أشلائك من مراقبة النوافذ يا فتى ؟ بالأمس تلك الفتاة راوي ... والآن " زوجتي الحبيبة !"
قال نزار بنبرة منهكة " كف عن إثارة أعصابي !"
صمت جوشوا لدقيقة كاملة قبل أن يسأله بهدوء " أين قلادة أمك التي منحتك إياها ؟!"
توتر نزار بشكل ملحوظ قبل أن يقول بصدقٍ أجش " وهبتها لأحدهم بعد أن نقشت عليها " الطير الحر المحلق في سماء العودة " !"
شق وجه جوشوا ابتسامة ناعمة وهو يقول " هل صدقت أسطورتها إذاً ؟!"
قال بأمل " أعادتها إليك في أول قصتكما ، ثم عادت لتعيدك أنتَ إلينا بعد عشرين عاماً ... فلماذا لا أتمسك بخرافة الحكايا ؟ ربما في يومٍ ما ستعيد لي أميرة البرج المحبوسة !"
رفع حاجبيه وهو ينظر إليه متأملا " أميرة ؟! وأنت أمير يا هابر فمن يعرف ربما يوماً ما تحقق أسطورة عشقك الخاصة مخلدها بعهدك وتحملك الحقيقي للمسؤولية !"
" هل مازلت تأمل فيّ بعد كل هذا ؟!"
هز جوش كتفيه وهو يقول " لا أملك خياراً آخر للآسف ، بما أنك ابني الوحيد حتى هذه اللحظة !"
عبس نزار وهو يقول مستهجن " ماذا تعني ، هل ترتب لزواجك مرة أخرى وإنجاب طفل تحقق فيه أحلامك المبتورة ؟!"
ابتسمت عينيه بتلاعب جذاب وهو يقول " لن أحتاج للزواج لدي واحدة بالفعل ، أما عن الطفل مؤكد أنا اخطط لهذا !"
اشتعل حنقه ويديه تتكور بجانبه في ردة فعل غيرة بحتة وهو يهدر في غضب " توقف أنت تتحدث عن أمي ، أتعلم أنا حقاً أندم في هذه اللحظة كونك أبي وإلا منحتك ما تستحقه !"
قهقه جوش وهو ينظر إلي حنقه معجب جداً بسجاله الدائم واغاظته ثم قال " تحتاج أن تضع في رأسك أني أباااااااااااك وليس زوج أمك يا حماري الأبيض !"
قال من بين أسنانه يقصفه" لِما استمع لجنون حرمانك ، على كل حال هي لن تسمح لك بالاقتراب... كما انك كليكما وصل لسن اليأس !"
" غباء آخر تنطق به ، لوح بهذا أمام أية امرأة وحتى إن كانت أمك وستجعل منك مجرد وجبة دسمة في قدرٍ مغلي على موقدها !!"
لوح نزار بيده حانقا وهو يعود يحدق في باب المنزل الذي يعجز عن الاقتراب منه فسمع أباه يقول بجدية " هل هي جميلة ؟!"
" من تقصد ؟!"
" ابنة الراوي "
أومأ برأسه وهو يقول باختناق " الجمال لا علاقة له بما جذبني إليها !"
" ما هو إذاً سر تمسكك بها !"
توترت كل عضلة فيه وهو يقول بصوتٍ أجش " هل شعرت يوماً بروحك تنزع منك ساكنة جسد آخر ، فتدفعك حلاوة الحياة لمطاردة جزئك الغائب هذا لتعيده إليك فتكتمل أخيراً ملتقطاً أنفاسك ؟!"
شردت عيني جوش نحو باب مليكته التي خرجت من بين أساطير الحكايا المصرية ... ثم قال " الآن فقط تستطيع أن تفهم ما تعنيه لي هناء ، روحي التي نُزعت مني ، وها أنا مازلت هائم في الفضاء الفسيح على أمل أن أعود للتنفس يوماً !"
