آخر 10 مشاركات
صقور تخشى الحب (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة الوطن و الحب (الكاتـب : bella snow - )           »          أحفاد الصائغ *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          مرايا الخريف -ج3 سلسلة زهور الجبل- للكاتبة المبدعة: نرمين نحمدالله *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          بسحر عينيه تاهت افكاري و على ألحانه ذاب قلبي *مميزة&مكتملة* (الكاتـب : smile rania - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          483 - كأنهما غريبان - سارة مورغان ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )           »          465 - المرأة ذات الثوب الأزرق ـ آنجي راي (عدد جديد) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          459 - حلم المساء الأخير - هيلين بروكس ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          450 - وردة ضاعت منه - تريش وايلي (عدد جديد) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          أرواحٌ تائـهـة في غياهِبِ القَدَر (الكاتـب : الـميّادة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-06-20, 10:43 PM   #3551

خزاعله

? العضوٌ??? » 470414
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » خزاعله is on a distinguished road
افتراضي كل سنه وانتي طيبه يا نور


بانتظار الفصل على أحر من الجمر

خزاعله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 10:54 PM   #3552

nourelhayat233

? العضوٌ??? » 398734
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » nourelhayat233 is on a distinguished road
افتراضي

Ya noor welcome back ya 3omry❤️miss u wallahi🥰😍😘

nourelhayat233 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 10:54 PM   #3553

انشكاح

? العضوٌ??? » 470390
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » انشكاح is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظار 😍😍😍😍😍

انشكاح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 10:57 PM   #3554

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل السابع والثلاثون

أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ طائِرٌ إلّا انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَفي نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ

" المتنبى"


من لحظة لأخرى كانت تعود لتهديده ووعيده بإنزال أقصى الوبال فوق رأسه ليس من جانب أخيها "هالك عضلات" فقط ولكنها تجرأت أن تهدده بإخبار أبيه هو....
"أنا لست فتاة صغيرة.. لتلعب معي تلك المسرحية السخيفة"
قالت بغضب خاتمة تهديد أخر.. ثم عادت لتجلس في منتصف المقعد الخلفي من السيارة مكتفة ذراعيها ومحتضنة عكازها بينهما دون أن تحاول طيه ... نظر إليها نزار من خلال المرآة وعلى شفتيه ابتسامة هادئة وكأنه لم يتأثر بقنوط ملامحها ولا بغضبها المكبوت..
الآن يستطيع أن يتأمل ملامحها بحرية تامة عن قرب دون الخوف من كشفه أو مراقبة أحدهم له, بالطبع هو لاحظ نضج ملامحها من قبل.. ولكنه لم يدقق في التفاصيل الصغيرة التي أصبحت تشكل ما هي عليه.. فمها المعقود الصغير كخاتم ألماس مصقول ودقيق الصنع حدده الآن خطين مائلين زاداه فتنة وإن كانا يخبراه عن سر البؤس الذي تعايشت معه... وجنتيها الشهيتين والتي يتذكر احمرارهما الدائم قبل سنوات قد زال عنهما لونهما تمامًا وكأن سر الحياة الذي كان يضخ في أوردتها مسبباً لها ملامح عرائس الباربي تلك خفت تماماً وانتهى... بينما عينيها الواسعتين المحددتين بشكل هندسي يشبه أجساد السمك ما زالتا على حالهما.. رموش كثيفة, عينان فريدتان في رسمهما, وينعكس لونهما كبحرين عميقين بزرقة صافية ولمعة مطفئة لطالما حيرته إذ أنه دائماً ما كان يعتقد أن العميان لا يمتلكون حديث الأعين أو أطياف ساحرة تسرق القلب رامية إياه في قاع بحر ليس له أول من آخر هو....
كان يغرق بهما وما زال.. ولكنه لم يرد أن يتعلم فن العوم يوماً ويترك شاطئها..
أوقف السيارة أخيراً في مكان ما ثم أسند ساعده على الكرسي الآخر والتفت إلى الوراء مقترباً منها بجذعه ثم قال وهو يعقد حاجبيه بتفكر.. فظ: "هل وزنك زاد عن آخر مرة ربما خمسة كيلوات؟! لا.. أعتقد أنهم ست أو ربما عشرة؟!"
انتفضت شيماء من تصريحه الفظ المباغت وقفزت في مكانها بالفعل بصدمة وذهول.. لم يقلا عن رغبتها الشديدة المتنامية في قتله ثم صرخت أخيراً بعنف: "أيها النذل عديم التمييز والفهم.. لا أنت مصاب بتأخر ذهني مؤكد مكانك مشفى للمجانين وليس إطلاقك دون قيد بين البشر"
بدا على نزار عدم التأثر وهو يقول بفتور "ما مشكلتكن مع الإقرار بهذا ..إنها الحقيقة هل يجب عليّ الكذب لإرضائكِ؟!"
قالت بنفاذ صبر "لأنك أخرق.. إنها قوانين بشرية منذ نزول آدم للأرض يا سيادة المتر.. إن المرأة لا تسأل عن سنها أو وزنها"
قال نزار بهدوء "هذا يعد تلاعب بالأدلة والبراهين ويؤدي بالطبع لتشتيت الادعاء والدفاع والقاضي أيضاً ومن الممكن أن يخرب بيوت أو ينهي حياة إنسان... هناك حقائق يجب أن تبقى واضحة وصريحة ...مثل أن عمرك الآن تخطى الثلاثة وعشرون وأصبح زواجك ضرورة قبل أن تدخلي مرحلة الخطر!"
فغرت فمها بذهول وهي ترفع كلا حاجبيها باستنكار وعدم فهم للحقيقة وملاحقة كل تلك الأشياء الغير مترابطة والتي يتفوه بها ثم سألت بتوجس "مرحلة الخطر؟!"
حرك نزار ذراعه ثم اعتدل وهو يفتح الثلاجة الصغيرة بين المقاعد وأخرج منها شيء ما سمعت هي صوته وحاولت تتبعه لتفهم على ماذا ينوي بينما هو يقول "بالطبع, فبعد عام أو اثنان من الأن ستكونين في نظر المجتمع المتخلف مجرد عانس.. لم تجدي ذكر واحد ينظر إليكِ ويرغب في وصالكِ"
لم تصل إليها محاولة مداعبته بل زمت شفتيها بقنوط ثم قالت بقسوة "لا يحتاج أحد للحكم عليّ يا نزار, فالكل يعلم بالحقيقة أنه لن ينظر لي أحد إلا راغب في اسم العائلة أو المال الذي ورثته.. غير هذان السببان لن يرغب رجل في الزواج من عمياء.. معاقة!"
لم يأتها الرد على الفور غير أنها سمعت أنفاسه الحادة تعلو بصورة مخيفة, من الطبيعي أن تذعر منه في حالتها ولكن ليس هي ...ليست شيماء الراوي التي تخفض رأسها في مواجهته أو تهابه حتى وإن كان يتفوق عليها برؤية البصر والتفوق الجسدي وبالطبع اصطحابها لمكان نائي مجهول بالنسبة لها حتى قال أخيراً باختصار بنبرة وضع كل هدوئه فيها... نبرة أتتها أشبه بصفعة شتاء باردة: "أنا أرغب في تلك المعاقة.."
كيانها استعر بداخلها وروحها تمردت حتى كادت أن تصرخ وهي تقول: "أعدني إلى بيتي.. وحل عنيّ.. إنساني لوجه الله.. قديماً أخبرتك إياها وها أنا أكررها لا أريدك.. لا أرغبك ولم أحبك أبداً.. أنت كنت مجرد غلطة وتهور مني دفع كلانا ثمنه غالياً"
شعرت بهبوطه من السيارة من خلال بابه الذي أغلق بعنف.. ثم شرع في فتح الباب ناحيتها وجلس جانبها وأنفاسه التي شابهت اللهب كانت تصل إليها كذبذبات خطر جعلتها تتراجع قليلا للخلف منكمشة بخوف من تهديد جسدي أو عنف يبديه تجاهها ثم دون مقدمات كانت تتحرك سريعاً فاتحة الباب الآخر ناوية الهرب.. بالطبع لم يمنحها ثوان قبل أن يثبط محاولتها تلك ثم يمسك عصاها مبعدها عنها ويشرع في إمساك كلتا يديها في قبضة واحدة: "إن لم تبتعد سأصرخ!"
قال نزار بغيظ: "لقد حسبت حساب لهذا..."
فتحت فمها ناوية الصراخ مباشرة ولكنه كان اتخذ خطوة أخرى جعلت كل جسدها يهتز وعينيها يتوسعان وكأنهما سيقفزان من محجريها إذ أنه في لحظة واحدة كان يغلق فمها بشيء له ملمس القطن الخشن برائحة مسكية زكمت أنفها بسحر تعرفه!!
غمغمت بحروف مكتومة لم يهتم لها إذ أنه على الفور كان يربط كلا معصميها بشريط لاصق أحرق بشرتها وتساءلت هل جن نزار بالفعل.. هل هذه عملية اختطاف فخ وشرك انتقامي وقعت فيه وساعدته سَبنتي مقدمة إياها إليه بمنتهى السهولة... لا من المستحيل أن تفعل.. مؤكد نزار خدعها!!
كانت تنتفض الآن وكلها ينكمش برعب بينما تحاول البحث عن مرمى وجهه بدقة من خلال أنفاسه.. ولكنه ابتعد محافظاً على المسافة بينهما وهو يقول "الآن نستطيع التحدث كما البشر دون السماع لمهاتراتكِ المزعجة"
"رباه, لقد جن بحق!" همست داخلها والشيء الوحيد الذي استطاعت أن تبديه هي همهمة معترضة أخرى ومحاولات لمقاومته بيديها طارت كلها عبثاً..
مرت دقائق أخرى بينما ينظر إليها مشفقاً وشارداً محاول أن يتفادى ضرباتها حتى هبطت تمامًا وأحنت كتفيها بإحباط.. وأطرقت رأسها بقهر.. أما عينيها كانتا حكاية أخرى من الألم والكسر..
"لا أسعى لذلك يا شيماء.. ولكن أنتِ يجب أن تسمعيني وأعدكِ بعدها إن لم تقتنعي.... اممم!"
صمت مفكراً قبل أن تحس به يهبط من جانبها ملتف حول السيارة وشعرت به يعود يمسك مرفقيها وهو يقول "آسف يا عصفورة كدت أن أعدك بالابتعاد إن لم تتقبليني.. ولكن هذا أمر أكبر من طاقتي وصعب على نفسي الوفاء به"
كان تتراجع أكثر منكمشة رافضة التقدم معه.. ولكنه أصر وهو يشدها برفق ثم قال "لن أُؤذيكِ.. ثقي بي"
محدود العقل أي ثقة تلك وهو يأخذها لمكان مجهول في جنح الليل ومقيدة.. هل ينوي نزار الاعتداء عليها ليضعها أمام الأمر الواقع؟!
توسعت عينيها برهبة وهي ترفع وجهها نحوه كالطلقة ثم همهمت بصرخات مكتومة مقاومة إياه مره أخرى...
نفخ بنفاذ صبر وهو يقول "المقاومة لن تجني منها إلا ألم لكِ وزيادة لوقت معاناتكِ.. استسلمي!"
هزت رأسها رافضة بعنف ليتطاير معها شعرها في كل مكان بحدة حتى طال وجهه شاعر بذلك الحرير كسياط لاسعة وممتعة.. همس دون صوت "الحياة مع العصفورة لن تكون مملة؛ فإتضح الآن أن بها جانب وحشي مثير سأعمل جيداً على إخراجه لا ترويضه!!"
قال بخفوت "إن لم تمشي معي بالذوق سأكون مجبر على حملكِ... وليتكِ تفعلين فأنا أتوق بكل شوق وجنون لضمكِ بين ذراعي وعلى قلبي"
توقفت فجأة عن مقاومتها ثم رفعت له عينيها البائستين دون خجل تمنحه عبر نورهما المطفأ رسالة واضحة لا تقبل التأويل "أنت تستغل عجزي... قاتلاً أي ذرة محبة حفظت لك داخل قلبي"
لم يرد على رسالتها بل أمسكها بيد قوية وقادها لمكان منفاها..
*********

