آخر 10 مشاركات
308 – نيران الحب -جينيفر تيلور -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          أرواحٌ تائـهـة في غياهِبِ القَدَر (الكاتـب : الـميّادة - )           »          لازلت سراباً (25) -ج1س أنثى صنعها الهوى!- للمبدعة: Just Faith *مميزة*رابط خفيف (الكاتـب : Andalus - )           »          رواية: ثورة مواجِع من عُمق الورِيد (الكاتـب : القَصورهہ - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          الستائر السوداء (الكاتـب : ررمد - )           »          انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          الشعلة الأبدية (49) للكاتبة: آن أوليفر .. كـــــاملهــ.. (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          [تحميل] ومالي بدجئ العاشقين ملاذ! بقلم/غسق آلليلh "مميزة " (Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          كتاب الف ليلة وليلة النسخة الكاملة (الكاتـب : بندر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-01-21, 02:20 AM   #7511

Menna farag
 
الصورة الرمزية Menna farag

? العضوٌ??? » 384089
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 148
?  نُقآطِيْ » Menna farag is on a distinguished road
افتراضي


ان شاء الله هستناها pdf واقرا علطوووول 😅😅
متابعه من بعيد خوفا من حرق الاحداث ليا


Menna farag غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 02:30 AM   #7512

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Menna farag مشاهدة المشاركة
ان شاء الله هستناها pdf واقرا علطوووول 😅😅
متابعه من بعيد خوفا من حرق الاحداث ليا
للاسف الكاتبه اعلنت من بداية الروايه مفيش pdf ابدائي تابعي لو تحبي⁦❤️⁩⁦❤️⁩


aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 02:31 AM   #7513

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

ابدعتى نور فى انتظار الفصل 56

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 02:35 AM   #7514

لنا الحياة

? العضوٌ??? » 174752
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 999
?  نُقآطِيْ » لنا الحياة is on a distinguished road
افتراضي

مشكور ة جدا وشكرا لك جداااااااااااااااااةةةةةة ةةةةة

لنا الحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 02:35 AM   #7515

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

توضيح
أعذرونى .... لانى لن أعرض أي شي مما حدث في فلسطين مع لورين لحاجة في نفس يعقوب أولاً ....والسبب الأخر وبمنتهي الصراحة ..أن وجدت كمية سرقة غير طبيعية لكل ما تحدثت عنه وخاص بالقضية الفلسطينية ...تم سرقة تعبى وبحثى وجمل كاملة خاصة بىّ دون أي خجل من البعض ...

لذا لن يتم ذكر اى حدث من داخل الاراضى المحتلة حتى حين ❤️


·
ساعاتنا في الحب لها أجنحة، ولها في الفراق مخالب.

الفصل السادس والخمسون مشاركة "١"



تقدم ببطء من فراشها الصغير ..بينما عيناه تتجول في أنحاء الغرفة ضاحكاً باستنكار ..إن كان هناك شيء واحد يتذكره عن غرفتها هذه أنها كانت مليئة بالدببة بالطبع ..وبعض الرسومات القليلة لحشرة الدعسوقة, غير هذا كانت الغرفة مطلية بلون وردي أحادي عادي جداً فقط لتعلن أنها تخص فتاة ..بينم االآن الوضع أصبح مختلف كلياً ...جدران يغلب عليها للون الأخضر ...رسومات مرسومة باليد لشخصية (شلبي سلفان) وبطلته الصغيرة (بو) واسعة العينين المشاكستين.. لقد كانت الرسومات مبالغ فيها وجداً ..حتى فراش شلبي الذي يتقوقع بجانب الخزانة المليئة برسومات الدعسوقة كان عليه تلك الشخصيات..
أعاد عينيه فوق الكلب الذي يتكوم تحت قدميها ووقف في مواجهته ..ربّت على رأسه لبرهة كأنه يطمئنه ويتعرف عليه ويساعده على التذكر ..أطلق الكلب صوتأمان ورضا ..قبل أن يساعده راشد للهبوط من على السرير ...ثم جلس بجانبها...لم يغير الزواج من حبة قلبه الصغيرة شيئاً, ما زالت تنام بطريقة غوغائية..ترتدي بدلة رياضية سوداء مستفزة وأحد كتبها يغطي وجهها وفمها المتكورباعتراض عجيب..
أجلى صوته قبل أن يهتف بصرامة وهو يزيح الكتاب جانباً: "حتى حبيبة أبيها كاذبة ..قلتِ سابقاً أنكِ تشعرين بي.. وها أنا أجاوركِ منذ وقت وأنتِ تنامينكالجثة"
صوته كان عالياً كفاية لترمش بعينيها بسرعة, تدير رأسها في أنحاء الغرفة..وفور أن وقعت عينيها عليه كانت تعتدل وقبل أن يستوعب حتى اندفعت وهي تجثو على ركبتيها لتلف ذراعيها حول عنقه, تغرق وجهه بقبلاتها الممتعة: "راشد.. افتقدتك ..افتقدتك ..افتقدتك كثيراً.."
صوتها المحفور داخل حنايا قلبه الأبوي كان قوياً جائعاً بطريقة موجعة تنقش على القلب حفراً من الحب حتى الأعماق..
احتضنها بقوة يعتصرها بين ذراعيه ..وهو يقول بخشونة: "لهذا تتهربين مننصف مكالماتي.."
ما زالت تتعلق بعنقه بلهفة ..أزاحت وجهها فقط لبرهة تنظر إليه بتلك النظرةالمحببة، وكأنها تتشبع من وجوده ثم عادت تسند وجهها على كتفه وهي تتعلقفيه بتملك ثم همست: "لم أشأ أن أكون حمل فوق كاهلك.. أو أن أشغلك.."
قال بهدوء وهو يمسد على رأسها: "حقاً يا سبَنتي.. سنخوض هذا الحديث منجديد ..لا مشكلة دعيني أقحمها بعقلكِ مرة أخرى علّكِ تفهمين للمرة المليون لاشيء بالعالم أهم منكِ أنتِ وأخيكِ.."
أغمضت عينيها وهي تحاول تَشَرُّب أكبر قدر ممكن من حنانه ورائحته الأبوية الفطرية المريحة ..ثم أبعدت وجهها لتنظر لعينيه وهي تقول بمشاكسة مترددة: "وهي.. أليست على قائمة أولوياتك؟"
مط شفته السفلى وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً ثم همس بتآمر: "دائماً كانتوستبقى ..إلا أنها أعند من أن تستوعب أو تسمح باستغلال كل الفرص المتاحة.."
هبطت من بين ذراعيه لتجلس أمامه ثم حركت أصابعها في رأسها بعصبية وهيتقول: "تحتاج للوقت ..امنحها إياه ولا تتعجل، فتعجلكم لاستباق الأمور يجرح جداً!"
تصلبت ملامح راشد وتحولت إلى القناع القاسي المعتم من جملتها التي يفترض أنها غير متوافقة المعاني.. ثم سأل: "ماذا فعل حتى تتدخل زوجة عمكِ لإبقائكِبعيداً؟"
تهربت بعينيها وهي تهمس: "لا تشغل نفسك بنا ..أجب على سؤالي هل ستمنحها الوقت؟"
تجنب الإجابة وهو يقول مازحاً : "بكما! منذ متى أدخلته بالمعية؟"
رفعت كفيها بنوع من الحيرة ثم قالت بخفوت: "يبدو أنه كان دائماً معي في نفس الحفرة ولكني لم أدري ..أو ربما أنا أعرف ولا أحبذ الاعتراف.."
أخذ راشد نفساً عميقاً وهو يمسد جانب وجهها بحنان ثم همس: "لن تخبريني إذاً عن ما يغضبكِ منه؟"
توردت وهي تشيح بوجهها من جديد ثم همست بنبرة كادت أن لا تسمع: "ليس من المفترض أن أخبرك أموراً خاصة مع زوجي.."
رفع حاجبيه وهو يقول: "أمورٌ خاصة؟!"
هزت كتفها وهي تقول ببساطة: " الأمر مهما بلغت ‏مساوئه إن بَقِيَ بين الزوجين فقط يسهل حله، أنا لا أحبذ أن تكبر المشكلة.."
ابتسم راشد ابتسامة من عمق قلبه ثم قال بصوت أجش: "لن أضغط عليكِ بالمزيد ولكن تذكري أني دائماً سأكون هنا من أجلكِ.."
هزت رأسها قبل أن تقول بحماس: "لقد عادت شوشو بالأمس وذهبت إليها..وهذا أسعدني كما لم أفعل منذ زمن.. وها أنت تعود اليوم.. أشعر أن الأمورستعود كما كانت سريعاً.."
قال ضاحكاً بقنوط وهو يمسد وجنتها: "لا أريد أن تعود كما كانت، بل أتعشم أنتنتقل لمستوى آخر يريحنا جميعاً وأولهم أنتِ.."
توترت وهي تقول: "أنا بخير.."
(لستِ كذلك ..لستِ كذلك)
هدر قلبه وكأنه محرك آلة ضخمة بوجعه ..إلا أنه تماسك سريعاً وهو يقول: "هل تمنحكِ دكتورة ليلى علاج ما؟"
