آخر 10 مشاركات
..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          المتمردة الصغيرة (25) للكاتبة: Violet Winspear *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          إغراء النسور - آن ميثر ** (الكاتـب : Just Faith - )           »          1121-زواج ألزامي- بيني جوردان -دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          Harlequin Presents - October 2013 (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          Harlequin Presents April 2013 (الكاتـب : سما مصر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          347 - الراقصة و الارستقراطي - عبير الجديدة - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : lola @ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-11-20, 09:22 PM   #6561

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي


فى انتظار الفصل ياكيوت هاى هاى كابتن

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 09:43 PM   #6562

ليلى عمرو

? العضوٌ??? » 470384
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » ليلى عمرو is on a distinguished road
Rewitysmile9

تسجيل حضور 🎉🎉لاجمل ررايه شظايا القلوب❤❤ومرحبا بيوم الاتنين واجمل عيله عيله الراويه بكل مشاكلها بحبها❤❤❤❤❤

ليلى عمرو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 09:49 PM   #6563

Nagat farouk

? العضوٌ??? » 435986
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 59
?  نُقآطِيْ » Nagat farouk is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار الفصل على نار

Nagat farouk غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 10:29 PM   #6564

هبة الله 4

? العضوٌ??? » 394064
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 789
?  نُقآطِيْ » هبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond reputeهبة الله 4 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

في انتظار الفصل يا كيوته هاى هاى كابتن

هبة الله 4 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 10:32 PM   #6565

ولاء محم

? العضوٌ??? » 470438
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 39
?  نُقآطِيْ » ولاء محم is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظاااااار

ولاء محم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 10:35 PM   #6566

سمسمه عبده

? العضوٌ??? » 470319
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » سمسمه عبده is on a distinguished road
افتراضي

منتظرين يااحلى نووووووووور

سمسمه عبده غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 10:39 PM   #6567

Marwa..

? العضوٌ??? » 358550
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 175
?  نُقآطِيْ » Marwa.. is on a distinguished road
افتراضي

في انتظار الفصل ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

Marwa.. غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 10:55 PM   #6568

Aya 611

? العضوٌ??? » 437996
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 34
?  نُقآطِيْ » Aya 611 is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضوررررر
هاي كابتن


Aya 611 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 11:05 PM   #6569

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الحادي والخمسون المشاركة "١"


‏*راشد
‏إنها من ذلك النوع الذي لا يمكن أن تُحب بعدها أبدًا إنها تأتي لتكون الأخيره
‏*بدور
"اجيّد الكبريَاء حِينْ ارُيّد انَا ذلِك واجيّد القسُوة لو ارَدتْ انَ اقسّو
لِذلكْ ايّاك ان تَظُن انيَ قدْ اهَلك بدُونَك
‏*نضال
عندما أريد إسعاد نفسي اتخيلك معي♥مع عربيةالبطاطا
‏*سبنتي
أرواحنا تتَعافى بِقرْب من نحبّ ⁦❤️⁩
‏*تميم
فيه ناس جمالها كُله فـ إنهم مش موجودين معانا علي طول , زي الأغنية الحلوة اللي بتسمعها صُدفة ع الراديو
‏*مرح
الكُل يفتقد النّسخة القديمة من نفسهِ رُغم أنها كانت أضعف وأكثر غباءًا، ولكنها كانت أكثرَ سعادة ....خواطر أهداء القارئة Mar Mo Ro





