آخر 10 مشاركات
رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية بحر من دموع *مكتملة* (الكاتـب : روز علي - )           »          وشمتِ اسمكِ بين أنفاسي (1) سلسلة قلوب موشومة (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          239 - عندما يقفل الحب بابه - كاثرين روس (الكاتـب : عنووود - )           »          226 - حزن في الذاكرة - كيت والكر ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          عانق اشواك ازهاري (2)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة بيت الحكايا (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          شركة رش مبيدات داخل وخارج الرياض (الكاتـب : الرفاعي فرحات - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          معزوفة الحب (1) * مكتملة * .. سلسلة سمفونية العشق (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-10-19, 08:36 PM   #71

samar mohammd
 
الصورة الرمزية samar mohammd

? العضوٌ??? » 396381
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » samar mohammd is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
انتظرتك بـ أمل في قلبـ♥ ـي .. ان تقتحم تلك السدود لتترأس أنت فوقها،، وتقل ها انا.. انتصرت وفزت بــقلبــ♥ــك وحطمت احجاره،، لكنها فقط #أحلام
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


مبروك يا نوري نورتي المنتدي 😍😍😍
وموفقة يا حبي يارب 🌹


samar mohammd غير متواجد حالياً  
التوقيع
عرافة.. تراك في الفنجان
سينابون2
بين عينيك ذنبي وتوبتي
شظايا القلوب
رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 08:45 PM   #72

امال ابراهيم ابوخليل
 
الصورة الرمزية امال ابراهيم ابوخليل

? العضوٌ??? » 383503
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 328
?  نُقآطِيْ » امال ابراهيم ابوخليل is on a distinguished road
افتراضي

مليار مبروك مبروك💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃 الروايه علي المنتدى وبالتوفيق يارب 😘😘😘😘😘 احلي نور دى وال ايه💕💕💕💕💕💕💕💕متابعه هنا وعلي جروب خربشه وشظايا حبيبتي 😘😘😘😘

امال ابراهيم ابوخليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 08:47 PM   #73

نيفين الحلو

? العضوٌ??? » 413140
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 197
?  نُقآطِيْ » نيفين الحلو is on a distinguished road
افتراضي

الف الف مبروك يا نور منتدى محترم كسب كاتبة محترمة وكتاباتها هادفة

نيفين الحلو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 08:48 PM   #74

Meret3

? العضوٌ??? » 397559
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 320
?  نُقآطِيْ » Meret3 is on a distinguished road
افتراضي

رغم لنى قرأتها من قبل الا انى مبسوطه جدا بقراءتها للمره العاشره وبمنتهى الاستمتاع .. موفقه دائما ياحبيبتى

Meret3 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 08:59 PM   #75

حب عمريي

? العضوٌ??? » 422315
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 196
?  نُقآطِيْ » حب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond reputeحب عمريي has a reputation beyond repute
افتراضي

وانا بقرء التواقيع تاني ليها وقع مختلف عالنفس .. تقريبا بعد انكشف جزء من الغموض .. موفقة حبي دائما.

حب عمريي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 08:59 PM   #76

فاطمةمنشاوي

? العضوٌ??? » 440959
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 27
?  نُقآطِيْ » فاطمةمنشاوي is on a distinguished road
افتراضي

المنتدى نور برواياتك نور دمتى مبدعه ومتالقه اينما انت من اجمل ما قرأت كتاباتك غاليتى

فاطمةمنشاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 09:03 PM   #77

Heba Atef

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Heba Atef

? العضوٌ??? » 360933
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 937
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Heba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond repute
?? ??? ~
سلامٌ عَليكـ افتقدتُك جِداً وَعَلىّ السَّلاَم فيما أفتقدَأحبكـ أبـي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 109 ( الأعضاء 33 والزوار 76)
‏Heba Atef, ‏aber alhya, ‏sara_soso702, ‏Katyy, ‏فاطمةمنشاوي, ‏fatima mimen, ‏حب عمريي, ‏شام كريم, ‏Noor Alshams, ‏doaakhatap, ‏نيفين الحلو, ‏Meret3, ‏شيماء 1990+, ‏ونلقي, ‏Dalia Huzaien, ‏samar mohammd, ‏هانم محمد, ‏اجزخنجية, ‏Ollaa, ‏Nor BLack, ‏Hoda.alhamwe, ‏Fatema sharq, ‏Ayaomar, ‏مهمة صعبة, ‏لحن الاوركيدا, ‏imy88, ‏Omsama, ‏Souhila31, ‏Aysha mahmod, ‏إسراء عثمان, ‏وسام عبد السميع, ‏Nanty, ‏Om dorrah


Heba Atef غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 09:06 PM   #78

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
شظايا 5

تنويه أردت كتابته في البداية بأخر الفصل ولكن بعد تفكير فضلت أن يكون أول كلماتي قبل قراءة
الفصل الخامس :

• الرواية تحمل أفكاري الخاصة كشخصية إنسانية لها طريقة تفكير مستقلة،تجتهد وتعافر لتصل للحقائق المنطقية حتى في الأديان السماوية أنا لا أدعو لفكر معين ولا أدعي أني أحمل من العلم شيء إلا قليل ومازال أمامي فوق العمر عمراً...ولكن هناك ما يدعى عقل ! كثير من القصص الغرامية الخرافية قد تكون حقيقة بيننا ولكن في هذا العصر ومع كل هذه الحروب الفكرية قبل الحروب الاقتصادية و السياسية أنا لا أومن إلا بالمنحنى الفلسفي والمنطقي حتى في إتباع مذهب ودين معين...
الخلاصة لا تحكم على الكتاب من عنوانه كما يقولون بل استخدم عقلك ! بعض الحوارات والأفكار في الفصل استعنت بها من كتاب الدكتور مصطفي محمود"حوار مع صديقي الملحد"
......................................
لم يقذف بنا إلى الدنيا لنعاني بلا معين كما يقول سارتر...
إن كل ذرة في الكون تشير بإصبعها إلى رحمة الرحيم...حتى الألم لم يخلقه الله لنا عبثاً وإنما هو مؤشر وبوصلة تشير إلى مكان الداء وتلفت النظر إليه.
.................................................

وضع صديقه ساقاً فوق الأخري وأنامله تخبط برتابة على سطح مكتبه ينظر لوجهه المتعب بتأمل غريب قبل أن ينطق أخيراً بتأني:"مازلت تبحث عنهم ،ألم يحن الوقت للنسيان ومتابعة حياتك؟!"
وضع جوشوا سماعة الهاتف بهدوء تام يبتلع خيبته في صدره دون أن يفصح عنها لتجاور خيباته الأخرى في البحث عنهما منذ ما يقارب العشرين عاماً ! ثم قال بهدوء:"لن أكِل يوماً حتى يواريني التراب !"
قال صديقه:"هذا الجنون بعينه...إلى متى تنتظر لقد ذهب عمرك هباءاً وأنت محبوس مع طيف امرأة لم تستحق حتى أن تضحي باسمك وعائلتك للإرتباط بها إنها مجرد عربية..غ.."
انتفض جوش وهو يهدر بتشدد مقاطعا:"إياك حتى أن تنطق بكلمة قد تنهي صداقتي بك إلى الأبد،مازلت زوجتي وأم ابني!"
لم يبدو على صديقه أي ردة فعل بل البرود التام هو ما غطى ملامحه قبل أن يقول:"على حد معلوماتي هي لم تقبل من الأساس برباط زواجكم بل أنكرته تماماً...قبل أن توقعك في تلك اللعبة وتفر هاربة...ثم من أخبرك أن ذلك الوهم الذي يُدْعَى ابنك لم تتخلص منه بالأساس؟"
إسودت نظرة عينيه بينما ملامحه بهتت بطريقة مؤلمة وكأنه بُوغِتْ باقتراح فكر به على مدار أعوام كثيرة مؤلمة...رفع يده يفتح آزراراً من قميصه بينما أصابعه تمسد صدره وكأنه يستجدي بعض الهواء ثم قال بغصة مؤلمة:"لن تفعل...امرأتى تخاف الله ترهبه وترتعب من فكرة عصيان أوامره لذا لن تقتل روحاً بريئة حتى وإن حقدت على والده وإتهمته بالكفر والتضليل؟!"
قال"آشر"ساخراً:"هذا على أساس أنها لم تحاول إجهاضه في منزلك وأكثر من مرة؟ أنت من أخبرتني أتذكر؟!"
لم يبالي بنبرته فهومعتاد على هجوم صديقه ومحاولاته المستمرة لإنقاذه من تلك الهوة على حد قوله فتمتم:
"الأمر يختلف،هذا كان بسبب ما أوصلتها إليه من يأس لقد أرادت أن تتخلص من حياتها ككل"
صمت لبرهة مبتلعاً مرارته داخل حلقه قبل أن يردف بندم يعتصر قلبه:
"لقد كنت مجرد حيوان همجي معها،ما ارتكبته في حقها لا يُغتفر حتى عزوفي عن الحياة عشرين عاماً لا يكفي"
إضجع آشر على مقعده قبل أن يقول بنفس النبرة الساخرة:
"ما أراه أنها أحكمت اللعبة حولك...وليتها تلك اللعبة الأزلية لامرأة مغوية أوقعتك في براثن الهوى المتعارف عليها...بل قيدتك"بسفسطائيتها الفكرية وقوانينهم الوثنية المجردة من احترام الأفكار الوجودية التي كنت تؤمن بها ولامع في إتباع فكرها"
تبدد كل حزن جوشوا في لحظة واسترخت أعصابه المشدودة تماماً واثقاً من كل فكرة وعبرة كان يقول:
"أنت تعود لجدال في أمرٍ مفروغٍ منه"
قال آشر سريعاً بنبرة خبيثة ملتوية:"وأنت لِما تخشى النقاش للمرة المليون إن كنت واثقاً فيما أصبحت تؤمن به؟"
قال جوش بهدوء:"لا أبداً سأخبرها لك مراراً أنا لم أؤمن يوماً بالفكر الوجودي ولا بجعل الإنسان إله لنفسه يتحرر من العبادات والأديان،رامياً بكل الأعراف متحرراً من كل القوانين ليعيث في الدنيا فساداً"
قال آشر سريعاً:"هل تسمي حرية العقل المطلق فساداً ؟!"
أخذ جوش نفساً قبل أن يقول:"بالطبع عندما نضرب بكل القوانين عرض الحائط ونستخدم تعبير الحرية المطلق بشكل خاطئ"
صمت ثم أكمل بهدوء:"دعنا نتفق أن مصطلح الحرية في حد ذاته أكبر كذبة في الحياة"
تخلى آشر بسهولة عن سخريته وكأن المنطق عاد بقوة يتناحر داخل عقله بين فكي الرحى:
"كيف"والله في معتقدك الحالي"هذا ما أقصده تحديداً وينافس وجهة نظر منطقية فربك في معتقدك أخبركم أن الإنسان مخير في رسم منحنى حياته في وضع يده واختياراته...وبنفس الوقت رسم و أنزل إليكم قوانين وقيود لا تستطيعون الحياد عنها...والسؤال الطبيعي إذاً"إذا كان الله هو من صنع أقداري دون حول لي ولا قوة كيف يحاسبني على أخر هو من أجبرني على فعله بالأساس؟أرجوك لا تقل لي لانك مخير لأننا هنا نسفنا ذلك الاختيار!"
أشار جوش بإصبعه علامة على التوصل لنقطة منطقية من كلامه هو ثم صحح في هدوء:"أولاً دعنا نتفق أنا لم أكن يوماً أؤمن بالفكر الوجودي الذي يدفع معتنقيه للإحساس بالألم والضيق،والقلق الدائم المصاحب لليأس لأن الوجودية التي تعتنقها أنت تعلم يقيناً أنها لا تقوم على شيءٍ ثابت يساعد على التماسك والإيمان بمنحنى الحياة كلها !"
سخر آشر مقاطعاً بانتصار:"أعلم أنك رباني! ولكن هل هذا استسلام منك أخيراً وعجز عن منحي رداً لأن كلامي صائباً؟"
لم تتغير ملامح جوش الهادئة بل رد بيقين:
"مطلقاً ولكن لأصحح نقطة لديك فإقراري بأني"ربانياً"هذا دليل قوي أني منذ البداية أؤمن وأصدق بأن الله الواحد الأحد موجود!وهنا أستدل بالعلم المطلق لا شيء توارثته ولا مجرد تظاهر اعتنقته من أجل امرأة أحببتها"
قال آشر بنبرة ملتوية:
"أسمعك وما هذا الدليل الساحق الذي توصلت إليه دكتور جوشوا وجعلك تتبع الربانية"
أخذ جوش نفساً طويلاً قبل أن يقول بثقة هادئة رزينة:
"سأخبرك بدلالة من الإسلام لا غيره وبما أننا مولعين بدراسة الفيزياء وعلم الطبيعية ويقتلنا الشغف في دراسة الكون والكواكب سأخبرك باستخدام قوانين المادة فهي تنص أن الأصغر يطوف حول الأكبر،والإلكترون في الذرة يدور حول النواة والقمر حول الأرض والأرض حول الشمس والشمس حول"مجرة درب التبانة والمجرة حول ما يُدعى سديم مجرتنا هذه...والسديم بدوره يدور حول مجرة أكبر وسديم أكبر وأكبر...وهكذا يا صديقي كل يوم وآخر يكتشف العلم بالأدلة المادية ويثبت تلك النظرية والتي بالمناسبة هناك آيات قرآنية نزلت منذ قرون على"محمد"تدعم ما نكتشفه الأن"
بهتت ملامح آشر قليلاً قبل أن يقول ببرود:"وكيف يثبت هذا أي شيء؟!"
هنا هز جوش رأسه بتفهم قبل أن يقول:
"سوف أستخدم جملة أحد المفكرين الذين ينتمون للإسلام وأخبرك أننا جميعا نطوف رغم أنوفنا ولا نملك غير هذا لا شيئ ثابت الا الله الواحد الأحد الفرد الصمد.. الاول والآخر والكل ياتي ويذهب...سبحانه لا يجوز جعل الله في نظرية تخضع للقوانين البشرية فالله لا يجده زمان أو مكان.. وكلنا ندور في فلكه...
الفكرة لا شيئ ثابت الا الله الواحد الأحد الفرد الصمد ونحن جميعاً من ندور في فلكه سبحانه خلق الكون ثم استوى على عرشه...وهذا هو القانون الأصغر والأكبر الذي تعلمناه ونتغنى بفهمه...إذاً بمنطقية كيف تجادل على وجود الخالق وتساويه بمجرد مخلوق ضعيف هو من أبدع في صنعه وصنع كل ما حوله بدقة كونية وميزان إلهي؟"

