آخر 10 مشاركات
كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          عشق وكبرياء(6)-ج1 من سلسلة أسرار خلف أسوار القصور-بقلم:noor1984* (الكاتـب : noor1984 - )           »          247- حب رخيص-كيت ولكر (مدبولي) عدد جديد (الكاتـب : Gege86 - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          💕💕 حكايا القلوب..بين الزحام والناس💕💕فعالية جديدة*قصص قصيرة*(الموسم الأول كامل) (الكاتـب : اسفة - )           »          أول شتاء من دونك -سلسلة قصص قصيرة- بأقلام نخبةكاتبات قلوب [حصرياً ]كاملة &الروابط* (الكاتـب : Märäĥ sämį - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-11-19, 06:16 PM   #881

bella vida
 
الصورة الرمزية bella vida

? العضوٌ??? » 336887
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 404
?  نُقآطِيْ » bella vida is on a distinguished road
افتراضي


:a555::a555::a555::a555:Waiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiting

bella vida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 06:50 PM   #882

Hoda.alhamwe
 
الصورة الرمزية Hoda.alhamwe

? العضوٌ??? » 456087
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Hoda.alhamwe is on a distinguished road
Rewitysmile1

ياستار سمعت ان الفصل ضرب نار ارحمينا ياكيوت انا قلبي بيدق بسرعة رهيبة قبل الفصل ماينزل

Hoda.alhamwe غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 07:00 PM   #883

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
ALARM

:a555::a555::a555:


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 07:38 PM   #884

Hoda.alhamwe
 
الصورة الرمزية Hoda.alhamwe

? العضوٌ??? » 456087
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Hoda.alhamwe is on a distinguished road
افتراضي

هاااااااا ايه الاخبار اين الفصل اني لا اراه

Hoda.alhamwe غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 07:48 PM   #885

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
1111

[
size="7"]شظايا القلوب
الفصل الثامن عشر !!

[/size]
ربما تحتاج أن تغفر لنفسك ، حتى تستطيع منحه للآخرين ... وإن لم تستطع ؟! حسناً أنت بالنهاية مجرد بشر ولست مجبراً أن تتمسك بصفة الملائكية ؟!!!
...........................

قلوبنا أبواب مغلقة منذ سنين لم نُزل عنها غبار الوقت أو صدأ تآكل أقفالها ...
كنا نأمل أن القادم سيكسر العزلة التي بداخلنا ، الوحدة المعلقة بين افتراضات الوقت و العلاقة ...
#نبال مناصرة
............................

الباب فُتح باندفاع دون أن يطرق القادم مستأذناً الدخول !
مما جعله يرفع رأسه بحدة من على أوراق عمله ، في استعداد لتقريع مناسب أيا كانت صفته ... وأيا ما كان ينويه تبخر في الهواء مع انقباض فؤاده كالمعتاد وهو ينظر إليها ما بين تعجب وإعجاب ...
" أنا لا أفهم كيف تقوم باتخاذ قرار كهذا دون عقد مجلس إدارة عاجل لتأخذ رأي الأغلبية على الأقل ؟!"
اللهجة العملية البحتة التي تتحدث بها أجبرته هو الآخر أن يتصرف علي أساسها عندما رفع نظارته الطبية من على عينيه وهو يمد يده سائلها بهدوء " أي واحد تقصدين ... لقد اتخذت إجراءات عدة في غيابك ؟!"
ناولته الملف وهى تقول " تخفيض رواتب رؤساء أفرع الشركات في بعض المحافظات ؟!"
قلب راشد الأوراق بين يديه بهدوء قبل أن ينظر إليها بطرف عينيه وهو يقول " لم يكن قراراً متسرعاً منيّ ، ولكن كان أمامي أحد الخيارين : تسريح بعض العمال البسطاء ، أو تخفيض رواتب رؤسائهم الضخمة دون داعي يُذكر !"
اطلقت زفرة طويلة قبل أن تجلس على مقعد أمام مكتبه ثم قالت " بعضهم ذو خبرة كبيرة يعمل أكثر من عشرين عاماً ... ويستحق ما يحصل عليه !"
قال بنفس الهدوء " الأمر ليس بالخبرة يا بدور ... ولكن بما أحصل عليه منهم من عمل ... تعلمين أن مجالنا لا تصلح فيه مجاملات وإلا كان انهار هذا الكيان منذ زمن ... في رأي الشخصي بعيداً عن دراسة وافية استغرقت شهور وأشرفت عليها بنفسي ... أنا أرى أن هؤلاء العاملين بالأيدي ذو فاعلية أكبر !"
صمتت للحظات تسحب منه الملف تتفحصه مرة أخرى وهي تقول " في رأيك كيف سيكون استقبالهم لخبر كهذا ألن يثير زوبعة لا نحتاجها الآن !"
وقف من مقعد واستدار يخطو نحوها واقفاً أمامها متكئ بظهره على سطح المكتب وهو يقول " تم إخبارهم بالفعل ... ورُفعت مذكرات تذمر واعتراض وتظلم ... وتم العناية بهم !"
رفعت رأسها تنظر إليه ببرود للحظات قبل أن تقول ببساطة شديدة " حسناً !"
ارتد رأسه للوراء وهو يقول مدعي الذهول " هكذا فقط لن تجادلي ؟!"
وقفت أمامه ببطء متعمد تضع يدها علي انتفاخ بطنها تُمسد عليه وهي تقول بتهكم " أراجع رئيس مجلس الإدارة الأذكى من نوعه ؟! لست محدودة الذكاء لهذه الدرجة يا نمري !"
عندما رأها تنوي المغادرة أمسك بذراعها شارعاً في إيجاد أي سجال معها حتى يبقيها أمام عينيه أكبر قدر ممكن ... ثم همس مستفزاً إياها " للحقيقة قدراتكِ العقلية أقل من هذا بكثير ... لذا أستعجب معدل ذكائكِ الذي ارتفع قليلاً ، قليلاً فقط ... هيا ما سركِ ؟!"
زمت فمها بقوة وكأنها تقاوم نفسها ألا تسحب أية ثقالة أوراق من فوق مكتبه وتخبطها على رأسه !! ولكن يبدو أنها نجحت في ضبط أعصابها عندما أفلتت منه وهى تقول ببرود ساخر " حصُلت مؤخراً على التحرر من قيدٍ غبي وكسرت حلقة نارية يا نمري ... العاقبة عندك !"
ها هو يحصل علي ما أراده ... زفر بانتصار صغير للغاية عندما قال " أه ... إن كان هكذا ، فأنا حصلت على نفس المنحة !"
قالت بدور وهي تشعر بعدم الارتياح " هيا ما الذي تريده ، ألم نتفق على علاقة عملية بحتة ؟!"
دارت عينيه يتأملها هذه المرة بحرية تامة ، تاجها العسلي مرفوع فوق رأسها كما اتفق في كعكة مهملة !! وارتدت قميص أبيض من القماش الناعم تحت " سالبته من الجينز " بحملات أحدهما تعلق علي كتفها والأخرى تهبط لتعلق على منتصف ذراعها ... ثم . مهلاً لحظة هل بدور أيقونة الأناقة في وسطهم تتجول في مكان العمل دون حذائها أو حتى جوارب بل كانت تقف أمامه حافية القدمين ؟!"
" هل انتهيت من نوبات تأملك اليومية المغيظة ! " قالت من بين أسنانها !!"

وأول ما خطر علي باله أن يقول بنوع البلاهة " أين حذائكِ ؟!!"
عبست " وما دخلك في الأمر ... هل هناك لائحة جديدة وضعتها تمنع هذا ؟!"
اقترب يقطع الخطوة بينهما ... فابتعدت هي خطوات مانحة إياه بعيني شرستين تحذير متوعد فقال بتسلي " لا قواعد بالطبع ... ولكن قد يضر هذا الامر بابني إذا اصابكِ فيرس ما فتنقليه إليه بسبب هذا الإهمال !"
فغرت فاهها بعدم تصديق وللحظات بدت عاجزة أن تجد رداً لاذع يلجمه " هل تلقيت ضربة على رأسك سببت لك نوع من الغباء ... ما الذي تقوله بحق الله ؟!"
يديه تحسست صدره ذهاباً وإياباً والأخرى حكت مقدمة رأسه ثم قال " قبل شهور ، هناك غبية ما سلطت عليّ رجالها كما تعلمين قد يكون حدث هذا لسببٍ أو آخر !"
فركت ما بين عينيها بباطن يدها بتعب قبل أن تقول " هذا الوضع غير مريح إطلاقاً ... ما الذي تهدف إليه من كل هذا ...هذا ال ، رباه أنا لا أجد حتى مسمى يليق بهذا العته !"
" لقد وصفتيه للتو بالعته ... وهذا كاف ، أما عما أريده ... من حقي أن أعلم كيف تجري أموركِ مع الطفل !"
قالت بضحكة عصبية ساخطة " هذا على اساس أنك لا تلاحق طبيبي هناك وهنا ؟!"
عبس وهو يقول " ليس لهذه الدرجة ... كيف لي بالوصول لطبيبكِ هناكِ ... ولكن لن أنكر أني وصلت لطبيبتكِ هنا قبل أن تذهبي إليها حتى !"
نظرت إليه باستنكار ثم قالت " إذاً أنت على علم بكل شيء ... ما الذي تريده أكثر ؟!"
اقترب منها فلم تتحرك هذه المرة ... رفع يده بتردد للحظات أمام وجهها وكأنه يريد اختبار ردة فعلها قبل أن يأخذ خطوته التي تمثلت في إمساكه خصلة شاردة من ربطتها تغطي وجنتها " السماع عنه منكِ له متعة خاصة ... وإن كنتِ حرمتني من أشياء كثيرة ولحظات غالية معه ... فلن تكوني أنانية حد منع عني الحديث من بين شفتيكِ !"
كان اقترابه منها بهذا الحد الخطر بعد شهور من البعد ، وبعد أخر لقاء مدمر بينهما انتهى بها ذبيحة ! يثير لديها اعتى أنواع المشاعر رفعت عينيها العسليتين الغاضبتين تتأمل تقاسيم وجهه كما يتأملها ... حب راشد كان دائماً كالثورة بداخلها فمتى تستطيع إطفاء نيرانها ووأد كل مطالب ثوارها ؟!!
" تأثيره عليّ كما بصمة والده !"
ارتجافه يديه الممسكة بها كانت تستشعرها بسهولة كما أنفاسه الصاخبة " وضحي أكثر ؟!"
استنشقت مقداراً جيداً من الهواء تعيد تحكمها بنفسها قبل أن تقول بهدوء " لم يعد من حقكِ !"
اشتعل الغضب في عينيه وهو يشد خصلتها بعنف مقصود ثم قال " إذاً ما أخبرني ياسر إياه صحيح ؟!"
كتمت تأوه اعتراض غاضب وهى تزيح يده بحدة ثم قالت " وماذا أخبرك بالضبط ؟!"
قال بجفاف متهكم " أنتِ تنوين مزيداً من الغباء والتلاعب بالصغير ، وأخذه كتعويض مناسب لمعاناتكِ معي على حد قوله ؟!"
ملامحها التي انقلبت باستهجان جعلته يصدق بسهولة ما نطقه لسانها " أنا لم أجري مع والدي أي نوعِ من الحديث حول طفلي ... ربما كنت أخاف بالفعل من قيامي بهذا ولكن الآن وبعد أن تحرك بداخلي ... لا أعتقد بشكل مطلق أني أنوي حرمانه من أية عاطفة قد يحصل عليها حتى إن كانت منك !"