هل من قلة الإحساس، والجنون معاً أن يشعر خالد بالرهبة لرؤية استكانتهما لبعضهما، وبالغيرة المجنونة على زوجته أيضاً؟!!
في كل الأحوال من الجيد أنه اختار أن يأتي بها إليه خاصةً مع تفحصه لوجه ابن عمه أسود اللون، أنفاسه الثقيلة، ووحدته.. وحدة شديدة لا شيء قادر على مِلئها، ربما هو اختار في بداية الليل تواجده بجانب بدور لمعرفته أنها ستحتاج إليه، وبجانب والدته، ولكن بعد المفارقة العجيبة بهبوط الصغير إليها.. وإشارتها أنها لا تحتاج سواه وقد ملكت العالم لتوها.. علم خالد أن هناك طرف آخر يهمه أيضاً ويكن لك كل المحبة والاحترام يحتاج ضمادة مماثلة لضمادة إياب..
أطلق خالد أخيراً نحنحة خشنة من حنجرته وهو يمر من جانب راشد وسبنتي قاصداً افتعال حركة خشنة بزجهما...
طيف ابتسامة ثقيلة زارت وجه راشد وهو يأخذها تحت إبطه يوقفها بجانبه.. ونظر لخالد الذي عبر الباب وهو يقول بجفاء رافعاً أكياس ورقية بين يديه "لديّ عشاء متأخر (للمفجوعة) خاصتك سيبرد"
هتفت بغضب "أنا لستُ مفجوعة.. أنت البخيل تَعُدُ عليَّ كل ما آكله"
مر خالد بجانبهما وهو يقول بنفس نبرة الجفاء "بالطبع يجب أن أعُد عليكِ فبهذا المعدل ستنفذ ثروتي قبل أوانها، ولن أجد بعدها ما أسد به وحش جوعكِ"
أشارت سَبنتي نحو ظهره وهي تقول مؤنبة معترضة "أنظر للرجل الذي زوجته ليّ.. إنه يجلدني دائماً راغباً بحرماني من هوايتي الوحيدة في الحياة"
نطر إليها خالد من خلف كتفه هازئاً ثم قال في برود "إلحقيني للمطبخ, أنا لستُ خادم جنابكِ"
عبست بضيق ثم همست لراشد الذي ارتفع حاجباه بقوة وهو يشاهد الحوار المعتوه بينهما "إنه بخيل يا أبي.. صدقني.."
مدّ راشد وجهه للأمام يدعي الاهتمام وهو يسألها ببطء "خالد.. بخيل؟!!"
همست مازحة مدعية اكتشاف سر خطير "وأعتقد أنه مفلس أيضاً، لقد تزوجني طمعاً في ثروتك"
جرها راشد بنفس الروح شاكراً حظه والقدر الذي أوجدها في حياته "بالطبع هو كذلك.. عدا أن ثروته تفوق ثروتي أضعافاً"
نزقت قليلاً بملامحها تحاول موازنة معلومة لم تهتم بها قبلاً، ولا تعتقد أن أحد أفراد العائلة ذكرها أو أهتم بها من قبل, لطالما كانت الأمور المادية أمراً بعيداً وغير مقدر من أحدهم..
قال راشد بخفوت "الأصول المجمدة التي تركها له ياسر الراوي تفوقني أضعافاً.. إرث جدي قسم على والدي ووالده.. بالطبع الأصول التي ورثها أبي عن أبيه قد أخذ عزام معظمها وبددها كما أعلم.. ولم يتبقى لي إلا المزرعة.. بينما والد خالد حافظ على كل قرش لابنه, فلو قارنته بي فإرث بلال الراوي قسم على ثلاث، وأموالي كما رأس مالي كانت من جهدي الشخصي"
زاغت عيناها بعيداً قاصدة البعد عن ذكر عزام تماماً وهي تقول بخفوت "لقد كان يحبه حقاً.. خالد يصر بداخله على العكس"
سحبها راشد وهو يتقدم خطوات داخل المنزل ثم قال بخفوت "لقد أحبه، ليس هناك والد يكره ابنه يا سَبنتي.. إلا أن ياسر أحبهم جميعًا بطريقة مؤذية لم تصل لأحدهم.. للأسف لقد تعمد كثيراً الدهس على قلب خالد الأخضر وأحرقه"
حدقت فيه دون تعبير ثم قالت بقنوط "هناك من يكره أبنائه، يؤذيهم ويتقصد تدميرهم إن كان هذا سيوصله لأغراضه الشخصية"
التوى فك راشد بتشنج ثم قال بصوت خشن "من تقصدينه ليس بني آدم من الأصل لتقيمي نفسكِ مما عنده.."
صمت قبل أن يعدلها أمامه, يمسك ذقنها بأطراف أنامله وهو يقول بحزم متسلط "أنتِ ابنتي أنا، وتعلمين كم أحبكِ.. وجودكِ الليلة بالذات بجانبي، تهرعين إليّ، يثبت هذا يا سَبنتي.. مفهوم؟"
دمعت عيناها بتأثر وهي تومئ توافقه ببطء, ترسم ابتسامة حلوة ناعمة على قسماتها...
"ولكنه نجا, أليس كذلك؟!" سألت بتهرب..
ضيق راشد ما بين عينيه بعدم فهم.. فأوضحت وهي تشير نحو المطبخ "خالد لم يحرق.. هو.. هو.. ربما اهتز قليلاً مثلنا كلنا.. إلا إنه وازن نفسه سريعاً، صحيح؟!" قولها كان أشبه برجاء مستتر أن يثبته...
أخد راشد نفساً عميقاً ثم قال مؤكداً "لقد نجا أستطيع الآن أن أخبرك أنه على الطريق الصحيح، لا يتبع أحداً، لا يتخبط، لقد سقط الفارس عن صهوة حصانه مرة، إلا أنه تدارك نفسه وشفى جراحه وعاد يمسك لجام جواده دون أن يفلته أبداً..."
ضحكت ضحكة مشوبة بالبكاء وفتحت فمها تنوي قول شيء إلا أنها لجمت نفسها سريعاً ضامة فمها بقوة.. آثَرت التكتم كالمعتاد.. وقد لمس راشد هذا عندما قال برقة "تحدثي، ألم يكفيكِ كل هذه الأعوام تمثلين عليّ أنك بخير؟"
ارتعشت ملامحها وهي تبتلع ريقها بقوة ناظرة للأرض ثم همست باختناق "لا أملك هذه القدرة.. أنا أحاول صدقني، ولكن هناك.. هناك أصوات أخرى مجنونة تصرخ في أذني وتثقل لساني تمنعني من الكلام.."
صمتت وهي ترفع عينيها بتردد تحدق في ملامحه المسودة المتعبة.. ثم همست وكأنها تراضيه "أنا لم أمثّل عليكَ قاصدة، أنتَ لم تفشل كما تعتقد، ولكن.. لكن أنا المشوهة أكثر من اللازم يا أبي... مشوهة حد أني أخشى الإفصاح عن حرب ضروس تنهش دواخلي"
أخذ راشد نفساً مرهقاً للغاية ثم قال وقلبه يخفق بألم دفين "عاجزة عن التحدث.. إلا إنكِ تجيدين الطعن والجلد.. هل تعلمين ما أشعر به وأنا أسمع صغيرتي تُقِر بتحطمها؟"
تلفتت سَبنتي حولها بطريقة خرقاء.. قبل أن تعود إليه برتابة شديدة.. ثم همست كمن وجد إجابة مرضية ترطب بها قلبه من جديد "سأكون بخير بالنهاية، يجب أن تؤمن بهذا.. أتدري لماذا؟"
لم يُجِب ولكن تنهيدته كانت كافية.. لذا همست بهدوء "لأني أريد.. أنا لا أرغب أن أعيش في الماضي.. بل أطلب حياة أخرى, لقد اشتَقتُ إليّ جداً, اشتَقتُ لتلك البلهاء المجنونة التي كنتها بالسابق.. هذه الكئيبة أنا لا أحبها..."
اقترب راشد يقربها منه يطوقها بتشدد من جديد ثم همس ملطفاً "لم تكن بلهاء.. ربما شقية مجنونة.. ولكنها كانت ذكية محبوبة.. هذه الكئيبة هي البلهاء.."
:-"أنتِ يا هانم، تأدبي قليلاً وراعي أني زوجكِ, عارٌ أن أدخل المطبخ في وجودكِ"
انتفضت من الهتاف المزعج الذي انبثق مبدداً المشاعر الخاصة التي تمس أعمق زوايها...
أبعدها راشد من جديد ثم سأل بجدية "ما أخباركِ معه؟"
تلعثمت وهي تجيبه "بخير.. خالد طيب"
التوى فمه باستنكار ثم همس "طيب؟!"
شمرت عن ساعديها في نية للهروب من أمامه وهي تجيبه "ماذا توقعت أن أخبرك.. هو طيب فعلاً على الأقل حتى يتوقف عن إطعامي كما يهدد"
أمسك راشد ساعدها بحزم, وجهه يتلون بالصرامة ونية واحدة تصرخ من حروفه بأنه لا ينوي التراجع عن تقريرها "لا تتهربي.. تعلمين ماذا قصدت بسؤالي"
توردت وهي تغلق عينيها بقوة ثم همست بتخبط "ماذا تتوقع كجوابٍ مني؟؟"
معتوهان.. يقسم أن الاثنين مجرد عقلين متطرفين ومجذوبين بتفكير أحمق خارق.. "مؤكد قصدت أنكِ هدأتِ الآن وعلمتِ أن وجودكِ مقدر معه، وأن اختياري عنكِ كان الطريق الصحيح"
توردت بشكل مضاعف, تسبّ تفكيرها الأحمق بصمت تام ثم قررت أن ترفع عينيها نحوه وهي تهمس بصوت أجش "إن أجبتك بأنك محق، سأخدعك.. وان أجبتك بلا فسأخدع نفسي"
قال برفق مستفهم "ما الذي يفترض بي أن أفهم من كلماتكِ المتضاربة؟!"
عدم الثقة في عينيها جعل ألماً كبيراً يخترق صدره.. عندما همست باضطراب "فوضى.. داخلي معه في حالة فوضى.. جزء مني ما زال يستنكر فكرة الزواج كلها من خالد بالذات.. وجزء آخر لا يرغب في خسارته.. أما عن الجزء المظلم بداخلي يرغب بالهروب.. الهرولة بعيداً عن كل شيء.. أيهم سينتصر لا أدري يا راشد... إلا أني أعرف شيئاً واحداً هو عدم قدرتي على خسارته من جديد"
تنهد راشد بإحباط ثم قال "دعينا إذاً نساعدكِ، الهروب ليس حلاً متاحاً يا صغيرة, كفانا أوجاع ما مضى.. ترفقي بي على الأقل ولا تضاعفي خسارتي"
راقب الضياع يهدد بلفها, بنوبة من بوادر ألم تهتز.. إلا أنها عندما أجابته قصدت الهرب من جديد وهي تقول "لم تسألني عن إياب.. ألا تعرف أنه ذهب لبدور يراضيها؟ أنا سعيدة جداً من أجلهما"
حاوط كتفيها وهو يتوجه نحو خالد مكتفياً بهذا الحديث بينهما غير راغب في الضغط عليها بشكل أكبر ثم قال بهدوء "وأنا سعيد ومرتاح من أجلها هي، أخيراً ستنال بعض الهدوء وتضمد جزء من أمومتها.. علّ هذا يكون دافع لتستفيق وتلملم آخر جزء من تعثرها.."
عبست قليلاً بتساؤل وهي تنظر إليه من موقع منخفض.. داعب راشد أرنبة أنفها.. ثم قال بنبرة ارتعشت خلفها بقوله اللطيف "هل اعتقدتِ أني سأتركهما ورائي دون سؤال؟ لديّ جاسوسة متعاونة.. تخبرني كل ساعة عن أحوال (جلمود الصخر) خاصتي.. حتى ختمتها بذهاب نمري الطيب إليها"
ضحكت.. ضحكت بقوة حد أن لمع البنفسج في عينيها بألوان الطيف التي يلمس حسنها عقب غسل المطر لأشعة الشمس المشرقة..
"ما زلت تحبها؟!" همست بحماس مراهق ذكره بمناغشتها في الماضي...
وهو أراد الهروب بقوة من كل الحزن الطاغي عندما مال يهمس داخل أذنها بخشونة "وأين أجد معتوهة في العالم مثلها.. أحبها كلمة زهيدة لأصف تعلق الروح بها.."
ضحكت بشكل أكبر ووجهها ينكمش, عيناها تضيقان ووجنتاها المحمرتان ترتفعان.. "ليست معتوهة, أنتم الرجال ظالمين.. إنها متفردة"
عبس مدعياً الضيق وهو يضرب مؤخرة رأسها ثم قال "ومن أحدث؟ من كانت أكبر معجبيها.. بالطبع ستشهد لصالحها وتنسى معاناة أبيها"
رفعت كتفيها بشقاوة وهي تندفع نحو المطبخ المفتوح المطل على غرفة الاستقبال الضخمة ثم قالت بشقاوة "أنا لم أكن أكبر معجبيها.. بل ما زلت، اممم ربما مجذوبة أحياناً, أحياناً فقط.. ولكن دعنا نكون صريحين هذه ميزة آل الراوي.."
التفت إليها خالد وهو يقول باستخفاف "أحياناً أريد أن أتطاول وأسب للراوي كله الذي ‏تعزون إليه قلة أدبكن"
