آخر 10 مشاركات
عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          1092 ـ لن أحترق بنارك ـ ميشيل ريد ـ ع.د.ن (كتابة/كاملة **) (الكاتـب : Just Faith - )           »          عندما يعشقون صغاراً (2) *مميزة و مكتملة *.. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          جاك...كارا (114) للكاتبة: Lynn Raye Harris (ج5 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          أُحُبُّكِ مُرْتَعِشَةْ (1) *مميزة & مكتملة * .. سلسلة عِجافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          وأشرقت في القلب بسمة (2) .. سلسلة قلوب مغتربة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          زهر جبينها المكلل- قلوب أحلام غربية (118) [حصريا] للكاتبة Hya Ssin *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          وابتسم القدر(وعندما اقتربت النهاية...ابتسم القدر) *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : فاتن عبدالعظيم - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-11-20, 01:30 AM   #6211

Hoba Nasry
 
الصورة الرمزية Hoba Nasry

? العضوٌ??? » 435719
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 545
?  نُقآطِيْ » Hoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond repute
افتراضي


الله عليكي و جمال وصفك الفصل حالة من الإبداع و التميز سلمت يمناك 👏👏👏👏👏👏👏❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

راشد و بدور إمتى هيقدروا يتجاوزوا الماضي و يخرجوا من الحلقه اللي اهلكتهم سنين طويلة من العذاب و الألم
بدور خوفها مقيدها إنها تتحرر و تخرج من سجنها و راشد أكتفي إهدار عمرهم و أعتقد أنه ناوي على حل يحسم صراعهم

منى قدرت تساعد إياب إنه يحل الاحجية عشان يعرف مين هي أمه طاووسه اللي حلم به يحتضنه

العلاقة الجميلة بين شيماء و عائلة نزار و الدفء والحب اللي حست به وسطهم قدر يعوضها و يحسسها بالأمان والطمأنينة

بحب أوى التفاهم والثقة المتبادلة بين نزار و شيماء


Hoba Nasry غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 01:34 AM   #6212

سهام سليمان

? العضوٌ??? » 441840
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 152
?  نُقآطِيْ » سهام سليمان is on a distinguished road
افتراضي

قمة الابداع فى الحوار حوار شيق بين نزار ووالديه وشوشو وحوار بدور وراشد وكمان منى واياب منى أثلجت صدرى بكلامها لازم الولد يطالب بحقه فى عيلة وبيت واخوة له ممسكة انت يانور بخيوط اللعبة ابدعتى

سهام سليمان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 02:02 AM   #6213

lobna_asker

? العضوٌ??? » 325510
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » lobna_asker is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع تحسى ان كل كابل يعمل رواية لواحدة بجد مجهود جبار انك تجمعيهم فى رواية واحدة موفقة باذن الله لكى كل التقدير على الرواية الاكثر من رائعة

lobna_asker غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 02:17 AM   #6214

اني عسوله
 
الصورة الرمزية اني عسوله

? العضوٌ??? » 390126
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » اني عسوله is on a distinguished road
افتراضي

الفصل جبااار يا نور سلمت الايادي يا حبيبتى 💗
عجبنى اووى مشهد بدور وسمو الاميره
ودفاع بدور عن حقها في النمر الذى يرمز الى ال الراوى اجمعهم و اقواقواهم
جمله بدور لها وبكل تملك أن كل ما هو ملك ل ال الراوى يبقي ملكهم للابد .. ومش مسموح لأي تدخل غريب او اجنبي بينهم

عجبنى فراسه بدوره عن قصة تميم الذى غدر بغزالته الشارده
وانهما تفهما بعضهم البعض وان يرتضو أن يكون اصدقاء عمل وليس اى صفقات أخرى
لان بدور قالت كلمتها انها تكره راشد تبغضه وهذا من خلال مواقفه معها والاكثرهم الما أبعاد ابنها عنها النار والوجع التى لم تخمد بعد
ولكنها سوف تحزن أو تموت اذا حصل له مكروه فى بيه تحيا حتى وإن أنكرت له هذا

حبببييت مشهد احتواء منى ل اياب وأنها وبدون مباشر تجعل اياد يعرف الحقيقه كامله
من هى امه التى يبحث عنها وهى دائما أمامه يتنعم باحضانها وحبها ن يرى من هى الطاووس ومن هو النمر
عجبتنى فكره الاحجيه التى تشكل حياتهم وقصة أبوه وأمه وهو


اني عسوله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 02:19 AM   #6215

Mon abdou

? العضوٌ??? » 449919
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 333
?  نُقآطِيْ » Mon abdou is on a distinguished road
افتراضي

هى بدور بتعمل كدا ليه
هو فيه ستات مستقوية ومستهبلة كدا
انا زهقت منها والله
مش بحب التعنت ده مالها البساطة
والف شكر ليكى يا نور كتاباتك مميزة


Mon abdou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 02:54 AM   #6216

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الثامن والأربعون المشاركة " ١"



ها حبيبي مو على بعضك أحسك
ها حبيبي لخاطري لا تأذي نفسك
من زعلك ؟؟ انته . مني تزعل ؟
لك والله زعل الدنيا كلها
ولا مكروه يمسك . حبيبي
ابتسم هدي أعصابك خلي راسك بين ايديا
وخذ بوسة صلح مني كافي تتدلل عليا
اتدلل عليا اتدلل. اتدلل عليا
يا هبة ربي من السما وأجمل هدية
..................