اقترب واضعاً كفه الضخمة على جنينها ثم قال وعيناه تبرقان
" أنتِ جادة ؟!"
رمشت بعينيها مجفلة واحمرار طفيف يزحف يغطي وجهها الجميل جاعلة إياه يحدق فيها هو الآخر بإحدى نظراته الجائعة متذكراً بقسوة ذلك الاحمرار المألوف الذي لا يتلبسها إلا في أوقاتهما العاطفية الخاصة جداً ...
تقلصت كتفيها وهي تعود محاولة أن تزيح يديه بارتباك " هذا لن يفلح !"
اغمض عينيه للحظة ثم تنهد بعنف وهو يقول " وما الذي سيمنعه ؟!"
قالت بتشنج " أنا ... إلا يكفيك هذا السبب ؟!"
أمسك وجهها بكفه مرغمها على النظر إلى عينيه وهو يقول بدفء " أستطيع إصلاح كل هذا ... أكررها على مسامعكِ امنحيني الفرصة من أجلكِ أنتِ ، أنا قادر على منحكِ كل ما تحتاجين !"
علقت عينيها في عينيه للحظات ... واختفت الدنيا من حولهما فلم يبقي سوى وجودهما معاً ... يلفهما صوت فؤاده الذي يعزف لحناً خاصاً جداً على رابط أقر هو بكسره كما كسرها مرات " لم يعد لديك أي شيء احتاجه يا راشد ، ليس بعد عرضك عليّ ... ليس بعد تجريدي من كل مبادئ وتحويلي لمجرد غانية في تلك الشقة !"
اطلق أهه ألم مكتومة قبل أن يقول بصوتٍ أجش " كنت أراهن نفسي أنكِ لن تفعلي ... كنت أريدكِ أن تري ما أوصلتنا إليه !"
روحها كانت ضائعة تماماً كما ضياع عينيها وهي تنظر إليه ثم همست " ما تركه كل واحد فينا داخل الآخر جرح لا يُداوى وكسر لا يمكن أن يُجبر ... دعنا نكتفي بهذا القدر أنا لا أريد مناقشة أي ما كان !"
" نحن نستحق فرصة !"
ابتسمت بوجع ساخر " ما عاد نحن يا راشد ، أنا تنفست الصعداء أخيراً بتحرري منك ... ولا أنوي إدخال نفسي مع رجل انعدمت ثقتي فيه ولن تعود أبداً !"
بدأت أنفاسه تتسارع ألماً وهو يقاوم نفسه ألا ينفجر فيها غيظاً مانحها ذلك السجال المعتاد وتبادل الكلمات الجارحة ... ولكنه ببساطة لن يفعل ، أو ما جعله يصمت شاعراً بالرهبة بأحاسيس عدة لا تُفسر تلك الحركة الخفيفة التي استشعرها تحت يديه تتلوى بين أحشائها بكائن أشبه " بقرموط نهر هارب !"
أنامله كانت تتبعه يتحسسها بارتجاف ناظراً إليها بتخبط بذهول وكأنه يستجديها التفسير ...
ابتلعت بدور ريقها الذي جف وهي تكره هذا الضعف الذي دب فيها أمامه مع تسارع دقات قلبها رهبة من موقف كليهما " توقيتك خاطئ جداً يا صغيري"!!
غمغم راشد أخيراً سائلا " هذه ليست مرته الأول ؟!"
همست بتوتر وهي تزيح يديه بإصرار " لا لقد بدأ في شهري الخامس ... ويفعلها كثيراً مؤخراً !"
أطلق ضحكة قصيرة وعيناه تبرقان سعادة مفلتاً إياها دون مقاومة هذه المرة " صبي جيد !"
تمتمت شبه باسمة " طبيبتي تقول هذا أيضاً وإن كان يؤثر بي بشكلٍ سيء جداً ... يجعلني متقلبة المزاج وأتقبل بعض الأشخاص الذين أنفرهم مثلك الآن !"
رفع كفيه مدعي الاستسلام وهو يقول :" لن اجادلك بعد هذا العرض الممتع منه ، تستطيعي الانصراف ... يا حافية القدمين على مكتبك ؟!"
رفعت شفتيها بإستنكار قبل ان تمر من جانبه .. في مشيه انيقه مترفعه على أطراف أصابعها العاريه !!...فتحت الباب وغادرت مغلقه إياه خلفها في هدوء شديد مبالغ فيه !!
وقف للحظات ينظر في اثارها متحير ..لا ليس هذا ما عهده على نفسه ، لقد كان اطلق وعدا حيا انه انتهى من كل هذا .. ما الذى تفعله به وتدفعه اليه كيف يصبح مجرد عاشق مدله احمق في حضرتها !! كاسر كل معاهداته مع نفسه .. ربما بالفعل طفل من صلبه اشتاق اليه ورغب بكل كيانه ان تكون وحدها حاضنته ويتكون بداخلها ..هو ما يشل كل تفكيره !!
وللحقيقة بدور لا تترك للعقل مجال للتنفس بعيداً عن صورتها الساحرة بحملها إياه ..!
" حسناً ماذا قالت الحكيمة الصغيرة مرة .. اااه يستطيع حل كل مشاكله واكتساب قلب المرأة بوجبة طعام دسمه تفضلها !! "
أطلق ضحكة صاخبة أخرى وكف يده يمرره بعصبيه على شعره الكثيف ثم استدار راجع لمقعده .. متذكر مصيبته الكبرى الأخرى التي يتوجب عليه حلها في حديث جدي مع خالد .. خاصة بعد سؤال سَبنتى المضطرب بالأمس :" ماذا يعنى ان اخبرك شخص انه يريدك حلاله ..!"
" حلاله يا شيخ الحمقى ... تخبر طفلتي انا بهذا .. حسناً أريدك في تمام الساعة العاشرة مساءً امام منزلك سأمر عليك بنفسي .. لدينا حديث مطول يتمحور حول حلالك ؟! .. اه كدت ان انسى ليلة سوداء أخرى على رأسك يا ابن عمي !"
ضغط زر الإرسال ... ثم إلتقط هاتفه يطلب رقم ما ..انتظر الرد لدقائق تنحنح قبل ان يقول بهدوء :
" اريد شطيرة ضخمة من خبز البيغل ساخنه ومدهونه بالزبد .. مكوناتها جبن كريمى والكثير من شرائح السلمون المدخن ؟!"
سمع تعجب من الشخص المتلقي طلبه قبل ان يقول راشد بإبتسامة جانبيه :
" لا المكونات صحيحة تماماً انا لم امليك شيء خاطئ .. المهم ان تكون هنا خلال نصف ساعة على الأكثر وتحرص ان تكون كل المكونات طازجة ؟!"
" اه كدت ان انسى أريد أيضاً عبوة زيتون خضراء ضخمه ، تأكد بأنه غير ناضج بعد !"
اغلق الهاتف هامساً بتسلى !
" بالنهاية قد أستطيع منحك شيئاً ما تحتاجيه يا ام ولدي !!!"

......................................

صوتها الذي صدح صارخاً ب "لا" كان يتناغم مع دقات قلبه هو الآخر ، ضجيج ما استشعره داخل رأسه وهو يخطو لداخل منزلها يتأملها بذات اللهفة ... باشتياق أب حُرم منها أعوام ، أب كان يثق أنها مفتاح حكايته المعقدة والتي ستجمع له بسهولة كل شظاياه المحطمة " بلا يا ابنة أيوب ... هو أنا أمامكِ بعد سنين عذاب وحرمان قضيتها في البحث عنكم !"
نظرات الذعر مع لهاث عنيف كان كل ما يحصل عليه منها ... مستمرة في تراجعها حتى استترت أخيراً وراء هذا الشاب القعيد ... مما أجبره أن يسترعي انتباهه أخيراً ليتأمل ذلك الرجل ذو الملامح الأجنبية ... شعر أيوب للحظات بالتخبط إذ أن ذلك المحقق الذي منحه ملفاً كاملاً عنها منذ أن خرجت من بيت الرعاية الحكومي بصحبة ذلك المكسيكي حتى تسليمه مكانها لم يذكره ... بل الخانة التي كانت تقتله حياً قلقاً كانت خالية تماماً كما وصف الرجل وقتها ... تبدو جامدة منطوية علاقتها جميعها تقتصر على أهلها بالتبني وتعيش وحيدة مكتفية بوظيفتها ودراستها !!
يديها كانت تتشبث بكتفي ممدوح وكأنها تستجدي منه عوناً ونجدة ... رفع كفيه يغطي أصابعها يشد عليها بقوة بينما عينيه تعصف بسؤال مختصر عن هوية ذلك الرجل ...
" اخرج من هنا ... أنا لا أعرف عن ماذا تتحدث ... اسمي هو !"
صوتها كان مرتجفاً غير واثق بما تقوله مما دفعه أن يقول بنوع من المهاجمة السريعة المسيطرة " لوسيرو ليو أنخيل ... طفلة بالتبني ضحية عنف أُسري اُخِذت من والديها ، من ابيها ، منيّ أنا وكنت عاجزاً مكبلاً لاستردادكِ وإخوتكِ !"
صمت للحظات قبل أن يصرخ فيها غاضباً بوجعه بألم أبوته " لن أتحمل وقوف ابنة أخرى أمامي وتنكرني ... ابنة كانت تَذكُرني كفاية ، لتبحث عنيّ .. بدل الهرب مختبئة كالفئران !"
كانت تعتصر كتفي زوجها بقوة بقهر لا يُحتمل ... وهي تنظر لهذا الرجل الذي ظنت أنها تبغضه كما لم تبغض شخصاً قط خلال حياتها ... ذلك الأب المزعوم الذي لم يحبهم كفاية ليحاول من أجلهم ، لينصاع لمحاولات أمها المستميتة أن يحافظا على أخر ما حمله من أوطانهم المسلوبة ... وعند الوصول لهذا الحد لكم الألم الذي مزقهم هي وإخوتها كان كافياً لتنفجر فيه بعنف ، بغضب وحقد ومرارة وهي تقول " أبحث عن من ، ولماذا عن رجل قتلنا أحياء ؟! بل أنت الجبان ، باكي أطلال مكانة كانت ... ليتك بكيت كبرياء وكرامة كنت عذرتك وأنت تنهش فينا وفيها بأسنانك حتى منحت الغربان لحمنا الحي متغذين عليه ... لم أبحث عنك لأني لا أريدك بعد ... أنا أكرهك ، أبغضك ، أنا لا أرغب الآن إلا رؤيتك ميتاً أمامي !" صوتها كانت يتدرج ما بين الهوان الانخفاض حتى البحة ثم الاشتعال كالنار في الهشيم التي نهشت قلبه حياً !"
" سبعة عشر عاماً كنت انتظركِ ... كنت أُمني نفسي بأن حمامة عيسى ستُحلق قاطعة كل المسافات التي أحاول كسرها دون جدوى تُذكر ، لتجدني بنفسها ، علها تمنح قلب أمها الملكوم بعضاً من السكينة !!"
لم تدرك أن دموعها انخرطت بشكل تلقائي مغرقة وجهها الذي تلونت ملامحه بالحزن القاسي وهى تقول بقسوة " ذات السبعة عشر عاماً أحاول أن أمحي صورتك من رأسي وأنت تهدم فينا ، تمتص طاقتها وروحها ... لتكون النتيجة تشويه صورتك في قلبي ورأسي محطمة أي رابط جمعني بك يوماً !"
وكأن النور انحجب عن عينيه الشبيهة لعينيها وهو يقول بغصة " ألم تملكي في ذاكرتكِ أي ذكرى حب لي ، ألا تشب من بين رأسكِ السوداوي أية عاطفة وجهتها لكِ يوماً ... أية صورة كنت احتضنكِ فيها إلى صدري مدللاً إياكِ ...غفوة ونومة طويلة اخذتيها بين ذراعي وأنتِ تهربين من جانب والدتكِ في تلك الخيمة لأدفئكِ بقلبي قبل غطائي ؟!"
هزت رأسها برفض وشهقة وجع تخرج من صدرها لم تستطع السيطرة عليها وهي تقول بنبرة مبحوحة " لا ... لم يحدث إذ أن تجريدك من أدميتك على ذاك الرصيف ، بينما أخي يُكبل بالأصفاد مانعيه من المقاومة ، وفصل التوأمتين بعيداً عني ، ومشهد أمي الملتاع وهي تكاد تلفظ أنفاسها موتاً بسببك هو كل ما حفظته هنا !"
أشارت بأصبعها نحو رأسها بارتجاف !
قال أيوب بصوتٍ باهت ووجه شاحب " حاولت كل هذه السنين أن الملم شظاياكم ، حاربت وقتها يا لورين ... ولكني لم أقدر وحدي صغيرتي !"
هتفت بسخط من بين دموعها " أعرف ... كنت واعية كفاية لأعرف !"

اصفر وجهه مرتداً للوراء " كنتِ تعرفين ؟!"
أغلق عينيه بقوة محاولاً أن يسيطر على نفسه إذ كان هو الآخر يعرف أنها القطعة الأكثر قوة ، تمرداً وعناداً وقسوة ... قسوة مدفوعة بمرارة ما ذاقت ، بالمعرفة المميتة لكل شيءٍ حدث ، هل كان يشكر حظه أن عيسى ولورين كانا في سن كبير كفاية ليدركا ما صار .. الآن أمامها يسخط على هذا الحظ العسر الذي جعلها واعية مدركة ... إذ أنه كان أشد جحيماً على حياتها ...
وعند هذا الاعتراف الفاصل كان يعود ليدرك أن كل فرصه معها معدومة ... كما أجل في السابق رغم لهفة الاشتياق لرؤيتها ... لورين لا تحتاج إليه ، لا يملك أية مغريات يستطيع أن يكتسب بها جانبها ، أن يجبرها لتُرخي حصونها واستقباله في حياتها ... إلا ورقة واحدة نجح في ضمها لجانبه قبل أن يسعى أليها !!
استطاع أخيراً أن يلملم شتات نفسه وهو يفتح جفنيه محدقاً فيها ثم قال " عرفتي وكنتِ من الجحود كفاية لنكران ألمي ، كنتِ تعلمين ولم تكلفي خاطركِ في البحث عنها ، نسرين كانت تحتاجكِ ؟!"
قالت باختناق " ومن أخبرك أني لم أفعل ، أنا بحثت عن أمي في نفس تلك الولاية الكئيبة وعرفت أن رجلاً عربياً أخذها من ذلك المكان القذر منذ أعوام طويلة ... فلم أحتج لتفسير أنه كان أنت !"
تمتم بذهنٍ شارد " وكرهكِ لي منعكِ من اغراء مواصلة بحثكِ ؟!"
قالت بتخبط " ليس هذا فقط ، هي قبلت بك بعد كل معاناتنا ، لذا بطريقة أو أخرى أصبحت مذنبة مثلك !"
اقترب أيوب من وقفتها المهتزة ملاحظاً كيف تنحى الشاب دافعاً نفسه بعيداً عن مرماه مكتفي بالنظر إليهما وكأنه بطريقة ما يحاول أن يمنحه المساحة لإجبارها على الاستماع إليه ... راقب كيف ابنته عادت تنظر إلي ذلك الرجل وكأنها تتوسله دعماً آخر ... فاستغل تشتتها سريعاً وهو يقول " كانت تعرف أنه خطأ واحد غير مقصود ، نسرين كانت تدرك أني مُزقت مثلكم ، كل جزء مني يسبح في اللامكان واللازمان سارحاً في تلك الهوة باحثاً عن أي ريح تحملكم إليه !"
قالت بخشونة " توقف عن كلماتك المنمقة ... إذ أنها لا تُزيدني إلا كرهاً لك ... أين كنت وأنا أتلطم من يد لأخرى تتفحصني كالبضاعة المعلولة بحجة تبنيها ... أين كان هذا القلب الأبوي والحارس وأنا أقع في براثن منزل رغب فيّ للتجارة ... بل أين كانت حمايتك تلك وأنا أنطوي شيئاً فشيئاً أُرمى في غرفة مظلمة مخيفة حتى يجبروني أن أخرس بعد أن انتزعوا مني أختي الصغيرة ... أنا . أنا تعرضت لأشياء يشيب لها رأسي ولم يتعد سني التاسعة بعد !"
قال بصوتٍ أجش " كنت مرمي أنا الآخر في ظلمات سجني يا لورين !"

قالت بقهرٍ " لم تكن هناك وقت ما احتجتك ، لقد ظننت
أنك تخليت وهي عنا ... أنت اتيت متأخر جداً !"
قال بنبرة مشحونة وهو يواجهها تماماً لا يفصل بينهما إلا خطوة كان حريصاً كفاية ألا يقطعها إذ أنه يعلم أيضاً أن زمن الفراق الذي طال بينهما كان أشد قسوة من أن يحمل أي رابط أبوة أو بنوة يعترفا بها ببساطة " ولكن اتيت بالنهاية ، بينما أنتِ كنتِ من البرودة ألا تفعلي !"