زفر مراد نفساً حانقاً من أنفه بينما يجر حقيبتين كبيرتين بيديه وأخرى أكبر حجماً مخصصة للأطفال يعلقها على كتفه... ثم قال متهكماً وهو يمشي وراء ممدوح في الممر المغطى بالحديد والصفيح الفضي الذي يربط ما بين الطائرة وصالة الوصول "لا داعي لتتعب نفسك والله يا جناب المهندس سأعتني بنفسي بكل الحقائب وابنتك"
رمقه ممدوح شذراً من وراء كتفه ثم قال ببساطة "حسناً..."
برقت عينا مراد بغضب أكبر وسبه في سره ألف مرة ثم قال "لديه قدمان يستطيع استخدامهما.. وجلالة الملك يستطيع مساعدة عامل الأجرة البسيط الذي أرهقه هو وابنته"
تقدمه ممدوح بعدم اهتمام ورفع صغيرته على كتفيه ساند ظهرها بكلا كفيه بحماية وهو يقول ببرود "ولماذا أفعل.. إن كنتَ ستأخذ أجرتك كاملة فعليك أن تؤدي عملك وأنتَ صامت وممتن أيضاً"
قال مراد بتعب "والله أنا أوشكت على كرهك وأختك وعائلتك المختلة كلها"
مالت أمل تسند ذقنها على رأس أبيها ثم أمسكت بوجنتي أبيها وهي تسأله بمنتهى الوداعة "عمي الجديد هذا يزعجك كثيراً، هل تريد مني فتح رأسه انتقاماً لك؟!"
توسعت عينا مراد بذهول من الفتاة التي لم تقل عن أبيها جنوناً عندما قال بفخر "لا مولي, أنا قادر على فعل هذا به قريباً, أدخركِ أنتِ لشيء أهم يليق بقدراتكِ"
خرجت من ذلك الممر أخيراً إلى صالة واسعة خاصة بالوافدين عندما قال مراد من وراء ظهره بتعجب "والله إنها إبنتك من صلبك, كنت لأستطيع معرفة هذا من مجرد أن تفتح هذا الفم الصغير القاصف دون أن يكون لي علم مسبق"
نظر إليه ممدوح شذراً مرة أخرى ثم قال ببرود "أنت أصريت على أن نأخذ الحقائب معنا لأعلى لتوفير الوقت، فلا تتذمر الآن ودعني مع إبنتي قليلاً إن تكرمت فأنت أزعجتنا كفاية على متن الطائرة"
"نعم دوحا.. هو مزعج.. أصاب رأس أمل بالصداع"
نظر إليها مراد بلسان متلجم وانعقد حاجبيه قبل أن يرتفع أحدهما بذهول أكبر ثم قال "صداع.. وهل من مثلكِ يملك رأس ليصاب بالصداع؟! "
قالت بزهو: "أملك رأس أكبر من رأسك مع هذه الضمادات"
ردد مراد بذهول "هل هذا اللسان الوقح لطفلة؟! إن ابنتك سليطة"
رفع ممدوح عينيه ينظر إلى وجهها المطل عليه من أعلى يلمح جذله ثم قال بفخر وغرور "أعلم وهذا أجمل شيء فيها.. فتاتي المجنونة الصارمة"
مط مراد شفتيه للأمام موافقاً ثم توجه يسحب أحد العربات وهو يضع حمله عليها ثم قال "ما جمع إلا ما وفق.. العرق غلاب بصحيح، على كل حال أنت لا تملك أي صفة جيدة لتورثها لابنتك, سبحان الله على التطابق!"
أخرج مراد جوازات السفر وتصريح التنقل الخاص بأمل مختوم بشعار الولايات المتحدة ثم قال "اتبعني، لقد جعلت أحدهم يتحدث مع البعض هنا ليسهل أمر مرورنا دون انتظار"
قال ممدوح بتفكه دون أن يبعد نظره عن ابنته التي أخرج لها علبة عصائر وناولها إياها غير مبالي بالنقاط الصغيرة التي أوقعتها على رأسه ووجه "ألا يكفي ميزة رجال الأعمال.. أنت أصبحت تتمتع كثيراً بعلاقاتك السلطوية"
هز مراد كتفيه بعدم اهتمام ثم قال "ربما هي غير عادلة ولكن إن كانت متوفرة ولم أستخدمها سأصبح أكبر الحمقى خاصة مع وجود ابنتك المؤدبة جميلة اللسان"
قالت أمل سريعاً بفمها الممتلئ "هل يزعجك دوحا، اتركني لأعضه؟!"
ربت ممدوح على ظهرها وهو يقول بفخر "حفظكِ الله يا قلب دوحا, اترككِ لأمور أهم"
منح مراد جوازات السفر لأحد الأشخاص لإنجازها ثم عاد يقف أمام كليهما وهو ينظر إليهما بتعجب حانق ومتحسر على نفسه..
إنه مهندس مراد العطار من أكبر عائلات الصعيد وأيضاً من أهم مهندسي الديكور التي تهتز له رجال بشوارب يقف عليها الصقر تبيع وتشتريه فتاة لا تتجاوز حتى طول كف يده!!
"عجبت لك يا زمن!! هل قالوا أن البنت شبيهة أمها أبداً والله بل هي سر أبيها الأخرق الذي يتفاخر بها كأنه حقق معجزة لم يفعلها رجل قبله قط بإنجابها..."
لم تمر دقائق حتى أتى ذلك الشخص يسلمه أوراقهم كاملة فقال مراد بهدوء قاطع ذلك العرض الأبوي المبهر وضحكات أمل التي لن ينكر أنها تنعشه, فالفتاة تدخل القلب دون إنذار
"هيا أختك تنتظر في الخارج منذ ساعات وتكاد تجن لرؤيتكما"
ثم تقدم مراد أمامهما بينما سمع ممدوح أمل تسأل بفضول "هل لك أخت بابا؟!"
قال ممدوح بهدوء موضحاً "نعم وهي عمتكِ, لقد أخبرتكِ عنها.. ألا تذكرين؟!"
هزت رأسها بنفي بسيط قبل أن تقول بصوت طفولي شابه الحزن "لقد اشتقت لأختي فرح وماما"
اضطربت عضلة في قلبه وانمحت ابتسامته وهو يقول بخفوت "لم تمر ساعات على وداعهم يا أمل.. بهذه السرعة صغيرتي؟!"
قالت ببساطة حزينة "ماما لم تتركني أبداً من قبل"
أغلق عينيه لبرهة متوقف في مكانه ثم سأل بصوت أجش "ماما مرح أليس كذلك؟!"
أومأت بموافقة استشعرها من ذقنها الذي يستريح على رأسه فسأل بقتامة "وماذا عن ماما لورين؟!"
أجابت بعفوية "سأفتقدها بعد ثلاث.. هكذا"
مدت إليه خمس أصابع فابتسم مرغماً فأكملت ببهوت "لورين كانت تكبي وقالت أنا لا أتركها ولكن هي فعلت كثيراً من قبل"
أنزلها ممدوح من على كتفيه وأخذها على صدره ثم نظر لوجها الصغير بحنان جارح وقال "هي تحب أمل جداً كما يحبها دوحا وماما مرح"
هتفت "وبابا أيوب!"
أومأ موافقاً ثم قال "بالطبع الجميع يحب العفريتة مولي.. ولكن دعينا من الجميع لورين كانت مشغولة"
هدرت ببساطة "أعلم هي طبيبة"
اهتزت عضلة جانب فكه ثم قال بشرود "أنتِ ستشاقين لها بعد ثلاثة لذا دعينا نكتشف كم من الوقت ستطيق هي فراقكِ قبل أن يصرخ قلب أمومتها مطالب بكِ.. لتثبت إن كانت تستحقكِ أم لا!"
نظرت إليه بعينيها الواسعتين دون فهم، ولكنها منحته مكافأة فورية عبر إحاطتها رقبته بذراعيها الصغيرين ثم أراحت رأسها على كتف أبيها...
لم تتمالك إسراء نفسها عندما لاح طيف أخيها الحامل لابنته من البعيد فلم تفكر مرتين وهي تتخطى الحاجز الحديدي لتصبح عنده، متجنبة مراد تماماً الذي فتح ذراعيه في دعوى شوق لضمها...
"يا عائلة بلا مشاعر أو إحساس!"
تمتم بحنق بينما لفتت نظره سريعاً جميلته ذات العشر أعوام التي رمت نفسها بقوة ثم قالت "دعك منها، لقد أصابها هوس للقاء ابنة خالي.. اشتقت إليك بابا"
قبّل مراد رأسها ووجنتيها ثم قال بحنان "وأنا افتقدكِ يا ميرا.. أين أخوتكِ؟"
قالت بهدوء "بقوا في المنزل, أنا أصريت على أن أستقبلك كالعادة بنفسي"
وضع مراد ذراعه حول كتفيها مقربها منه بينما تابع بعينيه جسد زوجته الذي تكور كله تحت أحد ذراعي أخيها وبكت...
"متى أصبحت إسراء هانم عاطفية لهذا الحد؟!" سألت ميرا بمشاغبة..
قال مراد بفتور "أتوسل إليكِ حاولي التحدث بما يليق بسنكِ حالياً، يكفينا المصيبة الجديدة ابنة خالكِ.."
ضحكت ميرا وهي تستطيل على أقدامها محاولة كشف وجه الفتاة بفضول...
بينما كانت إسراء تضم أخيها وابنته بقوة متقبلة ضمه هو الآخر لها وهي تقول بحرارة "يا قلب أختك يا روحها أنت.. حمداً لله على سلامتك وسلامتها.. حمداً لله.. حمداً لله "
قال ممدوح بجدية شديدة "أصبحتِ أم بشعة تشبه الدجاج الذي يحيط انتاجه من البيض ويرفض الوقوف من فوقه بحماية حتى يفقس.. صراحة هذا ممل.. أنا أريد إسراء القديمة الباردة.."
رفعت وجهها مجفلة ثم دون تردد ضربته على رأسه وهي تقول بحدة "والله ما عديم الإحساس إلا أنت.. هكذا تقابل مشاعر أختك القلقة عليك؟!"
قال بسخرية وهو يرفع يده ممسد رأسه "لقد كنتِ تحدثيني ثلاث مرات في البيوت كأي كرسي علاج يصيب الإنسان بالضجر والزهد!"
عبست إسراء قليلاً ثم قالت "طول عمرك بارد يا قلب أختك, ما الذي يصدمني.. أعطني الفتاة ربما فيها أمل عنك!"
توسعت عينا إسراء بتعجب بينما تراقبه يتراجع عنها خطوات ثم قال بتوتر وهو يضمها إليه أكثر "تستطيعين التعرف عليها من هنا, هي لا تحب أن يحملها الغرباء"
رددت إسراء باستياء "غرباء؟!"
التفتت إلى زوجها أخيراً والذي تقدم ساحبها من أمام ممدوح ثم قال بهدوء "يعني أنها لا تعرفك بعد"
"أعرفها بابا قال بأنها عمتي.." رفعت أمل رأسها تنظر إليها كالطلقة ودون تردد كانت تفتح إليها ذراعيها ولكن ممدوح وأد محاولتها تلك وهو يقول بتوتر "تستطيع التعرف عليكِ وأنتِ مع بابا.. يا أمل"
نظرة واحدة لوجه مراد كانت كافية جداً لتفهم أن أخيها ما زال يعاني من صدمة وشك فقدانها، فآثرت الصبر وهي تقترب من الصغيرة تأخذ وجهها بين يديها وهي تقول بحنان "مرحباً يا قلب العمة، اشتقت إليكِ دون أن أراكِ, سعيدة بلقائكِ يا أمل"
منحتها أمل أجمل ابتسامة مما دفع إسراء لأن تدمع عينيها ثم احتضنتها وهي بين ذراعي أبيها وقالت "لديه حق أنتِ تملكين عينا أمي يا مولي، محبتك تزرع في القلب والله.. تزرع في القلب كالجذر يا ابنة أخي"
أوقفها مراد وفصلها عنهم آخذها بين ذراعه ثم طبع قبلة فوق حجابها الذي لم تخلعه منذ أن ارتدته قبل سنوات وهما ذاهبين لمسقط رأسه ثم قال مداعباً "إسراء يوما بعد يوماً تأخذ أسلوب جدتي فلا تتعجب الحاجة نعيمة لها أثر السحر والعلاج على كل نفس"
تحرك جمعهم.. مراد محتضن زوجته تحت ذراعه دون تردد أو خجل أو اهتمام لكل من يرى أو يهمهم بشيء.. بينما تأخرت ميرا لتسير بجوار خالها تنظر لأمل بفضول وانبهار ثم قالت وهي تمسك غيمة شعرها الأسود "واو ابنتك تمتلك ملامح قياسية ونادرة يا خالي"
ضيق ممدوح ما بين عينيه ثم قال بفتور "ماذا تعنين يا مدللة والدكِ؟!"
ضحكت ثم قالت وهي تداعب الفتاة من فوق كتفه "سمراء بعينين ملونتين وشعر أسود ساحر، هل تمزح؟!"
قال ببساطة "تشبه عمتها.. والدتك نفسها سمراء"
قالت سريعاً "خمرية.. والدتي خمرية.. ولا مولي لا تشبهها"
صمت لبرهة قبل أن ينكسر في عينيه شيء وهو يقول بشرود خافت "والدتها.. هي تملك جمالاً قياسي أعتقد أنها ورثته عنها"
"في المجمل أحببتها"
التفت إليها ممدوح ينظر إليها متأملاً وكأنه لأول مرة يراها, يشعر بها ويلاحظ هذا الكم من الحلا والجمال الذي كان دوماً يلاحقه دون أن يهتم هو ويراها.. ليس لجفاء منه ولكن كما قال مراد مرة لغرقه الشخصي في دوامته وسواده...
قال أخيرا برقة مترددة "وأنتِ أيضاً طفلة جميلة يا ميرا "
