آخر 10 مشاركات
159 _ النهاية السعيدة _ ألحان (الكاتـب : SHELL - )           »          158 _ زواج واحد يكفى _ ألحـان (الكاتـب : SHELL - )           »          156 - الهروب من ليلة الزفاف - روايات ألحان (الكاتـب : MooNy87 - )           »          155 - الحقيقة المرة - روايات ألحان (الكاتـب : MooNy87 - )           »          153 - الصفقة الرابحة - روايات ألحان (الكاتـب : MooNy87 - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          152-الصراخ والعذاب -ألحان (الكاتـب : Just Faith - )           »          151 - قسوة الحب - روايات ألحان كاملة (الكاتـب : عيون المها - )           »          147 - سجينة حبى - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )           »          146 - الساحرة الصغيرة - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-20, 12:27 AM   #5201

Noor Alzahraa

? العضوٌ??? » 352224
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 225
?  نُقآطِيْ » Noor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond repute
افتراضي


تسجيل حضور اذا في فصل اليوم

Noor Alzahraa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 12:32 AM   #5202

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

الفصل اتاخر ليه ياجماعه

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 12:58 AM   #5203

توتى على

? العضوٌ??? » 373500
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 159
?  نُقآطِيْ » توتى على is on a distinguished road
افتراضي

هو الفصل هيتاخر لامتي

توتى على غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 12:58 AM   #5204

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

مساء الخير وحشتونى جداً ووحشنى التواجد والتفاعل معاكم بعتذر عن الانقطاع الفترة الماضى ولكن الفترة الحالية امر ببعض ظروف تمنعنى من التعاطي المباشر مع القلم دعواتكم وارجوا ان محدش يزعل من التوقف وان شاء الله فصل اليوم ينول رضاكن ويكون بداية جيدة فى تسلسل الانتهاء من المتبقى من الرواية والان سيتم النشر فى المشاركات التالية


Nor BLack غير متواجد حالياً  
التوقيع
نور بلاك " نورا سليمان دقات محرمة
عادات خادعة
شظايا القلوب
همس الموج
رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 01:12 AM   #5205

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

[align=center]
الفصل الرابع والأربعون



يا ربُ قلبي لم يعد كافيا لأن من أحبها تعادلُ الدنيا فضع بصدري واحداً غيره يَكُونُ في مساحةِ الدنيا يا ربُ قلبي لم يعد كافيا لأن من أحبها تعادلُ الدنيا فضع بصدري واحداً غيره يَكُونُ في مساحةِ الدنيا حُبُكِ يا عميقةَ العينين تطرفٌ، تصوفٌ، عبادة حُبُكِ مثلُ الموتِ والولادة صعبٌ بأن يُعادَ مرتين حُبُكِ يا عميقةَ العينين تطرفٌ، تصوفٌ، عبادة حُبُكِ مثلُ الموتِ والولادة صعبٌ بأن يُعادَ مرتين عُدي على اصابعِ اليدينِ ما يأتي فأولاً، حبيبتي انتي وثانياً، حبيبتي انتي وثامناً، وتاسعاً، وعاشراً حبيبتي انتي،(...)

