آخر 10 مشاركات
غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          443 - سر الأميرة - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          6 - موعد مع الغرام - روزمارى كارتر - ع.ج ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          328 - العروس المتمردة - جوليا جيمس (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          نصيحة ... / سحر ... / الأرملة السوداء ... ( ق.ق.ج ) بقلمي ... (الكاتـب : حكواتي - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-03-20, 05:40 PM   #2261

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7



الفصل السادس والعشرون ج1



جاء في سنن أبي داود: عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُاللَّهِ ﷺ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِوَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّاللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَاالْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» [سنن أبيداود/ 4297، مسند أحمد/ 21890، مسند أبي داودالطيالسي/ 1085]

.................................................. ..............



"صفقة القرن" أو كما هي تسميها "بصقة القرن؟!" التي كُتبت بواسطة أعداء الأمة وحضرها حلفاء العار من العرب.. وكادوا أن يصدقوا عليها متغافلين لولا الخوف من إذلال يطالهم لمئات من الأعوام القادمة يلعنهم هم وكل نسل ينحدر منهم... لكم تبغض زعماء العرب الضعفاء، الذين ذيلوهم بالوهن منذ قرون عابرة..!

" متى تستفيقين يا أمة كتب عليها السكون؟!"

"أم كنتِ تعنين تلك الأمة التي تقع في الضفة الأخرى من نهر الأردن، فهم لم يسكنوا أبداً.. أما إن كان وصفاً بلاغياً يشملنا جميعنا.. فالإفاقة التي تقصدينها مجرد أحلام مستحيلة..؟!"

قالت بنبرة سوداوية متهكمة "كحلمي، أن أعود لبلادي وأحصل على حقي في العودة, أليس كذلك؟!"

نقل الشاب جميل المحيا وعربي الطلة قدماً أخرى على الجرف الشامخ، كما شموخ أصول كليهما..! وقال بهدوء "قضيتكِ ليست شخصية يا لورين.. بل هي حلم كل نازح منا... ربما كل الاتفاقيات الدولية تنص على تمكين كل فلسطيني في حق العودة.. ولكن يظل العدو المتحكم فينا يترصد لنا أن نحققها يوماً؟!"

أطلت من عينيها نظرة موجعة متحسرة نحو المدن الفلسطينية.. التي تتلألأ ليلاً وتراها رؤى العين في ظلام الليل الدامس .. صارخة واضحة أبيّة وكأنها تخبر كل من يسحره جمالها أنها إلى الدهر باقية أرضاً للسلام تمتزج كل أطيافها تحت علم واحد لا يقبل نزع الهوية... "بصقتهم الأخيرة تنزع أي حقوق لنا.. تبقينا كما نحن بجنسيتنا الأجنبية؟!"

تبسم الشاب قبل أن يقول بهدوء "لا نحتاج لاعترافهم، ولا لهوية خضراء اللون لتثبت أننا من أرض الأجداد انحدرنا، ومن نفس الدماء كونّا، نحن رغم أنف التاريخ الذي شوهوه نحمل أرض الأحرار بداخلنا؟!"

أخيراً استطاعت أن تنزع عينيها من على القرى الفلسطينية على الضفة الأخرى في الأراضي المحتلة.. لتنظر إليه وهي تقول "وكأنك ليس أردني الأجداد يا طه.. تتحدث وكأنهم سرقوا هويتك أن تالآخر؟!"

انتفضت عروقه الحماسية وغضبت ملامحه العربية قبل أن يقول "رغم أني نصف فلسطيني كما بتِّ تعرفين.. ولكن لما أنتِ من ترفضين أن تصدقي أن القضية واحدة والأرض والعرض واحد، حربنا متوحدة ولن يهدأ مضجعنا حتى نهزم عدونا الأوحد؟!"

ضمت معطفها الطبي علي صدرها قبل أن تزيح خصلة من شعرها الشارد ثم قالت بثقة "لهذا اخترنا هنا، أول خطوة لنطلق صرختنا، لنستطيع أن نطالب من هنا بحق العودة والتي طالت جداً يا طه دون أمليلوح في الأفق؟!"

تنهد طه قبل أن يقول "لقد رفضتِ الدخول كوالدكِ بزيارة مؤقتة بأوراقكِ الأمريكية؟!"

هزت رأسها بنفي والغضب يتصاعد من حداد عينيها ثم قالت بقوة "أنا لن أسمح لهم بالختم على جواز سفري، لن أقبل بالدخول كأي أجنبي، يبقى أسبوعأو اثنين في بلده كالغريب.. مطلبي واضح وهو عودة نهائية، بهوية عربية، أو سأبقى هنا إلى الأبد مسببة لهم الصمم بصرخاتي!"

عم الصمت لدقائق بينهما يتخلله نظرات طه المعجبة ببأس عزيمتها بقوة انتمائها، بغليان دمائها.. وبالافتتان بملامحها الجميلة منذ يوم أن وقعت عينيه عليها... متى تسمح له بالاقتراب؟!

قال أخيراً "من يعرف ربما يوماً نفيق كما تأملين، وندب الرعب في قلب العدو الجبان ونسترد كل بقعة أرض أُُغتصِبت؟!"

قالت باستهجان "أنتَ تحلم؟!"

عبس وهو يقول "كل أمنياتكِ مجرد أحلام، ولكن الفارق أنكِ تؤمنين أنها ستتحقق..؟!"

حدقت فيه بعينيها الغاضبتين المشتعلتين قبل أن تقول "أرضنا لن تتحرر إلا بأيدينا، بدماء أحرارنا وشهدائنا الذين يحاربون هناك... أما العرب.. زعماؤهم على وجه خاص لن يفعلوها يوماً ونحن لا ننتظر منهم عوناً بعد أن باعونا؟!"