صرخت فيه بقوة رافضة محاولته لجلده إياها " لم يكن هذا دوري ، بل أنت من كان يجب أن تنقذنا ... لم أعرف تباً تباً !"
كتم غيظه بقوة قبل أن يقول " أنا اتيت حاملاً غصن الزيتون بيدي إليكِ ... واليد الأخرى بها غنيمتكِ التي مازلتِ تبحثين عنها ... ولا أتطلع لأى حديث قد يسبب الألم لكلينا !"
همست بنبرة منخفضة همسة حريصة مترددة وكأنها تخشى أن يقول الإجابة التي توقعت " ماذا تعني ؟!"
" أخواتكِ ، أليس هذا ما كنتِ تبحثين عنه حتى توقفت في بيت ذلك الرجل آدم ؟!"

ثبت الزمن حولها للحظات وهي تحدق فيه أنفاسها تمنع أن تُمرر داخل مجرى هوائها ... حتى شعرت بممدوح أخيراً يجذبها من خصرها يديه تستطيل لتمسد موضع قلبها وهو يأمرها بحزم " تنفسي !"
كانت ضائعة مسلوبة الروح والجسد تتخبط في ثقب أسود يسحبها بإصرار داخله لترى بين ظلماته شريط حياتها يُمرر أمامها ببطء شديد !"
" هل قال ما سمعته حقاً... هل هو هنا بالفعل أخيراً أمامي ، يملك من البجاحة ليواجهني ويساومني ؟!" همست أخيراً بنفسٍ صعب ...
كان ينظر لها متحيراً شاعراً بالوجع هو الآخر من جهله بالإجابة إذ أنه لم يتعرض لهذا الإصرار من أب كأيوب ، بل جُل ما كان يسمعه من أبيه " انه لا شيء ، ولن يكون يوماً ... لم يمتلك حتى في ذاكرته أية صورة حنونة كالتي ذكرها أيوب ... والذي بطريقة أو أخرى كسب تعاطفه ... مما يجعله في حالة صدمة أخرى من نفسه !!"
وأيا ما كان يفكر فيه كليهما قطعه صوت أيوب الذي تضامن مع يده المرتعشة وهو يتجرأ أخيراً ليسحبها نحوه من بين ذراعيه ... صرخة لورين أجفلته " ابتعد ... لا أريدك في حياتي !"
تتجنبها أيوب وهو يُذكر نفسه أن القوة لا تنفع معها أحيانا إلا مواجهة بسيطرة أكبر قوة " أنتِ لا تملكين حق الاختيار ، ربما تركتكِ طويلاً ، ولكني أعرف أن أمكِ غرست فيكِ ما يجعلكِ تتمسكين بدمائنا وعزتنا كفاية !"
الغضب عاد يشتعل في عينيها وهى تقول " ما الذي تتحدث عنه ... من أنت حتى تطالبني بأي شيء يا أيوب ؟!"
ابتسم ... هل ابتسم حقاً ساخراً من أوجاعها وردودها ؟!
" أين مفتاح بيت جدكِ ، نسرين أخبرتني أنها وضعته في خيطٍ أخضر وعلقته في عنقكِ ؟!"
أحس بجسدها يتوتر ، بجلدها يقشعر رهبة " احترق متحولاً لانقاض دعستها دبابات الأوغاد مختلطة بأشلائهم ... بأشلائنا؟!!"
دمعت عيني أيوب أخيراً رغماً عن إراداته وللحظات طويلة عم الصمت بينهم بسهام مسمومة محيط إياهم بدخان ورخام ماضيهم المظلم !
" من هذا الرجل ؟!" ها قد سأل أخيراً منتظراُ إجابة تُحطم أية ذرة متبقية فيه !"
والإجابة كانت قاتلة موجعه كالرصاص الحي لقلبين يستمتعان إليها بترقب " صديقي الحميمى ... أنت تعلم كيف الحياة هنا منفتحة !"
" اخرسي !"
لم ينطقها أيوب الذي اظلمت ملامحه ، بل كان صوته هو يأتي من وراء ظهرها ناهرها بتسلط شرس وبعربية سليمة وواضحة ...
رأسها استدار إليه مجفلة وكأنها للحظات تاهت وانفصلت عن وجوده ، عما قد تسببه له من الألم إن أنكرته
" هي زوجتى ...وانا عربي ومسلم مثلها !"
تركها أيوب وكأنه ينفرها ... بينما استطاع أخيراً أن يستنشق بعض الهواء المريح ...
ولكنها لم تمهله عندما أجهزت على المتبقي منه مكملة في نيتها التي عرفها بسهولة
" لا أريدك هنا ... بل في أي مكان يجمعني ، وصولك كان الأول والأخير أنت ستنسى أي شيء عني كما نسيتك أنا !"

مجدداً كان يجد نفسه مجبراً أن يتلاعب بعواطفها رغم كسرها قلبه وتحطيمها إياه مسبقاً ... لذا وجد نفسه ينطق بنبرة أتشحت بالسواد مردداً " أنتِ الأخرى تأخرتِ يا لورين ، ولكن فعلتكِ لن تستطيعي التكفير عنها أبداً ... إذ أن نسرين لم تعد في عالم الأحياء ارتاحت من ذلك الظلم ورُحمت من تجبركِ على كلينا ... ولحسرتي كان اسمكِ أنتِ أخر ما نطقته قبل أن ألقنها الشهادة ... لوعة فراقكم شيء وحرمان نفسكِ منها متقصدة شيء أخر !!"
سوط أخر انضم لسياطه التي لا ترحم شعرت به ينزل على جسدها الذي تكوم منهاراً في لحظة على الأرض ... جالدها بعنف بقسوة لا تُحتمل ... بينما دموعها الساخنة تتدفق كأنها انهار لن تنضب تغرق وجهها حتى وصلت أعلى ملابسها مبلله إياها " لا ... لا !"
هي ذاتها " ال لا " التي استقبلته بها ... وكما اختلف الآن المعنى والألم نطقها !
حاول الاقتراب منها مرة أخرى فوجدها ترفع رأسها بحدة تصرخ فيه بهذيان " اخرج من هنا ... اخرج من بيتي قاتل أناني وجاني لن أسامحك ... لن أغفر لك أبداً ما حييت !"
كانت دموعه هو الآخر تجري بلا توقف على وجهه وهو يتراجع مستسلماً لأمرها ... وقبل أن يخرج من باب منزلها كان يترك ورقة صغيرة على لوح الملاحظات الذي تعلقه جنب الباب ... ثم غادر أخيراً ململم ذيول خيبته بجانب بعضها لتنهش الباقي منه إن وجد دون رحمة ...
مخلفاً وراؤه مجرد شبح برز من حداد روحها لطفلة صغيرة منطوية تجلس في غرفة مظلمة محتضنة نفسها تتأرجح للأمام والخلف مرددة بتوسل مقهور حاجتها لأمها دون جدوى تُذكر أو قلوب ترحم !"
انخفض ممدوح ملقي نفسه بجانبها مزيح مقعده بعيداً ... ليضمها إلى صدره بقوة بقسوة ...عارفاً أنه مهما فعل لن يمنح يوماً روحها المذبوحة التي ترفرف طالبة النجدة عون يُذكر ... إذ أن ما حُطم فيها صعب أن يُجبر لقد كانت قضيتها صرخة وجع أكبر من أن يمحيها البشر أجمعين !"
.................................................. .......

" نعم يا بطل ... تستطيع فعلها "
قالها إيهاب مشجعاً وهو يجلس على الأرض بملابسه التي عاد بها لتوه من الشركة ... اكتفى بحل ربطة عنقه وتخلى عن معطف بدلته رافعاً أكمام قميصه حتى مرفقيه ...
اطلق ضحكة ساحرة جذبت قلبها الذي يراقبه بمحبة عندما وقع إياس قبل أن يكمل وقوفه منتصباً ... تلقاه إيهاب بين ذراعيه وضمه لصدره وهو يقول " لا مشكلة يا بطل يكفيك المحاولة قد تفلح في وقتٍ آخر وقليل من المثابرة !"
قالت مريم ضاحكة وهي تتخلى عن ليبرتا التي أنهت طعامها للتو وزحفت إليه مسرعة كالطلقة " أنت تدرك أن أعمارهما لم تتجاوز الثمانية أشهر بعد ... وبما أنهما توأمين هذا يجعل كل منهم عملياً لديه أربعة أشهر فقط !"
استقبل ابنته يضمها ناحية قلبه سريعاً وهو يقول بإغاظة " دائماً ما كنتِ فاشلة في مادة الرياضيات ... ولكني لم أعرف أنكِ تمتلكين فلسفة غير منطقية أيضاً !"
زحفت علي يديها كما ابنتها حتى وصلت إليه تزيح ليبرتا عمداً آخذة مكانها ...مما دفعه ليرفع حاجبيه ضاحكاً بتعجب مستنكراً وهو يرى الشجار العنيف الذي شب بينهما انتهى بانتصار لوليتا التي شدت شعرها بغضب وتذمر جابرة إياها للابتعاد " هذا منطقي الخاص ، لا تجادلني !"
سكتت وهي تخلص شعرها من يد ابنتها ناهرة إياها بغيظ " وأنتِ توقفي ، إنه ملكي وحدي بحق الله وبدل أن تشكريني للسماح لك بمشاركته تحاولين سرقته كاملاً منيّ !"
حاول أن يسيطر على نفسه من مشهدهما الممتع و المعتاد حتى أصبح ينسى أحيانا من منهما عقلها أصغر من الأخرى " توقف ! وانصرني مرة واحدة على تلك المجرمة !"
وضع إيهاب إياس على الأرض وهو يقول بمرضاة " العذر منك يا بطل والدك مجبر أن يفسح مكانك ... أنت بت تعلم أننا ابتلينا بضُرتين !"
زمجرت مريم وهي تعود تزيحها من على قلبه لذراعه الأخرى وتحتل مكانها ... كورت ليبرتا فمها اعتراضاً في نذير محذر على انفجارها في نوبة بكاء إن بدأت لن تنتهي حتى تُعلن استئثارها كاملاً بوالدها !"
رضاها إيهاب سريعاً ... مقبلاً وجنتيها المخمليتين وهو يقول " أنتِ حبيبة بابا ... لا تغضبي أنا هنا انتباهي الكامل معك !"
" أنا سأغادر هذا الوضع أصبح مغيظاً أكثر من اللازم !"
شدد عليها بساعده الذي التف حول عنقها ... ثم طبع قُبلة على رأسها وهو يقول بحنان " اشتقت لوجودكم حولي ... كل ركن في المنزل موحش جداً بدونكِ يا مريم !"
بسهولة كان يعيدها داخل مداره عندما دفنت بعضها في كله لتعيد جزئه الشارد إليه فيكتمل !! ثم همست " أنا أيضاً ، اشتقت لذراعيك لدفئك وأمانك الذي تمحنه لي ليلاً ، بل كل لحظة في قربك !!"
انسحبت صغيرته من بين يديه متبعة أخيها الذي التهى في ألعاب متناثرة تملئ الغرفة ، والتي كانت جهزتها هناء لهما حتى قبل ولادتها إياهما !!"