:-"لا ..لا أحب التحدث في الأمر.."
أمسك وجهها بين أصابعه يعيده إليه وهو يقول بصرامة: "يجب أن تفعلي بالنهاية ..الهروب ليس حلاً ..تحدثي, اصرخي، اجلدينا جميعاً بما يثقل صدركِ..لا تقفي في مكانكِ مثل حجر أصم تطرق فوقه الفؤوس وهو لا يتحرك أو يدافععن نفسه.. لا طارقيه نجحوا في زحزحته و لا كفوا عن أذيته.."
أسبلت جفنيها بقوة ثم همست بريق جاف: "لا أحب الذهاب لتلك الطبيبة.. فهلستجعله يتوقف عن دفعي؟"
عبست ملامحه قليلاً ثم سأل بتشكك: "أ تزعجكِ؟"
رفعت كفيها حول رأسها تحيطها بتشدد وعصبية ثم هتفت بخشونة: "تقتحمعقلي ..أجلس هناك لساعتين أمامها أتمسك بالصمت لأني لا أحتاجها ..لاأحتاجها ..ولكن صوتها البغيض يظل يهدر في حنايا رأسي لأيام تدفعنيللتفكير بأشياء سيئة، سيئة للغاية.."
فور انتهاء جملتها كانت تتنفس بعنف أقرب للهاث بينما شحبت ملامح راشد..وهو يهمس: "سبَنتي!"
قاطعته وهي تفتح عينيها ببطء تهمس: "هل تظن أني أصبحت مجنونة رسمياً؟"
ابتسم ببهوت: "لستِ كذلك، بل أنتِ ست البنات، وأجملهن نكهة وأذكاهن عقلاً.."
ابتسمت بتوتر ثم تهربت من جديد وهي تقول بتردد: "الحمقاء منحتني بعضالأدوية ظناً منها أني لن أفهم ما طبيعتها.. أنا لا أعاني من الذهان ..وواثقةأيضاً أني لا أحتاج دواءً للاكتئاب.."
صمتت قبل أن تعض طرف شفتها وهي تقول بقنوط: "هل علمت ما هوتشخصيها لي؟!"
أخذ راشد نفساً عميقاً ولم يرد..
همست بأسى: "إذاً أنت تعلم"
رد بوضوح: "نعم ..وأرغب في إكمال طريقكِ معها.."
دمعت عيناها وهي تعود تستريح على صدره ..حاوط راشد كتفيها وهو يضمهابقوة ثم قال برقة: "لقد أهملتكِ طويلاً مستمعاً لإصراركِ أنك بخير، رغم أني كنتأشعر دائماً أن هناك خطأ.. لذا لا مزيد من العتاب ..فقط أنا أتوسلكِ افعليهامن أجلي, ليس من العدل أن يرى الآباء أبناءهم ينتهون ببطء.."
دمعت عيناها وهي تطلق شهقة قصيرة صامتة ثم قالت بخفوت: "سأفعل أيشيء لأجلك.."
انحنى برأسه نحو ووجها المدفون في صدره ثم قبل وجنتها وهمس بمكر: "ولاتبالغي في عقابه, فأنا أحب خالد أيضاً وأشعر بالشفقة عليه.."
ضحكت ضحكة خشنة وهي تهز رأسها موافقة, ثم اعتدلت بعيداً عنه وهي تقولبحماس صادم: "هيا لنذهب لإياب, سيفرح بوجودك.."
قال راشد بقنوط: "أخالفكِ الرأي.."
قفزت وهي تقول بإصرار: "ستجبره إذاً.."
وقف راشد أيضاً من مكانه يتوجه نحو الباب ثم قال: "اذهبي للأسفل ستجدينحقيبة سفري افتحيها وأخرجي منها حقائب ورقية ستجدين عليها اسمكِ وأخيكِوأولاد إيهاب زيدان.."
توسعت ابتسامة عميقة منعشة على وجهها وهي تقول بمناغشة: " وبدور؟"
ادعى التعجب: "بدور؟! ولماذا قد آتي لبدور بشيء ..ولكني أحضرت لزوجةعمنا" غمز بعينه وهو يفتح الباب خارجاً..
عبست وكورت فمها بعدم رضا, بينما سمعته يضيف تلكؤ: "هناك حقيبة حفظطعام أيضاً ستجدين بعض الشطائر الشهية لكِ وإياب فقط.."
كان خالد مازال يقف عند الجدار الفاصل بين غرفة سبَنتي وشيماء القديمةيسند قدمه وراءه ويعقد ذراعيه على صدره عندما قال بفتور: "طعام من لندن! مامعني هذا بالضبط؟"
قال راشد ببساطة: "المكان جديد وأعجبني ..لذا أحضرت لصغيريّ منه.."
قال خالد بصوت متهكم: "لن نصدم بسلمون وزيتون إذاً!"
في هذه اللحظة خرجت بدور من غرفتها المقابلة ترتدي فستاناً من الحرير يرفرفحول قدميها العارتين يلفها بسحر وجاذبية ..أم هو الاشتياق ما يفعل في قلبههذا؟!
صمت الحديث وتقابلت الأعين المغتربة في البعد والحرمان والمشاعر المعلقة،كلاهما ينظر للآخر بما يعتمل داخل صدره من كبت ..إلا أن عسل عينيها كانيموج بنظرة شرسة، مقاتلة، فتاكة كأنثى النمر ..متناقضة مع نظرة أخرىاجتاحته اجتياحاً مغلفة قلبه بالبرود من جليدها..
قطع هو النظرات أخيراً وهو يجيب خالد بهدوء شديد: "لن تصدم.. لقد انتهينا من الإتيان بأشياء لأناس لا يخصونا.."
امتقع وجه بدور قليلاً إلا أنها دارته بجدارة وهي تقول بعملية: "أولاً حمدً لله على السلامة ...ثانياً إياب يرفض الخروج.."
قال راشد ببساطة: "حسناً .."
رفعت بدور حاجب تعجب متسائلة ((هل يستسلم ببساطة كما فعل الليلة التيسبقت سفره ..عندما أخذه منها رغماً عن أنفه ..وواصل ابنها البكاء والصراخ بغير انقطاع ..رافضاً بكل الطرق الاستماع إليه أو البقاء معه ..ولكن لم يكن هذا المريب في الأمر ..بل اتصاله بعد ساعة لا أكثر يطلب أن تأتي هي وخالد لأخذه وهذا ما كان ..ثم بعدها لا شيء..
بالطبع خلال سفره كان هناك اتصالات بينهما اختصرها قدر الإمكان، فقطيطلب منها أشياء تخص العمل ..ثم يسأل عن إياب ويغلق الهاتف ..لا مزيد منالأشعار ..لا مغازلات ..ولا محاولة أخرى لطلب العودة ..هل استسلم ببساطة؟
هل عليها أن تصدق كلام الجرائد والمواقع التي ما زالت تتداول صور نمرالراوي وأميرة آل هابر، وجزمهم أن هناك علاقة عاطفية بينهما؟ هل سقط راشدومن أول امتحان من جديد وخلال شهر واحد؟ هل...))
علق السؤال في حلق بدور بينما عيناها تتوسعان بذهول عندما شعرت بيده تزجها من أمام الباب بجفاء ثم قال: "حسناً.. سأدخل إليه بنفسي.."
لم ينتظر ردها بل نفذ في الحال بينما بقيت هي جامدة للحظة بنفس الصدمةتنظر لأخيها وزوجته لتجدهما يكتمان ضحكهما بقوة..
أشارت بسباتها: "أدخل غرفتي فعلاً دون دعوة أم تهيأ لي؟"
رفع خالد كفيه بعجز ثم قال ضاحكاً: "البيت بيته، يتجول به كما يشاء.."
رددت بذهول: "بيته! بيت من يا أخرق؟!"
أشار خالد بإبهامه: "بيت كبير العائلة ..ربما أنا أصبحت أحمل سندات الملكية،إلا أنه بيته حسب قوانين العائلة.. البيت الكبير للكبير.."
فغرت فهما بذهول أشد غير مستوعبة تلك البساطة والاستسلام الذي ينطق بهما أخيها..
أدارت عينيها نحو سبَنتي التي نظرت للسقف وهي تضيق عينيها ثم قالت ببراءة: "لم أنتبه من قبل لتلك النقوش, هل هي أساطير يونانية؟"
رفع خالد حاجبيه بشدة ثم قال: "هل تحدثيني؟!"
لم تنظر إليه وهي تقول بنزق: "هل هناك أٌحدٌ غيرك يقف هنا؟!"
هتفت بدور بعصبية نادرة: "سبَنتي ليس من مصلحتكِ استفزازي في هذه اللحظة.."
عادت سبَنتي تنقل نظراتها بينهما ثم هتفت فجأة وهي تتوجه نحو الدرج مهرولة: "الطعام ..أنا جائعة جداً ..عذراً يا بدور سأترك الحديث الممتع معكِ إذ أنكِ تبدين مجنونة الآن.."
دارت بدور مكانها وهي تهمس بشرر: "لا أصدق ..زوجتك تجاهلتني أنا.."
قال خالد ببرود: "أتركي زوجتي في حالها ..هي ليست فدواً لحقدكما.."
اقتربت منه وهي تقول من بين أسنانها: "أيها الحامي, فارس أخواتك الشجاع..هل هذا ما قدرك الله عليه؟ زوجتك! وماذا عن هذا الذي اجتاح غرفة نومي؟!"
قال خالد بهدوء شديد صريح: "لماذا يوتركِ وجوده لهذه الدرجة.. أم هو الاشتياق؟!"
:-"ماذا؟!"
قال خالد بنزق: "كُفِّي عن (ماذا) المستفزة هذه.. نحن نفهم بعضنا جيداً..الرجل في زيارة قصيرة لولده ..لما كل هذا الجنون منكِ؟!"
هزت رأسها سريعاً قبل أن تقول بتلعثم: "لا يجوز دخوله لمكان نومي.. ثم.. ثم أنا كنت أريد حضور لقائه بصغيري.. فهل يجوز الأمر، هل ستسمح بهذا؟!"
تلكأ خالد قبل أن يعتدل أخيراً وهو يقول بهدوء: "بالطبع لا.. كما قلتِ لا يليق.."
قالت سريعًا: "ماذا ستفعل؟"
قال خالد بتشفي عجيب: "سآخذكِ من يدكِ الجميلة هذه وندخل سوياً، ونجلس معهما ..أو تهبطي أنتِ بكل سلام للأسفل حتى ينتهي ..وفي كل الأحوال سأبقى قريباً كمحرم بينكما"
بهتت ملامح بدور للحظات ..ثم عاد الجليد يكسوها وهي تهتف ببرود مرتفع: "خونة.. أوباش.."
مدّ خالد فمه مع رفعه حاجبيه للأعلى وأسفل وهو يحرك جانب وجهه ثم همس بتآمر: "ربما.. أو أننا مللنا يا حبيبة قلب أخيكِ"
*******