"لا تظلمي الشعوب؟!"

أشارت بإصبعها بحدة وهي تقول "كلامي واضح يا طه أنا أظلم الزعماء منهم، وليس الشعوب الذين طمسوا عقولهم ووأدوا أصواتهم تاركين إياهم في سباق مع الزمن من أجل تأمين لقمة العيش!"

أطرق برأسه وكأنه يخبرها أنه يوافق على كل حرف تنطق به، وكما غيره ليس بيده إلا الغضب, التنديد، أو حتى الوقوف في مظاهرات غاضبة أمام السفارة الأمريكية... لقد نجحوا على مدار أعوام لتحويلهم إلى مجرد أصوات تندد بالصدى، أرواح تهدد بلا فعل، هم أمه ضعيفة ساكنة يااا لحسرتِه....

"أتعلم ما هي السخرية المأساوية؟!"

عاد يحدق فيها باهتمام فقالت بتهكم "العرب يخشون أن يحرروا فلسطين فتقوم القيامة وتنتهي دنياهم المقيتة!"

هل ستشعر بأنه قليل الإحساس إن ضحك على تعليقها الآن، ابتسمت بشحوب وكأنها قرأت أفكاره ثم قالت "لا تخجل واضحك يا طه.. أنا وأخواتي نتمازح ضاحكات من الأمر...!"

برقت عيناه والضجيج يعلو بصخب داخل عقله كالمعتاد وكأن ضحكتها العرضية النادرة أظهرت بداخله حدائق غنّاء ..صمت للحظة يقاوم بمعجزة يديه التي تحارب بجانبه لأن ترتفع وتلمس دمعة حزينة هربت منها على غفلة وسكنت وجهها كجوهرة نفيسة زادتها جمالاً.. قال أخيراً وهو يزدرد ريقه بصوتٍ أجش "يوم أن تمنحيني جوابكِ بنعم، سأضحك كما لم يفعل رجل من قبل!"

ارتبكت واهتز شيء داخل عينيها، كما غلف الارتباك الغامض الغريب عودها اللين، ثم انسحبت من جانبه، وهي تقول "لقد أطلنا البقاء هنا، يجب أن أعود؟!"

ناداها بخفوت "لورين، الحياة تستمر ولا تقف عند مرحلة واحدة!"

لم تنظر إليه وهي تخفض رأسها للأسفل، ثم تخرج هاتفها بين أصابعها تنظر لصورة تزين شاشتها مسببة لها خفقان مؤلم، وممتع في الآن ذاته ..ثم قالت أخيراً بنبرة حزينة "هناك أرواح تترك بداخلنا علاماتها كالوشم تحت الجلد، لا هي تختفي ولا نحن نجرؤ على محوها.."

هبط من مكانه، ثم مد يده يلتقط الهاتف من كفها بحزم لطيف "إن كان هذا الوشم الذي تقصدين، فأنتِ تعلمين أنه يترك انطباعه بداخلي مثلكِ، ولن أجرؤ أنا الآخر على المطالبة بمحوه؟!"

رفعت عينيها تواجه عينيه بشيء من الصرامة ثم قالت "أنت لا تفهم، هناك أخطاء يصعب محوها، ويصعب تخطيها، كما يصعب العيش معها وفيها؟!"

هز كتفيه العريضين قبل أن يقول بنبرة رجولية "نحن بشر، خلقنا لنرتكب الأخطاء، لنتعلم منها، الندم جزء لا يتجزّأ منّا، ولكنه لن يصحح عثرتنا ولن يمحُ آثام صحيفتنا.. مُرّي عبرها ولا تبقيّ ثابتة في مكانكِ يا لورين!"

عمّ صمت آخر بينهما، يتخلله هواء الليل الذي يمر عبرهما بنسمات رقيقة هادئة وكأنها تطبطب على جروحها المخفية..

"لن أتخلى عن وشمي، ولا حلمي بأرضي.. لن أستطيع الاستمرار بمنحك نعم، إن أتيت أنت يوماً وأخبرتني بلا!" نطقت أخيراً حاسمة قرار طال البتّ فيه..

انخلع قلب طهّ من مكانه، وبدا مصعوقاً ومضطرباً في آنٍ واحد!

ثم قال أخيراً بعينين متوسعتين مذهولتين "أنتِ جادة..؟!"

هزت رأسها بتأكيد وبعقل واثق بخطواتها، رغم رفض كل نبضة ما زالت تأن بداخلها صارخة بألف لا..

دفن طه يده في شعره يتخلله بعنف مطلق ضحكة رجولية خشنة " يا الله، لم أتخيل أن موافقتكِ أصعب، من رفضكِ هكذا ، أنا لا أعرف حتى ماذا أقول في هذه اللحظة؟!"

عضت طارف فمها بخجل ثم قالت "ستأجل أي حديث الآن، فوشمي اختار هذه اللحظة ليحدثني؟!"

التقطت هاتفها الذي يضيء بين يديها، ثم استدارت مبتعدة عنه تاركة إياه يحدق في إثرها بمزيج من البهجة، والخوف.. خوف من مجهول معها هو مقدم عليه، تهديد لسعادته الوليدة، من خطر مضغة تدق بين أضلعها ويبدو أنها لم تعرف بها..!"



"لقد قلتِ أن أعدَّ على يدي اثنان وسوف تعودين.. الآن انخفض ثلاث أصابع ولم تأتي، أنا أفتقدكِ لولو؟!"

ارتخت ملامحها كما احتل الحنان نبرتها وهي تقول بمهادنة شقية "هل يمكنكِ أن ترفعي إصبع آخر فقط من أجلي، أعدك قبل أن ينخفض سآتي؟!"