جذبت مريم نظراته مرة أخرى وهي تقول " لا أستطيع التخلي عنها ، ليس الآن رغم إصرارها أن أفعل !"
قبل جبهتها وهو يزفر بشرود " أعرف ... ولا أريدكِ أن تفعلي ، الأمر أصبح شاقاً عليها من بعد هجران ذلك الأحمق إياها !"
صمت كلاهما لحظات مكتفياً بأن يضمها إليه ، كلاهما توجه نظراته لتأمل صغيريهما ، اللذان ذهبا في النوم سريعا منبطحين ...
حتى قال إيهاب أخيراً بهدوء هامس " إذاً كنت تختبئين هنا بين جدران تلك الغرفة ؟!"
لأول مرة كان يذكر الأمر ولا يغضبها ...عندما اعتدلت تجلس على ركبتيها تلف ذراعيها حول عنقه وهى تقول بغرام " كنت أحمل جزأين منك بأحشائي ... وكلك في قلبي ، ربما كنت أموت شوقاً إليك ... ولكني لم افتقدك لحظة واحدة إذ دائماً أخبئك بداخلي !"
جذبها إليه يحتضن خصرها حتى لصقها في كل عضلة فيه وهو يقول " متلاعبة ، تعلمين كيف تتهربين من أية أحاديث عتاب !"
يديها استراحت على صدره تحرك أناملها بإغراء مقصود وهى تقول " بل عاشقة حتى النخاع ، أنا افتقد رقصنا تحت المطر !!"
قَبَل جانب شفتيها وهو يهمس بحرارة " وأنا اشتقت لإطعامكِ المانجو !"
دفعته على غير المعتاد رفضاً ... بينما كل انش في جسدها يلمسه كان مضطربا صارخاً بالحاجة للانصياع لرغبته معاكساً تماماً رأي صاحبته التي قالت " أنا لم أفعل ... تعقل قليلاً هناء جريحة بالخارج وحزينة وأنت تجرني لهذا !!"
اعادها إليه ملامسها بإثارة من تحت ملابسها متقصداً ومتخفي ... شهقت مريم وهي تحدق فيه لاهثة الأنفاس بينما كان سريعاً يقبض على شفتيها في قُبلة محمومة ناقلاً إليها مدى حاجته واشتياقه لها عملياً ... إذ أن حديثه النظري كل ليلة يبدو أنه لا يجدي نفعاً ...
للحظات لم تُبدي أية مقاومة بل رفعت نفسها لتجلس فوق ساقيه التي فردها في جلسته ... تلف وركيها حول خصره بقوة ... تبادله جموحه بحرارة مجنونه !
توقف هو مبعدها عنه وجهه الذي احمر كان يعبر عن كبته الشديد الذي يعاني وحدة مشاعره التي تشعلها ناعمته العاطفية بسهولة ... كانت أنفاسه تتقطع داخل صدره وهو يجذب رأسها دافنها في عنقه لتلفحه أنفاسها العطرة النارية كاوية إياه بالمزيد " يجب أن نتوقف وإلا سينتهي بي الحال ممزقاً ملابسكِ عنكِ وحاملكِ لهذا الفراش بالذات ، مفرغاً كل كبتي واشتياقي ، وغضبي منكِ أيضاً ... متسبباً لنا في فضيحة !!"
همست بنعومة متلاعبة " خروجك عن وقارك الذي يعرفه الجميع مرة واحدة لن يضر كما أنها فرصة مناسبة لتعلم هناء أي متوحش أنت معي ، وأية مسكينة أنا !"
هز رأسه رافضاً وهو يبعدها عنه ويقفز من مكانه واقفاً على قدميه يزفر أنفاس متتابعة من داخل صدره وهو يقول " لا لا ... أنتِ لن تجريني لهذا !"
رفعت كتفيها تمطهم أمامه قاصدة لينحصر فستانها الخفيف كاشفاً ساقيها الملفوفين الناعمتين بلون الحليب الصافي وهي تقول " عن أي انجرار تتحدث ؟! أنا لم أقصد أي شيء قليل أدب !"
ردة فعل جسده كانت عنيفة حتى أنه لم يستطع أن يبادلها الحديث ، نفخ أنفاس أخرى مشتعلة وهو يقول " هل هذه الغرفة تحوي حمام ؟!"
رفعت عينيها إليه بامتعاض ثم اشارت " هنا !"
لحظات قليلة مرت قبل أن تسمع صوت مياه الصنبور الذي فُتح
وقفت مريم متحاملة بقوة على كل عضلة في جسدها غير ثابتة متألمة مثله بالشوق الذي أشعله فيها ... ربما حبها لإيهاب لا يتعلق بعاطفة الجسد كما تأكد كلاهما بعد كل ما مرا به ... ولكنها لا تنكر أنها تحب هذا الجانب منه ... ذلك التوحش وفقدان السيطرة الذي لا يظهره إلا لها ... ذلك الجموح والجنون الحميمي الذي عاش لسبعة وثلاثين عاماً يخبئه مداريه عن عيون البشر ... حتى استطاعت هي أخيراً أن تدفعه لينفجر فيها كاملاً مغرقاً إياها في لذة مُذهلة لا تعتقد أن عاشقة سواها تحصل عليها ...
" إيهاب " همست بصوت غير مستوي وأفكارها المنحرفة تأخذها بعيداً جداً متذكرة كل لمسة وهمسة منه غارقة في عالم حدوده ذراعيه ، وأرضه بدنها وهو يزرع راياته فيها هناك كملك يغزوها كل مرة منتصراً !
شهقت مرة أخرى مجفلة وهي تجد يديه تسحبها داخل الحمام مغلقاً الباب ورائه ملصقها في الحائط وهو يقول بنبرة مثيرة معلقاً علي جملتها أخيراً " أنتِ أيقونة لقلة الأدب حبيبتي !"
" أخبرتك أني أحب قلة الأدب معك ، لها متعة !!"
لم تكمل جملتها وهو يقطعها مُقبلها بشغف بحرارة ... كاتم ضحكتها المستنكرة بشفتيه ... شارعاً هذه المرة بكل ضمير زوج يقظ أن يراقصها بحركات جسدية خاصة مانحها المتعة البحتة التي تفتقدها ملتحمين علي هذا الحائط ... ولكن هذه المرة دون مطر ، ودون ملابس أيضاً ... وسيحاول أن يتذكر أن يكتم أصوات كليهما حتى لا يتسببا في فضيحة !"
.................................................. .................
كان يقف بقلبٍ مثقل في حديقة منزلها ينظر إليها بألم ،
بمرارة مغموراً بإحساسه بالفشل !
لا هو استطاع أن يكسب جانبها ويعيدها إليه مانحة إياه غفران ووصال كانت تشتاق إليه روحه !! ولا هو قدر أن يحميها من جنون ابنه ويعيده إليها كما وعد ...
لقد وعد ألا يقترب منها مرة أخرى بعد انهيارها ، ألا يُحملها فوق طاقتها مانحها مساحة من التنفس بعيداً عن وجوده ومطاردتها لأشهر !
لقد آمن جوشوا أخيراً أن قضيته خاسرة مع هناء إلى الآبد ... دون أمل لروحه أن تُشفى يوماً بعودتها إليه ،بأن يقضي من تبقي من عمر كليهما جانب بعضهما مكتسبا حبها ! قلبها وثقتها التي غامرت بهما ولم يكن هو علي حد تلك الثقة !
" لقد خانها ، غدر بها أوجعها بأكثر الطرق إذلالاً لأدميتها ، وذبحاً لعفتها ، موقعها في خطيئة تتحمل ذنوبها أمام ربها يوم الحساب ....
" وأنت هل سيغفر لك يوماً على ما فعلته بها ؟!"
" ولكنى كنت جاهلاً تائهاً لم أعرف حدودك ، ولم اُسقى حلاوة طريقك وايمانك بعد يا الله !"
المشاعر الكثيفة عادت تحتشد بداخله بلوعة الاشتياق خانقة قلبه المتألم حتى استشعر الألم الحارق بين شرايينه كالمعتاد " ما الذي أتى بي إلى هنا ؟!"
تمتم بإرهاق ... وقبل أن يفكر في التحرك متقهقراً للوراء كان باب منزلها يفتح لتظهر منه أخيراً ناظرة إليه بلهفه تختبئ تحت قناع جامد بدأ ينصهر ليكشف له عن قلب ملتاع مازال لم يتحرر من رابط خُلق من كليهما ...
" لن تقطع تلك المسافة ذهاباً وإياباً دون أن تشرب قهوتك !" هتفت فيه بهدوء وكأنها تحدث صديق قديم وليس رجلاً ظلت لشهور تُشهر عداوته في وجه الجميع !"
ارتسمت ابتسامة علي شفتيه من نوعٍ ما وهو يتحرك نحوها نظراته الخضراء تحاصرها متأملها بوجع الاشتياق وبلهفة الجياع ... عندما وصل إليها قال بصوتٍ أجش " الطبيب حدد أنكِ ممنوعة منها !"
هزت رأسها وهي تقول بنبرة مختنقة " نزار يحب مخفوق اللبن مع الموز ... ربما أستطيع ضيافتك به بدل القهوة ؟!"
لم يستطع أن يكبح ابتسامة بهجة أنعشت روحه وهو يقول " مثلى ؟!"
اهتزت عضلة بجانب فمها وكأنها مازلت تعاني من حربها الداخلية في فتح بابها له بإراداتها ثم قالت دامعة العينين " مثلك ... هو للحقيقة يتطبع بالكثير أخذه منك ... الأمر تخطى معه مجرد جينات تناسخت جوش !"
مؤكد لم تلاحظ جسده الضخم الذي انتفض بقوة بغضب في نوبة حماية لفعل أي شيء وكل شيء ليخفف عنها ما تشعر !"
" هو يشتاق إليكِ ولكنه أكثر غباء وعناداً من أن يتنازل ببساطة !"
نبرتها كانت مشروخة مجروحة ولم تدرك أن عينيها اغرورقت بالدموع تلقائياً وهي تقول " عناد وغباء حمله كلينا واورثناه إياه ... رباه جوشوا عناد دفعني لخسارته ... أنا خسرت ابني بسبب جبني وغبائي ، خسرت ابني عندما لم أملك من القوة ما يكفي لأقف أواجه الناس بحقيقة زواجي منك ، خسرت عندما جبنت أن أواجه كلماتهم الذابحة التي نالتني على كل حال ... وارتكبت جريمة لا تغتفر في حقه وحقك وحق ربي عندما نسبته لرجلٍ آخر غيرك !"
ربااه مقاومة نفسه ألا يجبرها باللجوء إلى ذراعيه مانحها مواساة وعاطفة تحتاجها وتستحقها كان حارقاً .... وسماعها تُقر أخيراً باعترافها النادم كان قاتلاً !
همس أخيراً بصوتٍ أجش " كلنا اخطأنا وما يحدث هو تصحيح أوضاع أقدارنا التي اخترناها كطريق مهلك ... يوما ما عندما ينتهي كل هذا ويعود إليكِ هو نادماً طالباً غفرانكِ وتضميه إليكِ سيذوى كل هذا الألم ، ليصبح مجرد ذكرى لمحطة عابرة يتعلم منها ثلاثتناً عبر وحكم !"
رفعت عينيها المفجوعتين إليه وكأنها تتوسله صدق وعده أومأ لها بهدوء وهو يقول " الله قادر يا هناء كما قلب قلبي بين يديه وهداني لإيمانه أن ينير عتمة ابننا ويعيده إلينا سليم النفس ... ماحياً عن قلبه ذلك الضغن !!"
أومأت برأسها بشيء أشبه بالتصديق جاعلة إياه يقول باسماً " هل مازال عرضكِ سارياً أشعر أن ريقي جاف بالفعل ... ؟!"
" كما قلبي الذي أصابه القحط بعيداً عن رؤيتكِ " أكمل بصمت لداخله دون أن يجرؤ ويتفوه بهذا !!
.................................................. .....

معركتهما معها كانت قصيرة للغاية في أقل من دقيقة كان يسيطر علي صرختها الجزعة دافعها للسيارة مرة آخر بعيد عن الطريق السريع .. بالطبع الفضل كان يرجع لجوان التي تشبثت فيها بكل ما تملك من عزم ...أم أنه قلب الأم الذي كان له الفضل في معرفة خطوة الفتاة المتهورة ...
صوت جوان المتوسل بهستيريا اخترق أذنيه كما جعل الفتاة تسكن للحظة تحدق في وجه كليهما دون أن تتخلي عن تحفزها " أهدئي سَبنتي إنه أنا ... جوان تعرفيني جيداً لقد كنتِ من الكرم أن تتقبلي احتضاني إياكِ أول مرة !"
ما زالت يديها تقاوم دافعة كفي جوان المتشبثة بمرفقيها ... بينما استطاع الآن من موقعه القريب منها أن يحيط ذراعه بخصرها عنوة كي لا تقم بخطوة مندفعة أخرى ... أن يرى وجهها الذي حدثت به بعض الخدوش وجرح قطعي فوق حاجبها الأيمن بالضبط ! " تباً كارثة أخرى كيف سيواجه راشد بها ؟!"
" ابتعد عني " صرختها اخترقت طبلة أذنه مهددة إياه بفقد سمعه وهي تلوى نفسها بطريقة أثارت تعجبه ولم يشعر بها إلا وهي تطبق على أصابعه بأسنانها ...بشراسة
" هل قالت من قبل أنها تملك أسنان حادة ظريفة ، لأنها كانت صادقة لأبعد حد ...
افلت يديه وهو يطلق تأوه خشن ثم استقام مبتعداً عن المقعد ربما تشعر ببعض الاطمئنان ... ثم قال بمهادنة " سَبنتي تعقلي ، إنه أنا نضال ، تعلمين أنكِ في أمان معي ، ولا داعي لكل هذا الجنون !"
الجزع هو كل ما يسكنها ... بينما استطاعت أن تنطق بصعوبة سائلة بمنطقية لم تفاجأه منها بالذات " إن كانت صديقة للعائلة كما عرفتني على نفسها يوماً وأنت حارسي الخاص منذ أعوام ... لماذا كل هذا التخطيط وسحبي لمكان خالي نسبياً من الناس ... ما الذي تريداه منيّ يا نضال؟!"
سؤال وجيه ... ولكن المشكلة كيييف سيخبرها الإجابة القاتلة !"
لحسن حظة كانت جوان تستخدم إحدى طرقها العاطفية وهي تحاول لمس شعرها ...انكمشت سَبنتي أكثر محاولة أن تتراجع في مقعدها بينما سمع جوان تقول " ما أريده أنا وحدي منكِ صغيرتي ... ولماذا هذا التخطيط الذي لا يحمل أية خطط بالمناسبة ... لأن ما أريده منكِ لا أعتقد سيعجب عائلة الراوي بأية طريقة !"
عبست محاولة أن تفهم أي شئ من هذا الموقف العبثي ... حسناً ببعض المنطقية إن أرادا خطفها كما توقعت إذ أن هذه الحوادث الساذجة التي تحدث عادة ما بين المخدومين وأولاد مستخدميهم !! ولكن هذان الاثنان لم يتحركا أو يستخدما حتى مادة مخدرة بل يتحدثان ببعض التعقل ... المجنون !!!
قالت ببعض التوتر بتلك الطريقة الطفولية التي تستخدمها للتهرب من أمرٍ لا تريده " حسناً
أيا كان ما تريدينه منهم ... صدقيني أنتِ اخترتِ الشخص الخطأ... ثقي بي إن رغبتِ في إجبار هؤلاء الناس للاستماع لك بأية طريقة عليك بالتخطيط واختطاف بدور ... أو حتى التخلص !! منها في كلا الحالتين هذه خدمة لهم ، وضربة في نفس الوقت !"
زفر نضال بعنف وهو يغلق الباب مجفلها ... عادت لطبيعتها إذاً ربما يستطيع أن يطمئن علي ما رتبه من البداية ولكن ما بال ضميره يقتله ندماً وقلبه يحترق حزناً علي صغيرة كبرت أمام عينيه وها هو يسلمها لمصير قاتم !!
تجرأت جوان أن تقطع المساحة الضيقة بينهما ... ترفع يدها بارتعاش لتحيط وجنتها بدفء !! عينيها تسبحان في بركتين من الدموع ... ثم قالت بهشاشة " لا أريد شيئا من العالم أجمع سواك أنتِ ... أن ألمس وجهكِ الجميل هكذا ... أن أنظر لعينيكِ الشبيه لعيني ، وأن احتضنكِ مرة أخرى وأخرى ... معيدة إليّ قلبي الذي نزعوه منيّ معكِ !"
أعاصير تسارعت بداخلها وهي تحدق فيها بصدمة تلاحق كلماتها " المريعة "!! علها تستطيع أن تفسرها أم أنها لا تريد ؟!" هل أنتِ أحد أعداء العائلة ، وتستغلين شبهكِ بي للتلاعب ؟!"
رفعت جوان رأسها تحدق في ذلك البنفسج العنيد والمتمرد حاد الذكاء و البريء والذي كان نقيض تماماً لكل ما تحمله عينيها ؟!
قالت بصوتٍ أجش " وما الذي قلته ليدفعكِ لاتهامي بالتلاعب ؟!"
في حركة مضطربة رفعت سَبنتي أناملها نحو فمها تقضم أظافرها ثم قالت بصوتِ مرتجف " لا أفهم ، إذاً دعينا نبدأ من جديد ... ما الذي ترغبين في قوله لي وما معنى كل هذه المفردات العجيبة ؟!"
" ألا تذكرين أي شيئ من حديثنا السابق في المشفي ؟!! "
شحب وجه سَبنتي وهي تبعد يدها ثم قالت سريعاً " اذكره جيداً كانت عبارات مجهولة منك ومنه ، لم أفهم منها إلا أنكما كنتما على علاقة سابقة أو ما شابه ... هل كنتِ صديقة لراشد ؟!"
لم تنتبه جوان وسط لهفتها وحاجتها المميتة لاستعادة ابنتها أنها تحاور الشخص الخطأ بالفعل وبالطريقة الغبية تماماً عندما قالت " نعم كنا !! قبل أن يحدث أمر رهيب يصعب عليّ تفسيره ، انتهى بنزعك منىّ !"
قلبها الصغير كان ينقبض داخلها بقسوة ، بينما شعورها المعتاد بالخطر الذي يحوم حولها يعود يفرض نفسه بشراسة
اقتربت جوان أكثر منها حد الالتصاق ولم تقاومها أو تدفعها بل بقت ثابتة تحدق فيها بنظرة غريبة بها بعض التشوش " المرة الماضية أنتِ تقبلتني بسهولة ، لم تجادلي أو تتساءلي عن انهياري حتى في حضرتكِ ... ألم يخبركِ هذا أي شئٍ صغيرتي ، ألم تشعري بأي رابط بين قلبكِ وقلبي ؟!"
أدارات عينيها الواسعتين في أنحاء السيارة وكانها تفقد تركيزها ، محيطها وتلك اللحظة التي يعيشها ، لقد بدت وأنها تحاول خلق عالم افتراضي متهربة من كل ما يقال أو تحاول إيصاله !!
" أنتِ لا تشبهينهم هم ... أنا أعرفهم جميعاً !"
انسحبت الدماء من وجهها تماماً حتى استحالت أشبه ببياض الجدران وهي تقول بدفاع واهي " الجميع يقول أني أشبه راشد !"
قالت جوان دون تفكير بصوتٍ ملتاع " وتملكين عيناي ولون شعرى !"
قالت سَبنتي بشحوب " صدفة ؟! هذا لا يعني أي شئ !"
هزت جوان رأسها بعنف ... ثم قالت " هناك أنواع من الصدف مستحيل أن تتكرر ، أنا أعد وسط عائلتي طفرة جينية من نوع ما ... كما أنتِ!"
مشوشة مضطربة وممزقة حد الأعماق كانت دموعها تهبط أخيراً وهي تقول بغصة اعترضت حلقها " ما الذي تحاولين الوصول إليه ... هذا لن يصل بكِ لأي شئ إلا ايذائي ، لقد قلتِ أنكِ عرفتي أمي ، وأحببتها ... هل هكذا تردين ذكراها في ابنتها ؟!"
قالت جوان بحرقة من وسط بكاءها الذي لم ينقطع " أفديكِ بعمري ... كيف تظنين هذا حتى ، أنا لم أرد هذا ... رباااااه لم أرد إخباركِ هكذا ... فقط أردت لمسكِ مرة أخرى التعرف عليكِ صداقتكِ !"
أجفلتها أصابع سَبنتي التي نشبت في ملابسها بعنف وهي تصرخ فيها " إخباري بماذا ... تكلمي !"
للحظات لم تأخذ جوان أية ردة فعل ، نادمة بقوة على كل ما قالته وذل به اللسان ... شعرت بصدرها يضيق ويضيق حتى كاد أن ينفجر .. وهي ترى جزع ابنتها الذي تصاعد مرة أخرى ولكن لأسباب مختلفة تماماً ....
لفتها جوان أخيراً بين أحضانها ضامة إياها بقوة مطلقة تأوه مكتوم لقلبٍ كان يحترق لفراقها من سنوات ... قلب كُتب عليه وحده الفراق والهجران ... وحتى حق طلب وصالها !! سكنت سَبنتي هناك ولم تقاومها مطلقا صمتت مستسلمة لأبواب الجحيم التي فتحتها جوان دون رحمة في وجه ذكائها الحاد وإنما يبقي مندفع مراهق ، يثق في نفسه أكثر من اللازم ويعتقد أنه العارف كل شئ والكاشف كل الأمور ... صمتت وهي تحدق في الفراغ بذهول مصدومة مرتجفة حد الأعماق ... ترتعد فعلياً وعقلها المسكين يحسب كل المعطيات التي يملك بناء على عالمها الغريب الذي وجِدت فيه ...
إذا كان عمها بعد كل هذه الأعوام ظهرت له ابنة ... ونزار الأشقر أبيه تبين أنه ليس بأبيه ... إذاً واحد بجانب واحد ... الإجابة هل راشد يكون اب...
" لاااااا "
.................................................. ..........












