آخر 10 مشاركات
56 - لقاء فى الغروب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          355 - ميراث العاشقين - كاى ثورب ( روايات أحلامي ) (الكاتـب : MooNy87 - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          فوق الجروح اللي بقلبي من سنين يكفي دخيل الله لا تجرحوني روايه راااااائعه بقلم الهودج (الكاتـب : nahe24 - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          ليلة مصيرية (59) للكاتبة: ليندسي ارمسترونج... (كاملة) (الكاتـب : monny - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          61 - أنتِ لي - هيلين بيانشن - ع .ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Just Faith - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-07-20, 12:06 AM   #4711

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7


الجزء الثانى من الفصل الثانى والاربعون


يبلغ الحب القمة متى تنازلت المرأة عن عنادها
قرأت كتاب الانوثة حرفاًحرفاً ولازلت أجهل ماذا يدور فى رأس النساء )

وانا بقولك يا نزار والله احنا نفسنا ما عرفين ايه بيدور
.................................................. .......................................ز
جلس راشد على بقايا جذع شجرة مقطوعة منذ وقت ليس بقريب، لتلفها وضعفها كما يتضح، قطعت ورميت وربما أصبحت حطبا وتحولت رماداً الآن في مكان ما، ولكن ما زالت جذورها تأبى التحرر من أرضها تتشبث باستيطانها، تأبى أن تجرف، وتتزعزع.. كما عشقهما المتأجج بنيرانه لسنين فتحول مع الزمن من ناره الصفراء الحمراء حتى اشتدت للزرقة ووصلت للسواد والعتمة "عشق أعمى وأسود" غزل من كبريائهما المزعوم...

"أردتني؟!"

أغلق جفنيه بقوة عندما غطت كل حواسه نبرتها الناعمة، لكنه لم يرفع رأسه المطرق للأسفل بعد، أنفاسه تلتقط عطرها الناعم رغم لذوعته، صوتها الهامس الهادئ الذي يأتي من عمق حقيقتها البركانية... أراد أن يجبيها بصراحة دون التفاف "دائماً أردتكِ وأريدكِ وسأريدكِ، كما لم أرغب غيركِ من نساء العالمين..."

ولكن منذ متى كان كلاهما صريحاً مباشر فيما يشعره نحو الآخر؟!

لذا قال بهدوء "لدينا حديث لم يكتمل منذ أن سقطت بين ذراعيكِ"

لم تتحرك بدور من مكانها بعد، وإن كانت قد أسندت كتفها على شجرة "الفيكس" الشامخة صيفاً وشتاء في حديقة منزلها منذ أجيال عدة لعائلتهم العريقة التي سكنت هذا المنزل بالذات منذ عقود... ثم همست بصوت أجش "لا رغبة لي في إكماله، ليس الآن على الأقل"

فتح راشد جفنيه ببطء وازى تحرك رأسه لأعلى يتفحصها بتمهل، فستان قطني طويل بأكمام قصيرة أرجواني منقوش بورق شجر باللون النحاسي بشكل بسيط و بكشكشة ناعمة عند خصرها، وقصة صدر محتشمة... وجهها وحشي الجمال كان خالي من الزينة تماماً، وإن كانت تداريه الآن بقصة شعرها الملتوية كالأسلاك رغم معرفته جيدا بنعومته , فاتنة هى مبهرة ..لاحت على فمه القاسي شبه ابتسامة وهو يقول بصوت رخيم "هل أخبرتكِ من قبل أني أفضل شعركِ بهذه الطريقة الغجرية، إذ أنه يتناسب مع جمالكِ بشكل مذهل؟"

ضغطت أسنانها على شفتها بتوتر.. ثم همست "لا لم تخبرني من قبل ..وشكراً للمجاملة اللطيفة"

قال بهدوء "اللطف لم يكن في قاموسنا يوماً يا طاووس"

قالت بخفوت "ربما كانت هذه مشكلتنا من البداية إذاً"

عاد لنزع عينيه عنها، ينظر أمامه شارداً ثم همس "نعم، أنتِ على حق، إذ أننا لم نكن صريحين مع بعضنا في أي مرحلة من عشقنا العاصف أو عدائنا الذابح... وعند هذا الحد بالذات يجب أن أعترف بأن معظم هذا هو خطأي وحدي"

صمت وصمتت، صمت رتيب رغم اضطراب كلاهما.. تعصف في عقله أفكار لافحة في حدتها ومخيفة في وضوحها ..كرياح أمشيرية مرعبة هبت على حين غفلة من اثنين يتسلقان أعلى قمم جبال خطرة رغم تحذير الجميع وجزمهم بسقوطهم القاتل عند هبوب أول نسمة..

"حبي لكِ لم يكن ضعيفاً أو أجوفاً ينخر به السوس محوله رماداً كجذع هذه الشجرة... بل ما زال كجذرها عميقاً متوغلاً يرفض رغم كل شيء التحرك من مكانه المستوطن في قلبي" همس راشد أخيراً بخفوت هادئ واثق..

اتسعت عيناها لاعترافه، ولكنها لم تهتز وهي تقول بجمود "ألا تعتقد بأنه اعتراف تأخر لعشرة أعوام كاملة؟!"

سمعت صوت أنفاسه المتحشرجة، قبل أن يقول بنبرة لا تقبل الجدل "أخبرتكِ بها منذ أول يوم وقعت عيناي عليكِ في بيت شذى، وكررتها لكِ صريحة عندما سعيت لأن أزرع إياب في أحشائكِ.. ولكنكِ كنتِ من العمى والغل لأن تمنحي نفسكِ فرصة للتصديق والسعادة يا بدور"

ارتجف قلب بدور بين أضلعها إلا أنها قالت بخفوت "كنت قد تأخرت جداً للاعتراف بها وقد بات كل ما أصدقه منك هو كفرك بحبي بعد خيانتك لي، وإهمالي"

هز رأسه رفضاً ثم قال متنهد بصراحة صادمة "لم أهملكِ، بل جبنت.. إن اقتربت أفقدكِ، وإن اعترفت أخسركِ.."

تنهدت قبل أن تقول بفتور "والكذب عليّ حينها كان حلاً جميلاً، تركك لي دون اعتذار وسعيّ جديّ كان حلك الوحيد؟!"

قال راشد وهو ينظر لملامحها الساكنة بألم "وإن كنت أخبرتكِ وقتها.. إن كنت اعترفت بجرمي وخيانتي وأتيتكِ نادماً راكعاً كما طلبتِ يوماً، هل كنتِ ستغفرين لي يا بدور؟!"

أغمضت عينيها، واختلف شيئاً فيها.. بينما قلبها يعلن وجعاً وصل أقصاه وهي تقول بصوت واهٍ "لا ما كنت غفرت... الغفران أمر لا أملك رفاهيته، أكبر من قدرتي وسلطتي على نفسي، نعم.. نعم لكنت حينها تمعنت في إذلالك كما فعلت لاحقاً"

أمال فكه بقسوة و قال بهدوء شديد، رغم الابتسامة السوداء التي شكلت قسماته "أعرف هذا عنكِ من البداية، من قبل أن أوقع نفسي بالخيانة... منذ أن تورطت في عشقكِ وأنا أدركه يا بدور، قبل أن تخبريني أنتِ حتى بما يخيفكِ، وبما حملته نفسكِ ضد كلا والديكِ، لذا كنت أعاهد نفسي أن لا أوجعكِ به أبداً... ولكن..."

رفع يديه في علامه فارغة وإن دلت على حال كان وقع فيه...

كلامه, تذكيره إياها ضرب قلبها بقسوة.. فهتفت متألمة بما يحرق تفكيرها لأيام "إذاً إن لم يخطط عزام للأمر كله... إن منحتك نفسي ليلتها لربما... نجونا... و..."

قاطعها وهو يقف من مكانه بحدة هاتف بقوة "لن نبدأ من مكان توقفنا، لن نعيد هذا مرة أخرى، أخبرتكِ إياها أنا معترف بجرمي, من وقع في الخطيئة هو أنا بكامل إرادتي... أما عن تسليم نفسكِ لي ليلتها أجدني في هذه اللحظة تائه عن ماهية رد فعلي لو كنتِ سمحتِ لي هل كنت رفضتكِ وعدمت ثقتي بكِ، أم أني كنت عزيتها لحبكِ الشديد وثقتكِ بي؟!... لذا أنا لن أعود لرمي ذنوبي على أحد يا بدور"

شعرت بدور في هذه اللحظة بالتيه متوقفة عند جملته فاستفسرت بفضول القطط "ما الذي تعنيه برد فعلك... كنت زوجي وقتها؟!"

ارتفع حاجبيه قليلاً ونظر إليها قليلاً قبل أن يقول بخفوت "المشكلة الدائمة يا سنونو فينا كشرقيين ربما أنتِ كنتِ زوجتي بعقد زواج شرعي يحلل لي معك كل ما دفعتكِ إليه وأردته منكِ ليلتها، إلا أني وقتها في سني المندفع المتهور قبل عشر سنوات.. كنت مجرد وغد آخر فكرت بتطرف إن سلمتني وخنتِ نفسكِ وأباكِ عدمتِ ثقتي بكِ... إلا أني الآن أجد أن الأفكار تتغير لكِ وحدكِ، إذ أني أتمنى كل ليلة لو كنا فعلنا أي أمر وتخطينا كل حد ربما تجنبنا إيلام بعضنا..."

لبرهة كانت تحدق فيه بذهول غير مستوعبة الحماقة التي يتفوه بها... إلا أنها وبكل سخط العالم تتفهم الأفكار المنحطة الظالمة التي يتربى عليها رجال الشرق...

نقل راشد خطوة نحوها وهو يزفر من أنفه بعنف ثم قال "لا أريد مناقشة تلك النقطة بالذات من ماضينا"

تكورت قبضتيها بجانبها وصرخت بدور بتشدد تلوت لها حنجرتها "إذاً ما الذي تريده تحديداً منذ أن عدت... ما الذي ترغبه مني وأنت تحاول بكل قوتك رمي كل الذنب عليّ وحدي؟!"

قال راشد بصوت أشبه بمشرط حاد "أنا لا أحاول رميكِ بالباطل، أنتِ المسؤولة أمامي بفعلتكِ التي أعقبت كل شيء، عن حرمان ابني منكِ"

اشتعل بريق عينيها فتحولتا لانفجار شمسي إن طال أي حياة على سطح كوكب قريب منه سيبيده، نسيت في هذه اللحظة كل اعترافاتها لنفسها ..نسيت حالته المرضية التي قد أوشكت على أثرها أن تفقد أنفاسها هي.. تناست تماماً موتها حية وهي تراه يسقط بين ذراعيها مهدداً بفقده... هي محت كل شيء ولم تتذكر إلا أمومتها المغدورة عندما صرخت في وجهه بصوت أجوف قاسي "كيف تجرؤ... أما زلت تملك من التجبر لإتهامي؟! أربع سنوات أعاني... أربع سنوات دمعي لم يجف من جفوني.. أربع سنوات يا ظالم أتخيل طيف ابني، أئن بلوعتي, ابتلع غصتي وأنا أتخيل مجرد أشباح باهتة لطيفه، لرائحته، للون عينيه, لشكل ملامحه، أو حتى نبرة صوته... أربع سنوات قضيت منهم عاماً كاملاً ملقاة بين جدران بيضاء خالية من أقل متطلبات الحياة خوفا من أن أضعف وأقتل نفسي... أيام طويلة أقضيها صارخة مجذوبة مطالبة بابني فيقيدوني رغماً عني ويمنحوني عدة حقن مهدئة ربما تسيطر على هذياني... شهور عديدة لم أفرق بين وجوه والديّ، أخوتي، أو حتى الأطباء... كلهم... جميعهم... كانوا وحوشاً ضارية تهاجمني وتقطع من جسدي الحي، يخيل لي أنهم ينزعون قلبي مني... قلبي الذي تمثل في لفافة صغيرة للغاية توهمت فيها وجود ابني على صدري... كيف استطعت... إن كنت أحببتني كما تدعي كيف لك أن تتركني أوأد حية؟!! كيف؟!!"

اشتعلت أنفاسه وأخذ صدره يعلو ويهبط بألم مريع مكبوت شاعر بأن كل كلمة منها تخترق قلبه كالرصاص الحي نازفاً دماء غير مرئية من أجلها فقط..

"أصمتي... لا أريد أن أسمع ما كنت أجهله"

صرخت فيه وهي تقترب منه خطوة تشمخ برأسها قبالة وجهه تجبر عينيه على أن لا تترك القسوة المرسومة في عينيها الباكيتين "لا لن أصمت.. أردت أن تسمع.. أن تعرف، فيجب أن أذكرك، أن أعترف بما أخفيناه جيدا متهربين من البوح به... لقد كنت كل أملي، حبيبي، رجل أحلامي, عشق طفولتي ومراهقتي، ربما أنا أخطأت في تحميلك كل هذا.. ولكني أحببتك حباً مجنوناً متطرفاً نافس كل عشق وجد على الأرض يوماً، ولكن ماذا قدمت أنتَ لي إلا خيباتك.. أتجرعها واحدة وراء الأخرى بانكسار لا يجبره شيء..."

اختنقت نبرتها وغلبتها عبرتها ولكنها لم تبالي فليرى ضعفها.. فليسمع نواحها.. فليتعذب وهو يستمع لاعترافاتها بحب لم يقل يوماً بل ربما يزداد عبر سنين ككائن معمر في الأرض.. ولكنه أبداً لن يشفع له عندها...

"خمس سنوات بطيئة وكئيبة، كنت أنتظر فيها كل ليلة بأمل، كل ساعة من الساعات المظلمة أتمنى عودة الظالم... كنت أضم نفسي وأجفف دموعي وأعد قلب تلك الفتاة العاشقة التي كنت أعرفها بأنك ستعود وتداويها، ستكسر باب غرفتي الآن, في أي لحظة وتحتويني مجبرة، تداوي جرحي رغم أنفي, تخبرني بأنك أبداً لن تغدر أو تخون مرة أخرى.. ربما كنت سأرفض..."

