آخر 10 مشاركات
✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          [تحميل]ليالي.. الوجه الآخر للعاشق / للكاتبة رحاب ابراهيم ، مصرية ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          تحميل مكتبتي للروايات البوليسية العالمية (الكاتـب : ahmad2006771 - )           »          وعانقت الشمس الجليد -ج2 سلسلة زهور الجبل- للرائعة: نرمين نحمدالله [زائرة] *كاملة* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          على ضِفَّة لوحة انتظار ! وَ في لحظاتٌ تُحَيّكَ بهما الأَشْواقُ.(مكتملة) (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          61 - الشبيــه - نان اسكويث- (مكتوبة/كاملة) (الكاتـب : SHELL - )           »          68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - ع.ق(كتابة /كاملة)** (الكاتـب : أمل بيضون - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-11-20, 10:53 PM   #6441

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي


مساء الخير للجميع فى انتظار الفصل

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-20, 10:54 PM   #6442

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور فى الانتظار

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-20, 10:59 PM   #6443

Diego Sando

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Diego Sando

? العضوٌ??? » 307181
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,113
?  نُقآطِيْ » Diego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضووووووور ♥️♥️♥️♥️♥️

Diego Sando غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-20, 11:22 PM   #6444

مها العالي

? العضوٌ??? » 372455
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 132
?  نُقآطِيْ » مها العالي is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل الدخول بانتظار اروع رواية

مها العالي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-20, 11:30 PM   #6445

Alessia Angel
 
الصورة الرمزية Alessia Angel

? العضوٌ??? » 441743
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 192
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Alessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond reputeAlessia Angel has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Alessia Angel غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-11-20, 11:34 PM   #6446

راندا علي غانم

? العضوٌ??? » 470358
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 3
?  نُقآطِيْ » راندا علي غانم is on a distinguished road
افتراضي

منتظره الفصل تسجيل حضور

راندا علي غانم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-20, 11:47 PM   #6447

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخمسون المشاركة {1}
(مثل نصٍّ يختبئ داخل "إشارة تنصيص" هكذا كنتُ أختبئ داخلكَ
كأنّكَ كلُّ الإشارات وكأني كلُّ النصوص)
خاطرة (سبنتي) إهداء من القارئة Basma Alabeide


**********
استعد جوشوا على الفور للخروج حتى يلتقي براشد مُلبى دعوته.. وجد ابنه يقف كرصاصة طائشة جعلته يختل قليلاً من وقوفه فساوى نفسه يستند على إطار الباب بصبر.. عندما اندفع نزار يمسك في كتفه كطفل يتعلق بوالده حتى يأخذه معه في ‏نزهة "خذني معك.. لا أريد البقاء هنا"
من وقوفه المنحني قليلاً ليضع حذائه كان جوش يرفع وجهه ينظر إليه بتمعن ممتعض.. وهو يقول "موعد رحلتك في الصباح الباكر.. والراوي قال أن أضع في حسابي أن جلستنا قد تمتد لصلاة الفجر"
ابتعد نزار عنه يتوجه نحو الخزانة الصغيرة الخاصة بالأحذية والتي تقع في مكان مخصص أمام باب شقته لطيفة المساحة نظراً للترتيب المبالغ فيه داخلها الذي لم يعد يصدمه ..إذ أن ربما الفترة التي دخلت فيها شيماء بيته قصيرة ولكنه يدرك من خلال مراقبته لها أنها تبالغ في التنظيم والترتيب دون أن تحاول اللجوء للخادمة أو مساعدة والدته ..في بادئ الأمر اعتقد أنه نظراً لحالتها تحتاج أن يكن كل شيء في مكانه الصحيح ..ولكنه الآن لمس أن مخاوفها أبعد من هذا بكثير بل وكأنه لديها مخاوف أو عقدة ما تحاول التغلب عليها بالمبالغة بأنها تقدر على فعل كل شيء بنفسها..
قال أخيراً بمودة وهو يفتح الباب يسمح لأبيه بأن يسبقه في الخروج "هذا من دواعي سروري.. وإن فوتنا موعد الطائرة نأخذ غيرها.."
رفع جوشوا حاجبيه وهو يرسم ابتسامة بطيئة ساخرة..
التوى فك نزار وهو يرفع يديه بصمت ثم همس بحرص "على أساس أن رحلة شهر العسل ستغير أي شيء معها.. أشك.."
ربت جوش على كتف ابنه وهو يهمس بصوت مماثل "عدم الصبر ليس من شيمنا.. لا أريد أن ألمس فيك اليأس باكراً"
أخذ نزار نفساً عميقاً ثم قال بهدوء شديد "إن كان على الصبر ومن غيرك قد ينصح به ..وإن كان الأمر يدور حولها فأنا سأنتظرها عمراً ..ولكن دعنا نقول أن محاصرتها لن تأتي بالنفع.. دعني امنحها بعض من المسافة قبيل السفر.."
اتسعت ابتسامة غير مفهومة على فم جوشوا ثم قال ببطء مازح "لقد لمست فيها جنون أمك منذ أول مرة وقعت عيني عليها ..ربما كان واجبي كوالد تحذيرك وأعدل رأيك عن ربط نفسك بها"
أجابه نزار ببساطة شديدة "ما كنت لتنجح، لا أنتَ ولا العالم أجمع فكلي لها منذ زمن بعيد أصبحت أعجز عن تذكر بدايته"
قال جوشوا بمداعبة "مجذوب, متملك في الحب كأبيك"
همس نزار بنفس نبرته وانفعال وجهه فبدا في هذه اللحظة نسخة مطابقة مع ملامح والده وإن أكثر شباباً وجموحاً "قالت لي مرة أن تناسخ الجينات بيني وبينك صادماً.. طبعتك الجينية قوية يا كبارة البلاد"
ضحك جوش بتألق قبل أن يلتفت كلاهما نحو هناء التي دخلت من الباب المشترك تحمل بين يديها عدة مسليات ومخفوق الموز بالحليب "أنتما إلى أين؟ ألم نتفق أننا سنقضي الليلة مع (أبو وردة)؟"
أطرق جوشوا أرضاً يداري ضحكته المتهورة حفاظاً على لحظات الصفاء بينه وبين ابنه.. بينما شحبت ملامح نزار وهو ينظر إليها بغيظ شديد ثم هتف بجعورته المزعجة عند الغضب "أبو وردة وجد أن وجوده من عدمه واحد.. لن يتغير شيء، لذا ترك المكان لكِ وكنتكِ أفضل حلاً"
مطت هناء شفتيها ثم قالت بنبرة ممطوطة "أنت وعلمنا أسبابك، لماذا تأخذ زوجي معك في رحلتك الهاربة؟ أتركه, أنا وزوجتك نحب وجوده بيننا.. عكسك تماماً"
توجه جوش من فورة ودون تردد أو اعتبار لابنهما الذي يتميز قهراً ليطبع قبلة على رأسها ويتبعها بأخرى على وجنتها ..
احمرت هناء خجلاً وهي تبعده عنها هامسة "أنت يا مكشوف الوجه، لقد كنت أمزح معه لا أدعوك لاستغلال الأمر, احترم سنك"
جز نزار على أسنانه وخرج مزمجراً يبرطم بكلمات غير مفهومة.. على عكس جوش الذي رفع وجهها سريعاً بين كفيه وقبل أن تتفوه بكلمة حمقاء أخرى كان يهبط على فمها بقبلة عاطفية عاصفة تجمعت فيها رياح الخريف وأزهار الربيع..
ثم ابتعد كما اقترب بنفس السرعة الحارقة.. تركها تنظر إليه عاجزة عن الكلام، أو سبه أو حتى التنفس.. تحدق فيه كمن فقد وعيه ويحاول إعادة توازنه.. سمعته يقول بصوت فظ رغم الحميمية التي تلبسته "أنا أعيش عمري بشكلٍ صحيح.. عمرٌ حرمت منكِ فيه ووجب عليّ تعويضه، وعمرٌ آخر وجدته اشتهي فيه تذوقكِ قطعة قطعة وبتمهل.."
صوت نزار المزعج أتى من الخارج يصرخ فيه "أبي أسرع لقد تأخرنا على (اللا شيء) المهم.. أترك فرعونيتك قبل أن أجن وأرفع من جديد راية الشرف الرفيع"
لم يتنازل جوشوا وانحنى ويطبع قبلة على وجنتها الأخرى.. ثم ابتعد وهو يقول بشقاوة رغم نبرته العميقة المبالغ في اتزانها "حتى لا يغضب عليّ الخد الآخر.. فأنا رجل عادل يجب أن أمنح عاطفتي لكل إنش كم وعدتكِ.. لا تنامي وانتظري عودتي.."
رفعت هناء كفيها تحاوط وجنتيها الملتهبتين خجلاً وهي تنظر إليه باستنكار.. فقال ضاحكاً وهو يشملها كلها ويخص مناطق بعينها في تحديق مهتم وفج غير مبالٍ بنظراتها القاتلة "سيدة هابر هناك أماكن وإنشات عدة يجب أن أصب عليها عدلي"
صرخت هناء فيه وهي تنظر حولها بحرج بالغ تحمد الله أن زوجة ابنها ولأسباب لا يعلمها أحد اختفت داخل غرفتها منذ ساعات.. " أخرج يا (مفضوح).. واحترم أننا في بيت ابننا"
عند صرختها وجدت ابنها يندفع من جديد ويمسك ذراع أبيه عنوة يجذبه وهو يقول بغيظ "تعال يا حاج, ورحمة والدك ودعنا نحافظ على علاقة الابن وأبيه المريبة بيننا.."
قال جوش قاصداً استفزازه "لقد غيرت رأيي, أريد الجلوس مع أمك وحدنا"
تلونت عينا نزار بلون الشفق.. وقال بغلظة "(أمك).. هل تقدر معنى هذه الكلمة وأنت تضعها بجانب رغبتك بالانفراد بها؟!"
أزاحت هناء كليهما من الخلف وهي تقول بنزق "كلاكما هيا من هنا، ولا تعودا قبل شهر"
نظر إليها جوش نظرة أخرى رغم اتزان قسماته فيها إلا أنها كانت عابثة ثقيلة تضرم نيران أنوثتها المتجمدة من جديد..
مما دفعها لتقول بنبرة خرقاء "نزار إن استطعت أن تتوه أباك افعلها.. أو اخبرك شيئاً أتركه للGBS فهو قادر على أن يفقد ابن بطوط شخصياً صوابه داخل شوارع مصر"
لمعت عينا نزار بتقييم جشع مستحسن الفكرة..
إلا أن جوش قال بمنتهى الأريحية "سأسأل ابن الراوي أن يقلني.. وأترك ابنكِ بينكِ وبين اللئيمة الصغيرة.."
قال نزار بتخاذل مسكين وهو يخرج معه أخيراً "وهل أقدر يا كبارة البلاد.. أنت تأمر تطاع.. هيا يا أبي دعنا نترك اللئيمتين الكبيرة والصغيرة.. ونرح أنفسنا قليلاً من هم قسوة مشاعرهما"

.................................................. ...........