بإرادة من حديد تمكن ممدوح من أن يقاوم نفسه ألا ينفجر فيها وفيه غيظاً !!
وهو يمسك الدعامتين الحديتين مجبراً ساقيه على الوقوف محاولاً أن يخطو خطوتين أخرتين غير الخطوة التي قطعها بالفعل ! كان ينهت بقوة شاعراً بغرابة ما يحدث وكأنه لم يعرف نعمة استخدام قدميه من قبل !! وكأنه عاش عمره كله في هذا المقعد وليس عاماً واحداً فقط من أعوام عمره التي قاربت الثلاثين !!
" تحرك قليلاً ، لا تعاند نفسك ... بداخلك أنت من ترفض الأمر يا ممدوح !"
كانت تنظر إليه بثبات وكأنها امرأة أخرى غير تلك التي انهارت بين ذراعيه في الأمس القريب باكية ماضيها ، وحاضرها الذي تمثل في لقاء والداها ، مطعونة للصميم تقيم رثاء مصحوب ببكائها وترديد نغمات حزينة من بين شهقاتها المتقطعة حتى شعر أنه من المستحيل أن يشرق عليها صباح يومٍ آخر ... ولكنها صدمته بأنها فعلت وليس هذا فقط ، بل استيقظت تأمره لا تطلب منه !! بقوة غريبة رغم انتفاخ جفنيها أنه حان وقت أن يتخذ تلك الخطوة ونسيان أي ما حدث من ذلك اللقاء الذي سمته بأنه ذكرى لماضي عالجها من التعايش فيه إلى الآبد ، واعدة نفسها بأنها أبداً لن تنظر للوراء ...
زم فمه بغضب وهو ينهرها " أنا لست طفلاً يتلقى أوامركِ يا لورين ، انتبهي لطريقة كلامكِ وأنتِ تتحدثين معي !"
ضمت فمها بقسوة وهي تقول " بلا أنت هنا طفل ... طالما لا تعرف حدود مصلحتك ... مجبراً أن تنصاع لأوامري دون نقاش !"
يديه كانت تتحرك بثقل وكأنه يحملها جبال وهو يحاول دون جدوى موازنة وزنه فوقهما ... بينما صدره ينهت أنفاس متقطعة ... حتى أنه لم يستطع الرد عليها رغم القهر الذي حفر خندقاً داخل روحه ...
تحرك الطبيب المعالج نحوه يحاول أن يسنده من تحت إبطيه ... فأزاحه بحنق وهو يقول باختصار " لا "
مازلت تقف أمامه تنظر إليه بعينين سوداوين انقلب الدفء الذي كان يسكنهما للون الجليد القاسي الذي يصعب ذوبانه حتى وإن تعرض لأشعة الشمس أسابيع طويلة ... تنظر إليه من علو بقسوة لم يفسر لما هي موجهة إليه !
" لكم من الموجع أن يكون هو العنصر الأضعف أمامها ... وكم من الذابح أن يكون مسلوب الإرادة مكسور الوجدان ، مسلوب حتى حقه في أن يمنعها عن تسلطها الذي تمارسه عليه هنا غير مراعية حتى لرابطهما !"
" أنتِ تخسرين أشياء لن تستطيعي محوها بداخلي ، تذكري هذا يا لورين لأنه أول وأخر تحذير سأمنحكِ إياه ؟!"
نطق أخيراً بألم متقطع من بين شفتيه المتعرقة كما وجهه وسائر جسده !
قالت بجمود " أخسر ماذا بالضبط ؟! أذكر أن هذا كان اتفاقنا منذ البداية ... وأنا لن اقف مكتوفة الأيدي مشجعة إياك على " كلمة لا أستطيع " ليس هنا مستحيل !"
خطوة أخرى كان ينقلها ... فلم تتحملها قدميه بالفعل والتي تعلم عن يقين طبياً على الأقل أنه غير ممكن استخدامها أول مرة بل أول جلسات علاج طبيعي إن قدر على الوقوف على هذا الجهاز وحده تُعد معجزة من نوعٍ ما !"
انهار كله هذه المرة جالساً هناك فانهار معه قناع قسوتها ... وأذاب جمود فؤادها وهي تهرع إليه تدفن ذراعيها تحت إبطيه متمته بحرقة " أنا آسفة . آسفة لا أعلم ما الذي يجري معي !"
حاول إزاحتها بعيداً عنه وصدره ينهج بتعب " فقط ابتعدي !"
قالت بنبرة عنيدة رغم التوتر الذي استشعره يختبئ تحت طياتها " سوف أساعدك ، هذا دوري !"
كبح غيظه بصعوبة وهو يقول من بين أسنانه " أي دور تعنين ، الطبيبة المتبجحة الوقحة ... أم الزوجة العاشقة التي غرُبت وما عدت أجدها ؟!"
سكنت تماماً وكأنها توقفت عن التنفس تنظر إليه بضياع استُبدل في لحظة بثلوج شهر ديسمبر ... ضياع وجدت له صدى في عينيه الخضراوين وهو يناظرها بنفس الخيبة والانكسار اللذان منحهما لها أيوب بالأمس ...
حتى قطعت الصمت أخيراً وهي تقول بغصة " الزوجة ... مازلت أريد أن أكون الزوجة !"
عندها فقط تركها تساعده كما ترغب وهو يمد كلا كفيه يمسك بتلك الحمالات الحديدية حتى قدر بتمسكها فيه أخيراً أن يوازن وقفته رغم اهتزاز ساقيه الموجع " اتركهما ولف يديك حول عنقي ... هذا سيكون أفضل " همست بقلق وكأنها تخشى رفضه أو تعلم يقيناً بأنها بالفعل هزت ثقته فيها ... واستسلامه الذي يبديه ما هو إلا أول شرارة تختبئ داخل بركان خامل والذي إن أنفجر فيها قبل أن تنجو بكليهما لن ينجو أحدهما من حممه !
أغلق ممدوح عينيه وهو يصدمها بأن يلف إحدى يديه كم طلبت !!
يديها التفت حول خصره بقوة بينما رأسها دُفن على صدره ساندة إياه بأكبر قدر ممكن ... ومستمدة من قلبه النابض قوة تعينها على حرب شيطانية تشتعل بداخلها تخوضها وحدها دون أمل في نصر روحها الملائكية عليها !
تحرك بصعوبة خطوة واحدة أخرى نهت لها صدره بمعاناة " أنت تملك الإرادة بداخلك ...تستطيع " همست مشجعة بصوت أبعد من أن يكون قاصده ؟!
مال ممدوح نحو رأسها المدفون فيه ثم قال أخيراً بوجوم " التجبر على ضعيف فقط لأنكِ تستطيعين ... يفقدكِ نفسكِ ، تارك على رصيف انتظار طويل يخفق بداخلكِ ، قلب أوله يشعر بالأسف وآخره ندم على لحظات أبداً لن تعود !"
.................................................. ..... يتبعععععععععععععععععععععع عععععع
:heeeellll looooo::heeeelll llooooo:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 08:00 PM   #886

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile14

تاااااااااااااااااااااااا ابع الفصل الثامن عشر رجاء النظر في الرد السابق لقراءة اوله :7R_001::7R_001:



كان يجلس محني الكتفين وكأن هموم العالم أجمع وضعت فوقهما ... في عينيه دمعه متحيرة وكأنها تخشى الهبوط حتى لا تحرمه من تأمل مجموعة صور يفردها أمامه بطول أرضية الغرفة ...

صور متعددة لبيتٍ كبير محاط بأشجار " الزعرور وشجر الزيتون ! وصور قديمة أخرى تحمل لقطات لرجال أشِداء يقفون أمام بيت خشبي كبير باللون الأزرق يتوسطه نافذة ما اخترقتها بعض الأعواد الحديدية ...

بينما أه مكتومة بحسرة مصاحبة لغصة تشق الصدر واجعة القلب المكلوم ...

فمه يتمتم بمرارة " هذا الزمن حكم ... وهذا الكلب نفذ !"

جلست مرح بجانبه علي ركبتيها يدها ترتفع بتردد تضعها على كتفه في مؤازرة ... ربما لا تفهم ما يقوله ولكنها كانت تُدرك منذ رجوعه بالأمس ينظر إليهما تلك النظرة النادمة و المفجوعة قليلة الحيلة وكأنه خسر عالمه كله لتوه ، بل خسرهم هم مرة أخرى !! أن هناك أمراً جلل حدث ، أن هناك سيف أخر شُرع في وجه الرجل المسكين طاعنه دون رحمة !"

رفع أيوب وجهه ينظر إليها بلوعة ... وكأنه في عالم آخر غير عالمهم !! همست بتردد حريص " أيا ما كان أوجعك ... يمكن أن نجد له حلاً !"

وكأن جملتها البسيطة كانت القشة التي احتاجها لتنهار أخر ذرة في تماسك دمع عينيه الذي هبط وهو يتمتم بالعربية " اتشحورنا و اتذلينا من الأقل قدر ... اتلطمنا يا بنيتي ، منذ أن غادرنا هنا !!"

أشار نحو ذلك المنزل الذي لوهلة ظنت أنها صور أُخذت من قلب الجنة ..!