انتفضت الآن وضاع كل ثباتها ليصبح جسدها القريب كورقة في مهب الريح وهي ترفع يديها تحيط بهما صدغيها بقوة رغم ارتعاشها تحدق في عذابه الصامت, في وجهه الشاحب بالندم دون أن يجد صدى يربت على ضعفها ...حتى أكملت بألم "كنت سأقاومك هذا أمر كلانا يعرفه، سأصرخ وأطالبك بمفارقتي، ولكني أثق الآن إذ أني نضجت كفاية مثلك لأعترف بأني كنت سأرضخ بالنهاية، سأتقبل احتوائك لي.. ربما خائفة ومذعورة ..غير واثقة في تكرار ذبحي على مقصلتك، ولكني بالنهاية كنت سأستسلم يا راشد... أنا لم أكن وقتها أملك هذه القوة في مقاومة عشقي لك ...في الأنين مداوية جراحي وحيدة... إلا أنك لم تعد أبداً، لم تحاول بما يكفي.. بما أستحقه منكَ.. السنونو خاصتك كانت تستحق أن تحارب من أجلها، أليس كذلك؟!"

لم يرد على الفور بل كان ينظر إليها بعينين رغم الوجع الكامن فيهما عنيفتين وصلبتين ومهددتين.. حتى تكلم أخيراً بنبرة قاتمة "من غير العادل أن تتمني كل هذا، وأنتِ تشهرين كرهكِ في وجهي وتعلنينه للعالم أجمع، متهربة عند كل محاولة مني للاقتراب... إذ أنكِ وقتها يا بدور لم تستحي أن توضحي أمام كل من يعرفنا ومن يجهلنا، وللمجتمع أجمع الذي حولنا بأنكِ زوجة مع وقف التنفيذ, تنفرين مني.. من زوج أصبحت علاقته الخاصة بكِ علكة في أفواه المجتمع المخملي، بل والصحافة.."

هتفت بغصة هائلة شاعرة بقلبها يسقط متهشماً لشظايا مزقت صدرها "كنت أتألم، موجوعة فيك، كبريائي جريح بلا ضمادة توقف نزيفه... لقد خنتني مع حثالة، ليتك حتى ملكت أي مشاعر تبرر قرفك معها"

صحح بخفوت قاسي "غروركِ أوجعكِ.. كبر نفسكِ غلب كل بصيرة لعقلكِ أو قلبكِ، كيف لأميرة آل الراوي أن تخان... لا, لستِ أنت المرأة التي تخان..."

تأوهت وهي تكرر مصدومة من نيل الحقيقة "كيف تجرؤ؟!"

قال بهدوء رغم النيران المخيفة التي اشتعلت في عينيه "بعد كل هذا أنا أجرؤ يا بدور... أجرؤ لأخبركِ بها واضحة... الأمر تخطى أني خنت عهدنا، زوجتي التي أحب... لقد تحول عندكِ وتوحش مغذيه كبر نفسكِ وعقدكِ اتجاه والديكِ.. لا.. أنتِ لست منى القاضي.. لست المرأة التي تنحني لأمر كهذا"

ارتعشت شفتاها بشدة وهي تقول "وهل أردت مني أن انحني، أهذا هو الأمر إذاً؟!"

مال خط فمه بشيء أشبه بابتسامة بائسة ثم قال بصدق "لم أرد هذا أبداً، كنتِ جزءاً يكمل كبريائي، لقد اخترتكِ لأنكِ ملكتِ من القوة والندية حد أني رأيت انعكاس نفسي فيكِ... وأنا لم أكن يوماً لأجرؤ وأحاول النيل من كبرياء جزء مني... إلا أني كنت من السذاجة لأفهم أن نهايتي على يدكِ.. إذ أنكِ تملكين من عجرفتي المزعومة الكثير"

هتفت بخشونة "تكذب؟!"

قال بجفاف "ليتني أتجنى... ليتني أقدر على حمل كل الذنب وحدي ربما أكفر عن ما سببته لكِ من الألم... ولكنكِ لم تتركي لي المجال، لقد أوصلتني لطريق مسدود... أنا كنت عاجز يا بدور... عجزت معكِ عن التدبر أو التفكر.. ماذا أفعل بعد وقد سددتِ كل الطرق في وجهي... قبل وبعد عودتي لكِ"

قالت من بين أسنانها وهي تحاول مسح دموعها المنسابة على وجنتيها بعنف نافضة يدها في وجهه بشرر "لم تقدم تنازلاً واحداً من أجلي، لم تحاول يوماً إشعاري بما تتفوه به من ترهات"

هدر صوته بقوة أجفلتها "بل قدمت الكثير، ولكنكِ لم تلتفتي مطلقاً لأي محاولة مني... دائماً كنتِ تضعين أمام عينيكِ الأسوأ، غافلة عن قصد كل ما أقدمه لكِ, ربما كنتِ ساعدتِ نفسكِ قبلي على الشفاء"

عضت شفتها السفلى مجدداً حتى أدمتها قبل أن تتكلم بنبرة التهبت لها أحبالها الصوتية "كنت تقدم على ترميمي ويدك تلتف من وراء ظهري لتطعنني"

هدر بقوة وصرامة "لم تكوني عدو لي لأفعل هذا معكِ... حتى ابني عندما عزمت على زرعه بداخلكِ كنت أرغب في الإصلاح ..إذ أني عجزت عن إيجاد طريق آخر معكِ، ظننت بكل غباء وجهل بأنه قادر على إصلاحكِ.."

نظرت إليه متألمة وهي تقول بصوت أجوف "سعيك لحملي كان أغبى شيء فكرت به ..إذ أنه لم يصلح شيء بل زاد فاجعتنا وجروحنا"

رد بنبرة قاطعة "بل فكرت في هذا الحل لشدة يأسي، لأنكِ لم تسمحي لي أبداً أن أنفذ وعودي الكلامية مثبتاً ما أنا قادر على تحقيقه"

قالت باختناق مستسلم "كل كلامك ووعودك ما كانت قادرة على ترميم الخراب بداخلي"

حدق فيها بكآبة وهو يهمس بجمود "هذه هي مشكلتكِ متهورة, انفعالية، تنقادين لما تريدينه أنتِ فتغلقين الباب ببغض انتقامكِ... رافضة منح فرصة.. فقط فرصة لم أطالبكِ بغيرها لتمنحي نفسكِ قبلي منفذاً للحياة"

صمت قليلاً وهو يستشعر الطعم الصدئ في حلقة بشكل أقوى...

ثم سمعها تقول بجمود "منحتك إياه عبر السماح لنفسي بحمل ابنك... ومنذ أن جلبت لي سلسلة أخرى من العذاب، دافعني بالنهاية لأفكر ماذا لو كنت دحرت تلك الفرصة أيضاً ألم أكن لأتجنب المزيد من الوجع؟!"

عقد حاجبيه لبرهة متفكراً قبل أن يقول بدهشة "هل تمنيتِ عدم إنجابكِ لإياب؟!"

هتفت فيه بحدة، بقلب أمومتها المفجوعة "أتمنى زوالك أنت عن الأرض، اختفاء كل فرد عرفته ولا أعرفه.. إلا إياب.. إلا طفل كان من حقي منذ أن عزمت على منحه لي... إياب كان تعويضي الكافي قبل أن تحرمني منه"

اندفع راشد قاطع الخطوات بينهما, عيناه تنطقان بوجع رجولي جعلها تثبت مكانها غير قادرة على صده, عندما مد أنامله وجذب خصلة من شعرها يلويها على يده وانحنى قليلاً وجهه موازياً وجهها.. وجهه ووجهها لا يفرقهما إلا أنفاسهما التي اختلطت بعبق الندم.. ثم همس بخذلان استنزفه "تعويضكِ؟... أنتحدث هنا عن نفس الابن الذي ذهبتِ لإجهاضه سامحة لمعدومة الضمير أن تتهمكِ في عرضكِ يا حرة.. وكأنكِ تصرين بكل غباء وعمى أن تساوي نفسكِ بالحثالة التي ذكرتها... وكأن كبريائكِ المعمي يدفعكِ للانتقام من خيانتي بالتشبه بهن... هل تذكرين يوم طلاقكِ يا طاووس؟"

فغرت فمها بنفس لاهث والدموع تتحجر على وجهها كما عينيها المشتعلة بجحيمها الخاص..

نال منها.. لم ترد وعلم أنها لن ترد.. عندها أكمل بصوت شق سكون الغضب المؤلم "لو تعرفين كم ندمت على هذه الليلة.. كم تمنيت أن أمحوها من تاريخنا معاً.. لكم جلدت نفسي وسأظل لآخر عمري على تلك الفعلة الحقيرة التي دفعتني إليها... إذ أني رغبت بأن أفهمكِ إلى أين أوصلتِ نفسكِ علّكِ تتوقفين، لقد وثقت بكل غباء بأنكِ لن ترضي.. لن تستمري بالغوص داخل الوحل الذي لوثتِ به ثوبكِ الطاهر، ولكنكِ بكل الوجع لم تستوعبي، بل قسمتني أنا يا بدور... الضربة ما زالت حية تنبض هنا ككل أوجاعي منكِ..."

أمسك كفها وضربها بوحشة ضربات متعددة على نبض قلبه المتسارع.. اهتز شيء داخل عينيها مرة أخرى، وانمحى الغضب ليظهر أمر آخر لم يفهمه.. ولكنه ويلا لوعته أسرته داخل سجنها من جديد، ها وكأنه تحرر من خلف قضبانها يوماً!!

لفهما الريح فجأة متضامناً مع انصهار عينيه هو داخل عينيها الكحيلتين المتحدثتين بلغة الحب الصامت...

لم ينطق أحدهما ببنت شفة لوقت لم يعلمانه مكتفيان برابط سحري يضمهما من جديد, يتحدان فيه داخل دائرة ملتهبة، تدور وتدور حلقاتها ثم ترميهما كل مرة في نفس حلقتهما النارية كما سلسالها الرمز الوحيد المتبقي من قصة عشقهما..

وما لا يعرفه هو أنها أخفته مصرة أن تبعده عن أي يد قد تطاله وتأذيه كما خسرت العديد... حتى كسرت هي حديث الأعين الأسطوري وهي تقول بخوف صادق "كنت مندفعة ومتهورة.. حبي الأعمى هو ما يحركني، ارتكب جنوني المنتقم واحد يعقبه آخر ظناً أني أوجعك، لتشعر بجمري المتقد داخل أحشائي.. لأجدني بالنهاية أعض أصابعي ندماً وأخبر نفسي بأنه ليتني لم أفعل إذ أن لا أحد تدمر غيري"

قال راشد دون تردد بنبرة بدت بعيدة رغم صراحتها "كوني على ثقة أن كل ضربة نلتها منكِ قسمتني قسماً، ولم تدمرني فقط"

اغرورقت عيناها بالدموع مجدداً وهي تنظر إليه بطريقة مزقت كيانه وهمست "لم تشعرني بهذا أبداً.."

قال بصوت أجش "ربما لأننا متشابهين جداً، غرورنا وكبرنا واحد.. لم أقدر على أن أجعلكِ تنالين مني.. جزء مكروه داخلي متأصل بطبيعتي رفض التنازل إلى هذا الحد"

قالت بتهكم مرير "حب رائع يا راشد ..كم هو حبك لي رائع مهلك!"

بدأت أنفاسه تتلاحق وكأنه يعجز عن التقاطها رغم يديه التي امتدت تمسك طارف ذقنها تمنعها من محاولة الهروب من مواجهة عينيه وهو يقول "بل أحمق، حبنا ذلك العشق الأسود الذي جمعنا هو الحقيقة الوحيدة الثابتة من بين كل ما مررنا به"

ارتفعت على مقدمة حذائها لتساوي طوله متحدية بالنظر إليه وكأنها تخبره بما لا يقبل الشك بأنها أبداً لن تهرب من مواجهة رغبتها بكل كيانها، ليس لشيء إلا لطعنه بالألم الشديد وبما يعتمل داخل فؤادها ويسكنها بأشباحه كاوياً شمسيها.. ثم تكلمت أخيرا بثبات "نلت مني وحطمتني كما رغبت.. ونلت منك أيضا، لذا المنطق يقول بأننا متعادلين... لذا لما لم تعد بإياب يا راشد؟! إن كان حبك كما تدعي أمر ثابت لا يقبل الشك كيف هنت عليك لتتركني في ذلك المصح, لألمي وجنوني؟!"

كسا وجهه الشحوب وتشقق فمه بقسوة إلا أنه قال بثبات حاد "لأني لم أعرف، أنتِ واثقة إن كشف لي أمر فلح أبوكِ في إخفائه لكنت عدت يا بدور.. أنا لست وحشاً لهذه الدرجة"

هتفت بانفعال وهي تحاول التحرر منه علها تبتعد عن هالته التي أسرتها "بل أنت أسوء من كل الوحوش مجتمعة.. أنا لن أصدقك.. أنت تكذب.. نمر الراوي العظيم لا يمكن أن يعجز على كشف أمر كهذا"

لم يسمح لها بالتحرك من مكانها القريب بل شدها كلها عنوة لتصبح بشكل وهمي ممتزجة فيه.. رغم قوله القاسي من بين ضروسه "أنا لا أكذب.. لا حاجة لي بعد كل هذا الوجع لأن أنكر أمراً كنت أجهله، لقد خدعت، سمحت لنفسي بأن أخدع ربما لأني كنت موجوعا منكِ حد الاغتيال.. لم أدرك كم نلتِ مني إلا عندما تركتكِ ورحلت، لأجد كل هالتي تنمحي.. كل قوتي التي غررت بها تتداعى حولي... أنا سقطت مثلكِ يا بدور, كنت ميتاً وأنا أستعيد كل حدث حقير أقدمتِ عليه ..صورتكِ وأنتِ تتبجحين ببطنكِ المنتفخ بابني احتفالاً بخطبتكِ على عمه، كانت تضامن مظهركِ وأنتِ تتهادين بتفاخر متأبطة ذراع الحقير ذاهبة للزواج منه... أنا كنت كاره ساخط... نعم أردت إيلامكِ كالجحيم، وتناسي حروف اسمكِ وكيانكِ لذا لم أسعى للمعرفة على الفور..."

فغرت شفتيها بصورة مؤلمة وهي تهمس بصدمة غير مهتمة بمشاعر كره توقعتها "هل... كنت هناك... رأيتني؟!!"

