آخر 10 مشاركات
تبكيك أوراق الخريف (4) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          قبل الوداع ارجوك.. لاتذكريني ! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          عروس المهراجا (163) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          253- لعبة الحب - بيني جوردن - دار الكتاب العربي- (كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          موريس لبلان ، آرسين لوبين .. أسنان النمر (الكاتـب : فرح - )           »          151 - قسوة الحب - روايات ألحان كاملة (الكاتـب : عيون المها - )           »          همس الشفاه (150) للكاتبة: Chantelle Shaw *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          البديلة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hollygogo - )           »          25 - تهربين إليه ! - شارلوت لامب ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-11-19, 07:42 PM   #721

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي


تشغيل الفلاش من هنا

اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 03:23 PM   #722

روياتى

? العضوٌ??? » 419335
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » روياتى is on a distinguished road
افتراضي

بأنتظار فصل انهارده يانووووور

روياتى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 05:27 PM   #723

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
Rewitysmile3

بانتظار الفصل


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 05:31 PM   #724

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

عندي احساس ان الفصل النهارده بما ان الاخت بدور هتظهر هيبقى فى قنابل ربنا يجعل كلامنا خفيف عليها😂😂😂

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 05:40 PM   #725

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

ياطرا بعد تغفيلة سبنتي ل نضال هنعرف ايه الهديه اللي جابها خالد🤔🤔🤔

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 05:42 PM   #726

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

نور طيب الشيخ خالد هيقدم هديه ل سبنتي بمناسبة عيد ميلادها بمناسبه بقى اننا داخلين على الفلانتين وكده مفيش هديه كمان😂😂😂

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 06:49 PM   #727

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار الفصل🤩

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 07:11 PM   #728

bella vida
 
الصورة الرمزية bella vida

? العضوٌ??? » 336887
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 404
?  نُقآطِيْ » bella vida is on a distinguished road
افتراضي

🤕🤕🚑🚑🚑🚑🚑,Waitiiiiiiiing nor black

bella vida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 07:49 PM   #729

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
افتراضي

شظايا القلوب

الفصل السابع عشر


زيديني عِشقاً... زيديني يا أحلى نوباتِ جُنوني ، يا سِفرَ الخَنجَرِ في خاطرتي يا غَلغَلةَ السِّكِّينِ ... زيديني غرقاً يا سيِّدتي
إن البحرَ يناديني ... زيديني موتاً علَّ الموت، إذا يقتلني، يحييني ... جِسمُكِ خارطتي ما عادت خارطةُ العالمِ تعنيني ...

أنا أقدمُ عاصمةٍ للحزن وجُرحي نقشٌ فرعوني ... وجعي يمتدُّ كبقعةِ زيتٍ من بيروتَ إلى الصِّينِ ... وجعي قافلةٌ أرسلها خلفاءُ الشامِ إلى الصينِ في القرنِ السَّابعِ للميلاد. وضاعت في فم تَنّين ....... نزار قباني

.................................................. .........

كانت عيناها تحدقان في الستائر الحريرية الملونة وهي تتطاير بفعل نسمة هواء باردة ، فتنظر لها بعيني خاويتين لا تعبران عما يشتعل في صدرها من نيران تأكل بعضها متغذية على هشيم روحها ويأسها أن تجعلها يوماً تنطفئ ...
هي هذه المرة كانت أكثر صدقاً مع نفسها والسؤال الحائر والذي تكرر على لسان الجميع أصبح بلا معنى رغم وضعه أمام عينيها الآن " إلى متى ؟!"
إلى متى توقف حياتها ... وإلى متى تعيش في قوقعة من غشاء شفاف بنغزة إصبع سوف ينهار ... وترجع هي مكشوفة عارية وحيدة مطالبة بالتظاهر أنها بخير ؟!"

وهذا ما حدث في الحقيقة الآن ومنذ لحظات فقط عندما اتصلت بها شذى تخبرها عن الكارثة الإعلامية التي تواجهها عائلاتها ... عن صحف المشاهير التي أصبح فيها اسمها على صفحاتها الأولى كخبر رئيسي يغذي فضول الناس حولها ... إذ بعد كل التخمينات الكاذبة والمدعية لطلاقها من نمر الراوي كما ذُكر ... أصبح الآن الخبر الحصري أن راشد وجه لها ضربة قاضية وانهارت بعد أن هزمها شر هزيمة ... وبأنها الآن تعالج في أوربا إثر تعاطيها كميات كبير من المواد المخدرة في محاولة للانتحار ... والمضحك في الأمر أن بعضهم تطرف ليُجزم بأنها بذاتها مجرد مدمنة كالكثير من المشاهير وتلك الطبقة الاجتماعية ...
" لن أعود يا شذى ... لا أستطيع هذه مخاطرة بجنيني أنا لست مستعدة لها !" قالت مدعية الهدوء رغم حربها الداخلية الشنعاء ما بين إنقاذ كبريائها ، سمعتها ، وتحسين صورة المجموعة التي مؤكد تأثرت من تلك الشائعات "
اتاها صوت شذى الحاد " أنتِ تخاطرين بكل ما ضحت به أمنا يوماً ... بكل ما عملتي أنتِ جاهدة لتحقيقه ، كل شيء سينهار يا بدور ، من أجل سبب أحمق !"
عبست وهي تقول ببرود " ابني ليس سبباً أحمق ، وأيضاً !"
قاطعتها شذى سريعاً وهى تقول " لم أعني هذا ... ما قصدته أنتِ طاووس الراوي إن أردتِ الحفاظ علي حياة صغيركِ ستفعلينها في أي مكان وأنتِ تقفين شامخة قوية تدحرين أية شائعة تطلق عليكِ وتردين كيدهم في نحرهم !"

عينيها التي تحدق من خلف النافذة في فراغ الليل الأسود كانت ترى ما خلف الغشاء الرقيق من ظلام ، من تلك الفقاعة الواهية التي تحيطنا بها واهمتنا بالكثير بداخلها جاعلة إيانا نعمى عن أشياء أهم وأبقى ... لنطح فيها مطاردين شيئا ما ليس له قيمة أو مدافعين عن صورة ، حقيقة لأناس لن ترانا إلا بما توحي لها أحقاد أنفسها ... غافلين عن ما خلف المظاهر !"
" عزام أخبرني أن المجموعة تأثرت بالفعل ، وبأن راشد يحاول أن يحسن تلك الصورة دون نجاح يُذكر !"
" تباً لكليهما ... أنا ما حدثتكِ إلا من أجلكِ أنتِ ، لن أقبل أبداً أن يتهامس عليكِ هؤلاء الشراذم في جلساتهن النسائية ... لقد سمعت بأذني إحداهن تتهامس عليكِ وكدت أن أفتك بها لولا أن مالك منعني ، كما أني لن أفسد صورتي وأخلاقي من أجل عديمة الذوق تلك !"
أفتر فمها عن شبه ابتسامة وهى تقول " كدت أصدق أنكِ بالفعل تنازلتِ عن صورتكِ الاجتماعية من أجلي !"
قالت معترضة " أخبرتكِ أنها لا تستحق وبأن بالتأكيد أي شجار معها أو غيرها سيكون إقرار مني بصدق شائعاتهم !"

زفرة بدور بحيرة قبل أن تقول " إذاً أنتِ الأخرى تخبريني بوجوب عودتي والمواجهة ؟!"
قالت شذى بحزم لطيف " هذا خياركِ الوحيد يا بدور ... ليس من أجل أية أسباب لا تعنيني قالها عزام ... بل من أجلكِ أنتِ ، من أجل كبريائكِ وكرامتكِ وصورتكِ التي لن أسمح لكِ بأن تهزيها أبداً أو أن يقول أحدٌ ما أن راشد نال منكِ بعد كل تلك الحرب معه ... أنتِ يجب أن تبقى شامخة قوية كما كنتِ دائماً !!"
لم تجبها على الفور فقط عينيها لم تترك نقطتها المفرغة التي تحدق فيها رغم بداية تغلب شيئا ما بداخلها ... هي لن تكذب أن الأمر يشغلها من أسابيع عديدة ، منذ أن بدأت الصحافة التلويح بالأمر حتى انفجرت أخيراً بفضائح عدة مدوية ... كما تعلم أن راشد حاول السيطرة ولكنه فشل في فعلها بعد أن كانت الأخبار اجتاحت كل المواقع الإلكترونية الخاصة بالمشاهير ... ولكن صراعها كان على أشده ما بين اختيار هناك والتظاهر بأن شيئاً لم يكن ... وبين الاستماع لنصيحة نوة والحفاظ علي صغيرها ......

همست أخيراً بشرود " أريد بعض الوقت ، للتفكير بصورة افضل وبعدها سوف أحدد إن كنت قادرة علي العودة أم لا !"
تنهدت شذى وهي تقول " أنتِ لن تبقي هاربة في السويد إلى الآبد ، عاجلاً أم آجلاً ستعودين ، ونصيحتي إياكِ هذا الوقت المناسب حتى تخرسي كل لسان ، كما أنه حان وقت إعلانكِ بالحفيد القادم للراوي خاصة بعد أن حرصتِ أنتِ على إعلان الطلاق بتلك الطريقة ال.... "
صمتت متحيرة قبل أن تكمل لائمةً إياها " دعينا نقل لم تكن لطيفة و لا في صالحكِ أنتِ وهو !"
قالت بدور متفكرة " أنتِ لم تكرهي راشد كما تتظاهرين ... وما حدث يجعلكِ تحزنين قليلاً من أجله صحيح ؟!"
قالت شذى بحزم " أنا لا أستطيع كرهه ، تعلمين أنا بالذات كانت تربطني علاقة صداقة معه ، ولكن هذا لا يعني أبداً أني لم أكره فعلته وكنت أقف في صفكِ دائماً ... وللحقيقة أنا سعدت بالطلاق أخيراً من أجلكِ أنتِ ... ربما أتعاطف معه ، ولكن بالنهاية الخيانة أبداً لا غفران فيها !"
تمتمت بدور " ربما هذا صحيح ... ما أتمناه فقط في تلك اللحظة هو أن أجد القوة لتناسي كل شيء والعودة كما كنت !"
" ستجدينها أنا أثق بكِ !"
.................
دخلت نوة الغرفة دون استئذان تراقبها بملامح مغلقة بعد أن ودعت محادثتها مع شذى !
جلست بجانبها على الفراش ... ثم قالت مباشرة " لا أريدكِ أن تذهبي يا بدور !!"

أراحت بدور ظهرها قليلاً وهى تقول " الأمر أصبح يؤثر على الجميع كما يبدو ، حتى مدحت صباحاً تطرق للأمر وبدا أنه غير راضي عن تلك الشائعة !!"
قالت نوة ببرود " مدحت دائماً يخشى من البلبلة ، وهذا حقه بالطبع لمنصبه الحساس ... ولكنى أخبركِ إياها هو أخر ما يعنيكِ فلا تتحججي !"
" لقد تحدثت مع والدتنا عقب مكالمة عزام وبدت مترددة لقد شعرت أنها تميل هي الأخرى لعودتي !"
قالت نوة بتهكم " إن أبعدنا منى القاضي أيضاً عن هذا الأمر ... سوف أخبركِ أن هذا النذل الذي يطاردكِ منذ ثلاثة أشهر بشكل يومي لمحادثته يريد عودتكِ لصالحه هو !"
هزت بدور كتفيها وهى تقول " أعرف هذا أيضاً ... وإن تجنبنا ما يحاول الآن إظهاره لي من مشاعر بعد أن مُحيت الأسباب التي تمنعه من وجهة نظره ... لماذا توجهين له هذا الكره ، حتى أنكِ لا تكلفين خاطركِ أبداً مداراته ؟!"
اكتست ملامح نوة بالغموض ، مع غضب وحقد شديد يختبئ تحت طبقة سميكة من القتامة قبل أن تقول " ألا يكفي أنه ينظر لما أبعد من أحلامه ، يكفي أنكِ امرأة أخيه !"
" كنت " همست بداخلها بمشاعر لم تستطع تحديدها أو تفسيرها !
بينما نطق اللسان بهدوء " لا أعتقد أن هذا السبب ، أنا نفسي لم ألاحظ مشاعره تلك إلا أثناء فترة انفصالي عن راشد بعد ما حدث ... بينما أنتِ منذ زمن بعيد جداً كل خلية منكِ تصرخ احتقار واشمئزاز عند رؤيته !"
لم تتزحزح عن غموضها وهي تضع ساقاً فوق الأخرى ... ثم قالت " دعينا من ذلك الوغد ... واخبريني بأنكِ باقية على عهدكِ معي !"
أزاحت بدور وجهها بعيداً عن مرمى عيني نوة المتفحصة ، ثم قالت بتوتر " لم أمنحكِ ذلك الوعد تماماً يا نوة ، إذ أنه صعب جداً على نفسي ، لا أعتقد أن ما أعاني منه قد يحله ألف طبيب نفسي ، حتى وإن رغبت الذهاب !"
زفرت نوة قبل أن تقول " الاعتراف بالعلة هو نصف العلاج يا بدور !!"
عبست وهى تقول
" أنا لست مريضة ! لأعترف "
زفرت نوة ثم قالت بجفاف " ماذا تسمين ما حجزتي نفسكِ فيه منذ أعوام ... أذكر أنه منذ أسابيع فقط كنت تعترفين بكل إخفاقاتكِ دون تردد أو إنكار كما الماضي !"
" أتريدين سماع الحقيقة " قالت بدور بنبرة غريبة ... مما دفع نوة للاسترخاء التام وشحذ كل انتباها وطرقها البسيطة الملتوية علها تدفعها للحديث ومنحها هي أول طريق لإدراك هذا الشبح المرعب الذي تكاد تجزم أن معظم النساء في العالم تعرضن له بطريقة أو بأخرى !
" كلي أذان صاغية !"
اطلقت بدور زفرة طويلة قبل أن تمدد جسدها علي الفراش تريح رأسها علي الوسادة وتواجه نوة مباشرة ... بينما عقلها وتفكيرها السارح بعيداً تماماً عن تواجدها داخل هذه الدائرة !!
" أنا حبست نفسى في مرحلتين لم اتخطاهما قط ... الإنكار والغضب ، وحتى اللحظة لا أعرف كيف الطريق للخروج منهما !"
هزت نوة رأسها وهى ترسم ابتسامة ناعمة على شفتيها وهي تقول " إقرار جيد منكِ ... هذا إن لم نتطرق لدخولكِ في حالة من الصدمة ، وشعوركِ وقتها بأن الدنيا قُلبت رأساً على عقب !"
قطرات ندية بسيطة كانت تندع من عينيها وهى تقول بغصة " عند رؤيتي إياها معه ، وسماع ما قاله وقتها ، لم يعنيني للحظات ما يتفوه به فمه أو فتحي البطيء للباب وأنا ألمحها شيئاً فشيئاً تجلس بين ذراعيه ، في مكان يُفترض أنه خُلق لي ووعد هو ألا يمنحه أبداً لسواي ... أنا فقط لم أصدق أنه يستطيع أن يفعل هذا بي مهما كانت أسبابه ، ليس بعد كل ما عشناه سوياً !"
قالت نوة " أنتِ ببساطة صدقته يا بدور ، لاغية عقلكِ وتفكيركِ أنه مجرد رجل ... سرقتكِ تلك الرومانسية الرائعة التي كانت بينكما ، تلك الأوهام العاطفية التي نُسجت حولكِ جعلتكِ تضعين افتراضات أساسية أنه مطلقاً لن يخون ، مهما خان غيره ، بأن مشاعره لن تتغير لأي سبب كان ، و بألا امرأة بالعالم أجمع قد تستطيع أن تصل إليه غيركِ ، لقد اعتبرته ملكية خاصة لكِ وحدكِ من المستحيل مشاركة أحد لكِ بها !"
قالت بحرقة " ألم اقدم نفس تلك الافتراضات ، ألم أمنحه الحق المطلق كاشفة له عن عدة وجوه لم أسمح لغيره برؤيتها قط ... ألم أمنحه أنا كاملة يا نوة ؟"
قالت نوة بحزم " أنت امرأة ، هكذا يُفترض بعواطفنا أن تكون ، بفطرة خُلقنا عليها ... أما هو أو غيره من الرجال للأسف يستطيع التعامل مع مشاعره بطريقة حيادية ... قد تكونين أنتِ امرأة قلبه الأولى والأخيرة ولكن اعتباراتهم الأخرى لها رأي آخر ليس للقلب أو العقل دخل فيها !"
" هذا أغبى وأحقر مبرر أستطيع التفكير فيه ... ربما لهذا لا أقدر على تخطي الأمر أو الغفران له قط !"
أخفضت نوة وجهها دون أن تقطع النظر إليها من تحت رموشها الكثيفة ... ثم قالت بعد برهة بهدوء شديد " إن أخذنا راشد كمثال أنا أجد مبرره أهون الأسباب لخيانتكِ !"
فتحت عينيها على آخرهما وهى تتمتم بنوع من الصدمة " ما الذي تقولينه ؟!"
هزت رأسها بتأكيد قبل أن تقول بجدية " كما سمعت ، هل تعلمين كم من امرأة تتعرض لذلك الشعور المؤلم بأن تُكسر بطرق بشعة عدة ولأسباب أشد مرارة مما تعرضتِ أنتِ له ؟! إذا كانت حجة راشد كما أخبرتني باعترافه ، أن ما حدث وقتها مجرد ثورة جسد لم يستطع السيطرة على جموحه ، طاقة حيوانية فرغها مع حقيرة ... وانتهت دون حتى أن يشعر باللذة !"
قالت بتهكم " وهل هناك أنواع أخرى يا نوة ... كلها ذابحة ، وكلها متشابهة !"