أمسكت الصور بيدها تقربها منها وهي تسمعه يُكمل أخيراً بالإنجليزية " وأختكِ ما رحمت ... كما هم لم يرحمونا !"

كانت تحاول مجاراته ، أن تفهم ... حتى تستطيع منحه أي شيء من مشاعر بدأت تتحرك بداخلها نحوه في رابط أبوة يطالبها به كل لحظة !! " فرح ، ماذا فعلت مرة أخرى؟!"

قال بصوتٍ مثقل بالمشاعر الصارخة ... مشاعر كانت تبثها فجيعته منذ أن سمع وهو في المسجد يقيم صلاة الفجر !

صراخ الهاربين من الجحيم " اليهود ذبحوا الرجال ، وأخذوا الشباب ، ودكوا البيوت حارقين سكانها أحياء !!"

" الكبرى سميت والدي ، الذي حُرق وهو يدافع عن شرفها وأمكِ ... أبي العزيز الذي لم أملك حتى الوقت لأكفنه بيدي ، واريحه في نومته الأخيرة وأنا أهرب بما تبقى لي ... مخطي علي أبواب من الجحيم !"

شحب وجهها وهي تنظر إليه تستوعب ما يحاول قوله رابطة خيالتها بكيان بشع غير أدمي أُجهز بغدر على مجرد أناس بسطاء سالبهم حتى حق الاستعداد لتلك الفاجعة !" ربما هي لا تفهم أو لم تعش ما يقوله ... وربما كل ما تذكره هي صور باهتة من طفولتها تتشبث بها بعناد لصوت أخيها وهو يحكى عن أشياء مشابهة شنيعه رابطها بذلك البطل الذي كان يتحدث عنه وعيناه تبرقان !!!

ولكنها ببساطة كانت تريد فعل أي شيء لأزاحه تلك النظرة المطعونة المتحسرة من عيني أبيها !!

اقتربت منه تضع يديها علي وجهه المجعد بخطوط ليس الزمن المسؤول وحده عنها بل الأهوال التي عانها " أنا لن اتركك ... وأنا .أنا أغفر لك يا أبي لأنك أصبحت في نظري لست المسؤول عما حدث ، أنت حاولت وحاربت ولكن لم يكن هناك عدالة كافية لتنصرك !"

هز رأسه وهو يقول بصوتٍ مثقل بالدموع " أذنبت يوم أن خرجت هائماً على وجهي من دياري ... منذ أن غادرتها وأي مكان ذهبت إليه وجلست فيه لم أشعر إلا بالغربة والغرابة ... وكأني لا أنتمي لهؤلاء الناس ولا تلك الوجوه حتى وإن نطق لسانهم بلغتي وثقافتي !"

تخبطت أكثر شاعرة بآلام الجهل لإداراتها هذا الحوار " لماذا لا تعود ؟!"'

منحها نظرة موجعة موجعة للغاية ... نظرة لم تستطع تفسيرها بكل كلمات الندم والحسرة والغضب و الفاجعة !

" ليتني ما خرجت من الأساس ... ليتني أستطيع أن أعود لبيت أبي وجدي لبيتي وأنام ولو ساعة تحت شجرة الزيتون ، ضمامكم جميعاً داخل صدري !"

قالت ببهوت متردد " سيحدث يوماً ... كما وجدتنا أنا وفرح !"

حتى الابتسامة الساخرة كانت عزيزة على شفاه نست طعم الضحك وعلى قلب لم يذق يوماً طعم الفرح !!"

أي فرح تعنين تلك التي تختبئ منيّ ومنكِ منكمشة حول نفسها في غرفتها تنظر إليّ كأني وحش كاسر سيزهق روحها ... فرح التي لا تعترف بنا يا مرح وما أجلسها معنا إلا الحاجة والعوز ؟!"

دمعت عينيها وهي تقول باستسلام مختنق وجعاً علي توأمتها " ما عاشته منذ الصغر لم يكن سهلاً هؤلاء الناس كانوا يعاملون حيوانهم الأليف أفضل منها !"

يده كانت تضمها إلى صدره أخيراً ... بينما كل ما صدر عنه همهمات متوجعة أخرى تخرج بصهج وكأن كل أحشائه من الداخل تحترق !!"

.................................................. ...............



كان يصعد الدرج وهو يعلق معطفه فوق كتفيه إثر تعب يومه الطويل ...

عندما جذب مسامعة ترنيمة عواء حزينة منخفضة تأتي من داخل المطبخ ...

عقد حاجبيه بغرابة لعلمه أنه في هذه الساعة تكون سَبنتي في ثبات عميق وكلبها بصحبتها ... إذ أنها تتشبث بنومه داخل غرفتها على فراش خاص أعده له بنفسه كما أعد كل تفصيله صغيرة تخصها ...

تراجعت خطواته هابطاً مرة أخرى متوجهاً إلى هناك ... فلم تجد عينيه لثواني إلا العتمة وخيال ما ملتف حول بعضه على أحد المقاعد الخشبية ...

" سَبنتي ، ما الذي تفعلينه هنا صغيرتي ؟! " ناداها بنبرة متعجبة يغلفها القلق وهو يفتح النور الذي حتى لم يزعجها كما توقع !! بل رفعت له عينين ساكنتين خاليتين من أية مشاعر ... لم يهتم الآن بتلك الحالة العجيبة التيتلبستها ولا حتى بسؤالها الذي دفع لقلبه الريبة " لماذا أصبحت تناديني ابنتي ؟!"

احتاج جهداً جباراً ليبقي ثابت الانفعال متحكم التصرفات وهو يقترب منها ينحني نحوها ويمسك ذقنها رافعها بأصبعيه وهو يسأل " ما الذي جرى لوجهكِ .. تهور آخر لم تخبريني عنه أنتِ وحارسكِ ؟!"

برقت عينيها الثابتتين داخل عيناه بنظرة وحشية وكراهية خالصه لثانية واحدة ... ثم اختفت ليحل مكانها الجمود ، ثانية واحدة كانت كفيلة ليشعر بحزام من الأشواك يلتف حول عنقه مهدده بفقدان روحه " لماذا أصبحت تُعين لي حارس أنا كنت دائماً طفلة الراوي المجهولة !! عديمة القيمة لأيا من اعدائكم ... هل هذا يحدث خوفاً عليّ يا راشد ... أم أنه فقط من باب الحرص ألا يسلبك أحد بضع من ممتلكاتك ؟!"

الخوف كان يجد لقلبه طريقاً محاولاً أن يحسب أية معطيات منطقية ليصل لإجابة سليمة توضح له معنى تلك الكلمات المبطنة ... ولكنه لم يجد أية أسباب تدفعها لهذا التفكير العجيب !

تحامل علي نفسه مرة أخرى معذياً الأمر أنه مجرد تمرد مراهقة أو محاولة طفولية للهرب من إجابة ربما تخشى قولها ... أو هكذا تمنى أن يكون الأمر !"

رفع يده ينزع الشريط الطبي اللاصق من علي عينيها ليتبين جرح آخر حدث هناك ولكن لحسن الحظ هذه المرة لا يحتاج لتقطيب أو لن يترك ندبة مكانه ثم قال بحزم " كفي عن الألاعيب الكلامية ... ما الذي حدث لوجهكِ ؟!"

تسمرت نظراتها عليه طويلاً ... نفس تلك النظرة ال . ال مطعونة يسكنها اتهام صارخ بشبح ... الخياااااااااانة !"

نظرة بطريقة ما ذكرته ، بعينين عسليتين مذبوحتين تنظران إليه من باب موارب رغم جمود ملامحها !"

الهلع كان يتصاعد بداخله مقاوماً نفسه ألا ينهار ... ألا يستسلم لعفريته المرعب الخاص بحقيقتها ! لا لن يكون راشد الراوي إن سمح لعالمها أن ينهار ... ليست طفلته هو لن يكون ملعون حد أن يفقد كل ما تتعلق به روحه !"

" أحد أصدقائي أصابني بالكرة ... محطماً أوهامي في ...؟!

قطعت جملتها و صمتت تبتلع ريقها وكأنها تفيق شيئاً فشيئا من حالها العجيب ... ثم في تضارب فعل يليق بسنوات عمرها كانت تسأله باكية " هل أحبني أبي يا راشد

... كيف كان شعوره عندما حملني أول مرة ؟!"

كان يشعر بالهستيريا تتصاعد بداخله عندما جلس على ركبتيه أمامها يحيطها كما كان يفعل عندما كان عمرها لم يتجاوز السبع سنوات وتخبره باكية أنها تريد أن تنادي أبيها ، يلاعبها يحتضنها كما ترى عمها و آباء زملائها يفعلون ... فيجلس هكذا في محاولة أن يرضيها منتهي بهما الحال أخيراً علي اتفاق ضمني بينهما أنه سيقوم بدور الأب المزعوم ... تذكر أنها ظلت تناديه بأبي لثلاث سنوات تالية ... حتى توقفت عندما غادرهم بسبب " بدور ...؟!!"

أجفلت عندما شعرت به يعيدها إلى لحظتهم قصراً وهو يقول " أنتِ لستِ نكرة ... لقد اتفقنا منذ أعوام أني أباكِ قبل أن أكون أخاً لكِ ... أحبكِ أبي بلال الراوي نعم فعل ، كما أحبكِ كل فرد في هذه العائلة !"

" بدور وعزام لم يحباني ، يا ترى ما هو السبب ؟!" قالت بصوتٍ مرتجف مقهور وبعينين سبحتا في بركتين من الدموع !"

ابتلع راشد ريقه وهو يسألها بوجوم " هل هناك أمر تخبئينه عني يا سَبنتي ؟!"

نظرت إليه مرة أخرى بذات النظرة الغامضة التي وجدها تسكنها أول الحديث رغم دموعها التي لم تجف ثم قالت أخيراً " وهل جرؤت يوماً أن أفعل ... كما لم تفعل أنت ولن تفعل أبداً صحيح ؟!"



شحوب وجهه كان جلي لعينيها رغم محاولته أن يسيطر على انفعالاته ... تجنب كل ما تقوله لمعرفته الأكيدة أنها إن قررت ألا تفسر فلن يجبرها شيء في العالم أن تفعل " لا صغيرتي ، لا أنت قادرة ، وأنا مؤكد مازلت على عهد صداقتنا منذ أعوام !"

أحنت رأسها تحدق فيه بجمود قبل أن تقول بنبرة مهتزة " بل أبوتك يا راشد ... أبوتك للدعسوقة !"

احس بالرؤية أمامه تتلون بالأحمر القاني ... هناك أمرٌ جلل حدث من وراء ظهره ... أمرٌ خطأ فُسر بطريقة قاتلة ... ولكنه وسط رعبه وتخبطه لم يرسيه عقله حتى أن يضع أية احتمالات ...

وهي لم تمهله عندما شهقت في بكاء مكتوم مرة أخرىتنظر له بعينين طفوليتين وهي تقول بتوسل " أريدك أن تضمني ... أن أشعر أني محبوبة منك بالذات ومرغوب وجودي ، لا مجرد خطأ ارتكبته أمي !"

انقطعت أنفاسه هذه المرة وهو يتأمل وجهها الشاحب شعرها المنثور حولها بفوضوية ، الآن تبين أن هناك أثر لدموع حُفرت فوق وجنتيها وكأنها قضت كل نهارها تبكي منهارة ... وجهها ملئ بخدوشات صغيرة ولكن كانت كافية أن تعلمه أن أيا ما تعرضت له طفلته أبعد من أن يكون ضربة كرة ...



التقطها بين ذراعيه يضم جسدها الهش إلى صدره بقوة يهدهدها وكأنها مازلت لم يتجاوز عمرها العام ...عندما أخذها من جوان وهي تصرخ مقاومة يدى والديها مطالبة بها ... كما تبكيها صغيرتها !"

لمعت دموع عزيزة كانت تسكن عينيه بينما يُقبل رأسها محاولاً أن يسيطر على بكائها الغزير ... بينما القلب يهمس بغصة " لا أستطيع خسارتكِ أنتِ الأخرى ... ليس أنتِ صغيرتي ، بعد أن أضعت كل أحلامي والمرأة التيأُحب بيدي ... حتى صغيراً من صلبي أمسيت مهدد بخطر يحيطه كما أنتِ !"

.................................................. ...

حدقت في ظهره في ظلام الغرفة منذ ساعات عارفة من تصلبه وتصارع أنفاسه أنه يعانى مثلها من فراق النوم لعينيه ومن سرقة سلام روحه !!!

" لقد كانت تعاقبه هو !! تنتقم منه بتجبر تهينه بقصد حتى وهي تعلم مدى اعتزازه بنفسه ، بكبريائه بكرامته وحدة دمائه الشرقية !! فكانت بكل شيطانية نفس تستغل لحظات ضعفه لتضربه على غفلة حتى لا يستطيع مقاومتها ... أيا ما فعلته في ممدوح صباحاً لم يكن يمت بصلة لا لعلاج ولا لدفعة للأمام ... بل كانت ترى فيه بطريقة ما وجهه هو حتى وإن لم يتشابها يوماً !"

" هل ستظل تتجنبني ... أنا آسفة " خرجت منها كلماتها مرتجفة متحشرجة !

لم يأتيها الرد ولم تنتظر منه إجابة فحاولت مرة أخرىوهي تهمس " لم أقصد ايذائك ولكن ما حدث بالأمس حطمني بطريقة غير محتملة ... أنا حقاً نادمة على ما فعلت !"

لم تتلقي إجابة أيضاً فقط أنفاسه المكتومة التي علت بطريقة أوضحت لها كيف هو يسيطر على نفسه محاربها ألا يلتفت إليها ... فتجرأت هي أن ترفع نفسها تمر من فوق جسده حتى تصبح بين ذراعيه وتستطيع أن تنظر لعينيه ...

زفر بقلة صبر عند ملامستها إياه شاعراً بالغضب الذي يجتاحه حقداً عليها ... متمسكاً بقشرة واهية حتى لا يخرج وحشه الحقيقي في وجهها ويؤذيها بالفعل كما تشدقت يوماً واجزمت !"

" ألن تضمني إليك ... لقد فعلتها أنا بالسابق دون تردد عندما طلبتها منى !"