يتبع...................


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 02:42 AM   #7516

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل السادس والخمسون المشاركة "2"

قبل دقائق..
دخل راشد للغرفة ووجد طفله يجلس على الأرض عاقدًا حاجبيه بتشدد, مزموم الفم, مكتف اليدين والقدمين بصرامة..
"مرحباً سيد إياب.."
زم إياب فمه وهو يلف وجهه جانباً رافض النظر إليه..
جلس راشد على ركبتيه أمام ابنه ثم قال بهدوء: "ألم تشتاق لبابا؟"
زم الصغير فمه من جديد وكله يلوح بالرفض القاتل..
فتح راشد يديه وهو يقول بحنان: "أنا اشتقت لحبيبي البطل ..كنت أفكر بك كل يوم، حتى عندما ذهبت لبحر كبير به قوارب كبيرة جداً ..جداً تمنيت أن يكون بطلي الصغير معي ليساعدني في الصيد ثم إرساء القارب.."
لمعت عينا إياب بلهفة قبل أن يزم فمه بعنف أكبر وهو يقول بحدة: "ذهبت من دوني.. أنا غاضب أكثر الآن.."
قال راشد ببساطة: "لم أذهب ..لوحت من بعيد فقط للبحارة .. فأنت لم تكن معي.."
حرك إياب كتفيه للأعلى ثم قال معاتباً: "ما زلت حزيناً منك, لا أريد التحدث معك.."
رد عليه راشد بصوت محتوياً لطفولته: "وأنا حزين أيضاً ..لا آكل جيداً ..ولا أنام ..اممم ربما أبكي سراً ..وهنا يؤلمني جداً لأن إياب ليس معي.."
كان يقلد حركاته وكلماته للتعبير عن مدى ألمه بطفوليته..
وكبت الشوق لوالده ..وحنانه الطفولي الفطري ..جعله يحل عقده يديه وهو ينظر إليه دامعاً متسائلاً بتعاطف بريء: "هل يؤلمك كثيراً؟"
اقترب راشد منه ثم قال وهو يلمس كتفيه: "يؤلمني بقوة, وأفكر متى يأتي لي إياب ليمنع البابا من البكاء.."
قال بتلعثم: "الرجال لا يبكوا.."
قال راشد بهدوء: "الآباء يبكون أطفالهم ..خاصةً عندما يكون هذا الطفل رفيقي المميز إياب.."
وقف إياب من مكانه يقترب منه بتردد وتوتر ..ثم قال ببراءة: "أنا أيضاً أبكيك سراً.. وأشتاق لك.. ولكني ما زلتُ غاضباً.."
قال راشد وهو يلف يده حوله من الخلف بتمهل: "عليك أن تكون غاضب وبشدة ..ولكن الغضب يا بطل لن يحل الأمور ..لذا يجب أن تواجهها بشجاعة.."
تحشرجت أنفاس إياب قليلاً ثم همس بنفس البراءة: "ماما.."
سأل بقلق: " ماذا بها ماما؟"
نظر إليه إياب بتردد وهو يقترب منه خطوة: "هل ستأخذني بعيداً عنها من جديد؟ اياب لا يريد أبداً.. أبداً ترك ماما"
قربه منه راشد أكثر ثم قال بصرامة: "لن أبعدك عن ماما من جديد أبداً.. ستبقى معها الوقت الذي تريده ..وأعدك أن أعمل على جمعنا سوياً قريباً.."
هتف: "حقاً.. سنعيش في بيت خاص بنا أنت وهي وإياب، كما أولاد خالاتي.."
ابتسمت شفتا راشد وهو يضمه إلى صدره أخيراً مستنشقاً عبيره الطفولي بنهم موجع ..ثم قبل جبهته وهو يهمس: "حقاً.. إن شاء الله حقاً يا صغيري.."
لف إياب ذراعيه حول عنقه أخيراً ثم قبّل وجنته ..قبل أن يضع رأسه على ذراعه وهو يهمس: "إياب ما زال غاضباً.."
ربت راشد على ظهره برقة ثم وقف به منتصباً على ساقيه وهو يقول: "لا بأس, الغضب أحياناً يمنحنا القوة والشراسة اللازمة لنحارب لنظفر بما نريد"
همس إياب وهو ما زال متعلق فيه: "بابا ..أنا لا أريد ترك ماما اليوم.."
أبعده راشد لينظر لوجه ثم قال: "ألم تفتقد صحبتي قليلاً؟"
أومأ ببطء متنازع ...وكأنه يخشى الإقرار فيأخذه منها ..ابنه كالعطش المترجل في صحراء جرداء ووجد بئره الذي برأ ظمأه فأصبح مرتعباً من فكرة الابتعاد عنه وإكمال طريقة حتى لا يجرب الشعور بالظمأ من جديد..
قال راشد بصرامة: "أخبرتك أني لن آخذك بعيداً عنها.. ولكني لن أسمح من جديد بمقاومتك لي.."
قال ببساطة وهو يرفع كتفيه: "سأصرخ وأبكي.."
قال راشد بصوت خافت حازم: "وأنت تعلم أن هذا لن يفلح معي"
قال ببساطة: "فلح بالسابق"
"لأني أردت هذا ..ولكني لن أسمح لك مجدداً بالإفلات من العواقب...."
زم إياب فمه بتشدد إلا أن نظرة القلق سكنت عينيه ..ولم يرد راشد أن يضغط عليه في هذه اللحظة، عقب عودته من سفر طويل كهذا، يعتبر أول فراق فعلي لهما عن بعضهما..
لذا تراجع حتى جلس على طرف الفراش المطوية ستائره على الأعمدة الأربعة ..تبسم متذكراً وجه بدور وتذمرها يوم أهداه لها ثم همس: "تعجبك هذه المملكة لذا لا تريد تركها"
ضحك بانتعاش ثم قال بخجل: "ماما تغلق هذه الستائر ثم تقرأ لي عن أرض سحرية فيها الكثير من القصص فأشعر أني هناك.."
تنهد راشد وهو يتراجع على الوسائد آخذاً ابنه فوق قلبه ثم قال بحبور: "يا بختك يا ابن ماما ..تمنحك ما لم تجد به على أحد من قبل"
سأل بفضول وهو يجلس فوق صدر والده : "ما هو؟"
ضمه راشد إليه أكثر ثم قال: "الحب المطلق مع صك غفران مفتوح ..وحدك من ترى وجهها الآخر الذي دثرته.. يا ابن المحظوظة.."
ضحك إياب ..ثم عاد يزم فمه وهو يقول بتعنت: "لا أريد الحديث معك, ما زلت غاضباً..."
تنهد راشد إلا أنه قال بخبث: "حتى وان علمت أني أتيت لك بكل أنواع الهوت ويلز بسيارتها الصغيرة كما طلبت؟!"
توسعت عيناه بانبهار طفولي ثم هتف: "أين هي؟"
قال راشد وهو يداعب شعره الكثيف: "بالأسفل ..مع هدايا لوليتا وإياس صديقيك.."
هتف معترضاً: "وأمل ..ألم تأتي بهدية لأمل؟"
قال راشد: "ومن أمل هذه؟ هل لدينا في العائلة طفلة لا أعرفها؟!"
أجاب إياب بحماس: "إنها صديقتي الجديدة.. ماما تعرفها.. لا بأس إن لم تأتي لها بهدية ..سأمنحها كل ألعابي.."
نظر إليه راشد باستنكار ودهشة ثم ضحك بخشونة وهو يقول: "هل تحبها ماما؟!"
قال إياب بانزعاج: "لا ..لقد ربطتها وكممت فمها هكذا.. وقالت أنها ليست ابنتها ..ولوليتا المزعجة هي ابنتها فقط.."
قال راشد بتواطؤ: "الحمد لله هكذا أطمأن قلبي, أنا من سأحب هذه الأمل معك.."
توسعت ابتسامة كبيرة على فم إياب ..ثم قال بحماس: "لنذهب ونرى الألعاب, وغداً تعال وخذني لترى صديقتي.."
قال راشد وهو يلف كلا ساعديه حوله: "ليس قبل أن تمنحني حضناً كبيراً ..وتبقى زمناً معي هكذا.."
عاد الفتى يقاومه ببقايا تعنت وهو يهتف: "ما زلت غاضباً, ولا أحبك.."
شدد راشد عليه بقوة ثم هتف بصرامة: "أصمت يا ابن بدور.. قبل أن ترى غضب بابا الحقيقي.."
استسلم إياب له بكل براءة الأطفال واشتياقه إليه..
بينما بقيَ راشد يقبل جبهته، يداعب شعره، ويتشرب رائحته بجوع ونهم.. لن ينكر أنه بقليل من التحكم والصبر قد يستطيع أن يكسب ابنه ويعيده إليه خاصةً أنه يملك ما يعينه على هذا ..بعد ما يقارب الثلاثة أعوام والنصف بنى فيها علاقة جيدة مع صغيره بجانب حزمه عند اللزوم...
ربما هو دلل إياب ..ولكن أيضاً لم يكن دلالاً فاسداً بل وضع فيه أسس سليمة يكمل فيها باقي عمره ويكمل بنائه على مهل ودون قلق ..أهمها سيطرته المقبولة.. ولكن ما منعه وجعله يبدي كل غضبه متظاهراً بفشله معه هو جزء من مخطط..
أم يقول عدالة... كله مرسوم بدقة وفي طريقه السليم حتى اللحظة ..هو لن ينكر أنه في بادئ الأمر فقد سيطرته على إياب ..ولكن ما منعه بعد استجماع نفسه هو رغبة شديدة في تجربة مذاق شعورها بحرمانها منه ..ليقدر جيداً كيف أحست ..كيف تعذبت ..كيف ذاقت مرارة الحرمان من هذا الحضن الرائع الذي يسكن كل شيء..
حقاً لا شيء يفوق شعور ضمك لجزء صغير من دمك، وقلبك... لذا عذابه الأيام الماضية في الحرمان من صغيره جعله يعذرها ..يعذرها بكل ذرة في كيانه.. وهو ما دفعه أن يترك الدفة لها بالكامل ..أن يجعل ابنه يتمرد مفرغاً كل ما في جعبته ويعذبه ..وما دفعه بالتأكيد هو إدراكه الكامل أن ربما بدور تغيرت بالفعل ..للأفضل بكثير مما كان يتوقع ..ولكنه أيضاً أذكى من أن يظن أنها تبدلت.. إذ أن جزء وإن كان صغيراً ما زال بداخلها يتحكم فيها ..ذلك المسؤول عن التشفي والانتقام ..جزء ربما هي تنكره وترفض الإقرار به ..إلا أنه ما زال يلمس وجوده ..وإن لم يمنحها مرادها بجعلها ترى بعينيها ولو جزء بسيط من ألمها ما كانت لترضى.. لترتاح.. لتشعر كما تشعر الآن بالتعاطف معه، بل ومحاولتها بنفسها لتعيد ربطه مع الصغير..
همست شفتا راشد بتثاقل مماثل لثقل أنفاس ابنه على صدره وقد ذهب في غفوة كما تعودا قديماً: "من ينسى الماضي، ملعون بتكراره.. وهذا ما لن أسمح به يا صغيري"
وعقب انتهاء جملته ..هو لم يشعر بثقل عينيه وكأن الفراش الناعم المملوء برائحتها اللاذعة المسكرة تواطأ مع شدة اشتياقه وحاجته لمُسَكِّن وسَكَن يستقبله بعد طول سفر ويحتويه ..لذا لم يدرك أنه ترك للإرهاق والتعب المجال لينالا منه وتخدر برائحتها ووجود ابنه ..وكأن عقله أوهمه أنه أخيراً لم يعد وحيداً وحقق أمنيته الوحيدة بضم الحبيبة وابنه.. ونام نوماً عميقاً كما لم يفعل منذ سنوات..
*****
كانت تتقافز تقريباً على عقبيها وكأنها ترقص بخفة خفية منذ أن رأته.. لطالما تعجب من قوة علاقتها براشد وكأن الرابط بينهما يعيدها مفعمة بالحياة والقوة ..فور أن يبقى في محيطها ..ويسلب منها أول من يلوح بالابتعاد.. بكل حسرة لقد اكتشف لتوه أن منارة الهدى لزوجته أبوها وليس هو.. هل عليه أن يشعر بالغيرة حقاً من أبٍ وأخٍ رباها, كأن رجل آخر ينافسه العشق داخل قلب محبوبته؟!