" لا ... مطلقاً !! ماذا إن علمت أن هناك من يخون لمجرد شعوره بالملل من علاقته الزوجية مع نفس المرأة فيريد بمنتهي الوقاحة التجربة مع غيرها ... أو مثلاً يفعلها بإيهام نفسه بأنه ببساطة أحب أخرى وأصبحت زوجته غير كافية !
أو هناك نوع أخر مثل وجود خلل في علاقة الزوجين لا يستطيعان تداركه ... أو أحقرهم على الإطلاق وهو دافع إذلال الزوجة ... يفعلها لمجرد التسلط ، والنبذ ليخبرها ببساطة بأنها ليست ذات قيمة فعالة لتمنعه من خيانتها ؟!"
أغمضت عينيها بقوة قبل أن تقول بشفتين مرتعشتين " أو يكون فقط مريض النفس مشوه المشاعر الخيانة تجري في دمائه ، يفعلها لمجرد زهوه بنفسه ... طالما الطرف الآخر يتحمل ، يصبر عليه ويحبه ويكون على يقين تام بأنه لن يتركه قط !"
قالت نوة علي الفور بنبرة قاتمة " بالضبط ... هذا ما أعنيه هو نوع آخر كلانا تعاملنا معه ورأيناه يحدث أمام أعيننا !"
قالت بقهر " إذاً ما الذي يدفعكِ للاستخفاف بدافع راشد ، وهو بالأصل أثبت أنه يشبهه بطريقة ما ؟!"
قالت نوة باستفزاز " وما الذي يجعلكِ إذاً تعتقدين أنكِ أفضل منها ... إذا كانت هي تعرضت لهذا الكسر والحسرة ، نموذج حي أمامنا رغم جزم كل من يعرفها بأنها المرأة الكاملة ؟!"
قالت بجفاف " أنا لم أقل يوماً أني أفضل منها ... ولكن هذا لن يجعلني أقتنع بأن ما فعله أمر هين ، يجب أن أتركه وأمضي ... أنا لا أشبهها !"
زفرت نوة وهي تقول بعبوس " إذاً كما أخبرتكِ مشكلتكِ الحقيقة أنكِ لا تصدقين ببساطة أنكِ امرأة يمكن أن تُخان ... رغم أنكِ لا تزيدين مطلقاً على أية أخرى تعرضت لهذا الجرح الدامي الذي لا يندمل ولا يُنسى مهما كفر الشخص الآخر ... أو تعايشت هي وتظاهرت بالمسامحة !"
ابتلعت ريقها باضطراب وهي تُتمتم باقتضاب " ربما هذه إحدى دوافعي !"
انخفضت بجسده نحوها تمسك يدها بدفء قاصدة منحها الدعم قبل أن تقول " النقص لم يكن فيكِ ... كما لم يكن في والدتنا أو أية امرأة تعرضت لهذا الألم ... الخيانة بحد ذاتها وقت اكتشافها هي من تهز النساء بقوة ... معرضة إياهن لمشاعر عدة متفاوتة أهمها أنهن غير كافيات ، مؤكد التقصير منهن ... جاعلين إياهن يصدقن أي سبب باهت وكاذب ... مقرين بالفعل بأية أخطاء يلقيها المجتمع على اكتافهن فيسعين بكل قوة لإكمال ذلك النقصان وسد الفجوة ... بينما الحقيقة المجردة الوحيدة في كل هذا أن النقص منه هو ... إذ يحاول تعويضه وفرض رجولته مع أخرى كنوع من التحصين الذاتي غارق في سكرات الوهم بأنه استطاع فعلها مع أخرى وعشرة مجرباً سحره الذي يعتقد ورجولته عليهن ، مانحه اشباع غرور ذكوري بحت !"
كانت تنظر إليها بصمت وبدت أنها لا تنوي إجابة ... فاستغلت نوة ذلك وهى تكمل ... خلف الأبواب المغلقة لا يعلم أحد ما يجرى وراها يا بدور ... هل تعرفين كم من القصص الدامية لنساء لا تستطيعي التصديق أبداً أن يجرؤ زوجها ويفعلها بها !"
ابتسمت بحزن مرير ساخرة وهي تنظر إليها بقصد وكأنها تخبرها لدينا خير مثال ...
ربتت نوة علي يدها مرة أخرى وهى تقول " بالضبط هذا ما عنيته ... وليست والدتنا فقط كنموذج بالعكس ربما مجالي هذا والسماح لنفسي بأن أجاور الكثير من الصديقات جعلني أعرف الكثير من الحكايا التي كنت لوهلة أشعر أنها خيالية "
أخذت نفساً عميقاً أخر قبل أن تقول " سأخبركِ قصة صغيرة للغاية عن مهندسة جميلة متفوقة ابنة عائلة معروفة هاجرت مع زوجها إلى هنا ... لديها طفلان رائعان هو يعمل أستاذ جامعي وهي يشهد الجميع بتفانيها في عشقه ووقوفها خلف ظهره ... وبالنهاية تعرفين ماذا كانت مكافأتها ؟!"
أغلقت عينيها بقوة وهي تقول " أرجوكِ لا تخبريني ؟!"
هزت نوة كتفيها بلا معنى ثم قالت " هي الأخرى امرأة ذات كبرياء وغرور ، كاملة يصعب خيانتها بل من المستحيل حدوث هذا ... ولكنه ببساطة فعل وليس مرة أو اثنتان ...لا شهور طويلة ، يستأجر مكان لتلك الساقطة ويعاشرها فيه !!"
الخنجر المسموم المعتاد انغرز في صدرها بقوة ... وضعت كفاها هناك تمسد علي قلبها علها تستطيع كبح ذلك الوجع " لماذا ؟!"
قالت نوة " نفس السؤال الذي أطلقته هي وأنتِ وأمنا بالتأكيد وأية امرأة تتعرض لتلك الصدمة ... سببه لم يكن صادق كراشد فورة جسد أوقعته في بئر الزنا ... لا الدكتور المحترم فعلها لأنه ببساطة شعر بالفتور ، بأن زوجته ما عادت تمنحه نفس اللذة .. أتتخيلين شعورها وقتها وهي تسمع تلك القذارة؟! "
تمتمت " كيف تخطت الأمر ؟!"
كبحت نوة نفسها بقوة بألا تسترسل في الحديث وهي تجيب باختصار " في بادئ الأمر صدمة ... ثم دخلت في مرحلة الإنكار ، بعدها الانفجار والانتقام منه بأشد الطرق ... ثم ببساطة دخلت في حالة اكتئاب حتى أقدمت على الانتحار ، وأُنقِذت في اللحظات الأخيرة ... على كل حال مازال هو يقدم اعتذاراته يحاول كسبها وإعادتها بشتى الطرق وهي من ترفضه !"
" ضعيفة " همست بنفور !
فقالت نوة ساخرة " وما فعلته أنتِ بإيقاف حياتكِ كان قوة !"
عادت للصمت ولم ترد ...
مما جعل نوة تقول بهدوء " ذلك نموذج واحد أخبرتكِ إياه ... وهناك العديد والعديد منهن ... كلهن لا يمكن خيانتهن لأنه ببساطة ليست هناك امرأة ناقصة ... ولكن بالنهاية تعرضن لهذا وكل واحدة منهن تعاملت مع الأمر بردة فعلها المتفردة ، باختيارها وحريتها في تحديد أولوياتها ...
صمتت قبل أن تستريح بجانبها تضع رأسها على الوسادة مواجهة إياها أناملها تمتد تُمرر في رأسها بحنان وهي تهمس " إقراركِ بأنه حدث لكِ ببساطة لن ينل من كبريائكِ شيئاً ولكنه سيمنحكِ بعد وقت السلام الذي تستحقينه .. أعيدها عليكِ حبيبتي اطلقي سراحكِ أنتِ ، توقفي عن جلد نفسكِ لثقتكِ به ... سامحي نفسكِ أرجوكِ يا بدور ... وبعدها حتى إن اخترتِ الرجوع له سأكون أول واحدة تشجعكِ !"

اختنقت بغصة أخرى وهي تهمس " هذا صعب ... صعب على نفسي بعد كل ما عانيته ... الغبي حتى بعد أن عاد اعتقد أنه بمنحي هذا الطفل سيكسبني ، كيف أستطاع حتى أن يفكر بهذا ؟!!"
" جميعهم يستخدمون تلك الورقة لمعرفتهم بضعفنا نحن النساء تجاه صغارنا وما قد نقدم عليه من تضحية من أجلهم ... ورغم اقتناعي بغبائه هذا أنا لا ألومه !"
قالت بنزق " ما بالكِ أنتِ الأخرى ... وكأن ورقة طلاقي كان بها شفاء سري من حقدكِ وشذى نحوه ؟!"
قالت نوة ضاحكة " لا أنا مازلت اكرهه اطمئني ، ولكن ربما أنا اعلم أنه دواءكِ كما كان داءكِ ... ودعينا نعترف راشد الراوي سيكون والداً رائعاً !"
" لا ... الفكرة مرفوضة " قالت بتهرب وهي تغلق جفنيها ؟!"
قالت نوة بهدوء " أنا لم اقترحها من الأساس ... بل كل همي الآن أن تُقري أنتِ بما تريدينه بالفعل لتتخطي الماضي بكل ما حمله من اضطرابات وتخبط ."
............................................

كان يقف متخفياً عن أعين حارسها الذي أوهمه ووالدته أنه غادر المنزل منذ وقت ! بعد أن أخفي سيارته في الشارع الخلفي لسور المنزل والذي يعلم يقيناً أنه خالي من المارة دائماً ...
توسعت عيناه الضاحكتان بينما قلبه يهدر كطبول داخل صدره وهو يراها تخرج من باب المنزل أخيراً مودعة شلبي لأخته حتى ترعاه في غيابها ...
راقبها كيف تتلفت حولها بحيرة ، فمها يتمتم بحنق ، وبدل أن تتوجه إليه كما اتفقا كانت تجلس على أول درجات السلم ...
وعلم السبب عندما تقدم منها نضال يحدثها بشيء ما جعل ملامحها تعبس بغضب متصاعد ... بالطبع لم يستطع تبين فحوى الحديث !"
" لقد وعدتي بأنكِ سترين شيماء في أمرٍ عاجل وبعدها ستذهبين لمدرستكِ معي !" قال نضال بهدوء
قالت بحنق " ومن عينك واصي عليّ أنت الآخر ... أنا أفعل ما أريد وقت ما تهوى نفسي !"

وضع نضال كفيه حول خصره ينظر لها من علو بغموض ثم قال " هذا مع السيد راشد ، لكن تحت إمرتي أنتِ ستفعلين ما أقوله أنا !!"
نظرت إليه مستنكرة وهي تنتفض من مكانها وقالت باعتراض " هااااى ... من تظن نفسك ... مهما كانت مكانتك هنا أنت ليس لديك أي حق في التحكم بي ، كما ليس لأي أحد مطلقاً !"
بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى ، أو عن مكانتها الخاصة لديه إذ أنها تقريباً كبرت أمام عينيه وفي حراسته ! ولكن كل ما يريده الآن أن يعيد تشكيل تلك الفتاة بعيداً عن الدلال المغيظ الذي تتلقاه ... تكلم نضال أخيراً وهو يقول بتلاعب " حسناً أعترف بهذا ... أنتِ سيدة قرار نفسكِ "
قاطعته بغرور " بالطبع !"
لم يهتم لردها وهو يكمل بنفس النبرة " إذاً لم تتركي حل آخر أمامي ... سأتحدث مع خالد حتى يمنحنا رأيه في هذا الامر!"
انتفض واقفة من مكانها ... وجسدها كله يتوتر عينيها تدور بتخبط في محجريها لأسباب أخرى مختلفة تماماً عما أعتقدها نضال وظن أنه ظفر بتطويعها حتى ولو هذه المرة " لا تفعل من فضلك !"
ابتسم بيأس قبل أن يقول بملاطفة " هذا إن كنتِ طفلة لطيفة وتحركتِ أمامي الآن ... نحن تأخرنا عن موعدكِ ساعة بالفعل !!"
جزت علي أسنانها بغيظ وهي تهتف في وجهه " عمرى ستة عشر عاماً ويوم ... أنا لست طفلة ، من الآن ستناديني باسمي ملاصق للقب محترم !"
مد يده مشيراً بسبابته نحوها وهي يقول مغيظاً إياها " تأمرين بقة سَبنتي ... أليس هذا لقب أيضاً ؟!"
تقبضت يديها بعنف ... وأيا كان من محاولته الغريبة مؤخراً لكسب ودها بل وإنشاء علاقة صداقة معها !! لم تجذبها لتفكر بها الآن ... بل كيف ستتخلص من تلك الورطة حتى تهرع إليه هو كما رتب معها علي الهاتف ليلاً ... انقبضت معدتها بعنف بينما كالعادة يرقات ناعمة لذيذة أخذت في الرفرفة داخلها ... ناشرة مشاعر عدة ما بين البهجة والترقب ... هاتفها كان يصدع أخيراً ... ارتبكت أكثر وهي ترى وجه الشخصية الكرتونية " شلبي سلوفان " والتي تضعها كتعريف لاسمه... ضغطت على الرد سريعاً قبل أن يحاول أن يكتشفه نضال " نعم !"
همس خالد بهدوء " لا تقولي اسمي ... ادعي أنكِ تريدين شيء من الغرفة الزجاجية .. وأخبريه أن ينتظركِ في السيارة ستذهبين معه كأية طفلة مطيعة !"
اشتعلت عينيها مرة أخرى وكأن ما يقوله لا يعنيها وهي تصرخ " أنا لست طفلة ... بل آنسة وإن لم تعترف بهذا والآن لن أفعل !"
اغتاظ هو الآخر ورغبة عارمة تشتعل داخل صدره بغضب تلقائي نحوها ... حسناً فليلتزم الصبر الآن حتى يستطيع تغفيل نضال وسحبها بعيداً ... ولاحقاً مؤكد سيخنقها بكفيه قال بخفوت " بالطبع آنسة ، العذر منكِ ، ولكن هلا تكرمتِ ونفذتِ أنا انتظركِ هناك !"
كما هي سريعة الغضب ... معه بالذات كانت سريعة المراضاة بشكل يثير العجب " شكراً لك ، سأفعل !"

" من هذا ؟"
أغلقت سَبنتي ووضعت الهاتف في جيب سترتها قبل أن تقول بطاعة ووداعة " صديقي في المدرسة ... ويخبرني بأن أسرع في الذهاب هناك أمر يجب أن أراه !"
ضيق ما بين عينيه ينظر إليها بريبة غير مقتنع بمبررها وهو يقول بشك " أنتِ ليس لديكِ صحبة من الشباب ... وعلى حد معلوماتي ليس من الفتيات أيضاً !"
قالت ملوحة بنزق " عش مع الواقع واعترف أني فتاة صعبة التوقع !"
راقبها تتحرك داخل أشجار الحديقة فهتف " إلى أين ألم نتفق ؟!"
نظرت إليه بعينين بريئتين ضاحكتين ولكم يعرف خداع هذا اللون إن أراد الاستهتار بمن أمامه وزيف ما يظهره " سآتي بشيء من الداخل يخص شلبي ، هل يمكنك انتظاري في السيارة حتى لا نضيع الوقت ؟!"

قطعت خطواتها سريعاً وكأنها تريد أن تقطع عليه أية فرصة باتباعها ... وما كادت أن تصل للهدف الذي أخبرها به حتى كانت يدين كبيرتين غاشمتين تجذبان ذراعيها ...
كادت أن تصرخ كردة فعل طبيعية عن مفاجأتها ... ولكنها لم تستطع عندما وضع كفه سريعاً يكمم فمها " هششش أنه أنا ، لا تخافي " صغيرة !" قالها بتلكؤ مستفز وهو يحملق ضاحكاً في عينها التي اشتعلت بغضب بنفسجي ملون إن استطاعت أن تفسره بعيداً عن المشاعر ستحرقه لا محالة ...
تمتمت من تحت كفه معترضة بعنف وصلته كهمهمات ناعمة مضحكة " لست صغيرة ... وابتعد عني حالاً !"
كان جسده الفارع بعيداً أنشأت كثيرة حريصاً كل الحرص ألا يلمسها ، يكفيه ذلك الجنون العنيف الذي يضرب مجرى دمائه لمجرد لمس باطن كفه لشفتيها الرطبتين والمنتفختين قليلاً بطبيعية و الشبيهتين بشفتي الأطفال عند تكورهما غاضبة ... فتضرم في عقله وروحه النيران متسائلاً كيف يكون حال تلمسهما ... مؤكد في البداية ستكون أشبه برفرفة اليرقات التي تدعو للَفهم في شرنقة من الحرير المحكم حتى يحين وقت طيرانهم ... وبالطبع ذلك الحرير ما هو إلا شفتيه " اللعنة !" سب بعنف وهو يبتعد عنها لا إرادياً ازداد تنفسه عنفا وكأن رئتيه باتتا تجدا صعوبة في القيام بدورهما الذي خلقتا من أجله ...
ابتعد عنها مشيحاً بكل جسده بعيداً محاولاً أن يعيد سيطرته علي ذاته هامساً بصوت داخلي " لقد راهنت نفسك أنك تستطيع أن تقترب دون مساسها بالضرر ، ليس الآن ، وليس بعد كل شيء ضربت به عرض الحائط ، المراهقة البريئة تستحق ولو يوم واحد معك دون تضارب أفعالك المعتادة !"
علي عكس المعتاد لم تحاول سَبنتي الاقتراب منه خوفاً أن يلحق بها أذى جسدي أو نفسي في إحدى نوبات حماقته ... ولكنها لم تستطع منع صوتها المضطرب يخبره " هل قمت بشيء أزعجك ... أنا آسفة !"
أغلق جفنيه بقوة ... دقيقة واثنان حتى أعاد أنفاسه المنتظمة داخل رئتيه ثم استدار نحوها وهو يقول بصوتٍ أجش " لا أريد أن أراكِ فتاة كبيرة كما تحاولين الادعاء ... هل يمكنكِ البقاء أكبر قدر ممكن البقة الحلوة الصغيرة ظريفة الأسنان ؟!"
ضحكت بتوتر وهى تقول " سأبقى لأنك طلبت ... وإذا أخبرتني لما أصبحت تناديني ظريفة الأسنان ؟!"

عينيه عادت تتفحص المكان جيداً لامحاً من زاوية مخفية نضال الذي بدأ في التحرك نحوهما ... فقال بعجل " دعيني أخرجكِ من هنا وسأخبركِ بكل ما تريدين !"
تحرك سريعاً فلحقت به بخطوات مهرولة تقريباً وتلقائياً كانت تدس كفها الصغيرة في يده ...
تصلب متوقف لبرهة وبان أنه يستعد لرفضها ... كتفيها اللذان ارتفعا بخجل محاوط رأسها وعينها التي تضامنت في النظر إليه برجاء أوقفته ... جاعلة إياه يغرق في سحر شعوره الجديد بها ... يضم على يديها بقوة بتشدد غير مراعي رقتها بين أنامله القاسية !! والتي لم تشعر بها هي إلا لمسات ترجمت داخل عقلها كعهد أول لن يجرؤ على كسره " لا تتركيها أبداً "
هذه المرة كان عهداً وعناد راوي بحت هو ما يدفع اللسان أن ينطق بكلمات ظاهرها رحلة مؤقتة وباطنها ميثاق غليظ يضرب بجذوره في قلب كليهما لمستقبل أصبح كل ما يتمناه هو ..
الدماء واحدة ، وهزات القلب المزلزلة كانت متوحدة ... عندما نطقت بعهودها " أبداً لن أفعل !"
.................................................. ..............
" هل تريدين شيئاً آخر ... لقد صنعت لكِ عصيراً بدل القهوة إذ أن الطبيب شدد علي منعها و !"
نظرت إليها هناء بهدوء قبل أن تمد يديها تجلسها بجانبها وهى تقول " أنا بخير ، في الواقع أريد إخباركِ لقد حان وقت عودتك لبيتكِ ... أيهاب ليس مجبراً أن يأتي كل هذه المسافة ليلاً وصباحاً من أجل رؤيتكِ وصغيريه !"