اهتز نزار بعنف وهو يحدق في والده طويلاً حتى قال بتوسل موجع " توسط لي عندها دعني أراها ، أتشمم ريحها لمرة أخيرة قبل أن نغادر جنتها يا أبي !"
تشنج جوشوا وهو يعتدل من جلسته ثم قال وهو يعلق عيناه فيها " لن تحتاج لتدخلي ... قلب أمومتها الرحيم أحن عليك ، كما لم تفعل أنت قط !"
تقلص نزار بشكلٍ مؤلم بينما أنفاسه تُسلب على الفور وهو يقف ببطءٍ شديد كطفلٍ عاجز نسى ديناميكية الحركة عندما وقع بصره أخيراً عليها تقف هناك فاتحة بابها في انتظاره !
...............................................
كان صدره يعلو ويهبط بسرعة تتناغم مع عنف أنفاسه المسلوبة وهو يرى احد ذيول أفعاله القديمة أمامه ظهرت بعد اختفاء أعوام قاربت الستة أعوام ، حتى محى أمرها من عقله تماما ... شعر بالجزع يتصاعد بداخله فيحاول أن يسيطر عليه باستماته وهو يحدق في وجهها المستخف تنظر إليه بحقدٍ مكتوم ...
" ما الذى تريدينه؟! " قال اخيراً وهو يهبط من سيارته ، يسحب يدها دون مقدمات يجرها وراءه في احد الشوارع المخفية
لم تهتز وهي تفلت يدها منه تقف في وجهه بتحدي ... ثم قالت " حصلت على أميرتك اللعينة المغرورة أخيراً ... فأتيت محملة بالهدايا والمباركة !"
دفعها عزام نحو الحائط بشراسة وهو يقول " نادين ... لقد حذرتكِ آخر مرة إن ظهرتي أمامي لأي سبب سأمحيكِ عن وجه الدنيا !"
مطت شفتيها في برود وهي تقول " وهل تظن للحظة أنك أخفتني ؟ ما دفعني للاختفاء هي مطاردة نمر الراوي الذي حطم مستقبلي المهني قبل العائلي ... وكله بسببك أنت !"
غلت الدماء في عروقه بالغضب ولكنه حاول التحكم فيها وهو يقول متهكم " لا عزيزتي بل غروركِ وطمعكِ ، هو من دفعكِ لتحيدي عن خطتنا ويأخذكِ الجنون أنه قد يمنحكِ أكثر من جولة عابرة في فراشه ... أنتِ وحدكِ من اعتقدتِ أنه قد يربط نفسه ولو لمجرد اللهو بمنحلة !"
بصقت في وجهه بقرف وهي تقول" على الأقل لم أكن ألتف حول زوج أختي طامعة به كما تفعل أنت !"
مد يده يمسح الرزاز من على وجهه ببرود وهو يقول " إذاً الافعى كانت تكن في جحرها متربصة للوقت المناسب ؟!"
" بالضبط ... قبلاً رفضت منحي حصتي لعدم إتمام مخططك واستمرار زواجهما ولكن الآن بما أنك حصلت عليها أخيراً أريد الرقم المكون من ستة أرقام الذي وعدت به مضاعف !"
للحظات كان ينظر إليها باستخفاف ثم أنفجر ضاحكاً وهو يقول " غبية كما أنتِ دائماً ... لن تحصلي على شيء يا حلوة ... أنا لا أُهَدد !"
هست في وجهه بحقد " سأذهب إليه إذاً وأخبره بكل شيء!"
عاد للضحك المستفز مرة أخرى وهو يقول " وما الذي يمنعك عزيزتي ؟! انظري يا حلوة ما حدث بينكما لما أجبر أحدكما عليه ولم أعطيكِ أو هو مغيب عقل مثلاً ... بل فعلتماه بكامل إرادتكما ... أعتقد أنكِ مغيبة عن رد راشد اللاذع الذي سيمنحه لكِ إن ذهبتِ ... سيذهلكِ للحقيقة !"

