آخر 10 مشاركات
504-الحب هو الجواب -جينيفر تايلور - قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          507 - الحب أو لا شئ - ناتالي فوكس - ق.ع.د.ن (الكاتـب : * فوفو * - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          368 - رياح الماضي - بيني جوردان ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          [تحميل] هن لباسٌ لكم بقلم ؛¤ّ,¸مــشـآعلـ¸,ّ¤؛ رواية أعادت معنى التميز ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          85- الانتقام الذيذ- دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          235 - دمعتان ووردة - جيسيكا ستيل-كاملة بصورة واضحة (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          تحملت العنا لأجلك يا ولد العم ... الكاتبه : mnoo_gadee (الكاتـب : جرح الذات - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-06-20, 11:03 PM   #3941

basama

? العضوٌ??? » 385098
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 221
?  نُقآطِيْ » basama is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضور فى انتظارك

basama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:06 PM   #3942

Diego Sando

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Diego Sando

? العضوٌ??? » 307181
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,113
?  نُقآطِيْ » Diego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضوووووور

Diego Sando غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:08 PM   #3943

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل التاسع و الثلاثون

رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ ، أحسن الأيام يوم أرجعك .. مَرَّ من بُعدِك ما رَوَّعَني أَتُرى يا حُلْوُ بُعدي روّعك ؟ كم شكوتُ البيْن بالليل إلى مطلع الفجر عسى أن يطلعك .. وبعثتُ الشوقَ في ريح الصَّبا فشكا الحرقة مما استودعك. - أحمد شوقي
..............................


دخل البيت الذي طرد منه منذ أسابيع بكتفين منحنيين وتقدم بحذر شديد حتى لا يجفلها، وجدها هناك كما توقع تفترش سجادتها فجراً تؤدي الفريضة وترفع يديها لأعلى بوجع لا يحتمل تدعو الله بالصبر على ابتلائها...
ركع نضال على ركبتيه بجانبها صامتاً مطرق الرأس مكسور الهامة بينما انعقاد حاجبيه على وجهه المرهق يخبر ألف قصة من شدة الألم...
أجفلت عفاف للحظة قبل أن تلتفت إليه بحدة وهي تهدر دون تردد "أخرج من بيتي, أمرتك سابقاً أن لا تعود.. ما عاد لي ابن يسمى نضال"
ما زال مطرق الرأس يلمس بإبهامه أصابعها وكأنه يسبح لله توسلاً ولكنه قال بعد فترة طويلة بهدوء "إذاً ادعي الله أن يعجل في أخذ أمانته مني فما عاد لولدكِ شيء يعيش من أجله!"
شهقت عفاف وطافت سحابة وجع وحزن على وجهها وهي تهتف بصرامة "إخرس.. دعاءك على نفسك لن يزدني إلا مقتاً وغضباً تجاهك"
قال وهو ما زال مطرق الرأس"أتخافين عليّ يا أمي حتى بعد طردكِ لنا وعدم تقبلكِ لأي شرح لأسبابي؟!"
نظرت إليه بعينيها الغارقتين بالدموع قبل أن ترتكز على كلا كفيها وتوازن جسدها المكتنز ببعض الصعوبة المعتادة ثم وقفت أخيراً و تحركت بعيداً عنه وهي تقول بوهن "أخرج من هنا يا ولدي ولا تعد.. ما عاد لي قدرة على النظر في وجهك"
ظل نضال مكانه لبعض الوقت يستمع لحركتها المضطربة وكأنها مترددة في تركه ودخول غرفتها.. بينما دموعها المنسابة مزقته وجعاً فقال أخيراً بصوت أجش
"الحقيقة أني لم أقابل جوان في المشفى أثناء عملي مع بيت الراوي عندما كان المرحوم ياسر مريضاً.. بل أول مرة تصادمت معها كنت أهددها بإفراغ سلاحي في صدرها دون دية وإبلاغ الشرطة بأنها تطارد الفتاة الصغيرة التي كانت تحت حمايتي.. ولصدمتي أنها رغم رهبتها وانهيارها وقفت أمام سلاحي تصرخ بي أن أرحمها وأقدم لها تلك الخدمة"
أغلقت عفاف عينيها بشدة قبل أن تقول بقسوة "لا أريد أن أعرف عن تلك المرأة الكاذبة المخادعة والمنحلة شيء"
هبّ نضال من مكانه وهو يهدر بصرامة دون سيطرة "جوان ليست منحلة يا أمي.. لم تريّ منها خلال أربعة أعوام كانت تحت قدميكِ وطوع بنانكِ ما يجعلكِ تنعتيها بلفظ جارح وقاسي!"
التفت إليه عفاف وهي تقول صارخة "وماذا أدعوها إذاً وهي لديها ابنة من الخطيئة.. سلمت نفسها لرجل قبلك يا غضنفر زمانك؟!"
شعر نضال بخنجر حاد يشقه لنصفين دون رحمة، إلا أنه هدر مرة أخرى من بين أسنانه "أنا لم أقابل امرأة قط في طهر جوان، أنا وحدي من أعلم وأقدر جيداً أني كنت رجلها الأول وأنها حتى وإن كان لها زلة قبلي.. شرف المرأة لا يقيم بتلك الطريقة يا أمي"
صرخت فيه عفاف وهي تلتفت إليه بغضب "بل يقيم منذ مولدها بكل هفوة منها، تقدر قيمتها بعفتها وهي لم تكن عفيفة أبداً بل مرحت مع آخر وأنجبت منه ابنة بإرادتها وتركتها خلفها.. وكان لها عين أن تقف متبجحة وتوهمني بأنها مغلوبة على أمرها.. تمسكنت حتى تمكنت لدرجة أنك تنازلت عن الضنا من أجلها"
قبضت أصابعه على صدره بقوة قبل أن يقول بقنوط "لقد تم اجبارها ولم تتخلى عنها راضية حتى نعمة الإنجاب كان
"والدها هو السبب في حرمانها منها، إذ أنزله عليها كعقاب دائم لزلتها تلك"
قالت عفاف بقهر "وما ذنبنا نحن في إيوائها وتحمل امرأة مخطئة؟!"
زفر نضال بعنف بينما هواجسه كلها تحرقه حرقاً.. ما كان يريد فتح ماضي قد قتله بصعوبة.. تناساه وإن لم ينساه بأشد الطرق فتكاً... قال أخيراً بخشونة "سترتها رجولتي.. كنت من السلام والتسامح لأتحمل زلة ارتكبتها وهي فتاة لم تكمل عامها السادس عشر بعد.. إنها مجرد بنت تربت في الغرب ضاعت في أعراف مجتمعه المنحل دون أن يرشدها أحد أو أب يحميها.. إن جوان كانت ضحية لعبث شاب نذل يا أمي.."
صمت مبتلعاً الأحجار المسننة التي تشقه شقاً باذلاً مجهوداً جباراً ليكون هو بالذات المجبر لسرد ما فعلته امرأته رغبة في سترها بالنهاية حتى وإن أجبر لتجميل الحقيقة التي ما عاد ينفع إنكارها.. ثم قال أخيراً بصوت أجش "لم يحدث برضاها يا أمي لقد ضلل بها وأوهمها أنها زوجته بموجب عقد عرفي وهي كانت تجهل دينها وبأن أصولها ترجع لبيئة مختلفة وصدقته وحدث ما حدث..."
انعقد لسان عفاف تماماً وهي تحدق فيه بعينين ضائعتين في خيبة أمل وخزي..
تأوه نضال بصوت وحشي خشن ثم ما لبث أن قال بصوت باهت يقطر كرهاً دفيناً لشخص واحد بل ربما اثنان كانا سبباً في دمار جوان للنهاية "لقد عانت كثيراً وثقي بذلك.. في عام زواجنا الذي سبق قدومنا إلى هنا هي نالت مني كفايتها.. مجرد قصها عليّ ما حدث كان يشعل داخلي ناراً لا شيء قادر على تبريدها كما يحدث الآن بالضبط..."
تغاضت عفاف عن رؤية الألم في عينيه الغاليتين وحاولت بكل ما تملك من خيبة رجاء وقهر أن تصم أذنيها عن قهر رجولته ثم قالت بتباعد "ما كان يجب عليك الزواج منها, لقد حايلتك لسنين لتحصل على فتاة صغيرة مناسبة تكمل حياتك معها ولكنك كنت ترفض متحججاً بتربية أخواتك والاطمئنان عليهن حتى تسرب العمر من بين يديك وبالنهاية تتزوج من إمرأة...."
صرخ نضال فيها دون قدرة على تحجيم نفسه "زوجتي امرأة طاهرة لم أرى منها سوء منذ عرفتها.. لم أنل منها ظفر واحد قبل عقدي عليها.. إن كانت منحلة يا أمي ما كانت ترددت في منحي كل رغباتي وإغوائي.. إن جوان طاهرة إمرأة حرة أخطأت وتابت.. فهل نحكم عليها بالقتل، نرفض توبتها التي تقبلها الله... أنا سترتها و غفرت للمرأة التي أحببت... ما حدث قبلي لا يعنيني, حسابي معها منذ اليوم الذي منحتها فيه اسمي"
صمت مرة أخرى مبتلعاً ريقه الجاف قبل أن يقترب من جسدها المهتز في بكاء صامت ثم جلس تحت قدميها وهو يقول "لا أستطيع خسارتكِ يا غالية كما أني أعرف أن كل هذا من وراء قلبكِ.. جوان هي نفس الفتاة التي فتحتِ لها قلبكِ قبل بيتكِ وهي لا تستحق أن تكوني أنتِ الأخرى سكين يذبحها إذ أنها عانت من الجميع ونالت كفايتها.. ابنكِ ليس رجلا مغفلا يا أمي.. ولكن تربيتكِ لي أتت بثمارها بجانب حبي لها لم أستطع أن أقف عاجز وأنا أراها تضيع.. لقد كنت فرصتها الوحيدة"
تراجعت عفاف للوراء وبدنها يهتز ببكاء مكتوم أكثر من ذي قبل ثم جلست على الأريكة تدفن وجهها بين كفيها وهي تتمتم بصوت مختنق: "كلاكما خدعني لماذا الكذب يا ولدي، لما جرحتني في آخر أيامي.. لقد أسكنتها فؤادي وكأنها تربت بين ضلوعي؟!"
اقترب نضال منها ثم أمسك كفيها وهو يقول بمرارة شديدة "لقد أردتُ إعطائها فرصة دون ماضي أسود يلاحقها أينما حلت وكم صدقت يا أمي أنظري ما حدث فور معرفتكِ بالأمر"
قالت عفاف بصوت جارح "وهل تلومني على رد فعلي بعد البشاعة التي سمعت؟!"
أظلمت عيناه بطريقة مخيفة قبل أن يقول "لا ألومكِ فرغم عشقي لها وغفراني لما حدث قبل أن تعرفني بزمن طويل.. طويل جداً، ولكن نار المعرفة لم تترك صدري قط.. نار حارقة تأبى أن ترحمني كرجل شرقي ولكن مراعاة لله فيها أُطفئها كل يوم.. وندمها وعذابها كل ليلة تروض حرقتي قبل أن أدخل هذا البيت وأضمها بين ذراعي لأطيب جروحها الخاصة"
ارتجفت شفتا عفاف تعاطفاً مع ولدها وحزن مما تسمع ثم قالت بتقطع "كنت سترتها ثم تركتها لحال سبيلها, لا شيء يجبرك على تلك العيشة"
هز رأسه بيأس قبل أن يهمس "ألم تسمعي ما قلت؟! ألم تريّ بعينكِ كل هذه الأعوام قوة حبي لها؟ لا أستطيع أماه.. بُعد جوان عني هو حكم وحشي بإخراج قلبي من بين أضلعي لأكمل حياتي كآلة بلا روح"
وضعت عفاف يدها على صدرها تنظر إليه بذهول لا يقل قوة عن صدمتها ليلة سماعها عن سَبنتي.. عيناها المبتلتان بالدموع كانتا حزينتين شاردتين.. كانت وكأنها ضائعة تائهة في إرساء مشاعرها على بر واحد.. ثم همست أخيرا بصوت مهتز "حسناً على الأقل هي مخطئة وليست زانية... أليس كذلك يا ولدي.. أعرف أن الكلمة قاتلة وقاسمة للظهر ولكن أرح فؤاد أمك.. أنجبت الصغيرة بزواج عرفي.. أنا لن أحلل حراماً ولكنه يبقى شيء يحفظ كرامتها وشرفها..."
تسمّر نضال مكانه بينما فمه القاسي ينفرج هادراً بأنفاس رهيبة وكأنه يعاني للشهيق والزفير معرفته بالحقيقة شيء وسماعها من بين شفتي أمه مترجية مجرد ورقة باهتة وحراماً شرعاً بدل ما حدث حقيقة كان شيئاً قاتلا بحق وكأنها تخلع قلبه وروحه بعيداً ثم تعيد وضعهما بطريقة أكثر بشاعة..
هتفت عفاف باختناق "أجبني يا ولدي.. ضحك عليها لصغر سنها ولكن بعقد زواج, جوان تمسكت بأي شيء يمنحها الحلال حتى أمام نفسها ولم تكن مثل بنات الغرب.. صحيح؟!"
أطرق برأسه للأسفل وظهره ينكسر بوجع حتى همس أخيراً بلا حياة "نعم كان زواج عرفي.. واكتشفت سريعاً كذبه وابتعدت عن ذلك الحقير ولكنِ الأوان كان قد فات وحملت في طفلتها ومن هنا فتحت أبواب الجحيم، لقد نالت عذاب وعقاب لم يتوقف لخمسة عشر سنة حتى قابلتني وحميتها.."
لوحت عفاف بكفها بيأس ثم قالت أخيراً "أين هي إذن؟ لماذا لم تأتي معك لأسمع منها ولأنظر لعينيها وأسألها كيف استطاعت خداعي.. كيف قست عليّ كل هذا الوقت؟!"
رفع نضال وجهه أخيراً ينظر إليها بضياع وقهر ثم قال "لا أعرف, آخر مرة رأيتها كانت هنا في هذا المنزل تستمع لإهانتكِ ثم طردت من جنتكِ التي ظنتها"
شهقت عفاف بخوف وهي تقول "كيف لا تعرف.. هل تريد تأنيبي.. المرأة ليس لها أحد غيرنا بعد أن تبرأ منها أبوها وعائلتها لزواجها منك؟!"
قال نضال بأسى "بعد أن خرجت، ذهبت للاطمئنان على ابنتها، وعندما وصلت هناك وجدت سيارتها أمام المشفى، حاولت الاتصال بها والبحث عنها في كل مكان تعرفه ولا تعرفه ولكنها كانت قد اختفت تماماً مكتفية بأن ترسل لي مجرد رسالة باهتة صماء خالية من أي عاطفة "سأذهب بعيداً هذه المرة لأعيد التفكير في حياتي وأرمم نفسي بعيداً عن حياة رسمتها أنت لي ودمرتها أنا بغباء وإما أن أصلح من نفسي وأعود.. أو أفشل كما أتوقع وتوضع النهاية بيننا.. لا تنتظرني"
شهقت عفاف بندم يمزقها وهي تقول: "يا ويلي, وأين ذهبت؟! ليس لها مكان ولا أحد تعرفه وأنت كيف تجلس صامتا ألم تبحث عنها، لماذا لم تبلغ الشرطة لتبحث في المشافي.. ربما تختبئ في عيادتها أو حتى تلك الابنة تأويها؟! لهفة قلبي عليها محدودة العقل والتصرف"
نظر إليها نضال بلوم ثم قال بصوت باهت "كانت لا تستحق منذ دقائق يا أمي.. ما الذي حدث؟!"
قالت عفاف بألم "وجيعتي منك ومنها وصدمتي لا يشفيها شيء.. كنت أتحدث بلسان الوجع.. لكن لا أستطيع أن أتخيل بأن مكروه يصيبها.. جِدها يا ولدي وأعدها لكنفك قبل أن تطالها يد أبيها ويؤذيها كما توعّد!"
أغلق نضال جفنيه المتحجرين ثم همس "ومن أخبركِ أني توقفت يا أمي.. لقد أتيت راكعاً حتى تفهميني ولا تظلي في حقدكِ عليها.. ادعي لها يا أمي ولي بالصبر واللقاء القريب"
**********