.. .................................................. ......................
يجلس على ركبتيه منفعلاً أمام غريمه الحبيب.. حبيباً الآن وعلى بعد ثوانٍ سيكون غريمه ونسيبه الحبيب أيضاً من أجل بحريي عينيها فقط.. من أجل خاطرها هي قد يرمي نفسه في بحورها منتحراً دون تفكير إن طلبت!!
"اركز" همس غريمه بتجهم
إلا أن الإجابة القاصفة كانت من الشاهد الأول الذي يجلس منبسطاً بجانب ولد عمه الذي ماثله في الجلسة كما بعضٍ من رجال هذه العائلة "المخيفة" كما أطلق عليهم عمار.. أخوه غير الشقيق السابق، وابن خاله طالباً السماح والتفهم الحالي..
"هل تريد أن أخرج الشريط المصور الخاص بعقد قرانك؟ على الأقل سيادة المحامي لم يفقد عقله ويقطع عقد القران وهو غير مصدق نفسه عشرين مرة"
تنحنح خالد بإحراج غاضب وصحح مقتضباً "كانوا ثلاث مقاطعات فقط!"
قهقه راشد، إيهاب، مالك ومدحت اللذين حضروا خصيصاً مع بعض الرجال فيهم شباب وكبار عرف أنهم من طرف والدتها أو ينتمون لعائلة الراوي من فروع أخرى.. وكالعادة لا يظهرون إلا في المناسبات مهمة كانت أو هامشية...
زفر نزار بقوة وهو يلاحظ تململ الشيخ من مقاطعات خالد التي تكررت وبدا أنه يطيل الأمر متعمداً، حتى لا ينطق بالكلمة السحرية التي ستجعلها له أمام العالم أجمع...
"هل يمكنكما التباري لاحقاً، زوجني إياها لقد يئست منكم؟!"
شعر بيد والده الجالس بجانبه يربت على كتفه ثم نظر إليه بتلاعب جعل عيني نزار تجحظ وهو يقول "أقسم بالله إن نطقتها لأجعل هناء تتراجع ولا يتم زواجكما"
عبس جوشوا بقوة وزم شفتيه وهو يقول بخفوت "ساعة واحدة يا حماري وبعدها سترى الجنون بعينه أنت والمتمنعة أمك"
ضغط خالد على يده تحت المنديل الأبيض المنقوش عليه بخطوط ذهبية اسمه واسمها، بينما طُبِع على أطرافه صورة عصفور ذهبي يأسر النفس في جماله يحلق في الأفق على أمواج البحر الأزرق...
قال نزار بحنق "هل تريد استعراض القوة الآن؟!"
ابتسم خالد في وجهه بتلاعب ثم قال بلهجة تهديد "في الصعيد من أجل أن يتأكدوا من استحقاق الرجل لابنتهم يدخلونه حلقة "ضرب بشعة" من رجال عائلتها يثبت فيها مدى تحمله!"
جحظت عينا نزار بذعر بينما يقلب وجهه في الرجال الذين يحلقون فوقه، وبدا كل واحد فيهم أشبه برجال المصارعة سواء أقاربها أو أزواج أخواتها ..وكل فرد منهم وضح من ابتسامته الذئبية أنه على أتم استعداد لهذا وبكل شوق..
قال جوشوا سريعاً "ونعم العادات سيد خالد، أنا أحب جداً القراءة عن ثقافتك وسيكون خيراً لو أني رأيت أحدها على أرض الواقع"
عقد نزار حاجبيه وهو يولي وجهه نحو والده بإحباط ثم قال "ماذا أفعل لإقناعك أني ولدك من دمائك، ويجب أن تخاف عليّ وتحميني؟!"
قال جوشوا بتعجب "وماذا فعلت الآن؟! بالعكس أنا أريد أن أثبت لهم رجولة ولدي"
قال بذهول "وهذه الرجولة لن يثبتها إلا ضربي الذي مؤكد سيُفضي للموت؟!"
قال جوشوا بلا مبالاة "لا، ولكنها ستشفي بعض غليلي منك وأمك!"
دب راشد على كتف خالد في حركة رجولية ثم قال بهدوء "ترفق به، الشاب يعاني بالفعل، ويبدو أنه ليس لديه غيرك لتخفف عنه"
قال نزار بلهفة "آه والله يا أبا إياب، أعاني منه الأمرين، فقط لو تعرف الحاج جوش لا يدخر جهداً في رميي بالنار"
اهتز صدر راشد في ضحكة مكتومة كما من يراقبون الحدث..
حتى تنحنح خالد متصنع التجهم والضيق، أو ربما بعضا منه شعوراً حقيقياً إذ أنه عند الأمر الذي أصبح واقعاً وجد في نفسه كرهاً عظيماً وخوفاً أشد لمنح "شوشو الصغيرة" لأحدهم..
وكأن نزار قرأ أفكاره عندما شدد على يديه وهو يهمس مشيراً نحو صدره "هذا القلب وهب لها منذ وقعت عينيّ عليها.. إن تجرأ وآذاها يوماً فُقِد واندثر.. بموتي.. بموتي فقط قد أخذلها"
أخيراً ..أخيراً استطاع أن يحصل على ابتسامة مريحة منه بينما يسمع الشيخ يشرع في ترتيل آيات الذكر الحكيم في "ميكرفون" جامع الأزهر كما أصر والده أن يكون العقد هناك ورحب خالد بالفكرة...
النساء كن هناك أيضاً.. العروس وأخواتها وبعض من الأصدقاء المقربين جداً لهن، إذ أنهم اتفقوا ضمنياً ألا يكون عقد القران شيئاً ضخماً لأن عقد الزفاف لم يتبقى عليه سوى يومين اثنين..
لقد قطعوا أنفاسه وأخرجوا روحه حرفياً وهم يماطلون في الأمر حتى أن أخاها كان يصر مع ابن عمها أن يتم العقد في قاعة الزفاف الكبرى التي حُجِزت لزفاف مشترك وضخم، في الواقع أيضاً لم تكن قاعة زفاف ..بل تم حجز فندق كامل ليلتها كهدية مقدمة من
(راشد الراوي بماله الخاص، لكليهما إذ أنه رفض كلياً أن يشارك هو ببعض المال، أو يدفع خالد شيئاً كما فهم منه )
على بعد خطوات كانت منى تجلس جانب هناء تضم شيماء المرتجفة برهبة تحت جناحها، شفتاها تهمسان بشكر لله وطلب متضرع أن يكمل فرحتهم على خير ألا يظهر ماضي أو حاضر يسرق منهم أيام سعادتهم الضئيلة للغاية ويرميهم مرة أخرى في بؤر الوجع.. ألا يكفيها قلبها المفطور على بدور؟!
انحدرت عيناها نحو مركز أفكارها الدائم تنظر إليها بعينين دامعتين متألمتين وعاطفيتين للغاية.. بادلتها نظرتها بابتسامة هادئة ومتزنة وهي تهز كتفيها بمعنى مقصود ثم تضم ابنها الجالس داخل حجرها بقوة ..وكأنها تخبرها أن تشبث إياب الجديد والواضح للجميع مؤخراً بها يكفيها جداً..
همست هناء وهي تربت على يدها "ستكون بخير، هي أقوى منا جميعاً"
قالت منى بحزن جرح نبرة سعادتها "أعرف، أنها تستطيع أن تنهض من جديد أن تعود صغيرتي التي أعرفها قبل تلك السنوات العجاف ..إلا أني أم بالنهاية يا هناء أريدها أن تتحرك أن توقف كونها مسمار دُق في أرض ويرفض ترك رحابها، فلتفعل أي شيء، تسمح لنفسها أن تحلق في أي سماء.. أريد أن أراها سعيدة، هل أطلب الكثير؟!"
اختطفت هناء نظرة عميقة نحوها ثم قالت بشجن "هي أكثر من ذلك في الوقت الحالي، إياب يكفيها عن العالم أجمع, ثقي بي فور أن تكتمل سعادتها بسماعها منه كلمة أمي سيتبدل كل شيء فيها وترينها تزدهر!"
تمتمت منى بدعوات مكبوتة أكثر وأكثر عل جلال المكان، وفرحة الزمان تكون سبباً في فتح أبواب الدعوة لتُقبل مباشرة..
"هل رأيتِ زوجة أخيكِ؟!" قالت نوة وهي تضرب كف بدور بكتفها..
تأففت بدور وهي تهمس "اخلعيها من رأسكِ يا نوة، الفتاة منذ أسابيع تبدو كمن تلقى ضربة على رأسه ففقد النطق والتفكير"
قالت نوة بغيظ مستنكراً "لم نتفق على تركها، بل محاولة مساعدتها لتقبل الأمر"
تنهدت بدور قبل أن تقول بهدوء "خالد طلب بشكل مباشر عدم تدخلنا، فهلا حققنا رغبته؟!"
"حسناً، كنت أريد إظهار بعض الشهامة مع الفتاة"
نظرت إليها نظرة ذات معنى ثم قالت ساخرة "بل تريدين ممارسة دور الأم الناصحة وربما المتسلطة.. اخرجي منها"
حدقت فيها نوة مدعية الحرج ..ثم صمتت لبرهة قبل أن تقول بهدوء شديد "هل أخبرتكِ أنها جميلة بالحجاب، ألا يُفترض أن يحد من فتنتها؟!"
عدلت بدور وضع إياب الذي ينظر لما يحدث بين جلسة الرجال بحماس بينما هم اكتفوا بالهدوء أو حاولوا بما أن الحوارات النسائية الجانبية لم تكف برهة.. ثم قالت في برود "أنه مجرد حجاب للستر جميعنا نضعه كما ترين احتراماً للمكان"
أشارت نحو الحجاب الأبيض الذي لفته كما اتفق حول رأسها، مما دفع نوة لتأملها للحظة بفستانها النهاري البسيط والعملي ذو الأكمام الطويلة والذي انساب على جسدها في قطعة واحدة محتضن قدها الرشيق احتضاناً "وأنتِ لطالما كنتِ وما زلتِ الأجمل"
قالت بمشاكسة "هل هذه محاولة لإدخال الفكرة رأسي أم رفع روحي المعنوية؟!"
قالت نوة بصدق "بل وصف ما أراه الآن، الأمر ليس من فينا ملكت ملامح مبهرة، بل في مدى الجاذبية والتناسق، وأنتِ بالفعل تملكين ما يجعل حتى الغرور يليق بكِ"
رفع إياب رأسه سريعاً نحوها وهو يهز ساعدها لتنتبه له, أطلت عليه من علو وهو يرد سريعاً "بابا يقول أنكِ أجمل من كل النساء.. وأنا أيضاً أرى بأنكِ أجمل من الكون كله"
تغاضت كلياً عن جزء والده وكأنها لم تسمعه.. ثم ضمته بقوة وهي تقبل جبهته ثم قالت مازحة "وأنت أين رأيت الكون يا مشاكس؟!"
هز كتفيه بجهل ثم أجابها بذكاء "لا أحتاج لرؤيته، عندما تضميني بقوة وتقبليني، أعرف وحدي أنكِ حلوة جداً"
ارتعش جانب فكها ثم همست بحنان "وجدتك وخالاتك حزينات من أجلي، وكأنهن لم يجربن كلمة حلوة من طفل مثلك يا حبيبي.. وربما لم يفعلن بالنهاية إذ أن إحداهن لم تذق نار حرمانك"
قاطع تفكيرها وهذرهم الجانبي هتاف منفعل كان الجنون بعينه في قدسية هذا المكان.. إذ أنهم طلبوا من الشيخ الكبير بشكل خاص أن يكون العقد داخل قاعة الصلاة وليس في الأماكن المخصصة!!
"العصفورة زوجتي.. كلها لي يا بعبع وأنت لم تعد تملك فيها أو عليها أي سُلطة"
برطم خالد بشيءٍ ما بينما كان الهرج كبيراً هناك ما بين مهنئ وضاحك ..وبين شامت ومتلهف أن يأخذ دوره ويتم حلماً طال انتظاره أربعة وعشرين عاماً كاملة الآن.. عمراً أخر فوق العمر يا هناء!!
أمسك جوش بذراع ابنه بقوة ثم قال من بين أسنانه متخلياً عن هدوئه و وقاره المتكلف ثم قال "أنت وخالك وزوج ابنة خالك لن تتحركوا من هنا قبل أن أعقد على أمك!"
تجهم وجه نزار ونال منه الغضب والغيرة... إلا أن جذب جاسر له منعه أن يقول أي شيء بينما يسمع الآخر يقول "هيا يا أخرق، أخوها ذهب إليها وسيأخذها ويفر، وأنت تتشاجر مع أبوك كالعادة"
قال نزار بتوتر "ماذا أفعل الآن؟!"
قال جاسر باستفزاز متأمر "اضربه، ليسحبك هو خارجاً ويضربك ثم يحقق تلك العادة الجميلة فنضربك جميعاً، ونفتعل مشهد لم ولن يتكرر أبداً في تاريخ جامع الأزهر!"
برؤى العين كان يخيل لنزار العنوان الذي سيتصدر الأخبار والتلفاز وصفحات التواصل الاجتماعي، شاهد قبل الحجب عريس يُضرب من أخ العروس وأقاربها وأقاربه.. وسلم روحه لبارئها في الحال.. ترى ماذا فعل ليُضرب!! غرر بالفتاة!! ربما رفض التوقيع على القائمة؟! لا أقاربه شاركوا في ضربه أيضاً مؤكد هو عنصر خامل وإرهابي.. يقولون أنه "مبيعرفش!"
"لا لا أقسم أني أعرف، وأعرف جداً وسأدخل بها يعني سأدخل"
عقد جاسر حاجبيه بريبة وهو يسأله "تعرف ماذا؟!"
أشاح بيده بلا معنى قبل أن يندفع نحو الجمع الذي حلق حول عروسه "أميرته العصفورية "
كن أخواتها يقدمن مباركتهن لها بينما نظرة الذهول والشحوب لم تغادر وجهها، تنتفض برهبة وهي تتقبل كلمات كل واحدة منهن على حدى ..هي تحبه هذا لا يقبل الشك.. إلا أن الموقف كله جلل عليها، بينما الخوف الذي يتربص بها لم يغادرها.. أترى أحداً من الحاضرين ينظر لعينيها المطفأتين الآن ويتندر عليها؟!!
"سَبنتي؟!"
رفعت كتفيها نحو وجهها تفرك إحداهما في وجنتها بخوف عندما اقتربت منها تمنحها المساندة عبر لمسة كانت الأخيرة تندفع منكمشة بين ذراعي رفيقتها "مبارك شوشو، هذا نزار يا حمقاء، سعادتكِ على بعد خطوة فهل ستترددين الآن؟!"
دفنت وجهها كله في صدر سَبنتي ولم ترد إلا أن انتفاضاها لم يتوقف لبرهة.. حتى شعرت بخالد يشرف عليهن يسحبها برفق من بين يديها ثم يستبدل أمان رفيقتها بسنده هو...
هتف نزار من خلفه بإحباط "لا تحتضنها, ألا يكفي زوجتك.. منكما لله لقد أضعتما حقي"
خبط راشد على ذراعه ثم قال بتفكه "وهل حلمت بأن أحدنا سيسمح لك بفعلها وأمامنا؟!"
امتعض وهو يقول بسخرية "على أساس أنك شهدت لتوك على عقد أخذها للملاهي وليس زواجها مني!"
اندفعت مريم جانبهم وهي تقول قاصفة راشد "لا عليك يا نزار تلك عادة مزعجة، راشد بك يبهجه سرقة حقوق الناس ويرى أنها حق حصري له.. ويبدو أن أخي يقلده"
أسبل راشد جفنيه، واختفت كل الانفعالات والمشاعر من وجهه ثم قال بهدوء مختصر "كما قالت أم إياس"
كانت شيماء في هذا الوقت ما زالت تتنفس برهبة بين ذراعي أخيها الذي كان يهمس لها بشيءٍ لم يسمعه غيرهما، إلا أنه كان له العجب في جعلها تتوقف عن الانكماش ترفع رأسها ناظرة نحوه لأعلى وكأنها تراه... تبدل الهرج مرة أخرى بالسعادة التي حلقت فوق رؤوسهم بطعم حلو مسكر استطعمه الجميع داخل أفواههم ماحياً أطلال المرارة والحزن... مشاكسات متبادلة فكاهة ومحاولة جذب كل يد لعروسه بعيداً عن يديه التي تصارع لأخذها بصدر يهبط ويعلو بتنفس متصارع وقد بلغ شوقه مداه لضمها إليه أول مرة وأمام الجميع دون قفز من خلف الأسوار ..دون تستر وراء الجدران ...دون فقد أمل وهو يراقب طيفها الذي حُرم عليه مرة في الماضي وكان سبباً مباشراً لقلب حياته رأساً على عقب...
بروحه المنعشة المشاكسة كان يخرج من جيب بنطاله الأسود القماشي منديل عقد القران ثم ناوله لراشد الذي أرتد رأسه للوراء بعجب "ما هذا؟"
قال نزار بتوسل مضحك "يقولون أن من يخطفه سيكون العريس التالي، وبما أن البعبع تزوج بالفعل وأبي كان يرغب في سرقته، استغللت أنا جمعتكم وداريته"
ضحك مالك بقوة وهو يقول "أحسنت اختيار الصهر"
بينما تجهم مدحت كالمعتاد وهو يقول بعجرفة "هل يفترض أن أجلس بجانب هذا الصبياني كصهر؟"
برقت عينا نزار وبصرامة مفاجأة إلا أن لا أحد ينكر أنها أعجبتهم ثم قال "ربما تحتاج للجلوس أمامي في أحد المدرجات لترى كيف أدير أكثر من ألفي طالب ملزمهم بالقوانين.. لتعلم جيداً من هو الصبياني هنا، ومن صاهرت؟!"
قال مالك غامزاً مخاطباً راشد "توقعت أنه سيتفاخر بموضوع الأمير.. أحسنت الاختيار"
لم يرد راشد إذ أن عينيه كما عقله لم تكن معهم بالأساس.. إلا أنه سمع نزار يقول "لا أحتاج لذكر أصلي ، إذ أنه أمر ولدت به ولم يكن لي يد فيه ..ولكن الذي بنيته بنفسي هو الذي يستحق التفاخر.."
قدم مالك يد قوية يصافحه وهو يقول "تشرفت بمعرفتك أخيراً يا نزار هابر وسعيد بذلك"
بادله ترحيبه قبل أن يعود للهفته وهو يدس في يد راشد المنديل ثم قال "هذا لك مقابل إبعاد خالد عنها"
انمحت الابتسامة المتحفظة من على وجه راشد ثم هز رأسه رافضاً بينما عينيه تثبت داخل عينيها التي رفعتها أخيراً تحدق فيه بشعور مغلق، شعور قاسي في هدوئه وثباته.. ثم قال أخيراً في نفس مكتوم "لا حاجة لي بشيء لن يحقق نبوءتك.. أنا أريد معجزة يا نزار... معجزة!"
تحرك أخيراً ناوياً الخروج والفرار من هذا المكان وتلك الأجواء التي أعادت له ذكريات رغم جمالها إلا أنها أحرقته ..ولكن يبدو أن تلك الليلة لن تنتهي إذ أنه وجد يد إيهاب توقفه طالباً منه الانتظار لشيءٍ هام..
أخيراً.. أخيراً كانوا يفرجون عنه سامحين له بالتقدم منها بينما وقف خالد له بالمرصاد وهو يقول "ستلبسها الخاتم فقط"
كان الشوق استبد بنزار وهو يتوقف أمامها يخرج من جيب قميصه الأبيض المنشى علبة براقة على شكل عش عصفور!
توسعت الأعين المراقبة بانبهار.. إلا أن المعنية لم تفعل.. قبضة غاشمة تمكنت من فؤاده حزناً عليها.. حتى راقب بدور تناول صغيرها لعمته.. ثم تقترب منها تحاوط كتفيها وتهمس لها فيما يبدو وصفاً، بالبداية لم يفهم رد فعل شيماء إذ أن حدقتيها توسعتا بقوة وقد ظن أن هذا مستحيل، ثم التفتت بحدة تبحث بيديها عشوائياً حتى أمسكت وجه أختها بين كفيها وهي تهتف من بين دموعها بحرقة "هل سامحتني؟!"
أمسكت بدور بيديها ثم ضمتها إليها وهي تهمس "هششش.. ليس وقته"
"لا، بل الآن.. لن أسعد ..لن أسمح لنفسي بالفرحة بزواجي منه، لن أغفر لنفسي إلا بغفرانكِ!"
همست بدور بصوتٍ شجي "لم يكن ذنبكِ وحدكِ لآخذه ضدكِ ..فهلا هدأتِ وتعطفتِ على زوجكِ وسمحتِ له بالمباركة؟!"
هتف نزار بصوت مشتد وهو يوشك على فقدان أعصابه "أية مباركة ونصف مصر تقريباً احتضنتها قبلي عقب قراني؟! هو زواج منظور فيه من الرأس الكبير أبي"
قال خالد من وراءه "عش في أحلامك، هو الخاتم وبعدها لا أريد رؤية وجهك"
يومين يا نزار... هما يومين.. تحملهم من أجلها...
دفعتها بدور لأن تعتدل.. سامحة له أن يفتح العلبة أخيراً!
ثم هزت رأسها باستحسان قبل أن تهمس "يبدو أن المتهور العاشق لديه ذوق وحس فني إذ أنه جمع لون عينيكِ الزرقاوين ولون عينيه الخضراوين في حجريين كريمين من الزمرد داخل خاتم واحد...
وهنا ترك نزار كل شيء وراءه أخيراً لم يسمع الأصوات حوله ولا تحذيرات ذلك الضخم المتجهم، لم يراقب الفم الفاغر بذهول عقب فعلته التي فقد فيها كل عقل وحكمة أخيراً، إذ أنه جذب يدها مدخلاً الخاتم في كفها اليسرى ودون مقدمات كان يحيط ساعديه بخصرها متشبث فيها بقوة رافعها عن الأرض بكل سحر العالم, بكل عشق تملك من جوارحه.. يدور فيها في تلك البقعة بينما يشعر بقلبه أصبح صهريجاً ينفس لهب مخرجاً دخان الغرام من كل جوانبه، هو يحترق.. ولم يتخيل في عمره كله أن يكون هذا شعوره بأول ضمة منه إليها ...يحترق فيها، يذوب حباً في رقتها, ينمحي وجوده داخل ذراعيها التي تجرأت وارتفعت وأحاطت عنقه... كان يضحك بقوة، وعيناه تطفران بدموع السعادة والانتصار، وكأنه بالفعل فارس شجاع كانت تنتظره أميرته داخل حصون قلعة أشباح الماضي المرعبة.. ليخوص في المخاطر ويرزق بها ..وها هو فعل، أخيراً عصفورتي الهشة كانت تنتفض بعنف بعمق حباً وليس خوفاً "أحبكِ... أنا أحبكِ وكفى... أحبكِ بكل كلمات الغزل والغرام وبكل لهجات العالم التي لن تكفيكِ"
ضحكت شيماء بعذوبة وخجل وفقدت قدرتها على مجاراته، وفاق إحراجها مداه مرتبكة ضائعة في ذلك الشعور الجديد.. بذلك العالم الأخضر الذي يزرعه بخطاه وروداً أمامها ...أحاسيس كثيرة يدفعها إليها، وأمراً عظيماً وعزيزاً يتغير بداخلها، أما عن ذراعيه وصدره الرحب فكانا جنة.. جنة لم تستطع مقاومتها رغم حرجها ووجها الذي اشتعل بالحمرة، فلم تجد بداً أو حلاً إلا أن تتشبث فيه محتمية فيه من كل عين قد تراقبهم الآن..
لقد اختارت أن ترمي كل همومها عليه, ومن أول تهور أن تنجر لداخل دروبه السعيدة بهمجية تطوف بداخلها كما داخله ..وكما طوفانه الذي لم يتوقف وهو يلف بها هاتفاً بسعادة "Jag älskar dig, fågel... أحبكِ ولآخر يوم في عمري.. أحبكِ يا شيماء"
***********