قالت من بين أسنانها " سأذهب ... انا لا أُهدِد!"
ابتعد ناوياً المغادرة وهو يقول بلا اهتمام " اضربي رأسكِ في عرض الحائط !"
غضب متعاظم كان يأكل دواخلها ، لا هي لن تخسر كل شيء وهو يربح ... هذا حقها الذي لن تتنازل عنه ، إما يدفع أو يُدمر ... وكرد فعل منتقم هتفت من وراء ظهره بوقاحة خارجه عن السيطرة " عزام لمعلوماتك فقط وبناء على التجربة العملية ... أميرتك الغبية ستلفظك تماماً بعد تجربتها الأولى معك كما فعلت أنا ... إذ أنك مهما اجتهدت يا مسكين لن تقارن مطلقاً برجل يجيد إرضاء امرأة في فراشه حد ألا تعرف طعم للرجال بعده أبداً .....كنمر الراوي !"

التف على عقبيه كالصاروخ متوجهاً إليها متعدي عليها بالضرب وهو يهتف بجنون " أيتها العاهرة اللعينة !"
..........................................

دخلت جوان بساقين مرتعشتين ، تخطو نحو مكتبه كالذاهب لحكم الإعدام ، انتفضت كما قلبها المذعور عندما سمعت الباب يقفل خلفها ، لتصبح أخيراً في عرينه وحيدة هزيلة مستضعفة كما كانت أبداً ، رفعت عينيها المحمرتين من أثر البكاء ليال طويلة دون أن تسمع خبر يرضي جزع أمومتها على صغيرتها ، أو حتى يضمد هلع قلبها على زوجها ...
راقبت أخيراً راشد يقف هناك يسند إحدى يديه أعلى رأسه على إطار النافذة والأخرى يضعها على خصره من تحت معطفه ... تحركت شفتيها بمعجزة تحسد عليها وهي تهمس " شكراً لقبولك رؤيتي أخيراً !"
لم يلتفت إليها وصوته يأتيها بهدوء " هل أنت مستعدة لتقديم ما أريده يا جوان ، إن كانت اجابتكِ بلا فيؤسفني إخباركِ كالأيام الماضية اخرجي من هنا حتى تجدي شجاعة الاختيار !"
اقتربت منه خطوة مضطربة وهي تقول بشهقة بكاء مكتومة " هذا حكم بالموت عليّ ... الرحمة راشد !"
لم يتحرك من وضعه وهو يقول بنفس نبرته المميتة " رحمة لم تمنحيها لصغيرتي يا جوان !"
" كنت أريد ابنتي بيأس ، لم أدرك حتى فداحة اندفاعي إلا بعد أن . بعد أن ... "
التفت إليها أخيراً يتحرك برتابة نحو مكتبه ثم يخطف محرمة ورقية من العلبة الفضية هناك يقدمها لها في برود وهو يقول " جففي عينيكِ ، لا أحب التحدث مع المستضعفات ... إما تتحلي ببعض القوة في مواجهتي ... أو تنسي أمر نضال وابنتكِ تماماً !"
تقدمت تخطف منه بحركة أقرب للهوس تجفف عينيها بقوة وهي تقول بصوتٍ مرتجف " أنا بخير ، تغيرت صدقني ... ولن أغادر هنا حتى تعفو عنه .....وتسمح لي برؤيتها !"
أراح وركه يجلس على طرف مكتبه يضع إحدى ذراعيه على صدره ويمسك بإبهامه وسبابته ذقنه يحدق فيها بنظرة لم تصلها معانيها ... بينما بداخله وللحظات معدودة كبح نفسه أن يسخر من عشمها الطفولي ... يتعاطف مع هشاشتها ويكاد يتراجع عن ما ينويه من عقاب أشبه بتقويم لها ...علها تتحلى في حياتها القادمة ببعض التعقل " هل تعلمين أن ابنتكِ قبل أن تحطيمها بالطبع تبدو أنضج منكِ وأذكى بكثير !"
هزت رأسها عدة مرات موافقة كابحة نفسها بقوة ألا تنفجر في البكاء لمجرد ذكرها العابر " أعرف هذا منذ أن كانت مجرد رضيعة تتعلق في ذراعي ... هل تعلم أنها لم تكن تهدأ أو تنام إلا عندما تسمع نبض قلبي ؟!"
اغلق جفنيه كابحاً غضب واحباط وحزن يتعاظم بداخله ... ثم قال بصوتٍ أجش حازم " جوان ، توقفي ... أعلم هذا وأكثر إذ أنها استبدلت قلبكِ بقلبي أنا عندما ...!"
