آخر 10 مشاركات
603 - يائسة من الحب - ق.ع.د.ن ( عدد جديد ) ***‏ (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          Harlequin Presents - March - 2014 (الكاتـب : Gege86 - )           »          دموع تبتسم (38) للكاتبة: شارلوت ... كاملة ... (الكاتـب : najima - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          رافاييل (50) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الأول من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : Gege86 - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          32 - خذ الحب واذهب ! - ليليان بيك - ع.ق (الكاتـب : فرح - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          30 - لا تقولي لا - فلورا كيد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-03-20, 08:23 PM   #2271

Hoda.alhamwe
 
الصورة الرمزية Hoda.alhamwe

? العضوٌ??? » 456087
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Hoda.alhamwe is on a distinguished road
افتراضي


الاسم مش غريب عليك ياتميم ماهو ممدوح ابن عم ايهاب يا اخ انت 🙄🙄🙄

Hoda.alhamwe غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:27 PM   #2272

Mon abdou

? العضوٌ??? » 449919
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 333
?  نُقآطِيْ » Mon abdou is on a distinguished road
افتراضي شظايا القلوب

اااااه ااااه ياقلبى

Mon abdou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:36 PM   #2273

fatma ahmad

? العضوٌ??? » 341296
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 688
?  نُقآطِيْ » fatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيييييييل حضوووووور 💞♥️❤️

fatma ahmad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:39 PM   #2274

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل السادس والعشرون ج2



"إذاً، أنت حصلت عليه بكل هذه السهولة ومن أول مقابلة، لما أجدني غير قادر على تصديقك؟!"

قال ممدوح بنزق وهو يفتح الباب الخلفي لسيارة إسراء والتي استولى عليها فور أن قدم لهنا "بالله عليك، وما الذي يدفعني للكذب, هذا عمل يا مراد، والرجل الذي واجهته الآن يبدو أنه يعلم جيدا كيف يقيم كل ملف مطروح أمامه وقد يحصل منه على منفعة محتملة؟!"

قال مراد متهكم "هذا مؤكد... رغم نفوري منه أنا لا أنكر أنه عقلية جبارة تستحق الاحترام.. انظر إليه استطاع في فترة قليلة أن يدمج شركته حديثة العهد بشركات الراوي التي حارب الكثير للوصول إليها..!"

عرج ممدوح بشكل واضح حتى وصل لمقدمة السيارة وإتكأ عليها وهو يقول بهدوء "هل هؤلاء هم عائلة زوجة إيهاب؟!"

لم يجرؤ على نطق اسمها، وبالطبع كيف يفعل ومجرد طيفها يسبب له جرحاً دامياً محفوف بالكثير من الندم، ربما هو تخطى الكثير من أغبرة الماضي... ولكنه ما زال محبوس في حادثين، لم يستطع أي دعم أو علاج قاسي تلقاه على يد أخته وزوجها... أن يتخطاهما، الصغيرة البريئة وصاحبة الحداد التي هجرته وتركت له أطلال من الحزن الذي لا يمحى؟!

سمع مراد يقول "يفترض أنك تعلم، ألم تتبجح بإخباري أنك درست خصومك جيداً قبل أن تقدم على ما تريده؟!"

عيناه الخضراوان كانتا شديدة العمق وهو يغرق في النظر داخل خطوط تفكيره دون تجرد ثم قال أخيراً "لن أطلق عليهم خصوم كل ما أسعى إليه هو سداد ديون تثقل كتفي؟!"

زفر مراد بتعب قبل أن يقول "حسناً.. حسناً انصتلي جيداً لأن القادم هو التهديد الحقيقي لنا؟!"

تأهب ممدوح وهو يعتدل من على مقدمة السيارة وهو يقول "لا تقل إنك استطعت أخيراً ترتيب لقاء لي معه؟!"

قال مراد "هو لا يعرف أنك طرف في هذا اللقاء.. لذا أرجوك لا تفسده، لا أهتم بما قد تخبره إياه.. ولكن احرص أن لا تضيع تلك الفرصة لأني لن أقدم لك غيرها أبداً؟!"

هزت قشعريرة عابرة جسده النحيل قبل أن يقول بنبرة مهزوزة "لا تقلق ربما هو يملك كل الحق في الحقد عليّ، زجي بعيداً لو حتى ضربي دون أنأستطيع الدفاع عن نفسي... ولكن أنا الآخر أملك من طاقة الغضب قوة، لا يستهان بها, سلاح فتاك سيجعله يرضخ لي بالنهاية مستمع لما أودّ قوله؟!"

تمتم مراد بشيء ما على وعد ما باللقاء... وأخفض ممدوح هاتفه قبل أن يلتف متوجه لباب مقعد القيادة حتى أوقفته تلك الأنثى التي اصطفت سيارتها خلفه، وهبطت برشاقة وأناقة وخفة ساحرة، تخطو نحو المكان الذي خرج منه لتوه "مريم؟!" هتف دون سيطرة على أفكاره بينما يحدق في المرأة التي التفت إليه من خلف كتفها تنظر إليه بسطحية دون اهتمامحقيقي "عفواً هل تقصدني؟!"

الارتباك كان يغرقه وهو ينظر للشعر العسلي المنسدل بحلقات حلزونية يحيط الوجه المستدير شديد البياض، ووجنتيها الممتلئتين المرفوعتين بأناقةوذلك الأنف الصغير المرتفع بكبرياء تعلوه عينين عسليتين قويتين مخيفتين، تختلط فيهما مشاعر كثيرة عدا الضعف أو البراءة؟!

عندما طالت إجابته رفعت حاجبيها المنمقين باستهجان رامقة إياه بنظرة تقليل.. مما أجبره على أن يقول باعتذار "آسف.. ظننتكِ شخصاً آخر؟!"

أومأت بجانب وجهها دون اهتمام قبل أن تلتفت مرة أخرى متخذة طريقها نحو المبنى وهي تقول "لا عليك دائماً النظرة الأولى والتي تتسم بالسطحية تصدر حكم مسبق وظالم، أنصحك بالتريث والتفكير قبل أن تسمح للأفكار أن تتجاوز شفتيك؟!"

تابعت طريقها بينما تضيق عيناها بغرابة.. هل رأته من قبل الشبه ليس غريب ومعرفته باسم أختها يثير لديها الكثير من علامات الاستفهام؟!

اختفت بعيدًا عن عينيه المفزوعة أخيراً تاركة سؤال يعلق في رأسه هل هو جاهز بالفعل لكل ما ينتويه، إذ كان مجرد مرور عابر لشبيهتها لها دمره دون رحمة..فكيف يكون الأمر إن واجهها هي ...أو أسوء إن عثر على زوجته النازحة؟!

..............................................



"مرحباً بكِ، في فرعنا المتواضع؟!"

ابتسمت بدور على المداعبة، قبل أن تتقدم نحو المقعد واضعة خطواتها واحدة تلو الأخرى بتمهل وتريث وكأن ساقيها الطويلين الممتلئين مزمارين يطلقان أعذب الألحان التي تجذب نظر كل من تمر أمامه دون قدرة لهم على نزع أعينهم عنها.. قالت أخيراً في رزانة "على الرحب سيد تميم، لقد أتيتلإخبارك بنفسي بما جرى في الاجتماع العاجل اليوم، لعدم مقدرتك على القدوم، كما أني ارتأيت أنهمن الأفضل أن أمنحك أوراق الصفقة الأخيرةبنفسي!"

كان قد وصل إليها في منتصف الطريق، فمدت يدها بتلقائية قاصدة تحية قصيرة، ولكنه في حركة جريئة كان يرفع كفها نحو فمه ويلثمها في احترام... ارتبكت وهي تسحب يدها سريعاً متمتمة بتوتر "لا أحبذ هذه التحية تميم حتى وإن اقتضىالإتيكيت بفعلها؟!"

أشار بيده نحو الأريكة الجلدية التي تتوسط مكتبه رفيع الطراز.. في دعوة للجلوس ولكنها تخطته بهدوء لتجلس على مقعد مواجه لمكتبه ثم قالت "لا داعي,أنا هنا في عمل!"

عاد لمكانه وهو يقول مباشرة "لما الاستمرار بالرفض؟!"

غمغمت "ولماذا الإصرار؟!"

تراجع في مقعده يترصدها بتلك النظرات التي تعلو عينيه المخيفتين دائماً ثم قال "وما المانع في إصراري على ملاحقتكِ.. أخبرتها لكِ سابقاً.. أجد فيكِ كل مواصفات الزوجة التي بحثت عنها طويلاً.."

مدت إصبعي السبابة والوسطى تدفنهم خلف أذنها تمسد هناك، في حركة أوضحت له كم التوتر الذيتخفيه خلف قناعها الخرساني ثم قالت بهدوء "هل تعرف تاريخي كله حقاً يا تميم؟!"

لم يظهر أي تعبير على وجهه جامد الوسامة .. بل ظل ينظر إليها متمعناً وكأنها تسأله عن طبق اليوم في أحد الجرائد، ثم قال أخيراً بسلاسة "و هل ما كان يتردد عنكِ في الوسط صحيح يا بدور؟!"

أطلقت ضحكة استهجان قصيرة قبل أن تقطعها سريعاً وهي تقول بجفاء "وهل إن كان صحيح، كان حرمني من صغيري؟!"

تميم كان رجلاً معقداً، لا تستطيع أن تصفه بالذكاء فقط أو حتى بالمكر كما أنه كان أكثر بكثير من أن تطلق عليه رجلا قوياً مسيطراً وتكتفي، بل بجانب غموض حياته هو كان أعقد من أن تفسره ببساطة، ربما لهذا السبب بالذات هي تسمح له أن يتسلل داخل حياتها ببطء... ربما الدافع الحقيقي أنه بطريقة أو أخرى يذكرها براشد..!

أغلقت جفنيها سريعاً لوهلة ناهرة نفسها بقوة "لا تذكريه هو لا يعنيكِ، مجرد رجل خطف صغيركِ، ويوم أن يعيد خالد ابنكِ ستتخطينه!"

سمعت تميم يقول بنبرة غريبة "لا ليس هذا دفاعكِ يا بدور، أنا لا أصدق ببساطة لأني الآن بتّ أعلم جيداً أي امرأة قوية، فخورة حرة أنتِ!"

لم يظهر أي تعبير على وجهها أرستقراطي الجمال، لولا لمعة دموع أبيّة طفرت من عسل عينيها وارتباك أناملها التي طرقت سطح المكتب بتوتر و شرود "كان لدي فرسة تسمى حرة، قُتلت يوم ولادتي إياب، لقد غافل كلب شوارع مسعور السايس وهجم علىوليدها الذي كانت وضعته منذ أيام، حاولت الدفاع عنه، فكان نصيبها أن يقفز على ظهرها ويترك هناك علامة عضته القاتلة!"

الآن كان الارتباك من نصيبه، إذ أنها أبداً لم تقدم على إخباره بشيء شديد الخصوصية كهذا.. أكملت وهي ترفع وجهها ترسم ابتسامة خادعة واهية مشوبة بالكثير من الحزن "لقد قام زوجي السابق بقتلها بنفسه، من فوارق القدر أن فرسته تلك كانت آخر رمز في قصة.. عش... أعني

زواجنا؟!"

قال تميم بتلقائية "سمعت عنه الكثير وقابلته مرة واحدة دون أن تأتي فرصة للتعرف المباشر بيننا، ومن بين كل ما اعتقدته عنه لم أتوقع أنه حقير بهذا الشكل؟!"

دبت بدور على المكتب بحدة وهي تهتف "لا أسمح لك أو لغيرك بنعته بهذا وأمامي!"

"هل هذا السبب في رفضي المستمر.. أنتِ ما زلتِ تتألمين.. أنتِ تحبينه؟!"

صراحته كانت مثيرة للغيظ، ومن ذاك الأحمق الذي ادعى أنها قد تنسى رجل حطمته وحطمها، أبداً...

قال بإغاظة "وهذا هو المقصود، الأحكام المسبقة التي نفرضها على البشر دون معرفة مسبقة دون أن نتعامل معهم حقيقة.. نقترب منهم ونتعرف عليهم.. نرى ما خلف الوجوه الخادعة التي يقدمها لنا مجموعة من الحاقدين من فرضيات حول الشخص المقصود؟!"

هزت رأسها بيأس وهي تقول "للأسف هذا صحيح، بعض الأشخاص يريحهم بل ويسعدهم فشل إنسان ما، أو إثارة أقاويل سيئة حوله، شاعرين بالرضى الداخلي عن أنفسهم, مشبعين أحقادهم وإخفاقهمالشخصي, متوهمين أن وقوع هذا "الشخص" نصراً لهم هم؟!"