لاح التردد والتوتر على صديقه ووضح أنه يريد التهرب من النقاش ككل مرة ولكنه أصر على الجدال العلمي والمنطقي ثم قال:
"هذا لا يثبت بالضرورة وجود إله،فلو أخذنا نظرية داروين مثال الأن أستطيع أن أثبت لك بالبراهين على عدم وجوده،فإن قلنا لكل مسبب سبب وجود ؛ إذاً من خلق الله هذا الذي أبدع في صنع الكون كما تدعي؟"
رفع جوش يده وهو يقول بتشدد:"حشاه سبحانه من سؤالك الساخر،وهنا أيضاً استعين أيضاً برد"صديقي المفكر"وأخبرك أن سؤالك بحد ذاته فاسد"فكيف تسلم بأن الله خالق ثم تسأل من خلقه فتجعل منه خالق ومخلوق في هذه الجملة؟ هذا تناقض في حد ذاته وإن استخدمنا نفس منطق الطبيعة الفيزيائية...عند مزج عنصرين متناقضين غير منطقيين سنحقق كارثة كونية لا مفر منها أبداً...فكيف تصور خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته...فالسببية التي ذكرناها تقول أننا أبناء الزمان والمكان والله الذي خلق الزمان والمكان هو بالضرورة فوق كل هذا...فكيف يجوز أن نفكر أنه خاضع لقانون هو الذي وضعه وصنعه؟!"
قال آشر مدافعا:"كل ما تقوله ربما يقنع ولكن هذا يناقض النظرة الوجودية ويناقض العقل الخالص ويضرب تفكيرنا نحن البشر ويدخلنا في صراع الأديان الذي سبب كل هذه الكوارث الكونية"
قال جوشوا:"لو اعتمدنا على نقد العقل هنا سوف أستخدم دلالة صديقي أيضاً وأخبرك أن الفليسوف الألماني نقد العقل الخالص...ببساطة العقل لا يحيط بكنة الأشياء وأنه بطبيعته مهيأ لإدراك الجزئيات والظواهر في حين أنه يعجز عن إدراك الماهيات المجردة مثل الوجود الإلهي...وإنما كمن سبقونا عرفنا الله بالضمير وليس العقل...الشوق للعدل،الفهم أخيراً أن حريتك تلك مجرد أكذوبة...كان هو حاجة قاتلة للبحث عن العادل،عن الواحد الأحد الصامد الصمد السلام ليمنحنا الطمأنينة "
"الله هو الذي يبرهن على الوجود يا صديق ولا يصح أن نتخذ من الوجود برهاناً على الله"
سأل صديقه بنفس النبرة الساخرة متخللها بعض الاضطراب...اضطراب وكِبر يعرفه هو عن يقين عندما قال متهربا:"وأنت تريد أن تخبرني بأن كل ما تفوهت به الأن من"سفسطائية"أقنعتك به امرأة لذا أمنت بدينها ؟ألم تكن لعبة منك كما أخبرتني يومها للزواج منها؟"
رغم إهتزاز ملامحه والألم الجلي الذي مزقه داخلياً استطاع أن يقول دون إجفال:
"أنا لن أكون عنصرياً مثلك وأحترم مكانتنا العلمية كمفكرين وأخبرك أنك من تهرطق وتجادل في أدلة وبراهين منطقية تحترمها الخلايا العقلية! وبالعودة إلى زج زوجتي في الأمر...لا أبداً أنا لم أدخل دينها قط بسببها...إذ أن هذا الجنون الغير منطقي وما ينفيه العقل بدخول رجل بدين معين أو فكر ومذهب ودين هو مجرد قصص خيالية مضحكة تدعو للسخرية والتعجب في آنٍ واحد"
تمتم آشر:"إذاً أنت دخلت الإسلام عن اقتناع وليس من أجلها!!"
قال جوشوا بهدوء:
"دلالة الإسلام ورسالة"محمد"تستحق منا محاضرات وجدلات أخرى لن تنتهي...وإجابة على سؤالك أنا لم أقل أني دخلت الإسلام قط....من أجل امرأة"
..........................................
سقطت شيماء على الأرض وزحفت للخلف باحثة عن أمان حائط تختفي فيه ربما تتلاشى فيه وتكف كل تلك الأصوات المرعبة عنها !! ضمت ركبتيها بكلا ذراعيها إلى صدرها ودفنت رأسها هناك بينما كلها يرتجف منحته صراخاً أخر أخذاً في الخفوت التدريجي حتى أصبح مجرد شهقات متقطعهة متوسله إياهم بالتوقف:
"كفى خالد أرجوك كفي لا أحب الضجيج لا أحب أصوات القتال تعرف...أنت تعرف كل شيء!! كفى...كفى"
توقفت أنفاس نزار تقريباً لوهلة وهو يلمح تكورها هذا برعب...بينما الأخير يمنحه قبضة يده في فكه تتبعها ركلة في معدته جعلته يتأوه بألم ثم يعود ليمنحه هو الأخر ركلة مرتدة...كان صراعهما أشبه بأسدين يتناحران على عرين كلاهما...لا يبغيان إلا فتك أحدهم بالآخر
"أنت غبي،لم أنتهك حرمة أحد بل أحفظ الحدود بيني وبينها ولا أحتاج لأحمق ليعلمني الحفاظ على الفتاة التي أحب"
جن جنون خالد من التصريح الوقح مما أضرم نيران الغيرة الحارقة على عرضه ومن ذا الذي يلومه مما جعل الإدرينالين يتدفق داخل عروقه كالنار متغلباً على غريمه طارحه أرضاً وفاتكاً به دون رحمة أو هوادة...
أصوات قتالهما كانت عالية صارخة لشابين فتيين كل منهما يري الحق معه مما جلب أنظار وأسماع ساكني المنزل في لحظات قليلة كانت الحراسة التي يعينها والده خارج المنزل تنتشر داخل الحديقة الخلفية والكل شاهراً سلاحه...تدخل كبيرهم ويدعى نضال صارخاً في رجاله:
"الكل يضع سلاحه جانباً هذا الفتى أعرفه...إنه صديق لعائلتهم"
قال أحدهم:"السيد خالد سوف يتسبب بمصيبة"
قاطعه نضال:"لن نتدخل حتى نؤمر دعهما ينهون صراعهما بأنفسهما"
اقترب نضال سريعاً يحاول أن يلمس شيماء وفي نيته عزلها عن ما يدور...توقف متوسع العينين لوهلة عندما صرخ فيه الشابين المتناحرين في نفسٍ واحد:"لا تلمسها!"
وضع يده بجانبه كاتماً غيظه بينما أتت النجدة أخيراً متمثلة في السيدة منى القاضي وهي تقول بصرامة:"ابتعدا عن بعضكما حالاً..."
أمسك خالد نزار من تلابيب قميصه الذي تمزق قائلاً بغضب:
"ليس قبل أن أقتله!"
فأمرته مرددة:"ابتعد عنه نحن لسنا في الغابة هنا !"
منحه قبضة أخرى على فكه:"لا"
سرعان ما رد إليه نزار فيض كرمه بقبضة زينت عينه:
"لقد قالت ابتعد يا وحش الغابة!"
منحت منى نضال إيماءة برأسها مما جعله يقترب هو واثنان من رجاله واستطاعوا بصعوبة فصل الشابين عن بعضهما...وقف الشابان أخيراً يلهثان بعنف في مواجهة بعضهما ومازال التأهب هو ما يتلاعب بعقلهما للعودة للاشتباك مرة أخرى...
دقائق مرت والكل ثابت في مكانه إلى أن تكلمت منى أخيراً:
"نزار أخُرج من هنا...ولا تعد أبداً!"
شحب وجهه وهو يقول بأنفاسه المنفعلة:"ليس قبل أن أوضح موقفي!"
قالت بهدوء تحسد عليه:"لا تحتاج لتوضيح أنا منحتك الثقة وأنت خنتها باستغلال وضع طفلتي وانتهاك حرمة منزلي!"
قال بقهر:"أنا لم أنتهك شيئاً لقد كان...كان!"
صمت والكلمات تتوقف فوق شفتيه يبحث عن مبرر يقنعهم فلم يجد بنظرة خاطفة نحو المشهد كله وحساب سريع داخل عقله فعَلِمَ من تِلقاء نفسه خِسة ما كان يحدث...إنه حقاً قد أعماه اندفاعه وفورة شبابه وكان ينتهك حرمة البيوت فدخلها من أبوابها الخلفية ولكنه ببساطة يحبها بالفعل ! قرأت منى بسهولة ما يدور في عيني الفتى،فالصراع جليّ على صفحة وجهه ثم قالت بهدوء غريب:
"ما فعلته لن يمر بالساهل معي على الأقل،ولكني الآن لديّ ما أهتم به...فعلتك لن تغتفر !"
تدخل خالد متقدماً خطوة نحوه ناوياً الهجوم فقَيده نضال سريعاً من كتفيه بينما خالد يصرخ:
"لن يخرج من هنا على قدميه عن أي غفران تتحدثين؟!"
لم ترد منى على الفور بل نظرت لابنتها التي كانت بالفعل تدفن رأسها منذ وقت في صدر سَبنتي المرتجفة مثلها والأخرى تمتمت لها باعتذار لم تتبين فحواه ثم ما لبثت أن قالت مخاطبة ابنها:
"كلاهما أخطأ...كلاهما خان ثقتي...وما تفعله أنت لا يحل الموقف فاستمع لما أقوله وأعدك أن الأمر لن ينتهي هنا"
"لن يحدث"صاح خالد...
"من أجل أختك وسمعتنا أنت ستستمع لي...أنا أعرف تماماً ما أفعله يا خالد!"
بان عدم الاقتناع جلياً على وجه ابنها فهزت منى رأسها بيأس ثم قالت بسيطرة:
"نضال اصطحب نزار لباب المنزل لا الأسوار التي تقافز من فوقها"
عينيه اهتزت بألم يعكس النار المتأججة داخل صدره بينما ينظر لشيماء وإحساس بالوجع بالقلق و بالخسارة يجتاحه فقال بتوسل مقهور:"أريد على الأقل أن أعرف ما يجري معها"
استطاع خالد أن يتحرر أخيراً واقترب من"عدوه الآثم"يزيحه بعنف بكلا كفيه على صدره
"أخرج من هنا وإستغل فرصتك التي منحتها لك"
لم يقاومه نزار برد عدوانه بل هاله ذلك التمسك العجيب ذلك الانتحار الغريب وهو يتوسله:
"دعني أعرف ما بها على الأقل وافعل بي ما شئت"
تجمدت يديه لوهلة خاطفة للحظة واحدة متفحصاً لهذا الشاب واندفاعه الغير محمود بتعجب خالقاً شعور مضطرب تجاهه...قبل أن يعود مرة أخرى ويسحب جسده المستسلم ملقيه خارج الأبواب الضخمة لتغلق أمامه إلى الأبد قصته الغرامية وأمله الذي ظن أنه واجب الحدوث...شاعراً أنه منذ اللحظه ستفتح أمامه أبواب من جحيم رب العباد وحده من يعرف مدااااهاااا.
..............
بعد وقت قصير،كانت كالعصفور الصغير مكسور الأجنحة تنتفض بقوة بين ذراعي أمها التي مدت يدها بملامح مغلقة تتناول إبرة مهدئة من خالد ثم أزاحتها بهدوء نحو الوسادة والألم يعتصرها عصراً بينما تزيح ملابسها قليلاً وتحقنها بالمهدئ،انتفضت مرة أخري بعنف...
"لقد أخطأتِ لم أصدق سَبنتي أنكِ أنتِ تفعلين هذا يا شيماء"قال خالد بجمود...
فرفعت وجهها الشاحب تبحث عن مصدر صوته بتوهان غير قادرة على تحديده...متعبة مما حولها وقد أصبح عدم التركيز هو ما يحكمها...رفعت كفيها المرتعشتين تشير بأصابعها الصغيرة في ألم يخالطه نبرة هذيان:"لقد كنت تدعسه بقدميك...وتصرخان صراخاً كثيراً من حولي دون نجدة تذكر...ووو أقدامه كانت تدعس جسدي أنا يا خالد تهرس رأسي مفجرة الدماء من حولي ثم كل شيء انطفأ"
"رباااااه"
صرخ بقهر عندما صعقته بربط الأمر بذكري قديمة
"توقفي عن ربط الأمور ببعضها للتهرب من فعلتكِ أنتِ خنتِ ثقتنا!!"
أخفضت يديها تتشبث في ملابسها ناحية القلب بعنف بينما تنفض رأسها تخبره بهذيان:
"لا تصرخ...لا تصرخ توقف...إن الأشباح تعود لتسكن رأسي"
التقطت منى جسدها بين ذراعيها تضمها بقوة وعطف نحوها وقد بات كل ما يحكمها في تلك اللحظة هي عاطفتها الأمومية فقط...ثم قالت أخيراً ناهرة ولدها:
"يكفي يا خالد تعرف أنها لا تتظاهر وتعلم يقيناً أننا نتحاشى تعريضها لمواقف عنيفة أو أصوات عالية"
غيرته الرجولية هي ما كانت تتحكم فيه رغم قلبه الذي ضعف بشدة نحوها ولكنه أصر على موقفه:
"يجب أن تحاسب ما حدث ليس سهلا والنذل الأخر لن أتركه"
زاد بكاء شيماء بلوعة...فضمتها منى أكثر متمنية أن يعمل المهدئ سريعاً لتبعدها عن الجو المشحون ثم قالت من بين أسنانها:
"بلى ستترك الأمر كله لي هذا خطأي وحدي...وأنا قادرة على محاسبة الاثنان"
قال معارضاً:"ولكن الفتى"
قالت سريعاً بحسم:
"ستتركه أيضاً لي...أنت قمت بدورك ودافعت عن أختك وانتهى الأمر...ابتعد عن نزار يا خالد الفتى مازل صغيراً جداً ليتحمل غضب أبيك أو أولاد عمك إن علموا بما فعل"
سخر خالد بغضب:
"وأنا ماذا في رأيك ألا أحمل تلك الحمائية لأدمره إنتقاماً لما فعل"
حدقت به منى للحظات طويلة بنظرة كانت قادرة على أكثر من احتوائه ومهادنته عندما وصله فحواها بكل معانيها:
"أنت فارسي بني...لقد ربيتك على ألا تظلم وأن تعرف الله،وألا تتجبر على أحد...العقاب على قدر الجرم يا خالد ونزار رغم كل ما فعله لم يرتكب ما يستحق لنرميه في جحيم آلـ الراوي"
أشارت منى بإصبعها نحو خالد وهي تقول بصوت أجش:
"اذهب وابحث عن الأخري مؤكد أنها مرتعبة مما حدث وتشعر بالذنب لأنها من تسببت في تلك الفوضى"
"سأكسر أضلعها بالأساس لأنها صمتت"
"ترفق بها إنها مجرد طفلة أخرى"
إهتزت عضلة بجانب فكه قبل أن يتمتم بريق جاف:
"لم تعد أمي...لم تعد"