كانت عيناه قاسيتين مظلمتين مشبعتين بغضب أعمى وهو يميل نحو وجهها فلم يعد يفرق بينهما أمر وهو يقول بنبرة قاتمة "نعم.. لقد حرصت أن تزفكِ عيناي في تهاديكِ الواثق بجانبه.. أتخيل ولدي يبكيكِ كما فؤادي الذي ينعيكِ دماً.. بالنهاية هذا ما أردته الرد بالمثل.. رأيتها معي.. وأنا رأيتكِ معه"

هزت رأسها بيأس وهي تقول بارتجاف "بصرك أوهمك إذاً، لقد كنت أزف إلى قبري.. أنقاد لنعشي على قدميّ.. لا, ليس الأمر متماثل البتة"

قال بشرر "ربما... إلا أنه لم يجبركِ أحد.. لقد ذهبتِ لحبل المشنقة باختياركِ"

اصطكت أسنانها ليس برداً وإنما قهراً وهي تهمس "وحدث ما حدث ووصلت لغرضك.. خربت كل شيء وانكشف كل مستور.."

صمتت قبل أن تعود تردد بعينين عصف فيهما البغض "لماذا لم تعد يا راشد.. كل ما أردته لإحيائي من جديد هو إياب.. ابني فقط.. لم أكن لأتوسلك أو أنتظر منك شيئا آخر.."

قال بإصرار "لأني خدعت يا بدور... سمحت لهم بأن يخدعوني"

حركت رأسها برفض شديد بالتوافق مع يدها التي تكورت تضرب على صدره بيأس رتيب وهي تقول "مستحيل، أنتَ لا تخدع.. يصعب عليّ أن أقتنع ببساطة"

قال بحزم بينما يغلي في أعماقه غضباً من تذكر كل شيء بتعاقب "بلى خدعت, القناص المتربص بي لم يكن سهلاً.. وأنا وأنتِ كنا ضحيتين مغرورتين حد أننا أهملنا صيادنا الهزيل.."

ارتعش وجهها فقط واشتدت الشرايين في عنقها الأبيض وهي تهمس "لن أجادلك في هذا... نحن أغبياء فعلاً نفذنا كل مخطط خطط لنا بحرفية..."

يده خانته لتمس جانب عنقها المشدود ليس لعاطفة تضعفه بيأس ليلمسها من جديد محتويها من جديد.. وإنما لحزن عاصف بداخله مترجمه بحنو أوجعها... "لماذا لا نتوقف هنا.. رغم رغبتي في هذه المكاشفة أجدني أتساءل هل الجهل نعمة أم ستشفينا الحقيقة المؤلمة؟!"

انتفضت داخلياً بكل عنف وضعف الأنثى فيها يهاجم بشراسة دوافع قوتها.. وجدت نفسها تميل بجانب رأسها تريح وجنتها على ساعده حاجزة يده على عرقها النابض ثم همست "كلاهما مر ..الجهل موجع كما المعرفة ..لذا أنا أختار الألم ...أكمل لما حرمت ابني مني؟!"

صوته كان شديد الحزن مستنزف من الندم وهو يقول "عندما عزمت على أن أرحل خططت بإصرار أن أعتم على اسمكِ وصفتكِ في حياتي، أن أمحوكِ علّ ألمي منكِ يخبو ويندثر، إلا أني وكأني أخدع نفسي إذ أني تركت لكِ طرف خيط تصلين لي وابنكِ بنفسكِ... ورحلنا ووجدتني هناك أنتظر ليال وأيام نفس أيامكِ المعذبة، كنت أجلس في حديقة المنزل أحمل طفلنا بين ذراعيّ عبثاً أحاول تهدئته وإطعامه حتى لا أفقده ..بينما وعد واحد لا ينفك أردده له هامساً مصراً واثقاً (ماما ستأتي في أي لحظة لتمنحك حقك فيها)"

هزت رأسها شاعرة بدوار هائل يلفها وهي تهمس بيأس "الهاتف؟!"

اشتدت أصابعه مكانها على جلدها عارف أنها ستترك أثر طويل هناك كما كل آثاره ودمغاته فوقها.. ثم قال من بين أسنانه ببغض موجه لذاته "لم يخطر على بالي للحظة واحدة أن طاووسي الجبارة التي لم تتردد في منح الناس لحم ابنها كما شرفي، يلوكونه بين أفواههم بعدم نسبه لي, أن تكون بهذا الضعف.. ربما أخبرت نفسي أني سأصفعكِ بما فعلتِ، سأسبب لكِ انهياراً لساعة, ليوم، أو ربما لأسبوع ..ثم ستفيقين أخيراً من ضلالكِ لتدركي بمن ضحيتِ كقربان لانتقامكِ الغاشم.. ثم بعدها ستعودين لتبحثي عنه"

رفعت وجهها محررة يده وتدحدرت بعيداً عنه وكأنها تصر أن تبني حول نفسها من جديد أدرع تداري فيها ضعفها المريع نحوه ثم قالت بصوت خشن قاهر "تكذب مرة أخرى.. لم تكن لتعطيه لي من جديد بعد أن حرمتني منه.."

لم تتغير ملامحه وهو يتقبل رد فعلها بهدوء شديد ثم قال "كنت سأفعل، ظننت مثلكِ بأني جبار حد أن أحرمكِ منه، ولكن أمام دموعه وضعفه خفت ..أنا خفت أن أفقده يا بدور لفصله عن صدر أمه.. خفت حد تنازلي إن كنتِ أتيتِ لكنت أعطيتكِ إياه.. مؤكد بشروط قاسية مثل أن تبقي في ذلك المكان ولا تعودي لهنا أبداً نازعاً كل مخالبكِ التي قد تطاله بأذى ونفسكِ المعتمة ... ولكن بالنهاية كنت سأحيلك لطفل عاجز أن لا تتركينا سوياً.. لن أخجل منكِ لأخبرك في هذه اللحظة أن كل أحلامي منذ أن حملت إياب بين ذراعي تمثلت في بيت هادئ, سكن رحيم يضمنا معاً, نربي فيه ابننا بسلام ومودة"

حبست أنفاسها ويدها تلقائياً ترتفع لتحيط فمها بعنف تعصره في راحتها وكأنها تحاول منع صرخة لوعة وندم لأنها صدقته....

همست أخيراً بصوت متألم مرير من فمها المكتوم بيدها "كنت أكثر انهياراً.. فاقدة لعالمي.. على ماذا تلومني وأنا ملقاة...."

قاطعها وهو يلتفت بعيدا يدور مكانه كنمر شرس وجد نفسه محشوراً في فخ محكم ثم حرر خطواته أخيرا نحو أقرب شيء صلب وجده وأخذ يدب فوقه بعنف وكأنه يحاول إخراج كل غله وهو يهتف "توقفي.. اللعنة.. أعرف الآن... للأسف أفهم وهذا يقتلني مجرد تخيلكِ هناك وأنا غافل في وجعي وحسرتي بدوري يعذبني.. إلا أني آن ذاك لم أدرك يا بدور ..عندما بحثت عنكِ رافضاً أن أصدق الأخبار التي نشرت في الصحف كالنار في الهشيم ولم يكذبها أبوكِ.. حاولت أن أصل لكِ عبر هاتفكِ فلم تجيبي.. أيام طويلة أطلبكِ ولا مجيب.. فأخبرت نفسي أن أحدثكِ على الهاتف الذي تركته ربما غلكِ لم يسعفكِ بعد لتطلبيني منه بنفسكِ.. ولكن كانت صدمتي كلياً في ذلك الرجل الذي أجابني مكانكِ يخبرني عن ترك العروس له خلفها"

"يا الله , أي رجل هذا الذي لا تنفك أنت وهي عن ذكره؟!!"

‫قست عيناه وهو يلتفت نحوها بشرر مقابلا عينيها "وهل يهم..."

قاطعته صارخة بتوحش "عندما يصبح طرفاً في تدمير حياتي.. نعم.. يهم"

عاد ناحيتها بسرعة وأمسك عضديها من جديد يهزها بعجز بينما وجهه يتلون بالقسوة وهو يقول "هذه هي مشكلتكِ دائماً.. يجب أن يتحمل طرف آخر سبب مصائبكِ.. يجب أن يتحمل أي أحد عداكِ مسؤولية طيشكِ.."

نظرتها المتكبرة المستفزة لم تتزحزح وهي تحدق فيه بفم مزموم غير متنازل..

أكمل بخفوت "لا ليس مهماً... ولكن إن كان يريحكِ لقد بحثت عنه ووجدته بطريقتي... عند اكتشاف الحقيقة ولسخرية القدر هو مجرد عامل في تلك القاعة وجد الهاتف وانتظر صاحبته التي اعتقد أنها أتمت عقد قرانها بالفعل.. الرجل لم يركِ وأنت تهربين, لم يرى العرض المبهر عقب إرسالهم لنضال، فقد اكتفى أن يرى سعادة العروس المحبة وتلهف العريس العاشق.."

رغم رؤيتها لتلوي وجهه كالطير المذبوح عبر كلماته، إلا أنها لم تكن تشعر نحوه بالشفقة، بهذا الأمر بالذات، ألم تذق هي من نفس الكأس عندما كانت تتخيله مع أخرى؟!

أكمل راشد بنفس مكتوم "كان يجب أن أتأكد, أن أعرف إن كان مخطط آخر منهم, أحد دفع له لإخباري بما قال.. وإن كان اعتمادي وقتها لم يتوقف عند هذا فقط.. إذ أني وقعت في فخ آخر لا يغتفر"

استفسرت مقتضبة "كيف؟!"

قال بجمود "سمحت لهم بالتلاعب بي، إذ أني تواصلت مع مكتب المحامي، لأني بالطبع لم أرد التواصل مع أي أحد منكم غيركِ أنتِ... ولكن من أجابني أكد لي بما لا يقبل الشك أن عزام تزوجكِ بالفعل, ولهذا أبوكِ أصر أن يفعل المستحيل لإخراجه، لقد غفلت تماماً أنه كان ينتظر اتصالي خصيصاً!"

قالت نافرة "يستحيل أن أصدقك, أنا أثق في محامي العائلة أكثر منك شخصياً"

ضحك بصوت أجوف, مريض وهو يقول بنبرة مظلمة "لم أتوقع أن تصدقيني... ولم أقل أنه محامي والدكِ بل أحد شركائه في مكتبه ذاك الخاص بالقضايا الجنائية ... هل تذكرين أي حادث عرضي حدث لأحدهم منذ عامين وأكثر؟! "

توسعت عيناها بقوة وهي تقول بذهول وكأنها أدركت ما يتحدث عنه "قبض على المحامي ذاك الذي أخرج الحقير من السجن عقب قضية كبرى ورط بها"

رفع راشد رأسه ينظر إليها جانباً بتشنج قبل أن يقول "كان على أحدهم أن يدفع ثمن خداعي، وأنا لم أستطع أذية عزام وقتها مجدداً ليس حرصاً على الأخوة ولكن لتجنب فضائح أخرى لم يحتاجها أبوكِ وخالد حينها، أو ربما تستطيعين القول أني كنت قد وصلت لمرحلة الزهد"

عندما خلصت عضديها من بين يديه فلم يمانع إذ بدا كأن الضعف الناتج عن التذكر ينال منه كلياً "كيف كشفت كل هذا؟!"

لم يرد على الفور بل ظل ثابت في مكانه, كفاه الخاليان من طيفها مرتفعين يقبضان على السراب... ثم قال أخيراً وهو يطرق برأسه بعيداً عن النظر إليها "عقب أن تجرأ رجلي المخلص الذي يتتبع خالد والشركة بإخباري أنكِ عدتِ للظهور إذ أني كنت أرفض تماما أن يلوح بأي شيء عنكِ كما أخبرتكِ... ولكنه أصر على أن يدفع الحقيقة التي علمها أخيراً، عقب عودتكِ وحيدة, حزينة, متجرعة وجع فقدكِ لطفلنا.. وبأنكِ لم تتزوجي بالأصل.. لقد سمح لنفسه بالبحث كثيراً وراءكِ واكتشاف أين كنتِ، وأين مكان عزام الحقيقي الذي نفاه فيه ياسر..."

شحبت تماماً وهي تحدق فيه ذاهلة، أنفاسها تتسارع, أطرافها ترتعش، جسدها يترنح قليلًا حتى مدت يديها تتمسك بساعده وكأنها تحمي نفسها من خطر السقوط.. بينما هو ظل مكانه لا يحتوي ولا يقدم دعمه، ليس جموداً في حد ذاته وإنما قهراً على حالهما، غضباً أن كل من سمح للأيدي بالتلاعب بهما لم يكن إلا عمل الاثنين... لقد تمادى في غله عليها... وغلها منه حتى عميا عن كل من استغل الفرص ليزود من الفجوة بينهما...

(عندما تسمح للآخرين في التلاعب بك لا تلم إلا نفسك، لأنك ببساطة إن لم ترد، لن يستطيع أحد تضليلك)

قدرت على أن تنظر إليه بعينين خاويتين أخيراً وهي تشعر بالألم يتزايد داخلها ويتشعب وهي تقول "إذاً أنا استحق ما أنزل عليّ من عقاب؟!"

قطب وكأنه أُخِذ بإجابتها إذ لم يتوقعها إطلاقاً "ماذا؟!"

أشاحت برأسها جانباً وهي تقول "دعنا من مؤامرات عزام، ومن تطرف والدي، من جحيمك.. من غبائي... من كل هذا، إذ أني أصبحت لا أحتاج لكل هذه المبررات أو المسببات التي أوصلتني لهنا... أنا أخطأت.. أذنبت"

عيناه كانت تنفثان لهباً وهو يقول "إلى ما تحاولين الوصول"

بدت تقاسيم وجهها شاردة وهي تغلق جفنيها بعيداً عن مواجهته إذ أنها عجزت عن النظر إليه وهي تتمتم بضعف غريب على أذنيه منها "عندما سقطت من بين ذراعي توقف كل الزمن للحظة عاجزة عن تصديق أني سأفقدك ببساطة... ثم للحظات أخرى مرت كل حياتك أمامي ببطء... أنا من راجعت كل شيء بدل عنك بفرقعة إصبع, بدا كل شيء في الوضوح.. حبك الذي سكن داخل أضلعي وظننت أني دفنته واجهني صارخاً أنا بضع منكَ، لذا بدا منطقياً جداً أن تمر حياتك سريعاً بين عينيّ وداخل خاطري، بينما دقات قلبك أنت تخبو..."