شهقت سَبنتي باستنكار رافضة ما يقوله ونظرت لراشد مستنجدة أن يفحمه برد لاذع... ولكن راشد رفع يديه مع إلتواء فكة علامة على موافقته لما يقوله خالد...
قالت مهددة "سأخبر بدور"
قال خالد ببرود وهو يفتح آخر طاجن ليضعه على السفرة الصغيرة "هي تعرف فأنا أخبرها بهذا على الدوام.. وهي متقبلة للفكرة جداً"
سحب راشد مقعداً وجلس هناك وهو يتفحص الطعام بارتياب بينما يقول بغبطة... "تتقبلها منكَ كما الكثير، ولكن عندي أنا يركبها جن وقح وترد عليّ الكلمة بعشرة..."
وضع خالد بعض الملاعق البلاستيكية ثم جلس بجانب راشد وهو يقول قاصفاً جبهة تلك المجذوبة التي تنظر إليه بشرر "في اعتقادي الشخصي أن هناك عته من نوع ما يصيب المرأة بقِصر التفكير والحمق مع حبيبها فقط.. يجعلها تتقبل النصح عن جميع المشاعر من كل بشر عدا هذا المأسوف على شبابه الذي أوقعه حظه العاثر في عشقها.."
صاحت سَبنتي معترضة "على أساس أنكم تملكون ذكاءً خارقاً في العلاقات الغرامية.. والله نحن النساء مُنِحنَا صبر الجبال لتحملكم"
بسط راشد ظهر كفيه يعلقهما في الهواء تجاه كل واحدٍ منهما ثم قال بصرامة "توقفا حالاً... أنا لستُ في حالة تسمح لي بهذا الجدل.. يفترض أنكما أتيتما لرفع حالتي المعنوية وليس إصابتي بالصداع"
قال خالد بهدوء وترفع وهو يرمقها شذراً "عليك تحمل بعض ما منحته لي من كائنك المزعج"
زمجرت مكتسبة من وجود راشد قوة أكبر.. إلا أن يده الحازمة أوقفتها عندما قال بسلاسة "زوجكِ محق، فهل توقفتِ؟"
ابتأست ملامحها وهي ترمقه بنظرة القطط التعيسة... إلا أن خالد بادر سريعاً يراضيها عندما زج طاجن أمامها وهو يقول "لا.. أنا مخطئ جداً.. بل أنا المزعج"
فتح راشد فمه باستنكار.. فقال خالد غامزاً بتسلية "أرأيتِ هو تجبر عليكِ لصالحي، وهذا درسكِ الأول لتعلمي أنه ليس لكِ إلا زوجكِ سيحمي ظهركِ دائماً"
رفع راشد حاجبيه بدهشة واستنكار تصاعد بشكل فائق ثم قال "هل ستصدقين هذا العرض الرخيص؟!"
سحبت سَبنتي طاجن الطعام أمامها وبدأت بدس ملعقتها فيه ثم قالت بتسلية "لن أكن سَبنتي راشد إن صدقته.. المسكين ما زال بريء جداً في طرق الإيقاع بيني وبينك"
نقل خالد نظراته بينهما بهدوء ثم قال مشدداً على كل حرف "الرجل الأحمق فقط من يغار من علاقة زوجته بأبيها.. أو أخيها ويحاول الإيقاع بينهما.. في الواقع أنا مرتاح لفكرة وجود ملجأ آخر غيري تجدينه عند يأسكِ مني.."
تبددت البسمة وهي تنظر إليه كمن تلقى لكمة مؤلمة في منتصف قلبه.. إلا أنها لم تعلق.. تاركة الكلام لراشد الذي قال ببساطة مدعياً الطرفة "وهذا شيء يحسب لك يا خالد.. رغم أني أحمق جداً في تملكي لها.."
قال بسرعة ضاحكاً "وأنا يسعدني جداً إحراقك فقد باتت حلالي بماركتك"
"لا.. أنتَ لن تعود لترديد هذه الكلمة التي يظل صداها يتردد في رأسي طوال الليل وكأنها موسيقى أطفال مزعجة"
ملأ خالد ملعقته ببعض الحساء ثم دسه في فمها.. دون تردد أو خجل، إلا أنه أصابها بشدة وزمت فمها باعتراض قبل أن ينظر إليها بصرامة.. جعلتها تتقبل إطعامه إياها بصمت مطبق "إذا صُمَّ أذنيك, لأني سأقولها كل لحظة حتى تقتنع بها هي.."
تبسم راشد داخلياً وادّعى عدم الانتباه لتصرف خالد الذي كرره من جديد.. وهو يقول "هيا سمِّ الله وتناول عشائك.. فاليوم كان مزعج للجميع، وأكاد أقسم أنك لم تتناول شيئاً.."
قطب راشد من جديد وهو يتفحص الأطعمة الموجودة على المائدة.. والتي لم تتناسب مع بعضها.. إذ أنها كانت باستا إيطالية بالطريقة التي تفضلها سَبنتي.. وعكاوي.. "أطعمة دسمة مرة أخرى, هل تريد قتلي؟!"
هز خالد كتفيه بلا معنى وهو يتناول قطعة لحم مقلية بنفس الشوكة التي أطعمها بها ثم قال "لقد أكلتها من دونها منذ ليلة لذا أردت تعويضها.. وأنتَ مجبر لمشاركتنا عشائنا"
قالت سَبنتي بنزق بفمها الممتلئ "أنا لم أطلب هذا.. هو من اتصل بالمطعم وطلب ما يريده"
أمسك خالد قطعة من العكاوي ودسها في فمها.. اعترضت وسرعان ما استمتعت جداً تصدر همهمة نهم ورضا مقيمة...
قال خالد ضاحكاً "ولكنها لم ترفض.. أجدني أتذكر قولك بالماضي أني خبيث أعلم ما يشد فتاة مثلها.."
بدأ راشد في سحب بعض الطعام وتناوله أخيراً وهو يقول كمن يحدث نفسه "مع وجود هذا الهالك ومجذوبته يجب عليّ إقامة غرفة رياضية في المنزل، وليس الاكتفاء بالذهاب للصالة الرياضية.. يبدو أن مراضاته لها ستطول لأعوام.."
مال خالد قليلاً نحوها ثم همس "أرأيتِ ما أوصلتني إليه.. حتى هو يأس منكِ..." وزفر بأسى مضيفاً "وبعدها معكِ؟!!"
منحته ابتسامة غاية في السماجة ثم قالت "هذا ما يطرحه حلالك.. تقبله أو يمكنك تركي والذهاب لبيتك.. و.."
"اخرسي.." زمجر بها بسخط هامساً..
وخرست ليس حباً في تناول المزيد من الطعام كما توقعت في نفسها.. بل لشعور طبيعي قد كان يلاحقها قديماً رغبة في عدم إزعاجه أبداً, ورؤيته لكل جميل منها..
**********
بعد وقت طويل كان آذان الفجر قد أقيم لذا ذهب كلاهما لأداء الصلاة سوياً في غرفة المكتبة.. وبعدها تناقشا في بعض الأشياء التي يجب على خالد مراجعتها وقد فاتته في فترة غيابه..
وعندما خرجا كان راشد يقول بهدوء "ليس عليك العودة الآن، لديك أسبوعين آخرين، ربما اقترح عليك أن تأخذها وتسافر لأي مكان مرة أخرى لربما..."
قاطعه خالد وهو يقول بخفوت "لا.. تواجدها بعيداً لن يساعدها، تحتاجهم كما يحتاجونها.. كما أني أحتاج للتواصل مع الطبيبة من جديد لقد حددت موعداً معها غداً"
كاد السؤال الذي يحرقه يخترق حاجز التردد إلا أن راشد تراجع رافضاً الفكرة بالأصل.. بالنهاية هي صغيرته فكيف له بسؤال زوجها عن ما يخبئه كلاهما ويستشعره يجذبهما بحلو المذاق ثم ينفرهما من جديد بكره الشعور من جانبها هي؟!
"أحسنت فعلاً, إلا إني أعتقد أن الطبيبة سترفض الحديث معكَ وتطالب برؤيتها وجهاً لوجه, وهذا ما أشجعه أنا وأزكيه"
هز خالد رأسه موافقاً ومتحيراً.. هو ليس لديه أي مانع ولكن كيف له أن يقنعها وهي التي تصر أنها بخير وترفض طرح الفكرة من الأساس..
"لقد زرت الطبيبة وحدك.. وما عرفته أن الأمر لا يخص لا سَبنتي ولا إياب.. هل يمكن معرفة السبب؟!"
حك راشد ذقنه ثم قال بتهكم "ربما احتجتها لإستشارة عن نفسي"
قال خالد بهدوء شديد "لا أعتقد.. اسمع عندما زكيتها لحالة سَبنتي قصدت مساعدة زوجتي، لا محاصرتك لبدور من جديد"
ضحك راشد ببؤس ثم قال بسخرية سوداوية "اطمئن ما زالت دكتورة ليلى مخلصة لبدور لأقصى حد"
قال خالد بخفوت "ما الذي تحاول الوصول إليه.. أخبرني لأكون على علم بالأمر على الأقل؟"
حدق فيه راشد بعينين سوداوين غامضتين للغاية ثم قال بتصميم شديد "الإصلاح.. أرغب في تنظيف كل القيح وإخراج كل الصديد قبل أن أكويه للأبد.. لأبني بيتي هذه المرة على أرض صلبة مودعاً بيت الرمال الهش الذي حطم من أول موجة قذفها علينا الوحش الأسود مبتلعاً كل الأحلام"
هل يفترض أن يخاف على أخته ويحذر منه من جديد.. أم يأمل أخيرًا أن ابن عمه على الطريق الصحيح يلملم شتات أسرته ويمنح ابنه ووالدته ما يستحقانه؟!
وعندما دخلا غرفة المعيشة وجد أن سجادة الصلاة والملابس الخاصة بها كما هي لم تمس.. بينما سَبنتي نفسها كانت نائمة على أحد الأرائك ملتفة على بعضها بشكل بائس.. نقل راشد نظراته بينهما بصمت للحظات.. قبل أن يقول وهو يلتف للانصراف "الصباح قد أوشك ولم ينم أحدنا.. لذا ابقى هنا.. كما ترى البيت كبير جداً وفارغ جداً جداً على ابن عمك.."
رفع خالد عينيه يحاول رسم أي شعور نحوه ولكن كان فارغاً.. فارغاً بشدة لشيء ضرب قلبه وأوجعه بماهيته.. إلا أنه بالنهاية قال محاولاً جلب أي مزحة لصوته ولكن نبرته خرجت مجوفة قاتمة "هل يمكننا مشاركة نفس الغرفة.. أم ستفصلنا عن بعضنا؟؟"
قال راشد بجفاف "بالطبع في الوضع العادي كنت سأفصلكما.. ولكن مع عرضك القصير في المطبخ أظنني فهمت ما تحاول فعله.. لذا أترك لك أنت حرية تقرير ما تريده.."
قال خالد بقنوط "وما الذي وصلك؟"
كان راشد قد ابتعد عنه خطوتين بالفعل عندما ربت على كتفه بدعم وشكر ثم قال "تحاول إقناعها بالتعامل بطبيعية وتقبل ليس رابطكما المقدس فحسب وإنما ما كان يجري بينكما في الماضي بكل عفوية وبراءة لوثناها نحن بأفعالنا"
مسح خالد على عينيه وأنفه بشعور ضيق للغاية ثم عاد ينظر إليها من جديد بطريقة غريبة وهو يتساءل "هل ما زلت تؤمن بي؟"
خبط راشد على كتفه بتشدد أكبر ثم قال "فوق تخيلك.. خذ راحتك المنزل منزلك"
ثم تركه وانصرف بهدوء وبساطة يعطيهما كل المساحة التي يحتاجانها..
جلس خالد بجانب رأسها ينظر لوجهها المتغضن في نومها.. كفها الذي يستريح على معدتها.. وسجادة الصلاة التي لم تمس.. لن ينكر أنه اعتقد نسيانها لكل ما علمته لها والدته, بأنها كالكثير من فتيات اليوم اللاتي يهملن فروضهن، حاكماً عليها مثل أي شخص بنظرة ضيقة يضع آراء بالحكم على الأشخاص من مظهرهم الخارجي وكأنه لم يكتشف كل صغيرة فيها قبل الكبيرة بالماضي.. ولكنها خيبت ظنه من حسن حظه، وتأكد أنها ما زالت لا تترك فرضاً قط.. إذاً ما لا يحتاج للذكاء أن سبب عدم صلاتها أنها في عذرها الشهري.. وهنا يصل لنقطة أخرى معتمة ومؤلمة متذكراً إصرارها السابق بكل سواد وتعنت "أنا لن أنجب أبداً، لن آتي للعالم مزيداً من الضحايا.."
شعور معتم مكروه كان يجتاح كل خلية فيه.. مظلل عليه بلعنة تحرق بنار وهج داخل صدره.. إلا أنه ما كان ليحكم رغم كل الأسباب التي قد تجعله يجن عليها يتهمها بالخداع والالتفاف وراء ظهره وإلقاء التهم ما كان ليفعلها ليس هو.. هو خالد الراوي أكثر اتزاناً من أن يعاقب ويغضب دون السماع بدافع ثقة يبنيه بينهما.. قبل كل شيء..