تمتم بصوت مكتوم جاف أخيراً " وهل تطلبين كنوعٍ من الأسف الذي كثُر مؤخراً ... أم لأنكِ تحتاجين ؟!"

اغرورقت عيناها بالدموع حتى استحال سوادهما لبركتين من الوحل !! وهي تقول " لأني أحترق ، أنا ما عدت أعرف من أنا ... أشعر بالطعن مؤلماً لقلبي ، بالندم الشديد لما جنته يداي ... لقد جبنت وتجبرت إن كان ينفع أن يجتمع النقيضان معاً ، لماذا لم أبحث عنها ... لما لم يمنحني القدر فرصة أخيرة لرؤيتها ؟!"

كان يحدق فيها في ظلام الغرفة وعاد يخلفه صمته ولكن هذه المرة رغبة منه أن يدفعها لتخرج ما بداخلها ...فسمعها تقول

" بداخلي ندم لا يحتمل وليس منه علاج ، هناك جزء ناري منيّ يأكل صدري ناهشه دون رفق على ما فعلته به وبها ... وهناك جانب آخر إبليسي بارد يردد عليّ أن كلاهما لا يستحق ... فكيف أغفر للقاتل وأنا الضحية التي سلبها حياتها حتى وإن كان مازال قلبها ينبض ؟!"

قال بخشونة

" ألم تفكري أنه ضحيه مثلكِ ... بأنه كما اعترفت سابقاً لم يمنحه أحد الفرصة ، الرجل الذي رأيته واقفاً أمامكِ يترجاكِ الوصال ، أكثر من ناله الوجع وشرب المر كاسات في تلك الحكاية ؟!'"

لاحظ كيف انكمشت أكثر رغم محاولتها المستميتة للزحف بين ذراعيه ... عيناها تنظران للبعيد وكأنها خائفة من النظر إليه وكشف ما يدور فيهما من أسرار ليست لها نهاية " فليبتعد هو وأحزانه ويكتفي بالتوأمتين ... أنا انتهيت من كل الذكريات البشعة !!"

قال بهدوء بينما يسمح لها أن تدفع يديه المعقودة على صدره بعيداً لتلجأ إليهما أخيراً " أنتِ تخدعين نفسكِ ... بل كل ما يحرقكِ الآن ويوجعكِ هذا الحد أنكِ تتمنين لو ذهبتِ إليهما !"

ازدردت ريقها وهي تنظر لعينيه الخضراوين في ظلام الغرفة ثم همست بشفتين مرتعشتين " أنا أفعل ... أريد أن أرى وجه أمي فيهما ... أن أشتم دفء عائلتي التيكانت في رائحتهما التي علقت في أنفاسي طويلاً !"

ببطء بدأت ذراعه تشتد حولها حتى استقر جسدها بين أحضان خُلقت لأجلها ... يبثها بكل ذرة في كيانه دفئه ، سكينة تطلبها وأمان تتوسله بألا يتركها ، أن يستمر في غفرانه جنون أفعالها ويكون هو العنصر الأقوى لتظل علاقتهما ! هكذا شعر وهكذا كانت بالفعل تقصد !"

نظر إليها أخيراً من علو وهو يقول بصوتٍ أجش " إذاً افعليها ... حققي حلمكِ الذي طاردته كثيراً ... جربي لن تخسري أكثر مما فقدنا بالفعل !"

قالت ببهوت " أنا خائفة ... إذ لم أملك أنا أي تعاطف لأيوب فكيف ستتقبلانني هما ؟!"

هبط بجسده قليلاً ليصبح رأسه مدفون في نهديها !! بينما ذراعيه تشتد أكثر حول خصرها مقربها منه حتى الالتحام " أنتِ أشجع امرأة قابلتها في حياتي ...أكثرهن صدقاً ، وعدلاً ... لا أعتقد أنكِ غير قادرة على أمرٍ كهذا !"

رمشت بعينيها وجسدها يتوتر عند نطقه " أكثرهن صدقاً وعدلاً ولكنها لم تسمح له بأن يتبين هذا عندما التفت يديها حول رأسه تضمه إليها بقوة أكبر ...

" هل تظن حقاً أني كذلك ... أني سأملك من القوة لكسب قلب شابتين لا تعرفاني ؟!"

شفتيه طبعت قُبل ناعمة في المكان الذي يريح رأسه المثقل فيه بينما يقول بصوتٍ أجش " أليس سؤالكِ هذا يعد جدالاً ليس له معنى ... أنتِ كنتِ تبحثين منذ سنين موقفة حياتكِ يا لورين ؟!"

شعر بدمعتين ساخنتين تحرقان وجهه مرة أخرى فرفع عينيه ينظر إليها وقال بحزم مشجعها " أذهبي إليهما ، دون أن تسمحي له بالتواصل معكِ أو دخول حياتكِ إن أردتِ ... ولكن رابط الدماء ووصية والدتكِ التي غادرتكِ تستحق التضحية وتحقيقها !"

نظرت إليه مرة أخرى طويلاً حتى شهقت أخيراً بنفس حالة الانهيار وهي تضم رأسه بقوة إليها " أمي ماتت دون أن أراها ... دون أن أُمنح الفرصة أن أخبرها أني أغفر لها ... بأني عشت عمري كله صوتها يتردد في أذني ورائحتها المسكية تعبئ أنفاسي !"

تشبث فيها ممدوح يحاول أن يسيطر على ارتجافها العنيف ... ولراحته أنها طاوعته ساكنة إليه ، ولوقتٍ طويل جداً ظل كليهما على تلك الحالة ... هي تطالب بالكثير وهو يحاول أن يعطيها ربما يهدئ روحها الهائمة الملتاعة !"

.................................................. ....



كان يستشيط غضباً منذ الصباح عندما تلقى رسالة راشد التي لم تترك أي مجال للتكهن ... الدعسوقة المغيظة المستفزة ذات الوجه البريء والروح الشفافة الملائكية كانت شفافة الأسرار أيضاً ... إذ أنها على ما يبدو أخبرت المزعج المتسلط كل شيء !! حسناً سيأتي يومٌ لا محالة تصبح بين يديه هو ، ملكه هو ... ووقتها فقط سينكل براشد ملوعاً قلبه حتى يستطيع أن يلمس شعرة منها حتى !

عند هذا الخاطر وأحلام يقظته كانت ابتسامة كبيرة تحتل وجهه ، سامحاً لنفسه ببضع خيالته المحدودة جداً متمثلة في الخوص في عينيها الضاحكتين بلونهما العجيب ... ملمس شعرها الناعم عندما تخللته أنامله لثواني معدودة عرضاً ، وجسدها الهش الذي يثير كل جنونه متمنياً يوماً أن يعود ليضمه ويحتويه ويصبح حقه ... رباااه ورائحتها الطبيعية التي تسكر حواسه ، حتى بعد أن تفارقه بساعات !"

...

" من الجيد أنك هنا ... لم نتحدث وحدنا منذ وقتٍ طويل !"

بهت وجه خالد للحظات وهو يعتدل من على فراشه أخذاً شهيق وزفير متواصل حتى يستطيع أن يعيد كيانه ويعده لمواجهة والده !

" مرحباً أبي !"

تحرك ياسر بخطوات متمهلة واثقة بتكبر طبيعي لا يبذل جهداً في إظهاره بل منذ أن وعي خالد على الدنيا وهو يعلم أن تصرفات أبيه الملكية تلك والمتسلطة بتكبر وترفع ليس له دخل فيها بل جاءت من شخصيته وكأنه مكتسبه بالوراثة !! ... جلس ياسر أخيراً على مقعد مكتبه الدراسي يخرج سيجار من جيبه ويبدأ في تدخينه بينما عيناه تُقيم معتزل ولده دون رضى ... ثم قال أخيراً " ألن تتعقل وتعود لغرفتك في القصر متخلي عن هذه الغرقة الشبيهة بغرف الخدم ؟!"

عبس خالد بعدم رضى وهو يقول " هل تلك هي مشكلتك شبه غرفتي بمساكنهم ؟!"

مط ياسر شفتيه وهو يقول " بل بمحاولتك المستميتة أن تكون أحدهم ، أن تنسلخ عن جلدك الحقيقي ... مُؤثراً رفض أرث عائلتك !"

قال بهدوء " لقد خضنا هذا الحديث كثيراً من قبل ... وأخبرتك أنا لست مجبراً أن أتقبل شيئاً فقط لمجرد أني ولدت فيه ... أنا لا أشبه تلك العائلة على كل حال ؟!"

بحث ياسر بعينيه عن شيء ينفض فيه غباره فلم يجد ...فسحب دون مبالاة إحدى قصارى النباتات خاصته ونفضها بداخلها ملاحظاً عيني ابنه التي اشتعلت غضباً قبل أن يسيطر عليها سريعاً احتراماً !! لم يبالي ياسر وهو يقول " هناك أدوار وحياة هي من تختارك لا أنت ... وكابني الوحيد ووريث تلك العائلة من بعدي ... أنت مجبر أن تستمع لي ! "

ابتلع ريقه وهو يقول بجفاف " لا أريدها ... هناك نمر الراوي ، هو القادر على هذا الحمل ، إذ أنه يُجهز له من نعومة أظافره ، وفي أحلك الظروف هناك عزام أيضاً ... إذاً لن تحتاجني أبداً !"

وضع ياسر ساقاً فوق الأخرى ثم قال " أريدك أن تنهي هذا الجنون بأرداتك ... مازلت أحبك حد أن أترك لك حرية رجوعك إليّ بنفسك لا بإجبارك ...أنت تعلم أني أستطيع توجيهك رغم أنفك لما أريد ... صحيح ؟!"



(وبِالوالدينِ إِحسانًا) ذكر نفسه بقوة مردداً هذه الآية حتى لا يتطاول عليه أو يمنحه رداً قاسياً رداً على استفزازه ...

سيطر على نفسه وهو يقول أخيراً " ربما تستطيع بالفعل ... ولكن لن أكون أبداً الفارس الذي تحتاجه ، ببساطة لن أُفلح فيما تدفعني إليه ولن أكون إلا مصدر إحراج لك بين منافسيك !"

نزع ياسر قدميه من فوق بعضهم وجلس واضعاً يديه فوق ركبتيه بعد أن تخلص من سيجاره في نفس الإناء ... ثم قال بهدوء " اجلس يا خالد ودعني أدخل في الأمر مباشرة ... لتقيم الوقت الذي تحتاجه !"

ازعن إليه دون مقاومة تذكر وتراجع يجلس على طرف فراشه وهو ينتظر ما الذي يريده منه وجعله يتذكره أخيراً !"

" أنت تعلم أني سأظل أطاردك حتى تحتل مكانك بجانبي ... لأني احتاجك بالفعل ، كما أني لن آمن أحداً على مال أخواتك وإمبراطورية عائلتي من بعدي غيرك !"

ابتلع ريقه وهو يقول بتماسك " ولكن أنا أجهل حتى أبسط القواعد هناك ، ذلك ليس عالمي !"

تأمله ياسر بهدوء شديد قبل أن يقول " لم أعهدك كاذباً !! أذكر أني باكراً جداً كنت أصحبك معاندا والدتك ، وأجلسك مكاني ، أحاول تبسيط بعض الأمور لك لتتشربها ... كما أذكر أنك كنت مراهق شغوف بكل كبيرة وصغيرة تحدث في ربوع المجموعة ، حتى توقفت فجأة منذ ثلاثة أعوام وزهدت كل شيء كما زهدت صحبة والدك !"

قال خالد بخشونة " هذا لأنك لا تريد أن تفهم أن روحي ليست هناك كرهت كل هذا قبل أن يبدأ !"

قرب ياسر المقعد منه وربت علي فخذ ابنه وهو يقول مهاجماً إياه قاصداً إرباك دوافعه وإيجاد ثغرة فيها " ولكن نفس الروح الشفافة تلك قررت أنها تستحق أن تطارد مراهقة معلقة بها ؟!"

شحبت ملامح خالد بقوة وبدا متعثراً في الحديث وهو يقول " أنا لا أطاردها !"

رد ياسر ببرود " ولكنك تعلقها بك وأنت تعلم أن هذا غير جائز وبأنها لن تكون لك يوماً !"

نار أمسكت في قلبه محرقة إياه وهو ينتفض من مكانه ويقول " وما الذي سيمنع هذا ... أنا أريد سَبنتي لي !"

قال ياسر سريعاً من بين أسنانه " لا تليق بك ... لا تنفعك أبداً !"

حاول أن يكون هو الطرف المتمسك بأعصابه وهو يقول " وما المعيقات في علاقتنا ... فتاة كبرت أمام عيني ، وربيت علي يد والدتي أنا أرغبها بكل كياني ... وهي حسناً أعلم يقيناً أن قلبها البكر لن يتعلق بغيرى يوماً !"

بصبر كان ياسر يحاول ألا يهاجمه ألا يخسر حربه سريعاً مع ابنه بل أن يكسبها بدهاء ... تمتم بهدوء أمره أجلس !"

تردد خالد للحظات ونوبة من التمرد تكبر داخله شيئاً فشيئاً ..



تنهد ياسر وهو يقول " مازلت صغيرة جداً ، تصرفاتها طريقتها كل شيء فيها مختلف ... كما أنها لن تضيف لعالمك ولا إمبراطورتينا شيئاً !"

صمت للحظة بينما جسد خالد يتوتر محدقاً فيه بنظرة العارف لما سيقوله ولا يعجبه ... فنطق أخيراً ياسر بصراحة مطلقة " أنت لست من الغباء لتعلم أني وضعت لك فتاة من اختياري في طريقك ... شابة تلمست فيها نفس طريقة تفكيرك ، توجهاتها تماثلك تقريباً ... والأهم لدي تعاون والدها المُطلق ودعمه القوي لمجموعتنا !"

لم يتردد خالد للحظة واحدة وهو يقول " لا أريدها ... حسبتك كلها خطأ ، إن لم تفهمني دعني أكن واضحاً !"

صمت لبرهة يحدق في عيني أبيه التي علمت ما سيقول وحذره أن ينطقها ولكنه لم يبالي وهو يقول بطريقة مباشرة " أنا أُحب سَبنتي ... أُحبهااااا يا أبي ولا أرىسواها شريكة لروحي ، هل يُعد قلب ابنك شيئاً ذو قيمة لتضعه في مخططاتك ؟!"