قالت على الطرف الآخر بتجهم "لا، وأنا غاضبة.. سأذهب لمرح وأخبرها أني ما عدت أحب لورين، وأريد النوم معها هي!"

"أووووو، الآن أنتِ كسرتِ قلبي، وسأبكي، وأنا هنا ليس لدي مرح أو بابا ليُسكتني؟!"

"امممم حسناً لا تبكِ سأمنحكِ قبلة لمراضاتكِ، وأنتِ ستأتين قريباً، بعد أن تنتهي؟!"

قالت ضاحكة "وأنا سأحضر لك أطنان من الشوكولاتة، هذا سر بيننا لن تخبري بابا ولا مرح!"

همست على الطرف الآخر بتآمر "سنغلق غرفتنا ليلاً ونأكلها سوياً.. هذا سر أعدك؟!"

تنهدت محاولة أن تكبح دموع كادت أن تخنقها ثم همست "لولو تحبكِ جداً واشتاقت لضمكِ جداً جداً، أنتِ تعرفين هذا؟!"

"وأنا أحب لولو بحجم بيتنا كله؟!"

ضحكت لورين بهَم من بين دموعها "الناس تقول بحجم الكون، وأنتِ تقولين منزلنا فقط؟!"

"أمممممم لا بحجم بيت بابا أيوب، أليس هو الكون كله لولو؟!"

"بلا صغيرتي، بعد كل شيء بيت أيوب هو العالم أجمع الذي ضمّ بعض من شتاتنا وضمّد جروحنا؟!"

.................................................. .............



في ساحة جامعة جوتنبورج بالسويد... كان يقف بين زملاء دراسته لسنة التخرج في قسم "دراسة القانون الدولي" كما وعد صاحبة البحرين يوماً.. أترى مازالت تذكره، يمر طيفه في عقلها كما لم تفارق هي تفكيره يوماً..!!

يرتدي القبعة السوداء الشهيرة والرداء الحريري مماثل اللون, يبتسم دون روح لكاميرات البث الحي التي تأخذ لقطات لتكريمهم في حضور أفراد من الأسرة الملكية... أفراد عائلته هو الذين قدموا جميعاً، ليقفوا بجانبه محتفين به، يبادل نظراته السعيدة ظاهرياً مع جدته التي احتوته طوال ما يقارب الأربع أعوام، وعمته التي قدمت له الصداقة والحب، وحتى عمه المتجهم، الذي عانى وهو يحاول أن يدمجه معهم دون قبول فوري منه... وأخيراً أبيه الذي عوضه عن كل سنين الحرمان التي قضاها وهو يعتقد بأنه الابن المكروه المنبوذ... عائلته الملكية التي ينحدر منها واحتضنته متفاخرة به، محيطة به من كل جانب, مصاحبين له في كل خطوة بحياته معهم، لقد حصل نزار على كل ما لام هناء بأنها حرمته منه.. ولكن ما بال كل ما وصل إليه اليوم من مكانة علمية واجتماعية ودفء وتقبل.. لم يشبع روحه, ما زال قلبه يشعر بالخواء، وروحه الشريدة لا تعرف إلا الضياع، ربما قدمت له عمته "أدي" الصحبة، وجدته الحنان المطلق، وأبوه الدعم والوطن، ولكن لا أحدمنهم عرف يوماً كيف يمنحه عشق الأم الكامل "فقط لو كنتِ هنا، لو ضممتني يا أمي؟!"

الصفير انطلق من زملائه مع الهتاف باللغة السويدية والتي أصبح يجيدها وكأنه ولد داخل هذه الأرض ولم يفترق عنها يوماً، ولكنه لم يشعر فيها بالانتماء أبداً, ما زال بداخله لا يقبل الاعتراف إلا بتراب وطن كان هو من سعى لنفره "مصر!"

رفع قبعته كما زملائه وألقاها عالياً جداً يراقبها ترفرف لأعلى, تسبح في سماء الغرب, تحلق بعيداً كما يحلم هو يوما.. أن يطير بحرية عائد إليها.. إلى كلتيهما!

أخفض نزار عينيه نحو والده، والذي جلس في مقعد مخصص لأساتذة الجامعة التي هو واحد منهم.. تلك الجامعة التي شهدت رابط حب والديه، تلك القصة التي حيكت بمهارة وخداع، لتوقع بالعربية المغتربة.. هو الآن وبعد كل هذه الأعوام نضج ليعرف حجم الجرم الذي ارتكب في حقها، يا لحسرته في الإقرار بأن لا أحد كان الضحية غيرها "ابتسم من أجلها يا حماري الأبيض!"

حرك جوشوا شفتيه دون صوت من مقعده القريب، مما جعل ابتسامة رزينة تزين شفتي ولده، وهو يهمس بالعربية "أخبرها أن لا سعادة دونها، بأني مازلت منذ رحيلي عنها أقف في مكاني كطفل عاجز.. ليتها تعرف وترضى؟!"

لم يعلم نزار في تلك اللحظة، أنها ولأول مرة كانت تقبل أن تراه في اتصال مباشر، بأنها على الطرف الآخر على بعد ملايين الأميال تراقبه دامعة العينين فرحتين وبقلب يتراقص طرباً وفخراً تتمتم بآيات التحصين، كما كانت تدعو له دائماً، تلمس الهاتف بأنامل مرتعشة، وهي تهمس "لقد نجحت يا نزار الهوى، وجدت طريقك يا صغيري، لم تبتلعك الأحقاد، ولم تضيعك مني قسوة معرفة الماضي، أنا فخورة بما حققته حبيبي، سعيدة بحصولك على كل ما رغبته يوماً حتى وإن كان الثمن حرماني أنا منك؟!"