تحشرج نفس داخل صدر راشد وهو يهمس بتعجب "بدور..."

هزت رأسها وهي تمسك بيده التي ارتفعت لتحاوط وجنتها ووقفتها في الهواء بينهما ثم أكملت "متى أحببتك.. أنا لا أذكر تحديداً حتى متى نبض لك قلبي بالعشق، إذ بدا شيء بعيد, قوي وكأنه ولد معي موشوماً بجوارحي.... لا أنا لم أعلم نفسي حبك فقط، بل هو جزء مني.. ولد موشوم بي..."

فتحت عينيها أخيراً ببطء مصرة على التحديق في عينيه وهو ظل ينظر إليها غير قادر على الرد وبدا كأنه لا يستوعب انتقال مشاعرها واعترافها من النقيض للنقيض.. ولكنه ظل أسير النظرة في عينيها، نظرة متوهجة بإصرار عجيب وجديد... أكملت "إلا أني توقفت عندما كثرت السكاكين التي طعنتني ..أجدني بنفسي القديمة ما بالي أهتم لرجل لم يتردد في ذبحي عشرات المرات, خطف ابني مني ودمرني.. لأجدني بالنهاية أقف مستسلمة أمام مرآتي أواجه كلا المرأتين اللتان تتناحران بداخلي منذ عشرة أعوام كاملة.. وكالسحر وجدت في روحي القوة أن أكمم تلك المتعجرفة وأن أجلدها بسياطها، مناصرة لأول مرة أنثاي التي نفرتها ظناً مني بضعفها فبغضتها.. ولكنها بالنهاية لم تكن إلا صوت العقل والحق"

بدا راشد تائه كلياً لا يستوعب ما تتفوه به ..ولكنه لم يجد في نفسه القدرة لأن يوقفها.. توتر قليلا وبدت شاردة باهتة, بعيدة عنه جداً وهي تقول بخفوت "ماذا فعلت بنفسي.. كيف أجرمت بحقها لهذا الحد.. أي إنسانة بغيضة كنت عليها، كيف حركني جرحي منك ولهاثي وراء انتقام حقير راغبة أن أرد ضربتك أضعاف، فضيحة تعقبها أخرى.. الجرائد تتحدث عني.. عودتك ثم ضربي لك بإرسال رجال اخرين.. فضائح أخرى.. حملي بابني.. محاولة إجهاضه.. ثم ذهابي إليك وأنت زوجي كأي عاهرة.."

رفع يده الأخرى واضعاً كفه على فمها، وتشابكت أصابع الأخرى مع أصابعها، ثم أسند جبهته على جبهتها وهو يقول بقهر "كفانا ..سنذبح بعضنا من جديد، وأنا ما عاد فيّ نفس لأراكِ تتألمين من جديد"

هزت رأسها رافضة أمره ثم دفعت رأسها للوراء وهي تقول بنبرة باهتة موجوعة "أنا من شجعتك لتقدم على كل فعل جرحني... دعنا من أمر تشكيكي في نسب سَبنتي لك، هذا أمر آخر يجعلني أرغب في الموت ألف مرة، ودعنا من خيانتك لي إذ أني بكل أسف العالم الآن أصبحت من النضج كفاية لأعترف بوجوب نصيحة نوة أي تركك وراء ظهري... إلا أني لم أفعل بل وصل عماي لأن استسلم لعزام ..عزام لا غيره ينال من ثوبي الناصع.. أي حرة بقيت بي.. كيف أستطيع النظر إليك الآن كما الماضي وأتبجح بأن الحرة لا تنكح لزاني"

مد يده مرة أخرى ليقبض على فكها بقوة ..وهو يأمرها بجمود خالٍ من المشاعر "لا تتطرفي وتبالغي في ندمكِ... أنتِ بدور الراوي اسم يفرض طهارته وشموخه على كل من يسمعه ..لا أحد يجرؤ على اتهامكِ بما تحاولين تلبسه، أنا لم أشك بكِ لحظة، أبداً مهما فعلتِ وجننتِ.. ما كنت لأشك فيكِ"

هتفت بقوة وغضب "لقد سمحت لهم أن ينالوه وانتهينا لذا شكك من عدمه لن يشكل فارق... إذ أني اكتشفت أن وحل الحرائر ليس بالوقوع في الخطيئة فقط.. بل بكل فعل يصدر عنا ويحاسبنا عليه المجتمع المريع بأفكاره وقوانينه المجحفة في كثير من الأحيان.. وأنا سمحت لكل لسان أن يلوكني بالباطل ..لذا أجدني الآن أتساءل هل كنت سأصلح وقتها بالفعل لتربية إياب، لاحتضان ابني، هل كنت سأقوم بدوري جيداً كزوجة لك أو لغيرك؟!"

التوتر الآن كان من نصيبه، ربما من عنف مفاجأة الكلمات غير المتوقعة بالمرة إلا أنه قال دون تردد "لا لم تكوني لتصلحي.. إن بقي لكنت دمرته وربما أسوء فقدناه، وفقدتكِ..."

أطلقت تأوه معذب وهي تنظر إليه بعينين واسعتين هشتين للغاية, الدموع تنساب على وجهها بصمت, غزيرة.. رغم أنها من أطلقت السؤال ولكن الإجابة ذبحتها من الوريد للوريد من جديد...

إلا أنها تمالكت نفسها وهي تعود لسؤاله بهمس شديد الخفوت "عرفت بعد عام ونصف وانتقمت ممن خدعوك... لماذا لم تعد.. لماذا عذبتني كل هذا.. أنت كنت تملك ورقتك الرابحة يا راشد إن عدت لكنت نفذت لك كل ما تريده مقابل أن أحتضنه من جديد ..كما يحدث الآن؟!! "

تكلم راشد بهدوء "الإجابة بسيطة يا طاووس، حد إن صرحت بها لن تشفي وجع عايشته بل ربما ستميتكِ من جديد لزهدها في عقلكِ رغم جلال معانيها لي!"

أغمضت عينيها على دموع انسابت بوفرة.. وهي تهتف بخشونة "أي شيء... أقبل منك بأي إجابة حتى وإن أوجعتني"

صمت راشد أمام تظاهرها بالقوة... قوة رغم ثباتها إلا أنه أحس بالخذلان الذي تداريه "ظننت وقتها أني استعت الفوز باستقرار كلا طفليّ.. ترددت أن أعود فيعود كل شيء من جديد.. أبوكِ يطارد ابنتي بجحيمه، أنتِ تحاولين نزع إياب من جديد والحجة قوية هذه المرة فقد سبق لي خطفه منكِ عنوة... فكرت كل ليلة ويوم إلا أن تاريخي الطويل معكِ كان يغلب كل عزمي... فأخبر نفسى بشكل جزم أنكِ لم تتغيري، ستعودين لاندفاعكِ، لهياج أفعالك، أخبرتك بأنكِ أوصلتني للزهد ...آلمتني بحق"

قالت بصوت أجش "أنت خفت للمرة الثانية؟!"

قال بوضوح تام "نعم.. نعم خفت لأول مرة في عمري.. خفت واهتزت مكانتي أمام نفسي، أنتِ لن تفهمي معنى أن ينظر رجل معتز جداً بنفسه لكبريائه المتصدع بانهزامه لامرأة غير قادر على محوها... نعم خفت حد أني لم أقدم على جرح نفسي بتخطيكِ والبحث عن أخرى كما كان ليفعل أي رجل مكاني... خفت على أرواح ليس لها أي ذنب في حشرها بحربنا... ومن دافع رعبي اخترت النجاة بكلا طفليّ مبيح لنفسي كل محظور يا بدور ..وأنتِ لم تمنحيني ولو أي أمل بسيط للثقة بكِ، لربما كنت عاودت البحث عنكِ وضممتكِ إليهما، علكِ تسمحين لي بترميم الخراب الذي افتعلته فيكِ"

انفرجت شفتاها بألم وهي تهمس دون سيطرة "إلا أنك لم تفعل يا راشد ..لم أستحق منك أي تضحية أو مخاطرة"

ابتسم... هل الوغد يبتسم على سؤال أنوثتها المقهورة..

إلا أنه عندما تكلم قال بصوت مبحوح فاقد سيطرته على وتيرته هو الآخر "لو كنتِ تقبلتِ يدي المفرودة بالسلام مرة واحدة... ما كنت سمحت لنسمة تعبر جانبكِ.. ولكنكِ لم تقدري... تمنيت.. يا الله كم حلمت بكِ بجانبي, بين ذراعي أضمكِ إليّ, أكتفي بوجودكِ عن العالمين... وأنا أريح رأسكِ المثقل على صدري ماحياً كل الماضي مزيله بكل آلامه من جذوره... زارعاً بداخلكِ جذور جديدة لا تمنحكِ إلا كل سلام وحب استحقيتِه... حلمت وحلمت وتمنيت ..توقعت وتخيلت كل شيء بكل صورة ممكنة وغير ممكنة.. إلى أن أصحو على الواقع المرعب.. كان لصورة واحدة لا تتغير.. الألم ..والألم وحده يا بدر البدور"

تقهقرت بدور خطوات متحررة منه حتى أسندت ظهرها على جذع الشجرة يديها معقودتان خلفها.. إلا أن صوت خربشة أظافرها في اللحاء كان يبدد الصمت الذي حل يتردد صداه فيخدش داخل فؤاده هو...

عندما لم ترد مكتفية النظر إليه بصمت.. أكمل راشد مفرغاً كل ما في جعبته دفعة واحدة عندما قال بخفوت واهن "لم أخبره عنكِ، ليس قسوة كما تعتقدين وإنما ضعفاً مني، رأيته يتعذب لفقدان والدته ..وكنت جبان حد أن أذكركِ أمامه، لم أكن مستعد لسؤاله الذي سيلح به لا محالة ..أين أنتِ ولماذا تركته... عذاب يا بدور, كل ليلة أنظر لوجهه وأسمع سؤاله الحزين لماذا لا يملك أم كما كل الأطفال، فاعزم بكل قوة أني سأخبره، سأعلمه أن أمه ما هي إلا طاووس قصته التي اغتالها النمر البشع ممزقها... أعذب نفسي بأن إياب يجب أن يعلم بأنكِ مفجوعة فيه.. تنتظرينه كما هو ...مقرر أننا في الغد سنعود إليكِ فأرميه على صدركِ كما انتزعته... ولكن كل صباح أنظر لعينيه ولملامحه وأتذكر الخراب الذي خلفته حربنا أجد أن كل وعود الليل تمحى لأختار بكل حزن الحياة التي قررتها له ولي بعيداً عنكم..."

كانت تحدق فيه بجهاد يأسر النفس, جفنيها يرمشان بدموع العين "هل كلامك هذا يفترض به أن يخفف عني، أم لأن يغضبني منك ويؤلمني بشكل مضاعف؟!"

زفر راشد وهو يقول "ربما تجدين كل هذا شيء هين.. ولكنه على رجل مثلي تلظى في حريق صرف ..إذ أن مجرد النظر كل لحظة وأخرى لأراكِ فيه ..عنادكِ, شقاوتكِ القديمة, ملامحكِ، طريقتكِ, كل ما شكل ابني كان لكِ وكأنه خلق كنرد حظ لعذابي... وهذا كان يقسم ظهري ويعذبني بذنبين وعشقاً فقدته... وتسرب كما كل شيء من يدي.. كنت خالي الوفاض حد أني لم أقدر وقتها على مجازفة أخرى"

حدقت فيه مجفلة، والألم المألوف يحطمها من جديد، إلا أنها قالت بعينين خاويتين "هذا لا يداوي جرحي.. كل هذا مقنع ..ربما أنا فعلاً استحققت هذا العذاب... ويجب أن أقر الآن بأن نسختي القديمة لم تصلح لاحتواء هذا الطفل الرائع الذي تتحدث عنه ..إذ أني مجبرة على إخبارك أيضاً بالحقيقة المرة، إن بقيت أو عدت حينها ..ما كنت لأكف أبداً عن إيذائك بإياب للحظة ...حتى وإن علمت بكل الحقائق وكل الظروف التي تكالبت علينا"

صمت لبرهة وهو ينظر إليها بعينيه الحادتين بتمعن قبل أن يقول باقتضاب "بماذا يجب أن يشعرني هذا يا بدور؟!"

قالت بخشونة "بحقيقة واحدة يا راشد أنا لم أنظر إليك مطلقا على أنك إنسان عادي يخطئ ويصيب.. مجرد بشر مثل الجميع لديك جانب مظلم وآخر مضيء.. عندما أحببتك تشبثت بجانبك الساحر المبهر مبررة لك كل شيء, مصدقة أنك قادر على التغير من أجلي ..وبعد أن عاديتك موهمة نفسي بكرهك لم أبصر فيك إلا جانبك المعتم البغيض كشيطان رجيم... إلا أن ليلة أن هددت...."

صمتت مرة أخرى وهي تشيح بوجهها عنه ثم همست بقهر "ظننت بأني أتمنى موتك, كل ليلة في غياب ابني كنت ادعو عليك بكل حقدي وبغضي أن أسمع خبر موتك... أتتخيل أي وضيعة أنا ..إلى أين أوصلني قهري على ابني.. موت الرجل الوحيد الذي أحبه حد العمى عل بموتك يعود ابني لي ..ولكن التمني الخبيث شيء، والواقع أمر آخر.. كنت لأقتل نفسي قبلك.. لا حياة لي في عالم لا تتنفس فيه أنت"

كان يجب عليه أن يقهر، أن يغضب ويكرهها لما تقول ..لما تمنته.. ولكن ما شعره في هذه اللحظة أمر آخر تماما.. إذ أنه أحس بحاجة ملحة أن يضمها رغم كل شيء ..أن يحتضنها رغم كل الموانع.. معاق.. يقسم برب العباد أن غباء بدور في المشاعر انتقل إليه كجرثومة، ليضحي الآن مجرد معتوه القلب والتدبير...