وقف ياسر يواجهه بقوة وهو يقول بغضب " لن تفعل ... لن ترتبط بتلك الفتاة وإن كانت أخر واحدة علي وجه الأرض!"

" لماذا ... أليس من الطبيعي كونها ابنة أخيك أن يكن موقفك مشجع لي ، بل إن لزم الأمر أن تجبرني لأتزوج ابنة أخيك اليتيمة ؟!"

الغضب كان داخل روحه هادراً غير مسيطر لا لن يفقد فارسه وولده الوحيد وأمله لأجل أيا كان ... كاد أن يصرخ فيه " ليست ابنة أخي ... بل إنها !"

صمت صوته الشيطاني بلحظة وتغلب عليه نور غريب سطع داخل عينيه من وسط عتمته ... متذكراً بوجع بندم وجه شاب صغير سلب منه نقاء سريرته وسلام روحه وثقته ورجولته أيضاً عندما اخبره بحقائق بششششعة !!"



تراجع ياسر أمام عيني ابنه المتسائلة بتشكك وترقب ... ثم قال أخيراً بشحوب " لهذا السبب تحديداً أنت ستبتعد عنها ... أنا لن أكرر قصة راشد وبدور مرة أخرى ... من الأفضل لك نسيانها تماماً لأنك لن تنالها حتى وإن كان أخر شيء أفعله في حياتي !"

صرخ خالد دون سيطرة في ظهر والده الذي انصرف عقب إلقائه قنبلته " أنا لست راشد ... لن أؤذيها كما تجزمون ، هي لي يا أبي تذكر ، هذا اليوم غداً أو بعد أعوام ... ستكون لي بالنهاية !"

....................................

عندما دخل راشد صباحاً إلى غرفتها ليطمئن عليها كانت مازلت تدعي النوم !!

تنهد راشد متبين جفنيها اللذان يتحركان وانفاسها المكتومة التي تحاول السيطرة على انتظامها عبثاً !

جلس بجانبها لدقيقة وهو يمد يده ساحباً قطنة طبية مطهراً جرح رأسها بحنان وروية ... اطلقت تأوهاً معترضاً فقال باسماً " أنتِ كاذبة فاشلة صغيرتي ... إن أردتِ التهرب من يوم دراسي يمكنكِ الطلب فقط !"

لم تفتح عينيها وهي تشعر به يضع شريط لاصق خاص بالجروح فوق جبهتها ... ثم قالت باقتضاب " شكراً "

حاول أن يجعلها تخرج من تلك الحالة تحدثه بأية كلمة عله يستطيع ربط تلك الأحجية " ألن تتحايلي عليّ لزيارة بيت عمكِ ... لرؤية شوشو حتى ؟!"

سحبت الغطاء فوق رأسها مرة أخرى واستدارت تمنحه ظهرها وهي تقول " أنا متعبة ... أريد النوم فقط !"

وقف راشد من مكانه يحدق فيها بجمود بينما الأمر لم يحتج لأي تفسير آخر !

ثم سحب نفسه خارجاً وهو يستل الهاتف من جيبه " نضال ... أريد تقرير عن كل شخص رأته سَبنتي بالأمس ولو عرضاً !"

كانت نبراته ثابتة هادئة ومتمكنة وهو يقول " عدا عن طلاب مدرستها ومدرسيها لا أحد غيري راشد بك !"

مشكلة راشد الراوي لم تكن الغباء يوماً بل الثقة العمياء التي منحها له بعد أن عمل طويلاً بإخلاص ليستحقها وها هو اليوم يستغلها بأسواء طريقة كما يقولون " حاميها هو حراميها وفي حالة ابنة أخيه ... محطمها وقاتل روحها البريئة الطفولية بغير عودة !"

حاول راشد أن يسيطر على نفسه وهو يقول بهدوء " هي لن تذهب اليوم لمدرستها ولا أريدها ان تغادر المنزل على كل حال إلا بصحبتك ... أريدك أن تلاصقها كما أنفاسها... وإن لزم الأمر اصطحب أحد الرجال من حراستي معك !"

" مما تخاف سيد راشد هذا الحد ...عذراً مسبقاً على وقاحتي !"

قال راشد بنبرة لاذعة باردة تلك التي تنمحي منها الرحمة " يعد وقحاً بالفعل بعد ما حدث منذ يومين ... أنت فقدتها في بيت العائلة الكبير ، فقط لأنها أرادت ... نضال لتقدير واحترام بل وربما صداقة أحملها لك ، قم بعملك دون نقاش !"

" بالطبع راشد بك كما تأمر !"

اغلق نضال الهاتف بهدوء بينما عيناه تبرقان بالغضب بالاحتقار ... احتقار لم يكن موجه لراشد الراوي بأية صورة بل لنفسه التي لم تصن الأمانة وخانت العهد " إن أردت أن تهد عرشاً أو تكسر بطلاً فقط ضع في طريقة امرأة كجوان !"

لم يكد راشد الراوي يخرج من باب منزله ، مستقلاً سيارته مراقبه يتحدث في هاتفه بصوت مكتوم ... مهدداً شخصاً ما

حتى كان رقمها هي الأخرى يُجبر هاتفه على الاهتزاز " صباح الخير يا سَبنتي ... كيف حالكِ اليوم ؟!"

كانت مضطربة مهتزة وهي تقول مباشرة " أنا . أنا أريد أن أرى تلك المرأة مرة أخرى تلك صديقة راشد السابقة !!! ولكنك لن تخبره ستجعله سراً بيننا كما وعدت ؟!"



" صديقة راشد ؟! ...اللعنة اللعنة ما الذي قالته المجنونة المتهورة للفتاة التي أرجعها بالأمس أشبه بجسد نُزعت منه كل معالم الحياة ... إذ أنهما عندما استطاعا أن يسيطرا على صراخها المرتعب بصعوبة وهي تلقي نفسها على أسفلت الطريق فتمسكت بها وضمتها جوان إليها مرغمة إياها على الهدوء ... أجبرته هو الآخر أن يغادر السيارة حتى تستطيع الحديث معها بحرية !"



" نضال " همست بصوت مبحوح مرتجياً !"

" حسناً سَبنتي ... انتظركِ لنذهب إليها قبل عودته !"

.................................................

هبطت لورين من سيارتها أمام ذلك البيت الذي ترك أيوبعنوانه قبل أن يغادر منزلها ... مغمورة بالرغبة في الهرب بعيداً ، في سب ممدوح بحنق لأنها اتبعت نصيحته ، وبالشوق لرؤيتهما أخيراً ... لقد كانت خائفة رغم كل شيء من هذا اللقاء ... فتحت البوابة الصغيرة وخطت أخيراً لداخل المنزل الذي شابه فيلا صغيرة ، جدرانها الخارجية باللون الأبيض بينما بابها كان خشبي ملون بالأزرق ويتوسطه نافذة صغيرة تتخللها ألواح حديدية !

" رباه ... انخلع قلبها من مكانه بقسوة وعينيها تغرق في دموعها مرة أخرى رابطة هذا الشبة بذكرى منزلها الكبير وسط أشجار الزعرور !!

استطاعت أن تخطو خطوتين أو ربما ثلاث حتى قطعت مسافة الحديقة الصغيرة
التي شعرت أنها طريق اشواك طويل جرحت قلبها لا قدميها ... وقفت لدقائق طويلة أخرى تتأمل المنزل بينما كلها ينتفض برهبة ... حماماتها هنا .هنا أخيراً ستلقاهما ، ستستطيع أن تلمسهما أن يتعرفا عليها ... ستتخلص أخيراً من كوابيس فاجعتها فيهما كل ليلة ... فقط لو تستطيع أن تقطع الدراجات القليلة وتطرق الباب ... أين شجاعتها ، أين برودها ولامبالاتها ، أين وجهها الحديدي الذي تضعه وقت ما تريد في وجه من لا ترغب أن يكشف هشاشتها ؟!

كل شيء ذهب مع رياح اتتها كزائر غريب مجردها من كل دفاعاتها ... كاشفها أمام ابتزازه العاطفي البحت ...

ادارت لورين ظهرها لبوابة المنزل ... تجلس على الدرج بتعب مسلوبة كل القوى ، ساندة رأسها علي سور حديدي صغير ... مستسلمة لقهرتها للوعتها ، مذكرة نفسها بقسوة أنها لن تقدر الآن على تنفيذ وعدها الذي قطعته منذ ستة عشر عاماً بإعادتهن لصدر نسرين !"

القهر المعتاد كان يغزل علي ألحان أوجاعها ... مذكرها بقلة حيلتها ، بكل لحظة عاشتها مع نسرين !! التي كانت تتمسك في ذيلها أينما ذهبت تستمع إليها ، تتعلم منها ، وتعشق صوتها الحزين الذي يُردد في حنين رثائها الخاص بجدتها !"

" علي دلعونا ... وعلى دلعونا أنتي يا أمي نور العيون ... العيونا ... يا مشط اتحنن علي شعراتها ، دخلك بالله دريلي شيباتها ....

" الجنة نزلت تحت جرياتها برضاها يا ال تعرفوها ... على دلعونا وعلى دلعونا ... تراب تحت أجرك كحل العيونا !"



نغماتها كانت مشحونة بلحن وجعها كان السهم الغارق الذي اخترق العقل الذي تحجر رافضاً أن يتذكر حتى ولو لمحات بسيطة تجعل دمائها تحن أو تعترف إليهم ... انتفضت فرح من مكانها مهرولة نحو الباب ... مما دفع أيوب ومرح أن يتبعانها خوفاً من أذى قد تلحقه بنفسها ...

فتحت الباب بقوة فتدفقت إليها لمحات كثيرة متتابعة ومتلاحقة وكأنها فتحت أبواب ذاكرتها علي مصرعيها ...

تسمر أيوب مكانه غير قادر على التعاطي مع المشاعر الكثيرة التي اجتاحته وهو يراها هنا أمام منزله ... قَدِمت بإراداتها وتترنم بأشعار زوجته الحزينة !"

لم تُعبر ملامح مرح عن شيء فقط تتأملها كشخص غريب آخر سيدخل دنياهم ...

بينما فرح التي ترفضهم ، تُصرح بمقتهم ، فرح المدمرة نفسيا وعاطفياً ... كانت تقترب منها بحذر تجلس بجانبها بنفس الحرص ... ثم تلمس معصمها بتردد شديد ...

ادارت لورين عينيها تنظر إليها بتفحص بعدم تصديق ترمش من بين دموعها التي غشت الرؤية أمامها ...

بينما تكمل دون انقطاع عن ترنيمات أمها " أيا يا مرايتها حني عليها خبي التجاعيد ال تحت عينيها ، نيال الفرشة اللي بتنام عليها ريحة أنفاسا زهر الليمونا ... بذكر يا أي أيام الماضي تحتاري مين فينا اللي تراضي .. أخطاءصغيرة كبيرة بتتراضي وبسمة مرسومة جوا العيونا ... لما على أمي بغنى الدلعونا تنزل دمعاتي لا لا تلومونا "

همست أخيراً فرح دون صوت فقط حركة شفتيها بضعف " لورين ؟!"

اهتز كتفي لورين مع انتفاض صدرها في شهقات مؤلمة وأومأت لها دون كلام ... شيئاً فشيئا كانت فرح تضع رأسها علي كتف لورين ... تغمض عينيها بسكينة ، يديها تتشبث بها بقوة ثم همست " أنا أذكركِ ... أنتِ وجدتني أخيراً كما وعدتِ !"

ضمت لورين كفيها بقوة ... مقاومة نفسها بألا تلمسها بألا تعانقها ولا تفصلها عنها أبداً كما خلعوها منها مرة " تأخرت !"

" ولكنكِ ... أتيت الآن !"

كانت في حالة من التخبط في الانفصال عن الذات وهي ترفع يدها أخيراً تحيط كتف أختها بتردد ضامة إياهاإليها ... شفتيها تهمس مرددة اسمها بينما الحزن الغير محدود يغمر روحها " فرح !"

" هل يمكنكِ قول تلك الترنيمات باللغة الغريبة مرة أخرى ، تذكرني ... تذكرني بتلك المرأة ... وأنا روحي تحتاج ولو عبثاً اقتناص برهة من حنانها !"

انفجرت عينيها مرة أخرى مع صوتها بفاجعة البكاء ...

بينما لا إراديا تتذكر لحن آخر من تلك المرأة ... أمهم الغالية ،أمهم التي تعذبت ، أمهم التي حُرمت من ريحهم ... أصبحت في ذاكرتهم مجرد تلك المرأة !"

" يما مويل الهوا يما مويليا ضرب الخناجر ولا حكم النذلفيا

ومشيت تحت الشتا والشتا رواني

والصيف لما أتى ولع من نيراني

بيضل عمري انفدى ندر للحرية

يما مويل الهوا يما مويليا ضرب الخناجر ولا حكم النذلفيا



يا ليل صاح الندى يشهد على جراحي

وانسل جيش العدا من كل النواحي

والليل شاف الردى عم يتعلم بيا "



انتهي قراءة سعيدة

‏‫


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 08:05 PM   #887

wafaabawady

? العضوٌ??? » 341541
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 50
?  نُقآطِيْ » wafaabawady is on a distinguished road
افتراضي

أيوة بقة ⁦☺️⁩😊😊😊 نقرأ الاول

wafaabawady غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 08:13 PM   #888

Hoda.alhamwe
 
الصورة الرمزية Hoda.alhamwe

? العضوٌ??? » 456087
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Hoda.alhamwe is on a distinguished road
افتراضي

ندخل برجلنا اليمين ونقول بسم الله ياساتر يارب 🤗

Hoda.alhamwe غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 08:25 PM   #889

Sekasaso

? العضوٌ??? » 421984
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 89
?  نُقآطِيْ » Sekasaso is on a distinguished road
افتراضي

هي سبنتى فهمت ان راشد ابوها 😳😳😳😳😳😳

Sekasaso غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-11-19, 08:36 PM   #890

روياتى

? العضوٌ??? » 419335
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » روياتى is on a distinguished road
افتراضي

تسجييييل حضووووور وربنا يستر

روياتى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:03 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.