ضحكت ضحكة بسيطة خجلة ثم قالت "شكرًا.."
"أنتِ.. على الرحب..!"
توقفت إسراء متسمرة مكانها بينما قلبها يضرب داخلها بذعر وهي تردد "ما الذي يفعله هنا.. هل أنت من أبلغته بقدوم أخي.. بالله عليك هو فيه ما يكفيه"
هز مراد رأسه بحيرة وهو يراقب خارج باب المطار السيارة السوداء الفارهة التي يقف أمامها حارس خاص يحمي ظهر سيده.. والذي وقف هناك بهدوء شديد ورزانة وبأس أشد ينتظر الوافدين..
"ربما يصادف استقباله لأحد...!"
"عمي إيهاب.. مؤكد اليوم هو يوم حظي أنتَ وأبي في ساعة واحدة"
فتح إيهاب ذراعه على الفور والذي إندفعت إليه ميرا متجاوزة خالها ووالديها وحتى الهواء... لفت ذراعيها حول خصره دون تردد ثم رفعت رأسها وهي تستقبل قبلته التي استقرت على جبهتها ثم أحد وجنتيها وهو يقول برقة "وأنا سعيد أنكِ هنا, لقد أفتقدتكِ مؤخراً كما التوأمين"
كورت شفتيها وهي تقول بتبرم "غير صحيح فمنذ ظهور هذا الأخ الجديد المدعو إياب وهما لا يهتمان بغيره وماما بدور"
ابتسم إيهاب ثم قال بجدية "غير صحيح، ربما انتمائهم لماما بدور واقتراب أعمارهم من الفتى الصغير هو ما يجذبهم حالياً ولكنكِ ستبقين الأخت الكبرى والمفضلة عند الجميع"
التفت ميرا ضاحكة غير منتبهة للتوتر الذي ملأ الأجواء بين الكبار ثم قالت بعفوية "لكم أحب هذا العم والله وأعشقه، على الأقل ليس مثل خالي متبلد المشاعر!"
"ميرا!!" نهرتها إسراء بشدة
فهمست ميرا بتواطؤ "صدقني خالي هذا أبله المشاعر ولكنه مسكين يستحق العطف أشفق عليه والله.. هل رأيت ابنته؟!"
أفلتها إيهاب بهدوء ثم قال "أتيت من أجلها على وجه خاص"
تواجه مراد وإيهاب في تلك اللحظة والذي تعمد عدم النظر لوجه إسراء الغاضب وعينيها القاتمتين وهي تقول من بين أسنانها "يكفيه ما ناله، سأبعده عنكَ كما ترغب، فقط اتركه لحال سبيله.. لقد دفع فاتورته كاملة"
نظر إيهاب لمراد نظرة بألف معنى ثم قال بهدوء شديد صارم "هناك أخطاء لا تمحى ولا يوجد أي سبيل للتكفير عنها يصعب تخطيها أو الغفران فيها.. وإن كان يمكن لمن يملك القوة أن يتعايش معها بعد زمن"
قالت بحدة "ماذا تريد ألا يكفي إلى هذا الحد.. هل ترغب في طرده من بلده أيضاً؟!"
قال إيهاب بصوت قوي كحد سيف باتر "خذ زوجتك وابنتك من فضلك يا مراد, لديّ كلمتين مع ابن عمي"
دون كلام كان مراد يزج إسراء أمامه برفق ثم توقف لبرهة يضع يده على كتف إيهاب يشد عليه بقوة ثم قال بخفوت "ترفق....!!"
لم ينطق غيرها قبل أن ينصرف مع زوجته وابنته تارك الساحة أخيراً لكلا الرجلين يتواجهان...
ظل ممدوح لأكثر من دقيقة ينظر إليه بتعب، بعجز خالي الوفاض يضم ابنته إليه بقوة وكأنه يتشبث فيها حامي نفسه من كل أشباح ظلمته وحاميها من أي يد غادرة كانت أو رحيمة قد تطالها وتبعدها عنه..
اقترب إيهاب منه بهدوء ثم مد يديه نحو الطفلة ملاحظ توتر أبيها الجلل، ولكنه لم يمنحه أي اهتمام وهو يتفحصها بنظرة غريبة، فرفعت وجهها إليه ثم قالت بشقاوة "هل أنت عم جديد أيضاً؟!"
قال إيهاب بهدوء "شيء كهذا.. وأنتِ أمل؟!"
قالت عابسة "بل مولي، دوحا يفضله"
ابتسم بتكلف قبل أن يقول "طالما يفضله فهو يليق بكِ.. ولكن الأهم هل هو يستحقكِ يا صغيرة؟!"
ضيقت عينيها بعدم فهم ثم رفعت إبهامها تضعه داخل فمها تمتصه كالعادة وأراحت رأسها على كتف والدها محاوطة رقبته بذراعها الأخرى..
أغلق ممدوح عينيه بقوة قبل أن يستدير نحوه مبعدها عن مرمى وجع طفلته ثم قال بصوت خافت شابه الارتجاف "أنا آسف.. ربما لن تعالج شيء ولن تمحيه أبداً حتى وإن قدمت لك رقبتي تكفيرًا.. إلا أنني أفهمك الآن أشعر بنارك التي تحرقك.. وإن كان الثمن الذي دفعته عبرها غالي جداً.. ليتك قتلتني قبل أن أراها بين أيديهم"
أخذ إيهاب نفس طويل ثم أطرق بوجع نحو الأرض واضع كلا ذراعيه خلف ظهره وبدا أنه يفكر في حل مشكلة عويصة شديدة التعقيد.. متذكر رسائل ممدوح العديدة توسله الصفح، محاولاته المستمرة للحديث معه، انهياره وهو يخبره أنه تلقى الصفعتين لا المفاجأتين اللتين أخبره عنهما بأبشع الطرق وأذلها انكسار ولكنه لم يجب, لم يحاول أن يرد عليه بكلمة واحدة تطفئ لهيبه، هو بشر وليس ملاك ومن يلومه.. وما قدومه اليوم إلا محاولة أخيرة منه ليرى بعينيه ضحية عمه حسين الجديدة وليس ضحية ممدوح كما يعتقد.. ضحايا خلفها ضعف رجل خائن وغبي، رجل ضحى بهم جميعاً واضعهم في سلاسل من وجع لا ينتهى...
رفع إيهاب رأسه أخيرا, بينما يعقد كلا كفيه في بعضهم خلف ظهره ثم قال بهدوء "لا يا ممدوح الحمد لله أني لم أضرك بشيء، فابنتك تحتاجك لتقطع آخر خيط ملعون من معاناة أسرتنا التي لا تنتهي.. فإن مت أنتَ من سيهتم بابنتك؟!"
يده كانت تتقبض بشدة على ظهر ابنته بينما عيناه تشتعلان بقسوة قاتمة وهو يقول بقهر "لقد دفعت وحدها ثمن جرمي، الله عاقبني فيها، أنا وحدي لعنتها"
نظر إيهاب لدقيقة كاملة نحو رأس الفتاة التي ما زال يحيطها ضمادة طبية ولجانب رأسها المحلوق بوضوح محدث عن المعاناة التي عاشتها المسكينة في سنها الصغير هذا... ثم قال بصوت خافت مشتد "ربنا الحكم العدل لا يجور تبارك وتعالى على أحد من خلقه، "وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ".. أي أنه تقدس في علاه لا يأخذ شخص بذنب اخر!"
ملامحه كانت حزينة شديدة التعب وهو يقول بارهاق نفسي وعاطفي "بلا يا إيهاب لقد دفعت أمل ذنبك وذنب مر...."
اشتعلت عينا إيهاب بالغضب الشديد بينما بدا جسده في التوتر والتحفز وهو يقول "أظن بأننا أجرينا صفقة وأنا لن أتهاون في أي جزء منها، اسمها لا ينطقه لسانك"
عقد ممدوح حاجبيه بشدة ثم قال قاصفاً "لن أنجسه بذكره، بل هو يحرقني.. تباً لماذا أتيت وأنتَ من رفضت إجابة كل اتصالاتي؟!"
لم تهدأ أي من انفعالاته وهو يرمق الصغيرة المستكينة على ذراع والدها ثم قال "أتيت لأمل زيدان.. ولأخبرك آخر نصيحة وجهاً لوجه يا ابن عمي الصغير..."
صمت لبرهة بينما نطقه بالصغير لم تكن تحببية من أي نوع بلا كانت أشبه بصفعة مؤذية ذكرته بمدى خسته بمدى جرحه له.. ومدى صغره في حضرته مهما حاول أن ينهض ويرمم انكساراته!!
أكمل إيهاب وهو يتقدم منه خطوة ثم مد يده يداعب الصغيرة وهو يقول "الماضي مهما ندمنا عليه تفنينا في إذلال أنفسنا في محاولات التكفير.. لن يتغير ولن يمحو آثامه كما أخبرتك قبلاً هناك أخطاء لا تُمحى.. ابنتك عبر أزمتها الصغيرة تلك لم تدفع ثمن أفعالك كما تعتقد"
قاطعة بحدة "بل فعلت, لقد رأيت أيدهم عليها.. لقد كانت على أدنى شعرة من اغتيال جسدها وروحها.. هل تصدق طفلة لم تكمل أعوامها الثلاث والنصف تتعرض لهذا.. الله لن يغفر لي أبداً ذنبها سيظل يلاحقني أبد العمر.."
لم يفقد إيهاب صلابته وهو يقول بهدوء "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ أن اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.... صدق الله العظيم... تحتاج لإيمان أكثر بربك يا ممدوح هو لا يرد سائل ولا مستغفر تائب, نحن البشر قد نفعل لا نغفر ولا نسامح لن أنكر لكن الله رحمته واسعة.. اخلع من رأسك أي أفكار سوداوية لتستطيع أن تتعايش مع ذنوبك الماضية وتربي صغيرتك في بيئة صحية، لا والد مضطرب يعيش على ملاحقة الماضي وخوف من أن يطارده منتقم فيه منها.. أنت الآخر نلت كفايتك وحان الوقت أن تلاحق استقرار وسعادة تستحقها إن كنت تغيرت بحق، ندمك وحده وإحساسك الشديد ورغبتك في التكفير تمنحك هذا الحق"
قال ممدوح بصوت أجش "هل ستغفر لي يوما يا إيهاب؟!"
تجنبه إيهاب وهو يقول بهدوء "ما حدث لابنتك لم يسعدني كما اعتقدت بقلة عقل وأرسلتها في يوم الحادث.. بل دمرني والله وحزنت عليها.. هل اعتقدت بقلة عقل أني سأشمت بك وإبنتك؟!"
قال ممدوح بظلمة "لم أعنيها هكذا بل أردت إخبارك أن الله يمهل ولا يهمل وأخذ لك حقك مني"
أومأ إيهاب مطرق بوجهه قليلاً ثم قال دون ود "حق زوجتي لن تكفر عنه طفلة ولا أحد غيرك.. بل لأكون واضح لا شيء بل العالم قد تفعله أو تقوله قد يكفر عن الماضي.. لذا خلاصة القول انتبه لصغيرتك وأرح تلك الأفكار عن رأسك..."
التفت على الفور دون كلمة إضافية فأتاه صوت ممدوح من خلف ظهره يهتف بحرقة "هل غفرت يا أيهاب... هل ستغفر لي يوماً؟!"
لم يلتفت له إيهاب بل قال بهدوء شديد متجنب بشكل تام أن يمنحه إجابة "هل تستحق ابنتك يا ممدوح؟!"
أسقط بيده وشعر بنار تنهش صدره يدرك أنه لن يمنحه إجابة سؤاله المعلق أبداً "نعم أستحقها، سأثبت للجميع أني أستحق قبس النور الذي منحته لي أمل"
التفت إليه إيهاب بطريقة بطيئة ولكن متكلفة شديدة المعنى تخلق في القلب رهبة ثم قال بصرامة "إذاً حفظها الله لك ورعاها وثبت خطاك.. أحسن تربيتها.."
قال ممدوح ملح بتوسل "إيهاب لا أريد إلا كلمة تمنحني أي أمل حتى وإن كانت بعد أعوام..!"
رد إيهاب بفتور متذكر معاناة رآها أمام عينيه لامرأة عزيزة على قلبه "إن ملكت أي فرصة لإعادة والدة الفتاة لتربياها سويًا، فافعل لا أم مهما كانت أخطائها ومشاكلها معك تستحق الحرمان من ضناها"
ارتعش فك ممدوح دون أن يرد..
قال إيهاب بصوت خالي من المشاعر "إن أردت الإصلاح فتنزه عن تكرار أخطاء والدك التي دمرتك, لا تحرم الفتاة من أمها.. وليكن هذا اللقاء الأخير بيننا ونهاية القول.. وداعاً يا صغير"
ثم دون كلمة إضافية كان يتقدم محتل مقعده وإلتف ذلك الحارس وجلس جانب سائقه وانطلقوا على الفور دون أن يحاول النظر إليه مرة أخرى بينما هو بقي ثابت في مكانه ينظر في إثره ببؤس متمني إن كان منحه كلمة تخفف بعض من حموله..
"بابا..."
رفع ممدوح ينظر لوجهها المتعب فهمست بهدوء وهي تقول بهمس ناعس "أحببت عمي هذا، يده على رأس أمل حلوة.."
ابتسم ممدوح ببؤس شديد ثم قال "وكيف لم أتوقع هذا, يبدو أن له سحر خاص على جنسكن..."
"أريد أن أنام في غرفتك كما الأمس" قالت عابسة
تقدم ممدوح نحو سيارة مراد وهو يقول "أنتِ ليس لكِ اختيار في الأساس غيرها يا أمل بابا"
*********