صمت مبتلعاً ريقه ثم قال بنفاذ صبر " فقط توقفي ودعينا فيما اتيتِ من أجله ... هل أنتِ مستعدة ؟!"
باستسلام تام ومرارة لا تحتمل كانت تفتح حقيبتها بيدين مرتعشتين تخرج عدة صور فوتوغرافية وبعض الأوراق وتمنحهم له وهي تنفجر في البكاء مرة أخرى دون قدرة على كبح نفسها ... ثم قالت بنبرة ضياع كمن ينزع قطعة من جسده بيديه ويلقيها بعيداً " هذا كل ما تبقى لي منها ... ما كان يبقيني على قيد الحياة أقاوم رغبة الانتحار كل ليلة يا راشد !"
مد يده يلتقط منها ما قدمته ... يقلب في الصور المهتزة والتي بدت أنها التقطت بواسطة هاتفها وقامت بطبعها لاحقاً ... كانت تحتوى على لقطات عدة تضم جوان المراهقة وصغيرتها الضئيلة التي تتشبث بها في جميع الأوضاع المختلفة التي أخذتها ... ثم فتح الورقة الوحيدة التي منحها لها بغبائه يوم ظن أن ترك هذه الأشياء معها قد تعزيها عن انتزاعها منها ... شهادة ميلاد سَبنتي الأصلية والتي تحوي اسم جوان فقط ، وبالطبع خانة الأب الحقير فارغة ...
تحرك من مكانه متوجهاً لصندوق القمامة يسحبه أمام عينيها ... ثم يقطع تلك الأشياء إلى أجزاء صغيرة ... فتشعر مع كل نزاع تسمع أنها هي من تتقطع حتى كادت أن تنهار أمامه ...
رفعت يديها تضم كلا كفيها بحرقة على فؤادها علها تستطيع تخفيف ذلك الألم الذي يندفع إليها بطلقات رصاص غير مرئيه دون رحمة ... تضم شفتيها بقوة علها تكبح أنين بكائها الحارق وهي تتابع جلوسه القرفصاء أمام تلك الحاوية ثم يشعل النار ... لتودع كل ذكرياتها التي اقتاتت عليها في سنين حرمانها ... اخفضت رأسها لينسدل معها ستارها الاصهب يغطى ملامحها ... كتفيها يهتزان بنشيج أشد حرقة من سابقيه !"
دقائق مرت حتى اطمأن راشد تماماً لاحتراق روحها المنزوعة منها ... ثم وقف يستدير إليها وهو يقول بنبرة خرجت رحيمة بعض الشيء " إن كان يعزيكِ الأمر فأنا آسف يا جوان ولكنكِ لم تتركي لي أية خيارات أخرى !"
عاد ينظر للرماد الذي يخبو ببطء وهو يهمس " هكذا انتهى أي تهديد قد يكشف أمر ابنتي يوماً للملاعين !"
" هكذا أنت قتلت آخر جزء كان يحيا مني !"
قال بخشونة " استحققتها ، هذا فعل يديكِ أنا ليس لدي أي دخل به ... والآن عيدي ترتيب نفسكِ ... ما أريده منكِ لم يأتي بعد !"
بفكِ يصطك ببعضه نطقت " ماذا ...؟!"
قال بجمود " وقت الصدمة لم يحن بعد ... هيا يا جوان ليس لدي وقت أضيعه معكِ يجب أن نتحرك من هنا !"
مد لها عدة مناشف أخرى وانتظر لبعض الوقت حتى تعيد ترتيب نفسها ...
ثم فتح الباب وهو يسحب يدها وراءه لتغادر معه ...
وقبل أن يغادر ردهة مكتبه كان يرفع عينيه الباردتين ، لتُصدم في عيني " الطاووس المحترق في نيرانه "
تجمد الزمن لدقائق بينهما وهي تحدق فيه بنوع من الصدمة وكأنها ما كانت تتوقع تلك الطعنة النجلاء ... رأها في بادئ الأمر تتوتر وكأنها عاجزة عن التنفس للحظات ... ثم كرد فعل أصبحت عادية متوقعة كانت تشمخ برأسها بتحدي بارد ... ابتسم باستخفاف وهو يتأخر خطوة يضع يده خلف ظهر جوان وهو يهمس بمهادنة " هيا عزيزتي سَبنتي في انتظاركِ !"
رفعت جوان رأسها تحدق فيه بعدم تصديق ثم سريعاً كانت عينيها تبتسم له بامتنان كطفلة يعدها بزيارة مدينة الملاهي!
تحرك مخلفاً بدور في مكانها وراءه وهو يقول بعملية لسكرتيرته " الغي أية مواعيد مقبلة ، أنا لن أعود اليوم ، لدي أمور أهم !"

