آخر 10 مشاركات
[تحميل]فصليه لظالم وحش بقلم / سقين الشمري "عراقيه" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          إمرأة لرجل واحد (2) * مميزة و مكتملة * .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          هدية عيد الميلاد (84) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الفرصة الأخيرة (95) للكاتبة: ميشيل كوندر ...كاملة... (الكاتـب : سما مصر - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية أحببت فارسة أكاريا (الكاتـب : الفارس الأحمر - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-10-20, 06:08 PM   #5881

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7


الجزء الثالث من الفصل الخامس والأربعون

قال الصغير :-"يمكنك مشاركتي لعبتي"
شراستها المتعارف عليها كانت أقل من المعتاد عندما ضحكت ببراءة تناقضت مع دفعها الخشن لابن عمتها لتحتل المقعد الذي بجانبه وتجلس فوقه على ركبتيها وهي تريح كلا كفيها الصغيرين على الطاولة وتهتف
" هل لديك سباق سيارات" هز إياب رأسه نفيا وهو يجيب " هناك الكثير من الرسم ألا تحبين الرسم؟" هزت رأسها بتكشيرة لطيفة وهي تقول " لا ممل... أنا لا أحبه"

وضع إياب الجهاز الإلكتروني بكل رضا أمامها وهو يقول " هل تحبين الربلكس" صديقي إياس يفضلها والمزعجة أخته "
غضبت ملامحها وهي تقول باعتراض مشيرة في وجهه بأصبع محذر" عيب لا تقل هذا على الفتيات "
كان سيف قد عدل نفسه وتدخل وهو يحشر رأسه بينهما مخبرا أمل بغضب" سأشكوك لخالي، أنتِ غير مهذبة " عادت أمل تزجه في صدره وهي تقول مهددة " سأفتح رأسك وأخبر أباك أنك تضرب فتاة.. ألم يحذرك ألا تشتبك معي؟"
ابتعد سيف عنها خطوة وهو يصرخ فيها بحنق الأطفال" أنت لست فتاة بل مجنونة"
التقطت أمل أول كوب عصير ونوت إلقاؤه عليه لولا تدخل مرح التي هرعت إليها تمسك بالكوب وهي تقول " أمل.. إذا ضربته مرة أخرى سأضربكِ "
وقفت أمل على المقعد وهي تزمجر" هو طفل غير مهذب ويزعجني وصديقي الجديد"
همست مرح بامتعاض ساخر " هو الغير مهذب يا ابنة لورين؟! "
زمجرت أمل بطريقة أقوى وهي تقول " سأشكوكِ أنتِ الأخرى لبابا أيوب.. ماما"
أشارت مرح بلطف نحو تاليا الهادئة الصامتة في المطلق فاقتربت منها الفتاة وهي تسمعها تقول " خذي سيف ليتابع عرض الماريونت قبل أن يتسببا لنا في فضيحة"
امتثلت الفتاة للأمر مسيطرة بصعوبة على أخيها الذي يغلي بالغضب مستعدا للانقضاض على أمل ليخلص منها كل ثأره..
فور أن ابتعدت سحبت مرح مقعدا صغيرا ثم اجلست أمل وهي تقول بهدوء " ماذا اشترطت عليكِ لنأتي مع عمتكِ؟ "
كورت أمل فمها الأحمر الحانق وهي تجلس تكتف ذراعيها على صدرها وتخفض وجهها أرضا رافضة الإجابة..
"لا تتهربى ،أجيبى والا سأغضب منكِ" قالت مرح بحزم
رفعت أمل عينيها الخضراوين دون أن ترفع وجهها المنخفض ثم قالت " أنا كنت ألعب مع صديقي الجديد وهو من حشر رأسه بيننا المزعج"
فكرت مرح أنها لهذا السبب لم تترك جانب ابنة أختها منذ قدموا عالمة أنها لن تستر في أية نزهة دون التسبب بكارثة... والآن وهي محبوسة في ركن الأطفال هذا مكتفية بمشاهدة كل فقرات الحفل على الشاشات تجد نفسها نادمة لتحايلها تقريبا لتأتي لهنا رغبة في رؤية عرس تحدثت الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي عنه منذ أسابيع، بجانب طبعا رغبتها الملحة أن ترى زفاف على الطريقة المصرية.. أو ربما لتكون أوضح هي لم تحضر أية أفراح قبل زفاف لورين الذي تحول لكارثة طبعا...
قالت مرح أخيراً بلوم " لا تكذبي يا ابنة ممدوح، كوني شجاعة أنتِ من تعديتِ عليه أولا"
غضبت أمل مجددا، إلا أن إياب حايلها وهو يمسك مرفقها ويقول " أنا لم أغضب منكِ، مازال يمكنكِ مشاركتي اللعب"
تهللت ملامح أمل بالسعادة وهي تنظر للرفيق الجديد ضاحكة بغفر متقبلة منه الجهاز الذي أصر أن يدسه بين يديها
رفعت مرح طارف شفتها العلية بامتعاض مستنكر وهي تنظر إليهم، إذ أن أمل مطلقاً من قبل لم تتقبل رفقة أحدهم بسهولة، فما بال إن كان مجرد صبي عسلي الشعر الأسود، مبالغ في تأنقه؟!.. هذه أخرتها ومنتهى طموحكِ يا مرح تجلسين بين مجرد أوغاد صغار وأيضا تساهمين في قصة حب طفولية غبية ستبدأ!
أمسكت مرح ذقنها تنظر لإياب المنهمك في ابهار ابنة أختها "الهبلاء" بامتعاض أقوى ثم سألت ساخرة" وأنت يا مذيب القلوب الفاتن ما اسمك؟ "
لم يفقه الطفلان معنى" مذيب القلوب هذه" إلا أن الطفل أجابها بثقة بغيضة لا تليق بحجمه أو سنه الذي خمنته" أنا إياب الراوي، كيف تجهلينني؟! "
حسناً اجابته المتفاخرة ...ليس بغريبه بعد كل هذا البُهرج والتكبر الذي رصدته وعكسته حتى الشاشات الصماء عبر كل فرد من عائلته..
تخطت مرح أمل وربتت على ظهر الصغير وهي تقول ساخرة " نأسف لسموك لكنني لست من هنا، أعدك أن أضعك في مذكرتي كإنجاز عظيم فعلته في حياتي الفارغة.. فتزيد مسيرتي شرفا برؤيتك"
عبس إياب بضيق ولم يفقه كلمة مما تقول إلا أنه شعر بالانزعاج بأنها تتهكم منه...
وقفت أمل مرة أخرى في وجه مرح بشجاعة وهي تقول "هل تزعجك يا إياب، يمكنني فتح رأسها.. ثم سأعتذر منها لاحقا "
حاوطت مرح كتفي أمل ثم رطمتها بالمقعد قصدا وهي تقول" أصيلة يا ابنة الكئيب، هذا أخر تعبي في تربيتكِ؟!"
خشونتها جعلت أمل تتراجع قليلا وهي تقول ببراءة " آسفة ماما، ولكن يجب أن أدافع عن الضعفاء"
هتف إياب بسخط "أنا لست ضعيفاً "
قالت أمل بإغاظة" أنت ليس لديك لعبة سيارات ولا ألعاب قتالية.. الشجعان فقط من يملكون هذه الألعاب "
راقبت مرح الحديث بتسلي مستمتعة آثره الصمت
عندما هب إياب مدافعا عن نفسه وهو يقول " أنا لدي "خيل" على اسمي واصعد عليه وحدي "
سألت أمل بفضول " هل لديك سيارات؟ "
هز رأسه نفيا ثم لمعت في عينيه فكرة قد تدحر رؤيتها عنها بابا يملك سيارة كبيرة جدا وخالي أيضا "
قالت أمل بذكاء "لكنك لا تملك واحدة"
"بابا لديه طائرة كبيرة كبيرة"
هزت رأسها مصرة " ولكنك لا تملك سيارة، أنا لدي الكثير "
هز كتفيه بطفولية غير مهتم وهو يقول" لا أحبهم.. ولكني أملك الكثير من" البازل والأحاجي "
استرعى انبهارها الآن وهي تسأله " هل هي مثيرة كسباق السيارات؟ "
قال إياب بهدوء "بدور تقول أنها تتطلب طفلاً ذكيا مثلي لإتقانها "
صفقت أمل بانتصار وهي تخبره "بابا يقول أني ذكية جدا.. أذكى وأجمل كل الأطفال "
ابتسم إياب بخجل وهو يلاحظ شعرها الأسود الكثيف جدا يكاد يبتلعها وقد تركته مرح وهي تجهيزها طليقا فوق فستان بلون أخضر رائع، حققوا به هي ولورين معجزة لتوافق أمل على ارتدائه، إذ أنها بطبيعتها لا تفضل مطلقا أشياء الفتيات ولا ملابسهن...
" أنتِ حلوة" قالها إياب ببراءة طفولية
توسعت عينا مرح بصدمة ليس من قول الفتى إذ أنه بالنهاية كائن ذكوري مريع يولد بالفطرة عالما كيف "يتحرش" بأي صفة أنثى تتحرك على الأرض حتى وإن كانت مجرد "عنزة".. إلا أن الصدمة كانت من ابنة أختها التي خفضت وجهها ضاحكة بخجل وهي تقول " وأنت أيضا" "يخرب بيتك يا ممدوح ها هي جيناتك الوقحة تسيطر على ابنتي وتهددني بفقدها.. أين تذكيرها المستمر للفتاة بأن الرجال مجرد كائنات خطرة لعينة خبيثة وكذبة كبيرة تمشي على قدمين، لا يرغبون من المرأة إلا امتصاص كل جميل فيها ثم يتركونها تعاني بخيباتها!"
وجمت ملامح مرح وانقبض قلبها بعنف وازيلت البهجة من وجهها تاركة إياها بوشمٍ ذابح، خرب الكثير بداخلها.. خراب ليس منه أمل يوماً.. مالت مرح على أمل تسألها بلطف" هل إن تركتك ستحسنين التصرف؟ "
هزت أمل رأسها بنعم، قبلت مرح وجنتها وهي تهمس" تذكري حبيبتي تنبيه عمتكِ ولا تتحدثي مع أي مخلوق هنا إلا الأطفال"

التفتت أمل نحو إياب وهى تقول بنزق" أنا لن اتحرك بالأساس من مقعدي ولن أشارك أحدا اللعب الا إياب"
ابتسمت مرح ابتسامة مهتزة قبل أن تتحرك رغبة في ترك المكان والبحث عن إسراء لترسلها للمنزل...ما عاد داعى لوجودها هنا ....بالأصل إسراء لم ترغب مطلقاً في أن تجعلها تأتي أو تصطحب أمل بالذات، بعد شجار قوى خاضته مع أخيها لم يفهم أحد تفاصيله إلا انها سمعتها تهدده إن اقترب من فتاة ما هي من" ستقتله بنفسها !"
الغريب والمريب أن الأمر لم يزعج لورين أو حتى يحرك غيرة الانثى فيها، وكأن إسراء لم تلوح باسم امرأة أخرى يطاردها ؟! " عائلة مريبة ، وأختها أصبحت الأكثر إرابة !
القت نظرة اخيرة نحو أمل المنهمكة مع الفتى ثم اختفت
بينما كان إياب المبتهج بصحبة الفتاة يقول" لدي القط " توم" هل تحبين اللعب معه ؟"
هزت أمل رأسها نفياً وهى تقول بهمس خطير مضحك " ماما تقول أنه متجسس يريد خطف الأطفال، كيف لوالداتك أن تسمح لك ؟""
اشاح الفتى برأسه بعيدا ثم همس" لم يعد لدي ماما فقد تزوجها خالي!!"
هتفت أمل في وجهه مستنكرة ثم قالت" كيف خالك يتزوج والداتك هل أنت غبي ... بابا أيوب علمني أن هذا لا ينفع"
وضح بطفولية" هي أختي ، أنا ليس لدي ماما"
قالت أمل بحزن لرفيقها الجديد " هل هي مسافرة بعيدا، كما كان والداي"
هز رأسه مجدداً بنفي ثم قال " أنا ليس لدي ماما أبدا أبدا"
استنكرت ملامح الفتاة بشكل أكبر قبل أن تقول بحنق" هل أنت أحمق ؟ لا طفل في العالم لا يوجد لديه ماما.. أنا مثلاً لدى ثلاث"
غضبت ملامح إياب و كأن تلويحها بامتلاك أماً هي وكل الأطفال جرحه عندما كرر بعناد ساخط" أنا ليس لدي وأختي ..أنتِ الغبية"
حركت أمل حاجب خبيث ثم قالت بذكاء" أنا أذكى منك ، إذ أني أعلم أنك يجب أن تملك ماما، وإلا إذاً من انجبتك ؟! الرجل لا يمكن أن يضع " بيبي في بطنه " يا أحمق"
توسعت عينا إياب السوداويين وهو ينظر للفتاة الخطيرة، وكأنها لتوها فتحت عينيه على أفاق لم يخطر على عقله الصغير أن يذهب إليها يوماً... والسؤال القادم لا محالة يحمل بين طياته إجابه يجب أن يمنحها له أبيه" من هي التي وضعته في أحشائها ؟"
...............................
خرجت مريم من الباب الخلفي متتبعة خطوات ابنتها التي اختفت لتوها في يد راشد الذي تسلل ايضاً بعيد عن أجواء الحفل ، فيما يبدو أنه يحتاج لوقت مستقطع..
لم تتوه كثيراً عندما لفحها الهواء الناعم في هذا المكان المحجوب كلياً خلف مبنى الفندق...إذ أنها وجدت صغيرتها تجلس بأريحية على ساقه على مقعد خشبي طويل بين الأشجار المزينة ...
"لماذا لحقتِ بي؟!"
فتح مريم يديها وهى تجيب بوضوح " لا آمن تواجد صغيرتي مع أي رجل ، إلا أبيها وخالد"
أخذ راشد نفساً عميقاً ثم قال بهدوء " أنا خالها أيضاً يا مريم ، لا تجعلي مشاعركِ" المعاقة" تتطرف"
على غير العادة لم تهاجمه بل جلست بجانبه بهدوء ثم قالت وهى تداعب وجه صغيرتها " أنا لا أخشى عليها منك ، لست مهووسة لهذه الدرجة ، مراقبتي لك مع أطفال أخواتي وأختك وبالطبع جنونك بصغير أختي ، دعنا نقل أن مشاعري تغيرت نحوك قليلاً"
ابتسمت شفتي راشد وهى يقول مازحاً بمداعبة " لا تقولي أنكِ أحببتني؟""
قالت بصراحة مطلقة" أنت لست النوع الذي قد تحبه امرأة تملك ذرة عقل"
لم ينزعج وهو ينظر إليها بتعجب عاقداً حاجبيه ثم قال مازحاً من جديد" إذاً أختكِ مجنونة"
هزت كتفيها بلا مبالة ثم قالت" لا عجب هنا.. إذ أن الجميع يعلم بأنها تملك غبائك ؟!"
توسعت عينا راشد وارتفع حاجباه بذهول ثم قال بابتسامة عريضة مزيفة " أنتِ محظوظة كونكِ " مريم الراوي " شخص آخر"
قالت ببرود " كان النمر انقض عليه ممزقه"
اطلق راشد صفيراً خشناً من أنفه قبل أن يقبل وجنة لوليتا بلطف وهو يقول " ابنتكِ سليمة معافاة لم أضلل بها.. خذيها واذهبي من هنا"
رمت مريم ابتسامة زائفة قبل أن تقف من مكانها ساحبة لوليتا المعترضة على فراقه وتعود نحو القاعة مرسلة إياها يداً بيد لرويد حتى يذهب بها لمكان الأطفال بالطبع اعترضت صغيرتها ورأت شجاراً عنيفاً يعصف بينها وبين الفتى إلا أنها لم تبالى طويلاً لخناق اعتادته بينهما ..لديها ما هو أهم ..عاودت مريم خطواتها نحوه وجلست بجانبه
انعقد حاجبي راشد أكثر وهو يقول مستنكراً " ماذا الآن ، هل أرسلتِ كملاك لطيف منتقم ، لتضربيني بكلامكِ السام معتمدة على نبلي ومراعاة زوجكِ فيكِ؟"
كان يمسك بين يديه سيجارة على وشك اشعالها ..لذا مدت يدها ببرود تسحبها منها ثم هرستها بين يديها ورمتها جانباً..
قال راشد من بين أسنانه" لا تختبري صبري"
قالت مريم بهدوء وجدية " لا أريد استفزازك ، بل اعتذر منك ا"
بحث راشد بعبوس عن علبة سجائره التي اشترها صباحاً عقب مواجهته مع عزام، شاعراً بوجب عودته إليها ضارباً برأي الطبيب وتحذيره عرض الحائط وهو يقول باستياء" اعتذار مقبول , هيا من أمامي"
نظرت إليه مريم بحنق ثم قالت" سأخبر بدور أنك عدت للتدخين ، ألا تراقبك وحذرتك من ألا تفعل ؟!""
لم يهتم وهو ينظر إليها بصرامة ساخرة ثم قال" في الواقع أختكِ لا تملك هذه السلطة عليّ ..على رجل تدفعه من طريقها كلما حاول الاقتراب"
تنحنحت مريم بحرج قبل أن تقول بتلعثم" على الأقل لا تدخن أمامي، أنا حامل وهذا ضار بي"
لم يتردد مرتين قبل أن يضع ما بيده جانباً ،.عم صمت نسبي بينهما كلاهما ينظر أمامه بشرود حتى قالت مريم أخيراً بخفوت" أنا شخص ليس متسامحاً على وجه الاطلاق"
لم ينظر إليها حتى وهو يقول بخشونة " ليس متوقع منكِ الغفران، كامرأة تحمل جينات الراوي"
التوى جانب فمه مريم في ابتسامة هادئة قبل أن تقول" للأشخاص الذين أذوني فقط.. أنا لم أغفر " لياسر الراوي حتى الآن"
هز راشد رأسه متفهماً ثم قال بشرود " كنت اتمنى سماع العكس ..ولكن إن كنت أنا شخصياً أحمل تجاهه حالياً نفس الحقد فلا ألومكِ"
هي لم تتجرأ وتأتي إليه لتناقش نفسها ...تنفرد معه في حركة شجاعة منها إذ أنها مطلقا ما كانت تفعلها مع صنف رجل إلا أنه مؤخرا بات يكتسب نوعاً من الثقة لديها ..كما أن ما أتت لتقوله ليس لأهمية راشد عندها ...بل اخرى كانت أول من أحتضنها وقدم لها مشاعر أخوية كانت في الماضي تلهث خلفها كجرو مسكين دون أن تطالها...
قطعت الصمت أخيرا وهى تستدير نحوه تحدق فيه وهى تقول بصوتٍ اجش" إلا أني عاملتك من البداية بعداء، دون أن تسبب لي أذى حقيقي"
استدار راشد بكتفه يواجهها واضعاً يد على مسند المقعد وهو يقول" هذه شجاعة منكِ، إلا أنكِ لست مطالبة بتوضيح"
قاطعته بخشونة" بل مطالبة حتى أخبرك ما لدي يجب أن أحل مشكلتي معك لأحصل أنا على سلامي بين أفراد عائلتك"
قال راشد ببساطة معلقاً" أنها عائلتكِ الآن"
لم تتكلف أية دبلوماسية وهى تقول" إن ملكت الاختيار ما كنت حملت لقب عائلة كانت سبب في معاناتي ...إلا أني ايضاً أشكر الله كل وقت انه سبب لي اسباب أن أعرفهم ليصبح لي بين ليلة وضحاها …
اخت كبدور وأخ كخالد.. وسيدة رائعة كزوجة عمك ..وبالطبع باقي أخواتي"
قال راشد بصوتٍ متمهل " هذه خطوة كبيرة، وكونك تشعرين بالامتنان لوجودهم هذا هو المطلوب ..العائلة ليست أسماً بل افراد يهتمون لبعضهم"
مطت شفتيها قليلاً بلا معنى ثم قالت " هل لي بسؤال؟!"
" بعد هذه المبادرة الرائعة منكِ، ليس لدى أي اختيار في ألف سؤال تطرحينه"
اخذت مريم نفساً طويلاً وهى تشيح بعينيها متجنبه النظر إليه ثم قالت" لماذا كنت تحدق بي بتلك الجرأة.. والا. الاشمئزاز يوم أن أن ..."
قاطعها عالم بعجزٍ شرح الوضع آن ذاك ثم قال بخشونة حائرة" ما الذي فعلته تحديداً يومها ليجعلك تظنين ولو لوهلة أني اشمئز منكِ"
تململت مريم مكانها وهى تهمس بصوتٍ بالكاد سمعه" الوضع وقتها أعني عقد قرآن وأنا.."
قاطعها مرة أخرى بنبرة قوية صارمة " كنت اعلم مسبقاً بكل شيء يا مريم ، أنا لم أنظر إليكِ إلا كضحية أخرى لعبث " مالكي السلطة والمال"...مجرد فتاة لم تملك خياراً آخر لترتيب حياتها ..أنا حتى لم ألم إيهاب ..لا أملك هذه الوقاحة للنظر إليكم من علو ملقي اتهامات جزافاً ..المتهم الوحيد في نظري هو الرجل الذي كان يجلس بجانبي أي والداكِ .."
صمت لبرهة قبل أن يسدل جفنيه وهو يقول بحرقة " كنت أحدق مصدوماً بشبهك مع حبيبتي، زوجتي المحرمة عليّ والتي فقداتها بغباء التصرف ...مستعجب ربما حاسداً لمسامحتكِ إياه ..على قدرتكِ لتخطى كل ما عرفته من قصتكم ، وقبولكِ به"
رُسم على وجه مريم شيءٌ شابه ابتسامة ناعمة مرتبكة قبل أن تنظر إليه مرة أخرى وهى تقول بهدوء " هذا ما جئت اخبرك إياه خاصة"
عبس راشد وهو يقول " كلفتي نفسكِ من أجل حدث نسيته ؟ أنتِ لا تحتاجين اعتذار إذ أني كنت وغداً ايضاً عندما لوحت في وجهكِ بما فعلته يوم " سبوع " الصغار "
ضحكت بارتباك وهى تدس خصله شاردة وراء أذنها ثم قالت مازحة "أنا كنت وغده أيضاً يومها...ولكن "