"من الأفضل أن تقابليني الآن قبل أن أضطر لأن أدخل لهذا المكان وجذبكِ عنوة"
ابتعدت سَبنتي عن زملائها الجدد وهي تهمس باعتذار خافت مضطرب قبل أن تضغط على الهاتف بأصابع مرتجفة وتنتظر الرد من الصوت الكريه الذي أجابها على الفور ساخراً "اشتقت إليكِ يا ابنة أبيكِ"
ضغطت الهاتف على أذنها وهي تقول بخفوت شرس "من أين أتيت برقم هاتفي؟!"
قال بتلاعب "وكيف لا يحمل الوالد رقم ابنته, كما لا يعرف كل خطواتها أيضاً؟!"
كررت بحدة "ما الذي تريده مني؟!"
بحزم مباشر دون التفاف قال "أنتظركِ بالخارج, إن لنا حديث لم ينتهي.. أريد أن أفهم معنى الكلام الحقير الذي أخبرتني به؟!"
همهمت بصوت مكتوم "أولاً زوجي وأخي الأكبر يعينون حرس يراقبني لذا لن تكون سعيد إن علم كلاهما بأنك تتواصل معي.. إذ أني أعلم عن الإقرار الذي أخذه عمك عليك والذي تضمن تنازلك الكامل عن أموالك ونصيبك في إدارة ذاك المصنع البعيد إن اقتربت من أي فرد من أولاده مجدداً لذا..."
قاطعها غاضباً "أنتِ لستِ من ضمن أفراد عائلته، بل أنتِ آخر شخص يهتم ياسر بمصيره"
قالت بخشونة "أنا زوجة خالد الآن.. لذا رغم أنفك وأنفه أقع تحت بند ذلك التعهد"
قال باستهزاء "أرى أنكِ أصبحتِ أكثر ثقة وتبجح بموقعكِ الجديد مع شاب تزوجكِ للتستر كما أفهمتني!"
"وأرى أنكَ ما زلت بغيضاً تحاول تدمير المتبقي من حياتي"
نفذ صبره وهو يأمرها بوضوح "أنتظركِ أمام البوابة الخلفية للجامعة, تلك التي تقع في الشارع الخلفي بجانب الحديقة الكبرى.. إن لم تأتي يا سَبنتي لن أهتم لأي هراء"
صمت لبرهة قبل أن يضيف ساخراً "تملصي منهم فأنتِ لن تغلبي إن كنتِ ابنتي حقاً"
قبل أن يسمع منها رفض آخر أغلق الهاتف متأكداً أنها لن تستطيع المخاطرة بتجنبه ليس لخوفها منه إذ أنها عكس ما تتوقع يعرفها جيداً ويحفظ عبر مراقبتها من بعيد لسنين تكبر أمام عينيه أنها مطلقاً لن تجازف بتهديد سلام العائلة المكرمة التي تعتقد أنها تخلصت من كلبهم الأسود!!
"مهلًا يا راشد أنت وتابعك الجديد، إن لم أقضي عليكما لن أكون من صلب بلال الراوي.. إن النمر المغرور الغبي يعتقد أن الأر انتهى إلى هنا، سأسمح له بأن يلتف حولها ويهنأ بها من جديد.. حالماً هو إن جعلته ينفرد بامرأتي مجدداً.. فبدور إن لم تكن لي لن تصبح لغيري أبداً حتى وإن تصاعد جنوني لمحوك من الدنيا هذه المرة.. لن أخسر أنا كل شيء وتسلب مني حياتي وأنبذ لتربح أنت بالنهاية كل شيء.. المرأة التي كانت حقاً مطلقاً لي وطفل منها وابنتي فوقهما أيضاً"
رفع عزام نظارته الشمسية يراقبها تتقدم نحوه وهو يستريح على مقدمة السيارة باسترخاء منتصراً، كما توقع رهانه لن يخيب مع الصغيرة التي تعتقد في نفسها المثال الأفضل للتضحية والبطولة.. كما علمت بلهاء أنتِ يا سَبنتي تحرككِ عواطفكِ الضعيفة مقدمة نفسكِ لقمة سهلة يمضغها كل راغب.. كما "أمكِ"..
أظلمت عيناه بلهيب مستعر متأملها من جديد، الشبه لا يقبل الفصال كما أخبرته مرة قديماً.. هي بالفعل حملت من ملامحه هو يستطيع القول أن الدماء نفسها وإن كانت تميزه بالطبع بجمال جوان الصارخ الذي جعلها تختلف كلياً عن السمات المعروفة لبنات الراوي وإن اختلفوا أيضاً في التفاصيل ولكن يظل هناك شيء مشترك من الجينات العائلية يميزهم، رابطهم كأخوة..
"جميلة مثلها.. وغبية ضعيفة عاطفية مثلها أيضاً!"
اهتز صدره بضحكة مستهزئة عند وقوفه على ذكرى جوان بالذات ثم همس بضراوة بصوت لم يتخطى حلقه "كانت صيد سهل وممتع، لن أنكر استمتاعي به لولا أن البلهاء أفسدت كل شيء بحبها المراهق لي بدلاً من أن تنجذب بالمفترض لزوج المستقبل.. هز كتفيه بلامبالاة قبل أن يقول بفم ملتوي "بالنهاية اتضح أن هناك شخص يمكنه أن يحبكِ فعلا ويضحي بنفسه.. فلما لا تكون ابنتها مثلها في العاطفة المستفيضة؟!"
"ما القرف الذي تريد إخباري به؟"
تحرك عزام بكسل واستقام لمواجهتها ثم قال ببطء "ألم يعلمكِ الغالي كيف تتحدثين مع أبيكِ بأدب؟!"
قالت بجمود: "أي غالي تقصد، فكما تعرف اليتيمة ربتها عدة أيادي وأنت تقف كأي نذل تراقبها وهي تشحذ المشاعر من كل غادي ورائح دون أن تتعطف عليها وتضمها كأخت حتى؟!"
قال باقتضاب: "تعلمين جيداً من أقصد"
أخذت نفساً طويلاً علامة على محاولتها التحلي بالصبر ثم قالت ببرود "أاااه أبي راشد هل هو من تشير إليه.. حسناً إن كنت تقصده فاطمئن أنا أجيد التحاور معه كأي ابنة مطيعة محبة يفترض أن أكون عليها"
تشققت عيناه بالغل كما البغض الذي احتل قسماته لم يكن شيء غير متوقع لها.. سمعته بجليد تام وهو يقول بصوتِ ضاري "ابنة سرقها كما أخذ كل شيء مني"
قالت بهدوء: "وما الذي سلبه منك راشد تحديداً بعيداً عني وهوسك ببدور.. لطالما كان لديّ فضول أن أعرف؟!"
ارتبك للحظة من سؤالها غير المتوقع، ولكنه تمالك نفسه سريعا وهو يقول ببغض: "فعل الكثير منذ أن ولد قبلي ونَصّبَ نفسه كورقة يانصيب يربح كل شيء بسهولة، متقدماً الجميع، وحجبني في الخلف دائماً"
لم تهتم وهي تقول كمن يحدث طفل "هل تصدق الهراء الذي تتفوه به حقاً؟؟ ألا تدرك تاريخك الحافل المخزي الذي أجبر والدك على أن ينفرك من رعايته بالأساس؟!"
قال بغيظ "أنتِ لا تعرفي شيئاً"
ردت سريعا ببرود "بما أني أحد ضحاياك فأنا أعرف بالفعل كل شيء.."
سريعا كان يغير الحوار الذي يعجز فيه عن إجابتها أو إقناعها بأسباب هو نفسه يجهلها.. ربما هو يحب بدور لدرجة الهوس كما قالت بل ربما هذه هي الحقيقة الوحيدة الثابتة في حياته، إلا أنه أيضاً على يقين أنه يبغض أخاه الأكبر، يكرهه ويتمنى له كل الأسوأ كما لم يكره أو يحقد على أي بشر مطلقاً والأسباب إنها حقاً معتمة ضبابية فقط حقده كان يتعاظم ضده منذ الطفولة عام وراء الآخر رغم عدم تفريق أبيه بينهما أبداً... إلى أن جاءت النهاية الحاسمة التي جعلته يتمنى محوه من الحياة كلها، ليس تخليه عن مساندته ومناصرة جوان بل وشحن والديه ضده فقط بل لأنه تقبل منحة محبوبته هو وبادلها الغرام ثم حصل منها على كل المشاعر التي ضنت أن تمنحه منها ولو شيء واحد زهيد حتى ولو من باب الشفقة على عاشق لم يرى من النساء سواها منذ أن كانت مجرد طفلة شرسة شعثة تلاحقه هو في كل مكان دون أن ينظر إليها ولو عطفاً حتى عكسه هو عزام..!
"ما معنى الغباء الذي تفوهتِ به في المرة السابقة؟ هل تعلمين كيف جعلتني أشعر؟!"
قال عزام بغضب وهو يقترب منها غير مبالي بنظرات بعض الطلبة الذي التفتوا إليهما بتوجس عندما سحبها من ذراعها وهمّت هي بمقاومته "اتركني.. سأخبر حارسي دون أن أهتم بما قد يحدث لك"
لم يبالي عندما قال بغضب "أجيبي ولا تلتفتي"
هتفت بغضب "وهل مثلك يشعر أو يهتم بما ألمّ بي؟!"
ضحك عزام بعصبية مفرطة قبل أن يقول بصدق بدا غريب لأذنيها "نعم.. نعم أهتم لأي مكروه يصيبكِ، قد أكون الأب النذل الحقير الذي ضحى بكِ.. إلا أني قد أقتل من يمس شعرة منكِ, أتفهمين؟!"
اهتزت حدقتيها وهي تحدق داخل عينيه بدهشة وبدأت.. بدأت تتأثر بكلماته فعلاً لذا استغل تلك الثغرة وهو يقول بصوت أجش "لقد أخبرتكِ قبلاً وها أنا أكررها.. أنا لا أكرهكِ يا سَبنتي.. شئت أم أبيت فأنتِ ابنتي"
هزت رأسها رفضاً وسكن جسدها المقاوم عن الحركة.. ثم قالت بخفوت "أنا ابنة بلال الراوي اسماً.. وقلباً وروحاً ودماً أيضاً ابنة راشد الراوي لا غيره"
غضبه الذي تصاعد لم يكن شيء غير متوقع كما غله وحقده وهو يقول بشرٍ من بين أسنانه مقتضباً "غبية وستظلين.."
"أفضل أن أكون غبية على أن أشعر نحوك بأي شعور يا عزام، بصراحة أنت لا تملك بداخلي إلا كل بغض رغم أنني لم أكره إنسان في حياتي حتى وإن آذاني دون ذنب فعلته.. ولكنك تختلف يا أبي لأنك سر وجودي وعذابي.. أكرهك!"
لم تفهمه حقاً, أصبحت تعجز عن ملاحقة أفكاره وطرقه الخبيثة التي يستخدمها معها عندما رفع يده يمسد على وجنتها بحنان وهو يهمس "لقد نطقتِ
أبي.. في قرارة نفسكِ أنت تعلمين بأحقيتي بكِ"
نفضت سَبنتي يده قرفاً وقلقاً وهي تنظر لأبواب الجامعة ثم قالت بحدة "هل تريد أن تسيء لسمعتي في أول يوم لي هنا؟!"
عقد حاجبيه بغيظ ثم قال بوجوم "أنتِ أختي قانوناً.. وابنتي شرعاً!"
هتفت بحنق "لا أحد يعلم بصلتك المريعة بي.. خالد شخصياً رفضت أن أجعله يظهر معي.. انصرف ولا تعد.. أخرج من حياتي فمشاكلي تكفيني.."
أمسك ذراعها بحدة قبل أن يقول غضباً "خالد.. خالد.. كُفّي عن بلاهتكِ.. إلى متى ستظلين تلاحقين شاب لا يراكِ يا معدومة الكرامة؟!"
قالت من بين أسنانها "أنا لست معدومة الكرامة وقد أوضحت لك سبب تضحيته العظيمة في الزواج مني"
نظر إليها صامتا للحظات قبل أن يقول بدون مقدمات "مشكلتكِ أنكِ تستخفين بي كثيراً, تتناسين أني كنت أحد رجال إمبراطورية الراوي لوقت طويل لذا خدعتكِ الخائبة تلك لم تقنعني لأسباب عِدة أولها تحفظ زوجكِ عليهم في مكان يملكه، وثانيهم عقد راشد صفقة محكمة بعد انتقامه وتلاعبه بشركات ذويهم.. كما أنكِ خرجتِ وتمارسين حياتك ِبطبيعية لذا أنا متأكد أنه لم يحدث شيء كما حاولتِ إيهامي"
ظلت تنظر له للحظات بقنوط.. تحدق به بألم.. ثم قالت أخيراً بهدوء "ألا تعد محاولة إذلالهم لي بعد سحقي تحت أقدامهم، أمراً جللاً ومريعاً؟!"
قال بخشونة "هو كذلك.. ولكن هل تظنين أن هذا يستدعي خضوعكِ لمخططهم واستخدامكِ كهدية يتبادلونها بينهم؟!"
نظرت إليه بقهر شاعرة بجفاف حلقها وهي تقول ببهوت "أخبرتك أن زواجي من خالد كان أمر متوقع حدوثه.. إذ أنني وهو...."
قاطعها ساخراً "هل تصدقين فعلا إنه يحبكِ؟؟ أيراكِ أصلاً؟ فالشاب ارتبط بغيركِ في غيابكِ وإن لم تعودي ما كان إلتفت إليكِ أصلاً.. أنتِ مجرد لعبة رغبها فارسهم ليتسلى فقط لبعض الوقت"
اغرورقت عيناها بالدموع فبرغم خبث أفكاره التي يحاول بثها فيها لكنه أصاب كبد هواجسها..
تركها عزام وتحرك نحو سيارته يجلب جريدة من هناك قلب صفحاتها سريعاً ثم لوح بها أمامها وهو يقول بلوم "انظري ها هو خبر انفصاله عن حبيبته بعد قصة عشقهما التي استمرت لسنوات تتصدر الصحف وخمني ما السبب الذي كتب؟!"
شحبت ملامح سَبنتي بقسوة وهي تنظر إليه بتوتر ثم أخفضت عيناها تنظر للخبر الذي احتل نصف صفحة كبيرة "قطبيّ آل الراوي يعودان للتشاحن من جديد مع توقع بعودتهما لبعضهما وتحت هذا الخبر تحقيق لمست فيه بعض السخرية مع صورة واضحة ملونة لراشد وبدور يتجاوران بأحد المؤتمرات الخاصة برجال الأعمال.. جرت عيناها على الأسطر لتتجمد برهبة وهي تقرأ ما قال عنه خبر انفصال خالد عن لانا "الحزين للأوساط التي تترقب زفافهم القريب.. بينما السر الذي يحاولون إخفائه أن خالد تخلى عن الأخيرة لصالح ارتباط قريب بشقيقة راشد الراوي وكريمة عمه"
هتفت بصوت مختنق بائس "هذا.. هذا كذب هي من تركته.. أنا لم أجبرهما على شيء"
ضحك باستهزاء وهو يقول بتلكؤ "حقاً.. هل تخدعيني أنا أم تخدعين نفسكِ؟!"
همست من بين دموعها "اغرب من هنا، لا أريد رؤيتك ولا أهتم بوجهة نظرك أو غيرك"
رفع عزام حاجبيه وهو يقول "لن أفعل.. إذ أني شعرت بمسؤوليتي تجاهكِ أخيراً يا حبيبة والدكِ.. ولن أسمح لهم أن يحولوكِ لفتاة سيئة تفسد العلاقات وتخطف خطيب أخرى"
هتفت بتهكم مرير "وأنت سيد من يعرف كيف الشعور باتهام كهذا إذ أنك لم تحاول مطلقاً إفساد زواج شقيقك والطمع في زوجته!"
محاولة لاختبار صبره كانت يستحق جائزة عليها وهو يقول متجنباً اتهامها اللاذع "ولأني أعرف, فقد قررت استردادكِ منهم، وسأذهب إلى من أسركِ طويلاً وحرمني من ولائكِ مطالباً بأخذكِ لتعيشي معي"
رغم الصدمة التي استوطنت حدقتيها هتفت "هل تظن بأني مجرد صندوق أمانات تركته عند أخيك وبسهولة تنوي إستعادته؟!"
امتعض وهو يقول بلا اهتمام "إن أردتِ تشبيه نفسكِ بصندوق.. نعم فأنتِ كذلك و لن أسمح له أن يفوز بكل شيء حتى ابنتي بينما أنا أنفى لأعيش وحيداً"
همست بشك: "هل جننت أخيراً أم فقط يغويك إفساد المتبقي مني؟!"
قال بثبات "لا رغبة لي في دمارك يا سَبنتي، بل أريد استعادة ابنتي"
قالت باختناق "كاذب.. وأنا لن أبقى دقيقة واحدة لأستمع لهرائك"
التفت تاركة إياه في نية واضحة لأنها لن تخضع أبداً مرة أخرى لملاحقته.. إلا أنه اندفع مرة أخرى يجذبها من ساعدها بعنف مديرها إليه ثم قال بصوت بدا كالخرير الهادر الذي يكتسح كل ما أمامه دون رحمة "ستختارينني رغم أنفكِ وبإرادتكِ ستقفين في وجهه لتعلني عن رغبتكِ في الانتماء لأبيكِ وإلا...."
طرقع بلسانه تاركاً جملته معلقه أمام نظراتها المرتعبة.. ألحت وهي تسأله من بين أنفاسها "وإلا ماذا؟ هات آخر ما عندك"
ابتسم بقماءة وهو ينطق بغل شديد "وإلا سأخرج الدليل القاطع بأبوتي لكِ مخبراً العالم أجمع عن أخي وأبي الوحشين اللذين حرماني من محبوبتي وطفلتها جبراً خوفاً على سمعتهما في السوق الأعمال!"
لهثت من فرط الانفعال وهي تقول: "لن تجرؤ"
قال باستخفاف "جربيني صغيرتي.. فأنا خسرت كل شيء بالفعل، ولم يتبقى لي ما أخاف عليه"
ارتعشت أوصالها وهي تقول "ستدمرني أنا قبلهم"
احتل ملامحه وجه شيطاني بشع وهو يقول بصوت منفر "سأدمره هو وزوجكِ.. أما أنتِ ستعودين لي بالنهاية"
توقفت أنفاسها داخل رئتيها غير مصدقة إلى أين وصل به غله وقباحة روحه.. إلا أنها قالت أخيرا بنبرة غريبة "لطالما حيرتني تركيبتك محاولةً تبرير أي من تصرفاتك وتماديك في غيك.. إلا أنني أجدني في هذه اللحظة أقر بأنك مجرد روح خبيثة غلبها شيطانها ولا تحتاج لأي حجة لتبرر قذارتك سوى أنك ببساطة عميت عيناك عن الحق وطغى جانبك المظلم بسواده عن أي بقعة ضوء فطرية بداخلك.. حقاً حتى شعوري تجاهك بالشفقة سابقاً تبخر يا عزام وبغير عودة!"
**********

يتبع الأن
:heeheeh::heeheeh::heeheeh::heeheeh::7R_001::7R_00 1::7R_001::7R_001::7R_001:



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 15-06-20 الساعة 11:25 PM
Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:14 PM   #3944

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع الفصل التاسع والثلاثون

..................................................