" إن أردتِ اللعب بخسة فاشربي من قذارة كأسكِ !"
..............................................

بعد وقت دخلت جوان وراءه تهبط عدة درجات للأسفل في مكان مظلم يقع تحت أرض منزل راشد ...
تتلفت حولها بخوف هيستيري وجدت راشد يضغط على كفها مرة أخرى يجذبها لتتبع خطواته وكأنه بطريقة أو بأخرى يعلم يقيناً كيف تكره المناطق المشابهة إذ ذكرتها بحبسها الانفرادي الذي ألقاها فيه والدها حتى يخفي عار حملها ، ثم إنجابها صغيرتها من بعد ...
" هل ... هل نضال هنا ستحرره من أجلي ؟!"
وقف راشد أمام باب حديدي أسود اللون كالسواد الذي يحل فوق رؤوسهم ... ثم ترك يدها اخيراً يبتعد عنها خطوات وهو يقول أخيراً بنبرة مظلمة " أمر حرية نضال لم يعد من اختصاصي بل هو اختياركِ أنتِ الحر !"
قالت بتقطع مرتعد " ك... كيف ؟!"
صمت لبرهة واضعها تحت ضغط نفسي لا يحتمل يتلاعب بأعصابها ليدفعها لما يرغبه بالتحديد منها
" أرجو... أرجوك راشد؟!" همست بتوسل مريع من بين تنفسها الصعب وكان الأكسجين ما عاد له وجود داخل رئتيها !
اخرج مفتاح من جيبة وفتح الباب أخيراً ... وقبل أن تحاول الهرع لتبحث عنه من خلفه كان يجذب انتباهها وهو ينطق
بافتراس منزوع الرحمة بصوتٍ عالي حريص أن يسمع القابع هناك كل كلمة منه " أعني صفقتي المنصفة لكِ يا جوان ... إن أردتِ زوجكِ حرريه مني ، انقذيه من حكم الإعدام والتنكيل بجثته كما صدر حكمي الغير قابل للتراجع ... ولكن بالمقابل أنتِ ستنسين أمر سَبنتي تماماً لن تلمحي طيفها لن تقتربي منها ولن تذكري أمرها حتى بينكِ وبين نفسكِ !"
لهثت جوان وهي تنهار مستندة على حائط خلفها ... لم يهتم وهو يزيح الباب ليُفتح أمامها ثم يفرد كفها على كفه واضعاً مفتاحاً أخر لقيود يدي وقدمي نضال الحديدية وهو يكمل ببطء " أو اتركيه يواجه مصيره ... وسأمنحكِ ابنتكِ بين ذراعيكِ في التو والحظة ... سأعطيكِ جنتكِ وحلمكِ اللذان طاردتيهما طويلاً !"
" لا .لا هذا ظلم ... ظلم يا راشد !"
رفع يديه في علامة على انتهاء حديثه وكأنه أصدر حكمه الغير قابل للتغير أبداً ... ثم تراجع للوراء تاركاً لها حرية الاختيار أخيراً ... علها لمرة واحدة في عمرها تفكر بنضج متخليه عن ضعفها وسذاجتها ...
بقدمين معدومتين خطت لداخل غرفة إعدامه .. وقفت على بعد خطوات منه ، تحدق فيه بانهيار معتاد بدموع أصبحت جزء من تكوينها ولا تنفصل عنها ... للحظة واحدة . واحدة فقط قرأت الرجاء في عينيه ، الأمل في أنه يساوي أي شيء لديها ، بأن تكون زوجته المحبة ، أن يشكل لديها أية مكانة ... لا هو لم يكن يترجاها الرحمة من الموت ... إذ أنه لا يخافه ... بل كل ما يرتعب منه الآن وهو ينظر لعينيها أن تقتله بتخييب أمله فيها ... بأنه بل قيمة لديها مجرد مستخدم أقل منها مكانة ، بأن كل تضحيته بشرف مهنته ، بخيانته لأمانته ، بحمايتها وتحمل ما لا يقدر عليه رجل من اعترافاتها الطاعنة لرجولته .... كل هذا بلا قيمة وضاع هباء !