كانت شيماء قد بدأت تذهب في الغيبوبة التي أرادتها منى ببطء...ولكنها استطاعت أن تهمس بتحشرج:
"كان رفيق لا أكثر أشعرني بأني كاملة...بأني أستطيع أن أكون فتاة طبيعية...أرجوكِ لا تجعليه يؤذيه لن أسامح نفسي أبداً"
بإرادة من حديد تمكنت منى من كبح مشاعر أمومتها وعطفها وحنانها وبمعجزة أخرى كانت تقول بجمود:
"هل تعلمين ما خسرتيه اليوم ؟!"
تشبث أناملها الواهنهة في صدر أمها:"نعم !"
قالت منى بملامة:"هل استحق فقدان ثقتي فيكِ وخيانتكِ لي ولأبيكِ؟"
تمتمت باختناق باهت"هناك شيء يدفعني لم أستطع التحكم فيه...كنت...كنت أحتاج أن أسمع صوته...وهو لم يترك لي اختيار بمطاردتي"
قالت منى:
"وهل هذا الفخ الذي حذرتك منه ملايين المرات،وكلام الشباب المعسول الذي أعدته على عقلكِ أنتِ والحمقاء سَبنتي اختلف عند نزار أو تلك الأمثلة؟!"
دافعت باستماتة واهنة:"هو يختلف !"
ردت منى بصوت أجش:"من يخونكِ في نفسكِ صغيرتي،من يتلاعب بقلبكِ الصغير باسم الهوى ويعلمكِ أول طريق الإلتواء،وأول درجة من الكذب والرياء...من يزين لكِ خيانة أهلكِ ونفسكِ باسم الحب بأنه حلاً جميلاً ومشاعر سامية...لا يستحقكِ ولن يكن يوماً محل ثقة حتى وإن كان يحب بصدق كما يدعي نزار!"
لم ترد واكتفت بشهقات متقطعة ناعمة أخذت في الهدوء التدريجي رويدا رويدا إلى أن اختفت تماماً...وحل مكانها أنفاس منتظمة وملامح بائسة...
*********
أمسك فكها بين إصبعيه فجأة مما جعلها تطلق صرخة ذعر وهي ترفع رأسها كالطلقة نحوه
"كنتِ تعلمين كل شيء وتغطين عليها..."
هزت رأسها بنفي بينما تشعر بالرعب يجتاح جسدها الصغير في حضرته كالمعتاد تمتمت أخيراً بتقطع :
"لا لم أغطي على شيء وهي...هي لم تقم بأمرٍ خاطئ كان مجرد حديث!"
اشتدت أنامله بقسوة غير مفهومة حتى لنفسه ثم سألها بنبرة صوت خطرة:
"وأنتِ هل تملكين من تفضي له بحديثٍ مماثل يشبههما؟"
لم تفهم فحوى سؤاله جيداً وهي تجيب بتلقائية:
"ربما أملك!"
أحس خالد بالدماء تنسحب من وجهه وقست يديه حول فكها أكثر حتى شعرت أنه سيحطمه وقال:
"ماذا تعنين؟أنا لا أترك لكِ المجال حتى للتنفس ؟!"
صمت لبرهة ثم استطرد بنوع من الهوس غير محمود العواقب "ولكن لما لا...وشيماء فعلتها تحت سقف منزلنا!"
أطلقت شهقة ألم ممتزجة ببكاء طفولي،كان في صالحها إذ أفاقه أخيراً من جنون غيرته الذكورية...ابتعد عنها وكأن حية قد لدغته فخبط يديه على رأسه بقسوة،وهو يزأرقائلا:
"رباااه ما الذي أصبحتِ تفعلينه بي؟ أنا ما عُدت أعرف نفسي !!"
لم تهرب من أمامه بل صرخت فيه بشجاعة وليدة:
"ليست الهمجية بغريبة عليك تجاهي،لماذا تعتقد أني أرهبك طوال عمري والجميع بات يعرف أنك بعبع "
اقترب خطوة منها فجعلها تلتصق بحائط السلم الزجاجي أكثر وأكثر متمنية التلاشي هناك طالبة الحماية بينما تسمع صوته يقول بنبرة خطرة:
"أنا لم أضربكِ قط ولم أعاملكِ بعنف أبداً فإياكِ وإدعاء ما لم أفعله!"
صرخت فيه رغم جبن نبرتها :
"ولكنك تفعل الأن لقد ألمتني ثم...ثم ما ذنبي أنا هل كنت تريد مني أن أشي بصديقتي لك يا أحمق؟ "
سيضربها...سيضربها لتكون سابقة من نوعها ويمنحها سبب قوي لما تدعيه من عنف نحوها...قال أخيراً من بين أسنانه ساخراً:
"ألم تفعلي...بلى يا بقة الغبية أنتِ بالفعل وشيتي بها وانتهى الأمر"
"لم أقصد...لم أقصد والله أنِي لم أقصد..."
وانخرطت في نشيج آخر وهي تغلق فمها بكلا كفيها وعينيها تتخطاه لتتعلق بالباب الذي ترقد خلفه صديقتها في نوبة انهيار تعرفها يقيناً!
كان وجهه جاداً والقلق ممزوجاً بألم... عادت عينيها بلونهما الغريب لتحدق به طالبة العطف والتفهم،ونظرة أخرى تدفع قلبه للخفقان بصخب يربكه!!
ضم أصابعه مقاوماً ألا يمدها نحو وجهها مميزاً مكان أصابعه الغاشمة التي تركت أثراً هناك على جلد بشرتها الحساس !! صوته هذه المرة خرج أجش مشحون:
"ماذا تعني" بربما لديكِ "هل تخوني ثقتنا بكِ أنتِ الأخرى؟!"
هزت رأسها لتتراقص تلك الغيمة الكستنائية المسماة شعرها حول ملامحها المنمنمة ثم قالت بتحشرج:
"لا...أنا كنت أعنيك أنت...أو هذا ما أتمناه!"
أغمض عينيه بقوة وكأنه يحجب عنها ما يدور بداخله من صراع في تلك اللحظة...ثم مد يده بثبات سامحاً لنفسه أن يتتبع آثار جريمته وغضبه في حقها...أنامله كما كانت معتدية أخذت دور المهدئة المرطبة، بوتيرة رقيقه كان يمسد مكان الألم عدة مرات لدقيقة أو اثنان أو لدهر مر عليه وثوان معدودة غرقت هي فيها و أشعرتها أنها بداخل حلمٍ وردي ناعم ،منح قلبها السكينة فهدأ بكائها،وفتحت عينيها تنظر إليه بإرتباك بينما الخجل أخذ يعصف بها عصفاً...نطق خالد أخيراً ببطء:
"لن أستطيع غفران ما حدث،ولم تعد لي أية سلطة لمنحكِ عقاباً من عدمه...ولكن إن كان يفرق معكِ من الأساس..أنا لن أحدثكِ أبداً بعد اليوم يا سَبنتى !"
صرخت وقد تبدد كل سلام حصلت عليه في أقل من لحظة بنفس نبرة نحيبها السابق...
"لا لا لا...هذا ظلم لم أفعل ما أستحق عليه جفاك!"
"أنا لا أعاقب لقد كبرتي جداً على هذا!"
اعترضت مرة أخرى بطفولية متألمة...ولكنه لم يبالي كثيراً عندما سحب أصابعه مرة واحدة ثم اندفع هابطاً الدرج ليغادر المنزل كله...
غافلاً تماماً عن المراقب للموقف من أوله بقلبٍ أثقل بالقلق وكتفين عُبئا بالهم...وعينان بهما نظرة قاتمة بينما شفتيه المتصلبة تهمس بمرارة وندم تأخر موعدهما جداً:
"ماذا فعلت بكِ؟!إلى أين سوف توصلكما قذارتي وإلى أي حد ستدفعان ثمن جرائمي؟!"
.....................
فتح الباب بتلهف لا تعكسه حركة جسده المتأنية برزانة وأغلقه خلفه قبل أن يتنحنح بخفوت وهو يتوجه ناحية المطبخ قاصداً أن يتأكد من خلوه من المربية والخادمة اللتان وظفهما رغم أنف مدللته التي كانت تتعنت مُصِرة على الرفض راغبة أن تهتم به وبأطفالهما بنفسها ولكنه ببساطة لن يستطع المغامرة بأن يُحَمِل ناعمته فوق طاقتها...
"لا أحد هنا الجميع غادر كما أمرت سيادتك منذ نصف ساعة! نطقتها بتمهل مائع مغوي بينما قدها المياس يتمايل بإغراء متجهة ناحيته...غرق إيهاب للحظات في لجة من المشاعر المجنونة وهو يتأملها متوسع العينين مخطوف الأنفاس...وقلبه يدوي بين أضلعه كالمدافع الرشاشة...بينما حدقتيه المدلهة في حب ناعمته كما فؤاده تتبع تنورتها الحمراء الواسعة الهابطة عن خصرها الضيق العاري يعلوه مرتفعات نافرة امتلأت بطريقة أكثر من صحيحة لتسرق لبه...تغطيها بقميص ضيق مفتوح على شكل سبعة ليظهر ما تحته بكرم أكثر من اللازم
"والصغيران ؟!"
وصلت إليه تطبع قبلة ناعمة على فكه ويديها الخبيثة تنغرس ببطء تحت قميصه لتمسد صدره العاري "نائمين كالملائكة "
غمزت بعينيها ويديها تتابع لأسفل عضلات بطنه المشدودة ثم قالت بلوم :"لا أحد صغيرك الليلة غيري"
"أمم...يبدو أنكِ اشتقتِ لي أكثر من اللازم ...جسدكِ المسكين يخبرني بصراحة أكثر منكِ!"
أطلقت توجع مغري بطيء عندما إلتف ساعديه سريعاً حول خصرها العاري ورفعها نحوه يدفن رأسه فيما بين كتفيها وهو يقول بصوته العميق:
"وأنتِ أصبحتِ وقحة أكثر من اللازم "
شفتيها الناعمتين المسكرتين كانت تُدفن في شريانه النابض خلف أذنه ثم همست بخبث :
"أنا بالفعل وقحة هل نسيت أنا من ألحيت بقلة أدب متعمدة لتلك العلاقة "
يديه تسللت لأسفل خصرها ملامساً منحنياتها وأنوثتها المهلكة قاصداً لدفعها لتطلق شهقة عنيفة متلبسها الخجل ثم قال :
"ربما هذا صحيح ولكني القائد والمعلم ويبدو أن تلميذتي النجيبة تريد أن تتفوق عليّ الأن "
تمالكت نفسها وهي تمد يدها تزيح سترته من على كتفيه ثم فكت
ربطة عنقه وألقتها بعيداً وهي تقول:
"كنت أريده لقاءاً هادئ مثير وبه الكثير من المانجو...ولكن يبدو أنك تريد رهاناً...وأنا أريد خوضه، لأثبت لك أني تفوقت على الأستاذ "
حرك كتفيه بالتتابع مع حركتها لتهبط سترته من خلفه...ثم توجه نحو أقرب أريكة ليمددها هناك بنوع من الحرص الذي جعل وجهها يتجهم بعبوس التقطه...اعتدل وأصابعه تحركت ليفك أزرار قميصه سريعاً بتتابع وهو يقول:
"لا تتحديني صغيرتي وتطلقي المارد بداخلي والذي أحبسه في قفص ومقيده بسلاسل من فولاذ حتى لا يتجرأ ويخدشكِ ،حتى وإن كان من أجل بعض المتعة لكلينا !"
قفزت من الأريكة سريعاً تخبره غاضبة:
"لست صغيرتك بل زوجتك...ورغم أني يعجبني كل ما تقوم به...لكن أريد لهذا الحرص أن يتبدد!"
اقترب متلقيها بين ذراعيه وأنفه تندس في نحرها وشفتيه تضحكان بخفوت ثم قال برقة أذابت عظامها :
"أخاف عليكِ صغيرتي الحمقاء...رغم كل تلهفي لإطلاق جنوني معكِ والغرق بكِ وفيكِ لأعمق أعماق أمواج المتعة التي لم يصلها بشر قط ولا تليق إلا بناعمة "مائعة "غيركِ "
همست مرتعشة متوسلة:
"أطلق هذا المارد،أرجووووك أموت شوقاً لمقابلته "
أبعدها من هجوم شفتيه،ومن سطو وجوده الذي يهزها هزاً ثم قال غامزا :"ربما...إن رقصتي لي بهذا الزي "
رفعت يدها فوق رأسها وهي تشب على أطراف أصابعها ثم دارت كزهرة عباد الشمس التي تتفتح لتحضن الأشعة الذهبية مُنسابة بنعومة خالقة زوبعة من المشاعر صانعة من ضحكتها السعيدة أوتاراً من الموسيقي المبهجة
"كنت أنتظر هذا الطلب منذ وضعت الطفلين ولكن لن أقبل بأقل من مشاركتي"
اقترب ليشدها من ساعدها بنوع من العنف لترتطم بصدره مكان موطنها الدائم وسألها: "ما الذي تفعلينه بي ؟!"
حاوطت يديها الصغيرتين وجهه ونظرت لعينيه بغرام صارخ "أحببتك كما تستحق ومنحتك كما يليق بشخص جمع كل صفات الرجولة في عقل وقلب وجسد واحد "
مال ليضع جبهته على جبهتها وأخذ نفساً عميقاً لثوانٍ قبل أن يقول بعنف من بين أنفاسه المحترقة:
"مازلت أخاف أن أكون ظلمتكِ بأنانية يا مريم مازلتِ صغيرة جداً جداً على ما أطالب به، ودوماً أنتِ تمنحيني بسخاء كل ما حُرمت منه طوال حياتي ؟!"
كفيها الناعمتين ضغطت وجنتيه أكثر ثم تمتمت بحلاوة سلسة:
"أبعد كل ما قدمته لي؟!أبعد كل ما مررنا به مازلت تسأل،أنت روحي إيهاب مثلما أنا كل حياتك فإياك أن تتشكك في لحظة بقصتنا أو تظلم نفسك بما ليس فيك "
صمتت لبرهة تضع شفتيها الرقيقتين على شفتيه طابعة قبلة صغيرة هناك ثم نطقت بالكلمة السحرية بطفوليتها المعتادة من بين أنفاسها العطرة المهلكة: "أحبك إيهاب ؟!"
كيف لطفلة أن تجعله كالطفل بين يديها ؟! كيف لمتزن عاقل كانوا يتغنون بثباته أن يصبح مجرد متهور مسكين لا يبغي إلا الجنون بين ذراعيها
"هل يمكننا تخطي الرقصة أحترق للإمتزاج بكِ "
ضحكت بشقاوة ويديها تهبط لتمسك بطرفي قميصه المفتوح تزيحه من على ذراعيه ثم قالت بتلكؤ:
"لا ...يجب أن تدفع للوصول إليّ !!"
عاد يمسك ساعديها أحدهم يعلقه برقبته والأخر تركه على صدره الملتهب كالحمم البركانية...ووضع كلا يديه أسفل خصرها بقليل يشدها إليه ثم قال:
"يبدو عادلاً. ولكن رقصة سريعة "
حركها بنعومة بين يديه وهي كالعادة كانت مستسلمة ضاحكة خاطفة لكل نبضة من قلبه...ثم بهدوء كانت يديه تتشد على خصرها ليحملها من على الأرض وصوتها الضاحك يهتف فيه: "هذا غش على فكرة،أنت تنوي أخذ أكثر من حقك "
دفن فمه في نحرها وهو يقول بعاطفة جياشة :
"كلكِ حقي يا ناعمة...كلكِ حقي أنا !!"
...............