ووجد نفسه ينقاد ليفعل مخرساً عقله، وكأن جسده تحرك رغم إرادته بما همس به الفؤاد والأضلع التي تأن لتحتويها.. اقترب منها ولم ترفضه أو تهرب بل رفعت له عينيها الواسعتين تلاحق ملامحه بانبهار عجيب، يدها تستند على قلبه الذي هدر بعنف ليس مرضاً وإنما عشقاً بينما همست شفتيها باسمه حباً متضرع.. قبل أن يحبس أنفاسه ويده تلتف حول خصرها بتلامس بسيط لم يصل حد التملك والاشتياق العنيف بداخله.. هبطت رأس بدور تسندها على كتفه في البداية إلى أن تحول تلامسهم العابر لشيء شديد الخصوصية, لأمر ملح.. أن يحس بها قرب شريانه كما فعلها أول مرة هنا بالذات في هذا المكان داخل أشجار حديقة آل الراوي العريقة!!

لم يترك للعقل مكان عندما دفعها دفعاً بداخله.. كلا يديه تلتف حولها معتصرها بعنف فقده، بينما رأسها دفنته براحة بين نحره وعضده وطرف صدره فشكل أقداس ثلاثية من حب خالص, من عشق عتمه الزمن الغادر وضلال كليهما... سامحة له أن يحتويها لأول مرة منذ زمن بعيد ..أصابعها تنبشان على صدره, قبضتها تتكور تخبط على قلبه برتابة هادئة وهي تهمس بصوت مكتوم "لا أستطيع العيش بدونك.. كل هذا.. كل ما فعلته بي ولم أقدر على تخيل هذا، أي ضعيفة أنا، أي ذليلة أنا... كيف لي أن أظل على حبك لهذا الحد فاقدة لكل المنطق؟!"

لم يجد في نفسه القدرة على الرد بل ظل يحتضنها أكثر ..يحس بذلك التواصل معها وكأنها تعيد ضبط ضربات قلبه من جديد ..تضخ دمائه بشكل منتظم لتجري في عروقه ..وكأنها تصهر نفسها لتصبح جزءاً ممزوجاً فيه.. وكأنها.. وكأنها الحياة بأسرها، تمنحه فرصة أخرى للعيش..

لطالما استطاعت بدور أن تشعره بأنه رجل آخر.. رجل هو نفسه يصدم بوجوده.. ليته ما فقدها.. ليته كان من الحكمة معها بأن يكسبها.. ليتها ما كانت بكل هذا الغل!

ولكن متى تمنيه المتكرر حل شيء أو محى أفعالهم... مشكلته الأساسية التي فهمها أخيراً أنه وبدور فعلاً وجهان لعملة واحدة وكما شبههما يوماً جبلين من نار تواجها إن انفجرا لمحيت معالم الكون كله مخلفين فقط الرماد والدمار لتصبح الأرض لقرون عديدة تغرق في العتمة والخراب...

عندما همست من فوق نحره, أنفاسها تعانق خفقان قلبها المتوهج بشكل غير طبيعي... ضمها إليه أكثر مسبباً لكليهما وجعاً ممتع..

متأوهة بشجن وهي تعترف "لم أتزوجه، رفضت أن أتمم القران قبل أن أكتشف أي شيء وتصل لي رسالتك... لم أقبل بأي رجل مهما حاول التقرب مني، لسبب واحد لم يتغير رغم كذب أسباب لساني... كل الرجال مجتمعة ليسوا أنت يا راشد ..بل بكل خزي أنا لم أرى بالعالم رجلاً سواك"

اختنق وهو يهمس فوق رأسها "كفى يا حبيبتي... أرجوكِ"

هزت رأسها بنفي شديد وهي تتنفس بعمق أكبر مستنشقة أكبر قدر من رائحته حابسة إياها ما بين الاضلع... قبل أن تنزع نفسها منه انتزاعاً أوجع كليهما..

ولكنها كانت وكأنها استمدت من اتحادهما قوة جديدة أنبتت ريش طاووسه المنزوع بشكل مبهر... وهي تردد بصوت دافئ أتى من أعمق بقعة في قلبها وعقلها متضامنين تمردا...

"ولماذا النكران، الصراحة منجية على الدوام .. أنا لم أقدر على الاستمرار.. ولم أقبل بعرض تميم الملح، رغم كل شيء الأنثى بداخلي ترفض بشكل قاطع تخيل وجودها مع آخر... بعد أن نالت من العشق بين ذراعيك أنتَ حباً صافياً يا راشد, لن أقبل بكشف نفسي أو النهل من رجل آخر سواك"

انتفض جسده بعنف ..واعترافها الواضح يسيطر على عقله حد أن نال منه ووترته جاعلة إياه يفقد كل صلابته معها.. عيناه كانت تحدقان فيها من جديد.. دمعها الذي أرهق عينيها الجميلتين كان كلؤلؤ منثور على وجهها شديد الثقة.. شعرها العسلي الذي التف حول كتفيها وعنقها الطويل الذي شابه عنق البجع بسلوكه الناعمة ليتحد مع صفار عينيها الذي نافس لون النرجس كان يمنحها مظهر طاغي الأنوثة... أنوثة وحده الذي شق الطريق إليها، عارف وموقن بأنه المتفرد بها.. تعالت ضربات قلبه بشكل خطر على وضعه الحالي "لن أسمح لكِ بأن يكون هناك آخر.. كما أني أعلم جيداً بأنكِ أبقيتني في طاحونة دماركِ لأنكِ لن تجعليني أرتبط بغيركِ.."

وضعت يديها هناك على قلبه وكأنه خيل لها أنها قادرة على تهدئته والتحكم فيه ..وكم كانت محقة بشأن واحد... التحكم فيه، في رجل مثله بصلابته وثقته.. بشراسته ومكانته.. وبضعفه الآن في حضرتها..

"عندما اعتقدت أن القذر نالك على كل حال حتى وإن كان بعقد زواج كنت أحترق، ادمر, أشعر أخيراً بعمق وعنف جرحكِ مني... أنا كنت سأموت فعلاً ...أنتِ لي.. لي.. كيف سمحتِ أن تصبحي لغيري؟!"

همست بصوت متضعضع "ما كنت لأسمح، كان يجب عليك أن تثق بأني مهما تهورت لن أصل لحد أن يكون هناك آخر بعدك"

اتحدت نظراتهما مجدداً وداخله شيء يبزغ بنور الأمل من بين غيوم الحزن العريق عندما قال بصوت أجش جاف "إذاً هل يمكننا يوماً أن نبدأ من جديد ..بداية بيضاء.. لن أطلب منكِ نسيان الماضي فيها ولكن التغافل عنه، من أجلنا وابننا لكي نعيش، أعدكِ فيها من جديد بعدم جرحكِ... بالتعويض... أقدم فيها نذوري وعهودي للمرأة الوحيدة التي أحبها بصدق ولن أقبل بسواها؟!"

أغلقت بدور عينيها، ثم تنفست في وجهه محاولة تغليف هذا القلب العاصي بقناع صلب في وجهه من جديد.. ثم قالت أخيراً وهي تحرر صدره من كفها وتتقهقر من مرماه مبتعدة من أمام وجهه الذي شحب وكأنه أحس بالإجابة الموجعة... "أحبك، هذا أمر تعبت وأنا أبوح به، لن أقبل بغيرك أمر عجيب ولكن مفروغ منه أيضاً ...إلا أن وجيعة أمومتي ستظل حائط منيع بيننا ..سد بني من الحديد وصب بين فواصله النحاس حتى لا يثقب يوماً وتصل إليّ منه..."

قال بصلابة "أنا قادر على إذابته يا بدور والوصول إليكِ"

أشاحت بوجهها وقناع من القوة كسا وجهها ثم قالت بصرامة "إياب كل شيء، وحده القادر على إذابتي وإجباري على ما لا أطيق.. ورغم هذا حتى إياب لن يجبرني يوماً على مسامحتك مهما ألح وطالبني"

قال بصوت أجش خشن والألم يعود يلوح على ملامحه "لقد ظننت أننا.."

قالت دون النظر إليه "أسامحك على كل شيء يا راشد، أغفر لك أخيراً كل ما فعلته بي... إلا حرماني من ولدي، أتفهمك مؤكد أقدر رعبك على سَبنتي وهو، أتفهم الآن أن جرحك مني نافس جرحي منكَ... ولكني لن أغفر لك جهل ابني بي, كرهه لي، وشكوكي.. أوشكت على من جديد مستبدلني بغيري يلجأ لذراعي غيري محتمياً فيها مني في أصعب لحظات كنت أحتاج لضمه إليّ وطمأنته وطمأنة نفسي به.... لذا أنا آسفة"

قال بصرامة رغم يأس النبرة "وأقسم أني نادم، كما لم أتخيل نفسي قط ..نادم على ما فعلته بكِ ولكن لا أستطيع أن أعود بالماضي لأصحح ما كان.. ليتني أملك تلك القدرة الخارقة ...كما أقسم أني أريد ترككِ لتعيشي كما تريدين ...ولكن لا أستطيع فعلها ..أريدكِ زوجتي أم لابني"

زمت فمها بشدة قبل أن تقول "أنا أستحق بعد كل هذا ، أن ترغبني لنفسي وليس لأحلامك في بيت، ليس في عودة من أجل ابننا فقط"

رفع ذراعيه لأعلى بذهول قبل أن يخبطهما على جانبيه وهو يهتف "يالا غبائكِ إذاً، بعد كل هذا، بعد أن كنتِ منذ دقائق بين ذراعي تقولين ابننا... بل أريدكِ لأنكِ أنتِ, كما لأني أحبكِ منذ عشر سنوات بنفس القوة في غيابكِ كما وجودكِ... أخبريني من هذا المجذوب الذي يتحمل غرور وصفاقة امرأة مثلكِ ويبقى مدله أحمق في عشقها ... من هذا الذي يفعل رغم عدم تورعها في إلقاء كرهها في وجه عبر كل لحظة يتصادمان فيها؟!"

أمالت رأسها في جانب واحد قبل أن تقول بجمود "فتاة حمقاء صدمت في حبيبها مثلاً... غدر فيها وخطف ابنها وتركها لوجعها!"

اقترب منها محاولاً لمسها مجدداً فصدته مبتعدة مما دفعه ليخبط كلا كفيه على ركبتيه بإحباط وهو يقول "اللعنة عليّ إذاً، لقد فعلت.. جرحتكِ... عميت عن الطريق المثلى لفهمكِ واحتوائكِ ..عجزت عن العودة ...اللعنة عليّ ...ولكن هل نجحت أنا في النجاة، هل أسست حياة ومضيت أم أني ما زلت معلق مثلكِ تماماً ..مهدور عمري، دون أن أحصل على لحظة سعادة حقيقية واحدة؟"

اقتربت تنظر إلى وجهه المرفوع من الأسفل, عيناها تمر على وجهه بدوران حاد قبل أن تهز رأسها وهي تقول من بين فمها المزموم "صدقت، اللعنة عليكَ لما فعلت ..واللعنة عليّ إن غفرت لك يوماً اختطاف رضيعي... ملعونة أنا إن تناسيت ببساطة اغتيال أمومتي.."

وجمت ملامحه بينما ظلل وجهه لون قاتم وهو يضع كلا كفيه في جيبي بنطاله مدارياً اهتزازهما, وجهه ينحني مقابل وجهها المرفوع ثم قال "هل هذه نهاية قاطعة هذه المرة يا بدور ..إذ أني لن أيأس ..حتى وإن أحرقت العالم أجمع قبل نفسي لتعودي إليّ؟!"

تبادلت نظراتهما متحدة, كل منهما يبث الآخر وعده حتى قالت أخيراً "لن أسمح بهذا الحب الملعون أن يغتالني من جديد، إذ أن آخر مرة استغرقت أربع سنوات كاملة لأرمم نفسي، لذا لا تحلم بغفران لن تطاله"

كرر من بين أسنانه "لن أيأس، أنا وأنت نستحق بالنهاية فرصة للحياة"

استدارت بجانبها رغم ثبات وجهها أمامه ثم قالت "عليك أن تفعل بالنهاية وتيأس... إذ لم يمنحني تهديدي بفقدك القوة للغفران والعودة.. إذاً لا شيء بالعالم قادر على إقناعي.. نحن انتهينا يا راشد"

ظل صامتاً واجماً يحدق فيها بعتمة سوداء حتى تحركت أخيراً مانحة إياه ظهرها المنتصب بكبريائها الدائم, كتفاها منفردان بعجرفة، ساقاها يتنقلان بثبات واثق لا يعكس انهيار فؤادها بينما عيناها النرجسيتين كعيني الذئب كانتا حكاية أخرى من الظفر..

حتى سمعته أخيراً يهتف من ورائها بصوت يجمد الماء الجارية "نعم أنتِ محقة.. بالفعل انتهينا ...قضية خاسرة استغرقت الكثير من عمري لأحل لغزها أخيراً وأستوعبها, ما كان يجب علي قبولها"

وقفت بدور مكانها للحظة وعرق من جهنم يشتد في نحرها إلا أنها لم تتراجع بل بنفس الثبات كانت تعود لتنقل خطواتها الشامخة نحو منزلهم..

وما قاله كان إقرار لا يقبل الجدل.. لقد أغلقت هذه الصفحة إلى الأبد ولن يسمح لها بالتلاعب به مجدداً, بالاحتيال ومنحه أمل فيها تعود تسرقه منه...

(كلنا يعلم يا راشد أننا لم نحتاج لكل تلك المسببات التى دمرتنا , كلينا يدرك أن دمارنا كان بكل بساطة بيدى ويدك , لقد أقتنعت أخيراً ومنحتك غفرانك )همس القلب دون بوح اللسان
بينما هو راقبها ترحل والقلب العليل يهمس معلن توبته
"فلتكن هذه المرة توبة نصوحة عن عشقكِ يا بدور ..توبة لا تقبل الوقوع في خطيئة عشقكِ"

********



عندما دخلت بدور بهو المنزل تعلقت بها الأعين ما بين أمل وترقب... تلهف لمعرفة إن كانت ستسمح بأن تستعيد سعادتها المنهوبة عبره...

إلا أنها لم تكن على الإطلاق في حالة تسمح بالشرح ..بل بنفس كبريائها المعهود كانت تنقل خطواتها برشاقة تحسد عليها برأس مرفوع شامخ... حتى اختفت عن الأعين أعلى الدرج..