رفعت مريم نظراتها المضطربة نحوها تحدق في وجهها الشاحب الذي لم يستعد لونه الطبيعي قط منذ إفاقتها بعد أسبوع من سقوطها المدوي في المحكمة ... لقد كانت نجاتها آن ذاك واستيقاظها أخيراً أشبه بمنح قلبها وضميرها فرصة لحياة أخرى ... وكأن الدنيا تبتسم لها مرة ثانية بنجاة أول أم حقيقة عرفتها وفتحت لها باب ذراعيها قبل باب منزلها !!
ومنذ ذلك الحين ، وخروج هناء من المشفى قررت هي دون اعلان حتى أن تبقى بجوارها ... أن تخبرها كل يوم ودقيقة عن جفائها في حقها عن ظلمها إياها والوقوف ضدها !
" أنا لن اترككِ وحيدة هنا بعد أن رفضتي قبول الجميع في حياتكِ ... كما أن إيهاب يتفهم رغبتي تلك !"
سحبت هناء الكوب من بين يديها وارتشفت بعضاً منه وهي تقول " أنا بخير ، ولا أحتاج لأحدٍ منهم ، من تمنيت وجوده بحق وأملت فيه كسر ظهري وأضاعني أخيراً ... لذا ما عاد شيء يهم !"
تمتمت مريم بتوتر " هو يتألم مازال لم يخرج من دوامته ... الحقائق كانت كثيرة جداً علي عقله يا هناء !"
أغلقت هناء عينيها ودمعة طويلة حاره تهبط ببطء جارية علي وجهها ، حتى وصلت شفتيها غادرتها بينهما وهي تقول بحسرة " أعرف هذا ، ولكنه رفض حتى أن يرأف بقلب أم مكلوم وجعاً عليه يتمنى ضمه واحتوائه ... لقد استخسر فيّ حتى أن يمنحني الفرصة أن أدفع ثمن جريمتي دون أن يكون هو جلادي !"
حاولت مريم التبرير مرة أخرى " هو فقط ..."
رفعت هناء يدها بحزم وهى تقول " أنتهى الحديث في الأمر يا مريم ، أنا مجرمة كما قرر ابني وهو ضحية ، لذا سأدفع الثمن الذي يريده وتعويضه ... ولكن قراري الأخير معه أخذته بحزم ولا أنوي التراجع عنه !"

" ماذا تعنين ؟! " سألت بقلق
راقبت كيف تكتم أنفاسها التي تلاحقت وهي تسند الكوب على طاولة جانبية ... يدها تستند علي سطحها وبدا وكأن توازنها حدث خلل فيه ... ثم همست أخيراً بجمود " استسلمت ... القانون يجب أن يأخذ مجراه ويحصل نزار على حقه بالطريقة التي يراها صحيحة ، أنا لن أحاول معه مطلقاً مرة أخرى ... وقوعي الأخير كان مصل فعال يا مريم إذ أني أعد نفسى قبلكِ بألا أكرر انهياري مهما مزقتني سكاكينه !"
" لقد كان يقف أمام بابكِ غير قادر على مواجهتكِ ... يبكيكِ بعنف ، بقهر يتغلل روحه !" قالت مريم بصوتٍ أجش ...
دمعة أخرى فرت من عينيها وهي تقول باختناق " أعلم صغيرتي ... إذ أني أنا الأخرى أبكي كل ليلة ألم الفراق ... ولكن حان وقت أن امنحه انتصاره ، عل انتقامه يوصله لسلامه ... ويعود صغيري ينظر لكل الأمور بمنظور مختلف موازناً حياته !"
نظرت مريم تتفحص ملامحها المرهقة ... جسدها الذي فقد نصف وزنه ، فأصبحت مجرد روح خاوية تطفو على سطح من الأشواك متظاهرة بالقوة بالصمود ، بالوقوف في وجه الجميع بحزم رافضة أي يد تحاول مساندتها ... لقد طردتهم تقريباً ... غير عابئة أن تداري غضبها متذكرة جملتها التي كانت كصفعة مدوية على وجه كل واحد منهم " ما عدت أريد رؤية أحد ، أو وجوده في حياتي ، وقت أن احتجتكم كنتم جميعاً سياط تجلدني بدل أن ترحمني ... وها أنا بعد كل هذه السنين الوحيد الذي احتميت فيه وأملت يوماً أن يكون ظهري خسرته .. فما عاد لأحد قيمة !"
تذكر رفض أخيها ، اعتراض مي ولوم صديقتها ثريا ... ولكن بعد أسبوع آخر من المحاولة كان الجميع يستسلم لرغبتها ... مكتفين بتسريبها هي ، أخبارها وطمأنتهم عليها !"

" سأصلي العصر وأنام قليلاً ، قبل أن يأتي المحامي وزوجك ليلاً ، أشعر بالإرهاق "
هزت مريم رأسها موافقة وهي تحاول الابتسام ... قبل أن تقول باضطراب " لماذا سمحتي لي أنا ، سامحتني بعد اجحافي في حقكِ ؟!"
اعتدلت هناء وأخذت دقيقة كاملة في التعاطي مع مشاعرها ، في إزاحة ما يرهق عقلها وقلبها سوياً ! قبل أن تقول أخيراً بهدوء " منذ أكثر من عام عندما دخلتي هذا المنزل ، أخبرتكِ وقتها أني أحببتكِ ، وأنكِ أصبحتِ ابنة أخرى لي ... وشيئاً فشيئاً تعلقت بكِ يا مريم وما قلته وقتها مجاملة أصبح حقيقة لا تقبل المراجعة !"
اغرورقت عيني مريم بالدموع وهي تقف تقترب منها " أنا آسفة ... وقتها أنا صُدمت ، فقط كنت أشعر بقهره ، بالظلم المشابه لظلمي أنا !"
أوقفتها هناء وهى تربت علي وجنتها بحنان ثم قالت " أنا خسرت ابن يا مريم واحتاجكِ صغيرتي بجانبي ، قلبكِ الأبيض هذا يعني لي الكثير ، وحدكِ من ستفهمين ما أمر به ... وحدكِ من جربت معنى أن يتكاتف العالم أجمع لظلمكِ !"

هزت مريم رأسها بموافقة عدة مرات وكأنها لا تجد ما تقوله كإجابة مواسية فأضافت هناء بقلب مرتجف " وأياكِ أن تنقلبوا عليه أو يفقد جانبكِ نزار يحبكِ ويثق بكِ ... لا تتخلى عنه هو الآخر ... سأكون أكثر اطمئنان وهو على صلة معكِ !"
.................................................. ...

دعواتها لم تنقطع تقريباً منذ أن أنهت سجودها الطويل بين يديّ خالقها ... حتى تمددت أخيراً على فراشها ، تحاول أن تهرب من واقعها الذي أصبح لا يحوي شيئا إلا الوجع !
" رباه ، احميه واهبط على قلبه بالسكينة ... أهده وأمنحه تعويضه وسلامه حتى وإن كان بعيداً عني !"
أغلقت هناء عينيها أخيراً تعيد على عقلها بألم رحلتها الصامتة منذ شهرٍ مضى ... محاكمتها مستمرة بالطبع وجلستها التي أُجلت بسبب حالتها الصحية ، أصبحت على بعد أسبوع واحد بعد أن أنتفت الأسباب ... وهي قررت خوض الأمر بكل قوة لا لن تستسلم لضعفٍ أو هوان ... إن كانت تجنت أو أخطأت فيجب أن تدفع الثمن كما رغب ابنها ... اطلقت زفرة طويلة أخرى محترقة ، متذكرة عندما فتحت عينيها المشوشة تحاول أن تعي ما حولها من وجوه ... تبحث عنهما !! فلم تجد ألا أحدهما ... يقف بجوار طبيبها دامع العينين ، مبتهل لله شكراً ، يتفحصها باعتذار بلهفة ... ثم بعدها ومن وقتها اختفى جوشوا من طريقها تماماً ... جزءاً منها كان يشعر بالارتياح أخيراً من ابتعاده ... الجزء الظاهر للناس فقط ...
أما الجزء الخفي ذلك الذي شعر بدفئه ، معنى أن يعود بعد كل هذه السنين يتمسك بحبها بمساندتها والوقوف بجانبها ذلك الجزء الخفي والذي شعر بجانبه بالاطمئنان ، كان يجزع يتألم مطلقاً تساؤلات عدة لماذا توقف ولما ابتعد ... حتى الهاتف ما عاد يحاول أن يتواصل معها به ؟!! لقد أغلق جوشوا بابه أخيراً في وجهها وسلم راية يأسه سريعاً جداً...
" وكأنها تهتم ... وكأن شيئاً في العالم يعنيها إلا صغيرها ... هي بالأساس لا تشعر حتى بألمها الجسدي أو النفسي إذ أن كل مشاعرها موجهة نحو نقطة واحدة " نزار !"
ضائعة بين احاسيسها ... مغمورة بالضياع الداخلي ... الممزوج بالغضب والقهر كانت تستسلم أخيراً لشيءٍ واحد " منح كلاهما ما أراده ... ثم تنسحب من حياتهما هذه المرة دون أمل في العودة !"
.............................................

" كيف هي ؟"
أخذت مريم نفساً عميقاً قبل أن تقول " بخير دكتور جوش ... لا تقلق ، هي أكثر تماسكاً الآن وكأنها عادت لكل ركائزها تتعامل مع الأمر بهدوء وتعقل ... مبعدة مشاعرها ، حتى أنها تراجع مع المحامي كل أوراقه ومعلوماته بتعاون شديد !"
تمتم جوشوا " جيد ... ابقي بجانبها مهما حاولت دفعكِ كما أخبرتني منذ قليل نحن جميعاً نعتمد عليكِ !"
" وكيف نزار ؟" سألت بتردد
صمت الرجل لوقتٍ بدا كالدهر قبل أن يقول باقتضاب " غبي وحاقد كما هو ... وإن كنت ألمح في عينيه لوعته عند ذكر اسمها حتى ولو عرضاً ... ولكنه أكثر عناداً من أن يعترف أخيراً !"
" هناء قالت أنه ربما إن رُدت إليه كرامته ونال ما يسعى إليه قد يهدأ كل هذا بعدها !"
" أتمنى هذا " همس بصوته الرخيم
عم الصمت من جانبها ... قبل أن تأخذ نفساً طويلاً وتسأل بنوعٍ من الشجاعة " لماذا انسحبت من جانبها ألم يكن أفضل لو منحتها دعمك ؟!"
سأل بلهفة لم يستطع أن يخفيها " هل أخبرتكِ بهذا ... لوحت باسمي حتى ؟!"
" ما عدا سبك والسخط عليك لم تتطرق إليك قط " همست مريم ساخرة دون أن تجرؤ وتتفوه بهذا ...
ثم قالت بهدوء " لا مطلقاً ... أنا من يسأل دكتور !"
قال جوشوا باقتضاب " هي لا تحتاج للتوتر ... ابتعدت حرصاً عليها أعتقد أنها أكثر راحة الآن !"
انهى المحادثة على الفور قبل أن يغلق عينيه وهو يتمتم بتعب " راحة سرقتها مني ، أنا من احتاج لمحها ، الروح تهفو جائعة إليها ...علها تبث الدفء وتنعش قلباً تجمد بعيداً عن رؤياها !"
............................
" أين أنتِ ؟" سألت نوة بنوعٍ من القلق ...
أخذت بدور نفساً عميقاً وهي تتحرك في الممر الطويل ( لضاحية حاجه التاريخية ) ذات المحلات التجارية لأرقي الماركات العالمية ثم قالت بمداعبة " بعد أن انهيت موعدي مع الطبيب ، قررت أني بحاجة لبعض الملابس الجديدة ، أنا والطفل نحتاج بعض الوقت من التدليل بالتسوق "
قالت نوة بغيظ " ألم نتفق أن أتي معكِ ، عُدتِ للتسلل والهروب منيّ كما كنتِ مراهقة بغيضة !"

قالت بمشاكسة وهي تدلف لمحل ضخم خاص بملابس الحوامل " اليوم كان موعدي لمعرفة نوع الجنين ، وهذا أمر لا أنوي مشاركته مع أحد ، لذا تقصدت بالطبع ازاحتكِ عن طريقي!"
صرخت فيها حتى أنها اضطرت لأبعاد الهاتف " هذا غير عادل بالمرة ، أنتِ لا تطاقين كيف تجرؤين على حرماني من إشباع فضولي !!"

" نوة عزيزتي ، أنتِ بحاجة ماسة لإرجاع أنفكِ داخل وجهكِ في موقعه الصحيح لا دسه في شؤن الآخرين ، هذه نصيحة أخوية بحتة !"
" بدور ، أنا حقاً أكرهكِ ، ليتكِ كنتِ أمامي الآن للفتك بكِ !"
قالت ضاحكة ساخرة " هذا أمر أستطيع التعامل معه ، سأخبركِ نميمة أخرى تُشبع فضولكِ عن عزام العاشق الذي نال الشجاعة أخيراً !"
زمجرت " لا تأتي بسيرة هذا الوغد أمامي ، كم أتمنى إخبار راشد ليحرقه حياً "
قالت بمداعبة " لا يحتاج لهذا ... إذ أني من سأفعل في الوقت المناسب !"
قالت بوجوم " بعد أن تنالي غرضكِ من التلاعب به !"
عبست وهي تقول " لا ... هذه فعلة حقيرة لن أفعلها بالطبع ... لمعلوماتكِ كل ما يهمني الآن " جنيني !"
غيرت نوة الموضوع قاصدة وهى تقول مازحة " خبيثة !! تستخدمين لفظ جنينكِ إذ أنكِ لن تخبريني بأنكِ تحملين " حرة " أخيراً ؟!"
ذكر هذا الاسم بالذات الذي كان يرتبط بذكرى عاطفية خاصة جداً معه كان قاسياً أصابها في الصميم ..." حرة لم تكن مقدرة لي يوماً يا نوة ... هو حلم آخر احترق ولن يعود ، لهذا حققت أمنيتي بعيداً عن شخصي ومنحته لابنة أختكِ !"
قالت نوة ببرود " ابنة أبيكِ ليست أختاً لي ، من فضلك لا تتطرقي لذكرها !"
شتتها ببساطة وبرودة احتلت نبرتها فجأة وهي تقول " مريم أختنا رغماً عن أنف أحدكم وهنا اقتبس كلمات أمي هي مجرد ضحية أخرى ... امنحي نفسكِ الفرصة يا نوة وستقبلينها في حياتنا بسهولة !"
تمتمت بسخط بكلمات أشبه بالسباب !!
فقالت بدور " سأغلق الآن ... وعندما أتي إن أردتِ يمكننا التحدث !"
" لا ، هذا الأمر بالذات لن أقبل فيه أية مبررات ... وداعاً !"
قالت بدور بنفس اللهجة الباردة مدافعة " هذا على أساس أنها من تطوق إليكن شوقاً ... إلى اللقاء نوة "
..............................................

بعد وقت كانت تتقصد اختيار الملابس الواسعة والعملية وجميعها يميزها شيءٌ واحد ، ضيقة بل أشبه بملاصقة لمنطقة البطن ، حتى تبرز حملها المتقدم ... تتذكر وهي على الجهاز تراقب طفلها الذي أصبح كامل الخلقة الآن يتحرك ببطء شديد هناك فيتحرك معه قلبها بلهفه الاشتياق ... ربتت على تكور بطنها بحنان وهي تهمس بالعربية " أربعة أشهر " بايب " وسأضمك إلى ذراعيّ ولن أفلتك أبداً !"

" لن أقبل بتلك السخافة ، الرحمة لقد اوشكت علي فقدان صوابي بسببكِ " صوت رجولي يشتعل بالغيظ كان يلفت انتباهها ، جاعلها تستدير برأسها جزئياً ترى هذا الأحمق الذي يصرخ في مكان كهذا !! وأيا ما كانت تظنه تبخر في لحظة تعاطف مع الرجل عندما لمحت الفتاة التي يصحبها
وهي تمسك بين يديها بنطال حريري فضفاض بطريقة مغيظه باللون " البرتقالي" به ورود كثيرة بشكل يثير العمى للعين باللون الأخضر ... وفي اليد الأخرى تحمل بلوزة قطنية من اللون " الفيروزي " وهي تقول بعناد " هذا ما يعجبني ، ولن أنصاع لاختيارك وتقيدي بأرستقراطية لعينة أكرهها !"
" المسكين " هذه أول كلمة صدعت في عقلها وهى تراقب الرجل وسيم الملامح أنيق ومهندم الملابس بطريقة بدت أنه فُطر عليها ... بينما مهلاً لحظة " المرأة الصغيرة التي في صحبته وليست فتاة بدت ...اممم حسناً هل " مشردة عديمة ذوق تبدو كوصف لطيف ، هي تظهر بحق الله أنها لم تسرح شعرها منذ يومين أو أكثر بينما ملابسها التي قد تقتل أي مصمم للموضة إن رأها ... أتت بها من محل خردوات !"
اعتدلت بكامل جسدها هذه المرة تراقب المشهد عن كثب " مهلاً من الواضح أن نوة أثرت بها بشكل سيء "
رفع الرجل كفيه لأعلى وأنامله تتشنج مكانها في محاولة بائسة ألا يجهز عليها " أي تقيد وحماقة ، أنها ليلتكِ الأولى حلمكِ الذي ركضت لأعوام وراءه ، حفلكِ الضخم وفرصتكِ لإثبات ذاتكِ ... ستعزفين مع أكبر فرقة أوبرا أمام جموع من البشر ... وتريدين أن تظهري بتلك ...بتلك ...!"
بدا الرجل اللطيف عاجزاً عن إيجاد كلمة في قاموسه فتبرعت هي أن تقول بهدوء " القيء ؟!"
رفع الرجل رأسه سريعاً يحدق فيها بامتنان تلقائياً !
بينما حسناً الفتاة انتفضت تواجهها باستعداد من قرر أن يخوض حرباً ضارية ... تقدمت بدور هوينه نحوهما وهي تقول بالسويدية بنبرة نفور " أنا أقف هناك بسلام ... وفجأة يلفت نظري ذلك الشيء الذي تريدين ارتداؤه ... وبكل صدق أشعر أني أريد التقيؤ من اختياراتكِ !"
قالت الفتاة من بين أسنانها " لم يطلب أحد رأيكِ ، أو تدخلكِ وكيف بالأساس تسمحين لنفسكِ بالنظر إليّ !!"
نظرة إليها بدور بطرف عينيها بترفع ! ثم قالت " العرض الذي تقدمينه أكثر من كافي للفت نظر الجميع ... أو دفعهم للهرب من هذه المجزرة الغير آدمية للذوق العام " أيهما اقرب !"
" آصف !" هتفت الفتاة وهي تدب قدمها في الأرض طالبة كما يبدو حمايته !
رفع آصف حاجبيه وهو يقول بتهكم " أنا أرستقراطي بغيض ، أفرض عليكِ اختياراتي ... لذا آسف حبيبتي انسحب !"
رفعت دُجينة رأسها بكبرياء وهي تقول " وأنا لا أحتاجك ، كنت أعلم بأنك ستعود للتخلي عني !"
أشار نحوها وهي يقول بتأكيد " مع هذا الملابس ، نعم أفعل وهذا أمر للحقيقة سأتفاخر به !"
جدالهما اللطيف جعلها تبتسم تلقائياً ، والآن فقط استطاعت ربطهما بمشهد الحديقة العامة السابق ...
أخذت نفساً طويلاً قبل أن تمد يديها تسحب البنطال والبلوزة من يد دُجينة ترميهم في سلة كبيرة خاصة بأشياء سوف تعدم ... ثم قالت بلطف " لن تحتاجي لخوض أي شيء ... ما رأيكِ أن تسمحي لي بالاختيار معكِ ... إذ كما سمعت لديكِ مناسبة ضخمة ؟!"
عبست دٌجينة في وجهها وبدت رافضة للفكرة ، ولن تتنازل عن الهجوم !"
قالت بدور في محاولة أخرى " أنصحكِ بقبول العرض ... أنا لست شخصية لطيفة دائماً ، فقط يبدو أن هرمونات الحمل تتحكم بي لإنقاذكِ منه !"
نهاية جملتها تخللت دجينة جاعلة إياها تلين قليلاً عندما قالت بنزق " سيادته لا يريد أن يفهم أني اكره الملابس اللامعة تلك ، وأنها ليست ذوقي !"
تمتم بدور بترفع " هذا إن كان لكِ ذوق من الأساس !"