يتبع ....



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 21-01-20 الساعة 01:27 AM
Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 09:09 PM   #79

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
افتراضي


بعد وقت كانت تستلقي على صدره متثائبة بنعاس :
"أريد أن أانام...ولكن يجب أن أذهب لطفليّ لقد اشتقت إليهما "
طبع إيهاب قُبل سريعة على وجنتها وهو يقول مداعباً :"لا هذا دوري أنا...كما أنهما لم يستيقظا بعد...طفلان مهذبان !"
سخرت مريم سريعاً:"ليسا مهذبان جداً...ألا تذكر نحن نخطط لهذا اللقاء منذ أسبوع وكلما بدأنا يستيقظ أحدهما ويقاطعنا وسط...احم أنت تعرف "
أجابها بسخرية مماثلة :"بغض النظر عنهما ما يصدمني وقاحتكِ أثناء المطالبة بي...وخجلكِ الغريب بعد أن أحقق لكِ ما تريدين!"
قفزت من بين ذراعيه لتصبح فوقه في لحظة ثم قالت بشقاوة :
"وهل أنا أريد وحدي...حضرة العاقل الرزين "
أزاحها ببطء متتابع بكفه وتراجعت على الوسائد خلفها بينما هو يلحقها بالتدريج حتى أصبح يشرف عليها بجسده ثم قال متصنعاً الجدية :
"اعتقد أني يجب أن أعيد الكرّة لأتأكد وأحكم بضمير "
كشرت وجهها بشقاوة ثم قالت بتلاعب وهي ترقص حاجبيها صعوداً وهبوطاً:
"عين العقل...هذا ما تعودته منك دائماً المنح بعدل والعطاء بضمير والبحث ب..."
انقطعت كلماتها عندما أطبق بفمه على شفتيها غارقاً في إحساس نعومتها ورقتها واستسلامها الذائب تحت قسوة شفتيه...صافعة إياه ككل مرة بتلك الحاجة العنيفة للغرق فيها والانصهار معها...
"أحبك صغيرتي الناعمة "
تنفسها ولم يقلها فقط ليسكنها بداخلها...ولا تقتصر على كلمة مفرغة مجوفة تتردد من البعض دون فهم لقدسية المعنى "
لم تكد تتلفح به وتبادله دوامة غرام أخرى...حتى انتفض الاثنان برهبة حين دق الباب العنيف دون انقطاع لحظة بالتتابع مع انطلاق صراخ أطفالهما
"تبا تبا تبا...ما المشكلة تحديداً في لقائي بكِ؟ لِما دائماً أستعد لحدوث مصيبة عبر انتهاء كل لقاء غرامي معكِ؟؟"
قالها إيهاب قبل أن ينتفض بعيداً عنها قافزاً من السرير ليبحث عن ملابس يرتديها...
بينما لملمت مريم الملاءة حول جسدها تغطيه...تنظر له بامتقاع يخالطه الغباء ثم سرعان ما انفجرت ضاحكة وهي تقول معقبة: "هل معك قسيمة الزواج لأن الطارق يخبط على الباب ك بوليس الآداب؟"
زمجر إيهاب ساباً بشيء لم يصل مسامعها...ثم وضع قميص قطني أخيراً على جذعه وغادرها نحو المصيبة الجديدة التي يوقن انها تنتظره!
..................:.
تمالك إيهاب أعصابه راسماً وجه وقور معتاد قبل أن يفتح باب منزله للطارق المتعجل...كاد أن يصرخ متمنياً أن يعلق هذا الفتى الشاب من ملابسه في سقف الردهة ولكنه ابتلع غضبه سريعاً وهو يكتشف الحالة المزرية التي هو عليه
جذبه سريعاً من ذراعيه بلهفه...سأل بقلق :"ما الذي حدث ؟!"
كان وجهه شاحباً وعيناه شاردة وهو يقول برعب متخبط: "لقد عرضتها للخطر بسببي... لن يرحمها الغبي...لقد انهارت تماماً ولم أستطع أن أعلم حتى ما الذي يجري معها !"
جذبه من يده للداخل صافقاً الباب ورائه...أجلسه على أقرب مقعد ثم أعاد استجوابه بقلق:
"من هي يا فتى ؟!"
ارتعشت شفتيه رغما عنه وهو يقول باضطراب :"شيماء...لقد اكتشف أخوها لقاءاتنا السرية...ووو اشتبكنا مع بعضنا...ليس مهما ما حدث معي ولكن هي...هي دخلت في حالة هذيان ما وياااا إلهي أرجوك سيد إيهاب أنا لم أطلب منك شيء في السابق ولكن أتوسلك أريد فقط أن أطمئن أنها بمأمن من شره "
رفع إيهاب يده خابطاً جبهته بعنف وهو يهدر فيه :
"كنت أعرف أن هذا سيحدث لا مفر ؛ ولهذا حذرتك مراراً...الأن يا نزار أدركت أن اندفاعك واستكشاف مشاعرك الفتية لم يدفع ثمنه أحد سواها ؟!"
عيناه كانت غير مستقرة تماماً...أنفاسه العنيفة في صدره كانت اشبه بمن حطم أخر قشة تماسك عندما أجهش في بكاء عنيف صدمه وهو يقول :
"أنا آسف... أن كان هذا سيرضي الجميع فأنا نادم...ولكني أتوسلك أن تفعل شيء لا أريد أن يؤذيها أحد."
تخلل إيهاب شعر رأسه بعنف وكأنه يريد أن يقتلعه من جذوره وأسقط يده فما الذي يفعله مع ريعان شاب لا يحكمه إلا اندفاع رجولي حطمه الأن من أجلال محبوبته
"لا أعرف ما الذي قد أستطيع فعله...ما الذي يربطني بتلك العائلة وما الذي يخولني للتدخل يا نزار ؟!"
قال بآسى وبنفس النبرة المذعورة :
"ولكن مريم تستطيع...ما أعرفه أنهم يطوقون لدخولها بينهم وهي من ترفض "!
قال بتجهم "ما الذي تقوله بحق الله...الربط بين الأمرين ليس في محله "!
فتح كفيه بعجز وكأنه استنفز أخر حُجة لديه وتوقفت أفكاره...
نفخ إيهاب بعنف وما يجذبه صراخ طفليه من داخل غرفتهما...فقال بحيرة :
"انتظرني هنا... أريد أن أهدئ الصغيرين اللذان جزعا من طرقك وبعدها أتمنى أن نجد طريقة للتدخل "
لم ينتظر إجابة وهو ينصرف على الفور متوجهاً لطفليه...
لم يصدم كثيراً عندما فتح الباب ليجد مريم تحمل الصغير إياس محاولة إسكاته...متخبطة ومتحيرة في حمل ليبرتا...تناولها سريعاً بين يديه يضمها إلى صدره وهزها بحنان ورفق هامساً لها بنغمة محببة خاصة أصبحت بليبرتا...لم يستغرق الأمر ثواني حتى بدأت صغيرته في هدوء عاصفة بكائها الحاد فمد إيهاب ذراعه الأخر وهو يتراجع للوراء جالساً على المقعد الهزاز وقال :
"هاتي إياس...واذهبي لتحضير بعض الحليب لهما "
وافقته سريعاً وهي تراقبه يضم طفليه لصدره...توجهت "لبار"صغير مجهز لتأمين طعام الأطفال وشرعت فيما طلبه...ثم سألت بقلق:
"لقد سمعت صوت نزار... وأيضاً كنت تصرخ عليه،ما الذي حدث !"
"مرحباً لوليتا اشتقت لتأمل ملامحكِ حبيبتي "
هتفت مريم بنزق تسترعي انتباهه :
"هل تمزح؟أسألك عن المصيبة التي في الخارج وأنت تتغزل بها"
تنحنح سريعاً: "هناك دائماً وقتٌ لهما "
"إيهاب !"
تأمل ظهرها سريعاً مقيماً الجلباب العربي من الحرير بلونه السكري الذي ارتدته و الذي أصبحت تدمن شرائهم...ثم ما لبث أن هز رأسه معيد تركيزه فيما يحدث
"دعينا نهتم بالصغيرين...وبعدها سوف أخبركِ ما المصيبة التي جلبها إلينا المندفع الأحمق..."
صمت لبرهة قبل أن يتابع بنظرة غامضة:
"يبدو أن الأمر كله أصبح منوط بكِ...وستدخلين دهاليز تلك العائلة لا محالة"
..........................................
عندما تحركت راغبة في الرحيل...أمسك ياسر بيدها بقوة بينما داخل عينيه نظرة ترجي وهو يقول :"إبقي "
أومأت منى برأسها دون أن تعكس أية مشاعر ناحيته كالمعتاد...حرك ياسر يده مرة أخرى فوق رأس شيماء بحنان ثم قال بنبرة متألمة:
"كل ما حدث ويحدث معها بسببي ليتني كنت تراباً قبل أن أتسبب في أذيتها !"
بهدوء متعقل قالت منى :
"لم يكن ذنبك...بل هو قضاء الله وقدره كُتب في صحيفتها منذ أن كانت مجرد بذرة داخل أحشائي !"
هز كتفيه قبل أن يقول بنبرة شاردة:
"كنت أظنها مفتاحي إليكِ مرة أخرى،فرصة منحها الله لي لأبدأ من جديد معكِ وتكون صك غفراني ؟!"
لم تتغير نبرة صوتها وهي ترد بهدوء:
"الغفران لا يمنحه إلا الله يا ياسر...أما هذا المبرر فهو مضحك ليصدر من رجل أعمال ناجح مثلك... إذ كما تعلم الإنجاب ليس لديه هذا السحر الطاغي فأنت تعرف أن حتى قطط الشوارع تستطيع أن تنجب دون مشاعر...كما بالضبط يمكن لأي رجل أن يجعل امرأة تحمل بين أحشائها طفل خطيئة لمجرد ساعات رغبة حيوانية غرق فيها كليهما !!"
شعر ياسر بسكين حادة تنغرس في قلبه عميقاً جداً ذابحة إياه من الوريد للوريد كما المعتاد فيهوي ساقطاً لأسفل الدرك ولا أمل في نجاته معها بعد أن أهدر كل فرصه معها...قاتلاً بيديه عشقها الذي لم يكن لرجل على وجه البسيطة حظ أن يحصل على مثله...مغتالاً كل ذرة في أنوثتها
"كنت ومازلت أحبكِ وحدكِ...ولكني أقذر من أن أستحقكِ...أعرف أني ظلمتكِ ولكن أنا أناني جداً يا منى لأبقيكِ بجانبي بأية طريقة حتى وإن إستخدمت ورقة أولادنا في السابق لتعودي لي "
تنهدت منى ولم يبدو على ملامحها أية مشاعر للتفاعل أو حتى أن كلامه وجد لديها صدى كالمعتاد بل قالت بنبرة رتيبة:
"لا داعي لأن أعرف أن نضال أخبرك كل ما حدث... إذ لم أملك الوقت الكافي لتحذيره بعدم إخبارك !"
إهتزت عضلة بجانب وجهه من ردودها الجافة التي أصبحت معتادة منذ ما يقارب العشرون عاماً!!
"أخبرني...كما علمت أنه ولد صديقتكِ الجديدة...ولكن حتى إكراماً لكِ لن أستطع كف يدي عنه...لقد استغل عجزها !
استوت على قدميها أخيراً وهي تقول بجفاء:
"شيماء لديها ساعات حتى تفيق دعنا نكمل حديثنا في غرفتنا !"
.........................................
دخلت منى أمامه بخطوات ثابتة متوجهة نحو المرآة مباشرة تفك ربطة شعرها الأنيق تاركة لملامحها حرية التعبير عن صراعها الداخلي الذي تعيشه ما بين قلقها حد الذعر على صغيرتها وبين تلك المصيبة التي اكتشفتها...كيف غفلت عن أمرٍ يبدو ان أنه يحدث منذ أشهر...بل كيف استطاعت صغيرتها أن تقدم على هذه الفعلة وتطاوع الفتى المتهور؟ كيف بعد أن منحتها كل الثقة وبعد أن أنشأتها على الأخلاق والمبادئ والتربية الصارمة...بل منذ نعومة أظافرها وهي تعودت أن تطرح بينهما ذلك الرابط الأمومي الذي يصل حد الصداقة والمصارحة المطلقة بينهما...شعرت بيديه تحط على كتفيها مديرها إليه بحزمٍ لطيف :
"توقفي عن دفعي بعيداً عنكِ وعنهم ؟!"
أبعدته منى من صدره بكفها ثم قالت :
"توقف يا ياسر...ولا تلجأ لطرقك الملتوية لجري في حديث معك فلدي ما هو أهم الأن !"
غمغم بتعب ويأس: "ألا يكفي!"
أرادت الصراخ البوح والنوح بما يكتمه القلب الأبِيّ منذ أعوام مضت
"لا...لا يكفي وإن أتيت فوق عمرك البائس عمراً تتذلل لي وتعتذر ،تقدم ندمك ووعودك لن يكفي ما سُرِقَ مني !"
تجنبته ببرود حديدي كالمعتاد وكتمت حديث النفس وهي تقول مباشرة :
"مجرد مراهقين مندفعين وأنا سأعالج الأمر بطريقتي...ارفع يدك عن الفتى وكأنك لم تسمع اسمه...هناء ليس لديها غيره وهو كل أملها من الحياة!!"
تجهم وجهه وهو يقول من بين أسنانه:
"ليس لديها غيره؟! هل هذا مبرر لتقافزه على الحوائط وتضليل ابنتك!"
قالت منى بهدوء تحسد عليه:
"لا...بل مبرر أمومتي من يتحدث..اتقائي الله وخوفي أن أضر شاباً صغيراً أعلم يقيناً أنه لم يرد أذيتها !"
قال بغيظ :
"وكيف أعرف إن كان لم يضمر لها شر ربما يكون أحد أعدائي قد دفعه نحوها لعلمهم أنها الحلقة الأضعف بيننا؟!"
قالت منى بثقة:
"لا إطمئن من تلك الناحية ...لا الفتى ولا عائلته لديهم طرقكم تلك...ثم إن أراد أحد أذيتنا عبر الأطفال صدقني ستكون سَبنتي أفضل هدف للجميع خاصة أنها!"
صمتت منى :
"أعوذ بالله من شيطان النفس...ما الذي تدفعني للتفكير به؟!"
تحركت ناوية مغادرته...فتحرك هو الأخر نحوها في الوقت ذاته مما جعلهما يصطدمان ببعضهما بعنف منتهياً الأمر بأنها متشبثة بذراعه من سقوط محقق...أحاطها دفئه مرة واحدة وغمرها حتى وصل إلى أعمق بقعة بداخلها،دافعاً إليها شعور صادم،منذ متى لم تشعر بذلك الاحتياج لياسر؟! بذلك الدفء الذي أردات الغرق فيه ولو لهذه المرة...
ربما حالتها النفسية المشتتة او صدمتها من فعلة صغيرتها...لا لا ربما السبب قلقها المرعب على شيماء...
عينيها الزجاجية التي أصبحت تماثل عيني ابنته قسوة... أو ربما ابنته من تشبهها! كانت تنظر إليه باهتزاز منحه بعض الأمل أن تمنحه طاقة حب ولو مرة واحدة قبل أن يواريه الثرى'
"مازلتِ جميلة جداً وكأنكِ الطبيبة الشابة التي قابلتها أول مرة ووقعت في غرامها !"
التوى فكها بإبتسامة ساخرة ثم قالت بحسرة :
"جمال لم يغويك وعشق لم يعف نفسك وامرأة لم تكن يوماً كافية!"
"لم تكوني أنتِ السبب بل مرض خبيث داخل نفسي ؟!"
اغمضت عينيها ثم قالت:
"لم يعد مهماً...تعلم أنك لا شيء في حياتي أنا فقط أحاول أن أحافظ على الصورة المثالية من أجل أولادي !!"
"لم أعهدكِ كاذبة "
"ولكني لم أعهدك إلا كاذباً !؟"
تغضن الألم حول عينيه اللتان حاوطتهما خطوط الزمن :
"افعل أي شيء لأحصل على قلبكِ ولو مرة أخيرة !"
قالت منى بهدوء:
"تعلم أن هذا لن يحدث أبداً... إذ أن كل ما بداخلي الأن نحوك هو شعور الشفقة ؟!"
قال بترجي خافت: "هل سأحصل على السماح يوماً؟!
ردت بقوة: "كيف تريد مني منحك ما لا أملك...السماح في خطيئتك يجب أن تتذلل به لله سبحانه وحده وليس لعبدة ؟!"
حاوط وجهها بيده وهو يقول برجاء ضعيف:
"تعلمين أني فعلت...تدركين أني مرتعب من لقائه قبل أن أكفر عن ذنبي في حق الجميع يا منى "
كانت عيناها قوية لم تغيرها حتى خطوط الزمن وهي تقول:
"اذن فليُعينك وحده على شر نفسك... إذ أنك مازلت تظلم مازال هناك بقايا كِبر فيك !"
هز رأسه بتعب وقلبه المثقل يدق بعنف تحت يدها التي مازالت مستريحة فوقه غمغم:
"أحاول أن أكفر...منى أنا أحتاجكِ...جائع إليكِ ..لحنانكِ...للشعور أني عُدتُ أعني لكِ أكثر من والد أبنائكِ !أشعر أني شجرة جوفاء يا منى لقد ذهب العمر وطيش الشباب ولذة ما اعتقدته حاجة بداخلي ولم يبقى إلا شعور بالفراغ والألم...بالخسارة "
لم تمنحه أي شعور تعاطف يذكر وهي تقول بنفس نبرتها الهادئة "وكيف لشجرة سقطت أوراقها أن تعود للحياة؟! خيانتك كانت كالتعري من إنسانيتك أمامي،تراني أنزفك كدمي صارخة بكتمان راجية إياك بالتستر،ولكن كيف لمن تذوق قبح خمرها أن يعود للتوبة ؟!"
**************
قال بصوته الرجولي العميق :
"اقرأي المزيد رغم أني مازلت جاهلاً باللغة ولكن صوتكِ في الآيات القرآنية يرسل لي سكينة عجيبة !"
فمها تكلل بالفرح وهي تقول:
"ستتعلمها قريباً ونقرأ سوياً كما وعدتني ؟!"
اقترب جوشوا يلتصق بجلستها المربعة على الأرض ثم سأل بنوع من الجهل الحريص :
9"هل يجوز لمسكِ وأنتِ تمسكين بالمصحف؟"
عبست ضاحكة:
"بالطبع ؛ أنت زوجي ما المشكلة؟ ولكن احذر دون غريزة !"
رفع يده وهو يقول بجدية: "أعرف سيدتي أعرف هل تظنيني رجلًا أحمقاً جاهلاً ؟!"
أطلقت زفرة طويلة ثم قالت ببساطة :
"كما انه لا ضرر أن أخبرك أني أحبك جداً جوشوا"
هز رأسه دون أن تفارق عيناه عينيها ثم قال برقة :
"أكملي..ولا تنسي أن تفسري لي أريد المزيد من الراحة عبركِ ؟!"