قال تميم بهدوء "بالضبط يا بدور.. كما أنتِ تطلقين الحكم المسبق عليّ وتتحاشين سؤالي المباشر، هل جنسيتي المزدوجة و التي تتيح لي الدخول لبلاديالأصلية والخروج منها بأريحية .. كما يتهمني البعض أم لا؟!"

إلتوى جانب فمها بتلك الابتسامة الشرسة قبل أن تحدق فيه بقوة وهي تقول ببطء "بالنسبة لأبي الذي قبل التعامل معك أنت مصري بأصول فلسطينية.. وبالنسبة لي أنا شخصياً لا دخان دون نار، وأنت تطلق حولك شائعات من ذلك النوع الذي لا يقبل التهاون فيه أو التفهم؟!"

تمتم بصوت أجش شارد "كل منا يرى هذا الأمرب منظوره يا بدور؟!"

قالت ببرود "ما جعلني أقبل التعامل معك أني عانيت بالفعل من أحكام ظالمة.. ربما أنتَ لا تحمل تلك الجنسية، ربما ما يدور حولك ظلماً أو مجرد شائعات، وربما أخرى أن أهدافك نبيلة، وتناضل في القضية بطريقتك.. ولكن هذا لن يمنع اتهامك بالخيانة العظمى إن طبّعت معهم يوماً؟!"

بدا أنها أخذته على حين غرة، أو قالت شيء أثار إليه ذكرى موجعة أتت من الماضي السحيق، وكم كانت محقة عندما شردت عيناه للبعيد واشتدّ فكه متلوي بعنف وكأنه يعاني من طيف ماثل خنجر مسموم إنغرس في منتصف صدره..

رفعت وجهها بحدة تحدق فيه بحقد.. بكره لم يحجبهحتى نبرتها المشحونة بدموع العين "أنتَ منهم؟!"

ضغط تميم على ذراعها بكفه في محاولة مستميتةلجذبها بين ذراعيه.. ثم قال في مهادنة "كل منايدافع عن القضية بمنظوره؟!"

صدته بكفها بحده توقفه! ونزعت نفسها منه بغضبوهي تهمس من بين أنفاسها "بالتطبيع وبالانتماء إليهم يا خائن؟!"

بهتت ملامحه، ليس بفعل الغضب الذي أثقل لسانه،ولكن صدمة.. وذهول الجهل؟! "وماذا تعرفين أنتِ عنا"دير" لتحدثيني بتلك النبرة؟!"

لم تجبه بل لملمت خيباتها، وصدت نور الشمس التي ظنت أنها ستشرق دنياها، وحجبت نفسها المنتهكةفي الظل، في تلك الزاوية المحجوبة لخيبات البشر...

ثم كانت تترك لساقيها العنان تسابق الريح تاركة إياه خلفها "مجرد حطام تسمع صراخه باسمها"المجهول؟!"

فلا يزيده إلا إصرار للفرار....

"تباً لطيف غزالته الصغيرة المخادعة.. إلى متى سيبقى مسجون في عبيرها يحاول مقارنتها بوجه كل امرأة تقع في طريقه؟!"

نفض رأسه وكأنه ينفر ذكراها بعيداً، يعود يحدق في ابنة الراوي, يعلم أن لا أحد قادر على سد تلك الفجوة إلا امرأة كبدور.. امرأة تماثل غزالته قوة وإباء، شابة تعلم جيداً كيف تولد من رحم كل معاناة بروح جديدة وكأنها إحدى محاربي الفايكينغكلما سقطت، وظن أعدائها أنهم طوعوها بانهزام، تقف من جديد تهب حاملة سيفها، وتخوض كل معاركها بنفسها!

"ما زلت أنتظر موافقتكِ.. واعلمي أني سأقدم لكِ كل فروض العشق والإخلاص، لا أحد قادر على احتواءامرأة مثلكِ غيري؟!"

ربما جملته تتشابه مع جملة الحقير قديماً ولكن شتان بينهما, فرغم كل شيء تميم الخطيب رجل بحق، مخلص وعون في الأزمات.. رجل لا يحمل أيضغائن أو أهداف قذرة.. ورغم احمرار وجنتيها بخجل من جملته المداعبة الواعدة كانت تقول بهدوء "أنا قضية خاسرة يا تميم لا تبني أحلاماً حولي، إذ أني لا أملك شيئاً من نفسي وقد سبق وأخذ ابني وأبوه من قبله كل شيء!"

.................................................. .



الساعة كانت تخطت السابعة مساءً، كان يعلم جيداً أنه تأخر ومن المفترض أن اليوم هو يومه المرتقب الذيحدد منذ شهور طويلة بين العائلتين ولكنه كان يحتاج للعمل، للغرق في إنجاز شيء يلهيه عن ذلك الخافق بين أضلعه كما كان منذ أن تسلم الراية من والده الذي تمكن المرض منه أخيراً جابره أن يلازم الفراش معظم الوقت... ربما هو تقدم وأخذ دوره، حاول أنيقدم العون للجميع...

"حياتنا مقدرة، مهمتنا التي ولدنا من أجلها هي لعب الأدوار لحماية كيان أكبر من أنانيتناالبشرية..." تذكر كلمات راشد التي ما زالت ترن في عقله بصدى مدوي وجارح..

أغلق عينيه بألم سامح للهواء البارد أن يلفح وجهه عله يطفئ نيران الجحيم التي تضرم في سائر جسده آكلة إياه من الداخل كما الخارج! تقوس فمه بوجع بينما يهمس "وأخذت بدوري هذا يا راشد، ومحوت الأنا خاصتي من قاموسي, طيبت جروحهم وقدمت العون لهم، ولكن من يشفي ندوبي أنا؟!"

فتح عينيه وهو يولي وجهه شطر السماء، يناجى ربه بمزيد من الألم "لقد طلبتها منك يا الله، ترجيتهاوتمنيتها.. أترى حرماني منها لأني خنت حدودك يا الله فيها، أهذا كان عقابي العادل؟!..." فرك وجهه بقسوة وهو يستغفر الله مراراً مطلقا رضى وحمد بكل ما قُسم له..

ربما هو يقبل دون جدال في ترتيب رب العباد سبحانه ..ولكن بالنهاية هو مجرد بشر، بشر يملأه الحقد والغضب من عبثيته القوية التي تركته خلف ظهرها، دون أن تلتفت إليه يوماً دون أن تحاول تخطي كل الصعاب كما حلم كل ليلة، وتعود هي تتواصل معه تبحث عنه، تعتذر منه وتراضيه.. كما كانت تفعل دائماً؟!

تحرك من مكانه أخيراً مراده تلك البقعة من كورنيش النيل إلى الأبد طاوياً كل ذكرياته وملقيها في المياه الجارية لتجرفها بعيداً عنه مخلصاً نفسه من كل أطيافها.. فبعد الليلة لن يسمح لنفسه أبداً، بأن يتذكر.. بأن يزور أحلامه طيفها، بأن يناجي قلبه الخائن رحيقها... هو تخلص منها وكرهها، بل وحقد عليها منذ أن توقفت عن منحه حق التنازل من أجله كما كانت تفعل دائماً.. تحرك مستقل سيارته أخيراً راسماً وجه متماسك، سعيد وفرح لمناسبته المنتظرة...

متغافل وغافل كالكثيرين عن نقطة هامة... بأننا نقدم أنفسنا نرهقها ونتحامل على أوجاعنا.. مقدمين كل شيء للطرف الآخر حتى لا نخسره.. ليعتقد بعد مرور الزمن أن هذا حقه المكتسب فينا وبأن تلك التنازلات واجب علينا، لا تكرم منا بدافع الحب والعاطفة تجاههم.. وهذا ما فعلته سَبَنتي دائماً ما كانت تلحقه تقدم له التنازلات ترضى منه بأقل المشاعر حتى اعتقد أنه حق مطلق لا تملك هي أن تتراجع عنه أو تكتفي من فعله؟!

.................................................. .



طلت بدور متأبطة ذراع شيماء تتهادى في مشيتها الفارعة بذلك الفستان الذي اختارته بعناية لهذا الحفل الذي يعد أول ظهور لها للعلن منذ سنوات طويلة، فقد كانت تتحاشى خلال العامين السابقين أي تجمعات لطبقتهم الاجتماعية حتى تتلاشى الألسنة الجارحة التي تعلم جيداً أنها تتهامس عليها من خلف ظهرها.. ربما الناس تنسى سريعاً متلاهين في شائعة أخرى لشخص أخر، ولكن دائماً بعض الوصمات لا تمحى وتبقى شارعة في وجهها بقسوة الاتهام...

تسللت إليها ابتسامة فخورة وهي تراقب الأعين التيتعلقت بها متفحصة فستانها من طبقات الحرير والشيفون باللون

الأرجواني الغامض وتنتشر فيه ورود من البنفسج بالأكمام الواسعة عند الذراعين، ويهبط من علىكتفيها كاشفها دون أن يظهر منطقة الصدر، والتيإلتفت حول الفستان بإحكام ليهبط نحو وركيها باتساع مغطي حتى كعبي حذائها ويستدير حول خصرها الدقيق خيط من الساتان محددا نحوله...بينما امتقع وجهها بزينة بسيطة وتسريحة أنيقة جمعت فيه أطراف شعرها لتغطي عنقها وينسدل حتى منتصف ظهرها

"لا تقولي أرجوكِ أنكِ خطفتِ الأنظار من العروس" همست شيماء ضاحكة، والتي كانت قد اكتفت بفستان بسيط من الحرير الأزرق الناعم والخالي من أي بهرجة..

قالت بدور هامسة "بما أن كل الأعين تتفحصكِ أنتِ باهتمام, أعتقد أنكِ تفوقتِ على كلينا؟!"

ارتبكت شيماء وهي تضم عصاها إلى صدرها تعبث في خصلات شعرها الأشقر الكثيف محاولة جذبه ليغطي ملامحها.. أمسكت بدور بيدها وهي تقول بحزم "توقفي، لا تجعلي أحد يهزمكِ، الجميع لا ينظر إليكِ إلا بإعجاب وحسد؟!"

قالت شيماء متهكمة "تقصدين بشفقة على جمال ناقص؟!"

توجهت لإحدى الطاولات التي خُصصت لها ولأخواتها ثم هتفت باستنكار "بالله عليكِ، وكأن أحدهم يستطيع تحقيق نصف ما فعلته أنتِ، ربما العمى لم يصب أعينهم، ولكنه أصاب فطرتهم وضمائرهم؟!"

سحبت شيماء مقعداً ثم قالت "لم أقبل بأن أتي إلىهنا، ليس من أجل خوفي من نظرات الشفقة كما تعتقدين.. ولكن ما يحدث هنا خيانة يا بدور... خيانة وغدر.. أنا لن أستطيع القيام به؟!"

سحبت بدور مقعداً وجلست بجانبها متعالية علىالنظرات التي ما زالت تلحقها بعد أن تعمدت أن تكون آخر الحاضرين بدخول مميز يليق بعودتها إلى الساحة، غير سامحة لأحد منهم أن ينال من لحظات ضعفها، التي لا تترك لها حرية التحكم فيها غير داخل حدود غرفتها أو مع أخيها ومريم كما كانت دائماً ثم قالت أخيراً "نحن مجبرين على هذا.. صدقي أو لا أنا الأخرى أرفض ما يحدث هنا جملة وتفصيلاً ولكننا لا نملك إلا الابتسام وإيهام الجميع أننا نقف متكاتفين بجانب أخينا الوحيد؟!"

أطرقت شيماء برأسها ثم قالت بجفاء "أنا لن أقدم له مباركات يا بدور, فليكتفي بهذا القدر مني؟!"

قالت بهدوء بينما تراقب شذى التي تتنقل بين الضيوف تضايفهم مع والدتها كسيدة مجتمع كالمعتاد... ثم قالت "لا نحن لسن مضطرين لهذا..أخواتك الكبار يقمن بالأمر علي أكمل وجه!"

"هل من الطبيعي أن أشعر بالرغبة في التوجه لأخيكِوضربة حتى أغير ملامح وجهه؟!"

ضحكت دون بهجة وهي تقول لنوة التي احتلت مقعد بجانبها "هذا قراره يا نوة.. والذي اتخذه بعد أشهرمن التفكير، بمساعدة أبيكِ وخططه الجهنمية كالعادة؟!"

رفعت نوة كأس من العصير تتجرع منه بغيظ دفعة واحدة قبل أن تقول "ربما الفتاة جيدة, لم تترك جانبنا لسنوات ولكني لا أتقبلها؟!"

قالت بدور بهدوء "الفتاة لم تخطئ في التقرب منه وجذب اهتمامه، وفي رغبتها بالارتباط برجل كخالد.. هي لم تفعل شيء مشين ولم تقدم على خطط جهنمية لتفريقه مثلاً عن شخص يحبه.. بل وقفت بجانبنا.. آزرتنا بصبر في أحزاننا.. كم أن أبيهاوقف بجانب والدكِ ودعم موقف خالد حتى استطاع أن يقف على قدميه!"