يتبع الان

ru'a and كريم الشيخ like this.

Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 11:01 PM   #3555

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع السابع والثلاثون


خطوة.. اثنتان.. أجبرت عقلها رغم الذعر على العمل سريعاً ليحفظ المكان الذي يقودها إليه تحسبا لهرب قريب.. ثم خطت على عتبة حديدية حذرها هو منها وهو يرشدها للطريق ثم دخلت إلى مكان أول ما شدها إليه كان رائحة القرنفل والريحان الذي ملأت أنفاسها فتوسعت عيناها صدمة.. تعرف تلك الرائحة جيداً تحفظها عن ظهر قلب إذ أنها زارت هذا المكان من قبل عدة مرات ..هل يعقل أم مؤكد شُبه لها.. من غير المعقول أن يأتي بها إلى هنا....
ممر طويل قطعته، وطريق ملتوي تصادمت فيه مع بعض الأشجار القصيرة.. لا لم يكن هذا المكان يشبه قصرهم أو أشجارهم المعمرة بأي طريق ولكنها عرفت من خلاله أنها داخل حديقة ما مليئة بالزهور والنباتات العطرية حتى توقفا أخيراً.. أمام مجرى مائي صغير جعلها تحرك رأسها بجانب واحد محاولة تتبع خرير الماء الخافت "إنها بحيرة صناعية وليس حوض سباحة"
"بحيرة صناعية تقع أمام أحواض من زهور الياسمين والريحان المكان لا يقبل الشك... لقد أتت إليه بالفعل من قبل..!"
رغم رعبها وخوفها بدأت انفعالاتها تهدأ قليلاً شاعرة ببعض الطمأنينة بل وبدأت في لوم نفسها ناهرة أفكارها المنحرفة فماذا كانت تعتقد "يعتدي عليها.. حسناً يبدو أن الأفكار الشريرة وقليلة الأدب جزء لا ينفصل عن تفكير أبناء الراوي!!"
تفكيرها هذا دفع لإنعاش وجنتيها بالاحمرار القاني.. جاعل من يقف في مواجهتها هناك أن ينظر إليها بطريقة مدمرة له قبلها إن استطاعت أن تلمحها!!
قال نزار أخيراً بصوت خافت مداعب "كأول مرة يا شيماء.. وأول شيء لاحظته بكِ عندما رأيتكِ في بيت مريم.. وجنتين محمرتين وشهيتين اشتعلتا لمجرد سماع صوتي وهذه بداية جيدة إذ أني أعرف الآن قدرتي على إعادة الحياة فيهما"
"من الجيد أنه فسر هذا الاحمرار بشكل خاطئ ولم يلج لأفكارها الخطيرة!"
زمجرت فيه وهي تمد يدها أمامها محاولة أن تجعله يستوعب تركها لحال سبيلها... ولكنه تخطاها ببساطة وكأنه لا يراها.. ثم قال أخيراً بهدوء ميت "أنتِ عمياء لا تري.. تلك حقيقة لا أستطيع إخباركِ بغيرها أو تجميلها؟!"
وتبدد كل الاحمرار ليحل مكانه الاصفرار التام.. انكمشت ذراعيها بغريزية بينما ترجع معصميها على صدرها بخيبة ووجع...
وهو أيضاً تألم لمظهرها هذا ولكنه لم يملك خياراً آخر لتكون الصورة واضحة تمامًا دون مجاملة "لن أخدعكِ وأقول أني أقصد عمى بصيرة القلب الذي أصابني في الماضي.. بل أنا هنا أقصد نور العينين المنطفئ والذي جعل منكِ حادة الطباع هجومية.. وخائفة مرتعبة من الحياة ومن الناس.. فاقدة الثقة ورافضة لأيّ كان يمنحك من البشر دعمه هذا أن تخطينا سَبنتي بالطبع"
غلالات من الدموع هبطت دون إنذار مغرقة وجهها محاولة بكل جهد أن تكتم شهقات بكائها الذي يحرق صدرها.. هل أتى بها إلى هنا وتكبد كل تلك المخاطرة فقط ليسمعها هذا الكلام الجارح...
اختفى كل شيء فجأة حتى كبريائها نفسه.. تسلحها بالقوة والبأس ولم يبقى إلا الهشاشة والضعف والألم الصافي.. بينما هو لم يكن أقل منها ألماً رغم ناره المستعرة التي يحاول أن يسيطر عليها واخمادها بداخله... اقترب نزار منها خطوة وأمسك بكتفيها بخفة ثم قال بصوت شحن فيه المشاعر السلبية: "أنتِ ناقصة هل هذا ما يخيفكِ.. إذاً اسمعي مني هذا ..كلنا ناقصين ولدينا جانب مرعب مخيف إن ترك الشخص لأهوائه لأذاب الجميع من مرار نقصه ليعوضه بالألم وأوجاع البشر"
هزت رأسها ليس رفضاً ولكن استنكاراً وكأنها ترجوه التوقف...
تجنبها وهو يشرح ببساطة صارمة وهو يلمس عقدة يديها بيد وأنامله تستطيل ليمررها على الشال الذي كتم فمها "أنتِ الآن تشعرين بالذعر، يدور في عقلكِ أفكار سيئة.. ربما العجز قليلاً, الإذلال وخيبة الأمل.. والكسر.. هل أنتِ مكسورة مني الآن يا شيماء؟!"
هزت رأسها سريعاً موافقة بينما تغلق جفنيها بشدة في محاولة مضنية لحجب أي من نفسها عنه...
طاقته العنيفة تبددت في لحظة.. وتلك الذبذبات السلبية اختفت بينما صوته كان أشبه بلوحة سريالية من المعاناة وهو يقول "أعرف شعور العجز جيداً, تقييد كل حواسكِ وسلبكِ إياها.. إنها الاحتراق ببطء ودون رحمة.. كتلة من مشاعر الندم المدمر.. وكأن كل حواسكِ العاجزة تلك إحتلت عقلكِ لتقيد كل منطق وتفكيركِ وتتصارع هناك مخرجة كل شياطينكِ لتظهر عدة وجوه متصارعة مخيفة وكأن ذلك الجسد الواحد يسكنه مائة شيطان مريع بوجوه عدة تأكلكِ حية.."
ارتفع حاجبيها بصدمة للحظة ثم شيئًا فشيئاً كانت تفتح جفنيها ببطء لتدور حدقتيها داخل مقلتيها كxxxxب ساعة خربة محاولة اللحاق بعينيه ببؤس, أمسك نزار ذقنها بحنان مثبتها عليه محدق فيها بجمال عاكس صوته المتألم وهو يقول "هكذا كنت أشعر أنا وقتها كمبتلي.. الحمد لله فأنا رغم رفض إخوتي وأبي الذي مات دون أن يحاول طلبي أو النظر لوجهي حتى أملك أم وصديقة أضاعت شبابها وعمرها عليّ.. أملك مال واسم يفتح لي أبواب كثيرة مغلقة.. وعقل وتعليم، وأشياء كثيرة تستحق الرضا وفجأة دون مقدمات أكتشف أن كل هذا سراب مجرد وهم نسج حولي بدقة.. فأنا لستُ أنا.. ليس لي أرض ولا عنوان ولا حتى ديانة يولد بها الجميع كهوية محددة أنا ببساطة لا شيء وهنا سُرِقت مني أول حواسي وأنِعم الله عليّ نعمة البصر لأرى وجع أمي، موتها خسة تحت قدميّ متوسلة أي تفاهم ثم كانت الطامة الأخرى التي قيدتني ابن حلال أم أني مجرد طفل أتى نتيجة خديعة؟ أنا لم أكن مسلوب النسب فقط، بل مختلط تمامًا وجيناتي تنسب لوالد لا من عقيدة أتمسك بها حد الموت ولا من وطن كل انتمائي إليه..."
صمت مبتلعاً ريقه متأمل وجهها الشاحب الذي رطب بدموعها ثم قال بصوت أجش مرير كالعلقم "كنت مقيد مثل يديكِ الآن، فمي مكمم عن الصراخ بوجعي.. عيناي لا تريان, وأذناي لا تسمعان، وقلبي فاقد بوصلته ولا يملؤه إلا السواد... كل شيء قد دُمر ولم يبقى إلا بصيص أمل واحد ضعيف لن أنكر، ولكنه كان يبقيني على قيد الحياة يمنحني وعد يائس بالحياة بالتنفس.. وهبطت الكارثة فوق رأسي وهرب قبس الضوء مني، أغلقت آخر نافذة أمامي وعتمت بالظلال..."
أخرجت شيماء شهقة ملتاعة تحت ذلك الشال.. بينما مسد نزار على وجنتها المرتفعة بطرف أصابعه بشرود ثم قال بصوت مبحوح "ذلك الأمل كان أنتِ.. كنتِ آخر جزء إنساني بقي مني، وبانسحابكِ عني بقول ما أسمعتني إياه.. كان الألم ضربة قوية قسمت المتبقي مني حطمتني وقتها"
انحنت لأسفل بقوة محاولة ازاحته عنها بينما أخذت أصابعها ترتفع محاولة فك تلك العقدة عن وجهها.. منعها نزار وأعدلها بإصرار لتقابل وقفته ثم قال وهو ينظر إليها بيأس وخيبة أمل قديمة "أنا لا أحبك, لقد كنتَ صديق جيد أقضي معه وقت لطيف.. أنتَ لست منا وأنا لا أريدك... أنتَ لا تناسبني ولا تليق بي... ألم تكن هذه الكلمات بالضبط ما أخبرتني بها، بينما أنا كنت أتوسلكِ أن لا تتركينني أحترق.. ألا تتخلي عني في أزمتي.. لقد كنتِ الحبيبة وبصيص الأمل وسرقتيه مني!"
زمجرت فيه بجنون وعروقها تشددت أكثر, عيناها تشتعلان بالغضب و القهر القاتم..
رفع نزار يده بتردد مرخي ذلك الشال عن فمها فصرخت على الفور "أيها المجنون الغبي, نعم قلت وفعلت أكثر من هذا لتبتعد عني.. ضحيتُ بنفسي وقلبي من أجلك أنتَ.. لقد خفت عليك يا غبي من جحيم أبي، كنت صغيرة أيضاً لأدرك أن جناب الأمير هابر لديه والد ملكي سيدافع عنه ويأتي إليه بحقه"
أطرق نزار برأسه وقال بحرج "كنت أنا الآخر متخلف مثلكِ, من أين لي أن أعرف بتضحيتكِ تلك؟!"
صرخت فيه وهي تخبطه بمرفقيها محددة جسده من خلال صوته القريب منها "هذا لأنك غبي... لقد كنت بين ذراعيك أبكيك بدموع القلب لا العين وماذا أسمعتني أنتَ بالمقابل؟!"
همدت فجأة كما بدأت وضمت يديها إلى صدرها في حركة دفاعية ثم قالت بصوت هزته المرارة "أنتِ معاقة عمياء لا تليق بي كيف كنتُ غبي لأرغب بفتاة ناقصة مثلكِ ستقيدني بعجزها؟!"
قال باستياء "لم أقل فتاة ناقصة تلك"
رفعت أنفها بكبرياء ثم قالت بصوت كالوتر المشدود "كل أفعالك بعدها أوضحت الفكرة حتى الآن مقابلتك الدرامية تلك ما هي إلا محاولة فاشلة لإشعاري بالمزيد من عجزي"
على عكس ما توقعت أو لتكن صادقة جزء منها استشعر رد الفعل هذا منه بناء على التطور الرهيب في شخصيته الجديدة.. إذ أنه لامس معصميها برقة وتلكأ قبل أن يحل تلك العقدة بعيداً ثم قال بهدوء شديد حد الخطر "أكررها لكِ أنا لم أقصد إشعاركِ بالعجز... لا.. حسناً.. قصدت قليلاً ولكن ليس للأسباب السوداوية التي تدور في عقلكِ بل لأوصل لكِ باختصار كيف لإنسان مسلوب القوى والاختيار أن يشعر ويتصرف.. بماذا قد يفكر أو يرتب.. القهر يكسر أغنى الرجال يا شيماء... وظهري وقتها لم يكن إلا شيء هش فتي يقاوم للوقوف.. فقصفه أبوكِ محنيه بحمول تذيب الجبال؟!"
قالت بتهكم غير مدروس "وبالطبع هو مات الآن وتركني لقمة سهلة لتلوكها فم الذئب.. فلما لا تأخذ إنتقامك؟!"
اقترب نزار منها خطوة ثم مد وجهه للأمام مدعياً التفكير حتى قال بجدية "هل أنتِ تستغبين بالفعل.. أم أن عطباً أصاب عقلكِ؟!"
تورد وجهها مرة أخرى وهي تقول بارتباك "أنا أحاول التفكير بالمنطق"
قال بنفاذ صبر "منطق غبي.. ولماذا عليّ أن أتزوج من فتاة لأنتقم منها وأسخر من أبي المسكين لملاحقة ابن عمكِ وهالك الأحمق يومياً, بينما هناء المسكينة أحرقت كل أشرعتها مع أختكِ ووالدتكِ... ناهيكِ عن سَبنتي التي لو علم أخوكِ المجنون بتواصلها معي سيقتلنا سويًا..."
رغماً عنها أسفر فمها عن ضحكة مكتومة..
رقت نبرته لملامحها العفوية ثم أكمل ببساطة "إن أردت الانتقام يا شيماء البلهاء سيكون مثلاً الزواج من فتاة جميلة وكاملة كما يصور لكِ عقلكِ الغبي وأدعوكِ بنفسي للزفاف.. أما لو أحببت أن أنتقم بقذارة كما أحدهم فمائة جنيه أمنحها لأحد الأشقياء لمطاردتكِ ستكون كافية"
شحبت ملامحها وهي تتراجع عنه بخوف.. مما دفعه أن يقول بانفعال "يا ابنتي افهمي.. أنا أحبكِ ولا أحاول إرهابكِ فقط أُفهمكِ إن كان لديّ أي نية دنيئة ما قد أفعله..."
صمت لبرهة متنفساً بعمق قبل أن يمسك ذراعيها مثبتها أمامه وهو يقول بلين "لما لا نتخطى كل هذا وندخل في الأمر مباشرة... ما الذي يمنعكِ من القبول بي يا شيماء؟"
وجهها الجميل كان جامد خالياً من أي مشاعر في مواجهته رافضة أن تنهار وأن تمنحه أكثر مما فعلت رغم التضاد الصارخ الذي كانت تحكيه عيناها التي أخذت في ضخ مزيد من دموع الألم...
قال نزار بصوت أجش "هل تخافين أن أغدر بكِ.. أن أوجعكِ إن سلمتني مرة أخرى.. إن وثقتِ بي؟!"
لم تطاوع نفسها أكثر عندما أطلقت أنين موجع وهي تقول بخواء مقتضب "نعم... ستخون ثقتي وتنقض عهدك"
قال نزار بخفوت "ما يقارب الأربع سنوات باقياً على عهدكِ الذي كان من طرفي وحدي إذ إنكِ حرمتني من منحي عهد هوى.. أرى طيفكِ في كل وجه.. أرى بسمتكِ على شفاه كل فتاة، رسوماتكِ, ضحكاتكِ، خجلكِ وهشاشتكِ حتى حلمكِ في المحاماة حققته لكِ دون أمل بكِ، وعدت لكِ ومن أجلكِ، رغم تجرعي مرارة الحرمان، ووجع التخلي، كل هذا لا يثبت لكِ صدقي؟!"
كفكفت دمعها من عند ذقنها بظهر كفها بعنف ثم همست "تهديداتك ما زالت ترن في أذني, وجعك لي فاق الحد.. أنا تراجعت بعد تركك لي، لم أستطع نقل خطواتي أو إكمال دراستي حتى إطعام نفسي لم أقدر عليه لقد كنت أغرق ملابسي بالطعام كالأطفال جالبة لنفسي مزيد من الإذلال.. صفعتك كانت قاسية.. هل تقول أني بصيص الأمل في حياتك.. وماذا عني وقد كنت أنتَ كل أملي وأحلامي أول من أشعرني أني فتاة تستحق الحب.. أن ينظر إليها آخر بعيد عن أسوار بيت الراوي ويعجب بها... أنتَ آلمتني!"
أمسك نزار طرف الشال وأخذ يكفكف دموعها برقة.. وهو يقول بأسى" إن كان يريحك فأنا آسف... ولكن أنتِ لن تملكي حق الغضب ولومي فقد جرحتني أيضاً.. أنا وأنتِ مختلفان عن أي قصص حولنا قوبلت من الطرف الآخر بنقض عهد أو خيانة.. لأني لم أخن وإن كنت جرحتكِ فأنتِ فعلتِ بي ما هو أبشع"
قالت بصوت خشن يائس "كنت أحاول حمايتك.. لم أقصد إيلامك"
قال نزار سريعاً بصلابة "وأنا كنت عاجز مشلول كل الحواس معمي القلب والشعور, أتخبط دون أن تقدم يد واحد وتنتشلني.. لم أقصد إيذائكِ يا عصفورة، بل نفذت ما قلتِ في آخر لقاء بيننا هل تذكرينه.. هل.."
ثم قبل أن يلين صوته بشكل معذب وهو يمد يده يمسك بكلا كفيها يضغط عليهما دون حساب ربما يشعرها بالغصة التي تنحر عنقه دون أن تراها وقال بصوت قاتم "هل تذكرين إلحاحي في سماع اعتراف واحد منكِ, كلمة مرضية ترمم كبريائي الجريح تجبر شظايا قلبي القاتلة.. لم أطمع يومها إلا في إخباري أنكِ أحببتني بأي طريقة ولكنكِ ببساطة تجبرتِ ورفضتِ إجابتي وطردتني من دنياكِ إلى الأبد"
قالت بقهر وبصوت بُح من العذاب "خفت عليكَ.. وعلى نفسي فقد كان بي ما يكفيني من القهر"
ضغط على يدها بشكل أكبر مسبباً لها إجفال من الألم ولكنها رفضت أن تبدي أي محاولة للتحرر منه وهي تسمعه يقول بصوت مشدود "وهنا كلامي يبدو منطقياً حين أقول كيف تجرؤين لمحاسبتي على مجرد كلمات ومهاترات خرجت في أشد اللحظات بؤس ووجع.. وأنتِ الأخرى أسمعتني ما يؤلم لذا نحن متساويان والغلبة هنا لمن حافظ على حبه ويريد الترميم والإصلاح.. أي ببساطة لي أنا"
أنهى جملته بنبرة تعالت فيها الثقة الأقرب للصلف جاعلة وجهها يشتعل بالغضب، والذي رطبته نسمة حلوة عبقة برائحة الورد الأحمر البلدي الذي تضامن مع رائحة المياه المنعشة تحرك شعرها مرة أخرى بفعل بعض الهواء الذي لف جسديهما بصورة قوية جاعل إياها ترتعش مسببة له هو انتفاضة عميقة عنيفة وهو يتأمل طلتها الأسطورية.. وكأنها بالفعل أميرة عاصية هربت من كتب الأساطير الوردية "تزوجيني، لا أريد غيركِ ولا أستطيع أن أكمل حياتي بدونكِ" همس نزار بصوت مفعم بالحياة والرجاء..
هزت رأسها برفض شديد وهي تقول "لا أستطيع.. صعب يا نزار"
قال نزار بانفعال "لماذا.. هل السبب خالد ربما هو متهور، وربما ما قال يؤلم بسياط الوجع جالداً إياي للصميم.. أنا لا ألومه في الحقيقة تلك صفعة استحقيتها.. ورغم كل هذا أنا أثق إن وافقتِ أنتِ هو لن يعترض"
هزت رأسها مرة أخرى بالألم ثم قالت بصوت خفيض جداً أشبه بهمس وكأنها تتمنى أن لا يسمعه "لا أريدك خوفاً على نفسي.. ما عدت قادرة على خذلان آخر أو تحمل الوجع"
دفن يده تحت وجهها ورفع عينيها نحوه ثم قال بتوتر آمراً "انظري إليّ"
ضحكت بكآبة ودون أي مرح ثم قالت "آسفة لا أستطيع كما ترى أنا عمياء أعجز عن فعل الكثير بنفسي"
"انظري إليّ.. من فضلك"
أفلتت وجهها منه ثم استدارت مبتعدة عنه وهي تضم كلا كتفيها بيديها ثم قالت باهتزاز "كفى بالله عليك.. كل كلمة تنطق بها سلاسل من العذاب.. اعطني عكازي ودعني أرحل"
أمسك نزار كتفيها ثم أدارها نحوه وأخذ وجهها بين كفيه مصر ومتجبراً ثم قال "أحبكِ, لن أخذلكِ أبداً، أو أكون سبب في أي وجع لكِ فقط جازفي وامنحيني فرصة!"
قالت بقهر "وإن منحتك إياها ما الذي يضمن لي أنك لن تزهدني.. بأنك بعد وقت لن تشعر بأنك تحتاج المزيد من شريكة حياتك؟"
قال بصوت مدمر من شدة الصدق والمشاعر "لن أفعل.. إن كنت قادر على هذا لكنت غيرت رأيي خلال الفترة التي ابتعدت فيها عنكِ.. ألا يقولون بعيداً عن العين بعيداً عن القلب؟! ولكنكِ أثبتِّ أن من يسكن القلب لا يزيد في البعد إلا حباً وعشقاً... شيماء أنتِ أنفاسي"
نظرت داخل عينيه بطريقة ألهبت قلبه حتى كاد يقسم أنها تراه وتبصره تقرأ كل آلامه ووجعه وعذاب في حبها من داخل مقلتيه... حتى قالت أخيراً بصوت عميق وكأنه قاع المحيط الداكن كما لون عينيها الذي انقلب للأزرق في أشد حالاته الداكنة "وأنا أحببتك حتى دون أن أراك أو أعرف شكلك.. أحببتك وكان غدرك بي قسمة ما بعدها قومة.. لقد منحتك فرصة واثنان ولكنك كنت غبي في التقاطها وصدقتني ورحلت.. جعلتني أنا الأخرى أرحل.. ونحن يا نزار بنات الراوي إن رحلنا مجروحات لا نعود حتى وإن متنا عشقًا"