ليلاً كان يجلس ضاممها بين ذراعيه على الأرجوحة الكبيرة داخل حديقة منزله وكليهما يلتفان بشالٍ واحد كبير ممتزجان ببعضهما... يُشرِف القمر عليهما في ليلة صافية رغم برودة الأجواء... يطلق حفيف الأشجار الناعم تمازج عجيب وكأنها فرقة موسيقية... أخيراً قطع جلستهما الحالمة قائلا بالسويدية:
"لديّ مفاجأة لكِ"
رأسها تمرمغ على صدره أكثر بنعومة:"ما هي؟!"
"تعلمت نطق بعض أبيات من الشعر لشاعركِ المفضل"
أطلقت ضحكة رائقة:"جوش أنت لا تستطيع نطق العربية عزيزي...لقد حاولت ولكن الأمر تحول لكارثة لغوية"
"هااااا سيدة هابر أنتِ تحبطيني أريد بعض التشجيع هنا"!
اعتدلت تواجهه وقالت:"أمري لله...تفضل يا مجمع اللغوي أتحفني!"
عقد حاجبيه بشك:
"هل تسبيني؟ نعم نعم أنتِ تسبيني بلغتك... هذا فعل غير مهذب ليصدر من سيدة مثلكِ!"
امتعضت أكثر وهي تقول بحسرة:"هل تتلكك أم ماذا؟ لا فائدة لا الأجنبي ولا العربي نافع كلهم رجال وش نكد!"
ضيق ما بين عينيه:"هل تسبيني مرة أخرى؟ !"
نطقت بلغته بينما بداخلها تهدر هي ليلة سوداء ليتني ما نطقت:"بالطبع لا عزيزي لقد تذكرت شيء ما قالته لي صديقتي صباحاً:"ما هو؟"
قالت ببساطة:
"لقد كانت تحسدني على الزواج منك إذ أنك مؤكد لست بوز نكد أصيل كرجال العرب"
سأل ببطء:"ثم"
قالت بصراحتها المطلقة:"بالطبع أكدت لها بالدليل العلمي أنكم جميعاً طينة واحدة من النكد وافتعال المشاكل وكسر أي لحظة رومانسية وو؟!"
رفع كفه مقاطعا :
"يكفي لقد فهمت...ولكن ما يدعو للحسرة أن تقولي هذا بعد أن تكبدت عناء الحفظ بالعربية من أجلكِ"
شدته من قميصه تطبع قبلة على فكه معتذرة:"آسفة حبيبي...السماح، هل يمكنك أن تنشد لي الأن؟!"
"لا"
"أرجوووك"
نهض من مكانه مبتعداً عنها :"لااا"
تبعته تتوسله:"من أجلي"
دخل إلى المنزل متوجها لغرفتهما:"لا تعني لا"
وقفت على باب الغرفة ثم رمقته طويلاً بشك:"أنت نسيت ما حفظته أو لم تستطع من الأساس والأن تحاول التهرب!"
بعثر شعره البني بينما خضار عينيه يرمقها بالذنب:
"صراحةً العربية صعبة للغاية كيف تستطيعون النطق والكتابة بها بحق الله؟!"
.....................
كان يقلب كوب قهوته بشرود لا يعلم كم استغرق من الوقت في الخوض داخل ذكرياته...إذ لم يعد يملك غيرها والبحث عنها هي وابنه !!
رغم رفض الجميع لذلك الأمل الذي يتشبث به ولكن إحساس قلبه لن يخيب أبداً طفله ولد ويتنفس...لم تقتله حبيبته القاسية التي عاقبته بأسوأ انتقام رداً على ما فعله بها...
تحرك بتعب ليجلس على المائدة الصغيرة في مطبخه متمتماً:"كيف راهنت على ذكائكِ...بل لماذا لم أقتنع أنكِ مؤمنة بحق؟ تخافين ربكِ ولن تتهواني إن كشفتِ أمري"
ابتسم بسخرية متذكراً بدايته معها حينما كانت طالبة خجولة مرتبكة وضائعة تقريباً وسط أروقة الجامعة بين ثقافة جديدة كلياً وبلد غريب...
قمحية اللون جميلة المُحَيّا "نفرتيتي"قلبه التي خرجت من كتب الأساطير المصرية لتهز كل عالمه دون سابق إنذار...لكم طاردها خفيةً وعلانية متحججاً بالمادة التي كان يُدْرِسها لها...حتى أنه تحايل واستخدم بعض من سلطة عائلته لتكون رسالتها تحت إشرافه؟!
رفع كوبه يرتشف بعض من قهوته يتمتم من بين البخار المتصاعد:"لقد اشتقت إليكِ جداً، لم أغير شيء أو أحاول الانتقال من مكاني؛ على أمل أن تحني يوماً وتنصفين صغيري وتأتين به ليتعرف على والده...مازال لديّ أمل في ميزان عدلكِ؟!"
................
"أنت خنت...خنت جوشوا"صرختها والدموع تتلألأ في عينيها بينما تمسك بيديها الدليل القاطع لكذبه...
تذكر عنجهيته في الرد وقتها وكأنه لا يبالي بثورتها:
"الأمر يتوقف عند تفسير الخيانة لكلينا...بالنسبة لي تستطيعين أن تلوحي بهذا الاتهام عندما تجديني مع امرأة غيركِ؟!"
نظرت إليه بنوعٍ من الهذيان قبل أن تقول:
"وتنكيس عهدك مع الله،وارتدادك عن الدين،ووعودك لي أن تستمر على دين الإسلام وتجتهد حتى تصبح مسلماً بحق ،أكل هذا لا يُعْد خيانة جوش؟"
قال ببرود مستفز:"أنتِ تكبرين الموضوع عزيزتي...إنهم فقط كأسين من الخمر"
قالت بذهول:
"كأسين! والصلاة التي انقطعت عنها أيضاً تهويل مني وما قرأته في دفتر ملاحظاتك العلمية التي تحكي فيها عن التجربة الفريدة مع إحدى المسلمات واضطرارك بالتظاهر مثلها أهذا أيضاً تهويل؟!"
قال ساخراً والخمر يطيح بكل تركيزه:
"اوووه أتعني تلك الحركات البهلوانية كانت تعجبني في البداية ولكني زهدتها...أما عن تجريتي فهذا موضوع علمي بحت لا داعي للغضب ملكتي"
توسعت عينيها بصدمة كاتمة صوت صرختها المجروحة داخل صدرها تأكلها النار غضباً لدينها وثورة لعقيدتها...ثم رثاء على شرفها الذي أيقنت الأن أنه سقط متمرغاً في الوحل...
قاومت ألا تنطلق إليه تنهش وجهه...تفصل رأسه عن جسده...كانت ترتجف قهراً وهي تقول بتحشرج:
"أريد الطلاق الأن...لقد أصبح العيش معك مستحيلاً!"
زادت ضحكاته القميئة اهتياجاً ونظر إليها بطريقة ذات معني وهو يقول:
"هل أنتِ غبية سيدتي الجميلة؟ كيف أمنحكِ شيئاً لم أقتنع به من الأساس؟!"
قالت بلوعة:"إذاً كل ما بيننا كان أكذوبة!"
إصبعه المستفز كان يتأرجح أمام وجهها بينما يقول:
"هذه حبيبتي الذكية التي أعرفها...وأخيراً انكشف كل شيء لنستطع أن نبدأ بسلام متخلصين من هوسكِ بالدين؟!"
زاد ارتجافها حدة واشتعلت كل غرائزها بالغضب،رفعت يدها بعنف ودون تفكير كانت تصفعه على وجهه
"اخرس،اخرس إياك أن تجرؤ وتسخر من عقيدتي أمامي؟!"
للحظات ظل مصدوماً ينظر ليدها التي ارتفعت عن وجهه بذهول أفاقه مما كان يطيح به ويتلاعب برأسه...ثم اقترب يمسك عضدها بقسوة:
"هل جننتي تضربيني، تضربين زوجكِ يا متدينة يا خلوقة"
صرخت فيه محاولة أن تتخلص منه:
"لست زوجي أنت لست زوجي...بل أنا أناااا"
شحب وجهها تماماً حتى ماثل لون الجثة وهي تنظر لوجهه الوسيم الجامد...جسدها يرتعش وكأنها قد تذكرت أخيراً وضعها معه:
"أنا أصبحت مجرد زانية"
تمتم من بين أسنانه:"إياكِ أن تلقبي نفسكِ بهذا...أنتِ زوجتي!"
همست بقهر:
"زوجتك! هل تمزح يا كافر بل أنا مجرد امرأة غبية سلمت دينها وشرفها لمعدومه...بلى أنا زان...."
إزاحته بقوة من امامها وهى تتوجه سريعا لسماعة الهاتف ..وقالت بنوع من الرهبة " انا سوف اتصل بأخى ، و بالشرطة لا بل بسفارة بلدى ، وأغادر من هنا حالاً بغير عوده متخلصه منك الى الابد. !"
لم تكد يديها تصل للهاتف
حتى وكانت البداية التي لم يستطع أن يحدد لها نهاية إذ وجد نفسه يجذب شعرها بهمجية يلويه بين يديه وهويصرخ فيها بقسوة:
"زوجتي بقانوني ومنذ الليلة أنتِ بتِ تحت رحمتي...أفعل بكِ كل ما أريد...ستكونين سجينتي في قصري وتنجبين طفلي محققة كل رغباتي كزوج..."
حاولت التملص منه مستنجدة فأمسك وجهها بقسوة حتى ابيضت سلاميته ثم قال:
"لا تحاولي... من هذا الذي يستطيع مواجهتي أو حرماني من امرأة تخصني؟ اعلمي وضعكِ جيداً ومن بغبائكِ تزوجتي منه...إن كنتِ أنتِ هناء الكردي في بلدكِ فأنا جوشوا هابر والجميع يعلم ماذا يعني الاسم في القصر الملكي"
.................................................. .............
فُتِح الباب الضخم للقاعة الكبيرة ودخل منه صفين متناسقين من الفتيات الصغيرات يتراقصن كزهر الجوري على الصفين بوتيرة متناغمة نبهت كل عقول الحاضرين من وزراء وأكبر رجال الأعمال في البلد وحتى سفراء ودبلوماسيين ومصورين جرائد مهمة بل ورؤساء تحرير بعضها...جميعهم لبى دعوة الحفل الأسطوري الذي اندمجت فيه العناصر الأقوى من العائلة...سيدة الأعمال الأولى المتوقع تنافسها بقوة ونمرهم الذي سطع اسمه جديداً هنا في البلاد أو في بريطانيا...
انتهى دور الصغيرات الراقصات ليتبعهم صفين مماثلين من الفتيان...الذين أدوا تحيه عسكرية طريفة ثم تقدم مؤدين عرض المشاة أيضاً عسكرين حاملين بين أيديهم سيوف ذهبية ويزين قبضة أيديهم قماش حريري زاهي الألوان ومتناسق...
تبعهم أخيراً ما جعل الضيوف يحدقون بنوع من الصدمة...طاووس حقيقي من اللون الأبيض يتبختر نافشاً ريشة بزهو لا يسعك إلا أن تنطر إليه بانبهار متعجباً من جمال خلقه...ثم أخيراً أطلت العروس الذهبية...توقفت هناك للحظات ترفع رأسها بشموخ متعالي وأنفها ذو الكبرياء المعتاد كان مرفوعاً بأَنَفة...جسدها ملفوف في طبقات من الحرير ناصع البياض يرسم منحنياتها بوضوح ثم يهبط بالتدريج ليتوسع بالدنتيل المطرز على شكل ريش صغير يتخلله خيوط باللون الأزرق مشابهة تماماً للون ريش الطاووس الذي سبقها...
توقفت أنفاس الجميع كما أنفاس المراقب الذي ينتظرها في أخر القاعة حتى يقدمها له والدها...ثوانٍ معدودة حتى التقت تلك الصفرة الصافية في عينيها بالليل الأسود في عينيه...ورغم قوته وثباته الذي يظنه الجميع في تلك اللحظة إلا أنها كانت الوحيدة التي تقرأ الرجاء والتوسل خلف قناعه الخادع...
اقتربت تتأبط ذراع والدها تتهادى أخيراً بتأني مدروس ناحيته واثقة الخطوة جميلة الطلة جاعلة قلوب الجميع توجه إليه حقد يعلمه يقيناً إذ أنه الوحيد الذي ظفر بها رغم تهافت الكثير من قبل حتى أن يعرف بدور الجديدة ويقع في غرامها دون حولٍ ولا قوة...لقد كانت حبيبته همسة قلبه السرية:"المرأة الكاملة!"
يكفي أنها منحته الغفران...سامحته وحبها القوي وعشقها الغير محدود منحه فرصة أخرى ليكفر عن جريمته وقد ظن وقتها أنها النهاية...أو هكذا ظن وكم كان مغيباً أحمقاً أو هو من أراد تصديق الكذبة التي ابتدعها عقله ليبتعد تماماً عن احتمال خسارتها
وصلت إليه أخيراً تقف بحياء ووجنتيها تتلطخان بالأحمر القاني الذي ظنه خجل اللحظة...تشد على ذراع والدها بنوعٍ من الاستجداء الغريب الذي لم يفهمه حينها...
هبط راشد درجتين مقابلها هناك في نقطة جيدة تتيح للجميع مراقبتهم...
مد يده المرتشعة برهبة اللحظة يرفع الخمار الخفيف من الدنتيل الذي يحجب عينيها ورغم الشحوب والقلق بل والذنب المطل من عينيه لايلامها من هول ما رأته في الأمس القريب...استطاع أن ينحني ليمنحها قبله طويلة على جبينها...وقال بصوتٍ أجش مسموع:"مبارك عليّ أنتِ؛ أنا محظوظ لاستحقاقكِ"
الابتسامة الشرسة التي ارتسمت على جانب فمها الساخر أضاءت في عقله ولم يتمهل لأخذ احتياطه لأحتواء الجنون الذي سيحدث...إذ أنها في خلال برهة رفعت يدها لأخر مدى ثم هبطت بها على وجهه بقوة صافعة إياه وهي تقول:
"أنت لا تستحق إلا خائنة مثلك يا راشد فالحرة لا ينكحها من هو مثلك...إن كنت رجلاً طلقني والأن"
الصمت التام خيم على رؤوس الجميع وكأن سلطان الموت حل عليهم فجأة ليميتهم صدمة ثم يحيهم ثم انطلقت شهقات الجميع ما بين مستنكر ومذهول...تحولت القاعة النبيلة في لحظة لمجرد مكان عشوائي متدني...بينما هي تكمل ببطء جامد:
"للحقيقة أنت وأبي مضحكان كيف ظننت أني سأسمح لك بالقرب مني بعد أن وجدتك على فراشي مع حقيرة تشبهك بالأمس القريب فقط بعد أن اكتشفت بأنها ليست المرة الأولى معها يا سيادة العاشق؟"
وانفجر مرة واحدة يمسكها من عضديها ناوياً الفتك بها...ولكن والده وعمه وأخيه كانوا متأهبين فلم يسمحوا له حتى بلمسها...
"اغربي عن وجهي...كنت أعرف أني لا أستطيع الوثوق بكِ...لن أسامحكِ على هذه الفضيحة"قالها ياسر بغضب من بين أسنانه
اهتزت عضلة بسيطة لا تُرى على وجهها قبل أن تقول ببرود:
"هذا يتوقف على غفراني أنا لك أولاً لقد كنت تعلم أنه يخونني في جورجيا أيضاً بينما أنا هنا أعيش دور المغفلة!"
صرخ راشد مقاوماً الوصول إليها:
"لم يحدث...لم يكن بتلك الصورة!"
كان الألم في عينيها الحزينتين والذي تخبئه خلف ذلك الجدار البارد ممزوجاً ببعض الندم مماجعل جزءاً غبياً من مشاعره يتعاطف معها ويتفهم ما هي فيه:"حقاً؟! وهل تفرق؟"
إلا أنه لم يرحمها إذ أن إحساساً قوياً بالغضب لرجولته بدأ يجتاحه:
"لا لا يفرق لم تكوني كافية...مجرد صفقة مع أبوكِ وكل حجج رفضه كانت مجرد مسلسل لإرضاء غروركِ؟!"
قالت على الفور ببرود دون ان تهتز فيها عضلة واحده...... أذهلت جميع المشاهدين بجمودها :
"لقد توقعت شيئاً كهذا...؟!"
أخذت نفساً بارداً أخيراً ثم رسمت أجمل إبتسامة انتشاء وهي تستدير ترفع ثوب عرسها ثم خطت تعود على نفس الممر الذي أتت منه...ولكنها توقفت في المنتصف والتفت إليه يقاوم للوصول لها...ثم قالت بهدوء:"كما أخبرتك إن كنت تحمل ذرة رجولة داخلك...طلقني يا راشد؟!"
صرخ محطماً كل قيوده التي دائماً كانت قادرة على تكبيل أعصابه:
"بل سأجعلكِ هكذا معلقة مهملة لا تساوين شيئاً...وستأتيني صاغرة"
هزت كتفيها قبل أن تعود ترفع رأسها بكبرياء:"سنرى من سينهار أولا!"
.............