"ليتكِ كنتِ هنا حبيبتي!"

قالت بخفوت "أنا معه جوشوا في كل خطوة يخطوها، لم يتركه قلبي يوماً دائماً كنتُ حارس يرفرف حوله يحميه من كل مغرياتكم؟!"

قال بصوته الرخيم "لقد أحسنتِ تنشئة هذا الفتى،تقولها جدته العجوز طوال الوقت بنزق وامتعاض، وكأنها تحقد عليكِ لعدم فشلكِ؟!"

ابتسمت من بين دموع سعادتها ثم قالت قاصفة إياهبالسويدية "تقصد أنها حاقدة عليّ لأنني نجحت مع ابني فيما فشلت هي فيه معك؟!"

ضغط على السماعة الهوائية التي يضعها في أذنيه وكأنه يخشى أن يسمعها أحد ثم تنحنح بحرج وقال بتلاعب "اقبلي بعودتي إليكِ وربيني كما تريدين؟!"

نهرته سريعاً بنزق "رباه أنتَ لا تيأس، جوش عمرك تخطى الخامسة والخمسين وأنا الخامسة والأربعين..بالله عليك أي عوده تلك؟!"

ماذا يفعل مع امرأة صلبة الرأس عنيدة مثلها، كل هذه الأعوام، يذهب إليها بانتظام كل شهرين يحايلها، يغازلها، يتوسلها ويكاد يركع تحت قدميها لتقبل بعودتها إليه، وهي ما زالت عند صلابتها ترفضه، وأحيانًا تبغضه، وأخرى تطرده معللة أن ما فعله بها، لن يمحَ يوماً... حسناً هو يعترف بجريمته، يحاول أن يكفر عنها بكل الطرق ولكن أليس من الظلم أن يعيش كالرهبان ما يقارب الخمسة والعشرون عاماً، فقط ينتظرها "لن أكف عن المطالبة أبداً وكما أخبرتكِ يا هناء يوم أن أتوقف هو اليوم الذي ستتسلمين فيه جسدي لتواريه الثرى بنفسكِ؟!"

لم تفكر مطلقاً أنه يرى وجهها الذي شحب بجزع ، مصاحب لصوتها الذي هتف بلهفة "لا تقل هذا حفظك الله لي... أعني لابنك فهو ما زال بحاجتك؟!"

"بل حفظني لكِ سيدة هابر، لأعوضكِ عن كل ما فات قريباً.. قريباً جداً!"

تخضبت وجنتيها باحمرار الحرج ثم قالت وهي تهرب من الحديث "لا تخبره كالعادة أني كنت أحدثك، سأغلق الآن"

تنهد جوش وهو يقول "هناء، إلى هذا الحد وكفى، هو يحتاجكِ، وأنا ما عاد لي قدرة للسيطرة عليه، إن أراد ابنك بالغد العودة إليكِ لن أقف في طريقه!"

كلل ملامحها شيء من الحزن العميق قبل أن تقول بهدوء "أنتَ لم تفهم حتى الآن بروفيسور؟!"

عبس وهو يسأل "أفهم ماذا؟!"

كبحت دموع الحسرة والألم وهي تذكر نفسها بأنها من دفعته للرحيل، بأنها من لم تقدر على منحه الغفران والتفهم لما فعله بها... استطاعت أن تقول أخيراً بشحوب "إن أتى أنا لن أغلق بابي في وجهه كما فعل هو عندما رجوته أنا قديمًا... العلة أنه لم يحاول أبداً جوشوا، ربما أنا من دفعته لتركي ولكنه من استحب الهجران؟!"

"حبيبتي؟!" همس برفق

قالت مختنقة "لا تسأل ولا تتعجب، عندما يتعلق الأمر بقلب الأم؟!"

.............................................



كانت ضحكة جدته أول ما سمع عندما دلف إلىحديقة المنزل ينظر للاحتفال الصباحي الذيأقامته من أجله، اقتربت منه بحركتها البطيئة رغم أناقتها والكبر الذي يفوح من كل خطوة فيها.. فنقل هو ساقيه سريعاً وإلتقاها في منتصف الطريق، قبّل يدها ليس احتراماً أو حتى وداً كما كان يفعل مع هناء ولكن برتوكولاً ملكياً وأرستقراطياً كما تعلم علىمدار السنوات التي قضاها معهم "مرحباً بأول فتى بالتخرج، لقد ملأتني فخراً اليوم يا هابر الصغير؟!"

"هذا من دواعي سروري, جدتي؟!"

أمسكت ذراعه مستندة عليه بينما يدها الأخرىتستند على عكازها العاجي باهظ الثمن ثم قالت "تعال لأعرفك على ضيوفك...!"

رافقها مجاورا إياها، نحو دائرة صغيرة مكونة من رجل ربما في عمر والده تصاحبه فتاتين شابتين..

كتم نزار تنهيدة نزق، وقلبه يحدثه عن ما تنتويه جدته، والذي حدثته به عمته التي جاورتهم سريعاً تهمس في تآمر جانب أذنه "احذر الوحش الكبير ينصب لك فخاً؟!"

دبت جدته بعصاها الأرض وهي تلتفت لابنتهاوهي تقول "أدي، لن أسمح لكِ بتضليله بأفكاركِ الجامحة، حفيدي شاب عاقل ويعرف مصلحته، كما أنه ليس من الطبيعي أن يبقى إلى الآن دون صحبة فتاة؟!"

قالت أدي بإحباط "أمي متى تقتنعين، بأنه لا يستطيع، نزار يلتزم بتعاليم دين أخر، لقد أخبرها لكِ أخي آلاف المرات؟!"

قالت في عناد "إذاً فليختار فتاة جميلة من عائلة عريقة، و......!"