"ماذا تظن نفسك فاعلا؟!"
كان راشد يقف داخل الحديقة وهو يتابع العمال الذين ينقلون غرفة نوم جديدة كان قد اختارها بنفسه وأتى بها...
نظر إليها بهدوء مستفز ثم قال: "هذا أغبى سؤال على الإطلاق، الحدث الحالي قيد التنفيذ بالفعل!"
رفعت حاجبيها بترفع ثم قالت ببرود "هدية غير مقبولة، كيف تسمح لنفسك باختيار شيئاً خاصاً كهذا وتأتي به دون العودة لي؟!"
انحنى يلتقط إياب الذي اندفع إليه مهللاً لوجوده كالعادة ثم قال بهدوء: "أخطأتِ الفهم.. لقد أخبرتكِ مراراً أن العالم لا يدور في رحى الطاووس، هذا من أجل راحة ابني لا أنتِ, وهو من اختاره بالمناسبة.. أليس صحيح يا بطل؟!"
ضحك إياب لمناغشته عندما عضه بمزاح أسفل رأسه ثم قال "إنه جميل يا بدور.. لقد قال بابا أن علينا منحكِ تعويضًا بعد فعلتي وآراني الصورة وأنا قبلت بها"
جزّت على أسنانها بنفاذ صبر وهي تقول "بابا أمر وأنت قبلت.. فما هو موقعي هنا تحديداً؟!"
قال راشد بهدوء عندما أنزل ابنه أرضاً "لا تثيري مشكلة.. الأمر لا يستحق يا بدور.. أنتِ بالفعل كنتِ تحتاجين لفراش جديد وها هو توفر, فما هي مشكلتكِ؟!"
قالت بعبوس: "فراش وليس غرفة كاملة لا تناسب ذوقي"
"أنتِ لم تريها بعد"
قالت بصقيع "لا أحتاج.. أعرف جيداً أن ذوقانا مختلفان كالسماء والأرض"
قال دونما اهتمام وهو يبعد عينيه عنها "أعجبت إياب"
قالت بدور دون مقدمات "كما توقعت أنت تستغل إياب لتفعل كل ما تهواه نفسك.. اعتقدت أننا اتفقنا على إبعاده تمامًا عن أمورنا الشخصية"
لم يرد عليها راشد على الفور بل ظل مكانه يتابع العمال الذين أوشكوا على الانتهاء إلا أنه قال أخيراً بصوت خافت له نبرة غريبة "إن أردتُ استغلاله لكنت عدت إليكِ باكراً, أضغط عليكِ وأساومك به أو على الأقل كنت تمسكت بشرط أبيكِ وأعدتكِ لعصمتي رغماً عنكِ.."
رفعت جفنيها تحدق في جانب وجهه القاتم بإحساسه.. ثم قالت بثبات "ما كنت لأسمح لك... لست أنا من يُلوى ذراعها"
رأت عضلة في فكه تشتد قبل أن ينظر إليها بحدقتين شابهما ظلام منتصف الليل ثم قال بنبرة خافتة واثقة "لم يكن وضعكِ آنذاك يمنحكِ الكثير من الخيارات.. بل كنتِ وافقتِ يا بدور ولربما إن ضغطت عليكِ بخسة أكبر لكنتِ بنفسكِ رجوتني لأقبل بكِ"
أظلمت عيناها العاصفتان وتعمقت بشكل مقلق.. ثم همست بقسوة "أنت خسيس بالفعل فلا تظن في نفسك غير هذا لمجرد أنك لم تلجأ لهذا الطريق.. إذ أنك فعلت ما هو أسوأ في محوي من حياة ابني انتقاماً"
زم راشد شفتيه بقسوة.. ولكنه لم يفقد أعصابه عندما قال بجمود "لم أفعلها انتقاماً.. ولن أناقش معكِ أمر كهذا هنا وأمام هذا الكم من الغرباء"
قالت بحدة جليدية "ومن أخبرك أني أريد حديث بالأساس, كل مبرراتك عقيمة ولن تطفئ النار المشتعلة في قلبي منذ سنين حتى أصبحت جزءاً مني إن خبي سأفقد نفسي"
ساوى كتفيه ثم استدار بعيداً عنها وهو يقول ببرود "كما ترغبين.. هذا اختياركِ بالنهاية"
لمعت عيناها وأوشكت على قول شيء جارح ولكن ابنها الذي نظر إليهما بشيء كالخيبة جعلها تصمت وهو يقول "لا تتشاجرا.. هذا يزعجني"
وضعت بدور ابتسامة جميلة على شفتيها كلفتها الكثير ثم قالت "نحن لا نريد إزعاجك حبيبي, إنه أمر خاص بالعمل.."
قال إياب وهو يضع كلا كفيه في جيب بنطاله، ووقف ناصباً ظهره بتعجرف جعلها ترفع حاجبيها دهشة إذ أنه طابق حركات وتصرفات أبيه حد التناسخ في هذه اللحظة "بابا قال لا مزيد من العمل اليوم.. نحن سنأخذ عطلة أنا وهو وماما.. سيأخذني لنرى الخيل خاصتي.. هل تعلمين بأني أملك حصان خاص بي ويحمل اسمي؟!"
أغمضت بدور جفنيها بقوة تعتصرهما بألم مقاومة أن لا ترتفع يدها إلى قلبها النازف ليرتاح عليه وتربت وجعه، مانعة هديره العنيف من ضخ مزيد من الحزن داخل أضلعها.. ثم همست بصوت شديد الخصوصية "ابن حرة.. آه حبيبتي التي قتلت غدراً يوم مولدك أنت!"
سمعت صوت راشد الأجش يخبرها "لم يكن هناك حل آخر يا بدور بعد أن لوثت بتلك الجرثومة بجانب تعسرها في الولادة.. ليتني ملكت حل آخر غير هذا بعد أن حطمت عزتها وشيمها"
أطرقت برأسها ولكم تمنت الصراخ حتى ينضب آخر أنفاسها علها ترتاح.. عل هذا الألم يشفى بداخلها...
تمتمت أخيراً متحكمة في مشاعرها من أجل صغيرها الذي ينظر إليها بقلق "نعم حبيبي، أعلم لقد منحته الاسم بنفسي..."
تهللت أسارير إياب وهو يندفع إليها وقال "إذن أنتِ تعرفينه، كيف هو شكله؟ هل هو كبير جداً وضخم؟ ما هو لونه؟ أريده يشبه الطاووس"
ضحكت بأسى وهي ترفعه بين يديها ثم قالت "الطاووس لا يروض حبيبي، إنه طائر نادر في جماله ومن غير الممكن إيجاد خيل يشبهه"
عقد حاجبيه بخيبة قبل أن يقول "لقد وعدني بابا أن أقابل طاووسي هنا ولكني لم أجده أيضاً ولا حديقته السحرية.. إن هذا محبط يا بدور"
اهتزت ابتسامة أخرى على وجهها ثم قالت "نعم محبط جداً، ليته في مقدرتي منحك ما ترنو إليه وتقابل طاووسك هذا.. كم أتمنى أن يعود الزمن يا إياب لكنت أبقيت على طاووسك دون أن تحطمه أحقاده وعمى قلبه.."
"إذاً هل تأتين معنا.. إياب يرغب في زيارة المزرعة منذ وقت ولكن الشركة لم تتح لي تحقيق أمنيته.."
هزت رأسها دون تردد "لا.. لن أستطيع.. فأنا.. أنا قطعت وعداً لنفسي أن لا أدخل ذلك المكان أبداً"
تنهد راشد بقوة تضاعف لها حجم عضلاته المصقولة ثم قال أخيراً بصراحة دون إلتفاف "ولكنكِ تذهبين يا بدور منذ ثلاثة أعوام بانتظام أسبوعي تراعين الميراس وسميتِ ابنهما بنفسكِ.."
هتفت بعنفوان غاضب رافضة أن يكشفها مخلوق وينال منها "هذا غير صحيح بالمرة.."
قال بهدوء "لم أعهدكِ كاذبة.. ربما متهورة مجنونة ولكن ليس الكذب.."
بهتت ملامحها قبل أن تقول بصوت متداعي "من أخبرك؟!"
"السائس.. عندما عدت ذهبت للمزرعة مباشرة إذ أني كنت أفتقد الخيل بشكل جنوني"
"كما كنت أموت حسرة في افتقادك" همسها بعقله وقلبه ولكنه لم يبح بها إذ أكمل بهدوء "وعندما كنت أتفقد الجياد أخبرني بأنكِ تذهبين إلى هناك بانتظام.. وأنكِ منحتِ ابن حرة والميراس اسماً أخيراً.. إذ أني لم أفعل!"
ساد الصمت بينهما بينما شعرت بدور بنسمات خفيفة تلفح جسدها الفارع لفحاً مبرداً بعضاً من انفجارها الذي جعلها على حافة الانهيار... حتى قال راشد أخيراً بصوت أجش "تعالي بصحبة إياب.. الطبيب النفسي نصحنا بقضاء أكبر وقت معه، خاصة النشاطات الأسرية حتى يتعمق الرابط بينكما.."
لم تستطع مداراة القلق على ملامحها.. بينما إياب يزيد في ضمها يمنحها قبلة تتبعها أخرى وهو يحايلها غير راحمها "أريدكِ أنتِ يا بدور أن تصحبيني على ظهر حصاني.. لا ترفضي.. ألستُ أنا صديقكِ المفضل؟!"
"هذا ليس عدلاً... ليس منصفاً بالمرة!"
قال راشد بصوت رخيم مسيطر "حققي لابنكِ رغبته ولكِ كلمتي بأن لا أضغط عليكِ بأي طريقة أو أزعجكِ.. بل سأترك لكِ مساحة كافية معه"
لم تمنحه إجابة فورية.. بل ظلت تحدق في ولدها بتردد شديد حتى قالت أخيراً بصوتٍ متداعي "لم لا.. أنا أفتقد الجياد يا إياب على كل حال!"
********
قبل أن تصعد بدور السيارة ذات الدفع الرباعي بجانب راشد.. كانت تراقب هبوط سَبنتي من إحدى السيارات التي يأمنها حارس وسائق نزولا عند رغبة زوجها وراشد.. شاهدتها كيف اندفعت كالإعصار مقطوعة الأنفاس وجزعة الملامح، وهي تندفع تزج نفسها عنوة بين أحضان راشد الذي فوجئ من رد فعلها ضاحكاً وهو يقول "مهلاً بقة.. عنفوانكِ سيتسبب في سقوطي!"
حاوطت خصره بذراعيها وهي تهمس بخشونة "لن أسمح بذلك، لن يكون الضرر مني"
عقد حاجبيه وهو ينظر إلى رأسها بتوجس ثم قال وهو يتطلع أمامه هناك "هل أنتِ بخير؟!"
"وكأن السنوات لم تمر.. وكأن كل محاولتك لستر سري لم تكن" همست بقلبها القانط بتعب ولكنها هزت رأسها موافقة وهي تهمس بخفوت موجع "أفتقدك فقط.. هل يمكنك اصطحابي معك.. لا أريد أن أجلس هنا ليومِ آخر بعد"
أبعدها ممسكاً كتفيها بيده محدقاً فيها بتقييم وكأنه يريد اختراق ما تخفيه وراء استكانتها ثم قال بهدوء "كنت أنوي المرور عليكِ كما أخبرتكِ صباحاً إذ أني أرغب بالحديث معكِ وشيماء"
ابتلعت ريقها وهي تقول بخفوت "جيد وصلت في وقتي، أين شوشو؟!"
أشار نحو الكرسي الخلفي بعينيه وقبل أن يقول شيء كانت تندفع تاركة إياه وفتحت الباب مستقلة مقعدًا بجانب رفيقتها وأسندت رأسها المثقل هناك على كتفها دون أن تتفوه بحرف... أمالت شيماء بوجهها تسنده فوق رأسها بصمت تام أيضاً إذ أن كلتاهما لم تحتاجا للشرح يوماً والنطق بكلمة: "أحتاجكِ صديقتي"
لتفهمها الشديد والشعور ببعضهما في أشد حالاتهما ضعفاً... همست شيماء أمام عينيّ راشد وبدور المتعجبة من حالتهما: "بعض الدواء مُر ولكنه فعال يا بقة.. كل شيء سيصبح بخير بعد زوال علقمه"
"لا أظن.. لا وجود للأمل أبداً, فالماضي بكل قباحته يصر على ملاحقتنا وجذبنا لنقطته الرمادية"
***********
"وااااااااو..."
كان هذا أول رد فعل تفوه به ابنها الذي ألبسته ملابس الفروسية الخاصة التي كانت قد ابتاعتها له كالعديد من الأطقم في غيابه دون حتى أن تعرف حجمه أو وزنه كانت تعتمد على فطرة أمومتها فقط.. وكم ناسبه البنطال البني الغامق ذو الحجر الأسود الجلدي متوافقاً مع قميص من اللون الأبيض وقبعة من نفس لون العصا الرفيعة... وقفت بدور على باب الإسطبل تراقب ابنها بابتسامة حنونة يتنقل ممسكاً بيد أبيه من الناحية الأخرى حتى نطق أخيراً بانبهار أمام الميراس ذو اللون الأسود الفاحم كليل طويل دون قمر يضيئه يقف على قوائمه بشموخ رافع رأسه لأعلى بإباء لا يقبل الخضوع... "أريد هذا بابا!"
رفعه راشد لأعلى على كتفيه ثم قال بجدية "ما زلت صغيراً.. والميراس يصعب السيطرة عليه.. يجب أن تتعلم أولاً كيف تنشئ لغة خاصة بين الفارس وجياده.. وبعدها يمكنك المحاولة معه.."
"أليس إياب صغير على كلامك المنمق الذي تضخه في أذنيه باستمرار؟!"
التفت إليها راشد وقال بتلك النبرة الحاسمة المسيطرة "لا أحد صغير على التعلم، إن نقش المبادئ والقيم بداخله في هذا السن هو ما سيصقل شخصيته في الكبر.. لا أريد لإياب أن يكبر على الدلال أو خفة العقل كونه طفل وحيد.."
قالت بفتور "أنا أخبرك فقط أن نصف كلامك لا يستوعبه"
قال بنفس الفتور "سينضج يوماً ويتذكر كل ما أخبرته به ويفهمه"
هزت كتفيها دون أن ترد علامة على موافقته إذ أنها تعلم جيداً أن طريقة راشد الفريدة في تنشئة ابنهما ناجحة بقوة بل لن تنكر شعورها بالفخر بما شكل عليه ابنها في سنه الصغير هذا...
"ها هو يا بطل.. إياب الخاص بإياب الراوي"
توسعت عينا ابنها بانبهار أشد بينما أنزله أبيه و تركه في المساحة الآمنة ثم فتح الباب ليتوجه مع الحصان الذي أخذ يصهل في وجهه رافضاً... تقدم السائس يقول "هل تريد مني إخراجه يا بك.. اعذرني في ما أقول ولكن رغم أن إياب ولد مروض بالفعل ولكنه عنيد ولا يخضع للغرباء"
رفع راشد حاجبيه ينظر للسائس المسكين بصرامة فطرية فعدل الرجل ما قاله سريعا "قصدت أنه لم يأخذ على سيادتك بعد.. ربما السيدة تستطيع المساعدة إذ أنه يعرفها.."
نظر إليها راشد بعينين متلاعبتين دون أن يعلق.. لم تفهم مغزاه جيداً أو ربما هي تجنبت المعنى عندما تقدمت بأناقة وتمهل راقي بظهرها المنتصب المفرود دائماً، ثم تقدمته وهي تمسك يد إياب الذي مشى خلفها.. فور أن رآها الحصان هدأت كل انفعالاته... مدت يدها تمسد على شعره الكثيف بلونه العسلي القاتم.. ثم تابعت على ظهره بلونه الأسود وهي تهمس له بطريقة عاشقة تغازل محبوبها: "اشتقت إليك حبيبي!"
أشار راشد للراجل أن ينصرف ثم أعاد عينيه لتأمل المشهد أمامه مشدوهاً ومفتوناً بتحركها السلس.. حتى اطمئن لها الحصان متقبلا رفعها للصغير الذي شجعته أن يمد كفه الرقيقة ويلمس بين عيني الحصان..
"لم يقاوم جمالكِ إذاً حتى هو وقع في أسركِ!"
أسبلت جفنيها وهي تقول ببرود "بل وقع في وفائي.."
قال بهدوء صارم "وفاء كانت تحتاجه حرة منكِ قبل موتها.. إذ أنكِ تعاملتِ معها بإهمال شديد حتى ضيعتيها.. ثم بكيت أطلالها وأنتِ تعضين أصابعكِ ندماً!"
ظلت صامتة بضعة لحظات قبل أن تقول "كانت تميمة حزينة ورمز لقصة بشعة مضللة لم تستطع نفسي احتمال تذكرها عندما أنظر إليها وأقر بكم ساذجتها.."
شعرت بتنهيدة حارة تلفح عنقها ومؤخرة رأسها وبجذعه القريب يهدد سلامها.. عندما قال بصوت أجش"لم تكن ضلالاً بل كانت حقيقية جداً كفاكِ إنكار.. إنها تميمة خسرها كلينا بأبشع الطرق ودفنت معها نهاية القصة بشكل غير عادل يا سنونو.."
"راشد أرجوك.. دعنا فيما أتينا من أجله حتى أعود للمدينة قبل أن يحل الظلام"
تقبل رغبتها على مضض وهو يتحرك جالباً السرج ليضعه على ظهر الحصان وهو يقول بخفوت "علمت بأنكِ تصعدين من حين لآخر على ظهر الميراس.. فأصبح يمنحكِ ولائه"
قالت باقتضاب وهي مستمرة في تحريك أصابعها مع إياب على سَمِيِّهُ تبثه الاطمئنان "هو كذلك.. لم أجد حل آخر بعد أن خرجت من المصحة.. أعني ذلك المكان وعدت لحياتي ببطء... كان عفيفي يطلبني بإصرار ويصر أني وحدي القادرة على منح الميراس ما يحتاجه بعد سفرك أنت..."
احترق قلبه عندما ذكرت تلك الفترة التي كان يجهلها كليًا شاعراً بقهر يكسر أضلعه ولكنه قال بهدوء "هل هذا السبب الوحيد يا بدور؟!"
أطرقت بوجهها للحظة قبل أن تقول بخفوت جريح "لا.. لقد كنت أبحث عن أي أمل.. أي أمر أجد فيه رائحة ابني وحرة.. وقتها كنت أجهل السبب لفعلي هذا، ولكن بطريقةِ ما ترددي إلى هنا منحني بعض من السلوى التي أحتاجها.."
فور أن فرغ من مهمته كان يقترب منها.. يرفع بأصابعه ذقنها لتواجهه ثم قال بنبرة مزمجرة جعلت كلها يتزاحم ويتلاطم بطريقة غير صحية إطلاقاً "أنتِ كتاب يصعب قراءة طلاسمه.. امرأة معقدة في خيوطها.. كل لحظة أبتعد وأعود فيها إليكِ أجدني لم أترجم ألغازكِ بما يليق بكِ!"
أبعدت يده عنها بحدة صارمة ثم قالت "ولن تفهمها أبداً.. هل ركزت في إياب وتوقفت عن أفعالك الخبيثة إذ أني عكسك تمامًا أفهمك جيداً؟!"
راقبها وهي ترفع إياب على ظهر الحصان أخيراً غير مبالية لأن تسمع منه إجابة "هلا صعدتِ معي.. أنا خائف.."
قالت بدور بهدوء "أنا سأسندك وبابا سيقوده بنفسه لا تقلق وتخيل نفسك في أحد أراجيح الملاهي.."
أشارت لراشد الذي تحرك بالفعل خارجين نحو الفضاء الفسيح بين النخيل العالي والمساحات الواسعة المثمرة.. خيم الصمت للحظات.. كلاهما يدعي انشغاله في تأمين ابنهما.. حتى قال راشد أخيراً "لقد علمت بأن الميراس رفض محاولات البيطري والعاملين بأن يجد خليلة أخرى!"
نظرت إليه بدور بتوتر واحمرار طفيف يزحف على وجنتيها الأنيقتين ثم قالت "آه.. نعم لقد قال عم عفيفي أنه يرفض أي فرس أخرى بعد حرة.. وأنه قلق إذ أن هذا غير طبيعي!"
أومأ راشد ببطء وهو ينظر إليها بطريقة غير مفهومة حتى قال أخيراً بصوت بدا كهدير الشلالات رغم هدوئه "سلالته لم يطلق عليها سيد الجياد عبثًا.. إذ أنه قد يجرب مرة أو اثنتان التزاوج مع الخيل حتى يجد ما تليق بجموحه وحينها فقط عندما يتذوق حسنها وطيب سلالتها تعف نفسه عن غيرها.. ويظل على إخلاصه حتى وإن غادرته هي!"
ابتلعت ريقها بينما قلبها يرجف رجفاً داخل أضلعها.. وكم تمنت في هذه اللحظة قصفه بجملة انتقامية تحطم فيها أمله وتعذب روحه.. ولكن شيء كبير بداخلها حال بينها وبين رؤية عذابه مرة أخرى...
قاطع إياب تواصلهما وهو يقول بصوت موشك على البكاء رعباً "احملني بابا.. أنا خائف"
مدت بدور يديها خلف ظهره في محاولة واضحة لإبعاده.. ولكن كفا راشد الصارمتين منعتها.. وهو يقول لابنه بحسم "ليس هناك ما تخشاه، أنت المتحكم والمسيطر الوحيد، حصانك سيشعر بما تفكر فيه أنت إما تثبت قوتك وتجعله يهابك.. أو تضعف وتهابه أنت؟!"
نظر إليه بعينيه الداكنتين الخائفين دون فهم.. فتابع راشد وهو يشد لجام الحصان حتى صهل بقوة دون أن يجرؤ على فعل جامح ثم قال "هكذا يا إياب.. إن كان لديك السلطة الكافية فهو الذي سيرهبك ثم ستنجح في إرساء حوار خاص بينك وبينه من خلال مسك لجامه حتى تروضه لما يطرأ في عقلك أنت.. ليس هناك ما تخافه إذا فرضت سيطرتك وسلطتك عليه!"
"أنت غير معقول، الولد لم يكمل أعوامه الأربعة يا مفتري!" قالت بدور بحنق رهبة على ابنها
ضغط راشد على يدها ثم قال "اصمتي أنتِ.. لين النساء هذا سيفسده.. لن يحدث شيء لمدللكِ إن شدّ عوده قليلاً وهزم مخاوفه"
نظرت إليه باستنكار ولكنها لم تعلق إذ أن ابنها لم يعترض على الأمر بل أمسك اللجام بقوة محاولاً برهبة هزم هواجسه ومطمئن بيدي كليهما التي تشابكت خلف ظهره حامية له من أي سقوط يلوح في الأفق.. عند هذا الحد كانت هي تنتبه ليده الصارمة التي غطت أناملها فحاولت بثبات أن تحرر نفسها منه، ولكنه كان الأسرع عندما أمسك يدها من خلف ظهر ابنهما ثم طبع قبلة عميقة حسية على معصمها.. قبلة حارة ملتهبة شعرت كأنها وشم ملكية ختمه بشفتيه "الملكات قديما كنّ يرمين أولادهن في ساحة النزال حتى يشتد عودهم صغاراً ويعودوا إليهن فرسان يتفاخرن بهم.."
حررت يدها بتوتر وهي تقول بارتباك غير متزن "أنا لست ملكة، لذا أريد لابني حياة طبيعية كما سائر الأطفال.."
قال بابتسامة منمقة "بل أنتِ ملكة يا طاووس.. لذا وليدكِ لا يشبه أحدا"
امتعضت وهي تقول ببرود "وإن كنت أنا ملكة، ماذا تكون أنت داهية يحاول بخبث التسلل لحياتي.. أم طفل أحمق يلاحقني لاهثاً؟!"
نفخ صدره بعجرفة قبل أن يشملها كلها بنظرة أحرقتها ثم قال بصرامة مسيطرة "بل كنتُ وسأظل دائماً سلطانكِ!"
**********