توسعت عيني دُجينة بصدمة بينما غطى آصف ضحكته بأصابعه وهى ينظر إليهما بطرف عينه وبدا راضياً تماماً
" ماذا قلتِ ... من تظنين نفسكِ ؟!"
هزت بدور إحدى كتفيها وهي تشرع في البحث بين رف ملابس مجاور ثم قالت متجنبة الرد عليها " فستان حريري ناعم باللون الأبيض وورود صغيرة جداً من اللون الأخضر لتبرز لون عينيكِ ، سيكون أكثر من ملائم ليناسب كليكما ... ما رأيكِ ؟!"
نظرت إليها بعينيها الخضراوين بعدم رضى ... ثم قالت بتبرم أخيراً " لم أستسيغه ، ولكن يبدو أني سأسمح لكِ بالمساعدة !"
حركت عينيها مرة أخرى لتنظر إليها ولكنها نظرت للرجل مباشرة والذي كان يرسل لها بصمت رسائل كثيرة من الامتنان والشكر إذ شعرت أنه يكاد ينهار على ركبتيه ابتهالاً لله لإنقاذه من تلك الكارثة !
لم تبالغ في الابتسام أو تقبل مساعدتها أخيراً إذ قالت بهدوء وثقة " أبدو اختيار أفضل منه ... صحيح ؟!"
" ليس جداً " قالت دجينة بصدق !
هزت بدور رأسها وهي تقول " الدور العلوي به اختيارات متعددة ، أعتقد أني أعرف ما يناسبكِ !"
عندما تجاوزتها بدور نحو المصعد ... كانت تدرك أن دُجينة تتبعها دون جدال وهي تسألها بتردد " دُجينة غانم !"
عادت لتنظر إليها من فوق كتفيها بتساؤل " اسمي ... وأنتِ ؟!"
قالت ضاحكة بعفوية " طاووس الراوي ... هذا ما تتناقله الصحافة مؤخراً !"
توسعت ابتسامة كبيرة جداً على وجه الفتاة العابس قبل أن تقول بتردد" يليق بكِ !"
هزت رأسها يأساً وهي تعود تخبرها " لا أفضله يمكنكِ مناداتي بدور فقط ؟!"
" هل يمكنني طلب آخر ؟!"
قالت بدور بمداعبة " أي شيء من أجلكِ لديكِ نصف ساعة كاملة "
" أنا انتظر فتاة وأريد شيئاً مميزاً عند ولادتها !"
" سيعجبني أن أفعل هذا ... ربما سآتي أنا الأخرى بشيءٍ مطابق حتى أتذكركِ عند رؤيته !"
قالت بفضول والباب يفتح أخيراً " هل لديكِ فتاة أنتِ الأخرى ؟!"
نظرت إليها من تحت رموشها الكثيفة قبل أن تقول بصوتٍ أجش " كنت أتمنى هذا !"
...
استقلت كلتاهما المصعد بينما وقف آصف ينظر إليهما بحيرة ، الاسم لم يعد يخفى بسبب الحملة الإعلامية التي تقام ضد شركات الراوي مستخدمين بالفعل " سقوط طاووس الراوي بعد ضربة قاتلة من نمرهم وطلاق مدوي أوقعها في بئر الإدمان" ... ولكن من أمامه الآن واثقة ، عملية وو مشرقة ؟! أبعد ما يكون عن أية قذارة ذُكرت ... لكم أصبح يكره طبقتهم بأسرها !
.................................................. ...............
كانت تتلفت سارقة بعض النظرات إليه وهي تستخدم هاتفها في مراسلة شخص ما ، كان طلبها على الهاتف وحدثته لدقائق قليلة قبل أن تغلق الهاتف بنوعٍ من التوتر ... مخبرة إياه بأنها ستحدثه كتابياً ...
أنهى ممدوح عمل كان مطلوب منه بعد ساعات طويلة استغرقها وأرسلها علي موقع الشركة كالعادة ، مؤخراً ومنذ أسابيع كانت لورين تنشغل عنه شيئاً فشيئاً بحجة عملها ودراساتها ... هي تنفي هذا بقوة عندما حاول لفت انتباهها ... ولكنه يشعر وليس لإحساس وحدته وبقائه في المنزل بعض الليال وحيداً لبياتها في المشفى ... ولكنه يعلم أن سريعاً جداً ظهرت نقطة صغيرة بينهما أخذت في الاتساع يوماً وراء آخر ... حتى أخافته أن تتحول لفجوة كبيرة يقف كليهما علي أطرافها دون أن يجد القدرة لتخطيها ويضمها إليه مرة أخرى ...
" هل أنت بخير ؟!" أغلقت هاتفها واضعة إياه على رفٍ عالي لن يصل إليه إن أراد بسبب وضعه !
كان يحاول أن يبدو طبيعياً بأن هذه طبيعية الحياة هنا ... مذكراً نفسه بقوة ألا شيء يبقي حلماً وردياً إلى الآبد ... ولكنه لم يستطع أن يتجنب نبرة صوته التي خرجت حادة " وهل ترين أمراً جد عليّ ، هو أنا نفس العاجز الذي تعرفينه منذ عام وأكثر ؟!"
وقفت لورين من مكانها باضطراب وجلست على ركبتيه وكأنها تحاول بذلك التواصل ، التغطية على ما تذكر يقيناً أنه لاحظه ... لم يجد القدرة على تقبل هذا عندما أزاحها بنوعٍ من الخشونة وتراجع بمقعده وهو يقول " ليس بي طاقة لهذا ... ركبتي تؤلمني !"
شعرت بالحرج الشديد من رفضها ودموع سريعة تتلألأ في عقيق عينيها عندما قالت بغصة لعارضة حلقها " دائماً ما كان يؤلمانك ... ولكن هذه مرتك الأول التي ترفضني بها !"
أطرق برأسه وهى يمرر يديه في شعره الأشقر بضيق ثم قال أخيراً بصوتٍ أجش " ليس أنا من يبعدكِ ، أنتِ من أصبحتِ تدور حولكِ حلقات من الغموض تشعرني بعجزي !"
سحبت مقعد خشبي من أمام الطاولة وجلست عليه لتواجهه وهي تقول " هذه أوهام في رأسك ، عادت تسيطر عليك ... ربما بسبب رفضك أي يد أقدمها لمساعدتك !"
الإحباط والغضب كانا يتخبطان داخل صدره يهددان بالانفجار في وجهها ... بالضبط كما كان يشعر في الماضي عندما كان يتلاعب بمصيره الجميع ، أو يعتبرونه مجرد شاب غبي أحقر من أن يولونه اهتماماً " حقاً ... إذاً من كنتِ تتحدثي معه ، وخفتِ أن أسمع محادثتكِ ، هل هذا سؤال سأجد إجابته كأي زوج كامل تحترمينه كفاية ؟!"
أشاحت بوجهها بعيداً عنه متهربة ثم قالت بتوتر " مجرد زميل ... نتناقش في حالة ما ملحة ... ولم أرد إزعاجك وأنت تعمل !"
عم صمت مشحون بشرارات سلبية كبيرة بينهما ولم يبدو عليه أي نوع من الاقتناع ... بل برودة شديدة احتلت روحه كما صوته عندما قال " أنتِ كاذبة ... لقد بدأتِ سريعاً جداً يا لورين كل ما مر علينا شهرين !"
كانت تستطيع الإحساس بالدماء تهرب من وجهها ... بالذعر الذي أوقف عقلها عندما قالت " هل تشك بحبي ، بإخلاصي لك ؟! "
هز رأسه بمرارة عندما قال " لست أحمقاً لهذه الدرجة ، ولكنكِ تبتعدين عني كل لحظة مسافات طويلة ، وعندما أحاول تقصيرها أنتِ من ترفضين !"
فركت جبهتها بتخبط وهي تقول " عملي مرهق ، وأنت..."
قاطعها وهو يقول ببهوت " كفى التفاف ... كلانا يعلم كذب الحجة ، أنا لم أتعرف عليكِ مجرد فتاة متفرغة !"
أخذت نفساً عميقاً وهى تقول مباشرة " أريدك أن تبدأ في الذهاب للعلاج الطبيعي ، أرغب في استخدام أول أسبابنا لهذا الزواج !!"
اصفر وجهه وهي ينظر إليها بعدم تركيز وكأنه بوغت بما قالته وبعيد تماماً عن سؤاله الأهم ... نطق أخيراً متحيراً " وهل هذا سبب ما نتحدث عنه الآن ؟!"
قالت هامسة " بالطبع لا ... وأنا لم أبتعد من الأساس ، كل هذه أوهام تخلقها حالتك النفسية !"
اقترب منها كما ابتعد يمسك بيدها مرغمها على النظر إليه وهو يقول " هل بدأ الندم سريعاً ... هل اكتشفتِ بعد انقشاع غيمة الانبهار أنكِ لم تتزوجيني لحبٍ أخبرتني إياه ؟!"
نفت سريعاً بحلقٍ جاف " لا ، أبداً ، كيف تستطيع حتى أن تفكر بهذا ، ولكن من حقي أن أطالبك أنا أيضاً بعدم دفعي بعيداً ، بالانصياع لمساعدتنا سوياً !"
أخذ نفساُ عميقاً وهو يغمض عينيه ... وكأن مجرد التنفس مع ما أصبح يدركه ويتغاضى عنه يسبب له ألماً صرفاً ثم قال " سأفعل أي شيء من أجلكِ ، ولكن لا تبني مسافات بيننا ... أرجوكِ لا تُفقديني إياكِ !"
نظرت إليه طويلاً قبل أن ترتمي علي صدره تلف ذراعيها حول عنقه ورأسها يستريح على كتفه وهي تقول بنبرة مبحوحة " أنا أحبك يا ممدوح ... وأيا كان ما أفعله أو أدفعك إليه رغبة منيّ أن تكون نفسك ، ألا تشعر يوماً بحاجتك لأحد !"
زفر نفساً ملتهباً قبل أن ينصاع أخيراً يديه تلتف على خصرها بتشدد وشيئاً فشياً شعرت به يسحبها ليضمها إليه " ولكني أحتاجكِ !"
أبعدت رأسها حتى تستطيع أن تلاقي عينيها عينيه تستمد منهما قوة ، وثقة في كلمات يتفوه بها لسانه ...
" ستذهب معي ، لن تقاومني ؟!" همست بحرص
ابتلع ريقه وحرباً أشد جنوناً تشتعل في عينيه الخضراوين !
ثم همس " لم أحصل علي حكم صريح بعد باستطاعتي رعاية نفسي تحت إشرافكِ !"
" ولكنها حصلت عليها ... ليس على ما أوهمته به بل على تجريده من كل حريته وصلاحياته فبات أمام القانون كالطفل منزوع الصوت والإرادة لتصبح هي المتحكمة الوحيدة في مصيره ... الأمر كان أسهل للموافقة السريعة من مجلس المدينة والمحكمة سوياً بدلاً أن تنتظر طويلاً في بديله الآخر والذي أوهمته به ! ولتخبر نفسها بصراحة أنها كانت أقل ثقة أن تمنحه حق القبول والرفض !!


قالت بابتسامة مبتورة " هذا الزميل الذي كنت احدثه سيقدم لي خدمة ، سيمنحك ما تحتاجه مستخدمين " الميديكت المؤقت الذي حصلنا عليه بعقد الزواج الإسلامي " هو سيضع في تقريريه أن حالتك لا تتحمل تأجيل وبأنه يتعهد بك شخصياً أمام القانون ... أنا رتبت كل شيء !"
ظل ممدوح يحدق فيها بمشاعر مغلقة ... هو نفسه لم يفسر احاسيسه في تلك اللحظة ، بلوعته وشرخ شيء بداخله ... حاول تجنبه أيضاً حتى لا يجن جنونه ويفقدها في نوبات غضبه ... لهذا الحد كان يحب تلك المرأة يسلم كل دفاعاته إليها ... ربااه هل يصبح ببطء خيال مآته باهت كأبيه ...
لا لا لورين ليست تلك الساقطة !"
" لن تندم أعدك ... إن شعرت بعدها في عدم رغبتك لإكمال علاجك لن أكرر ضغطي عليك وننسى الأمر ... أنا أحبك في كل حالاتك !" همست وكم كانت كاذبة !
جوابه لم يكن بكلمات عندما قربها منه فمه يطبق على شفتيها في قُبلة طويلة شرسة ، لم تفهم أسبابها ولم تستطع تبين غضبه الذي أخذ في التصاعد ويديه تبحث عن قمة قميصها البيتي ليمسكه بكلا كفيها ويمزقه بعنف بحركة واحدة ... انفاسها التي تصاعدت ذعراً وهى تدفع كتفيه تلقائياً كانت تُلجّم عندما أزاحها بعيداً لتسقط علي الأرض هامسة اسمه بعدم افهم واستجداء ... " ممدوح !"
بينما تجده يلقي بنفسه بعنف فوقها ... وابتسامة مجنونة لم تخلو من العاطفة التي حاول أن يداريها تحتل نبرته بطريقة أو بأخرى عندما سحبها لتبقى تحت ثقل جسده وهو يقول " وأنا أيضاً أحبكِ وأحتاجكِ !"
لهثت بعنف وهي تغمض عينيها في نوبة استسلام ... لم تكن سلبية تماما عندما كانت يديها تساعده لنيل ما يريده منها ... بل هي كانت أكثر شوقاً لهذه الرغبة العاطفية البحتة ... لتتعرف علي وجه آخر لممدوح لم يكشفه أمامها قط ... أكثر جموحاً أكثر شراسة ، ومنزوع الترفق أو الحرص تماماً مؤكد ستعاني من كدمات وعلامات متفرقة إثر انتهاء كلاهما من هذا اللقاء " وأنا احتاجك لتحبني ... فلا تتوقف !"
.................................................. ..
يتببببببببببببببببببببببب ببببع الان.


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-11-19, 07:54 PM   #730

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
افتراضي

تااااااااااابع الفصل السابع عشر

نظر خالد لملابسها بتقييم أخير ، كالعادة ملابس كرتونية ملفته للانتباه بشكلٍ كبير جداً خاصة مع شعرها الذي استطال وبدأ ببطء يأخذ لون أحمر ناري ... كشخصية صاحبته التي تداريها بتصرفاتها الطفولية !!