ليلاً وقفت هناء في منتصف غرفتها مرتبكة.. بعد هذا العمر، بعد كل هذا الألم والوجع.. بعد سكرات الغربة والتغرب وهي داخل موطنها.. ها هي تعود إليه... زوجة... زوجة شرعية على كتاب الله وسنة رسوله وبتوكيل أخيها نفسه وشهادة ابن ابن عمها عمار سمير الكردي وجاسر جلال الذي أصر أن يكون هو الشاهد الآخر..
"ماذا فعلت؟!" هل استحق العودة ومنحه رضاها وغفرانها.. هي لا تعلم.. هل أستطيع تخطي كل الظلم والألم الذي وقع عليها وتتناساه وتتقبله من جديد لتقضي المتبقي من عمرها معه؟! فعلياً تجهل الإجابة...
لقد اعتقدت في الأيام الماضية أنها تستطيع، أنها تشتاق إليه، إلى غزله وحبه, إلى شغفه وجنونه، إلى تملكه وهو الذي أثبت بكل الطرق أنه مملوكها فعلاً، أنه رجلها الذي خلق من أجلها فقط... بأنه الأمير جوشوا هابر رغم مكانته العلمية والاجتماعية قد تخلى عن كل شيء ..عن حياته وأخلص حتى في غيابها فاستحق لقب (رجل لامرأة واحدة بجدارة)
كانت تقف أمام مرآتها تفك حجابها برتابة حتى أنها لم تشعر بذلك الذي تسلل ودخل غرفتها حصنها وملاذها الذي سارعت باللجوء إليه فور عودتهم تاركة إياه مع ابنهما الذي كان يقف أمامه بتأهب رافضاً أن يجعله يختلي بها...
الصوت الخشن المتحشرج الذي سمعته جعلها تطلق شهقة عنيفة رهبة عندما قال "كنت على استعداد للموت أمام بابكِ كقربان, لألمح جمالكِ كما كنا.. جميلة.. ما زلت جميلة يا هناء وكأن السنون لم تمر عليكِ حبيبتي"
تشددت يدا هناء حول حجابها الذي رفعته ترميه على شعرها المعقود في لفه صارمة ثم قالت بحزم وقوة "أخرج من هنا.. لم يكن هذا اتفاقنا!"
عيناه الخضراوان كانتا تجريان ضاربتين صدرها بشعور شابه شعاع الليزر الذي يشطر دون أثر أو أذى!
اقترب خطوة منها بتمهل أسد جائع يحاصر فريسته الجامحة ثم قال ببطء "أنا لم أتفق معكِ على أي شيء غير السكن هنا وعدم خروجكِ من بيتكِ، لنسكن منزلي الذي اشتريته... غير هذا أنا لم أعد أفقه إلا أنكِ زوجتي مرة أخرى وهذه المرة بالطريقة الصحيحة شرعاً وقانوناً"
لاحظ كيف تحرك حلقها بتشنج مع شرودها للخلف بشكل متخفي محافظة على شموخ رأسها بكبرياء.. اردف بحزم "إلا أنكِ زوجتي قانونياً منذ سنين طويلة على كل حال ..وأنا منحتكِ كل الوقت لتستجمعي نفسكِ وشجاعتكِ، حتى تخوضي معي تلك المخاطرة من جديد"
سمعها تقول بتصلب "مخاطرة ؟!.. العمر لم يعد فيه أي وقت لمخاطرة جديدة، لذا أنا وافقت من أجل أن يحصل ابني على الصورة المثالية التي ستساعده على استقراره وأيضاً..."
قطعت كلامها وهي تشهق بعنف عندما امتدت يده كالإعصار ليمسك بكلا كفيها يجذبها منهما لتصبح في لحظة كلها يستقر داخل صدره ثم قال بغلظة حادة "وافقتِ لأنكِ ما زلتِ تحبينني ..رضيتِ بتصحيح زواجنا الشرعي لأنكِ تأكدتِ من صدقي، من إسلامي الصحيح لنفسي وهدايتي لطريق الحق دون أي عوامل أو أن تكوني سبباً"
هتفت وهي تتخبط راغبة في البعد عنه "اتركني، سأصرخ وأنادي نزار ..كيف تركك أصلاً لتصعد إليّ"
قدميه كما كل جسده كانا يتحركان بها بخفاء لم تشعر به وسط اضطرابها دافعها للفراش خلفها وهو يقول بتلاعب "سربته، مدخلاً فكرة في رأسه تجاه عروسه فُانشغل بالحديث معها"
حاولت المقاومة وهي تقول بغضب "طبعاً ماذا توقعت منك.. مخادع!"
أمسك معصميها رافعهما للأعلى بيد واحدة ثم في لحظة وجدت نفسها تشهق بعنف إثر دفعها على فراشها وقبل أن تحاول الاعتدال وجدت وجهه يطل عليها قريباً جداً بينما كل جسده يعلوها محيطاً إياها.. وغرقت... في برهة كانت تغوص في زمن آخر وعالم حرمت منه بسببه.. في احتضان عميق وشرس بمشاعره التي اجتاحتها، يغمرها بقوة كلها تجتاحها في سكون عجيب.. لم تكن الغريزة التي تعرف أنها تقتل رجلاً محروماً من النساء منذ هجرها إياه ..وأيضاً لم تقرب الشغف بعلاقة زوجين رجعا لبعضهما ..بل كان أمراً آخر.. اجتياح لمشاعرها المحصنة منذ سنين, لأنوثتها التي جمدت في مكانها ولم تكبر أو تصغر وكأنها كانت فعلاً تنتظر وتأمل فيه ..عناقه اشتد, كلها يدار فيه وبه يسكن بداخله ويطمئن له..
قلب المرأة خشع، ونفس الحبيبة خُدع ..أنفها يلتقط رائحة مميزة... لا ليست الرائحة الرجولية التي تصف بها النساء عادة أزواجهن أو الرجال الذين ورطوا معهم بالعشق... بل رائحة مميزة تلك التي لا تصدر إلا عن حضن مميز, ذراعين عاشقين ومشتاقين حد النخاع.. تلك الرائحة التي احتفظ بها عقلها عميقاً خلف جدار ذاكرة النسيان ..تلك الرائحة التي كانت تغمرها عندما تخشع وتخدع في مأواها داخله... رائحة كانت تغمرها لوقت طويل جداً باقية متملكة كل حواسها حتى بعد أن يغادرها بوقت طويل "اشتقت إليكِ... هل اشتقتِ لي بعظمة حبي لكِ؟!"
صوته كان يهمس جوار أذنها يدغدغ حواسها, يجعل قلبها يرفل كطائر ضعيف مسكين يبحث عن ملاذه وقد فتك به الضنى... وال...شوق...
"حبيبتي، أميرتي الفرعونية وتلميذتي النجيبة.. وشريكة عمري التي شردت"
عيناها مغلقتان بينما كل خفقة من قلبها تسرح بعيداً عن وتينها لتستلقي متنعمة متدللة داخل نعيم نبضه.. أصابعها التي تدفعه كانت تسترخي إلا أنها لم تتوقف عن الارتعاش إجلالاً لسحر اللحظة فأمسكت بصدره بقوة.. بينما اللسان ينطق بعكس ما أضناه من شوق وحب "جوش اتركني، أنا لست مستعدة لكل هذا.. أنا..!"
رفع رأسه ليواجه عينيها الجميلتين إلا أنه لم يتركها من غمرة روحه ثم همس بصوتٍ أجش "أنتِ روحي.. توأم روحي ...الروح واحدة إن انشطرت مرة لا تتكر حتى لا تفقد معانيها ..وأنا سمحت لنفسي أن أتشاطرها معكِ... كما بدأت الخليقة.. كما خلق الله لآدم حواء واحدة ..وأنتِ حوائي!"
لهثت وهي تحدق فيه بذهول.. هل كانت تلوم نفسها وتهرطق بكل بلاهة على تسرعها وندمها للعودة ..رباه فلتركل نفسها بقوة عقاباً على غبائها!
أزاح حجابها بعيداً ولم تمنعه هذه المرة، مد أنامل محبة يمررها في شعرها حتى وصل لتلك العقدة المريعة فكها باندفاع وأخذت يديه تمشط خصلاتها حتى انسدلت حولها تحيط استلقائها تحته.. ثم قال بانبهار "جميلة.. حسنكِ لم ولن يوصف يا مصرية!"
عيناها كانت تتجولان داخل عينيه برهبة, تتفحص ملامحه الحبيبة غير مبصرة إلا صورته التي رأته بها أول مرة وكأن السنون لم تغير فيه داخل نظرة القلب! صدره عريض ورياضي ومرحب كما تذكر، ساعديه المتحكمتان قويتان بائستين أما عن حلاوة لسانه كما لهفته وعشقه كانا حكاية أخرى تربُت على سنواتها العجاف.. وتمنحها ثقة وغرام لا تعتقد أن هناك على الأرض الكثير من المحظوظات ليعثرن على مثله ..إلا أنها ورغم كل هذا مطت شفتيها وهي تقول ببساطة "أنت تكذب على نفسك أو عليّ... أي جمال هذا وشعري نصفه أبيض؟!"
ضحك إلا أن عينيه الحبيبة لم تترك الغرق في ملامحها التي أسرت قلبه ..ثم قال بصوتٍ مازح مشاكس "لماذا لم تصبغيه إذاً من أجل ليلتكِ يا عروسي؟!"
قالت بامتعاض سريعاً "لأني لم أحسب حساب أنه ما زال فيك نفس أصلاً لهذا وابنك طولك!"
توسعت عيناها كما تورد وجهها عندما انطلقت ضحكاته الساخرة ثم قال "هل اعتقدتِ أني تزوجتكِ فعلاً لأتناول معكِ الزبادي ليلاً قبل أن نخلط طقمي الأسنان بعضهما؟!"
رغم إحراجها إلا أنها قالت بتهكم "شيء كهذا، احترم سنك قليلاً, لقد قاربت على الستين"
تجهم وهو يصيح مصححاً "خمسة وخمسون من فضلكِ!"
"وهل تفرق؟!" قالت بتسلي
لمعت عيناه وكله يتجاوب مع تلويها تحته مع إغراء تلك الشعيرات الفضية الرائعة.. الرائعة للغاية في حسنها في إثباتها بأنها دليل حي على معاناتهما وصمود قصة عشقهما التي بقت باشتعالها بمعانيها رغم كم المصاعب التي مر فيها كلاهما... وقد ظنت البلهاء بإبقائها أنها قد تثير نفوره، بالعكس سيحرص جيداً ألا يجعلها تقترب منها أبداً..
أمال وجهه وشفتيه تهمس أمام شفتيها بخفوت شديد الخصوصية, بتحشرج رجل ذو نكهة مختلفة في شغفه والمعاني, يثير في القلب والعقل رجفة عميقة بحلاوة لذتها ومعانيها "دعيني أثبت لكِ إذاً ما الفرق... اسمحي لي أن أسكت لوعة قلبي الذي يصرخ بألم يطالبني بإدخالكِ فيه.. دعيني أقبلكِ ألفاً.. وأهيم بكِ ألفاً.. وأعوضكِ ألفين وأعشقكِ لنهاية العمر.."
حاولت الرد همساً إلا أن كل الكلام خرس أو صمت حرجاً بزهد وفراغ معانيه أمام ما وجهه لها تالياً عبر قُبلة..
قُبلة كان كلاهما يفتقدها ..قُبلة حب، قبلة ندم، قبلة تكفير ووجع ..قُبلة أخذت هناء لعالم آخر في زاوية مختلفة، ربما بادلته إياها جارة نفسها معه لدنيا العاطفة إلا أن ما كان يحركها رغبة شديدة في البكاء وكأن الدموع التي ذرفتها قبلاً لم تكفي دمع الهجر، ودمع الخذلان وآخر لقلبٍ مفطور ومكسور، وها هي مجموعة دموع تهبط مغرقة وجهه ووجهها تودع كل شعور سلبي ومؤلم تعرضت له..
من المخطئ في قصتهما، هي تعرف تماماً ولا تقبل التأويل هو من يتحمل كل الذنب، إلا أنها أيضاً تحمل بعضه عندما رمت نفسها في نار حبه وغربته... هي تغفر له ربما ليس عشقاً فقط إلا أنها أصبحت تتعامل بسكون وخشوع أن من أمامها إنسان جديد ولد من داخل دين اعتنقه برضاه، أحبه وشغف به ونال الهداية من أجل نفسه، وإخلاص لرب العباد..
"هناء؟!"
كان وجهه ارتفع يحدق فيها بعينين تلمعان بشراسة.. بحنان وبتفهم تام إلا أنه عكس ما توقعت لم يبتعد لم يقل المزيد ..بل عاد بجنون هذه المرة ودون تطبيب يكتسح شفتيها اللتان تصحرتا في بعده اكتساحاً، يرويهما بحبه وشغف بسيل من الأنهار والأمطار.. يسحبها في عالم براق وفوق السحاب..
يتنهد بين شفتيها بنكهة وبشعور خلاب ..رباه كيف له أن يغير كل مشاعرها، أن يحرك كل شيء إيجابي فيها.. لقد نسيت وضاعت وسط غمرته، يديه تمسك فكيها من الجانبين, كتفيه يتقلصان مقتربين بإخلاص ..بينما فمه المتمكن والمشتاق جداً لم يتركها حتى لتلتقط أنفاسها مصراً أن يرتوي من نهر جنتها... كان يتأوه بنبرة تجعلها ترتعد تغلق جفنيها وتسرح في عالم أساطير خلاب بعيداً عن دنيا الواقع بكل آثامها بأميال...
أصابعه انخفضت سريعا محرراً وجهها الذي كان يثبته لينال منها أكبر قدر قد يحصل عليه... ثم اكتسحها يفك حزام فستانها الأخضر المحتشم شفتيه تطبع قبل صغيرة ومتفرقة فوق زوايا فمها ..نحرها في إثارة تصاعدت بجنون بينهما..
"دعيني أحبكِ ..أشبع الروح العليلة التي لم تتوقف عن تمنيكِ أربعة وعشرون سنة "
كانت تفقد أنفاسها رغم انفعال صدرها الذي يصعد ويهبط بجنون كما صدر وأنفاس الحبيب الذي يعلوها وهمست ببحة زادته جنون "جوشوا... أرجوك..."
هز رأسه نفياً بشدة لتوسلها ثم قال بصوتٍ أجش عميق "أرجوكِ أنتِ.. يا روحي.. دعيني أحبكِ.. أشعر بكِ زوجتي من جديد أمام الله دون خداع.. دون زيف.. هناء أنا..."
"أماااااه.. أمي أين أنتِ يا غالية افتحي الباب.. لقد افتقدتكِ!"
فغرت هناء شفتيها قليلاً وعيناها تجحظان بذهول.. بينما تشعر بنفس جوش الذي توقف بطيئاً وحاراً وغاضباً حد الجنون..
ثم صرخ دون تردد "اذهب من هنا يا حمار وإلا أقسم إن خرجت لأحرص على وضعك في جبيرة لستة أشهر!"
لمحت هناء بذعر خيال ابنها خلف الباب المغلق بينما صوته ينعر بكل غل وجنون "أبي... ما الذي تفعله عند أمي ..اخرج حالاً وواجهني.. وأنتِ عارٌ عليكِ كيف تسمحين له؟!"
"عار أما يرفسك يا قلب أمك!" صرخت هناء وهي تزيح جوش عنوة حاول التمسك فيها إرجاعها مكانها إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل تماماً... راقبها بإحباط وهي تلملم ملابسها جيداً تتأكد من محو آثار كل ما كان يحدث ثم ترتب شعرها... وقبل أن يمنعها كانت تفتح الباب وهي تهتف "هل جننت، ما الذي تقوله؟!"
قفز نزار كالمجنون فعلاً وهو يراقب والده الذي يضع قميصه داخل بنطاله بكسل.. ثم هتف بجنون "وبشعركِ أيضاً، تجلسين معه خلف باب مغلق وقد خلعتِ حجابكِ؟!"