صمتت لبرهة قبل أن تقول بوجوم" ولكن أنا لست نادمة لأي جرح سببته لك بعدها إذ أن حقدي عليك بسبب خطفك إياب لم ولن ينتهى...احيانا أفكر إن كان هذا الطفل ابني لكنت قتلتك يا راشد دون تردد"
تمتمت راشد بشرود " أحيانا عندما يزيد الألم والندم بداخلي عند تذكر ما ألحقته بها ، اتمنى لو أنها تفعل"
أغلقت مريم عينيها مبتلعة ريقها بصعوبة قبل أن تقول بصوت سحيق شارد" الجميع يعلم قصتي معه ، إلا أن أحدا لا يعرف التفاصيل ..لا أحد مر بالشعور الممزق والمحطم الذي دعسني ...أنا كنت اتمنى الموت كل لحظة ..ربما هو لم يخن مثلك.."
اظلمت ملامح راشد وتقبضت يداه بعنف إلا أنها لم تهتم وهى تقول " إلا أنه فعل ما هو أفظع من وجهة نظري"
" وما هو الافظع من هذا؟!"
قالت بقوة" أن يخرج الطرف الذي تحبه بكل كيانك ، تعشقه بكل ذرة فيك أبشع مخاوفك ، ويتراقص بها بكل وقاحة وجبروت أمام روحك التي تدمي ..هذا ما فعله إيهاب وقتها حتى وإن كان دون قصد ...وهذا هو ما فعلته أنت ببدور ..الخذلان، فقدان الثقة ...."
صمتت مرة أخرى قبل أن تقول بوجوم " فقدان الثقة هو نزع الروح من الجسد، الثقة بين الزوجين هي رابط العاطفة التي بها يرسو مركب حياتهم المتخبطة على بر وينجوان من عواصف الفراق"
أغمض راشد عينيه يائساً وهو يضغط على طارف المقعد بيده ، وكأنه سيحطم جزء من خشبه أو يسبب له الأذى، بتردد تردد شديد، كانت تلمس كفه تلك بأصابعها في فعلة أدهشتها هي من نفسها عندما رفع إليها وجهه وهى تقول بهدوء " إن أعدت إليها ما فُقد ، إن توقفت عن معاملتها رأساً برأس أشعرتها بحاجتك إليها ، كما حاجتها إليك سوف تغفر أعدك"
همس راشد بصوت أجش خشن" انا أحاول يا صغيرة ، أخيراً استوعبتُ ما تحتاجه هي مني تحديداً .. إلا أنها
لا تمنح الفرصة"
لم تترك مريم كفه بل امتدت ببعض من الثقة ، بل المزيد منها وخاطرت بداخلها ببوصلة لطالما ساعدتها على معرفة معادن الناس ..كانت تزيدها أملاً في أن يكون كما أخبرها إيهاب مرة درعاً كخالد تعتمد عليه أسرة كبيرة ترغب أن تكون هي وصغيريها جزءاً منها
" حاول ولا تيأس ..هل تعلم أني حطمت إيهاب مرة، دعوت أن ...أن ..رباه أنا لا أحب تذكر هذا"
كان صوتها يختنق ملامحها تشحب بقوة وكأنها تمر بمشهد مريع .. ربت راشد على كتفها بلطف متردد في لمسها كما توقع انكمشت لبرهة وارتجفت ليس ارتجاف تأثر إنما ذعر مر في عينيها التي حدقت فيه بخوف ولكنه سرعان ما انطفئ وكأنها تدفع نفسها بقوة وتقاومها لتقبله أو تقبل بعض البشر
" لا بأس ، لا يجب عليكِ التذكر أتفهم"
ضغطت على شفتيها بقوة وهى تغلق عينيها ثم همست
" إيهاب كل حياتي، لا أخبرك بهذا من أجل أن أثبت لك مدى روعة عشقنا ..بل لتفهم لماذا هو دائماً وأبداً هو ..لماذا إيهاب فوق كل قوانين نفسي ..فوق جحود قلبي مع من يؤذيني ..هو أذى ولكنه احتوى ..افقدني الثقة في نفسي ولكنه عاد إليّ يبنيها من جديد أخرج كل مخاوفي ، ثم ببساطة محاها واحداً واحداً هازماً ذلك الوحش المريع الذي كاد يدمرني"
كان يبدو مكشوفا أمامها كما لم يكن أمام أحد لا يعرفه عندما همس بصوتٍ رخيم " أنا لم أنل فرصة عادلة معها أبداً لأفعل"
ضغطت على يده بقوة وهى تقول من بين أسنانها
" جدها إذاً ..ومن قال أنى منحت إيهاب الفرصة ؟! ..هو سعى أميالاً ، أصلح كل الخراب الذي فعله بداخلي ..والذي فعله غيره بحياتي ...ثم شق طريقة نحوي واقتنص فرصته رغم أنفي ..ووقتها فقط لم يجد لديّ غير أنثى محبة ، فتاة تبذل عمرها كله في سبيل لحظة معه ..لا أظنك يا راشد بعد كل ما صوروه عنك تعجز عن فعل هذا"
تنهد راشد ولم يرد بل ظل ينظر إليها بطريقة غريبة جعلتها ترتبك" أنتِ فتاة شجاعة ولستِ كما يقولون عنكِ"
توردت وهى تقول بحنق" حاقدات لا تسمع لهن، أعرف ما يرددوه عني"
قال بهدوء وهو يخلع كفه من كفها ليربت على يدها برفق
" لا أهتم إلا أنكِ ابنة عمى مثلهن، حتى وإن لم نصل لعلاقة صداقة يوماً وظللتِ تزعجيني بلسانكِ اللاذع
..إلا أني أريدكِ أن تتذكري بأني هنا مثل خالد أخيكِ "
ضحكت ضحكة لم يفهمها عندما قالت" أرجوك مازالت عقدتي من الأخوة لم تُحل ، دعنا في منطقة زوج أختي ، سأفضلها"
قال ساخراً وهو يعتدل مكانه" أختك ، أهاااا سأنتظر لآخر العمر إذاً"
قالت بخبث" هاجمها يا نمر الراوي، المرأة لا تحب الرجل الذى ينتظر إشارتها ، بل الذي يقتحم أسوارها غازيًا ظافرا ً منتصراً"
رفع حاجب واحد وهو ينظر إليها بجانب وجهه
" أنتِ خطيرة للغاية ، الآن سأدعو لزوجك"
قالت بحنق " لا تحتاج لهذا جداً ، عندما أنتظر منه شجاراً ربما سينتهى بقتل أحداً للآخر "
قال بتهكم " الآن تبدد حسدي ، المسكين يعانى من واحدة متطرفة منكن ومجنونة"
وقفت من مكانها وهى تقول ساخرة" عينك أصابتنا بالحسد ربما سأذهب لصديقتي الحبيبة لتعمل لي عروسة ورق نخزق بها عينيك ثم نحرقك"
نظر إليها راشد بارتياب وهو يقول " عروسة ورق؟! أنتِ يا تربية اميركا وصلتي لتخزيق العينين "
قالت بخبث" نعم وأيضاً ربما سأذهب لشيخ يعمل لي عمل لإيهاب ليسامحني وعمل آخر سأهديه إليك كعربون صداقة، يعيد لك بدور في حالة من اللاوعي "
ضحك راشد بقوة ورأسه يتراجع للوراء ثم قال" حسناً لديّ من " اترها" الكثير اخبريني متى ونذهب سوياً"
ضحكت هي الأخرى قبل أن تهدأ أنفاسها وهى تقول بهمس بطء " كنت نصحتها قبلاً أن تتخطاك وتبحث عن رجل يحبها"
أظلمت ملامح راشد إلا أنه أبى أن يعلق..
فقالت مريم برجاء " لكن الآن ، بعد أن رأيتكما سوياً ،بعد أن فهمتها أكثر من نفسها حتى، أنا أطالبك بأن تعيد لها سعاداتها...بدور تستحق هذا منك ..تستحق المحاولة مني بعد ما قدمته لي"
تنهد راشد ولم يعلق ايضاً
همست مريم بتشدد " هل تعد ؟ "
" لا أمنح وعوداً يا مريم غير واثقاً في تحقيقها، إذ هنا العائق بدور بحد ذاتها "
إلا انها أصرت " إن كنت تحبها كما تدعي ، إن كنت مخلصاً ونادماً وتبت كما تقول ستعدني "
عم الصمت وطال وطال حتى بدأت تشعر بالقلق إلا أنه بالنهاية كان يقف أمامها مطلاً عليها بوجهه الصارم ، ثم قال " أعدكِ أن أتخطى المستحيل لأحقق لنفسي أمنية انتمائها إليّ من جديد "
ابتسمت مريم في وجهه بحلاوة وعينيها تشع بالأمل ..
أمل أُعدم لعيني متلصصة معتدية ...كما اعتدى على هذا الحفل الذي وعد مراد وإسراء بعدم قدومه إليه ....
وعد نقضه في رغبه ملحة وأنانية بأن يراها دون غيرها ..بأن ينقض وعده لإيهاب حتى وان كلفه حياته...
وعد نقضه لنفسه عندما قدم له تميم هذه الدعوة المريبة للقدوم لزفاف شركائه ، إذ أنه كُلف بعدد من المعارف كما ادعى إلا أنه فهم أن تميم يريد أن يجره لهنا لغرض ما مؤكداً عليه اصطحاب زوجته...ورغم رفضه الحازم، عدم قبوله أن تأتي لورين إلا أنه هنا وجد نفسه ينقاد لسحر الغفران ! ويتابع بعينيه دون أن يجرؤ لاقتحام عالم الصغيرة المهتزة المحطمة بعد .. والتي تحولت لشابة تنضح منها قوة غريبة مريم التي بسببه كانت ترتعب من أي بشر ها هي الآن تتحدث مع غريب بمنتهى الأريحية واللطف.....فهل يحلم بمواجهة تكون أقل حدة وتحطم مما توقع ؟! "
والاجابة كانت حازمة لداخله " لا ، إذ أنه بات يعلم الآن أن الأنثى قد تغفر أي شيء ، تتخطى أي شيء ، تتحمل المصائب الكوارث، تخطو فوق النار فداء ، تحمل كل أعباء مجتمع وفكر عقيم ، وحشية واضطهاد يوجه ضدها من منظومة كاملة ،عدا شيئاً واضح ؟ الغفران لأى شخص مهما كان تعديه على حرمة الجسد المقدس، تشويه عالمها النقي نظرتها للناس ، للحياة ،للرجال عبر اغتصاب أياً كان صفته لروحها لكيانها ..كما فعل هو....مريم لن تغفر حتى وإن اشرقت الشمس من مغربها واحترقت النجوم في باطن الأرض...
ما كانت لتفعل ليس لأنها مريم بل لأنها أنثى....
ظل ممدوح ينظر إليها من مكانه الخفي تتابع الحديث مع هذا الرجل ، تضحك ، تمازحه ،تُشرق بصفاء يضئ العتمة ،الآن يستطيع أن يفهم توحش أيهاب في عدم منحه الفرصة لنطق حتى اسمها ..الآن يستوعب هجوم إسراء العاصف وهى تخبره أنه مازال أنانياً اسوداً وحاقداً ليبحث عن نفسه عن سلامه دون أن يضع تقيم لحياتها هي والتي اقتنصتها رغم أنف كل عائلة زيدان...رغم كل فرد اضطهدها وعاقبها على ذنبٍ لم تقترفه....
الجذوة بداخله كانت تزداد مهدده بتدميره والتنازع بين الأنانية والتمني، وبين إيثار سلام الغير حتى وإن كان علي حساب أن يعيش بذنب يطوقه إلى الآبد...قدميه تخونه تتمرد فيقترب منها خطوة تتبعها خطوة ..جانب وجهها يظهر له رويداً يتأملها بشجاعة التمني ، بنظرة التائب ..وبروح أنهكها تحمل الإثم على عاتقها...