هزت نوة رأسها قبل أن تستطيع أن تتحكم في نفسها وتعود لسكينتها وهي تقول "أعلم كل هذا.. ولكن أتظنين أنه نسيها حقاً، بأنها كانت مجرد انجذاب مراهقة كما يدعي؟!"

مرّ طيف حزين داخل عينيها ماحياً كل اللمعات الخادعة التي تتسلح بها، ثم نظرت لوجهه أخيراًالذي يرسم ابتسامة سعيدة دبلوماسية وهي تقول "انظري إليه,, تفحصي تلك البهجة التي يدعيها، وقارنيها بنظرته القديمة وهو يقدم لأخرى طبق الباستا الذي أعده لها بنفسه... وأنتِ ستعلمين من تلقاء نفسكِ أن سَبنتي لم تغادر قلب أخيكِ قط.. بل دائماً يحملها بداخله!"

،.........................

لامست أنامله أصبعها أخيراً واضعاً ذبلته وخاتمه في يدها، رابط مصيره بها كما سعت خلال أعوام، عيناها السوداوين كانت تتأمله بخجل لم يخلُ من الفرحة الحقيقية، سحبت هي الأخرى خاتمه الفضي ثم لمست كفه برهبة، غير غافلة عن تردده اللحظي وكأنه يوشك على إزاحة يدها بعيداً ووضع خاتمه بنفسه..!"

ولكن لحسن حظها لم يفعل بل اكتفى بإيماءة بسيطة عقب انتهائها ثم قال بهدوئه المستفز المعتاد "مبارك لانا!"

انكمشت كتفيها داخل فستانها المحتشم بلون تدرج بين الأزرق والذهبي الناعم مبتعدة بقصد عن أيألوان تمت للأحمر أو الأسود بصلة؟! ثم قالت بصوت رقيق خجل "مبارك عليّ أنتَ يا خالد.. أشعرأني في حلم جميل لا أريد الإفاقة منه؟!"

ابتسم لعينيها تلك الابتسامة الرجولية الجذابة جاعل قلبها يخفق بحدة داخل أضلعها ثم همس بصوت أجش "لم يعد حلماً، بل هو حقيقة، كما أنتِ أصبحتِ اختياراً واضحاً وصحيحاً في حياتي!"

تشوشت ابتسامتها لتندثر ببطء من على ملامحها وهي تقول بتقطع "اختيار صحيح فقط.. وقلبك.. أنسيت وعدك لي؟!"

للحظات كانت نظراته تتخبط، وكأنه عاد ذلك الشاب التائه والذي يعجز عن إيجاد طريقة، أو يحدد حقيقة مشاعره، ثم بسرعة البرق كان يبتلع ريقه معيد سيطرته على نفسه وهو يقول بصوت هزها حتى الأعماق "لقد سألتني بوضوح يوم أن قدمت لطلب يدك لماذا؟ وأنا لم أخدعكِ يا لانا.. أنتِ فتاة تناسبني, تشبهني، زوجة أريد أن أؤسس كيان صحيح معها أسرة مستقرة ومتفاهمة، ألسنا متفاهمين جيداً وأحدنا يكمل الآخر؟!"

نطرت إليه بألم قبل أن تقول بصوت أجش "بالطبع نحن كذلك.. ولكن في هذه اللحظة أحتاج لأنأسمعها منك مرة أخرى.. ماذا عن قلبك أما زالت تحتل ولو جزء صغير منه؟!"

تلك الابتسامة المستفزة المدروسة عادت لتكلل ملامحه وهو يقول بهدوء شديد "أنا لا أعلم عن من تتحدثينيا لانا، أنتِ فتاتي الأولى والتي لن يكون بعدها أحد أبداً!"

هل تستطيع أن تعود لبهجتها الآن, أن تتأبط ذراعه بفخر كما كانت قبل دقائق مثيرة كل نظرات الحسد والحقد في أعين جميع قريناتها لفوزها بالوريث الوحيد لياسر الراوي، الشاب الحازم والناجح، بأخلاق الفرسان؟!

ابتسمت في وجهه أخيراً، وهي تقف باعتدال بجانبه تبتسم للكاميرات التي توجهت نحوهما تلتقطالصور لتخلد لحظتهما في أول خطوة لطريق سعادتهما، ثم برفق ورقة كانت هي من تقدم علىالإمساك بيده مشبكة أناملها الرقيقة في أصابعه.. لحسن الحظ لم يرفضها أيضاً كما رفض أن يقوم بمراقصتها، متحجج بأنه غير جائز في هذه المرحلة، وهي صدقته ببساطة، ووافقته على عدم الإنجرارلأي تلامس بينهما.. ولكن هذا لا يمنع أنها مجرد فتاة فرحة بعريسها، وترغب حتى ولو في التمسك بكف يده معلنة للعالم أجمع أنه رجلها وملكها.. كما وعدها بأن تكون سيدة حياته وبيته، وملكة قلبه بعد عقد القران...

لا هي لن تسلم أبداً لشيطان نفسها الذي يوسوس لها راغب في سرقة فرحتها منها بنفسجية العينين، الدعسوقة الطفولية.. رحلت، ذهبت إلى الأبد دون عودة.. انجذاب مراهق، مسح كل آثاره عقب تركها إياه خلفها؟!

بعد وقت كان يمسك بيدها متنقلين بين الحضور مرحبين بهم، وشاكرين قدومهم, وكانا يتبادلاالهمسات الرقيقة بينهما، المزحات اللطيفة التي كانت تقولها هي فيمنحها أجمل ابتسامة مداعبة رداً عليها.. حتى أطلت أخيراً من باب القاعة أخته الغير شقيقة، تتمسك بذراع زوجها تحتمي فيه كالعادة عند أي لقاء تراها فيه ولو عرضاً.. وتمسك بيده الأخرىابنتها التي قارب عمرها الخمس أعوام الآن...شاهدت كيف سارعت حماتها المستقبليةلاستقبالها.. بينما استأذن منها هو هارعا إليها...

"الآن فقط وقعت عيني على أجمل امرأة في هذا الحفل؟!"

ضحكت مريم بارتباك قبل أن تقول "لم أتعهدك كاذب أم أن الخطبة غيرت أخلاقك؟!"

قال ببهجة "ربما عناق أخوي تمنحيه لي أخيراً يعيدني إلى عقلي؟!"

تراجعت خطوة ضاحكة وهي تقول "عش في أحلامك، لقد تمكنت أن آتي إلى هنا بمعجزة، لأجدنفسي مطالبة بعناقك أيضاً؟!"

اقترب منها يلف يده خلف رأسها ثم قبّل جبتها عنوة مسبب لها التوتر اللحظي ثم قال "قدومكِ يعني لي الكثير يا مريم"

أومأت بهدوء.. وهي تراقبه يصافح إيهاب في عناق رجولي.. ثم انحنى على ركبتيه بدون تفكير نحو إياس يعدل ربطة عنقه وهو يقول مداعباً "لقد تفوقت عليّ الليلة سيد إياس, ما كل هذه الأناقة يا رجل؟!"

أفلت إياس يد مريم ثم اندفع يحتضن خاله وهو يقول بتلك النبرة المتعقلة والتي لا تليق بأعوامهالصغيرة مطلقاً "أنت العريس هنا خالي, لذا لا أحديضاهيك وسامة؟!"

"حتى أنا إياس؟!"

تركه إياس سريعاً واندفع بطفولية نحو ذراعي بدور المفتوحتين يقبل خديها بقوة يلف ذراعيه الصغيرتين مطوق عنقها قبل أن يهتف "ماما بدور لقد افتقدتكِاليوم, لماذا لم تأتي لرؤيتي؟!"

ضمته إليها بقوة تستنشق عبيره بمرارة الحرمان تستطعم منه كلمة نُزع منها حق سماعها، متذكرة أن هذين الطفلين المعجزة لم يكونا عوض أختها الغير شقيقة وحدها.. بل كانت منحة الله لها أيضاً.. إذ أنأمومتها المغدورة التي ضُمدت بتواجدهم الدائم حولها.. هل يلومها على تقبل مريم، وحبها الغير محدود لها.. لقد كانت هي الأخرى أشد الأقطاب عونا لها، لقد أتتها يومياً وعلى مدار شهور بصحبة طفليها تستجديها الرجوع.. أن تفيق من ألمها، أنتركها صغيريها حتى وإن كانا مجرد ضمدة معنوية تتخطى ولو مؤقتاً الجرح النازف الذي خلفه إياب!

"اليوم فقط كنت أحتاج أن أكون بجانبك خالد، أعدك أنني لن أفعلها مجدداً؟!"

قبّل خديها بمحبة قبل أن يهمس "لدي الكثير لإخبارك إياه، بعيد عن تلك المتطفلة المغرورة؟!"

ضحكت "لا فائدة شجاركم لن ينتهي أبداً، أين هي بالمناسبة؟!"

وقفت حاملة إياس معها، تنظر خلف ظهر أختهامحاولة تبين تلك التي تتخفي في ذيل فستان أمهاالأسود.. انشغلت للحظة واحدة بينما تراقب شحوب وجه مريم عند تقدمت شذى ونوة وأبيها سوياً ربما أختيها لم يعودا يسببا لأختهما ذلك الانزعاج بل كما تراقب الآن تبادلا السلام بمودة عادية..

بينما اكتفت بأن مدت يدها نحو أبيهم وهي تهمس "مرحباً.. كيف حالك؟!"

قال ياسر بحنان "طالما جميعكم هنا حولي أنا بخير؟!"

قالت بجفاء "جيد من أجلك"

كان خالد قد انسحب وعاد بعد برهة بصحبة عروسة منضم إليهم، بينما توسعت دائرتهم عندما توافد عليها والد ووالدة العروس..

كانت مريم منشغلة تتلفت خلفها تحاول جذب ابنتهاالتي ليس من عادتها مطلقاً الخجل والإحراج، بينماتسمع السيدة منى تمزح قائلة "هل فعلت كارثة جديدة لهذا تخشى المواجهة؟!"

رفعتها مريم بين يديها أخيراً واستدارت إليهم أخيراً بينما تقول ضاحكة بخجل "العذر منك يا خالد لإفساد حفلك ولكنها في اللحظة الأخيرة قررت عدم ارتداء فستان الحفل الذي إخترناه سوياً وصممتبعناد أن ترتدي هذا!"

وكأن الطير هبط على رؤوسهم جميعاً عندما وضحت لهم الرؤية تماماً متفحصين ملابس ابنتها، والتيهتفت بانزعاج "بابا قال إن لي مطلق الحرية فيما أريد ارتداءه ولن أسمح لخالي بتعنيفي كما يفعل دائماً.. بعبع المخيف؟!"

"ليبريتا؟!" هتف إيهاب بتحذير!

غير غافل عن تصلب ملامح العروس وهي تتفحص عيني عريسها التي علقت تحدق في ابنة أختهبصدمة... صدمة خالطها الكثير من المرارة، من الألم، والحنين.. تابعها شحوب ملامحه.. لقد كان مذهولا وكأنه ما كان يتخيل أن يلمح تلك الملابس المشابهة لها قط، قطعتين كلاسيكيتين، بلوزة من اللون الأحمرتملؤها دوائر سوداء، ومطبوع على صدرها صورة مجسمة للدعسوقة، بينما يتلوها تنورة بنفس اللون ولكنها من قماش الشيفون "المنفوش" شعرها العسلي كان يعلوه طوق من السلك على هيئة قرنياستشعار، طوق كان آخر ما ألبسه لها في ليلة مماثلة منذ أربع أعوام...

عندما طال صمته كما توقفت همهمات الجميع، كان ينتبه أخيراً ليخرج من فقاعته الزمنية يجبر نفسه على التمثيلية السعيدة التي اختارها لنفسه، تحرر من تجمده كتمثال، ليقول أخيراً "اختيار موفق لولو، ولا.. البعبع لن يخيفكِ الليلة؟!"

لم يستطع أن يقول غيرها، بينما يسمح لخطيبته أن تقدم ترحيبها بأخته.. ويعود صخبهم مرة أخرىواندماج أبيه ووالد لانا وإيهاب مع مجموعة من الضيوف... لينسحب هو أخيراً متسلل نحو شرفة داخلية معزولة قليلاً بعيد عن صخب الخطبة.. والزغاريد التي تنبعث من كافة أنحاء الصالة مصاحبة موسيقى كلاسيكية هادئة تليق بأصول عائلة كليهما الأرستقراطية!
تذكر ها وهي تقول
"أنا أمقت الموسيقى الهادئة تشعرني بالنعاس، وبأننا في قاعة جنائزية؟!"

يتهكم منها "بالطبع يا عبثية وما الذي قد يعجب جنابكِ إلا كل شيء صاخب؟!"