ما زال يقف مكانه بينما بدور تغلي حرفياً بالسخط ..إلا أن تراقص زوجته الصاخب لم يتوقف ولم تعرهما اهتماماً وهي تمر عبرهما تقتحم غرفة بدور وهي تحمل عدة حقائب للهدايا وحقيبة حرارية بالطبع تحتوي طعاماً...
هتفت بدور معترضة وهي ترفع فمها بتصلب: "لا ..هذا ليس لائقاً.. غرفتي ليست مكاناً للطعام.."
ضحك خالد باستنكار مدارياً لوعته: "هل هذا ما يشغل تفكيركِ؟"
أخفت توترها وهي تصرخ: "طبعاً ..فراشي ليس متنزهاً طبيعياً له ولأبنائه.."
قال خالد يغيظها: "بناءً على الديكور المريع الذي أصبغ على جناحكِ فهي كذلك وأكثر"
زمجرت وهي تلوح بغير معنى ثم نقلت خطواتها بنارية تتبع سبَنتي..
وعندما وصلت للباب لتكشف ما يجري تجمدت مكانها كما زوجة أخيها التي كانت تقف على بعد خطوات مأخوذة بالمنظر أمامها..
همست سبَنتي بحنان شديد: "لقد ناما.. يا ويلي من جمال منظرهما معاً, لقد اشتقت لرؤيتهما هكذا من جديد.."
ارتجف جسد بدور برداً ..برداً لم يكن له علاقة بحرارة الجو بل كان برداً داخلياً, شعرت في هذه اللحظة أنه وشمها بقطعة من الجليد القطبي ولن تدفأ أبداً ..ولا شفاء من ألمه إلا لو جاء اليوم الذي تحتضن كليهما سوياً بكل عنف الشوق والغرام بداخلها..
اقتربت منها سبَنتي خطوة وهمست بصوت مختنق: "لا توقظيه.. أرجوكِ من أجل خاطر إياب.."
عيناها كانت لا تريا حقاً ..ذهنها مشتت.. قلبها ينقبض بعنف بين أضلعها وهي تهمس بتشوش: "ماذا؟"
لم تفسر حالتها جيداً وهي تهمس بتحايل: "أنظري إليه أنه متعب جداً.. لأول مرة أراه ينام بهذا السلام ..أعني أنظري لوجه إياب ويديه المتعلقة به بلهفة رغم استغراقه في النوم.."
نفضت بدور رأسها يميناً ويساراً عدة مراتٍ ثم قالت بسيطرة: "أنتم جننتم! ماذا بقي بعد؟! يجب أن يستيقظ ويغادر.. هذا لا يجوز.."
قالت سبَنتي بتصلب غاضب: "سيجوز إن أنزلتِ أنفك قليلاً.. وتوقفتِ عن كُفر قلبكِ.."
أشارت بدور نحو صدرها بذهول تردد: "كُفر! هل تقولين هذا لي؟!"
فتحت عينيها لآخرهما ثم قالت باستفزاز وقوة وهي تزيحها لتخرج من أمامها: "نعم ..لكِ ولعشرة مثلكِ يا قاسية الفؤاد"
لم تحاول إيقافها.. بل وقفت تتقدم خطوة هناك تعيد نظرها فوق المتسطح على فراشها بضخامته يضم الصغير فوق صدره بذراعه بينما ذراعه الأخرى يغطي بها جبهته وعينيه ..التي خططتها خطوط كثيرة متعرجة .وكأنه يعاني حقاً.. وللمرة الأولى منذ رؤيته أمامها الليلة كانت تلاحظ شحوب وجهه ..إرهاق جسده الواضح جداً وتعبه.. كان من السهل في هذه اللحظة تبين أن الرجل الذي أمامها لم ينم منذ أسابيع طويلة..
وقع قلب بدور بين أضلعها وهي تتراجع خطوة بينما صوت داخلي يصرخ ((ماذا بقي بعد؟ ينام في فراشها، يقترب منها متى شاء وأراد، يمطرها بالغزل, يشاكسها دون توقف، يمد يده دون رادع ليلمسها، يحاوطها ويحرسها.. وكأنه بالفعل يصدق أنها ما زالت زوجته، يحق له ما لم تسمح لبشر بفعله..
يرى كل حالاتها.. جنونها, برودها، سخطها، وضعفها يتقبلها جميعاً بطيب خاطر.. وإصرار لاكتسابها))
وقفت على الباب تستند إليه, تضع يدها على قلبها بقوة وكأنها تريد تهدئة دقاته الخائنة وتعيد السؤال على مسامعها بتأوه: "ماذا بقي بعد لهذا القلب الكافر ليقتنع بأنه لن يصب بندوب جديدة إن سمح لك وخضع؟"
فتحت جفنيها ببطء ودمعة غريبة ملعونة تطوف داخل الجفون، وهي تعيد نظرتها له ببطء ..مدركة شيئاً هاماً وخطيراً، هذه هي المرة الأولى التي يجمعهما سوياً مكان خاص حميمي لهما وحدهما ..مكانٌ يحمل رائحتها وملكيتها ويعبق ببصمته في كل شبرٍ منه.. فكل الأماكن التي تواجدا فيها كزوجين بالسابق حملت بعض من روائح غيرهما لم تحمل تلك الخصوصية التي تجلب للروح عذاباً محلى ...راشد وابنها في مكانهما الخاص ..مكانٌ حمل دموعاً بكته، وضحكات حالمة أحبته وتمنته.. مكانٌ يحمل بصمتهما الخاصة وضمهما سوياً في منحة فارقة...
(حبك موجعٌ وكأنه مرضٌ خبيثٌ يسري في الجسد.. ينهش كل ما يطاله.. وأنا لا أرغب في محاربته أو ترميمه ..بعض الخسارة مكسب، علّه يكون إعلان رفع راياتي قريباً ..من أجل ثلاثتنا ..لا بل من أجل قلبي الذي يتمزق الآن متمنياً نقلة سحرية تعود بالماضي لتحذيرنا من الوقوع في مغبات الذنب والفرقة..)
*****
من أجل الحظ الجيد عندما غادرت غرفة بدور متوجهة لغرفتها ..كان خالد أكثر انشغالاً بأخته عنها لذا كما الأيام الماضية تعمدت عدم النظر إليه وكأنه غير موجود بالأساس, لا تحترق بنظراته البعيدة, بلومه الصامت ووجعها الذي ما زال حياً رطباً منه..
نفضت رأسها بقوة وهي تردد لنفسها: (انسيه تماماً ..وركزي على ما تفعلينه لتثبتي لهم كلهم أنكِ بخير وأن هذا المرض في رؤوسهم هم ..أنتِ بخير ..بخير وتستقبلين الحياة بانتعاشها وحماسها السابق)..
وعند ذكر الحماس... جلست متربعة الساقين وهي تفتح هاتفها سريعاً تطلب رقم شيماء ..غير مبالية بالوقت ..على الأشقر زوجها أن يعلم بالنهاية أنها تركتها له لشهر واحد وبعده ستعود لحياة صديقتها كالعفريت، تزورها كما تشاء وتتحدث معها في أي وقت ...ضحكت وهي تتذكر آخر مرة زارت شوشو فيها وطردتاه حرفياً من الشقة فصاح وقتها معترضاً: "والله عال ..الهانم إن كانت ضرتي لن تفضلينها بهذا الشكل!"
حسناً هي ضرته فعلاً وإن كانت سمحت له بحسن خلق بالمشاركة ..لن تسمح أبداً بجعله يتفرد، عليه أن يعرف مكانها الحقيقي في حياة صديقتها..
:-"سبَنتي ..هل أنتِ بخير ..لماذا تتحدثين بهذه الساعة؟"
همست سبَنتي بصوت خافت يكاد لا يسمع: "صه.. واسمعي.. هل زوجكِ بجانبكِ؟"
أجابت شيماء: "لا .. ما زال بالخارج مع والده ..أنا أجلس مع خالتي"
صفقت بحماس الأطفال ثم هدرت بسعادة: "جيد الخالة ليست غريبة ..اسمعي المعجزة لن تصدقي.."
صوت حماسها جلب لشيماء نفس الترقب وهي تقول: "كلي آذان صاغية"
همست سبَنتي بصوت خطير: "لقد عاد للسطح من جديد.. وقت المغامرة قد بدأ، وأخيراً هناك بعض الإثارة التي تدب في الروح والترقب.."
اعتدلت شيماء من مكانها وهي تصرخ بحماس: "كاذبة.. احلفي.."
همست سبَنتي بتآمر: "لقد عاد الليلة ..ودخل عليها كملك شرير بعد أن قصف جبهتها ثم اقتحم غرفتها الخاصة واسمعي ماذا ..لقد نام نوماً عميقا هناك.."
هتفت شيماء بذهول: "لااااا.. مستحيل.. نام في غرفتها، تعنين أنه نام.. نام في فراشها.. يا ويلي!!"
تحركت سبَنتي بحماس وهي تشير بتراقص فخور: "ناااام وشخر وأخذ مدللها على صدره دون أدنى مقاومة من الأخير كما يخرج عينيها ويجعلها تسهر للصباح.."
صرخت شيماء بكمد: "لا هذا ظلم.. أريد القدوم الآن لأسمع الحدث وأشتم شياطها.. ليتني ما تزوجت أبداً، لماذا عندما يسخن الحدث يحكم علي بالنفي مع نزار؟!"
قالت سبَنتي بتشفي: "أحسن.. حتى تستمعي لي بعد هذا.. أخبرتكِ بأن تعودي اليوم معي.. ولكنكِ من رفضتِ.."
صمتت قبل أن تقلدها: "لا يا سوسو، أنا لا أقدر على البعد عن نزار الهوى ..هواء يلفحكِ!"
خطفت هناء الهاتف وهي تنظر لوجه كنتها المتغضن وبالطبع وصلها كل كلمة من سبَنتي لذا قالت بحسرة: "عوض الله علينا عوض الصابرين.. يا مجذوبة منكِ لها، هل زوجناكما لتهربا بعد شهر.. هل تظنان أن الأمر رحلة مدرسية؟"
همست سبَنتي بإحراج: "خالتي.."
قالت هناء بامتعاض: "خالتك دبي يا مخابيل ..والآن أعيدي عليّ ما قلتِ ..هل راشد بات في غرفة بدور؟"
فتحت شفتيها بارتباك عالمة أن بدور ستخرب بيتها دون تردد إلا أن الحماس كان أكبر منها عندما قالت: "نعم ..وهي تحترق مفرقعة كالفشار في طنجرة ضغط.."
قالت هناء بجدية رهيبة: "هذا جيد ..والآن خذي المهبولة الأخرى وتابعا مسلسل ترويض النمرة الخاص بكما.. لديَّ مكالمة هامة أجريها"
منحتها هناء الهاتف واستغرقت سبنتي في الحديث قاصة عليها كل حرف حدث..
إلا أنه بعد خمس دقائق لا غير ..رنّ هاتف سبَنتي برقم داخلي غريب..
عقدت حاجبيها بتعجب وأمهلت شيماء لحظة لترد على الهاتف: "السلام عليكم.."
هتفت مريم التي تلقت مكالمة هناء لتوها من الشرفة التي وقفت بداخلها مختبئة من زوجها ترتجف من البرد ولكن الإثارة كانت أكبر من أن تقاوم: "وعليكم يا أخت سبَنتي.. والآن أخبريني هل ما سمعته صحيح؟"
زمت سبَنتي شفتيها بقوة وهي تقول برعب: "ستقلتني.. كيف علمتِ؟"
قالت مريم: "لحظة واحدة, لا تغلقي.."
مرت لحظة وأتى لسبنتي أن شخص جديد ضم معهما وبالطبع عرفته بسهولة ..سمحت بربط المكالمة باستسلام بل وضمت شيماء أيضاً وهي تقول بنبرة من يوشك على البكاء: "مرحباً يا نوة ..ونعم الخبر صحيح ..وأختكِ ستحرقنا جميعاً.."
قالت نوة بامتعاض: "وما لنا نحن، ستصلبكِ أنتِ وحدكِ.. هل هذا يجوز يا سبَنتي؟!"