استيقظ من نومه وأول ما شعر به هو خلو جانبها من الفراش كما اعتاد منذ صباحية زواجهما الكارثية.. رغم روعة وجمال الليلة نفسها.. إلا أنه كما توقع تماماً عندما استيقظت بين ذراعيه.. كان الأمر مختلفاً، كانت غريبة, صامتة, متباعدة تتصرف وتتعامل كأنه شخص جديد عليها لا يمت لها بصلة.. لم تحاول الصراخ حتى، تحتج على ما فعل كما تخيل، لم تنهر نفسها، لم تلقي لوماً أو اتهاماً لاذعاً, بل ضربت كل توقعاته بعرض الحائط وهي تسحب الغطاء حولها بتشدد تخفي نفسها عنه, تمنحه ظهرها وهي تقول بهدوء شديد البرودة "لن أستطيع الوقوف أمامك هكذا، أخرج من فضلك أريد أن أرتدي ملابسي"
حاول بالطبع التحدث معها مشاكستها أو حتى فرض نفسه عليها ليجعلها تتأثر به كما كل مرة.. إلا أن لا شيء جعلها تخرج من حالة الجمود العجيبة التي تلبستها.. فلم يجد بد من أن يخرج ليترك لها بعض المساحة تختلي بنفسها، ربما تستطيع أخيراً استيعاب ما حدث بطريقته الصحيحة.. يومها أيضاً ضربت بكل المنطق عرض الحائط فتبعاً لحالتها المعقدة اعتقد أنها ستدخل في حالة من الانهيار والنواح.. ولكنه لم يحدث، بل أصيبت بحالة من التبلد والبلادة.. وهى تخرج بعد ساعة مرتدية ملابسها, ممشطة شعرها, مولية نفسها كل اهتمام أنثوي.. وكأن ما حدث لم يكن إلا زوبعة هزتها قليلاً وانتهت بغير عودة.. ثم سألته ما جعل فكه يتدلى قليلاً من فرط الوداعة واللامبالاة التي تحدثت بها "لقد قلت أنك ستطعمني، وكالعادة حنثت بوعدك وتركتني جائعة, أريد وجبة ضخمة والآن"
عندها ارتد رأسه وهو ينظر لها بعجب محاولاً استيعاب تلك الحالة المريبة التي كادت أن تذهب بعقله من تضارب رد فعلها.. كانت تزيحه من أمامها بنزق, تتخطاه نحو المائدة الخشبية في الغرفة الصغيرة ثم جلست على الأرض متربعة تزيح أغطية الأواني.. وهي تقول مبتسمة بزيف "لا بأس, الطعام يبقى لذيذ وممتع يحقق الغرض المطلوب سواء بارد أو ساخن"
عندما استدار نحوها يمشي إليها استطاع أن يسألها ساخراً "وما هو غرضك المطلوب سيدة سَبَنتي؟"
يومها رفعت وجهها إليه تنظر له من جلستها المنخفضة بوجه جامد.. وإن رأى من وراء مقلتيها شيء من دموع مكبوتة ثم قالت أخيراً بنبرة مهتزة "النسيان.. أريد نسياااااان كل شيء وكأنه لم يحدث قط يا خالد"
أغلق خالد عينيه بقوة وهو يعتدل من نومته ثم أعاد رأسه للوراء يريحه على طرف النافذة الخشبي قبل ان ينفخ بضجر يعقبه استغفار ثم حمد الله على كل شيء مهما كان خيراً أو شراً..
أيستطيع أن يطلق على ما يحدث معها شراً؟!.. شراً داخل نفسها يأكل منها سلامها ويرميها في بئر من التعقيد والعقد.. الكارثة ومع تعاقب الأيام واقترابه منها أخيراً دون تدخل أطراف ودون هربها المعتاد منه، مختبئة خلف أخواته أو راشد مما سمح له وفي أيام بسيطة أن يلمس أن ما يمنعها عنه هو مجموعة كبيرة من (العقد) وليس أمراً واحداً يسهل حله ..بل أسباب عدة متواطئة شكلتها من جديد بصورة قبيحة.. هل سيكون منصفاً إن قال أيضاً أنها للأسف وبكل مرارة العالم لا يفرق عقلها المعتم بين زواجاً حلالاً.. وعلاقة محرمه؟!
فهذا ما لمسه تماماً عقب انتهاء أول يوم اصطحبها فيه للخارج متعمد أن تطول رحلتهما التي أخذها فيها لمتحف النيل والمتحف النوبي القديم.. وبعدها تمشيا على الأقدام بين شوارع المدينة الجميلة حتى حل الليل وعادا للمنزل المؤجر.. وفور أن دخلا وأديا الصلاة لم تعترض أن يؤمها, بالعكس هو لم يطلب حتى عندما جددت وضوءها، واتبعته كما الليلة الصامتة بهدوء تام.. إلا أنه عندما حان نومهم وحاول أن يلاطفها من جديد تخشبت بين يديه كلياً ثم أشاحت عنه بنظراتها قاصدة أن لا تنظر إليه وهي تقول بصوت تجمع فيه صقيع الشتاء "تعلم ما سيحدث يا خالد، سأمانع, ربما سأقاوم, وبالنهاية سأرضخ لك وأمنحك ما ترغبه.. إلا أني سأكره نفسي بعدها.. أنا لا أريد حقاً, هذا الشيء كريه على نفسي.. فهل ستقبل أنت بخضوع فتاة زاهدة بك؟!"
وقتها وجد نفسه يحدق فيها بلا مشاعر, جذعه الذي يعتليها تحول لجسد ميت خالي من الرغبة والإحساس ..لقد أوجعته وقد ظن أن هذا مستحيل حدوثه, بأنه سيجد في نفسه القدرة للسيطرة على أفعالها وكلامها السام، حتى يمحو من عقلها المظلم ذلك التشوه الذي يغطيها...لم يحاول بعدها وعلى مر الأيام الماضية أي تقارب جسدي.. هو حتى لم يقدم بأي طريقة على احتوائها مجدداً بين ذراعيه.. هو يحبها يريدها ولم ينكر.. إلا أن كبريائه الرجولي أصيب بشظية جارحة فيحتاج لترميم.. هو لن يفرض نفسه أبداً حتى لو بات يعلم جيداً عبر التجربة أن ما يمنعها عنه هو نفور نفسي.. لا يمت لتفاعل الجسد والمشاعر بصلة..
تنهد مرة أخرى بهم قبل أن يغادر الفراش الذي يضمهما فهي لم تحاول كما اعتقد أن تلجأ للغرفة الأخرى بل بالعكس هي من تسبقه للفراش تتكور في جانب قصي تكفن نفسها بالغطاء من إصبع قدمها حتى أعلى خصلة في شعرها..
وقف أخيراً من مكانه يتوجه لغرفة الطعام مباشرة وكما توقع وجدها هناك تدفن رأسها بين الأواني الفخرية, التي لا يقدم الطعام في غيرها بأرض النوبة, تتناول الفطار بنهم شديد، وبال رائق وهي تمسك في يدها أحد المجلات التي تقدم للسياح..
"يسعدني كثيراً أنكِ وجدتِ ما يبهجكِ هنا سَبنتي هانم" صوته كان غاضباً بعض الشيء, مغتاظاً وحاداً..
مرت لحظة لم تترك فيها تلك المجلة من يدها، ولم تتوقف أصابعها الطويلة المستفزة عن قطع (عيش الدوكة) ثم تغمسه في طاجن (قسكتى بالجكود) لتتناوله باستمتاع تأفف على أثره.. لطالما كانت سَبنتي الوحيدة في منزلهم التي لا ترفض أي نوع جديد من الطعام أبداً بل يبدو لها كأنه نوع من أنواع المغامرة تكتشف عبره أفق جديدة لا أحد يعلم مداه غير الله وهي.. سخر وهو يفكر بوقاحة "ليته أحد أنواع الطعام ربما وقتها كانت تذوقته لتكتشف المتعة التي يستطيع منحها لها بكل نهم.."
" صباح النور.. أين سنذهب اليوم؟!"
للحظات ومضت عيناه بأمنية رائعة تخيلها وودّ تنفيذها على الفور متوجه إليها يقحم رأسها المستفز في أحد الطواجن.. ولكن ما منعه ليس أخلاق فروسية تمنعه من ضربها فهي تستحق إكراماً للسواد الذي تعيشه فيه.. ولكن ما جعله يتراجع هو تفكيره بما ذنب الطاجن المسكين أن تكسره الحجارة في رأسها المعتم؟!
"أنا لم ألقي عليكِ أي تحية صباحية"
مطت شفتيها بلا معنى وهي تأخذ قطعة من الطعمية الموضوعة في طاجن أيضاً ودفعتها في فمها مرة واحدة تغلق عينيها لثوانٍ تهمهم باستمتاع وكأنها تتذوق أفخم أنواع الشوكولاتة.. أو تقبل حبيباً طال شوقها إليه..
(تباً.. توقف ولا تشرد لهذه النقطة ..ولكن كيف يفعل بحق الله وهي تطوى ركبتيها تحتها شعرها الأحمر الذي يتحول بمرور الزمن شئياً فشيئاً للون صارخ ناري.. لم يرى في حياته لون مماثل على رأس مرأة.. حتى والدتها التي يذكر بشكلٍ ضبابي تأمله لها مرة ليرى ذلك الشبه الذي يتحدثون عنه.. لم يكن أبداً بهذا اللون الذي يشبه لون الجمر في أشد حالاته صفرة واحمراراً.. ربما هي صهباء بالفعل إلا أن بعض الشعيرات القليلة جداً التي تختبئ بين خصلاتها من الداخل كانت بلون عسلي فاتح.. كلها كانت آية من الجمال والحسن).
"لا تحتاج لتفعل، أعلم أنك قليل الذوق, فأوهمت نفسي أنك ألقيته لأنه الشيء المنطقي الوحيد الذي يفعله الناس عند الاستيقاظ صباحاً"
لم يحاول مجادلتها عندما اقترب يجلس هو الآخر بجانبها يطوي ساقيه الطويلتين في جلسته حتى لامس أحدهما ركبتها.. ارتبكت كما توقع، ورأى في عينيها الاهتزاز وشيئاً آخر لم يفسره.. ضيق خالد عينيه وهو يحرك نظراته عليها كلها ببطء.. يتابع الرعشة الخفيفة التي شملتها وهي تحدق في صدره العاري بنوع من الانبهار.. زوجته البلهاء هل يترك مظهره البري طبعة من نوع ما بداخلها؟!
تنازل أخيراً يجيب عليها بهدوء "لن أجادلكِ في قلة الذوق، فأنتِ تتمتعين بأضعافها"
استدار من جديد وهي تزحف قاصدة الابتعاد عن ملامسته ثم قالت متظاهرة بعدم الاهتمام "إن كانت انتهت رحلتك الغريبة هذه.. أريد العودة لدراستي حتى أستطيع إدراك ما فاتني"
سخر وهو يبدأ في تناول بعض العصير قائلاً "اتحاد الصيادلة سينتظركِ، مقدرين انشغال (عبقرية زمانها) في شهر عسلها"
عقدت حاجبيها وكأنها تحاول أن تجد رد على سخريته برد عاصف ولكن إحساس خائن في زاوية خفية من خلاياها منعها مقدر جداً الألم الذي أشعرته به منذ ليال ..هي ليست متبلدة كما يعتقد.. لم تتعمد جرحه أو دفعه ليكرهها.. ولكن وقتها هذه الحيلة الوحيدة التي وجدتها لتستطيع التعامل مع الفوضى التي أحدثها بداخلها عقب تحويله لزواجهم لأمر واقع لا مفر منه...