انتفخت اوداج نزار بشر كما هدر صدره وهو يقول "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدمُ

قال جوش باستفزاز " جوانبك أنت لا امانع "
تغضن وجه هناء بالأحمر القاني ثم بقلب الأم كانت تشفق عليه من العفريت الذي تلبسه.. الغيرة تعمي يا حبيبي.. أعذرك!
أمسكت هناء يده محاولة تهدئته ثم قالت بحرصٍ و حرج وكانها تهادن طفل احمق "إنه والدك، وز... أعني هل تذكر ما حدث نهاراً عقب عقد قرانك؟!"
قال نزار بجعورة مزعجة "أذكر، إلا أننا لم نتفق على هذا...اخرج من هنا يا حاج, سأبيت مع أمي"
ارتفع طارف فم جوشوا باستنكار ثم قال باستياء "أقسم إن لم تتعقل لأرميك من ذلك الحاجز وأتركك في الساحة بالأسفل أسبوع قبل أن أسعفك!"
خبطت هناء وجهها بإحراج وهي تهمس "يا ويلي, ما هذه الورطة؟!"
قال آمراً بغضب "أمي اخرجيه, أريدكِ في أمرٍ هام"
قال جوش بتحدي سلطوي "عليك أن تتعامل مع طفولتك البائسة، هذه غرفتي وهذا الجزء من المنزل مكاني ..أما أنت فانتقلت منذ الأمس للجانب الآخر الذي بنيته لك بنفسي"
"هل تعايرني؟"
قال جوش بقلة صبر "بل أقحم في عقلك الأبله أني فعلت كل ما أستطيع لأتخلص منك وانفرد بزوجتي التي افتقدتها لأربعة وعشرين عاماً لتأتي الآن وتبدد كل سعادتنا بالبقاء"
حدق فيه برعب خالص متخيلاً ما كان يفعله أبوه بأمه.. ثم هز رأسه بقوة طارداً تلك الصورة البشعة من رأسه..
"هل أنتِ موافقة على هذا الجنون؟!"
هزت هناء رأسها برفض.. ثم أومأت بموافقة حتى صرخت "أنا تعبت منكما وأريد أن انخمد, خذ أباك وغادر"
قال جوش مكرراً من بين أسنانه "أنتِ زوجتي وهذا مكاني وذلك الأحمق سيفارقنا خلف ذاك الباب!"
نظر نزار نحو أخر ركن بالممر عبر ذلك الباب الضخم الذي أقامه بين بيت والدته والجزء الذي عزله من المنزل ليصبح دورين كاملين له ولشيماء منفصلين تماماً بخصوصية إلا أنهما متصلين أيضاً من الداخل عبر هذا الاتصال حتى يسهل على والدته مراعاتها أثناء انشغاله أو عدم تواجده حتى تعتاد حياتها الجديدة...
ارتسمت ابتسامة خبيثة على وجه نزار وحرك رأسه بتوعد صامت وقبل أن يفهم جوش ما يجري كان نزار يسحب يد هناء جاراً إياها وراءه معرقلة خلف خطواته المجذوبة حتى وصل بها لهذا الباب وفتحه ثم دخل إلى مكانه وأغلقه جيداً في وجه والده ثم قال "تصبح على خير يا كبارة البلد.. بعد إذنك أحتاج أمي في أمر عائلي وخاص وأنوي المبيت بين ذراعيها لتحكي لي (حدوتة)"
خبط جوش على الباب بعنف وهو يسب ويلعن بالسويدية دون حرج أو رقي ثم هتف أخيرا بالعربية "يا ابن... يا ابن..." لم يذكر جيداً ما هو لفظ الإهانة فصرخ بانفعال "ابن ماذا يا هناء؟"
هتفت هناء من بين ضحكاتها وحرجها "يا ابن... الك..."
قال جوش بقوة غاضبة "نعم هي.. يا ابن الك... يا حمار"
تمتم نزار دون صوت "كل واحد أدرى بنفسه تلك ليست إهانة أصلاً... المهم أنها معي بعيداً عن مخالبك"
ثم التفت نحو والدته وكأن شيئاً لم يكن ثم قال بابتسامة سمجة "ماذا ستقصين عليّ حبيبتي؟!"
ربتت هناء على كتفه بحنان شديد ثم قبلت وجنته وجبهته وهي تقول بحب أمومي شديد "قصة الأم التي ضاقت ذرعاً بابنها فقطعته في طنجرة وطبخته وأطعمته للقطط يا قلب هناء!"
نظرة الرعب التي احتلت عينيه كانت أبدى من أي رد قد يقوله...
*********


‫يتبع :0
18:/align]


Nor BLack غير متواجد حالياً  
التوقيع
نور بلاك " نورا سليمان دقات محرمة
عادات خادعة
شظايا القلوب
همس الموج
رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 01:21 AM   #5206

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع الفصل الرابع والاربعون



"
أرى أن هذا جيد، سيعجب سَبنتي!"
كان راشد يشير نحو بعض الأغاني التي عرضتها عليه شذى والتي كانت قد تولت مهمة تنسيق الحفل مع مهندسة الديكور والمنسق وغيرهم من العاملين ومن غيرها يستطيع أداء تلك المهمة على أكمل وجه لتخرج بأرقى وأفضل صورة...
حددت شذى على الجهاز ثم أرسلت المطلوب لمهندس الصوتيات وهي تقول "شكراً لك أتعبتك الفترة الماضية، بأشياء كهذه ولكن لم يكن أمامي حل آخر مع رفض سَبنتي لأي تفاعل معنا"
ابتسم بلطف مومئ برأسه دون كلام.. إذ أنه منذ مواجهته الأخيرة ويبدو دائماً متشنجاً متباعداً ..مظلم الملامح ومتجنب النظر إليها أو الاحتكاك بها إلا فيما يخص الشركة فقط.. إلا أنه أيضاً وما لاحظه الجميع بدا متساهل جداً معها، يسمح لها بفرض سلطتها على الشركة، تتحكم وتلقي قراراتها ومبرره الأوحد أنها لم تحتج أصلاً لرئيس وقد أثبتت عبر مدة طويلة مدى نجاحها كسيدة أعمال أولى!
دخل خالد حاملاً بين يديه صندوق خشبي مستطيل مصقول ومزخرف بعناية ..ثم وضعه على كنبة طويلة بحرص وهو يقول بعينين لامعتين بالفرحة "لقد وصل أخيراً يا شذى"
وقفت شذى وهي تقول بلهفة "أخيراً، لقد تأخر كثيراً، ولكن ليس مهماً, افتحه لأراه"
هز خالد رأسه رافضاً بقوة ثم قال بهدوء "لن يفتحه إلا صاحبته"
ألقى إليه راشد نظرة عابرة ثم قال باقتضاب "افتحه لأراه أولاً, تعلم أنها سترفض التفاعل"
نظر إليه خالد بحنق ثم قال منفجراً في وجهه وكأنه كان يكبت تراكم طويل بداخله وبات احتماله فوق طاقته "ترفص اختيار الأثاث فتختاره أنت ..ورفضت رؤية مسكننا الذي جُهِز فتفضلت سيادتك بوضع اللمسات مع المهندس بدلاً عني وعنها، حتى قاعة الزفاف ودور العروس في الاختيار قمت به أنت... رفضت أيضاً التعامل معي فألبستها أنت خاتم زواجي... وآه ماذا أيضاً احتضنتها ودرت بها بدلاً عني... حقا يا راشد أنا ضقت ذرعاً منك ومنها.. أفهمني بالضبط لأعمل حسابي منذ الآن، على من سأدخل أنا.. أنت أم هي؟!"
دار وجه شذى بقوة للوراء واحمر حتى أصبح بلون الدماء بينما شرقت منى في كوب كانت ترتشف منه أما عن نوة فتركت ما كانت تتصفحه وظلت لبرهة تحاول استيعاب ما قيل ثم انفجرت ضاحكة..
أما عن راشد وقف يواجه ابن عمه الغاضب بنفس الملامح القاتمة التي لا تحمل المرح ثم قال بخفوت "كنت أعلم أن هناك شيء خاطئ منذ أخذت تتأملني بشغف تلك الليلة أمام السور!"
جن خالد كلياً وهو ينظر إليه يستوعب رده ووجهه الخالي من روح الفكاهة ثم قال هل هذا كل ما عندك كدفاع؟!"
مط راشد شفتيه ببرود ثم قال "وماذا تتوقع، أن أذكرك مثلاً أني أفرض عليها الزواج ..بأنها ترفض الاشتراك في أي من مظاهره ومبادلتك سعادتك كرد فعل لبغضها ذاك؟!"
تهدل كتفا خالد بإحباط ثم أراح جسده على أول مقعد وهو ينظر لذلك الصندوق القابع بصمت جانبه بنظرة إحباط سوداء وقال "ماذا تقترح إذاً، تركها لجنونها؟ الطبيبة النفسية ذاتها قالت أن نمضي في الأمر إذ أنه أفضل لها!"
قال راشد بخفوت "سواء نصحتنا بذلك أم لم تفعل، كان سيتم الأمر لتتحمل نصيبك معها كما عاهدتني!"
نظرت نوة بهدوء نحوهما ثم قالت "هل أفهم من هذا أنك تعبت من حملها؟!"
نظر إليها بحدة ثم قال من بين أسنانه "هل مللت من العناية بصغاركِ يا نوة؟"
قالت بقوة "أقدم عمري لهن دون تفكير"
قال راشد بصوتٍ صارم "إذاً أجبتِ على سؤالكِ بنفسكِ، نقطة ونهاية السطر"
صمت لبرهة قبل أن يغلق جفنيه بقوة ثم قال دون حرج "أخوكِ هو الوحيد الذي سيعيدها إليّ كما كنت أعرفها.. أما هذه المتخبطة التائهة في دنيا مظلمة أنا أجهلها"
ردّت منى بهدوء "إذاً ربما عليك التوقف عن الغضب منها والتباعد قاصداً، هذا ما يجرحها ويزيد من تخبطها"
أطلق زفرة كبيرة مرهقة جداً ثم قال "هناك أشياء يصعب تخطيها أو التغافل عنها حتى مع أبنائنا يا زوجة عمي ..إلا أني أيضاً أتبع هذا الطريق قاصداً صالحها"
يريد الضغط عليها دافعها كلياً نحو خالد، بجانب تضييق الخناق عليها إذ أنه يعلم جيداً أن حبه الغاشم لها جعله يغفل عن الكثير مزيداً ألامها النفسية، يريد منها الانفجار التحدث وإخراج ما يجعلها تبعد عنهم بروحها يوماً وراء الآخر.. وبالطبع هو لن ينكر أن جزءاً كبيراً منه نحرته يديها, ما زال يتردد في أذنه كل اتهام رمته به قاسماً وموجعاً بجانب طبعاً خسارته الفادحة في غلق سبب علة روحه كل أبوابها في وجهه!
"راشد!"
هتفت منى بحذر عندما لاحظت ابتعاده بفكره ..فتح عينيه ناظراً إليها محاولاً التعاطي مع مشاعره ولملمتها ثم ابتسم أخيراً بعجرفة معهودة وهو يتوجه نحو خالد وعلى غفلة كان ينحني يلكمه في معدته وهو يقول ساخراً بحرص شديد ألا يسمعه أحدهم "هذا لتخيلك الأحمق، وتحذير إن مسستها في أي مرحلة من زواجك منها، سوف أذيب عظامك!"
(هل يعتقد أنه سيتزوجها ليسمع لها سورة البقرة وجزء عم؟)
أحنى خالد رأسه مبتلعاً ألم الضربة ولم يرد, حسناً مهما كان حماسه لعرسه الذي اقترب مؤكد لن يصرح بما ينويه لعروسه المجنونة المتمنعة لأحد خاصة راشد بالذات..
"بابا، أين المفاجأة؟!"
اقتحم إياب المكان بحماس يركض أمام بدور التي دخلت تتهادى داخل الفستان شديد الأنوثة التي بدلت به فستان عقد القران ورغماً عن أنفه وبينما يعتدل مستقبلاً ابنه بين ذراعيه رافعه لأعلى مقبله تحت عنقه بابتهاج ..إلا أن طرف عينيه لم يترك تأملها ..هل زادت جمالاً وندرة؟!! تباً هل تلك المفترسة تزدهر على حساب جحيمه وقلة راحته ولوعة قلبه؟!
عنقها الطويل الذي شابه عنق البجع كان يظهر بوضوح من الاستدارة الطولية لفستانها المكون من قطعتين إحداهما تدرج فيها اللون الأبيض مع رسوم مشجرة سوداء بينما للجزء العلوي منها كان بلون أبيض ناصع كما أكمامه التي غطت حتى مرفقيها.. بينما شعرها الذهبي كان مرفوع فوق رأسها بتسريحة أنيقة زادت عينيها توهجاً ودلالاً..
جلست على مقعد أمامه واضعة ساق فوق الآخر بأناقة شديدة الصلف للحقيقة ثم خاطبته ببساطة "إياب يلح منذ بداية النهار لمقابلتك، ليس لدي مشكلة إن اصطحبته معك الليلة"
قالت شذى بهدوء قبل أن يرد "أحتاج إياب غداً مع رويد لقياس أخير لملابسهما"
إلا أن راشد عندما تكلم كان يقول بهدوء شديد يُحسد عليه "يفضل تواجده معكِ إذ أنه منذ الليلة وبناء على طلب أخواتكِ ووالدتكِ بتواجد سَبنتي هنا، خالد سيذهب معي، لذا الأفضل له وجوده بينكن"
هزت كتفيها بلا معنى ثم ادعت الانشغال مع شذى متجنبة النظر إليه كلياً حتى لا تضعف!! إذ أنها نالت كفايتها من تفكك حصونها معه الفترة الماضية، لذا إن صدقت وأرادت بحق الاكتفاء بطفلها فيجب على كليهما التعامل مع مشاعر المارد التي تحكمهما وحجبه في قمقم وإلقائه في عرض البحر
"نوة هناك دعوات لم تصل البعض، للجانب الذي أخذتيه على عاتقكِ و.."
"بدور!" صوته الصارم المشوب بالغضب جعلها ترفع عينيها في دهشة وهي تجيب "هل هناك مشكلة؟!"
"أريدكِ بالخارج ..اتبعيني" رمى أمره بصلف ثم انصرف دون انتظار إجابة آخذاً إياب معه.. حسناً بالنهاية وجود إياب نقطة أمان لصالحها، أليس كذلك؟!
أنزلت ساقها بهدوء عن الأخرى ثم اتبعته دون أي اعتراض إلا أنها بالداخل كانت تغلي سخطاً "اللعنة عليك يا راشد، لا حبك يبرد ولا كرهك يريد احتلالي وتحريري"
نظرت شذى لهاتفها الذي وصلت عليه رسالة جعلت كل ملامحها تتبدل للنقيض بوجوم كامل ..مما جعل منى تسألها بالنظرة الثاقبة للأم "ما بكِ؟!"
هزت رأسها مدعية البهجة وهي تهمس "لا شيء, مالك بالخارج ويريد أن يراني فوراً"
قالت منى بهدوء "ولماذا تتأخرين؟ هيا اذهبي وسأنتظركِ صباحاً!"
قالت بتردد "ولكن..."
قالت منى بهدوء آمر "لا لكن, هيا يا شذى وأولادكِ سيظلان هنا الليلة"
أغلقت شذى الجهاز اللوحي الذي كانت خصصته لأمور العرس.. ثم خرجت نحو جراج المنزل تقابل مالك هناك كما راسلها..
ومن خلال الأطراف المترامية بين الأشجار كانت تلمح راشد الذي يجلس على أحد المقاعد أمام حوض السباحة ينظر إلى ابنه وأختها بسعادة وكأن مجرد لمحهما رغم كل شيء يدب فيه الحياة والأمل...
فتحت الباب ودخلت تحتل جانبه بهدوء ثم قالت دون مقدمات "أرى أنك تخليت عن الحارس والسائق"
فور أن ارتاح ذراعها بجانبه لم تتفاجأ عندما رفع كفها نحو فمه يلثمها وهو يتنهد بخشونة ثم قال "إلى متى ستبتعدين عن زوجكِ سيدة شذى الراوي؟!"
رفعت شذى حاجبيها في نظرة باردة متعجرفة تخلو تماماً من رقتها وقناعها الهش الذي يخدع كل المحيطين بها ثم قالت "وهل أنا في نزهة مثلاً.. أم أني يجب أن أبقى ظلاً يلاحق السيد مالك أينما ذهب؟!"
هز مالك رأسه بموافقة وهو يضغط على شفته السفلى بغضب مكبوت.. ودون كلمة إضافية كان ينطلق بسيارته نحو منزلهما الذي بدآ فيه حياتهما الزوجية ورفض رغم هجرتهما التخلي عنه ..وكيف يفعل وقد شهد أجمل أيام حياته معها...
شذى لم تكن امرأة جميلة, محبة وحنونة سيدة مجتمعات لا ينفك اعتماده عليها وتفاخره بها في كل مكان بين مجتمعه المخملي فقط ..إلا أنها كانت وما زالت حبه الأول، الفتاة الخجولة التي تختبئ وراء ظل أختها الكبرى رافضة الظهور ..لقد تعرف عليها أول مرة ليلة خطبة مدحت ونوة، وقبل أن يفكر مرتين وجد نفسه بعد عزوفه عن فكرة الزواج وبدل أن ينشغل في عمله مع والده وتأسيس مكانة مستقلة اتجه للتفكير للزواج منها مباشرة ..وحدث عندما أوكل والده بالأمر ورحب ياسر الراوي دون تفكير.. أما هي كانت دائماً التحدي الأصعب ..لن ينكر الآن أنه يفهم لماذا إذ أن الجروح العميقة والتشقق داخل أسرتها يجعلها دائماً على صفيح ساخن تقترب منه تذوب فيه عشقاً تتقبل حبه, تصدق إخلاصه واكتفائه بها.. إلا أنه في اللحظة التالية يجدها ابتعدت عن دربه تماماً وعادت لقوقعتها الحامية "انزلي"
نظرت شذى نحو العمارة المرفهة ثم قالت رافعة حاجبيها "لما نحن هنا؟!"
ضحك مالك وهو يهز رأسه بيأس ثم قال "بداً أريدكِ في كلمتين بريئتين وأخويتين للغاية"
عضت على جانب فمها في حركة جعلت جنونه فيها يتصاعد وكل غضبه يتبدد ثم قالت بنبرة ناعمة "آخر مرة كلفتني أخويتك تلك ليلتين لم أفسر سبب غيابي فيهما عن العائلة حتى الآن!"
جيد.. تعاطيها معه كما عادتهما نقطة لصالحه, مؤكد سيخرج من جديد ما يؤرقها.. دفن أصابعه خلف رأسها من الوراء ثم قربها منه وهو يقول بنفسٍ حار مثير "جيد تجديد الروتين هذا، شذى هانم تتسلل من وراء عائلتها لتقابل حبيبها في سرية تامة"
أزاحت رأسها للوراء وهي تقول ضاحكة بمشاغبة مدعية البراءة سلبت لبه كما نظراته المشدوهة "سأفعل أي شيء لأجلك، ولكن ماذا تفعل إن كُشف سرنا بعد تسعة اشهر ؟!"
لمعت عينا مالك بإثارة أكبر جعلتها ترتجف عندما لثم شفتيها بخفة وهو يقول بخبث "خيرٌ إذاً، أنا بالفعل أشتاق لطفلٍ آخر منكِ, لابن ثالث يهدئ قلبي نحوكِ"
انمحت ابتسامتها وهي تنظر إليه بتوتر ثم همست باختناق "ما زلت أنت من تريد الاطمئنان إليّ يا مالك؟!"
انتفخ صدر مالك بقوة قبل أن يقول بصوتٍ أجش "نعم، لأنكِ من تحتاجين لفهم أني أحبكِ يا شذى ..حب يفوق حب كل رجل في عائلتكِ مجتمعين.. أحبكِ وأحب أولادنا ..وأحب نفسي أيضاً لحبي لكم، لذا أياً كان ما يشغل عقلكِ ويجعلكِ من وقتٍ لآخر تخافين، يجب أن تنزعيه كلياً من رأسكِ.. إذ أني من نوع الرجال الذي يفوق حبه لاستقراره ولأسرته أية إغراءات دنيوية عابرة.. أنتِ الباقية لي يا ابنة الراوي!"
ابتسمت ملامحها وطفر دمعها من عينيها من فهمه لأسبابها ثم قالت أخيراً دون خجل "هل يمكننا الصعود لشقتنا حتى أستطيع أن أعتلي صدرك، إذ أني أشتاقك بما يفوق اشتياقك لي!"
لاح الابتسام على شفتيه وهو يستغل ظلام المكان ويميل ليقبلها بكل شوقه وحبه ثم قال "الليلة ستبقين معي"
هزت رأسها نافية بشدة قبل أن تهمس بنفس حار من بين شفتيه "لا أستطيع فقط ساعتين وسأعود ، وأعدك بعد الزفاف لن أبتعد تحت أي ظرف إلا في زيارات متقطعة كما الماضي"
تنهد مالك بكبت إلا ان الشوق لم يقل بل كان يزداد وهو يهبط من السيارة والتف يجذبها من يدها ثم قال مدعياً الجدية والغضب "بل أربع ساعات، ثلاث ونصف لنا.. والنصف الآخر ستخبرينني بما يزعجك وجعلك تنقلبين عليّ"
نظرت إليه باستنكار ضاحك ثم قالت "ثلاث ونصف، لماذا هل تعتقد نفسك ثور تخصيب؟!"
قال وهو يدفعها نحو داخل المصعد "بما أننا نخطط لطفلٍ ثالث، اعتقد أن تلك الساعات لن تكفي"
هذه المرة كانت تمنحه نظرة ذعر خالصة أبلغ من أي رد "أي طفل، وحمل ورضاعة وتغيير حفاضات وأسوء مرحلة على الإطلاق التدريب لدخول الحمام ..لا الطلاق والبكاء على الأطلال وربما الانتحار ضحية العشق أفضل من تكرار هذه المعاناة!!"
ويبدو أنها استغرقت في أفكارها المذعورة كثيراً إذ أنها في برهة وجدت نفسها تستقر فوقه كما طلبت وفمه العاشق يغرقها بأعذب الكلام والأشواق كما يديه اللتان تعرف كيف تصهرها حتى النخاع..
*******