ظلت عينا خالد معلقة هناك في مكانها الفارغ حتى أتته رسالة مقتضبة على أثرها رفع بصرة لعيني نوة المتلهفتين ثم قال بإحباط "راشد طلب مني إقناع إياب ببقائه معنا الليلة.. هو.. هو... غادر"

والإجابة المطوية كانت بين حروفه القصيرة لم تحتاج لذكاء.. لقد طوت صفحة ملحمتهما بغير عودة...

همست شذى بتخاذل "ليس مهماً رفضها أو قبولها ..ولكن إلى متى سنستطيع نحن أن نسعد في بيوتنا وحياتنا، كل فرد منا يحظى بحياة مستقرة مع شريكه... بينما هي هنا وحيدة كما ستبقى دائماً؟!"

اشتد الألم في أضلع نوة قبل أن تقول باستنفار "الزواج ليس نهاية العالم يا شذى ...من قال أنها تحتاج لرجل لتحيا؟"

قالت شذى بحدة "كفانا تظاهر، وتحدث من برج أنانيتنا.. إذ أنكِ تدركين جيداً بأنها تحتاجه ...إذا كانت تحبه فهي تحتاجه في حياتها ..تحتاج للرجل الذي تعشقه ليرمم فؤادها المكسور... وراشد إن بقي عشر سنوات دون أخرى على أمل فيها ...فكوني متأكدة بعد أزمته وبعد هذه الليلة بالذات سيسمح لنفسه أن يحصل على امرأة حتى وان لم يحبها فسيكفيه أنها تحبه"

*****

لم تنظر منى أكثر لجدال أولادها ..بل بهدوء وأمومة موجوعة على الضنا كانت تتوجه إلى غرفتها تفتح الباب ببطء، وجرت عيناها على ابنتها التي ما زالت تقف في منتصف غرفتها تحدق في الحائط دون شعور ...همست منى بحزن عميق "بدور ...يا حبيبة أمكِ"

التفت بدور إلى والدتها ببطء شديد, يدها اليسار تحتضن ذراعها الأيمن.. تحدق في أمها بطريقة عجيبة حتى قالت أخيراً بصوت ينتفض "دعيني أخبركِ سراً أجدت إخفائه عنكِ"

اقتربت منها منى خطوة أخرى وهي تهمس "لن أحكم عليكِ مهما كان قراركِ.. إذ أن الشيء الوحيد الذي أرغبه هو رؤيتكِ مستقرة أخيراً.."

وكأن بدور لم تسمعها عندما انشق فمها بابتسامة حزينة جداً ثم قالت ". عندما افسد الأمور مفتعلة مصيبة كبرى تنال منىّ واعجز عن حلها ..



كنت أتمنى أن أعود مجرد طفلة صغيرة تختبئ بين ذراعيك وأخبر نفسى ماما هنا ...ماما ستصلح كل ما أفسد كما كانت تفعل دئماً ....."



رفعت منى كفيها تحاوط وجهها بحنان رهيب ثم همست "عروة قلبي أنتِ ..كنتِ وستظلين بين أخوتكِ رغم نفوركِ مني"

قالت بخشونة "لا أفعل, ولم أفعل أبداً"

همست منى "لا بأس..."

بكت بدور دون خجل بين يديها ثم همست "أنا أحبه يا أمي، إلا أني لا أملك قوة كافية لأغفر له ...حتى حبه لا يشفع أمام عشقي لابني!"

حاوطت منى كتفيها من الوراء ثم احتضنتها بقوة وهو تهمس باختناق "لا بأس ..كنتِ من القوة لأن تخبريه وتسمعي منه، لذا لا يهم ما آل إليه قراركِ.."

احتضنت بدور والدتها متقبلة احتوائها ثم أغلقت عينيها وهي تسمح لكل دوافعها أن تنهار على صدرها ثم همست من جديد "لا بأس... ماما هنا أخيراً ستصلح كل خراب افتعلته.. سترمم كل الدمار... ماما هنا وستطيب كل الجروح"
.................................................. ..........................
يتبع ‬




Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 12:12 AM   #4712

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع الفصل الثانى والاربعون

أنتِ وطن وأنا شديد الانتماء

أحمد شوقى

.........................................


"كنت أفضل أن لا تأتي معنا" قال نزار بهدوء وهو ينظر لوجه خالد غير المقروء إلا من غضب مكبوت امتلأت به عينيه الداكنتين ..غضب لم يكن موجه إليه بالمقام الأول بل إلى الساكنة بجانبه بهدوء مريب... حتى تكلم أخيراً ببرود "يجب أن أفعل، عندما تطلب عون زوجتي وتخطط لمقابلة أختي في مكان عملها وعلى الملأ"

قال نزار بامتعاض وهو يبعد كفيه عن نافذة سيارته "حسناً ..ولكن رجاء لا تقم بفعل مجنون يبدد بهجة اللحظة"

قال خالد بنفس البرود "سيطر على ردود أفعالك أنت، والتزم بجانبك كخطيب فقط وأنا مؤكد لن أظهر نفسي حتى"

أومأ نزار موافقاً ..ثم التف حول السيارة يخطو نحو الباب الحديدي قبل أن يلتفت من فوق كتفه يغمز لسبنتي بشقاوة شاكراً تنفيذها جانبها من مخططه، حيث أنها هي من جمعت له الأطفال المشاركين في عرضه...

ابتسمت بلطف مجيبة شكره، وهي تسمع خالد يقول باستياء "لا تعجبني طريقة حديثه معكِ، ولا تقربكما"

هزت كتفيها دون اهتمام وهي تقول ببرود "لم يطلب أحد رأيك في علاقتي بزوج صديقتيالمستقبلي"

صحح بغيظ مقتضب "بل هو خطيب أخت زوجكِ، ضعي في عقلكِ الصدئ أنيأصبحت المسؤول الأول عن كل فعل تبدينه"

سخرت "في أحلامك أن أسمح لك بالسيطرة عليّ, أنتَ ستظل مجرد ابن ياسر الذي لا يملك أي من السلطة عليّ"

رفع خالد إصبعه يخبط به على صدغها في حركة تعنيف قديمة وهو يقول من بين أسنانه "توقفي عن الصفاقة معي.. إذ أنه يحق ليكل شيء ومنذ زمن طويل يا بقة"

لم تبالي على الإطلاق بما يفعل وهي تقول ببساطة "كنت.. كان يحق لك، تحكمياتسمحت لك بها بنفسي، وسحبتها منك بخاطري أيضاً ولن أكرر أخطائي مجدداً "

قال بحزم "لا تختبري صبري"

نظرت من النافذة رافضة أن تلمح وجهه ثم قالت متنهدة بشرود "أنا لا أحاول استفزازك.. بل إزاحتك بعيداً عني إذ أن راشد سحب دعمه لي تماماً.. فلما لا تقدم أنت خدمة جليلة وتتركني لحال سبيلي؟!"

قال بجمود وهو يحدق في جانب وجهها المتعب "أنتِ لا يصلح لكِ غيري، فلما المقاومة؟!!"

نظرت إليه بحدة وهي تقول مهاجمة بشراسة "بسبب وضعي المخزي الذي تفضلت الموقرة أختك بتذكيري به, أليس كذلك؟!"

اختفت كل المشاعر دفعة واحدة من وجهه الخشن وهو يقول "وهم وضعكِ أنتِ من تتمسكين به جاعلة إياه يوهمكِ بأشياء ليس لها أساس من الصحة.. ولطالما بقيتِمحبوسة فيه مضطربة ومتخبطة وغاضبةللنخاع من أمر يستحيل تغييره، سيظل عفريته يظهر لكِ من كل مكان وعبر كل عين تنظر إليكِ"

حدقت فيه للحظات بتوتر قبل أن تقول بخفوت"أنا لا أبتدع أمراً لم يحدث ..لا لست سلبية لهذا الحد"

قال بهدوء "وأنا لا أتهمكِ بغير هذا ..هيأخطأت وأنتِ أيضاً ،ومن الظلم أن تعاقبينيعلى أمرٍ لم أتفوه به.. هي قالت، أبي أتهمكِ، ما ذنبي يا سَبنتي تحديداً في هفواتهم؟!"

ابتلعت ريقها الجاف قبل أن تشيح بوجهها بعيداً عنه ثم قالت بتخبط "إن لم أورطك بي، لو لم أجرك بعبثي السابق ربما ما كان أحدهم جرحني لهذا الحد ..أنت أحد أخطاء المراهقة التي تخجلني ويجب أن أتخلص منها"

خفق قلب خالد بين أضلعه بضجيج مزعج ..قبل أن يقول بغضب "أنتِ فتاة وقحة لا تقدر معنى ما تقوله.. هل أخبركِ أحد بأنيغر كان يسهل تلاعبكِ به؟!"

ساد صمت مشحون بينهم قبل أن تعود للنظر إليه, كلاهما ينظر لعين الآخر دون تنازل ..قبل أن تقول بجمود "كنت تهرب من مشاعرك نحوي، وأنا أصر على أن أجذبك إليّ مقدمة لك فروض ولاء لا تنتهي علكّ تراني أخيراً دون حواجز تضعها بيننا، إلا أنك كنت تصر على التهرب واللجوء لأخرى غيري، لذا نعم يا خالد الخطأ خطأي... ليت ما بيننا كان محي في مهده"

لم يرد خالد على الفور وكأن الحروف تهرب منه خائنة إياه في حربه الباردة معها ..حتى تحدث أخيراً بأمنية مدمرة لكليهما "وليتكِ ما كبرتِ وبقيتِ عبثيتي الملونة التي أعرفها"

ارتعشت أطرافها التي أخذت تفركهما في حجرها بتوتر ثم همست "تبقى الأمنيات مجرد أحلام مهدرة تختفي فور أن نستيقظمن غفوتنا المزعجة... لذا هجومك عليّ وإنكار ما كان لن يحل وضعنا"

سألها خالد مهاجماً مشاعرها وكأنه بات الحل الوحيد ليسقط جدرانها الواهية التي تقيمها في وجهه "هل تكرهيني حقاً يا سَبنتي؟!"

اضطربت واحتدت عيناها العاصفتان وهيتنظر إليه بحدقتين ملونتين ببنفسج قاتم لا يقرب لعينيها المبهجتين بصلة ثم أجابته سائلة "هل أحببتني أنت كفاية، أم هو مجرد تعلق بملاحقتي لك قديماً، تفتقدهالأعيدها مجددا وفور أن أفعل ستعود لتتجنبني وتعنفني ساخر مني؟!"

قال مجفلاً "أنا لم أسخر منكِ مطلقاً"

ابتسمت باستخفاف وهي تقول بحدة "بل ىفعلت وأكثر ..كنت تراني شيء لا يليق، أنا احوم حولك مترجية عطفك وأن تلتفت لي..بينما عيناك أنت دائماً ما كانت تحوم حول الفتاة المثالية التي تليق بك ..أي فتاة عدا عن العبثية الحمقاء"

عقد حاجبيه بدهشة وهو يقول بحيرة "تكررين هذا السبب دائماً لذا أجدني أتساءل... هل تحاولين الانتقام مني لما كنت أفعله؟!"

صرخت به بانفعال يائس "توقف.. توقفوا جميعاً.. أنا لا أنتقم ..لا أنتقم من أحد.. فقط أريد الخلاص منكم.. من أسرة الراوي كلها ..رباه ما عدت أتحمل النظر لأحد منكم جميعاً.. نفسي وروحي لا تطيق، هذا يؤلمني.. أريد الرحيل.. كل ما أرغب به هو الرحيل من هنا، بعيداً عنك أنت بالذات"

وجمت ملامح خالد وهو ينظر إليها بوجه خالي من المشاعر وإن كان بطريقة ما استطاع بصعوبة التقاط طرف الخيط عن سبب نفورها الحقيقي منهم... مجرد ضوء خافت اشتعل في أول ممره الطويل جداً للوصول إليها.. ممر يبدو متعرج متعب مليءبالأحجار المسننة التي تدمي الروح وترهق القلب وتسكنه وحوش بشعة تأسرها رافضة تحريرها، ولكنها تستحق أن يحارب من أجلها حتى يكسر قضبان أسرها.. قال أخيراً بهدوء شديد "هذا اختيار غير متاح، لعدة أسباب أهمها أنكِ ابنة الراوي مكانكِ الطبيعي بيننا.. وأولها أنكِ زوجتي التي لن تصلح لسواي ليس للمبررات المريضة التي تملؤ رأسكِ.. بل لأني شخصياً لا أقدر على الاقتراب من سواكِ"

همست بيأس متوتر "لقد استطعت قبلاً وكنت على وشك الزواج منها، لولا ظهوري وإفساد كل جميل بينكما"

ارتفع حاجبي خالد بدهشة ثم قال بصوت رجولي خشن "أنا لم أخدعكِ، ولم أغدر بها أيضاً.. كنت واضح مع لانا وصريح.. هي من لم تتحمل وانسحبت من تلقاء نفسها، الغلط البشع والوحيد الذي ارتكبته أني وعدتها بما لا أستطيع وقد ظننت في نفسي القدرة"

تبدلت النظرة في عينيها كما تأجج الطيف فيهما لوهج بشع مطعون بالخيبة ..إلا أن الكبرياء بهما رفض أن يظهر ذلك وهي تقول بجمود "الخطأ الوحيد تركك لها، لمكان كانت تليق به, تتلهف إليه كما أنتَ تشتاق إليه...امرأتك الكاملة"

زفر خالد بقوة شاتماً همساً من بين أسنانه ثم قال "نصيحة صديق يا سَبنتي، لا تبدي كل هذا التنازل السهل عن زوجكِ حتى وإن كنتِ تكرهينه كما تدعين.. إذ أنه سيجرحكِ أنتِ.. الرجل بطبيعته يقدر على تخطي عشقه الأول حتى وإن ظلت حبيبته بين أضلعه ولن يسمح لغيرها مطلقاً بالحلول مكانها ..إلا أنه بطبيعته التي فطر عليها يملك القدرة على الزواج من عشر غيرها دون أن يبدي أي احتراق ...ستظل هي فيه طوال عمرها ندماً على تفريطها به"

هتفت بغل "أنا أستطيع العيش بدونك، أنت لست آخر الكون، ولا منتهى طموحي"

قال بصبر جميل مباشرة "ولكنكِ نهاية المطاف وكل المسعى، أنتِ وطن وأنا شديد الانتماء يا سَبنتي، أريدكِ بيت وسكن وجند يحرس حدودي، ربما ظننت بأني أستطيع أن أفعل مثل أي رجل بحبكِ أنتِ والعيش مع أخرى، إلا أني اكتشفت بعدم صلاحي لغيركِ"

افترت شفتاها عن نفس مبهور تحدق فيه بعجز وكل مشاعرها تخونها، تضعفها غير قادرة على الإجابة ولكم تمنت أن تنطق بشيء بشع خبيث فقط رغبة في إيلامه...