لقد اعتادت منذ سنوات أن تكتم جروحها، أن تخفيها متعاملة معها بأنها ليست أمراً مهماً يحطمها, تسدل قناع من البرودة, توهم من حولها أنها طبيعية وقد تعافت من كل خراب دمرها.. وخالد رغم كل شيء لم يكن مميزاً عن راشد أو عن شيماء ..ولا عن كل محيطها حتى تمحنه وجهها الحقيقي ..جزئها المعتم الذي لن تسمح لأحد مطلقاً أن يغوص فيه ويصطدم مع أشباحها المخيفة.. أليس وجدوها وحدها في تلك الحفرة مكبلة بكماشات جهنم أفضل من أن يشاركها خالد بها؟! هي في محاولة أخيرة لحمايته وتجنيبه الرعب الذي قد يلقاه هناك.. فما باله يفسر حمايتها له من دمارها خطأ وكأنها.. وكأنها تقصد إيذائه متعمدة.. لقد حذرته، حاولت الفكاك من ذلك الزواج حين أخبرته بأنها لا تليق مطلقاً به, لا تنفعه ولكنه من أصر أن يغوص للنهاية في سراديب غابة الوحوش بلا أمل للنجاة...
"أنا آسفة" وجدت نفسها تمتم بوجه ممتقع ونبرة متألمة دون النظر إليه, بل كانت عيناها شاردة سارحة في ملكوت لا يعلم أبعاده سواها.
ساد صمت بينهما لبضع لحظات.. وهو يحدق فيها بتأمل عميق يحاول الوصول لأبعد من الصورة الواضحة والمطوية في دهاليزها.. حتى قال أخيرا بنفس الهدوء "الأسف لماذا بالضبط يا سَبنتي.. حبكِ لي من البداية وتعلقكِ بي, أم عودتكِ وزواجي منكِ؟!"
انحنت زوايا فمها للحظات بحزن شديد مما زاد اللوحة الجميلة لوجهها فتنة.. ثم استدارت تسمح لنفسها أن تنظر داخل عينيه فيسري داخل كليهما شعور مفاجئ من الألم ..وافتقاد لذة الوصال..
حتى همست أخيراً تحرك شفتيها بصوت بالكاد وجد له نبرة ذو نغمة رقيقة ومتوسلة "لكل شيء.. لوجودي بحد ذاته.. في كل الأحوال منذ أن ولدت أنا لم أمنح كل من أحبني إلا الشعور بالوجع"
ماذا يفترض به أن يقول الآن ..هل يرمي بكل شيء عرض الحائط ويختطفها من مكانها رغم أنفها ويسحقها كلها على صدره، يخبئها من كل العالم وشرور نفسها داخل ذراعيه, يخبرها للمرة المليون أنها لم تترك بداخله إلا كل شعور أخضر مثمر.. فمنحته بحبها الاكتمال منذ أن لمس حبها له وعشقه وهيامه بها؟
أطرق خالد برأسه لثوان ..يمنع نفسه من التهور وفعلها فيترك لها كما أنتوى كل مساحة تستطيع فيها التعاطي مع كل (غبائها العاطفي) ثم قال أخيراً بتمهل "إن استمررت في العيش داخل أحزانكِ وهواجسك لن تنجي أبداً.. لن تدركي أن وجودكِ لم يمنح إلا الحب لكل مريدينكِ"
صمت لبرهة يرفع عينيه السوداوين من جديد يحاربها نظرة بنظرة، يهزمها إحساس بإحساس.. يغتال ظلمتها وأسرارها بنور اكتشافه وفهمها.. ثم أكمل بتحدي "الوجع أصاب كل من أحبكِ فعلاً.. ولكن ليس لما تعتقدين وإنما لما تحاولين التشبث به من عقد"
أخفضت عينيها بعيداً عنه مرتبكة ثم همست "أنا لست معقدة، ولكني أحاول حماية نفسي من تلاعب جديد بحياتي"
نظر إليها بضجر مدركاً تهربها من الحديث وإن كان الرد يعود يتمحور لنفس النقطة الخانقة، حتى تكلم أخيراً بجدية "لا بأس, يمكنكِ التوهم ويمكنني الانتظار والصبر مدة تفوق خيالكِ"
سخرت وشعور بالغيرة يحترق بداخلها فجأة دون قدرة لها على ردعه "طبعاً ومن غيرك أثبت أنه قادر على صبر الجبال وانتظاري.. وخطبتك وإيشاكك على الزواج من أخرى خير دليل"
ساد الصمت بينهما من جديد وهو يلاحقها بنظراته بهدوء آخذاً وقته كاملاً في مراقبة ملامحها التي تحولت لاتهام صارخ وكريه.. ليس كرهاً لشخصه، ولكن وللوعة قلبه كرهاً لحبيبة تحترق من تخيل وشوك ارتباط زوجها بأخرى.. إلا أنه أبداً لن يتعشم أن تصرح بأبعد من السخرية "هذا صحيح، وقتها لم أصبر، وماذا كنت أفعل والفتاة التي أحببتها _ووقفت في وجه والدي من أجلها، وألقيت في وجهه عصياناً وكرهاً وأخبرته أنها امرأة قلبي التي لن أقبل بسواها_ هجرتني وأخبرتني بأنها مجرد مراهقة متقلبة تسحب كل وعودها مني تصرخ في وجهي بأني لو كنت آخر رجل في العالم لن تحبني أو ترتبط بي (أخبر أباك أني أنا من أرفضك يا خالد..أنتَ من لا تليق بي).. أليس هذا ما قلتيه بالضبط في آخر حديث بيننا قبل أن تهجريني لما يقارب الأربعة أعوام؟!"
ارتعشت شفتاها وتغضنت قسماتها وزحف لون أصفر على وجهها يصيبها بالشحوب وكما توقع وجدها تقفز من أمامه تترك له المكان, تتهرب من الإجابة، متقوقعة على ذاتها, رافضة شرح ما كانت تعانيه وأجبرها لترمي في وجهه ما قالته حينها..
أسند خالد هو الآخر الخبز من يده فاقداً شهيته.. ثم ابتعد وهو يوازن جسده مستنداً على الأرض.. ثم تمدد هناك ينظر لسقف الغرفة بإرهاق.. والسؤال يدور صارخاً في حلقات ملحة يائسة فوق رأسه (وماذا بعد؟ ما الحل الجريء والباتر معها؟ لقد طال جداً ما تكتمه حتى أصبح شبيه بطبقات من قطران كلما أزحتها تخرج طبقة منها لتصل للأرض الرحبة التي تغطيها يصدمك وجود طبقة أكثر سواداً وصلابةً من سابقتها).
نفخ بصوت عالٍ قبل أن يهتف فيها عالماً أن صوته سيصل إليها أينما كانت نظراً لضيق المكان "ارتدي شيئاً عملياً، سنقضي اليوم فوق مركب بالنيل"
وجدها خلال ثوان تعود تطل عليه من إطار الباب, إحدى يديها تستمد على الجدار الداخلي والأخرى مختفية مع باقي جسدها بالخارج ثم هتفت بعينين تلمعان بحماس طفولي "هل سنرى التماسيح كما وعدت؟ هل أستطيع حمل أحدهم؟!"
مؤكد تقلباتها النفسية سوف تصيبه بالجنون.. ألم يكن حديثهما حزين يصيب النفس بعلة منذ دقائق وعلى أثره هربت منه وأفقدته شهيته عن الطعام والدنيا كلها؟و
ضع خالد ذراعيه يطويهما تحت رأسه, يتأملها بابتسامة ممتعة مائلة قبل أن يأمر بهدوء وهو يقول "مؤكد سنفعل كل ما ترغبينه.. لدينا شهر كامل، سنحقق فيه جميع رغباتكِ يا عبثية"
ضحكت بصفاء وهي تختطف نفسها من أمامه ليسمع ركضها تبتعد ثم تعود سريعاً أمامه تقفز مثل العفريت على قدم واحدة تضع فيه أحد أحذيتها الصيفية الخفيفة وهي تقول بعبوس "لا تناديني عبثية مرة أخرى, لم أعد أستسيغ هذا اللقب"
ظلت الابتسامة الممتعة الرزينة على شفتيه وهو يقول من تمدده الذي لم يتغير "أنا أناديكِ بما يحلو لي.. واعتراضاتكِ كلها خطيها داخل دفاتر محاضراتكِ الغالية ثم (بليها واشربي مائها)"
عبست أكثر وهي تقول بتجهم "هذه قلة ذوق منك, لم أعد أتحملها أيضاً"
حرر أحد ذراعيه من تحت رأسه ثم أشار ساخراً نحو الجدار "هذا حائط _توقف ثم أشار للناحية الأخرى ثم مقابلها_ وهذا الثاني والثالث والرابع أيضاً.. لكِ كل الحرية في انتقاء ما تستسيغينه، وتخبطين رأسكِ به"
كشرت بأنفها وارتفع فمها منكمش مع ملامحها بسخط فتابع وهو يعتدل من مكانه برشاقة مظهرة كل عضلة في جسده الرياضي مسبب لها رعشة خفية أصابتها بذهول داخلي من تأثيره الغريب عليها.. (منذ متى يسبب لها مظهر خالد انجذاب صادم؟ بل السؤال بالأصل منذ متى سمحت لنفسها بتأمل أي رجل؟ وهل مظهر الرجال أو وسامتهم لهم أي دور في التأثير بالمرأة؟ أليس من المفترض أن يمثل عامل شخصيته فقط الإعجاب داخل الأنثى؟!)
استرسل يقصفها "آه وهناك النيل أيضاً بأكمله, تستطيعين الشرب منه من فرع رشيد حتى بحيرة ناصر"
قصفته مرتبكة علها تبدد ما يحدث بداخلها وتغطي عليه حتى لا يكتشفه "أنت بارد، مستفز, متبلد الإحساس"
قفز خالد من مكانه يقف على قدميه يواجهها, يقترب منها بخطورة أصابتها بذعر ممتع وهي تتراجع خطوات حتى تعثرت في المائدة الأرضية تلقائياً, وضع يده حول خصرها يمسك بأكمل جسدها.. لم يحاول أن يعدلها من انحنائها للوراء بل مال إليها بنصف جسده ويده الأخرى تداعب وجنتها بتمهل، تسمرت في موقعها.. يداها الاثنتان دون تفكير منها استندتا إلى صدره، رائحته التي أدمنتها سراً في أيام وطبعت بداخلها عميقاً جداً في خلاياها الحسية لفحتها مسببة لها ذبذبة محسوسة ضربت جسد كليهما بشحنة كهربائية غير محببة على الإطلاق في هذه اللحظة خاصة بعدما ألقته في وجهه إذ كاد أن يرمي وجعه منه واحتجاج نفسه خلف ظهره ويقترب ليقتطف الفاكهة التي حرمتها عليه..
افترت شفتيها عن شهقة مكتومة وهي ترفع يديها سريعاً تدسها خلف ظهرها متلامسة مع ذراعه الذي يوازن كل حملها.. وعادت تلك النظرة المهولة المذهولة تحتل بنفسج عينيها وهي تحدق فيه باضطراب إلا أنه اختار أن يكسر اللحظة أخيراً جاذباً كليهما من سحر التقارب وهو يقول من بين شفتيه باستهزاء "أنا المتبلد الذي سيقتل نفسه إن سمح لمشاعره أن تغرق في طوفان الحبيب.. هل أنتِ متأكدة؟!"
ابتلعت ريقها بطريقة ملحوظة وهي تعتدل مستندة على ساعده إلا أنه لم يحررها, بل أصبح تقاربهما الآن أشبه بامتزاج خاص جداً, حلو وعذب, متضخم بوعود وزخارف ملونة امتزجت بأنفاس كليهما خاصة عندما انحنى إليها رأسه ليواجه رأسها.. أنفاسه كالحمم تضرب وجهها وشفتيها فتستنشقها بعجب، مكتشفة اللون الأخضر الواعد الذي تحدث عنه..
هل لمشاعر الحب لون ملموس يمكن للبشر رؤياه؟! أهذا هو تفسير العشق إذاً لون أخضر بطريق مفتوح، يغرق به كل المغرمين حتى تتضح معالمه ويزدهر بمحاصيله وخيره أو يذبل ويموت في أصيصه؟!