تزم شفتيها بنزق طفولي وهي تقول بعبوس "أنتَ بعبع، أحمق لن تفهم يوماً أهمية الصخب، والتمرد على التقاليد المريعة الخانقة عبر الأغاني الصارخة؟!"

أسند خالد رأسه على الحائط وهو ينظر نحو السماء مرة أخرى بعجز وهمس بتوسل خاضع "انزعها من قلبي وعيني ووجداني.. إن لم تكن مقدرة لي يوماً لماذا جعلت هذا العاصي يتعلق بها.. ربى أتوسلك أن لا تجعلني أظلم غيرها بذكرها وان لا أعيش باقي عمري بقلب لا ينبض!"

..........

شيئاً فشيئاً كان الحفل يسوده الهدوء.. تراقب العروس التي ترمق ضيوفها بابتسامة مهتزة متصنعة السعادة.. للحظات أشفقت عليها، ولكنها فكرت أنها مجرد حمقاء لاحقت السراب، وصدقت الكذبة التي يتظاهر بها أخوها.. ربما هو وعد لانا قبل شهور بأنها ستُنسيه أي أثر لسبنتي إن وجدو لكنها كما جميعهم تعرف عمق الكذبة بأن أسباب خالد البحتة أتت من ضغوط كثيرة حمل عاتقها فوق كتفيه..

"أرى إنكِ تستغرقين في النظر إليها.. هل إقتنعتِ أخيراً بأنها تليق بهِ كما هو تيقن من هذا؟!"

إلتفتت بدور تنظر لوالدها بدهشة فارغة قليلا قبل أن تقول بحيرة "بل هل تصدق أنتَ أوهامك.. أنظر يا أبي وتمعن جيداً في ضحاياك.. ها أنت حطمت لتوك ثلاثة قلوب بريئة لم يكن ذنبهم إلا إثم العشق الطاهر، في دنيا لوثتها الأحقاد والمصالح، أرجوك تمعن في وجه لانا التي لن تعرف السعادة أو تجرب أن يحبها رجلها أبداً... والتفت لقلب ابنك ووحيدك الذي وقع على إقرار إعدامه لتوه بفؤاد مفطور.. ولا تنسى من حساباتك الصغيرة التي قضيتَ على آخر أمل لها في قلب يتقبلها بكل ماضيها الذي كنتم أنتم المجرمين الذين ارتكبوه؟!"

قال من بين أسنانه "هو من إختار.. أما عن الصغيرة فهي أصبحت مجرد ذكرى عابرة لن تعود للظهور أبداً!"

وكأن ما قاله كان سكين تلم انغرس في ظهرها بكل خسة

"شكراً لدعمي ومنحي الأمل.. ممَّ صنع قلبك يا أبي، ألا تدرك أن عدم عودتها تعني ضياع إياب إلى الأبد؟!"

إبيضّ وجه ياسر بعنف، وكأن المرض الذي نال منه، والعمر الذي تقدم به هزمه مرة واحدة, جعل عقله يتوقف عن تقييم ما يتفوه به "أنا آسف حقاً حبيبتي, لم أعني ما قلته ولكن تلك الفتاة؟!"

أوقفته بحدة وهي تقول "لا تعنيني مطلقاً... كانت وما زالت في مكان واحد لن يتغير.. ولكن فؤاد أخيي ستحق أن أصرخ في وجهك ووجهه معترضة.. أنا لن أستطيع أن أقف متفرجة وأراقبه يخطو نحو دمار حياته بقدميه!"

.................................................. .....



أغلق هاتفه واضعه على رف خشبي بجانب الموقدبعد أن أخذ التقرير الأسبوعي الذي يكلف به أحد رجاله بسرية تامة، ثم شرع في تقليب بعض شرائح السلمون الأحمر والخضار.. محدق في المحتوياتالتي تصدر صوت شكشكة الغليان كما غليان الدمفي أوردته..

"لقد سقطت عن جوادك وبعقلك المتخبط المحبوسداخل دوامتك الضائعة شوشت الرؤية أمامك كماحالك دائماً وخبطت رأسك في السور يا ابن عمي!"

هو كان لديه كل الحق وكما توقع لقد استطاع خالدأن يتلاعب به ويبتزه عاطفياً في الماضي إذ بالنهاية"كان راويّاً، وأدمى قلب صغيرته!"

توسعت عيناه بتلك النظرة المفترسة القاسية بينما تقوس فمه بالغضب وهو يهمس "وأنا الذي كنت أشعر بعبء الندم كل ليلة.. وتساءلت لمَ ألقيته على كهليك ورحلت.. ربما بالنهاية أنتَ مثلها واستحققت كل ما فعلته بك؟!"

"بابا.. ما الذي حدث بعد أن أسر النمر الطاووس،هل أكلها؟!"

أغلق راشد النار، وهو يرفع يده مزيحا شعره للوراءبحدة مطلق أنفاس حادة حتى يُخرج ذلك اللهيب الذي يحرقه بعيداً عن عينيّ صغيره.. دقيقة كاملةأخذها حتى استعاد السيطرة على نفسه راسماً علىوجهه ابتسامة حانية واستدار نحو إياب الذي جلسأمامه على مائدة صغيرة بأربع مقاعد، تتوسط المطبخ ذي الطراز الأجنبي المفتوح على بهو منزله المتواضع البنيان والأثاث..

"لقد أخبرتك النهاية آلاف المرات.. يا أياب ألا تمل منتلك القصة؟!"

كان كل ما يراه منه شعره العسلي الداكن الكث.. إذأنه كان يدفن وجهه بالكامل داخل أوراق رسمه وألوانه.. وهو يقول بنبرة طفولية حانقة "معلمتيتقول إن نهاية تلك الحكاية غير صحيحة، فالنمر كائن متوحش، والطاووس لا يجب أن يقترب منه بل فوررؤيته يجب عليه الفرار لا الاقتراب منه ومحاولةكسب صداقته؟!"

شردت عينا راشد لوهلة مفكر أنها بالفعل كان يجبأن تفعل هذا ولكن الطاووس الفريد خاصته فيحدود ابنه المفضلة كانت تملك من الغرور والزهووالثقة بأن لا تفعل..!

اعتدل مرة أخرى يسحب أحد الأطباق وكوببلاستيكي برسوم كرتونية لشخصيات شهيرة (شلبيوكرة البعبع) مخصصة لصغيره.. ابتسم لا إرادياًووجه سَبَنتي يكاد يصرخ من بين تلك الأكواب لاللرسوم!.. تحرك مرة أخرى برشاقة تتناغم معهاعضلات صدره الممشوق وكأن العمر الذي يمروالعبء الذي زاد عليه لم يؤثر في جاذبيته إطلاقاً بلربما زادت بالنهاية، هو كما هو لم يغير فيه شيءثقته الشديدة في تقدير نفسه...

عاد بالأطباق الممتلئة بالطعام، ثم وضع إحداهاأمام إياب، والآخر أمام مقعده، ثم جلس بأريحية وهويضع كوب من العصير أمامه ثم قال أخيراً بهدوء"ماذا أخبرتك من قبل؟!"

رفع أخيراً عينيه السوداويين الشبيهتين بعينيه يحدق فيه بجهل وكأنه يحاول بسنون عمره الصغيرةتذكر الإجابة ففشل وهو يقول بذكاء "أنتَ تخبرني بالكثير، فكيف تريد من صغير مثلي التذكر؟!"

ضحك راشد بصوت أجش وهو يسحب الألوان منأمامه ثم قال "إجابة موفقة .. ولا, أنتَ لست صغيربل ولد كبير؟!"

"أمممممم" وضع إصبع على ذقنه، والآخر على فمه في علامة تفكير وتقييم لكلماته.. فقال راشد بهدوء وهو يرفع شوكته بالطعام ويضع في فم ابنه "لايجب أن تكون كل الحكايا نمطية يا صغيري، العالممن حولك مليء بالعجائب.. وبعض الكائنات أو حتىالبشر لا يملكون أن يغيروا أقدارهم المرتبة بحكمة منرب العالمين... ربما هم مخيرين في تغيير مصائرهم ولكن هناك بدايات لا يستطيعون الفرار منها؟!"

مضغ طعامه ببطء بينما يضيق عينيه الواسعتين بتفكر، مدعي فهم ما قاله بل والتدبر فيه.. ارتسمتعلى وجهه ابتسامة أسى، بينما يشعر بقلبه الملعونوالضعيف والهش، ينبض بسذاجة أمام تلك النظرةوالحركات العفوية التي تصدر من صغيره وتفكره بها.. ها وكأنه نسيها يوماً...

قال إياب بتلعثم أخيراً متخلياً عن لغته الأجنبية التيكبر عليها في هذا البلد.. مستخدم لكنته المصرية"لماذا لم يأكلها إذاً.. بدل أن يسمح لها بهزيمته،والهرب؟!"

ارتبك للحظات وهو يطلق ضحكة أخرى مستهجنةوقال "ألا ترى أن سؤالك شرير قليلاً؟!"

هز كتفيه الصغيرين بلا مبالاة وهو يستخدم يديهأخيراً شارعاً في تناول طعامه منتظر إجابة شافيةمن أبيه.. أزاح هو طبقه بعيداً شاعر بفقدان شهيته بينما يقول بصوت مكتوم لا حياة فيه "كلاهما هزمبعضه.. معلمتك محقة ما كان يجب على النمر أنيسمح لها بالاقتراب والطاووس إن امتلك ذرة منالعقل كان يفترض أن يفر هارب بجلده... بالنهايةجميع الأطراف خاسرة في تلك الحكاية يا إياب؟!"

عاد يرفع عينيه يحملق فيه بتلك النظرة التي تقتلهوتحية في آن واحد "ولكني أحب بطليّ القصة بابا،أنت ترويها بشكل جيد.. أظن أني لن أطالبك بأنتحكي لي غيرها؟!"

سحب راشد مقعد ابنه ثم حمله يضمه إلى ذراعيه يضغط عليه بشدة داخل صدره ثم قبّل رأسه ووجنتيه وهو يقول بخفوت "يجب عليك أن تفعل.. في وقت ماربما تقابل بطليكَ على الحقيقة ووقتها لا أريد أنيتحكم فيك قلب النمر، أو مشاعر الطاووس.. بل أريدأن تطلق لبرائَتِكَ تلك الحكم عليهما فكليهما ظلم نفسه بيديه؟!"

يداه الصغيرتان المدببتان حاوطت وجه والده بمحبةثم قبّله بقوة وهو يقول بصخب سعيد وبحكم أعوامهالتي لم تتجاوز الثلاث سنوات والنصف لم يصل إلىعقله إلا أن شخصياته الخيالية هما حقيقة...

"هل أنت جاد، هل سأقابلهم بالفعل.. هل همايعيشان في تلك الغابة الخيالية؟!"

نظر إليه راشد بحنان قبل أن يربت على شعره برفق وهو يقول "إن افترضنا أن تلك الغابة موجودة وبأني اصطحبتك إليها ما أول ما ستفعله؟!"

التمعت عينا إياب بنظرة تراوحت ما بين الحماسوالاشتياق... الاشتياق لإحساس يلاحقه منذ أن بدأ إدارك العالم من حوله دون أن يعرف معناه "سأبحث عن الطاووس الذهبي وأسأله أن يفرد ريشه الناعم المبهرج، وأجلس تحته ألمسه بيدي هكذا وآخذ غفوةطويلة هناك.. وربما بعدها سأحتضنه وأرجوه تقبل صداقتي.. مثلما فعل هو مع النمر الذي هاجمه؟!"



سكن راشد تمامًا وهو ينظر إليه للحظات مصدوم،وشفتيه منفرجة قليلاً وكأنه يحاول التنفس عبرهم، إذ عجز عقله عن استيعاب أن يجري ابنه تلك العمليةبشكل طبيعي بعد ما سمعه

"هو بالفعل رابط لا ينفصل.. حبك إليها فطرياً لايحتاج لتجاورك لتتعرف عليها لتلمس حنانها ..ليرنو إليها فؤادك حتى وأنت تجهلها ؟!"



"بابا؟!"

كفه الناعم أعاد انتباهه إليه.. لم يستطع الابتسامةولم يقدر أن يمنحه إجابة بل اكتفى بإعادته لمكانه وهو يقول بصوت أجش "انهي طعامك.. لقد اقتربموعد نومك؟!"

صفق إياب بيديه قبل أن ينقلب مزاجه سريعاً للغضب وهو يقول "طبقي ناقص أين الزيت ونخاصتي؟!"

انتفض من مقعده بحدة واضع يديه علة اللوحةالرخامية للمطبخ بينما ذراعيه ينحنيان بمرارةمكبوتة.. أصابعه تتكور بعنف هناك في محاولة عبثيةليهدئ صخب قلبه وعنف أنفاسه "ليس الليلة يا إياب...