يتبع الأن
:heeheeh::heeheeh:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-20, 11:52 PM   #6448

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخمسون المشاركة "٢"
..................................................
بعد وقت كانت هناء قد فتحت التلفاز في غرفة المعيشة متمسكة بالصبر بأن لا تقتحم على شيماء خلوتها، ومنحها بعض الخصوصية.. التواجد مع الفتاة على الدوام لم يكن رغبتها قط وإنما لتلبية طلبها.. فهي تتشبث في ذيلها وكأنها صغيرة خرقاء، لا تعلم المطلوب منها في حياة مشتركة ترسو قواعدها مع زوجها.. وهي تعمدت حتى اللحظة أن لا تتدخل احتراماً لرغبة ولدها أيضاً الذي يصر أن يحل الأمر معها بنفسه..
هي ليست متعجلة على شيء, من طبعها الصبر الشديد والانتظار، وعكس ما كانت تضع في حسابها وكما اتفقت مع والدتها وأخواتها بأن هناك من ستهتم بشؤون المنزل بإشرافها شخصياً.. ولكنها لم تصدم في الحقيقة عندما رفضت الفتاة بشكل قطعي تصر أنها تستطيع الاعتماد على نفسها.. هي بالطبع تعرف حساسية وضعها ومحاولتها المستميتة لإظهار أنها لا تحتاج لأحدهم وبأنها أفضل من أي أحد يملك بصره.. كما أنها لمست فيها مع العشرة تحت قناع الرقة، فظاظة الرد وقت ترغب، حادة, لاذعة كالسياط ودائماً في حالة دفاعية تخبئها تحت قناع الهشاشة.. هذا أيضاً تعلمه جيداً ولم يزعجها.. رغم عدم إنكارها لحالة الاكتفاء بالذات، ربما شيماء تتلمس شيء داخل دفء أسرتها الجديدة ..ترحب وتصر على الدوام بتواجدها وجوشوا معها ..ولكنها أيضاً ما زالت تضع حداً فاصلاً بينهم وبينها.. على سبيل المثال حتى الآن لم يحظوا بوجبة عائلية تشملهم، فهي تتحجج دائماً بأي قول حتى لا تتناول مشروباً معهم.. وكأنها.. وكأنها تخشى أن تسقط شيئاً فتحرج نفسها أمامهم..
"أين نزار؟"
رفعت هناء وجهها من جلوسها على الأريكة المواجهة لغرفة النوم ..فوجدت رأس كنتها يطل من فتحة صغيرة للغاية من باب غرفة نومها..
قالت هناء بصوت عالي قليلاً رغم هدوئه "لقد غادر مع والده, ألم تسمعينا؟!"
فتحت الباب سريعاً وهي تتلمس طريقها بتخبط تهتف بما يشبه صدمة محبطة "رحل.. لماذا؟!"
قالت هناء بلهجة عادية "ولماذا يبقى؟!"
راقبت ارتباك الفتاة وهي تفرك يديها في بعضها بعجز عن القول..
مما دفع هناء أن تقول ببساطة ترحمها من تشتت الإجابة "ابن عمكِ دعاهما للعشاء"
رفعت شيماء قدمها اليمنى تفركها في ساقها اليسرى من الخلف باضطراب أكبر ثم قالت بتلعثم "لقد سمعت عمي يجيبه، واعتقدت.. أنا فكرت.. أعني من الطبيعي أن يبقى نزار معي كما وعد صباحاً فقد حصل على إجازته الرسمية أخيراً من الجامعة"
إجازة شهر العسل الذي لم يمهله الوقت أن يحصل عليها قبل زفافه نظراً لأوراق عدة مطلوبة، فهو معيد جديد لم يكمل الأشهر.. فكرت هنا براحة وهي تقف من مكانها تضع ابتسامة رقيقة في صوتها كما ملامحها ثم قالت "لا بأس في يوم آخر صغيرتي, من الغد ستبقيان سوياً ولشهرٍ كامل.."
توردت وجنتا شيماء خجلاً وسخطاً وهي تقول بتهور "ولماذا لم يبقى الليلة.. أنا أحاول التغلب على نفسي أخيراً من أجله، واستغرقت ساعات لأجهز نفسي لأعجبه ثم يتركني ببساطة"
انمحت ابتسامة هناء ببطء وهي تتفحص زوجة ابنها في محاولة بكل عمق وإخلاص لاكتشاف مجهود التجهيز هذا الذي تتحدث عنه فلم تجد شيئاً يذكر.. إلا لو كان قصدها طبعاً تفريق شعرها في ذيلي حصان طويلين!!
ضغطت هناء على أسنانها وهي تقول بغيظ "عفواً يا حبيبة خالتكِ.. أي تجهيز تقصدين؟! اعذري جهلي في الأمور الشبابية، مؤكد لديكِ شيئاً مثيراً تخبئينه تحت هذه الأسمال, صحيح؟!"
عبست شيماء بقوة وهي ترفع عينيها تنظر إليها بتخبط معتمدة على مصدر الصوت ثم قالت باعتراض "أنا لا أرتدي أسمال"
قيمت هناء من جديد زوجة ابنها وهي تفرك عينيها بقوة, ثم قالت بحرص شديد، تختار على كلمات سؤالها كلمة كلمة بهدف عدم إزعاجها أو جرحها "شوشو حبيبتي, هل تقصدين أنكِ نويتِ ارتداء ملابس جذابة ولكنكِ تراجعتِ لسبب ما؟! هل تعلمين حبيبتي ما الذي تظهرين به أمامي؟"
انزعجت شيماء بشكل أكبر وهي تقول بضجر "بالطبع أعلم، بدلتي السوداء الرياضية الشتوية المفضلة... أنا دقيقة جداً يا خالتي في ترتيب ملابسي, هل تريدين أن أريكِ؟"
أخرجت هناء من أنفها نفساً منصهراً محموماً، ثم دون أن تدري وجدت فكها يتدلى بغباء لمدة دقيقة.. وبقي هناك تعبير عن الصدمة.. وعندما طال صمتها وجدت المجنونة تفتش عن ذراعها وفور حصولها عليه سحبتها بعنف وهي تهتف بحماس "تعالى سأريكِ، ستسعدين كثيراً، أمي تقول بأني منظمة أكثر من بدور نفسها.."
سحبت هناء يدها منها وقد وصلتا لمنتصف الغرفة ثم جذبتها من ذراعيها تثبتها هامسة لنفسها بسخط (تباً للدعم النفسي وكل هذه الحماقة).
ثم صرخت أخيراً معترضة "دقّ شاكوش فوق رأسكِ ليدمره يا ابنة منى.."
حزنت ملامح شيماء وانكمشت سريعاً وهي تقول بتقطع "لا أحب الصوت العالي, لا تصرخي"
هتفت هناء معترضة "بل سأصرخ حتى أصم أذنيكِ يا مجذوبة.. نحن في منتصف الصيف وسيادتكِ ترتدين لعريسكِ بهدف إغرائه بدلة شتوية رياضية.. أتملكين أي عقل أنتِ؟!"
هتفت شيماء معترضة هي الأخرى وكأن انفعال هناء أصابها بالتوهان المطلوب، حتى لا يصبها الخوف من الصراخ المتعاقب "وهل أردتِ مني أن أكافئ ابنكِ بشيء قصير سافل كالذي وضعهن أخواتي الخبيثات.. ماذا تظنون بي؟! أنا ابنة ناس على فكرة"
تركت هناء ذراعي شيماء ثم خبطت على صدرها بعنف وهى تقول مولولة "ماذا نظن بكِ؟! آه يا ولدي يا حبيبي, حسرة على حظك الأسود الشتوي وأنا من ظلمتك وأذللتك معتقدة أن العلة فيك"
لا تعلم شيماء من سر قيام ثورتها المدافعة عن نزارها الحبيب رافضة اتهامه بالقصور.. عندما صرخت بجعورة مشابهة لجعورة زوجها بالضبط جعلت جسد هناء ينتفض خوفاً من المفاجأة "لا.. أنتِ مخطئة, نزار رجل جداً على فكرة، إن أراد لأنجب عشرات الأطفال من الليلة الأولى.. أنا من ترفضه"
تمتم هناء بامتعاض "عصفورة.. عصفورة.. قرفنا بالعصفورة.. وبالنهاية اكتشف أن عصفورته تمتلك صوتاً كبوق سيارة نقل خربة"
رفعت شيماء إصبعاً مستفزاً وهي تهتف معترضة "لقد سمعتكِ"
اقتربت هناء منها ثم نهشتها نهشاً من مكانها وخبطتها كأي أم مصرية ضاقت ذرعاً من رضيعها المزعج "أعرف بأنكِ سمعتني.. سمعتِ الرعد في أذنيكِ"
نظرت إليها شيماء باستفزاز ثم قالت بتهكم "إن سمعته سأصاب بالصمم، ولن يتضرر أحد إلا ابنكِ إذ أن زوجته التي يرفض التفريط بها ستصبح عمياء وصماء أيضاً"
جلست هناء جانبها تضع ساق تحتها والأخرى تدلت من الفراش ثم قالت في برود هادئ "هذه علتكِ إذاً، محاولة استدرار الشفقة ولكن بطريقة معاكسة.. بعدم مبالاتكِ"
قالت شيماء كالطلقة "أنا لا أستدر شفقة أحد, أخطأتِ القول"
قالت هناء بهدوء "إذاً ما الذي تحاولين فعله بأفعالكِ المبالغ فيها؟! نحن لسنا غريبتين عن بعضنا يا شيماء.. أنا أعرفكِ لما يقارب الستة أعوام.. كما زوجكِ أيضاً.. وأنتِ تفعلين أيضاً"
رفعت شيماء وجهها نحوها ثم قالت بقوة وصدق "لا يا خالتي, لقد أخطأتِ التفسير، لقد تعايشت مع عينيّ طويلاً.. حتى بت لا أشعر بنقصي.. أنتِ أكثر الناس سلاماً وصراحة، إن كان لعائلتي شيء واحد أجادوا صنعه بي.. هو زرع الصبر، وحسن استغلال مصابي، وتقبله بكل إيجابية، حتى انحنى قليلي الحظ من أصحاب الهمهم مثلي جاعلة كل أم وأب يظن أن مصاب ابنه ابتلاء ..أن يغير فكره ويلمس أنه محنة يخلق منها منحة.."
تنهدت هناء تعرف ما تشير إليه، ربما الفتاة لا تظهر في الصحف، ولكن مركزها الذي يوثق خطواته وبالفعل غيرت كثيراً في نفوس أناس كثر يلفت الأنظار، وترى بعينيها وتقرأ امتنان الأهالي لها ودعواتهم أن يصبح أطفالهم إيجابيين يعتمدون على أنفسهم مثلها ..حتى يتقبلهم المجتمع دون نظرة شفقة أو دونية..