"أنتَ لست حبيبي؟!" قالت أخيراً بغباء منقطع النظير ..كاسرة كل الشاعرية بينهما.. مما جعله يفلتها ويبتعد عنها وهو يقول بمرح يائس ساخراً "ماذا أنا إذاً، ابن ياسر ألذي رغبك بشهوانية فباعكِ راشد له؟!"
أطلقت شهقة عنيفة مصدومة وهي تنظر له بشحوب شديد ثم همست باختناق "لما تصر أن تأذيني؟!"
قال خالد بخفوت جامد "هل أنا من أؤذيكِ فعلاً يا سَبنتي؟ ألا ترين من حديثنا إلا رد فعلي؟ ألم يخطر ببالكِ ولو لمرة واحدة أن تراجعي ما تلقينه في وجهي؟"
تهربت منه وهي تستدير كلها بعيداً عنه ثم همست بألم "ما قلته حينها كان ترديد لكلمات عزام.. أنا لست غبية لأشك في راشد لحظة"
ضحك هازئاً, ضحكة مشوبة بمرارة حاول أن يخبئها "رائع، لن أنكر إعجابي بثقتكِ العظيمة بمكانتكِ عند راشد ..بغض النظر عن أنه وجب عليّ الاعتراف بأني الحقير في قصتكِ"
التفت إليه سريعاً ثم قالت دون تفكير "أنت لم تكن يوماً حقيراً.. ولن تكون.. ولكن.. ولكن.."
لم تحد نظراته عنها وهو يقول بجمود "ولكن ماذا؟ انطقي, أي ما ستصرحين به لن يكن أكثر قذارة مما تلقينه في وجهي كل لحظة"
الأمر كان أكبر منها، ألمه يجد له صدى داخل قلبها, تريد الاعتراف بكل شيء، أن تلقي حذرها ومخاوفها من الغد جانباً ..تموت هي في تلك اللحظة لأن تلمسه, ترتمي على صدره, تتشبث به بكل قوتها, ترجوه وتتوسله أن يمنحها ذلك الاحتواء الرهيب الذي منحه لها في تلك الليلة, وتخبره بأنه كل الحب.. كل العالم في عينيها.. ولكن قيودها أكبر منها, أشد من أن تكسرها ..تتفوق على ضعفها وعودها الأخضر الذي احترق ..كيف لزرعة تفحمت أن تنبت من جديد، مقاومة كل الأيادي الآثمة التي منعت نضوجها بالأصل؟
"أردت... أنا أردت إخبارك أنك لست حبيبي.. أنت زوجي" تمتمت بنوع من الغباء تفسر عكس كل ما يعتمل بصدرها..
مط خالد شفتيه يسيطر على جحيمه بمعجزة ثم تهكم "ما الذي يفترض بي أن أفهمه بالضبط؟ هل هناك قانون جديد هبط على البشرية لم أعرفه يوحي بأن الحبيب يفترض أن لا يكون هو نفسه الزوج؟!"
حركت كتفيها للأعلى بلا معنى مستسلمة لسخريته "لا أعرف.. أنا فقط لا أشعر أني أحبك، ولكن أقررت بالواقع بأنك زوجي"
سقف بيديه بلا صوت مستخفاً بها من جديد ثم همس "شاكرين كل أفضالكِ، أجدني ممتناً لاعترافكِ بي كزوج على الأقل ..محتار أنا بماذا كنت سأفعل بنفسي إن لم تقتنعي بهذا"
هربت كجبانة مثالية من الحديث عندما قالت بفم مزموم "أريد أن أخرج والآن، فهل ستظل تتهرب من الأمر أم تستعد لنغادر؟"
لم تفهم سر تلك النظرة في عينيه.. إلا أنها لم ترتاح لها مطلقاً.. ولكنه على الأقل تنازل عن محاولته جذبها من منطقتها الأمانة.. فلو استمرت في الحديث لا تثق بنفسها (الغبية العاطفية) وقد تنهار وتمنحه ما يسعى إليه بالتحديد..
قال أخيرا بامتعاض "تأمرين تطاعين سيدة بقة، حارسكِ الخاص وملبي رغباتكِ في رحلتكِ المدرسية البريئة على استعداد"
هتفت في وجهه بنزق "توقف, لماذا أصبحت تناديني (سيدة)؟!"
قال سريعاً بوقاحة "لأنكِ أصبحتِ واحدة حبيبتي، ولم تعد ألفاظ التدلل للفتاة البريئة تليق بكِ"
احمر وجهها بقوة واتسعت عيناها بصدمة قبل أن تبحث عن شيء تضربه به دون تردد، وجذبت بالفعل أحد الأواني الفخارية وهي تصرخ فيه توجهه نحوه بتهديد دون أن تلقيه "أيها الوقح لا أسمح لك"
تحرك خالد من أمامها يضحك بصخب مفتعل وهو يقول بإغاظة "لقد سمحتِ, (والذي كان كان) سيدة سَبنتي"
ضربت في أثره الإناء على الحائط فأصدر ضجيجاً متحطماً قبل أن يتناثر على الوسائد.. عاد خالد يستدير من وراء كتفه ينظر إليها ببرود.. من الجيد على الأقل أنها أصبحت تتمتع ببعض بقايا عقل ولم توجهه نحوه أليس كذلك.. أم عليه أن يخافها ويزيح من طريقها أي أدوات حادة؟
"أنتِ من ستنظفين هذه الفوضى عقاباً.. ولكن عند عودتنا.. والآن هيا اذهبي لارتداء ملابسكِ"
فركت كفيها بغيض وهي تنفخ بقهر ثم قالت أخيراً صارخة بضجر "أنا أرتديها فعلاً أم أصابك العمى؟!"
أخيراً محى بروده المثير للأعصاب وتحول لكتلة من الجنون والنار.. ولكن أليس عليها أن تخاف؟! عندما عاد إليها يقترب منها بتمهل خطر وهو يتفحص البنطال القصير الذي بالكاد غطى أعلى ركبتيها ..والبلوزة البحرية ذات الأكمام والصدر المغلق حتى جيدها، طويلة أيضاً غطت حدود بنطالها.. ثم قال بشرر "عفواً ماذا قلتِ؟"
قالت بفتور مدارية خوفها "لقد قلت أنها رحلة في مركب أي أني قد أحب أن أسبح قليلًا ..لذا ارتديت زياً مناسباً"
مد شفتيه بتقييم هازئ ثم قال "يا سلام على الشجاعة والإقدام، أثرتِ إعجابي يا بنت.. تريدين السباحة في النيل وسط التماسيح.. لا نمرة ربيبة نمر أي والله.. أثرتِ غيرتي وغيرة كل من سيتأمل ساقيكِ الذهبيتين الملفوفتين بإغراء يسلب اللب.. لا تعلمي ما أعيشه من ابتهاج الآن وأنا أتخيل مشاركة زوجتي مع ألف عين..."
صمت لبرهة وهو يراقب احمرار الحرج الذي كساها ثم مال برأسه يعبث بشعره أمامها وهو يقول بنبرة خطيرة غريبة مدعياً الهدوء وهو يسألها "هل ترينهما ينبتان؟ جميلان أليس كذلك؟!"
رفعت حاجبيها بحيرة ويدها تمتد تتفحص شعره باهتمام باحثة عن ما يقصده.. فقبض على كفيها بقوة آلمتها بينما تقول بغباء "ماذا الآن؟ أنا أحاول أن أكتشف ماذا تعني؟"
قال بنبرة مجنونة حقيقية من بين أسنانه "أعني القرنين يا روح خالد.."
تدلى فكها بطريقة مضحكة لثوانٍ وهي تهمس بعدم فهم "قرون ماذا؟ هل أنت جاد؟!"
أومأ بطريقة مسرحية "نعم جاد، طالما سأشارككِ وأمشي بكِ متبختراً مزهو بـ(وركيكِ), مؤكد يجب أن يكن هناك قرون ووجب عليّ الاعتناء بها"
أخيراً وصلها المعنى عندما هتفت باعتراض "أنت تكبر الأمر جداً.. على فكرة أنا محتشمة عكس الكثيرات، فلم أرتدي ثوب سباحة عاري مثلاً"
خبط على جانبيه وهو يقول صارخاً "هذا ما ينقص يا هانم"
ردت ببرود "لن يحدث, لا تقلق خالد بك فراشد منعه عني بالأصل، واستبدله كما ترى ببلوزة مغلقة.."
ظل ينظر إليها يجاهد نفسه أن لا يتهور هذه المرة ويعلقها من رموش عينيها ويعذبها بسادية حتى تعود لعقلها أو يتشفى بها..ثم قال أخيراً بسخرية "طبعاً.. طبعاً.. منطقة الصدر والذراعين نملكهم فيحل أن نسترهم أما ساقيكِ ليست تبعنا فلا بأس من مشاركتهما"
"راشد قال..."
قبض على ذراعها بعنف وهو يهزها بشرر "تباً لراشد ..لا تثيري جنوني وتجنبي شري واذهبي حالاً لستر نفسكِ ..بدل من أن أقسم أجردكِ من هذا الشيء الغبي بنفسي، وأبقيك معاقبة أمامي دون أي بديل لباقي الشهر"
احمرت وازرقت، سخطت وارتعبت ..كادت أن تعترض وتتهمه بالتخلف ولكنها تراجعت متخذه لأول مرة معه طريق العقل الخالص وهي تحني رأسها باستسلام وتهمس "حسناً لا تغضب، لن أرتديه مرة أخرى ..ولكن العيب ليس مني، فمن جهز حقيبتي وضع الكثير منهم"
هل عليه العجب الآن من طاعتها الغريبة؟ نظر إليها بتشكك للحظات قبل أن يحررها وهو يدفعها للمغادرة..
ظل خالد مكانه يضع يده في خصره ينظر لكل مكان بحنق ..بكبت حتى هدأت انفعالاته ووجد نفسه أخيراً يستل هاتفه من جيب بنطاله القطني ويطلب رقم بدور وانتظر وفور أن ردت أسرع يقول من بين أسنانه "من جهز حقيبة سَبنتي غيركِ؟!"
عبست بدور قليلاً من حدة نبرته..ثم أجابته بتشكك "ما الذي حدث؟!"
هتف من جديد بغيظ "أجيبي على قدر السؤال من غيركِ وضع يديه في متعلقات زوجتي؟"
تردد طويل أتاه من على الطرف الآخر قبل أن تقول بحرج "هل اختياراتي أزعجتك؟"
"بدوووور، أنا على أعصابي، ما رأيته في تلك الحقيبة الغبية مستحيل أن يكون من اختياراتكِ"
قالت بدور بتلاعب مرح "أنت تجهل ذوقي الأنثوي في هذه الأمور يا قلب بدور"
زمجر خالد بعنف وهو يقول بصوت خفيض "أعلم أنكِ وقحة، ولكن ليس لهذا الحد، وأيضاً تدركين عقد الغبية زوجتي.. لذا لن تضعي مطلقاً تلك الأشياء الصغيرة الشفافة المستفزة وأنتِ تعلمين بأنها من المستحيل أن ترتديها"
استرعى انتباهها وهي تقول بقلق "أي شفاف وصغير؟ لا أنا بالفعل لم أحاول أن أجهز لها أي شيء فاضح.. فكما قلت أعرف طبيعتها ووو..."
قاطعها بنفاذ صبر "من ساعدكِ يا بدور؟"
توترت وتلكأت قبل أن تقول بذنب مضحك "لقد تركت الحقيبة مفتوحة وذهبت لآتي لها بشيء ما، وعندما عدت كانت نوة تجلس بجانب الحقائب"
سب ولعن بما لا يتوافق مع شخصيته المتحفظة إطلاقاً.. كما دفعها لتقول "اهدأ يا حبيبي، أقسم لك أنها لم تفعل شيء"
صرخ خالد "بلى فعلت.. أختكِ الحقنة فعلت رغبة في استفزازي وتزويد نيراني مع متبلدة الإحساس خاصتي.. بدور أنتن كحقن عضلية محرجة ومزعجة في حياتي, أخبري نوة عند عودتي أني إن رأيتها سأركلها من المنزل وأرسلها لزوجها دون طائرة"
كتمت بدور ضحكة عنيفة متخيلة وجه نوة إن صرحت لها بوصفه وتهديده..
ودون كلمة إضافية أغلق الهاتف في وجهها..
********