لمَ اخترت اليوم بالذات، لتحطم البقية مني، بعظم ذنب حرمانك منها.. بتصعيد حقدي وكرهي لما جنتههي في حقك.. لقد جارت عليك, على طفولتك, وسرقتمنكَ كل لحظة كانت من حقك فيها!"



"بابا؟!"

أطبق جفنيه بشدة.. ليس ذنبه أن يرى وجهك الآخريا راشد تذكر أنه مجرد طفل جاهل.. بالفطرة يحاول أن يستوعب كل ما حوله.. ليس ذنبه أبداً أنه يحن لحنان أمه الحقيقية!

عندما التفت إليه ناوياً مراضاته وجلب مطلبه.. تجمدفي مكانه شاعر هذه المرة أنه شُطر لنصفين بقسوة السؤال الذي أطلقه ابنه بفضول وهو يرفع تلك البطانية التي لا تفارق يده أبداً منذ أن طار به بعيداًعنها "من بدور؟!"

تحشرج صوته مرغماً وهو يسأله "من أين أتيت بهذا الاسم؟!"

"مدرسة القرآن.. هي من قرأته هنا وسألتني؟!" شوح بغطائه أمام عينيه...

وكأنه أصابه شلل من نوع ما ..عجز لم يشعر به منذ سنوات.. حقد كان يظن أنه تخلص منه، وضياع لميعرفه أبداً حتى في الماضي..

"إنها لا أحد.. ولن تكون أبداً أحد.."

حسناً فلتكتمل ليلته الغريبة.. نظر نحو الوجه الغاضب، المتألم والمجروح والذي نطق مكمل"ألم تكن هذه أحد شروط اتفاقنا راشد بك؟!"

قفز إياب من مقعده وركض فاتح ذراعيه نحو تلك المرأة الجميلة التي هبطت على ركبتيها تفتح ذراعيهابدورها لتلقيه, تضمه إليها بتشدد وكأنها تعلن للمرة التي لم تعد تدرك عددها أحقيتها وحدها فيه...

" ماما... لقد أتت ماما؟!"

" قلب ماما، وحبيبها والتي لن تسمح لأحد مهما كان شأنه أو صفته بأن يحرمها منك!"

انتهى

قراءة سعيدة

هداروي likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 30-03-20 الساعة 03:49 PM
Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:48 PM   #2275

Um-ali

? العضوٌ??? » 456412
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 172
?  نُقآطِيْ » Um-ali is on a distinguished road
افتراضي

دائما فصول الرواية مشوقة و ننتظرها كل اسبوع
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


Um-ali غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:49 PM   #2276

Hoba Nasry
 
الصورة الرمزية Hoba Nasry

? العضوٌ??? » 435719
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 545
?  نُقآطِيْ » Hoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond repute
افتراضي

الله عليكي يا نور تسلم الأيادي 🌹🌹🌹🌹🌹🌹
ممدوح و راجع يكفر عن خطأه في حق مريم و مقابلته مع تميم الخطيب و اللى أتضح إنه شخصيته قوية و غامضه و ده كان واضح من إنه يقدر يكون له أسهم في شركات الراوي و دلوقتي بيحاول إنه يكون له دور أكبر في حياة بدور و لكن طيف غزالته ظهر طيفها قدامه
خالد خطوبته بلانا خطأ في حق نفسه و حق لانا و خيانة لسبنتى
راشد و إياب و إمتى هيقابل طاووسه الذهبي
سبنتى هى الأم اللي حظي بها و حنانها عليه


Hoba Nasry غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:50 PM   #2277

mamanoumanoul

? العضوٌ??? » 356094
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 58
?  نُقآطِيْ » mamanoumanoul is on a distinguished road
افتراضي

رواية رائعة انتظرها بفارغ الصبر

mamanoumanoul غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:57 PM   #2278

سهام سليمان

? العضوٌ??? » 441840
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 152
?  نُقآطِيْ » سهام سليمان is on a distinguished road
افتراضي

رواية رائعة الجمال نور

سهام سليمان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 09:58 PM   #2279

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل السابع والعشرون ج1




قول الحقيقة وإزعاج الناس .. أفضل من الكذب لإرضاء الناس

باولو كويلو

**********



هبطت على ركبتيها وهي ترمي عصاها جانباً.. ضاحكةبعفوية بينما تستقبله بين كفيها التي أخذت تتحرك في فروةرأسه وهي تقول "مهلاً يا عجوز.. لقد تسببت في خدشساقي، أعلم أنك متحمس لرؤيتي وشمّ بقايا ذكرياتها بي.. ولكنك تفهم جيداً أني لن أكون يوماً هي؟!"

أخذ شلبي كالعادة في دفن رأسه في كتفها يتمرغ فيها هناكوهو يطلق أنينه... كأنه يشكيها ألم الفراق.. يبكيها لوعةالحرمان من رفيقة دربه، صديقته التي لم ينسها.. ولم ينفصلرابطه بها حتى هذه اللحظة رغم مرور السنوات.. دفنت يدهافي حقيبتها المعلقة عكسيًا على ذراعها ثم أخرجت له أعوادالقرنفل تطعمه كمكافأة كما كانت تفعل صاحبته... ثم قالت"هل ما زلت تشتاقها مثلي.. تحلم باليوم الذي تعود وتضمكإليها لتمحو كل أوجاعك التي أجدت حجبها عن الجميع... حسناً دعني أخبرك سراً هي تهفوا إليك أيضاً وترفضاستبدالك بغيرك رغم أن "والدها" حاول معها مراراً بأنيخرجها من كل ماضيها بما فيه أنت يا عجوز!"

تناول منها شلبي التحلية يقضمها بنهم، كما وصل لأذنيها.. ثم أجبرها أن تجلس على أرض الحديقة تسند ظهرها إلىالحائط الزجاجي للغرفة التي شهدت ريعان طفولة ثلاثتهم"هي وسبنتي.. وخالد!"

"تفرقنا كعقاب لم نقترفه نحن، دفعنا ثمن سوء تصرف واختيارالكبار يا عجوز.. أليس هذا ما تشعره أنت الأخر؟!"

تنهدت وهي ترفع عينيها المطفأة نحو السماء وكأنها تناجيشيئاً مخفياً ليعينها لعله يمحى لوعة أنينها الصامت ! متذكرةبدمعتين فارتين من بين أهدابها.. صدمة رحيل رفيقتها عنها... بعد وجع هجرة نزار الهوى كما تطلق عليه هناء!

شعرت بالكلب الضخم يزيح ذراعها عنوة دافن نفسه علىقدميها.. مطلق نباح خافت وكأنه يحاورها.. وكأنه يخبرها أنهيشعر بتلك الطعنة الغادرة مثلها.. جاعلها تتذكر نباحه الهلعيوم أن قدم به إحدى حراس راشد مع رسالة مختصرة بأنسَبنتي تركته كأمانة لها.. متوسلة أن لا تفرط به أبداً ولكنها لمتستطع أن تنفذ الوصية حرفياً, إذ أن أخيها سلب ولائه منهاتقريباً، وأصبح بطريقة أو أخرى ينتمي إلى خالد وحده... ولكن الكلب الوفي كان أكثر ذكاء بأن يودها هي الأخرى..!

"لقد حققت حلمي يا شلبي.. وضعت يدي على أول الطريقفي إنشاء أول معهد مجاني لذوي الاحتياجات الخاصة، علّيبتقديم المساعدة الطبية والنفسية والمادية لمن لا يستطيعونأجد سلواني، ولكن هناك الألم بداخلي لم يمحَ.. ما زالت هذهالمضغة تأن، شاعرة بعدم العدل لما فعلوه بنا ويفعلونهبأنفسهم؟!"

انفرجت شفتاها الناعمتان مخرجة نفس طويل، والذكرياتتتدفق إلى عقلها عنوة... الأمر لم يكن سهل على الإطلاق، بعدأن دخلت في حالة من الإنكار وعدم الثقة في نفسها... إنكارحقها في الحياة.. إنكار استحقاقها للحلم، تحويلها لمجردعاجزة تحتاج للعون في أقل الأمور الحياتية! ربما لم يهملهاكلا أبويها وقتها، وربما تكفلت بها نوة مع والدتها ليعيداها إلىالطريق الصحيح مقدمين لها كل الدعم الذي تحتاجه، ولكنهاأيضاً أخذت وقتاً طويل لتدرك أن الأمر لا يتوقف عليها فقط.. بل رغبتها تصاعدت وازدهر فيها الأمل عندما ركزت على نقطةواحدة وهي محاربة القوانين، حتى يحصل من هم أدنى منها"مالاً" ويماثلوا حالتها على فرصة عبرها...

فرصة تمثلت في فتح معهدها الخاص الذي طوعت فيهالتكنولوجيا لخدمتهم، والتي أصرت أيضاً أن توظف بداخلهأساتذة متخصصين في تعليم الأطفال طريقة "بريل" للكتابةوالقراءة . إذ أنها علمت أن التعليم للفئة خاصتها داخل مصرلا يُوفر إلا لنسبة اثنان بالمئة من المكفوفين، فكان حلمهاالإنساني أن ترفع تلك النسبة، أن تمنح الفئة المنبوذة حقوقهم.. ربما حلمها الصغير ما زال في أول طريقه ولكنها تأمل بالعملوالصمود أنه سيكبر يوماً ليشمل الجميع...!

ولا تستطيع بالطبع إنكار مساندة خالد ومالك زوج أختها فيدعم موقفها الذي قابل الكثير من الرفض, إذ أنها نفسهااحتاجت لوصي قانوني لمنحها أحقية فتح المعهد كما تنصالقوانين المجحفة، وكأن هذا المجتمع العقيم يصر أن ذويالاحتياجات الخاصة فئة منبوذة وعالة عليهم لا يحق لهم الاعتماد على أنفسهم!

بالنهاية قدم أبوها هذا الدعم كنوع من التكفير، وتحايل بنفوذهلإخراج كل الأوراق اللازم.. ثمة كان الدور الحقيقي الذي قدمهكل رجل في عائلتها من ماله الخاص لتطوير حلمها.. ثم فتحبابه المجاني للجميع!

"أتعلم يا شلبي، لقد تلمست اليوم فتاتين، هن مجرد صديقتين،إحداهن في صفي ومثلي عمياء العينين، أما رفيقتها التي أتتاليوم تدعمها في صف الفنون وتعظم في لوحتها المرسومة،كانت مثل صاحبتك عانقتها وأخبرتها بثقة أنها رسمت أحلىلوحة رأتها في حياتها مذكره أياى بإيمان البقة بي!"

بباطن كفها كانت تجفف دموعها وهي تهمس ضاحكة "أستاذالفنون أخبرني أن اللوحة لا تحمل أي نوع من الفن، بل مجردشخبطة ليس لها معنى بالمناسبة... ولكن ثقة تلك الرفيقةجعلتني أمنح الصغيرة جائزة أفضل رسم، فقط لأسمع صوتبهجتهن، كما كنّا أنا وهي صغار؟!"

فزع الكلب من على ساقيها فجأة, وقف متأهب في مكانه وكأنهيستعد لاستقبال شخص ما، ولكنها لم تكن بحاجة لرؤيته أوسماع صوته إذ أنها علمت من هو فور أن هز شلبي ذيلهكدليل على السعادة..

"مرحباً شلبي، لقد مر وقت طويل على رؤيتك!"

الصوت الأنثوي الرقيق الذي خرج من صاحبته مقترن بنبرةالسعادة قلب ملامحها تماماً ليعلوها التجهم..

انحنت لانا قليلاً تمسد على رأس شلبي الذي لم يصدر منه أيرد فعل على ما يبدو.. حتى تقدم خالد يقف على مسافة آمنةبجانبها، يضع هو الآخر يده على رأس شلبي وهو يقول بهدوء"مؤكد هو الآخر اشتاقك؟!"

قالت لانا باسمة "لا يبدو لي هذا.. من مجاورتي لكم أصبحتأعلم متى يحتفل برؤية شخص ومتى يتجنبه؟!"

تدخلت شيماء من جلستها الجانبية وهي تقول بخشونة "هذاأمر ليس له يد فيه يا لانا، إذ إنه يعلم جيداً بانتمائه لواحدةأخرى!"

تقبضت يد خالد بجانبه بينما رأسه يميل قليلاً متفحص جلسةأخته وسمع لانا تقول بتوتر "ومن قال أني أحاول فرض نفسيعليه، أو سرقة ودّه؟!"

بأصابع مرتعشة قليلاً كانت شيماء تنبش الأرض باحثة عنعصاها ثم قالت بنفس مكتوم "أنا لا أحاول اتهامك كماتلوحين، فقط تعودت أن أواجه الأشخاص بالحقائق!"