خفق قلبه بطريقة موجعة, لقد اعترفت بحبه بعد طول عذاب وشقاء وصفعته في ذات الوقت بتهديد الفراق الأبدي.
"هل تعذبيني أم تعذبي نفسكِ... كنت أظنكِ أكثر ذكاء من إلقاء نفسكِ في دوامة جراح لا تنتهي دافعها الانتقام البحت؟!"
هتفت فيه بغضب "أنا لا أنتقم!"
فقد أعصابه وهو يسألها بانفعال "ماذا أنتِ إذاً أخبريني وأريحيني؟!"
قالت دون تردد "أنا خائفة.. لن أشعر معك أو غيرك بالأمان يوماً.. أنا راضية بكل ما قسمه الله لي وأفضل جلوسي دون زواج دون إنسان يشاركني عتمتي على أن أُجرح أو أُلقى بعد وقت فور أن يدرك الطرف المعني أني غير كافية"
صراحتها البحتة أجفلته ولكنه قال بإصرار "على استعداد كامل لتقديم كل الضمانات لكِ"
قالت بيأس "رباه أي ضمان قد يضمن عدم تقلب القلوب؟!"
قال بصوت أجش "حبك كالعروة الوثقى لن يتغير أو يتبدل. .ثقي بي لقد رأيت أبي يعاني في حب هناء.. نحن لا نتقلب.. نحب مرة واحدة والموت بعدها"
قالت بصوت أشبه بالجمر المحترق "ثبات القلوب بيد العزيز الجبار.. لا بيدك ولا بيدي.. نحن البشر لا نملك تلك الرفاهية"
أخذ نزار نفساً عميقاُ قبل أن يقول بهدوء أشد وطأة في ثباته "ولكننا نملك اختيار الوفاء وعدم الظلم.. العدل الدائم والتمسك بالعهود.. وأنا لا أنوي ظلمكِ.. اسمحي لي أن أكون أنا عكازكِ ومرشدكِ للنور اجعليني أنا أكمل معكِ الطريق ممسكاً بيدكِ يا شيماء.. أرجوكِ حبيبتي"
ومن يستطيع أن يقف أمام كل هذا الإصرار.. من تقاوم كل هذا الإعصار نزار كان يجرفها يحرقها بعاطفته يخرج فيها وحش جائع للاهتمام.. جاعلاً ذلك العاصي بين أضلعها يدق بعنف متمرد على أي قرارات للعقل.. وكأنه التقط كل هزيمتها مشاعرها التي تصرخ كمرآة عاكسة على وجهها..."
-"أنا أحتاج للكثير من العناية لن أمنحك ما تحتاجه، أو ما تترقبه للحصول عليه من زوجتك في أول حياتكم.." قالت بوضوح وبجملة شديدة الاختصار وهي تشرد بكل وجهها عنه..
قال نزار برقة "وأنا لن أحاول إخبارك جمل خيالية.. إذ أني أعلم ما أنا مقدم عليه جيداً وسأتقلم معه بالتدريج سنتعود على حياتنا المقبلة"
قالت بنبرة مجروحة "ربما إدراك هذا ما يزيد من خوفي"
قال نزار بحنان وتفهم أشد "أنا أدرس حالتك كمادة علمية منذ أول يوم عرفتكِ فيه.. دراسة اختلطت بكثير من المشاعر لن أكون منصف إن إكتفيت بإخباركِ حب خيالي خالي من الواقع.. ولكن كل وعدي لكِ أن أحبكِ.. وأعرف جيداً ما أربط نفسي به"
-"لماذا تفعل هذا؟!"
أطلق تنهيدة متعبة محاولاً أن يتحلى بالصبر مدرك أنها قد تأخذ وقت قبل أن تلين مسلمة له كما يحلم "يا ابنتي ألا يكفي كلمة أحبكِ التي ذكرتها فوق الألف مرة؟!"
توردت وجنتيها وهي تنظر إلى الأرض بحرج بالغ ثم قالت "لقد صرحت بها عشرة مرات فقط؟!"
أطلق ضحكة خشنة ثم قال "وافقي وسأمطركِ بها حتى تتوسلي لي أن أتوقف عن قولها لزهدكِ فيها"
قالت بخفوت "أريد عكازي"
قدم يده أمامها ثم قال برجاء "سأكون عكازكِ الذي لن يخذلكِ أبداً.. سأحميكِ جيداً, سأسندكِ وأرعاكِ كما لم يفعل أحدهم قط"
كان الشوق قد فاض بهما ولكنها ما زالت تنتفض داخلياً رهبة وخوف تذعر من فكرة تسليم نفسها إليه.. تخاف من كسر محتمل يمزق سعادة تحارب للولادة في مخاض عسر من داخل رحم طالت أوجاعه "إشارة واحدة لوّحي بالقبول.. وبعدها سترين كيف أُبدد كل رهبتكِ مني, ستعرفين أن كل هذا الذعر والألم الذي يسكنكِ ما هو إلا شبح ماضي قاسي أخذ الكثير من زهو حياتنا"
قالت بصوت مختنق بالوجع "وماذا إن انكسرت من سيرممني مرة أخرى؟!"
اقترب منها.. اقترب لحد خطر حتى كاد يحاوطها ليدخلها صدره مغلقاً عليها هناك غير سامح لها بالتحرر أبداً "سأرممكِ أنا أيضاً, عهد عليّ أن لا أترككِ وحيدة تتخبطين في الحياة وحدكِ.. وعهد آخر أن لا أسمح لشيء بكسركِ أبداً.. إن سمحتِ لي بالدخول إليكِ لن أخرجكِ من دنياي أبداً"
تراجعت شيماء بعيداً عن مرمى المياه أخيراً.. بل بعيدا عنه هو.. ثم قالت بنفس متحشرج "لا أستطيع, ما تطلبه يفوق قدرتي"
نظر نزار إليها بقنوط بكل ذرة فيه يتأملها كلها بوجع.. سأل نفسه بعجز "لما أوقعه حظه في حبها... لماذا تصر على إيلامه ونفسها؟!"
"أنت من طاردتني يا نزار.. أنا لم أجبرك لتقع في عشقي"
تباً لم يقصد أن تسمعه... قال سريعاً بصوت جامد كالحجر "ولم أندم, لماذا تصرين على وجعي ووجعكِ, تتمسكين بفراق يؤلم كلينا؟!"
قالت ببهوت "لأني إن لم أفعل سأندم وقت لا ينفع فيه ندم"
اقترب نزار منها ثم قال بصوت أجش "وإن كان الأمرين ألم ووجع لما لا تجربي معي حلو الاقتراب ربما ستجديني صادقاً في حبكِ ربما إن لم تفعلي ستفوتين فرصتكِ الوحيدة في السعادة مع شريك يتنفسكِ مع مجرى هوائه لا يحبكِ فقط؟!"
همست بتردد "وإن أوجعتني؟!"
اقترب خطوة أخرى وهو يقول بحزم "أنتِ تعيشين الألم بالفعل كما أنا.. لذا إن حدث لن يغير الأمر شيء فأنتِ كنتِ تتوقعينه"
ارتعشت شفتيها وتقوس فمها ببؤس وهي تقول بخفوت لين "لقد وعدت منذ قليل أنك إن آلمتني سترممني أيضاً"
تأوه نزار وهو يهمس بإسمها وكأن مجرد خروج إسمها بخشونة متضرعة من فمه وداخل صدره يشرح كل شيء "شيماء...."
ابتعدت خطوة أكبر نحو الأشجار القصيرة وحوض الزهور ثم قالت بنبرة شابها البكاء العنيف "لم أظن نفسي ضعيفة هكذا, لقد اعتقدت أني قادرة على مقاومتك.. ولكني عاجزة كعينيّ... ربما عمياء المنطق ولكنِ قلبي لم يكن يوماً أعمى البصيرة... أنا مرتعبة ولكني... أحبك"
سمعت خطواته تدب سريعاً في الأرض الترابية تحتهما فإنتابها الذعر للحظات وهي تبحث عن أي شيء تستدل منه طريقها فلم تجد أخذت في التراجع وهي تقول "رباه على غبائي, ما كان يجب أن أخبرك بحبي.. كم أبدو بأني أحتاج للشفقة الآن.... آه.."
صرخت أخر جملتها وهي تتعثر في ذلك الحوض لتقع هناك بين الزهور التي كسرت أعوادها لتنشر عبقها ورائحتها العطرة حولهما.. بكت بقهر "هذا..."
في لحظة كان هو ينحني على ركبتيه أمامها يمسك بكلا كفيها لتعتدل جالسة أمامه ثم قال بعاطفة جارفة مزلزلها "هذا كان أروع شيء فعلته وقولته من كل الثرثرة السوداوية الغبية التي تفوهتِ بها منذ لقائكِ"
كانت ترتعش الآن بشكل أكبر، تتنفس عبقه برهبة.. تستطعم دفئه بسحر بينما هو ظل ينظر إليها بعينين خضراوين شديدتي الالتهاب.. شديدتي الجوع والنهم والفرحة.. من الجيد أنها لا تراه في تلك اللحظة العثرة لكانت ارتعبت منه وهربت لآخر بقاع الأرض "تزوجيني؟!"
كانت يداها تتحركان بعشوائية بحتة فالتقطها هو وثبتها على قلبه بعنف, ارتعدت لملمس صدره الصلب لذلك الهدر العنيف بين أضلعه لتلك المشاعر الشاقة التي حاوطتها "أعدكِ وهنا أن هذا القلب لن يملكه يوماً سواكِ بحق العشق.. بحق الوفاء.. وبحق الإخلاص الجارف الذي لن يوجعكِ أبداً.. لن أقولها شيماء لن أنطق بأنكِ ملكي.. بل أنا مِلكٌ لكِ بالكامل منذ أول يوم لمحتكِ عيناي فيه... وها أنا أعيد لكِ كل حقوقكِ كاملة.. لقد حفظتكِ في غيابكِ كما سأفعل في حضوركِ"
عضت طرف شفتها السفلى بقوة بينما لم يكف جسدها الهش عن الارتجاف لحظة "نزار أنا..!"
قال نزار بصوت حار حاول إخفائه في قوله المداعب "اقبلي بي قبل أن أتهور وأضمك وأشبع فمك الجميل تقبيلاً وأجبركِ على الموافقة ..فهناء تراقبنا منذ أتيت بكِ وتهدد بقتلي إن لم أستطع إقناعكِ"
اشتعلت وجنتيها بالأحمر القاني و شهقت بفزع وهي تحاول إزاحته بعيدا عنها بإحراج.. فثبتها نزار وهو يقول "قوليها الآن شيماء"
هزت رأسها بقوة بينما عينيها التي لا تبصره كانت تحدق فيه وهي تلمع كألف نجمةُ "لا...لن أقبل بك"
ابتسمت شفتيه المتشددتين قبل أن يتجرأ ذراعه ويحاوطها لتنغرس أصابعه في ظهرها جارفها من الأرض جرفاً ليزرعها على صدره... وقد علم أخيراً أن "لا" خاصتها ما كانت إلا ألف "نعم"
*************
فتح إيهاب باب بيته بهدوء وألقى نظرة عابرة نحو الطابق الأرضي لم يجد فيه أحد من أفراد أسرته.. توجه سريعاً روحه تسبقه على الدرج صاعداً للطابق العلوي، فوصل لمسامعه على الفور مناغشات زوجته وأطفاله من غرفة مفتوحة تتوسط الردهة كانوا قد خصصوها لسهرات ليالي الشتاء خاصة.. أساسها لم يكن مكلف أو منمق بل حرص أن يكون بسيط هادئ دون تكلف وإن لم يخلو من اللمسات العصرية والأواني المبهجة التي تفضلها مريم.. مجلس عربي منخفض بلون الأزرق شديد البهوت، وسادات صغيرة متناثرة هنا وهناك منقوشة بورود بلون البني الشاحب.. طاولة صغيرة من الزجاج المقاوم للكسر ترتفع على قوائم من خشب الآرابسك الحديث.. وهناك في ركن منها علقت أرجوحة نصف دائرية واسعة من مقعد واحد بلون الأبيض متدلية من حامل حديدي قوي.. ولكنها كانت كافية لتحمل طفليه وزوجته التي تتوسطهما تقرأ لهما من قصص الأطفال... ظل لدقائق طويلة يتأمل جلستهم تلك بسعادة يشوبها الكآبة والخوف بينما يسمع ليبرتا كالمعتاد تجادل أخيها وهي تقول "ليس هناك ما يدعى برنس هت ويل يا ذكي"
رد إياس عليها بتكلف هادئ "إن كان هناك الأميرة Unicorn قوس قزح.. مؤكد هناك أمير بهذا يدعى خيال يا حمقاء!"
تأففت مريم وهي تقول "هل توقفتما عن الجدال لدقيقة واحدة، سوف أصاب بنوبة قلبية بسببكما؟!"
"آسف ماما" قال إياس وهو يستطيل ليطبع قبلة على وجنتها..
بينما نظرت لها ليبرتا بعناد وهي تقول "خالي وبابا يقولان أني أميرة قوس قزح، لذا يجب أن تجعلي ابنكِ يكف عن إزعاجي"
"لن آتي لكِ بتلك اللعبة, كان سعرها مبالغ فيه أصلا" قالت مريم مغيظة إياها
فردت بثقة "بيبي سيأتي بها, أنا لا أريد مالكِ مريم"
"مما أنتِ معجونة؟!"
تمايعت وهي تقول بدلال واثق "من قلب بابا بيبي طبعاً"
لم يملك أن يداري نفسه أكثر وهو يضحك بخفوت في لحظة من كشفه عن نفسه كانت تقفز ليبرتا مندفعة إليه.. إنحنى إيهاب راكعاً على ركبتيه على الفور مستقبلها وهي تمطره بقبلات نهمة.. ثم توقفت وهي تقول بنبرة مخادعة "مريم تزعجني وتقول إنك تحبها أكثر مني.. وترفض شراء مزيد من اللعب لي، ألم تخبرها أن كل ما أريده مجاب؟!"
طبع قبلة فوق عينيها ثم قال وهو يشير على عينيه "من عينيّ بابا، الليلة نطلب ما نريده ولكن بشرط "
لمعت عيناها بدلال وهي تقول "ما هو؟!"
همس في أذنها بتآمر "إذهبي الآن وقبلي مريم من أجلي لقد اشتاق لها بابا جداً"
ضحكت لوليتا بخجل الأطفال ثم إندفعت تنفذ ما قاله، بينما رفع هو عينيه يراقبها بحنان وشعور آخر غريب مختلط لم تفسره كان وكأنه يعاني من أمر ما...
أمسكت مريم بيد إبنتها ثم تقدمت نحوه تجلس فوق ساقيه سريعاً وعكس المعتاد لم يحتضنها.. ولم يمنح أي قبل تحببية بل أمسك برأسها ثم طبع شفتيه هناك في قبلة خالية من أي غريزة ..بل كانت شيء أشبه بقبلة أب يعاني الأمرين وكأنه يرهب فكرة خسارة أحد أطفاله أو يكفر عن أمر مريب حجب عنها...
"أنتِ الحياة،إن أصابك وهما أي مكروه، أي فعل أو إساءة من بشر سأموت في أرضي يا مريم"
يداها تحركتا على صدره بغريزة حتى ثبتت كفها المفرود مكان جرحه القديم ثم قالت بلهفة مشوبة بالهلع "بعيد الشر عنك، لماذا تذكر هذا يا إيهاب ألا يكفيني مخاوفي الخاصة التي تخطيتها بصعوبة؟!"
ذراعيه إلتفت على ظهرها حتى ضم خصرها بقوة.. بتشدد لم يشعر به بل كانت يديه تتحرك هناك بشيء أشبه بلحن حزين يعزفه دون صوت أو كلمات.. استسلمت لنوبته تلك تدرك أنه يعاني مؤخراً من أمر يكتمه ويثقل كاهله ويرفض البوح عنه، فآثرت الصمت مانحة إياه ما يحتاجه عبر ضمه لها.. ظل الوضع لدقائق على هذا الحال، هو يتشرب من عبيرها جسده مرفوع إنشات عن الأرض وملتصق فيه كله حتى أحست أنها تشكلت لتصبح جزء حيوي وهام على جسده مانحة إياه ترياق الحياة..!
بينما كان طفلاهما حولهما ينظران إليهما بعجب ولكنهما بديا هادئان جداً وسعيدين بأسرة مستقرة وأب وأم يتعلقان ببعضهما كان كل واحد منهما يعد أنفاس الآخر الذي يحيا بها...
شعرت بنفسها أخيراً تتحرك معه حتى تراجع على تلك الجلسة الواسعة وقبع هناك متسطح على ظهره وضمها على صدره بقوة بأحد ذراعيه "إيهاب.. هل أنت بخير؟"
ابتسم ابتسامة لم تصل لذلك الظلام العجيب في عينيه، ثم قال ببحة تحشرجت داخل حلقه "طالما أنتِ بخير فأنا أعيش يا مريم، أتنفس عبركِ وبواستطكِ لأحيا وأسعد بمنتهى الأنانية"
عقدت حاجبيها وهي تنظر إليه بصمت بينما كان قلبها يدق كالطبول فوق فؤاده بذعر وخوف.. فرد إيهاب يده على قلبها ثم قال بصوت أجش "إهدئي، أنا فقط بينما كنت قادم إلى هنا تذكرت كم أحبكِ، لكم أرتعب عليكِ ولوليتا وإياس من أمر مكتوب يطالكم بالأذى دون أن تكون لي قدرة على صده"
ضحكت محاولة أن تداري توترها, أن لا تبوح بأنها تكشفه جيداً وتعرف أن هناك أمر جلل زلزله "إذاً هي نوبة عاطفية ليس إلا؟!"
داعب وجهها بطرف أصابعه قبل أن يقول بصوت أجش "نعم.. هي كذلك"
قالت بمداعبة مدعية البراءة "هل أستغلها إذاً وأحيالك في موضوع إنجاب فتاة أخرى لتحرق مدللتك غيرة كما أنا أحترق؟!"
ضحك إيهاب بصوت متحشرج ثم ضمها إلى صدره أكثر وطبع قبلة أخرى على جبهتها وهو يهمس "لا طفلة في العالم قد تضاهي حبكِ في قلبي، حبي لابنتكِ ما هو إلا إمتداد لعشقكِ يا ناعمة"
تنهدت قبل أن ترفع رأسها ثم طبعت قبلة قوية على شفتيه أمام طفليها دون خجل كالعادة سارع إياس لغلق عينيه بينما ابنتها كانت تنظر إليهما بعبوس وغيرة.. ابتسم إيهاب وهو يفرد ذراعه ثم قال "تعالا إلى هنا.."
اندفع الصغيران يندسان بين ذراعه وخاصرته.. وامتدت ذراع مريم أيضاً لتحيط صغيريها معه... وفور أن تكور أربعتهم في حالتهم العاطفية هذه.. كان إيهاب يرجع رأسه وهو يقول بهدوء "أحتاج لقسط من الراحة بهذا الوضع، لا يتحرك أحدكم حتى وإن بقينا للصباح"
هلل طفليهما بسعادة لوضع لم يكن جديد عليهما فكثيرًا ما يفعلها إيهاب منذ مولدهما بأن يحشرهما بتلك الطريقة ويأخذ قسط لا بأس به من النوم أو حتى ينقلهم لغرفتهم ويظل طوال الليل يتأمل ثلاثتهم وكأنه وبعد كل هذا الوقت لا يصدق معجزته المتمثلة في ثلاثتهم لا ليبرتا وإياس فقط... ولكن هذه الليلة بالذات تعلم أنها مختلفة, إيهاب يعاني، بل يكاد ينهار من أمر يثقل صدره لقد استشعرت للحظة من ضمه لها بتلك الطريقة من إحتضانه لها بقوة وقسوة نافست فيها ندمه ووجع أنه يتذكر ماضي غفل عنه، شيء ذابحه تعرضت له هي.. هذه الضمة لم تكن عبثية، تسطحها هذا على جسده وبتلك الطريقة وبانهياره المكتوم لم يكن صدفة.. لم يكن اعتيادي في المشاعر لقد كان يفعلها من قبل.. فور أن عادت إليه فور أن أخبرته بما كان يفعله ذلك الكلب معها.. رباه.. لقد كان يحترق بعجز، يندم على غفلته...
انكمشت بقوة وبدأت دموعها في الهبوط بينما يديها تتشدد تحت ظهره والأخرى على طفليها...
"إيهاب" همست أخيراً مختنقة بدموعها..
فتح لها نصف جفنين مغلقين ومن بينهما رأت صراع شديد العتمة.. فهمست بتضرع "أي ما كان يثقل كاهلك أو تتذكره.. إنساه من أجلي.. من أجلنا ما عاد شيء يهم إلا أنك معي.. إلا سعادتنا تلك"
رفع وجهها قليلاً ثم طبع قبلة حنونة رائعة وحلوة جداً في رقتها ثم همس "أنتِ بخير، طفلينا يحيان بسلام.. لذا ما عاد شيء في العالم مهم.. ما عاد أي شعور بالقهر أو الانتقام له معنى، صفاء أرواحنا يكفي لنحيا يا مريم، فالدرس الصعب الذي تعلمته أن تلك الحياة قصيرة.. سريعة جداً ومختصرة لنفني فيها عواطفنا مشاعرنا وأعمارنا داخل حلقة مفرغة من السواد.. من الحقد أو رغبة في الانتقام.. فالقدر وحده رائع في تصفية حساباته وجعل كل فرد منا يسدد دينه عدلاً"
فغرت مريم شفتيها المرتجفتين ثم همست بحرارة مختنقة "ويسخرون مني لهوسي بك، رباه إن كان عشقي لك هوس وجنون فاللهم عدم الشفاء منه أبداً"
ابتسم هذه المرة بطريقة جعلت قلبها يخفق بلذة ثم جذب رأسها لتستريح على صدره وهو يهمس "وكأننا نملك بين الحياة والموت اختيار يا ناعمة.."
*************
يتبع الان