"نصف ساعة مرت الآن، هل يمكنني أن أفهم ما الذي تريده؟!"
قال راشد بهدوء "لست أنا من يريد، بل إياب"
رفعت فمها باستنكار وهي تنظر إليه بلا تصديق ثم قالت "إياب معي منذ الأمس، متى أراد وماذا قد يجمع ثلاثتنا بالأصل؟!"
منحها نظرة مستخفة مستهزئة للغاية ثم قال بتهكم " صدقتِ ، وماذا قد يجمع بيننا وقد يستحق اهتمام طاووس الراوي ؟!"
قالت ببرود " ألن ننتهى من تلك القصة ، أليس من المفترض أن أخر مقابلة بيننا كطرفين تشاركا شيئاً ما مرة كانت مُرضية لكلينا وأنت تعهدت أنك ماذا ؟ دعني أتذكر !"
صمتت متتبعة وجهه الصارم الخالي من أي شعور بنظرة حمراء غاضبة لم تغادر عينيها ولم تسكن نبرتها إلا أنه لم يحتج لأكثر من التحديق فيها بثبات ليفهمها " اه ..توبة ، أعلنت توبتك مني"
قال بهدوء " على كل خاطئ أن يتوب في النهاية ، إلا أن بعض الذنوب لا ننفك عن ارتكابها ، إذ أننا لا نقاوم طغيانها علينا "
اسبلت جفنيها قاصدة البعد عن مرمى مواجهاته ثم قالت بهدوء" ماذا تريد يا راشد، وما الذي تحاول فعله ..أنا حقاً كنت صادقة في..."
لم يجعلها تكمل ما تريد قوله قاصداً عدم سماع المزيد مما بات يؤمن به من ناحيتها ..عندما وقف واضعاً إياب على ساقيها ثم قال مفاجأة إياب وصلت بالخارج ..انتظريني لحظة !"
جلست بدور على طرف المقعد الخشبي الطويل الخاص بالمسبح تضم ابنها الذي يتأملها بحماس وحب لا يخطئه القلب، كما نظرات ابوه رغم يأسها وبرودها! إلا أنها لم تكن تتفاعل معه الآن بل ظلت تتأمله ببصر شارد بينما تشعر بغصة تؤلم حلقها ..ألماً على نفسها وعلى وضع جديد تعلم أنها لن تستطيع تخطيته أو القفز فوق جداره لتريح قلبها العليل ، كما علة فؤاد راشد الذي أصبحت لا تستطيع تجنبها أو نكرانها الآن ، لقد باتت على ثقة أنه يحبها ، أنه يشعر بندم على ما اقترفته يداه في حقها ، إلا أنه أيضاً مازال يصعب على رجل مثله الإقرار بها صحيحة واضحة ..كما بات من المجهد له أن يحاربها كما عادتهما .. هل يا ترى بالفعل هو تاب وزهد !! هكذا ببساطة شديدة و ..صمتت وهى تخرج نفساً ساخناً محترقاً بالعة وصف " زهد سريعاً داخل جوفها ..إذ أن أيا ما كان بينهما من حروب وكر وفر ، قصة عشق محكوم عليها بالفشل كما يبدو لا تمت للسرعة بأية صله .. بحق الله أكثر من عشر سنوات الآن اُهدِرت من عمر كليهما ضياعاً لا هي حققت شيئاً أو نالت سعادة مسلوبة ولا هو أيضاً ، ماذا فعلا ببعضهما ، وماذا تفعل هي في نفسها التي مازلت موجوعة ! رغم تظاهرها الناجح جداً بالسعادة وبأنها قد نست وغفرت للجميع بل وأصبحت كما سابق عهدها تتفاعل مع الجميع وتمد يد الإنسانية نحو عائلتها التي ادركت الآن وبشكل لا يقبل الجدل حاجتهم جميعاً للتعاون ليمنحوا والداتها ما استحقت هدر حياتها وعمرها أيضاً عليه ...الأمر لن يصلح الصورة المثالية التي حلمت بها والداتها بل بقى أمراً واقعاً وملموس بداخلها تشعر أن جزء كبير منه على عاتقها بأن تكون صورتهم المثالية تلك جميلة بداخلها وخارجها ..كي تنتهى فصول الألم والوجع والتشقق ، وتزدهر فصول من المحبة والسعادة بينها وبين أخوتها على الأقل إذ أنها أيضاً إن كانت متأكدة من شيء رغم كل اخفاقهم في حق بعضهم إلا أن حبها وحب أخوتها لبعضهم لا يخضع مطلقاً للتأويل أو التشكك !"
طبع إياب قُبل رائعة على شفتيها اخرجتها من شرودها لتصيبها بالصدمة بدل ذلك ظلت تنظر إليه بدهشة وبحاجبيين مرتفعين .. بينما أغلى شخص لها في هذه الحياة مالك كل مشاعرها وحياتها الحقيقي يقول بتلعثم " هذه قُبلة المفاجأة هل غضبتِ ؟ "
رفعته موقفة إياه على حجرها ورفعت عينيها تنظر إليه بمشاعر كثيرة تزاحمت كالإعصار داخلها ثم قالت بنبرة علا عليها التحشرج وكأنها تصارع نفسها ألا تقفز مثل المجاذيب صارخة فيه بكل ما يعتمل داخلها حقيقة " غضبت ؟! ..هل تمزح يا إياب بل أريد أن اُقبلك مثلها ملايين الآن!"
يده اخذت تمسد على شعرها بانبهار ثم مال مرة أخرى في حركة جعلتها تكاد تنهار بكاء عندما احنى رأسه يضعها على فؤادها وهو يقول " بابا يقول عيب أن أسمح لاحد بأن يُقبلني هنا.. ولكن أنا أحبكِ أكثر من الطاووس ومن أختي وأحب أن أضع رأسي هنا ..لذا سأمنحكِ كثيرا ولكن لا تخبري بابا !"
ضمته بقوة ومازلت يده تستطيل نحو رأسها الذي انحنى لأجله وحده ثم قبلت عينيه وهى تهمس بارتجاف" مسموح لك بفعل كل ما ترغبه يا قلب بدور ..ولا لن نسمح له أو غيره بمعرفة أسرارنا !"
صمت إياب لبرهة قبل أن يرفع رأسه عاقداً حاجبيه بشدة فمه يتقوس بحزن طعنها وهو يقول " لن تتركيني مثل أختي ..أو تحبي خالي بدلاً عني صحيح ؟!"
هل هذا دافع من دوافعه للجوء إليها والقبول بها ليس بديلاً فقط وإنما جزء لا يتجزأ من يومه أو حياته ! طفلها الغالي يشعر بالغيرة أو ربما عالمه الصغير الذي تزعزع بفراق سَبنتي " أمه البديلة التي يعرفها ..والفراق مع أبيه مشتت بينها وبينه دفع إياه لإيجاد صدر ثابت وبديل "
امسكت وجهه بين كفيها تنظر إليه بقوة ..قوة وثبات غير قابلين للتفاوض وكأنها تخاطب رجلاً دافعة إياه للإيمان والثقة وليس طفلاً " بدور لن تستبدلك برجال العالم مجتمعين ، لا بل بكل اغراءات الدنيا وملذاتها.. لقد استغرقت سنوات عجاف في بعادك تألمت وتوجعت فيهم بما يكفي لأدرك أن كل الدنيا تحت قدميك مجرد حفنة من تراب !"
توسعت عينيه بانبهار معتاد ، وتهلل وجهه الكسير بالحزن لمواطن من الفرح والبهجة ربما لم يفهم كلياً معانى ما قالته إلا أن المعنى وصله واضحاً ، واقنعه بكل براءة الأطفال " أنتِ طيبة !"
ابتسمت ابتسامة ارتعشت إثر الاحاسيس التي تضخمت فيها ثم همست " بل أنت الطيب لتمنحني مكان في حياتك "
لم يرد اكتفى بأن يضحك لها بتأمر ذكرها رغم أنفها بنظرة والده ، ثم هبط من فوق قدميها وركض نحو راشد الذي عاد يحمل بين ذراعيه علبة كرتونية باللون الأزرق .. راقبته كيف وازن جسده على ركبتيه مواجهاً ولده الذي همس داخل أذنيه بشيء لم يصل مسامعها " هل وصل كما وعدت ؟"
مد راشد ذراعيه وهو ينحني برأسه لابنه في مرح ثم قال " أنت تأمر تطاع سيد إياب "
صفق إياب بحماس أكبر وهو يقفز أمامه ثم استدار ناحيتها وهو يقول في نبرة فرحة " لقد طلبت من بابا أن يأتي لكِ بهدية كما ، تهديني أنتِ العاب كثيرة !"
ارتفع حاجبيها كما تقوس فمها بحنان ، سرعان ما تبدل للضيق وهى تحدق نحو راشد الذي اقترب منها خلف صغيرهما ثم قالت " وترى ما الهدية هذه المرة .. ألن تكف عن الاعيبك واستغلاله ؟!"
دون مقدمات كان يمسك بكفها بخشونة فاتحاً ذراعها ووضع تلك العلبة فيها ثم قال باستياء " لا أحتاج لاستغلاله ، إن اردت لكنت فعلتها منذ زمن واستغللت ضعفكِ نحوه لإخضاعكِ !"
حدقت فيه بجمود قبل أن تقول بصلابة هازئة " عدت لإطراء نفسك والثقة في أشياء ابعد من أحلامك "
كانت العلبة مازلت معلقة على ذراعها بين طرفها يمسك به هو بين يديه دون أن يبادر بتركها أو هي تحاول التقاطها ..
ثم قال في برود مقتضب " أنا اكتفيت حقاً ، وما عاد لدي أية قدرة لمناطحتكِ ..لذا هذه المرة يجب عليكِ أنتِ أن تلتزمِ بالهدنة المعلنة من أجل خاطر إياب فقط "
انحدرت عينيها نحو وجه ابنها المتوتر ينقل النظرات بينهما ، بينما بدء وجهه الذي تغضن يعبر عن بداية بكاء وحزن " لم تعجبكِ هديتي؟! " همس إياب بحزن دمر دفاعاتها ..جاعلها دون تردد تلتقط العلبة ثم تجلس القرفصاء لتوازى طوله واضعة العلبة على وركيها وهى تقول بمزاج رائق تبدل في برهة " لا ..بل كنت أخبر والدك أنها جميلة مثلك !"
قال بتجهم " أنتِ لم تفتحيها !"
فركت بدور كفيها بتوتر هذه المرة قبل أن تشعر به يسحب العلبة منها وكأنه يملك كل الحق ثم مزق الغلاف بنوع من الكبت والهمجية ، ورفع بين يديه طرف الحامل لينسدل بانسياب قماش من الحرير والسندس بانسياب أصدر صوت " خشخشه" تبهر عينا وقلب أي امرأة !"
وقفت بدور من مكانها ببطء بينما تراجع هو خطوة للوراء سامحاً لعينيها بتأمل التصميم المبهر جداً والخاص الذي علمت دون كلام أنه صمم ونفذ خصيصاً لأجلها ..إذ أن الطريقة التي تداخل فيها لون الفيروز مع الدرجات الذهبية الشاحبة حتى البراقة لا يمكن أن تكن معروضة سلفاً ...
عينيها تجولت دون حرج على الفستان الذي صمم بأكمام طويلة وفتحت رغم دورانها عند منطقة الصدر إلا أنها مبطنة تماماً بقماش من الاستبرق المخملي استبرق ديباخ ثخين لا يشف.. وهبط بضيق حتى منطقة الخصر ليحدد بوضوح مدى جاذبية من ترتديه.. وأخذ في الاتساع شيئا فشياً لينتهي بذيل اشبه بدائرة واسعة من الحرير الأزرق الذي شُغل يدوياً بريش طاووس صغير للغاية ...
" رائع " همست بصدق متخلية عن قناعها البارد الذي عادت لارتدائه ..دافعه إياه للتأثر لخلع وجهه المكفهر وهو يقول بصوت اجش " أعجبكِ إذاً ؟!"
اومأت وهى تقول بهدوء أنيق " سأكذب على نفسي إن شككت في حسك الذوقي العالي !"
تنهد بنفسٍ صعب ثم قال ببساطة " يسهل الأمر عند تخيل أي شيء يخصكِ ، صورتكِ وحدها كفيلة برقي الذوق ..."
اسفر فمها عن شبه ابتسامة جانبيه لكم يكرهها ، إذ أنها قالت بعدها " إلا أنك لا تملك الحق ، في اختيار شيء خاص كهذا واهدائه لي .. إذ أني مازلت أصر أنك من دفعت الفتى لهذه الفكرة !"
امسك راشد الفستان مكورة بعنفه بين يديه بينما صدره ينفخ بقوة وعنف هددت بتطير ازرار قميصه من عظم كبته ..ثم دون تردد كان يلقيه نحوها وهو يقول من بين أسنانه " هذا طلب من إياب ، يعتقد أنكِ قد تتنازلين وتحققين حلمه في التشبه بأنثى الطاووس بطلة اسطورته ..لن أنكر أني من اخترته طبعاً ، ودفعت ثمنه بل وارسلت بالاسم للمصممة الشهيرة التي ستجدى توقعيها يزيل الفستان لتسرع في رسمه وتجهيزه ..إلا أنكِ بالنهاية محقة لكِ كل حرية في ارتدائه أو رميه في أقرب سلة مهملات"
لم تغضب ولم يظهر على وجهها الصخري أي تأثر بل تلقته بين يديها وهى تقول بصقيع " أعتقد أن الاختيار الثاني هو ما سأفعله !"
النظرة المظلمة التي منحتها لها عيناه كانت ابلغ من أي كلام ، عندما استدار مانحها ظهره وهو يقول " لن يفاجئني يا بدور ، وقد سبق أن رميتني شخصياً منذ سنوات في سلة المهملات عبر ذلك السلسال الذي وضعت عليه اعترافي واسمي بأني ملكاً لكِ.. في الحقيقية لم يعد أي شيء يصدر عنكِ يصدمني ، إلا أني تعبت حقاً من قسوتكِ وجرحكِ لي وابنكِ ..وداعاً!"
اهتز شيء بداخلها وقسوتها معه تعصر قلبها ألماً عليه من قال أنها تستمع بما تفعل !!
" لماذا أصبحت تنهى كل لقائتنا بوداع ؟"
ثبت راشد في أرضه واستدار ينظر لها بذهول غير مستوعب ما نطقته لتوها هل تمزح أم أنها تتلاعب به ..إلا أنه عندما تكلم كان يقول بجمود " لأنه أصبح كل ما تجيدين فعله بنا .. واهمة إياي بافتراق الطرق بانعدام الأمل ..ثم تعودي تغضبين مطالبة إياي مستترة بالمحاولة التي ترفضينها ، وتلك قسوة منكِ.. إلا أني أحاول الصبر صبراً رهيباً أمام جحودك الغير محتمل !"
للحظات لفهم الصمت الشديد لم يقطعه إلا اقتراب إياب منها يمسك في ملابسها وهو ينقل نظراته بينهما بشكل غامض ومترصد وكأنه كما كل مرة يحاول فك شفرة صراعهما الواضحة ..مصارع بعلقة الطفولي أن يصل لإجابة أصبح يطالب والده وحده بمنحه إياها ؟!" من هي السيدة بدور بالنسبة له هو غير الصديقة اللطيفة ؟"