يتبع ...



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 16-01-20 الساعة 12:10 AM
Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 09:11 PM   #80

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
افتراضي

كانا ينظران لبعضهما متواجهين كجبلين من البركان يغليان للانفجار في أية لحظة...سهام عينيها القاتلة تناظره بغير تنازل السخرية المريرة تخط ملامحها وكأنها تتراقص على جثته الحية صارخة فيه أنها كشفته وتعرف يقيناً أين ذهب عقله المحبوس في ليلة زفافهما التي كسرت فيها أنفه ممرمغه كرامته في وحل لا قيام منه أبداً...
"عاشقة للفضائح مغرورة النفس خبيثة الفعل:
"تمتم من بين أسنانه !"
قالت على الفور مرددة:
"خائن خبيث ، مغتصب وزاني"
أطلقت ضحكة رنانة متظاهرة بلا مبالة مخبئة الوجع تحتها
"هل ترى أنا وأنت نجيد التباري بالكلمات الجارحة دون أن تنفذ من أحدنا حتى وإن استمررنا لخمسة أعوام؟!"
امتقع وجه راشد وهو بالكاد ينتبه لسخريتها وعقله يتوقف عند كلمة واحدة
"أنتِ تكذبين لم أغتصبكِ!"
همست ببرود:
"حقاً...يالـ للعجب لم يخبرني أحد بهذا، إذ ما اذكره جيداً في تلك الليلة هو تمزيق ثوب زفافي، والنهش في لحمي، ثم كانت الفاجعة والدماء تتدفق من بين ساقيّ..."
ارتعشت مرغمة وجسدها تلقائيا يعود لحالة الذعر التي اجتاحتها عقب انتهائه منها...اقترب مندفعاً إليها بعنفٍ يشرف عليها مهددها بقوته البدنية ثم زئر فيها بتوحش دافعاً الحقيقة لعقلها:
"أنتِ من استفزيتِ رجولتي انتهكتِ أدميتي... دافعة إياى لأفعل...واستسلمتِ!"
صرخت فيه بقوة مماثلة رامية بقناع جمودها أخيراً للبعيد:
"لم أفعل...أنت من كنت حيوان لأخر مدى وكأنك كنت تُصر لنزع أخر شيء لك في قلبي...وللحقيقة كم أنا شاكرة إياك لهذا !!"
أمسك كتفيها يضغط عليها مؤلماً إياها:
"بلى فعلتِ... كنتِ تملكين السلطة لإيقافي... كنتِ تستطيعين إفاقتي من جنوني...كنتِ تعلمين يقيناً إن بدأت معكِ لا شيء في العالم يقدر على منعي؟!"
همست بفحيح:
"بلى دفعتك...وكم كنت مستمعتة بخسارة نفسك بي...كانت كل لمسة معتدية لك عليّ تهبط على قلبي كالسحر معالجة اياي من وجع عشقك؟!"
أرجع رأسه للوراء متأملها مبتلعاً غصة عملاقة في حلقه ممتزجة بالقهر:
"عرضتِ نفسكِ لهذا...ظانة أنه انتقام مني ؟! أنتِ لم تحطمي إلا نفسكِ يا بدور ومازلتِ؟!"
اقراره بالحقيقة بهذه البساطة أحرقها مما دفع إليها رغبة جنونية في ضربه...غرز أظافرها في عينيه مقتلعة إياهما بين يديها ساحقة إياهما تحت قدميها"
مازالت بدور تتعذب... مازالت تتألم...الشابة المصدومة والعاشقة المذبوحة مازالت روحها ترفرف هناك في شقة عرسهما وهذه وحدها كانت كافية لتمزق أحشائه حارقةً فؤاده...نظرة الكراهية الخالصة المطلة من عينيها دفعت إليه يأس غير محتمل بأنها لن تغفر له يوما...
"ما الذي تريدينه وسأفعله لمنحكِ ولمنح نفسي السكينة؟!"نطق مستسلماً صادماً إياها...ولكنها قالت بفحيح:
"ملعونة أنا إن منحتك هذا السلام يوماً...هل تظن أن لعبتك معي ستتوقف هنا ؟!"
قال من بين أسنانه"وهل بقيّ هناك ما لم تفعلينه؟!"
تقبضت يديها بعنف جانبها وهي تقول:
"الكثير يا راشد... لن أتوقف حتى تنال من نفس الكأس؟!"
قال بقسوة:"سأكون قاتلكِ حتى إن فكرتِ بها"
نظرت إليه بجمود فاهمة ما يرمي إليه ثم قالت:
"واهم أنت إن ظننت أن حرة مثلي تقدم على ما يهز عرش الرحمن...ما يكسر كبريائها ويحطم ناصع ثوبها...حتى وإن كان لأسباب انتقامية أنت لا شيء أمام أن أهين نفسي فالحرة لا تزني"
أنهت عبارتها صارخة بقوة حتى خيل له أنها زلزلت الأثاث من حولها!
اشتدت القسوة في عينيه أكثر بينما يهدر:
"كانت لحظة ضعف اعترفت بها مرارا...لحظة واحدة سأدفع المتبقي من عمري ندماً عليها"
هدرت:
"ندمك لا يكفي...لاااااا يعيد ما خسرته من روحي أنا لن أصدقك وقد رأيتك بعيني بين ذراعيها...أنا لن أصدقك بعد أن أرسلت لي عشيقتك السرية غرقك بين ذراعيها غافلاً في بثك إياها مشاعرك...أنااا أنا..."
غصت بدور مرة واحدة ودمعٌ عزيز نادر يتدفق من عينيها مما جعله ينظر إليها بذهول غير مصدق ما يراه:
"لقد كانت تتمرمغ بين ذراعيك تضمها إلى صدرك كما ضممتني يوماً! تهمس لها بغزلك تعدها أني مجرد صفقة زواج لتوحيد العائلة...بأنه فور انتهاء العرس سوف تركض عائداً إليها، متخليا عني لتكمل قصة عشقكما وتكللها بالغرام...أنا سمعت كل هذا وأكثر من خلف باب غرفة نومي؟!"
شحب وجهه وتخبطت روحه العارية أمامها اقترب يمسك بكفيها التي أصبحتا كلوحين من الجليد وهي لم تقاومه بل رفعت وجهها تنظر إليه بضعف أذهله بينما شهقات متقطعة تخرج من بين شفتيها بآنين قاتل وقال:
"لم أمسسها في مكاننا...صدمت مثلكِ تماماً بوجودها أمامي مجبرة إياي لمهادنتها...للكذب والتلوي لأنها كانت تهددني بكِ...وأنا كنت مرتعباً من فكرة وصولها إليكِ...لم أعرف طريقاً لدهسها تحت قدميّ دون أن يصل رمادها إليكِ وتكتشفين كل شيء!"
رفعت حاجبيها بالترافق مع همسها بغصتها:"ولكنك خنت..."
هز كتفه باستسلام:"فعلت اغوتني محركة بي غريزة... ولم أستطع أن أقاوم إذ أني كنت غادرت ذراعيكِ للتو بعد أن لفظتني "
قالت بتعجب مرير:"هل تلومني الأن بأني لم أسلمك نفسي...هل أنا المذنبة لأني رفضت خيانة أبي معك!"
صدمها بالقول:"إن كنتِ فعلتِ وسلمتِ لي تلك الليلة ما كنت آمنتكِ على عرضي أبداً وما كنت أطاردكِ حتى هذه اللحظة متتبعاً خطاكِ ماسكاً في ثوبكِ كالطفل المتشبث في عطف أمه التي نفرته!"
حملقت فيه من بين أهدابها الغارقة في الدموع بذهول
"رغم حماقة ما تتفوه به تبقى حقيقة واحدة أنت غدرت بي مرتين قتلتني مرتين...لقد خنتني وأنا بجوارك في رحلة العشق الأسطورية التي خطفتني إليها...أخبرني بأي منطق أصدقك...بأي مبرر أقنع نفسي بغباء ما تتفوه به؟!"
راقبها ممزقاً وهو يقول بصوتٍ أجش:"أنا كنت أتعذب مثلكِ لم تكوني المغدورة وحدكِ"
أفلتت يديها من بين يديه تخبط على صدره بغضبٍ أعمى:
"إياك أن تتجرأ وتقارن وجعي فمن مثلك عديم الإحساس لا يشعر وياسر الراوي خير مثال على هذا...الخيانة في دمائكم يا راشد!"
زمجر:"لا تقارني بيني وبينه...أنا لم ولن أشبهه قط...كانت لحظة ضعف...متعة مجوفة...انتهت خلال دقائق لأجدني مكبلاً بعاهرة تهددني بالوشاية تخبرني بحب أعرف كذبه!"
"وماذا لو خرجت الأن ووجدت أول رجلٍ وقفزت لفراشه؟ ثم عدت إليك باكية معللة بلحظة ضعف...بعد أن إستباح كل جزء مني مانحة إياه بسخاء بثورة جسد مشتعله ب..."
ما دفعته إليه كان جنوناً بكل ما للكلمة من معني لم يشعر بنفسه مطلقاً وهو يرفع يده ويصفعها على وجنتها بقوة...وكأن تلك هي الطريقة الوحيدة لجعلها تتوقف عن هذيانها الذابح لعنترية رجولته العريقة وغروره الذكوري الدموي...
"وكأن الأمرين ليس سيان وكأن الرجل الشرقي مازال يرفض ما أنزله سبحانه بعقاب متساوي لكل زاني رجل أوامرأة على حدٍ سواء..."
"سأكون قاتلكِ بيدي العارية فاصلاً عظامكِ عن لحمكِ سألخاً جلدكِ منكلا بكِ...وليت هذا يشفي غليلي"
"أيها الملعون...النذل"
اهتاجت وماجت بين يديه التي مازالت تتمسك بها حاميها من سقوط يعلم بيقين حدوثه...رفعت يدها ناوية رد الصفعة بعشرة...ولكنه لم يمنحها الفرصة إذ كبلها من ساعديها فاشلاً تماما في السيطرة على باقي اهتياجها...
استبدلت كفيها تضرب على صدره بقوة صارخة فيه:
"اللعنه عليك...اللعنة على نفسي التي مازالت تتعلق بك...أنا كنت أتألم أتمزق...قلبي يتحطم لألاف الشظايا أنزفك ببطء من داخل صدري ...سكينك مازلت هنا يا راشد تنغرس بداخلي...أنا أتعذب"
هل يستطيع القول أنها تصدمه للمرة الثانية عبر تلك المواجهة...ألم يكن هذا ما يسعى إليه منذ البداية .منذ أن منحته نظرة باردة جامدة وهي تفتح الباب ببطء تنظر إليه بملامح مغلقة هادئة تماماً والأخرى بين ذراعيه...ثم بدون كلمة واحدة كانت تلتفت مغادرة الشقة...لا بكاء لا انهيار ولا حتى عتاب...وعندما ذهب إليها متضرعاً ملهوفاً لتوضيح متذلل لفرصة للحديث...كانت تستقبله باسمة مخبرة إياه بأنها تتفهم وأن رابطهم المقدس لن ينفصل...وكم ظن بغبائه بغروره وتكبره أنها صادقة بأنها لن تستطع البعد عنه واعداً نفسه بالتعويض...وكانت بعدها كارثة فضيحتهم فقال مؤكداً:
"كنت ومازلت أتألم مثلكِ"
هزت رأسها سريعاً ناطقة بتحشرج:
"لا لا...لم تكن هل تذكر عندما تبعتني بعد العرس إلى هنا...مخبرني بأن أبي من أرسلك...هل مازلت تذكر ما أخبرتني به؟"
"كنت أكذب لأرمم رجولتي المهدرة ؛ كنت جريحاً فلا تلوميني"
عادت للاهتياج تضربه:
"أنا من قُتِلت حية هنا...أنا من كانت تكتم وجيعتها غير قادرة على البوح...أنا من راقبتك تنهض من فوقها مزيحاً إياها وكأنك فرغت من حثالة... ثم تركتني مقتولة على فراش الموت وحدي وغادرت"
صرخ مكرراً بجنون:
"كنت أتألم مثلكِ...صدقي أنا لم أستطع أن أواجهكِ وقد اغتلتني بنفس سلاحي!"
انتقضت بين ذراعيه ودمعها يهبط بجنون من داخل عينيها المحمرتين وأنفاسها تقطعت مخلوطة بنشيجها الموجع:"تباً لك...لا تقل هذا بل أنت الجاني لايجب أن تتألم... لا يجب أن تشعر مثلي... لا أريدك أن تندم بل...اااه..."
صرخت وصرخت بانهيار حتى شعر بأن ساقيها ما عادا قادرتين على حملها...فدفع أحد ذراعيه سريعا حول خصرها موازناً إياها...ويده الأخرى تجذب ساعدها ليلفه حول عنقه علها تتشبث فيه... كانت تهذي من بين صراخها بكلام غير مفهوم بدا عاجزاً مرتعباً:
"اهدأي...سأفعل ما تريدين سنغادر هنا...ولكن لا تنحني!"
"ولكني انحنيت بالفعل أنت حطمتني!"
نبرته كانت مبحوحة موجعة:"لا لا...لا تُقِري بهذا"
أرادت أن تؤكد له ما تفوهت به. لم يشعر بنفسه وهو يرفعها إليه ليضع شفتيه سريعاً كاتماً نشيجها مبتلعاً غصتها مُسكِتاً رصاص كلماتها...كانت تزيحه بعيداً عنها بهوان غير قابلة لأي تلامس جسدي معه...لماذا هنا؟ كانت تعلم يقيناً أنها إذا قبلت أن تخطو إلى هنا...سينهار جدار قوتها ستظهر أنثاها الجريحة دون سابق إنذار لتعبر عن المرض الخبيث الذي يفتك بها لسنوات... بصعوبة كانت تبعده عنه...محاولة الإفلات والهرب
كانت كلماتها تقطر بينما فؤادها المحطم ينزف دون دماء مرئية... والألم الذي يسكنها كمدن الأحزان العريقة لا يغادر أبداً منها... ينثرها الى أشلاء صغيرة
لم تبالي به وهو يستبدل يده ممسكا بها من عضديها بخشونة يكاد يحطمها عكس عينيه التي تترجاها الغفران.الرحمة وفرصة أخيرة ... ونسيان يمحي وجعهما سوياً:
كنت أؤمن أن قلبي بك يحيا...وأنت جعلتني أكفر بإيماني؟!"
قال بصوتٍ أجش:
"يمكنني التكفير...جعلكِ تعودين لخشوعكِ بحبكِ لي!!"