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 11:05 PM   #3556

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع السابع والثلاثون






انتصب ظهر راشد بخفة وحذر في محاولة لفك تيبسه بعد ساعتين أو أكثر من الجلوس بهذا الوضع الممتع!! لن يخالف قلبه ويتذمر ليت تلك اللحظات تدوم إلى الأبد كان إياب نائماً بالفعل منذ وقت على ذراعه الآخر بينما معذبته لم تتحرك من وضعها بل زادت في تشبثها بصدره عبر أصابعها العاجية الجميلة التي إلتفت حول أطراف قميصه بينما وجهها من حين لآخر كان يتمسح في عنقه مسببة له رجفة داخلية غير محتملة أما أنفاسها الشبيهة برائحة كريستال الورد فكانت حكاية أخرى من المعاناة من العذاب الصرف لحواسه وجسده..
طنين الهاتف المزعج أخرجه من تفكيره، وعندما رمشت هي بعينيها في محاولة لاستعادة وعيها أخيراً قبل أن يتصرف ويسكته لم يتمالك نفسه أن يسب ذلك الشخص المزعج بعنف "سأقتلع رأس أي كان, إن لم يكن الأمر طارئ"
تجمدت بدور عند سماع صوته وتشنجت على ذراعه للحظات وكأنها تأخذ وقت بطيء لتذكر كيف وصلت إلى هذا الوضع مما دفعه أن يخفض وجهه قليلاً وهو يقول بهدوء متفكه "حمداً لله على سلامتكِ, أرجو أن أكون قد أديت وظيفتي بشكل جيد كوسادة مريحة إذ أنه تبين لي من نومكِ العميق أنكِ لم تفعلي منذ أعوام"
تصلبت أكثر وانتصب ظهرها قبل أن تقفز من جانبه لتقف بعيداً، تحرك أناملها في شعرها بإرتباك، ثم تبدل يديها لتمسد على بنطالها قبل أن ترتفع يديها نحو صدر بلوزتها تتأكد من ترتيبه عبس راشد قبل أن يقول بجفاء "لست عديم الأخلاق لهذا الحد يا بدور، كما أني لا أفضل التحرش بالجثث"
جزت على أسنانها بعنف وهي تهس "راقب لسانك جيداً.. ثم أنك بلا أخلاق أصلاً وليس عديمها.."
مط راشد شفتيه قبل أن يقول بامتعاض "هذا لا ينفي أنكِ كنتِ نائمة كالجثة على صدري.."
"أنت حقاً أصبحت لا تطاق"
"الفضل لكِ سيدتي الجميلة"
عاد هاتفه يصدح برنين مزعج مما جعله يسب مرة أخرى مهدداً لاعناً من أنهى ليلته الجميلة تلك.. وأيقظ المتوحشة!!
جز على أسنانه بغيظ وهو يقف من مكانه موازناً إياب على ذراعيه وقال "هل يمكنك أن تخرجي مفاتيح السيارة من جيبي، لا أريد المخاطرة بإيقاظ إياب؟!"
رفعت حاجبها المستفز بترفع ثم قالت ببرود "ولماذا لا تخرجه بنفسك هل شُلت يداك؟!"
رفع راشد جسد صغيره بين يديه في علامة واضحة على انشغالهما ثم قال بتجهم "لا سمح الله ولكن قريباً سيحدث بفضل مجهوداتك "
ارتفع حاجباها بحرج قبل أن تضم معطفه على قدها حماية من البرد ثم نصبت جسدها بشموخ أثار ابتسامة متفكهة لديه وتحركت في مشيتها المختالة نحوه وقفت لدقيقة أمامه لا يفصل بينهما إلا جسد الصغير.. حتى قال "في الجيب الأيمن يا طاووس فقط إسحبي الدلاية لن تضطري لوضع يدك"
نظرت بإرتباك نحو ما أشار إليه، وإلتقطتها على الفور ولكنها لم تمنحه إياها أو تستخدمها لفتح السيارة بل ظلت تقلبها بين كفيها بينما كان رأسها القريب جداً من مرمى أنفاسه منخفضاً بالألم متأملة بعينين مهتزتين لقطة صورة جمعته مع ابنها سوياً يجلس في زورق خشبي مرتدياً بنطال رمادي قصير وقميص رياضي أبيض محتضن عضلات صدره بتملك ويغطي رأسه بقبعة رياضية رمادية أيضاً.. محتضن إياب الضاحك بعفوية والذي يرتدي زي مماثل تماماً له على صدره همست بتقطع حزين "هذه جميلة جداً، كم كان عمره؟!"
إبتلع راشد غصة ملتوية في حلقه قبل أن يقول بصوت أجش "جميلة ولكنها غير مكتملة ..كما كانت حياتي وابني دائماً"
أغمضت عينيها وهي تتأوه بألم صامت ثم كررت سؤالها الحزين "كم كان عمره عندها؟ هل تمتلك أكثر من تلك الصورة، أرغب بل أتمنى أن تكون فعلت أريد أن أرى كل يوم كبر فيه بعيداً عني"
كانت عيناه تنظر لرأسها المنخفض والقريب منه حد التلامس بشرود موجع وكأنه لا يراها بل يلمس فيها شيء آخر أعمق بكثير من أن يصفه..
رفعت بدور عينيها التي امتلأت بالدموع تحسه على إجابة ربما تسكن ألم يصعب شفائه حتى قال بصوت بطيء "كل يوم مر بعيداً عنك موثق, كل ليلة كان يَبكيكِ دون أن يعرفكِ كنت أفكر فيها ألف مرة وأنا أضع رقمكِ على هاتفي في استعداد لأرسل لكِ صور وفيديوهات مسجلة، مع رسالة أتوسلكِ فيها أن تأتي إليه"
دمعت عيناها الواسعتان وشفتيها تنفرج مخرجة منهم نفساً مُعذباً فاختنقت عبرة داخل حلقها ووجهها يميل بوتيرة بطيئة حتى أسندت جبهتها على قلبه بجوار رأس إبنها بالضبط، ثم قالت وهي تهمس متوجعة "لكنك لم تفعل قط, أوجعتنا بخسة وقسوة من أجل لا شيء"
أغلق راشد جفنيه لبرهة وهو يدفن شفتيه داخل غيمة شعرها تاركاً قبلاته هناك بشوق وألم فاض به الكيل ثم همس "لم يكن أمامي حل آخر.."
همست بصوت واهٍ مختنق "ليتني ما أحببتك ربما كنت جنبت نفسي كل هذا العذاب.. ربما كنت أعيش حرة الآن من قيدك مستقرة مع رجل يحبني بحق وأطفال سعداء أسوياء يمنحوني بهجة أستحقها"
أخفض راشد رأسه حتى مست شفتاه جبهتها وهمس بصوت باهت "ليتكِ فعلتِ يا بدور، ليتكِ ما انجذبتِ لي أبداً"
ظل على تلك الحالة بصمت مطبق لعدة دقائق لا يتخلله إلا النسمات الباردة وشقشقت الليل المتداعي.. حتى قال راشد أخيراً ببهوت شاعر بقلبه يتحطم بقسوة داخله متمنيا إن كانت تلك الحالة التي تلبستها في مكان آخر خاص ما كان أبداً حررها "نحن نسينا أنفسنا، يجب علينا التحرك قبل أن يرانا أحد بتلك الوضعية"
ارتبكت وهي تنتفض بعيداً عنه تداري ملامحها المتأثرة بشعرها المنسدل حول وجهها.. توجهت نحو السيارة دون كلمة إضافية ثم فتحت له الباب الخلفي ليضع الصغير في مقعده.. همت بدور بخلع معطفها لتغطي إياب النائم ولكنه أوقفها وهو يفتح صندوق مستطيل يفصل بين المقاعد وقال "لا داعي احتفظي به.. ملابسكِ خفيفة "
"ولكن إياب.."
قاطعها وهو يخرج غطاء حريري ناعم وفرده على جسد صغيرها وهو يقول "ما يقارب الأربع أعوام من الاهتمام المنفرد بطفل جعلتني لا أتحرك إلا وأنا أضع ملابس إضافية وغطاء وبعض الحلوى الصحية أيضاً.. انظري هنا.."
استطالت ونظرت داخل الصندوق لتجد ما وصفه بالضبط.. سخرت "سَبنتي علمتك هذا أيضاً؟!"
اعتدل وهو يضغط على زر جانبي ليغلق الباب أتوماتيكيا ثم قال بصوت أجوف "لا, هذا تعلمته حديثاً بفضل إياب"
مد يده وهو يقول بهدوء "أعطني مفتاح سيارتكِ لأرسل أحد لأخذها"
هزت رأسها نفياً وقالت وهي تحتل مقعدها "لا سأهتم بالأمر بنفسي"
امتعض قبل أن يقول "على راحتكِ, أريد مفتاحي على الأقل"
تلكأت وهي تضعه على كفه المفرود قبل أن تعلق ساخرة "طاووس.. إطار صورتك وابني طاووس يا لك من رومانسي لعين!!"
قبض على المفتاح قبل أن يشد يدها قاصداً إرباكها وهو يضع قبلة على معصمها مبتسماً بخبث الثعالب.. شدت يدها حانقة، بينما كلها كان ينتفض من المشاعر المجتاحة التي اكتسحتها دفعة واحدة.. اعتدل ليغلق بابها هي الأخرى ثم إلتف محتلا مقعده بضخامة جسده... وقال أخيراً بتفكهه مخادع "هذه بالذات لم يكن لي دخل فيها.. سَبنتي من تخلصت من الإطار القديم وصممتها بهذا الشكل مدعية أن هذا الوضع الصحيح.. بينما أنا على كل حال لم أهتم إلا أن إياب معي"
بهتت ملامحها ولم تجد ما تقوله دون أن يعيد إليها ألمها مضاعف.. حتى عاد هاتفه للطنين المزعج مرة أخرى.. أخرجه راشد أخيراً ينظر للمتصل وهو يقول "من قليل الذوق الذي يتصل في هذا الوقت؟!"
فتح الهاتف مجيب بتجهم "راشد الراوي"
صوت فخم بلكنة عربية فصحى أجابه مهاجم على الفور "مرحباً يا راشد، لدينا حق عرب عندك"
عبس راشد بشدة وهو يكرر بعدم فهم "حق عرب؟! وأنتَ من تقولها هل تعرف معنى الجملة أصلا يا دكتور؟!"
تنبهت بدور للمكالمة مشيرة له أن يفتح مكبر الصوت.. فعل ما قالت وهما ينصتا لضجة هائلة وشجار إستعر على الطرف الآخر من المكالمة حتى توسعت عينا كلاهما بصدمة عندما إنفجر صوت شيماء المرتعب مشارك ذلك الهزل...
"هل ما سمعته صحيح أم خيل لي؟!"
قال راشد بذهول لا يقل عنها "لا هي شيماء، ولكن كيف وأين ولماذا ومتى؟!"
حتى رد أخيراً جوش بحنق "سيد راشد بغض النظر عن معرفتي من عدمها بالمعنى.. ابنتكم في بيت زوجتي وابنها الأحمق وأنا فضلت الاتصال بك ومعرفتك عوضاً عن عودتها في هذا الوقت مع الأمير المحترم"
صرخ نزار بجعورة مزعجة "كف عن لعب الوصي، أنت لو تهدف لشحنه لقتلي لن تقول هذا"
لم يحتج راشد لسماع المزيد وهو يغلق الهاتف بغضب محتد ثم قال بتجهم "صِفي لي عنوان عائلة المجانين قبل أن يتصل هذا الدكتور بخالد وتحدث مجزرة فعلية"
كانت بدور ما زالت على ذهولها تنظر إليه بعدم تصديق ولكنها أجبرت عقلها على التذكر ولسانها على التفوه بالعنوان...
*******
بعد وقت كانت شيماء لا زالت ترتجف بين ذراعي هناء التي تنظر لكلٍ من رجليها بغضب جلل إن تُرِكَتْ بدون قيد لكانت كسرت عظام كلاهما في أكبر طنجرة لديها وطبختهما معدة وليمة تليق "بالدم الملكي!"
"الرحمة يا ربي ماذا فعلت في حياتي لتعطني مصيبتين متحركتين على أرجل"
هتف نزار وهو يقفز كالعفريت أمامهم "حق عرب... حق عرب، هل جننت نحن من لنا حق عرب وابنتهم في منزلنا مختطفة؟!"
رمق جوشوا جسد شيماء المهتز بالبكاء ثم قال في برود "لم تبدو لي مختطفة عندما ضبطتكما في حوض الورد!"
شهقت شيماء بحرج وهي تدفن وجهها في حضن هناء أكثر وبكائها يزداد حدة وهي تقول: "يا ويلي... والله يا عماه أنت فهمت خطأ"
ابتسم جوشوا بطريقة متشفية مريبة رغم تعاطفه الكامل مع الفتاة ثم قال برقة "أنا لا أتهمكِ بشيء يا صغيرة ولكني أعرف ابني جيداً لذا وجب على عائلتكِ عقابه فهو خالف الأصول"
رد نزار ممتعض "بحق الله ماذا تعرف أنت عن الأصول ظننتك من بيئة منفتحة؟!"
قال جوشوا ببرود "قرأت كفاية لأعلم أن ما حدث خطأ فادح، وحتى إن كنت أراه شيء طبيعي اجتماعياً في بلدي فهو حرام شرعاً، ويجب أن يعلم ولي أمرها بتطاولك"
سخر نزار بحنق "وإن كان الخطأ مني، لماذا تحمله حق عرب؟!"
عقد جوشوا حاجبيه متفكراً قبل أن يقول بجهل "أليس ابنتهم من تتواجد في منزلنا قرب الفجر، هذا يُعد تعديًا علينا ويجب دفع حق عرب؟!"
تدخلت هناء وهي تقول بعصبية "يا الله بل هذا يُعد تعدياً على حرمتهم يا سيادة البروفيسور، إن طلبوا عنق ابنك كرد اعتبار لن يلومهم أحد"
قال جوش معاند "لا أنا بحثت جيداً في تاريخكم وعاداتكم والأصول المتعارفة والمعاني كانت غير هذا..."
صرخت هناء محتدة "إذاً توقف عن البحث فأنت من خلال قرائتك الجبارة تلك لم تعرف شيء واحد صحيح عنا... وتوقعنا في المصائب!"
ضاقت عينا جوشوا قبل أن يقول بتفكر "حسناً وإن كان فهمي خطأ، فالصراحة مريحة، والثمن لسوء الفهم بخس إن أرادوا عنق ابنك المتبجح فليأخذوها؟!"
لم تستطع شيماء أن تكتم شهقة الذعر إثر ما سمعت.. بينما ظل نزار ينظر لأبيه بتوجس ثم قال "هل أنتِ متأكدة يا هناء أن هذا الرجل هو جوشوا هابر بشحمه ولحمه.. ربما استنسخوه أو استبدلوه بطريقة ما.. بينما زوجكِ الحقيقي وأبي.. مات منذ زمن أو ضاع في رحلة فضائية مستكشفة... اذ أني أكاد أجزم أن هذا الرجل لا يهتم بموتي أو حياتي مطلقاً !"
خبطت هناء على وجهها بعنف وهي تهمس"كيف سأكمل حياتي معهما..هل ان سحبت الفتاة الأن وهججت لأي مكان لا يعرفاه سيلومني أحد؟!"
رمقها كليهما شزراً بينما قال جوش ببرود"إنه ثمن زهيد أمام الحصول على فتاتك !"
قال نزار بإرتياب"قطع رأسي عن جسدي ثمن زهيد...وياترى كيف سأنفعها تحديداً وأنا ميت...تغني لي نهاراً أيها الراقدون تحت التراب..وأنا أخرج لها ليلاً كشبح..صانعين أنا وهي قصة عشق مرعبة جديدة؟!"
ضيق جوشوا ما بين عينيه مرة أخرى ثم قال"مهلاً أنا لم أفهم كلمة مما تقول..ما علاقة أخذهم لعنقك،بموتك؟!"
أشار نزار نحوه بحنق وهو يقول"هذا هو...بالضبط ما نقصده أتوسل إليك كف عن إستخدام العربية من أصله،وإقتصرها على الدعوة فقط،بدل أن تتسبب في قتلنا يوماً بفهمك المختلط!"
تنحنح جوشوا بحرج ثم قال"إحترم نفسك،وإخرس !"
رن جرس الباب أخيراً مما دفع شيماء أن تقفز من مكانها وهي تفتح عصاها متخبطة نحو الباب ومعتمدة على ذاكرتها في زيارة هذا المنزل من قبل..لحقها نزار محاولاً منعها فنهرته وهي تصرخ:"إبتعد عني،لا أريد سماع صوتك أو الإحساس بك حولي مرة أخرى أتفهم.."
إمتعض نزار ولكنه أصر أن يكون حولها حتى فتحت الباب بعنف.."رغم سماعي صوتك وما قاله والده لم أصدق..ما الذي تفعلينه هنا!"
تقوس فم شيماء ببؤس قبل أن تندفع متلمسة طريقها نحوه،حتى إستقرت بين ذراعيه التي إلتفت حول كتفيه في حماية وهي تجهش باكية"والله لم آتِ برغبتي لقد ضلل بيّ؟!"
مسد راشد على رأسها مهدئاً،وهو يحاول كبت غضبه الشديد بعيداً ثم قال بتجهم"وأنا أصدقك يا شيماء..ولكن كيف فعل تحديداً الحراس لم يروكِ تخرجين منذ دخولك المنزل؟!"
تحشرج صوتها قبل أن تقول بتقطع هلع "لقد..هو أعني..خطفني بمساعدة..أنا..أعني....."
صمتت تمامًا رافضة البوح عن مساعدة سَبنتي حتى لا توقعها في مشكلة بسببها...
قال راشد بغضب مكبوت"لا بأس،سنناقش هذا لاحقاً !"
ثم رفع عينيه الناريتين وهو يقول بحدة صارمه"وأنتَ عنقك نفسه لن يكفيني أن لم تمنحني تفسير مقنع؟!"
مط نزار شفتيه مع تحرك جسده للأمام والوراء بلامبالاة ثم مد كفه نحو راشد وهو يقول ببطئ يشابه الولولة"ستحدث راشد لأنه الأكثر عقلانية من كتلة العضلات تفضل يا سيادة البروفسور،واتفق معه على دفن جثتي بما يليق بدلاً أن يتركها للطيور؟'"
هتف فيه راشد بصرامة:"أنا لا أمزح معك..كيف تجرؤ لجرها الى هنا؟!"
وقف جوشوا بين راشد وابنه ثم قال بهدوء رزين"تلك غلطتي سيد راشد اذ أني نصحته بمحاولة إقناع الفتاة عوض عن ملاحقتك والسيد خالد!"
قال راشد بإستنكار"بإختطافها ليلاً،هل تعلم ماذا سيحدث أن رآها أحد معه!"
قلب نزار شفتيه قبل أن يخرج رأسه وهو يقول"لم يرانا أحد ثم أنها أتت لهناء كثيراً من قبل مع بدور ومريم ووالدتها!"
جز راشد على شفتيه،بغل ثم قال"هل تستمع لنفسك أو تريد استفزازي !"
قال جوشوا بهدوء:"كنت أستطيع إعادتها بهدوء كما أتت ولكني أصررت أن تعلم بكل المجريات،حتى نصبح على نور مازال ابني وأنا متمسكان بتلك الزيجة،وأرى أن أسباب رفضك تعنت بحت؟!"
حرر راشد شيماء ثم أمسك بكفها وهو يستدير ناوياً المغادرة ثم قال"أنا لن أستمع للمزيد،لنا حديث طويل غداً على ما حدث لن يسركم أبداً!"
خرج نزار من وراء أبيه سريعًا ثم وقف أمامه مانعه من التقدم وهو يقول"لا تضع مزيد من التعقيد مثل خالد،أرجوك سيد راشد،أنا لا أريد إلا الزواج منها وعلى إستعداد كامل لمنحك كل الضمانات وتنفيذ أي شروط ترونها مناسبه..ليس عدلاً أن أكون رهن الإحتجاز لعمراً طويلا في عشقها أُمَنِي نفسى بيوم أصبح قادراً على المطالبة بها ثم أعود رجلاً يليق بقدرها،ثم تحرماني منها محاسبين إياي على ماضي دامي لا أكف عن الندم عنه ولكنه كان رغماً عني خطأ ان عاد الزمن والله لن أعيده أبداً..ألم ترتكب أي خطأ في حياتك بدافع الغضب الأعمى والوجع الذي تغذيه نفسك الآمرة بالسوء وتتمنى ان عاد الزمن لإصلاحه!"
ظل راشد مستمعاً دون رد طويلاً بينما زاوية عينيه ترمق بدور التي تقف أمام السيارة بقلق...حتى قال أخيراً بخفوت"هناك أخطاء حتى ان عاد الزمن لن تمحى او تصحح اذ أن نسخنا القديمة تملك من كبر الجروح ما يدفعها للجحيم دفعاً !"
رفع نزار كتفيه بإستسلام قبل أن يقول بخفوت"أنا ان ملكت تلك المعجزة لن أفعل،إذ أني أعرف الأن أن الثمن أكثر من أن أتحمله،أثق تماماً بعدم إقدامي على أي خطأ فادح يجعلني أخسرها هي ووالداتي !"
مد راشد وجهه مقيماً ساخراً قبل أن يكور قبضته ويرفعها كالطلقة ضارباً نزار في منتصف وجهه ثم قال"ولكنك فعلت الليلة يا نزار..أرني من سيطيلك ظفرها بعد ما حدث!"
ثم سحبها وإنطلق..تاركاً صرخة هناء الفزعة تسب ولدها المتهور ..وضحكات جوشوا الشامتة تثلج صدره !!
.........
بعد دقائق كانت بدور تقول:"هذه العائلة مريبة بحق؟!"
نفخ راشد بعنف ملأ صدره قبل أن يتمتم بحنق"والله عال يا بنات ياسر واحدة أتيت بها من بيت في منتصف الليل وآخرى أجرها من على كورنيش النيل في منتصف الليل..هل جننتم أم تعتقدن أن لا أحد قادر على ردعكن؟!"
بكت شيماء بحدة أكبر من قبلها بينما رفعت بدور حاجب مترفع وهي تقول بتوجس"لقد كنت معك؟!"
أخف ابتسامته وهو يقول بتجهم مصطنع"ومن أكون أنا لتسهري معه يا هانم،لا أحمل أي صفة تسمح لك بهذا؟!"
إرتفعا كلًا حاجبيها بعجب قبل أن تقول بتلقائية:"إبن عمي..ألا تكفِ"
"لا..."
قالت ببرود:"اذا صفة والد إياب تكفي!"
قال معاند"أيضاً لا تكفي؟!"
قالت بتشكك"لا أفهم ما تحاول الوصول إليه مستغل الأمر لذا دعنا ننهي تلك الليلة..ونتفق أن لا يخبر أحد خالد حتى لا يتسبب في كارثة؟!"
قال راشد بعبوس"أين هو أصلاً،من كل هذا أنتِ تخرجين بمفردك مخاطرة وشيماء يخطفها الأحمق الآخر بينما سيادة الفارس لا سؤال ولا خبر!"
هزت بدور كتفيها بجهل وهي تقول بحيرة:"عادةً يظل طوال الليل مستيقظ في غرفته الخارجية،ولا يأتي لداخل المنزل إلا بعد صلاة الفجر..لينام ساعتين في غرفته بالداخل؟!"
ضيق راشد ما بين عينيه قبل أن يقول بحدة"أين سَبنتي يا شيماء؟!"
قالت شيماء بإختناق رغم سرعة بديهتها"تركتها نائمة إثر بعض المسكنات "
إلتفت اليها وهو يقول بصرامة ونبرة تحذير في صوته"هل أنتِ متأكدة؟!"
قالت بصوت متلعثم"نعم..."
ردت بدور حانقة"بالله عليك كف عن هذا الدور حتى وإن كان خالد مشغول معها كما تشك..فهو لن يقوم بشيء حرام شرعاً!"
قال راشد بخفوت حاد"لقد وعدني ووالدتك بعدم إقترابه منها..العقد لا يمنحه أي صلاحية إلا صفة خاطبين طالما لم أمنحه أنا إذن لغير هذا"
قالت بدور بهدوء"خالد لا يحتاج وصاية أخلاقية من أحد يا راشد..كما أنك وافقت على عقد القران ليتيح له معها فرصة بالتقارب كما يراه مناسب..لذا كف عن لعب دور الوصي الصارم..خالد آخر شخص في الكون قد يضر بفتاة ،فما بالك بكون تلك الفتاة سَبنتي التي يصادف أيضاً كونها زوجته !"
أخذ نفساً عميقاً مجروحاً ولم يرد ليس لضعف حجته ولكنه ما يملكه من دفاع قد يؤذيها هي..إذ أنه عندما ملك نفس صلاحية خالد الأن اعتقد في نفسه القدرة على عدم جرها لاشيء لا ترغبه بأن يحميها من نفسه ولكن بالنهاية كلاهما ضعف،حتى فاقت هي في اللحظة الأخيرة..مجرد تذكر ملمس بشرتها بين يديه كان كافي
ليتوتر جسده الضخم بشكل ملحوظ جاذب عينيها لتراقب عروقه الزرقاء النافرة في نحره الصلب،بينما كانت عينيه تومضان بإحمرار مكبوت تعرفه معرفة شديدة...كان صوته مختنقاً وهو يهمس بتوتر باتر الحروف من فمه وكأنه يبذل جهد رهيب لمجرد النطق بها "دعينا نغلق هذا النقاش ونأمل فقط أن شيماء صادقه غير هذا سأقتل أخيك بدل أن أقيم له الزفاف الضخم الذي وعدت؟!"
قالت بهدوء غير متأثرة بمعانته"وشيماء ونزار ماذا نحن فعالين معهما؟"
صمت لوقت طويل قبل أن يرد بتجهم"الأمر يحتاج لتفكير حتى لا نقدم على شيء متهور.."
صمت لبرهة ثم أضاف"كما أحتاج للحديث مع شيماء بشكل منفرد وبعدها نستطيع أخذ القرار الصائب"
قالت مستنكرة"ألن يتم عقابه على الأقل على تلك الفعلة "
قال راشد بحدة "أعاقبه على ماذا بالضبط،على الأقل هو لم يأخذها لمكان نائي بل حصل على حديثه معها أمام أنظار والديه!"
قالت غاضبة"ولكنه تخطى الحدود "
قال راشد ببرود"اذاً سينزل عليه عقاب متعقل،وصدقيني ان وافقت شيماء على الزواج منه،هذا سيصبح عقاب أكثر من كافي لدخوله بينكن يا مجانين الراوي "