صوتها الذي يصله واضحاً الآن لم يتغير ! وكأن السنين لم تمر، مازال هناك ناعماً به مسحة طفولية تجعل القلب يقرقع كسيوف الحرب ، إلا أنه أيضاً اختلط فيه نبرة قوة وتمرد تجعل نفس السيف يذبح دون دماء....
الرجل الذي يرافقها يتضح له وجهه ، يتبين شخصه حتى وإن كان مازال بعيداً لمسافة آمنة ..ابتسم بتعاسة متهكماً من نفسه بصوتٍ دون صداء" ابن عمها الشهير، ابن عم حقيقي ، أصبح لكِ أخ حقيقي لا يستغلكِ ، لا يضطهدكِ أو ينفركِ ،لا يضعكِ هدف ومسعى "جبان" لتحقيق انتقام....الآن يفهم ذلك الصفاء والأمان الذي يحيطها بهالة من سحرٍ أبيض يصعب على حقير مثلي تخطيه ولمسكِ "

فتح مرافقها ذراعه أمامها في دعوة لأن تتقدمه ..ستختفي الآن وتعود لحصن إيهاب ..لدروعها الجديدة التي يصعب عليه تخطيها وكسرها.. وأصبح الاختيار الذي يمزقه هل يتراجع خطوة وينهي الأمر ماحيه من داخل نفسه ، أم يتقدم ويسألها العفو ،أن يخبر الضحية بأن الخطأ لم يكن فيها بأنها لم تُخلق للظلام بل هو الذي صُنع من ظلاله ، بأن نفسه القبيحة في الماضي رغبت أن تمتص كل أرواح الأبرياء علها تخفف من وطئ مرارته....

تقدمت الرجل تمشي أمامه خطوة بينما يشتعل في عقله تراتيب القدر، وضع الله المحن للبشر البائسين مثله ليجد منها المنح...رب العباد لا يُقدر شيئاً عبثاً حشاه، بل لكل شيء قدراً وحكمة...
حكمة تمثلت في سؤال حارق مدمر، ماذا لو أتى هؤلاء الأشقياء وطلبوا منه الغفران والتوبة بما فعلوه في صغيرته ..هل كان غفر أو منحهم السلام يوماً؟! والاجابة القطعية "لا ،لكان فعل كما هدده إيهاب بالضبط علقهم في مسالخ واقتطع من أجسادهم إصبع إصبع ، إنش إنش وأرسلهم لآبائهم!"
تقبضت يديه بجانبه بقوة وتوحشت ملامحه التي جعلت سواداً ملموس يغطى لون وجهه ...
ابتلع ريقه بصعوبة كاتماً صرخة قهر مريعة ..يراقبها قبل أن تختفى تستدير وراءها تقف لبرهة أخرى محدثه هذا الرجل ...فيتبين له بما لا يدعى الشك من يدها التي تحاوط بطنها أنها حامل بطفلٍ آخر...

جزع ممدوح وكله يرتد للوراء ، أنفاسه لاهثة قلبه ينقبض والخوف يجد له مكان ..ليس لوجود الطفل بل لمشهد آخر ذكره بها تقف مذعورة مرتجفة فاقدة الحياة والدماء تغطي ساقيها...
استدار سريعاً يجد لنفسه أول مكان يستطيع أن يستند عليه صاخب الانفاس خائف ونادم وقد افاق بشكل قاطع أخيراً من نوبة جنونه !
" ما الذي كدت أفعله، وكأن الزمان يعيد نفسه ،وكأنك عدت نفس الفتى المجنون الذي يسرق بريق الحياة من عينين كانت كل الحياة لآخر "لابن عمك ومثالك الأعلى الذي هدمته وفقدته" بغبائك..."
اغلق ممدوح عينيه بقوة هامساً أخيراً " لقد شفيت ، الآن وأنت تراها تتابع حياتها بأم عينك ،شفيت من هوس لقائها .. ولكنك ستوشم روحك بذنبها أبداً ،ستحمل إثم عارك فوق ظهرك دهراً ، إلا أنك لن تقترب منها، لن تقترب من قصرها المرصود...لن تقف في طريقك المسدود أمام "توسلها غفران"....فهي تخطت واستحقت ما منحه لها الله الآن من تعويض ...وهذا وحده كفيل بأن يجعلك تبتعد من طريقها وكل من يخصها .... وتجعل هدفك شيئا "شخصاً واحداً ..حبيبة واحدة لم تحب سواها، امرأة هي الحياة رغم غدرها ،رغم جحودها ..رغم كل اوجاعها الخاصة ،هذه حربك الحقيقية التي يجب أن توفر لها كل جندك لتهدرهم لاقتحام حدائقها جنتها .....
"بعض الجروح ليس علينا فتحها وقد دُمرت حتى وإن تركت بداخلها بعضاً من القيح ..بل اتركها كما هي ترمم بعضها يهاجمها وجعاً. ويهزمها رغبة في الحياة...كن حذراً ولا تجلب على نفسك وضحاياك الهلاك.....


لم يدرك ممدوح وهو ينحني هناك بظهره كأنه يحمل كل آثام الدنيا
بأن عينا راشد لمحته ،يحدق فيه بتدقيق وتعجب ..إلا أنه لم يلقي بالاً طويلاً ،ربما هو فقط أحد "المدمرين والمجاهدين في عالم تحدى شرور النفس التي لن يربح فيها إلا كل مقراً بالذنب وباحث عن توبة وسبيل لترميم شظايا قلبه ومن حوله ....سواء كنت مع أو ضد لن تخسر دنياك، إنما هي لا تسلب متاعها إلا من المتفرجين"

...............
"اللعنة ، هل أصبح الآن "سانتا كلوز" الخاص بتحقيق أماني حفنة من الأطفال العابثين؟!"
ويبدو أن نزار فهم هذا من وجهه المتجهم ويديه المعقودة على صدره بصرامة في علامة رفض قاطع رداً على طلبه.....
لذا قال بنبرة سمجة "ماذا إن توسلتك ؟"
رفع راشد حاجباً وأخفض الآخر وهو يقول بصوتٍ رخيم ساخر" ألم تكتفى بعد من دور لعب الأمير؟"
قال نزار بصوتٍ عال وهو ينظر تجاه عروسه التي تقف بين أصدقائها ملتصقة في سَبنتي كالعادة " معها لن أكف أبداً عن لعب دور الأمير المنقذ....أما أمام الناس هذه ليلتي الأولى والأخيرة لا فعل كل ما يخطر على بال أمير دون أن يبالي بالعواقب "
امتعض راشد وهو يقول" احذر إذ أننا هنا لسنا في مملكتك ،أي أنك ببساطة ستنال العقاب إن لم يعجبني "لعبك"
مال نزار نحوه وهو يقول بتأمر "أعدك أن الدور الباقي سيعجبها هي ،وهذا ما يهم في الأمر كله...بالنهاية أنا لا أريد ابهارك أو غيرك"
ابتسم راشد بتهكم راضياً عنه داخلياً ثم مال بدوره نحوه وهو يهمس بصوت بطئ" أذاً استعد، سأنفذ ما طلبته.. ولكن احذر "جني" الأمنيات الخاص بجنابك ضجر منك ، لذا إن حاولت أن تعود لعرينه طالباً، أو تأتى إليه عروسك شاكية سيطير رأسك"
رمش نزار بعينه في إشارة طفيفة للخوف ثم قال بارتياب "ظننتك طيب حقاً"
قال بتفكه" اللعب أدواري بتمكن لإغواء الأطفال مثلك ....والآن هيا من أمامي"
رفع نزار كفيه في وجهه في علامة استسلام مازحة ثم انحنى بحركة ملكية وهو يقول " "لورد راشد" شاكرين لمساعدتك العائلة المالكة"
ضحك راشد وهو يهز رأسه يميناً ويساراً متابع بعينه انصرافه ووقوفه جنب عروسه في دعوة لرقصة "زائفة"
وقبل أن يتحرك لينفذ له مطلبه....وجد خالد الغاضب يقف أمامه...
رفع وجهه وهو يقول بخشونة" ماذا الآن.. أصبحت زوجته رسمياً والليلة شبه انتهت على خير؟!"
قال خالد من بين أسنانه " كما سَبنتي زوجتي ، وها أنت وابنك لا تنفكا عن وضع أيديكما عليها ، ومشاركتي إياها "
قال راشد بإغاظة" سَبنتي ليست قابلة للمشاركة... تركناك تلعب الدور لرغبة وابني في أنفسنا"
قال خالد بتجهم "اصبت غير قابلة للمشاركة منذ اللحظة إذ أنها لي "
نفخ راشد بضجر وهو يضع يديه في جيبي بنطاله وقال" هيا ما الذي تريده اختصر ..منع نزار هذا لن..."
قاطعه مرة أخرى وهو يقول متحدياً" أرغب في ما ستمنحه له"
اشتعلت عينيه غضباً معاكساً لبهجة تتراقص داخل قلبه ،ها هو أخيراً يتحرك الفارس الأحمق متغلباً على ذلك الدور الذي لا يناسب جموح من في سنه...إلا أنه قال بصرامة " أحلم ، أنا أفكر بالأساس في أخذها معي بعد انتهاء هذا الحفل"
رفع خالد وجهه بسخط ثم قال باختصار "بعينك...."
رغم الابتسامة الكبيرة التي غمرته داخلياً ..ولكنه قال من بين أسنانه " سنرى بعد انصراف الناس بعين من يا خالد"
رمقه خالد بترفع ، ممتعضاً و قبل أن يرد عليه كانت نوة تتدخل بينهما وهي تقول بلوم " كف عن ازعاجه وامنحه ما يريد ،الفتاة له وانتهينا"
ضاقت عينا راشد وهو يرمقها شزراً ثم قال" هذا في أحلامكِ أنتِ وأخيكِ ، ابنتي للي للنهاية"
حركت نوة كتفها وهى تقول باستفزاز" ومن منعك، هيا خذ ابنتك واذهب من هنا ..أنا على كل حال مازلت أراها الطفلة ذات الجوارب وأشعر أن ما يحدث الآن هو اغتيال لكل الوان الطفولة"
فتح كليهما فمه باستياء وهم ينظران إليها كأنهما يرغبان في تمزيقها بأسنانهما...
قالت ببرود" ماذا الآن ..أنا اُسمِع كلاكما ما تريدان إذ أن شجاركما هذا سخيف، ويُحَمل الصغيرة فوق طاقتها"
قال خالد من بين أسنانه " انا كرهت كلاكما حقاً واستسلم!"
التوى وجه راشد وهو يتأمله ثم قال بتهكم" الآن أنا الأحمق لثقتي بك.. أي فارس هذا الذي يستسلم ؟!"