جلست جوان على مقعد مبطن بالحرير المريح أمام النافذة الخشبية تتأمل السماء فوقها دون أن تبصرها خالية الوفاض محطمة الروح وبائسة المستقبل المعدوم..
شعرت بيد رفيقتها تضع شال من الصوف الناعم فوق كتفيها ثم تدس في يدها كوب قهوة تتبخر أصعدته كما تبخرت حياتها كلها في لحظة.. ثم جلست أمامها وهي تقول باسمة "أعرف أن قولي بناءً على ما تعانين الآن قلة ذوق.. ولكن أنا سعيدة بلجوئكِ لي"
تكلمت جوان بخفوت معدم القوة: "دفتر علاقاتي لا يحمل الكثير من الأسماء.. وربما لا يحمل أصلا أحد، لذا أنا آسفه لإقحامك في مشاكلي يا ريم.. ولكن عذري الوحيد أني فور مواجهتي معه لم أقدر على رمي نفسي في جحيم المجهول إن فقدتُ الوعيِ أو..."
منعتها ريم من الاسترسال وهي تقول بمحبة "ألم تسمعيني، أنا سعيدة حقاً باختياركِ لي يا جوان، بصراحة لم أتوقع يوماً أن تمنحني هذه الثقة"
قالت جوان ببهوت: "لم أمنحكِ إياه ليس لعيب بكِ.. ولكن أنا أجهل ما هي الثقة بين الأهل أو الأصدقاء يا ريم.. لقد أخبرتكِ سابقا أني على عكس الجميع هنا، جردت من حريتي واختياراتي منذ زمن بعيد!"
تنهدت ريم بحسرة لحالها ثم قالت بوضوح: "أنتِ من تأخرتِ في الانتفاض لنفسكِ يا جوان، حتى اختفائكِ لأربع سنوات وزواجكِ الذي ثارت حوله الأقاويل كان هروباً من مشاكلكِ وليس علاجاً فعال لتتخلصي من خنوعكِ لاستبداد والدكِ"
أطلقت جوان شهقة مكتومة وهي تقول بقهر "لقد ظننته يستحق أن أبدي كل هذا الندم.. أن أظل أشعر بالعار مما فعلته به لأجد في النهاية أنه لم يستحق أيٍ من هذا.. فعقابه لي لم يكن بدافع شرف يتغنى به ولكن لنظرة مجتمعية ظالمة ومضطهدة للمرأة بشكل عام"
ربتت ريم على كتفها ثم قالت بهدوء "على الأقل الآن أنتِ على أول الطريق الصحيح لتطبيب نفسكِ بنفسكِ.. انسيه يا جوان.. اخلعي كل هرائه وظلمه من رأسكِ لتستطيعي أن تنالي فرصتكِ حبيبتي"
رفعت جوان وجهها الحزين تتأمل ملامحها الخمرية المحببة، متذكرة أول يوم عرفتها فيه بين أروقة الجامعة وتذكرت يومها تخبطها توترها وهي تدور حائرة في عالم كان والدها عزلها عنه منذ خطيئتها، إذ أنه بعد فصلها عن صغيرتها أصر أن تبقى خلف الأبواب ولولا والدتها ما كان سمح لها بالدراسة من المنزل بالأصل، كما كانت هي أيضاً السبب في خروجها للدراسة الجامعية تحت مراقبة مشددة من حراسها.. حتى اقتحمت ريم عزلتها ورغم كل ذعرها من الناس ومحاولتها تجنب الناس استطاعت وحدها التسلل لحياتها ..لن تقول أنها صداقة عميقة إذ أنها لم تخبرها أبداً عن قصتها كاملة بل فقط الرتوش, يمكنها القول أن ريم تعلم عن عزام ولكنها لم تتطرق يوما لذكر سَبنتي بأي صورة...
قالت جوان بشحوب "فرصتي قد دمرت.. دمرت يا ريم.. فالرجل الوحيد الذي أحببته خذلته ولا أملك أملاً في العودة إليه"
قالت ريم بهدوء "وما الذي يمحو الأمل، ألم تخبريني بأنه يعلم ماضيكِ وتقبله بالفعل؟!"
ارتجفت شفتاها قليلاً وهي تبتلع غصة بحلقها ثم همست "أنا من كنت أنانية معه لحد غير طبيعي, لذا حان الوقت بعد شجارنا الأخير أن نفترق!"
نظرت إليها ريم بدهشة ثم قالت بحيرة "إن افترق كل ثنائي بعد إحدى شجاراتهما لن يبقى أحد متزوجاً عزيزتي، هل تعلمين كم شجاراً أخوضه مع زوجي يومياً؟!"
قالت بألم "ما حدث بيننا لا يشبه أي شجار تخوضينه أنتِ أو غيركِ من النساء.."
ابتسمت بجمال وهي تقول بهدوء "جميعنا يعتقد عند نقطة ما أن العودة مستحيلة إذ أننا في وقت ما نقف في مفترق الطرق ننظر إلى حياتنا في الخلف فيعتصرنا الندم عن فعل أخطاء يصعب إصلاحها.. فتستبدل أعيننا النظر للمستقبل فنجده معتماً دون ضوء يرشدنا فنثبت في حاضرنا ندور حول مصائبنا لنستسلم بيأس لحلولها المستحيلة ظانين أننا دمرنا"
هزت رأسها بسرعة وهي تقول "نعم دمرت.. علاقتي به دمرت"
قالت ريم بنفس ابتسامتها المتفهمة "تظنين أنكِ دمرتِ.. إلا أنه هناك دائماً أمل.. إن كنتِ ما زلتِ تتنفسين باقية في الحياة.. تقاومين صامدة مصرة أن تنالي عفوكِ، وفرصتكِ في حياة عادلة.. يبقى الأمل يلوح كبقعة ضوء تلوح في آخر نفق ظلامكِ وعندها فقط لن تكون النهاية بل بداية تتخطين فيها كل أزماتكِ"
"كلام رائع إلا أني لا أريد السعي أو الأمل"
أخذت ريم نفساً كبيراً بصبر ثم قالت بتلوي "حسناً، لا مشكلة.. اتركي هذا الرجل الرائع الذي تحبينه كما أخبرتني وعودي لوحدتكِ والغرق بمأساتكِ.. ولكن حبيبتي ألم تضعي حساباً لطفل قادم في الطريق؟!"
ضحكت جوان بحزن شديد ثم أشارت نحو بطنها المسطح بمرارة وهي تقول ساخرة "هنا أرض قاحلة لا يمكنها أن تحوي أي طفل"
عبست ريم وهي تقول "كيف؟ هل لديكِ مشكلة؟!"
قالت بصوت خالي من الحياة "نعم، مشكلة كبيرة جداً.. وقبل أن تنصحيني بشيء يزيد من ألمي لقد أجريت كل الحلول مفعمة بالأمل الذي تحدثتِ عنه، لم يكتب لي حمل ابنه ولن يكتب قط, لذا نضال سيكون أفضل دوني, على الأقل سيجد من ستمنحه أطفال يستحقهم"
قالت بهدوء "وهو ليس لديه رأي في قرارك المتعسف؟ ألا يستحق منكِ احتراما بإخباره أين أنتِ على الأقل؟!"
قالت ببهوت "إن عرف أين أنا فسيأتي لي ويجبرني على العودة معه، أما عن قراري فهو من أجله.. فمن الظلم أن يدفن رجل مثله معي"
وقفت ريم من مكانها وهي تقول بصوت أجش "اعذريني يا جوان ولكنكِ غير عادلة بالفعل، أنتِ لا تملكي الحق في فرض اختياراتكِ عليه... وحده عزيزتي من يملك حق البقاء أو المغادرة بعد أن تخيريه بطريقة عادلة وليس الهرب والابتعاد تاركة إياه معلقاً جاهلاً بوجود زوجته"
"أنا منحته مخرجاً سهلاً"
قالت ريم بهدوء "لا لم تفعلي.. بل ظلمته وجردته من أبسط حقوقه"
اهتزت عيناها كما انتفض كتفاها قهراً.. كررت ريم بهدوء "هيا حديثه الآن يا جوان وأخبريه صراحةً عن قراركِ ودعيه يقرر.. إما يقطع الأمل بكِ أو تتعقلين أنتِ وتعودين إليه"
أغلقت جفنيها تهمس بإصرار "لن أعود أبداً"
ابتسمت ريم بخبث بدا غريب ثم قالت وهي تتأمل وجهها الشاحب "من يعرف ما الذي يخبئه لكِ الغد.. هل قلتِ متى آخر مرة أجريتِ فيها فحص نسائي؟!"
"ماذا!!"
*******
كانت أناملها تهتز وهي تفتح هاتفها الذي طال غلقه.. وكما توقعت ملايين المكالمات والرسائل منه ومن رقم آخر تجهله يخبرها بإلحاح أن تترأف بها وتخبرها على الأقل أنها بخير، حسناً.. بينما رسائل نضال حملت كلها تهديد ووعيد بإنزال الويل فوق رأسها..
كتمت ضحكتها الدامعة بكفها وهي تهمس "من تخدع يا نضال أنت عاجز عن أذيتي في يومٍ ما..."
أغلقت عيناها بقوة طاردة دموعها ثم أخذت نفساً طويلاً عنيفاً محاولة السيطرة على انتفاض فؤادها المشتاق إليه "اهدئي, يجب أن تكوني جادة وحازمة وقوية أمامه، لا تضعفي, إياكِ يا جوان.. أنتِ قررتِ ترميم نفسكِ وترك الماضي من أجل صالحه وابنتكِ.. وهذا لن يحدث إلا باختفائكِ من حياة كليهما"
ضغطت زر الاتصال أخيراً وقبل أن تأخذ نفساً آخر حتى كان الصوت الشرس والقلق يصرخ فيها "سأحرقكِ فور أن أراكِ.. أين أنتِ؟ هل تظنين أنكِ متزوجة من فردة حذاء؟!"
رددت ببلاهة "فردة حذاء؟!"
أتاها صوته قاصفا ذو سطوة قوية جعلتها ترتجف وهو يقول "كل ما فعلته سابقاً شيء.. وما أقدمتِ عليه شيئاً آخر، فور أن تعودي أمامي يا جوان سترين مني أمراً لم تتخيليه قط"
كانت روحه هائجة كما هياج قلبها وهي تقول "أنا لن أعود، أريد منك أن تطلقني وتتابع حياتك"
قال بصوت متشدد "ماذا قلتِ؟!"
كررت بصوت شقه الخوف المتسلل عنوة "أريد الانفصال.."
هدر فيها "لم أكن أسالكِ، بل أمنحكِ الفرصة لتسحبي القذارة التي نطقتِ بها.. هل تظنين أني لعبة في يديكِ يا جوان.. تعودين لي متى رغبتِ وتشردين هاربة مني متى وسوس لكِ شيطانكِ البغيض.. ما هي قيمتي في عينيكِ تحديداً يا جوان؟!"
هبطت دموعها دون سيطرة ثم همست بعاطفة منفلتة "أنت عظيم، الرجل العظيم الذي أحبه، أحبك بصدق يا نضال.. أحبك منذ أول يوم شملتني فيه بعطفك.. أحبك لدرجة أني أشعر الآن أني قد فطرت على عشقك"
تأفف نضال قبل أن يهدر بقسوة "اسمعي أنا مللت منكِ، ومن رعونة تصرفاتكِ ومن انفعالاتكِ وانفلاتاتكِ التي وصلت أخيراً لأن تختفي دون احترام واحد تبديه لي، لزوجكِ يا سيدة جوان.. لذا حبكِ هذا لا يلزمني ولا يحرك فيّ مثقال ذرة عطف تجاهكِ.. أين أنتِ لآتي إليكِ وأكسر رأسكِ؟!"
الطعنة من جفائه تخللت أضلعها ولكنها عذرته.. ومن يلومه؟...
نطقت أخيراً بصوت مقهور مشتد النبرة "لن أعود.. أريد الطلاق يا نضال.. من فضلك.."
كان يحاول أن يتحلى بالصبر وهو يقول بتماسك استثنائي "لماذا.. أريد حجة واضحة لأمنحكِ إياه"
همست والوهن في فكرها أصبح يؤلمها جسدياً.. كيف تستطيعين دفعه لما ستقولينه الآن بل كيف ستتحمل عذاب محتمل إن أقدم نضال على مبادرتها الوحشية تلك "تعلم لماذا جيداً يا نضال، أنا لا أريد العودة بعد أن حطمت كل شيء بالفعل، لن أقدر على مواجهة والداتك.. كما أن.. أنك..."
أغلقت عيناها المثقلتين بعذاب بينما حسها هو بغيظ "أني ماذا؟؟ هاتي ما عندكِ"
همست بشفتين مرتجفتين "أنت تستحق من هي أفضل مني.. فتاة صغيرة أو امرأة لم يسبق لها الزواج قبلك قط.. امرأة تستطيع منحك أطفال وتشعرك بأبوتك.. أنا لا أملك ميزة واحدة تجعلك تتمسك بي"
نطق بصوت جهوري واضح الكلمات "أنتِ محقة في هذا الشأن إذ أنكِ امرأة بغيضة يا جوان وقليلة أدب.. تحتاجين ليس للتأهيل فقط ولكن لتربيتكِ من جديد"
هتفت بحرج وغضب "نضال!"
قال باستهزاء "أي نضال بعد أفعالكِ وأقوالكِ غير المسؤولة؟!"
"أنا..."
قاطعها بعصبية مفرطة "سأمهلكِ يوم واحد للعودة وإلا سآتي إليكِ يا جوان وأسحبكِ من عندكِ بطريقة لن تعجبكِ"
عبست "أنت لا تعلم أين أنا حتى.."
"هذا لأن الهانم جعلتني مغفلا"
"نضال من فضلك.. أرجوك" همست برجاء
إلا أنه صرخ بغضب متهكم "طلبكِ مرفوض يا جوان، أنا لن أطلقكِ ولن أتزوج غيركِ.. ليس حباً أو عشقاً وإخلاصاً لسيادتكِ.. ولكنكِ نجحتِ بجدارة في جعلي أكره وأزهد كل صنف النساء بسببكِ"


‫يتبع الان


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:20 PM   #3945

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع الفصل التاسع والثلاثون


.................................................. ...