فتحت سبَنتي فمها وهي تقول بذنب: "آسفة, ما كان عليّ فعلاً أن أخرج أسرار....."
هدرت نوة: "أسرار ماذا ..بل لماذا لم تتصلي بي مباشرة وأنتِ تعلمين أني أعشق معرفة الأخبار الحارة..."
هتفت مريم بنزق: "لا وقت للعتاب ..المهم أننا علمنا.. ماذا فعلت معدومة الأنوثة فور أن رأته يشخر؟"
اعترضت سبَنتي: "راشد لا يشخر.."
هتفت شيماء: "لقد قلتِ أنه فعل لتوكِ.."
قالت نوة من جديد: "أصمتا, السؤال الذي يجب أن يسأل.. أين بدور الآن؟"
صوتٌ ناري مجنون كان يهدر من وراء سبَنتي مصيبها بالهلع: "سبنتتتتتتي ..عُدتِ من جديد لمصائبكِ وها أنتِ تمارسينها عليّ.."
ابتلعت سبَنتي ريقها وهي تسقط رأسها بين كتفيها وكأنها تختبئ منها ثم همست بذعر: "هل حصلتِ على الإجابة؟"
رن هاتف سبَنتي من جديد برقم شذى.. نظرت سبَنتي للرقم بإحباط وهي تستدير ببطء ترفع إصبعها بذنب ملوحة: "لو أخبرتكِ أني لم أقصد ..لن تصدقيني صحيح؟!"
وضعت بدور يد واحدة على صدرها ويدها الأخرى معلقة تمسك بالهاتف على أذنها ..ساقها كان متقدم أمامها وهي تهزه بعصبية ثم ردت أخيراً ببرود مهدد: "أجيبي الهاتف.."
فعلت سبَنتي بكل استسلام وفور أن ردت كانت شذى تقول بأناقة: "أدخليني للمكالمة الجماعية فمريم أخبرت عنها برسالة.."
ربطت سبَنتي الجميع باستسلام ..وهي تشعر بمغص فظيع يمسك بطنها خوفاً من تهديد بدور .. فالجميع بعيداً وكل ما سيفعلنه الآن من التسلي على حسابها ..هي وحدها ستكون كبش فداء له..
فور أن اجتمع الجميع على الهاتف كانت بدور تقول بصوت قوي لم يخلو من البرود: "فلتسمعن, كل واحدة منكن ستضع لسانها في مؤخرة حلقها وتبتلعه.. كلمة أخرى لن أسمح بها ..هيا اذهبن لأزواجكن ودعنني مع العبثية التي حينما استيقظت مارست أفعالها عليّ..."
كانت مريم تمضغ شيئاً على طرف الآخر ..كان واضح في صوتها المتلكئ وهي تقول بنعومة مستفزة: "هل تركته ينام في غرفتكِ بعد كل هذا الغياب ..وأتيتِ لتمارسي علينا تسلطكِ؟! لن تخاف إحدانا منكِ.."
عقدت بدور حاجبيها وهي تقول بدهشة: "وماذا توقعتِ أن أفعل جنابكِ؟"
تنهدت مريم بحالمية ثم قالت بميوعة: "لو كنت مكانكِ، لأودعته كل أشواقي وحبي وتمرمغت بين ذراعيه وفوق صدره لشهرين على الأقل دون السماح له بترك الفراش.."
صرخت بدور بفقدان سيطرة: "ماذا تقولين أنتِ؟! هل نسي الجميع أنه طليقي؟!"
قالت شيماء ممتعضة: "أيقظيه إذاً ودعيه يتزوجكِ.. هذا هو الحل.. بسيط جداً.."
فغرت بدور شفتيها وهي تنظر لسبَنتي بشرر والتي تراجعت للخلف تلتصق بالحائط ..قالت بدور بدهشة: "حتى أنتِ يا شيماء ..لا أصدق"
ردت نوة ممتعضة: "صدقي يا متبلدة ..هل تركته حقاً لتقتحمي غرفة المسكينة وتهددينها؟"
هتفت سبَنتي باختناق: "نعم يا نوة.. أخبريها.. إنها تهددني وعلى وشك الانقضاض عليّ"
قالت نوة بشقاوة مناغشة: "لا تخافي يا قلب نوة ..وأخبريني ماذا رأيتِ ..هل نام نصف جلسة غير مريحة المسكين ..أم فرد جسده العريض الصلب ..يسلم لي طوله"
احمرّت سبَنتي ..بينما همهمن جميعهن من الوصف راضيات.. أما بدور فصرخت بذهول شديد: "ما الذي تقولينه؟ هل تسمعين نفسك؟ تتغزلين بآخر؟! سأخبر مدحت"
قالت شذى ببساطة: "ابن عمها ويحق لها التغزل به على فكرة"
إلا أن نوة همست بمزيد من الشقاوة وهي تتنهد: "كنت أتخيل مدحت على كل حال ..هل تعلمين ماذا أفعل عندما يعود من سفر طويل ويفرد طوله على فراشي.."
قالت بدور معترضة بشدة: "لا أريد المعرفة.."
بينما حثتها بفضول وإثارة كلٍّ من شيماء ومريم وشذى بصوت واحد: "ماذا.. قولي ولا تبخلي.."
قالت نوة بوقاحة من جديد: "يسلم لي صدره وطوله.. وتحمله إذ أني أهجم عليه وأظهر له وجه النمور الذي أوقعه في غرامي.."
تنهدن راضيات جداً عن الإجابة بينما احمرت أذنا سبَنتي بقوة وهي تقول بتلعثم: "أنتن غير مهذبات ..حتى أنتِ يا شوشو!"
قالت شيماء بامتعاض ساخر: "ولماذا لا أكون ..أنا متزوجة الآن ويحق لي سماع وقول ما أريد ..لست مثل إحداهن تهرب كالطفلة إلى غرفتها القديمة"
توقف الكلام فجأة بينهن وكأن كل واحدة تخشى من قول يؤلمها حتى وإن كان مزاحاً ..حتى تكلمت بدور بهدوء شديد وهي تنظر لوجه سبَنتي الممتقع: "لا بأس شيماء، النساء لسن مثل بعضهن، هناك طائفة منا تحتاج وقت أكبر للتأقلم ..ثم من أخبركِ أن أخاكِ لا يشاركها الغرفة؟"
نظرت إليها سبَنتي بتوهان لحظي..
قالت بدور بهدوء لم يفضح كذبتها: "أراه كل ليلة يتسلل إليها والهانم تسمح له بطيب خاطر ..من الواضح أنهما مستمتعان بلعبة المراهقين الذين يتقابلان ويتابلان الغرام من وراء ظهر أهليهما"
غمزت لسبَنتي في آخر جملتها ضاحكة ..ثم حركت شفتيها وهي تكتم الهاتف بعيداً: "هذا انتقامي منكِ ..دفة التسلي ستتحول إليكِ"
تكذب أيضاً, بل هي حاولت الدفاع عنها حتى لا تسمح لأحد أن يتشكك في معرفة سبب هجرها له وبحماية والدته.. ربما هي لم تخبر بدور عن ما حدث تحديداً وتعلم أيضاً أن خالد لن يلوح لها مطلقاً بما حدث ..في هذا الأمر بالذات ..إلا أن الحالة الجامدة التي أصبحا عليها ..لم تدع مجال للتخمين لساكني المنزل..
قالت شذى: "يا خبيثة.. أم أقول يا محظوظة، بصراحة لعبة جيدة تبعد الملل الزوجي، ربما سأتخلى عن قوانيني المرة القادمة وأجعل مالك يتسلل لغرفتي.."
قالت سبَنتي بارتباك: "آه افعلي هذا.. هذا جيد.."
هتفت نوة: "وإن كان جيداً, لماذا رفضتِ هديتي يا هانم؟"
سألت مريم بفضول وهي مستمرة في قضم شيء يصدر صوتاً مزعجاً: "ما هي الهدية؟"
أجابت شيماء ضاحكة: "غلالات وقحة, ارتدائها وعدمه واحد ..لقد حصلت على هدية مثلها...أنا ارتدى منها كل ليلة لنزار.."
قالت نوة سريعاً بسخرية " ترتدى بأردتك؟!..الله يرحم الرعب والبكاء ليلة الحناء يا ست شوشو .."
قالت شيماء سريعاً دون أدنى خجل " الفضل لأخواتى ..ثم أن لم ارتدى لزوجى حبيبي وأسعده لمن أفعل ، أنا أمرأة متزوجة ويحق لىّ فعل وقول كل شيء .،"
قاطعتهن مريم وهى تهتف بتحايل حار: "أريد منها، أحتاج للتجديد.. أنظري أريد شيء يستر الكرش المريع خاصتي ويفضح بكل ترحاب المناطق العلوية والسفلية.."
قالت نوة ممتعضة: "ولماذا أشتري لكِ، هل أنتِ عروس؟!"
تنهدت مريم: "كل يوم معه أنا عروس.."
ردت نوة من جديد: "إذاً هذا كاف لكِ يا عروس الغبره... وأنا سأشتري وأرتديه للمسكين خاصتي.. مرّ زمن طويل لم يراني إلا بقمصان بيتية عادية أو منامة"
قالت شذى ببطء: "أتساءل أحياناً ما الذي يبقيه معكِ بكل صراحة؟"
قالت نوة بمشاكسة: "لن يجد أخرى غيري تجعله يعيش على صفيح ساخن ما بين الاستفزاز تارة.. والللل..."
هدرت بدور متوسعة العينين وهي تشد شعرها بقوة: " اخرسن.. رباه أنتن ابتلاء حقاً ..خالد كان لديه كل الحق عندما قال أنكن تسببن الإحراج كحقنة في... في أسفل الظهر"
صححت شذى: "تقصد المؤخرة.. ولكن أختكن سيدة الأعمال أرقى من نطقها"
قالت سبَنتي بذهول مماثل لبدور: "لا الصدمة أن تنطقيها أنتِ!"
قالت شذى ببساطة: "الحدث يستحق ..راشد ينام في غرفة بدور.. تذكرن وركزن!"
عادت سبَنتي تتحرك من جديد بعيداً عن بدور ..بينما دارت بدور مكانها بغل ..تسمع تسليهن الرهيب دون قدرة على إجابة..
ودخلت منى الغرفة أخيراً بعد مكالمة قصيرة مع هناء تكتم ضحكتها بأعجوبة ..فور أن رأتها بدور كانت تهتف: "أمي، أنظري المحترمات بناتكِ ..هل تصدقين ما يحدث؟!"
هزت منى كتفيها وهي تقول بلا مبالاة: "الأمور تعود لطبيعتها, لطالما كنتن مثال للتفاهة.."
"لن توقفينهن.. أو توقظي هذا ال.. ال.. أعني راشد.."
هتفت سبَنتي: "لا زوجة عمي.. لا تفعلي.. هذا مطلب جماعي.. البنات يخبرنكِ بهذا.."
قالت منى متنهدة ومتظاهرة بالأسى: "إذاً ..لقد خرج الأمر من يدي ..سأذهب لأنام"
أغلقت بدور الهاتف غير مبالية باعتراضهن وهي تقول بنفس الذهول: "تنامين؟! وابنكِ ذهب للنوم في الغرفة المجاورة.. هكذا ببساطة.. وماذا أفعل أنا؟!"
قالت منى كاتمة ضحكتها متظاهرة بالجدية: "تذهبين لتنامي طبعاً"
رفعت حاجبيها وهي تقول بشرر: "أين؟"
أجابتها منى كمن يهادن طفله الجاهل: "في غرفة إياب طبعاً.. أين سيكون.. وإن لم تستطيعي يمكنكِ مشاركتي غرفتي يا قلب ماما"
خبطت بدور كف على كف وهي تردد بذهول: "لا أصدق.. لاااا أصدق.. ماذا بقي بعد ولم يضع يده عليه في حياتي؟"
قالت سبَنتي بابتسامة متوسعة: "بقي أنتِ"
زمجرت بدور وهي تندفع و تخطف منها الهاتف ثم صرخت من جديد: "إن سمعت حرفاً واحداً عن هذا الموضوع سأقطع أعناقكن"
قالت نوة بتمهل: "لن تسمعي حبيبتي أعدكِ.. فنحن سنأتي إليكِ بأنفسنا ونكمل حديثنا.."
أغلقت بدور الهاتف ثم رمته وهي تخرج من الغرفة تحرك يديها وكأنها تحارب شخصية خيالية مرددة: "ماذا بقي بعد؟ ما الذي ينقص يا راشد.. منك لله يا مفتري.. منك لله.. خووونة.. جميعكم خونة تتواطؤون جميعكم خونة تتواطؤون عليّ"
.........................................::....... .