قالت أخيرا بهدوء "ما الذي أصابكِ إذاً؟! لما كل هذه المبالغة في رد الفعل وفي إثبات صورة لا أحتاجها عنكِ؟!"
أخذت شيماء نفساً طويلاً وهي تطرق برأسها فانخفض معها ذيلي حصانها الكثيفين مغطيين ملامحها ..ثم همست بوضوح ضيق "لأني خائفة"
سألت هناء بحذر "من إتمام الزواج؟!"
صمتت قبل أن تتابع سريعاً بنفس الحذر "صغيرتي، ليس هناك ما يدعوكِ لهذا، الأمر سلس فوق تخيلكِ.. ليست الغاية في علاقة الجسد يا شيماء وإنما اختلاط كليكما في أمر خاص مميز، يمنح ويأخذ كل طرف فيه جزء من نفس شريكه"
تلعثمت شيماء وهي تقر بتورد "آه هذا..اممم لم أقصد تحديداً الخوف من هذه النقطة وإلا كنت تخطيتها في أول ساعات معه"
سألت هناء من جديد مبتسمة "إذاً ما الذي يخيف كنتي الجميلة؟ هل ستبخلين عليّ بالمعرفة؟!"
هزت رأسها بالنفي من جديد قبل أن تهمس بخفوت "خائفة من لمسه بعد فترة اختلافي عن... عن فتاة طبيعية يستطيع الحصول عليها ببساطة... خائفة لا بل مرتعبة من كشف نفسي أمامه، فأسمح له برؤية ما لم أره أنا في نفسي يوماً"
أمسكت هناء بوجهها من الجانبين ترفعه لتواجهها ثم قالت بدفء ورقة محتوية أسبابها "صغيرتي الجاهلة بأمور الحياة، بعد كل ما أخبرتكِ به، وبعد كل الإثباتات التي قدمها، ما زلتِ لا تمنحينه ثقتكِ..!"
اهتز صدر شيماء بنفس قانط وهي تضع راحتي يديها على كف هناء وكأنها تتلمس منها ثقة ودفعة أخرى "أمنحه.. أمنحه كلي.. رغم أني لا أقدر على ترويض مخاوفي.. الأمر رغماً عني"
تنهدت هناء بعمق شديد ثم قالت بخفوت "لن تجدي أحد في العالم يفهم مخاوفكِ تلك غيري.. فقد عشتها مع والده، ورغم ثقتي الشديدة التي عادت به.. ما زال جزء مني متخوفاً.. هذه طبيعة البشر مهما وثقنا, حاربنا أنفسنا, وانتصرنا متقدمين خطوات.. يظل هاجس الخوف من المجهول يأكل صدورنا وراحتنا"
سألت شيماء بتخبط "ماذا أفعل إذاً؟! لا أستطيع أن أظل على هذا الحال فأظلم نزار معي"
انحنت هناء نحوها تنظر إليها بتمعن ثم قالت ببطء مؤكدة كلماتها كلمة كلمة "ليس مهماً نزار.. بل أنتِ، تقبلي كل ما يمنحه, عيشي لحظتكِ، التهمي من الحياة كل لحظة سعادة تقدم لكِ، ليس أنانية ولكن لأنكِ تستحقين.. نحن النساء العالم أجمع ظلمنا منذ قديم العصور، أنكر علينا حقوقنا الدينية والإنسانية.. دائماً نحن من نتحمل ذنب الفشل، الهجران، الخيانة والإخفاق.. دائماً العلة تكمن في النساء.. لذا يا صغيرتي درسكِ الأول في معترك الحياة أحبي ذاتكِ وتقبليها, ادعميها وآمني بأنكِ تستحقين كل مبتهج فيها.. أما عن الخوف من المجهول القادم فثقتكِ بالله وحده تكفيكِ.. أتركي القادم لحينه، وفي الوقت الحالي ذكري نفسكِ أن هذه الدنيا بكل ما عليها لا تستحق.. لا تستحق أن تغضبي، أن تخافي، أو تحزني.. لا تستحق أن تهدري عمراً بها في الحرمان والوجع من مجهول قد لا يأتي قط.."
شفتاها الناعمتان انفرجتا بنفس مبهور.. ثم همست "وماذا.. ماذا عن الماضي الذي يحرقكِ ويخبركِ أن هناك من فعل ووثق ثم ببساطة غدر فيه؟!"
حررت هناء وجهها إلا أنها لم تبتعد عن مرماها وهي تقول بهدوء وحسم "الماضي لا يمح ..أتركيه يا ابنة ياسر مكانه"
وجمت ملامح شيماء بحزن شديد.. مما جعل هناء تقول على الفور تتدارك حدتها "الماضي لن يغادر تفكيرنا قط.. لذا اجعلي ماضيكِ مجرد حلم تستيقظين منه صباح كل يوم جديد.."
صمتت قبل أن تضع يدها على صدر شيماء وهي تكمل بحنان جزل "استيقظي من ذلك الكابوس على واقع الحب والأمل.. لأنكِ وهو تستحقان"
ظلت شيماء توازن الكلام في رأسها لدقيقة ثم همست من جديد بعبوس "وماذا عن جزء عجزي عن.. اممم أنتِ تعرفين"
ادّعت هناء الضيق وهي تقول من بين أسنانها "أنتِ زوجته يا فاشلة.. يحق له رؤيتكِ كما يرغب، ويحق لكِ رؤيته وتلمسه بالطريقة التي تدعم نفسكِ اتجاهه"
جادلتها "أنا لست فاشلة, بل ابنكِ"
أمسكت هناء أذنها تدعي تأنيبها بمرح ثم قالت بحزم "لقد اعترفتِ أن لا عيب بحبيبي سيء الحظ معكِ, يا معقدة يا ابنة المعقدين"
فكرت شيماء بعبوس أن تعلق ساخرة (على أساس أنكِ السلسة.. هناء صاحبة السلام النفسي.. يا أكبر عقدة استمرت لثلاثة وعشرين عاماً.. عمها الحبيب المسكين يستحق جائزة نوبل في الصبر!)
لكنها صمتت ممتعضة متذكرة حسن تربية أمها لها.. ثم قالت "هناء أخبريني بشيء مفيد، بدلاً من نعيكِ ابنكِ دون داعي، لقد وقع بي وانتهينا!"
قالت هناء بغيظ ساخط حقيقي هذه المرة "هواجسكِ تدعى خجل.. حياء.. حياء يا خرقاء.. ألم تسمعي عنه من قبل؟ إنه شيء نادر يصيب الفتيات والنساء المهذبات، ألم تريه بأخواتكِ من قبل؟!"
انفجرت شيماء في الضحك وهي تميل للوراء والأمام تمسك خصرها.. مما جعل هناء تنظر لها باستياء متوجس "هل تسخرين مني، أم أني ألقيت نكتة على مسمعكِ؟"
ضاق جفنا شيماء كخطين طويلين غير مفسرين, وجهها محمر, أنفاسها تلهث من فرط الضحك ..ثم قالت بتقطع "حياء أخواتي.. هذه أفضل مزحة لهذا العام"
خبطت هناء على رأسها وكأنها تحاول إفاقتها من هذا الهذيان "تأدبي وأنتِ تتحدثين عنهن وإلا عاقبتكِ"
قالت من بين أنفاسها "لو تعرفين ماذا فعلن بي وبنزار, لذهبتِ من فوركِ لتأدبيهن هن"
ضيقت هناء ما بين عينيها ثم همست ببطء "لا أريد المعرفة.. رغم رغبتي في إخباركِ أن أي ما كان تفوهن به فقد بداعي المرح ولم يقصدن شيء آخر ..هذا يحدث دائماً بين الأخوات والصديقات"
هدأت أنفاس شيماء قليلاً قبل أن تجد نفسها تندفع تضع رأسها فوق أحضان هناء وقالت بعد دقائق أخرى "شكراً لكِ، كنت أحتاج والدتي كثيراً، ولكن لم أرغب في إزعاجها في هذا الوقت المضطرب مع بدور وابنها"
مسدت هناء على رأسها غير راغبة في إخبارها أن والدتها بالفعل تذكرها وكانت ستأتي للتحدث معها ولكنها هي من أصرت أن تترك لها الأمر حتى تمد جسور الثقة بينها وبين زوجة وحيدها..
"لا بأس، أنا أمكِ أيضاً، ضعي في عقلكِ الصدئ بأني سأدعمكِ قبله وإن أخطأت، ولكن بيني وبينكِ سأهشم رأسكِ هذا"
ضحكت شيماء برقة ثم همست متنهدة "ليته لم يغادر، ربما كنت أرضيته ولو قليلاً"
قالت هناء بامتعاض "بذيلي حصانكِ وبدلتكِ الشتوية.. قد تقدرين على إشعاره بأنه سيأخذ ابنة أخته للملاهي.. وليس إغرائه"
اعتدلت شيماء وهي تمسك بذيلي حصانها ثم قالت بتعجب وجهل "أليسا مغريين لأي رجل.. كيف.. مريم أخبرتني أن هذه الطريقة الوحيدة التي يفضلها الرجال"
توحشت ملامح هناء بقوة وهي تسأل متشككة بغضب "وهل مريم كانت ممن أخافوكِ من الزواج؟!"
أدركت شيماء من لهجة هناء أن مريم ستقع في مشكلة كبيرة معها, لذا قالت بانتقام تمثل الخوف "نعم يا خالتي، قالت بأنه سيكون وحشاً معي, سيلتهمني دون مراعاة أو حرص.. وآه يا هناء ابنتكِ الروحية قالت أيضاً، أن الأمر أشبه بساحة حرب سأكون أنا الضحية فيها وهو الجلاد.."
أرهفت شيماء السمع تكتم ضحكتها لهناء التي ثارت أنفاسها, وتأجج غضبها وهي تبحث عن أقرب هاتف بتخبط من شدة السخط..
وفور أن أتاها الرد الناعم كانت هناء تهتف بحماية وتهديد مجذوب "أنتِ يا خازوق منحرف.. ابتعدي عن ابني وزوجته.. وإلا أقسم يا مريم لآتين وأعلقكِ من قدميكِ وأعيد تربيتكِ"
عندما ردت مريم كانت تقول بامتعاض بارد "ما مشكلتكم؟ فجأة أصبح الجميع ليس لديه رغبة إلا تربيتي!"
قالت هناء بحسم "لأنكِ لم تتربي، أنتِ وابنتكِ"
اعترضت "وما دخل ابنتي الآن؟!"
"هو هكذا.. آخر تحذير يا مريم وإلا سآخذك أنتِ وابنتكِ وأرميكما في مخزن الحديقة وأعيد تربيتكما.. لأن زوجكِ فشل على ما يبدو في فعلها معكما"
عضت مريم على طرف شفتها بقلق واضح.. فبناءً على إصرار إيهاب في نقاشهما المستمر يصر على فكرة واحدة (أنها تحتاج لتأهيل وإصلاح كلي من جديد.. لذا مؤكد لن يرفض طلب هناء الذي سيحقق له مسعاه بعيداً عن إغوائها الدائم وسيطرتها على قلبه وفكره).
.................................................. .......................