صمتت لبرهة وهي تعبس في وجه كليهما ثم قالت بحزم غاضب "أنا لا أصدق أني أفعل هذا وأتعدى على حريتك، ولكن يجب أن تأخذ أي خطوة في هذا الأمر أنت أكبر أحفادي وأريدك دائماً سعيد؟!"

قال نزار بهدوء "أنا سعيد بجانبكِ دائماً جدتي؟!"

"أنت لست كذلك، لا تكذب على امرأة عاصرت الكثير وحاربت بكل قواها الأصعب؟!"

هز نزار رأسه في نفي دون أن يعلق، فتابعت هي "من يوم أن أتى بك، وأنتَ تبدو كمن سُرق منه وهج حياته؟!"

رغم اضطرابه لم يعلق بشيء بل اتبع خطواتها يتعرف بروتينية على الفتاتين شديدتي الجمال، شعر أحمر عينين خضراوين, جسد يغوي عابد زاهد، وذكاء في إدارة الحديث ينم عن تنشئة عالية المعايير، نساء لا توجد بهن غلطة، ابتسم لإحداهن وقد لمعت عيناها وهي تطالعه بالمثل، بادلها الاهتمام للحظات، قبل أن تقول "رغبت بدارسة القانون من قبل، ولكن هوايتي بالرسم أخذت كل تفكيري ووو...!"

لم يستمع لباقي جملتها وابتسامته تنمحي ببطء متذكر حلم أخرى، أن تدرس القانون لتكن صوت يدافع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة مثلهم، أخرى كانت تُعبر عن كل أحلامها الضائعة بألوانها المهزوزة "كيف يريدون مني تخطيكِ وطيفكِ يمر عبر كل شهيق يدخل مجرى هوائي؟!"

.............................................



"ما آمر به ينفذ بالحرف الواحد، أنت أخطأت، وكل مبرراتك العقيمة لن تنقذك من تحويلك للتحقيق!" هتفها بحزم وهو يقف من مقعده الذي يترأس المجموعة، غير مبالي بهمهمات رؤساء الأقسام الغير راضية!

تدخلت نائبة رئيس مجلس الإدارة أي نائبته هو وهي تقول في برود منهيي أي صوت قد يتجرأ ويحاول مراجعته "كون أن القرار الذي اتخذته أتى بالنجاح صدفة، لن يبرر تخطيك إيانا ..المجموعة صمدت أمام الكثير من الضربات والعثرات، وتخطيناها بنجاح، كان يمكنك أن تطالب باجتماع طارئ وعاجل كالذي نعقده الآن؟!"

قال الموظف بنوع من الارتباك "ولكن؟!"

هتف هو بجمود بارد وقاسي "لا، لكن وكون أنك إحدى أقدم مديري الأفرع، لا يمنحكِ الحق للمجادلة، الاجتماع انتهى، وأنتَ محول الآن للشؤون القانونية؟!"

كان هو أول من انسحب من على الطاولة الكبيرة المنمقة، ووصل للباب الزجاجي يجر كلا طرفيه فاقتحمه بهدوء وصقيع وكأنه لم يتسبب في توتر وارتباك فوق العشرين موظف خوفاً على مناصبهم من مديرهم الجديد الغير رحيم على الإطلاق؟!

تبعته هي مغلقة الباب خلفها، وتوجهت نحو أحد النوافذ العريضة المطلة على الشارع العريق الذي يحد بينهم وبين نهر النيل مباشرة... كانت تحدق هناك بنظراتها المعلقة كالعادة بملامح خرسانية "أنتَ تتحول ببطء لنسخة أخرى منهم؟؟"

جلس على مقعده البسيط كما بساطة ديكور مكتبه الذي أصر أن يغيره كلياً منذ عام حتى لا يشبه بهرجة وفخامة حجرات أسلافه... قال أخيراً بتهكم "وأين المفر، وأنا بالنهاية منهم، لقد نجح كلاهما في طمس طريقي، ولم يبقى أمامي إلا إرثهم؟!"

أسبلت جفنيها وهي تعقد كلا يديها على صدرها وهي تقول بإحباط "القسوة على نفسك ومن حولك، لن تأتي إلا بنتائج عكسيي لا أريد لقلبك النقي أن يتلوث بالأحقاد؟!"

إدعى انشغاله في إنجاز شيء ما على حاسوبه، وكأنه يعمل كالعادة دون كلل أو تعب لإنجاز نصر آخر من إنجازاته التي وضعت اسمه الجديد في سوق العمل كفرد قوي، بأس قوي الشكيمة تنحني له أعتى الشركات احتراماً، دون أن يوصمه أحد بأنه مجرد فتى مدلل اكتسب أموالهم وشركاتهم الطائلة بالوراثة، بل حرص أن يصنع هو اسمًا خاص بذاته، لقد جدّ وتعب وسهر ليالٍ متواصلة ليعيد أمجاد شركاتهم ومصانعهم الضخمة إلى سباق أسواق الغزل والنسيج، بعد الورطة التي وضعوا فيها عقب انسحاب أكبر قطب و "هروبه!" مما أجبر ياسر الراوي في ذلك الوقت للقبول وإدخال شركات أخرى صغيرة لمساندته..!

ربما هو نجح في إعادتهم إلى الطريق، ولكن ما زال سباقه لم ينتهي حتى يجعل شركات الراوي كما كانت دائما شامخة قوية وكل أسهمها لا يحملها إلا اسماً راوياً بقيادته هو "فارس آل الراوي!"