لذا ورغم السواد الذي يحيط به من كل جانب.. كانت أنامله تداعب جانب وجهها برقة وهو يقول "بقة.. استيقظي"
وما يعرفه أن نومها ثقيل حد أن إدارة حفل ومزمار بلدي جانب أذنيها لن تستيقظ.. لذا كرر بحزم أكبر وهو يضرب بخفة شديدة وجنتها "بقة.. هيا أنا الآخر متعب وأريد النوم"
زمت فمها بنزقها الشهير تمده للأمام.. قبل أن تفتح جفنيها تهتف بخشونة ناعسة "نام.. هل منعك أحد أم تنتظر الإذن مني؟"
عدّلها لتجلس أمامه ثم قال بنبرة صارمة آمرًا "بل أريدكِ أن ترشيدنا لغرفة لنتشاركها"
هرشت شعرها بقوة عابسة "غرفتي بالأعلى.. يمكنك فعل ما تريده.. أنا لن أشاركك على كل حال.. سأبقى هنا"
"لماذا؟؟"
قالت من بين أسنانها كمن يحدث طفلاً أبلهاً "لأني لن أنام معك في بيت راشد ولن أكون مجبرة لمواجهته صباحاً، أي فتاة سأكون بنظره؟! أنا لديّ أخلاق عدمتها أنتَ"
مد خالد شفته السفلى مدعياً التقييم الرهيب والاهتمام لما تقوله.. حتى قال من بين أسنانه مغتاظاً "يوماً ما سأمد يدي المجردة وانتزع أحبالك الصوتية.. لأرتاح من ذلك الرفس والانخفاض في معدل ذكائكِ"
زفرت بتعب وهي تترنح بإجهاد ثم همست "أرجوك هل يمكننا الاكتفاء بهذا القدر من أمنياتك الرائعة.. وتتركني لأنام؟!"
قال بفظاظة وهو يقف يسحبها معه "لا.. فعلاً أمدديني بسكوتكِ لنرتاح كلانا"
حاولت سحب يدها منه ومحاربته بكل عناد إلا أنه التفت إليها بنظرة صارمة ونهرها "إن امتلكت بعض العقل في هذه اللحظة..."
تبدد النعاس وهي تنظر لقسماته المكفهرة بغرابة.. مستعجبة من انقلاب حاله كلياً وما دفعها للطاعة ليس الخوف وإنما الفضول لتفهم ما سر تغيره..
وعندما صعدا الدرج وأدخلها الغرفة وسمعته يغلق الباب بتكة المفتاح.. تلعثمت واضطربت تشعر بالسوء.. السوء الشديد أنها فتاة بلا أخلاق تسمح لحبيبها أن يتسلل لغرفتها من وراء أبيها..
تجهم خالد وهو ينظر إليها بحنق قارئاً صراعها وتأخرها الذهني بشكل واضح إذ أنها لطالما كانت ككتاب مفتوح قبل أن تختار إغلاقه والتقوقع على ذاتها.. هتف خالد بصوت يائس "بالله عليكِ.. أنا زوجكِ.. زوجكِ, هل تفهمين أم أذهب إليه ليقفأ هو بنفسه عينيكِ بنسخة العقد التي يمتلكها؟!"
رفعت أصابعها تضع شعرها القصير خلف أذنيها بطريقة بلهاء ثم همست بتوتر "الوضع كله غريب.. لماذا لا تريد أن تستوعب.. هذا كله..ك له صعب عليّ ،أنت تطالب بما يفوق قدرتي"
خلع خالد قميصه يمرره فوق رأسه ليبقى عاري الصدر قاصداً.. ثم توجه للفراش وهو يقول بفظاظة "تقبليه إذاً.. وتعاملي مع قدرتكِ تلك وحدكِ.. لأني لا أنوي بشكل قطعي مجاراة حماقتكِ.. أنتِ زوجتي وسأتعامل معكِ بما أرغبه وأريده أمام أي إنسان قد يكون.. وأنتِ مطالبة بمنحي كل حقوقي التي لن أتوسلها منكِ يا سَبنتي.. ولكن لكرم وتعفف مني سأمنحكِ وقت ضئيل لتجدي حلاً لعقدكِ.."
مال خطا فمها بحزن شديد ولم تعلق بل استدارت بعيداً تستند على مقعد مكتبها للدراسة بقنوط.. وعم الصمت الشديد المظلم بينهما لا يتخلله إلا صدى أنفاسه الغاضبة بغشامة.. حتى عتمت الغرفة وغرقت في الظلام.. انتفضت وهي تهتف فيه بصوت لمس فيه الذعر "افتح الأضواء.. أنا أخاف العتمة.."
أضاء مصباح صغير جانبه.. وهو يغلق جفنيه بقوة محاولاً أن يهدئ انفعاله عندما قال بصوت أجش "تعالي لجانبي إذاً.. ألم تخبريني منذ زمن أن كل أشباحكِ تتبدد بجانبي؟"
ابتلعت ريقها بعنف وهي تمشي بتردد تجاهه تتلمس طريقها وهي تتلفت حولها كالمجاذيب وكأن هناك بالفعل من يطاردها..
حتى وصلت إليه, استطال خالد يمسك يدها المرتعشة على الفور وجذبها لتسقط على قدميه.. لم تحاول الرفض بل انكمشت هناك ثم همست بصوت مرير "ذلك القول كان لشاب أخر"
ربت على كتفها بحنان ثم همس "أنا نفس الشخص.. لم أتبدل"
هزت رأسها نافية بقوة مهتزاً معها شعرها كموج ساحر ثم همست بنبرة اختناق حارة "ليتك كنته.. أنتَ رجل غريب أجهل طريقة التعامل معه"
ادعى عدم فهم المقصود.. عندما قال مداعباً "وما الفرق يا ذكية عصركِ.. هل كنتِ لا تريني رجلاً آنذاك؟"
أومأت موافقة دون تردد.. مما جعله ينظر إليها بارتياب به بعض الحنق.. فصححت سريعاً توضح مقصدها "ذاك الشاب كان رفيق جيد.. لا يطالب بأشياء.. بواجبات.. أعني.."
صمتت غير قادرة على التوضيح ثم قالت من جديد بغباء "أنا ودعت شاب كنت أتعلق به بكل جنون.. وعندما عدت وجدت رجلاً... أممم كريه."
تدلى فك خالد وهو يردد "كريه.. أنا كريه على قلبكِ؟!"
قالت بنزق وهي تزيحه من صدره تتخلص من حصاره ثم تعتلي الفراش وتندس تحت أغطيته سريعاً "أنا لم أقل هذا"
سحب خالد نفساً طويلاً حاداً قبل أن يهتف بغلظة "لقد قلتها لتوكِ يا مجذوبة"
ابتسمت بسماجة ثم قالت "عندما توقظ أحداً من أحلى غفوة فعليك أن تتحمل ما يرفس به لسانه غير الواعي"
ضيق عينيه وهو ينظر إليها مهدداً.. فأعطته ابتسامة أخرى أكثر سماجة من سابقتها.. وقبل أن تحاول استجلاب نومها الذي تبدد سمعته يقول "هل ستنامين بملابسكِ؟"
قالت بلا مبالاة "لقد كنت نائمة بها قبلاً, ما الذي اختلف؟"
تسطح خالد جانبها على الفراش الضيق نسبياً.. ثم مد يديه بخشونة يمسك كفيها يحبسهما في قبضة قوية بعيداً عن دفاع قد تفتعله.. ثم فتح السحاب ببطء أمام عينيها التي تتوسع.. وتتوسع وهي تنظر إليه بخواء أكثر غرابة من كل أفعاله.. وعندما تركها قال بجفاء "لا داعي لكل هذه الأفعال.. لقد رأيت ما هو أكثر بالفعل"
توردت وهي تشيح بعينيها الواسعتين بعيداً.. إلا أنها تحركت لتخرج نفسها من أكمام المعطف ثم تركته يسقط من جانبها على الأرض لتبقى أمامه ببلوزه قطنية رقيقة بحملات رفيعة وبالكاد تغطي فوق خصرها.. وهي تهمس بقنوط "نعم.. ووجب عليّ أن أتعامل مع عقدي وحدي.. كما كنت دائماً"
لم يرد خالد.. وماذا قد يقول لقد كرر قبلاً على مسامعها عشرات المرات أن تسمح له بدخول عالمها.. أن تمسك بيده الممتدة لينتزعها من بئرها المسكون بالأشباح إلا أنها ترفض!
عم صمت كئيب بينهما من جديد.. حتى سمعته يقترب بنفس ثقيل أخيراً وهو ينام على ظهره ناظراً لسقف الغرفة بكآبة "لماذا لم تصلي؟!"
الصمت ما قابله للحظات حتى همست بتردد مختصر من نومها الذي تقوقعت فيه على طرف الفراش بعيداً عن مرماه "لم أصلي اليوم كله.. لديّ.. عذر شرعي"
رباه كيف استطاعت نطقها؟!! مشاركة هذه الأشياء التي لم تشاركها مع امرأة أو صديقة من قبل.. لخالد من بين البشر.. لماذا يتعمد الضغط عليها ومحاصرتها من كل جانب؟ ألا يكفيها معضلتها للتعامل مع ما حدث بينهما.. إنها تحاول شطبه من ذاكرتها وتجنب حدوثه بالأصل والتعاطي معه.. إلا أنه لن يكف عن مطاردتها كما يبدو...
صوته كان خشناً الآن مدمراً في سيطرته يشوبه غضب حارق عندما قال بصراحة ودون التفاف "هل أخذتِ وسيلة من وراء ظهري؟"
اعتدلت ببطء تطل عليه بذهول ثم قالت بفظاعة "من منا الأبله الآن.. من وراء ظهرك؟! تتحدث وكأننا متزوجين منذ الأزل ومنعتك يا مسكين من الحصول على الذرية وضيعت زهرة شبابك"
لم يحاول أن ينطر إليها وهو يقول من بين أسنانه "جاوبي على قدر السؤال المطروح والذي سبب إطلاقه واضح وهو رغبتكِ السابقة في عدم الإنجاب مني"
صمت.. وصمت حتى قالت بقتامة "أنا لا أريد الإنجاب بالأصل.. إن ملكت أمر نفسي ما كنت تزوجت أبداً.. أبداً"
التف رأسه إليها ببطء, ينظر إليها بوهج يحرق ولا يداوي سقماً "أجيبي"
ارتعشت شفتاها وهي تهمس بصوت غامض أجش "ستصدق جوابي ببساطة"
قال خالد بتشدد وهو يركن جسده على مرفقه موازياً جلستها أمامه "سأفعل.. لأني أثق بكِ.. أثق بتلك المراهقة التي كانت تلاحقني متفوهة بوجهي بكل قوة وجرأة بما تخبئه عن الجميع"
لهثت للحظة وهي تنطر إليه بطريقة غير مفهومة.. لا يعرف ما يجري بداخل هذا العقل الفولاذي..
إلا أنها همست أخيراً بصدق انتهى بحيرة "لم أفكر في الأمر حتى.. أنا.. أنا لم أتوقع بالأصل أن علاقتنا الزوجية قد تحدث"
النار التي كانت تشتعل كأنها أطفئت فجأة مع إجابتها التي لم يشكك فيها لحظة.. رغم سؤاله الهادئ "ماذا توقعتِ أن يحدث بيننا إذاً؟؟"
هزت رأسها بالنفي ثم فتحت فمها لتجيبه.. إلا أنها في آخر لحظة اختارت عدم الكلام من جديد والصمت مكتفية برفع كتفيها بعجز بلا معنى..
نفخ خالد بقنوط.. ثم سحب ساعدها بخشونة لتتمدد بجواره.. ترددت تحاول إبعاده إلا أن كل ما سمح لها به هو أن تدير ظهرها ليحتضنها بقوة كما اعتادا مؤخراً... الأجزاء المكشوفة منها تصادمت مع صدره العاري والساخن وكأنه إحدى أفران الصلب التي لا تطفئ.. تململت قليلاً فشدد عليها وهو يهمس "سنتعامل سوياً مع العقد, فقط لو سمحتِ لنا"
كان قلبها يضرب بعنف تحت يديه المحيطة بها من كل جانب كما كله وكأنه باحتوائه لها يشكل جسدها اللين مع جذعه الضخم.. وما أكد الأمر لتفكيرها هو همسه المداعب "تبدين كالدمية عندما تستقرين بوداعة في المكان الذي خُلِقَ لأجلكِ وحدكِ.. وهذا ما لم أتوقعه أنا أيضاً.."
إلا أنها عندما أجابته كانت تتجرأ لتلتف ببن أحضانه لتواجهه كمرة أولى بينهما وفي الظلام الذي بدده ذلك الضوء همست وكأنها تحاول مراضاته على خجل تمنحه أحد أسرارها "ما زلت تبعدهم عني.. كل الأشباح تهرب بعيداً عندما تضمني.. إلا أني ما زلت خائفة جداً"
ضمها خالد إليه بشكل أقوى ثم طبع قبلة رقيقة حنونة ومتفهمة للغاية منحتها بلسماً سخياً ووعداً غير قابل للنقض "سنهزمهم سوياً.. ونعيدهم لقبر لن يفتح هذه المرة ولن أسمح لكِ من جديد أن يستوهيكِ تواجدكِ فيه.."
***********