ليلاً.. عادت بدور لغرفتها الجديدة وحيدة.. إذ أنها رفضت بشكل قاطع الدخول للمنزل الذي ضمّ ذكريات عديدة بينهما.. كما كانت تفعل منذ سنوات مقتصرة على زيارة إسطبل الخيول فقط.. ذكريات كانت فاصلة في تاريخهما سوياً وهو لم يحاول أن يقنعها بل عندما أمسك بها إياب باكياً لبقائها حرره منها مخبره أنها يجب أن تغادر وسيعده إليها غداً فتركته معه..
"بدور أين شيماء؟!" قبل أن تلقي نظرة حتى ولو عابرة داخل غرفتها التي تركتها تحت إشراف والدتها لينظم العمال فرشها الجديد سمعت سؤال خالد المكبوت.. التفتت بهدوء ناحيته وهي تقول ببرود "أتقصد أين زوجتك التي رفضت إخبارك أين ستذهب ولم تجيب على اتصالاتك المتكررة منذ ساعات؟!"
كبت غيظه من محاولتها استفزازه وهو يضع كلا كفيه خلف ظهره وكأنه يهدأ نفسه ويسيطر على انفعاله العصبي وهو يقول "سَبنتي مع راشد كوضع طبيعي حالياً.. أما شيماء فهي مسؤوليتي لذا أجيبي على مقدار السؤال المطروح"
هزت كتفيها بلا اهتمام قبل أن تستدير وتخطو للداخل وهي تقول بهدوء "بقيت معهما"
"وأين بقيت تحديداً؟! فهم ليسوا في منزله"
فتحت فمها تجيبه ولكنها بترت الحروف وكل عضلة في وجهها الخالي من التعبير تنتفض برهبة عندما وقعت عيناها على الأثاث الجديد متفحصة إياه بنوع من الذهول.. تقدمت خطوات أخرى تقف في منتصف الغرفة ال... الخيالية!
هل هذا وصفا مناسبا إذ أنها وهي تراقب الديكورات الجديدة والتي أنجزت في بضع ساعات كانت درباً من الجنون.. فالجدران قد طليت بلون ذهبي يتخلله أمواج سحرية من اللون الفيروزي متدرجاً فيه خطوط شابهت ريش ناعم من اللون الأزرق القاتم المنقوش بداخله عيون صغيرة من لون السماء في أشد حالتها صفاءً...
"وااااو.. هذا مثير للإعجاب فعلاً!" تكلم خالد وهي تشعر به يجاورها يتأمل التفاصيل الكبيرة منها والصغيرة بدقة...
أدارت عيناها ببطء دون أن تجيبه, تتأمل الفراش الجديد ذو الأعمدة الأربعة والذي طابق تلك الأسرة الملكية، سرير من الخشب العربي الفخم باللون الذهبي بينما أخذت قوائمه لون تدرج بين الوردي الفاتح متسللا بينه اللون الفيروزي أيضاً وأسدلت منه ستائر حريرية ناعمة جداً متطايرة من نفس لون ظهر الفراش وانحدرت عيناها قليلاً نحو مرآتها التي أستبدلت أيضاً بأخرى جديدة لتتناسب مع الطاولة الصغيرة ذات المقعدين الوثيرين وباقي المحتويات... توسعت حدقتاها بشكل أكثر من ذي قبل عندما شاهدت كيف احتضنت مرآتها عبر الخشب المصقول منحوتة رائعة لمجسم الطاووس.. والذي طابق رسم السجادة الوثيرة التي تقف عليها الآن...
"متى وجد ابن عمك الوقت ليطلب تصميم غرفة كهذه؟!"
هز كتفيه وهو يقول ببطء "وكيف لي أن أعلم؟ أنا تفاجأت مثلكِ تماماً عندما أخبرتني والدتي"
أظلمت عيناها.. وتحول لونهما الشمسي لأشعة حارقة فجأة ثم قالت "هل يظن حقاً أني سأسامح؟ سأنسى ما كان وأبدأ معه صفحة جديدة لمجرد أن السلطان قرر وأمر وأصبح يبدي بعض من الاهتمام المبالغ فيه نحوي؟!"
قال خالد بهدوء "تلك إجابة أنتظر سماعها منكِ.. هل ستنسين عذاب أربع سنوات بسهولة؟!"
التفتت إليه بحدة ثم قالت "ظننتك آخر من سيسأل.. لقد سمحت لك أن ترى عذابي عن قرب!"
ارتفع حاجبا خالد دون تعبير وإن كانت رأت من داخل عينيه التهكم.. ثم قال "كنت متأكد حتى رأيت بعينيّ كيف تصبحين جواره يا بدور.. ربما تستطيعين بجدارة تلبس دور المرأة ذات القلب البارد أمام الناس ولكن كما قلتِ قربنا من بعضنا سمح لي أن أرى ما خلف خداعكِ!"
فغرت شفتاها ليفلت منهما نفساً لاهثاً وكأنه وجه لها ضربة غير محتسبة, لم تلتف أو تأخد الدفاع طريقاً بل أجابته بصوت أجش "قلبي ليس بارد... بل هو مكسور"
تعبيرها كان جارف زلزله قهراً من أجلها ولكنه سأل بخشونة "وتحتاجينه لترميمه, أليس كذلك؟!"
السؤال أخذها على حين غرة فرفعت له وجها مصدوما خاليا من فطنتها المعتادة ثم أجابته دون تردد بصدق أذهله "هو الوحيد القادر على شفائه إلا أنني سأقتل نفسي قبل أن أسمح له بترميمه"
تبدلت ملامحه قليلا.. ولكنه غمغم بسؤال يحرقه "إذاً لماذا هذا الاستسلام؟! ولما تصرين على فتح باب معه؟!"
أسقطت رأسها للخلف ضاحكة بقسوة دافعة إياه للتجهم.. ولكنه لم يقل شيء بل ظل في انتظار إجابتها التي أتت أخيراً وهي تقول بغلظة "عذراً.. خيل لي الفترة السابقة أنك راضي عن الوضع وبأنك كغيرك تتمنى أن نعود لبعضنا أخيراً وتنتهي تلك القصة"
ظل يجابه عينيها التي عادت تحدق فيه بغضب.. حتى قال ببرود "قديماً تَدّخل أبوكِ بينكما وجركِ لسلسلة من الأخطاء حتى وإن كان بدأها والد طفلكِ.. لذا قررت أن أراقب من بعيد، حاميا ظهركِ الذي تركته قبلاً بمنتهى الغباء مني"
تحرك شيء داخل عينيها قبل أن تهمس بتردد "لا أفهم!"
قال خالد بصرامة "لم تعودي امرأة صغيرة بل في الواقع أنتِ تكبريني سناً وخبرة عملية, سيدة أعمال ناجحة تهتز لها مئات من طاولات رجال الأعمال بالخارج كما الداخل.. أم توصلت بالطريقة المرة كيف تحارب المستحيل من أجل طفلها... لذا ببساطة أنا لن أتدخل في قراراتكِ أياً كانت بل سأراقب حتى يحين دوري إما في تشجيعكِ أو في إنقاذكِ قبل أن تحرقين نفسكِ مرة أخرى يا بدور!"
أغمضت عيناها قليلا وكأنها تحجب نفسها عنه.. ثم ما لبثت أن قالت بهدوء "قبلاً تحديته بأبشع الطرق ولم يدفع الثمن أحد غيري وابني.. لذا ببساطة أنا قررت أن لا أكرر أفعالي.. أنا وراشد انتهينا كعاشقين وعدوين ولكننا أبداً لن ننتهي كوالدين لإياب..."
"إذا لا عودة.. ستظلان تحومان حول بعضكما بلا أمل ولذا بصراحة أجدني مجبر للعب دور الوصي عليكِ إذ أن هذا الوضع أرفضه جملة وتفصيلاً!"
"أنا لا أدور حوله" قالت ببرود..
ولكنه قال بهدوء "ماذا تسمين ما يحدث إذاً؟"
ساد صمت مشحون بينهما فكلاهما ينظر لعين الآخر بغضب وترصد من قبله وكأنه يحاول أن يوصلها لشيء محدد أمر يطارده حتى يحصل عليه منها واضحاً كاشفاً لا يقبل التأويل..
ابتلعت ريقها بألم لم تغفله عيناه.. حتى قالت أخيراً بجمود وإن قارب التوتر "هناك أشياء يصعب عليك فهمها ويستحيل عليّ قولها لأخي الوحيد.. أمور أتفاعل معها رغما عني، حتى وإن كنت أحاربها بضراوة ولكن تارة أهزمها وتارة أخرى هو يتغلب ويهزمني"
لم يجاوبها على الفور بل ظل يحدق في وجهها بتعاطف وتفهم وإن لم يبديه.. إن بدور بالنهاية إنسانة من لحم ودم ومشاعر.. مجرد امرأة جميلة وكتلة من الأحاسيس الفطرية.. أحاسيس يرفض المجتمع العنصري الاعتراف بحق الأنثى فيها أو التعبير عنها... يرفض أن يسمع من أي امرأة أن تبديها وتطالب بها إذ أنها حق حصري للرجل.. فهو الذي يجب أن يشعر يجب أن يشتاق لوجود حبيبة وخليلة.. يجب أن يطالب بمشاعر إنسانية دافئة تلف الضغينة الباردة وترمم القلب المكسور.. بل يجب على المرأة أن تخرس تماماً وتنكر حقا متأصلا فيها خلقها الباري عليه بالفطرة مثل الرجال.. هو يفهم ولكنه لن يستطيع أن يعلن هذا لأخته مخبرها أنه يتقبل تفسيرها وجوعها لأحاسيس تجاه الإنسان الوحيد الذي أحبته خلال عمرها كله...
قال خالد أخيراً بخفوت "لن أكون جلاد لكِ يا بدور وأحكم من عليائي وأنا أجهل ما تعانين من حرب داخلكِ.. ولكن هذا الوضع يجب أن ينتهي إما تقبلين الحديث معه واستمعي منه كما يطالبكِ, أو تنهين معه الأمر تماماً مقيمة حدود صارمة مثله كغيره ممن يحاولون طلب ودكِ وتوقفينهم في خانتهم النكرة... أما عن إياب فراشد لن يستطيع حرمانكِ منه مرة أخرى.. إذ كما عرفنا أنه كان يخطط للرجوع من أجله بالأساس..."
ابتلعت ريقها مخفضة وجهها دون أن تعلق... لذا تابع قائلاً "في كلا الحالتين تحتاجين منه لمكاشفة واضحة..
ط
أومأت برأسها دون أن تعلق بشيء فأطلق نفسا حانقا من أنفه.. وهو يستدير ناويا أن يغادر قبل أن يقول بجمود "لقد وصفته بالعاشق!"
رفعت حاجب بارد معتاد وهي تقول "عفوا؟!"
ابتسم بضيق قبل أن يقول ببطء ساخراً "لقد وصفته ونفسكِ بالعاشقين يا بدور... أنتن كائنات معقدة غير مفهومة، تخبريني بكرهكِ له بنفس جملة اعترافكِ أن لا أحد سيصلح عطبكِ غيره"
قالت ببرود "أنا لست عطبة"
نظر إليها من فوق كتفه ثم قال بتهكم حانق "آه بالطبع أنتِ لستِ عطبة... وسَبنتي تكرهني.. وشيماء لا تطيق سماع اسم المدعو نزار.. والشمس لا تطلع من المشرق.. والقمر لا يدور حول الأرض.. والليل لا يتعاقب مع النهار.. بالطبع.. بالطبع هذه حقائق لا تقبل الجدل.. كما أنتن سيدات العقل والبهجة والتصالح مع الذات.. تصبحين على خير يا أميرة بدر البدور..."
ارتفع كلا حاجبيها وهي تحدق في أثره ما بين الدهشة والحيرة...
"وماذا بعد؟!"
عادت تنظر مرة أخرى في محتويات الغرفة.. والسؤال الحائر يلف متخبطا صارخا بسكينة ظالمة بين أرجائها إلى متى ستستمر في إيذاء نفسها بقربه.. إلى متى ستظل حلقة راشد النارية تدور حولها تجذبها كمركز الأرض كلما حاولت الفرار.. وظنت النجاة منها؟؟!
********