سمع صوت بدور تقول أخيراً بصلف بارد " تصبح على خير يا راشد يبدو أنك من تحتاج فعلاً للراحة الطويلة حتى تعيد ترتيب أفكارك وتتذكر عهدك بالتوبة ، يا ابن عمي"
ارتفع حاجبيه وقد وصل لمرحلة من الغضب الأسود الناري غير محتملة حتى شعر بنفسه قادر على احراقها في أرضها بجحيمه ..ليس جحيم كره ، وإنما جحيم بمشاعر وإحساس أخر لن يصرح به الآن أو في وقت قريب حتى يدفعها لأول الطريق الذي عزم على توجيهها إليه دون أن تشعر هل تظن أن الأمر انتهى وبأن الفريسة نجت من مخالبه ؟ واهمة هي أم ولده !"
عاد مرة أخرى يمنحها ظهره مغادراً قبل أن يقول ببطء غامض " أنا لا انسى وعود اطلقتها أبداً وقد كان وعدي هذا منطوقاً وواضحاً لا يقبل التأويل..وداعاً يا حجر الصوان "
...................................

[colo
r="blue"]
يتبع الأن
[/color]


Nor BLack غير متواجد حالياً  
التوقيع
نور بلاك " نورا سليمان دقات محرمة
عادات خادعة
شظايا القلوب
همس الموج
رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 01:48 AM   #5207