رغماً عنه أغلق جفنيه وسحب نفسه بعيداً يحل رابطة عنقه بنزق، بينما ابتسامة ساخرة تكلل شفتيه "فارس آل الراوي، الذي استسلم لدوره الذي ولد من أجله وقفز من فوق سور راشد الذي أخبروه عنه يوماً، ربما هو بالفعل اتبع نصائحه وحقق نبوءته، ولكن خالد الذي يعرف مات تاركه علىا لطرف الأخر من الطريق يأن بجروحه يصرخ بأوجاعه يغرق في تخبطه، وهو لم يجد سبيل إلا أن يدير له ظهره ويتخطاه؟!"

إلتفتت أخيراً برتابة تنظر إليه من بين رموشها الكثيفة بحنان, بتفهم، للفراغ الذي يحتل صدره بتلك الفجوة التي تشابه فراغ أضلعها مكان الفؤادالمنزوع ثم قالت بنبرة حزن عميقة "لا تفعل يا خالد.. أرجوك انسحب مما أنتَ مقدم عليه الليلة، كلانا يعلم أنك تخدع نفسك كما أجدت خداع من حولك بسياستك الترهيبية منزوعة الرحمة؟!"

وقف من مكانه يتخطاها متوجه لتلك النافذة ينظر لكورنيش النيل بنظرة حملت الكثير من "الأنين، التوحش، الفقد و...الحقد؟!"

"الليلة ستكمل عامها العشرون، هل تعلمين أني وعدتها كما هي وعدتني بأن أجعلها حلالا لي في هذا اليوم بالذات؟!"

رفرفت بأهدابها تنفر دموع طفيفة اشتبكت هناك، قبل أن تعود تستدير نحوه مرة أخرى وتضع رأسها ببطء على كتفه تستند إليه كما كان هو سندها وعونها منذ أعوام "أذكر أنك أخبرتني بهذا وأنا في تلك المصحة!"

قال بحسرة "لقد كنتِ في عالم آخر وقتها، حتى ظننت أنكِ لا تشعرين بوجودي بجانبكِ؟!"

قالت باختناق "لقد فتحتَ قلبك لي كما لم تفعل لأحد من قبل، لقد كنتَ نعم العون يا خالد؟!"

رفع ذراعه المستندة خلف ظهره وأحاط كتفيها برفق يضمها إليه بحنان ثم قال "هذا كان واجبي الذي تغافلت عنه، ورغم كل الوجع الذي تربص بنا وقتها وفتك بصدركِ، أجدني ممتن لفعلة المخادع!!.. لتقريبي منكِ؟!"

رفعت عينيها العسليتين نحوه تتأمل وجهه الرجولي الذي ودّع ملامح الفتى المراهق، وأصبح أكثر نضجاً أشد قوة وجه رجل يثير الرهبة والاحترام لكل من تقع عينيه عليه... ربما الأمر كما فهِمَت أخيراً لا يحتاج قصصاً غرامية واحتواء شريك روح كما اعتقدت، بل أدركت أخيراً أنّ نِعم السند والعلاج لروحها النازفةكان دائماً يكمن في رابط الأخوّة.. ربما هي لم تستطع التخلص من نفسها القديمة، لم تقدم غفرانها لكل من كان السبب في فقدها صغيرها، ولكنها لن تنسى أبداً أنه وحده من قدم لها الاحتواء الذي تحتاجه.. أخيها وعزتها كان هو المسؤول الوحيد في إعادتها لأميرة بيت الراوي، لبدور جديدة ولدت من رحم ضياعها...

"هل تعتقد أنه يعرفني، هل يا ترى أخبره عني، ترى ما شكله الآن، هل يملك عينين تشبهني أم أخذ عينيه هو، هل تفكر مثلي أنه يستطيع أن يلفظ بماما..؟!"

ضغط عليها خالد بقوة وكأنه يمنحها عزماً وطاقة من داخله، لتبقى شامخة بجانبه، بأن لا تنهار مرة أخرى.. بأن لا يفقدها داخل فقاعة أوهامها "سيعود يا بدور، أنا لم أوقف بحثي عنه، ربما راشد يملك من المكر والدهاء أن يختفي عن الأعين حتى هذه اللحظة، ولكن لكل متجبر ظالم نقطة ضعف وخطوة غير محسوبة!"

رفعت كفها تكتم شهقة مؤلمة غادرت صدرها ثم تمتمت باختناق متقطع "ثلاث سنوات وأربع أشهروتسعة أيام... ألم يكتفي من عذابي بعد، ألم يحن قلبه المتحجر ليجبر أمومتي، فقط فليعد إليّ ابني، يسمح لي أن أضمه إليّ, أن أشم عطره الزكي الذي لم يفارق أحضاني قط.. سأفعل أي شيء سأقدم على كل شيء، مقابل نظرة واحدة ألمح بها صغيري!"

حررها من ذراعه ليعتدل مواجه إياها يمسك كتفيها بحزم لطيف، ثم قال "ثباتكِ في نفس بؤرة الوجع، لن يعيده إليكِ، ما تخطيته خلال تلك السنوات يستحق المثابرة.. أنا لن أسمح لكِ بالعودة لذلك المصح يا بدور.. إياب سيعود، ولكن ليأتي إليكِ يحتاج أم صلبةكما كنتِ دائماً، امرأة ذكية تعرف جيداً كيف تطيع من أمامها لما ترنو إليه دون أن يفقدها شيئاً من شيمها.. ابنك عندما تسترديه للأبد يجب أن يجد بدور أخرى جديدة تخلصت من رعونتها, غبائها، وضعفها المغلف بالعناد وسوء قراراتها؟!"

اتسعت عيناها وهي تحدق فيه بشرود حزين، قبل أن تبتسم أخيراً وهي تقول "وأنتَ لا تفعل ما تمنعني من العودة إليه... توقف عن طمس نفسك عن إيلام قلبك، كلانا يعرف جيداً بأن ما تفعله لن يشفي جروحك؟!"