كانت تنتظر دخوله بقلة صبر بعد أن تحصنت في هذه الغرفة متجنبة تماماً مشاهدته مع ابنه ووالدته إذ أن مراقبتهم بتلك الصورة الخيالية المذهلة في بساطتها وتوافقها.. تعلم جيداً انها حلمه بالذات منذ أعوام.. حلم تعذب لأن يناله وها هو يهدد من جديد ليفقده، وستكون هي السبب "لا لن تسمح مطلقاً, لن تكون عثرة في طريقهم، أو خنجر يغرسه عزام في صدره"
سمعته يطرق الباب قبل دخوله فأجابت بتلقائية: "تفضل.."
ابتسم فور أن عرج للداخل وهو يقول مازحاً "رغم مرور الأعوام ونضجكِ, لم اعتد بعد على الاستئذان لأراكِ"
همست بخفوت "أنت من وضعت تلك القاعدة الجديدة!"
قال بهدوء "أنتِ أصبحت سيدة صغيرة ..يجب عليّ أن أراعي خصوصيتكِ واستأذنكِ قبل اقتحام عالمكِ"
أخذت سَبنتي نفس طويل قبل أن تقول بوضوح مباشر "لماذا لم تخبرني أني أصبحت احتل الصحف كفتاة سرقت خالد من خطيبته؟!"
عبس راشد وهو يقول "عن ماذا تتحدثين؟!"
أكملت بصوت غريب "ألم يكن اتفاقنا منذ زمن أن لا أخرج أبداً لأضواء الشهرة.. لماذا إذن تم الزجّ بي الآن؟"
اقترب راشد يريح ظهره للخلف على طرف خزانة صغيرة ثم مط شفتيه وهو يقول ببرود: "أنا لم أتفق معكِ على شيء كهذا مطلقاً... بل احترمت خصوصيتكِ كطفلة، وبعدها خجلكِ كمراهقة تحب التخفي، أما الآن لم يعد باليد حيلة فأنتِ يجب أن تتقبلي الأمر كأخت لي وزوجة لرجل الأعمال الشاب الذي يجذب أعين الصحف والسياسيين كما منافسيه وحلفائه"
نظرت إليه بنفور قبل أن تقول "إذاً أنت تعلم؟!"
أجاب بهدوء "بالطبع وأتابع كل خبر ينشر عنا"
"وإن أخبرتك أن هذه الحياة لا تناسبني؟!"
قال بصلابة "أنتِ تنتمين لها بالفعل يا سَبنتي"
صمتت تحدق فيه بجحيم بلغ أشده.. جحيم بحمم مرعبة تلتهمها من الداخل والخارج.. إلى أن نطقت أخيراً بجمود بدا عجيب في تناقضها لعينيه "أنا أريد الطلاق"
وقف راشد ببطء من مكانه بينما عيناه تنضحان بالقسوة والشر الذي لم يوجهه يوماً إليها.. ثم سأل محذراً لا منتظراً إجابة "ماذا قلتِ؟!"
ظلت سَبنتي تنظر إليه بقوة دون أن يلوح الخوف أو التراجع على ملامحها ثم كررت بهدوء "لقد زوجتني رغم إرادتي إذ أنك اعتبرت وهو موافقتي شيئاً حاصل مسلم به وكأني شيء بلا قيمة تتناقلون ملكيته بينكما"
أظلمت ملامحه وعيناه تبرقان بالغضب.. ثم قال بنبرة صارمة متهكمة "حقاً.. لم أكن أعلم هذا, فبين كل كلماتكِ الصادمة التي أصبحت تلقبين بها نفسكِ فهذا أكثرهم غباءً ووضاعةً"
قالت ببرود "ولكنها حقيقة ترفض أن تقر بها لذا سهلت عليك الطريق وأُخبرك أني أعرفها بالفعل"
مد وجهه للأمام في حركة مستخفة ثم قال "أحسنتِ وأخيراً انزاح ذلك الهم عن صدري.. وبما أنكِ تعلمين هذا فطلبكِ مرفوض إذ أن الأشياء النكرة لا تبدي آراءها بل تنفذ بصمت ما أقوله"
الألم طغى على ملامحها، واغرورقت عيناها بالدموع كدليل قوي على أنها لم تود سماع هذا بل وكأنها تبحث عن شيء آخر يسكن الداء بداخلها...
تحرك راشد من مكانه متوجه إلى النافذة ينظر بين الظلام المرعب بأشباحه العاتية بين أشجار النخيل.. متظاهر بعدم رؤية التخبط فيها.. حتى قال بصوت صارم "لماذا؟؟ أريد إجابة واضحة وشافية دون إلتفاف!"
ظلت سَبنتي مكانها على المقعد المنجد تضم ركبتيها إليها.. وتنظر إلى ظهره المتصلب بصمت حتى قالت أخيرا بخفوت "أليس من حقي أن أرفض الزواج من رجل لا يناسبني؟!"
قال بهدوء دون أن يلتفت إليها "بالطبع حقكِ.. إلا أننا لا نتحدث هنا عن أي رجل بل خالد والذي يملك بداخلكِ شعور تخطى الإعجاب بكثير!"
ابتلعت ريقها الجاف ثم قالت بتقطع "هذا كذب.. أنتم من تعتقدون هذا بناءً على رغبته هو بي"
زفر راشد بضيق قبل أن يقول بصرامة "ما تقولينه وصمة وضيعة في حقي.. أنا لن أسلم ابنتي لرجل لمجرد أنه يرغبها فقط"
اشتعلت نار مريعة داخل عينيها لم يرها ولكنه سمع تلون القهر في نبرتها وهي تقول "كذبة حبي تلك لن أصدقها.. أنا عانيت بسببه وأنت أكثر من يعلم.. خالد لن يحصل على ما يريده دون أن يدفع الثمن"
التفت إليها سريعاً وهو يقول بذهول "هذا هو إذاً.. الميراث اللعين بداخلكن.. تريدين تعذيب نفسكِ وتدميرها لأجل أن يدفع هو الثمن.. ظننتكِ أذكى من هذا.. فليحترق في الجحيم يا سَبنتي قبل أن تلقي بنفسكِ في نار انتقامية لن تدمر أحد غيركِ"
وقفت من مكانها وهي تقول صارخة "لا أريد انتقاماً، بل هجران أبديّ أرغب في ترك هذه العائلة وهذه الأرض من الأصل.. أنا لا أنتمي إليكم بل أنا مجرد فرع فاسد وجب الخلاص منه"
عبس قبل أن يقول باستنكار "هل جننتِ؟ ما هذا الهراء الذي تتفوهين به؟!"
فركت وجهها بكلا كفيها بعصبية مفرطة قبل أن تقول "إفهمني أرجوك..لا تجعلني أُؤذيك بما يدور داخل عقلي.. دعني أرحل يا راشد.. حلني من هذا القيد وأشرف على سفري بنفسك كما وعدتني قبل أن تأتي بي إلى هنا مرة أخرى... لا تدفعني للهرب والتسبب في فضيحة.. أرجوك"
توسعت عينا راشد بصدمة مما سمع إلا أنه حين تكلم قال بحزم "أخبرتكِ سابقاً بأنكِ لا تملكي اختيارا من الأساس.. لا بالهرب ولا السفر بعيداً عني"
صرخت بعصبية دون أن تفكر "بأي صفة تملك حق التحكم بي؟!"
ضربة غير متوقعة وسؤال لم يخطر في باله يوماً من الأساس.. أن تقف هي دون البشر وتطرحه في وجهه.. ثم قال أخيراً بصوت غريب "هل نتحدث عن السلطة الشرعية هنا أم القانونية.. إذ أني أملك إجابتين أحدهما ستوجعكِ؟!"
لمعت عيناها بدموع أبت أن تهبط.. ثم قالت بخفوت "بالضبط هذا هو, ربما أنت منحتني كل ما قد يستطيع والد منحه لفتاة إلا أنك لست أبي كل هذا ليس من حقي، ربما أنا حرصت أن لا تعرف هذا.. إلا أني توقفت منذ زمن طويل عن الشعور بأن أي من ما تمنحه لي من حقي.. مشاعرك لا أستحقها بل إياب فقط هو الأحق بها... ميراث جدي الذي تدعي أنه من حقي كلانا يعلم أنه إرث باطل.. أموالك الطائلة والتدلل الفاره الذي تمنحه لي أشعر أنه شيء مسروق من ابنك أيضاً.. كل هذا.. كل ما أحصل عليه غير عادل بالمرة"
صمتت لاهثة مضطربة منتظرة منه أي شعور صادم, أي صراخ رافض إلا أنه لم يفعل بل ظل يحدق فيها بجمود.. وكأنه يعلم!!
الذهول كان من نصيبها وهي تقلص كتفيها نحو رأسها علامة على الرعب والندم على ما تفوهت به وكشف على وجهه بينما هو ظل صامتاً متألماً يعلم تحديداً ما تقول, إذ أن سَبنتي توقفت منذ حطمتها جوان عن الطلب منه كما كانت تفعل.. عن التدلل الطبيعي الذي كان يمنحه لها بوفرة بل أن أبسط الأشياء التي كان يمنحها إياها كانت تقبلها بتردد شاكرة، ترفض المجوهرات الثمينة والملابس الغالية والإسراف ببذخ كأي فتاة في عمرها وفي وضعها الاجتماعي بل أصبحت كل الأمور المادية هو من يمنحها إياها جبراً وفرضها عليها...
"لهذا اخترتِ مجال طبي وتجتهدين فيه حتى تتخرجين؟!"
فأكمل ساخراً ببرود جارح "حتى تستقلين بذاتكِ وتبدأين من السفر في بلد بعيدة.. رائع يا سَبنتي.. هذه الإثارة التي تشعرين بها وتلك الخطة المكافحة تستحقين جائزة أكبر درامية مغفلة.. ولكن لمعلوماتكِ الأطباء أكثر فئة تستحق الصدقة خاصة هنا"
صرخت بصوت مجروح "توقف.. توقف عن السخرية.. أنا لا أمزح"
قال راشد ببرود "وأنا أيضا لا أمزح.. لذا لن أكمل هذا الحوار السخيف، عندما تعودين إلى عقلكِ، ابنتي التي أعرفها.. نستطيع إكمال هذا النقاش بالعقل"
قالت بجمود: "ولكن أنا لست ابنتك لتتحكم بي.. بل ابنة أخيك الذي كان سر عذابك من البداية.. الرجل الذي حطمك وحرمك من امرأتك"
تحرك من مكانه في خطوتين لا أكثر ثم قبض على كتفيها بقسوة.. وقد بدت ملامحه شديد الوحشية رغم ذهوله هزها وهو يهدر بصوت مرعب: "إحذري من التلاعب معي، أنتِ ابنتي أنا.. الدماء التي تجري في عروقكِ مني أنا وحدي.. ذلك الحقير لا يملك فيكِ شيئاً, لذا أساليب التلاعب والضغط تلك لتفوزي بنفري لكِ لن تنطلي عليّ.. إذ أن ذكائكِ الذي تستخدمينه في خططكِ جزء منحتك أنا إياه.. أتفهمين؟!"
بهت وجهها حتى حاكى شحوب الأموات.. ليس من تهديده وإنما من تلك النظرة المؤلمة التي لاحت في أفق حدقتيه بينما تقاسيمه الحقيقية كانت أشبه بلوحة سريالية من الوجع وخيبة الرجاء..
"دعني أغادر.. ليس عدلاً أن أبقى هنا.. صدقني لا أستطيع أن أكمل معه.. حاولت ولكن هذا مستحيل فوجودي سيجلب الدمار عليه.. بل عليكم قبلي"
ملامحه الآن كانت كالصخر الذي لا يلين فتركها بجفاء وهو يقول "حلي مشاكلكِ مع زوجكِ، ليس لديّ بنات تطلقن بعد أسبوعين من عقد القران.. بل ليس لديّ بنات تطلقن من الأساس!"
استدار مبتعدا قبل أن يتوقف ينظر لكتفيها المنحنيين وعينيها التي تذرف دموع مريرة ثم أكمل بجمود "أما بالنسبة لدماري فلا تقلقي يا حبيبة أبيكِ فحياتي دمرت منذ تسع سنوات بالفعل.. وبيدي!"
"إن عزام يطاردني وما فهمته منه أنه يأخذني ذريعة للانتقام منك مرة أخرى.. وسيلاحق بدور أيضاً فحقده عليكما لم تمحيه السنوات اتركني لأرحل لقد نالت بدور ما يكفيها كما أنت"
تجمد مكانه واشتعلت عيناه بطريقة مخيفة تهز البدن هزاً.. وهو يقول "منذ متى وماذا أخبركِ لينقلب حالكِ ويدفعكِ لحرق نفسكِ كما نلتِ مني بنكران بنوتي لكِ؟!"
شهقت بعنف قبل أن تقول "لقد هددني أنه سيدمرك وخالد سوياً لقد قال أشياء بشعة للغاية.. أنا السبب.. أنا لعنة.. شيطانة ملعونة.. افهمني.. لا تدع حبك لي يعميك؟!"
كرر راشد بخفوت "حبي لكِ يعميني.. وهل يملك الأب اختيار في حب أبنائه؟!"
"رباه.. افهم رجاءً!" همست بغصة باكية
عاد راشد يجذبها بقوة حتى استقرت بين ذراعيه ولكنها أصرت على المقاومة وهي تهتف: "دعني أرحل.. لقد أتممت رسالتك.. أغلق ذلك الباب الملعون بوشمي لنرتاح جميعاً!"
قال مدعياً الصبر "هل تظنين أنكِ السبب في كل مشاكلنا.. إفهمي أنتِ مجرد ضحية زجت بلا ذنب في حرب أكبر من عمرها بكثير.. إن عزام فقط وجد فيكِ أداة جديدة تصلح للتلاعب.. يستغلها ليضربني بكِ كما بدور من قبلكِ، وجوان من قبلكما.."
لم يحدد ما تلبسها تحديداً عندما صرخت فيه بوقاحة قاربت الهذيان "كما تستغلني أنتَ وتقدمني قربان لابن عمك حتى تعيد ودّك مع حبيبتك؟!"
الآن القسمة كانت أكبر من أن يتحملها.. أوجعته ونالت منه بحق وكأنها وجهت له ألف طعنة ولكنه لم ينطق بشيء, لم يدافع عن نفسه ولم يخبرها أنه فعلها من أجلها.. إذ أنها تعلم هذا يقين..
صمت وصمتت.. وهي تراقب بعينين مرتعبتين نادمتين بقوة.. يده تتحرك على صدره وكأنه يحاول طرد خفقات الخيبة بينما هناك حبات عرق تصببت على جبينه رغم أجواء الغرفة الباردة وعندما تكلم أخيراً.. كان يقول بصرامة آمرة "ستخبرينني الآن وبالتفصيل أين رآكِ وماذا أخبركِ بالتفصيل الدقيق يا سَبنتي؟!"
حاربت التملص ولكن تلك الملامح المهيبة والمسيطرة أخبرتها بوضوح أن لا فرصة أمامها للتهرب إذ أنها ولأول مرة في حياتها كانت تتعامل مع نمر الراوي وبشكل مباشر ومقلق وكأن وجه راشد المتفهم والمحتوي دائماً الذي تعرفه خبئ في اللا مكان.
************
بعد ساعات كان في أشد حالاته غيظاً إذ أنها ترفض محادثته.. تتهرب من أمر بات معرفته أمر واقع لا يقبل الحياد ولا يصلح معه إلا مكاشفة الجميع، ليعلم كل فرد فيهم المصيبة التي كان تدار من خلف ظهورهم... أخد قراره بعد تفكير طويل.. يجب أن يفهم منها وأن يعلم التفاصيل ثم دون تردد سيخبر راشد وبدور... لقد كان في الماضي سبب مباشر وهام في تدميرهم وهو إخفاء الحقائق لذا بات الوضوح بينهم سبيلاً وحل واضح وليس مجرد أمر هامشي..
"أجيبي الهاتف قبل أن آتِ إليك وأخنقكِ!"
كانت هي مستفزة.. أو ربما مستنزفة بعد مواجهتها الدامية مع راشد حيث ندمت على كل حرف غبي تعلم كذبه يقيناً قالته بوجهه.. رباه.. إنه أبوها.. روحها.. الوحيد الذي تملكه في هذه الدنيا وتستطيع أن تستند عليه دون قلق من تخليه عنها يوماً..
كيف تجرأت على جرحه بهذا الشكل الوضيع.. ألا يكفيه ذبح من حوله وإلقائهم بكل ذنوبهم وعثراتهم تجاهه دائماً.. وكأنه هو سبب كل الشرور في العالم وليس في حياتهم فقط..
مسحت عيناها بعنف وهي تلجأ للحل السهل.. فالنوم قد يساعدها لتلقي نفسها في بئر من الظلمات مبتعدة عن ذلك الندم الذي يقسمها.. أرسلت أخيراً مستفزة إياه "لكم تمنيت أن أُخبرك بها في وجهك منذ نعومة أظافري اخبط رأسك في أسمك حائط.. ما بيننا انتهى.. لقد أوضحت لراشد رغبتي في الطلاق"
ثم أغلقت الهاتف تماماً ملقية به بجانبها دون اهتمام غير مدركة للشعور العنيف الذي تلبسه وهو يسحب مفاتيحه متوجهاً إليها مباشرة بعد أن علم بطريقته أين هم تحديداً..
**********

وكأن الفراش المبالغ في أريحيته أشواك تلسعها.. أسنان من ذرات الفضة التي تستقر في جسد مستذئب فتصهره صهراً.. لقد كانت تتعذب وهي تنظر للسقف ملكي التصميم بعينين فارغتين بينما جسدها مستسلما تماماً بتعب ممددة الذراعين وساكنة النفس.. مشاهدها معه منذ عودته تمر ببطء رتيب وموجع لكرامتها..
ماذا حدث... كيف تحولت رغبتها المدمرة في استعادة ابنها لشيء من الضعف تبديه نحو راشد... لقد سمحت له بضمها مرة وبتقبليها حتى أذاب عظامها مرة.. قبلة عنت الكثير ليس له وحده بل لها أيضاً.. قبلة شديدة العذوبة سكنت ولو بمخدر خادع جزء من الحاجة بداخلها وأشبعت جوع يفترسها.. وأسندت ضعفها الهزيل والذي لم تعتقد أنه ما زال يسكنها... لقد ذكرها ببساطة أنها ما زالت امرأة تحتاج للحب.. مجرد إنسانة تحتاج لعطف من نوع آخر عطف رجل تكرهه..
دمعتان هبطتا من جانبي عينيها التي لم ترف حتى ببطء مدركة بطريقة ما الحقيقة المرة التي هي بالفعل معقدة كما قال أخوها... كائن غير مفهوم ويصعب قراءة طلاسمه.. ترفض بكل كيانها أن تخضع للسلطة ولقيد العبودية.. تكره غرور الرجال عامةً واعتقادهم أنهم يملكون الأنثى، يسمح لهم كأسياد فعل كل طيشهم وهن ما عليهن إلا التقبل.. بينما جزء ملعون خلق بداخلها يهفو لخفض كل أسلحته ليسمح بأن يجتاحه ذلك السيد يطيب فيها كل جروحه وينهار بين يديه مسلماً لكل قيوده حتى يصبح مثل طفل عابث يحترق في جحيمها ويتوه بين دروبها...
فغرت شفتيها وهي تطلق تأوه متعب.. آآه حارقة موجعة بينما عيناها تغلق بقوة وهي تهمس: "وإن تناسيت سحقك لقلبي كيف أغفر لك وجع أمومتي.. أخبرني كيف أن سأملأ الفراغ القاتل بداخلي.. لماذا فعلت.. هل كنتُ أستحق حرماني منه كل هذه السنين.. هل جرمي كان أكبر من أن تسمح لابني أن يعرفني.. أن تحرمني بعد كل هذا العذاب من سماع لقب أمي من بين شفتيه.. هل كان جرح أمومتي يهدأ بدل كل هذا الأنين.. لماذا.. لماذا.. لماذا؟!"
فغرت شفتاها مرة أخرى بينما عيناها الجامدتين المرعبتين بخطر انفتحتا على اتساعهما توافقاً مع رنين آخر جملة قالها خالد فقفزت معتدلة من مكانها بينما ملامحها القاتمة كانت في أشد حالتها تصميماً ورغبة.. رغبة في أن تسمع.. في أن تعرف حججه الهزيلة ثم تلقيها في وجهه كلها لتقطع بكل يقين أي خيط يلوح في الأفق ليمتد بينهما.. توجهت سريعاً لخزانتها تسحب بنطال من الجينز الباهت وقميص قطني أسود ثم سحبت معطف من الجلد الطويل.. ودون تردد كانت تهبط في تلك الساعة متوجهة إليه.. لقد كانت معمية برغبتها تلك.. صورة حية لامرأة تنوي قطع كل سبيل قد يعيدها لظله.....................

يتبع الان


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:28 PM   #3946

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
:sss4:

[size="7"]تابع الفصل التاسع والثلاثون [/size
]

.................................................. .............