لم يمنحه خالد شرف الرد وهو ينصرف من أمامه بغضب أكبر متوجه نحو عروسه...غضب انمحى وهو يحيط خصرها بذراع متملكة غير مهتم بارتباكها ومحاولتها دفعه....ثم حانت منه ابتسامة تشفى متلاعبة نحو ابن عمه الذي ينظر إليه بتوعد حانق..
دقائق أخرى انصرف راشد عبرها مختفي من الحفل...
ثم دون مقدمات أو أسباب معلنة ...كانت كل أضواء الفندق المحتفل الذي يضوى ببهرج يطفئ تماماً وتعم العتمة التي جعلت بعض المدعوين يذعرون ..ويزيد الصخب وأصوات الاعتراض متسائلة عما يحدث ،كيف لحفل كهذا كلف الكثير وفندق من أكبر الأماكن في العالم أن تنقطع فيه الكهرباء ؟!
صرخت شيماء وهى تشعر بنفسها تطير بفستانها الضخم محمولة على كتف نزار" ما الذي يحدث ؟"
قال نزار بخبث وهو يتوجه على نور كشاف هاتفه" لا شيء فقط الأمير ينقذ الأميرة من قلعة الاشباح يحررها من تلك العائلة التي طال اسرهم لها"
ضربت على ظهره بعنف وهى تصرخ" أنت جننت"
قال نزار ضاحكاً بصوتٍ عال" أنا مجنون أصلاً يا عصفورة قلبي ..هذه سمة شائعة بين رجال عائلتي نحو ما يخصهم"
قبل أن تلقي اعتراض آخر كانت تشعر بنفسها تحط على ظهر شيء ، مؤكد ليس سيارة أو حتى دراجة نارية بل .....
شهقت شيماء بعنف وهى تبحث عنه بيديها بخوف ...اعتلى نزار ظهر الجواد خلفها ثم امسك السرج محيطها بذراعيه سامحاً لها أن تتمسك بصدره متلقية حمايته...واشار نحو السائس الذي كان رتب معه منذ ليال ليأتي له بالجواد أن ينصرف...
ثم غمز الحصان بقدميه في إشارة للتحرك ...كانت مازلت منكمشة بداخله ملتجئه إليه ..سامعة " قرشة " حوافر الخيل تضرب في الأرض وبالهواء البارد يحيطها من كل جانب مصيبها بالرجفة...
همست بصوتٍ مختنق يغلبه الخوف" نزار. أنا لم أصعد على ظهر الخيل منذ....منذ...أعني أرجوك دعني أهبط من هنا"
قرب كتفيه كما أغلق ساعديه حولها وهو يهمس من فوق جبهتها" هششش أهدئي، أنا هنا وسأحميكِ لن اسمح بأذى يصيبكِ"
هزت رأسها نفياً بقوة وهى تقول بخفوت" أنت لا تفهم أنا..."
همس مرة أخرى وهو ينطلق في الطريق الممهد نحو الهرم الأكبر الذي يقع قريباً من المكان " بل أفهم ، لذا اخترت أن تكون الليلة بداية لكل شيء وأنتِ معي ..بداية لدحر كل مخاوفكِ جانباً..."
قبضت قبضة قوية على ملابسه وهى تهمس بهشاشة " لا أستطيع تخطي رهبتي بفرقعة إصبع"
ابتسم بحنان وهو يقبل جبهتها برقة ثم همس بصوتٍ اجش" أنتِ معي منذ دقائق فوق ظهر الخيل ، إن كنت مرتعبة فعلاً ما كنتِ ظللت معي لثانية واحدة"
رفعت شيماء وجهها تنظر إليه بتردد ..لمس نزار وجنتها برفق موجهها لعينه ، ابتسمت له أخيراً بصفاء مختطف منها تلك اللمعة التي لا يعرف سرها سواه ثم همس بحزمٍ عاشق" هل تثقين بي ؟"
والاجابة القاطعة كانت عبر كلمة. كلمة لا يحتاج أي زوجين غيرها الثقة المطلقة " أنا لا أثق بشخص بالعالم سواك"
عاد لضمها بقوة يشدد من صهوة الحصان أكثر ليصيح رافعاً حوافره الأمامية لبرهة قبل أن يزيد عدوه بينما نزار يقول بصوتٍ جهوري متهور" أحبك يا عصفورة..."
مختلط صوته وصوت حوافر الحصان بذيل فستانها الضخم الذي يداعبه الريح خلف جريهم وجسده الرجولي الذي يرتفع وينخفض في مشهد أسطوري للأميرة التي حررها أميرها أخيراً من كل قيودها...
.......................
وفى مكان آخر لم يكن الحال مع خالد بكل هذه الحالمية والسهولة إذ أنه عندما اُطفئت الأضواء والتف حول زوجته يضع كفه على فمها ويرفعها من خصرها متسللاً من الحديقة الخلفية ...لم يكن أمراً ساراً على الاطلاق إذ أنها أخذت تُرغِي وتُزبد تلعنه وعائلة الراوي فرداً فرداً...تقاتله كمن تدافع عن حياتها أمام لص مختطف "حقير!"
لقد عضته ،المجنونة اطبقت في باطن كفه من جديد حد أنها تسببت بشراستها في علامة "دعسوقية" لن تزول لأيام...وعندما لطمها بعنف داخل مقعد سيارته كان يرى الجنون المطلق وهى تعتدل صارخة حتى خشى ان يلمحه احد المتواجدين في الجراج صدفة فيظن أنه مختطفها بحق وليس "عريس الغفلة"
"الصبر يا الله ،هل أنتِ حمقاء فعلاً ؟ لقد أضعتِ سحر اللحظة"
اعتدلت سَبنتي مكانها ثم رفعت يديها نحوه تكررهم في حركة قتال شهيرة ثم قالت بشراسة" وسأجعل راشد يضيع رأسك ،تخطفني أنا؟!"
أغلق خالد باب السيارة نصف غلقه حاجزه بجسده ثم استند عليه برفقه وهو يمسد راحته بيده الأخرى ويقول من بين أسنانه ساخراً
" اووه عروسي العبثية تخاف وتهدد بكل براءة محتمية بأبيها ..ماذا إذاً عن العرض المذهل الذي كان منذ وقت قصير في غرفة الملابس؟!"
تورد وجه سَبنتي بينما عيناها اشتعلت بالحقد بينما هو يكمل هامساً" هل نطلعه أيضاً على العرض القصير؟"
صعقت عينيها بنارية وهى تهتف "إياك أيها الوغد ،كنت أعلم أنك غير أهل للثقة"
اعتدل خالد وهو ينظر لها بظفر ثم قال بتهكم " لا دخل للثقة بالأمر ،من حقي الدفاع عن نفسي واخباره أنكِ من أغويتي بشفتيكِ الناعمتين حد أني جننت واختطفتكِ ،لأنهل منهما المزيد...."
صمت أمام عينيها الواسعتين بالذهول ،الحرج والغضب البحت ..ثم غمز بعينه وهو يقول" أريد المزيد من الغواية على انفراد ،دون أن يقاطعنا أحد افراد العائلة " الحشريين " "
بان على ملامحها الإجرام وهى تحاول الخروج ناوية الفتك به بهمجية تليق بعبثية...امسك خالد ذراعيها دافعها في المقعد مجدداً.. ثم أغلق فمها بإصبعيه وهو يقول بصوت خفيض مهدد ذكرها بتلك النبرة التي كان يرعبها بها وهم أطفال " إن فتحتِ فمكِ هذا بكلمة واحدة بها إهانة لي سأعلقكِ من قدميكِ في اعلى شجرة لبيت الراوي...هل تذكرين الحبال التي كانت أمام بوابة غرفتي ؟"
ابتلعت ريقها وهى تنظر لوجهه الجامد برهبة متذكرة نفس التهديد القديم عندما كانت تُغير على اشيائه ممزقة إياها في نوبة غل نحوه مثل الآن ، هز خالد رأسه قبل أن يقول ببرود" جيد مازلتِ تتذكرين ..وأنا لن أتوانى أن أعلقكِ بها بفستان زفافكِ...وليريني راشد أو غيره كيف سينجدكِ منيّ"
ترك فمها ببطء عندما تحدثت بتوتر" لن تجرؤ مجرد تهديد فارغ"
حرك عنقه في إيماءة استعراض ثم قال بتلاعب وهو يغمز بوقاحة ناظراً لأماكن معينة شعرت أنها اخترقت جاكتها المحتشم ليبصر أنوثتها العارمة "جربيني ،فأنا على كل حال أحلامي أصبحت أكثر خطورة متمحورة حول تعليقكِ رأساً على عقب وتأمل كل إنش فيكِ حتى اشبع جوعي"
لاهثة من فرط الخوف والانفعال وهى تضم كلا ذراعيها نحو صدرها مما دفعه ليطلق ضحكة مستمعة معذبة لارتيابها ، وكأنها حقاً تنظر لمعتدى فقد عقله وتنشد الحماية منه فتحت فمها ثم اغلقته ثم فتحته من جديد وكأنها تبحث في قاموسها عن كلمة تسبه بها فلم تجد إلا القول بصوتٍ مضعضع خافت "أنت أصبحت سافلاً"
أغلق خالد الباب بعنف ثم استدار سريعاً ليحتل مقعده ،عارفاً أنها ستلوذ بالفرار إن وجدت فرصة وقد عمدت على فعل هذا عندما وجدته يجذبها من ساعديها معيدها مكانها استدارت نحوه بحدة ..مما جعل وجهيهما قريبان جداً من بعضهما ..
تلاعبت نظرة أخرى داخل حدقتيه نظرة أثارت بداخلها الرهبة ...والحنين والضعف الغير محبب على الاطلاق عندما همس أمام شفتيها دون أن يحاول مسها" بل أنا تحررت لأحبكِ كما يليق بكِ ،ويداعب هوى نفسي"
مد خالد ذراعه حولها مما جعلها تنكمش ، هل سيقبلها من جديد...رباه لا تريد قُبلات ،لا ترغب في أن يمسها مرة أخرى داحراً مخاوفها ، ضاعف نفسها ، ماحي تخبطها ، نازعاً منها سلامها وتوحشها في وجهه...إلا أنه لم يفعل بل ظل ينظر لها بطريقة مداعبة خبيثة وهو يسحب حزام الأمان ويضعه مكانه " لست مجنوناً حد أن أمنح احد المندسين من الصحف صورة حصرية وعلنية لشغفي بعروسي"
صمت أمام عينيها الواسعتين المحدقتين فيه برهبة ..قبل أن يعتدل وهو يقول بتفكه" إن كان أحداً يتابعنا كما أتوقع ستكون هناك غداً صوراً مسلية للعروس الشرسة التي تقاتل زوجها ليلة الزفاف ..هل تعتقدين أن العنوان العريض يخمن بأنكٍ تزوجتني غصباً؟"
هتفت بلا تفكير بغلظة" أخيراً شيء صحيح في تلك المسرحية ،إذ أني تزوجتك رغم أنفي"
ادار خالد المحرك وهو يطلق ضحكة سعيدة مبتهجة غير مبالي بادعائها ....ثم قال وهو يشد يدها بقوة ضاغطاً عليها ورافعها نحو فمه مقبلها "وهناك حقيقية أخرى لن انزعج من تناقلها أو قرأتها على أغلفة الصحف "
حاولت سحب يدها منه ففشلت وهى تسأل بانزعاج" وما هي سيد بعبع؟"
نظر نحوها وهو يقول بصوت رخيم "بأن عريسكِ يحبكِ من قبل التاريخ يا بقة"
تأوهت سَبنتي بصمت وهى تشيح بوجهها بعيداً مصرة ألا يرى الضعف والتأثر في عينيها وهى تهمس" ما فعلته جنون ..راشد سيغضب ،بل الجميع .. ما كان هناك داعي لهذا الهزل ..كنا انتظرنا كما هو مرتب لننصرف معهم للمنزل"
أخذ خالد نفساً عميقاً وهو يقول بهدوء" ومن أخبركِ أن ترتيبهم هذا يناسبني ؟ نحن لن نذهب للمنزل"
اضطربت بشكل مثير للضحك من جديد والحنان في آنٍ واحد وهى تسأله بقلق" أين تأخذني ؟"
اومأ لعدة لحظات مدعي التفكير "اممم أين سآخذكِ ؟سؤال يحتاج لإجابة شافية ..إلا أني لن أخبركِ إذ أني لا أرغب في حرق المفاجأة "
قالت بغلظة" لا أريد ‏مفاجآت منك راشد. راشد سيجدك ووقتها سأذهب معه وس...."
ضغط علي يدها بقوة سببت لها الألم قاصداً في انتقام صغير رداً على توحشها ثم قال بشماتة" من أخبركِ أنها معدة لكِ بالأساس ...بل لراشد نفسه ، منذ الآن اتخيله متشفياً وهو يدور حول نفسه فاقداً حلمه لجهله...للمكان الذي سأختطفكِ فيه.. وستعجز مخالب النمر عن الوصول إليه"
اتسعت عينيها بشكلٍ أكبر وتحفزت كل مشاعر الرهبة والترقب بداخلها وهى تهتف مرددة" لن تجرؤ"
أجاب بإيجاز مردداً وهو يلف ساعده بخشونة على رقبتها جاذبها نحو صدره" جربيني يا عبثية "
.................................................. .
بداخل القاعة التي زاد الهرج فيها كانت الأنوار أخيراً تسطع من جديد والهمهمات الصاخبة تزيد ،بينما المدعوين يبحثون بأعينهم عن العرسان الذين اختفوا تماماً....

كانت بدور تقف هناك بحنق تضم ابنها بين ذراعيها والذي هرعت إليه عقب انطفاء الأضواء باحثة عنه منتزعة إياه بصعوبة من جانب فتاة سمراء غريبة العينين وشرسة التصرف إذ أنها كانت تعاركها حرفياً لتترك صديقها الجديد في حمايتها كما عبرت... بينما ابن ابيه نظر إليها بطلف زاد عن الحد وهو يقول بصرامة" سأعود إليكِ يا أمل ..لا تقلقي أنها صديقتي أيضاً"... وقتها كان ذهولها الضاحك أقوى من صدمتها بإغلاق الكهرباء وما جعلها تكاد تنقلب حرفياً في موجة ضحك هو رد تلك الأمل العابسة "هل تفضلها عليّ؟"

.

الا انها انهت الجدال وهى تقول باحثة عن أهل الفتاة "سأعيده اليكِ بعد دقائق ، دون منافسه "فلم تجد إلا ابنة مراد العطار تتقدم وتضمها لأخوتها وتعتذر منها بلطف على تصرف قريبتها "المتشردة!"
هكذا هي رأتها متشردة رغم أناقة الملابس ،ورغد العيش الذي يظهر على الفتاة إلا أن التصرفات الوحشية لم تذكرها إلا بتلك الشخصية الشهيرة في أحد الأفلام "سوكا"
"أخوكِ ونزار هربا.."
انخلعت بدور من مرور الحدث في ذاكرتها وهى تستدير ببطء تحدق في وجه نوة الخبيثة المتسلي بصدمة ...
إلا أن نوة لم تمهلها التفكير بالأساس وهى تكمل "راشد بك من ساعدهم..اممم أو ساعد نزار وأخوكِ استغل الفرصة، سيجن راشد عندما يعلم أن "لعبته البنفسجية طارت من عشه ،واقتنصها طير جارح لن يعيدها لوقتٍ طويل أو ربما أبداً..."
تمتمت بدور بغير استيعاب "تباً لراشد ..ماذا سنخبر الناس، العروستان هربتا.. ومع من الأحمقين زوجيهما؟!"
قالت نوة بلهجة شريرة للغاية " بل راشد المعني ، سأشمت فيه طوال طريق العودة ،لقد قررت أن أستقل السيارة معه وأتسلى بغيرته الخانقة قليلاً"
قبل أن ترد بدور كان إياب يهتف معترضاً" هذا سيء لا تتحدثا عن بابا هكذا"
داعبت نوة خديه بكفيها وهى تقول بنبرة مصغرة مازحة "نحن لن نشتم أباك فقط، بل الصغير المدلل والشرير أيضاً الذي أراد مسبقاً خطف عروس أخي"
ابعد يديها عنه بنزق وهو ينكمش على صدر بدور ثم قال "لن أحبكِ أنتِ سيئة"
تمتمت نوة بجانبيه حريصة ألا يسمعها "لن أنافس سوء أبيك وأمك يوماً يا مدللهما.. وكأنه لم يولد طفل في العالم غيرك؟!"
كان راشد قد عاد ينضم إليهم من جديد وسمع تمتمتها الحانقة عندما قال بجمود" بالنسبة إلينا لو يولد غيره بالفعل ..ومع عناد أختكِ لا أتوقع انجاب غيره قريباً..."
استدارت نوة وهى تنظر إليهم بملل ..بينما بدور تهمس ببرود" إن اعتمدت عليّ لن تفعلها طوال عمرك من المجذوبة التي تعيد المعاناة معك"
"سمعتك "
هتفت في وجهه بغيظ" وكأني أهتم... ما الذي تجرأت وفعلته ، هل ينقصنا فضائح؟!"
هز راشد كتفيه بلا معنى وهو يقول بمرحٍ زائف " لن يكن حفل يخصنا إن لم ينتهى بدرامية مدوية"
هدرت بنزق" رباه أنت لا أمل منك"
تدخلت نوة وهى تقول بذات النبرة الشريرة " راشد هل تعلم أن خالد أثناء انشغالك في عبث نزار فر بصغيرتك؟"
داخله كان يعلم جداً أن ابن عمه سيقتنص الفرصة ، وكرجل اهدر من عمره الكثير وحلم وتمنى أن يتهور مع تلك المتمردة المجنونة، في ليلة عرسهما ..يجد نفسه سعيداً من أجل خالد وسبنتي على حدٍ سواء متمنياً لهما بداية سعادة لا تفارقهما واضعين هذه الليلة في دفتر ذكريات جيدة....إلا أن نار الغيرة الأبوية بداخله حرقته حرقاً مدمره بداخله وانعكست على عينيه كما ملامحه التي تصلبت لم ترحمه نوة عندما أكملت بخبث
" ترى إلى أين هرب بها ؟ لدي معلومات مؤكدة أنه اختفى في مكان سري لن يخطر على بال أحد"
هتف راشد من بين أسنانه" انصرفي من أمامي يا نوة.. وأخوكِ لن يبيت الليلة إلا في جبيرة"
تألقت عينا نوة وهى تقول ببطء شامت" كانت بهية الليلة ،تؤكل أكلاً بالهناء على قلب صاحبها"
هدر راشد فيها بنبرة غير موزونة متمنياً أن لو استطاع تهشيم فمها" نووووة"
ضربتها بدور على كتفها في علامة محذرة أن تكف ..إلا أن نوة التي تبخترت أمامه بنفس شماتتها اقسمت أنها لم تكتفى من غيظها فيه بعد...
كان راشد مازال يصدر نفساً مزمجراً من أنفه والغيرة تحرقه ، والجنون يتملكه هل يهاتفه "معكنن عليه عيشته آمره أن يعيدها فعلاً....ما هذا الغباء الذي فعله كيف سلم صغيرته بيديه هذه لرجل آخر؟!
"زوجها" قالت بدور بهدوء
رفع عينيه الداكنتين نحوها ..فقالت بدور" الكلام يدور على وجهك صارخاً مع الندم.. فأخبرك أنه زوجها الذي تحبه ،حتى وإن كانت ترفض الاعتراف ..لذا لا داعي لتلك الغيرة الرجعية "
قال ببساطة" لست مجذوباً لهذا الحد ، أنا سعيد من أجلهما ،ولكن الشعور الحانق داخلي يصعب التغلب عليه"
ابتسمت بدور بتردد ثم همست بخفوت" لا بأس ستعتاد الأمر ..والآن هل يمكنك الشرح للضيوف ما الذي حدث ، لتخفف وقع الحدث ؟"
اسبل جفنيه لبرهة وهو يأخذ نفساً عميقاً مسيطراً على انفعاله ثم قال أخيراً" فقط إن ساعدتني"
عبست "عفواً؟!"
قال راشد بتذمر" بالله عليكِ لا مجال هنا لتعجبكِ البارد ، أريدكِ بجانبي"
امتعضت شفتيها وهى تقول " ومنذ متى النمر الشرس يحتاج لأحد يساند موقفه "
شملها كلها بنظرة خاصة ساحرة قبل أن يقول ببطء مغازلاً شيئاً بداخلها "دائماً كنت احتاج لامرأة قوية ، لها مكانتها ودهائهم ..امرأة محدد تدعى بدور الراوي"
كورت شفتيها ورمشت بعينيها ، وهى تقول بامتعاض " كل هذا اللطف وتقديمي قبلك أصبح مريباً ، أين تفاخرك وأين نعتك لي بمحدودة الذكاء ؟"
ادعى الدهشة وهى يقول "هل توقعت ونحن نتناطح بالماضي، أني سأذكر مميزاتكِ متغزلاً فيكِ ..من البديهي جداً أن أخبركِ بأسوأ الكلمات كما كنتِ تفعلين معي"
قالت بغيظ" وهل توقفنا الآن عن تلك .. ال..ماذا قلت"
قال ببساطة "مناطحة...أنا أعلن التوقف، مؤكد نحن الآن انتقلنا لمرحلة "الوحش من اللعبة...فأنا اطاردكِ كفريسة مغوية ،وأنتِ اممم مازلتِ تحاولين الركض ولكن لا بأس سيأتي اليوم الذي تقعين فيه بين أنياب وحشكِ من جديد "
سدت بدور أذن إياب بيديها وهى تنظر إليه بسخط" الولد"
داعب رأس ابنه الذي ينظر إليه بطريقة غريبة!! ثم قال مغازلاً" لا بأس أريده أن يسمع ليتعلم كيف يطارد امرأة عصية"
تأففت بصوتٍ عال وهى تقول بضجر "ستفسده ،أقسم أنك والد خطر" أمسك راشد بيدها وهو يسحبها بجانبه بتشدد مقصود ثم قال ببرود "لا بأس يا سلطانة لديه أنتِ، لتعلميه كيف يكون رجلاً مملًا عنيد كالحجر"
تمتم مقلده إياه بسخرية دون صوت "لا يحتاج للتعلم يا سلطان إذ أنه ورثه منك"
عندما وقف كلاهما بين الحضور كانا يرسمان ابتسامة خبيثة تلك التي يبرعل بها على طاولة رجال الاعمال...
هتف راشد موضحاً باختصار" نعتذر منكم إلا أن الجميع لاحظ هروب الفتاتين ..زاد الهرج مع وصفه المرعب ،والبسيط..."
فاكمل ببساطة أشد" لنصحح ما حدث ،اُختطِفا علي يد زوجيهما، أحدهما أمير وأراد حدثاً أسطورياً كما الروايات ..والآخر ..امم حسناً هو..."
أكملت بدور عنه باختصار وهى تقول بسلام نفسي رهيب " راوياً ..ومن المتوقع أن ينهي ليلته بطريقة تتحدثون عنها لأعوام "

امتعضت بعض الوجوه وضحك البعض ..بينما اضمرت نميمة كالنار في الهشيم من البعض الآخر كما متوقع قالبين الحقائق..انهى راشد الحديث بالقول أن فقرات الفرح مستمرة ومرحب بمن يريد البقاء...