تمتم برفض فوري "أنا لست مجروح.. أنتِ تتوهمين لقد تخطيت الأمر منذ أن فارقَت عيناي، أنا لم أعد حتى أذكرها؟!"

رفعت بدور أناملها الطويلة ببطء ثم وجهتها نحو عنقه تدس يدها تحت ياقة قميصه لتخرج خيط مقوى من اللون

الأسود عندما تقبضت يده على معصمها محاول منعها وهو يهتف فيها "توقفي؟!"

جذبتها سريعاً وفي حركة صادمة لترفع تلك الدلايةأمام عينيه وهي تقول بتحدي "وَهم قديم تخطيته، إذاً لما هذه ما زالت معلقة هنا، ألا يجب أن تتخلص منها اليوم بالذات على الأقل؟!"

أمسكها من يدها بملامح حملت من الغضب والسخط الكثير ثم أعادها تحت ملابسه يخفيها عن الأعين وهو يقول بجمود "إنها غرض يخصني فقط، ولا ينتمي لأحد كما تظنين!"

قالت بتلاعب "إذاً هي مجرد سلسال يعجبك، أليس من الحرام التزين بدلاية يا شيخ خالد؟!"

تحرك عائد لمكتبه وهو يقول "أنتِ رفيقة مزعجة، اذهبي من هنا من فضلك، لدي عمل أحتاج لإنجازه!"

مسحت وجهها بباطن كفها قبل أن تتمتم "والدك يحتاج لتقرير مفصل بآخر صفقة أجريت، أنا جهزت هذا الملف بالفعل وسأطبع منه نسخة وأرسلها لشريكنا الآخر، وأنتَ تولى الشرح لياسر الراوي؟!"

قال خالد بخفوت "ألن تغفري له بعد، أباكِ نال منه المرض يا بدور ولم يعد قلبه يتحمل جفائكِ، لقد خرجتِ من تلك المصحة بعد عام كامل، وتصالحتِ مع الجميع، بدأتِ تتفعالين ببطء، مع والدتكِ وأخواتكِ، ولكن هو ما زلتِ عند قسوتكِ وما زال هو يحرص علىاكتسابكِ في كل لحظة تمر؟!"

أغمضت عينيها بقوة وهي تذكر تلك الشهور الطويلة التي أُلقيت فيها داخل حجرة بيضاء خالية من كل سبل الحياة، غرفة لم تحوي في بادئ الأمر إلا علىأدوات بلاستيكية خوفاً عليها من إنهاء حياتها "ربما هي لم تكن لتفعل".. لأنها على كل حال كانت وقتها ميتة وما زالت.. من قال إن عام من العلاج أو التأهيل النفسي جعلها تنسى، أنهم جميعاً خدعوها، أنهم جميعاً شاركوا في قتلها ببطء ووقفوا حولها محملقين في روحها التي ترفرف كالحمامة المذبوحة طالبة النجدة، فيتظاهرون بمد أيديهم المقطوعة.. "إن استطاع أباك أن يعيد إليّ كل لحظة فقدتها مع رضيعي، إن إمتلك تلك القوة السحرية بأن يمحو سنوات العذاب والضياع التي عشتها وأعيشها ربما وقتها فقط، أنا من ستذهب إليه راكعة طالبة غفرانه؟!"

......................................



بخطوات واثقة، حاسمة كان ينهي له، برنامجه عالي التقنية والحماية، ثم يتركه عائد إلى مقعده يجلس فيه بأريحية.. يعلم أنه نزع منه أي تفكير في قول لا...

"أنت لم تترك ثغرة واحدة لم تقم بغلقها، أعتقد أنك تعرف جيداً أني سأوقع على صفقتك دون تردد؟!"

كللت شفتيه ابتسامة ظافرة وهو يقول "لم أقطع كل تلك المسافة قادم إليك بنفسي، إن لم أكن واثق مما أقدمه إليك؟!"

قال بهدوء "بالطبع!... ولكن لدي سؤال أخير؟!"

فرد مهندس البرمجيات يديه في علامة احترام وهو يقول "تفضل!"

تلاعب العميل بقلمه بين أصابعه للحظات بينما يده الأخرى تلمس سطح الحاسوب عينيه تجري علىالمخططات المقدمة بتقييم أخير قبل أن يقول بحزم "كما أخبرتك شركتك من قبل عند مراسلتي، ما الذي يدفعني لعقد صفقة معك.. وأنا لدي في مصر شركات تفوق قدرات شركتك بالكثير؟!"

انحنى الرجل الثلاثيني للأمام قبل أن يعقد يديه ببعضهم وهو يومئ برأسه في تهذيب مجامل قبل أنيقول ببطء "شركتي تقدم لك الحرية المطلقة في تركيب هذه البرامج ومتابعتها دون سؤال عن المكان الذي تريدها فيه، أو اعتراض على بعض الأماكن المخفية، التي لا ترغب في كشفها مع ضمان السرية التامة.. سيد تميم الخطيب!"

اعتدل تميم ينظر إليه بتفحص محاول أن يصل لما خلف تلك النبرة الماكرة، فمن أمامه بدا أنه بحث عنه جيداً ودرس كل تحركاته قبل أن يحاول التواصل معه.. و.. مهلاً لحظة هل يساومه؟!

هز رأسه قبل أن يسأله بغموض "إذاً برامجكمفتوحة، لأي مكان أريده، ولكن هل تعلم أن الضمان الذي أضعه في المقابل، قد لا تستطيع تسديده أبداًإن أخللت بجانبك من تلك الصفقة؟!"