يتبع الان


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 11:09 PM   #6570

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل الواحد والخمسون المشاركة "٢"


حين دخل راشد غرفته الخاوية رجولية الطباع بسيطة الأثاث.. وقد اكتفى فيها بفراش يضم جذعه خالياً من الترف.. ومرآة عريضة تحتل حائط مواجهاً لخزانة الملابس.. غرفة لم يبالغ في تأثيثها وكيف يفعل وقد تعشم عندما أسس هذا البيت في زمن بعيد أنها ستدخله زوجة وتضع كل لمساتها حوله ليستشعر وجودها حوله مع كل التفاتة منه.. ولكنها لم تفعل.. لم يُقَدّر لها قط.. تركته يتنازع الفكر ويتدبر الحيل دون جدوى معها..
وعندما جلس على طرف فراشه محني الكتفين ظافراً بإجهاده... كان قادراً الآن على التواصل معها للاطمئنان منها مباشرةً دون اللجوء لزوجة عمه... واختار أن يرسل لها رسالة قصيرة...عارفاً أنها الليلة مع كل بهجتها لضمها لابنهما وقد عاد إليها جسداً وروحاً.. لن يمس النوم عينيها..
(كيف حالكِ الآن؟)
والإجابة لم تتأخر كثيراً كما اعتقد.. بل أتاه الرد بسرعة كأنه لامس النجوم بيديه بين طياتها..
(بخير كما لم أكن منذ عشرة أعوام.. لقد نطق أخيراً بالكلمة السحرية)
لم يجبها بالرسائل بل أمسك هاتفه يحادثها على الفور.. وأجابته بدور من دون تردد حتى لا تزعج وليدها الذي ينام قرير العين بين ذراعيها متمسكاً بكلا كفيه الصغيرتين الحلوتين في صدرها وكأنه يخشى أن تضيع منه من جديد أو يستيقظ من حلمه بالعثور عليها بواقع مؤلم على قلبه الأخضر أنه لم يجدها قط...
كان صوته خشناً للغاية ذو بحة رنانة عندما قال على الفور "أردتُ سماع صوتكِ"
ارتفع كف بدور إلى قلبها النازف الذي تحتويه بين ذراعيها متمثلاً في صغيرها.. مرتاحة أخيراً.. تربت عليه وكأن كل أوجاع الفؤاد أجبرت من خلاله وكأنه بتمسيدها على إياب المستقر هناك قد داوت جرحها الغائر وأوقفت نزيفه أخيراً.. كررت هامسة لم تضن عليه بما يطلب.. ترغب في منحه سلاماً يحتاجه، تغفر بعودة إياب كل ما كان...
"أنا بخير كما لم أكن قط.. نمري الصغير عندما قالها لي فتح هوة عميقة بداخلي كنت لا أدركها"
قال برفق مداعباً "هوة أخرى مجهولة.. لا أرجوكِ, يكفينا واحدة تأبى الإغلاق"
ضحكت بشجن وهي تنظر لابنها دامعة العين ثم همست بصوت أجش "هوة إن علمت بما فيها لأحببتها مطالباً بتركها منزوعة الغطاء دائماً لتجود بما يكمن فيها من مغفرة وعطف"
تأوه بصوت خافت قبل أن يهمس بصوت رجل يتعذب "هل يمكنني العشم إذاً أن يطالني بعض من هذا الكرم؟"
صمتت للحظات وهي تغلق جفنيها بقوة على دمعة أنين وحنين.. ثم قالت أخيراً بقوة "قد تظنني حجر صوان كما تدعوني.. إلا أني لستُ كذلك, ما زال هناك جداراً أعترف بهشاشته.. رغم تمويه الخطوط ما بين الأنين والحنين.. ما بين الرفض والقبول"
ساد صمت ثقيل بينهما من جديد، لم يسمع عبره إلا صدى أنفاسها الخافتة حتى قال ببطء "لا بد أن نضع نهاية يا بدور.. لقد أضعنا الكثير من عمرنا بالفعل ولا أرغب في إهدار المزيد... الليلة بالذات من بين كل ما مر بيننا أجدني أشعر بالخواء, بالوجع الذي لم يماثله شيء قط لعجزي وقهري أن أضمكما سوياً في وقت كنت أحتاج أنا وأنتِ لمساندة بعضنا فيه"
هل تنكر على نفسها الحقيقة المرة.. هل تكذب وتقول أنها لم تشعر بالخواء, بالبرد، وبمرارة الوحدة تزداد داخلها عندما ابتعد عنها مجبراً عند دخول والدتها عليهما تحمل دوائه.. هل تتهرب بأنها لساعات قبل أن يأتي إياب إليها لم تتمنى إلا ما كانت تحلم به قديماً أن يقتحم غرفتها عليها ويضمها إليه... هل تتهرب من نفسها وتخدعها بالقول أن مشاعره التي عاد يحيطها بها ذكرتها بأنوثة مركونة غطاها التراب والصدى.. وتمنى جزء منها أن تتجرأ من جديد ليمد هو يديه ويعيد وهج النار بداخلها...
إلا أنها عندما أجابته كانت تقول باختناق وأنفة لا تنفصل "كل ما أردته إياب.. وها هو عاد إليّ.. ابني يكفيني عن العالم أجمع"
رغم صدق ردها.. أسبل راشد جفنيه بقوة ثم قال بصوت غريب لا يشبهه "وماذا عن أبي إياب.. أليس له دوراً في حياتك؟!"
ألم غير محتمل عاد يضرب فؤادها, يقبض على صدرها بشعور معتم وقد اعتقدت أن هذا مستحيلاً.. همست أخيراً بألم "ماذا تريد أن تسمع يا راشد.. هل أخبرك من جديد أني إن ملكت أمر نفسي لمنحتها لك منذ أعوام طويلة.. إلا أن تحطيمنا بعضنا, الوجع الذي تركه كل واحد فينا داخل الآخر يقف حائلاً هناك.. أخبرني ما الجميل الذي قد يربط شخصين لم يتركا وسيلة واحدة لم يمزقا بها بعضهما بكل غلّ وتجبر.. هل ستنسى ما فعلته بك، ما جرحتك به.. هل ستنسى ما.. ما فعلته وأنا حامل بابنك؟!"
لن ينكر الصدمة التي انتابته مما تقوله.. إلا أنه قال دون تردد بصوت قوي جازم "أنا نسيت بالفعل.. لن أخدع مثلكِ وأقول غفرت رغم عدم نسياني.. لأني نسيت ومحوت ما كان.. ولم يبقى إلا ندم واحد إن ملكت العودة بالزمن لنحرت نفسي قبل أن أقدم عليه وأتسبب في كسركِ"
كانت تنظر بعينيها المتوجعتين بحسرة للبعيد ثم همست بصوت معذب "بحرماني منه أليس كذلك؟! دعنا نكون صريحين إن عاد الزمن لكررت نزعه مِنيّ"
رد راشد بصوت خافت مجهد "لم أقصد سفري يا بدور.. بل الخيانة، عليّ أن أعترف إن لم أقع في المحظور.. إن لم أبدأ أنا بجرحكِ ما كنا وصلنا إلى هنا قط.."
فغرت شفتيها قليلاً تحاول التقاط أنفاسها.. ثم همست بصوت واهٍ "انسى كما نسيتُ أنا.. ما حدث قد حدث وجرحه ما عاد يؤثر أو يؤلم"
قال بصوتٍ متشدد "لأنه لم ولن يمح قط.. غبية.. غبية إن اعتقدتِ أني قد أجهل مقدار ألمكِ.. أن أصدق نسيانكِ"
خرجت منها ضحكة بائسة ثم همست "لا فائدة منك.. تحاول مراضاتي وادعاء فهمي ولا تتوانى عن سبي.."
صوت ضحكتها الغائبة جلب الابتسامة لقلبه.. قدر أخيراً أن يرتاح على فراشه ينظر للأعلى.. يضغط على الهاتف بقوة حتى قال أخيراً هامساً مداعباً "وماذا بيدي.. كلانا يعلم أن هذا جزء من انجذاب أحدنا للآخر.. التناطح بات أمراً أساسياً فيما يربطنا ببعضنا"
تنهدت ثم همست "هذا صحيح..."
:-"أريد أن أراكما الآن..."
تصاعد البرود من جديد وهي تقول "للأسف هذا طلب غير متاح بكل السبل خاصةً مع الوقت المتأخر... ألا ترى أن رغباتك زادت بشكل مرفوض لديّ؟!"
ابتسم راشد وهو يضغط على عينيه بأصابعه ثم قال بهدوء أنيق "لم أعني قدومي بل صورة له بين ذراعيكِ.. أريد أن أرى وجهه بعد أن هدأ قلبه الصغير بعثوره على الطاووس"
قالت بخشونة باردة "صورة بين ذراعي تعني ظهوري بها, وهذا فعل غير لائق ومرفوض من قبلي"
ضحك بصوت خشن قبل أن يهمس بخبث "لا بأس، لن يكون غير لائق أكثر من حشري لكِ بزاوية مكتبكِ أحترق لتقبيلكِ وأنتِ ذائبة بين ذراعيّ نمركِ الأكبر... أعدكِ أن أراها وأحذفها فوراً.. امممم أو ربما أستغلها لتهديدكِ لمنحي ما تبخلين به!"
جزت بدور على أسنانها بعنف ثم همست بصوت خفيض حريصة ألا تزعج صغيرها "أنتَ كما أنتَ لن تتغير, ما زلت سافل"
تنفس نفساً عميقاً طويلاً مفعماً بالمشاعر عبر خط الاتصال الذي زاد حرارة بينهما.. ثم قال أخيراً بصوت خطير.. "لكني أحبكِ.. أحبكِ جداً.. يا ست بدور.."
أمسكت بدور الهاتف تبعده عن أذنها, تنظر إليه بدهشة وتعجب، تتفحص اسم المتصل.. تحاول استيعاب دقات قلبها الذي هدر، وصرخات شرايينها التي أنّت باعتراض.. أما كلها كان في حالة من الفوضى واللهاث.. وكأنه بنطقه حباً وفي هذا الوقت عاد يفتح حدائق سحرية زرعها ورداً جورياً عبقاً كانت قد تم تجريفها وصُحِّرت..
إلا انها لم ترد.. بل أغلقت الهاتف على الفور مضطربة وكأنها بطريقة ما عادت ابنة الثالثة عشر التي تحدته بعشق رفضه.. إلا أنه عاد إليها يربت عليها, يمنحها غرامًا مماثلاً..
لم تكن الفوضى التي أحدثها قد انتظمت بعد عندما ألحقها برسالة نصية (قبّلي إياب من أجلي.. وأخبريه أن أباه يحبه.. يحبه هو وأمه كما لم يحب إنسان قط في حياته.. يا سنونو)
أسندت الهاتف بجانبها بأنامل مرتعشة وعادت تطوق صغيرها بقوة بين ذراعيها ودون تفكير وبذهول من نفسها وجدت شفتيها تميلان تقبلان وجنة ابنها بكل قوة وحنان.. وشفتيها تهمسان بنبرة حلوة خفيضة "بابا وماما يحبان إياب الطيب جداً جداً.."
ثم أغلقت عينيها أخيراً, قلبها يغرد.. وجهها بشوش وعيناها زالت الدمعة منهما.. وكأنها كانت تحتاج مكالمته.. ليثبت عبرها أنه بالفعل بدأ يفهم.. يفهم كل ما كان يفوته بإشعارها أنه يحيطها.. يهتم بها.. يدرك بانتظارها له ليحتويها.. حتى وإن أبى كبريائها لأن تعترف يوماً..
**********
"لورين.. ماما.. ماما.. ماماااااااااااا"
دفعت لورين الحاسوب بعيداً.. وهي تنظر لأمل بانزعاج ثم هتفت بحنق "أي مصيبة افتعلتها؟ لقب أمي هذا لا تنادين به عبثاً"
أطرقت أمل للأرض في نظرة مذنبة للغاية تعقد يديها خلف ظهرها.. جسدها يتأرجح للوراء وللأمام ثم قالت بنبرة طفولية "لقد كسرت حاسوب بابا بالخطأ.. فهل يمكنكِ إصلاحه قبل أن يأتي ويغضب؟!"
وقفت لورين من مكانها وهي تمسكها من أطراف ملابسها ترفعها للأعلى ثم قالت بغيظ "وماذا كنتِ تفعلين عنده يا مصيبة؟"
نظرت إليها أمل بغضب ثم صاحت "أنزليني يا لولو.. بابا حذركِ أن تغضبيني"
مطت لورين شفتيها وهي تؤرجحها بنزق.. تململت أمل معترضة.. فقالت لورين ببرود "بابا سيفتح رأس أمل إن علم بما فعلت.. امممم هل تطلبين مساعدتي وتهدديني؟ يا بجاحتك!"
أوشكت أمل على البكاء من وجودها المعلق.. ثم همست تترجاها "أنزليني لولو هذا يؤلم... وساعديني من فضلكِ"