"إياب هل ترغب في الذهاب للحمام؟!"
فتح الصغير عيناه المتطابقة مع عينيها وإن كان النعاس يحتلهما ثم قال بنزق محبب: "أريد بدور"
تنحنح وهو يرفعه متوجهاً إلى هناك ثم قال "حسناً هذا طلب غير متاح.. إنها في منزلها الآن"
لف إياب ذراعيه حول عنقه ثم ألقى رأسه على كتفه وهو يقول ناعساً "أريدها.. أخبرها أن تأتي لتسكن معنا"
ارتعشت ابتسامة على فكه وهو يبعده عن صدره ثم ساعده ليجلس على المرحاض وجلس القرفصاء أمامه وهو يقول بشرود "هذا طلب مستحيل حدوثه ولن أستطيع منحك وعد وأفي به.. إذ أنها لم تتنازل من أجلك من قبل، فما الذي سيجبرها الآن؟!"
ضيق إياب عينيه قليلاً.. وكأنه يحاول الفهم عبثاً.. ثم قال متثائباً "أحبها.. أريدها ماما!"
قال بصوت متحشرج أجش "وأنا أيضاً انتظرتها كل ليلة لتأتي وتمنحك حقك فيها ولكنها كانت أضعف مما توقعت"
"لا أفهم"
ارتجفت شفتاه وغار ألم غريب في عينيه وهو يمسد على وجنته شارداً ثم قال ببهوت "هل انتهيت.. دعنا ننظفك لأعيدك لفراشك"
هز رأسه موافقاً، مسلماً أمره كأي طفل لأبيه وعقب أن إنتهوا أعاده لمكانه فسمعه يقول "بابا متى عيد ميلادي؟!"
دس راشد يده تحت جسده الصغير ثم ضمه على صدره وهو يسأل مبتسماً "لماذا؟ هل ترغب في حفل ضخم هذه السنة؟!"
همهم إياب "لا بل لأتمنى شيئاً مختلف عندما أُطفئ شمعة ميلادي"
سايره وهو يسأل "هل يمكنني معرفته ربما لن نحتاج شمعة وأحققه من أجلك؟!"
"إن أخبرتك لن يتحقق"
قال بخفوت "جرب لن نخسر شيء"
رفع ابنه عينيه البريئتين القاتلتين في بؤسهما ثم قال بحزن صافعه بقسوة شابهت ضرب سَبنتي له منذ وقت قصير وبنفس الليلة "أريد أن أملك أم كما أولاد السيدة بدور.. إن لهما اثنان ماما ولكن أنا لديّ أم واحدة وخالي أخذها مني.. أريد ماما لا يسرقها مني أحد بابا مثل الطاووس في قصتي المفضلة"
أغلق راشد عينيه بقوة بينما يسحبه بوهن دافنه بداخله مقبلاً رأسه مراراً دون أن يجد رد واحد قد يمنحه له إلا الهمس باعتذار باهت لن يطيب من جروح كليهما شيئاً... ليتها عرفت قيمتك قبل أن تجبرني على ما فعلت، كل الحلول كانت مُرة وكل الأبواب كانت قد أُغلقت...
****
ظل راشد لبعض الوقت غير قادر هو الآخر على النوم، يضم ابنه إليه شارداً في كل ما يحدث وكأن الزمان يعيد نفسه وكل الخطر الذي خاف عليه منه وأخذه بعيداً عنه يصر أن يلاحقه كما يطاردها..
ما يعيشه مؤلم ويجب وضع حل جذري له.. سيُحدِّث الاستشاري الأسري في الغد وسيخبره أن مصارحة ابنه بالحقيقة أصبحت ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل، وبالطبع قبل كل هذا سيذهب لأخيه الحقير في زيارة كان يؤجلها ليضع له حد رادع هذه المرة وبشكل جذري لن يقبل التهاون فيه.. إذ أن عمه العزيز لم يكن مغفلا للنهاية حيث ترك تحت يديه مستند هام وفعال سيجعل عزام يعض أصابعه ندم إن فكر في الاقتراب من أي فرد من الأسرة مرة أخرى..
تباً بحق دماء أبيه لم يكن يرغب في تدميره للنهاية رغم كل ذنوبه رغم كل ما فعل.. لم يرد أن يتطرق لسحق عزام كلياً، ولكن إن أرادها حرب بقاء وصراع للحياة فلتكن..

"راشد هل أنت مستيقظ؟!" الهمس الناعم انساب خافتاً من خلف باب غرفته... فانسحب ببطىء من جانب ابنه حتى لا يوقظه ثم توجه سريعاً يفتح الباب بسكون وهو يقول "لما ما زلتِ مستيقظة؟!"
ابتلعت شيماء ريقها وهي تقول بتوتر "حمداً لله أخيراً.. لقد تهت قليلاً بين الغرف قبل أن أصل إليك"
تنهد وهو يقول "جيد إذاً.. طالما لم تنامي وأنا أيضاً أعجز عن نيل قسط من الراحة يمكننا الحديث فيما أردتكِ من أجله"
كان القلق بادياً على ملامحها.. بينما أصابعها الخرقاء تعبث في عصاها باضطراب ثم قالت أخيراً "نعم نعم.. فيما فعلته منذ ليلتين أشكرك بالطبع لأنك لم تخبر خالد, ولكن صدقني أنا لست سيئة ولم أعرف في الأساس بفخه بل وجدت نفسي فيه"
ابتسم بهدوء.. ابتسامة لم ترها وإن كانت تلمستها في صوته ثم قال "إن شككتُ فيكِ لحظة واحدة ما كنت انتظرت لإخبار أخاكِ إذ أني ما زلت أملك حق في محاسبتكِ أم أن لكِ رأي آخر.!"
ابتسمت بتوتر وهي تقول "بالطبع أنت غالي عليّ مثل خالد"
قال بهدوء مازحاً "يسعدني سماع هذا يا عصفورة.. وأخيراً شخص رحيم يترفق بي في هذه الليلة الكئيبة!"
تخللت فروة رأسها بتوتر أشد ثم قالت "ما أنوي إخبارك به لا يقرب للرفق بأي صورة"
عقد حاجبيه قليلاً قبل أن يقول بخفوت "حسناً.. تعالي بالأسفل وسأستمع لكل ما تريدين"
عندما مد يده ليأخذ بيدها مرشدها وهو يخرج موارباً الباب خلفه لم تعترض كما تفعل وتصر أن تتلمس طريقها بنفسها...
هبطت كما طلب ثم قال وهو يتوجه ناحية غرفة المكتب "هل تريدين شرب شيء.. أشعر بالجفاف قليلاً وأرغب في شيء مرطب"
كان يحاول أن يُهدئ روعه الذي يتصاعد بوتيرة ملحوظة ولكنها رفضت وهي تحرك عصاها تخبطها في الأركان أمامها حتى وصلت أخيراً لأول مقعد أسندت يدها عليه تتلمس تفاصيله حتى استطاعت أن تجلس وهي تقول "لا أرغب إلا في قول ما عندي قبل أن تستفيق سَبنتي"
الشك ملأ قلبه بألم غادر مريع يشعر باقترابه ولكنه قال ببهوت "نزار يلاحقني ووالده وأنا أجد أنه مناسب وصادق في...."
قاطعته بنبرة قوية أشبه بصرخة مدوية "أنا أعرف سر جنون سَبنتي.. الأمر لا يتعلق بخالد أو عزام إطلاقا كما سمعتها تهذي وتجرحك كما تصر أن تحطم نفسها وأخواتي أيضا.. وأنا لن أسمح بهذا.. لم أعد قادرة على تحمل الشعور بالجميع يئن حولي دون أن أقدم مساعدة.. يكفيني عذاب وأنين بدور الذي يحرقني وأنا أراقبها تذوي لجرحها على ابنها دون أن أملك الحق في إخبارها أني أملك دليلاً يطمئنها"
حديثها كان عشوائياً غير منظم ينضح بزهق الروح.. أطبق شيء ما على صدر راشد وهو يقترب منها يقف أمامها وهو يقول "عن ماذا تتحدثين وأي دليل هذا؟؟ نحن لم يعرف أحد مكاننا... و..."
"لا تكرهني... أرجوك لا تخبر بدور... لا أستطيع أن أخسرها!"
ابتلع غصة في حلقه وهو يسأل بصوت ملح "تكلمي, أنا لن أحمل أحد ذنب ارتكتبه وحدي.."
قالت بصوت يرتجف "لم ترتكبه وحدك أعني تحطم سَبنتي بالذات.. أنت لم يكن لك يد فيه.. سر أنك لم تفلح في ترميمها تماماً لأن هناك يد خفية من خلفك عبثت بعقلها حتى باتت أشباحها كياناً منفصلاً يتحرك عنها.. تلك ليست سَبنتي التي نعرفها بل...."
قال بنفاذ صبر "بل ماذا.. تحدثي؟!"
كان قلبها يرجف.. وصوتها متشنج وهي تقول بقهر "عندما علمت سبنتي أن بدور كانت داخل مصحة وبأنها لم... أعني " لم تتزوج اخر ...... عقلها المحدود وقتها جعلها تفكر أنها قد تستطيع أن تصلح شيئا بينكما.. لذا هاتفتني بعدفراق "عام ونصف " بيني وبينها وأخبرتني أنها تريد أن توصل لبدور عبري عن مكانكم..."
إنعقد حاجبي راشد بينما يشعر بقبضة جليدية تطبق على صدره بشدة ليس لما سمعه الآن بل ما يستشعره بأنه قادم...
تلعثمت شيماء ودموع حارقة تغزو عينيها وهي تقول "شجعتها بالطبع وهللت للأمر واتفقنا أن تحدثني من رقم واضح باسم الدولة التي تعيشون بها وهكذا ستتبعه بدور وخالد أيضا دون أن تخونك في وعدها إذ أن ولائها لك كان أمر مفروغ منه..."
كان صوته باهت شديد الجليدية وهو يقول "وبعد شيماء... ما الذي حدث وأوقفكما؟!"
همست باختناق شديد بينما كلها يرتعد "سألتني عن خالد ورغبت في محادثته ولكنها كانت خائفة أو أكثر توتراً من أن تحادثه مباشرة بعد ما كان بينهما آخر مرة.. ربما أيضاً قسمها لك ما منعها أسباب عدة.. ولكن الخلاصة أن أبي كشفنا.."
كانت ملامحه مظلمة الآن شديدة التعقيد بينما يقول بقوة مختصرا "كيف؟!"
فلتت منها شهقة ألم ثم قالت "كيف تعتقد.. استغل إعاقتي ووضع برنامج تنصت في هاتفي يخبره عن المكالمات الدولية أو ذات الرقم المجهول بالذات.. هو كان يهدف لنزار ولكن وقعت في يده سَبنتي.."
قال راشد بنبرة غامضة "وبالطبع لم يرحمها.. وآلمها؟!"
هزت رأسها وهي تقول سريعاً "بأبشع الطرق.. أسمعها ما لا يمكنكَ أن تتخيله.. كلام يذبح دون سكين ويهدم دون مطرقة.. سم خبيث زعاف نشره في أوردتها... لقد قال أنها السبب الأساسي في دمارك وبدور وأنها السبب في حرمانها من ابنها وأنها شيطانة آويتها في بيتك شفقة وحتى لا يلوث اسمكم ليس إلا... أنه نادم لجعل والدك يسجلها باسمه وأن مكانها الطبيعي كان ذلك الملجأ الذي رغب جدها لأمها وضعها فيه او ليتها كانت ماتت! ....."
صمتت لبرهة تلتقط أنفاسها لاهثة إثر بكائها الشديد ثم قالت ببهوت "كثير.. الكلام كثير والجرح الذى أحدثه أكبر من أن أستطيع أن أوصفه.. ولكنك تعرف والدي لذا لك أن تتخيل الأمر"
"هل عرف أين نحن ؟!"
قالت بصوت متحشرج "وهل تفرق معك.. أنتَ من نويت الهجر وحرمان أختي من وليدها كان بيدك وحدك يا راشد؟!"
سأل بصوت متشدد مكررا "هل عرف أبوكِ مكان إياب وترك ابنته تتعذب.. أجيبي؟!"
ساد صمت قصير قبل أن تقول بتوتر "لا أعرف, أظن أنه سر ومات معه.. إذ أني بعدها ابتعتُ هاتف لم يعرف أبي عنه أو أحد ثم تواصلت مع سَبنتي على موقع التواصل الاجتماعي " زائف اعرف انه ملكها." وألحيتُ عليها باكية أن لا تتركني، وأني سأحفظ سرها ولن أطالبها بأكثر مما ترغب في منحه وأنتَ تعرف قوة صداقتنا فحدثتني مرة أخرى.. ولكنها وضعت احتياطات صارمة ثم أخبرتني بقرارها الأخير لا شيء يستحق أن تخونك من أجله، وبأنها لن تحاول التدخل في أمر بدور مرة أخرى ليس انتقاماً مما فعل أبي ولكن رعباً أن تسبب لكما دماراً آخر يطال إياب هذه المرة دون أن تقصد.. لقد اقتنعت بالفعل بأنها نذير شؤم, ملعونة.. تدمر كل ما تلمسه يداها حتى وإن لم تقصد"
ظل راشد في مكانه ينظر إلى الفراغ دون انفعال, دون صوت ودون حتى القدرة على إبداء صدمته ووجعه.. لقد رحل بطفليه بعيداً عن أي أذى ينالهما.. ولكن بالنهاية لم يحصد إلا حصرم كالعلقم.. ابتعد عن جحيم كان يعلم أنه سيطارد سَبنتي بالذات ولكنه بالنهاية نالها دون أن يشعر هو ودون أن يعلم غافلاً في اعتقاده أن البناء بصبر يصلح ما أفسدوه.. دون أن يعلم أن يد خفية امتدت خلف ظهره ونسفت كل ما فعله..
لقد حرم ابنه من أمه ونزع ابنته من أسرتها التي عرفتها طوال حياتها.. عانى هو الآخر ما عاناه.. احترق واخترق.. زهد وابتعد.. دمر وسحق، عذااااب... والله إنه عذاب يفوق قدرة أعتى الرجال من أجل السراب ؟!...وها هو من عاد ليستلم وصية عمه ويرمم أولاده بقدر استطاعته... يساندهم كما يرغب بينما عمه في الأساس ذبح ابنته على مقصلة.. هل كل جرائمه في حق أبنائه وأولهم بدور حمّّلَها لسبنتي؟ أي رجل هو؟ أي قلب أسود يملك؟!
أي ملعون كان ياسر؟ كيف استطاع أن يقدم على هذا ومن أجل ماذا؟ حماية ابنه الذي حطمه منذ أن ولد ليجده نموذجاً من الآباء يقهره؟!!
عندما طال صمته وقفت شيماء تتخبط باحثة عنه وهي تهمس بقلق "راشد أنتَ هنا؟"
أمسك راشد بساعدها ثم همس: "أخبريني أكثر.. ماذا قال؟ أرغب الليلة في منح نفسي ألم حاد.." الصغار دائماً يعلمون ما يجهله الكبار من عالم خفي" .. كيف غفلت عن ترديدكن لتلك الجملة؟!"
"أنا......"
قاطعها بحدة بينما يشعر بصدره يضيق ويضيق والألم الحاد ينخر في فؤاده كما ذراعه الأيمن ونخزات قاسمة تنتشر في ظهره مقابلة قفصه الصدري كما ضاق العالم في عينيه ليشابه خرم الإبرة.
"كل شيء يا شيماء!"
*****