يتبع الأن


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-20, 11:59 PM   #6449

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخمسون المشاركة "٣"


عندما اقتحم خالد جلستهم يسحب مقعد خشبي من الطراز القديم الشهير في هذه المناطق والذي يجعلك تشعر بأنه ورث منذ أفلام الأبيض والأسود.. حد أنه فور أن أراح جسده الضخم عليه أَنَّ المقعد معترضاً من حمل عضلات هالك...
ثلاثة أزواج من العيون فضولية مقيمة توجهت نحوه مما جعله يهتف بنزق "من لديه كلمة فليبتلعها، فيني ما يكفيني"
أجابه مدحت ببرود "وعليكم السلام والرحمة يا شيخ خالد"
التوى أنف خالد بانزعاج واضح وهو يقول بفتور "ليس أنتَ الآخر، بالله عليك ابقى في المنطقة الآمنة نتبادل فيها الاحترام"
أجابه مالك بمرح معتاد خبيث "يبدو أن العريس في أول ظهور له بعد أن قطع شهر عسله كمن داس أحدهم على ذيله!"
لم يرد خالد بشيء بل فضل الصمت الثقيل عن الكلام...
بينما قال راشد بهدوء يخاطب مالك "إن كنت تقصد استفزازه لتحصل على ثرثرة رجالية معتادة عقب زفاف أحدهم فأنت واهم.. فلا خالد سيفعلها يوماً، ولا أنا سأسمح بذلك"
قال مالك بفتور "جلستكم دمها ثقيل.. أتعشم أن يكون لدى البروفيسور هابر شيء مسلي"
أذكر القط.. أو الأمراء هابر تجدهم يحلقون فوق رأسك..
وقف الأربعة رجال بحماس سرعان ما تراجع عندما اكتشفوا خطوات نزار السريعة عقب صفه لسيارته وتوجهه نحوهم..
والنظرة المصدومة على وجه مدحت الثقيلة معدوم الانفعالات في المعتاد أوضحت الكثير ..إلا أنه لم يعلق بل مالك الذي ردد بدهشة "العريس الآخر قدم بعد ستة أيام فقط من الزواج!!"
تبادلوا السلام الحار مرحبين بالبروفيسور جوشوا..
بينما نزار ينظر لخالد بتمعن أعقبه شعور شفقة بعد تفحصه للبؤس المرسوم على وجهه ..ثم اقترب يهمس لخالد بسرية تامة "أنا لم أتي.. بل هربت.."
لم يتمكن خالد من منع نفسه من مبادلته نظرة تفهم مشفقة أخرى وهو يشير له بمقعد جانبه ثم همس "أفهم, لا تحتاج للشرح.."
من الناحية الأخرى كان يجلس بجانبه راشد الذي مال يضع ساعده على الطاولة ثم همس بخفوت من تحت كفه التي وضعها أمام فمه "من يراكما يوم خطبتما الفتاتين مني وأنتما في فورة وحماس مشاعر موسم الغيلان للتزاوج.. لا يصدق الآن مجالستكما لي بكل البؤس والإخفاق.. يا فالحين"
رد خالد بتهكم "ولنا فيك القدوة والمثال يا أبا إياب"
دب راشد بكفه على صدره وكأنه ممتن لمجاملته بتحية تستحق الفخر..
ثم سأله من جديد بجدية "كيف هي؟"
زفر خالد بقوة قبل أن يقول بفتور "بخير.. ما زالت كما هي حمقاء, متقلبة, ومجذوبة"
قال بخفوت بصوت يكاد لا يسمع "لا بأس، كنا ندرك هذا، ما يهمني الآن أنها معك، ما زلت أؤمن بك وبحكمتك معها"
(ما زال يؤمن به.. لماذا هو بدأ يتشكك في نفسه إذاً؟!) سأل خالد نفسه بتشنج.. ولكنه لم يعلق بل هز رأسه بشبه إيماءة..
حتى قال خالد بنبرة عادية "هل تعلم أن بيت نضال قريب من هنا على بعد عشر دقائق بالسيارة، بالطبع في أوقات آخر الليل، أما في النهار نتيجة الزحام قد تصل لساعة"
أجابه ببساطة "لقد زرته عدة مرات.. أنت تقصد بيت والدته"
صحح خالد بهدوء "بل منزل عائلته, على حسب معلوماتي لديه منزل آخر في منطقة جديدة وراقية ولكنه يرفض ترك والدته كما أن زوجته أصبحت تألف مكان معيشتهم"
"هذا جيد من أجلها فهي تحتاج لمعادن هؤلاء الناس من جيرة وأصدقاء للتفاعل معهم, ورؤية البشر هنا على حقيقتهم لتدرك ما فاتها في إهمال وجليد لندن"
قطع الأحاديث الجانبية دخول الشاب الذي أتى لأخذ الطلبات..
كان راشد أول من تحدث وهو يسأل جوشوا بطيف ابتسامة متلاعبة "هل تريد أن تجرب الكعاوي والأحشاء يا دكتور؟"
فغر خالد شفتيه قليلاً وهو ينظر إليه بحنق.. بينما ظلت الابتسامة المتلاعبة على شفتيه دون أن ينظر إليه..
حتى قال جوش بهدوء رزين "لست أجنبياً تماماً، لقد أهدرت عشرين عاماً في هذه البلد.. كنت آتي كل ثلاثة أو أربعة أشهر تقريباً ..لذا كما ترى لا أجيد العربية فقط وإنما أحفظ التاريخ المصري وتذوقت أشهر الأطعمة"
قال راشد ببساطة وهو ينظر للشاب "إذاً نوّع لنا عشاء على ذوقك ولا تبخل"
تأفف مدحت ووجهه يحتله بعض القرف الواضح وهو يقول بانزعاج مشير نحوهم بيده "لهم.. أنا لا أريد"
تحفز الشاب يشعر بالإهانة وكأنه يوشك على رفع أحد المقاعد يحطمه فوق رأس مدحت ..إلا أن مالك أنقذه كالعادة وهو يقول سريعاً "بل سيادة السفير أولاً.. لا تؤاخذنا يا بني, هو فقط لم يجرب لذة طعامك بعد.."
بهت الشاب قليلاً وهو يقلب نظراته بينهم من جديد منتبه للملابس الفخمة والوجوه النظيفة اللامعة والسيارات الفارهة المركونة أمام مطعمه.. وعلى الفور كان الشاب يتلبس وجه مبالغ في لطفه وحفاوته "المكان مكانكم يا بكوات والحساب عندي.."
ثم أشار نحو جدار داخلي علق عليه صورته هو ورجل آخر مع عدة نجوم للمجتمع وهو يقول "المحل ربما صغير ولكنه استقبل من قبل الكثير من الباشوات"
قال خالد بهدوء "ونحن لم نزرك لأول مرة لذا لا داعي للمبالغة, اذهب وآتنا بالطعام"
التفت الشاب ينوي الانصراف ولكن خالد أوقفه وهو يقول "قبل الطعام أريد منك أن تحضر أكبر كوب ماء مخلل لديك أو حتى إبريق، أكثر ولا تهتم"
أومأ الشاب وانصرف على الفور يستعجل طلبهم..
تقزز مدحت من جديد وهو ينظر إليه.. بينما قال نزار مازحاً "هل هذا يساعد على النسيان؟ إن كان كذلك فأنا أريد برميلاً ولن يكفي"
قال راشد بعبوس "ألا ترى أنك تبالغ.. ماء مخللات؟!"
قال خالد في نبرة باردة "لماذا التعجب؟! أنا اكتسبت هذه الحيلة من أختك, إذا لم تقدر على تسكين وجع قلبك.. فأسرع بإشعال النار في معدتك.. فآلام المعدة تغطي على كل الأحاسيس وتصيبك بالبلادة"
شعر راشد ببعض الحرج وإن لم يبينه.. ثم جذب انتباهه من جديد قول جوشوا وهو يشير نحو سور مجرى العيون "لقد زرت المكان هنا مرتين مع رجل بشوش كان يعمل سائقاً تعرفت عليه أول مرة عند بدء نزولي وحدي دون الرجوع للسفارة.."
استرعى انتباه الجميع الآن.. ينظرون إليه باهتمام، خاصة ولده الذي ما زال بنفس الحماس عند سرد والده لحكايات ماضيه..
أكمل جوش بهدوء مفعم بالامتنان "هذا الرجل كان بسيط جداً في التعامل، راضٍ للأبعد حد, بشوش بطريقة تثير العجب, وواثق بالله لحد يثير الحسد.."
قال راشد باهتمام "أوضح يا دكتور المعنى المقصود"
بدا جوشوا شارداً واجماً للحظات قبل أن يحرك عينيه نحو السور مرة أخرى وهو يتكلم "بعد معرفتي به في لقاءات متعددة علم بطبيعة مسعاي هنا ..كنت قاربت علي اليأس والتعب، بينما هو يصر على الصبر ودفعي للإيمان والثقة بأن رب العباد لا يخذل أبداً بشر رفع يديه نحوه بالدعاء.."
صمت جوشوا لبرهة ..وبدا بعيداً بعيداً جداً وهو يكمل بصوت شديد العمق "كان لديه ابنة مريضة يسعى في علاجها، إلا أنه راضياً وأصر أنه ابتلاء لاختبار إيمانه، ظروفه المادية شديدة الفقر، إلا أنه كان طوال صحبتي معه لا ينفك عن الشكر لنعم الله التي أنعم عليه بها.. كنتَ أتعجب وأهمس داخل نفسي أي نعم يتحدث بها بسيط العقل هذا وليس المال فقط, ألا يدرك كم المصائب الذي ولد بها.. تستطيع القول أن العم ماهر منحني أول درس في رحلة إيماني الطويلة.."
سأل خالد بهدوء "ألا وهي؟"
ابتسم جوش بثقل وهيبة قبل أن يقول بإيمان شديد "الصبر واليقين والإيمان بقلبك وليس بلسانك.. اعكس كلمة الله بأفعالك وليس بخطب رنانة.. ليس بتزييف القول وعكس ما تطالب الناس به، بل صن دينك بكل فعل يصدر عنك"
صمت جوشوا لبرهة وهو ينظر لعيني راشد التي تضيقان بغموض ثم قال ببطء "والرضا.. دائماً كن راضٍ من داخل قلبك على ابتلائك.. لا تقف هناك وتيأس من إصلاح ما فاتك، بل تقبل كل شدائدك بالرضا والحمد واعمل على إصلاحها"
تلاعب مالك بشيء وهمي بين أصابعه ثم قال بنبرة غريبة "كلامك لا يثير إلا الغيرة يا دكتور، لماذا على رجل دخل الإسلام منذ أعوام قليلة أن يتحدث بكل هذه البصيرة والثبات الذين يفقدهما الكثير.."