عندما تحرك كلاهما للخارج كان راشد يوقفها بالقول المختصر
" أريد التحدث معكِ على انفراد "
هزت رأسها نفيا وهى تلاحظ وجوم ابنها الساكن على غير المعتاد بقلق وهى تجس حرارته هل أصابه مرض من الاحداث المتلاحقة ولم تلاحظ ؟!
"الزفاف انتهى يا راشد ،دعنا نكتفي بهذا الحد رجاء أريد أن أحفظ تلك الذكرى دون أن ينغص عليّ حوار معك"
نفخ وهو يقول " يا حجر الصوان ،ربما لدي ما ......."
من قطع حديثه لم تكن بدور مطلقاً بل ابنه الذي مال نحوه وهو ينفجر في نوبة بكاء عنيفة غير مفسرة ثم يسأله باتهام حتى وإن لم يفهمه الصغير إلا أنه كان اتهام صارخ موجع ومرعب لراشد عندما قال" لا يوجد طفل ليس لديه ماما وضعته هنا..."
أشار نحو بطنه بطفولية ثم صرخ تقريباً في إحدى نوباته العصبية لوجه راشد الذي اّسود كخرقة بالية " أين ماما ،أنا أريدها الآن بجانبي مثل كل الأطفال "
اختفت كل الملامح والمشاعر من وجه راشد وهو يرتد للوراء خطوة بينما كانت بدور تعاني ..تعاني حقاً من وجع ونزاع طفى على السطح وهى تضمه إليها بقوة منهمرة دموعها لتخالط دمع وليدها المفطور..
.................................................. .

‫يتبع فى المشاركة التالية



Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 06:16 PM   #5882

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الجزء الثالث من الفصل الخامس والأربعون " المشاركة (٢)



[SIZE="5"][CENTER]
عندما عجزت أن تجد غاياتها ،تركت لقدميها حرية التجول وهي تستل هاتفها طالبة زوج أختها حتى يأتي ويصحبها...
إلا أنها تعجبت قليلاً عندما أخبرها أنه في الحديقة الخلفية التي لم تُسخر لهذا الزفاف ويمكنها القدوم وابنته حتى ينصرفا سوياً....وهى قد راسلت مسبقاً ميرا بمكانها حتى تأتى لها بالصغيرة غير راغبة في العودة لأجواء الزفاف ....
تحركت مرح نحو ممدوح الذي يستند على نصف سور ينظر نحو الاهرامات التي سقطت فوقها أضواء جاعلة مظهرها العريق يعيث بداخلها مشهدًا من الرهبة "أريد زيارتهم في الصباح"
سمع ممدوح صوتها الذي يتقدم خلفه لم يحاول أن يستدير نحوها وهو يقول بهدوء" أنا لم أذهب إليهم من قبل، هل تتخيلين"
قالت ببطء "تصرف متوقع منك يا كئيب ..بلدك ولم تزر معالمها التي يتدفق إليها السياح من كل العالم "
كانت وقفت بجانبه الآن تضع ساعديها على ذاك السور مثله عندما قال بهدوء "إن حلمنا أنكِ نلتِ فرصتكِ وذهبتِ لفلسطين ما أول شيء ستفعلينه؟"
تألقت عينا مرح وكل المشاعر تتواطئي محتلة عينيها في نظرة اشتياق وفقد وحلم لم يُمحى وهى تقول " أول شيء بالطبع سأفتش كل حجر بداخلها عن أخي وعندما أجده سأُقبل كل بقعة فيها وأنا أتجول بين مدنها و ‏قراها ..زائرة كل شجرة زيتون كل جبل مثمر بالورد والخضرة...اعتقد أني لن اكتفي ولن أُشبع نهمي في التسوح بكل معالمها"
أخذ ممدوح نفساً عميقاً من سيجارة وهو يقول بشرود "لقد أحسن العم أيوب في تلك السنوات بإعادة زرع انتمائكِ ..أنا لم أحصل على هذه الرفاهية يا مرح"
قالت بخفوت" ألا تنكر دور والداك قليلاً هنا؟"
قال بتهكم " هو من أنكره ،تستطيعين القول أن حظي لم يكن أوفر من حظ أولاد أيوب ..وإن ظلمت والدكِ طبعاً بتشبيه برجل كأبي"
زمت شفتيها بنزق في اعتراض ضمني على التعاطف مع ملامحه المذبوحة، وكأنه تلقى لتوه صفعة عمره.. إلا أنها سألت بالنهاية "ماذا فعل بك؟"
سخر" السؤال الصحيح ما الذي لم يفعله بي؟"
الفضول اشتعل بداخلها وهى تعيد سؤاله بتردد "أين هو الآن ،هل مات؟"
فرقع بلسانه وهو يقول بظلمة" عسى الموت ألا يزوره أبداً ويريحه من توحش السجن "
استدارت إليه تنظر له بذهول وهى تهمس" سجين؟!"
لم تتغير ملامحه التي خلت من المرح وهو يقول بغضب " نعم ، لقد حاول قتل ابن أخيه.....ابن أخيه الذي اهدر عمره كما والده في لململة شتات أنفسنا، والذي لولاه لكنا ضاعنا أختي وأنا كلياً...وكان جزاؤه في النهاية تطرف من والدي وزوجته محاولين قتله وابنائه في احشاء أمهم ..أما أنا فلقد..."
صمت وشعور القهر يعجز عن إيجاد مكان في ملامحه المشوهة....
دهس تلك السيجارة بين يديه وهى يخبط السور بعنف وكأن نارها الموجه داخل كفه ما هو إلا ماء عذب يطفئ براكينه....
ابتعدت عنه مرح خطوة وهى تقول بحدقتين مهتزتين " توقف عن دور المجذوب هذا ، لا يليق بك...و يخيفني "
وكأن خوفها بحد ذاته مدعاة للمزحة لإفاقته من نوبة ذنبه الذي يجلده من وقع رؤية الطفلة المرتعبة التي أصبحت كل شيء إلا مرتعبة ، لا تحتاج حماية من أحد او إقرار بذنبه...وماذا توقع ؟ أن تظل في مكانها ثابتة محتجزة داخل نوبات الخوف والسواد اللذان انزلهما على روحها؟! لقد تخطت ، فهل له أن يأمل أن تعبر لورين من ذلك النفق الذي حشرها فيه يوماً؟!
" أنتِ تخافين ،هل هو يوم الصدمات اليوم" قال ساخراً....
زفرت مرح بعنف قبل أن تخطف من يده سيجارة أخرى كان اشعلها وهى تقول " لا أحب الرجال المجذوبين ،ليس لعجزي في الدفاع عن نفسي ..بل لحيرتي أين سأداري جثثهم "
فتح فمه باستنكار وهو يحدق فيه بتعجب ثم قال " ألا تتفقين معي أنكِ مريبة؟"
حاولت وضع السيجارة على فمها وهى تقول ببرود" هذا العالم القاسي ، لا يقابل إلا بالتوحش"
اختطف ممدوح السيجارة منها وهو ينظر إليها باستياء ثم قال " فتاة أنا لست متحضر لهذه الدرجة ..فلا تعتمدي مطلقاً على نصفي الأميركي"
قالت معترضة" أريد أن أجربها ، أن أعرف لما السوداويون مثلك يجدون فيها متنفساً..."
قال ببرود" ولن تعلمي، بالله عليكِ هل جربتيها من قبل؟"
قالت ببساطة " ولم أفكر أصلاً.."
صمتت قبل أن تقلده وهى تقول " أنا لست متمدنة لهذه الدرجة ..رغم المعاناة الامريكية كان هناك شيء أشد سطوة بداخلي يمنعني"
قال بنبرة مغيظة قاصداً استفزازها" فتاة جيدة"
هتفت بغضب" توقف عن تلبس دور أخ أكبر لي ، لا يليق بك مطلقاً "
تنهد وهو يأخذ نفساً طويلاً قبل أن يقول ساخراً" دور الأخ لا يليق.. واختكِ تلوح أن دور الأب لا يليق بي أيضاً، وقطعياً زواجها مني مجرد لعبة عبثية لا أنفع لأشاركها للعظيمة لورين"
وجمت ملامح مرح ولم تعلق لاعنة عقل لورين المظلم ألف مرة ..أختها "المظلومة الظالمة.....
إلا أنها حاولت أن تدعي المزاح وهى تقول بوقاحة" أتريد إقناعي إيها الغير متحضر أن لورين لم تجربها معك من قبل؟"
التفت ‘ليها بحدة غير مفسرة " ماذا تقصدين؟"
قالت بصدق حائرة" التدخين طبعاً"
ابتسم بتلكؤ مزيح المرارة جانباً إلا أنها عادت تطغى وهو يقول ساخراً" العظيمة لورين، تهبط من عرشها لتشارك زوجها جنون لحظي هل تمزحين؟ أختكِ إن كانت بارعة بعقلها المظلم في شيء فهو التخطيط الجديد لتخدع أكبر مغفل مدله في عشقها ..وهو من أقسم يوماً ألا يسمح لجنس امرأة أن يكن لها سطوة على قلبه"
اضطربت مرح وهى تنظر إليه ، متسائلة إن كان يعلم بالفعل بمخطط لورين القادم ويصمت مجهزاً لها مصيبة لن تنجو منها.. هل سينتقم من أختها ، هل يمكن أن يتلاعب بهم سابقهم خطوة حارمهم من الصغيرة ؟!"
صمت قليلاً ينظر إليها بعينين قوتيين صريحتين في تعبيرهما ..ثم قال بجمود" لا تخافي يا مرح وعدي لكِ وأبيكِ لن يحله شيء أبداً ، مهما بلغ تطرف لورين ..رغم أنفها ابنتي ستحصل على أسرة دافئة ..رغم كل ظلمتها أمل ستُربى بين أبيها وأمها .."
لم تكن تحتاج لتفسير عندما قالت ببرود " لا تنتظر مني تأمر على أختي"
تحرك ممدوح من مكانه وهو يقول بهدوء شديد" ومن طلب مساعدتكِ أو غيركِ ؟ أنا كفيل بها، معتمد على ثقتها الزائدة في النفس والتي تجعلها تعمى أن رجلها المحطم المستسلم لأوامر معاليها ..نضج أخيراً وخرج من ظلماته سابقها بخطوات في فهم نفسها التائهة عنها.."
قالت بخفوت" إن كنت تفهم ، لماذا مازلت صامتا مؤدى دور الغافل بحرفية؟"
قال باختصار " حتى أفهم إلى أين ستصل بنا، أريدها أن تكشف عن نفسها بنفسها ، مخرجة كل الصديد الذي أكلها لأعوام "
سخرت بغلظة " دور الشهم لا يليق بك"
لم يلقي بالاً كثيراً لهجوم اعتاده منها وهو يقول ببطء" الشهامة ابعد ما يكون عني ..أنا أريد لعب دور الزوج السند معها.. دور حرمتني منه كما حرمت نفسها وابنتها"
عبست وهى تستفسر ..إلا أنها لم تقدر عندما
أطفئت كل الأضواء فجأة مصيبة إياها بالقلق " أمل لا تحب العتمة "
تحرك ممدوح من مكانه وهو يقول"اخبرينى أين هي سأذهب إليها "
ولكنه لم يتحرك خطوة اذ أن ذلك الذى لمحها وهى تمر بين الضيوف متأكد بشكل جذرى أنها هى لاحقها باحث عنها كالمسوس وقد أختفت في برهة وها هو يجدها ..كالعاصفة الرملية كان يندفع دون تفكير يجذبها من مكانها ...وهو يسمعها تشهق بعنف عندما شعرت بيد غاشمة سحبتها من أمام ممدوح ..ثم صرخت مرح باللكنة الامريكية " تباً، ما الذي يحدث هنا؟" في نهاية جملتها وهى تتوجه مع ما ظنته طيفاً حقيراً عاد يغمر روحها بنجاسته منذ أيام ..كان صوتها يتقطع يضيع في ثبات عميق عنيف وموحش للغاية كما غفت كل مشاعرها وتبلدت كل أحاسيسها منذ أعوام...
" دير...." والصوت المميز بتلك اللكنة بالاسم المستعار الذي منحها إياه بنفسه ..الوجه المحترق الجامد ، الجسد الرجولي المرعب ..والروح القميئة التي اغرقتها في الأكاذيب كان كفيلاً وحده أن يجعلها تنتفض بتوحش تتشنج كمن أصابه مس من الجان أو نوبة صرع ليس منها علاج ...لا هي لم تسمع صراخ ممدوح ، لم ترى اعتدائه المتوحش عليه فاك اسرها آمره بالابتعاد....
هي لم ترى أبعد من رفع بلوزتها بآلية تسحب من حول خصرها سكين صدئ...سلاح تدسه منذ أعوام ولا يفارقها ملطخ بدماء الانتقام ..انتقامها هي بيديها...لا هي لم تشعر بشيء لم ترى صراخ تميم ، لم تسمع دفاع ممدوح ولم تشعر بكفيها الاثنان اللذان حاوطا سكينها وارتفعا لأعلى مدى دابة إياه في منتصف صدر ..اشباح ماضيها ..." مت ،لماذا لم تمت...لما لم تسمع تحذيري بألا يعد طيفك يطاردني ..مت ولا تعد ..مت وسأفرق جثمانك لضواري الشوارع بنفسي.. متتتت وخذ كل الماضي البشع معك.."
توقف ممدوح مصدوماً مذهولاً عن مصارعته يتراجع للخلف محرره حيث أن تميم لم يكن أفضل حالاً منه وهو يحيط جرحه الغير عميق بتلقائية ..بينما يحدق فيها بثبات غريب وكأن الصدمة وحدها كانت كفيلة أن تحيطه ولا تجعله ينهار ..تراجع ممدوح يمسك ذراعي مرح ويسحبها للوراء معه بينما هي كانت مازلت تنتفض ، كل إنش فيها يتشنج كفيها مغطيتان بالدماء وقد بقت على صدره عقب ضربتها زمناً...
حتى رن السكين واقعاً أرضاً من بين يديها قاطعاً ذلك الصمت المدوي الذي حل عليهم...وكانت هي أول المتخذين رد فعل وهي تنحني ساندة يديها على ركبتيها تسعل بعنف تلتقط أنفاسها بصعوبة وكأنها كانت غارقة وسط دوامات البحر العاتي ..وها هي تعود لتطفو على السطح في محاولة بائسة لاستجداء الحياة ...
" مرح ، بهدوء ..التقطي أنفاسكِ بهدوء "
كانت ماتزال تسعل بعنف تستنشق الهواء بفمها بتوسل وكأنها لم تفق بعد من جنون لقاء أبشع ذكريات ماضيها المؤلم ...
وعندما تكلم تميم أخيراً كان صوته يجمد الدماء بالعروق وكأنها لم تصيبه في مقتله بكل غل قاصدة اغتياله لتوها " دير .. ام مرح...ام لورين الطبيبة ..من أنتِ...أجيبي ؟ "
مستمرة في معاناتها مصدوم ممدوح وعاجز وهو يحاول ربط الخيوط ببعضها فيفشل تماما عدا عن اليقين بأن الاثنان يعرفان بعضهما ، معرفة أكثر من وثيقة ، بل هي معرفة ثأر ..لا يحله إلا دماء من أمامه ...
اكمل تميم بنفس الظلمة" لا أحتاج لإجابة ، سكينكِ التي عادت تنغرس بداخلي من جديد تشرح كل شيء...ولكن كيف يا مجهولة الاسم والنسب؟!"
عندما عدلها ممدوح أخذها مجدداً برفق على صدره كانت تلهث بطريقة دامية صدرها يعلو ويرتفع بانفعال ، مشاعرها المحترقة تتكدس وهى تنظر إليه بشعورين لا غيرهما الرعب الكامل والحقد الدفين....
يدي تميم الغارقة باللون الأحمر كانت تضغط على جرحه يكتم تأوه عظيم ، قميصه الأبيض غرق في دمائه حتى وصل لأعلى بنطاله ..إلا أنه صرخ في ممدوح بتوحش " أبعد يديك عنها...."
زاد لهاث مرح وهى تنكمش تلقائياً ودون وعي داخل ممدوح حتى همست أخيراً بلا تفكير" لا يحق لغيره لمسي"
ضاقت عينا تميم قليلاً قبل أن تتسع لأخرهم بنظرة مجنونة وداخله ينتفض بشراسة وهو يصرخ فيها كمن ينوى الفتك بها" ما الذي تقولينه...احذري إذ أني أنا من سأشرف على تقطيعكِ الآن دون أن تأخذني بكِ شفقة"
ذعرت أكثر وهى ترفع وجهها نحو ممدوح بضعف متوسل تطالب بالحماية وهى التي لم يلمح فيها مطلقاً لا ضعف ولا توسل ..كما أكد كل فرد من عائلتها ..دفعها ممدوح وراء ظهره ، مواجهاً تميم وهو يقول بهدوء لا يناسب عنف الموقف " ألهذا أصررت بطريقة مكشوفة أن اصطحب زوجتي معي ؟"
الإجرام في عيني تميم كان قصة أخرى الآن وهو يردد" زوجتك؟!"
لم تهتز ملامح ممدوح وهو يقول ببرود" هل تملك سلطة ما ، لتعترض على اختياري لامرأتي؟"
هدر تميم بقوة مفزعة جفلت لها المنتفضة خلفه ويبدو أنها انفصلت بالأصل عن ما يحدث وهى تمسك في قماش معطفه تلويه بين أصابعها بتشدد" لا يمكنها ...أملك سلطة عليها لأخبرك أنها تعجز عن الزواج بك أو بغيرك"
قال ممدوح بقوة " لقد انتهيت من ذلك الفخ القذر ، لن أتجادل معك وأنت مصاب تفقد دمائك ، كما عقلك..."
" أيها البائس ..تتحدث عن الفخوخ ، الآن فهمت لماذا أتيت خصيصاً لتدور حولي ..هل كانت ترسلك للتأكد من نسيان ضحيتها لها ؟!"
" ماما ....." وكأن صوت أمل التي تنقل نظراتها بينهم بخوف من ملامح تميم الإجرامية وجسده الدامي ..أخرجتها قليلاً فقط من الدوامة التي ابتلعتها عندما قفزت نحوها تخطفها من يد ميرا ثم دفنت وجه الفتاة كاملاً على صدرها وهو تهمس" ماما هنا، لا تخافي ، ستحميكِ من الوحوش ، من الخائنين الأنجاس معدومي الرحمة قتلة الأطفال..."
"أبنة؟!" بهتت كلا ملامح تميم وهو يتأمل الطفلة بين ذراعيها بشعور لا يفسر....
بينما خبط ممدوح وجهه بكلا كفيه بعنف وهو يلاحظ تراجع ميرا الذاعر وانتفاض ابنته بين يدى خالتها هدر محذراً " توقفي وخذي ابنتي وغادري من هنا "
ثم أشار بحركة قاطعة وهو يتوجه نحو ميرا ، يلامس الفتاة في حركة جديدة كلياً عليه يحاوط وجنتها وهو يقول برفق" لا تخافي ، الرجل جرح من غصن أحد الأشجار، وخالتكِ لورين يصيبها الذعر من منظر الدماء "
عبست ميرا في وجهه غير فاهمة ما علاقة لورين بالأمر ..ولكن ضغط ممدوح على وجهها بخفة معتمداً على وعيها أن لا تتفوه بتسأل عن سر ادعائه ..، جعلها تصمت وهى تقول" لا مشكلة سأعود لوالداتي "
سمح لها وهو يقول " سنتحدث أنا وأنت في المنزل ، لا تخبري أحد بما رأيت "
أومأت من جديد داعية إياه للثقة فيها قبل أن تفر من هذا الموقف المزرى...
وعندما عاد ممدوح أدراجه كان يلمح اقترب تميم من مرح المتسمرة في أرضها وكأنها زُرعت هناك كشجرة صماء....
" أبتعد من فضلك سيد تميم لا داعي لتحمل جُرح آخر ، خاصة في وجود الصغيرة..."
والصدمة كانت أقوى من تميم موحلة لروحه مظلمة لرجولته...
مدوية حد أنه عجز عن التصرف ...إلا من قوله القاتل لكبريائه " ماذا تنتظر خذها من هنا وارحل حالاً"
قال ممدوح وهو ينظر لجرحه" ألا تحتاج مساعدة؟"
كاد يضحك.. يضحك بقوة ساخراً من اهتمام غريمه!
إلا أنه قال وهو يحدق في وجهها الذي تدارى في كتفه ، فقط عينيها المستترة تراقبه من خلف حجاب بانطفاء "خذها وارحل ، قبل أن يراها أحد ويعرف أنها السبب فيما حدث لي ويثير التساؤلات ..والإجابة صدقني لا أنا ولا أنت سنتحمل بشاعة اعترافها "
اشتعلت عينا ممدوح بنار سوداء وهو يمنحه نظرة أخيرة ثم استدار يمسك مرح من مرفقها ويقودها أخيراً للخارج ...
تاركاً تميم يحدق في أثرها ...باصم بداخله طعماً صدئ لا يُمحى بسهولة وهو من حاول بكل السبل هزمه واليأس منها لستة أعوام كاملة وفشل....
فور اختفائها كان يسمح لجسده بالانهيار راكعا على الأرض مخرجاً هاتفه برتابة ليطلب أحد رجاله أن يقدُم إليه...فهو مؤكد لن يطب عون أحد افراد عائلة الراوي ويخبرهم أنه ضرب ثقتهم في عرض الحائط واستعمل دعواتهم لغرضٍ شخصي ..أمراً ملح ليته ما طارده ..ليته ما داعب أحلامه ..وليته لم يذهب لذلك المكان في ليلة ثلجية عاصفة ويقع في اسر غزال شارد قيده بسلسال الذنب والإثم...إثم العشق الذي ليس منه توبة أو علاج رغم كل محاولته للنسيان والتعايش بأنها كانت مجرد حلم غادر ...
عندما أكد رجله قدومه عبر برهة ترك تميم لوجهه حرية التعبير يرفع وجهه نحو السماء متشبث بالقوة بالوجه الخادع ، بدور اتخذه باختياره ..وطال وجهه المتولي شطر السماء ..طال وأمتد حتى أفرج على تأوه مختنق من بين أسنانه ..تأوه خرج مصاحباً لضحكة متقطعة يتخللها لهاث ألمه وهو يتهكم من نفسه " طاردك اعدائك بالداخل والخارج ، ورُصد على رأسك مبلغ خيالي من الجهتين إن اثبت زيف انتمائك ، لاهث ورائك اعدائك دون أن يقدر أحدهم على المساس بك...وها أنت تفترش الأرض ضعيفاً جريحاً وعاجز حتى عن نزع ما هو لك ، عن تطير رأسها ... ها أنت أخيراً تنول منك غزالتك الشاردة ...نعم لقد نالت منه بكل السبل ظفرت بدمائه واشلائه " الدير الامريكية "
صمت مرة أخرى وهو ينظر السماء وكأنه ينتظر معجزة ما رحمة تهدى روع نفسه وتمحو كل ما كان ...قبل أن يُطلق ضحكة خشنة أخرى وهو يهمس " بل غزالة فلسطينية أباً عن جد مازلت تحمل بداخلها أصولها التي لم تلوث بقلب الحقائق....من سخرية القدر أن تدور وتقع في فتاة عربية ...غزالة جبارة...الآن كل شيء بات منطقياً وفى مكانه الصحيح تماماً ..هذا الجبروت ليس بغريب ،هذا التوحش في الهجر ليس بعجيب ..إذ أنه لطالما همس لنفسه أن نسائهم جبابرة بما ينافس رجالهم بكثير...الدير ليس بدير.. بل قاهرة من دمائك...
.................................
عندما اعتدل ممدوح عن وضع ابنته في مقعدها المخصص بالخلف كان يدور ليحتل مقعده دون أن تتنازل عينيه عن مراقبة مرح التي كانت مازلت في حالة من السكون العجيب ،مضارب لوجها الذي ترتعش كل عضلة فيه وكأنها أحد المجاذيب....
جلس بجانبها وظل ينظر من خلال زجاج السيارة بملامح قاتمة...محاولاً أن يحل تلك المعادلة ، يحلل كل كلمة قالها تميم وما الذي قصده بها ؟ ما الذي يعنيه قوله الصريح بأنها "لا تستطيع الزواج من أي رجل ؟! ما الذي تخفيه مرح خلف قناعها الحجري والوقاحة؟!
"كان يجب أن أمزقه وقتها ...لماذا كنت من الغباء أن أتركه خلفي ؟!"
التفت ممدوح نحوها يُدقق في عينيها الملونة والتي اختفى البريق منها ليحل مكانه لون الوحل!