نظرت إليها لورين بارتياب وهي تضعها على الطاولة, تفرك أذنيها بقوة متعجبة وهي تسأل بتشكك "أمل تتحدث بأدب.. ما هذا الإعجاز يا ابنتي؟!"
لوحت أمل بيدها التي ما زالت محشورة في الحماية الطبية حتى لا تمتص إصبعها ثم قالت بنزق "أمل مهذبة... لولو هي المشغولة لتعرف أن أمل معجزة"
أفلتت ضحكة مرتجفة من شفتي لورين.. ثم قالت "من أين تأتين بالجلد المستتر ولومي على ما فات؟!"
ضيقت أمل ما بين عينيها محاولة إيجاد إجابة لما لم تستوعبه..
ثم هتفت وهي تفتح ذراعيها "تعالي يا لولو أمنحكِA warm hug ولا تغضبي"
اهتزت ضحكة أخرى على ملامح لورين وهي تقترب منها تضمها بقوة ثم همست "ومن أين أتيتِ بهذه الكلمة أيضاً؟"
همست أمل بجانب أذنها بسر خطير "دوحا يقول هذا لي عندما أغضب... وعندما يضمني هكذا"
شددت بيديها الصغيرتين هناك في توضيح لما يفعله أبوها.. ثم أكملت "تهدأ أمل.. وتحبه جداً.. أنا أحب بابا ولا أريده أن يسافر ويترك أمل مرة أخرى"
شحب وجه لورين كما ضاق صدرها.. إن كان ينفع الوصف, ثم شدتها إليها وهي تهمس "ما الذي تحاولان فعله معي.. ترفقي بي صغيرتي.. وكأن ما يفعله أبوكِ ليس كافياً.."
ابتعدت أمل تنظر إليها بجهل ثم هتفت من جديد مبتسمة "هل ستساعدينني.. لا أرغب في إغضاب البابا..."
تنهدت لورين تزيح كل حرقتها جانباً.. ثم عادت تحملها وهي تقول "أين الحاسوب, لأرى ما أستطيع فعله؟"
أشارت أمل ببراءة نحو الحمام وهي تقول "تركته هنا"
نظرت إليها لورين بارتياب وهي تمسك يدها توجهها نحو غرفة النوم، في آخر مكان لمحت فيه الحاسوب ثم قالت بتوجس "تعنين هنا؟"
فتح فم أمل على متسعه في حركة بها بعض البلاهة والغباء غير اللائق مطلقاً مع ذكاء ابنتها الخطر ثم قالت بتلكؤ "بل هنا.. في حوض الاستحمام بين البط والشامبو خاصتي"
وضعتها لورين على الأرض سريعاً ودبت على صدرها تشهق بقوة وهي تقول "بين ماذا وماذا؟! يا نهاركِ الأسود.. وما الذي يفعله حاسوب أبيكِ في الحمام؟"
رفعت أمل حاجبيها وهي تقول ببال خالٍ فظ "لقد فتحته أحاول مساعدة بابا في عمله، إلا أنه اتسخ رغماً عني عندما وقع عليه كوب الحليب بالشكولاتة الذي منحتهِ لي.. فأخذته هناك لأمنحه حماماً نظيفاً كما تفعلين معي"
وضعت لورين كفها على قلبها بقوة وكأنها تحاول إسناده من ذلك الذعر.. إن كان هذا الجزع أصابها لتخيل الفكرة فماذا عن أبيها المسكين الذي يوثق كل عمله وأشيائه الهامة هناك.. إن الأمر أشبه بتدمير كل حياتك المهنية حرفياً "يا ويلي.. يا ويلي.. ماذا فعلتِ.. سيقتلنا.. سيشنقنا بماصة مشروبكِ قبل أن يغرقنا بين بط استحمامكِ والشامبو مُدعياً تنظيف حياته من تلوثها بأفعالنا"
نظرت إليها بعينيها الكبيرتين ببرود ثم هتفت بفظاظة "وما ذنبي.. هذه غلطتكِ, أنتِ أم مهملة بدلاً من أن تراقبي ابنتكِ انشغلتِ بعملكِ.. أنا صغيرة جداً والحوادث تحدث رغماً عني"
نظرت لورين للأسفل, لتلك الخبيثة التي لا تصل لطول ساقها بذهول.. ذهول شديد.. ثم قالت بصدمة "أنتِ طفلة.. أنتِ؟! والله ما طفل مسكين غيري ووالدكِ"
هزت كتفيها بلا معنى في حركة شهيرة ثم سألتها بسماجة "ماما (سوبر هيرو) ستساعد أمل أليس كذلك؟"
أرادت لورين في تلك اللحظة أن تبكي.. تنهار بكل إخلاص يائس.. ثم توجهت للحمام بكل استسلام تبحث عن ذاك المسكين الذي مؤكد أنه دُمِر، تحت سطوة مصائب ابنتها التي لا تتوقف...
انحنت لورين بملامح مهمومة يائسة للغاية تمسك الحاسوب من طرف شاشته تاركة الماء يتدفق منه كالشلالات...
بينما أمل تتقافز خلفها وهي تسقف بحماس هاتفة "رائع.. رائع لقد أصبح نظيفاً.. أعتقد أني لن أحتاج مساعدتك.. سيسعد البابا أليس كذلك؟"
"آه.. قلبي، قلبي.. منكِ لأبيكِ يا جبارة" قالت لورين باختناق حقيقي وكأنها ستبكي نعياً للشهيد.. ثم خرجت مسرعة تمسكه بين يديها غير مبالية بقطرات الماء التي أغرقت الأرض...
سريعاً كانت تبحث على هاتفها عن طريقة قد تنقذ بها ما يمكن إنقاذه.. فلم تجد إلا نصائحه بتركه يجف.. أو دفنه في بعض الأرز ثم التوجه للمختصين... تحركت نحو المطبخ في خطوات سريعة وهي تسب كالمجذوبة.. متحسرة على حظها الذي لم يمنحها ابنة رقيقة، وردية كما تسمع بعض النساء يصفن بناتهن..
جذبت إناء بلاستيكي وأفرغت عدة أكياس من الأرز ثم دفنت الحاسوب به غير آملة بأي نتيجة..
استدارت أخيراً نحو الكائن المزعج البلطجي خاصتها تحدق فيها بسخط.. وتفكر ما الذي تفعله معها.. إلا أن وقفة الاستفزاز والشجاعة التي قابلتها بها دون خوف.. جعلت أعصابها تفلت لتندفع تمسكها من تحت ذراعيها تهزها وهي تقول بصوت خطير "اسمعي، أنا لستُ ممدوح الذي يخضع لكِ بطيبة وتستغلين ضعفه نحوكِ، ومؤكد لا أشبه بابا أيوب الذي أفرط في تدليلكِ.. أما عن اللسان ووالدتك الروحية مرح.. أنا لا أملك صبرها على الإطلاق..."
قاطعتها أمل وهي تقول دون قلق أو خوف "مرح أفضل منكِ.. هي صديقتي"
لم تنزعج لورين.. بل وجدت حنقها يزداد وهي تهزها من جديد.. تهتف بجنون "ماذا أفعل بكِ؟! والدكِ محق, يجب أن نجد حل لنكبح انفلاتكِ"
لم تفهم ما الذي عنته جيداً. .لذا قالت بجدال "أمل حلوة صفيقة"
بهتت ملامح لورين وتغضنت ببكاء مكبوت وحسرة عاجزة عن إيجاد ما تقوله.. لذا وضعتها على طاولة المطبخ من جديد توقفها هناك.. ثم وضعت كلا كفيها على الطاولة وهي تنحني تلتقط أنفاسها. .تتذكر بصعوبة شديدة كيف تكون أم إيجابية.. وعندما رفعت عينيها تنظر لوجه ابنتها الخالي من التعقيد أو خوف الأطفال الذي يجب أن يصيبها كونها افتعلت كارثة لتوها.. سبت بصوت داخلي "تباً,, إيجابية.. وتربية مع أمل وفي جملة واحدة مؤكد أنها تسخر من نفسها.."
"أطعميني نوتيلا، أنا جائعة"
تدلى فك لورين وهي تنظر إليها بصدمة أكبر ثم قالت بنبرة مجنونة "أطعمكِ.. ونوتيلا.. بناءً على ماذا؟! مكافئتكِ مثلاً على هذه المصيبة التي ستجعل والدكِ يُرَّقصني على الجمر حرفياً.. حتى أستوي"
مال رأس أمل على كتفها وهي تضيق جفنيها تنظر لأمها وكأنها تحلل ما قالته.. ثم اعتدلت تصفق بسعادة من جديد.. وفتحت ذراعيها على آخرهما وبدأت تُرَقِّص بطنها الصغير أمامها وهي تقول بحماس "هل سترقصين هكذا؟ أريد أن أرقص معكِ.."
مدت لورين وجهها للأمام وهي تهمس بغباء "هااااا"
حركت أمل كتفيها، وهي تمد مؤخرة ظهرها للوراء متراقصة ثم قالت موضحة "أريد أن أرقص هكذا.. إن لم تعرفي يمكنني تعليمكِ.. هيا ماما افعلي هكذا"
جرتها لورين وقد تبدد كل غضبها في الهواء تضحك بقوة.. تشعر بشيء جديد ينبض بين الثنايا تجاه هذا الكائن عملاق الجذب.. ماسحاً الهم.. أمل.. أمل ممدوح.. كما أملها..
حركت كتفيها في طريقة خرقاء لا تقرب للرقص الشرقي بصلة.. ثم سألت من بين أنفاسها المبتهجة "هكذا.. هل أرقص بشكل صحيح؟"
توقفت أمل واعترضت وهي تمسك كتفي لورين تحركهما للخلف والأمام تقول بنزق "خطأ هكذا ماما.. نعم, بتِّ مقبولة"
رفعت لورين كتفاً واحداً ترقصه وهي تضع إصبعاً على جبهتها ثم سألتها كمن يتوسل معلمه المحترف عدم اليأس منه "هكذا؟؟"
رفعت أمل ذراعها فوق رأسها وهي تحرك خصرها.. وتمد مؤخرتها للوراء ثم تأمر بتسلط "لا بأس بكِ.. الآن افعلي هذا"
عقدت لورين حاجبيها بتركيز شديد وهي تراقبها ثم حركت جسدها في رقصة مماثلة محاولة التقليد.. "هل أُبلي جيداً؟!"
نظرت لها أمل بتقييم ثم رفعت ذراعها الآخر لأعلى تشبكه في كفيها الممتعين وأخذت تتلوى بجسدها للأسفل "الآن افعلي مثلي.."
وقفت لورين تحدق فيها ضاحكة.. قبل أن تمسك هاتفها وهي تقول بجدية رهيبة "انتظري لنشغل موسيقى بدل هذا التلوي الصامت الذي يشبه مريضاً لديه زائدة دودية"
كتبت سريعاً على محرك البحث أغنية تليق بطفلة حلوة كما نوتيلا حياتها.. فخرج لها سريعاً كلمات هذا المطرب الشهير.. فشغلتها..
(البنية.. حلوة البنية
البنية كلها حنية
البنية إتعاكس بيا
البنية هلا، هلا، هلا، هلا
والإيد، الإيد شكليته
والفم، الفم فديته
والخد بسته وبكيته
بيها شي؟ لا ما بيها
عيني بيها شي؟ لا ما بيها)
تقافزت أمامها بحماس وهي تضحك بتلك الطريقة الجذابة محركة قلب أمومتها متمنية بداخلها أن تجد في نفسها القوة لتحافظ على تلك البهجة لصغيرتها للأبد تزرع بداخلها ذكريات طفولة عفوية سعيد بين والدين يحبانها..
"هيا ماما.. أرقصي معي"
دارت جيداً ألماً عنيفاً يشرح داخلها بغير رحمة.. وهي ترفع كتفيها لأعلى تحاكي حركات ابنتها المضحكة، فيما تعتقده رقصاً محترفاً.. وسرعان مع تصاعد الكلمات ولف بهجة الموسيقى حولهما.. كانت لورين تتقافز بجنون وتسارع فيما يشبه إنسان يتلوى بالمغص كما قالت بالضبط.. معتقدة هي الأخرى بأنه رقصاً شرقياً لم تجيده امرأة قط سواها..
ودخول ممدوح المصدوم عليهما مع سؤاله المذهول لم يوقف تلوي كليهما "ما الذي يحدث هنا؟!"
إلتفت إليه لورين وهي ترقص كتفيها كما خصرها المياس العاري من تحت بلوزتها القصيرة "أمل تعلمني الرقص"
حدق ممدوح في كرش أمل الصغير الذي يهتز أمامها بدهشة.. والتي هتفت "تعالى دوحا سأعلمك أنتَ الآخر،ولكن أريد أموالاً"
هتف ممدوح بحيرة كمن سيفقد عقله منها "أموال.. ورقص، كملت, والله كملت, الآن حددتِ مستقبلكِ وسينام أبوكِ قرير العين"
هزت كتفيها بإغاظة..مستمرة في رقصها...مما جعل الجنون يلفه هو الآخر..لينزل ما بين يديه ثم يندفع للمطبخ..يده تستدير حول خصر لورين..ويجاريهما في الرقص مستحسناً كلمات الأغنية مرددها على شفتيه الضاحكتين...
ارتعشت لورين تحت لمسته على خصرها،وترددت وإن لم تبين ولكنه بات يحفظها جيداً.. يعلم تفاصيلها يخترق حواجزها.. ويدرك متى تنفر.. ومتى تهتز بإيجابية مشتاقة لوجوده حولها...