"الحب يمكن أن يلمس الفؤاد لمرة واحدة...وإن اختفت بصماته متبددة في أمواج البُعد مسافرة للتيه لا يمكن أن تعود من رحلتها؟!"
قال وهو يناجي عينيها:"لم أكن أول المذنبين ولكني سأتحمل الكثير من أجلكِ...كما فعلت لخمسة أعوام أنتظركِ...امنحيني فرصة وأخبريني عن الطريق لأظفر بعفوكِ"
رمشت الدموع من عينيها وهو تقول بغل :
"أتسأل؟؟ حسناً سوف أخبرك...أريد تحطيمك...أريد أن أوجعك أؤلمك وأن أكسرك "
صرخت وهي تنزع يديها بعنف مرة أخرى وهبطت بهما علي صدره :
"مازلت تريد أن تعلم ما أريد؟؟أريد نزع قلبك لأمزقه بيدي ثم أدعسه بحذائي لأقضي على كل أمل له بالحياة مثلما فعلت معي"
أنين حقيقي خرج من بين شفتيها بينما انهارت على الأرض تحت قدميه ويد تسندها على الأرض ويد تضرب بها على قلبها المحطم
بصوت خافت أكملت :
"مازلت تريد أن تعلم ما أريد؟؟أريد اخراج قلبي الميت مع قلبك ليت بإستطاعتي اخراجك منه بغير رجعة أو وئده إلى الأبد... مثلما فعلت أنت بي"
جثم راشد علي ركبتيه أمامها ورفعها من تحت كتفيها راقبت من خلال دموعها دمعة يأس وحيدة تنزل ببطء على طول وجهه تعبر عن كرهه العميق لشرور نفسه...ينعيها وينعى عشقاً قد كان
هزت كتفيها بعجز تخبره :
"أريد أن أكرهك...فقط أكرهك ربما أشفى من كل هذا الوجع!! فأخبرني كيف؟؟ربما أستطيع وقتها أن أمنحك ما ترنو إليه"
وكأنها عادت تنتزع روحه من بين أضلعه فتركته جسداً خاوياً... سحب يده يمسح دمعته سريعاً قبل أن تراها... ثم باستسلام ضمها بقوة إلى صدره:
"دائماً ما كنت ضعيفاً بكِ... إن كان موتي هو ما سوف يريحكِ. فسأفعلها!"
عندما دفنت رأسها غريزيا بقوة داخل أضلعه... يدها تستند على هدير قلبه...انهارت كل الظروف والأسباب... الزمان والمكان...ضمها إليه بقوة...بقوة أكبر ورفعها على ركبتيه وكأنها مجرد طفلة صغيرة سلبها عالمها وعادت تطالبه بالحماية... لفت ذراعيها حول خصره... منهارة في نوبة بكاء أخرى وكأن مخزون خمس سنوات من الدموع كانت تحجزه له وحده... شفتيه كانت تطبع قبلات متفرقة على رأسها وأعلى جبهتها...مغمض العينين متألماً بشكلٍ رهيب ومستمع بحضنها بشكلٍ عجيب...كان راشد يفتح قلاعه مستقبلاً كل مدافع حربها بداخله...عارفاً أنها فور إفاقتها ستجعله يدفع الثمن ورغم كل هذا الوجع والهذيان زحف للوراء يسند ظهره على الحائط غير متنازل عن ضمها أكثر فأكثر حتى لم يصبح هناك مكان للمزيد...ثم فقط استسلم وأغلق عينيها ليتها تظل الدهر كله هنا فوق خفقاته التي تهدر تحت كفها .
...............................................
نظر ليو طويلا للوسيرو وهو يمسك يديها بين كفيه يمنحها دعمه الأبوي شاعراً بها تنهار من هول ما تسمعه من أحد الجيران الذي تنازل أخيراً ليخبرهما كل ما يعرفه عن الأمر ...بعد أن إلتف هو بنفسه حوله وأخبره بما يريده منه حقيقةً بعد أن أنشأ معه صداقة قصيرة ...ولحسن حظه كان الرجل لديه إنسانية مازالت حية ويرفض العنصرية بشتى أنواعها...عاد بانتباهه للرجل الذي كان يقول بآسى:
"صدقاني لقد بلغت بمساعدة أهلي عنهم عدة مرات لما يفعلانه بها وبالطفل المتبنى الآخر...لكنهما كانا يجيدان إخفاء جرائمهم نحو الصغار...وكما علمت سابقاً أن لهم باعاً في هذا الأمر ويتخذانه كمهنة فمجلس المدينة منحهم هذا البيت الضخم تحت حجة رعايتهم لهم ومنحهم الجو الأسري...بجانب المبلغ المالي الذي كانا يأخذانه شهرياً ...حتى قسائم الطعام كانت تتوفر لهم مجاناً"
همست لوسيرو والألم يعصف بها عصفاً:
"لا يهم كل هذا...أريد أن أعرف وماذا بعد هذه الطفولة المريعة!"
بدى الرجل مفكراً للحظة قبل أن يسألها بحرص:"أتقولين أنكِ أختها أي شقيقتها من نفس الدماء"
هزت رأسها سريعاً والدموع تطفر من عينيها:"نعم أقسم لك!"
تأملها الرجل بتعاطف بينما شردت ملامحها الممزقة وهي تقول:
"لقد كانت كالحمامة السمراء الجميلة بريئة حد الحسرة...تجبرني للغوص في عشقها وتشعرني بأمومة مبكرة جداً وأنا أضمها إلى صدري بقوة...أضعها فوق كتفي متنقلة بها هنا وهناك أحقق لها كل ما تريده دون تفكير في العواقب...لقد كانت طفلتي لا أختي من دمائي!"
أحست بيد أبيها تمسك بكتفها بينما يقول الرجل بأسى:
"انا آسف لفجيعتكِ ولكن لا أريدكِ أن تعقدي آمالاً كبيرة إذ أن من تبحثين عنها قد حولوها لكائنٍ بشع لا يمت لتلك الحمامة التي في مخيلتكِ بصلة!"
أنّت بقوة بينما تسأل بفم مرتعش:"أخبرني ما الذي حدث... وكيف غادرتهما ؟!"
بان التردد على الرجل أكثر وأراد التهرب عبر قوله:
"لماذا لا تنسي ببساطة...لا أريد جرحكِ بما أعلمه؟!"
"أنسى دمي! أختى كيف وأنا عشت عمراً كاملاً على أمل اللقاء؟! أرجوك فقط تحدث ولا تترفق لعل وجعها يمنحني إصراراً آخر لأستميت في إيجادها"
ابتلع الرجل ريقه وبدا عصبياً جداً وهو يهدر:
"لا أذكر إلا أنها خرجت للعمل منذ أن كانت في الخامسة عشر مجرد مراهقة منطوية مسلوبة الإرادة مغلوبة على أمرها تخاف البشر من حولها تتعرض للتنمر من الجميع. وقد بات كل ما بيدها الاستسلام للقهر والاكتئاب!"
صمت يمد يده يأخذ شربة ماء يبلل حلقه وكأن ما آتٍ يذبحه قبلهم لعجزه عن إثبات ما يحدث خلف بوابة هذا المنزل:
"عندما وصلت الثامنة عشر تغيرت للنقيض تماماً...ترتدي الملابس"القوطية"تصبغ شعرها بالألوان الغريبة تتكحل بلونٍ أسود مريع تضع حلقات كثيرة في وجهها الذي ثقبته في أماكن متعددة... و.وأصبحت تأتي ليلاً خلف شاب يشبهها في الملابس وبدى أنه أنه...لا أعرف إلا أنها كانت تترنح في عالم آخر ويديها مليئة بأثر حقن ما"
شهقت لوسيرو بقوة:"مخدارت...أتعني انها كانت تذهب لحفلات عبدة."
"لااااا !"
أسقط الرجل الثلاثيني رأسه بين يديه وكأنه يعاني من ذكرى ما:
"أذكر في أحد المرات رماها أمام بوابة المنزل وقد بدا أنها في غيبوبة...وخرجت والدتها وهبطت بجانب رأسها تمسكها من شعرها بقسوة ثم بثقت على وجهها وألقتها ودلفت إلى الداخل دون أن تنظر إليها"
تقطعت أنفاس لوسيرو بينما تقول بصوتٍ أجش:"لا تقل إن أختى...لا لا إياك أن تجرؤ وتتفوه بها!"
ارتعشت إبتسامة حزينة لآدم وهو يقول:
"لا لم تمت...لقد هرولت إليها أخيراً ضارباً بكلام عائلتي عرض الحائط ألا نتدخل بعد المشاكل والمكائد التي نصبوها لعائلتي بسبب بلاغاتي وأبي التي لاتنتهي..."
هز كتفيه بقلة حيلة ثم قال مستسلماً:
"رفعتها بين ذراعي وأدخلتها لمنزلي... ورغم أنف والدتي المعترضة أسكنتها غرفتي... واستعان أبى بأحد أصدقائه للنجدة من الموت!"
قالت لوسيرو بغضب:
"ألم يكن الأفضل طلب النجدة وإثبات حالة!"
قال آدم بهدوء:"لقد تعدت السن المطلوب الذي يوقعهم تحت طائلة القانون بتهمة الإهمال...ولم أستطع تعريضها هي للمصائب وملاحقة قانونية... يكفي ما عاشته طوال عمرها!"
شهقت وهي تقول:"وبعد وبعد أين هي؟!"
قال بوجع:
"بعد...ظلت في منزلي تحت رعاية أهلي السرية ربما شهر مرتعبين من أن يكشفنا أحد ويأخذها منا...لقد كانت تعاني وتصرخ متألمة طالبة سمومها واستمر الطبيب صديق أبى في المرور يوميا وأمرنا بوجوب ولوجها لمصحة للإدمان...أنا حاولت أن أفعل كل شيء حتى أني ذهبت وسجلت في سرية في أحد المراكز..."
صمت قبل أن يستطرد بشرود:
"لقد كانت معاملتهم السيئة لها كالوشم داخل روحها لم ترده هي أن يختفي وكأنها تريد التخلص من حياتها عبر ما تفعله...لقد دمرت حياتها كلها "
ظلمة الليل في عينيها كانت تزداد حدة وكأن ما عاد للنور مكان ليسطع بينهما أبداً:
"أختي كانت من عبدة الشيطان...هل حولت نفسها جسداً لأهواء هؤلاء القذرين!"
تقبضت يدي الرجل بشكل غريب وبات يصارع شيء ما بينما يقول بقتامة:"لا أظنها كانت وصلت للقوطية بحد ذاتها...ولكنه مجرد مظهر أما عما يختفي وراء السؤال...أنا لا علم لي أبداً. ولكنه ما أعلمه أنها لم تكن حاملاً مثلاً"
اهتز صدرها بدمعة محرقة وهي تقول:
"حامل...وهل تفرق هل تظن أنهم أعطوها ذلك القرف مجاناً"
"هذا ما كان يرجوه متضرعاً ليسوع"
امتقع وجهه ولم يرد:"إن كنت تعلم كل هذا أين هي"
وقف آدم بعصبيه شديدة من مقعده ثم توجه لنافذة زجاجية يضم يده بعنف فوقها قبل أن يقول:"لا أعرف..."
سألت ببطء ضعيف:
"ألم تقل إنك حجزت لها في إحدى المصحات ؟!"
أغلق آدم جفنيه ثم قال بنبرة خفيضة:
"في إحدى المرات كان جسدها ينتفض في نوبة حرارة أصبحت معتادة...كانت تهذي بأشياء متفرقة، ومن بينها كانت تذكر بشكل متكرر اسم غريب وكأنها تطلب منه النجدة وبدت أنها تؤمن به بشكل قاطع لينتشلها مماهي فيه...عندما بحثت عنه وجدته ينتمي لرجل يطلقونه العرب بشكل خاص على أبنائهم"!
وقفت لوسيرو ببطء بينما تقول بأمل:"عيسى...هل كان عيسى؟"
أومأ بموافقة دون أن يقول شيء...
"كانت تتذكر الصغيرة لم تنسى!"
إستدار بالكامل إليها بينما يقول بحزن:"أعتذر لك مرة أخرى...ولكن عندما أعدت عليها الاسم وهي متيقظة سائلها عن ماهيته كانت صادقة جداً بأنها تجهل ما أتحدث عنه!"
تخلت عن كل أساليب اللياقة وهي تصرخ بقهر في وجهه:
"اذن لماذا تخبرني بكل هذا...وكيف أضعتها منك إن كنت مستعداً لمساعدتها"
قال بصوت مكتوم:
"لم أتخل عنها...في أحد الأيام وقبل أن أصطحبها للمصحة ظهرت شابة نحيلة جداً مرهقة وكأنها كانت تعاني هي الأخرى من مصير قاتل...لا أعلم كيف وصلت إليّ ولا أعرف من أين كانت متيقنة أني أخبئ"آيلا اوران"في منزلي"
تمسكت لوسيرو في ظهر المقعد حتى إبيضت سلاميتها بينما تنتظر القادم وقلبها يقصف داخل أضلاعها بمعدل غير مسبوق عندما نطق آدم:
"أصرت أن نصف قلبها لديّ...لم أفهم في البداية ظننت أنها مزحة سخيفه من أحدهم...ثم كانت الصدمة وأنا أتبين ما وراء الملامح الشاحبة...نسخة متطابقة من"آيلا"حتى وإن بدت من أمامي برغم مظهرها هذا أكثر قوة وأشد بأساً... محاربة شامخة تنوي قتال الدنيا كلها إن وقفوا أمام ما تبغيه ومما لا يحتاج لذكاء مني كانت مَن مِن خلف ظهري تحدق بها بذهول هي هدفها الأوحد"
"مرح أيوب.... محاربتي القوية وصلت إليها قبلي...كنت أعلم أنها دائماً ملاكها الحارس"
...........................
وقف أنخيل يتوجه لصغيرته... يحيطها بذراعيه بقوة يمنحها كل ما تحتاجه من دعم معتاد متفهماً لمشاعرها ثم همس:
"كنا نسعى وراء أمل واحد الأن لدينا اثنان...تماسكي صغيرتي لقد إجتزنا نصف الطريق!"
تمسكت به لوسيرو بقوة وهي تقول برجاء وأمل يشتعل بخافقها:
"نعم سنجدهم أبي!"
هز ليو رأسه بينما يديه الحنون تمسح دمع عينيها ثم قال بهدوء:
"ولدي أمل أننا سنجد عيسى في منتصف هذا الطريق يا لورين"
أرادت الابتسامة تقبل الوعد المطوي بين حروفه ولكنها دائماً ما كانت تشعر بقهر:
"كيف للأوطان المسلوبة أن تعود وكيف للأعلام أن ترفر عالياً بعد أن نُكِست محترقة وسط الألغام...كيف ووطنها الأم مازال مغتصباً يعيث فيه الأنذال فساداً...وعيسى صقرها كان بين قلبه الصغير كل خرائط الوطن يحمل بين كفيه أمل العودة لأرض أصبحت في طي النسيان...فهل لها أن تجرؤ ان تحلم .. أن الغضب العاصف أتي وأن تمر بصحبته على كل خطوط الأحزان مستعيده هويتها ؟!"
...................................
"تباً تباً تباً"
في أحد الشوارع الخلفية المظلمة كانت امرأة تجثو على الأرض، تعمل سريعاً على إنقاذ حياة رجل وإيقاف دمائه...بينما رئيسها في العمل ينهرها:
"اتركي هذا المتشرد حالاً هل جننتِ سوف يتسبب لنا بمصيبة"
قالت المرأة من بين أسنانها:"لن أترك روحاً تموت أمام عيني على جثتي!"
حاول الرجل جذبها بعنف:"إن لم تتحركي حالاً لداخل السيارة إعتبري نفسكِ بلا عمل"
شدت ذراعها منه بعنف وهي تهتف من ببن أسنانها:
"وأنت إن لم تتركني أقم بعملي سوف أطلب النجدة وأخبرهم بكل شيء...القرار بيدك إما تتركني أعالج معصمه...أو تصطحبه لأقرب مشفى"
زمجر الرجل الأبيض بعنف بينما يسبها بلفظ خارج...لم تهتم وهي تخرج ضمادات طبية وجهاز غلق جروح متقدم وبعض المطهرات تأملت ملامحه بتعاطف بينما تشكر درجتها العلمية كممرضة والتي لم تستطع أن تعمل بها لحالة الكساد هنا...فحتى في أرض الأحلام التي يعتقدها الحمقى من المهاجرين يصعب إيجاد لقمة العيش...بل إنها تحارب بشراسة للحصول على حقوقها في بلد العنصرية الأول تاريخياً....
ساعة أخرى وكانت انتهت من معالجته مبدأياً مسحت عن جبينها بعض العرق...بينما بهدوء تخرج أشيائه التي وجدتها بجانب الفراش ورقة بعنوان ورقم هاتف وبعض الدولارات الهزيلة ودلاية فضية يبدو أنها قديمة تسكنها صورة امرأة تشبهه في الملامح.
"هل انتهيتِ؟"
رفعت رأسها نحوه:
"تحلى ببعض الإنسانية لقد نجا دعنا نعيده لغرفته"
قال بغضبٍ مقيت:
"تريدين مني إرجاع مدمن للخمر وعاجز يحاول قتل نفسه...هل جننتِ افيقي قليلاً أنا لا افتح هذا مأوى للمتشردين ...هذا مكان لجلب المال لا مجمع خيري"
وقفت على قدميها تنظر إليه بحقد لولا الحاجة...لولا أنها فتاة وحيدة في معترك الحياة مجبرة لإعالة نفسها لكانت ضربت عديم الرحمة...توجهت وراءه نحو السيارة تاركة هذا الرجل كالجثة مجرد انفاس باهتة تتردد في شهيق وزفير مبقية إياه على قيد الحياة...بينما ضمت بقوة تلك الورقة بين أصابعها متراجعة عن وضعها جانبه
........
بعد دقائق كانت الموظفة تتلفت يميناً ويساراً وهي تنظر للهاتف الخلوي الذي اشترته في التو"بعشرة دولارات"تقضم أظافرها بتوتر لا تريد أن تدخل نفسها في حوارات وجرائم...ولكنها أيضاً لا تستطيع ترك إنسان يواجه الموت على مرأى منها...أخذت قرارها أخيراً مكالمة سريعة للشرطة تبلغهم بمكانه ثم تهشم هذا الهاتف وتحتفي من المكان...دقيقة أخرى أخذتها في تردد لتتغير ملامحها في لحظة وهي تمحي رقم النجدة... وبدافع غير معلوم أسبابه كانت تٌخرج الورقة الخاصة به وتطلب الرقم المدون بها بهدوء قائلة:
"وجدت هذا الرقم مع شاب مقعد هو الأن يصارع الموت في الشارع وحيداً عنوان المكان بالضبط هو"................"
وبدون إنتظار إجابة كانت تغلق الخط مرتاحة الضمير بطريقة ما...وغادرت الى الأبد بغير عودة
..............................
بعد خمسٍ وأربعين دقيقة لا أكثر كانت تهرول على الرصيف حافية القدمين ترتدي إحدى منامتها إذ أنها لم تستطع أن تفكر بشيء إلا ما أخبرتها به تلك المرأة؟!
كان يتبعها أبيها وأمها اللذين رفضا أن تقضي ليلتها وحدها في منزلها بعد ما اكتشفته اليوم بشكلٍ خاص...
وقفت لوسيرو تتلفت حولها بعجز ترفع يديها تغرزهم في شعرها الكثيف المنسدل بحرية حولها... بعجزٍ:
"لا أراه...هذا هوالعنوان الذي أرسلته المرأة"هتفت بنفاذ صبر
مشط أبوها الشارع المظلم سريعاً ثم قال وهو يتوجه لأحد فروعه الضيقة الواقعة خلف مبنى كبير تتجمع فيه مكبات القمامة الضخمة...
"إن تخلص منه أحد كما أخبرتكِ المرأة فلن يرميه في مرأى من العامة"
دخل ليو بحرص بينما اقتربت خوانا تشدد عليه وهي تقول:
"سنجده حبيبتى لا تقلقي!"
"لورين...لورين"
هتاف والدها صدمها باستخدامه اسمها العربي...لم تتوقف عند هتافه رغم الصدمة التي تمكنت منها هي وأمها وهرولت ناحيته لتجده أخيراً هناك منكب على وجهه معصميه مرفوعين لأعلي يلتف حولهم ضمادة طبية رغم إحكام وضعها ولكنها كانت غارقه في المزيد من الدماء الأن..."
إغرورقت عيناها بالدموع ثم مالت للأمام وهي تجثو بركبتبها بجانبه ترفع رأسه واضعه إياها على ركبتيها...
"رباه ماذا فعلت بنفسك...لماذا لماذا؟!"قالتها بنبرة متحشرجة ويدها تلقائيا تسحب طرف بلوزتها ممرة إياها على وجهه علها تزح بعض التراب الذي مُرِغ فيه!
جلس ليو بجانبه يضع أصابعه أسفل وجهه ناحية نحره...ثم قال بعملية:
"نبضه يخفت...يجب العناية به الأن...تعرفين يقيناً أن قطعه لمعصمه ليس مميتتً ولكن نزفه للدماء هو ما سيزهق أنفاسه"!
هزت رأسها سريعاً بينما تحاول أن تفيق نفسها من رثائه:
"حسناً سننقله لمنزلي وأنا سوف أهتم به"
قال ليو بجمود مستنكر :
"منزلكِ؟! هل جننتِ؟!"
أسرعت لوسيرو تقول بصوت مكتوم حازم :
"بل عاقلة تماماً وأعرف ما أفعله، غير ممكن أبداً أن أسلمه لهم مرة أخرى قبل أن يستعيد نفسه ويقدر أن يدافع عن كرامته...أي اقتراح آخرمرفوض دكتور أناخيل إذ أن هذا حقي وإختياري وحدي"
ضم ليو فمه بقوة رغم تعابير وجهه التي أخذت الرفض المخالط للخيبة...انحنى مرة أخرى يجذبه من ذراعيه ويلقيه فوق كتفه...إذ أن جسده الوهن كان لا يزن شيء اطلاقا!
"تذكري أني قلت هذا...سوف تندمين لورين ...هذا الفتى سيؤلمكِ كما لم تري من قبل وأنا رغم مساعدتي إياكِ...ولكني لن أسمح لكِ بعيش الخيبة وحدكِ..."
"خوانا هاتي السيارة من فضلك إلى هنا قبل أن يرانا أحد لنتوجه لبيت لوسيرو لير اناخيل"
قالها بتأكيد وكأنه يعيد على عقلها أنه مهما تفهم وجيعتها لن يقبل بأن تنفصل عن أبوته لها !
.......................................
وضعته داخل حوض الإستحمام مباشرةً ...استطالت قليلا خالعة قميصه وأبقته فقط بملابسة الداخلية اذ كانت رائحة العفن تفوح مخالطة لرائحة الموت من كل جوانبه... كانت المياة مازلت تنهمر من الصنبور تحت قدميه التي رفعتها لوسيرو على أحد المقاعد...وركعت بجانب الحوض تقص بنطاله لتستطع أن تعلم مدى الضرر الذي ألحقه بنفسه
"طفل يائس غبي...لم يمر أسبوعين على تركي إياك لأجدك مدمر البقية منك"زفرت قائلة بضيق...
لم يكن الأمر غريب عليها إذ أنها لم تكن المرة الأولى للتعامل مع ممدوح أو مساعدته بهذا الشكل...سمعت صوت أمها تقول:
"الفتى يبدو كالجثة لوسيرو...لا يشعر بأي شيء مما نفعله به"
قالت بنزق:"أنه جثة بالفعل يا أمي"
تنهدت خوانا بآسى بينما أظهرت شيء ما من بين يديه... أجفلت لوسيرو وهي تقول متوسعة العينين:"ما هذا...أمي"
قالت خوانا بنزق:
"ماكينة حلاقة...وأنوي تهذيب شكل القرد الذي يتخذه مظهراً ما...إن مظهره مريع لوسيرو"
دائماً ما كانت خوانا تهتم بالمظهر كالجوهر تماماً بغير تنازل عن أحد الجانبين
"هل تمزحين أمي نحن نعمل على إنقاذ حياته...وأبي ذهب ليجلب له مسكنات وأدوية معرض نفسه للمساءلة...وأنتِ ما تفكرين فيه لحيته؟!"
قالت خوانا بعنادٍ قاطع:
"انا لن أشارك في أي إنعاش لهذا القرد دون أن أهذب مظهره وإلا لن أساعدك أبداً في نقله أو غيره"
خبطت لوسيرو وجهها ببطن يدها بعنف:
"قرد...هذا الأحمق إن آفاق وسمعك أو عرف ما فعلتيه بتلك الألياف التي يعتز بها أكثر من حياته...سيطلق علينا وابل من رصاص العنصرية"
لم تهتم خوانا وهي تأخذ قرارها... أمسكت المقص أولاً وأخذت ذلك الشعر المترب القريب بالنسبة إليها جزاً...ثم قالت:
"أووه...هذا مثير عنصري آخر؟! وأنا من ظننت أن العرب مثلنا يمقتون العنصرية"
سخرت لوسيرو وهي تمد يدها تحل عقدة معصمه محاولة إعادة علاجها مكتشفة إتقان الغرز خاصته...فلم يحتج منها إلا التعقيم والعمل على منع بعض الدماء التي مازلت تقطر منه
"أووه ماما ،.صدمتني بالفعل ، اذ أن أخر إحصائية حديثة اثبتت أن العرب أنفسهم يحصدون المركز الأول في العنصرية؟!"
"اووه حسناً ، أملت بغير هذا"
"انا لا أصدق أننا نستغل أوجاع الرجل ونجري هذا الحوار إنه يموت"
تنفست خوانا بهدوء بينما مستمرة في تهذيب الشعر الكثيف للحيته:
"لا هو ليس كذلك... الفتى في غيبوبة من أثر سموم الخمر...كما أنه لن يحتاج لنقل دم ...نحمد الرب على هذا"
فردت لوسيرو كفه على كفها بينما تكتشف طعنات متعددة بهم...وكأنه لم يقصد بها إلا عقاب نفسه على فعلةٍ ما تذل روحه...
نفضت نفسها سريعاً وهي تعود دامعة العينين تضمد داخل كفه ثم تغلقها بضمادة كبير ضد الماء كما على معصمه...سمعت خوانا تقول:"اخرجي زجاجة محلول أخرى وحقنة مسكن"
قالت لوسيرو بهدوء:"ولكن ألم نمنحه بالفعل بعض الأدوية بجانب مثبط لدمائه أوقف نزيفها" قالت بحزم:"نفذي لا وقت للنقاش، حتى يصل والدكِ بالأدوية اللازمة وأيضاً مسكنات قوية لحالة ساقيه"
هزت رأسها ثم غادرت للتنفيذ
....................
بعد وقت كانت بمساعدة أمها أوصلوه بصعوبة لغرفة إضافية كانت قد جهزتها في منزلها لحالة الطؤارى عندما يأتي والديها للمبيت لديها...انتهت بوضع ما آمرتها به دكتور خوانا أناخيل التي سألتها: "لماذا"
جلست بجانبه على طرف الفراش تمسك يده بين كفيها ناظرة إليه بقتامة ونظرت إلى وجه أمها الهادئ ثم أجابت:"لا أعرف"
نظرت إليها طويلاً قبل أن تقول بتلكؤ:"هذا لا يُعد إجابة من وجهة نظري...لذا سأسألكِ مرة أخرى، لماذا ما المميز فيه ليجعلكِ تعرضين مستقبلكِ للخطر، للمغامرة بقضيتكِ الأبدية في إيجاد إخوتكِ؟ أنتِ تحطمين نفسكِ عبره!"
مالت برأسها نحو كتفها الذي حركته بإستسلام...ثم ما لبثت أن قالت بخفوت:
"أحزانه بها ملامح من أوجاعي، ألمه فيه من ألمي، وعذاب روحه يشبه إغتيال روحى...نحن متناسخين بالوجع"
في هذه اللحظة أختار أن تتحرك اصابعه بوهن متلمسه أصابعها وبلهفة كانت تطل عليه من علو... بترقب وأمل تنظر لجفونه التي تتحرك...ثم فتحهما أخيراً لتتلاقى الظلمة في عينيه بلون الحداد في عينيها...وللغرابة ابتسم بضعفِ وهو يقول:
"لا...مستحيل أن أجد ملاك مثلكِ ينتظرني في الجحيم الذي إخترته...ومن الغير الممكن أيضاً أن يكون الله غفر لواحدٍ مثلي وأدخلني جنة النعيم...فأخبريني يا ملائكية الروح كيف الخروج من هذا المأزق؟!"
..............................
#انتهي قراءة سعيدة
................................
.



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 16-01-20 الساعة 12:11 AM
Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:39 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.