هل كان يتفاخر لنفسه بأنه يستطيع فك شفرة أي عينين ،بأن نقطة ضعف وقوة الشخص عيناه التي بطبيعتها مرآة للروح البشرية؟!
حسناً ها هو يعترف أنه محض هراء إذ أنه يعجز الآن عن فك أية شفرة من رسائل مرح التي تتدفق....
سأل بهدوء كمن يتحدث مع شخص فقد عقله وهو يراقبها تمسح الدماء من فوق هذا السكين الذي أصرت أن تلتقطه وتأخذه معها...جففته في ملابسها الفاخرة برتابة ثم دسته مرة أخرى مكانه وهى تسمعه " من هو.. ولماذا تريدين قتله؟"
معمية في حالتها تلك مهتزة في نبرة صوتها كانت تهمس بغير ترابط" ماضي، خذلان ...أحد خناجرهم التي ذبحتني "

عندما رفع يده يمسك مرفقها ،لم تنفره ولم تخاف منه ،لم تحاول الابتعاد كما عادتها .. أما هو فقد بات بداخله شعور يتعاظم نحوها إحساس جديد يتذوقه ، يلاحق تفسيره ، هل هذا ما يسمى شعور الحماية نحو " أخت تخصك...شعور يحرق ويدفعك لرغبة مؤلمة لاحتوائها ، للقتل في سبيلها إن اقترب منها شخص يرغب في أذيتها ؟!
قال ممدوح بصوتٍ أجش" اخبريني وأنا سآتي لكِ بحقكِ منه "
رفعت وجهها الشاحب الفاقد لكل ألوانه نحوه وهى تقول بذهول" ما سرقه مني لن يعود...وما أخذته أنا منه لن يسدد دينه أي ثمن أبداً"
توتر ممدوح للغاية ، والخوف يقتحمه غير راحمه مع شعور يكبر بداخله ممتزج مع ماضيه الموحش رابطه بضحيته هو شخصياً ..ضغط على ساعدها أكثر جابرها لأن تنظر إليه ربما يستعيدها من تلك الحالة المرضية التي فقدت كل ركائزها فيها وهو يقول بصرامة " ما الذي يعنيه هذا تحدثي ..من أين تعرفين هذا الرجل ؟"
رفعت عينيها المبتأستين تحدق فيه بنظرة مؤلمة تجمد الدماء في العروق من شدة معانيها ثم همست باهتزاز " خدعة ..هو مجرد خدعة أخرى وكأن ما رأيناه لم يكن كافياً...هو ....هو...لا أعرف...لا أعرف...لا تسأل ، لا تتدخل فقط امحيه ،ساعدني أن امحو رؤيته لا أريد التذكر فقط النسيان ، أرجوك .أرجوك إن تذكرت سأمحي.... سأقتل نفسي "
عندما مد يده بلهفة جاذباً رأسها على كتفه وهو يربت برفق على رأسها محاولاً أن يمنعها من نوبة ذعر أخرى كان ممدوح يتساءل مصدوماً من نفسه ..ما الذي يفعله ،منذ متى يهتم ، منذ متى يتغلب على خوفه الخاص ويتجرأ لأن يلامس أنثى حتى وإن كان فعله بمشاعر أخوية بحتة..." ما الذي جلبتيه علىّ يا لورين ....وإلى أين سينتهي طريقي معكن....هل آمل حقاً أن أكون عون لشقيقتكِ جاعلها تتخطى ما يحدث؟!"
...ولكن ليساعد يجب أن يفهم...وليفهم لابد أن يعيد مرح لسابق عهدها.... لشخصيتها المخادعة التي اختبأت خلفها مجرد طفلة مذعورة !! .......وهو الذي يتبارى مع والدة طفلته من فيهم ماضيه أسوء ...إذاً فلتاتي الجاحدة لتعرف أن مهما بلغ عظم جراحها هناك من يحمل ثقوب مجبر للتعايش معها ... وماضي أشنع !

كانت مرح مازلت تهذي بكلمات غير مفهومة مرددة من بينهم ندماً حارقاً "ليتني ما آتيت....ليتني لم أغادر دار أيوب ...."
مازلت يده تربت على رأسها شاعراً بأمل التي حلت حزام مقعدها وقدمت تمسد عليها أيضاً هامسة بجانب أذنها بأسف تراضيها ، معتقدة أنها ربما سبب حزنها ، ..بينما هو يراقب كلتاهما كان يهمس لنفسه دون صوت " أما أنا فشاكر قدومي لرؤيتها بحلة جديدة ..حررتني من هوس لقياها...مقراً بهزيمتي أخيراً ومحافظاً على وعدي بعدم الاقتراب من امرأة القصر المرصود...ربما سأتعلم العيش مع إثمها ..إلا أني لن أحطم عالمها من جديد أبداً.
.................................................. ............


يتبع فى المشاركة التالية
:7r_001::7r_001::7r_001::7r_001:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 06:38 PM   #5883

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الجزء الثالث من الفصل الخامس والاربعون المشاركة "(3)