مال فمه قبل أن يقول بعملية "سيد تميم، مؤكد أنك تعلم أن شركتي مجرد مكتب صغير في طور الإنشاء، ونحن نحاول بكل قوتنا أن نحرص علىدعم من الشركات الكبرى حتى وإن كانت في بلد أخرى وقارة مختلفة تماماً... لذا دعني أخبركبوضوح إنكَ إن وافقت نحن لن نضيع تلك الفرصة مهما كان الثمن الذي تطلبه؟!"

عاد تميم يمسك الملف المقدم والذي يحوي كل المعلومات عن من أمامه ثم قال "لدي سؤال شخصيإن لم تكن تمانع؟!"

"على الرحب؟!"

سأل "لقب عائلتك، ليس غريب عليّ كما من أوصى بك بالأساس، ينتمى لهذا الاسم بطريقة أو بأخرى لذا سؤالي هو هل أنت...؟!"

انمحت ابتسامته العملية اللطيفة قبل أن يمر بريق مخيف في عينيه أخفاه سريعاً وراء نبرة ماكرة وهو يقول "أنتمي لها من عدمه، لن يغير شيء، تستطيع القول أني مجرد شاب يحاول شق طريقه بنفسه، حتى لو استخدمت طريقة ملتوية في زج اسمي عبر أحد الأشخاص الذين أتعامل معهم وأثق فيهم؟!"

عبس تميم قليلاً قبل أن يقول بحسم "أنت اخترتني أنا بالذات.. بهدف آخر غير ما تدعيه، إن لم تكن كما أيقنت لكنتُ قدمت صفقتك لشركات الراوي، أليس هذا صحيح.. سيد ممدوح حسين زيدان؟!"

الرجل لم يكن سهل على الإطلاق، لقد أمضى شهور طويلة في البحث عن خلفيته، عن سمعته التي تسبقه كرجل أعمال يشق طريقة بين الكبار بسرعة رهيبةكما أن اقتحامه لأكبر شركات الغزل والنسيج في البلد كشريك، جعل الأقاويل تدور حوله، ولكنه لا يهتم إلا بشائعة واحدة يكاد يجزم أنها حقيقية.. شائعةتدينه بأنه مجرد عميل لعدو حقير..!

قال ممدوح بهدوء شديد "دعنا نسميها صفقة شاملةوبعيدة المدى سيد تميم, أنا سأقدم لك كل ما تريده بكل التسهيلات الممكنة، وأنت ستقدم لي شيئا أهم بكثير من المال؟!"

حدق فيه مرة أخرى بنظرات خبيثة، ومخيفة "إن قبلتها، احذر مما تساومني عليه، إن كنت عرفت شيء ما عني، صدقني لا يماثل أبداً جحيم الحقيقة؟!"

وقف ممدوح من مكانه ثم قال في نبرة مظلمة "جحيم؟!... صدقني سيد تميم أي ما كان تحمله أنتَ لن يماثل أبداً النيران التي تلظيت أنا فيها لأعوام طويلة!"

وقف تميم من على مكتبه ومدّ يده نحوه وهو يقول بنبرة مفترسة "إذاً لقد حصلت على ما تتمناه سيد زيدان؟!"

عقد الرجلين كفيهم في بعضهم في علامة ظاهرها السلام والتعاون الجديد المثمر، وفي باطنها توعد مخفي ومخيف، بزجه على خط النيران... أليس هذا ما أراده بالضبط، فلما الآن ينقبض قلبه برهبة وفزع؟!

...........................
يتبع
:a555::a555::a555:



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 30-03-20 الساعة 03:48 PM
Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-20, 08:11 PM   #2262

hajer ilahi

? العضوٌ??? » 382759
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 497
?  نُقآطِيْ » hajer ilahi is on a distinguished road
افتراضي b

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

hajer ilahi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-20, 11:45 PM   #2263

raflaa

? العضوٌ??? » 396870
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 366
?  نُقآطِيْ » raflaa is on a distinguished road
افتراضي

pour votre collaborationmerci bien

raflaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 12:14 AM   #2264

besomahd
 
الصورة الرمزية besomahd

? العضوٌ??? » 127637
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 391
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » besomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nice
Elk

السلام عليكم , إن شاء الله تستعيدي كل الفصول التي فقدت مع الصيانة , وفرصة لنا نعيد قرأتها والتعليق عليها من جديد
رانيا حسني


besomahd غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 05:37 AM   #2265

مها العالي

? العضوٌ??? » 372455
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 132
?  نُقآطِيْ » مها العالي is on a distinguished road
افتراضي

شكرا ليك على تعبك 😍😍😍😍😍

مها العالي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 07:13 AM   #2266

Mon abdou

? العضوٌ??? » 449919
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 333
?  نُقآطِيْ » Mon abdou is on a distinguished road
افتراضي شظايا القلوب

تؤتؤ مخفى ليه اعصابى تبوظ منى كده

Mon abdou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 07:15 AM   #2267

Mon abdou

? العضوٌ??? » 449919
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 333
?  نُقآطِيْ » Mon abdou is on a distinguished road
افتراضي شظايا القلوب

جود مورنينج لكل الحلوين

Mon abdou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 07:17 AM   #2268

Mon abdou

? العضوٌ??? » 449919
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 333
?  نُقآطِيْ » Mon abdou is on a distinguished road
افتراضي شظايا القلوب

رائعة رائعة ودائما فى تقدم

Mon abdou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 02:06 PM   #2269

Noipooo

? العضوٌ??? » 401652
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 204
?  نُقآطِيْ » Noipooo is on a distinguished road
افتراضي

Ffff😂😭😭😭😭😭😭😭😭😭🚶🏻‍♀🚶🏻‍♀🚶🏻‍♀😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭

Noipooo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 03:18 PM   #2270

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

يا رب ترجع الفصول الي اتحذفت 🥰🥰

اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.