يتبع .........


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 02:49 AM   #7517

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل السادس والخمسون المشاركة "3"
بعد ساعات.. تقلبت سبَنتي على فراشها بسهاد، وهي تنظر لسقف الغرفة بتبلد ..ها هي كل المشاعر تنحسر ..كل شيء يعود للسطح ويجعلها تتذوق الحياة يعود ويندثر ويصبح كل شيء متساوي ..لا فرح، لا سعادة ولا حتى حزن وألم.. كل شيء أصبح يشبه بعضه..
"اصرخي.. اعترضي.. ابكي.. انهاري حتى وأخرجي من هنا، وأخبريني أنكِ لن تعودي.." صوت الطبيبة عاد يهمس في أذنيها كالطنين ..
مظهرها وهي تجلس أمامها مبتسمة كالدمى التي تشبهها بها.. دمية خالية من الروح من التفاعل والتأثر..
"ولماذا أفعل ..لن أخسر المزيد، وأعلم أنكِ لن تضيفي لي شيئاً ..لذا لم تعد تفرق"
صوت ليلى كان ملطفاً جيداً وهي تقول: "يجب أن تفرق، أحيانا تكون الحياة حرباً، يجب أن نخوضها لنهزم شرور البشر، ومغبات أنفسنا ..ربما الشر أبداً لن ينتهي من الدنيا وسيعود ليظهر بأشكال عدة ووجوه جديدة إلا أننا لا يجب أن نتوقف عن خوض الحروب معه.."
ارتفع حاجبا سبَنتي وهي تقول بابتسامة مخادعة: "لا أريد خوض الحروب ..من أخبركِ أني أملك واحدة أصلاً ..كل ما هناك أني لا أحب الناس ..لطالما كنت أهرب منهم، بصراحة مشاكلهم كثيرة، وأفعالهم مريبة, لا يتوقفوا عن نحر بعضهم سواء بالأفعال أو بنصل السكين.. وأنا أضجر سريعاً.."
تهللت ملامح ليلى وهي تقول: "جيد، نقطة نبدأ منها، ما الذي دفعكِ لتحكمي على كل البشر بهذا؟"
ضيقت سبَنتي عينيها وهي تهمس بنفس الابتسامة اللطيفة المخادعة: "لأنهم مثلكِ يحشرون أنفسهم بالإجبار في حياة الناس، لظنهم أنهم الأذكى ..حقاً هل هذا ما أخبركِ به عني السيد خالد ..طفلة يسهل جرها؟"
تراجعت ليلى في مقعدها, تنصب ظهرها ببطء, رأسها يميل جانباً وهي تنظر إليها بغموض ثم قالت بهدوء: "الحق يقال، هو حذرني أنكِ تكونين لئيمة وقت اللزوم، تجرحين دون تردد أو شفقة بالبشر.."
ضحكت بتهكم ..ثم وقفت من مكانها وهي تتجول في الغرفة بفضول حتى وصلت للصوفة المائلة الخاصة بمكاتب الأطباء النفسيين عادةً جلست فوقها وهي تقول بسخافة: "هل أجلس هنا ..أم تفضليني نائمة ثم تنصتين مدعية الاهتمام والتعاطف وأنا أبكي وأنعي حظي وعثرة نصيبي ..أوووه وربما أشكو لكِ عائلتي التي ظلمتني؟!"
ابتسمت الطبيبة بتوسع شديد ثم قالت بنفس نبرة استفزازها: "حظ ماذا يا سبَنتي ..ألا تدركين كيف كبرتِ أنتِ، في الواقع يجب عليّ أنا أن أنام هنا وأبكي وأشكو لكِ كم أن الدنيا غير عادلة لتمنح زاهدة مثلكِ كل هؤلاء الناس الذين يهتمون بكِ.. وطبعاً اسم عائلتكِ واممم ..هل أخبرتني كم مصروفكِ الشخصي؟"
ارتبكت بسهولة وهي تقول: "ما دخل هذا بحديثنا؟"
وقفت ليلى من مقعدها ثم اقتربت منها بخطوات هادئة وهي تقول: "كل شيء يرتبط ببعضه ..هكذا هي الحقائق كما نتشابه بشدة, نتناقض بقوة ..كما كل الخيوط تتنافر ..تعود لتجتمع وبقوة وتوصلنا للهدف المطلوب.."
بهتت سبَنتي وهي تعتدل جالسة ثم همست: " لا أفهم شيئاً!"
غمزت ليلى وهي تقول بانتصار: "جيد ..أخيراً أثبتنا أنكِ لستِ أذكى مني.."
انتفض عرق غاضب في وجنتها وهي تنظر إليها بجمود..
جلست ليلى أمامها من جديد بأريحية ثم قالت بهدوء: "أنا لستُ عدوكِ، وأريدكِ أن تخلعي من رأسكِ أنكِ قدمتِ إلى هنا مجبرة، اعتبريني صديقة تأتين إليها بشكل دوري.. نتحدث سوياً في أي شيء تريدينه ..نقضي وقتاً طيباً ثم تغادرين ببساطة ..ما رأيكِ؟"
هزت رأسها وهي تقول: "لا أحبذ الصداقات الجديدة.. عندي..."
صمتت وهي تنظر للطبيبة بعينين واسعتين وكأنها أدركت شيئاً هاماً في هذه اللحظة..
قالت ليلى بخفوت: "ليس لديكِ أصدقاء صحيح ..ولم ترغبي يوماً في إنشاء أي علاقات ..أنتِ لا تملكين أحداً تثقين جيداً أنه سيسمعكِ دون أن يحكم، دون أن يمنحكِ النصائح ويدفعكِ لتقبل ما لا تريده نفسكِ.."
صمتت الطبيبة أمام وجهها الذي يشحب ببطء.. ثم عادت تقول من جديد رغم معرفتها بأنها لن ترد: "لا تملكي أحداً يستمع إليكِ بصبر ،يهز رأسه بتفهم ويجعلكِ تفرغين كل ما يؤلمكِ.. يفهم أنكِ في تلك اللحظات لا ترغبي بنصائح أو نقض.."
اهتزت شفتها السفلى قبل أن تصرح ببهوت: "لديّ ابنة عمي"
قالت ليلى بهدوء: "إلا أنها ليست صالحة لما أصبح يعبئ قلبك الآن، لأنكِ تخشين إن أخبرتها بما تكنينه أو تحملينه بداخلكِ أن تخسريها"
أجفلت سبَنتي وهي تهتف مرتجفة: "ما الذي تعرفينه عني؟ بماذا أخبركِ؟ أجيبي.."
لن تفقد ليلى ابتسامتها البسيطة وهي تقول بحلم: "لا شيء.. لم يخبرني إلا القشور.."
صمتت لبرهة وهي تميل قليلاً بجزئها العلوي تستند على ركبتها بساعدها ثم همست ببطء: "وجهكِ يفضح، تصرفاتكِ تصرخ بما تكتمينه.. هناك شيء من السواد الدائم بداخلكِ يغلف قلبكِ مثل الندبة.."
نهتت وهي تفتح فمها بعجب ..ثم أشاحت بوجهها رافضة أن تجعلها تتوغل بداخلها أكثر وتقرأ منها أكتر مما يجب: "توهمين نفسكِ كي تثبتي نزعة بداخلكِ أنكِ الأفضل.."
قالت ليلى ضاحكة: "أنا الأفضل فعلاً.. لا أحتاج لمدللة مثلكِ لتثبت هذا"
نظرت إليها سبَنتي بشرر ثم قالت من بين أسنانها: "ألا يفترض بالطبيب النفسي التواضع وعدم مهاجمة مرضاه؟"
رفعت ليلى كتفيها وهي تقول ببساطة: "أنتِ لستِ مريضتي لأعاملك كواحدة.."
قالت سبَنتي بجفاء: "هل هذا أسلوب جديد تتبعينه؟"
أسبلت ليلى جفنيها وهي تهز رأسها بالنفي مبتسمة براحة: "لا.. حقاً لا أعتبركِ مريضة حتى اللحظة.. فأنتِ لم تتوقفي عن مهاجمتي خلال الثلاث مرات التي رأيتكِ فيها.."
همست سبَنتي بحيرة وكلها يهدأ: "ماذا أنا إذاً؟"
ردت ليلى بمرح مرددة: "صديقة سمعت عنها الكثير، وأرغب حقاً في علاقة بها ..اممم أميل للنساء المحاربات.."
ارتعشت شفتاها وهي تقول بخفوت: "أنا لستُ محاربة ..أنا ضعيفة جداً، أضعف إنسان قد ترينه في حياتكِ ..وقد أملت في نفسي العكس"
نقطة صالحة ومتاحة أمام ليلى إلا أنها تعمدت عدم استغلالها وهي تقول بلطف: "لا بأس ..لا يجب أن تكرهي شعوركِ هذا ..كلنا ضعفاء عندما يحل الظلام، وننفرد بأنفسنا فنخلع كل وجوهنا التي تبقينا صامدين في الطاحونة التي تدمر براءتنا"
أومأت برأسها وهي تهمس بشرود خافت: "هذا يوجع ويجعلنا نحمل فوق طاقتنا ..أخبريني لماذا نستمر في مقاومة أقدارنا إن كنا لا نعرف ما مصيرنا, هل هو الهلاك أم فرصة نجاة ضعيفة؟!"
قالت ليلى بهدوء: "سمعت مرة مقولة مرحة (الدجاج يستمر في البيض رغم جهله بمصير صغاره ..قد يصبح وجبة أمام أحدهم ..أو ينجو ليصوصو حولها)"
رفعت سبَنتي وجهها تنظر إليها بتشكك في قواها العقلية ثم قالت: "تشبيه مبالغ فيه ولكني سأجيب, ربما لأن الدجاج بلا عقل.."
قالت ليلى ضاحكة: "لا ضرر من أن نصبح بلا عقل أحياناً فنمنح القلب المثقل بعض السعادة لطفاً بأنفسنا ومن حولنا.."
أغمضت سبَنتي عينيها من جديد بقوة ثم قالت متهربة: "انتهى وقتي, أريد المغادرة"
أدركت ليلى أنها تخشى الاستمرار معها فتفصح عن أكثر مما ترغب ..إلا أنها ردت بهدوء: "أخبرتكِ أنكِ صديقة.. والأصدقاء لا يحكمهم الوقت للبقاء.."
رفعت سبَنتي كمي بلوزتها ثم وقفت وهي تقول: "وأنا قلت أني لا أريد أصدقاء.. أريد أن أغادر.."
وقفت ليلى من مكانها ..إلا أنها لم تتحرك ولم تلتزم بالقوانين الطبية وهي تقترب منها ثم أمسكت يدها وهي ترفع طرف كمها ليظهر حرق واضح هناك..
لم تقاوم سبَنتي بل نظرت إليها بتلاعب منتظرة السؤال: "كيف حصلتِ عليه؟"
أخفضت سبَنتي وجهها وهي تميل جانباً تنظر للجرح ثم قالت بنبرة فضول: "هل تعتقدين حقاً أني إن كنت مجرد مازوشية تجد متعة في إيذاء نفسها وتفرغ كل ألمها بجروح تفتعلها بأني سأخبركِ ببساطة؟"
حررتها ليلى وهي تنظر إليها وتفكر بأن الذكاء الزائد يكون نقمة أحياناً على أصحابه: "ماذا أنتِ إذاً؟"
رفعت سبَنتي كفيها باستسلام ثم قالت: "كنت أجهز عشاءً سريعاً لنفسي ..أنا آكل كثيراً بالمناسبة ولا يزداد وزني مطلقاً وأثير حسد جميع المساكين من العائلة ..على كل حال احترقت عن غير قصد.. هل أقسم لكِ؟!"
ضحكت ليلى وهي تنظر لها رافعة إحدى حاجبيها ..ثم قالت: "أنتِ ممتعة عندما تخلعين رداء الكآبة السخيف"
تسللت ابتسامة لوجه سبَنتي ..إلا أنها انمحت عندما قالت ليلى بهدوء: "ولكن الحرق لم يشغلكِ.. لم تلقي له بالاً كما كل الحوادث التي تعرضتِ لها سابقاً.. أعرف أنكِ تملكين بعض الندوب من حوادث عرضية طبيعية حدثت بالسابق"
بهتت سبَنتي وهي تقول بابتسامة مهتزة: "لا أصدق أنه أخبركِ بهذا أيضاً.."
قالت ليلى برقة: "كان على أحدهم أن يفعل هذا يا سبَنتي.. هل تلومينه لخوفه عليكِ؟"
تأوهت وهي تخفض وجهها ثم همست باختناق: لم يكن يبالي بجروحي سابقاً.. هل أخبركِ أنه في مرة زجني بعنف وكأني رجلٌ يصارعه وتسبب لي في ندبه دائمة؟!"
سألت ليلى بهدوء وهي تتفرس كل خلجة منها ببطء: "هل هي ظاهرة؟ أيمكنني أن أراها؟"
ضحكت سبَنتي باختناق وهي ترفع لها عينين مغرغرتين بالدموع: "بقي أثر بسيط على ظهري.. ولكن ندبة قلبي في هذا اليوم لم تمحى قط.."
صمتت من جديد ثم همست بخفوت: "في الحقيقة لم أبالي يوماً بأي جرح حصلت عليه ليس لنزعة بداخلي ..ولكن أدركت بعد وقت أنه ما عادت تفرق ..الندوب الخارجية بعلامة فاضحة أو الندوب الداخلية المخفية وراء ضحكة زائفة.."
اهتزت عضلة بسيطة بوجه ليلى تأثراً وتواطؤ بكل مشاعرها.. إلا أنها تماسكت سريعاً ..وهي تتوجه نحو مكتبها.. وأخرجت منه شيئاً ثم عادت وهي تقول بهدوء: "لن أجادلكِ ..هناك أناس ربما لا يحملون ندوب خارجية ..إلا أن ندوب قلوبهم وأرواحهم تجعلهم كخرقة مهترئة من الداخل ..ورغم هذا يقاومون ويصمدون ولا يسلموا لليأس أبداً.."
صمتت ليلى أمام عينيها المتهربتين.. ثم مدت علبة مرهم لها وهي تقول: "استعملي هذا"
قالت سبَنتي بتهكم: "هل أنتِ طبيبة نفسية، أم جراحة؟"
مطت ليلى شفتيها وهي تقول بصراحة: "طالما أنكِ ذكية لهذا الحد فلن أخدعكِ، هناك حيلة نفسية نستخدمها عادة مع الأطفال المصابين بحروق أو جروح تشوه أجسادهم ووجوههم البريئة ..لنقنعهم أن هذا المرهم يجعلهم أجمل ويخفي كل ندوبهم كما نراهم بالضبط"
:-"وتريدين استخدامها معي؟"
قالت ليلى بهدوء: "سنعدل قليلاً ..وأضيف للحيلة المكشوفة.. أريدكِ أن تستخدميه وتضعي منه على كل جرح ظاهر أصبتِ به نفسكِ حتى وإن مر عليه زمن ولم يهتم أحد برعايته"
قالت سبَنتي بتهكم: "أليس من المفترض أن مسبب الجرح هو من يداويه؟"
قالت ليلى بتلاعب: "كدت أطلبها وأذكر اسمه.. إلا أنكِ سترفضين مجرد الاقتراح, أليس كذلك؟!"
أخذت منها سبَنتي علبة المرهم ببطء مميت ثم قالت بجفاء: "لست وحدي الذكية هنا بالنهاية، نقطة لصالحكِ فأنا سآتي إليكِ المرة القادمة من تلقاء نفسي"