تحركت جوان نحوه تمسك وجهه الدامي بين كفيها المرتعشين وهي تهمس بهستيرية " أنا آسفة ... أنا حقاً آسفة يا نضال لا أستطيع التضحية بابنتي حتى وإن كنت أنت المقابل !"
وانهار كل شيء فجأة ولم يبقى إلا الحضيض ... هل يسمع أحد صوت السكين التلم الذي مر على عنقه ذابحه من الوريد للوريد ، حتى تدفقت نافورة دمائه الغير مرئية أمامها ...أم ان صوت انفجار قلبه الذي قفز من محجره لتدعسه تحت حذائها كان له الصدى الأقوى ...

لقد فهم . فهم ببساطة ما يهدف إليه راشد وكيف انتقامه أشد رعباً من جزع الإعدام ، إذ أنه أعدم كل شيء بالفعل بشكلٍ غير قابل لإصلاح ...
بعينين خاليتين من الحياة كان يراقب كيف استدارت تهرب من أمامه وكأنها لا تطيق لحظة واحدة في وجودها حوله وقد اتخذت قراراها " وماذا قد اتوقعه منكِ غير هذا يا ابنة الأمير ؟!"

دخل راشد عقب ان اخرجها للحديقة .. واعدها بأن ترى ابنتها و نظر لنضال بأسف حقيقي
ثم قال بتهكم " يا خسارة الرجال ، يا نضال هكذا رأيت بعينك ...وجربت معنى ان تضع روحك وكرامتك في يدى واحده منهن ... هل استحقت ما فعلت ؟!"
أخذ وقتاً طويلاً ليتعاطى مع الوجع قبل أن يرفع رأسه بكبرياء الرجولة المجروحة وهو يقول" كنت أحمي زوجتي ، وأنا غير نادم على هذا ... كل فرد فينا تصرف بأخلاقه !"
أطلق تنهيدة آسف زائفه هذه المرة وهو يقترب منه يضع سلاح نارى في حزام بنطاله الممزق ثم قال
" لن أجادلك ... والآن يا بطل أنت تعلم القواعد الحارس الذي يخون مهنته أو يفقد أحد أفراد مهمته ... مصيره معروف وواضح !"
وضع مفتاح قيوده في إحدى يديه اللذان فكهما بنفسه ثم أكمل بنبرة جامدة لا حياة فيها " حله الوحيد الانتحار يا نضال ... تلك هي مخاطر مهنتك التي تعرفها يقيناً وخنتها من أجل امرأة لم تحاول حتى أن تهادنني وتخدعني لتحريرك !"
تركه أخيراً مبتعداً ... مغلقاً الباب وراءه !
مستند على الجدار لبرهة يأخذ أنفاسه بوجه متصلب ... لم يعرف له الندم طريق