يتبع الأن


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 03:14 AM   #6217

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الثامن والأربعون المشاركة (2)

عندما عادا أخيراً كان الليل ظلل المكان بأكمله.. ما زال مزاجهما الرائق لم يعكر، يتضاحك ساخراً منها وهو يقول بمسرحية "لقد نفذ مخزون المطعم من السمك،كما نفذت جيوبي"
زجته ضاحكة بمرح وهي تقول"لا بأس،سأخبر راشد ليزيد راتبك"
أمسك خالد كفها يشدها نحوه ثم يلفها حول نفسها وهو يتأملها بعينين أبعد ما تكون عن نظرة حسية ثم قال بحيرة"أتساءل كيف لا تزيدين جراماً واحداً؟ مؤكد لا تُسمي قبل الأكل"
كشرت وهي تفلت منه, تخلع معطفه وهي ترميه نحوه بتبرم هاتفة باعتراض "بلى أزيد ولكن معدل الحرق لديّ عالي،وبغض النظر يا مهندس الحشرات عن فهمك للخصائص الجينية البشرية،ما لك ومال طعامي إنه المتعة الوحيدة بالكون أجمع التي أفعلها كما يحلو لي دون قيودك الخانقة وراشد بك"
لم يهتم بآخر جملتها عندما قربها منه بعبث وهو يقول"هل زدتِ،أريني أين لأقيم بضمير وأتوقف عن مراقبتكِ وحسدكِ"
شهقت معترضة وهي تقول بسخط"هل عدنا لقلة أدبك وذوقك؟ما الذي يحدث معك فور الدخول لهذا البيت؟"
"أعتقد أن به تعويذة فرعونية لزيادة معدل الخصوبة.." قال بتلاعب وهو يغمز لها بشقاوة.
تلعثمت ولكنها قالت ببرود "وما دخل هذا بذاك يا مهندس الحشرات؟!"
اقترب منها يمسك وجهها بين يديه وهو يقول بصوت ذو رنة "الخصوبة لا تأتي إلا عبر فعل معين، لذا هذا وذاك كلاهما مرتبطان"
استنكرت وصرخت في وجهه وهي تبتعد عنه تتهمه كما مؤخراً أنه رجل آخر غير شيخها المهذب..
ضحك خالد وهو يغرد يديرها إليه ثم قال بهدوء "تعالي يا مجنونة،ولا تخافي سوف أتوقف عن إزعاجكِ.. إن كنتِ فتاة مهذبة مطيعة وسمحتِ لنا بهذا اليوم على الأقل أن يكمل دون تراجيديا دعسوقية"
من بين عبوسها رفعت إصبعاً محذراً في وجهه وهي تقول "بشرط، أولاً تسمح لي باستخدام هاتفي، وترسل كل الصورة التي التقطتها لنا.. وتعدني أن تأخذني غداً قبل الرحلة البحرية لزيارة التماسيح"
أومأ وهو يقول "شروط عادلة،وأيضاً الليلة لديّ مفاجأة لكِ"
تحمست وهي تسأله "ما هي؟"
"اشتريت لكِ الفيلم الأخير للسلسلة التي تحبينها، قبل عرضه في السينما المصرية"
"أووووه أنت جاد" هتفت بانبهار..
قال مداعباً "جاد جداً, ألا أستحق مكافأة صغيرة؟"
انكمشت وتوترت وهي تهز رأسها نفياً ببطء.. تنهد خالد وهو يحاول ألا يقنط مكتفياً على الأقل الآن بما توصلا إليه في مدة بسيطة..
تركها وتحرك نحو حقيبة حاسوبه المعلقة ثم أخرج هاتفها وهو يقول "سأذهب للوضوء والصلاة، بينما تنهين ما تريدين.."
ثم أخرج هاتفه ومنحه لها وهو يقول "وها هو هاتفي أرسلي ما تريدين.. ولكن كما اتفقنا لا مكالمات لأحد من العائلة مطلقاً"
أومأت دون جدال.. قبل أن تراه يختفي خلف الحمام..
للحقيقة لم تبدأ بهاتفه بل رمته على الفراش ثم جلست متربعة جانبه تقلب في هاتفها مراجعة من اتصل بها. .بالطبع كانت أكثر الاتصالات لراشد وشيماء.. أخذت بالتمرد اللحظي وأرادت الاتصال بكليهما.. ولكن شيء من هدوء وتروي منعها.. ربما هي بالفعل تحتاج لهدنة من الجميع مكتفية به فقط..كما يحاول أن يحشر داخل رأسها..
ثم فتحت صفحة التواصل التي باسمها الحقيقي دون استعارات.. ظلت تقلب بها لوقت ضاحكة من منشورات صديقاتها الجدد اللواتي شاركنها معها, مباركات ومهنئات مداعبات بأنها محظوظة،ليس لفكرة الزواج بحد ذاتها ولكن للهروب من الدراسة وأساتذة الجامعة لبعض الوقت.. من الجيد أن صفحتها مغلقة تماماً،ولا تقبل بصداقة أحد مطلقاً عبرها إلا أفراد العائلة وأصدقاء مقربين جدًا.. لذا بعضهم شارك صور من الزفاف مرحة كانوا التقطوها سوياً..شذى أيضاً نشرت على صفحتها مباركة لطيفة مرفقة برقصتها مع راشد..ثم خالد..
أمسكت هاتف خالد للحظة تنوي إرسال صورهما ونشرها،لتغيظ صديقاتها في مزحة..مشتاقة لما يطالبها به هو ويحاول إخراجها متمرداً متحدياً ولكنها عادت لأن تنغلق على نفسها من جديد.. وتراجعت عن الفكرة..
ثم أغلقت الصفحة ووجدت نفسها تتبع هاجس آخر وكأنها تسعى بنفسها لتدمير سلامها عندما دخلت صفحتها الخفية التي راقبته عبرها لسنوات.. لم يكن نشر صور لهما..اكتفى بنشر صور له وحده أو مع عدة رجال من رواد الحفل.. سياسيين أو رجال أعمال وهناك أحدها مع راشد..وأخرى مع أزواج أخواته..ولكن ليس هي..لم تهتم بالطبع..ولكن عندما دخلت على صورة أخرى كانت نشرت له ولها معتم على وجهها ومخفية تماماً..كانت التعليقات مؤذية وصادمة..أحدهم ينعته بالتلاعب..وأخرى تسخر منه ومنها تلقبها بسارقة الرجال.. وأخرى تذكره بخطيبته وحب حياته.. وأخرى كانت أشدهم قسوة متسائلاً عبرها (كم سيطول وجوده معها قبل أن يرميها ويرى غيرها؟!) ألهذا السبب يخفي شخصها..
شحبت سَبنتي، هي تدرك إيذاء الناس وحكمهم بجهل دون معرفة الحقائق،ولكنها لم تتوقع مطلقاً أن تتحول لمادة دسمة يتناقلونها بينهم..
"ماذا تفعلين؟" لم تشعر بخالد الذي عاد إليها ملاحظاً صدمتها البادية.. ثم خطف الهاتف من بين يديها، ومع بهوت ملامحه وتحولها للغضب أدركت أنه قرأ ما رأته..
أمسك هاتفه وهو يقول بغضب:"لا تلقي لهم بالاً،معظم هؤلاء مدفوع لهم خصيصاً ليقولوا هذا قاصدين إزعاجنا..على كلٍ دقائق وسينظف الحساب من كل هذا الهراء.."
بالطبع هي أصبحت تعلم أن هناك من يدير صفحته ويتابعها.. وليس هو بنفسه كما أخبرتها بدور قاصدة مرة "لا بأس أتركهم، الناس ما تصدق أن تجد شيء للنميمة"
"من يريد أن يتحدث بقذارة بعيداً عن ما يخصنا" قالها وهو ينهي الرسالة.. ثم أسند هاتفه ناظراً لوجهها الشاحب وهو يستغفر ندماً..
"أخبرتكِ ألا تتواصلي مع أحد.. ظننت أنكِ ستكتفين بأصدقاء الجامعة..ع لى كل حال ما الذي أدخلكِ لصفحتي،أنتِ لستِ من متابعينها أصلاً.."
ظلت صامتة شاردة للحظات قبل أن ترفع هاتفها في وجهه وهي تقول بنبرة غريبة"أنا من متابعينك لسنوات،لو امتلكت أنت كما تدعي عزيمة حقيقية وبحثت عني لاكتشفت وجودي حولك بسهولة.."
وقف خالد مكانه للحظة..ثم جلس بجانبها ثابت الملامح والأعصاب،وهو ينظر للهاتف في يدها،يقرأ الاسم الذي وضعته والصورة التي احتلت الحساب المخفي دعسوقة صغيرة على فرع نبات أخضر..
ثم قال أخيراً بنبرة غامضة: "أكنتِ تتابعيني؟"
ردت بصوت جامد: "كل لحظة، وساعة وليلة.. أفكر في التمرد وتحدي ياسر وكسر كلمة راشد، وأتحدث إليك.. ولكني كنت أتراجع عندما أرى صورتها بجانبك، تشاركك نجاحك وخطواتك.. حتى اقتنعت أن ياسر محق، هي من تدفعك للأمام بينما أنا سأجرك للخلف.."
تصلب فكة ونفخ صدره بكبت رهيب تكاد تقسم أنها رأت عبرها كل عضلة منه تنفر هاربة من قفصه الصدري.. ثم قال أخيراً بجمود متهكماً "هل يفترض بي التعاطف معكِ الآن يا سَبنتي؟"
أطرقت بوجهها وهي تقول بخشونة "لم أطلب منك لا تعاطف ولا تفهم.. لقد سألت صباحاً لماذا سحبت وعودي،لِمَ لم أعد وها أنا أمنحك الإجابة"
ارتفع حاجبيه وهو يميل برأسه مستفهماً بعجب حاد "أي إجابة، هل تعنين محاولتكِ المستميتة المستمرة لدفعي بالتفكير أنكِ أقل من أخرى؟"
أرادها أن تثور تغضب، تتعامل بكبريائها وثقتها التي كانت.. ولكن لحسرته ووجعه عليها سوياً.. كانت تقف من جانبه تهرب بعيدًا عنه بعينيها وهي تقول بخشونة زائفة "هذه هي الحقيقة مهما أنكرناها"
ارتفع وجهه نحوها وهو يقول ببرود "توقعت كل شيء منكِ، حلمت بكِ ليال طويلة راسماً بعقلي الباطن كل لحظة معكِ كل حوار سيجري بيننا، ولكن آخر ما كنت أتوقعه أن تقف سَبنتي الراوي وتقر أن هناك فتاة على البسيطة تمتاز عنها بأي شيء.. اسمكِ وحده يا سَبنتي يمنحكِ كل حصانة وكبرياء، لأن تشعري أنكِ أفضل من أية فتاة"
اهتزت وهي ترفع كفيها تفرك ذراعيها بذهول من نفسها وهي تقول باضطراب "أنت محق، هذه ليست أنا"
ستصيبه بالتخلف ما الذي يفترض به أن يفهمه الآن من تنوع مشاعرها غير المتوافقة على الإطلاق "أنا كنت أحلم بك أيضاً"
مضت لحظات طويلة جداً كدهر قبل أن يسأل بخفوت أجش "وبماذا حلمتِ؟ هل هي أشياء إيجابية؟"
استدارت نحوه ببطء, عيناها مضطربتان لأبعد حد, شفتاها باهتتان, وجهها لا يحمل أي مرح وهي تقول بتقطع "لم..لا.. لم تحمل أبداً ما يماثل أحلامك المنحطة بي"
مال جانب فمه بما يشبه ابتسامة قبل أن يقول بخفوت سرى على طول عمودها الفقري مسبباً لها برداً غريباً "لن أنكر تهور أحلامي بكِ.. حد أني كنت أدعو الله بتضرع أن تتوقف رافضاً أن أؤذيكِ أو أمسكِ بما يجرحكِ حتى ولو كان حلماً..ولكن أيضاً لم تكن كلها محصورة في هذا الجانب يا سَبنتي, أنا لستُ مهووساً لهذا الحد"
عادت نظرة القطط الضعيفة البريئة تسكن عينيها وهي تسأله "حقاً.. هل تقول الصدق.. بماذا حلمت؟"
وقف خالد أمامها ثم حاوط وجنتيها بين كفيه برقة شديدة ثم قال أمام عينيها التي ارتفعت مشدوهة تحدق فيه برقة حزينة وإحساس قوي أنيق في ما يحتويه "كان تمني أني وجدتكِ، فأحتضنكِ بين ذراعي لساعات دون كلام،دون عتاب فقط أمنحكِ وأنهل منكِ ما يسد رمق افتقادي لكِ،حتى أستيقظ من نومي مشبعاً مكتفياً لأبعد حد"
كورت فمها وهي تهمس "أوووه..هذا رائع"
ضغط على وجنتيها أكثر وهو يتراجع للوراء يسحبها معه وهو يقول بصوت رخيم "لم يكن رائع أبداً بل عذاب..عندما أحلم يعاد مشهد إقلاع الطائرة ثم تبتعد محلقة للبعيد.. وأظل ألحقها وأترجاكِ العودة إليّ طوال حلمي.. لا ركضي يتوقف ولا أنتِ تحنين وتعودين إليّ، فأستيقظ هذه المرة على شعور الخواء والفقد الذي ينهش بي.."
هبطت دمعة على طول خدها مبللة كفه مختفية هناك بين بشرتها ورقة لمسه ثم همست بصوتٍ أجش "أعرف هذا الشعور.. إذ أن كل أحلامي احتوت ما يماثله، دائماً ألاحقك، وأخبرك بحبي، ولكنك كنت توليني ظهرك غير عابئ بوجعي وبكائي.. متصلب أنت قاسي جداً.. حتى استيقظت في مرة وأقسمت ألا ألاحقك أبداً, ألا أجعلك تلمس عشقي لك، حتى وإن مت كمداً"
(هل يعتبر هذا اعترافاً بالحب يكاد يجن لسماعه؟!)
"غبية وقاسية لتعاقبيني على حلم"
همست "ليس حلم يا خالد, لقد ظللت لأعوام أمنحك دون حساب, ألاحقك بكل جنون حتى استحليت ما أمنحه لك بكرم، معتقداً أنه حق مكتسب لك وعند أول عثرة ومنعه عنك رغم إرادتي ثُرتُ وغضبت واتهمتني بالخيانة والتقصير.."
تقاربهما, اعترافاتهما الكثيرة ليومٍ واحد كلها تواطأت وتكاتفت مع بعضها ليصبح شيء يسلم شيئاً وأمراً يودي لآخر..وبدل أن يدافع عن نفسه لم يدرك خالد متى لامست شفتيه وجنتها مستطعماً الدمعة المالحة.. ثم انتقل بهوادة ورقة شديدة لأرنبة أنفها.. ثم وجنتها الأخرى.. كلها قبلات شديدة الحنان متمهلة دقيقة وصغيرة.. قبلة تتبعها أخرى, كفاه يحيطان بوجهها من الجانبين.. جسده يتراجع بها أكثر حتى تسطح بظهره على الفراش يجذبها معه.. متفاعلة هي ومسلمة وكأن كل أحاسيسهما وجدت مكان لتتماثل أخيراً، مستمرة في انعزالها عن مخاوفها.. مؤكدة له ما يعرف يقيناً ألا نفور جسدي ولا حائل غرامي بينهما.. يداه ما زالت تحيطها.. كلها يرقد على جسده باستسلام ممتع، تلمسه أخيراً دون أن يطلب منها، فمها الأخرق يقبله من حين لآخر رداً على قبلاته التي ينثرها بكرم وبذخ على طول وجهها.. متمهلاً ببطء وكأنه يملك وقت العالم كله، ليرسم خريطته الخاصة الفروسية على ملامحها.. يده تشتد أكثر, يقرب وجهها منه أكثر فأكثر يضغط على وجنتيها بتشدد ثم استرخاء.. غير مقدم على أية خطوة أو مداعبة.. بل كان الأمر والغرق الذي جذبها فيه خالي من الحميمية.. راغباً فيها ومسحوراً بها.. لشيء أبعد من مفاتن الجسد..
الآن شفتاه الدافئتان المحبتان انتقلت لجفون عينيها يقبلها بتمهل واحدة تلو الأخرى.. ثم يعاود الكرة وهو يهمس لها بخفوت أبح خلا أيضاً هذه المرة من نارية اللقاء السابق "أحب عينيكِ جداً، أعشق لونهما القديم العاصف، والجديد الذي يرجوني الرفق.. وكأن الجفون والرمش يحرسان لي حجري النار حامياً كنوز ومناجم"
همست بصوت بطيء وكأنها حتى مع رقته ترجوه الترفق مكتفية من بين سحابات الحب والشجن بذكر اسمه "خالد.."
حرر أحد يديه يدفن أنامله برقه أكبر وأشمل مررها في شعرها وهو ينظر إليها مبهوراً.. ثم يعود فمه يقتطف قُبلة صغيرة للغاية من شفتيها وهو يقول بخفوت يهزها "أما هذه الخصلات المتقلبة كما صاحبتها تصرخ بي تدعو أناملي للغرق فيها عبثاً"
"خالد.. أرجوك هذا كثير"
يده ارتاحت على ظهرها يدفعها إليه بقوة ثم اقتطف شهد شفتيها ليوقفها عن الارتعاش, يقبلها بتؤدة ونعومة, بجنون وتعقل, برفق وتوحش.. يزرع فيها رعباً من نوع جديد.. رعباً من حنانه, من تسلطه, من ناره الباردة المسالمة رغم رايات الحرب التي يكاد يرفعها على كل إنشٍ من جسدها..
إلا أنها لم تعترض. .لم تحاول دفعه بأي طريقة.. ليس رغبةً هذه المرة في الخلاص وإنما للاستكشاف.. هل ستقدر على تخطي الأمر، على تقبله.. أن يتحول خالد من حبيب بمشاعر عذرية أرادته بكل كيانها لزوج مطالبة هي أن تعطيه حقوقه كما أن من حقها أن يأخذها لذلك العالم الذي قد تجد فيه سلام لمخاوفها.. لتهدأ عقلها.. لترتاح.. نعم هي تريد أن ترتاح أي ما قد يتطلبه الأمر ستفعله.. رغبة في الراحة فقد تعبت.. تعبت من حملها الثقيل, من قهرها الأحادي.. تريد أن ترتاح وتحبه دون مخاوف..
هو لم يتركها المرة السابقة ما زال راغباً فيها أليس كذلك.. لقد احتضنها بعدها.. دفئها بقلبه.. آثرها على نفسه..
شعرت به يديرها ببطء لتصبح تحته، يبعثرها كلها، كما يبعثر كيانها، يجذبها بطريقة تبعث فيها مشاعر تتدفق بداخلها دون رادع أو حساب وكأنها كشفت خطأ كنزاً مدفوناً داخل تصحرها هي نفسها لم تعلم بوجوده.. وعندما ارتفع عنها ينظر إليها بطريقة جعلت معدتها تتلوى ألماً، أهذا هو ما يفترض أنه تأثر بحب زوجها؟ بفتنتها به؟ هل هي مفتونة بخالد؟ ما هذا الغباء..ربما جائعة.. لا صححتها لنفسها متذكرة بداية محاصرته بمشاعرها.. ثم همست بارتعاش خائف: "قلبي يؤلمني جداً يا خالد"
شفتيه انحدرت ثم قبلها فوق نبضاته بالضبط فانتفضت مصدومة.. وقبل أن تستوعب ما يفعله كان يعود وجهه الحبيب المريح يطل عليها وهو يهمس "سلميه لي وأعدكِ هذه المرة ألا أؤذيه أبداً.. سأرعاه جيداً وأهتم به"
فغرت شفتيها وهي تهمس كمن تغيب عن عقله وبات يهذي بدفاع ذاتي عن نفسه "لا أريد أن أسلمه لك بهذه الصورة.. لا أريد.. لا بل أريدك أن تحبني كما الماضي"
مشاعره كانت فائرة مدركاً ما يحتاجه كلاهما في هذه اللحظة، لا التراجع سينفع ولا الإقدام يمكنه أن يجلب عليه سلاماً ولكنه كان بالفعل وصل لنقطة فاصلة.. بدأ في نيلها.. فمن أين يملك رفاهية التراجع "أنا أحبكِ بكل حالاتكِ, بالماضي والحاضر"
إحدى يديها استندت على صدره تفردها على قلبه الذي يضخ بجنون مدوياً وكأنه مضخة ضخمة هادراً يرسل ملايين الشحنات الكهربائية التي تهز كليهما سوياً.. وجهه يتألم غراماً، ويتغضن اشتياقاً.. كل خلية منه ومنها يتحدان من جديد في عالم يطفو على سطح موجة ناعمة في عالم من وراء البحار السبع الساحرة بعيدين عن الدنيا وما فيها وكأنه سندباد بحار يأخذها منه لأراضي لم يطأها إنس ولا جان.. أغلقت عينيها مسلمة لِمَا يحدث تمنحه كل شيء, تترك له حرية التلاعب بها وحبها كما يهوى بطرقه.. تسمع غزله و حبه.
يميل بجانب أذنها ثم يأمرها ما بين التسلط والاشتهاء "لا تطولي شعركِ, إياكِ.. لقد أغرمت به قصيراً يتراقص على كتفيكِ وكأنه عرضاً ‏لفرقة أوبرا خيالية تتناغم على أجمل سيمفونية راقية وطربية"
وعندما انتهت الغيمة وذهبت سكرة الغرام، ووهم اللقاء الذي قيدها.. أتت الفكرة وحل واقع يخنقها بوجعها دون أن تفهمه..لقد كرهت نفسها..كرهت نفسها ليس للقائه بها بل لأنها ستوجعه بشدة هذه المرة.. وهي لم ترغب أبداً في أن توجعه.. عندما ضمها إليه, احتضنها مسيطراً بقوة على ارتعاشها العنيف وارتجافها الأعنف وكأنه عبر لقائه سرق كل الحياة ومعدلات الحرارة بداخلها.. كرهت فعلاً ما هي على وشك فعله.. لا ترغب في كسره, ما العلة فيها..ما مشكلتها, لماذا لا تتشبث فيه متقبلة ما منحته له بكامل رضاها؟!
"اهدئي حبيبتي" كان صوته ما زال لاهثاً عنيفاً مما زاد الارتجاف بداخلها, الصرخة المجروحة المعترضة.. التمرد الصامت الذي حقاً عجزت عن تفسيره.. وعندما أزاحته بعنف بكل ما أعتمل بداخلها من نفور..