........................................

‫يتبع الان
:7r_001::7r_001::7r_001::7r_001::7r_001:

ru'a and كريم الشيخ like this.

Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 11:10 PM   #3557

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع السابع والثلاثون


كان نور الشمس المتسلل على وجهها مزعجاً وساخناً،ولكن كل عضلة فيها كانت أثقل من أن تستطيع أن ترفع كفيها المضمومتين تحت خدها وتريحهما على عينيها...إلا أنها كانت أيضاً تشعر بخيمة وردية جميلة تحتويها ..ورائحة عطرية نافذة مختلطة بعطر جسد خاص يسلب حواسها..أسبلت جفنيها أكثر متنعمة بذلك الشعور الحلو جداً رافض عقلها تماماً أن يستعيد وعيه ويستفيق منه..شعور سكينة لم تحصل عليه قط منذ زمن،ودفئ وأمان مختلف كلياً عن ما تحصل عليه من ذراعي راشد القويتين..لقد كان الأمر لا ينفع إطلاقاً للمقارنة،إذ أن الهدر الشديد الذي يسمع خلف ظهرها والنبضات المتسارعة مع الأنفاس الخشنة بجانب نحرها كانت تذيبها عشقاً تسحبها داخل عالم خاص جديد وممتع..مكان هائل بنسمات ناعمة حلوة تحركها وتقلبها كما تشاء وسط بساط خيالي يديرها يبسطها ويحييها يسحرها ويغذي روحها..يفعم قلبها المجروح بالسكينة ليضخٍ بداخلها ترياق من البلسم الناعم..كادت تنفجر ضحكًا رائقاً وهي تشعر بنفسها تطير بجناحين ملونين رائعين محلقة في فضاء فسيح إذ شعرت وأنها كادت أن تكون ببساطة"دعسوقة"فاتنة..ولكن في لحظة مباغتة بدأت تستفيق شيئاً فشيئاً إثر تلك الذراع القوية التي تحتضن خصرها اللين..بينما أصابع اليد الخشنة أخذت تجوب برقة بادئ الأمر على بطنها من فوق ملابسها الرقيقة حتى إشتدت أكثر وهي تهبط تحت ملابسها لتعزف لحن صاخب على بشرتها..كان وكأنه يكتشفها!!
مما دفعها ليقظة مزعجة تدرك أن ذلك الحلم الجميل الذي ظنت ما هو إلا واقع خطر..إنتفضت من مكانها معتدلة في الفراش وهي تفتح جفنيها برهبة مقيمة المكان الذي هي فيه..فى البداية لم تستوعب أجواء الغرفة الغريبة ، حتى وهي تلتقط وجود شلبي النائم تحت قدميها واسرع يهب مقترب منها عند اعتدالها
وقبل أن تنطق بحرف واحد او تاخذه قريب منها محتميه فيه ... كان خالد يضع كف يده على فمها كاتم صرختها وهو يقول بنفس مرتجف مدعياً الطرفة "إهدئي أنتِ بخير..أنا..أنا آسف لا أعرف ما الذي حدث كنت مهذب طوال الليل وأنتِ تنامين بين ذراعي كالملاك الصغير"
توسعت عينيها بذعر وهي تزيح يده باصابع مرتعش من على خصرها..ثم حاولت أن تتملص منه بقوة لتغادر سريره وهى تهمس " شلبي سيهاجمك اتركنى "
..ولكنه تشبث فيها بعنف وشدها كلها لتصبح جلستها محشورة بين ساقيه..تصلبت وهي تحاول البعد عن ملامسته شدها خالد أكثر حابساً خصرها بين ذراعيه ثم همس"شلبى يعرف جيداً انك معىّ محميه....منذ متي تخشيني يا سَبنتي؟!أنا لن أؤذيكِ حبيبتي"
كان قلبها يرتجف بين أضلعها،وهي تهمس"لا تناديني حبيبتي"
تصنع ضحكة مرتبكة ثم قال"حسناً..هل أناديك زوجتي بدلاً عن هذا؟"
قالت بفظاظة"أنا لم أمنحك موافقتي بعد..اذاً ليس هناك زواج لتدعوني به"