بهدوء كان خالد يتولى دفة الحديث مديره بعيداً عندما قال"مساء الخير يا شوشو.. متى عدتِ؟!"

أجابته باقتضاب "في موعدي كالعادة، مع أحد الحراس الذينيعينهم والدك لي، وكأنه يصر أني ما زلت عاجزة ولا أستطيعحماية نفسي؟!"

صمتت لبرهة قبل أن تجد عصاها أخيراً تتكئ عليها، وتقفمن مكانها بتثاقل وهي تكمل بهدوء "أنت من أتيت باكراً، لعلهخير؟!"

نظرت إليه لانا متمعنة لدقائق منتظرة منه إجابة شافية ولكنهتشاغل بمداعبة شلبي، فردت هي بسعادة "لقد تعطل عنالعمل اليوم من أجلي، لقد كنا نرى بيتنا المستقبلي!"

كانت يدها ما زالت تتعلق هناك على مقربة من أصابعه،منتظرة كأي عروس أن يحاول استغلال الفرصة ليلامسهابعفوية, ليقبض عليها بدعم وتبجيل للحظتهم الأثيرة ولكنهببساطة لم يفعل.. كما لم يفعل منذ أسبوع مضى، وكأنالشغف الذي تسمع وتقرأ عنه بين المخطوبين، معدم لدىالحبيب تماماً؟!"

"حسناً" غمغمت شيماء باقتضاب.. دون أن تحاول أن تنطقباي مباركة..

والتي التقطتها لانا وهي ترفع يدها أخيراً بأحباط تضمها إلىصدرها وهي تقول بخيبة "ألن تباركي لي.. مثل يوم الخبطةشيماء؟!"

قالت شيماء بهدوء "هل تريدين مني خداعكِ يا لانا؟!"

هتف خالد فيها بصوت مكتوم محذرًا "شيماء.. كفى إيذاء فيمشاعر غيرك؟!"

رفعت عينيها التائهة بحدة وهي تقول دون مداراة "أنا لا أوذيأحد.. فقط كغيري من المكفوفين أتعامل بمبدأ أن لا أيراعيمشاعرنا فلما علينا تحمل خداع مشاعر البشر الطبيعيينمثلكم؟!"

اغرورقت عينا لانا بالدموع وهي تقول بصوت أجش "لما كلهذه الحدة.. وإزاحتي بعيداً، أنا صادقة في اكتسابكِ كأختلي!"

قالت شيماء دون تردد "لديّ خمس أخوات يا لانا، أربعة منهنحولي، وإحداهن هاربة ولكنها ستعود كما وعدتني يوماً!.. لذالا أعتقد أنى أحتاج المزيد... آسفة لإخباركِ أن تكتفي بمكانةزوجة مستقبلية لأخي فقط!"

ثم دون تردد كانت تغادر من أمامها قبل أن تجبر على الجدالمع خالد, إذ أنها تتجنبه منذ شهور... منذ أن اتخذ قرارهالظالم والخائن.. بارتباطه بها!

ودعها خالد بعينين متفهمتين قبل أن يقول بصوت أجش"اعذريها يا لانا.. موقفها الدفاعي لشدة ارتباطها بأخرى،رافضة الاعتراف بأني لم أرها يوماً ولم أعد أذكرها!"

يكذب.. كانت كل ذرة في قلبها تصرخ محتجة، ولكن متى هياعترفت بسيطرة ذلك الأحمق،الذى يدعي " فؤاد" ومنحتهالتفوق على التفكير العقلاني والمنطق "المشكلة لا تكمن فيهافقط، بل تقريباً جميعهن؟!"

ابتسم في وجهها وهو يرضيها برقة "والدتي تحبكِ، كما أنبدور وشذى تعاملانكِ كفرد أصبح منا.. والأهم من كل هذا هوانتمائي لكِ.. أليس أنا كافياً يا لانا؟!"

ربما شذى تتعامل معها بلطافة.. ووالدته بمحبة متكلفة... ولكنمؤكد جمود بدور وتعاملها العملي معها لا يمت للحب أو التقبلبصلة!.. أما نوة فكل تعاملها يصرخ بكره غير مفسر حتى وإنلم تفصح عنه... ناهيك عن أخته غير الشقيقة والتي لا تتعاملمعها بأي صورة على وجه الإطلاق.. تنحنحت بينما يرق قلبها،متبع إشارة عقلها الذي أرسل بهجة وسعادة جعلها تتراقصداخلياً من اعترافه بأنه ملكها "بلا.. إن لم تكن كافياً، إن لمأتلمس الصدق في طلب اقترانك بي، ما كنت أقدمت علىالارتباط بك أبدا!"

نظر إلى عينيها البنيتين الدافئتين، لملامحها المريحة والتييحيطها حجاب رقيق ينشر داخل نفسه الراحة والبهجة.. لانابالفعل ماثلت جزء فيه، طابقت بداخله جزؤه المتحفظ.. فتاةشابهته حتى كادت أن تكون نسخة منه.. امرأة حقيقية ستعينهعلى طريقه، سيدة مجتمع أوكلت لتقف في المستقبل بجانبه... حتى لا تشتته أو تجعله يوماً "بعبثيتها وجنونها" يخرج عنطور نفسه.

"ولكن هذا لن يجعلني لا أخاف يا خالد.. إذ أني دائماً أسألنفسي.. هل سيأتي يوم وأرى فيه ما يبصره الجميع في قبحرابطنا؟!"

قال بحزم لطيف "كلانا بات يعلم جيداً أن هذا مستحيل إذ أنقرار زواجنا كان رغبة عقلية!"

قالت سريعاً ودون تردد "والقلب؟!"

لم يتردد هو الآخر بينما يديه تبتعد عن ظهر شلبي بنوع منالحدة وكأنه يقطع حبل خفي يربطه بمكنونات الماضي "والقلبيا لانا.. أخبرتها لكِ أني سأطوعه من أجلكِ, فلم تسبقكِ إليهأخرى ولن تفعل أبداً.. أنا لا أخون عهداً قطعته!"

ارتبكت برقة وابتسمت بتحفظ خجل بينما تقول بنبرة تقطعت"وأنا أصدقك وأثق بك... إذ أني أصبحت لا أستطيع أن أعيشبدونك ليوم واحد!"

الرجفة والارتعاشة التي تحدثت بها، جعلته يجمد في مكانه،مصدوم المشاعر.. مسلوب الوجدان.. ومبتور الإحساس.. إذ أنهتذكر جملة مشابهة نطقت بنفس اللهفة, بنفس التخبط الجاهللحقيقة مشاعرها عندما سألها مترجياً أن لا تختار جانبراشد عنه وهي وعدت! أوهمته وصدق انها لن تخيب ظنه أوأمله بالبقاء جانبه أبداً.. "كاذبته العبثية الصغيرة كيف آن لهاأن تغدر؟!"

شعر بيد لانا التي امتدت تلامس محبس خطبتهم في يده وهيتقول برقة "خالد.. ما الذي يجري معك هل قلت شيءأزعجك؟!"

نتش يده التي تكورت بعيداً دون أن يشعر بينما يحدق فيهاوهو يتنفس بحدة بصدر يهبط ويعلو بانفعال... حتى قال أخيراًلعينيها الجاهلتين سبب تحوله "دعيني أوصلكِ لمنزلكِ.. لقدتأخر الوقت"

.................................................. .



كالعادة جدته الأميرة برتبة ملكة كما يحب أن يدعوها والدهوعمه.. كانت تجلس بهيبة أنيقة في حديقة منزلها المغلقة،حولها الزهور متعددة الأجناس والألوان، تطرب لسماعموسيقى هادئة وناعمة بينما أمامها على طاولتها الحديديةالمشغولة بترف دون بهرجة... يعلوها طقم شاي من الخزفالمشغول أيضاً.. "هل تعلم عمر هذه الأكواب يا أميري؟!"

ضحك وهو يجلس أمامها, لقد أمسكته العجوز بالجرم المشهودوهو يحدق فيها بانبهار كالعادة ؟! "لقد أخبرتني عدة مراتجدتي أنها صنعت منذ ما يزيد عن مئة عام وكانت أول هديةلكِ من جدي؟!"

قالت ڤيڤيان وهي ترفع فنجانها بيد والأيد الأخرى تضعهاأسفل طبق الفنجان "لا بأس بتذكيرك، إني أتمسك بقوانينالعائلة.. لا عيب أن أصر على الاحتفاظ بدمائنا نقية؟!"

انمحت ابتسامته ببطء بينما يراقب والده الذي دخل أخيرامجاور إياه وهو يتنفس بسأم قال نزار اخيراً "هذا ينفي تقبلكِلي جدتي إذ أن دمائي مختلطة مع أحد العامة أليس كذلك؟!"

نصبت الجدة ظهرها الذي انحنى بفعل تقدم العمر والزمنفقط.. ثم قالت بهدوء "لا أنت حالة خاصة.. ما فعلته تلك المرأةمعك يمحو كل رفضي لها، بل أجدني إذ قابلتها سأقدم لهاعرفاني وشكري.. حتى وإن كنت راقبت ابني ينصهر فيأوجاعه بسببها كل سنون شبابه!"

أومأ جوشوا برأسه احتراماً ثم قال بركيزة "ما نلته منهااستحققته، إن كانت أختي مكانها ..وقتها ربما كنت تفهمتِمعاناتها!"

"آسفة لإسماعكم هذا ولكنها استحقته أيضاً إذ أنها تطلعتلمكان ليس مكانها, وقبلت برجل ليس من دمائها ولا عشيرتها!"

لا فائدة مهما حدث، أو سيحدث لن يغير الإنسان من أفكارهومعتقداته يوما.. ربما عائلته احتضنت ابنه قدمت له الدعم،الحب المفقود ودفء عائلة كان يرنو إليها بكل كيانه.. ولكن مازالت أحقادهم اتجاه حبيبته لم تهدأ وإن كانوا تفهموا الماضيالذي أجرم هو فيه أخيراً.. قالت والدته أخيراً بينما تضعفنجانها على الطاولة بحركات مدروسة "دعنا لا نخوض هذاالحديث غير المجدي مرة أخرى, وندخل في الأمر الذياستدعينا ابنك من أجله!"

قلب نزار نظراته بينهم بترقب وهو يقول "إذاً هذه لم تكن دعوةشاي لأنكِ اشتقتِ لمجالستي كما قلتِ على الهاتف؟!"

ابتسمت العجوز وهي تقول بهدوء "رغم أنك تدخل البهجة إلىقلبي.. ورغم أنك الوحيد الذي يجعلني أضحك دون تحفظ؟!"

قال نزار سريعاً بسماجة "من الجيد أني ترقيت من مكانةحمار والدي الأبيض.. للقرد الخاص بمرحك جدتي؟!"

تنحنح جوش حتى يداري ضحكته بينما عبست ڤيڤيان وهيتقول "صه.. واستمع!"

جلس نزار بأدب يمقته.. يتقيد بقوانين تخنقه، ببروتكول فيالتعامل أُجبر على تعلمه، حتى يكون فرداً من هذه العائلة..

هز رأسه علامة على الاستماع بينما يسمع والده أخيراً يقولبهدوء مترقب "الجامعة قررت كما هو محدد منذ سنوات منحكمنصب معيد بها، بالطبع بناء على تميزك الدراسي و..؟!"

قاطعته والدته وهي تقول بصرامة "وتدخلي الشخصي.. إذأني أعلم رغبتك في الانتماء لإحدى شركات المحاماة وشقطريقك بنفسك بها.. ربما أنا أعلم جيداً أن معظم أفراد الأسرةالمالكة يعملون في وظائف عاديه كما العامة.. ولكن كونكحفيدي الأول أنا أرغب أن تكون مثل والدك أستاذ جامعي لهمكانته في المجتمع كما بيننا؟!"

ساد صمت ثقيل للحظات بينما لم يصدر عن ابنه الذي تحولللنقيض عما كان عليه عندما قابله أول مرة أي رد فعل يذكر... بل ظل صامتاً يقلب نظراته بينهم في سكون تام وكأنه يخشىالتحدث... يخاف الاعتراض الذي يقرأه كوضوح الشمس.. إذأنه يفهم أن صغيره.. الرجل الصغير يخاف أن يخسر جانبوالدته التي منحته الدفء.. أشبعت لديه جوعه الشديد للانتماءعندما استقبلته بيدين مفرودتين وبقلب حمل رحاب الأرض.. ولكنه يوقن أيضاً أنه مهما عوض نزار طفولته التي أُهدرت وهويطارد إحساسه باليتم وذلك الرجل الذي حمل اسمه فيماضي ينفره، يكرهه.. يظل هناك جزء من ولده يشعر بالغربةوبالحنين لأم لن يعوضها أي إنسان مطلقاً.