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع الرابع والاربعون




حين أغلقت بدور باب غرفتها بحرص حتى لا تزعج طفلها النائم كان الوقت تعدى منتصف الليل بكثير ..عيناها انحدرت ضاحكة نحو نوة التي خرجت أيضاً تتسلل على أطراف اصابعها حتى لا تزعج زوجها الذي يبيت معها في غرفتها القديمة " أين شذى ؟!"
همست بصوت خفيض جداً حتى لا يسمعهم أحد !"
غمزت نوة في مشاكسه وقحة وهى تهمس " إنها في حرب طاحنة الآن ادعي لها !"
عقدت حاجبيها لبرهة قبل أن تستوعب المعنى ثم قالت بعبوس " أنتِ وهى أوقح من بعضكما ، واحدة جرت الرجل جراً بجانب اختها العزباء المسكينة غير مراعية مشاعر سكان المنزل ..والأخرى رمت صغيريها وذهبت لل..للحرب .."
فتحت مريم باب مجاور إذ أنها بقيت عندهم منذ أمس بناء على طلب خالد وهو الذي تقبلته بمنتهى الترحيب ثم همست بإحباط " أنا لم أخض حروب منذ فترة طويلة ، وهذا بشع يا بدور الحرمان من قلة الأدب كل هذه المدة عذاب صرف ..كيف تتحملين يا جبارة ؟!"
وضعت بدور أصبعها على شفتيها ثم قالت بتحذير غاضب " هشش أنتِ تخرسي نهائياً ، أنا امرأة طبيعية بينما أنتِ الشاذة عن النساء !"
قصفتها مريم دون تردد" حجة البليد ..هذا من خيبتكِ"
قاطع هزرهن اندفاع شذى على الدرج وهى تلهث تقريبا حمراء الوجه متوردة الوجنتين بينما عيناها العميقتين مشبعتان حتى التخمة بالغرام " أنا هنا ، ومالك يرسل لكن التحية "
إشارة نحوهن بأكواب مشروبات باردة من ذلك المحل الشهير ..قالت نوة بتلاعب " وماذا دفعت ثمن لهذا يا شذى ؟ عارٌ عليكِ كل ذلك الوقت أمام هذا ، كنت ساومته على العشاء"
توردت أكثر وتلعثمت وهى تقول " نوة لا أحب المزاح في أمرٍ كهذا "
قالت نوة وهى تتناول عنها قاعدة المشروبات التي ضمت ست أكواب " يذهلني عدم تعاطيكِ مع الأمر بعد زواج دام أكثر من ثلاثة عشر سنة ..اعتقد لهذا السبب بالذات مازال مالك يهيم بكِ غراماً !"
رفعت وجهها ناحيتها وتبدد كل لون الجوري من الوجه الخمري الخلاب ثم قالت بوقاحة" أنتِ تجهلين تماماً طبيعة ما يجرى بيني وبين مالك ..ربما أنا بين ذراعيه على النقيض التام وهذا سبب جنونه بي !"
تدخلت بدور متأففة ثم قالت وهى تزيح مريم أمامها نحو الدرج الصاعد لأعلى" هل انتهيتما من تباريكما يا معدومة الإحساس ..هيا الحقا بنا فأختكما العزيزة ، كما زوجة أخيكما ستشاركان أول مرة في عصبتنا !"
اندفعت الأربع نساء نحو الدرج مثيرات ضجة ضاحكة قديمة ، حتى وصلن بدور علوي فوق سطح القصر الضخم .. فتحت بدور الباب الحديدي متوجهة مباشرة نحو غرفة قديمة شهدت كل طفولتهن وصباهن قبل أن يفرقهن ليس الزواج والأنانية التي تمكنت منهن لسنين ليست بقليلة وإنما الابتعاد عن كل مشاعر ألفة كانت تزيد جراحهن ولا تدويها ..لقد تجنبن بعضهن طويلاً كل واحده منهن رافضة مساعدة الأخرى أو الاستناد إليها ..إلا أن هناك أشياء عدة تغيرت الآن ..ربما سببها صداقة شيماء وسبنتي التي تثير الغبطة والاعجاب بمدى متانتها "
فرشت بدور الملائة الحريرية الكبيرة التي كانت جلبتها معها ثم أخرجت فستان مغلق في كيس محكم وفردته أمامهن ..بينما أخرجت مريم عدة أنواع من الشكولاتة والقتها جانباً.. ووضعت نوة بعض المسليات والمشروبات التي جلبتها شذى ..ثم قالت " هل أخبرتِ مالك بجمعتنا، ألم نتفق أنها ستصبح سرية ومنتظمة ؟"
هزت شذى كتفيها قبل أن ترفع يديها تلف شعرها الرطب المسترسل في ذيل حصان زادها نضرة وبهاء وهى تقول " لقد أصر أن ابقى معه ولا أعود حتى امنحه سبباً مقنعاً ، فلم أجد بدا من قول الحقيقية التي قدرها كما ترين !"
كانت بدور تنظر إلى شذى مبتسمة مدركة أن كل اضطرابها وتوترها عبر الأسابيع الماضية مُحى تماماً عبر ساعات مع زوجها ..الأمر ليس خلوة حميمية قد تكون حدثت بينهما ، ولكنها مؤخراً باتت أكثر تركيزاً ، تتأمل ما حولها بعقلٍ رائق ..بالنهاية ليس جميع العلاقات يجب التخوف منها ..ليس جميع الرجال ياسر الراوي ..أو راشد "
طعنة مؤلمة تمكنت منها وهى تجلس على الأرض تسند ظهرها للحائط مفكرة أن حتى راشد اثبت بكل الطرق أنه نوعٌ آخر غير والداها الراحل تماماً ...إلا أنها من أين تأتى بالقدرة على النسيان والثقة به مجدداً ؟! الأمر لم يعد يقتصر على مسامحة في خيانة ..بل الطعنات التي تلتها ألا يكفيها عذابها حتى وابنها بين ذراعيها"
" واووو..."
صوت مريم اخرجها من شرودها عندما وجدتها تمسك الفستان الذي تدلت أطرافه على الأرض ..تقلبه باستعراض نحو نظرات اخواتها المشدوهة..
أخذت نفساً عميقاً قبل أن تقول بابتسامة حزينة " هدية منه ، يدعي أن إياب من اختاره ..إلا أن كلينا يعلم الكذبة "
تهدلت كتفي نوة بإحباط بعد نظرة الانبهار التي سكنها ثم سألت دون تلوي" وبعدها يا بدور؟!"
قالت بدور وهى تخرج صندوق خشبي رجولي من حقيبة جلدية " لم يعد بعدها ولا قبلها ..تستطيعين القول أن ما يحدث الآن حلاوة روح ، إذ أني أعلم كما يعلم أننا لن نستطيع محو عشق أحدنا للآخر بفرقعة أصبع .."
قالت شذى بتردد" وماذا لو منحتيه..."
قاطعتها ببرود " نحن هنا للاحتفال على حساب الصغيرتين ، لذا لا أحد يفتح معي مطلقاً أي مواضيع أخرى ..هل يمكنني الحصول على بعض وقت من السلام دون تفكير أو ذكر أمر يؤلمني ؟"
الجيد أنها أصبحت تملك صوتها الآن لتترجم مشاعرها دون زيف أو تظاهر معهن على الأقل ...
" أين هنا الصغيرات على كل حال ؟ أنا جائعة.."
دخلت شيماء تخبط بعصاها نحوهن ثم أغلقت الباب خلفها وهو تقول بقلق " سَبنتي كانت خلفي إلا أنها اختفت فجأة بالدور الأسفل ؟!"
تبادلن نظرة معرفة مع بعضهن قبل أن تضع بدور ما بذلك الصندوق أمامهن وهى تقول بتسلي أراهن بكل ما لدي أن الفتاة ستصعد إلينا بعلامة مميزة !"
فتحت نوة العلبة سريعاً وجهت عينيها وهى تقول " وأنا أراهن أنه هو من سيفتح رأسه من جديد ..وأنتِ يا سفاحة من أين
لك هذا ؟"
فتحت كفيها بقلة حيلة ثم قالت بنفس المرح " سرقته بمساعدة سَبنتي من بيت راشد وقت مرضه ولم اتخلص منه شعرت أننا قد نحتاجه!"
لمعت عينا مريم وهى تكاد يدها تختطف واحداً إلا أن يدي شذى كانت الأسرع وهى تختطفها ثم تضعها مكانها وهو تقول بحزم بادر " نحن لسنا مستهترات لهذه الدرجة ..وحتى إن كنا أنتِ بالذات لن تقربيه مع المصيبة التي تخبئيهنا عن زوجكِ "
كورت مريم فمها وهى تقول بتذمر " ولكن هذه فرصة لن تكرر وإيهاب ابداً لن يسمح لي !"
قالت بدور بجفاء " كان عليك عدم السعي للحمل من وراءه إذاً !"
ابتسمت نوة وهى تنظر إليها ثم سالت ببساطة " هل أنتِ حامل فعلاً لقد تشككت فيكِ قبلاً ..ولكن لما الخوف؟!"
لم تجيبها مريم إذ شيماء قاطعتهن بقلق وهى تقول " لم تجبني إحداكن أين اختفت سَبنتي ؟!"
جذبتها بدور تجلس بجانبها ثم ناولتها المشروب البارد وهى تقول بنبرة ذات معنى " يبدو أن احدهم هرب من الوحش الكبير ، ويأسر الدعسوقة المسكينة الآن ..على كل حال يومان وستجربين بنفسكِ لماذا اختفت ، لولا أننا نزيد الخناق حول زوجكِ ربما كنتِ أنتِ من اختفيت الآن !"
........................................
قبل دقائق
كانت تصعد الدرج ملبية دعوة الكبار وهى تحمل بين يديها بعض المعجنات التي كانت ابتاعتها نهاراً قبل قدومها للمنزل برفقتهن.. متجنبة أثناء مرورها النظر للدور الذي يفترض أنه أصبح ملكها بفرمان السيدة منى التي عزلته كلياً عن باقي المنزل إذ أنها قسمت نصف الدور تقريباً ، فاتحة خمس غرف على بعضهم ، ووحدتهم في باب واحد مستقل بذاته حتى أصبح المكان بينهم فعلياً إلا أنه يتميز بخصوصية جدران عازلة لصوت وحامية من سيسكنه ، هي لم تحاول أن تقتحمه أو تراه حتى الآن مكتفية جداً بوصف اخواته وارسال راشد لها صور الأساس والديكورات التي كان اختارها بالنيابة عنها ! الشيء المضحك والمبكي أن مكان سكنها معه اختيار لراشد وبدور كلياً دون أن يكن لها أي دور فعال ، بالطبع خالد بك وضع لمسات خاصة به كما قالت لها بدور أيضاً متذمرة بأنه افسد بإضافته تلك كل ما اجتهدوا في فعله بالوقت القصير المتاح ...
ويبدو أنها استغرقت في افكارها عندما جحظت عيناها بصدمة وهى تشعر باليد القوية التي كممت فمها والذراع التي التفت حول خصرها رافعها عن الأرض ثم ولج بها للمكان الذى كان محل أفكارها الآن !"
فور أن انزلها دون أن تستغرق في مقاومته ..كانت تهتف فيه بعينين تبرقان بجنون " كيف تجرؤ ؟!"
ازاحها خالد نحو الباب بخشونة غير مراعي أي ألم قد تشعر به ثم قال ببرود " لنضع النقاط فوق الحروف ، أنا أجرؤ وأملك كل الأسباب والمبررات التي تدفعني لأفعل أي شيء أريده معكِ وبأي مكان !"
تأوهت ألماً من ارتطامها الغاشم وهى تدفعه من صدره بتمرد ثم هتفت " اخبرتك أن ذلك العقد تبله وتشرب ماؤه"
نظر إليها لدقيقة بتسلي قبل أن يمط شفتيه وهو يرفع ذراعه فوق رأسها حاجزها بين الباب وصدره الذي لم يتزعزع إنشاً واحداً كرد فعل لضربها إياه بعنف " من الواضح أنكِ أنتِ من تحتاجين لبل عقلكِ وابتلاع لسانكِ حبيبتي ، إذ أن زواجنا أصبح أمراً واقعاً ، ومهره استلمته كاملاً صباح اليوم ، والآن حان دوركِ لتسلميني ما قايضتني من أجله !"
ارتبكت لبرهة وكفيها يتوقفان عن ضربة ثم قالت ببلاهة ودون تفكير " أنا وافقت على الزواج منذ اللحظة الأولى ، أذ أني لم أكن لأوقعك وأوقع راشد في محذور حراماً ..ماذا تريد بعد ؟!"
شعرت أن عيناه تحرقان بشرتها ، تنفذان لتحت مسامها متشربها كلها دون كلمات دون أنا يحاول أن يمسها حتى .. مما جعل معدتها تتقلص مدغدغة إياها بشعور قديم كان ينتشر مرفرف بفراشات ملونة داخلها " أريدكِ أنتِ ، ليس تلك الفتاة التي تقاومني ، بل الصغيرة المندفعة التي لم تتردد في محاربتي قديماً لتثبت أني ملكاً لها كما ملكت هي قلبي ووجداني"
اخفضت سَبنتي عينيها بعيدا عنه ونكس رأسها بعجز قتله ثم همست بوضوح مطلق " أريدها أنا الأخرى أن تعود ..إلا أنها ما عادت تسكن بداخلي ، لقد هجرتني بسبب قسوتك وحدك !"
دس أنامله تحت ذقنها رافعاً وجهها إليه وللحظة اخافتها تلك النظرة المظلمة التي سكنت بقسوة بريق عينيه إذ أنها شعرت في لحظة أن من تتعامل معه الآن ليس خالد بالمرة ، وعندما تحدث كان يقول بحدة " بل بسبب نفوركِ أنتِ ، محاولتكِ المستميتة لكسر كل سعادة نحاول بجهد الحصول عليها ، هجرتكِ بسبب غبائكِ وأنا من ظننتكِ أذكى البنات !"
فغرت شفتيها بذهول قبل أن تهتف بغضب " لا يحق لك نعتي بالغباء"
كرر بصرامة " يحق لي كل ما يطرأ على عقلي معكِ ، وأنتِ غبية جاحدة حقاً ..أنتِ لا تدخري أي جهد للتلويح ببؤسكِ وحزنكِ من زواجكِ مني وكأنكِ لم تحبيني يوماً"
قالت بعاصفة " ربما لأني لم ولا أحبك فعلاً ،إلا أن كيف للفارس الأحمق أن يصدق بأن العبثية الطفولية ، لا تنبهر بعين سيادته !"
أصابعه ضغطت بقسوة سببت لها ألماً عظيماً على فكها بينما يقول بغيظ " إذا أنتِ لا تريدينني فعلاً .. لا تتأثرين بقربي ، ولا تترقبين تواجدكِ معي أخيراً وكحق حصرياً معلن للجميع ببعضنا ؟!"
قالت بصوت مشتد شرس " مطلقاً ، بل كلما أفكر في الأمر أريد حرقك وحرق هذه الغرفة ..وحرق راشد أيضاً الذي جعلني أخضع للأمر فقط من أجل ألا أسبب له وجعاً مرة أخرى يكفيه جداً وجودكم يا عائلة المعاتيه!"
رأت لسانه يلعق شفتيه الباردتين بينما عينيه تشتعل ببريق مخيف وهو يهمس أمام شفتيها بشراسه " حسناً طالما الأمر هكذا دعيني اخضعكِ لتدريب صغير ، حتى نتأكد من فعالية مشاعركِ ، ومشروب الكافور سَبنتي الوقحة"
تخضب وجهها بالأحمر القاني خجلاً ، وقبل أن تلامس شفتيه شفتيها كانت دون تفكير تدفع رأسها نحو صدره ناشبة أسنانها فوق قميصه متخللة لحم جسده .. صرخ خالد مصدوماً ثم دفع نفسه بعيداً خطوة وهو يهتف " يا متوحشة ..يا مجنونة ما الذي اصابكِ ؟!"
قالت بتشفي وهى تبتسم ابتسامة قصدت أن تظهر فيها صفي أسنانها البيضاء " جنون البقر من حسن حظي ، حتى أستطيع مصارعة بعبع أحمق !"
اندفع خالد نحوها ثم قبض على خصرها مثبتاً ذراعيها جانبها بين ساعديه التي حولها كماشة وقال بصرامة متوعدة مخيفة " حسناً أنتِ من جلبتيه لنفسكِ ..تريدين البعبع مرحباً بكِ في حضرته "
توسعت عينيها بجنون وكادت أن تصرخ هلعاً الآن لكنه الجم حنجرتها واغلق سر مصائبها بفمه في قُبلة عنيفة ...مهلاً لم تكن قُبلة .. عينيها كانت تتسع بذهول بينما تشعر بطرقعة عظامها حرفياً كصدئ مزعج لارتطامها بظهر الكنبة التي القاها عليها ملقى نفسه فوقها ..إلا أنها لم تبالي الآن بما يحاول فعله إذ كل ما شغلها وجلب الدموع لعينيها الاعتداء الهمجي الذي سيسبب أثر لا محالة على شفتها السفلى " أيها النذل الاحمق !"