هبطت أمل مستخدمة المقعد.. لتصبح أمامهما تتحرك بحماس الأطفال.. تتقافز وتسقف.. تأمر لورين بتعنت أن تقلدها.. ترشدها بتجبر للحركات الصحيحة.. تقلدها لورين وهي تتمايل مثلها وبين يديه التي أحاطتها.. مستسلمة بتمنع وتمتع لاحتكاك جسده الذي يتشكل مع كل حركة تفتعلها.. يجاريها في رقصتها وبهجتها.. فمهما الاثنان يكرران ما يقوله المطرب وهما ينظران للهبة الصغيرة الرائعة.. يدعيان عدم الانتباه لتأثر الآخر بشريكه.. فهذه اللقطة الأسرية العفوية.. كانت أكثر قيمة لديهما من أي مشاعر خاصة أخرى.. ومن غيرهما قد يدرك هذا ويعلم مذاقه.. ويفضله عن كل المشاعر مجتمعة..
وعند انتهاء الموسيقى.. كان ممدوح يمسك بيدها يديرها حول نفسها.. ثم يعيدها إليه تواجهه يحدقا في بعضهما.. لاهثان ضاحكان خاليان من كل الهموم والعقد.. "هذه أول رقصة لنا معاً.. إن حسبنا هذا العبث رقصاً"
رمشت بعينيها وساعديها يستريحان على صدره ثم همست بخفوت"الثانية.. فأنا لم أنسى رقصتنا الأولى قط"
أبعدها عنه بلطف.. وملامحه الرجولية وجمت فجأة.. وخلت من أي مشاعر.. ثم قال بصوت غريب "أنا نسيتها..ولا أريدكِ أن تتذكريها.. فقد كنت رجلاً ناقصاً وقتها لا يستطيع منح زوجته الكاملة حتى رقصة"
فغرت لورين فمها تخرج نفساً حاراً متأوهاً تنطق باسمه بأنين واعتذار لم يصل مسامعه قط.. بينما تحرك هو خطوتين يرفع أمل يداعبها ويناغشها بأصابعه التي دغدغت عنقها.. ثم قال "أجدتِ تعليم ماما.. سأحجز دروس لتعلميني أيضاً"
ضحكت أمل بقوة ورأسها يميل إلى الوراء رداً على مداعبات أبيها.. ثم هتفت "إذاً دوحا لن يغضب لأني حممت حاسوبه"
تجمدت لورين برعب ونسيت ما كانت تعانيه أصلاً.. وثبت ممدوح مكانه يعدل أمل وهو ينظر إليها يحاول الاستيعاب.. أو ربما عقله يرفض أصلاً استقبال تلك المعلومة المبهرة "ماذا قلتِ؟؟"
نظرت إليه أمل من فوق ذراعه وكأنها استشعرت غضبه القريب.. حزنت ملامحها وهي تمد فمها بعبوس شديد.. ثم قالت تقر بالذنب "حدث رغماً عن أمل بابا.. أردت مساعدتك ولكن الحليب وقع عليه فحاولت منحه استحماماً و..."
أنزلها ممدوح على الأرض سريعاً.. فأخذتها لورين تضمها إليها بحماية.. وهي تنظر إليه بتوجس حذر.. بينما هو يضع يده على قلبه بدرامية وهو يهتف "حممته.. ولبن... فوق حاسوبي.. الجهاز الذي يحمل عمل أعوام.. قلبي.. قلبي.. أشعر بقلبي قد مات.. منكما لله.. يا ظالمات.. يا متجبرات.. يا شوكة في الحلق والخاصرة ياااا..."
قاطعته لورين سريعاً وهي تقول "اهدأ، الغضب وقتل ابنتك وزوجتك لن يفيدك.. أو يعيد ما كان.."
صاح ممدوح معترضاً وهو يقترب منها بشرر "وأنتِ أين كنتِ يا هانم؟ هل أمل جديدة عليكِ؟ ألا تعرفين أنها بلوة متحركة إن لم تجد من تفتح رأسه لتشغل فراغها قد تحدث في نفسها عاهة مستديمة؟!"
مطت لورين شفتيها بامتعاض ثم قالت ببرود "هي بخير الحمد لله.. ووجدت لفراغها متنفساً في أشيائك..."
وكأن البنت وأمها اتفقتا على إصابته بالشلل من جديد عندما نطقت النصف متر خاصته بغلظة "كنت أحاول مساعدتك.. وأعمل بدلاً عنك.."
هزت لورين رأسها مستحسنة جواب ابنتها ثم قالت "أنظر يا ظالم صغيرتي الخدوم كانت تريد مساعدتك.. ما مشكلتك إذاً؟؟ ثم إنها طفلة والحوادث تحدث"
خبط ممدوح على جانبيه بشرر وهو يقول بجنون "هل تصدقين الحماقة التي تتفوهين بها؟!"
قالت لورين بنفي شديد "بالطبع لا.. ولكنها حِجة ابنتك التي حاولت جاهدة زرعها برأسي.."
ادعى التفهم ساخراً.. قبل أن يقترب ممسكاً أمل بتشدد وهو يقول بحسم "ولكنها طفلة.. يجب أن تعاقب كما كل طفل يخطئ لتتذكر بعد هذا ما هي حدودها"
نزقت أمل وحاولت الجدال والبلطجة عليه إلا أن نظرة صارمة منه لم ترها فيه من قبل جعلتها تتراجع مطرقة الرأس ومستسلمة له.. بينما لورين تقول بقلق "ماذا ستفعل؟ ممدوح هي لم تقصد لقد تصرفت بعفوية"
قال ممدوح وهو يتحرك خارج المطبخ متوجهاً لغرفتها "ولأنها لم تقصد وكان مجرد حادث لن أنزل عليها عقاباً شديداً.. وإنما مجرد تحذير لتفهم بأنه ليس كل الأفعال متاحة.. وأنها ما عاد ينفع أن تقوم بكل ما يطرق بعقلها معتمدة على دلالها الزائد..."
خرجت لورين في أثرهما بقلق.. ثم هتفت "إنها جائعة.. دعني أطعمها على الأقل.."
كان أمام غرفة أمل التي تبكي بصمت وهي تنظر إليه باستعطاف كاد يجعله أن ينهار مستسلماً من جديد لتلك النظرة التي تخلع الدنيا من حوله.. ولكنه كان مُصِراً على إعادة تقويمها ببطء وحذر مستغل كل موقف تقع فيه.. "إذاً جهزي لها طعاماً للعشاء وتعالي لتطعيمها لأنها لن تشاركنا الطاولة الليلة"
هتفت أمل معترضة باكية "هذا غير عادل.. أنا أنتظرك يا بابا منذ الصباح"
دخل ممدوح الغرفة ثم أجلسها على مقعدها.. وجلس على ركبتيه أمامها.. ساحباً منها جهازها الإلكتروني الحديث الذي ابتاعه لها منذ أيام بناءً على طلبها.. ثم أخذ بعض سياراتها المفضلة.. تمسكت فيهم بشدة وهي تقول بنزق متحايلة من بين دموعها "أتركهم, إنهم لي.."
أبعد ممدوح يدها ثم أجلسها هناك وهو يقول بحزم "والحاسوب لي.. ولكنكِ سمحتِ لنفسكِ باجتياحه.. أنظري لكل فعل رد فعل.. وهذا عقابكِ الأول لتضعي في حسابكِ أن لا تَمسّي أشياء الغير قبل استئذانهم"
قلصت ساعديها ودفنت وجهها في كفها الصغير وهي تشهق باكية ثم سألته بحزن شديد "هل ستغرقهم بالماء كما فعلت؟!"
أمسك ممدوح طرف ذقنها يرفعه إليه ثم قال بحزم "أنظري إلى عينيّ يا أمل"
كورت فمها وهي تبعد عينيها قاصدة عدم النظر إليه.. إلا أنه كرر بحزم.. ففعلت بالنهاية.. فقال ممدوح ببطء أمام عينيها "هل تحبين أن أفسد أشيائكِ؟"
:-"لا.. بابا"
:-"جيد.. لن أفعل الآن لأني سألتكِ أولاً.. هكذا الأمر ببساطة لا يجب علينا التصرف قبل سؤال الشخص إن كان يرغب بما أفعله بأشياء تخصه"
أفلت منها بكاء مزعج معترضة.. إلا أنه لم يتنازل وهو يقف من جديد ثم قال بحسم "هذه الأشياء ستبقى معي.. حتى تدركي فداحة ما فعلتِ.. ولن تخرجي الليلة من غرفتكِ.. وأنا لن آتي لأقرأ لكِ.. كما أنكِ ممنوعة من التسلل لغرفتي وماما.. مفهوم؟!"
بكت.. بكت بحرقة من قوانين وأشياء جديدة لم تجربها قط في بيت بابا أيوب.. دائماً ما كانت تقابل أفعالها بالضحك والتسامح.. حتى فهمت أن كل شيء أمامها متاح.. ورغم هذا لم تعترض.. لم تهدد بنزقها أو تتطاول.. بل التزمت بما قاله وظلت هناك جالسة على المقعد متقبلة عقابه مما أثار دهشة لورين التي تراقبهما من الخارج..
خرج ممدوح.. ثم توجه لغرفته في صمت يضع ألعابها على إحدى الطاولات.. ثم خرج من جديد.. وهو يقول للورين بهدوء "ماذا تنتظرين؟! نحن نعدل سلوكها.. ولن نوجعها, أطعميها وأرسليها لفراشها, ستنام باكراً.."
ورغم ذهولها مما يحدث وجدت نفسها تطيعه خلال دقائق معدودة..
وبعد وقت عندما خرجت من غرفة ابنتها التي نامت ودموعها على وجنتيها، بعد تناولها القليل من الطعام.. بعد تحايلها هي عليها.. وجدته يجلس في غرفة المعيشة أمام الجهاز.. وعندما نظر إليها كان يقول بهدوء دون أي انزعاج "لقد تدمر تماماً.. الآن أحتاج لجهاز جديد. فلا أمل في إصلاحه.."
وضعت لورين الصينية الصغيرة أمامها ثم جلست جانبه وهي تسأل بحذر "ألا يفترض أن تغضب، ويثير جنونك لتعبك على الأقل؟"
انحنت ابتسامة على شفتيه وهو يقول بهدوء أكبر "الغضب لن يصلحه.. كما أني أحفظ كل عملي على موقع خاص بي.. وهناك هارد احتياطي به كل ما يحمله هذا الجهاز.. أي أن الأمر لن يستغرق أكثر من ليلة لأعيد كل الملفات إلى حاسوب جديد.."
ارتفع حاجبا لورين بعجب.. فخبط جبهتها مازحاً وهو يجلس بشكل مائل على المقعد ثم قال "أنا مهندس برمجيات، مؤكد لا أعمل بطريقة بدائية.. تاركاً كل مجهودي وتعبي للحظ والصدف.. أو لكائن مدمر كأمل"
قالت لورين بجفاء "إذاً.. لماذا الانتقام منها؟"
انزعج ممدوح وهو يكرر باستنكار "انتقام! هل هذا ما فكرتِ فيه؟ أنا سأنتقم من صغيرتي؟! لماذا وعلى أي أساس؟!"
شعرت لورين بالسخف من نفسها.. وهي تقول بتردد "لم أقصد انتقام بالمعنى المفهوم.. أعني عقابها.. لقد مزقت دموعها قلبي.. خاصة مع نظرها لآخر لحظة للباب متوقعة أنك ستأتي إليها تقرأ لها قصة.."
لم ينمحي انزعاجه ولكن تبرع لتوضيح مقصده بصوت خافت "أخبرتكِ بأنها تحتاج لقوانين جديدة.. وبالطبع إن قيدناها دفعة واحدة.. وخنقناها بما نريد ستفرضه.. وستكرهنا كلينا وستطالب بوالدكِ.. أمل ليست طفلة سهلة على الإطلاق"
أومأت مصدقة.. ومهتمة للسماع..
أكمل بهدوء "لذا سأتعمد معها طريقة الترميم.. أي عند كل مصيبة تفتعلها،سأضع لها رد فعل بالمقابل.. وبالتدريج وخطوة خطوة ستقوم أفعالها دون أن تنفر.. أو تكره تقييد تحركها.."
تمنعت قليلاً.. وهي تحدق فيه تقيم خطته البطيئة.. قال ممدوح من جديد وهو يقف من مكانه "أمل طفلة ذكية وقوية.. لا أرغب في كسرها أو إضعافها.. بل تعجبني في الحقيقة جداً هكذا وممتن لكل هذا الحلى فيها.. إلا أني أيضاً أرغب في استغلال هذا الذكاء وتوجيهه لتخدم نفسها في المستقبل..."
صمت ثم نظر إليها بتمعن وهو يقول بصوتٍ خافت جاف "الذكاء الزائد عن الحد قد يكون مدمر للشخص ومحبيه، إن لم يستغل في مكانه الصحيح.. أريدها قوية ولكن ليست متجبرة خاضعة لما يمليه عليها عقلها.. منكرة مشاعرها, قاتلة لإحساسها بالذنب أو الخطأ تجاه الطرف الذي تؤذيه بغرض مساعدته كما يخيل لها عقلها.."
شحبت ملامح لورين وكلها يتخاذل على المقعد تشعر بالصغر.. وبالندم.. ندم لأنها لم تسأل يوماً قبل أن تقم بفعل ظنته صحيحاً، غير مدركة أنها تؤذي، تؤذي بشدة وتخرج كل أشباح الشخص المعني، فتعاقبه بما كان يتجنبه عمراً كاملاً...