إن ما يفعله خطأ بكل المعايير ولكنه كان أكثر إصرارا في أن يجعلها تعلم أن لا وجود لبشر قادر على حجبها عنه.. بأن لا قوة في الأرض قد تجبره على فصلها عنه مرة أخرى...
فتح خالد باب مبطخ بيت المزرعة بهدوء والذي يملك منه نسخة بطبيعة الحال لرعايته لجميع أملاكهم في الفترة السابقة ودخل متسللاً حتى لا يصدر جلبة للنيام داعياً ربه بقوة أن لا يضبطه راشد بالجرم المشهود
"سيقتلك لا محالة إن علم بما تعمل... أستغفر الله... أستغفر الله.. ألهمني الصبر عليها"
لم ينتبه أو لم يلقي بال بتعبير أدق للصوت الخافت الذي خرج من باب المكتب وصعد سريعاً ملتهماً درجات السلم نحو الغرف.. توقع مكانها لم يكن صعباً، إذ أنها مؤكد تسكن في غرفة جانبية كانت مكان دائماً لها وشيماء بالماضي...
"ما تفعله يستحق الرجم..." همس لنفسه محاولا أن يتحلى بأي ذرة تعقل ولكن منذ متى ملك أمام سلطانها عقل أو ضمير... ضمير العاشق معميّ بالوصال" ولكنه الآن ليس بعاشق ولا يريد وصال بل إنه مليء بالحقد تجاهها
"تطلبين الطلاق، وهل تزوجتها بعد لأطلقها.. صبراً يا سَبنتي"
طرق الباب بشيء أشبه باللمس مرة واثنتان.. غير راغب في فتحه عليها فجأة.. كرر حركته لثالث مرة وأخرى رابعة ولكن لا رد فمنح نفسه حجة مقنعة أنه فعل ما عليه وببساطة أدار المقبض وخطى للداخل وعندما وقعت عيناه عليها تسمر مشدوهاً في مكانه إذ أنها تحت النور الخافت للمصباح الجانبي بدت وكأنها حورية خلقت في أرض عدن، لقد رآها من قبل ويحفظ ملامحها عن ظهر قلب... مرآها بهجة للعين وسرور للقلب ولكن مظهرها الناعم الرقيق الآن كان شيء آخر إذ أنها كانت نائمة ترتدي قميص نوم قطني برسوم كرتونية بلا أكمام كما أنه بلا طول يذكر أيضاً مُظهراً ساقيها الذهبيتين الملفوفتين من تحته بكرم زائد عن الحد.. شعرها تحت المصباح بدا كسياط حمراء من نار تلسع قلبه وتتلحف حول عنقها... شفتاها المنتفختان كانت تكورهما بطريقة كانت لتجعله يضحك منها لو كان في موقف آخر ولكنه لم يفعل بل كانت الرغبة تتصاعد بداخله أن يضمها بين ذراعيه مرة أخرى ويتذوق حلاها... ببساطة كانت مغوية خاصة مع ما يظهر من الاستدارة الواسعة لقميصها ذلك الجزء الحساس العارم بزيادةً والمتناسقا أيضاً باستدارة تسرق اللب إن تجرأ ولف عليه أصابعه...
"أستغفر الله.. أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم"
أغلق عينيه سريعاً وغض بصره متمتماً متضرعاً لرب العباد أن يصرف نظره عنها... استند بكلا يديه على الحائط محاولا التقاط أنفاسه اللاهثة..
"يا إلهي.. إنها لا تعني لي هذا الجانب الحسى أبداً.. سَبنتي أكبر قيمة وأغلى مكانة من أن أنظر إليها بتلك الطريقة.. تباً إذاً لماذا تفاعلت معها كل وظائفك الذكورية وكأنك ثور أحمق يتجهز للإخصاب؟؟؟!"
"يجب أن يخرج يجب أن... سَبنتي!"
خبط وجهه بكفيه باستياء.. وهو يهمس ما الذي يفعله؟ ولكنه بدلا أن يغادر كما عزم كان يعود ليقترب منها معانياً الأمرين في كتم مشاعره.. مبرداً الجمر الذى يأكله من الداخل والخارج.. جلس خالد على الطرف جانبها وهو يبتلع ريقه مراراً...
فوضوية ونومها عشوائي.. وجهها كالعادة خالي من أي أدوات للزينة محافظة على نقاء بشرتها الطفولية والجميلة.. تحيطها هالة من البراءة والعبث الغريب حتى وهي في نومها..
امتدت يده برفق وقد طار كل غضبه منها بل هو نسي أصلاً لماذا جاء؟؟
عقد حاجبيه بحيرة حقاً ما الذي دفعه لأن يأتي إلى هنا؟!
ما الأمر الملح الذي رغب في تهشيم رأسها من أجله.. هو لا يذكر تحديدا.. عقله معتم وغارق كما أنامله في ملمس اليرقات الناعمة لبشرة كتفها في لحظة غير مفهومة يميل وجهه رغم ارداته نحو وجهها وتتلامس الشفاه المحمومة لتسرق حلاوة أخرى من بين ذلك الفم الذى ارسله سابقاً عبر قبله لعبق الشهد " حلوه أنتِ حلوه سبحان من ابدعك يا بقة"
..... وقبل أن ينوي أي خطوة أخرى في ضمها الى صدره و إيقاظها حتى يمنحه لسانها دلواً من الماء البارد الذي سيعيده لعقله كان يشعر بشيء آخر لاسع فوق رأسه وخطاً من الدماء يثقل جفنه الأيمن... لم يكن تشبيه بلاغي بل كان حقيقة بالفعل ولكنه كان في حالة من الذهول لأن يصدر أي صوت مستنكراً... فقط راقب بعينين واسعتين الأباجورة التي طارت في لحظة لتستقر أعلى جبهته فوق جرحه الذي بالكاد كان قد شُفي والعينين العاصفتين قفزت أمامه تحدق فيه بحقد حتى وإن كان النوم ما زال يشوشهما...
"كشفتُ حقيقتك يا شيخ خالد.. هل أتيتَ لتغتصبني؟!"
كان مصدوماً بحق.. فاغر الفم شاعراً بخط الدماء الذي أخذ ينحدر متبعاً طريقة على وجهه حتى أنه لم يهتم باتهامها المبهر, شديد الذكاء..
"هل فتحتِ رأسي للتو؟!"
"هل أتيتَ لإغتصابي؟!"
"هل ضربتني فعلا أم خُيّل لي؟!"
"أيها البغيض سأبلغ الشرطة.. سأجعل راشد يقتلك.. تريد أن تغرر بي وتتركني خائفة من شيء ما؟!"
لم يهتم بالهراء الذي تقول بل رفع وجهه يمسح الدماء الساخنة ثم وضع كفه أمام عينيه وهو يعقد حاجبيه وكأنه يحاول الاستيعاب حتى وقف أخيرا من مكانه يهتف فيها بحنق جلل: "منكِ لله يا مجنونة.. بهذا المعدل سأزف للإنعاش وأخرج من الدنيا قبل أن أدخلها"
خبطت يده بغضب صارخة فيه: "وماذا تتوقع وأنت تتسلل لغرفتي منتصف الليل وتخطط لإغت....."
انحنى خالد سريعاً يضع يده على فمها بعنف وهو يهدر "اخرسي.. هل جننتِ؟ أنتِ زوجتي إن نسيتِ!"
تمتمت من تحت يده بحنق "زواج لم أقبله.. أنت حتى لم تقدم لي حقي في مهري"
قال من بين أسنانه بغيظ "تريدين مني التضحية بأختي لأجل أن أكسب رضا زوجتي؟!"
قالت بصوت مختنقاً "أختك ستكون أفضل حال معه، ولكنك أكثر كبر من أن تعترف"
"انتِ فقدتِ عقلكِ!"
نبشت أسنانها في كف يده مسببة له ألماً آخر فأفلتها سريعاً..
"الصبر يا الله" همس خالد بقوة
لتقول بجمود "سأستدعي راشد ليقدر وجودك هنا ثم يقرر من منا الذي فقد عقله.. علّه يريحني من همّ سماع زوجتي الذي أوشك على أن يصيبني بفوبيا مرضية!"
إلا أن كلاهما لم يجرآ على اتخاذ أي رد فعل آخر عندما تجمد الزمن برعب معذب حولهما وهما يلتقطان صرخات نسائية وبكاء طفل مذعور يلوح بغيوم محملة بلون أسود في سماء ضبابية
******

قبل دقائق... كان يستمع إليها حتى النهاية بإحساس ميت رغم كل القهر الذي تركه يرتع في ملامحه بكل حرية.. حمدا لله على عمى شيماء الذي يحصنها من رؤية البشاعة في أبشع صورها تتحد في عينيه أو الاهتزاز الملحوظ الذي ارتجف له جسده.. كما ضاقت أنفاسه وأصبح مجرد أخذ الأكسجين عملية صعبة وثقيلة وشبه مستحيلة.. خاصة مع العرق الكثيف المتساقط من جبهته أما برودة أطرافه كانت حكاية أخرى من العجب.. عقد راشد حاجبيه بينما يتأمل شيماء تهدر بمبرر عقيم لفعل والدها محاولة على ما يبدو تبييض صفحته ولكنه لم يركز كثيراً... هل سيكون أنانيا فعلاً لشعوره بالامتنان بأنها لا ترى لحظات انهياره وضعفه تلك؟!!
ومرة أخرى كان ضجيجاً مزعجاً قادما عبر الباب الخارجي.. هبت شيماء من مكانها بخوف مما جعله يجبر نفسه جبراً أن يتحدث بصوت مجهد مبحوح..
"ابقي هنا.. ربما أحد الحراس"
قالت مرتعشة "نحن في المزرعة.. أنسيت لقد رفضت أن يتبعنا حراسك؟!"
الكلام أصبح مؤلم بحق لجعله يلهث بجهد غير مفهوم ولكنه قال "هل تظنين أني عاجز عن حمايتكم؟!"
صمت لبرهة بينما يشعر بوخز قلبه يتعاظم وبضغط هائل يتفجر داخل رأسه وهو يقول: "ربما أنتِ محقة.. لقد اتضح أني رغم كل شيء كنت عاجزاً عن حماية ما هو لي.. لقد فشلت مرتين.. واحدة تركتها لشيطانها وأخرى لشيطان أبوكِ"
قالت شيماء برجاء ملاحظة التغير في صوته "راشد أنا آسفة, رجاء ترفق ولا تقسو على نفسك"
لم يعلق إذ أن الطرق الغاضب عاد بقوة أكبر وليكن صريحاً مع نفسه حتى الكلام أصبح مجهوداً خرافيا.. رباه... ليس مرة أخرى... يجب أن يتصل بأحد رجاله قبل أن....
ترك جملته في الهواء وهو يفتح الباب شبه مترنح رغم محاولته المستميتة لعناده ليبقى واقفاً شامخاً على قدميه..
عندما تفاجأ بها أمامه كان قد فقد أي حس فيه للصدمة بل تقريباً فقد كل مراكزه الانفعالية..!
تكلمت بدور على الفور غير ملاحظة معاناته لأن يبقى حيّاً..
"أريد أن أعلم كيف استطعت بعد أن علمت بأني ملقاة في مشفى مجانين.. أعيش أوهام كاذبة بوجود ابني بين ذراعي.. أتألم وأصرخ عند اكتشافي أنه مجرد واقع بديل رسمه عقلي ثم انهار في غيبوبة أظل فيها أيام طويلة ما بين كابوس الموت وحلم الحياة.. لماذا لم تمنحني خيط واحد.. لماذا لم تعد أم أن رجولتك الحقيرة لم تكن قد اكتفت بعد من انتقامها مني؟!!"
كان قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.. واضعًا يده على صدره بينما كفه الآخر مفرود تحت إبطه، كان فمه أبيض جاف وهو يعض عليه بقسوة وكأنه في حرب شرسة مع لسانه حتى يخرج بعض الكلمات حتى قال أخيراً بصوت مختنقاً "تركت لكِ هاتف من أول يوم.. كان فيه رقم مباشر تستطيعين أن تتصلي بي عبره.. لم أتوقع بعد كل جبروتكِ الذي أبديته أن تنهاري لهذا الحد؟!"
فغرت بدور شفتيها عاجزة عن النطق فتابع ببساطة "أنا لستُ ملاك يا بدور ولا شيطان بل مجرد بشر أحبكِ من البداية وحاولت أن أفهمكِ هذا... ولكنكِ رفضتِ أن تريني أبعد من صورة فارس أحلامكِ الخيالي.. لذا أستطيع إخباركِ أني كنت أكثر حقداً عليكِ, غاضباً وكارهاً لكِ ربما ولكن ابني كان يحتاجكِ وعندما ضعفت لمرة واحدة أمام جوعه ودموعه بحثتُ عنكِ وتأكدت بصورة لا تقبل الشك وقتها أنكِ... أنكِ استطعتِ منح نفسكِ لآخر كما فعلت أنا مع غيركِ"
أيضا لم ترد فقط تحدق فيه من بين دموعها التي غشيت الرؤية أمامها.. فالألم كان حارقاً صادماً بحدة يشقق الحديد الصلب هذه المرة... تمتمت بصوت مختنق "وعرفت أنك ظالم... لماذا لم تعد؟!"
صمت صمتا طويلا هذه المرة وأنفاسه تعلو بطريقة مرعبة مشققا معها حدة الصمت كما تطوي كل ما تعيشه من مشاعر.. اقتربت منه تنظر إليه بقلق غير مستوعبة لما يجري..
"هل أنت بخير.. هل تتناول شيء يا راشد.. هل أنت سكران؟!"
ضحك.. رغم كل ما يعانيه ضحك ضحكة ساخرة وموجعة جداً.. ضحكة رجل حطم آخر قشة في صلابته وتحكمه... النظرة إليه لن تتغير.. متى عرفته بدور أو رآه غيرها يتناول أي مشروبات روحية..
الإجابة مطلقاً.. لقد نجح بلال الراوي في زرع شيء قيم فيه.. أبداً لا يقرب ذلك المنكر الذي يذهب بعقل الرجال ويضيع الشرف ويقصر بالأجل.. أقصى شيء تناوله في عمره كله كان سجائره!
ولكن منذ متى أراد أحد من حوله أن يعرف ما خلف الصورة.. دائماً الأحكام بالظاهر وبما يبدو منه دون أن يصل إلى جوهره يوما, حتى هي امرأة حياته التي ظن أنها ترى فيه أبعد من صورة كانت هي من رسمتها...
على كل حال أجله سيقصر وإن كانت الخمور التي تجنبها عمره كله ليس لها يد في الموضوع فوجودها في حياته يكفي وزيادة..
"لم أعد... لأنكم ستقضون عليه.. كما...."
أخذت بدور نفساً مرتجفا وهي تنظر لوجهه الذي شحب لملمس جسده البارد كجثة مناقضاً للعرق الذي أصبح ينخرط من جبهته كقطرات صنبور الاستحمام
"راشد ما بك.. أنت تخيفني؟!"
كان وجهه كله يتقلص بطريقة غريبة.. جسده الضخم يترنح غير قادر على الإنتصاب.. آااااه رهيبة اخترقت أذنيها قبل أن يلحقها بأخرى وهو يلتفت ببطء عندما سمع هتاف ابنه الجزع باسمه فتغضن جبينه أكثر وهو يحرك يده عبثاً وكأنه يرغب متمنيا بكل قوته أن يبعد ابنه لأقصى مكان ليجنبه ما سلم بحدوثه في أي برهة..
"بابا.." هتف إياب مجدداً وهو يدب قدميه في الأرض مرتعبا وقد بلغ خوفه أشده..
لهثت بدور وكأنها تعجز عن التعاطي مع أنفاسها المعذبة المرتعبة والمشتتة... هل تترك موازنته وتهرع نحو صغيرها أم تبقى بجانبه؟!!!
ولكنها لم تملك رفاهية أخذ القرار عندما همس راشد بإصرار وعذاب: "إياب... لا تجعليه يرى... إياب لا يجب أن يرى..."
لم يستطع المتابعة وإكمال تحذيره إذ أنه استسلم لانهياره أخيراً ووقع بين يديها آخذها معه لرحابة الأرض التي احتضنت جسده مصدراً صوت عنيف وقاسم وكأنه فجأة وعلى حين غرة سقطت معه كل جدران منزل عائلتهم، أهي تبالغ من شدة ذهولها بأنه بالفعل شابه صوت ارتطامه صوت انهيار الجدران التي تسترهم؟!!
للحظة لم تكن تستوعب ما يحدث.. تنظر إلى وجهه الأبيض وجسده الساكن دون حراك بأنفاس مبهورة منتظرة منه أن يقفز في دقيقة ليقارعها, ليلسعها بسطوة لسانه ولكن شيء لم يحدث...
إلا سماع صراخ ابنه الذي وقف أمامها في الردهة يبكي صارخاً بفزع مناديا باسم أبيه وكأنه يرى أبشع أشباح تحيطه يدب في الأرض بطريقة من مسه جن أو يحتضر بيديه التي تتقبض مضمومة بقسوة و وجهه الذي حبست فيه الدماء لأن يدخل في نوبة صرع يشهق تارة, يتوسل مرة ويعود للصراخ الذي بح صوته وأنهك قلبه الصغير في بضع لحظات
"إياب....."
بلغ العجز أشده وقلب الأم يريد أن يهرع إلى وليده يضمه بين الضلوع ليحميه من مشهد مريع وقاسي اغتاله..
كل شيء كان يحدث في لحظات معدودة.. العالم يدور حولها معتم ومجهول التفاصيل وهي ضائعة في متابعته..
يندفع أناس من الخارج نحوها مع ظهور شيماء التي انضمت إلى صغيرها تهتف بفزع تتخبط في طريقها محاولة أن تصل إليه دون نجاح يذكر... صراخ جعل ذهولها يتحول لصرخات مجنونة منادية باسمه أن يفيق وأن يكف عن أداء تلك اللعبة الرخيصة... بينما العينين والقلب لم يفارقا إياب قط ولكن في تلك اللحظة بدا الوصول إليه كفدادين من أشواك العذاب...
انطلقت عيناها تتفحص بهوس.. يداها تهزه وتحثه على النهوض واللسان لم يكف عن الصراخ المختنق بدموع القلب أن يفيق... إلا أنه لم يجبها بل استسلم أخيرا وانهزم وكيف لإبليس مثله في عينيها أن يهزمه مرض... أن ينال منه تعب كأي بشري آخر لديه طاقة وحدود يتحملها ذلك الذي يسكن صدره ويكون عضلة ضعيفة وبضع شرايين وقطرات دماء؟!!
عندما هبطت سَبنتي تقفز على الدرج قفزاً يتبعها خالد تجمدت مكانها بجفنين متوسعين.. لم تكن الصدمة فيهما ولم يكن الخوف أيضاً بل كان شيء آخر أكثر رعباً وعنفاً، خطفت إياب خطفاً من على الأرض تدفن وجهه عنوة في كتفها مانعة إياه من أن يرى أبيه ملقى بهذا الشكل أكثر... تمسك فيها الفتى ينبش أظافره في كتفيها.. صدره المنفعل ينهت بطريقة صعبة وخطره على سنه، بينما الصدمة لم تبقي فيه بقية إذ أن المياه انطلقت من بين ساقيه رغماً عن أنفه... ضمته سَبنتي أقوى بطريقة أشد حتى هيئ للناظر أنها عصرته عصراً بين ضلوعها تتعشم أن تمحنه مسكنا وحماية..
كان خالد يتحرك سريعاً في هذا الوقت كما عمال المنزل الذين تجمعوا على صرخاتهم..
الأصوات تتداخل في عقل سَبنتي بفزعهم وتجرأت هي للتحرك وأخذت تقترب حتى هبطت ببطء شديد بجانب جسده الملقى كجثة هامدة تنظر إلى وجه بدور المرتعب فاقدة السيطرة غير مبصرة لمحاولة خالد وشخصاً آخر لإسعافه.. بل ظلت تحدق في بدور لا غيرها وهي تضم إياب أكثر إليها وكأنها فطرياً وشيئا غريزيا يحركها لتحميه كما حماها والده... ومدت بدور إحدى كفيها تحركها بهوس على ظهر إياب وهي تنطق بتضرع بائس باعتذار بلغ نيران التلظي... بينما بقيت يدها الأخرى هناك تحركها على قلبه الذي انخفضت دقاته حتى أصبحت مجرد نبض باهت يخبو ببطء.. ببطء حتى كاد أن يختفي.. ورفضت غريزياً أن تتقبل يد خالد والطبيب الذين يرغبان في تحريك رأسه من على ركبتيها...
فبقي المشهد القاسي للحظات قليلة أخرى.. بدور تحتضن جسده رافضة التخلي عنه ويدها تلمس ظهر وليدها يائسة في الحصول على نظرة منه، بينما سَبنتي تجاور جانبه تنظر إليها وإليه بجمود مصدوم ثم نطقت أخيراً بصوت فارغ كان وقعه أكثر دموية على مسامعهم "لقد قتلته مرة من قبل ولكنه قاوم ونجى من أجلي وأخي.. ولكن هذه المرة الجريمة متساوية بيني وبينكِ.. مبارك عليّ وعليكِ انتقامنا... لم تكن مرته الأولى لكنها قد تكون الأخيرة يا بدور
"
********

انتهي
قراءة سعيدة
:24 0567671:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:31 PM   #3947

ام ثائر حبايبة

? العضوٌ??? » 470372
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 62
?  نُقآطِيْ » ام ثائر حبايبة is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضوووووور🤗🤗🤗🤗

ام ثائر حبايبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:36 PM   #3948

دره بارق

? العضوٌ??? » 470337
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » دره بارق is on a distinguished road
افتراضي

فين الفصل يا حلوين

دره بارق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:41 PM   #3949

فاطمة توتى

? العضوٌ??? » 417864
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » فاطمة توتى is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور فى انتظار الفصل

فاطمة توتى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-20, 11:46 PM   #3950

ام جواد
 
الصورة الرمزية ام جواد

? العضوٌ??? » 443659
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 776
?  نُقآطِيْ » ام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond repute
افتراضي

متشوقييين للفصل في الانتضار

ام جواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:02 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.