قال جوش بملامح ملكية "ها أنت تسأل وتجيب نفسك في نفس الوقت"
عبس مالك قليلاً.. إلا أن جوشوا قال مرة أخرى بنبرة رخيمة "الفكرة بسيطة، أنا تعبت لأثبت لنفسي صحة إيماني، اجتهدت وتخبطت حتى ظفرت بحلاوة الدين.. هل تعلم أني حفظت الآيات القرآنية، وفلاسفة الإسلام وأسماء الصحابة والتابعين فرداً فرداً مع سيرهم الذاتية قبل أن نطقي الشهادة بكل يقين"
همس خالد بالشهادة يكررها على لسانه بجمال روحاني..
بينما قال مدحت بهدوء مصدقاً "المشكلة الحقيقية أن الأجيال فسدت.. لقد أصبحت العادات في نظرهم سبة، والتذكير بالشريعة والدين ضيق آفق وزيادة خناق حولهم.. يحاولون الفكاك منه بكل صورة ممكنة"
تدخل نزار يقول بنبرة لينة رغم الدقة فيها "أنا لست من مشجعي نظرية المؤامرة على الدين والمجتمع والعرب عامة.. التجديد جزء هام من الفكر الغربي الذي اقتحم شعوبنا المتحفظة كان أحد الأسباب.. إلا أنه ليس أهم الأسباب من وجهت نظري كشاب من هذا الجيل الذي تتحدثون عنه ودكتور لطلاب كثر.. أستطيع الجزم أن انحدار الفكر المجتمعي هو السبب الأول.. حالة الانفلات البشعة والجشعة بانتقاد يثير العجب والغثيان سوياً.. على سبيل المثال لا الحصر الموجة الغريبة لمغني ما يطلقون عليه صوت شعبي، وهو لا يملك ما يؤهله بالأساس, لا صوت ولا موهبة ولا كلمات ترقى بالذوق العام.. ناهيك عن موجة الممثلين أشباه العرايا من النساء والرجال يحاوطون المراهقين ليل نهار يبثون في عقولهم أن هذا هو الطبيعي، هذا هو المتوقع منهم حتى يصبحوا مشاهير ذوي رأي وأهمية.. مع الإشارة لتغافل كل الأجهزة المعنية عن هذا الاحتلال الغاشم والمدمر لعقول النشء"
أومأ الجميع بالموافقة بينما اقترب النادل أخيراً يصف أصناف الطعام على الثلاث مناضد التي الصقت ببعضها..
ولكنهم كانوا أكثر اهتماماً بالحديث الذى يدورعندما تولى خالد دفة الحوار يكمل النقطة التي أثارها نزار وهو يقول بهدوء "وبذكر هذا الاجتياح لن نغفل عن من يدعون شيوخاً، الذين سيطروا على عقول الشباب أيضاً بطرق مؤذية، فادعاء الدين والزهد وخروج فتاوي ليس لها أصل من الدين ليثيروا البلبلة ويلفتوا الأنظار.. أصبحوا لا يحصون.. وأصبحت وظيفة من لا وظيفة له والأمر بات بسيطاً معهد دعوة إسلامية لعامين ثم جلباب أبيض وسبحة طويلة وقناة تلفزيونية ممولة أو صفحة على شبكات التواصل ومخاطبة عقول الشباب الخالية أصلاً.. والآن أنت لديك جيل يجادل بحمق، يهلل بجهل, ويشجع بفوضى.."
كان راشد يجلس على المقعد ظهره للوراء ذراعيه مكتفان فوق صدره ينظر إليهم باهتمام وتقييم.. حتى قال أخيراً بهدوء "وهناك سبب أكبر من كل هذا، الإنسان بطبيعته جحود، لا يدرك قيمة الأشياء التي يملكها، ومن الله عليه بها بالولادة.. الكثير تناسى أو تغافل, يحمل الإسلام اسماً دون أن يبذل أي جهد ليخدم دينه بالحفاظ على شعائره على الأقل.. الأمر أشبه.. أشبه بولادتك داخل مُلك مرفهاً، لا تستوعب معاناة الناس، الفقر مجرد كلمة عابرة ليس لها معنى أو حتى مزحة مهملة ثقيلة, وحتى ملكك هذا وكل أموالك لا تترك لديك أثر أو قيمة لتسع بالحفاظ عليها لظنك أنها ستدوم للأبد.. حتى يختل توازنك فجأة وتفقد كل شيء وتنفذ ساعاتك ورصيدك العمري قبل المالي.. فتدرك بمرارة قيمة ما كنت تملكه ومدى إسرافك وهذا حال كثير ممن ولدوا بدين الإسلام بالوراثة.."
تولى جوشوا الحديث من جديد وهو يقول باتزان "في أحد المرات تقابلت مع جالية عربية ما وأخذنا الحماس في الحديث عن إسلامي القلبي والفكري أخيراً.. وكانت الإجابة التي لم أستوعبها لدقائق (كفى مبالغة.. ما الذي أبدع فيه؟ ألستم مسلمين أيضاً؟) ألم يصدف أحدهم أن سمع عن القس آدم نويرز.. ألم يقرأ أحدهم سيرة إنجريد ماتسون, استاذة علم الأديان بهارت فورد.. وإن تغاضينا عن كل هؤلاء ألم يكلف أحدهم نفسه ويفتح القرآن العظيم ويقرأ به الإعجاز العلمي الذي نكتشفه الآن بينما أوحي به لسيدنا محمد _صل الله عليه وسلم_ قبل قرون؟!"
تمتم الجميع بالصلاة على النبي..
بينما قال جوشوا بنبرة تأرجحت بين التعجب حد فقدان العقل واليقين التام "عملي هو دراسة النجوم والكواكب وحركة الفضاء الفسيح.. أي فزياء الفلك.. ناهيكم عن فضولي اتجاه هندسة الجينات الوراثية.. لقد قضيت أعوام طويلة بين الكتب والمراجع لأثبت فوز العلم على خرافة الأديان.. إلا أني كنت أؤمن بكل يقين أن وراء هذا الكون المعقد دقيق الصنع ذات إلهية وقوة روحانية عظيمة.. فمن المستحيل أن يتواجد هذا الكون الدقيق المتوازن صدفة.. لن أنكر طبعاً مقتي لكل الأديان منذ إدراكِ العالم حولي.. مستنكراً بطبعي الجامح والمحب للسلام أن يتواجد دين يدعو لكل هذا العنف والتقاتل بين الناس وكل طائفة أو جماعة منهم تدعي أنها على حق.."
كاد مدحت أن يلقي سؤال إلا أنه صمت عندما قال راشد سريعاً "وما الذي غير رأيك؟ ومع احترامي المسبق يا دكتور أنا لن أصدق أن الحب قادر على تغيير أحد.."
ابتسم جوشوا بطريقة ذات مغزى قبل أن يقول بهدوء شديد "لا.. لن أخبرك أنه الحب.. الحب كان طريقاً لفقدي لعقلي وزيادة تعنتي ورفضي للقيد.. كيف لدين وهمي أن يقيم حواجز بيني وبين زوجتي بالقانون والمشاعر؟!"
بان الضيق على وجه نزار بشدة حتى أنه وقف ينوي الاعتذار إلا أن جوشوا أمسك يده وهو يشير إليه بصرامة لأن يحترم النقاش ويجلس..
فعل على مضض.. وسمع أباه يكمل بحزم "ولكنها كانت الشعلة.. الدافع لأبحث وأفهم سر تضحيتها بكل شيء, زهدها بكل ما بنيته حولها فقط مراضاةً لله وتمسكاً بدينها.."
أخذ جوشوا نفساً آخراً متحكماً مزهواً جداً بما هو عليه عندما قال بروحانية تلمس في الأجواء وإن لم تر "عندما تأملت وقارنت، قرأت السيرة، ورأيت كم مر على هذا الرجل العظيم أفضل الخلق وسيدهم (محمد), كم المآسي، كم الإغراءات, كم كان رجلاً رقيق القلب ذكياً ومحنكاً.. يتحمل كل مصائبه قبل أن تنزل عليه الرسالة حتى.. كيف كان بشوشاً ودوداً مع أعدائه قبل أحبائه ..لم أملك إلا أن أعجب به وأحبه دون أراه صلّى الله عليه وسلم.. ثم كما أخبرتك تدبري في الآيات القرآنية التي أثبتت معرفتي وعلمي كان لها الحسم في يقيني أي على طريق الحق.."
سأل خالد بصوت خافت "كيف كان الأمر؟ ما هو شعورك الأول؟"
ظهرت ابتسامة أكبر على وجه جوش, ابتسامة تثير الحسد والغيرة على دين ولد له أبنائه وأهملوه وعبثوا بأركانه.. عندما قال بصوت أجش "استيقظت ذات صباح ألامس نوراً غريباً ينبثق من حولي، وثلجاً يبرد صدري المشتعل بالتنازع, أما قلبي كان كطائر في قفص محبوس يغرد ويرفرف بحرية ويكسر كل قيوده.. متى بدأ الأمر أجمل لا أعلم.. ولكني آمنت بقوله وحده تعالى ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ وللحظات فقط شاء رب العباد أن ينظر إليّ بعين عطفه ورحمته.."
صمت الجمع فجأة ما بين مستغفر ومصدق. .بينما كان راشد ينظر إليه بطريقة غير مفهومة متدبراً, راصداً, منغلقاً إلا من شعور واحد لا ينفك يضرب صدره.. الغيرة, الغيرة البحتة على دينه, الغيرة من طريقة حديث رجل وتمسكه وفخره بإسلام اعتنقه.. بينما هو ولد فيه دون أن يقدم إليه شيء ملموس لنفسه على الأقل, الغيرة وهو الذي لم يغار من أحدهم يوماً قط..
قطع مالك الصمت وهو يقول بهدوء "هلا أكلنا ثم أكملنا حديثنا.."
لم يملك أحدهم الوقت للاستجابة عندما رفع آذان العشاء في أحد المساجد القريبة.. مما دفع جوش ليقول وهو يقف من مكانه "أنا لا أفوت فرضاً أبداً.. لذا سأذهب للصلاة ثم سآتي بينما تطلبون لي طعام آخر.."
اتبعه نزار دون كلام ثم وقف خالد وهو يقول ضاحكاً "لن أكون شيخكم إن لم أفعل هذا.."
وعندما اتبعه راشد لم يكن الأمر يثير أي تعجب من قبل خالد على الأقل فهو يعرف أن راشد منذ عودته عاد بروح وعادات جديدة مختلفة تماماً عن ما غادرهم بها.. وأهمها أنه لاحظ حفاظه على أداء الصلاة في أوقاتها.. فقط لو يكف هو وأخته عن رقصة الذئاب التي يحومون فيها حول بعضهما لاستطاع القول أن ابن عمه بأكمله على الطريق المستقيم أخيراً..
**************