عندما اغلق إيهاب الباب خلفه ملتزماً بالصمت..كانت هي مازالت تشذب وتهرتل بجمل كثيرة..تشرع أسلحتها متخذه طريق ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم..الا انه كان يتشبث بوجهه الخشن رافضاً ان ينجر لتلويها المعتاد وقلب الحقائق كما يحدث في شجاراتهم الصغيرة العادية التي قد تحدث بين اى زوجين..عالماً ان هدفها واحد..تهاجم ثم تنتحب وبعدها تأخذ طريق الضعف والدموع جابره إياه ان يكتم في قلبه ويغفر لها..متسامحاً مع اخطائها...
"أنا احدثك،اجبنى"
صرخت في وجهه بانفعال ولكنه لم يقابلها الا بقوله الصارم"اخرسى،وحاولى ان تكونى مهذبة لمرة واحده"
شحب وجه مريم وهى تشير نحو صدرها ثم قالت بغضب"هل أنا قليلة ادب يا إيهاب؟!"
لم يمنحها رد أيضاً وهو ينظر اليها بتكهم كفيل بشرح وجهه نظره ثم امسك بيدى صغيريه اللذين ينقلان نظراتهما بينهما بقلق"إياس أريدك ان تأخذ اختك وتعتنى بها هذه الليلة من أجلى"
اومأ إياس وهو يسحب يد ليبرتا منه ملبياً طلب والداه..الا ان صغيرته توقفت امامه وهى تهمس بتوتر"لا تتشاجرا..مريم مجنونة جميعنا يعلم..."
غضبت مريم وكادت ان تصرخ في ابنتها..عندما نظر اليها بقسوة وهو يهدر"ان اقحمتيهما في ذنبك..صابةعليهما غضبك..سترين وجه لن يعجبك"
بُهِتَ وجه مريم وهى تفرك اصابعها في بعضهم باضطراب حتى همست أخيراً"ومنذ متى استخدمهم سلاح في أمورنا؟؟أنا فقط ارغب في تجهيزهم للنوم"
قال ببرود وهو يدفع صغيريه نحو غرفتهما"هما كبيران كفاية،ليبدلا ملابسهما وإياس كافى بأن يهتم باخته ونفسه لهذه الليلة"
امسك طفلها الحبيب بيدها وهو يقول"لا تخافى ماما..أنا معك"
انتظر إيهاب ان يختفى الصغيران من امامه قبل ان يقول بسخرية"رائع..ها نحن نهدم كل ما بنيناه بهما..وقسمنا طفلينا لحزبين بيننا..."
اشارت مريم برأسها وهى تبسط يديها قائلة"ومن السبب في هذه المهزلة يا ترى..زوجى يحاسبنى للحمل منه"
راقبت بقلق وجهه الذى لم تراه منذ زمن طويل متصلباً وقاسيا..ينفث ابخرة الغضب وهو يقول من بين اسنانه"لا تسخفى بالامر وتلبسيه ثوب زائف"
نظرت اليه بتشدق وهى تتحرك من امامه والجة لغرفتهما وهى تقول"اى امر؟ مخاوفك التي ليس لها معنى..هوسك المرضى الذى تريد ان تصبه فوق رأسى بأي طريقة ليمنعنا من العيش دون هموم أم رعبك من مستقبل ربما لن يأتي ابداً"
دخل إيهاب وراءها وهو يصفق الباب خلفه بعنف جعلها تقفز من مكانها مجفله وهدر فيها"هل تعتقدين ان الموت لن يزورنا ابداً..لن يحلق فوق رأسك ويتركك ارملة وانتِ في فورة شبابك..تاركاً خلفى ليس همك فقط ولكن طفلين واخر تظلميه..حاكمة عليه بأن يربى دون والد..."
استدارت نحوه في حركة مجذوبة وهى تندفع نحوه صارخة
"توقف..توقف لقد تعبت..تعبت من ترديد مخاوفك تعبت من كوابيس تهاجمنى...تعبت وأنا اثبت لك انى على قدر المسؤليه..ارهقت وأنا اقنعك بأن هواجسك ليس لها معنى...افهم يا رجل أنا احبك وانتَ على يقين بهذا..اى فرق عمر واى غباء يجعلك لا ترى حقيقة ارتباطنا ببعض"
إحساس لا يوصف كان يترك بداخله باليأس بالسخط منها وهو يقول بصوت بارد"هل ظننت ان هذا ما يحرك حنقى تجاهك؟ليس مثلا فقدان الامل فيكِ..القرف من افعالك الطفولية!!اى مسؤلية تلك وانتِ مازلتى كما انتِ هشه،حمقاء وكاذبة كبيرة..مخادعة؟"
اغرورقت عينا مريم بالدموع وهى تقول بحرقة"أنا مخادعة"
رفع كفيه حول رأسه يحيطها بعنف وهو يهدر"كفي عن تريد كلامى..لن اسحبه ولن انجر لمحاولة التلاعب بىّ..انتِ مخادعة يا مريم،تتلاعبين بالاحمق مستغله عاطفته الجارفة نحوك..معتقدة انى عروس بين يديكِ تحركيها وفقا لاهوائك"
تشنجت وهى تستطيل على قدميها مقربة وجهها من وجه وهى تقول بحرقة"أنا اردت طفل اخر منكَ..طفل يعوضنى عن احساسى بصغيرى بالسابق وقد اعدمته بسببك..رغبت في هذا الطفل بكل كيانى وسعيت للحمل فيه لاخبرك ان الحياة يجب ان تستمر..يجب عليك ان تتخلى عن مخاوفك المرضية التي لم يعد لها معنى"
مد إيهاب وجهه حتى اصبح على بعد نفس واحد من ملامحها ثم قال بظلمة"بل اردتيه لانك أنانية..لا تفكرى الا في مشاعرك انتِ...ما تحلمى به انتِ..رافضه التصديق ان الحياة ليست بتلك الوردية التي تصرى على العيش فيها"
فتحت فمها وهى تقول باسنان مصطكه"لا..هذا افتراء..بل اردت اخبارك انى محاربة بالفطرة..بانى سنداقوياً ستقاتل من اجلك ومن اجل ان يبقى هذا المنزل يحمل بين طياته الحب..والحنان،والعوض لكلينا..."
صمتت تبتلع ريقها امام وجهه الجامد الخالى من التاثر ثم قالت وهى تضع كلا يديها على صدره..قاصده لمس علامة حادثته التي لم تمح من هناك..وهى تهمس بصوت خالطه البكاء"الا استحق..ان أعيش في تلك الوردية...الست جدير أنتَ بها بعد كل ما قاسيته؟؟"
لم يرد ايضاً ولحسن الحظ لم يدفعها بل ظل واجماً ينظر اليها بنفس خلو المشاعر وهى تقول بعينين مهتزه"لقد دفعنا الثمن مسبقاً..لا حياة بدون عثرات..دون كفاح.. وأنا وأنتَ سددنا هذا الدين للحياة باكراً جداً..لذا لما لا اطمع بأن أحيا دون مخاوف؟"
اغمض إيهاب عينيه وفكه يتصلب قبل ان يقول"من تخدعين،أنا ام انتِ..ربما تغيرتى،تحسنت وتقبلتى كيانك..وجدت لكِ رغم انفك وجحودك أسرة واخ يحبونك وتبادلينهم المشاعر..الا انك مازلت طفلتى الضعيفة"
تصاعد غضبها من جديد وهى تتراجع خطوة بعيداً عنه تصرخ بعصبيه"أنا لست ضعيفه،بل اخترت ان اعيشك في هذا الشعور ابداً نحوى..ان لا احرمك من احساسك بتفوقك علىّ بالاهتمام بكل تفصيله في حياتى"
صمت مرة أخرى وهى تتنفس في وجهه بعنف ثم أكملت من بين اسنانها"انت تنسى وجهى الاخر يا إيهاب..وجه شرس حتى انت لم تسلم منه بالماضى...."
عقد إيهاب يديه خلف ظهره وهو يقول بقرف"انتِ تخدعى نفسك"
حركت عنقها بتصلب وهى تتنفس بسخط وقالت بوقاحة "أنتَ الذى اخترت ان تحشرني في زاوية الجاهلة..هل تعتقد انى غافلة حتى عن هوسك الجسدى بىّ؟"
هدر فيها بصوت جهورى يجمد الدماء في العروق"احترمى نفسك"
الا انها لم تخاف عندما عادت تندفع اليه كالطلقة تمسك بطرفى معطفه تجذبه نحوها بعنف وهى تقول من بين اسنانه مؤكدة كلمة كلمة "أناوحدى من تفهمك..وحدى من كشفت رجلك الشغوف...ورغم كل هذا الا انى اعلم انك لست مهووساً بهذا الجانب..ولكنك مع تزايد كل عام من عمرك تزيد من مطالبتك بى...من الاحمق الان..من الغبي الذى تناسى ان الصغيرة تعشقه منذ ان حملها بين ذراعيه لفافة ورديه؟من فينا الذى يظلم الطرف الاخر الان..ناسيا ان ما يجمع بيننا شيء اعمق..شعور جارف امتلاك بحت..مودة ورحمة وتفاهم وعدتنى بهم"
تجمد وجهه وقست عيناه الرماديتين بسحب محملة بامطار حمضية مهدده وهو يقول"كلمة أخرى زيادة..ولن اراعى انك مريم"
سخرت باهتزاز شاحب"ماذا؟!هل ستضربنى؟"
قال بصوت خفيض مرعب"ليست طريقتى..ولكنك تعلمين ان لدى طرق عقاب أخرى لن يحتملها دلالك"
اخفضت مريم وجهها وهى تبسط يديها الممسكه به فوق صدره وهى تقول بحرقة"لماذا تفعل هذا بنا؟لما لا تمنحنى حلمى و تسعد بالصغير تحملنى هاتفا ببهجتك كما تخيلت مرة..هل تذكر"
مد إيهاب يده يرفع وجهها اليه..ظنت انه قد يكون رق نحوها الا انها صدمت من كم الغضب الذى يزيد دون رادع...عندما قال"اخبرتك انى لا اريد مزيد من القلق..بمن اتركهم خلفى..حذرتك انى غير مستعد لاوجه مخاوفى من جديد وانت ماذا فعلت؟؟التفتِ من وراء ظهرى نازعه تلك الوسيلة..ثم عدت لنفس الأكاذيب..نفس الخداع..تبكين وتشكين عنفا ورفضاً منىّ..وأنا بالاصل جاهلا بما يكبر بين احشائك..هل انت مقهورة لاحساس شبيه بالماضى؟وماذا عنىّ؟ما الذى تعتقدى انه يدور في خلدى الان؟"
افرجت شفتيها عن تاوه مختنق وهى تنظر اليه باستعطاف..الا انه لم يفعل عندما سقط باصبعه على ذقنها مسببا لها اجافل من الألم وهو يقول بجمود"نفس دور الجاهل الظالم...نفس المعأناة والصراع بين الاحتفاظ بأبنى ..وبين عدم الغفران لك ابداً..أغاضبة انتِ من حرمانك من السعادة بحملك..وماذا عن شعورى أنا الذى حرمتنى منه مرتين..ماذا عن سوء تصرفك وانت تعيدى كَرَّة هروبك..وانتِ تهدرى حقى وتنتقمى منىّ بقتلك حلماً ظننته مستحيلا"
امسكت ساعديه وعينيها تزرف مزيد من الدموع وهى تقول بصوت اجش"ظننت ان الماضى نسى"
رحمها من ضغطه عليها وهو يغلق عينيه متجنبا النظر اليها ثم قال"الماضى لا ينتهى ان كنت تتشبثى في ذيوله بكل غباء"
جفلت وهى تقول بحرقة لمس الصدق فيها"لا اتشبث بشئ..فقط اردت طفل يا إيهاب..الشعور بجنين ينبض بين احشائى من جديد غلب كل تعقلى،تفوق على اصرارى على ارضائك..الامر كان اكبر من ان اقاومه..هذا حقى لماذا تريد حرمانى منه"
حررها وهو يبتعد عنها خطوة ثم قال بوجوم"وماذا عن حقى أنا..أين مرعاة مشاعرى اليس جرماً ان تفرضى علىّ ما لا اريده"
اختنقت مريم بدموعها وقد تخلت عن درع القوة راغبه في مراضاته في افهامه"لقد وعدتنى بتحقيقي اى حلم لىّ..بتلبيت كل رغباتى"
ارتفع حاجب إيهاب وهوينظر اليها بعدم تصديق ثم قال"هل انتِ معتوه،اى رغبة وحماقة تلك هل هو شيء عرضى ام نزوة من نزواتك ستنتهى بعد حين؟انه طفل..انسان سنتحمل كلينا ذنبها ان لم نحسن تربيته ومنحه حقوقه...طفل اخر ان لم نكن مؤهلين له مستعدين لوجوده..فعدم جلبه للعالم افضل"

شهقت مريم غاصة بدموعها من جديد وهى تحيط بطنها المحدبة بكلا يديها في حماية امومية ثم قالت بخشونة"وها هو اصبح واقعاً..فماذا ستفعل الان؟هل نعود بالزمن مثلاً وتمنع نفسك عنىّ"
كور إيهاب يديه بعنف مانعا نفسه بمعجزة من تحطيم فمها اللاذع..ثم هتف بقسوة"تباً لك،لقد كرهتك الليلةكما لم افعل أبداً"
تراجعت مريم للوراء بعنف وهى تطلق شهقة استنكار عالية تحدق فيه بذهول فتحت مريم فمها بعجز..ولكنه عاد يقول بصرامة
"اياك وان تردديها"
معمية بالدموع التي غشت عينيها في بكاء حقيقي متألمه من تلك الكلمة التي تثق انه لا يعنيها كانت تقول بجفاف"على عكسك..أنا اتفهم مخاوفك،اشعر بكل اسبابك..ولكنى لم اكرهك للحظة حتى في عز سخطى عليك..اذ انى ببساطة تعلمت درسك..ووضعت امرى ومستقبلي واولادى بين يدى الله"
وجم إيهاب وهو يقول بصوت عميق"لم تتعلمى بالنهاية..نفس العمى..تكررى حماقة رد الفعل..لا يا مريم لم تفقهى شيء وابسط الأدلة بدل وقوفك في وجهى تتبجحى وتسخرى من هواجسى..كنت اعترفت بذنبك ندمت وأنتِ تتمنى اشراكى في مؤامرتك"
اومأت وهى ترفع له عينيها العسليتين المفجوعتين بالالم ثم قالت"لن اندم على رغبتى في المزيد منك..ولا مطلقا لن أتمنى رجوع الزمان واخذ رأيك..لانك لن تسمح لى ابداً..اما عن هواجسك فأنا أجبتك بانك روحى..أنا أنتَ هل تذكر..دونك سأعجز عن التقاط انفاسى..احبك اريدك ارغبك وان كان عمرك مئة سنة"
اقتربت من جديد نحوه تدب على قلبه بوحشية وهى تقول بقهر"أنتَ تعرف انك لست رجلى الوحيد فقط..بل كل معانى العلاقات الإنسانية..ربما ظهر لىّ عائلة مرحبة رائعه..الا ان ابداً لن يقدر احدهم على خدش احد ادوارك في حياتى"
اطلق ضحكة جافة وهو يسخر"حقاً...وماذا عن دور الغافل"
رفعت وجهها وهى تقول بتهكم منتقم"اه وهذا ايضاً ستظل تتفرد فيه وحدك..لن اجد افضل منك للتلاعب به"
تصلب كل جزء منه بسخط ساحق قبل ان يجبر نفسه للابتعاد وهو يقول"انتهينا..مبارك عليكِ اذاً ظفرك هذا..أنا ساغادر"
نهبت مريم الخطوتين وراءه وهى تمسك بذراعه بذعر تصرخ فيه"اياك..لا تفعل ارجوك لا تتركنى لا تكرر ما فعلته بالماضى..ارجوك إيهاب لن اتحمل تخيل مكروه اخر يصيبك"

استدار من فوق كتفه غير متخليا عن الرغبة في منحها درس عمرها حتى تكف عن الاعتماد على ضعفه نحوها لترتكب مزيد من الأخطاء ثم تحلها بالتدلل..لقد حان وقت نضجها كاملا..
قال بالنهاية بصقيع"لا تخافى دلوعتى هذه المرة لن تصطحبنى دعواتك بموتى..ام انك ستفعلى"
نظرت اليه ببؤس متضرعة قبل ان تقول دون تفكير"وماذا ان دعوت على نفسى وابنائى؟ماذا لو خرجت أنا من هذا المنزل وفقدتنا مرة واحده..ماذا لو سرب الغاز وعدت لتجدنا جثث هامدة في فراشنا...هل تضمن انتَ ان ساعتنا ليست قبل ساعتك بكثير..."
احس بقلبه يخفق بقوة وكأنها تنزعه من بين اضلعة وتسحقه بوحشية تحت قدميها..وبكل الهواء يختفى من محيطه..لا هو يعجز اصلاً عن مجرد التخيل وليس الافتراض الذى تلوح به تلك الغبية "اخرسى..اخرسى..اليس لقسوتك من نهاية"
أشارت مريم نحو الباب باصبع مرتعش وهى تقول بخشونة مهددة"ان تحركت وتركتنى يا إيهاب..ستعود ولن تجد احداً فينا...هل يغضبك تذكر هروبى من قبل..حسناً أنا مازلت نفس الطفلة التي على استعداد لتكرارها من جديد"
ظل يحدق فيها بنفس الظلمة والقسوة قبل ان يقول"اخبطى راسك في الجدار"
ودون كلمة أخرى كان يتحرك مغادراً صافعا الباب المسكين الذى تلقى نوبة اعتدائه بدلا عنها...."
ظلت مريم ترمق خلفه بحرقة قبل ان يشتعل جنونها وهى تتوجه نحو غرفة صغيريها مقرره انها ستنتقم منه حقاً..مصيبه إياه بنوبة ذعر حقيقية..ستختفى يوم او اثنان لدى بيت خالد وبعدها قد تظفر برحمته...
يجب ان يعلم انها لن تطلق تهديدا فارغا..وفور ان ألبست صغيريها المتعبين الناعسين،معترضين على تصرفها العشوائى...
كانت تتمرد اكثر طالبة حارس المنزل الذى يعيش واسرته في بيت منعزل بالحديقة ان يصعد هو واحد بناته ليحملا حقيبتها والصغيرين..
الا انه بعد برهة كان من يجيب على هاتف البوابة نفساًخشناً هادراً
"(انخمدى) يا مدللة واتقى شرى..بدلا ان اصعد اليك وامنحك صفعة كنتِ تحتاجيها منىّ منذ ان كان عمرك عامين...هل ظننت انى ساغادرك حقاً يا صغيرة"
اطلقت مريم ظفرة طويلة وهى تترك لجسدها حرية الانهزام جالسة على الأرض بين سريرى صغيريها وهى تمسك الهاتف بتشدد"ان كنت تركت المنزل فعلاً.. ما كنت اسامحك ابداً"
"نامى"لم يرد بغيرها..
همست هي"أنا اسفة..أحبك"
زفر إيهاب نفسا متعب مفكرا انه كاد ان يغادر بالفعل قبل ان يجد نفسه عاجزاً عن تركها خلفه بعد شجارهماووجد نفسه بدلا من العودة او الانصراف يشارك حارس المنزل مقعده باستسلام...همس أخيراً
"الحب لم يكن مشكلتنا يوماً يا ناعمة"
..............................................

في نفس اللحظة السوداء على احدهم..كان هناك ثنائى اخر
يخطوان اخيراً عائدين لباب النعيم الذى اشتاقت روحهما للتوحد فيه....
كان يحيط بخصرها بتشدد محاولا تفهم حالة الارتباك والخجل التي تحيطها..عندما سحبها من بين العائلتين نحو اتجاه المصعد....