أصيب بالذهول وهو ينظر إليها بإحباط..لم يملك حتى وقت ليلاحقها ليفسر من جديد سر جنونها..لفت نفسها بنفس الغطاء الكريه ثم اختطفت الهاتف اختطافاً من على الطاولة بجانب الفراش..وقبل أن يكتشف ما تنويه كانت تدخل الحمام مسرعة تغلق الباب بالمفتاح جيدًا تاركة صرخته الغاضبة بتحذير غاشم وراءها..وعندما هبط جسدها ببطء على البابتجلس هناك ضامة ركبتيها إلى صدرها..كانت تحتاج للنجدةلأي أحد تفهم منه وتشكو له نفسها عله يساعدها على استيعاب ما يحدث ينقذها من تدمير نفسها وخسارته..أن كانت خرجت بشيءٍ واحد من هذا اللقاء هي"لا تريد خسارة خالد أبداً..الموت أهون من فراقه،ومن تسليمه أيضاً قلبها...ولألمها الأكبر هي لم تجد..لم تجد شخصاً واحداً ناضجاً كفاية لتثق به وتخبره تلك الأسرار الدفينة..كيف بالأصل تقدر على إخراج سرحياتها الخاصة معه..من قد تأمنه على سر خالد..لم تجد..لاربما وجدت فهل ستقبلها وتمد لها يدها بمزيد من المساعدة؟!
عندما أجابها الصوت الناعم الرخيم وجدت نفسها تنفجر في البكاء تشهق بأنفاس مكتومة وهي تضغط على فمها بقوة"ماذا حدث ،سَبنتي أهذه أنتِ؟!"
"بدور،لا أريد..حاولت وعجزت لا أريد هذا،أنا أحبه..ولكن لاأريد هذا مع خالد أرجوكِ ساعديني،ماذا أفعل؟!"

...........................................


يتبع الأن

ru'a and كريم الشيخ like this.

Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 03:25 AM   #6218

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الثامن والأربعون المشاركة " ٣"


"اثبتي يا متجبرة، لقد اهتزت يداي مرة أخرى بسبب تحرككِ"
هتفت في وجهه بنزق وهي تمد كلا كفيها للأمام سامحة لطلاء أظافرها أن يجف وهي تقول "أنت الجاهل دوحا، لا تفهم في أمور الفتيات"
كانت قدماها الصغيرة يرتفعان على حجره بينما هي تجلس في مقعدها الطفولي الذي جسد السيارة الحمراء الصغيرة التي ابتاعها لها مع الغرفة الصبيانية.. وقد اختارت الأثاث بكل تسلط بنفسها.. قال ممدوح بغيظ "ربما لأني لم أكن فتاة بالسابق يا ابنة أمكِ"
عبست وهي تقول "أنا ابنة دوحا وليست أمك"
سخر منها "وأنتِ للشهادة تحترمين تلك الأبوة يا متجبرة"
رفعت حاجباً واحداً قبل أن تقول بتهديد "أطلي أظافري سريعاً بدل أن أفتح رأسك دوحا"
"أعتقد أنها ترغب في قول (نقطنا بسكاتك)" قالت لورين التي دخلت الغرفة تمسك في يدها كوب ضخم من القهوة.. تضحك سراً على عذابه مع (النذلة) الصغيرة منذ وقتٍ ليس بهين، لقد ساومته تقريباً أن تقبل بالبقاء مع عمتها أثناء انشغال كليهما لبضع ساعات للانتهاء من أوراق إقامتها هي.. فتجبرهما ليهبط كليهما لمحل صغير بجانب المنزل لشراء أنواع وأشكال كثيرة من طلاء الأظافر وأدوات زينة هي نفسها لا تملك كل هذا العدد...
"يبهجكِ ما تفعله بي أليس كذلك؟"
حركت لورين كتفيها بلا معنى وهي تجلس على مقعد خشبي مقابله ثم وضعت ساق فوق الأخرى وهي تقول ببرود "أنت من أردت أن تعيش لحظات الأبوة معوضاً ما فاتك معها.. ليست معاناتك مشكلتي بالنهاية"
رفع عينيه الخضراوين ينظر إليها.. نظرة مبهمة ثم قال بوجوم "يمكنك مد يد المساعدة، فكما نلاحظ أنا وأنتِ أمل تحتاج لإعادة صياغة شاملة"
حركت أصابعها على سطح الكوب الدائري ثم قالت بجفاء "إعادة صياغة!! هل تعتقد أنها أحد برامج حاسوبك يا بشمهندس؟!"
نظر إليها من جديد بطريقة غريبة ثم قال بصوتٍ متشدد قاس "بل ابنتنا التي خبأتها لزمن.. وانشغلتِ عن تنشئتها... لذا من حقي التدخل الآن لأزرع فيها كل ما حرمنا أنا وأنتِ منه.."
أطلقت ضحكة ساخرة في وجهه فتمتم بنفور "ما معنى هذا بالضبط.. هل ترين أن محاولتي لإصلاح ابنتنا مادة للسخرية؟"
وقفت من مكانها وهي تنصرف من المكان،قبل أن تتوقف تنظر إليه من فوق كتفها وهي تقول ببرود جاف "لا.. بل تعني أني ما زلت أرى أن الدور كله لا يليق بك يا ممدوح لأتتمه.."
أظلمت عينا ممدوح وهو ينظر لها عاقداً حاجبيه بقتامة.. حتى أخرجته يد ابنته التي تربت على كتفه ثم رأسها الذي مال على صدره في نوع من الاعتذار الصامت وكأنها تدرك ما يحدث "مولي تحب بابا كثيراً"
قبل ممدوح رأسها بقوة ثم جبهتها وهو يضم جسدها إليه بتشدد ثم قال بخفوتٍ رحب "ودوحا يحب أمل أكثر من روحه.. لأجل مولي سيفعل أي شيء"
ضحكت الصغيرة برقة قبل أن تقول بخبث ممتع "هل ستأخذني لشركتك إذاً؟"
أبعدها عنه ينظر إليها مدعياً العبوس وهو يقول "ليست شركة أخبرتكِ بل مكتب صغير جداً،وبعمل مولي وبابا سوياً سيكبر ليكون مكان ضخم جداً جداً.."
رفعت إصبعها المحذر في وجهه وهي تقول بتسلط "أريد مكتب جانبك...ومقعد سيارة،لن أذهب لبيت الأحمق سيف..بل سآتي معك"
حرك رأسه مدعيا التفكير ثم قال "دعينا نتفق، أمل ستذهب للمدرسة صباحاً.. وليلاً ستأتي معي للعمل ما رأيكِ؟"
قفزت بحماس وهي تسقف وتهلل مطلقة أصوات جلبت إلى قلبه ضحكة مدوية "مولي كبيرة، سوف تذهب للمدرسة"
"هل أنتِ سعيدة؟"
رفعت حاجبيها بالترافق مع توسع عينيها الكبيرتين ثم دست إصبعها في فمها وهي تومئ عدة مرات مؤكدة على بهجتها..
"إذاً سنذهب اليوم لشراء حقيبة أمل وأدوات مدرسية...والأسبوع القادم سنذهب للمدرسة الكبيرة جداً لتريها"
قالت بسعادة وهي تخرج إصبعها من فمها "أريد ملابس جميلة دوحا، لا أريد فستان أحمق أنا لست فتاة تذكر"
ضحك من كل قلبه وهو يقف يعرج على ساقه حتى وصل إليها يختطفها من الأرض وهو يلقيها للأعلى ثم يستقبلها بين ذراعيه وهو يقول محذراً بطريقتها "ولكن لا أريد شكوى من أحد، أمل ستكون فتاة مهذبة، وليست صبي مجنون لذا لن تضربي أحداً"
نظرت إليه بذهول مضحك ثم قالت "كيف أعاقب من يزعج مولي إذاً؟"
قال بجدية شديدة حازماً "ستخبرين معلمتكِ، أو تنتظرين لتشكي لي من أزعجكِ وسأتولى الأمر"
جادلته "ولكن مولي تحب ضرب الفتيان"
قال بنفس الحزم"على مولي أن تتوقف،وإلا سأغضب منها ولن أحدثها"
وجدها تلف ذراعيها حول عنقه وهي تقول سريعاً"هل ستسافر إن غضبت مني،لا أريدك أن ترحل من جديد بابا سأحزن كثيراً.. سأبكي, سأبكي بقوة حتى تعود إليّ"
أغلق ممدوح عينيه وهو يضمها إليه بتشدد وهمس لها بمرارة "بابا لن يسمح لأمل بالابتعاد..ولا لأم أمل بتعذيبنا"
"لن أضرب أحد، سأنتظر لأخبرك ثم أضربهم هل هذا جيد؟"
من السهل جداً على تلك المعجزة كما وصفها أيوب أن تخلق بداخله أجمل إحساس مبددة كل أوجاعه "تبدو صفقة جيدة حتى حين يا مستبدة"

شعر ممدوح بيد تنستد على كتفه..التفت بحيرة ينظر إلى عودتها ..يتأمل النظرة الغير مفسرة في عينيها...هل كانت تبكي؟!...
الآن الصدمة كانت أعمق وهو ينظر إليها ببلاهة وقبل أن يفكر في السؤال...كانت تمنعه وهي تقول باستياء"جرحت أصبعي،لقد فكرت أن أحضر لكما الغداء وليتني ما فعلت؟!"
"وأين ضمادة الجرح إذاً؟"سأل ببساطة
قالت بجفاء"جرحاً لا يستحق..المهم أعطني المستبدة...أريدها "