مد خالد يده مستغلاً تخبطها ثم حاوط وجنتها بحنو وهو يقول بطرفة "لا مشكلة لدي بأن أقضي معكِ المتبقي من عمري وأنتِ تفتحين رأسي وتقرضين جلدي بأسنانكِ الظريفة دعسوقتي الحلوة... كل شيء سأحتمله منكِ إلا أن تتركيني"

قالت بتقطع "وأنا سأفعل وأتحمل كل شيء أمام الهروب منك"

ببساطة كانت تجذب شخصيته الفظةالقديمة معها عندما قال بغيظ وهو يشد وجنتها بين أصابعه بقسوة "دعيني أوضحها لكِ بطريقة أخرى إذاً، أنتِ لم تعودي تملكين أحد غيري لتكملي حياتكِ البائسة معه، لذا برضاكِ أو غصب عنكِ سأحبكِ وأتزوجكِ وأنجب منكِ أيضاً، وأريني كيف ستهربين مني"

احمرت وجنتاها وهي تزيح وجهها بعيداً عن مرمى يده ثم نظرت إليه مشتتة الذهن قبل أن تهمس بغباء "أنا لا أريد الإنجاب منكَ، لست مجنونة مثلكم حد أن أجلب للعالم مزيداً من البؤساء"

قال بتفكه خشن "دعينا نزوجكِ، وبعدها سنناقش موضوع تخصيبكِ على أقل من المهل... سيدة بقة"

هتفت باختناق خجل بالتوافق مع غلق عينيها بقوة حرجاً "احترم نفسك، متى أصبحت خارج حدود الأدب ووقح بهذا الشكل؟!!"

قال بإيجاز فظ غامض "أنا أيضاً أتفاجأ من نفسي، ولكن احزري الفضل لمن منذ أن كانت مجرد مراهقة حمقاء تجذبني للتفكير المتطرف وأصبحت بطلة لأحلامي بطريقة أجلد عليها نفسي محاسبها دون رحمة"

تبعثرت أكثر وهي تفتح عينيها ببطء ثم قالت بتوتر "كلامك أصبح يربكني.. لا أفهمك أحيانا كثيرة"

قال ببرود "جيد، هذا ما أسعى إليه في المقام الأول، إرباككِ حتى أكسر قوقعتكِ الصلبة وأصل إليكِ.. وإن لم أفلح سأحطم رأسكِ راضياً بكل أسف أن أكمل حياتي معكِ بلا رأس.. في الحقيقة هو أصبح يزعجني لاحتوائه على هذا الفم الذي ينطق بالكثير من الهراء ويصيبني بالصداع وزغللة العينين والرغبة في قتل نزار طوال الوقت.."

حدقت فيه بارتياب قبل أن تنفجر في الضحك بصفاء...

التفت إليها خالد وضحكتها المفتقدة تجلب إليه ابتسامة عفوية فورية, رفع يده يعيد ترتيب شعرها وراء أذنها ثم ترك كفه مرتاحةهناك خلف رأسها وانحنى قليلاً ملامساًجبهته بجبهتها متنهداً بحرقة ..مما دفعها لأن تنظر إليه بخجل مرتبكة ..قبل أن يهمس بصوت اجش "هذا هو كل ما أرغبه منكِ..لقد اشتاقت روحي لهذه الضحكة يا دعسوقة"

********



كانت تجلس في مكتبها الصغير، عندما سمعت طرق الباب وإحدى المدرسات معها تقول بعفوية "الأطفال أعدوا شيء من أجلكِ ويريدون أن يقدموه بأنفسهم"

قالت برقتها المعهودة "طبعاً.. منذ متى احتاج أحدهم لإذن؟!"

ابتسمت السيدة الثلاثينية بسعادة لم تراها شيماء طبعاً ولكنها استشعرتها من نبرتها... عندما فتحت الباب على مصرعيه للأطفال الصغار الذين رتبتهم في خط منظم شديد الدقة ..وهمست بتشجيع لأولهم "هيا الطريق أمامك فارغ من أي عثرات, اذهب مباشرة بخطوات ثابتة للأمام واستعن بعصاك"

أومأ بتهذيب قبل أن يدخل يحسس بعصاه وحدسه حتى وصل لأطراف المكتب وضع يده هناك ثم أخذ بكفه يتتبع استدارته حتى التقط يدها اللطيفة .. وضع الصغير شيء في كفها الممدودة ثم طبع قبلة على وجنتها وهو يقول بطفولة محببة "أنا أحبكِ يا أستاذة كما ماما.."

تعرفت على صوته المميز بسهولة فهي لديها قدرة تعويضية تحمد الله عليها ..قالت بحنان هامسة "وأنا أحبك يا معتز كما كل واحد هنا"

فرح وجه الفتى برقة ثم انسحب عائد للخارج حتى يسمح للذي بعده...

توقفت شيماء تتلمس التمثال الصغير الذيقدمه لها ..عقدت حاجبيها بتعجب وهي تمرر أناملها الحساسة حول مجسم الجرانيت الذي لم يكن إلا شكل لعصفورة صغيرة.. توسعت عيناها برهبة إذ أنه من المستحيل أن يعلم أحد بلقب أطلقه عليها أخوها في المقام الأول.. ويردده نزار دون رادع..

تورد خفيف كسا وجنتيها قبل أن يجذب اهتمامها شيء آخر أو حرفين نقشا في منتصف التمثال أحدهما حرف "ت" بالعربية والآخر أجنبي لم تفهم معناه... حتى تقدم لها طفل آخر يفعل ما فعله الأول، أخذت التمثال وتحسسته بترقب يخالطه اللهفةفوجدت حرف آخر "ز" مرافق لحرف آخر رصته بانتظام جانب الأول..

بينما بقي هو هناك آخر الصف يراقب ملامحها القلقة والخجلة وهي تتلقى التمثال الثالث والذي حمل حرف "و" ورصته بجانب السابقين ثم رفعت وجهها الحاد تنظر إليه بطريقة مباشرة وكأنها تراه حقاً...

لم يرتبك هو ولم ينتابه أي حرج من الضحكات التي استشعرها من بعض المدرسات حوله بل بقي ثابت ينظر إلى وجهها الذي زاد احمرار عقب تلقيها تمثال يتبعه آخر بتسلية ممتعة.. "ج ... ي... ن... ي"

وصل العدد سبعة الآن بالتمام والكمال.. وهي قفزت من مكانها تبحث عن عصاها باضطراب أصاب قلبه بعاطفة شديدة نحوها..تقدم نزار في الصف ممسكاً في يده تمثال حجمه أربع أضعاف حجم التماثيل السابقة وباليد الأخرى كان يحمل بها مفرقعات أوراق ملونة..

تكلمت شيماء وهي تحرك حاجبيها لأعلى بتوتر من بين أنفاسها اللاهثة "إنه أنتَ،أشتم عطرك"

لم يرد وهو يتقدم حتى وقف على بعد خطوة منها حريص أن لا يلامسها ثم قدم لها ما بين يديه زاجه بين كفيها بصمت ..أخذته بلا تفكير تتحسس ما كتب عليه بلهفة، فوجدت جملة كاملة بلغة غريبة ..ارتعشت شفتاها وهي تهمس "لا أفهم هذه اللغة.."

قال نزار بصوت أجش "إنها لغتي وأصلي الذي أنتمي إليهما وأطلب منكِ أن تشاركيني إياه.."

أخفضت وجهها بينما عيناها تدمعان تأثراً تاركة للقلب الذي دمرت حصونه بعنف حرية التعبير لم تتجاوز أضلعها ..اقترب نزار مرة أخرى ثم أخفض رأسه نحو أذنها وهو يقول بصوت حار مشبع بالعاطفة المحمومة بلغتهالسويدية "Gifta mig, fågel"

انتفضت للمرة الرابعة، وهي ترفع وجهها المحمر إليه.. حواسها تلاحقه والبصرالمطفأ يرسمه بدقة دون أن يراه"ما..ماذا؟"

تكلم نزار بصوت خافت مدمر يدغدغ مشاعرها مترجم طلبه "تزوجيني يا عصفورة... واسكني داخل عش بُنِيَ من دمائي وأضلعي وبُطِّنَ بكل جوارحي حتى لا يوجعكِ أبداً"

اختنقت واغرورقت عيناها بدموع الفرحة وهيتنطق بتأوه خافت "نزار.."

همس بصوت مشتعل مازحاً "هل اعتبر هذه نعم.. فأخوكِ بالخارج وإن لم أحصل عليها سيحصل هو على عنقي.. وهناء بصراحة مازالت تتعشم أن أبقى بجانبها وأسعدها بزواجي الذي سيعقلني قليلاً كما تحلم.."

أطلقت ضحكة خافتة ممتعة وهي تقول بارتباك خجل "إذا وافق خالد لن أكسر كلمته ولا أملك قدرة على تخييب آمال والدتك..."

توقعت أن يحتضنها ويلف بها.. أن يتهور ويقبلها.. أن يجن كأي تصرف منطقي جداً أن صدر عنه.. ولكنها لم تتوقع إطلاقا هتافه المنتصر الصبياني المتضامن مع صوت انفجارات وأشياء أطلقها هو بدأت في الهبوط فوق رأسها وحولهم "أخبرتكم أنها ستتزوجني.. وسأختطفها منكم، أريد رهاني من الحلوى.. لقد كسبته بنزاهة"

سمعت تهليلاً وتصفيقاً من مراقبيهم وضحكات أطفال منعشة تتقافز حولهم متتبعين انفجار الأصوات وخشخشة الأوراق المتساقطة..

ضحكت بيأس وهي تقول "هل راهنت طلابي؟!"

اقترب بجانبها سامحاً لكيانه أن يرسم حدود جديدة لدخول أميرته قلعته الجديدة التي شيدها من عشقه ووفائه ثم همس مداعبا"وموظفيكِ أيضاً ...وسأراهن العالم أجمع وأحاربهم لأظفر بكِ لنفسي"

توردت تلك الوجنتين الشهيتين بطريقة أطارت بصوابه قبل أن تقول من بين ضحكتهاويداها كما رأسها ترتفع لتلتقط الأوراق الناعمة اللامعة تتلمسها بأطرافها "أشقر أحمق.. صدقت سَبنتي"

تظاهر نزار بأنه يزيح بعض الألوان من على أسلاك الذهب الذي اسدل على ظهرها متراقص للخلف في حركة أشبه بمعجزة كونية لا مثيل لجمال تماوجها قط ثم همس بجوار أذنها بنبرة خشنة عاصفة تحشرجت لها أحباله الصوتية "أكثري من قولها قبل أن يحرم عليكِ نطقها، لأني عقب دخولكِ عشي سأحرص على إبقاء فمكِ مغلق دائماً..."

انكمشت كتفيها بخفر منعش وحركت أناملها الناعمة في شعرها الكثيف الجميل في حركة مرتبكة مما دفعه للصمت لبرهة متأملها بانشداه قبل أن يعود ليهمس بصوت خفيض مشتعل بحواسه "ولن أستخدم شال أو يدي هذه المرة ..بل شيء آخر لن يرحم هشاشتكِ... مشاركاً معكِ صمتكِ.."

ابتعدت عنه متزلزلة شاعره بنيرانه الخطرة تحرقها وتدمرها ثم تعيد تشكيل سعادتها المنهوبة من جديد "أنت ..ميؤوس في تعقلك.."

همس بصوت عنيف صادق وواضح "جاغ ألسكار دا، اصفور Jag älskar dig, spurv"


((بل أنا أحبكِ يا عصفورة))
...........................................

أنتهي قرءة سعيدة






Nor BLack غير متواجد حالياً  
التوقيع
نور بلاك " نورا سليمان دقات محرمة
عادات خادعة
شظايا القلوب
همس الموج
رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 12:26 AM   #4713

Redred

? العضوٌ??? » 453933
?  التسِجيلٌ » Sep 2019
? مشَارَ?اتْي » 70
?  نُقآطِيْ » Redred is on a distinguished road
افتراضي