دقيقة أثنان وخمس حتى مرت عشر دقائق كاملة
ليأتيه بعدها صوت طلقات نارية شقت سكون جدران بيته المظلم
مخالطة لصراخات جوان التي اندفعت تدخل للمكان مرة أخرى تحاول تخطي جسده والوصول لباب غرفة إعدام زوجها ... تصرخ وتصرخ برفض بذهول وعدم تصديق أنه قدر بالفعل علي قتله ،تنهش فيه بهستيريا تضربه ترة وتلطم وجهها ترة أخرى ..
" حتى انهارت بين يديه ساقطة بين ذراعيه التي أسندتها ساكنة تماماً خالية من الحياة ... كما فعلت في صغيرته التي أوصلتها لأشباح المقابر قبل أيام !"

...................... :s m21::heeeelllll ooooo:


انتهى قراءة سعيدة





Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-19, 11:45 PM   #1495

shimaa1
 
الصورة الرمزية shimaa1

? العضوٌ??? » 166883
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,528
?  نُقآطِيْ » shimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond reputeshimaa1 has a reputation beyond repute
افتراضي

😭😭😭مين قراءه سعيده دي حراااام

shimaa1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 12:07 AM   #1496

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

ايه الجبروت دا لا بجد راشد حيوان مهم كان يتحمل سيبينى بس مش توصل الحقارة دى انت قضيت على جوان وقضيت على نضال مهما كان غلطه فى حقك ماتوصلش لكدا انتوا عيلة كلها حقيرة ماعدا شيماء وخالد

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 12:42 AM   #1497

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

قراه سعيد مين بقى ادفنيها يانور وخلصينا منها الفصل دمار شامل ايه النمر ناوى على ايه مع بدور سكوته وراه حاجه خطيره وياريت يكون نضال لسه عايش وفرغ الطلقات دى من قهرته من جوان واستغنائها عنه

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 01:00 AM   #1498

Mai aboelmaged

? العضوٌ??? » 454989
?  التسِجيلٌ » Sep 2019
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » Mai aboelmaged is on a distinguished road
افتراضي

قراءه سعيده ايه بس يا نور ده الفصل قفل علي قلبي و الله و انا الي كنت واخده الفصل بريك من المذاكره 😭😭😭😭💔💔

Mai aboelmaged غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 01:10 AM   #1499

theredrose

? العضوٌ??? » 286136
?  التسِجيلٌ » Jan 2013
? مشَارَ?اتْي » 805
?  نُقآطِيْ » theredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond reputetheredrose has a reputation beyond repute
افتراضي

تعرفي يا نور بجد اول مره اقرف من ابطال روايه كده وبعدين ايه مبرر راشد لكل ده وليه محسسني انه ربنا فوق وهو تحت زي ما بنقول
غير ده كله بقي انا نفسيتي كانت تعبانه وقلت اقرا يمكن افك شويه ضغطي بقي عالي


theredrose غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 01:13 AM   #1500

abeernagy

? العضوٌ??? » 449248
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 54
?  نُقآطِيْ » abeernagy is on a distinguished road
افتراضي شظايا القلوب٣

يا عينى عليك يا نضال😭😭😭😭😭

abeernagy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:42 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.