" يجب أن تنزعي ملابسكِ !"
التفتت إليه وهي تسأل بهدوء دون أن تجفلها جملته إذ أنها أكثر ثقة بخالد وأكثر من تفهم أن تعبيراته تخونه أحياناً " ألن تناسب المكان الذي سنذهب إليه ؟!"
صف سياراته متبعاً إشارات رجلٍ ما وفر له مكان في الشارع المزدحم بالعربات والبشر !! ثم قال دون أن يلتفت إليها " نحن في المكان بالفعل بقة !"
عادت تقيم المنازل العريقة والمحلات التجارية المرصوصة بجانب بعضها بنوع من الانبهار ... مكان بدا دافئاً ، يحتوي جموع من البشر ، وجوه متعددة ما بين نزقة ،غاضبة ، أو أسر صغيرة بوجوه ضاحكة ... وهناك أيضاً مجموعة فتيات ترتدين زي مدرسي تمشين بحرية مطلقة تتناولن طعام ما ملفوف في أوراق الألومنيوم أو حتى جرائد ... لقد بدا المكان كلياً مختلف عن أماكن تذهب إليها عادة لناس يشبهون محيطها ... لقد كان " حياً ومنعشاً !"
كان خالد انتهي من صف سياراته مخرجاً مبلغ ما وضعه في يد الرجل كالح الملامح متعرق الوجه من وقوفه في الشمس ساعات طويلة كما خمنت ... انحنى يستند على باب سياراته وهو يقول غامزاً " سأطلعكِ على عالمي السري بعيداً عن الملابس البراقة والحفلات المتكلفة ، بشرط ألا تبوحي به مهما تعرضتِ لضغط !"
هزت رأسها بتأكيد فرح قبل أن تفتح بابها سريعاً مغلقة إياه ورائها وتنضم إليه على الرصيف ... ثم دست يدها في يده تلقائياً ، شدد على كفها الصغير وهو يسحبها بجانبه وقال " المكان سيكون أكثر ازدحما عندما نتوغل للداخل ، مهما حدث لا تتركي يدي " حسناً " أجابت بخفوت ونظرة سعيدة تتراقص داخل عينيها ...
ابتسم وهو يقول برفق " دعينا أولاً نجد محل جيد نبتاع لكِ منه شيئاً مناسباً !"
" ما هذا المكان ؟" سألت وعينيها مازلت تتفحص الشارع الصاخب بانبهار لم تتخلى عنه !
جذبها يبحث في المحال بعينه وهو يقول بنوعٍ من السخط " بالطبع لن تعرفي مع حماية أمي المغيظة ، وترددكِ على بريطانيا وتحذيرات راشد المستفزة ، أنتِ تجهلين كل المناطق الشعبية تقريباً !!"
" لقد ذهبت مع مدرستي إلى القلعة ... أنت وافقت بنفسك مقنعاً زوجة عمي !" قالت ببراءة
كان وقع اختياره على ما يبحث عنه فالتفت إليها وهو يقول بمشاكسة " والآن قررت أن أجعلكِ تعرفين أماكن أكثر ، إذ أني أرغب أن يكون للبقة أجنحة ترفرف بها على العالم الحقيقي !"
قالت بنفس مشاكسته " هذا غير ممكن علمياً يا مهندس الحشرات !"
ضحك بصوته الرخيم وهو يقول " معكِ كل شيءٍ جائز الحدوث يا طريفة الأسنان !"
رفعت حاجبيه متوقفة في نصف المحل وهي تقول بحنق " توقف وأخبرني حالاً ما هذا القلب الجديد ؟!"
بحث قليلاً جداً بعينيه والتقط أول بنطال من الجينز أمامه وبلوزة طويلة بلون البنفسج وهو يقول " نوة أخبرتني بما فعلتيه بلانا !"
ارتبكت وهي تعبث في شعرها بنوع من الخجل ثم قالت بصوت خافت " كانت تستحق ، صدقني تلك الفتاة خبيثة ، وليس كما تحاول أن توهمك !"
هز كتفيه بلا مبالة وهو يقول " لا أهتم حقاً ... ولا يلفت انتباهي هذا النوع من الفتيات بالأساس !"
عبست بضيق وهي تقول " هذا يعني أن هناك نوع يجذبك سيد خالد !"
" نوعكِ أنتِ ... وهو نوعٌ فريد لا أظن أن يتكرر يوماً " هذا كان حديث القلب الغارق في سعادة تواجدها بجانبه بعد كل شهور الجفاء والنبذ التي فرضها علي نفسه ... ولكن حديث العقل والضمير الذي مازال يعرف حدوده حتى إن كان بدأ بعد حديثة الطويل مع راشد وتنيبه الشديد يرخي بعضاً من حصونه !
" ليس لديّ نوع محدد ، مازال الوقت باكر جداً وطريقي طويل لأفعل أمراً كهذا بقة !"
كلماته بثت طمأنينة عميقة جداً بداخلها ... وبدأ قلبها كالعادة يرتعش بين أضلاعها وقشعريرة لذيذة تمر على جلدها ..لم ترد إذ أنها كانت أكثر حرصاً من أن تلفت انتباه وتخيفه منها !
" هيا أمامي لنجد مكان آمن لتغير ملابسكِ !"

كانت هناك فتاة لطيفة في المكان خمنت أنها البائعة والتي راقبته يُجري معها حديثاً قصيراً قبل أن يسحبها وراؤه لحجرة صغيرة " انتظري هنا " أمرها وهو يتوجه للداخل حدقت فيه بتعجب وهو يخرج قلم يضعه علي المرآة بتركيز ثم يتفحص سطح الغرفة وجوانبها ... استغرق دقائق طويلة قبل أن يأمرها مرة أخرى " أمامكِ خمس دقائق ... انتظركِ هنا "
التقطت منه ما اختاره دون جدال ثم شرعت في الأمر وهي تغلق الباب ورائها جيداً ...
........
بعد وقت خرج كليهما من ذلك المكان وتوجه لسياراته القريبة مرة أخرى ثم وضع ما كانت ترتديه هناك ملتقطاً " كاباً رياضياً "خاص به ...انتصب وعاد إليها وهو يقول " هل تستطيعين ضم شعركِ سوياً بذلك الشيء الغريب كالذي تفعله أمي ونوة تحت الحجاب ؟!"
لم ترد وهي تنظر إليه باستهجان ثم رفعت يديها تضم كما اتفق كما طلب ... ضيق خالد " الكاب " من الخلف حتى يناسبها ثم وضعه على رأسها في أقل من دقيقة كانت تأخذ من أعصابه التي توترت الكثير ...
ابتعد ينظر إليها بتقييم ثم همس بحزم " الآن أنتِ لن تلفتي انتباه أحد غيرى ، وهذا مرضي لي تماماً !"
رفعت كتفيها بنوع من الخجل والاضطراب دون أن ترد أيضاً ... نظر لوجهها المبتسم ثم قال بمداعبة " ما بكِ اليوم يبدو أن القط أكل لسانكِ !!"
قالت باندفاع " ربما تكون أنت هذا القط ... إذ أني لم اعتد منك مؤخراً على كل هذا الاهتمام !"
مد كفه في دعوة فوضعت يدها دون تردد وكأنه يريد التهرب من أسئلة عديدة تتقافز من ملامحها ... مطالبة بإجابات هو لا ينوي منحها الآن ولا حتى في أي وقت قريب !
" ما هي نكهتكِ المفضلة في المثلجات ؟!" سأل مغيراً الموضوع تماماً ...
" فانيلا وفراولة " أنت تعرف هذا !"
بدأ في أخذ خطواتهما شاقين طريقهما على الرصيف المزدحم ... يديه تحاوطها دون أن تمسها كلما مر شاب ما كما فهمت حتى لا يدع مجال لاصطدام أحد بها ولو عرضاً
" بما أنها رحلتي وأول محطة في وجهتنا ... سأختار لكِ بنفسي " فراولة مع مانجو " أعدكِ أنكِ لن تتذوقي مثلهما قط في أي مكان بالعالم ...
المكان الذي دخل إليه كان مزدحماً جداً بطريقة لم ترها حتى في أكبر احتفالات للكريسماس في بريطانيا ... لقد ظنت لدقيقة أن كل المصريين تجمعوا في هذا المكان ... تراجعت شيئاً فشياً ملتصقة فيه ... حتى أنها لم تلاحظ تواجدها بين ذراعيه ظهرها ملتصق في صدره ... شعرت بأنفاسه المكتومة وبدقات مدوية لفؤاده الذي تكاد تقسم أنه كان يضرب في ظهرها بقسوة ... رفعت رأسها تنظر إليه لتجد عينيه التي سُلطت عليها بمشاعر غير مفهومة ... حتى أغلق جفنيه يعتصرهما بقوة ... يديه كانت تُضم بجانبه بعنف حتى استطاع أخيراً أن يرفعهما بثقل يبعدها عن مجاله وهو يقول بنبرة مختنقة " أنا أيضاً لا يجوز لي ملامستكِ سَبنتي ... أرجوكِ انتبهي لخطواتكِ !"
" آسفة " همست بنوع من الخوف وهي تتراجع بعيداً عنه ، " لا تعتذري مرة أخرى ، لن نفسد يومنا!"
أومأت بصمت وهى تراقبه يتقدم يدفع مبلغ ما ثم يأخذ ورقة ... سحب يدها بنفسه مرة أخرى وخرج من هذا المكان
وتوجه لثلاجة خارجية وتناول من الرجل طلبه ... ثم تقدم يمنحه لها لتبدأ في تناوله وهي تحاول اغتصاب ابتسامة من نوعٍ ما ... إذ أن كليهما لم يخرج بعد من تلك اللحظة " كما خمنت مسبقاً خالد يخافها ... ولكن ليس كما أخبرها مسبقاً بتوحش غير راحم قلبها بأنه يكرهها ... خالد يرهبها لمشاعر مختلفة تماماً !"
شعرت بأصابعه التي لامست مقدمة قبعتها محاولاً أن يجعلها تنظر إليه مرة أخرى " أنا لا أتجنبكِ ، أريدكِ أن تفهمي هذه ليست قسوة مني أو نفور تجاهكِ ... أنا أخاااف يا بقة ... !"
وضعت إصبعها نحو صدرها بإشارة " منيّ ؟" كان تأكيد أكثر منه استفهام !"
راقبت كيف تحرك تكور في حلقه قبل أن يقول بنبرة مهتزة " عليكِ ! أنتِ مازلتِ صغيرة جداً ... وأنا لا أريد أن أسمح بأمر يغتال براءة عالمكِ ... أو أن اسطو على شيءٍ ليس من حقي !!"
قالت بتخبط " لا أفهم ، كل هذا كثير جداً عليّ يا خالد !"
تنهد قبل أن يقول بنفس النبرة " هذا ما عنيته ، ليس من المنصف أن أشتتكِ ، أو أخون ثقة راشد وأمي فيكِ !"
قالت بتردد متقطع " هل ... هل ستُفهمني يوماً ؟!"
شد مقدمة القبعة في مشاكسة أخرى وهو يقول " يوماً !"
انصرفا مرة أخرى وهو يمسك يدها كما وعد ، دون أن ينوي تركها هذه المرة ... متشبثاً بقوة أن يسيطر على مشاعره المكبوتة مزحها بعيداً عنها !!
" مهلاً يا عبثية ... مهلاً ترفقي وتمهلي بقلب أصبحتِ كل ما يهوى ، وبفؤاد شاب مخلص لربه يتضرع إليه رغباً ورهباً ليجعلكِ من نصيبه ، ولا ينال منكِ حتى شعره إلا في حلاله !"
.........................

ساعات قضتها في تلك الشوارع ، والتي كما قال ، ووعدها أن يقطعا خطواتهما الكثيرة مشياً على الأقدام ، وقت طويل حتى انقضى كل النهار ، ولكنها لم تشعر في صحبته إلا بأنها دقائق مرت ، لحظات خاطفة بعمرها كله ... متعرفة على خالد الجديد بعيداً عن بعبعها المخيف وفارس الراوي الجامد ... لقد كان أكثر مرحاً منطلقاً ومشاكساً ، يلقي بمزاح ويعلق بإغاظة على تصرفاتها طريقة حديثها ... مذكرها بمواقف كانت تفعلها بشيطنة ...
" أنا جائعة !" قالت بتبرم وهى تمسك معدتها بقوة في إشارة لمدى طلبها للطعام "
رفع كتفيه وهو يقول " كنت أعرف هذا وقصدت تجويعكِ !"
قالت وهي تكور شفتيها بغضب " إيها المتوحش ... تعرف أن الطعام أهم لديّ من صحبتك ذاتها !"
هز رأسه ضاحكاً " لا فائدة منكِ !"
أمرته بنوعٍ من العنجهية " أطعمني حالاً وإلا شكوتك لراشد !"
حك ذقنه بإصبعه بتفكر " مرة أخرى ؟! ألا يكفيه تعنيف واحد منه !"
سندخل هذا المكان وبعدها أعدكِ أن أطعمكِ شيئاً جديداً كليا محظور على مائدة السيدة منى القاضي !"
" أنا لا أحب طعام الخارج "
قال بهدوء " أعرف ولهذا قصدت تجويعكِ بالأساس ... دعسوقتي !!"

المكان الذي قصد زيارته كان يبدو تاريخياً نوعاً ما ... وكأنه مزار سياحي تُعلق فيه لوحات منسوخة من رسومات أصلية ... تحف فرعونية ، مداليات متعددة ...
أنبها وهو يقول " إن استغرقتِ في التأمل ، لن نخرج من هنا ومازال أمامنا أشياء أخرى عديدة لم نفعلها !"

قالت بفضول " ما الذي نريده من هنا ؟!"

تقدم خالد نحو طاولة زجاجية كبيرة وهو يشير نحو تحفة صغيرة جداً بأشكال فرعونية عديدة ثم قال بتردد " أريدكِ أن تختاري شيئاً من هنا ... دائماً كنت اتذكركِ عند زياراتي !"
سألت بنوعٍ من البراءة " لماذا لم تبتع لي شيئا إذاً ؟!"

افتر جانب فمه عن ابتسامة خشنة وهو يقول " لأني أريد أن يكون باختياركِ أنتِ ، دون ضغطٍ منيّ !"
لم تفهم مقصده تماماً عندما تقدمت تقلب عينيها في الأشياء المرصوصة بعناية ... حتى وقعت عينيها علي شيءٍ من السيراميك على شكل حشرة غريبة الشكل ملونة بالأزرق
ومنقوش عليها رسم القدماء المصريين " سأختار هذا !"
هتف بنوع من الانتصار " كنت أعرف " جعران " ؟!"
تحدث مع البائع طلب منه أن يضعه في ميدالية مفاتيح مطابقة لواحدة يملكها هو ... ثم استدار إليها مخبرها " كنت أعرف لأني اخترتها منذ أشهر مضت يا سَبنتي !"
.............................................

" تمهلي !" كان يصرخ فيها تقريباً وهي تلتقط الطعام الغريب الذي اختاره تلتهمه بنهم شديد مما أثار ذعره ... إذ أن من المستحيل أن تتحمل معدتها المترفة كل هذه الأشياء التي تتناولها لأول مرة !
كانت تحشو فمها بقطع من " الحلويات " كما أخبرها أن هذا اسمها وإن كان ذلك الطعام الدسم بملوحة وحرارة لاذعة لا ينتمى لأي حلى " توقف عن إلقاء أوامرك ... هل تخاف أن أثقل عليك في الحساب لا تقلق سوف أحاسب بنفسي !"
راقبها تلتقط قطعة أخرى من طاجن العكاوي وهو يخبط رأسه بكلا كفيه ندماً على تلك الفعلة ... سيقتله راشد مؤكد هذه المرة عندما يُجبر أن يأخذها لأول مشفى لغسيل معوي عاجل !"
قال باستهجان " بل لأنكِ لن تتحملي كل هذا يا غبية ... أنتِ أنتِ !"
قالت مرة أخرى وعينيها تلمع كالنجوم ليس حباً في طلته بل لقطعة النقانق التي امسكتها بأصابعها دافسة إياها بين شفتيها " أنت الغبي ، الطعام أبداً لا يضر أحد أنه أفضل متعة في الحياة ... خالد أنت تحتاج لتدخل عاجل مني لأغير نظرتك نحوه !"
" هو من يحتاج للتدخل بحق الله ؟! أين يذهب كل هذا في قامتها القصيرة والنحيلة جداً ... إذ أن بقته النهمة ليكون صادق مع نفسه عدا عما لمسه بغير قصد في ذاك اليوم هي لا تملك أية مقومات أنثوية ... وكم كان هذا مريحاً لعقله المتطرف !!!
فتح ذراعه بغيظ ثم أشار للنادل وهو يقول " طلب آخر من فضلك لدينا مفجوعة هنا أول مرة ترى مائدة علي ما يبدو !"
شوحت بيدها بلا مبالة وهي تخرج لسانها لتشعل جنونه أكثر " يوماً ما سينزع هذا اللسان من مكانه بكماشة متخلصاً منه بلا عودة !!"
.................................................

زيديني عشقاً زيديني ... يا أحلى نوبات جنوني
زيديني غرقاً يا سيدتي ... إن البحر يناديني
زيديني موتاً علً الموت إذا يقتلني يحيني

يا أحلى امرأة بين نساء الكون أحبيني
يا من أحببتك حتى أحترق الحب أحبيني
إن كنتِ تريدين السكنى أسكنتك في ضوء عيوني
حبكِ خارطتي ما عادت خارطة العالم تعنيني
أنا أقدم عاصمة للحزن وجرحي نقش فرعوني
وجعي يمتد كسرب حمام من بغداد إلى الصين

عصفورة قلبي ... نيساني ...
يا رمل البحر وروح الروح ... و يا غابات الزيتونِ
يا طعم الثلج ... وطعم النار ... ونكهة شكي ويقيني
أشعر بالخوف من المجهول فآويني
أشعر بالخوف من الظلماء فضميني
أشعر بالبرد فتغطيني ... وظلي قربي غني لي
فأنا من بدأ التكوين ... أبحث عن وطن لجبيني
عن حب امرأة يأخذني لحدود الشمس ويرميني

نوارة عمري مروحتي ... قنديلي فوح بساتيني
مد لي جسراً من رائحة الليمون
وضعيني مشطاً عاجيا ..ً. في عتمة شعركِ وأنسيني
.................................................. ..
كانت هذه الكلمات تتردد بقوة داخل عقله رابطها معها
عقب انتهاء يومهما الذي قرر أن يكون أخر محطة فيه على ضفاف نهر النيل ........

راقبها تتقافز تقدم قدم وتأرجح أخرى بينما ذراعيها يتحركان بتناغم شبه راقص على السور القصير لكورنيش النيل ... كفيها يصفقان بسعادة طفولية وهى تراقب بانبهار المراكب البسيطة والشعبية في مشهد يعلم يقيناً أنها لم تره من قبل أيضاً
وقف يطوى كلا ساعديه على صدره بينما ملامحه لم تكن مسترخية ومرحبة محبة كما هو معها اليوم ... نطق أخيراً بصوتٍ رخيم
" ما رأيكِ ، يومي المميز أفضل أم ذلك الحفل بالأمس ؟"
التفتت إليه سريعاً تراقبه يقف متكئ على العمود الحديدي عيناه تحتضن ملامحها انتباهه الكامل معها ، حاميها بصورة أو أخرى كما لم يكن من قبل ... صوتها المرتعش خرج متقطع إذ أنها حاولت جاهدة التحكم فيه وكالعادة فقدت السيطرة كما الحال الدائم معه " جميل جداً ، أنا لا أستبدل ساعة معك بكنوز العالم فكيف بيومٍ كامل تريني فيه عالمك السري ؟!"
صراحتها الصادمة أصبحت تزلزل كل ثوابته ويقينه ... فيحاول جاهداً السيطرة على نفسه ، كما لغط قلبه أسبل جفنيه وهو يقول بهدوء " ليس سري جدا ، ولكنه العالم الحقيقي الصادق بعيد عن زيف المال والبدلات البراقة والمصالح التي تدفعهم أحياناً لدعس البشر !"
وكأنه أنتبه أنه تهرب من مشاعرها بأخذ الحوار لمحمل آخر فأجلى حنجرته وهو يدير الحوار ليرفع جفنيه ينظر لعينيها المتوسعتين مباشرة وقال مازحاً متهرب من سلطانها على روحه وفؤاده " ألم تؤلمكِ معدتكِ بعد ؟! "
هزت رأسها يميناً ويساراً مأرجحة معها ذيل حصانها الذي فلت بتمرد من تحت قبعته المستفز لأصابع يديه التي تحترق للمسه كما مضى ونثره من عقاله ... ثم قالت بعبوس " لماذا تصر أنها ستؤلمني ؟! أنا قوية جداً على فكرة مثلك وربما أكثر "
قال مداعبا " لا أنصحكِ بتحديّ ... أخر مرة فعلت استغرقتِ أسبوع كامل للتوقف عن البكاء "
قالت بتجهم بينما تقترب سريعاً منه " وقتها كنت طفلة ، وأنت كنت غليظاً أحمق ، أما الآن أنا كبرت جداً وأستطيع الإثبات "
" قال بخبث " هذا كان من ثلاثة أشهر فقط !"