"أنتِ تتدخلين في حياتي هكذا جدتي، أليس هذا يعدم مبدأحريتي وحقوقي الشخصية؟!" قال أخيراً بهدوء مبالغ فيه!

عبست جدته قليلاً وهي تقول بترفق "أعلم أني أفعل، ولكن لديمبرراتي الشخصية.. أنا لا أريد فقدك كما فقدت والدكبالماضي؟!"

وخرج ابنه عن طوره وهو يقول بتصادم حاد "أبي فقدتيهعندما حاربتِ أمي! وانظري للنتيجة، عشت أنا مفقود محرومعشرون عام بينما سرق من أمي حقها في الحياة منالأساس؟!"

لم تكن والدته بالمرأة السهلة على الإطلاق عندما جابهته بهدوء"آه بالطبع حفيدي الغالي، أنا أشعر بالأسى نحوها.. إذ أنهاعندما أخطأت لم تجد ابن يتفهم كما فعل والدك معي.. بل منضيعت عمرها وحقوقها من أجله هو بنفسه من أراق دماءهادون أن ترجف له عين!"

وكأنها صفعته على وجهه مدمية آدميته على حين غرة.. إذشحب وجهه حتى تنافس مع لون طاولتها الأنيقة, وانتفض منمكانه يدور في حدود جلستهم، كفأر صغير حشر في أخر الزاوية.. حاول بكل جهده أن يقول شيء.. أن يتنفس.. أنيعترض أو يوضح موقفه فلم يستطع.. سمع أخيراً والده يقولباحترام "لا داعي لتذكيره بجرمه يا أمي.. رغم تفهمي لصدمتهوتخبطه وقتها وأسباب فعلته ..ولكنه حدث وانتهى وذكرنا إياهلا يجلب إلا الوجع!!"

زفرت جدته بحنق قبل أن تقول بسخط "لهذه الأسباب بالضبطأريده أن يتابع حياته، أن يتفوق في المجال و كل ما يجيده.. أن يجد امرأة تليق به ويبدأ حياته.. ربما ابنك يجيد التظاهرأنه مضى في طريقه.. ولكن بداخله هو مثلك جوش ما زاليرتكز في بؤرة الماضي والوجع!"

قال نزار غاضباً "الآن لم يقتصر الأمر على مشواري المهني،بل التدخل في حياتي العاطفية.. أخبرتكِ أن ديني يمنعني،بأني لست حيوان لأقفز لفراش كل فتاة تعجبني وأقضي معهابعض الوقت؟!"

"اخرس" قال جوش من بين اسنانه..

بينما كانت والدته أكثر هدوء ، أكثر حنكة وتفهم وهي تقول"قبل أمك كان والدك حيوان بطريقة ما!"

"لا إله إلا الله.. مشكور يا بني على التسبب في سبي" نطقهاجوش باللغة العربية الفصحى.

حك نزار رأسه وهو ينظر لوالده معتذراً كاتم ضحكته علىتعليق جدته بصعوبة..

بينما خبطت هي بحدة على المائدة قائلة "لا تتناجيان بلغة لاأفهمها.. ونعم والدك كان عربيداً وهو في عمرك، حتى وإنأنكر هذا.. حتى أتت تلك الخمرية العربية وغيرت كل شيء،ربما الأمر صدمنى .. لن أنكر ولكنه أراحني لأننا على غيرتوقعك غير مسموح لنا بعلاقات خارج الزواج أيضاً.. جدك كانرجلي الأول على فكرة والأخير.. أنا تزوجته عذراء وكان هو أولمن...."

هتف جوشوا بهلع عند وصولها لهذا الجزء إذ أنه يعلم جيداًشغفها بالتطرق لهذا الجزء وسرد ليلتها الصاخبة مع والدهالفخور بعفتها "أتوسلكِ أمي توقفي, لا تضيعي ذكرياتيالأمومية عنكِ؟!"

التفت إليه ڤيڤيان ترمقه بترفع وهي تقول بقرف "هذا علىأساس أنك لم تفعل نفس الشيء بتلك العربية؟!"

"لاااا" صرخ نزار بهوس ثم أكمل بصرخة غاضبة "هو لم يفعلمع أمي أي شيء ولا يحلم أن يمسها حتى.. صفّي حساباتكِمع ولدكِ بعيداً عن والدتي؟!"

امتعض جوش كما جدته بطريقة متطابقة بينما يرمقانه وكأنهمجرد رضيع أحمق حتى قالت ڤيڤيان "فلنبتعد عن هذا الجزءالبيولوجي وكأنك وأبيك مجرد عذارى أبرياء؟!"

لم تكن هدأت أنفاسه ولا غيرته الحارقة على أمه وهو يقول"حول ماذا تحومين جدتي.. تعودت أنكِ صريحة ومباشرة؟!"

قالت ڤيڤيان بحسم "ما أرغبه أفعله وما أفكر فيه أقوله.. أرغببانتمائك الكامل، أن تستحق هذا الاسم واللقب الذي حصلتعليه أميري الشاب.. بأن تبدأ في البحث عن نصفك الآخر،أعرف جيداً أن دينك لن يسمح لك بالمواعدة وأنا لن أخسركوأحاربك كما فعلت مع والدك.. لقد تعلمت من أخطائي جيداً،لذا كل ما اقترحه هو إيجاد فتاة من وسطنا تتعرف عليها ثمتقوم بخطبتها وقبل كل هذا تقبل بمنصبك الجديد، كماوالدك!"

ساد الصمت المهيب عقب انتهاء كلماتها، بينما بقي هومتسمر في مكانه ليس صدمة ولكنه بدا أنه ينازع وحوشتتغذى على صراعاته.. وكأنه صورة مرئية لموج البحر الهائجالذي يلطم بعضه آكلاً ماءه داخل دوامة انتحارية.. حتى نطقأخيراً بضياع يناقد تماماً نبرته التي امتلأت بالعزم والإصرار"لا أستطيع تقديم ما فوق احتمالي.. لا أريد أن أمضي فيحياتي وابحث عن الحنان والحب في وجه كل امرأة أقابلها.. إذ أنه لدي حبيبة أخرى تركتها في دياري تترقب عودة الغائب،وتتلظى بنيران الهجران التي تكويني معها.. لقد حان وقتحسمي بالفعل يا جدة لطعم عينيها نورها المسروق؟!"

.............................................
"أنتِ خالتي مثل بدور, صحيح؟!" نطقتها بميوعة ودلال وهي تتراقص يمين ويسار باعوجاج يليق بالوصف الذي سمعت الجميع ينأدي به "مائعة مدللة أبيها"

ضحكت نوة بينما تمد كفيها تمسك بخصرها لتثبتها مكانها وهي تقول برفق "نعم، ولقد تقابلنا عدة مرات, ألا تذكريني؟!"

حركت كتفها بدلال ثم قالت "إن لم تمنحيني الاهتمام الكافي لن أذكركِ!"

"توقفي عن إزعاج الضيفة لوليتا الحمقاء" هتف توأمها بحزم طفولي مبهج ذكرها بخالد قديماً عندما كان يحاول أن يفرض رجولته المبكرة عليهن حتى وهو الأصغر سناً بينهم!

قالت بمحبة وهي تطالعه "لم تزعجني يا صغير.. في الواقع هي تذكرني بطفلتي؟!"

" أنا لست صغير بل صقر والدي!"

"هل لديكِ فتيات.. أين هن ولماذا لم تأتي بهن لأشاركهن ألعابي؟!"

هتف كليهما في نفس واحد، رغم اختلاف الإجابتين!

مما جعل نوة تضحك بتحفظ مرة أخرى وهي تهمس لشقيقتها "هل أنتِ متأكدة أنهما توأم، اختلافهما كما اختلاف الليل والنهار؟!"

قالت بدور بهدوء بينما تقترب لتحمل إياس وتضمه بين ذراعيها كالمعتاد "إن لم يولدا ويكبرا أمام عيني كنت تشككت أنا الأخرى، ولكن هناك تفسير منطقي.. البنت لأمها والولد لخاله!"

"بل لأبيه يا بدور!" نطقت مريم وهي تدخل عليهم أخيراً حاملة بين يديها صينية الضيافة..

التوتر المعتاد كان يطفو على السطح عندما تلاقت عيناها بعيني نوة ثم قالت "مرحباً بكِ لأول مرة في منزلي.. وأشكركِ لانتظاري، إن كان لدي علم مسبق بوجودكِ لكنت في استقبالكِ؟!"

تأملتها نوة الهوينى قبل أن تقول متصنعة المزاح "وأنا أشكركِ لاستقبالي.. الأمر أني لم أرتب لهذه الزيارة بل تشبثت ببدور كالأطفال عندما ذكرت قدومها اليومي عندكِ؟!"

قالت ليبرتا بتبرم "لم تأتي منذ أربعة أيام.. والمزعج إياس لم يكف عن البكاء مثل البيبي وهو يطلبها؟!"

"أنا لست بيبي.. أنتِ هي الحمقاء الطفولية"

تنهدت مريم بتعب وهي تهتف في كليهما "حسناً وقت مستقطع من شجاركما.. هل تركتمانا نكمل حديثنا قليلاً؟!"

"لن أترك ماما بدور" قال إياس بحزم متجهم.

بينما قالت ليبرتا بتبرم "وأنا أريد أن أبقى مع خالتي "إعصار""

غطت مريم فمها ضاحكة وهي تلوح بيدها معتذرة ..بينما لم تراعي بدور أختها المصعوقة إطلاقاً وهي تضحك بقهقهة رنانة..

"حسناً هذه الفتاة تحتاج لتهذيب كما يقول أخوها" نطقت نوة وهي تفتح عينيها الذاهلتين المحدقتين في الصغيرة!

فقالت ليبرتا بحنق لذيذ "ماما بدور هي من تنعتكِ بهذا، كما أخبرتني عن لقب البعبع المخيف لانتقم من خالي، عندما كان يضايقني ويعنفني؟!"

وكأن الإدراك ضرب نوة عندما ارتخت ملامحها وهي تطالع بدور التي رفعت أحد حاجبيها تحدق فيها بتلاعب خبيث "أها خالتكِ بدور أخبرتكِ عن لقبه، هل أستطيع التخمين أن فستان حفل خطبة خالكِ هي من أنتقته أيضاً؟!"

ببراءة قالت ليبرتا "لقد كان صفقة بيننا، هي تسمح لي بأن أنام جانبها بدون إياس "اثنتان"..... وأنا ارتدي هذا الزي!"

رفعت نوة حاجبيها وهي تقول بترصد "اختياره المناسب والفتاة لم تخطئ، صحيح يا بدور؟!"

انزلت بدور إياس هامسة له بشيء ما.. مما دفعه أن ينطلق وهو يهمس لأخته أيضاً جاعلها تطيعه ويخرجا على الفور ثم قالت بهدوء "إن قرر والدكِ اللعب على ولاء أخيكِ الأحمق الذي يخدع نفسه، فلا ضرر ولا ضرار من بعض المكر الأنثوي؟!"

لم تجبها نوة بل نظرت لمريم ثم قالت "وأنتِ على علم بالقصة ومتعاونة بهذا؟!"

هزت مريم رأسها نفياً قبل أن تجلس على الأريكة حديثة الطراز ثم تجذب إحدى الوسائد المنقوشة بورود زرقاء جاذبة للعين "في الحقيقة أعلم القشور عن الفتاة الصهباء التي كانت ترافقه دائماً، بأنها ربما كانت حبيبته!"

تنهدت نوة قبل أن تقول بحزن "ليس حباً بالمعنى الصحيح إذ أنها كانت مجرد مراهقة، تنجذب للشاب الوحيد الذي يسمح لها بأن تقترب منه، بينما هو حسناً ربما كان عشقاً من نوعٍ خاص؟!"

ابتسمت مريم بإشراق قبل أن تقول "بالنسبة لمرأة أحبت زوجها وحلمت بأول قبلة تحصل عليها منه وهي مجرد فتاة في الصف السابع، حسناً أستطيع أن أجزم أن تلك الفتاة الغائبة أحبت أخاك أيضاً!"

"وأنا لا أعتقد.. لقد كان الشاب الذي يجاورها ليس إلا، ربما اختلطت عليها المشاعر بين ابن العم والحبيب.. وإلا ما كانت ابتعدت كل هذا الوقت دون أن تحاول التواصل معه؟!" قالت نوة في محاولة واهية لإقناع نفسها بتفكير أخيها..

فردّت مريم وهي تفرك كفيها بتوتر "وبالنسبة أيضاً.. لمراهقة سخيفة أحبت الرجل الذي رباها كأبٍ لها وأخ راعاها لوقت طويل، وطاردته حتى يقبل هو بعاطفتها.. أخبركِ أنه ربما سَبنتي أحبته وما زالت تحبه متعشمة في وعد منه على وفاء الانتظار؟!"