وجع هذا البارت ابدعتى
في اختراق النفس البشريه بجداره شابو


Redred غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 12:29 AM   #4714

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 499 ( الأعضاء 166 والزوار 333)
‏اجزخنجية, ‏نسيم88, ‏رغيدا, ‏فيزياء, ‏هوس الماضي, ‏Heba hamed2111, ‏ولاء محم, ‏لوجينا احمد, ‏زيزفون 2, ‏اميرة حجازى, ‏خمسية, ‏Redred, ‏hayat sheta, ‏Marwa Gehad, ‏هند حمزة, ‏aber alhya, ‏Agaiaa, ‏lobna_asker, ‏رؤيا حق, ‏ام نوارة, ‏homsaelsawy, ‏Saraa Hasan, ‏soso#123, ‏maha saloum, ‏shaimaa abdellah, ‏Angelin, ‏أنوار محمود, ‏دره بارق, ‏كنزة ملك, ‏Aya adel diab, ‏TasneemIshahab, ‏رضوى مجدي, ‏lotus baka, ‏نورين نشأت, ‏shimaa hamdy, ‏2792000, ‏princess sara, ‏denaziada, ‏fatma ahmad, ‏walaasaad, ‏توتى على, ‏Esraayousri, ‏Yasmin yousef, ‏وتر القلب, ‏Rosyros, ‏هنا بسام, ‏nadjou, ‏ساره احند, ‏همسة الحنين., ‏Hendalaa, ‏Noha Saeid, ‏رائحة الفراوله, ‏Dina66, ‏Ayaomar, ‏ImaneAlkoush, ‏ميدو توتا, ‏الطيبات, ‏dm992, ‏sira sira, ‏أسيا أحمد 31, ‏Hnady, ‏حنان حرب, ‏Sara saa, ‏رقيه عماد, ‏yawaw, ‏دموع ال, ‏ملاك العمرو, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏مها العالي, ‏دلال الدلال, ‏Tokagahrieb, ‏ناديه كليب, ‏شيرين الحق, ‏saro22, ‏Jane eyer, ‏رضا الرحمن غايتي, ‏Sheren45, ‏داليا انور, ‏Menna23, ‏رودى رامى, ‏ساره عبد الله, ‏zezeabedanaby, ‏shammaf, ‏kokyyou, ‏غائب, ‏مريم المقدسيه, ‏Nagat farouk, ‏فاايا, ‏halimayhalima, ‏Nor BLack+, ‏الذيذ ميمو, ‏نورا كمال, ‏Seham elhenawy, ‏nourelhayat233, ‏TAGHREED HILLEIL, ‏Hoda.alhamwe, ‏besomahd, ‏tafanegm, ‏اسماءعلام, ‏Emaimy, ‏Kendaaaa, ‏حسناء_, ‏Zhoor211, ‏Ho.pe, ‏blue fox, ‏لولو73, ‏Dreamdida, ‏BASRI, ‏Amanykassab, ‏Lutesflower, ‏شاكره لله, ‏فراقيعو, ‏Heckenrose, ‏Mayaseen, ‏Omsama, ‏بيون نانا, ‏Aengy, ‏Diego Sando, ‏amana 98, ‏رودينة محمد, ‏دعاء مصطفى, ‏Asmaa mossad, ‏k_meri, ‏leria255, ‏imy88, ‏Lulu9, ‏منال كلكل, ‏امل اشرف, ‏آيوووتة, ‏نور فهمى, ‏Hevi Ali, ‏toma gogo, ‏جورجيناااااا, ‏وجدان1417, ‏shereen.kasem, ‏Samah Ali1, ‏هبة الله 4, ‏مها عياد, ‏ام مارياااا, ‏طاوووسه, ‏حنحون3, ‏عبدالرحمن40, ‏YHaneen, ‏Asya Tulyda, ‏awttare, ‏redrose2014, ‏اريج القران, ‏Lazy4x, ‏احمدالعلاوي, ‏Janaabdhamid, ‏beera, ‏ltoofsi, ‏نبيله محمد, ‏مسك حسن, ‏فرح وهبة, ‏امل زهرة, ‏Zlelward, ‏شجن المشاعر, ‏هناء عبدالله, ‏معجبه بخشتي, ‏Sea birde, ‏نونا لبنان, ‏Mony Daib55, ‏مريم ياسمين, ‏سرو هانم, ‏ارض اللبان


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 12:43 AM   #4715

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 613 ( الأعضاء 196 والزوار 417)
‏اجزخنجية, ‏Maramahmed, ‏Redred, ‏soso#123, ‏رغد ورؤي, ‏موجة هادئة, ‏Naira r, ‏Ghada A zoudeh, ‏هدى هدهد, ‏ريهام حمدى, ‏yasser20, ‏alyaa elsaid, ‏احمدالعلاوي, ‏Rania nabile, ‏Nor BLack+, ‏Um-ali, ‏شهد الهدى, ‏وجدان1417, ‏فراقيعو, ‏asmaaasma, ‏Ayoosh3, ‏شقشقة, ‏بشرى ابنتي, ‏nano mahmoud2, ‏زهره الافندر, ‏Iraqi1989, ‏Zozaaaaa, ‏Hoba Nasry, ‏شيماء حسانى, ‏رودينة محمد, ‏رنا عزت محمد, ‏Donia Hamdy, ‏اسمااء محمد, ‏amana 98, ‏Shemo nada, ‏Saraa Hasan, ‏ltoofsi, ‏Ehsan badr, ‏Nagat farouk, ‏shereen.kasem, ‏maha elsheikh, ‏معجبه بخشتي, ‏Samah Ali1, ‏سلمئ, ‏رقيه95, ‏شيماء انور, ‏رسوو1435, ‏osama azal, ‏ياسمين عزمي, ‏Aengy, ‏Hendalaa, ‏دره بارق, ‏imy88, ‏Diego Sando, ‏Mayaseen, ‏Sea birde, ‏نسيم88, ‏هوس الماضي, ‏حبيبيه, ‏هبة الله 4, ‏Bassma Rabie, ‏Omsama, ‏ملكه الحياه, ‏Imaneben, ‏فيزياء, ‏Heba hamed2111, ‏ولاء محم, ‏لوجينا احمد, ‏زيزفون 2, ‏اميرة حجازى, ‏خمسية, ‏hayat sheta, ‏Marwa Gehad, ‏هند حمزة, ‏aber alhya, ‏Agaiaa, ‏lobna_asker, ‏رؤيا حق, ‏ام نوارة, ‏homsaelsawy, ‏maha saloum, ‏shaimaa abdellah, ‏Angelin, ‏أنوار محمود, ‏كنزة ملك, ‏Aya adel diab, ‏TasneemIshahab, ‏رضوى مجدي, ‏lotus baka, ‏نورين نشأت, ‏shimaa hamdy, ‏2792000, ‏princess sara, ‏denaziada, ‏fatma ahmad, ‏walaasaad, ‏توتى على, ‏Esraayousri, ‏Yasmin yousef, ‏وتر القلب, ‏Rosyros, ‏هنا بسام, ‏nadjou, ‏ساره احند, ‏همسة الحنين., ‏Noha Saeid, ‏رائحة الفراوله, ‏Dina66, ‏Ayaomar, ‏ImaneAlkoush, ‏ميدو توتا, ‏الطيبات, ‏dm992, ‏sira sira, ‏أسيا أحمد 31, ‏Hnady, ‏حنان حرب, ‏Sara saa, ‏رقيه عماد, ‏yawaw, ‏دموع ال, ‏ملاك العمرو, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏مها العالي, ‏دلال الدلال, ‏Tokagahrieb, ‏ناديه كليب, ‏شيرين الحق, ‏saro22, ‏Jane eyer, ‏رضا الرحمن غايتي, ‏Sheren45, ‏داليا انور, ‏Menna23, ‏رودى رامى, ‏ساره عبد الله, ‏zezeabedanaby, ‏shammaf, ‏kokyyou, ‏غائب, ‏مريم المقدسيه, ‏فاايا, ‏halimayhalima, ‏الذيذ ميمو, ‏نورا كمال, ‏Seham elhenawy, ‏nourelhayat233, ‏TAGHREED HILLEIL, ‏Hoda.alhamwe, ‏besomahd, ‏tafanegm, ‏اسماءعلام, ‏Emaimy, ‏Kendaaaa, ‏حسناء_, ‏Zhoor211, ‏Ho.pe, ‏blue fox, ‏لولو73, ‏BASRI, ‏Amanykassab, ‏Lutesflower, ‏شاكره لله, ‏Heckenrose, ‏بيون نانا, ‏دعاء مصطفى, ‏Asmaa mossad, ‏k_meri, ‏leria255, ‏Lulu9, ‏منال كلكل, ‏امل اشرف, ‏آيوووتة, ‏نور فهمى, ‏Hevi Ali, ‏toma gogo, ‏جورجيناااااا, ‏مها عياد, ‏ام مارياااا, ‏طاوووسه, ‏حنحون3, ‏عبدالرحمن40, ‏YHaneen, ‏Asya Tulyda, ‏awttare, ‏redrose2014, ‏اريج القران, ‏Lazy4x, ‏Janaabdhamid, ‏beera, ‏نبيله محمد, ‏مسك حسن, ‏فرح وهبة, ‏امل زهرة, ‏Zlelward, ‏شجن المشاعر


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 12:59 AM   #4716

اميرة حجازى

? العضوٌ??? » 388344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » اميرة حجازى is on a distinguished road
افتراضي

صعب اوى ...راشد وبدور
ربنا يهديهم


اميرة حجازى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 01:02 AM   #4717

homsaelsawy

? العضوٌ??? » 462680
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 183
?  نُقآطِيْ » homsaelsawy is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك البارت مفعم بالمشاعر

homsaelsawy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 01:14 AM   #4718

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 728 ( الأعضاء 222 والزوار 506)
‏اجزخنجية, ‏imy88, ‏فاطمة توتى, ‏اريج القران, ‏Amanykassab, ‏Redred, ‏fatma r, ‏داليا كريم, ‏ناديه كليب, ‏Mona M Kheder, ‏ام يوسف عامر, ‏besomahd, ‏أسماء رجائي, ‏نيفين الحلو, ‏MohgaMaher, ‏emytroy2, ‏دانة 2008, ‏Zlelward, ‏ام مارياااا, ‏خجوله الملامح, ‏hedia1, ‏mimikarima, ‏homsaelsawy, ‏حنان راقد, ‏Emoji, ‏ImaneAlkoush, ‏BASRI, ‏totalen, ‏Kawt, ‏nur vattar, ‏Nor BLack+, ‏كوتي كوتي, ‏جوانا محمد, ‏اميرة حجازى, ‏كوريناي, ‏بسنت بيبو, ‏mariam sayed, ‏Dalia Huzaien, ‏ملكة علي عرش ابي, ‏fatma ahmad, ‏Lutesflower, ‏ليلة القمر, ‏sou ma, ‏ميران2, ‏اميرة بأخلاق, ‏شيماء انور, ‏hanamady, ‏TAGHREED HILLEIL, ‏Donia Hamdy, ‏نوال11, ‏tahany gomaa, ‏maha elsheikh, ‏Nourhene maa, ‏basama, ‏جورجيناااااا, ‏Norhan1210, ‏فرح وهبة, ‏زيزفون 2, ‏Heckenrose, ‏مني نظم, ‏saro22, ‏ايمان الفيشاوي, ‏Hoda.alhamwe, ‏ltoofsi, ‏aber alhya, ‏leria255, ‏Emaimy, ‏شيرين الخولي, ‏Kendaaaa, ‏ليلى عمرو, ‏sara saoa, ‏batotaa, ‏nourelhayat233, ‏Noor Alzahraa, ‏Mon abdou, ‏ندى أحمد عبد الفتاح, ‏soso#123, ‏رانيا خالد, ‏Maramahmed, ‏رغد ورؤي, ‏موجة هادئة, ‏Naira r, ‏Ghada A zoudeh, ‏ريهام حمدى, ‏yasser20, ‏alyaa elsaid, ‏احمدالعلاوي, ‏Rania nabile, ‏Um-ali, ‏شهد الهدى, ‏وجدان1417, ‏فراقيعو, ‏asmaaasma, ‏Ayoosh3, ‏شقشقة, ‏بشرى ابنتي, ‏nano mahmoud2, ‏زهره الافندر, ‏Iraqi1989, ‏Hoba Nasry, ‏شيماء حسانى, ‏رودينة محمد, ‏رنا عزت محمد, ‏اسمااء محمد, ‏amana 98, ‏Shemo nada, ‏Saraa Hasan, ‏Ehsan badr, ‏Nagat farouk, ‏shereen.kasem, ‏معجبه بخشتي, ‏Samah Ali1, ‏سلمئ, ‏رقيه95, ‏رسوو1435, ‏osama azal, ‏ياسمين عزمي, ‏Aengy, ‏Hendalaa, ‏دره بارق, ‏Mayaseen, ‏Sea birde, ‏نسيم88, ‏هوس الماضي, ‏حبيبيه, ‏هبة الله 4, ‏Bassma Rabie, ‏Omsama, ‏ملكه الحياه, ‏Imaneben, ‏فيزياء, ‏Heba hamed2111, ‏ولاء محم, ‏لوجينا احمد, ‏خمسية, ‏hayat sheta, ‏Marwa Gehad, ‏هند حمزة, ‏Agaiaa, ‏lobna_asker, ‏رؤيا حق, ‏ام نوارة, ‏maha saloum, ‏shaimaa abdellah, ‏Angelin, ‏أنوار محمود, ‏كنزة ملك, ‏Aya adel diab, ‏TasneemIshahab, ‏رضوى مجدي, ‏lotus baka, ‏نورين نشأت, ‏shimaa hamdy, ‏2792000, ‏princess sara, ‏denaziada, ‏walaasaad, ‏توتى على, ‏Esraayousri, ‏وتر القلب, ‏Rosyros, ‏هنا بسام, ‏nadjou, ‏ساره احند, ‏همسة الحنين., ‏Noha Saeid, ‏رائحة الفراوله, ‏Dina66, ‏Ayaomar, ‏ميدو توتا, ‏الطيبات, ‏dm992, ‏sira sira, ‏أسيا أحمد 31, ‏Hnady, ‏حنان حرب, ‏Sara saa, ‏رقيه عماد, ‏yawaw, ‏دموع ال, ‏ملاك العمرو, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏مها العالي, ‏دلال الدلال, ‏Tokagahrieb, ‏شيرين الحق, ‏Jane eyer, ‏رضا الرحمن غايتي, ‏Sheren45, ‏داليا انور, ‏Menna23, ‏رودى رامى, ‏ساره عبد الله, ‏zezeabedanaby, ‏shammaf, ‏kokyyou, ‏غائب, ‏مريم المقدسيه, ‏فاايا, ‏halimayhalima, ‏الذيذ ميمو, ‏نورا كمال, ‏اسماءعلام, ‏Zhoor211, ‏Ho.pe, ‏blue fox, ‏لولو73, ‏شاكره لله, ‏بيون نانا, ‏دعاء مصطفى, ‏Asmaa mossad, ‏k_meri, ‏Lulu9, ‏منال كلكل, ‏امل اشرف, ‏آيوووتة, ‏نور فهمى, ‏Hevi Ali, ‏toma gogo, ‏مها عياد, ‏طاوووسه, ‏حنحون3


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 01:17 AM   #4719

نورين نشأت

? العضوٌ??? » 470365
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 25
?  نُقآطِيْ » نورين نشأت is on a distinguished road
افتراضي

وجع راشد وبدور كبييييير اووووووي

نورين نشأت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-20, 01:19 AM   #4720

نسيم88

? العضوٌ??? » 340384
?  التسِجيلٌ » Mar 2015
? مشَارَ?اتْي » 330
?  نُقآطِيْ » نسيم88 is on a distinguished road
افتراضي

كان نفسي بدور تعطيه فرصة يستحق فرصة عشان حبهم

نسيم88 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.