وصلا لجناح"شهر العسل"الذى اهداه إياه راشد الراوى في وقت سابق من الحفل..وفتح الباب امامها وهو يقول مغازلاً بصبيانيه ذكرتها بأول ليلة لها معه في الماضى"هل احملك يا عروس"
قالت هناء بفظاظة علها تدارى توترها"لا..املك قدمين يعملان جيداً"
امتعض جوشوا وهو يرمقها بحنق وهو يهتف"مفسدة للحظات الرومانسية"
سخرت وهى تجول ببصرها مقيمة الغرفة الفاخرة والمزينة لعروسين حقاً"وانتَ مازلت تعتقد انك مجرد صبى يتزوج لأول مرة"
اقترب يحيط خصرها بذراعه شاددا ظهرها نحو صدره وهو يقول بخبث"دعينا من تلويحك بضعف امكانياتى..اذ بعد قليل ساثبت لكِ بالتجربة انى اصغر من ابنك الاحمق"
توردت وهى تحاول الابتعاد عنه ثم تمتمت"طوال عمرك منحرف"
قال بتهكم"اى انحراف يا امرأة وقد وضعتنى على الرف لاكثر من ثلاثة عشر عام"
اسرعت تقول بإقتضاب"تستحق ان تبقى لاخر العمر معاقب على افعالك الجنونية"
حررها جوشوا وهو يخلع جاكته ملقيها على ظهر احد المقاعد ثم شرع في طى كمى قميصه وهو يقول بهدوء"اعتبر نفسى طاهراً..منذ اعتناقى الإسلام بكامل اقتناع وبارادتى الحرة..اى ان كل افعالى..محيت ولا تعيش الا في عقلك الاحمق كإبنك"
رمقته شذراً وهى تتحرك نحو الطاولة التي وضعت عليها اوانى الطعام المغطى وهى تقول"حسناً يا طاهر...هل يمكننا الانصراف فانت لم تأخذ برأيي لقضاء الليلة هنا..كما انى اريد ان أكون جانب شيماء هذه الليلة"
كان جوش يتوجه نحو حمام الغرفة متغلبا على مشاعره الفائره بمعجزة...ولكنه يرغب في بداية صحيحة معها...بداية شرعية مباركه عكس ليلته الأولى معها التي بالطبع تجنب فيها ان يقيم صلاة هي من طلبتها..ولكنه تحجج بشغفه بها متهربا من الامر....
اغلق جفنيه مصراً ان يتجنب تلك الذكريات الآثمة ثم عاد يقول بتهكم"اتركى طفلك ينضج..ويحسن التصرف مع زوجته...بالله عليك اى تخلف هذا تريدين حشر انفك في أموره الخاصة"
قالت هناء بسخط"والداتها اوصتنى عليها..ثم مؤكد لن اشاركهما الغرفة ولن اتدخل في شئونهما انما....."
قطعت الحديث وهى تدب على صدرها بعنف مطلقة صوت استنكارى وهى تمسك زجاجة شفافة بها سائل شفاف ايضاً..بأحد المحارم وصرخت فيه بجنون"ما هذا؟!!هل كنت تخدعنى؟"
تراجع جوش عائداً للغرفة وهو ينظر اليها بدهشة لدقيقة قبل ان يتوجه نحوها بنفاذ صبر يختطف تلك الزجاجة وهو يقول بحنق"اسمعى لقد احرقتى كل سفنك لديَّ...وتبدد صبرى..هل تتحججى يا نكد؟"
لم يهدأ انفعالها وهى تصرخ"لا تقلب الطاولة علىّ..ما هذا"
فتح جوش الزجاج ثم صب محتوها في احد الاكواب ودون تردد تجرع منها الكثير ثم وضع كليهما بعنف على الطاولة وهو يقول"صودا فرنسية..ولم اطلبها مؤكد الراوى أرسلها مع العشاء الذى لم اطلبه ايضاً"
بهتت ملامح هناء وهى تشعر بالذنب الا انها معذورة؟! اليس كذلك..ام انها بالفعل نكد؟!!!!!
مد اذنه نحو وجهها وهو يقول"لم اسمع اعتذار سيدة هابر"
تصنعت القوة وهى تقول"لن افعل فحذرى منكَ واجب"
اعتدل جوشوا وعاد لطريقه وهو يخبط كف على كف متحسبن عليها...
راقبته هناء يختفى خلف الباب قبل ان تريح ساقيها المرتعشتين..كأى خرقاء بكر تجد نفسها مع زوجها أخيراً في اول خلوة متمتمة"ما الذى ورطتى نفسك به يا هناء؟هل انت بالفعل قادرة على منحه ما يرغبه من جديد؟"
ظلت مكانها لدقائق يديها تتقبض على حروف الطاولة وكأنها تتشبث فيها من سقوط محقق..توتر..ترقب...وو اشتياق هادر لتنهل منه تلك المشاعر التي اذابتها..وادفئت انوثتها التي جمدت عبر أعوام.."رباه في ماذا افكر بالضبط..وكأنه ايقظ وحش بداخلى كنت اجهل وجوده من الأصل...وحش الوحدة والجوع لذراعي رجلاً يحبها يخلص لها وفيها..رجلاً لم يرى في الكون سواها..رجلاً بحق كان بيده ان يخون..ان يلجأ لغيرها ولكنه اختار عدم غدره بذكراها.....
رفعت هناء وجهها بحدة وكأنها تريد إخفاء مشاعرها عنه حين سمعته يعود ليحتل الغرفة بكيانه من جديد وهو يقول بهدوء"هل انتِ جاهزة للصلاة"
رددت مبهورة"صلاة؟!"
اقترب منها جوش بتهمل يحيطها برقة..يرفعها لتقف قبالته وهو يقول بصوت رخيم"هذه ليلتنا الأولى معاً..زوج حقيقي شرعى دون ذرة شك واحده من كلينا..لذا سنبدأها بطريقه صحيحة..وبعد ان أصلى بك انتِ ستمحين من عقلك كل ذكرى بشعة تطفوا على السطح مانعه اياك من نيل سعادتك"
............
عقب فراغه من الصلاة وقف كلاهما من جديد...نظر اليها بتلاعب مستمعا بارتباكها..بتورد وجنتيها..بتخبط احاسيسها وهشاشة انوثتها..اقترب منها بخطوات بطيئة فتراجعت وهى تقول في دفاع أخير عن النفس"أنا جائعة"
اومأ موافقها وهو يؤكد"وأنا أيضاً"
حاولت التهرب منه وهى تبتعد عن طريقه نحو الطعام"لنأكل اذاً"
قبض جوش على ذراعها يشدها نحوه بخشونة محيطها بتملك شفتيه تهبط على وجنتها يمسها ببطئ شديد بتمهل خطر وهو يهمس بخفوت"سدى رمق جوعي منكِ اولاً..وبعدها اعدك ان اطعمك بما يعوضك لثلاث وعشرون عام"
تأوهت بيأس من نفسها قبله..من أنوثتها الجائعة بحق كما لوح..يديها قاومته بينما جسدها الناعم بين ذراعيه كان رقيقاً مستسلماً كما لم تتوقع في نفسها ابداً"جوش..ارجوك "
كانت يديه تخلع تاجها ملقيه جانباً ثم يلحقه بحجابها وهو يدفن فمه في نحرها ممرراً قبلاته الصغيرة الساخنة وهو يهمس بصوت خفيض لم يزدها الا نارا ضارمة
"أنتِ اشتقت لىّ،لاستاذك..وزوجك الذى حُرِمتى منه..كما هو يكاد يفقد عقله من شدة اشواقه اليك"
ارجعت هناء راسها للوراء مغلقة العينين سامحه للمساته ان تجتاحها دون دروع ان يكتسحها دون مقاومة وهى تهمس بعقل مغيب من شدة الاحاسيس"حقاً"
أحاط جسدها بذراعيه وهو يرفعها قليلاً ليريحها على الفراش..يخلع قميصه بقلة صبر قبل ان يعود يحتويها كلها حريصا ان لا تفيق من غيمتهما الحالمة تلك..
انتفض جسده هادراً عندما بحثت هي بشفتيها الرقيقتين عن فمه..سامحه له بأن ينهل منها بطريقة وحشية تصاعدت دون القدرة له على التحكم فيها..كفيه يستغلان انشغالهما في تبادل قبلاتهما اللاهثة ليفتح حزام الفستان ثم ازراه بسهولة شديدة وقد اختاره لهذا الهدف تحديداً...رفعها مرة أخرى نحو انحنائه فوقها..مستمرا في تقبيله إياها تارة بخشونة وتارة بنعومة..مرات دقائق اخرى مطلقا لجنونه وشغفه حرية تملكها..بينما كفيه يخلصان ذراعيها من الثوب لتصبح اخيراً وبعد طول عذاب كما تمنى ان يراها من جديد.....
لمسة تتبعها لمسة وحركة يتبعها أخرى كانت تستلقى على الوسائد ببطئ متبعها بجذعة العارى..أنفاسه تشتعل بضراوة فوق كل انش منها...يغرقها بعاصفته يرويها بامطار شوقه..يمسك وجهها باصابعه سامحا لها أن ترى تدفق شغفه روعة عشقه ومعنى حبه. "أحبك.. يا مجذوبة"
وكأن اعترافه كان سوط يلسع قلبها..دون عنف يحييه دون خوف..يعيد تركيزها وهى تفتح جفنيها تحدق فيه تتأمله بنهم وشغف مماثل لشغفه..همست بطيء رغم وحشية تصاعد أنفاسها اللاهثة بصدرها "وكأن الأيام لم تبعد بيننا..مازلت اراك كما انت"
حرك جوش يديه على طول ذراعيها ثم يخفضها مداعبا برقة انما بحزم مواطن أنوثتها الخامدة راغبا في مزيد من نيرانها التي تمنى أن تطفئ حريقه الا أن النهل منها زاده أنشعال ثم همس فوق بشرتها"خطأ..رؤى العين ليس مهما.. وانما رؤى إحساس قلبينا ببعضهما..قلبى وقلبك هما الذان يبصران ان لا شيء تغير..ولا شيء سيتغير.. مازلتى صغيرتى التي اسرتنى"
دفئ كلماته..شغفه ولمسته..جعلها تذوب اكثر..تسلم كل حصونها دون قتال دون قلق مودعه دون ندم قهر احاسيسها التي تجمدت..بعيدا عن نيران الحبيب التي تبقيها مشتعله تضج بالانوثة والجمال.
"رؤى العين خداع..ورؤى القلب تتيم"همس من فوق بشرتها من جديد وهو يعود اكتساحها...
حاوطت هناء كتفيه بحلاوة وهى تمنحه كل ما يحتاجه منها..متقبله كل جشعه فيها.. ‏متوحدين مميزين وعاشقين تتعانق اروحهمافوق الجسدان الملتحمان مباركين وظافريين بانتصار حبهم أخيراً.. الذى محى كل الخوف والقلق...سد جوع النفس..ابتهل في محراب الغفران بالشكر..وخدعت نفس كليهما بالنهل دون حساب دون ضوابط..تاركين مر السنين ورائهم،..و روى كل منهما ظمئه من الاخر..غارقان في لحظة زمنية فارقه لا تقيدها اى عوائق..ومن قال ان الحب يبرد او ان الشغف يفتر بمرور السنين لا انه يشتعل..يزيد ضراوة وبهاء.
الصفاء الخالص هو ما كان يشعر جوش وهو يغلب كل مخاوف الحبيبة اخيراً مثبتاً لها بالفعل لا القول ان كل ثرثارتها عن السن مجرد اكذوبة كبيرة وخدعة فاسدة..جاعلها تلمس صبا كلاهما الذى يحيطه الغرام بتعويذة لن تنفك ابداً...ومن بين أهات حبه وشغفه همسه وتدليله فيها غزله الذى لم يتوقف كان يهمس من بين طارف شفتيه التى يداعب بها بشرة ما بين كافيها اخيراً بجدية مغيظة"هناء نسيت ان اخبرك..انى عدت بتولا ايضاً..اى انك من تملكين خبرة هنا وتغررين بى"
احمرت بقوة وهى تحدق في وجهه بذهول عاجزة عن الرد او التحرك فقط يديها تحيط ظهره كرد فعل لتعانقه بها ودفعها نحوه بقصد التناغم الحركى ..جاهلة التركيز مع مشاعره او قوله الاحمق ام صوت الست الذى لا تعلم متى صدح بصوتها الشجى المدله في دعوة عشق للحبيب ..مصاحبة لعنف لقائهما..وتعانقهم الذى يطل عليه نور القمر على استحياء من خلف باب الشرفة المتوارى متسللاعبر الستائر الحريرية التي تطير نحوهما بنعومة

يا حبيبي الليل وسماه ونجومه وقمره وسهره وإنت وأنا
يا حبيبي أنا يا حياتي أنا كلنا في الحب سوا
والهوى آه منه الهوىسهران الهوى
يسقينا الهنا ويقول بالهنايا حبيبي
يالله نعيش في عيون الليل ونقول للشمس تعالي بعد سنة
مش قبل سنةدي ليلة حب حلوه بألف ليلة وليلة
بكل العمر هو العمر إيه غير ليلة زي الليلة
إزاي أوصف لك يا حبيبي إزاي
قبل ما أحبك كنت إزاي كنت ولا امبارح فاكراه
ولا عندي بكره أستناه ولا حتى يومي عايشاه
خدتني بالحب في غمضة عين
وريتني حلاوة الأيام فينا لليل بعد ما كان غربة مليته أمان
والعمر اللي كان صحرا اصبح بستان
يا حبيبي يالله نعيش في عيون الليل
ونقول للشمس تعالي بعد سنة
مش قبل سنة دي ليلة حب حلوه بألف ليلة وليلة
بكل العمر هو العمر إيه غير ليلة زي الليلة
يا حبيبي إيه اجمل م الليل واتنين زينا عاشقين تايهين
ما احناش حاسين العمر ثواني والا سنين
حاسين اننا بنحب وبس
عايشين لليل والحب وبس
يا حبيبي الحب حياتنا وبيتنا وقوتنا
للناس دنيتهم واحنا لنا دنيتنا
وإن قالوا عن عشاقه بيدوبوا في نار أشواقه
أهي ناره دي جنتنا
الحب عمره ما جرح ولا عمر بستانه طرح غير الهنا وغير الفرح

أنتهى الفصل اخيراً 😁👀👀👀

وهاى هاى قراءة سعيدة 😌
:heeheeh:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 06:40 PM   #5884

سمسمه عبده

? العضوٌ??? » 470319
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » سمسمه عبده is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور منتظرين يااحلى نور

سمسمه عبده غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 06:59 PM   #5885

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 295 ( الأعضاء 69 والزوار 226)
‏اجزخنجية, ‏ImaneAlkoush, ‏Hend SAyed1, ‏بسمة هاشم, ‏imy88, ‏amiramostafa, ‏Samah Ali1, ‏Romareem, ‏قمر صفاء, ‏أنوار محمود, ‏ورد الحياة, ‏khaoulouta, ‏Nsro, ‏•Abeer•, ‏العجل يا صاحب الزمان, ‏maha saloum, ‏شيرين الخولي, ‏Hoba Nasry, ‏Princess rahom, ‏قطر الند, ‏دانه عبد, ‏sira sira, ‏د/منار منير, ‏besomahd, ‏رضا الرحمن غايتي, ‏wagiha, ‏Zozaaaaa, ‏ريمةمف, ‏fatma r, ‏مسك حسن, ‏Um-ali, ‏ولاءعبدالغني, ‏Rosyros, ‏عبير دندل, ‏Dina66, ‏nadjou, ‏سمسمه عبده, ‏فراقيعو, ‏د. منى خلوى, ‏aber alhya, ‏Äya, ‏housewife, ‏نجاه فاروق, ‏Diego Sando, ‏Nor BLack+, ‏Heckenrose, ‏ام عمر وريتاج, ‏رقيه95, ‏Omsama, ‏براءة م, ‏لمار القلوب, ‏راندا علي غانم, ‏alyaa elsaid, ‏أرق المشاعر, ‏هبة الله 4, ‏توتى على, ‏Ayaomar, ‏رودينة محمد, ‏Hoda.alhamwe, ‏Joud1, ‏ratiba selma, ‏نهي خربشه, ‏ورده المساء, ‏Gawish, ‏سوموا, ‏دودي الخليفي, ‏soso#123, ‏Ghada.j, ‏Rana saleh


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 07:13 PM   #5886

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 354 ( الأعضاء 82 والزوار 272)
‏اجزخنجية, ‏ريهام حمدى, ‏Marwa Gehad, ‏Heckenrose, ‏دانه عبد, ‏amana 98, ‏yasser9, ‏Angelin, ‏Äya, ‏hanamady, ‏Omsama, ‏basma asr, ‏فاطمة توتى, ‏Mays Alshami, ‏ولاء محم, ‏mariamsh94, ‏حنان حرب, ‏G4ga, ‏housewife, ‏فيزياء, ‏Atesbocegi, ‏هبة طه, ‏ImaneAlkoush, ‏Hend SAyed1, ‏بسمة هاشم, ‏imy88, ‏amiramostafa, ‏Samah Ali1, ‏Romareem, ‏قمر صفاء, ‏أنوار محمود, ‏ورد الحياة, ‏khaoulouta, ‏Nsro, ‏•Abeer•, ‏العجل يا صاحب الزمان, ‏maha saloum, ‏شيرين الخولي, ‏Hoba Nasry, ‏Princess rahom, ‏قطر الند, ‏sira sira, ‏د/منار منير, ‏besomahd, ‏رضا الرحمن غايتي, ‏wagiha, ‏Zozaaaaa, ‏ريمةمف, ‏fatma r, ‏مسك حسن, ‏Um-ali, ‏ولاءعبدالغني, ‏Rosyros, ‏عبير دندل, ‏Dina66, ‏nadjou, ‏سمسمه عبده, ‏فراقيعو, ‏د. منى خلوى, ‏aber alhya, ‏نجاه فاروق, ‏Diego Sando, ‏Nor BLack+, ‏ام عمر وريتاج, ‏رقيه95, ‏براءة م, ‏لمار القلوب, ‏راندا علي غانم, ‏alyaa elsaid, ‏أرق المشاعر, ‏هبة الله 4, ‏توتى على, ‏Ayaomar, ‏رودينة محمد, ‏Hoda.alhamwe, ‏Joud1, ‏ratiba selma, ‏نهي خربشه, ‏ورده المساء, ‏Gawish, ‏سوموا, ‏دودي الخليفي


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 08:08 PM   #5887

BASRI

? العضوٌ??? » 427147
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » BASRI is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع شكرا لك (إن كان الإثنين جميلا فلأن شظايا موجودة فيه)❤❤❤❤❤

BASRI غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 08:12 PM   #5888

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
Rewitysmile21

تسلم ايدك نور روعة روعة روعة ابداع يا قمر

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 08:29 PM   #5889

Dalia Huzaien

? العضوٌ??? » 456096
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 113
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Dalia Huzaien is on a distinguished road
افتراضي



يا وعدي ... مبروك يا سمو البرينس
والليلة ليلتك والله فرحنا لك يا ولا
وليلتنا نجف
تسلم إيديك يا نور العيون ❤ فصل متميز بكل احداثه و كم مشاعر مرعب ...أحسنت حبيبتي 👍👍👏👏👏👏👏


Dalia Huzaien غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-20, 08:53 PM   #5890

Noor Alzahraa

? العضوٌ??? » 352224
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 225
?  نُقآطِيْ » Noor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond reputeNoor Alzahraa has a reputation beyond repute
افتراضي

في فصل اليوم ؟؟؟؟

Noor Alzahraa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:11 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.