مدت يدها دون تفكير تخبط كفيها على صدره ولكن لم تكد تصل إليه إلا وكان يعتدل سريعا قافزاً من مكانه ممسكاً بمعصميها بينما بريق مشتعل بنار حمراء يحتل عينيه جعل قلبها ينقبض وجسدها يهتز رهبة ... صوته المحذر خرج أجشاً حازماً " تذكري اتفاقنا صباحاً "
عبست ملامحها وهي تقول بحزنٍ
" انتهى بعدم منحي إجابة تريحني !"

ما شعره معها اليوم جعله لا يسمح لنفسه بخذلانها !!

... تركها تفلت منه ، ثم ابتعد بخطوات بسيطة يريح كلا مرفقيه على السور ينظر للنيل الساحر والأضواء تتلألأ من فوق ساطعة حقيقة واحدة وصريحة " هو يحب سَبنتي " أغلق عينيه بقوة محاولاً أن يتعاطى مع اعترافه الذي ترجمه لعقله صريحاً ومدوياً أخيراً ... شعر بها تنضم إليه بتردد احنى رأسه لأسفل نحو قامتها الصغيرة ثم قرر الكلام أخيراً مشجعها ، بينما نبرة الصدق تفوح من كل عضلة في جسده ، سمح لعينيه تعانق حدقتيها ، بروحه تخرج من داخل فؤاده لتحوم حول كينونتها حاملة إياها إليه " بعد حين سأخبركِ ما أريده ، ما كنت أهدف إليه ، سأكشف لكِ حقيقة كل ما دار داخل صدري ويجد له صدى في قلبكِ "
كالمسحورة المقيدة بسلسال رجولته كانت تهمس مرتجفة " متى هذا الحين ؟"
راقبت تفاحة آدم تتحرك باضطراب في حنجرته ثم قال بصوتِ رخيم " بعد أربعة أعوام في نفس الليلة ونفس المكان سأختطفكِ من الجميع محارباً كل من يتجرأ ويقف أمامي ، أمنحكِ كل الاعترافات التي تريدين وأنتِ حلالي يا سَبنتي ، ووقتها ستمنحينني أنتِ روحكِ وقلبكِ ، داخلة عالم البعبع الذي لن يسمح لكِ بالهروب منه أبداً ؟!"
هزت رأسها بينما انفاسها المبهورة لا تستطيع أن تخرج منتظمة عبر الدماء الصاخبة في أوردتها المسكينة كاشفة نفسها إليه كما لم يرها من قبل ... بينما عقلها يصدع أخيراً
باعتراف بدا كنور قوي وسط ظلمة وتخبط كان يجهدها كثيراً
" هي تحب البعبع !"
وها قد عثرت على كلمتها التائهة " يا ويلي " شهقت بذعر أمام عينيه التي اخترقتها !
...............
كان فقد كل رباطة جأشه منذ ساعات ، وقد بات فقدان السيطرة هو من يتحكم فيه ...
" حسناً اهدأ ودعنا ننتظر بالداخل ... الشرطة تبحث عنها وجميع الحراس ، وأنت فعلت ما عليك "
هتف شبه صارخاً بينما يخبط على سقف عربته بقوة " أنا لن أدخل هذا البيت اللعين وأنت تعرف ... أريد ابنتي يا ياسر ، أنت المسؤول أمامي"
حاولت منى تهدئته رغم توترها هي " راشد العصبية لن تساعد في شيء"
هز رأسه بقوة بينما يقول من بين أسنانه " لا تحاولي حتى ... الأمر كان بسيطاً يا زوجة عمي طفلتي أمانة لديكِ ... وللأسف لم تحفظيها كما كنت أتعشم فيكِ ... لقد حاولت ابعادها عن محيط هذا المكان الكئيب وأنتِ من وقفتي في وجهي بالمرصاد !"
" راشد ، هي ابنتي أيضاً " حاولت مرة أخرى
رفع كفه بحسم بينما يقول " أخر فرصة وخاطر لكِ ... سأجد ابنتي ومنذ اليوم لن يكون لكِ بها علاقة أبداً ولن تخطو لهنا لأى سببٍ كان !!"
لم ترد منى بشيء إذ أن سيارة ابنها التي وقفت أمامهم بينما سَبنتي تندفع منها نحوهم مباشرة جعلت وكأن على رؤوسهم الطير ... كيف غفلت أو لم تربط اختفائه معها ، لقد طلبته كثيراً وقام بإغلاق هاتفه بشكلٍ نهائي !"
اندفعت إلى راشد دون أن تلاحظ الموقف المتوتر ... ربما استعجبت قليلاً ذراعيه اللذان امتدتا تنهشان وقوفها تضمانها إليه بقوة بينما شفتيه تجتاح جبهتها وأعلى رأسها " حمداً لله ... حمداً لله "
لدقائق استكانت هناك قبل ان تشعر به يبعدها مرة واحدة وهو يصرخ فيها بحرقة " أين كنتِ ؟ "
انكمشت تلقائيا بخوف ثم همست " مع خالد ... كان لديه هدية خاصة لعيد ميلادي !"
شكراً سَبنتي بكِ الخير ، وها قد انهارت وعودها مع أول ... قُبلة للرأس وليس حتى صفعة !

رفع عينيه الناريتين بينما الجحيم المتوعد يسكنهما ... ضم فمه بقوة بينما يجز على أسنانه لابن عمه الذي وقف متحدياً إياهم " لقد حذرتك ... كيف استطعت أن تجعلها تثق فيك مرة أخرى ؟!" لم ينطقها إذ أنه لم يُرد لها أن تعرف ما يدور من خلفها ...
رفع خالد حاجبيه بينما يطالعهما بسخرية وكأنه يصرح " هل تستطيعوا التصديق ! أني لم أعد أهتم ؟!!"
ابتلع راشد ريقه بينما يعود بانتباه إليها " أنا آسف تلك غلطتي ... اصعدي للسيارة سوف تذهبين معي وبعدها ستخبرينني أدق التفاصيل "
لم يستعجب عندما تقافزت على الفور تطبع قُبلة فوق وجنته ثم أخذت تصف بحماس " لن تصدق ما سوف أخبرك إياه ... لقد أطعمني " كعاااوى "
سمع ضحكت خالد المتوترة بينما يصحح " عكاوي ... سَبنتي"
تصلب جسد راشد بينما ينظر إليه بارتياب وهو يقول " ولماذا قد تطعمها " كعااااوى يا شيخ خالد؟!"
ارتبك خالد أمام نظراتها وبدا كطفلِ مذنب قام بأمرٍ جلل وينتظر التقريع ثم قال بسماجة " هناك لبس في الأمر إذ أني أطعمتها ... كبد وسجق و !"
راقب ملامح والدته التي هلعت التي كادت أن تدخل في إغماء " أنت لم تفعل هذا بها ... تطعمها أحشاء ؟!" قال راشد بنبرة مرتعبة أيضاً !"
بهتت ملامح خالد وهو يضيف بنفس السماجة " وهناك كوارع أيضاً لقد أحبتها كثيراً على فكرة !"
وضعت منى يد على فمها ويد علي قلبها " لقد أخبرته أن يترفق ... لا أن يقتل الفتاة عمداً متخلصاً منها !"
بيننا قال راشد بنبرة مجنونة " ك... ماذا ، أين كنت بابنتي بالضبط ؟!"
" أقسم لك كنا في شوارع عامة وشعبية جداً أنت تعلم كيف يكون فضول الناس وترصدها لكل ما يحدث !"
كور راشد يده رافعها نحو فمه حاشراً إصبعه بين أسنانه يعض عليه من شدة الغضب والغيظ

" ماذا يقصد بأحشاء لقد أخبرتني أنها لحوم مصنوعة بطريقة شعبية !" كان صوتها يصدح أخيراً كاسراً حدة الموقف !"
مما جعل شرراً أكبر يتطاير داخل راشد الذي فتح الباب يدفعها داخل السيارة ...
" ليلة سوداء عليك يا خالد !! "
التف هو الآخر نحو مقعد السيارة وجلس خلف المقود يتنفس بعنف " أنت غاضب ؟!" قالت سَبنتي بعبوس
قال راشد بنفاذ صبر " اصمتي تماماً حتى نصل للمنزل !"
اغرورقت عينيها بالدموع سريعاً جداً وهي تقول بنزق " هذا غير عادل ، أنت تضيع بهجة يومي بغضبك ... أنا لم أرتكب خطأ ... إنه خالد ما الجديد في صحبتي إياه ؟!"
نظر إليها من تحت جفونه بتأمل للحظة قبل أن يخرج من سياراته بعنف وهو يقول من بين أسنانه " أنتِ محقة ، إنه خالد !"
خطا راشد للداخل دون أن يميز عهده منذ أعوام بعدم دخوله هذا المنزل ... كما توقع وجد السيدة منى توجه إليه نوبة تقريع غاضبة بينما عمه كان فقط يكتفي بالنظر لابنه بغموض !!
" خالد " نطق اسمه بنبرة مكتومة ... وقبل أن يجيبه
كانت يد راشد تستقر في منتصف وجهه مباشرة مفاجأة إياه مما أفقده اتزانه ليقع على الأرض مال راشد نحوه متنفساً بنوع من الارتياح أخيراً ثم قال " أنا ممتن جداً لمنحها شعور فرحة تستحقه ، وسأقتلك إن فعلت هذا من وراء ظهري مرة أخرى يا أحمق !"
ثم انصرف دون أن يُلقي بالاً بنظرات ثلاثتهم المذهولة !"
بينما تمتم خالد بنوع من البلاهة " بغض النظر عن جنونكم ، لماذا أصبح يصر على مناداتها ابنتي ؟!"
.................................................. ..........
كان يسمع كلماته الغاضبة ولومه بصمت ... متحاملاً على نفسه بقوة ألا يمنحه رداً لاذعاً " هل أصبح كل الخطأ الآن عليه وخالد ، وتلك المراهقة الحمقاء التي تلاعبت به أصبحت مجرد ضحية لإهماله وتضليل خالد !!!
أغلق الهاتف أخيراً على توعد من راشد بحديث شديد اللهجة غداً بل وطلبه أن يكون ملاصق لها أكثر ...
حسناً يا راشد لنرى كيف ستنتهي تلك اللعبة التي طالت !
فور أن فتح الباب يتنهد بتعب وجد جسدها يندفع إليه تتعلق في ملابسه وهي تسأل بهلع " أخبرني أنك وجدتها ... هل هي بخير لم يمسسها أذى ... لماذا هربت منك ، ما الذي فعلوه بها لدفعها لهذا ... تكلم نضال أخبرني أكاد أجن !"
تباً سب بعنف إذ نسى كليا وسط سخط الموقف أن يعيد الاتصال بها مخبرها بالمستجدات ...
" أهدئي جوان ، هي بخير كانت مع ابن عمها !"
لم تهدأ علي الفور ولكنها كانت أكثر تركيزاً وهي تتمتم مضطربة مرتجفة " ليس لديها أبناء عمومة !"
دفعها نضال للداخل وهو يغلق الباب ورائه ثم قال بجفاء " عذراً ، التنقل بين الأنساب معكِ ومعهم يربكني ، قصدت خالد الراوي ، أي عمها !"
كان وجهها شاحباً شفتيها ترتجفان ببرودة الخوف لذا لم تهتم بسخريته المبطنة عندما قالت " ذلك الشاب الذي كنت المحه يرافقها دائماً قبل عودة راشد هنا ؟!"
تحرك نضال يخلع سترته ويضعها راميها على أقرب مقعد وهو يقول " هو بذاته !"
همست " هي بخير ؟!"

قال بتهكم " كما لم أرها منذ شهور طويلة ... ابنتك تتعلق بالشاب !"
اصفر لونها ودمها هرب كله منها مرةً واحدة " رباه ... عزام آخر يحوم حول ابنتي لينهي حياتها ، يضيع مستقبلها !"

قال نضال بفظاظة " سَبنتي ليست أنتِ رغم أنها تثير حنقي ، ولكنها من القوة أن تدير حول إصبعها عشرة رجال دون أن تسمح لأحدهم أن يمس طرف ثوبها !"
كانت تشعر بكل جسدها يرتجف حتى أصبحت قدميها لا تحملها وكلماته القاتلة كانت موجهة إليها كالرصاص الذي يشل حواسها تراجعت ويديها تتخبط تبحث عن شيءٍ تستند عليه وهي تقول بضعف " توقف عن إيذائي ، هذا لن يمنحك الذي تحتاجه مني يا نضال !"
اندفع نحوها يمسك بدنها المنهار وتلقائياً كان يسندها على جسده لتوازن نفسها واجدة فيه الحماية التي تنشد ... عندما تمسكت في صدره بكلا كفيها وأجهشت في البكاء كان يشعر أن كل دمعة منها نار تصهره لائماً نفسه على سلاطة لسانه " لم أقصد ... أنا أعتذر منكِ يا جوان ، ما عنيته أن سَبنتي أكثر أماناً مع خالد منا جميعاً !"
رفعت إليه عينين غارقتين في الدموع بضعف جرحه للأعماق معذبة إياه وهي تهمس " ذلك الحقير أوهمني بهذا أيضاً كان يظهر للجميع شهامة نحوي , أخوة وصداقة حاميني به حتى منحته والدتي ووالدته الأمان ... ليستطيع أخيراً أن يضرب بخسته وو ...!"
صمتت غير قادرة على قولها ... على تكرارها على أذنيه إذ كانت اعترفت له بها قبل أن تربط مصيرها بمصيره !!

كان يسيطر على خفقان قلبه بين أضلعه يتعامل معها بصبر ... عندما تحرك بها نحو الأريكة اجلسها هناك وجلس بجانبها يلتقط كفيها الباردتين يفركهما بحنان محاولاً أن يمنحها من دفئه مرة أخرى ... ثم قال أخيراً بحزم " خالد صديق مقرب لي ، عرفته مراهق ملتزم ، وشب أمام عيني كما كبرت ابنتكِ ، وإن كنت أشعر أية خطورة منه نحوها صدقيني ما سمحت لها أبداً أن تعود لهذا المنزل أو أن يقترب منها !"
قالت بصوتٍ مبحوح " حدثني عنها مرة أخرى ... سيرتها تريحني قليلاً حتى موعد اللقاء !"
ابتسم بحنان وهو يزيح خصلة من شعرها وراء أذنها ثم قال بهدوء " ماذا تريدين أن تعرفي أكثر ... اممم هل أخبرتكِ أنها مجنونة قليلاً ، مؤذية التصرفات لي ولراشد ، لديها طريقة حديث طفولية تجيد استخدامها في التلوي حتى تخضع اعتى الرجال تحت إمرتها ... ماذا أيضاً أه نعم لديها عينين برئتين دائماً تذكرني بكِ فيهما "
حاولت أن ترسم ابتسامة من أي نوعٍ على وجهها ففشلت تماماً وهي تسأله بنبرة الألم " هل ترى أية براءة فيّ بعد كل ما عرفته ؟!"

رأت عيناه تلينان بالمزيد من المشاعر وهو يقول بهدوء " جوان التي عرفتها منذ عام ونصف وأخبرتني بثقة طفولية بكل ما عانته بل وما تسعى للوصول إليه ؟! نعم أراها مجرد طفلة تتخبط ، مراهقة أخطأت وعوقبت حابسين إياها في تلك اللحظات من حياتها ... أنتِ بريئة جداً يا جوان ، وضعيفة بطريقة تثير الغضب وغريزة الحماية !"
لمح في عينيها شيء ينكسر وكأن كلماته أعادتها مباشرة لماضيها المؤلم ... قهره ذلك الإذلال الذي رُسم على ملامحها وهي تقول " وقتها أنا لم أعرف معنى ذلك الشرف ... لقد بدا شيئاً خيالياً يتحدثون عنه ... كل عاداتهم التي يخبروني عنها بكلمات سريعة مقتضبة قبل أن ينشغل أبي في أعماله وأمي في حياتها الاجتماعية الصاخبة ... كانت في عقلي أمراً مضحكاً ، لا حديث عن عقيدة ، لا صحبة مع أحدهم ليستمع لي ويفهمني ، لا عودة لهنا علي التقط هذا الشرف الذي يخبروني أن أحافظ عليه !"
نار اتقدت داخل قلبه من مجرد ذكرها للأمر ... ولكنها كانت بحاجة للحديث لإخراج كل ما يؤلمها فتركها ببساطة تحكي ما لديها " بيت بلال الراوي وزوجته كان ملاذاً جيداً لي وقتها ... راشد كان يكبرني بأعوام والعائلتين كانتا تتمازحان بزواجي منه ... ولكن لا أنا ولا هو ربطنا أي نوع من المشاعر ... وقتها أنا كنت طفولية أكثر من اللازم ، وهو كما ترى كان يعتد بنفسه ويثق في رجولته ويحترمها لينظر لمجرد مراهقة !"
سأل بصبر يُحسد عليه " إذاً لم تربطكما علاقة حقيقة كما لوحتِ سابقاً ؟!"
هزت رأسها نفياً وهي تقول " أنا لم أخبرك بهذا ... إذ أنه لم يحدث قط ، هو كان يحب مشاكستي ليس إلا ، وأنا كنت استمتع بالحديث معه ... ولكن كلانا كان أكثر وعياً ليحدد أنه أبداً لن يميل للآخر !!"
أغلقت عينيها لتسيل دموع ساخنة شعر بها تحرق أنامله وهو يمسحها بعيداً دون جدوى تُذكر ... ثم قالت ببهوت " وقتها كنت انجذب للأخ الأصغر الذي كان أكثر انطلاقاً معي يبدي كل اهتمامه بي كأنثى صغيرة ، يغازلني كما كنت أعتقد أني أستحق ... وكما كنت أرى الفتيات في سني وأصغر مني هناك ... حتى كانت الليلة السوداء التي وقعت فيها في بئرٍ مظلم ملئ بالثعابين التي تنهشني دون قدرة لي على الخروج منه !"
سكاكين غير محتملة كانت تمزق فيه دون رحمة غيرة وحقداً ... لقد تمنى يا الله كما كان يتمنى أن يضع يده علي فمها كاتماً أنفاسها بما تقول ... ولكن متى كانت النفس الفضولية المهووسة بمعرفة كل شيءٍ عنها تسمح له بتلك الأماني ؟! سمعها تقول بنبرة أكثر إذلالاً أكثر وقوعاً في الحضيض " الأمر بدأ أولاً بأنه يُحبني ويريد حديث خاص معي ، تسللت لغرفته متوترة مضطربة سامعة نصيحة صديقاتي في مدرستي أن موعدي الأول يستحق أية مغامرة ... ولكنه لم يكن قُبلة كما قالوا لي ... بل بدأ الأمر بشيءٍ أشبه بالإجبار ... كان هو أكثر قوة وتوحش من أن أصده !"
قال من بين أنفاسه العنيفة " أجبركِ ؟!"
سخرت بألم " في البداية فقط وبعدها اقتنعت أن هذا تعبير عن الغرام ، يفعله الكثيرين كما أخبرتك ، أنا لست الفتاة الأولى ... لذا سلمته دون مقاومة !"
ابتعد عنها يجلس على الأرضية منحنى الكتفين متألم بشكل رهيب " كفى يا جوان ... بحق الله لا تنطقي بشيءٍ آخر !"