******
بروتينية غريبة وأصوات أعادتها تدور في عقلها كالفلك.. اعتدلت تمد يدها نحو الطاولة التي بجوار الفراش ثم جذبت الأدوية العديدة التي منحتها لها ..أزاحت الأقراص جانباً ثم فتحت المرهم تضع بعضاً منه على أطراف أصابعها, ثم أخذت تمسد به حرق يدها الذي ترمم الآن على كل حال.. فلترى نتائج أول نصائحها بالنهاية ما الذي بقيَ وقد تخسره أكثر؟!
خلعها من شرودها فتح الباب ببطء..
قالت من بين الظلام بتعب: "بدور لست في مزاج لنكمل شجارنا, أجليه للغد.. ولا لن تشاركيني غرفتي"
مؤكد النفس الثقيل كصدى ضربات السوط الذي ملأ غرفتها الصغيرة بتردداته العالية لم يكن يخص بدور بأي طريقة وأتاها اليقين بصوته الساخر: "هل تصورت أن بدور ستتنازل حقاً وتنزل من عليائها وتلجأ لأحدنا ..لقد ذهبت لغرفه ابنها"
تنفست سبَنتي بسرعة جنونية وهي تهدر: "أخرج من هنا"
فتح خالد نور الغرفة وهو يقول بلا مبالاة: "أخبرتني أنكِ تخافين الظلام"
رمشت بعينيها للحظة تستوعب الضوء الذي سطع على بصرها الذي كان غارقاً في العتمة لوقت ..ثم بمزيج من الجنون والقهر, كانت لا تستوعب حقاً ما تفعله، وهي ترمي نحوه كل ما تطاله يداها.. كتابها، أقلامها الملونة، حقيبتها الفارغة, ثم الأدوية، وكوب من الشاي البارد ..حتى صدمته في منتصف بطنه بحاسوبها الثقيل ..كان خالد يرد الضربات ببساطة متقبلاً لوثتها بطيب خاطر ..حتى تلقى الحاسوب الذي هبط على الأرض وانكسر لنصفين..
أطلق خالد زمجرة خشنة وهو يمسك بطنه, ثم هتف بعنف: "لن أشتري لكِ بديلاً، سيخصم من مصروفكِ"
صرخت سبَنتي بقوة: "يا عديم الإحساس ..هل هذا ما شكّل فارقاً معك؟! أخرج حالاً.. لا أريدك ولا أريد مالك.. تباً لك"
قال خالد بصوت خافت شرير دون أن يتحرك من مكانه: "راقبي لسانكِ.. ولمرة واحدة في حياتكِ البائسة دعينا نتحدث"
هزت رأسها وهي تهتف بحدة وتقفز لتجلس على ركبتيها: "أخرج حالاً، وإلا سأوقظ والدتك ..أو ربما راشد وأخبره بكل شيء"
نظر خالد لها وهو يضع يديه في خاصرته ثم قال بسفور: "افعليها إن ملكتِ ذرة شجاعة ..دعي راشد يدخل عليَّ مع زوجتي التي في بيتي ويأمرني بالخروج "
ابتسمت بشرر ثم هدرت: "أنت تأمر.."
ثم فتحت فمها على متسعه في استعداد لصراخ مجنون..
إلا أن خالد أغلق الباب بقدمه سريعاً، وفي أقل من ثانية كان يحاوطها من الخلف ويكمم فمها بكفه..
زمجرت وأخذت في الصراخ المكتوم الذي لم يصب إلا أذنيه.. وجالت بين يديه تقاتل بضراوة ليحررها ..جسدها كله يموج بين يديه ..ليس ليشعل فيه أي غريزة رجولية ..بل أصابه بحسرة وهو يتذكر بحنين براءة الماضي قبل أن تلوثهما الخطايا..
كتم خالد صرخة خشنة وهو يشعر بها تمسك بكلا يديها كفه ثم تطبق بأسنانها بضراوة تعضه.. أمسك جبهتها يحاول إزاحتها عنه وهو ينظر إليها بشرر لا ينافس شررها وعندما يأس من أن تتركه ..بدّل يديه ليمسك أنفها ويكتم أنفاسها لدقيقة ..أجبرتها على ترك يده المسكينة أخيراً.. وهي تستنشق الأكسجين بعنف..
قال على الفور بحذر قبل أن تفيق من جديد: "سنتحدث، فقط أريد أن أوضح ما فسرته خطأ.."
قالت لاهثة بعنف: "ليس هناك ما يقال.."
قال بإصرار: "بل هناك ..لم أعني أبداً الغباء الذي تقيأته في وجهي.."
نظرت إليه بتقزز من الوصف..
عض خالد على شفته السفلى بغيظ ثم هدر بصوت خفيض: "لن أتراجع, كل كلامكِ ليلتها وصباحاً في الجامعة كان مجرد قيء"
قست عيناها وهي تهتف: "لم تعد تفررررق.. أقولها لك بأي طريقة وأي لغة لتفهم.. كلك لم تعد تفرق معي.."
تسمر خالد مكانه لبرهة قبل أن يمسك مؤخرة رأسها من شعرها ويرجعه للخلف لتواجه وجهه الذي يطل عليها من أعلى: "هل ترغبين في دق عنقكِ.. أخبريني يمكنني فعلها.. فقد زادت وقاحتكِ عن الحد"
ازدراء حلقها كان واضحاً من وضعها المشبوح.. ظلت تنظر إليه بعينين لائمتين بشدة, معاتبتين بالألم .م هتفت مكررة: "أخرج ..لا أريد سماع شيء ..ألم تلتزم بالابتعاد عني لشهر، ما الذي جد؟"
أرخى خالد قبضته عليها ..ثم رفع أصابعه يدلك وجنتها برقة وهمس: "لم أعد أملك قوة التحمل للابتعاد عنكِ وأنتِ أمامي.."
ارتجفت بتأثر وكأن شيئاً في اقترابه يحرك فيها أمراً مجهولاً تعجز عن تفسيره ..أغلقت جفنيها دون أن تحاول تعديل وضعها ..ثم قالت بخفوت: "أنا...."
صمت وقرب وجهه من وجهها بوضعهما المعاكس ثم همس فوق جبهتها وهو يغلق عينيه بسيطرة شديدة حتى لا يضعف ويقبلها كما يرغب: "ألم تفتقديني ولو قليلاً؟"
هزت رأسها بالنفي دون تردد..
تنهد وهو يحررها ثم لفها لتصبح تجلس أمامه ..ارتاح جانبها وهو يقول بهدوء صارم: " أنا آسف ..تصرفت بغباء ليلتها ولم أعني مطلقاً ما كنت أقوله.."
ابتسمت بتهكم حزين ثم همست ببساطة: "لن أصدقك.. حتى وإن كنت صادقاً.."
قال بهدوء أشد وبصراحة مطلقة: "لا أستسيغ خجلكِ مني.. ربما تقاربنا بالماضي ..ما دفعني لعدم استيعاب أنكِ يجب أن تستحي مني كما كل فتاة ..ولكنكِ لستِ أي فتاة، أنتِ الدعسوقة خاصتي ..لطالما صدقت أنكِ لي.. جزء انشطر من أضلعي وكونكِ.. فكيف لك بالحياء مني؟"
نظرت إليه بذهول وكأنها تسمع مخبول يتحدث ..إلا أن خالد قال من جديد بخفوت: "تقبلت عقابكِ لأني أستحق جزءاً منه، ولم أحاول الضغط عليكِ لأمنحك فرصة للتفكير"
أشاحت عن وجهه بعيداً ثم قالت بتصلب: "وفكرت.. وكل يوم يزداد يقيني بأني لا أريد الحياة معك"
أمسك خالد فكها يقربها منه ينظر إليها بجدية ..رغم القلق الممزوج بألم في عينيه ثم قال بصوت رخيم: "أنظري في عينيّ وأجيبيني الآن، وإن حصلت على إجابة صادقة سأمنحكِ كل ما تريدين، وثقي أني سأكون بجانبكِ وأحميكِ مهما كان اختياركِ.."
توترت وهي تسمعه يتابع سؤاله بحزم وأصابعه تتشدد عليها وكأنه يرجوها عدم تخييب ظنه: "هل تملكين الطاقة للابتعاد عني من جديد، بعد ما وصلنا إليه من الاقتراب ..من إعلان أمام الجميع دون قلق أو خوف أنكِ بتِّ زوجتي وحلالي.. تخصيني وحدي.."
تقسم أن كل ذرة فيها تصرخ بها أن تؤلمه وتوجعه كما ذبحها بسكين ثلم.. إلا أن الحروف تبعثرت وتنفسها ثقل..
شدد أكثر وهو يقول بصوت كمن يتألم: "أجيبيني يا سبَنتي.. أقتليني بالفُرقة ولن أعترض.."
رمشت بعينيها وهي تحدق به مضطربة ..عيناها تبرقان بطريقة دفعت قلبه للخفقان.. أحاط خالد بكفه وجنتها الناعمة ثم ضرب على قلبه وهو يقول ببطء: "أنتِ جزء مني.. كيف تفكرين ولو لحظة أني أتعمد إذلالكِ، إن ما قلتيه لم يأتي لرأسي ولو للحظة"
صمت من جديد وهو يحاوط وجنتها الأخرى بحنان يقرب وجهها منه ثم قال هامساً: "أريدكِ نعم، أرغبكِ وبشدة ولكن ليس هذا ما عنيته.. ليس بالطريقة التي تنظرين بها لنفسكِ يا سبَنتي, لأنكِ أعلى وأغلى مما قد يتصوره عقلك الغبي يوماً.."
أطلقت شهقة استنكار ممزوجة بضحكة خافتة سيطرت عليها سريعاً ..إلا أنه التقطها...فأغمض عينيه بقوة مُدارياً عنها شعوراً جامحاً, هادراً تُخَلِّفه هذه الضحكة في قلبه.. مال يسند جبهته على جبهتها ثم قال بهدوء مسيطر: "أرغب في أن أحل على غرفتكِ ضيفاً ..بما أن هناك حدث عظيم فالسيد راشد ينام هنا.. يجب أن أبقى قريباً"
هزت رأسها بالنفي ثم قالت بخفوت: "لن أسمح لك.."
لم يرد وهو يعتدل ويتركها لارتباكها.. وكأن ابتعاده هذا سحب منها هذا الشعور الجميل الذي حاوطها فور أن تقرب منها..
:-"هل هذا كل ما لديكِ؟"
هزت كتفها بلا معنى بينما تراه يمد يده ويمسك بمرهم الجروح.. عقد حاجبيه للحظات شارداً ..ثم قال عاجزًا عن ضبط الخشونة والغضب في صوته: "لقد رأيته عدة مرات وأنا معكِ، تلمسته مراراً بعد أن كنتِ تذهبين في النوم، ولكني تجنبت أن ألفتك إليه يوماً، حتى لا تفسري بالخطأ، أو ربما حتى لا تتذكري بشاعتي معكِ.. رغم أنكِ لم تنسيها من الأساس"
سكنت حركتها تماماً وهي تقول ببرود: "لا أعرف ما هو سر الاهتمام المفاجئ بجروحي القديمة.. الأمر أصبح مملاً.."
فتح خالد الغطاء ثم وضعه جانباً مع العبوة.. واعتدل يخلع حذائه ثم أمسك كتفيها يزيحها ببطء ناظراً لعينيها بقوة وصرامة.. لم تقاوم ..فقط نظرة ذهول مؤكد لم تكن موجهة إليه ...انحنى وهو يعدلها لتنام على جانبها ثم همس بصوت مبحوح داخل أذنها: "أريد أن أنفذ وصفة الطبيبة بيدي، فقط اسمحي لي هذه المرة، فهذه الندبة بالذات ما زالت تنزف داخل قلبي حبيبتي.."
هتفت بتهكم رغم ارتجاف كل عضلة فيها: "هذا سخيف.. سخيف جداً والله.."
جلس خالد ورائها وهو يمسك طرفي بلوزتها ثم خلعها لتبقى أمامه بقطعة داخلية من الدانتيل الأبيض المحتشم، أسبل أهدابه وهو يزفر أنفاسه سريعاً حريصاً ألا تشعر به، مصدوماً برقتها وسكونها وكأنها تنتظره.. تشتاق إليه.. جزء منه طبع داخلها فعلاً وأصبح يتألم بإحساس افتقده كما يفتقدها هو، وإلا ما كانت سلمت، ورضت ببقائه والاستسلام ليديه.. وكأن رد فعلها هذا وحده صفعه بالحاجة التي تنامت بداخله، بأن يعمي بصره ويسكت أي صوت لرجولته يطالب بها ..فقط ليمنحها ما تحتاج هي إليه..
سيطر على نفسه برباطة جأش أخيراً.. ثم وضع بعض من المرهم على أصابعه ..ولمس أعلى ظهرها قليلاً مكان الجرح الذي ترك ندبة بسيطة جداً تكاد لا ترى ولكنه يحفظها عن ظهر قلب..
كانت يده تمسد بحنان, برقة خالية من العنف ومن قوته المعتادة ..وكأنه يعزف لحناً موسيقياً خاصاً يسري بداخلها بنغمة محسوسة, مرطبة ومراضية ..ارتاح بجانبها ثم دس ذراعه تحت رأسها التي تشبثت به على الفور بكلا يديها دافنة رأسها فيه ..بينما أصابعه لم تتوقف لحظة عن تدليك جرحها القديم ..سمعته يهمس فوق أذنها: "لم أقصد دفعكِ يومها أيضاً، ولم أعني كلمة مما قلت ..كنت متخبط آن ذاك يا حبيبتي وخفت أن تبتلعكِ دوامة جنوني.. فأنتِ كنتِ تُفقِدِيني كل اتزاني.."
كانت تطلق صوتًا أشبه بحشرجة بكاء إلا أنها قالت بقهر: "دائماً لا تقصد ..لا تقصد أي شيء ..وأنا ما عُدت أتحمل المزيد ..لستُ قوية.. لا أريد لأحد أن يراني قوية.."
استطال خالد برأسه لينظر بعينيها المغمضتين الباكيتين ثم عاد لوضعه وهو يشدد عليها بقسوة لتلتحم مع جسده كما كيانه ..ثم همس: "تقاس قوة الأشخاص بمدى تحمل الأعباء ..والنساء عامةً تتحملن أعباءً تفوق طاقة الرجال بمراحل ..لذا أنا واثق أنكِ ستجتازين كل هذا، ليأتي يومٌ نتذكر كل هذه المصائب ونضحك من أنفسنا ..أتعلمين لماذا ستفعلين كل هذا؟! لأنكِ قطعة مني"
أطلقت نفساً مبهوراً مشوباً بالبكاء ..بكاء لم يفهم معناه ومصدومة هي في ماهيته، إذ كان تأثرها رهيباً وممتعاً ليده فوق جرحها ..لقد كان يرطبه, يمحو وجعاً عاد للطنين ويسكن ألمها..
أغلقت عينيها من جديد تتشرب وجوده بنهم، مرعوبة بشكل مضاعف من خاطر واحد، إذ أنها اكتشفت مدى احتياجها وشوقها لطبعة جسده على جسدها....
ولهذا هي استسلمت ناسية لساعات كل ما صدر عنه.. مستمتعة بوجوده معها...
.................. ...................…….
يتبع ......