هتفت أمل بنزق معترضة"ولكن أنا أريد بابا..لم أطلبكِ يا لورين"
زفرت لورين نفساً حادًا من بين شفتيها وهي تقول باستياء"إسمعي يا ابنة ممدوح أنا لستُ لعبة بين يديكِ،لقد ناديتني ماما أخيراً ولن أسمح لك بالتراجع!"
أخذتها من بين يديه ثم أوقفتها على الأرض وركعت أمامها تخرج شيء من علبة زرقاء اللون...بينما هو بقي لثوانٍ يتأملهما تتناطحان بنفس القوة والجبروت بإنبهار ثم قال"من شابهت أمها ما ظلمت"
صححت لورين وهي تنظر إليه ممتعضة"اسمها"اكفي القدرة على فمها ...الأخرى تطلق على الصبي وأبيه"
قال ممدوح بلكنته العربية المميزة ساخراً"والله هذه هى كل ما أملك الآن،لذا عليكِ تقبل ان أطلق عليها الأمرين معاً"
اطرقت لورين برأسها لبرهة ناظرة للأرض..ذلك الشيء معلق بين يديها هو يقف مطلا عليهما من علو..بينما ابنتها أمامها تتنازل و تحرك أصابعها الصغيرة في طيات شعرها الطويل والناعم في نوع من التواصل...ماذا عليها أن تفعل الآن..الورطة تزيد ومشاعرها تعود من جديد لتنجذب لفخ الدب،تدخل قفصه المحكم،تقتحم غابته المخيفة..بل انها سمحت لدُبها أن يحتضنها أن تبات على صدره أن تنهل منه ذلك الشيء المبهم الذي لا يقدر أحد في الكون سواه على منحه لها..هل قال أن فراشها حمم،ووجودها عذاب...ماذا عن تواجده كله حولها..عن معاناتها ووجعها وهى تراقبه يوماً وراء الآخر مع صغيرته..القلب يريد..النفس تريد..والألم يريد مسكنه رافضاً توحشها فيما تنتويه..كيف ستقدر أن تحرم أمل منه..ومن أين لها القدرة لتعود العنقاء تنهض من الرماد لتحارب وتقاوم...لقد اخترقت العنقاء خاصتها،ولم تعد قادرة على التجديد...فما بالها من مجرد رؤيتها منذ قليل لتلك الصورة الرائعة بينه وبين الصغيرة، تعد توقظ فيها نار العنقاء ملحة عليها بالنهوض...هل سوف تستطيع التخطي فعلاً...ولكن كيف...كيف لها أن تأمنه على نفسها أن تنسي ما كان منه ومنها ...
مازلت أمل تنظر إليها نظرة توجع القلب..بينما شعرت به يجلس موازياً لها يده تمسد ظهرها صعود وهبوط برفق وهو يقول بقلق" لورين هل أنتِ بخير،هل تشعرين بالتعب؟"
رفعت وجهها نحوه تنظر إليه بإبتسامة بطيئة ثم همست بخفوت شجن"أردت أخبارك،أنك أباً رائعاً،بل أفضل من رجال كثيرين كبروا في بيئة سوية متوفراً لهم كل متطلبات الحياة...أنت والد بالفطرة يا ممدوح وهذا ما لم أكن أتخيله أبداً"
ارتد وجه ممدوح للوراء قليلا وهو ينظر إليها بعجب،محاولا أن يصل لسر تقلبها العجيب..إلا أنه قال بالنهاية بنبرة بطيئة خافتة " ليس هذا جوهر الأمر،قد أكون أباً رائعاً،ولكني فاشل فيما تحتاج لأمنحه لها..لذا أحتاج لوالدتها معي..لنساند بعضناً مصححين كل ما يخفق فيه الآخر"
هزت رأسها ولم ترد ثم استدارت نحو أمل تمسك يدها وتفردها وهو تقول " إجعلها ثابتة بهذا الشكل "
قلب ممدوح عينيه بتعجب" ماذا تنوين؟"
أخرجت لورين كف بلاستيك مقوى طبي.. يمسك يد الطفل وبه أصبع واحد فقط ضخم قليلاً..ثم وضعته هناك أمام نزق أمل واعتراضها بل وبدايتها في البكاء ثم قالت بهدوء" كل يوم كنت أُؤجل علاج مشكلة هذا الإصبع مخبرة نفسي أنها ستكبر وتمتنع من تلقاء نفسها،ولكن كما ترى لن تفعل قط،لذا حان وقت تدخلي خاصةً مع نيتك في أن تلحقها بمدرسة"
بكت أمل مما جعله يتشتت للحظة خاصة عندما اندفعت تلتجئ إليه وهي تحاول باستماته وضع إصبعها المعزول،في فمها فتفشل وتزيد بكاء صارخ"لا أحب لورين سيئة..بابا أخلع هذا الشيء القبيح"
نظر إليها ممدوح بتردد ثم سأل"أليس هناك حلٌ آخر؟"
حاولت لورين أن تقترب منها أن تحتويها إلا أن العنيدة رفضت بكل قوة،قالت بخفوت"تلك الطريقة الطبية الوحيدة باقي الحلول متداولة بوصفات شعبية..مستحيل أن ترضى أنت بها،أو أقدر أنا على فعلها.."
نظر إليها بجهل بحت للمعنى فشرحت باختصار"يضعون شطة حارقة وصبار ووو..."
أوقفها وهو يقفز بالفتاة بعيداً مستوى على قدميها وهدر"لا..لا ما هذا الاجرام والقسوة.."فلتمتصه باقي عمرها "
وقفت لورين بدورها وهي تقول بعجز"أخبرتك أن تقبل،لذا عليك مساعدتي لتتقبل مستبدتك علاجها من هذا الطبع"
ظلت أمل للحظات طويلة تختبئ على كتفه محاولة خلع هذا المانع تارة..تصرخ في وجه لورين تارات ثم تتوسله هو النجدة ...
حتى قال هو أخيراً" آن لهذا أن ينزع..أنتِ كبيرة الآن ولست مجنونة المجانين فقط من يمتصون أصباعهم"
مدت شفتيها بعبوس باكي مصرة على الرفض ..
فقال ممدوح من جديد"ما رأيكِ نذهب لشراء النوتيلا لأمل والكثير من الشكولاتة..مقابل أن تجربي ارتدائه ليومٍ واحد؟"
أطلقت لورين اعتراضاً فأوقفها بحزم..وهو يعود لابنته التي بدأت تقبل الأمر ثم همست من بين بكاء التردد"سأبقيه ليومين كهذا ..رفعت أربعة أصابع..مسببة ضحكة خافتة..ثم ذهول مستنكر عندما أكملت"ولكن بشرط أريد رؤية صديقي إياب واللعب معه لقد اشتقته"
ظل ممدوح ينظر إليها بذهول وبلاهة ..بينما ضحكت لورين بقوة وهو تخبط كفيها بشماتة هامسة من بين أنفاسها "ونعم الصياغة،يا ممدوح ابنتك منحلة"
...............................
دفع ممدوح عربة المشتريات أمامه،بعد أن اتفقا للنزول سوياً كأسرة حقيقية أخيراً لشراء بعض المستلزمات الناقصة للمنزل، ومخزون من الطعام والمشروبات ....
بينما كانت لورين وراءه ترتدي بنطال نسائي رياضي وحُلة مماثلة محتشمة رابطة شعرها الأسود في ديل حصان أشبه بكرباج لاذع...يتراقص حتى أسفل ظهرها بقليل..منحها مظهرًا متحرراً جذاباً وكأن السنون العجاف لم تترك بداخلها أثراً وكأنها كما هي عندما رآها أول مرة..نظر قليلاً لأمل التي تجلس أمامه عابسة تضم يديها لصدرها بسخط ممتع،وقد ألبستها أمها حله مماثلة وعقدت لها شعرها المشابة لها في تصفيفة مماثلة"لما الغضب،يا مستبدة؟"
قالت أمل دون أن تنظر إليه"لا أتحدث معك..أنت تحب لورين أكثر مني"
مال نحوها وهي يقول بعبوس"دوحا لا يحب أي فتاة إلا أمل"
قالت معترضة بسخط:"لم تعد دوحا بل بابا فقط"
نظر إلى لورين متسائلا وهو يقول"هل نفهم من هذا أن لقب ماما وبابا نوع من العقاب؟"
قالت بحيرة مماثلة متخوفة"يبدو هذا فعلاً..يا إلهي كيف سنتصرف..على الأقل أنت تدعوك دوحا..لكن أنا أصبحت ماما دائماً أي أني في عقاب مفتوح"
قال ممدوح بجدية شديدة وهو يلتقط أحد أنواع الجبن من الثلجات المرصوصة"إن كنتِ تبحثين عن تعاطف،فطلبكِ مرفوض..إذ أن فكرة العقاب بحدة ذاتها مريحة"
امتعضت شفتيها وهي تنظر إليه ببرود...لوح ممدوح أمام عينيها وهو يسألها بنبرة عادية"أيهما أفضل لنأخذه؟"
ضيقت جفنيها في خط متقوص،وملامحها ترتسم نوع من الإستكانة المريبة..بينما قوامها الجميل المتناسق يتهدل في وقفة تمسكن ووداعة جعلت قسمات وجهه يحتلها التشكك..ثم قالت أخيراً بنبرة بسيطة للغاية خاضعة لا تليق للورين مطلقاً ولو من باب المزاح
"وكيف لي أن أعرف يا سي ممدوح ؟ أنت المتحكم مالك زمام الأمور كبير البيت وسيد حياتي..لا رأي بعد رأيك طبعاً"
مد ممدوح عنقه للأمام مع انحناء رأسه نحوها ينظر إليها بارتباك ثم قال دون سيطرة على نبرته التي خرجت سوقية للغاية"نعم يا طبيبة الغبرة؟!"
حركت كتفيها للأمام بلا مبالاة ثم قالت بنفس تلك النبرة المريبة
"كما سمعت يا سيد الناس وسيدي،أنا من المستحيل أن أبدي رأي حتى ولو في علبة صلصة وأنت موجود"
ضيق عينيه بطريقة مضحكة وهو يهمس"أيها الخبيثة..هل حقاً تريدين لعب هذه اللعبة...أنتِ تعلمين جهلي بأشياء المنزل..أنا أعجز حتى عن عمل كوب قهوة لنفسي"
تبخطرت أمامه في مشية متمهلة مغرورة قاصدة استفزازه ثم قالت بخبث"عليك التعلم إذاً يا سيد الناس والمنزل،السلطة يا حبيبي ليس بشيء هين ولا سهل.لذا تحتاج لبعض الجهد منك"
هل إن فتح رأسها بعلبة النوتيلاً وإدعى أن ابنته من فعلت..ستكشفه كاميرات المراقبة؟!ربما عليه الانتظار حتى تنام ثم يقيدها في الفراش ليس لشيء منحرف حاشى لله أن يقترب من الجاحدة وإنما ليجلدها على القدمين..احم وربما منطقة مستفزة أخرى ملفتة للنظر ...
أثناء تفكيره الخطير الذي جلب له البهجة..رن هاتفه قاطعاً عليه حتى خيالاته الجميلة..أخرج الهاتف ونظر للرقم وفور أن رأى المتصل تجمد في وقفته وشحبت ملامحه قليلاً..كانت لورين عادت تحمل بعض الأشياء تضعها في العربة..وهي تنظر إليه بقلق وللهاتف في يده"من المتصل؟!"
تمتم ممدوح باقتضاب وهو يبتعد عنها سريعاً ناوياً الخروج من هرج المكان بين المتسوقين"مكالمة عمل هامة..انتبهي لأمل"
حدقت في أثره بجمود وشعور من الغيرة التي ليس له معنى يحرقها..من شحوب ملامحه إرتباكه والسواد القاتم الذي سكن عينيه..كل هذا لا يفسره إلا شيء واحد هل نقض وعده وعاد يلاحق تلك الفتاة بهوسه من جديد...لا لن تسمح له،أبداً لن يعود لهذه النقطة يجب أن أجد له حل رادع أن تنقذه من غيه أن......!
توقفت لورين وعينيها تتوسع بذعر مصدوم من التفكير الذي سيطر عليها من جديد ما لها هي ومال ما يفعله بنفسه..بل كيف بعد كل ما حدث تعود لنفس النقطة المريعة تريد الغوص في الظلمات والتفاف حوله وعلاجه جبراً..ألم تتعلم من درسها بعد"غبية..غبية يا طبيبة.. ثم ..ثم ما دخلها أصلاً أليست هي معه لمدة معينة ثم ستأخذ ابنتها وتفارق..فما الذي حدث الآن لتعود وتهتم به..لينهشها شيئاً حارقاً يسلعها بسياط من نار..!هل هذه غيرة بدافع الحب يا لورين..هل تغارين على ممدوح فعلاً..ولما لا أليس زوجها؟أليس من حقها أن يصبها الكمد من مجرد زيارة أنثى سواها لتفكيره؟!"
رفعت لورين كفيها تغطي وجنتيها اللتين التهابتا خجلاً وحرقة من الاعتراف ثم همست بخفوت"أيتها المجذوبة المريضة هل تعترفين بحبه..تغارين عليه أليس هذا ممدوح الذي عاهدتي نفسكِ أنه لو أخر رجل بالعالم،لن تمنحيه لورين أيوب من جديد..!ولكن أليس ما حدث بالأمس بينهما من استسلام ونوم ‏‏هانئ بين ذراعيه يُعد تسليم بالأمر الواقع واعتراف بالحب؟!"
............
" تميم بك؟!"
قالها ممدوح بنبرة متعجبة بها بعض الكبت"
رد تميم على الطرف الآخر بهدوء شديد الغموض"لم تتوقع اتصالي بك صحيح؟!"
قال ممدوح بصوت] مظلم متوتر"وما الذي يدفعني لاعتقاد ذلك؟ آخر مرة بيننا أعذرنى كانت..!"
قاطعه تميم وهو يقول بجمود"كانت إقدام زوجتك على قتلي..ولم تحاول حتى الاتصال لتطمئن هل مات وارتحتوا من وجودي أم مازلت حي أُرزَق؟"