"رجال الراوي لا يجيدوا الوفاء، بل يحترفون الطعن والغدر، تاركين إياكِ مع جروح غائرة لا تندمل أبداً"

نظرت كلتاهما لجلسة بدور المستريحة وهي تطوي كلا قدميها تحت ركبتيها بينما ترتشف من عصير المانجو بكل سكينة وكأنها لا تتحدث عن أمرٍ ذاقت هي بنفسها مرارته وتجرعت من كأسه الويلات..

"خالد لا يشبهم" قالت نوة

"خالد منهم رغب أم أبى.. لقد كنت أتعشم أنه لن يتبع هذا المصير الذي كتب علينا ولكنه بالنهاية فعل وحقق نبوءة راش.... أعني زوجي السابق!!"

سألت مريم بفضول "ألهذا أنتِ تحاولين معه دون يأس، من أجلها؟!"

قالت بدور بتجهم "من سَبنتي، بالطبع لا، ولكن من أجله هو، يجب عليه أن ينتظر حتى تعود وبعد مواجهتها وحسم أمره بعدل, ربما يستطيع أن يشرع في طريقه!"

هزت نوة رأسها وهي تقول "أحياناً أفكر إن لم ترفضيها وتنفريها منذ الصغر، ما الذي كان قد يتغير؟!"

زمت بدور شفتيها وهي تجلس باستقامة ثم قالت "ما الذي يعنيه هذا؟!"

قالت نوة بتهرب "لا شيء، هذا ليس موضوعنا بالأساس، الذي جئت من أجله؟!"

وقفت بدور من مكانها قبل أن تتوجه نحو أحد النوافذ الزجاجية المطلة على الحديقة الصغيرة والتي تقطع كل جدار الغرفة ثم قالت بصوت أجش "مريم تعلم كل شيء عني يا نوة، العام الذي جلسته في المصحة كان كفيل بأن أخرج بكل ما اكتمه من وجع و من أفكار سوداوية.. ومن ندم يعتصرني لها ولخالد؟!"

"ولكن ليس لي؟!" اغرورقت عينا نوة بالدموع وهي تطالع انحناء كتفيها عالمة بأنه رغم تسامح بدور الظاهري, عودتهن لعلاقة أخوية محبة، لم تستطع أن تتخطى قط أنها كانت أحد من خدعوها وتسببوا في حرمانها من طفلها المنزوع؟!

اختنقت عبرتها داخل صدرها قبل أن تهمس "يوم أن أضم إياب إلى صدري.. يوم أن تهدأ نيران لوعة قلبي.. سأمنحكِ الغفران يا نوة.. بل سأمنحكم جميعاً ما لن أمنحه لنفسي مطلقاً، إذ أني كنت أول المجرمين المتسببين في نزعه مني..!"

صمتت لبرهة قبل أن تختنق أكثر بغصة دموع القلب الموجوع وهي تهمس "فقط لو أعلم أنه بخير، لو أسمع أي خبر عنه يعينني على مرارة الحرمان؟!"

هبت كلا الأختين متوجهتين نحوها إحداهما تربت على كتفيها بعطف.. بينما مريم تحتضنها عنوة جاعلة إياها تبكي على صدرها كما فعلت هي معها قديماً...

"سيعود!" همست نوة!

فقالت بدور بأمل "أعلم.. واثقة من هذا!"

ثم في حركة سريعة لا تصدر إلا من امرأة كبدور كانت توازن نفسها عائدة لصلابتها تمسح دموعها بكبرياء وهي تقول "حسناً ما أردت إخباركِ به أني بتّ أعلم جيداً بأنني كنت مجرد تهديد بالنسبة إليها، أنا أعرف الآن أن سَبنتي بعد كشف ماضيها كانت خائفة.. ضائعة.. مرتعبة من فكرة أن يختارني راشد وابني.. ويزيحها هي من طريقه؟!"

فغرت نوة فمها بصدمة، غير مستوعبة تفهم بدور إلى هذا الحد.. اعترافها العادل دون زيف.. بينما كانت مريم تضيق عينيها بجهل وهي تسأل بتشكك "أي ماضي هذا لفتاة مراهقة، ولماذا قد تخاف أن يبيعها أخوها من أجلكِ؟!"

ابتسمت بدور بلطف ثم نظرت نحو نوة وهي تقول باتفاق ضمني كان بينهم منذ أعوام أصروا على دفنه بوعد أن لا ينبش أبداً "ماضي يخص علاقتي بها.. إذ أني فور حملي حاولت باندفاع طفولي أن تزود الجفاء بيننا.. وأجدني اليوم رغم عدم تقبلي إياها أتفهمها!!"

"ولكن هذا تطرف منها؟!" قالت مريم..

فأجابتها نوة بهدوء "بدور كان حولها الكثيرين المستعدين لدعمها.. بينما هي لم تمتلك أحد غير راشد يا مريم!"

"كما أنا لم أمتلك غير إيهاب" همست بنبرة شابهت الحلم..

مما دفع بدور للابتسام وهي تقول "لا من المستحيل تشابه الأمرين، راشد أبوها فعلاً وقولاً تستطيعين القول أنه أبوها بالدم؟!"

"حق دمائي ونسبي نطفتي لم تسكن امرأة سواك"

أغلقت عيناها لبرهة محاولة أن تنسى قسمه، صوته الأجش، ملمس يده العطوفة وأنفاسه العاصفة التي كانت تجرفها لعالم آخر حدوده ذراعيه وقلبه..

"لقد انتهى، وحطم كل شيء، ليس من حقكِ التفكير.. التنفس.. العيش كما البشر أو الحلم، حتى يأتي رضيعكِ المختطف يا غبية" نهرت نفسها بعنف بصوت داخلي..!

قبل أن تسمع مريم تقول "اتفهمها أيضاً يا بدور.. ربما هو أبوها بحق الدماء ..وربما أنا لم ولن أحصل على والد مثلها ومثلكم يوماً.. ولكني أفهم جيداً الاشتياق لتلك العاطفة ومرارة الحرمان منها.. أعرف معنى أن يكون ظهرك مكشوف دون سند، أن تصبحي مجرد كائن مبتور الأجنحة, مرارة اليتم تلطم فيه دون أن يجد من يحميه تحت ظلاله ويأتي إليه بحقه ممن سلبوه أبسط معاني الحياة.. لذا أي كان ما آذتك به، أي ما دفعها لتفعل ما فعلت.. أنا أتفهمها!"

ها قد وصلوا أخيراً لهدف نوة الخفي من الزيارة... نظرت بدور لوجه نوة الشاحب وهي تسمع الوجع في صوت أختها غير الشقيقة، وهي تجرب ما سمعته هي منها من قبل ونالت كل عاطفتها وحبها بسببه.. أن تعلم نوة أخيراً بالأدلة أن مريم مجرد ضحية من ضحايا شهوات أبيها... ولم تستحق يوماً ذاك الرفض والظلم الذي قابلوها به.

"ووالدتكِ أين كانت من كل هذا؟!" سألت نوة بصوت أجش كاره للمرور بذكر تلك المرأة..

الاضطراب الكامل بل الخوف والرعب طاف في عينيها الشبيهتين بعيني بدور قبل أن تقول بتوتر "كانت أول من اضطهدني, لقد كانت تنتقم منه فيّ، لقد حاولتُ اكتسابها ولكنها رفضتني بكل السبل، هل أخبرتكِ من قبل أنها أرادت قتل صغيريّ، ووالدتكِ من تصدت لها؟!"

شحب وجه نوة أكثر من شحوبه بالفعل وهي تهتف "يا إلهي، مؤكد أنتِ تهولين الأمر.. ليس لهذه الدرجة؟!"

ابتسمت مريم كمن يحاول تخطي أزماته، محو ماضيها الموجع والتشبث بحاضرها المفرح! ثم قالت "والدتكِ شاهدت الأمر بنفسها، أعتقد أنها كانت تستكثر عليّ النجاح فيما فشلت هي في ، بالنهاية كيف لابنة الحرام خاصتها أن تحصل على رجلٍ كزوجي وطفلين هما الدنيا بما فيها لي ولحبيبي؟!"

لم تجد نوة ما تقوله إلا الرد بخشونة دافعها التعاطف "أنتِ لستِ ابنة حرام، رغم ثقل اعترافي بهذا ولكن والدي تزوج من تلك الحقيرة!"

"عرفياً.. وكنت أنا ضحية هذا الرابط، وليس هو أو هي.. إذ إنهما كانا ناضجين كفاية لتحمل اختيارهما ولكن... ما ذنبي أنا أن أوصم بعارهما؟!"

"ألهذا ترفضين الغفران لأبي؟!" سألت نوة

قالت مريم بجمود "نعم، أنا أفعل.. أبوك ربما والدي على الأوراق لأسبابٍ بتِّ تعرفينها جيداً.. ولكنه أبداً لن يكون والداً فعليّاً لي!"

اقتربت منها نوة خطوة ثم قالت "حتى وأنتَ تعرفين أن المرض تمكّن منه، بأننا قد نفقده بأي لحظة؟!"

تطلعت إليها مريم راصدة الدموع الغريزة التي غشيت الرؤية أمامها، شاعرة بنبرة صوتها المهتز وهي تقر بحقيقة بات الجميع يعرفها..

"هو قدّم لكِ ولإخوتكِ ما يستحق عليه الغفران، ولكن أنا لم يقدم لي إلا الضياع والألم، آسفة لتخييب رجائكِ.. ربما طفلاي يذهبا إلى منزلكم بانتظام، وربما نتقابل في مناسبات قليلة وباتت مهمة لعمل زوجي وتلبية لرجاء والدتكِ.. ولكني أبداً لن أسمح لوالدكِ بأكثر من هذا فيّ؟!"

هزت نوة رأسها وهي تفكر أنها آخر من عليها أن تحكم على مريم إذ أنها في الماضي وقبل مأساة بدور التي كانت هي عن غير قصد طرف فيها، مجرد صوت بلا فعل حقيقي يلمس، مجرد بعبعة صوت تمنح النصائح دون دور فعال في حياة أشقائها.. دون أن تقدم الفعل الحازم والعون الجازم لهم، ربما المقارنة غير عادلة ولكنها تتفهمها كما أنها بطريقة ما وكأخت كبرى للجميع باتت تشعر بالشفقة وربما الحب الحقيقي نحوها "لقد تعشمت أن تمنحي رجل مريض من أجل خاطري لقاء واحد, تخبريه فيه ولو كذباً أنكِ ستغفرين له يوماً!!"

أطرقت مريم برأسها مفكرة قبل أن تشير بأناملها نحو بدور التي منحتهما ظهرها تنظر من النافذة للبعيد حاجبة نفسها عنهم ثم قالت بصراحة مطلقة "كانت أحبّ أبنائه، قدم لها ما حرمني أنا منه، فلماذا لم تمنحه غفرانها؟!"

قالت نوة بخشونة "الأمر مختلف!"

قالت مريم بدون تردد "سيان لمن جرب الحرمان يا نوة.. ياسر لم يقدم لي أبداً ما يمنحه حجة لدي للقائه وعناقه.. لست مطالبة نحوه بشيء, لن أجبر للتفكير بمصيره ولوعته كما رماني هو قديماً ولم يفكر في مصير طفلة مجهولة النسب مع امرأة كأمي لم تستحق أبداً هبة الأمومة؟!"

................................................


يتبع الان



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 30-03-20 الساعة 03:51 PM
Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 10:03 PM   #2280

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

[COLOR="Green"⁦❤️⁩شظايا القلوب⁦❤️⁩
هي الغوص بداخل النفس البشريه واليقين بان كلا منا يوجد بداخله الخير والشر ونحن بمفردنا من نحدد لمن نترك فيهم الغلبه بان تسيطر علينا
دائما ما نجد في كل روايه شرير للحكايه ولكننا هنا نقف امام انفسنا لننظر بداخلنا ونبحث عن نقطة صراعنا الابديه بين الخير والشر
⁦❤️⁩شظايا القلوب❤️⁩
هي تيهة وطن اغتصب فيه كل شئ عندما اغتصبت حريته امام اعين الجميع وطن فتت واصبح هو وابنائه شظايا منثوره على يد مغتصب اغتصب الروح فيه قبل ان يغتصب الجسد😭
⁦❤️⁩شظايا القلوب⁦❤️⁩
هي معاناة قلوب ادماها العشق والحنين وقعت فريسه للذة الانتقام

اخطاء للاباء يتحملها الابناء وتصبح سببا لفقد الثقه حتى في انفسهم

تعنت وعناد بين الاحباء تكون نتيجتها كسر قلوب ليس لهم ذنب

⁦❤️⁩شظايا القلوب⁦❤️⁩
هو ابداع كاتبه استطاعت ان تجعلنا نعيش معها بداخل احرفه[/COLOR]


aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:44 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.