" أخبرتك أني أستحق كل ما نلته وأناله من استحقار وعذاب !"
قال بنبرة قاتمة غاضبة " إن كان رباكِ ، أو نشأتي هنا لكنت أول المشجعين لدفنكِ حية كما فعل ... ولكن أن ينشئكِ علي أخلاقهم ويأتي ليحاسبكِ بأخلاقنا نحن ، هذا ظلم بين إذ أنه هو وأمكِ من استحقا الدفن !"
وكما انهار جسده كان يشب واقفاً يمسك ذقنها بين كفيه بنوع من العنف وهو يقول من بين أسنانه " لا تتوقفي أخبريني كم مرة فعلتيها !"
تصلبت ملامحها وعينيها تبرقان بعنفٍ مفاجئ وهي تقول بتحدي " يجلدك الأمر أليس كذلك ... هل تريد التأكد من كم مرة لُوث إنائك ؟!"
" لا تثيري جنوني ، كم مرة أجبركِ النذل ؟!"

قالت بتصلب " أخبرتك لم أقاومه حتى ، أنا كنت سهلة كما وقف أمامي وأخبرني ، كنت منحلة فعلتها مع العديد ، بل إنه أقسم مقنعاً لي أني لم أكن عذراء حتى !"
"جوان !!" صرخ فيها بعنف ... رافعاً يده لأعلى وكأنه على استعداد لأذيتها بدنياً !!
انكمشت حول نفسها ونوبة من الهلع تجتاح كل إنش منها ثم تمتمت " مرتين ... وتوقف ساباً إياي بجنون وهوس عندما كان يسألني عن حب راشد لي بانتشاء وشماتة لم أفهمها وقتها ... لم أدرك أني كنت مجرد انتقام أعتقده القذر وتبددت خطاه تلك في الهواء مع إجابتي بأنه لا يوجد أي نوع من المشاعر يربطني بأخيه ... لقد جن جنونه وقتها حتى أنه قام بضربي !"
هبطت يده مدوية بجانبها مما جعلها تقفز خوفاً محاولة أن تفلت منه تبتعد عن محيطه " لماذا لم تخبري أحداً كنت تستطيعين سجنه إرساله لحبل الإعدام ؟!"
" خفت ... خفتتتتتتت ! هل تفهم تلك الكلمة ؟!"
" أنا أدركت متأخراً جداً ، حجم الكارثة التي وقعت فيها !" قالت بندم بضعف و باختناق !"
" كان يجب أن يُرجم ، أن يعاقب مثلكِ ... كيف استطاعوا أن يحموه على حسابكِ ؟!"
" أبي خاف من الفضيحة ، وأبوه خاف عليه من السجن !"
أطرق برأسه يهزها بتوالي وهو يتمتم بما عرفه منها بالسابق " وكان حلكِ الوحيد الاستنجاد براشد ... هو من رتب أخذها وحمايتها مع والدته وعمه ؟!!"
قالت بجمود " لقد حاول أن يجعله يعترف بخطئه يجبره لإصلاحه ، ولكن أبي من رفض كيف سيواجه الناس بابنة ابنته التي لم تكمل الستة عشر عاماً ؟! وأبوه وقف متفرجاً متهرباً من أي حل حتى لا يقضي على حياة ابنه !"
رفع رأسه اخيراً ينظر إليها بقهر رجولته وهو يتمتم بصوت أجش " ما الذي ورطني معكِ يا جوان ... لماذا ظهرتِ في طريقي ؟!"
يديها الاثنتان كانتا تحيطان فمها وهي تردد باختناق " أنا آسفة ... والله أنا آسفة لم أقصد اذيتك أبداً ... أن تنجذب لي وتتألم بسببي لقد حذرتك بأني لعنة !"
نظر إلى عينيها طويلاً طويلاً جداً بألم قبل أن يسمح لنفسه بأن يمسك بها من الوراء ثم يدفن رأسها في عنقه وذراعه تلتف حول خصرها معانقها بقوة ... لفت جوان ذراعيها حول خصره بقوة ... لتتحول بعدها شهقاتها الجارحة لمجرد نهنهة ضعيفة ، شاعرة بالأمان معه كما كانت تنشد ... بينما هو أيا ما كان يحس به أبعد عن الأمان إذ أن كل ما تتركه جوان في قلبه هو الوجع الصافي بقسوة لا تُحتمل !
.................................................. ...


" أنا ليس لديّ أدنى شك واحد أننا سنحصل عليها ... لا تنسى أني كسبت بالفعل جانب معظم رؤساء الشركات الأخرى !"
نظر ياسر حوله بتقييم للوجوه الشرسة التي لن تتوانى في استخدام أية ثغرة حتى وإن كانت شخصية لإيقاعهم ! ثم همس بخفوت من وراء كفه حتى لا يلاحظ أحد همسهما الجانبي "
" سيحاولون استفزازك الضغط عليك بشتى الطرق حتى إن استخدموا ورقة الشائعات التي أُطلِقت على مطلقتك !"
فتح راشد بعض الملفات أمامه برتابة قبل أن يقول بهدوء شديد جداً " أنت لم تسلم الأمر لمجرد شاب طائش لم يخض هذه الأمور عشرات المرات من قبل ! أنا أعلم جيداً كيف هي هذه الغابة الخاصة بنا ... وكيف كل ضباعها دائماً متأهبين للفتك بسباعها "
صمت ولم يكمل كلماته ذات المغزى السهل وصوله إذ أكد ياسر مبتسماً " وأنت وحشٌ فتاك لن تسمح بجرحك حتى ، دون قتال تظفر به بالنهاية ؟!"
نظر لعمه لدقائق قبل أن يقول بتهكم " ليس كل المعارك عماه ... هناك على غفلة من النفس يأتيك الكسر من أخر شخص يمكن توقعه !!"
" لقد توقفت عن السؤال عنها !" قال ياسر بخبث !
راقب راشد كيفية وشوك اكتمال القاعة الضخمة برجال الأعمال الذين أتوا خصيصاً للنفاق فيما بينهم وتنسيق بعض الصفقات حتى لا يتعدى أحدهم على الآخر من " الظاهر " ولكن الباطن المخيف الذي يدركه جيداً هو أن كل واحد منهم ينوى الفتك بمنافسيه جميعاً دون شفقة !"
رد أخيراً في صقيع وهو يضع ساقاً فوق أخرى ويستريح في مقعده الفخم " لم أكن أسألك من الأساس بل أوقع بك ... ولا حاجة لي بالسؤال عن أمرٍ عيني لا تغادر محاصرته !"
" أرى أن غرورك زاد عن حده ونسيت أنك في حضرت أسد الراوي بذاته يا راشد !"
نظر إليه من طرف عينه قبل أن يقول بهدوء " أنا أعرف قدر نفسي جيداً وما أنا قادر على فعله من عدمه ، وما أريده دائماً يجب أن يبقى تحت سيطرتي !"
قال ياسر بتهكم " إذاً سيطر على الفضيحة التي حدثت ، وتشويه صورتها ومحاولة تحطيمها !"
قال بتجهم " هذه ليست أول مرة تُطلق إشاعة كتلك وإن اختلفت الحكايا كل مرة ... وأنا كنت في طريقي لأجد لها نهاية دون سؤالك !"
هز ياسر رأسه دون أن يجيب وارتخى هو الآخر في كرسيه مشعلاً سيجاره الضخم ... مستعداً لبدأ ذلك المؤتمر الهام بعد أن اكتمل تقريباً كل المدعين له !!

الأمر لم يكن سهلاً مطلقاً كما توقع رغم دعم أكثر من خمسين بالمائة لهم وعلى رأسهم شركات زيدان بكل أفرعها ! ولكن كما توقع الحيتان اللذين يحاولون الاستيلاء على موقعهم وسلطتهم منذ زمن استغلوا كل كبيرة وصغيرة حتى لم يتردد أحدهم في التلميح أن مساعدة رئيس مجلس الإدارة مجرد مدمنة سافرت لإحدى المصحات للعلاج بعد أن طُلقت !!
وأيا ما كان راشد على وشك فعله والفتك به كما جهز مسبقاً طار في الهواء عندما فُتح باب القاعة الضخم ، والذي يصعب الولوج منه بعد غلقة إلا بأمرٍ مباشر من قائد هذا المؤتمر ! ولكنه ببساطة حدث !! وأخر ما كان يتوقعه أن يجد أنثى الطاووس خاصته تخطو بهوادة وتمهل بأناقتها الشديدة المعهودة ... انخلع قلب راشد من مكمنه حتى أجبر نفسه أن يتمسك في ساعدي مقعده بتشدد حتى لا يهرع إليها بينما انفاسه تضيق وتضيق وكل وتر في جسده المشدود يتألم في هفو إليها يأخذ شهيقاً طويلاً صعب وقاسي فينتقض كل عرق في نحره بشكلِ صعب ألا يلاحظ بينما عيناه تتفحصها بتمهل خطر ، إذ أنه كان صعب جداً ألا يفعلها أحد ... دخولها بهذا الشكل كان مدروس بعناية ... بينما اختيارها لمظهرها الشخصي كان ضربة موجعة لقلبه وصفعة قاسية على وجه كل من تجرأ وفكر بأنه قادر على النيل منها ! الأعين كانت ما بين مستعجب ، مستنكر ، حاقد وغير مصدق ، بجانب أعين حاسدة منبهرة ... طاووسه الجميلة جداً حجر الصوان الذهبي وقاتلته لا محالة ...
كانت تلف جسدها الفارع في فستان حريري من اللون الأزرق المتداخل مع الذهبي ، يصل حتى تحت ركبتيها بقليل ، بأكمام طويلة تغطي ذراعيها كاملة ويهبط عند الصدر بفتحه واسعة مدروسة بعناية ، إذ أنها خدعة قديمة ومكشوفة تجعل عقل أعتى الرجال يشتعل بالسؤال ماذا تُخفي تحتها ؟! تتبعت عيناه لأسفل قليلاً محدقاً في ذلك الضيق المقصود الذي كشف بكل حرية فأصبح جلي لأي عين معرفة أمر طفله الذي يسكن أحشائها ... تلاشى كل شيء فجأة من حوله ... لم يبالي حتى بوقوفه البطيء حتى أنتصب تماماً في مواجهتها إذ أنه لا يعنيه حتى وإن بأن فيه لمحة ضعف هو معترف بها نحوها ... بصعوبة كان ينزع عينيه عن ذلك التكور ليوجهها نحوها ... كما توقع زينة هادئة بسيطة وضِعت بعناية وتناسق أيضاً ليظهر لون بشرتها الحقيقي وجمالها الصافي الذي تثق فيه ... شعرها العسلي كان مرفوع فوق رأسها بتسريحة بسيطة وإنما عملية وأنيقة ، حذاء بكعبٍ عالي كان يُصدر ضجيجاً بنغمٍ حلوٍ على أرضية القاعة ... وابتسامة صافية آثره تشق شفتيها المطليتين بلون وردى ملون شفاها ...
" عذراً لتأخري ، من الواضح أنها أصبحت عادة سيئة منذ حملي !"
قالت أخيراً بهدوء ونبرة واثقة دون أن يتخللها اهتزاز واحد أو حتى خجل .. يديها التي التفت على تكورها بينما كتفيها يهتزان في علامة مؤكدة مع ملامحها الثابتة جداً والسعيدة كانت تخبر بكل وضوح أن من أمامهم امرأة فخورة جداً بما تحمله !
همهمات اُصدرت معترضة وأخرى مستهجنة ، وبعضهم اكتفى بابتسامة مهنئة ...
خطت هي بثقة أكبر متوجهة نحوهم ... وتلك الضحكة الصامتة المستفزة لم تمحو من على جانب فمها ... أما ملامحها المغلقة لم تعبر عن شيءٍ إطلاقاً إلا بما قصدت هي إيصاله !"
يدين امتدا ليأخذا بيدها مرحبين استدار راشد يرى ذاك الغبي الذي تجرأ ... وقبل أن يتفوه بشيء كانت امرأته الشرسة تقبل بيد عزام الممتدة والذي رفع وجهه ينظر إليه في شماتة ... لم تنظر إليه مرة أخرى عندما سمحت لأخيه أن يصحبها نحو مقعد مجاور له ولأبيها !
بعد وقت كان ذهنه المشتت يحاول أن يركز فيما هم هنا من أجله والأمر لم يكن سهلاً تماماً مع وجود طيفها حوله ... والذي أخرس كل من حاول الفتك به وكأن على رؤوسهم الطير ... وسرعان ما كان الخبر الجديد يتفشى بأن خبر الطلاق ما هو إلا خدعة حيكت ليحمي نمر الراوي ولي عهده المنتظر ... وبأنها كانت في مصحة ربما ولكن شيء أشبه بمنتجع لصحة الجنين " ماذا يعتقد هؤلاء الناس ، ألا يستطيع أحد أن يفكر ببساطة في الأمور كما يحدث لأي أحد من البسطاء لماذا دائماً يجب أن يكون ورائهم هم أسرار قذرة ؟!"

" لماذا عدتِ ؟ لم نتفق على هذا !"
كانت تقلب في إحدى الملفات بين يديها بينما أذنيها تسمع بإصغاء شديد لما يدور وهي ترد على والدها بهدوء " نحن لم نتفق على شيء من الأساس سيد ياسر ... أما عن عودتي كان يجب أن أفعل طالما منصبي لم يشغله غيري ، واختفائي المستمر كان سوف يضر بنا !"
لانت ملامح ياسر المشدودة وهو يقول بحنان متجنب محاولة صدها إياه " كل ما يجري هنا لم يعد ذو أهمية ، أمام سلامكِ أنتِ !"
ابتسمت بتحفظ وهى تقول " أنا بخير حال ، لا تشغل بالك !"
نبرته كانت ترتعش وصوته كان مبحوحاً نظرات الشوق من عينيه كانت تفضحه وكأن ما عاد شيئاً يحكمه أو يمنعه أن يعبر لها عنه " افتقدتكِ ، أعني الجميع هنا يفتقدكِ ... خيراً فعلتِ ، كنت أراهن أنكِ أقوى من أن تسمحي لهؤلاء أن ينالوا منكِ !"
" لولا دعمك في ذلك الوقت ما كنت فعلت " قالت بنبرة ممتنة علم زيفها و خداعها !
وهو سيكون أحمق إن صدقها ... وأيضاً غبي إن لم يلعب بها إذ أنه حتى وإن لم يصب عياره الهدف يكفي أن يزعجه !"
سمح ليده أن تخط كفها يربت عليها بحرارة مبالغة بينما كل إنشٍ من جسده تضرم فيه النيران ... ينتفض بمعاناة متسائلاً إن سمحت له يوماً بالمزيد ، متعجلاً روحه متى يستطيع أن يأخذ ثأره وينتقم لوتين قلبه الغارق والعاشق المتوجع في حبها عبر الموت في كل قطعة منها غراماً ...
" أنا هنا ... دائماً كنت وسأكون من أجلكِ !" قال بعد برهة هامساً
ادعت امتنان أكبر وهي تسحب يديها من تحت كفه بلطف ثم تزيحه كتفه بعيداً عن مقعدها وهي تقول " بالطبع وأعتمد عليك في إخباري بكل ما فاتني ... أعتقد أننا سنحتاج لأسابيع !"

" مع مدعية ذكاء مثلكِ ربما أشهراً ، إذ أن خداع أنفسنا والغرور الغير محتمل يكلفنا ضعف المدة الطبيعية حتى لإنسان غبي ولكن الفارق أن هذا معترف بقدراته العقلية على عكس بعض البشر !"
قال راشد أخيراً وهو يعتدل من مكانه في استعداد للمغادرة بعد أن ظفر بما كان يسعى إليه بكل يسر ، والآن أصبح اسمه وحده المسؤول عن أية صفقه تجري ، دون أن يقدر أحد على اعتراض طريقه ...
ادعت الصدمة وهى تنظر إليه بعينين ذاهلتين ثم قالت " غريبة إقرارك بأمرٍ كهذا ... ولكنك انجزت عده أمور بالفعل دون تنازل عن غرورك !"