قال بهدوء"اذاً نحن نرتكب فعل فاضح جسيم هنا.."
قالت بعينين تبرقان غيظاً"نعم نحن كذلك،فهلا تركتني؟!"
أزاح خالد شعرها جانب ووضع رأسه على كتفها ثم قال مازحاً بإستفزاز"أشير عليك فقط أنكِ ظللتِ ترتجفين طوال الليل بين ذراعي تبكين تارة،وتشهقين تارةأخرى وأنتِ تهذين حبيبي خالد أين أنت ضمني بقوة زوجي حبيبي؟!"
إلتفتت إليه وهي تميل جانباً لتستطيع النظر في وجهه ثم قالت بإستنكار"هذا مستحيل أنا لن أنطق تلك الكلمة التحببيه المقيتة وإن انطبقت السماء على الأرض"
إبتسم وهو يتأمل وجهها بعشق خالص بينما عيناه تلمعان بطريقة تسرق القلب والعقل شاملها كلها بنظرة خاصة جداً..نظرة لم تراها مطلقاً في أعين بشر بل بدت كشيء خاص به لها وحدها..ثم قال أخيراً بصوت أجش"حسناً كذبت اذاً..في جزء هزيانك بإسمي ولكنك لم تستغربي ذراعي عندما تمددت بجانبك ليلاً وسحبتك الى صدري،بل تكورتي هناك بوداعة شديدة وهدأت كل انفعالاتك!"
توترت وبدأت تنكمش بين يديه وهي تطرق بوجهها بعيداً عن محاصرة عينيه ثم سألته"ما الذي حدث،كيف وصلت الى هنا؟"
قال بهدوء أعصاب قضى الليل بأكمله ليحصل عليه حتى لا يتهور ويجعلها تنئَ بنفسها عنه رافضه اخباره الحقيقة التي تفوهت بها في نوبة انفعال اذ انها لو كانت تنوي اخباره من البداية ما كانت انتظرت كل هذا الوقت خاصة عندما عادت ووجدته مرتبط بأخرى"كنت تعترفين لي بأمراً جللاً،ثم توقفت وأنتِ تنهاري في نوبة إغماء،لذا أتيت بكِ الى هنا لم أرغب أن يراكِ أحد بذاك الضعف"
قالت بتهكم متوتر وهي تلمس جبيرتها بخفة"لقد شاهدوني في حالات أسوأ"
تلاعب في خصلات شعرها بأطراف أنامله شارداً للحظة وهو يتذكر الجحيم لرؤيتها تعاني منازعة في كابوس مزعج لقد تكور جسدها في وضع الجنين على الفراش وحيدة وبدت انها تحارب في أرض معركة شرسة لا تملك فيها عدة أوعتاد..مما دفعه أن يضرب قراره بعدم الاقتراب عرض الحائط ويندس جانبها سريعاً ساحبها كلها لتتشكل مع جسده..لن ينكر انه تخشب في مكانه للحظات وهو يقاوم حرب مستعرة من الشعور بها مستكينة ومتشبثة فيه..لقد كانت جميلة جداً ساحرة ومذيبة قطعة سكر..ومتوافقه بشكل مذهل مع ألوان فراشه وعلى صدره..كما تخيلها تماماً مِراراً دون أن يملك أمل في تحقيق حلمه..أو ليكن منصفاً سَبنتي كانت رائعة أكثر بكثير مما توقع و بجمال ساحر أكبر مما يحتمله قلبه المُدلّه تحركت تفاحة آدم ببطئ محاولاً أن يشتت تفكيره الجبار ثم قال أخيراً بخفوت"هذا قبل أن تصبحين زوجتي،لكن الآن لن أسمح لك بالإنهيار أو إظهار ضعفك إلا أمامي"
صمتت لبرهة مع شعور غير محبب كان يجتاحها حتى قالت بأنفاس مختنقة"هل كنت معها بنفس ذلك الاهتمام،وتلك المبادئ،هل..أعني كم مرة ضممتها اليك بنفس تلك الحرارة؟"
تقبض يديه على معدتها بشكل آلمها ثم قال بصرامة"لا تؤلمي نفسك يا سَبنتي،لقد كانت فترة وانتهت وأياً كان شكل العلاقة التي ربطتني بها لا تخصك!"
نحرتها إجابته نحراً بلا هوادة..دافعه إياها أن تقاومه بعنف لتتحرر منه،لم يتردد خالد مرتين قبل أن يعيدها لتتسطح فوق الفراش مثبتاً كلاً ذراعيها بقبضتيه حريصاً آلا يلامس جسدها مرة أخرى رحمةً بنفسه..ورحمةً ببرائتها أيضاً اذ أن الوضع الذي يعانيه الأن والكبت الذي يحرقه مدمرًا أن اكتشفته ثم قال أخيراً ببساطة"لم تكن زوجتي لذا لا تستغبي،هل يريحك اخبارك انك الفتاة الوحيدة التي لامستها في عمري كله...اذ أن الأمر معك يبدو عند ضمك أو لمسك كإعادة الروح للجسد،أو ضم قلبي الهادر في مكانه حتى أستطيع الحياة !"
ارتجفت شفتاها وهي تنظر اليه بألم الغيرة وعدم الثقة..هدمته نظرتها ولكنه يعرف جيداً انه يستحق ومن يلومها..
"أتركني أذهب "
هز رأسه نفياً ببطئ ثم قال بعبوس:"ليس قبل أن نتحدث"
قالت بجمود"لا يوجد ما قد نتحدث فيه،كل شيء قد انتهى بالأمس،أنت ستحررني وتتركني أمضي في حال سبيلي"
ظل خالد ينظر اليها بقتامة ثم قال بجمود خافت في النهاية"أحررك؟!"
قالت بعنف"أنا لن أكمل تلك الزيجة لن أسمح لك بتحويلي لضحية أخرى لبنات الراوي..أنا لستُ منكم على كل حال مثلما قال أبيك مجرد بذرة شيطانية فاسدة...وتلك الشيطانة لن تخاطر أبداً وتسلم نفسها وقلبها كما فعلت من قبل بكل غباء..لتتركها بالنهاية خلف ظهرك وتذهب عندما تأخذ ما تحتاجه منها..لإمرأة مثالية تليق بفارس الراوي.."
الألم كان صارخاً في عينيه ولكنه توارى خلف قناع من الهدوء الخادع والخطير وهو يقول"هل هذا ما تريني عليه يا سَبنتي مجرد حقير يستغل شرع الله ليحصل عليك ثم يرميك بعيداً"
هتفت في وجهه بدون تردد"بل أسوأ..."
كل فرحة غبية كانت تتراقص بداخله من استسلامها ليلاً بين ذراعيه طارت في الهواء وكل تأثر كان يحرقه كرد فعل طبيعي لشاب يستيقظ ليجد محبوته وحلاله بجانبه..همد تماماً ولم يبقى إلا الألم البحت والقهر...ولكنه تمالك نفسه ثم قال بصوت أكثر جدية وصلابة"جِدِي حل لتتعاملي مع الأمر اذاً..لأني لن أتركك أبداً إلا في حالة واحده موتي يا بقة"
نطقه بموته ارتد في قلبها الخائن ليمزقه هلعاً..ولكم تمنت أن تهتف داعية الله أن يحفظه وأن لا ترى أبداً مكروه يصيبه حتى وإن تركها يوماً..ولكنها لم تنطق بشيء .ساد صمت مشحون بينهما،لم يقطعه الا اعتدال خالد بعيداً عنها محررها من احتجازه..جلس على الفراش مانحها ظهره الذي انحنى بجحيمه ثم قال بنبرة خرجت كالنيران التي تعود تشتعل من بين الرماد المحترق "كيف وصل اليكِ..ومتي تحديداً؟قلتِ بالأمس أنكِ راقبتني لعامين ونصف،كيف حدث دون أن أشعر؟وماذا عن المدة التي سبقت أين كنتِ ولماذا لم تحاولي الوصول اليّ قبلها؟!"
اعتدلت من مكانها بجهد ثم تحركت من الفراش،تبتعد عنه كلياً ورغم عنها كرد فعل طبيعي فيها أول شيء تفعله هو تفحص ملابسها بحذر حتى لا يكتشفها..ولكنه كان حذر غير كافي عندما نظر اليها من فوق كتفه فجاءة هتف بغضب واستياء"بحق الله،انه أنا لم يتغير شيء،هل ظننتِ اني سأستغل الوضع وأُضاجِ.........
عندما لاحظ احمرار وجهها بشكل مؤلم حتى كادت توشك على الانفجار..تفضل وقطع كلمته الفجة...
همست بتعثر"لقد استيقظت ويدك تجوب تحت ملابسي..أنت كنت...أعني الوضع كله كان مريب!"
قال بغيظ:"أنتِ زوجتي،والتأثر بك شيء طبيعي؟!"
"لقد كنت تلامسني أي بجاحة هذه؟"
كرر بفتور:-"ربما لأنكِ زوجتي،وكنتِ بين ذراعي؟!"
صرخت فيه بحنق"لا يحق لك!"
قال بنفاذ صبر مكرراً "أنتِ زوجتي..ولم يخبرك أحد أني قديس!"
سخرت ببشاعة "بالطبع بالنسبة لخائن مثلك لم يصبر حتى أربع سنوات،وهرول للزواج من أخرى حتى تعفه من المغريات"
صمت لبرهة قبل أن تكمل متلعثمة"أغني نعم أنت لست قديس وأنا يجب أن أطئمن على نفسي"
نظر إليها خالد بإستنكار بل في الواقع بدهشة قليلاً من أين علمت بتلك الحجة الهزلية؟!صمت يرمقها بجمود هل يجلدها الأن مذكرها بآخر مرة زارت فيها هذه الغرفة بالذات،حسناً هو أيضاً ليس ملاك لهذه الدرجة بعض الأفعال وإن كانت بدافع التهور والمرض النفسي الذي كانت تعانيه..لا تُنسى وتبقى في الذاكرة كونها فتاة..ولكنه يحبها لدرجة التعايش التام مع الآخر وعدم وضعه في باله بالأساس...
قال أخيراً بتصلب"سنرى موضوع الاطمئنان لاحقًا،الأن امنحيني إجابة شافية..هل كان يعلم أبي مكانك؟هل هو من دفعك بعيداً عني رغم رؤيته لي أعاني؟!"
تباً كل الهزل الذي فعلته لم يشتته،هي لن تتحدث،لقد تعهدت لشيماء ولنفسها قبلها أنها أبداً لن تذكر ذلك الحدث...
قالت بريقٍ جاف"أنا لا أعلم عن ماذا تتحدث؟!"
وقف خالد من مكانه وتوجه نحوها بتمهل أسد شرس يتربص بضحيته التي أسرها في فخة...مما دفعها للتراجع بتعثر للوراء
أمسك مرفقها السليم سريعاً يشدها نحوه ثم قال بجمود:"أنتِ لن تنطقي شيء خطير كهذا عبثاً،أحفظك جيداً ربما تتظاهرين بأنك تغيرت ولكن وحدي من يكشف أكاذيبك"
قالت بتوتر "حسناً. لقد كشفتني كنت أكذب مستغلة معرفتي رفضه لي،فقط لأبعد اللوم عن نفسي و..."
دفن خالد يده في رأسها من الوراء ثم أخذ في التحديق بها بنظرة مستعرة..شفتها السفلة كانت ترتجف بشدة بينما حدقتيها كانت أية في المعاناة البحته..مرتعبة من كشفه إياها،من تأثيره المدمر عليها..لا لن تنطق بحرف يجب أن تقلب الطاوولة عليه يجب أن تمنعه من دخول منطقه مظلمة ستحرقه وبدور وراشد و ستوجعهم للأبد هي لا تفعل هذا من أجل ياسر..بل من أجلهما سوياً إذ أن الأمر أكثر بشاعة من كشفه...
الألم كان يتزايد ويتضاعف بداخلها..حتى رفعت يدها أخيراً تضعها على صدره وهي تقول"وضعك لي تحت ضغط لن يوصلك لشيء أنا كذبت ربما لدفعك لأن تطلقني؟!"
تصلبت ملامح خالد وتحولت عيناها لبئرين عميقين ناريتين لا قرار لهما ثم قال أخيراً بقسوة"إن نطقتي مرة أخرى بكلمة طلاق لن يعجبك ردي أنا أتحمل جنونك مُعَزيه لألمك مني..ولكن عند هذا الحد لن أرحمك يا سَبنتي بعبعك القديم مازال هنا يتربص في مكان ما ليكسر رأسك ويقص لسانك هل تفهمي؟"
قالت بأسنان مصطكه"أنا لا أخافك؟"
قال ببطئ"يجب أن تفعلي لأن صبري يوشك على النفاذ..أنتِ زوجتي وإنتهينا،وضع غير هذا لن يكون متاح إلا بموتي...."
تكراره أجفلها مما دفعها أن ترفع يدها تغطي فمه بكفها ثم بوهن كانت تسند رأسها منتصف قفصه الصدري"لا تلوح بهذا مرة أخرى أرجوك "
إنتفض جسد خالد من لمستها والتي توافقت مع همسها الناعم المتحشرج
"سأصدق أنك تخافين عليّ!"
همست بضعف"صدق..."
.. إلتف ساعده حولها مرة أخرى يدفعها إليه أكثر فأكثر وانحنى جذعه كله للأسفل نحوها دافناً وجهه في نحرها عند ذلك الشريان الذي يهدر بجنون متنفساً رائحة عطرها الطفولية بعنف ثم قال أخيراً بصوت مبحوح"كيف و بعدك موت..تريدين تركي بعد كل هذا العذاب يا سَبنتي؟!"
لعقت شفتيها بطرف لسانها قبل أن تقول بمرارة"الألم كبير لا يزال حياً جرحه يتجدد كل دقيقة..أنا لا أستطيع تخطيه هل تظن أني أرغب في رمي نفسى داخل بئر من الوجع من أجل المعاندة والمعاناة فقط..إنه أمر يفوق قدرتي على مقاومته يا خالد..."
دس خالد يده تحت ذقنها رافع وجهها إليه لتواجهه ثم قال بخفوت خشن"أخبريني بكل شيء ودعينا نقاومه سوياً..!"
هزت رأسها نفياً بين أصابعه الممسكة بها ثم همست"لا ما عادت هناك نحن تجمعنا .."
أخذ خالد نفساً طويلاً محترقاً ثم قال"دائماً كان هناك نحن،حتى وأنتِ بعيدة عني كان"نحن"حتى وأنا أرتبط بغيرك ظل"نحن"وسأحارب العالم أجمع ليبقى"نحن أبداً حبييتي!"
إغرورقت عينيها بالدموع وهي تقول بنبرة مبحوحة مرتجفة مقاومة إلتصاقه فيها بتخاذل"لا تقل حبيبتي..لا تناديني بأي لفظ تحببي!"
همس بصوت أجش وهو يرفع وجهه أمام شفتيها"لقد إنتظرت طويلاً منذ أن شعرت بكِ أول مرة كصغيرة نضجت وحان وقت قطفها لنفسي...إنتظرت وقت كافي حتى أستطيع قولها..وأحرر مشاعري معكِ كما أرغب..ولن أتوقف الآن..سأذيبك بي،سأعديك إليّ وإن عنى هذا محاربتك عمراً آخر .فأنا أملك كل الصبر"
حركت رأسها بيأس باكية قبل أن تقول بتهكم مرير"كما إنتظرتني حتى أعود إليك طبعاً..مؤكد سأثق بك فأنت تملك دليل قوي للوفاء!"
قال بصبر"وهذا دافع أقوى لأعرف كيف أصل إليك
وكيف لمخلوق حتى إن كان أبى تمكن من إبعادك عني أذكر أن راشد بذاته عندما حاول دفعك عن طريقي لم يغلبك لتلتفي وتعودى ليّ!"
"كنت غبيه"نطقت بقهر
قال"في تصديق أبي نعم!"
دبت قبضتيها على صدره بعنف مكبوت ثم قالت متشجنه"بل في عصى أمر راشد..اللعنة عليك ليتني ما أحببتك؟!"
دفن يده خلف رأسها مرة أخرى مواجه عينيها التي توسعت بصدمة ثم قال بصوت أجش مشحون بجنون العاطفة "كررى آخر كلمة لم أسمعها منك قط يا سَبنتي !"
عضت على شفتيها بقوة وهي تنظر إليه بعينين ضعيفتين.."لا..."
أمسك خالد يدها ووضعها على موضع قلبه مباشرة وهو يقول بنبرة جارحه في عنفه ويقينه وهوسه "أما أنا أخبرك أني لم أحب يوماً سواكِ رغم إنكارى رغم محاولات تهربي هذا العاصى لم يسكنه غيرك أبداً وإكتشفت متأخر جداً أن
الأمر لم يبدأ عند تحورك لأنثى مبهرة .بل منذ أن وضعك راشد بين ذراعى أمي وأنا ربطت فيكِ
تأوه مرة أخرى مكسر كل الحدود محطم كل مقاومته
ثم همس بمشاعر عنيفه وهو يضمها أكثر بين أضلعها رافعها لأعلى بكل سهوله حتى قابل وجهه وجهها
..يا اللهي حبيبتي وكأنك خلقتي خصيصاً لأحلى !"
إهتزت وهي تهمس بنبرة ضائعة"خالد....."
نظر خالد لعينيها طويلاً..لجمال ملامحها لجاذبية تقسيمها ولذلك البريق الذي يتلألأ داخل بنفسج عينيها الذي إشتعل بلمعانها القديمة فجأة عينا سَبنتي كانت تلمعان بالفعل تضويان بطريقة تسلب اللب والقلب.تجعل الزاهد في الملكوت يجن ليسكن فيهما هو لم يكن يبالغ ولم يكن حتى مجرد نظرة من عاشق لمعشوقته بل كانت حقيقة بحته،تلك الحدقتين البنفسجيتين كان بهما سحر مغوي بها براءة وعبث لا يجتمعان ولكنه حقق المعجزة بداخلها هي...
جفنيها كان يتوسعان أكثر الأن بينما يديها المهتزه على صدره تقبض على ذلك الشيء الذي يلفه حول عنقه منذ أربع أعوام..رفعته في محاولة طفولية وضعيفه لتشتيت إنتباهه ولكنها كانت مخطئه تمامًا عندما همست"هذا لي...ضاع مني ليلة إفترقنا....
هدرت أنفاسه وفلت زمام الأمور من يده وهو يحرك كفه ممسكها رافعها لأعلى لتلتف ساقيها حولها خصره بتلقائية صادمة وهي تشعر به يتراجع للوراء حتى حشرها بين باب الغرفة وجسده ثم همس بصوت عنيف"ضاع ووجدته وأعدته إليكِ وبين هذا وذاك نحن لم نفترق ولم نعاني أبداً.."
همست بترجي وعينيها التائهه تلتقط الكلب الذى عاد يترفل بينهم في محاولة مضنيه للتشبث باي تعلق هرب وضعف.....اذ إنها لم تحاول مقاومته بل كلها كان ينحشر فيه حشراً ساحق صدرها اللين على جذعة "خالد..أرجوووووك.......يرأنا "
ابتسم بعدم استيعاب ، قبل ان تتلاقي قبلتهم في لهفة وحاجة وحشية ...و كل شيء ضاع وخُبِئ بعدها داخل الدوامة العنيفه التي إبتلعت كليهما تحت وطأة شفتيه الجائعتين المستكشفتين لملمس يرقات الحرير ...منافسة كفيه التي اجتاحت كل فتنة فيها إجتياحاً...
.............................

انتهى
قراءة سعيدة





Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 11:18 PM   #3558

أحمد نورا

? العضوٌ??? » 470354
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 18
?  نُقآطِيْ » أحمد نورا is on a distinguished road
افتراضي

الحمد لله ان الفصل نزل الواحد يسهر معاه بقا 🥰❤

أحمد نورا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 11:25 PM   #3559

fatma ahmad

? العضوٌ??? » 341296
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 688
?  نُقآطِيْ » fatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond reputefatma ahmad has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 283 ( الأعضاء 80 والزوار 203)
‏fatma ahmad, ‏zezeabedanaby, ‏امي احمد, ‏leria255, ‏Sarah Sarah, ‏Nor BLack, ‏لولو73, ‏رضا الرحمن غايتي, ‏Hoba Nasry, ‏نورا كمال, ‏توتى على, ‏manar.m.j, ‏Samaa Helmi, ‏اسمااء محمد, ‏د/منار منير, ‏aber alhya, ‏Abeer gazal, ‏neno 90, ‏shoagh, ‏Lulu9, ‏dm992, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏soso#123, ‏سيلينان, ‏Enas elmoher, ‏bella vida, ‏أحمد نورا, ‏حبيبيه, ‏hedia1, ‏وسام عبد السميع, ‏Omsama, ‏شيرين الحق, ‏جمان عثمان, ‏Diego Sando, ‏Lobna hanafy, ‏اسما نينا, ‏ندى معتز, ‏Mona M Kheder, ‏frau zahra, ‏Menna23, ‏Norhan1210, ‏Kawt, ‏ملاك وشيطان, ‏هبة الله 4, ‏سـارونة, ‏Dreamdida, ‏k_meri, ‏almoucha, ‏Hoda.alhamwe, ‏mahinor, ‏بشرى ابنتي, ‏رضوى مجدي, ‏Um-ali, ‏الجوزاء●°, ‏nourelhayat233, ‏جنامحمد, ‏Nagat farouk, ‏Noor Alzahraa, ‏om elez, ‏انشكاح, ‏Bata1997, ‏دلال الدلال, ‏Soumeye, ‏خزاعله, ‏mango20103, ‏homsaelsawy, ‏mansou, ‏بوسي تولا, ‏سفيرة العراق, ‏basma asr, ‏حنحون3, ‏MohgaMaher, ‏ام جنى وجنان, ‏نسائم ., ‏قمر صفاء, ‏نورنورالهدى, ‏اجزخنجية, ‏تاج الحسن, ‏Roha15, ‏شيرين الخولي


fatma ahmad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-20, 11:29 PM   #3560

سلمى سعد

? العضوٌ??? » 472767
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 328
?  نُقآطِيْ » سلمى سعد is on a distinguished road
افتراضي شظايا قلوب

استغفر الله العظيم واتوب اليه

سلمى سعد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:29 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.