يتبع الأن


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-11-20, 12:08 AM   #6450

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الخمسون المشاركة " ٤"

في زاوية صغيرة كالتي تمتلئ بها شوارع المحروسة داخل الحارات اختاروا جميعاً مسجداً يؤدوا فرض العشاء به فهو أقرب لهم من أحد المساجد الكبيرة والتاريخية في قاهرة المعز ذات الألف مأذنة.. كان الإمام بشوش الوجه، صوته حبور ذا رنة تدخل النفس للخشوع كما هم خاشعين الآن مصطفين بجانب بعضهم متساوين في صفوف مع سكان هذه المنطقة.. هنا وبداخل المكان وفي أداء الفرض تتساوى كل الرؤوس وتخلع كل الألقاب ويتبخر المال والجاه ولا يبقى إلا قلب عمر بالإيمان, وآخر يجتهد ليظل على طريق الهدى ولا يغره جاه ولا سلطة, وقلب آخر ما زال يتضرع للغفران.. يركع لوجه الله وحده يرجو في سجوده أن تقبل توبته عن ارتكابه الكبائر.. أن ينظر إليه رب العباد بالعفو والمغفرة.. نادماً على جهلة وغرور الشباب والدنيا الذي جعله ينساق وراء الأهواء.. يسأله الرحمة, يرجوه أن لا يخسر صغيريه، أن لا يفقد ابنه ويرميه في التيه والتخبط الذي للمس كل فرد من عائلته.. الحمل كبير والطريق ما زال مليء بالأشواك وهموم الدنيا، مع وسواس الشيطان وإغرائه والذي ما زال يطرق بابه الذي أوصده بكل الأقفال.. يجعله يخاف.. يخشى أن تزل قدمه وتضعف نفسه من جديد.. وقد خلقنا الإنسان في كبد ...ألا من نهاية لكبده.. ألن يسطع نوره أخيراً لتتبدد عتمته.. ألا يستحق صغيرة وامرأته فرصة أخرى للحياة, للجهاد سوياً وتكفير كل ما كان..
عندما اعتدل رأس راشد من الركوع مع إنهاء الإمام للصلاة جلس لدقيقة يسبح على يديه شارداً وهو يهمس أخيراً بصوت خافت متعب "أما آن الأوان لنزع العلة وهزم السرطان الذي تفشى في كل خلية من حياتى؟!"
************
بعد وقت...
عادوا من جديد ودون أن يطلب أحدهم, كان الشاب يعيد ترتيب الموائد ويضع الأطعمة المنوعة أمامهم..
هتف مالك محذراً على الفور وهو يلتقط قطعة من الكبد المقلي يدسها في فمه باستمتاع "كفى فلسفة.. لن ينطق أحد بحرف ودعونا نأكل.. أنا أتضور جوعاً.."
إلا أن مدحت لم يكن معهم على الخط, ما زال ينظر للطعام وأطباق الألمونيوم القديم باشمئزاز, وهو على وشك سد أنفه في أي لحظة "أنا لن آكل هذه الأشياء ..انظر يبدو أن هذه الأواني لم تغسل منذ.. منذ الأبد.. هل ستكون فترة كافية؟!"
سحب خالد أحد قطع (الكعاوي) وفمه يرسم ابتسامة شاردة فاترة لذكرى قد كانت.. قبل أن يقول بهدوء وهو يشير للداخل نحو أحد الأواني البلاستيكية ثم قال "أنت ظالم في حكمك.. بل تغسل وبعد كل وجبة.. هناك انظر.."
نظر مدحت لما يشير بارتياع, بينما أكمل نزار الشرح وهو يختطف أحد النقانق بجوع شديد وقال بفم ممتلئ "أنا لم أرى في نظافة هذه الأماكن قط, يملؤون هذا الجردل بالمياه أول الأسبوع ويظلون يستخدمونه مخلصين لعشرته حتى يهل أول الأسبوع الجديد.."
وضع مدحت يده على قلبه بمسرحية.. وعندما لم يتحدث راشد يعلق بفكاهة أدركوا أنه ليس هنا.. إلا أنه عاد بعد دقيقة بعد أن خرج من أحد الصيدليات التي تقع بجوار المقهى الملاصق للمطعم, ودون مقدمات كان يضع علبة ديتول كاملة في طبق مدحت وهو يقول بفظاظة "ها هو طعامك يا سيادة السفير المستقبلي معقم ومطهر.. تناوله في صمت ولا تخرج علينا اللقمة مسمومة"
صاح مدحت غاضباً في لحظة نادرة من نوعها.. وهو ينتفض من على مقعده معترضاً "يا عديم التمييز.. تباً.. أهذه هي العزيمة التي تركت أشغالي من أجلها وأجل صديقي؟! اللعنة عليك"
قال راشد بصلابة "العن كما تشاء ولكنك ستأكل يا مدحت"
قال مدحت بضيق "من تظن نفسك بحق الله؟!"
أشار راشد نحو السور بنظرة ذات مغذى ثم قال "هل ستأكل أم أخبرهم بالقصة الطريفة لصديقي الذى خرج من هنا باهت الملامح مبيض الشعر.. وفاقد ال..."
كز مدحت على أسنانه بعنف وهو يشير له بحسم أن يصمت ..ثم أشار هو بنفسه وبكل ود نحو الشاب الذي ما زال ينظر إليه بترقب شديد, وطلب منه بكل وداعة طبقاً آخر غير الذي غرق في الديتول..
وما كادوا أن ينتهوا من معضلة مدحت حتى تكلم جوشوا الصامت أخيراً بنبرة غليظة مهاجمة "لقد طبخ وقدم الطعام دون قفازات!"
فتح نزار فمه والطعام ما زال معلق هناك واضحاً كوضوح الشمس "هاااا؟!!"
بينما قال خالد بتعجب "قفازات! عفواً هل قال قفازات حتى بعد أن رأى الجردل؟!"
قال جوش بعصبية مستاءً "نعم.. قفازات.. ما العجيب في الأمر؟ إنها أحد المواصفات العالمية في جميع المطابخ، ومعمول بها بكل الدول"
تمتم مالك بحنق "هي لقمة منظورة .. أكان يجب أن تدعو مدحت والأمير؟ أنا اشتاق لهذه الوجبة منذ زواجي من ابنة عمك.. وها أنا أخيراً بعد كل ما تكبدته من عذاب وكذب لأداري عنها حقيقة قدومي لهنا.. يحاول هذان ال.. ال.."
قال راشد سريعاً يمنعه من الخطأ "مهوسا نظافة وقفازات"
شوح مالك بأي يكن ثم قال "تصرف.. الشاب سيطردنا من هنا ولن يعبأ بمكانتنا أو منصب سفير ولا أمير .."
بحث راشد عن مبرر إلا أنه لم يجد شيئاً مقنعاً.. ولكن نزار كان الأكثر بديهة عندما ابتلع ما في فمه وهو يقول بصوت اختنق بالطعام المحشور "يا كبارة البلاد اهدأ.. نحن في مصر لا نستخدم قفازات وهذا لأننا اكتشفنا طريقة جديدة لمحاربة الفيروسات والبكتيريا وجميع أنواع الأمراض المعدية.."
تنبه الجميع بفضول وليس جوش فقط واثقين بأنه سيقول معلومة مهمة غفلوا عنها ويعلمها المعيد الجامعي.. تنحنح نزار وهو يسحب من أمام خالد كوب ماء المخلل بعد قتالٍ بسيط مع خالد لمن يحصل على المشروب.. حتى انتصر أخيرا وارتشف منه الكثير ثم قال بحلق فارغ أخيراً مخشن "لقد اكتشفنا أن لهزيمة مرض أصب نفسك بفيروس فتاك آخر ..وهكذا فيروس يهاجم آخر.. وبكتيريا تهاجم أخرى.. منشغلين ببعضهم داخل الجسم حتى يفتكون بأنفسهم وتخرج أنت منها صاغ سليم"
نظر له خمس رؤوس بذهول وبعض البلاهة.. حتى قال راشد بصدمة كبيرة "ما الذي تقوله؟! عفواً لقد فقدت التركيز في نقطة ما عند كلامك.. لا أعرف حتى ما هي"