هتفت باكية عندما حررها رافعاً وجهه بتفكك ساخراً ناظر لوجهها الذي شحب حاولت رفع يدها لتلمس مكان ذلك الألم الحارق فلم تستطع من احكامه عليها ..هتفت مرة أخرى مختنقة " هل عضضتني؟!"
شفتيه هبطت مرة أخرى مطلق لجنونه حرية التعبير ثم أعاد غرس أسنانه بخفة في الشق الأيمن من جبهتها مكان ضربتها له بالضبط ..صرخت اعتراضاً بالألم ..بينما استطاع هو الرد أخيراً بخبث شامت " المرة القادمة التي ستفكرين بتطاولكِ عليّ ضعي في عقلكِ أن ردودي ستكون بالمثل تماماً "
نظرت إليه بذهول غير مستوعبة حقاً ما يفعله ثم كررت باكية " لقد عضضتني!"
قال خالد ببرود " وهل اعتقدتِ أنكِ فقط من تملكين أسناناً حادة وظريفة؟!"
توسعت عينيها بتلك النظرة الحزينة المستعطفة الخبيثة التي أصبحت تعلم جيداً أنها تذيب قلبه تشل تفكيره ويصبح صدره الصلب كتلة من الهلام بين يديها !
" ولكن أنت الرجل وستتحمل بينما أنا أتألم الآن !"
الخبيثة كيف له أن يتحمل تلك النبرة الضعيفة المستسلمة الآن بينما كل احشائه تتمزق بالوعة ..ارتخت حصونه التي اثرتها فيه وخفف من ضغط جسده إلا أنها قبل ان تستوعب فعلته كان وجهه ينخفض نحوها بملامح شوق جديدة وبنظرة غريبة هي لم تدعي البراءة أبداً في عدم فهمها إذ أنه لطالما كانت تلك المنطقة بالنسبة إليها محرمة مبهمة ترفض كلياً التطرق إليها فكيف حال أن تكون معه بالذات " بحق الله إنه خالد ..كيف لها أن تتخيل أصلاً أية حميمية قد تجمعهما ..إلا أنه كان له رأي آخر كلياً عندما همس بصوت أجش أمام شفتيها " لن اسمح لأي شيء أن يؤلمكِ مرة أخرى وقد عدتِ إليّ!"
قُبلته التي حطت هذه المرة برقة وبرفرفة كحفيف أوراق الشجر كانت مختلفة ، عميقة شغوفة رغم تمهلها ..رغم عنفها المكبوت والحاحه وتطلبه لتتجاوب معه .. وهى أرادات ..شيء بداخلها كان يتمرد لتتحرر لتطير معه معانقة السحاب لتجرب تلك المشاعر والشوق الذي يتغنى به إلا أن هناك قيد مبهم يسلسلها يجعلها تقف عند نقطة محددة رافضة مجاراته أو استيعاب ما يحدث بينهما .. وككل مرة كان كل ما يغرقها هو الذهول التام والاستسلام الممتع له وليس لها ..
شعرت بفمه يحررها سامحاً لها بالتنفس إلا أنه لم يسمح لها بالتعاطي والاستيعاب وهى تشعر بكل ثقل جسده يغمرها متموج عليها مدغدغ مشاعر ومواطن فيها اصابتها بالخرس والصدمة ..
سمعته يهمس بحرارة عنيفة فوق بشرة عنقها التي اغرقها بقُبلات محسوسة أخرى " سبحان من ابدعكِ .. وزين حسنكِ "
همس صوتها بترجي متقطع وهى تقاومه بوهن " خالد ..حررني!"
إلا أن فمه كان يغرق كلياً داخل مشاعر عنيفة تعزف على لحن مجهول بداخلها بينما معروف تماماً لذلك الذي همس بمشاعر عنيفة " يا إلهي ، ما أجمل هذا النحر الذي يناديني لأغرق كل شريان فيه بعشرين قُبلة "
فغرت شفتيها بذهول أكبر بينما يديها تدفعانه بضعف .. شاعرة به ينفذ حرفياً ما قاله حتى ما عاد هناك مكان في عنقها لم يضع عليه بصمته وأثره !"
إلا أنه في لحظة ما شعر بضعف دفاعتها ، وبتجمد جسدها واطرافها تحته ، فلم يجد بدا أن يغرس أسنانه تحت وريدها الوجدي ، فتكفلت بفاقته قبل ان ينجرفا أكثر وهو الذى يريد أدخلها ذلك العالم ببطئ شديد وخطوة خطوة ..ززصرختها المعترضة وفوران مقاومتها وهى تسبه وتلعنه وتعتدى عليه ضرباً أيضاً قابله بالانفجار ضحكاً وقد حصل على الافاقة المطلوبة والتواصل الممتع معها بعد جفاء شهور ..راقبها عندما اعتدل يجلس على الاريكة التي شهدت جنونه وشغفه وغرامه .. تقفز من هناك ثم دون أن تنظر إليه كانت تندفع باكية نحو الباب ..بينما هو يهتف بخبث " بقة نسيت ما اختطفتكِ لأجله ، لم تري غرفتنا حبيبتي!"
هتفت بصوت ضاع رغم غضبه " اولع بها يا أحمق !"
خرجت تاركة إياه ينظر في أثرها بمزيد من الصبيانية والحماس .. حسنا يبدو أن ليلته القريبة لن تكون صعبة أو سوداء كما توقع ، بل مليئة بالإثارة و البراءة من معذبته البنفسجية !"
.................
عندما دفعت سَبنتي الباب ، صدمت حقاً الأعين التي علقت من مظهرها ومن لجوئها سريعاً نحو بدور تدس نفسها بين ذراعيها عنوة وهى تهتف باكية " لقد ..أخيكِ ...رباه انظري !"
رفعت بدور حاجبيها لأعلى بدهشة وهى تحدق فيما تشير بينما
قالت سَبنتي باكية دون أي حرج " نوة لقد عرضتِ عليّ قبلاً مساعدتي وأنا رفضت بغباء معتقدة أني أستطيع أن أغلبه ..الآن أنا أسمح لكِ اعطني تلك الخطة لأقضى عليه يوم الزفاف !"
مطت نوة شفتها وكانت أول من تحرر من ذهوله ثم قالت بتلاعب " يا مسكينة أنتِ وشوشو هل اعتقدتِ أن هناك بالفعل أية وصفة بالعالم قد تمنع شابين كالورد من طحنكِ أنتِ وهى ليلة عرسكما ؟!"
هتفت بدور بتحذير بينما ارتبكت شيماء منكمشة بخوف ، أما عن سَبنتي فكانت نظرة الذعر التي تملكتها أبلغ من أي كلام ...أذ أنها جربت بالفعل عبر توقيعه الوقح فوق فمها وعنقها معنى ذلك الطحن
إلا أنه عندما تكلمت شذى أخيراً وهى تنفجر في الضحك على زوجة أخيها كانت تقول " وأنا من كنت قلقة على شيخنا منكِ .. لقد اثبت أنه راوياً بكل جدارة !"
رفعت مريم حاجبيها بخبث ثم قالت " إذاً الراوي هذا لا يجيد فن المغازلة ..ربما عليهم التعلم من ملك المانجو والانحراف ..سيد زيدان !"
نظرة سَبنتي نحو بدور بإحباط ثم قالت " أنتن لن تخوضن هذا الحديث أليس كذلك ؟!"
هزت كتفيها بقلة حيلة وهو تقول " إن كان عليّ كل ما أشعر به الآن أريد ركل الثلاث منحرفات خارج المنزل !"
توسعت ابتسامة نوة ثم قالت ..ما رأيكن في رهان آخر ، سر ودرس نمنحه الصغيرات ، ربما يستوعبن المجزرة القادمة "
قالت شيماء بتوتر مستنكر " مجزرة ، مجزرة .. هل هي حرب أم زواج ؟!"
تولت مريم الرد المشاكس ثم قالت وهي تلتهم بعض البسكويت المملح التهاماً " بالبداية هي حرب ، تجهلي خطوطها ولا تستوعبين أصلاً أنها حرب شرسة وغاشمة ظانه بكل براءة أن جنونه وكبته ذاك هو الطبيعي حتى تكتشفين أن رجلكِ يخصكِ وحدكِ بأشياء معينة لا يمكنها أن تتشابه في أية علاقات أخرى ..أو حتى امرأة كان سبق له الزواج منها !المصيبة هنا انك فعلياً ستطحن عظامك حتى تعتادى هذا الجنون الممتع "
هزت شذى رأسها موافقة ثم قالت دون خجلها أو تحفظها المعتاد " أوافق على ما تقوله " محبة قلة الادب " بكل ضمير قد تصدمكِ مثلاً أن رجلك الذي يكره القيود ، يبغض أن يصبح لأحدهم السلطة عليه ..يرحب جداً بسلطتكِ وتحكمكِ في نبضاته وأنتِ معه بل ويجن جنونه إن طالبتيه بنفسكِ بها.. أنهت كلامها وهي تغمز ضاحكة سُلطة محبة ومتبادلة حتى لا نفهم خطأ !"
قاطعتها نوة وهى تقول بمشاكسة لعيني الفتاتين الذاهلتين بجهل ورهبة " وأي خطأً بعد ما قلته؟! على كلٍ قد يصدمك أن لوحي البارد الحبيب ، فور أن يغلق باب الغرفة يصبح ثوراً هائجاً انازع لترويضه.. إلا أنه من محبي الغموض وفك الألغاز حتى في هذه ..!"
صمتت نوة بينما الأعين توجهت تلقائياً نحو بدور التي ترسل رسالة قصيرة ومختصرة لأخيها " يا أحمق ، ما كل هذه العلامات كيف سأخفيها يوم الزفاف ..ألم تستطع الصبر ليلة أخرى؟!"
رد خالد سريعا" بدور حبيبتي ، أنتِ وهى وقحتان ستحاسب لكشفها ما حدث إلا أنها استحقت هذا العقاب بعد أن جعلت وجهى وجسدى خريطة شوارع !"
" اما انك بعبع بصحيح يا معدوم العقل يوم الزفاف مصر والعالم العربي وعلي المقيمين خارجه مرعاة فروق التوقيت سيعرفون ما فعلته بها"
بدور دورك ، اخفضت بدور الهاتف ثم نظرت إليهن بارتياب وهو تقول " دوري لماذا ؟!"
قالت مريم وهى تتناول هذه المرة قطعة شوكولاتة " لتقولي نوع الأحمق الذي أنجبتِ منه !"
قالت بدور بهدوء مترفع " أنا لن أخوض هذا النوع من الاحاديث ..كما أني " مطلقة ..منذ سنوات وكل أيامي الزوجية معه لم تتعدى أسبوعين ..لذا أنسي واعتبرنني مثل هاتين الفتاتين اللتان تبدو أنهما تلقين صدمة عمرهن للتو"
التقطت نوة تلك العلبة التي مازلت بغلافها المحكم وضربتها نحوها دون أن تصيبها ثم قالت بغضب " جميعنا اعترف والمرة القادمة سنأخذ اعترافاً مماثل منهن !"
قالت سَبنتي بصوت ضعيف مصدوم " هذا إن لم أفتك بأخيك أولاً ..لا اتفاخر بهذا هذا ...؟!"
كانت شيماء تنكمش برهبة وهى تكمل لها " القرف.. أم بيت الرعب ؟!"
ضحك اربعتهن قبل أن تقول مريم بخبث " لا بأس هذه صدمة المعرفة الأولى بعدها أعدكِ أن تحبي دخول بيت الرعب بقدميكِ وملاعبة الشبح المرعب بكل شوق !"
قالت بدور بدهشة " أنت فعلاً تتفوقين على نفسكِ يوماً بعد يوم في الوقاحة "
قالت مريم بفخر ودون أي انزعاج " أعرف وأفتخر بهذا !"
قالت بدور سريعا " أتمنى أن يعرف إيهاب بحملكِ قريباً وينفجر فيكِ حقاً عله يؤدبكِ قليلاً"
عبست مريم ثم قالت بإصرار " لا تتهربي ، اذكري أمراً واحداً عن هذا البارد "
صمت سَبنتي أذنيها بقوة ثم قالت " لا أرجوكِ لا تصدميني فيه بالذات ..أنا لا أعرف كيف سأنظر لأزوجكن بعد ما سمعت!"
قالت نوة ضاحكة " لقد حلمتِ طويلاً بالسماح لكِ بدخول هذه الغرفة وتجمعنا كلنا فتحملي كم الوقاحة التي نتحدث فيها "
قالت بإحباط وهى تتلمس شفتها التي شقت بجرح صغير للغاية إلا أنه واضح كأنها تعرضت لكدمة إثر أسنان أخيها المتهور" هل دائماً .دائماً هذه الاحاديث تدور هنا ؟!"
قالت شذى سريعا " لا فقديماً كنا نتبادل المؤامرات ، ربما نبوح بأسرارنا ، أو نتنمر سراً على أحد معارفنا !"
زفرت سَبنتي بارتياح ..قبل أن تسمع نوة تقول بحزم " بدور تعرفين القوانين كل سر يقابله سر من نوعه!"
نظرت إليها تحدق فيها كمن يريد أن يخترقها قبل أن تقول بهدوء " ما سركِ يا نوة ، لماذا أشعر ان كل واحدة منكن تبالغ في اظهار مشاعرها مع زوجها عكس السابق ؟!"
قالت نوة دون مدارة " ربما لتذكيركِ أنكِ امرأة تملك كل المقومات للحب والسعادة ..حتى وإن لم يكن معه"
لم تخطىء بدور توتر سَبنتي وشحوب وجهها وهو تنظر إليها بترقب ..إلا أنه عندما أعادت بدور رأسها على الحائط تغلق عينيها وكأنها تداعب صورة ما في خيالها كانت تقول بنبرة شجن بائسة " ابن عمكِ الصلب المخيف يرتعب من فكرة التفوق عليه هناك بالذات ..لم يسمح لي مطلقاً بتولي السلطة ، أو تعليمي كيف للمرأة التحكم فيها أصلاً ..دائماً يمنح بفيض يحرص على العطاء دون أنانية يأخذ بعدها بجشع إلا أنه أبداً يتمسك بأن يكون لديه كل السيطرة !"
صرخت سَبنتي اعتراضاً " رباه توقفن وراعين أنه في مقام أبي !"
بينما انفجرت الضحكات المتبادلة أخذهن الحديث لمنحنى آخر تماماً ..بينما ظلت بدور لدقائق مكانها شاردة متعبة من التظاهر ..وغاضبة جداً من مشاعر تطرق باب حاجتها ...
" كيف سيطرتي على غضبكِ أخيراً " سمعت سَبنتي تضع رأسها بجانبها وتسألها بهمسٍ خافت "
رفعت بدور وجهها تنظر إليها بدهشة وكأنها تحاول التعاطي مع السؤال بل مع كل مشاعر الفتاة اتجاها وكأنها بطريقة ما تتبع نفس خطوات أياب فى تلمس حنانها ؟ ثم قالت بهدوء شديد ..بنبرة مشتده حازمة " لم أسيطر عليه يا سَبنتي ..إذ أني دائماً غاضبة كالجحيم "
......................
صوت مزمر يصدع في الارجاء مع انوار وثريا تتلألأ من أول الشارع العريق الذي جاور اهرامات الجيزة حتى ذلك الفندق الفخم ..كانت تنطلق مشعلة أجواء هزت هذا الجزء من مصر المحروسة ، مشاركة فرحة طالت جداً جلبها لعائلة الراوي ..معلنة انتهاء سنوات من العذاب والألم مجددة ومتوعدة بفصل جديد من السعادة والأمل على استحياء

انتهى قراءة سعيدة






Nor BLack غير متواجد حالياً  
التوقيع
نور بلاك " نورا سليمان دقات محرمة
عادات خادعة
شظايا القلوب
همس الموج
رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 01:56 AM   #5208

Ingyamer

? العضوٌ??? » 422056
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » Ingyamer is on a distinguished road
افتراضي

حمدلله على سلامتك يا نور 😍😘

Ingyamer غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 01:57 AM   #5209

اميرة حجازى

? العضوٌ??? » 388344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » اميرة حجازى is on a distinguished road
افتراضي

جوشوا يا جماعة عنوان فصل انهارده

اميرة حجازى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-09-20, 02:04 AM   #5210

اميرة حجازى

? العضوٌ??? » 388344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » اميرة حجازى is on a distinguished road
افتراضي

الفصل روعة انا محبطة من بدور اوى

اميرة حجازى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:21 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.