********
وعندما أراحت نفسها ليلاً جانبه.. ظلت لوقت طويل تحدق في ظهره بتعب.. تعب شديد نال منها ورغبة حارقة مجنونة أن تسحبه رغماً عنه، وتزرع نفسها على صدره لتكمل ما بدأه في المطبخ من تلك الرقصة المجنونة.. أو ربما قد تكتفي أن تطلب منه أن يحتضنها بقوة؛ أن يهدئ جميع مشاعرها التي تؤلمها.. بأن.. أن يقبلها ويجرفها معه في دنيا خاصة بكليهما.. ثم تهتف من بين شفتيه باعتراف يطعنها للصميم يحاربها لأن يخرج صارخاً حاراً ربما مرافق لدموع شديدة علها تستعطفه حد أن يصدقها (لم أرك ناقصاً.. بل كنت كل الكمال بعيني.. نقصك أتى من إيذائك لي وكسري..)
"أوراقكِ على وشك الانتهاء، جهزي نفسكِ خلال أسبوع واحد ستغادرين لفلسطين كما حلمتِ دائماً.."
وملكت القوة أخيراً وهي تسحبه من كتفه ليواجهها تسأله بلهفة غير مصدقة "حقاً.. أنت جاد؟!"
رأت حاجبيه ينعقدان بألم مبهم وكأنه يخشى من شيء يكويه بتوقع حدوثه.. لكنه قال بخفوت وهو يعتدل كله ناظراً إليها "ولماذا قد أكذب.. لقد حددت المدة لتوي.. اليوم كنت مع تميم ومنحته ما يضمن إتمام صفقتي معه.."
ارتجفت شفتا لورين قليلاً.. إلا أنها قالت بصوت موزون ظاهرياً "هل كان الثمن باهظاً؟ كيف تحملت تكلفته؟ أنا أعلم أن وضعك المادي مستنزف بالفعل"
قال بصوت جاف "ثمن أتحمله.. وقد عرضته أنا عليه منذ البداية قبل عثوري عليكِ حتى"
ساد صمت جديد بينهما.. مشاعرها مضطربة للغاية.. حد أنها قد نسيت كيف لخبر كهذا ترجته وتمنته عمرها كله تقريباً.. قد يكون وقعه عليها.. همست بصوت بعيد "هل كنت تؤمن أنك ستجدني لهذا الحد؟"
مالت عيناه قليلاً ليحدق فيها من بين ظلام الغرفة بعاصفة قاتمة.. ثم قال أخيراً بجمود وهو ينظر لعينيها "عثوري عليكِ هو الشيء الوحيد الذي دفعني لأن لا أنهي حياتي كما كنت أرغب دائماً.. إلا أنها ذكرى غير سعيدة يا لورين لنتذكرها.. ليت هناك حبة سحرية تمحو وجودكِ جانبه من عقلي.. ليتني أستطيع أن أتوقف عن طرح السؤال الذي يجعلني أفقد صوابي أحياناً كثيرة (ماذا لو لم أصل في الوقت المناسب؟!)"
الألم في صوته وعلى ملامحه جعل قلبها يصرخ اعتراضاً وجعاً عليه.. وجدت شفتيها تهمسان استجابة لفؤادها المطعون "إن لم تصل.. ما كنت لأكمل.. كلما تقدمت معه وطلب مني المزيد، كنت أسافر هاربة معترفة لنفسي أني لم أرى سواك قط.."
نظر إليها ممدوح بطريقة ساخرة.. هازئاً غير مصدق اعترافها..
"أنا لن أكذب عليك.. في فرصة قد أجدها جيدة لأوجعك بها"
رد عليها ممدوح بجفاء "أنتِ سيدة الحيل والكذب يا لورين, لا تخدعي نفسكِ.. أنا أحبكِ.. ولكنكِ لم تحبيني قط، ربما تجدين لدي شيء يرضي أنوثتكِ، أمنحكِ بأحلامي صدى لحلم تمنيته، ولكنكِ أبداً لم تحبيني"
ارتجف صوت لورين قليلاً ثم همست بضياع "أنت قاسي جداً.. قاسي لحد غير معقول الليلة.. معي ومعها وقد وعدت باحتوائنا.."
اعتدل على جانبه ينظر إليها بغصة تجرح.. وبإجهاد ينهش كل ذرة فيه.. ثم قال أخيراً بخفوت "هذه ليست قسوة وإنما إقرار بأمر واقع.. ربما أحتاج سماعه من نفسي على أذني لأتعايش مع مستقبل يجمعنا.. أعلم فيه أني أحب امرأتي حد جنون التملك.. حد أن أعترف بأن كلمة فراق لن تتواجد في قاموسنا يوماً.. إلا أني أيضاً لن أنتظر منها أن تقابل عشقي بغرام مماثل.."
وقفت كل المشاعر والكلمات في حلقها وبداخلها تنطر إليه بقنوط شديد.. تحارب للاعتراف.. ولكن ما يمنعها أنه لن يصدقها ليس الآن على الأقل وقد يعتقد أنه مجرد محاولة منها لمسايرته حتى تحصل على ما تريده ثم تغادر.. أغلقت عينيها على دموع ترقرقت هناك بيأس.. ثم همست بعد برهة رغبة في تغيير الحوار كلياً "من أين جاء بالمال إذاً؟"
أطلق زفرة طويلة.. ثم قال بهدوء "ما أرداه ليس مالاً..."
استفسرت باهتمام وهي تضع كفيها تحت وجنتها "ماذا إذاً؟!"
قال بجفاء "أمر لا يخصكِ.. كل ما يهم أنكِ قد حصلتِ على جانبكِ من الصفقة"
نفخت بفتور.. وظلت صامتة للحظات تنظر إلى عينيه الخضراوين اللامعتين في الظلال بتلكؤ غير راغبة في النوم بعد.. بل الحصول على أكبر قدر وفرصة للتحاور معه.. لذا همست في كل شيء وأي شيء طرق على عقلها.. "لم أسألك قبلاً.. ولكن الآن بعد أن اختلطت بإسراء، علمت عن قرب من هي الأسرة التي تنحدر منها فأجدني متحيرة قليلاً.."
قال بخفوت "ما الذي يدفعكِ للحيرة؟ اسألي وسأجيبكِ"
ترددت للحظة.. ولكنها سألت بالنهاية بدافع الفضول "إسراء ذكرت مرة أنها تملك إرثاً خاص بها.. يرفض زوجها أن تمس شيئاً منه، إلا إن أرادت أشياء خاصة بها جداً.. وابن عمك كما عرفت يمتلك سلسلة تجارية مشهورة..."
قاطعها ممدوح وهو يقول ببرود "المكان الذي نتسوق منه بالعادة تابع لمجموعته"
نظرت إليه بدهشة.. فقال بلا مبالاة "إنه الأفضل، فلماذا أبخل على نفسي بانتقاء الجيد؟ بالنهاية أنا مثلي مثل أي متسوق..."
قالت بصوت هادئ "وأين أنتَ من كل هذا؟ ألا يفترض أن تملك ضعف إسراء؟"
ابتسم بتلك الطريقة الساخرة وهو ينظر إليها بغموض هتفت متأففة "لا أرمي لشيء من كلامي.. مجرد فضول معرفي لا أكثر.. أنا مرتاحة يا ممدوح للوضع، ولا أرغب في الضغط عليك كما تعتقد.."
:-"مجرد ثرثرة إذاً؟!" قال
هزت رأسها بتأكيد وهي تقرب جسدها منه بحذر.. رفع حاجبيه قليلاً إلا أنه لم يعلق على حركتها بل أجاب باختصار "إيهاب عادل أكثر مما تتخيلين.. لقد منح إسراء أكثر من حقها، إلا أني لا أملك حقوق لديه، وقد أضاع حسين زيدان كل ما يملكه تقريباً على الحية التي تزوجها وما تبقى القليل من الأسهم يسيطر عليها إيهاب ورفض منحه منها دولار واحد.. رغبة منه في حماية نصيبي وإسراء.. بالطبع كان هذا قبل تصاعد الأمور ومحاولة أبي لقتله واكتشافه لما.... لما فعلته مع...."
صمت وملامحه كلها تتبدل للمرارة الشديدة.. أفلت أحد كفيها وبتردد كانت تلمس بها كتفه وكأنها تؤازره.. ثم همست "لن نذكرها هنا.. لقد تركتها لحال سبيلها.. اسمح لنفسك بالتحرر أنتَ الآخر من ذنبها"
(ليت الكلام ينفع.. ليته يملك زراً لمحوها للأبد من ذاكرته.. ما زلت ندبتها تلدغ ولن تزول بسهولة..)
إلا إنه قال بالنهاية بخفوت "ربما لدي بعض الأسهم التي حجزها إيهاب كما أغلق حسابي المصرفي الذي كان يتركه لي لأسحب منه دون حساب عقب حادثتي.. ولكن أنا لا أملك حق عنده.. هذا ماله الذي تعب عليه وكبره وحده دون مساعدة من أحد.. أنا حتى عندما عملت عنده عقب تخرجي كنت أتعمد بكل غباء أن أجعله يخسر.. ليتني كنت أختلس أو أسرق ربما وجدت مبرراً للجنون الذي افتعلته.. ولكن كنت أتعمد الخسارة فقط لإزعاجه كأي طفل أبله يحاول لفت النظر إليه.."
صمت لبرهة مبتلعاً ريقه وخيباته ثم همس بقسوة "أما عن حسين فهو لا يمتلك أي حقوق من الأساس بعد محاولة قتله.. وبعد أن ضيع كل شيء حرفياً.. ربما لو لم يحتجز إيهاب هذه الأسهم.. لما وجدت إسراء ما يؤمنها وقد كانت على الحافة هي الأخرى.. فقصتها مع زوجها لم تكن سهلة.."
قالت لورين بهدوء "بغض النظر عن ما عاشته من توتر مع زوجها ولكنه حقهما بالنهاية.. سواء كان والدك حياً أم..."
تركتها معلقة وهو لم يهتم بأمره كثيراً.. عندما قال بجفاء مكررًا "أنا لا أملك حقوقاً عنده.. لنجعل الأمر واضحاً.. وليس كرماً مني تجاهه وإنما إقراراً بالحقائق.."
ابتسمت شفتا لورين ثم همست باختناق "لم أتوقع منك غير قولك هذا.. إن كنتَ أحببتك مرة بالماضي.. أجد الآن الأرض تسحب من تحتي من جديد لأقع في غرامك دون ذرة مقاومة.."
ابتسم ممدوح في وجهها دون أن يهزه اعتراف كان يحلم به.. إلا أن الحلم شيء والثقة في قولها شيء آخر, سيكون غبي رجل غير واقعي إن وقع في فخ لورين من جديد.. همست شفتاه ببطء "الحب لا يطلب بل يمنح يا طبيبة.. لذا أعذريني لن آخذ هذا الاعتراف على محمل الجد.."
الدموع احتجزت داخل جفنيها وهي تنظر إليه بنفس باهت ثم همست "لماذا تحاول الابتعاد عني؟ ألم تطالبني بحبك؟"
ارتفعت أصابع ممدوح يعدل خصلات من شعرها يزيحها للخلف.. ثم أمسك ذقنها يفركه بأصابعه وهو يحدق هناك بشرود.. حتى همس أخيراً "وسأظل أطلبه منكِ لأخر يوماً في عمري.. دون خوف أو عقد هذه المرة, دون قلق أن أتحول لكائن معدوم النخوة مثله.. لأنكِ أرقى وأنقى من أشبهكِ بها يوماً..."
تحرك حلق لورين بقوة وهي تنظر إليه بطريقة محمومة, كلها يتفاعل معه, أنفاسه التي اقتربت تلفحها تهلكها وجدت لها صدى بداخلها, عيناها تتنقل بين عينيه التي تحتضنها بين الجفنين بكفوف من الراحة والحب.. ثم تنظر إلى فمه برغبة.. رغبة مجذوبة تركتها لاهثة مصدومة من عدم شعورها بالرهبة أو الخوف كما ظنت في نفسها.. رغبة واحدة تمنتها بكل جنون أن تكون المبادرة وتقترب منه, تجذب نفسها إليه ثم تقبله مشتبكة معه في ذلك الغرام الذي ينسيها العالم أجمع.. وقد ظنت أنه سيفعل.. سيأخذ المبادرة وقد التقت أعينهم في حوار طويل وصامت ورغبة تتبادل صارخة.. إلا أنه بالنهاية كانت يضغط شفتيه بقوة.. يغلق جفنيه بإجهاد.. ثم نزع نفسه من جانبها انتزاعاً.. يخرج سريعاً من الغرفة وهو يقول بهدوء مستفز "سأبات مع أمل، لن أقدر على كسر خاطرها.. لا تنتظريني"
اعتدلت لورين تنظر في أثره بذهول.. "وماذا عن كسر خاطرها هي؟! تباً لك يا ممدوح هل تحاول اللعب معي؟ أم تخضعني لتقويم بطيء كما ابنتك؟!"

‫................................................. ..:7R_001::7R_001::7R_001:

يتبع الان



Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:02 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.