همهم الجميع مصدقين على مطلب راشد..
سحب نزار قطعة ممبار ضخمة وحشرها وهو يقول بفم ممتلئ "والله لا أعرف.. كان ارتجال, إن فهمت أنت افهمني.. مشي الليلة يا أبا إياب ودعها تمر.. أقبل رأسك"
زفر جوش وهو يقول بغضب "هل كان يسخر مني؟ أخبرني إن فعل"
قال نزار بلهفة من بين حشرة طعامه "اهدأ يا حاج.. ولا تنشر نزاعنا أمامهم.. أنا أردت أن أشجعك لوجبة لن تتذوق في دسامتها قط.."
ظل جوش ينظر إليه بعبوس حتى همس نزار في أذنه يستفزه "تقرف الآن.. أين حديثك المفتخر أنك أبو بلد مثلنا.. هل تريد أن يتشككوا في وطنيتك؟!"
وكأنه ضغط على زر حساس عندما هدأت انفعالات والده سريعاً وبدأ في البحث عن شوكة..
قال راشد ضاحكاً "باليد يا دكتور.. نحن نأتي إلى هنا لنعيش حياة طبيعية خالية من الزيف والكذب والبهرجة البراقة.."
وقد فهم جوشوا هذا من خلال مراقبتهم وتعاطيهم الطبيعي.. يدرك أن من الممكن جداً أن يكن أحد هؤلاء الليلة يأكل عشاءه في محل بسيط على الرصيف.. وبالغد يتناول إفطاره في مطعم هاري بالبندقية..
بالنهاية الأحكام المطلقة على الناس ليست صحيحة، أو سليمة النوايا.. من يريد بكل مصداقية إدانة الناس عليه رؤية حقائقهم عن مقربة, أن يمنحهم الوقت ليحكوا عن أنفسهم وليس أن يأخذوا صورته عنهم من أفواه آخرين قد يكون ما يطلقونه مجرد اتهامات باطلة.. كلما تكلمت قليلاً سمعت كثيراً.. لتحسم صراعك..
استمر العشاء في أحاديث جانبية ممتعة.. كل فرد منهم يشغل نفسه بعيداً عن مشاكله اليومية.. يتخذ هذه الليلة فاصلاً مريحاً ليكمل بعدها مشوار صراعاته..
حتى قطع أزيز هاتف راشد المتكرر حماس الحديث..
استأذن وهو يقف من مكانه يمسح يديه في أحد المناديل الورقية وهو يسحب هاتفه يكشف اسم المتصل وتعجب قليلاً.. واكفهرت ملامحه بشكل أكبر قبل أن يجيب بنبرة سوداء "راشد الراوي"
على الطرف الآخر أجابه المتصل بهدوء بطيء "أعلم ولهذا اتصلت"
نفخ راشد بضجر وهو يقول "أي خدمة؟!"
تنحنح تميم يجلي صوته وهو يقول "إصابة الهدف، يعجبني وضوحك دائماً ور..."
قاطعه راشد بنزق "سيد تميم تعلم أني لست رجلاً واضحاً، بل اكتسبت سمعتي على وجه التحديد بالغموض والتلاعب الشرس.. لذا ادخل في الموضوع لأنك أنت الآخر لست بالرجل الهين أو سليم النوايا"
كتم تميم غيظه وهو ينظر لوجه ضيفه المترقب ثم تحامل وهو يقرب كارهاً طلب المساعدة منه بالذات "أريد خدمة مع الحكومة المصرية"
قال راشد بفظاظة "لا أعتقد أني قد أقدم لك أي خدمة من أي نوع.. خاصة مع نشاطاتك المريبة ..ثم هل أخبرك أحد أني أملك أي منصب سياسي يخولني لخدمتك؟!"
هجوم الناس لم يكن شيء غريب أو يجهله إذ قال بحلم وبخفة ثعلب يتلوى "ربما أنت لست سياسي، إلا أني أعلم مسبقاً كما راقبتك حديثاً، أنك تخلص أي أوراق حكومية قد تستغرق شهوراً بساعة"
قال راشد بفتور "هذه أمور مالية وقانونية تماماً, ليس لها علاقة بخدماتك أنت"
أغمض تميم عينيه وهو يستند لهيكل سيارته يرفع يده لموضع جرحه بقوة.. ثم قال مرة أخرى بهدوء "راشد، خدمتي إن تعلقت بشيء مشبوه مؤكد لن ألجأ إليك, وأنا أحاول دفع التهمة بالأصل حتى لا تستمر في تعنتك وإصرارك على دفع أسهمي خارج أعمالكم.."
لم يجب راشد على الفور وكأنه يوازن الكلمات في عقله بحكمة.. مما دفع تميم لأن يقول بهدوء "حالة إنسانية، لطبيبة فلسطينية تزوجت مصري، ولكنهما غرقا في متاهة أوراق الإقامة.. فهل تقدر على مساعدتها.. فقط تسرع الأوراق قليلاً.. لا شيء غير أخلاقي أو مخالف للقانون هنا"
قال راشد بوجوم "ولماذا لا تساعدهم أنت؟"
قال تميم مستبشراً بأمل تجاوبه "لأني عكس ما تعتقد، أنا لا أملك هذه السلطة والعلاقات هنا.. إن كنت أستطيع لما كنت تنازلت ورجوتك أبداً"
تمتم راشد بتهكم "مؤكد عزيزين عليك جداً لتقدم على هذه التضحية"
أخفض تميم رأسه بعيداً عن ممدوح ثم همس بنبرة رجل يعاني "لا يحق لي التفوه بمعزة كنت أحملها"
فكر راشد ساخراً.. معذب آخر إذاً.. ترى أي حكاية عفنة يحملها هذا التميم؟!.. ربما لم يمسك عليه شيء حتى اللحظة رغم بحثه بكل جدية خلفه.. ما زال ينفذ وصية ياسر الذي لا يعلم أسبابها ومحامي العائلة نفسه لم يجد تفسيرًا لبقاء تميم بينهم.. ورغم كل هذا لا يستطيع مطلقاً تقبله "سأرسل لك العنوان الذي أتواجد فيه الآن.. يمكنك القدوم مع الشخص صاحب الطلب، وبالطبع إن حملت أوراقه معك سيكون الأمر يسيراً"
********
أغلق تميم الخط وهو يقول زافراً "لا أطيقه بكل صدق، إلا أني أشهد لا أحد قد يحلها غيره"
قال ممدوح بقلق "ألم يكن هناك أي حل آخر؟!"
استدار تميم يحتل مقعد سيارته يشير لممدوح بالجلوس جواره ثم قال وهو يدير المحرك "مع عنادها كما تقول ورفضها لأن تدخل عبر مطار الأراضي المحتلة.. ليس هناك أمامنا إلا حل واحد تصريح من الأراضي المصرية بخروجها ثم دخولها عبر غرة.. ولأن الوقت ضيق ليس هناك حل إلا هذا الرجل"
قال ممدوح بصوت خافت "هل تثق بهذا الرجل؟ هل هو أمين لأكشف له أوراق زوجتي؟"
تكراره لفظ الزوجة كان يشعل في صدر تميم ناراً حارقة ليس لها نهاية وألماً عاصفاً لا يمكن تسكينه.. لقد احترم قولها وتشبث المدعو بجواره بالإصرار كلما حاول التفتيش والبحث ورائهم، رغم لجوئه لبدور أن تدخل بينهم ودياً, ولكنها تشبثت بالرفض وأخبرته بالأمس القريب فقط أنها لن تتدخل مطلقاً خاصة مع عائلة الرجل الجالس جانبها إذ أن أختها همزة الصلة بينهم تبغضه كما لم تبغض شخصاً في حياتها.. وها هو الآن يسحبه بكل غباء يقدمه لابن عمها.. ولكن أليست الغاية تبرر الوسيلة ؟!
"أريد جواز سفرها وأوراقها"
تردد ممدوح وهو يقبض على الحقيبة الجلدية في كتفه.. تسليمه الأوراق يعني أنه سيقدم له على طبق من ذهب صورتها وعمرها وكل المعلومات عنها وعبرها سيكتشف تميم دون بحث أنه زوج شقيقتها وليس كما ادعو في كذبتهم السخيفة..
"عندما نذهب للرجل سأسلمك إياهم ..عاجلاً أو آجلاً ستكتشف كل شيء، دع الأمور تأخذ مجراها"