ممدوح لم يكن من النوع العاطفي..ولا يفهم في الواجب والأصول هو بالكاد يبدأ حياته محاولا أن يتعرف على العادات والتقاليد والخيوط العريضة للتعامل مع البشر هنا...لذا رد بسخرية سوداء " طالما أنك تحدثني معناه أنك نجوت..!"
هز تميم رأسه بيأس لاعناً حظه الأسود الذي أوقعه مع هؤلاء الجليدين باهتي الإحساس...قال أخيراً بقوة"أنا مازلت عند اتفاقنا..ماذا عنك؟"
توتر ممدوح لبرهة وعاد تنازعه للسطح وتفكيره القاتم إن قال نعم ..فهذا معناه كشف مرح بالكامل..وإن قال لا سيحكم على لورين بعيش وجع الفشل من جديد...عندما طال صمت ممدوح تكلم تميم بصوت شديد القتامة والخطورة"من ترددك..يعني أنك تخشى عليها مني..ولكن أريد أن ألفت نظرك لنقطة هامة تغيبت عنك وأعذرني لا وقاحة..امتناعك عن اتمام الاتفاق..لن يمنعني عنها ان أردت الوصول اليها..فأنت بت تعرف قدرتي للوصول للجن في باطن الأرض إن رغبت"
ازاد تنفس ممدوح بشكلٍ أهوج وهو يصرخ فيه دون سيطرة"فكر بالاقتراب منها خطوة واحده وأنا من سأقتلك هذه المرة؟!"
ساد الصمت للحظات قبل أن يتكلم تميم بنبرة خشنة غامضة"أيهن تقصد السيدة لورين..أم مرح الصغيرة"
اضطريت ملامح ممدوح وبهتت عينيه،شاعر بالغباء الشديد بالسخافة والسخرية،أين كان عقله العبقري بالضبط عندما تجاهل من هو تميم الخطيب،مدعياً أن مرح زوجته فعلاً...أسيصعب على رجل مثله إن أراد حقاً أن يتوصل للحقيقة خاصة أنه هو بالأساس من ساعد إيهاب في التوصل لمكانهم....اشتدت أصابع ممدوح على خصره وهو ينفخ بنارية ثم قال بجمود"ماذا تريد سيد تميم؟"
وكأن أفكار كليهما إلتقتا فجأة متفقتان على نقطة مبدئية زائفة ...عندما قال تميم بصرامة"أريد ما وعدت به بكل المميزات التي أثبت إنك قادر عليه ...وبالمقابل ستذهب هي بكل أمان بصحبتي شخصياً حتى أي بقعة تريدها داخل الأراضي المحتلة"
ابتلع ممدوح ريقه بجفاف وهو يعتدل ينظر من البعيد لزوجته وصغيرته بخوف..وقبضة غاشمة تمسك قلبه..هل هو قادر على ارسالها لخطوط النار فعلاً بعد عذاب عودتها إليه..أقادر هو فعلاً على التفريط بها"ستذهبان وحدكما ألم تخبرني،انك ستدبر أمر وجودها وسط مؤتمر ما؟!" قال ممدوح بجمود رافضاً الفكرة المبدئية لسفرها معه وحدها بالطبع...
رد تميم بهدوء مختصر"لقد أخبرتك أني ذاهب معها،ولم أذكر أي شيء عن التنقل وحدنا هذا غير مقبول..وسوف يثير أسئلة غير مرغوب بها"
"هناك مؤتمر إذاً؟"
" نعم .."
ساد صمت أخر وعينيه لا تفارق وقوفها القلق دون أن تقدم على التحرك خطوة واحدة..وعندما تكلم كان يقول بصوت ميت"عليكّ أن تفهم،أن هذه المرأة..نور عتمة طويلة عشت بها..هي ليست زوجتي وأم طفلتي فقط بل حياة..حياتي كلها سيد تميم"
ألم..ألم مجنون محموم هو ما شعر به تميم في هذه اللحظة..وكأنه أتى بمائة سكين مماثلين لسكين مرح وغرزه فيه دون شفقة....
"المقدسي لا يخون..ولا يفقد أمانة أو يمسسها بسوء..سيد ممدوح"
ظل ممدوح على صمته لدقائق هل يخبرها له صراحة الآن أن الشخصين ليسا واحداً كما يعتقد بل هما مختلفين تماماً...تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة وهو يقول بثقة شديدة"لا يهمني ما أنت عليه حتى وإن كنت كشفت بعض من ألغازك دون قصدك...ولكن ما يدفعني لارسالها هو ثقتي أن امرأتي حرة..من أرض حرة وتراب حراً لا يقبل أو يخضع "
..::::::.:::......
بعد ساعات وقفت لورين تجهز العشاء...بينما كانت أمل أمام فتحت المطبخ الضيق قليلاً تلعب أمامهم...أم هو كان تبرع لمساعداتها في رص المشتريات بالمبرد..وأماكن التخزين...
"هل يمكنني السؤال من كان المتصل الذي قلب كيانك؟!
لم يعتدل ممدوح من انحنائه وهو يرتب بعض أكياس"الرومن" الخاص بالطبيبة خاصته وليس ابنته كما أعتقد...عندما رد بهدوء"سأخبركِ في الوقت المناسب"
اعتدلت تنظر إليه بغضب بارد"ألا وهو متى؟!"
نفخ بضجر وهو يعود نحو الأكياس من جديد مضيق عينيه وهو يحاول ربط كلمات العربية ببعضها..تباً لقد نسى كيف يقرأ ويكتب من عدم استعماله من وقت طويل لها يجب عليه أن يبحث عن كورس مكثف ليستعيد مهارته فيها"لم تجيبني؟"
شوح بيده بلا اهتمام وهو يقول"بالي ليس رائق يا لورين..أجلي خططكِ وأسبابكِ وغموضكِ لوقتٍ لاحق إن تكرمتِ..!"
اقتربت لورين وهي تدرك أنه يعاني من أمرٍ ما ثم نظرت من أعلى كتفه بفضول..مدركة حيرته بسخرية من قراءة بعض أسماء المغلفات ليرصهم بدقة ونظام لم يتوافق مع بعضهم..شيء آخر تذكره عنه جيداً عكس ما قد يعتقده البعض..هذا الأسود البارد لديه حس نظام عالي جداً ودقيق..هي لا تذكر مطلقاً أنها نظفت خلفه مرة أو ترك مكان استعمله متسخاً..حتى وهو مجرد قعيد على كرسي متحرك..كان يحاول بكل طاقته تنظيم وترتيب كل ما يخصه"هل تجهل القراءة؟"
تجمد،وهو ينظر إليها من مكانه المنخفض بعينين قاتمتين"لا بأس يا ممدوح لن أخذها نقطة ضعف..أتفهم جداً أنك عشت عمرك أمريكي"
ظل ينظر إليها بنفس القتامة حتى تنازل أخيراً وهو يقول بصوتٍ متوتر"كنت أجيد قرأتها والكتابة بها أيضاً..الفضل لابن عمي الأكبر..إلا أن التوقف عن ممارستها لأعوام..جعل لدي بعض الصعوبة بها"
جلست لورين بجواره وهم تبتسم بدفء بدا مُحيراً منها ثم قالت"لا بأس سأساعدك اليوم..وبعدها سنبحث عن حل سوياً..أو حتى إن رغبة يمكنني البدء في تذكيرك بها حتى أجد عملاً لى"
ابتسم ممدوح ابتسامة باهتة وهو يحمل بين يديه بعض البقوليات ينظر إليها كمن يقيمها دون أن يراها حقيقية حتى قال أخيراً بصوتٍ أجش"أتمنى في هذه اللحظة التي نبدو فيها كعائلة حقيقية، حتى وإن كنا نبدأ من تحت الصفر حرفياً...أن نترك الماضي خلفنا..ويظهر طريق المستقبل مستقيماً ذو"أمل"
توترت شفتا لورين وهي تدعي الانشغال مادة ذراعاها وجزء من ظهرها يتناغم منساب بنعومة مع كل حركة نحو الأرض تجذب غرض ثم تكتب عليها بقلم أسود اسمه بالانجليزية حتى تسهل عليه قرأته"نحن عائلة حقيقية بالفعل يا ممدوح..نحاول بجهد ومن أول ليلة كما تمنيت أنت..أم عن الأمل..ها هي بالخارج سعيدة كما يستحق كل طفل في عمرها تحبك بجنون..ولا ترغب في عالمها الصغير إلا حنان وأمان أبيها"
ترك ممدوح ما بيده ثم لمس جانب نحرها بتردد ممسك خصلة سوداء ناعمة جداً وثقيلة تتمرد متطايرة متحدية إياه لتحمل نعومتها وسوطها اللاسع"وأمها..هل ستظل تنأى بنفسها..محتفظة بمشاعرها ..ورفضها؟"
لم تستدر نحوه ولم تحاول الابتعاد بل تركت له كل حرية بأن يلمسها بأن يغمرها بعبق..بأن تشعر بجسده الرجولي النحيل الذي أصبح على بعد انشٍ واحد منها كلما مالت أو اعتدلت بجلستها تحتاط فيه متلامسه معه بتمرد وتزمت..تاركه بداخله جموح عاطفي غير محتمل ....
أجابته أخيراً بهدوء"أمها تنوي أن تعيش..ولكنها تحتاج الفرصة للتعاطي مع التغيرات،مهما طال توجسها ونفورها منك...ولكنك بالنهاية تعرف جيداً انها ستسلم بالأمر الواقع..."
صمتت لبرهة قبل أن تتوقف عن ما كانت تفعله مستديرة نحوه بوجه ممتقع وهي تهمس بنبرة غَرُبَتْ منها الحياة"ومن يعرف،قد أسلم بقدري حد أن أنجب مِنكَ مزيداً من الأمل "
نظرة هاربة حريصة اقتنصها سريعاً نحو مكان ابنته التي تركته وذهبت لغرفتها كما توقع
...
كما جعله يحاوط وجهها جابرها على النظر إليه قارئاً الضياع في عينيه..الخوف في ملامحها ثم يلمس العزم الكريه داخل قلبها ...قال أخيراً ببطء عذب"أنتِ غير عادلة...غير عادلة بالمرة ،تجهزين معي منزلاً،تتخيلين أشياء ورحلات نفعلها ثلاثتنا..ثم تجلسين هنا تعيدينني بالجنة..بنهاية وردية بطريقنا..بينما كل ما يدور في عقلك شيئاً واحدًا يا لورين كيف تخلقين فرصة لتهربي بعيداً عني من جديد محطمة قلبي"
فغرت لورين شفتيها مطلقة نفساً خشناً وهي تنظر إليه بعجزٍ حقيقي بوجع من أجله..رباه هي جُنّت..أم حَنّت..لا لا لن ينفع.."
عندما لم ترد قربها منه أكثر يمس جبهتها بجبهته لثوان ثم ابتعد وهو يقول بصوتٍ أجش رجولي خافت"الطبية لورين أيوب..عالجت بالفعل قدمي العاجز منحته فرصة للطريق السليم ..إلا إنها أدمت قلبه وأمرضت كيانه..وسرقت منه حياته..وعندما عادت بكرمها تعيد له ما سرق ها هي تتهرب من مداوة قلبه العليل"
أطلقت لورين تأوهاً مختنقاً وهي تنظر إليه بعجز أكبر من قبله ..تنظر إليه بلوعة بتشرد..فاقدة جزء من نفسها"أحبيني"
" ما..ماذا ؟"
كرر من بين أسنانه ضارباً لكل هرائهم على قمم الجبال القفره التي ما يذهب اليها لا يعود مفقودا"أحبيني يا لورين..أحبيني بعيداً عن الماضي الأسود الأليم...أحبيني بعيداً عن القهر والألم...أحبيني وتمردي عن كل الحزن والكبتِ..أحبيني لدهر لعمراً فأنا وأنتِ نستحق..أحبيني وامنحيني قدراً وحياة ...أحبيني يا جاحدة وكوني أرضاً تقبل لاجئ ضائع في رحابها ..أحبيني وكوني وطناُ لمغتربٍ يسألك الصحوة.."
كانت تلهث..صدرها يعلو وينخفض بإرتفاع مجنون تحدث فيه بذهول بصاعقة مصدومة مبهورة...وفاقدة تماماً صوتها عقلها تفكيرها...وكل دروعها..تنظر إلى ملامحه القاسية التي خلت من أي ضعفٍ يفترض أن يكن بعد ما قاله..عيناه العميقتين الملتهمتان بنيران خضراء معتمة فمه المتشدد في خط شرس ويديه الآن تضغط على وجهها بحزم وتسلط أربكها..وعندما مال رأسه قليلاً عارفة ما ينتويه به بالضبط لم تبتعد ولم تذعر بل رفعت وجهها إليه بلهفة وكأنها واحدة أخرى تماماً لا تشبهها ولكنها نسخة محسنة طيبة وجميلة جميلة جداً مزهرة" أحبيني،ولا تتردي في الضياع داخلي، فدائماً سأكون حارساً يهب ليجدكِ.."
وأخر ما تذكرت قبل أن تغرق في نغمات الصيف وألحان الشتاء وتضارب أحاسيس الخريف هو همسها الخائن باسمه وكأنه طلب نجدة " ممدوح "
"نعم ...حبيبتي الجاحدة.."
وعندما تلاقت شفتاهما أخيراً ضاع كل شيء ولم يبقى فقط إلا كلماته وطلبه وقبلاته،ووشمه الصارخ في خلاياها

انتهى

قراءة سعيدة


ru'a and كريم الشيخ like this.

Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 04:37 AM   #6219

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك نور روعة روعة روعة ابداع يا قمر بجد

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-20, 04:53 AM   #6220

ساره فهمي

? العضوٌ??? » 474125
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 19
?  نُقآطِيْ » ساره فهمي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل رائع يا نور وفي انتظار الفصل ال٤٨😍😍😍😍

ساره فهمي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:30 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.