صمتت لبرهة وجانب فمها يعود يتقوس بابتسامتها الشرسة قاصدة بينما يديها الاثنتان تمررا ببطء شديد على جنينها جاعلة صدره يهبط ويصعد محتجزاً أنفاسه داخل صدره بشكل ملحوظ ثم قالت بلهجة لاذعة " هذا لو استبعدنا بالطبع محاولاتك الفاشلة لكسبي واستغراقك خمس سنوات كاملة حتى تفهم أني لا أطييييييقك وأريد الطلاق !"
شحوب طفيف اعترى ملامحه وهو يفتح يديه مدعي التعجب ثم قال " تتحدثين وكأنكِ ترين نوبات من الانهيار هنا ... لا تنفس الخلاص يوم أزحت حمل رابطكِ من على كتفي ؟!"
" توقفا !" قال ياسر بتعب !
قالت بدور باقتضاب " أريد منصبي وصلاحياتي !"
سحب راشد حاسبوه وهاتفه ثم شرع في المغادرة كما فعل غيره وهى يقول بهدوء وعملية " كم تكرمتِ وقلت لوالدكِ منصبكِ لم أعين أحداً فيه وهو ينتظركِ ... ولكن المتوقع من مساعدتي أن تكون على قدر المسؤولية لن أسمح لكِ مطلقاً بالتهاون منذ اليوم ، حتى حملكِ لن يشفع لكِ عندي يكفي الشهور الماضية !"
..........................
لم تكلف نفسها الذهاب لمنزلها حتى مع إلحاح امها المستمر في وجوب عودتها الآن ورؤيتها ... ولكنها كانت أكثر عناداً من أن تفعل ...
دخولها للشركة بعد كل هذه الغيبة وببطن ضخمة نسبياً كان صدمة مدوية ... الجميع دون استثناء كان يحدق فيها ... حسناً هي لم تهتم مطلقاً حتى أنها لم ترحم أحد المهندسين الذي حدق فيها أمام المصعد عندما سخرت " لا تقل أنك لم ترى امرأة حامل من قبل؟! "
وعندما رد مرتبكاً متوتراً " كيف؟!" لم تُذهل للحقيقة وأجابته ناصحة إياه قبل أن تغلق أبواب المصعد في وجهه الشاحب المذهول " شاهد قناة ناشونال جرافيك ... لديهم طريقة رائعة وتفصيلية في شرح كيفية حدوث الأمر!"
وصلت أخيراً للدور الخاص بهم وخطت بين المكاتب المتراصة للموظفين بهدوء وأناقة ... اعتراف آخر لن تنكره علم الجميع أخيراً بصغيرها الحبيب القادم للعالم يشعرها بكثير من السعادة ، بالزهو والفخر ، وهذا تحديداً أمر يدعو للضحك الساخر إذ أنها لم تقم بمعجزة ما أو شيء يصعب حدوثه ... ولكن ربما المحبة الجمة التي تكبر في قلبها يوماً وراء يوم لجنينها هي ما تجعلها تشعر بهذا وأكثر !"
" سيدة بدور " وقفت مساعدة والدها من مكتبها تهرول تقريباً خارج غرفتها وهى تنظر إليها بعدم تصديق ، أو استيعاب للأمر كما يبدو !"
قالت بدور مرحبة بتلك " اشتقت لك سيدة رباب ... أمم يبدو أنكِ اقتنعت أخيراً بأني لست آنسة !"
ارتبكت رباب قبل أن تهرس في شعرها بنوع من الحرج وهي تهمس بمداعبة " أنتِ علي ما يبدو قررتِ أن تنهي هذا الأمر بشكلٍ قاطع وحازم !"
ضحكت بقوة مزلزلة قلب يتربص بها يجن ليلمس يديها ويخترق عالمها ، وينفذ لحصونها التي ارختها أخيراً ، سامحة له بالدخول إليها ... راقبها كيف أشارت نحو حملها مرة أخرى وهى تخبر رباب شيئاً ما ... جاعلة فؤاده يحترق ويحترق ، مرمي في نار سقر من الغيرة العمياء التي يشعر بها ورغم جنون الغضب الذي يكاد يجعله يتوجه لذلك الحقير الذي نالها زارعاً نطفته في أحشائها ليجهز عليه ممحيه من على وجه الدنيا ...
يجد نفسه الآن في حضرتها يتنازل عن كل جنونه يهذب كل غيرته يحاول أن يتناسى أمام سعاداتها التي تبديها أي شيء ويبدأ في حب ذلك الصغير الذي سيعمل جيداً لدفعها للسماح له بتربيته سوياً ووقتها فقط سيكون انتقامه المدوي من النمر ... يوقعه بلا قومه !
راقبها وهي تنهي الحوار مع رباب متحفزاً لوصولها ... حتى يجري حديث لن ينتهي معها ولن يكون الأخير !"
" أراكِ لاحقاً في مكتبي ... أريد كل صفقة أُجريت وكل قرار حتى لو كان صغير فاتني !"
" ألن يرهقكِ هذا ؟ " سألت رباب باهتمام
هذه المرة منحتها ابتسامة دافئة حقيقة وهي تقول " لا تخافي أنا بخير ... وأكثر حرصاً مما تعتقد أمي على الصغير !"
ارتبكت رباب وهي تقول " السيدة منى لم تتحدث معي ولم تخبرني أن أتجنب أوامركِ و !"
قالت ضاحكة " أنتِ اعترفتِ للتو !
لوحت مرة أخرى وهي تنصرف متوجهة لغرفتها ، مخرجة نفس طويل كانت تكتمه علي صدرها تاركة لملامحها المتنازعة حرية التنفيس ...
يديها كانت تدير مقبض الباب ...
انتفضت بقوة وضجة خافتة تصدر من باب مجاور يفترض أنه للطوارئ ويد عنيفة تسحبها للداخل
قبل أن تُطلق صرخة ذعر كانت تشعر بجسدها يُزاح ملتصقاً بالحائط بقوة ، أنما برفق إذ أن ذراع المعتدي كانت حائلاً بينها وبين ذلك الاصطدام ... أخذ دقيقة كاملة يتأمل هيأتها في الفستان الأزرق بخيوط ذهبية ، رائعة ساحرة وهي تتقصد إبراز استدارة حملها الواضحة بلصق الفستان علي تلك المنطقة هناك .. تأوه قبل أن يزمجر بعنف وأصابعه الغاشمة كانت تلتف علي خصرها ... صدره العريض يلتصق بصدرها دون حاجز ، وشفتيه تهبط دون أن يمنحها فرصة تُكبل صرخة اعتراض وطلب النجدة !
قاومت ومانعت بكل شراسة حملتها يوماً ، يديها كانت تضربه ساقيها يرتفعان في محاولة مستميتة لصده لأذيته وإبعاده ... فمها الذي تاه في قبلته النهمة المشتاقة كان يسبه بعنف يهمهم متوعداً بالويل والعقاب الشديد... وأيضاً لم يتركها ولم يحررها ... يده حررت ظهرها ليلوي ذراعها خلفها مكبلها بحزم بينما يده الأخرى كانت تعيث وتعبث على تكور بطنها متحسساً إياه بتمهل وهوادة الهوينا الهوينا ... مصاحبة لآهات حارقة مؤلمة تخرج من شفتيه داخل حلقها مباشرة صاهره إياها معه ... لاهثة بعنف ، غير مفسرة سبب تراخي دفاعاتها مرة واحدة ، جسدها كله أصبح يرتعد وكأن يديه التي تتواصل مع جنينها كانت لها أثر مدمر عليها ...
غازلاً داخلها مشاعر عدة متضاربة ... اعتراض ، نفور ؟! وو بهجة وسعادة ، وثمالة جعلتها ترفع يديها لدقيقة واحدة لحظة واحدة تضم رأسه من الوراء غارسة أناملها في شعره الكثيف مبادلة إياه قبلته بشوق ، بجنون ، وسكر ... ثم سرعان ما كانت تدرك فداحه ضعف نفسها و عينيها تتوسع بذهول وهي تبعد كفيها لتهبط علي صدره بعنف محاولة التحرر ...
جسده الضخم كان يرتجف عندما سمح لها أخيراً بأن تنزع شفتيها من بين شفتيه خالعة مضخته الضخمة معها ... ثم همس بصوتٍ أجش " حبك كالكفر ، وأنا لا أريد أبداً التوبة !"
عينيها التي اشتعلت بغضب جعلته يعود يضع يده علي فمها سريعاً وهو يردد بنفسٍ صعب " فأنا مفتونٌ من رأسي حتى قدميّ "
حاجبها المستفز ارتفع فجأة ... ثم أزاحت يده بهدوء شديد من على فمها وهي تقول " أعجبك مظهري ، زلزلتك تلك النطفة التي نفخت أحشائي أليس كذلك ؟!"
عاد ليتفحصها بعيني نمر يستعد لانقضاض عليها مرة أخرى عينيه الداكنتين تعود لتثبت على فمها ... بينما يده تستند على أعلى جنينها " طاووسي الذكي ... دائماً أنتِ أحلى النساء وإن كان ابني زادكِ فتنة !"
ابتسامتها الشرسة أمالت جانب فمها في إعادة لشحذ أسنانها ،
انتفض راشد برهبة عندما أمسكت بكفه تمررها لأسفل بهدوء شديد بينما عينيها القويتين لم تفارق عينيه بتحدي
" هو أبنك بالفعل يا نمري ، صبي تحرك باكراً جداً داخل أحشائي مذكري بك عند كل ضربة ضعيفة لجدار رحمي !"
أصابعه كانت تلتف حول جانب بطنها بقسوة ، أنفاسه العنيفة تلمس جانب وجنتها ... محفزاً فيها هرمون وحشي راغب بقوة في الاستمتاع بعذابه ...
" لقد حرصت ألا أخبر هذا لأحد قبلك !"
صمتت قبل أن تقول بوقاحة متعمدة
" راحتك تُسكر يا راشد ، كما ملمسك ، ابنك يشتهيها دافعني للتفكير بمعنى أن أكون بين ذراعيك وأتشرب عاطفتك يا نمري !"

" هذا عذاب ...عذاب صرف ! ابتلع ريقه مدركاً ما تلوح به فاهماً ما تحاول دفعه إليه ، فقط لترفضه منتقمة منه بإذلاله !"
ادعت الذهول والتعجب وهي تقول
" هل أنت مفتون ... غير مسيطر على نفسك بعد العرض المذهل في غرفة الاجتماعات هناك متهمي بالضعف والغباء ؟!"
استطاع أن يقول أخيراً بصوتٍ أجش " لن أجادلكِ أو أرد عليكِ بما قد يغضبكِ ، كل ما أردته هو لمس صغيري عبركِ !"
قالت باستفزاز " أووه حقاً ... إذاً أفعلها أنا أسمح لك ... بالنهاية من حقك تلامس أخير أستحقه أنا وهو قبل أن ... !"
صمتت مطرقعة بأصبعيها في الهواء في إشارة ذات مغزى وهى تكمل بنبرة قوية علم خداعها وحقيقتها المقهورة " ابقى في فتنتك كما تهوى ... لأنك في أحلامك فقط سوف تلامس ذلك القلب الذي هشمته واذللته عند زواجك منه وطلاقك إياه !"
إزاحته بكلا كفيه من صدره دون أن تصدر منه أية علامة مقاومه تُذكر خرجت خابطه الباب ورائها بعنف ... تاركة إياه يستند مكان ما كان يحتجزها بكلا كفيه متلمس دفئها الذي بهت وعطرها الحارق الذي تركه بلوعة الاشتياق ، والندم !"
.........................................

وقفت لورين أمام المرآة تهندم زيها الطبي باللون الأزرق ،
" انصحكِ بارتداء سترة بأكمام طويلة ... هناك علامات لن تحبي أن يشير إليها أحد !"
عبست وهي تنظر إليه بطرف عينيها ثم قالت بمشاكسة خبيثة " إن سألوا سأخبرهم أن لديّ زوج عربي عنيف ... صدقني الأمر أكثر متعة وأنا أجد نظرات الحسد في عيونهم !"
" حسد يصيبني بأكثر مما أنا فيه ... هذا تفاخر وشهادة منكِ لا أريدها !!"
عادت إليه وهي تضع قُبلة على وجنته ثم قالت " الإفطار جاهز ، اليوم لن أتأخر حتى نذهب سوياً للمركز العلاجي !"
لم يبدو عليه أي تطرف وهو يومئ بموافقة صامتة ... خرجت من الغرفة على الفور وهو يسمعها تنهي شيء ما كعاداتها ...
تحرك بمقعده نحو الخارج ماراً بذلك الكمود ليلفت نظره
تلك الحبوب الموضوعة بجانب حقيبتها التقطها ممدوح ممراً عينيه على اسمها ليعرف ببساطة سبب استخدامها ...
قبضة غاشمة أمسكت في قلبه خالعة إياه من داخل صدره ...
" ممدوح لا تترك ماكينة القهوة ...!"
قطعت جملتها وهى تقترب منه ببطء امتقع وجهها وهي تدرك ما يحدق فيه " ممدوح أنا ؟!"
بإرادة من حديد تمكن من حجب مشاعره وهو يقول بهدوء " أخيراً قرار حكيم متعقل منكِ ... هذا شيء اسعدني يا لورين !"
أخفقت ...أخفقت مرة أخرى بغباء ، علمت هذا من ذلك القهر والضعف الذي احتل عينيه الخضراوين " كنت سأخبرك ، ولكن أمور عدة شغلت رأسي وأنا خمنت أنه أمرٌ لن ترغبه قريباً !"
" أصبتِ ، أنا لا أريد أطفالاً ، لا الآن ولا في أي وقت لاحق !" قال بهدوء ألا أن الغضب المكبوت الذي يخط ملامحه قال شيئاً آخر !"
أخذ نفساً طويلاً قبل أن يقول بجمود " إذ أني أعلم أني وأنتِ أخر من يصلح لإنجاب صغير !"
قالت بتوتر " ولكنك غاضب أنا أعرفك جيداً !"
قال بهدوء " نعم ... أنا كذلك ، رغم اختلاف أسبابي ، لماذا الكذب يا لورين ، لما التلوي وسلبي حقي في قول لا ... لقد حسبتكِ أكثر شفافية وصدق ؟!"
تلفتت حولها بعجز دون أن تجد في قاموسها إجابة مرضية قد تطبب نفسه ! " الأمر أني ! همست بتخبط ثم صمتت مرة أخرى !"
أزاحها بعيداً عن مرماه برفق ثم قال " لا تهتمي للتفسير ... حدث وانتهينا ، ولكن حقي الأخير إخباركِ أن تراجعي طبيبة متخصصة حتى تنهي هذا الأمر بشكلِ أكثر فاعلية ... وإن أردتِ أنا لن ألمسكِ مرة أخرى هذا يبدو مزيداً من الأمان لكلينا !"
اقتربت منه توقفه عن التقدم وهي تضع يديها على كتفيه ثم قالت بتخبط " ولكن أنا ... أنا أريدك أن تستمر في حبي !"
لم يرد شعرت فقط بتصلب جسده تحت كفها شاعرة بالندم عاجزة عن إيجاد أية طريقة تكفر بها ترضيه حتى لا تتركه ساعات لغضبه وتفكيره السلبي ... كانت تجد نفسها تلتف حول مقعده ثم تميل نحوه محاولة هي البدء في تقبليه ...
صدها مانعها من التقدم وهو يقول بصلف " الجنس لا يحل الأمور يا طبيبة !"
قالت من بين أسنانها " لم أقصد هذا ... أنا فقط أحاول الاعتذار ،، أنت زوجي !"
قال في برود " كان الأولى بكِ أن تخبري نفسكِ بهذا ، ذلك الجانب لا يشغلني معكِ ، لا يمثل لي أي نوعِ من الأهمية ... إلا عاطفة أحاول بثكِ إياها ربما تقتنعي بأني أحبكِ ... بأني اخترتكِ حياة كاملة !"
" أنت لن تصفى لي ؟!"
اسبل اهدابه وهو يزفر نفساً حارقاً ثم قال " فقط اذهبي لعملكِ ... عند عودتكِ سأكون نسيت الأمر برمته !"
أومأت بموافقة وكأنها وجدت المنفذ المناسب للهرب حتى تستطيع إطلاق جل سخطها على غبائها !
تركته في منتصف الردهة وهي تسحب جاكت طويل كما اقترح سابقاً ... ثم فتحت باب المنزل وهي تلقي نظرة أخيرة عليه ... وبدلاً أن تجد تلك النظرة الغاضبة في عينه وجدت حاجبيه يرتفعان بغرابة واستهجان نحو الباب المفتوح ...
" لورين أيوب الخليل " أنتِ بالذات لن يمكنكِ نكراني !"
التفتت ببطء شديد نحو الصوت الملهوف ... تنظر لوجه ظهر من بين حداد عينيها ... نهتت لورين بعنف دون أن تجد لها قدرة حتى علي غلق الباب في وجه ذلك الجاني !!
تراجعت بقوة ... تراجعت بذعر وكل شيء يسقط من يديها بتتابع ، حقيبتها ، مفاتيحها حاسبوها ثم هاتفها ...
هاتفة " لا ؟!" غير مفهوم مقصدها
.................................................. ...

كانت تنال تقريع منفر من ذلك السليط ... لوم لم يوجهه لها حتى راشد وهي تجلس في المقعد الخلفي للسيارة تضم يديها في حجرها وفمها يتكور بغضب ...
" لا تزويغ آخر ولا ذهاب لبيت عمكِ حتى وإن أذن أخيكِ ، مراهقة متهورة ومؤذية !"
قالت أخيراً باعتراض " هل تظن نفسك أبي ، قُد وأنت صامت الأمر لا يخصك ... ثم أن هذه غلطتك أنت من اهملت في عملك !"
حدق فيها بذهول ... الآن خداعه بتخطيط مسبق أصبح غلطته ؟!
قال من بين أسنانه " هل تعلمين أرغب بالفعل في أخذ دور والدكِ ... لأحبسكِ في شقتي بين أربعة جدران ، فارضاً عليكِ أحكام عرفية ... ماحياً كل هذا الدلال الذي لا تستحقينه !"
مطت شفتيها وهي تقول في برود " قل أكثر يا نضال ... وزد رصيدك السيء إذ أني أسجل لك ذلك التهديد الآن " لوحت بهاتفها في علامة تأكيد !
أوقف نضال سياراته على جانب الطريق وهو يقول باستهجان " من أي خلطة عفاريت خُلقت أنتِ ؟!"
رفعت كتفيها مع فتح ذراعيها في علامة حيرة وهي تقول " إن وجدت الإجابة أخبرني ... إذ أنه أصبح مطلب جماهيري للكثيرين يريدون معرفته !"
نظر إليها بيأس ... ثم قال " حسناً سأتوقف الآن إن قدمتِ لي خدمة سرية !"
تظاهرت بالجزع والصدمة وهي تقول " لا لا ... أرجوك يا نضال لا تقل أنك واقع في غرامي وتحاول أن تغرر بي ؟!"
كور قبضته بعنف مانعاً نفسه من الاجهاز عليها ... تشابه اخر بينها وبين أمها " الاثنتان ترفعان لديه الرغبة الشديدة في القتل بمعدل غير مسبوق !"
قال بسخط " وما الذى قولته تحديداً وأوحى لك بهذا بقة هانم ؟!
قالت بلا مبالة " لا يجب ان تنطق بها القلوب مرسال بعضها ..ثم انى لا أقاوم ، اعترافك بهذا سيسهل عليك الامر !"
" أصمتي !" فقط حباً بالله أغلقي هذا الشيء الذي يسمى فمكِ !"
مطت شفتيها مرة أخرى وهي تخرج من حقيبتها شطيرة بدأت في قضمها بنهم " حسناً أنت من طلبت وضيعت العرض علي نفسك !"
قضمت قطعة أخرى قبل أن تسال بفضول " لماذا نحن متوقفان سأتأخر على موعدي وراشد بك ينوي أن يحدث المديرة بنفسها ليتأكد من موعد وصولي !"
فرك رأسه بحيرة ... أية محاولة لأخبارها بالمرور على صديقة الآن قد باءت بالفشل ... سَبنتي أخر شخص على وجه الكرة الأرضية قد يحافظ على سر .. لقد رأى وجه خالد صباحاً ... وقد أخبره ضاحكاً دون قصد بأنه أراد سراً يشاركه معها فقامت بفضحه من اللحظة الأولى !"
لم يستغرق في تفكيره إذ وجد بابها ينفتح وجوان تدخل لتجلس بجانبها دون دعوة أو تمهيد ..." تباً !"

تراجعت سَبنتي نحو الباب الآخر تنقل نظراتها بينهما بخوف حقيقي تلبس الفتاة ... وأياً ما كان يتوقعه لم يكن أبداً أن تفتح الباب وتنوى إلقاء نفسها على الطريق الذي لم يخلو من السيارات المندفعة !!"
..........

انتهى قراءة سعيدة





Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.