***********
"أريد أن أشرب (حبسوه)"
نظر نزار لأبيه الذي يجلس منبعجاً بتفاخر بعد أن التهم ما يقرب الكيلو من هذا الطعام ثم قال بعدم فهم "من هذا الذي حبس وتريد شربه؟ هل تشربون المساجين في بلدك يا أبي؟!"
نظر إليه جوشوا شذراً ثم قال "إنها بلدك أيضاً"
قال نزار بابتسامة فخورة "في الأوراق فقط.. ولكن القلب والهوى مصرياً للأبد.."
همس جوش بانزعاج "كان عليّ منعك من استعادة جنسيتك المصرية"
رفع نزار ساعده أمام المتواجدين ثم قال بمرح واعتزاز شديدين "وكيف تمحوها من هنا؟ بلدي تجري في شراييني وتدخل مع كل نفس أستنشقه من هواها"
قال راشد ضاحكاً باتزان "دعنا من نقارك يا نزار.. واجعله يفسر لنا من (المحبوس) الذي يريد شربه, أبوك في ضيافتنا ويجب تلبية كل رغباته"
امتعض نزار وهو يترك أباه يشرح على مضض عندما قال جوش بتركيز "(حبسوه).. هذا المشروب الذي يقدم في كوب زجاجي مبطن بالبلاستيك من الخارج"
تناقل جميعهم النظر بجهل شديد حتى قال جوش بصبر "إنه حار قليلاً وبه ماء مع ليمون وحمص"
قال خالد مفرقعاً بأصبعيه وكأنه ‏عثر على حل لمعادلة غامضة "هل تقصد حمص الشام؟"
شرح جوش بضيق وهو يقول بإصرار "لا (حبسوه).. أنا أتذكره جيداً, لقد شربته عدة مرات"
سأل راشد ببساطة "هل صادف أن شرب أحدكم الأخ (حبسوه) هذا؟"
إلا أن خالد عاد يقول من جديد بحذر مستخدم كلمة دارجة "هل تقصد (حلبسة)؟"
صفق جوشوا بحماس مهنئاً خالد على ذكائه, فقال خالد ببهوت "هو حمص الشام يا دكتور.. الكلمة الأخرى دارجة للغاية، بصراحة أنا مصدوم من معرفتك بها"
قال مالك ضاحكاً "معرفته بـ(حبسوه) يا ابني.. ونفى بالأصل الاسم المشهور"
بينما قال نزار بذهول وهو يخبط على كتف والده "حلبسة.. حلبسة يا سليل العائلة الملكية.. أتساءل ما رأي جدتي إن أخبرتها أنك تشرب حلبسة؟!"
سعل جوشوا وهو يهمس بالسويدية "هذه المرة لن تتبرأ مني، بل ستأمر بتطيير عنقي"
إلا أن نزار لم يفق من ذهوله بعد وهو يقول بصدمة "لقد أثبتّ أنك ابن بلد (مدقدق وصايع) يا كبارة"
ضحكوا جميعهم على التعليق قبل أن يقول خالد بأريحية "أعرف مكاناً يقدمها بشكل جيد على بعد عشر دقائق.. يمكننا إكمال سهرتنا هناك"
نظر إليه راشد يرفع رأسه من جلسته المنخفضة ثم سأل بهدوء "هل أستطيع تخمين المكان؟"
زفر خالد نفس بقنوط ثم قال باختصار "نعم.. أحتاج لرؤية صديقي"
سمع صوت راشد يتشنج قليلاً وهو يقول بخفوت خشن "ما مدى صداقتكما؟"
أجابه خالد دون تلوي "صداقة مريحة، أتحدث فيها بكل فيض دون تلقي لوم أو عتاب، وعندما يشعر بوجوب توجيهي لأحاسب نفسي يفعل دون تردد"
زفر راشد بقوة ثم قال بوجوم "أنت تدرك أنه أول من دق المسمار في نعش دنياها, أليس كذلك؟"
همس خالد بخشونة "ظننت أنك سامحته"
هدر راشد بقوة رغم انخفاض نبرته "الغفران ليس شيء بيدي.. لقد تقبلت وتفهمت حججه, قدرت حفاظه على أمانة وضعت نفسها بين يديه ثم سلمته لها ..ولكن هناك شيء فقد.. نضال لم يكن مجرد حارس يعمل عندي ..الثقة أمر يصعب أن أمنحها له"
عم صمت طويل بينهما, كلاهما يحدق في الآخر بنزال لا يقبل الانهزام حتى قال خالد أخيراً بنبرة حادة تقطع كالمشرط في الحرير "أنتَ بتّ تعلم شعور بدور إذاً.. تتفهمه جيداً، فلا تتهمها بالحمق والعناد"
عقد راشد حاجبيه قبل أن يقول بعينين مشتعلتين "لا تخلط الأمور ببعضها"
ارتعشت عضلة في وجه خالد تعبر عن كبته قبل أن يقول بصرامة شديدة "واجبي أن أخلطها ..أن أوجهك لعيوبك وأدافع عنها وأستغل أقل الفرص كما أكبرها"
كان الرجال ينصرفون تباعاً متوجهين لسيارات.. عندما قال راشد بوجوم "ما الذي تريده يا خالد من الهجوم غير المخطط؟"
أغلق خالد عينيه بقوة قبل أن يفتحهما مصرتين مصارعتين.. ثم قال بتشدد "أريد أن ينتهي الألم.. أن تتوقف المعاناة.. ما عدت قادر على رؤية عمرها يهدر في العدم.. قديماً كبلني والدي عن حمايتهن.. عن دعمها هي بالذات.. ولكن الآن ما عاد شيء قادر على ردعي حتى أنت"
فتح راشد ذراعيه في شرح مختصر للحال ثم قال بنبرة حارقة "لديك طريقة سحرية ترى أني عجزت عن إدراكها قديماً ..ساعد قليلاً حتى أملأ لها يداً أخرى بالأمل علها تتنازل من أجل نفسها قبلي وإياب.. أتعلم ما المشكلة يا خالد أن الجميع يتحدث من برجه العالي ويلقي أحكامه.. يركز على جرحها هي, أوجاعها هي.. يقيم الأمر من اتجاه واحد معتاد.. تريد أن تنهي معاناتها, وماذا عن معاناتي أنا؟!"
عم صمت جديد بينهما يتخلله صوت الهواء وضجيج البشر من حولهما.. حتى رفع خالد يديه يغرزهما في شعره بقوة ثم قال بتهكم "أنت نمر الراوي.. حلها.."
حرك راشد رأسه على الجانبين بسخرية لاذعة "الرد المعتاد.. ما تقدمه غير كافٍ.. وعندما أسأل عن الكافي من وجهة نظركم لا أجد إجابة لعينة تقدم لي.."
مط خالد فمه لأمام ببرود قبل أن يقول بجمود "أمور زوجتي لا تناقش مع أحد حتى إن كنت أنت.. إن كان هذا ما أثار حفيظتك بالأساس"
ارتد وجه راشد للوراء شاعراً بفقدان التركيز للحظة ثم قال من بين أسنانه "أهذا ما جاء في تفكيرك العظيم، أنا لا أشك فيكَ للحظة يا غبي.. بل أحاول تنبيهك وتعليمك من أخطائي الشخصية لتكن متيقظ دائماً"
فرك خالد وجهه بتعب يطلق استغفاراً تلو الآخر حتى قال أخيراً "العذر منك, أدرك أني هجومي قليلاً"
قال راشد ساخراً وهو يدفعه من ظهره ليتقدم معه "قليلاً!! بل أنت لا تطاق اليوم.. إذاً هل ستخبرني بما يحدث معك؟"
"لا.. الجميع تشملك أنت أيضاً.. أنا جاد"
قال راشد بخبث "على راحتك, صغيرتي لا تخبئ عني شيئًا.."
نظر إليه خالد من فوق كتفه وهو يفتح باب سيارته ثم قال ببطء هزلي "أراهن بحياتي أن تقدر على رفع وجهها في وجهك ..وليس إخبارك بما جرى"
هبط خالد على مقعده ثم أغلق بابه سريعاً يشير لهم أن يتبعوه, بينما ظل راشد يحدق في أثره باستياء وغضب يكوي الفؤاد بالغيرة والكره..
................................................

يتبع الأن


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.