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 03:11 AM   #7518

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewity Smile 2

الفصل السادس والخمسون المشاركة "٤"



قطع ممدوح بالشوكة قطعة أخرى من الجبن والبيض المخفوق، ودسها بين شفتي ابنته التي تجلس عاقدة ذراعيها بتذمر ..ثم أمرها بخشونة: "امضغي.."
كورت فمها لبرهة قبل أن تتناوله منه بعدم رضا ..ثم هتفت بفظاظة ناثرة رذاذاً محملاً بفتات البيض: "طعمه سيء..وكل طهيك سيء"
قال ببرود وهو يمسح وجهه بفوطة المائدة: "هذا المتاح يا متوحشة الطباع.."
مدت فمها بعبوس وهي تضع مرفقها على المائدة وتكور قبضتها تسند بها رأسها الذي مال بحزن: "أريد والدتي، لقد تأخرت كثيراً، ألم تقل لي أن أعد سبع هكذا وستعود؟"
رفعت يدها الأخرى بأصابعها الخمسة فقط..
ورغم الظلمة التي كست وجهه كما روحه من تأخرها، والقلق الذي يصيبه بالاضطراب منعكساً على تركيزه حتى في عمله الذي يرسي قواعده مصيبه بالعصبية المفرطة ..إلا أنه يصبح مع أمله الصغيرة إنسان آخر قادر على الطرافة إذ أخفض يدها وهو يقول بتفكه: "حتى المدرسة الدولية التي دفعت فيها دم قلبي لم تصلح شيئاً من أخلاقكِ أو فشلكِ في الرياضيات"
نزقت أكثر وهي تمضغ طعامها على مضض ..ثم سحبت شوكتها البلاستيكية المخصصة لها وهي تشرع في تناول البروكلي المسلوق بنهم.
رفع ممدوح حاجباً واحداً متعجباً وهو يقول: " لم تتبرمي من الخضروات, أليس من المفترض أن تمقتيها كبقية الأطفال؟"
ردت ببساطة مثيرة الرذاذ من جديد على وجهه: "أنا أحبه، الأطفال الضعفاء هم من لا يأكلونه.. كما لوليتا!"
اصفر وجه ممدوح وهو يسأل بشحوب: "من لوليتا؟!"
هزت كتفيها بلا معنى وهي تجيبه بطفولية: "صديقة أمل الجديدة، هي ليست في صفي بل صف الأولاد الكبار مع أخيها"
نظر حوله في أرجاء المطبخ شاعراً أن المكان يضيق ويضيق من حوله ..إلا أنه التزم الهدوء حتى يفهم منها أكثر ..متمنياً من كل قلبه أن يكون الأمر مجرد تشابه أسماء.
كان صوته خشناً بعض الشيء وهو يسألها رغم محاولته المضنية لالتزام الهدوء: "إن كانت كبيرة، كيف تعرفتِ عليها؟!"
تناولت المزيد من طعامها وهي تجيبه دون النظر إليه متلاهية في اللعب بسيارتها الصغيرة: "إنها أخت صديقي إياب"
وقف ممدوح من مكانه باهتزاز وهو يمسك كتفيها ليستعيد انتباهها وهو يسأل: "من إياب؟ أتعنين صديقكِ من الحفل؟"
ضيقت عينيها بقنوط وهي تسحب كتفيها منه راغبة في العودة للطعام واللعب..
إلا أنه رفعها على ذراعه وهو يقول بحزم أبوي خالي من اللطف: "أجيبي حالاً ..من هؤلاء؟!"
تأففت بنزق طفولي ..ثم أجابته بضيق وهي تتلوى:"صديقي إياب ..الذي أخذتني عمتي إسراء لأراه، ورأيت لوليتا معه.. أنتَ مزعج دوحا "
أغلق جفنيه بقوة مسيطراً على صرخة مجنونة تصارع للخروج ليجبرها على إخباره كل شيء.. إلا أن نظرة واحدة من عينيها البريئتين رغم تمردها كانت كفيلة أن تعيده لحلمه وتذكره أنها ببساطة (أمل عمره).
رغم قتامة صوته وتوتره كان يقول متظاهراً بالطرفة:"حسناً يا كائن الإزعاج, هل يمكن أن أفهم لماذا لم تخبريني؟!"
قالت متلاعبة بإصبعها داخل حضنه: "عمتي طلبت مني ألا أفعل، ومنحتني شوكولاتة كثيرة ونوتيلا.."
حسناً وقت مستقطع عن كل مشاعره المشتتة والقلقة الآن.. (هل ابنته باعت إخلاصها لأبيها ببضع ألواح من الشوكولاتة وعبوة نوتيلا؟!)
ياااال المستقبل المبهر الذي ينتظره مع المجنونة وابنتها، ولكنه يستحق هذا العقاب الأبدي, فلما التبرم والحزن العاصف.. ياااال سوء حظه..
كان وجهه الذي يتأملها حزين وبشدة الأن ..إلا أنها هتفت بفظاظة: "ماذا؟!"
أشار على صدره بإصبعه: "أنا الذي يجب أن أسأل (ماذا), هل حرمتكِ من شيء لتبعيني بالرخيص؟!"
أجابته معترضة وهي ترفع كفها في وجهه: "الشوكولاتة باهظة الثمن، عمتي قالت هذا"
أشاح بوجهه يسبها هي وعمتها بلفظ أمريكي يدعى ‏الاف ‏وورد ( (F word
لم تسمعه طبعاً ..إلا أنه أخذ نفساً عميقاً وهو يقول:"وكيف رأيتِ صديقتكِ قريبة إياب؟"
رفعت سبابتها بنزق تخبط به جانب رأسه وكأنها ملّت من فهمه البطيء عندما قالت دفعة واحدة: "افهم بابا ولا تكن طفلاً جاهلاً.. لقد ذهبت لرؤية إياب.. ثم أتت لوليتا الحلوة وأحببتها ..ثم رأيت زوجة عمي الطيب عند عمتي، لقد أحببتها ولكن هي لم تحب أمل رغم أنها قبلتني ..وأيضاً عندما ذهبت للمدرسة رأيتها في حديقة الألعاب..ثم أخبرتني أنها تود اللعب معي ..إلا أننا لن نخبر مريم ولا إسراء"
صوت صفير عالٍ صدح داخل أذنيه فأدمى طبلتي أذنه..فتح جرحاً كان أجزم بغلقه أخيراً وبدأ في النزيف الحاد ..أما عن جسده فقد أصبح رخواً.. يلح عليه بالانهيار على أقرب مقعد.. الضغط يزيد داخل رأسه بعنف.. أما عن الروح فكانت فارغة وكأنه كائن بحري لا يملك عقلاً رغم قدرته على التنفس ..هل عليه أن يعش هذا الشعور طوال عمره؟ أن يتعامل مع التوبة المستحيلة ..و البعد المحال؟!
شعر بيدي ابنته التي ماثلت البلسم أفاقته تلمس وجهه وهي تسأله بخوف الأطفال: "هل أنت غاضب مني؟"
كان كله يرتعش بحق.. مثّل الابتسامة التي منحها لها وهو يعيدها لمقعدها ثم قال: "لا لست كذلك ..انتهي من عشاءكِ لننام سوياً"
مطت شفتها السفلى بحزن ثم همست: "أريد ماما"
بعثر شعرها الذي يبتلع جسدها الصغير ثم همس بحلق جاف: "ستأتي قريباً ..والآن هل يمكنكِ الجلوس مهذبة لدقائق؟ أريد إجراء مكالمة"
هزت رأسها عدة مرات موافقة ..إلا أنه سيكون من الغباء الثقة بها مع طلب الهدوء ..تحرك وهو يخرج هاتفه الشخصي.. ثم فتحه على قناة آمنة للأطفال ومنحه لها عالماً أنه سيستطيع شغلها لوقت جيد..
ثم خرج من المطبخ وعينيه لا تتركها واستخدم الهاتف الأرضي يطلب أخته التي ردت سريعاً على هاتفها الخاص: "مساء الخير"
لم يرد السلام وهو يهتف بغضب أعمى: "ليس من حقكِ تحريض صغيرتي ضدي ..وتجعليها تختلط بأطفاله"
لم تدعي الغباء, بل قالت بهدوء: "كان سيأتي اليوم عاجلاً أو آجلاً الذي تصطدم به طرقهم"
صرخ ممدوح بغضب أسود: "ومن أنتِ لتقرري بحتمية تعجيله.. أنا بالكاد أتعامل مع خلعها من رأسي"
كانت هادئة وهي تجيبه بخفوت: "وما الذي جد ..الوضع بات أكثر سلاماً الآن ،ولن تفتح الجروح مرة أخرى"
دفن أصابعه في شعره يمررها بقهر ثم قال بصوت خفيض متألم: "الجروح لم تغلق لتفتح، ألم تفهمي حتى الآن؟ ألستِ امرأة مثلها؟!"
انتابت إسراء لحظات من الصمت والرعب لفترة ..إلا أنها همست بالنهاية: "هل يهمك ما تشعر به لهذه الدرجة؟ ظننت أن الأمر كله معني بك!"
قال سريعاً بصوت خافت حاسم: "فسرته خطأ إذاً.. أنا أتعامل مع ذنوبي وأحملها فوق ظهري المنحني.. بطريقة جيدة وفعالة راضياً بعقابي في الأرض والسماء، رغم أني وددت سابقاً أن أمنحها هي السلام بتضرع الغفران الذي أعرف أني لن أحصل عليه منها، وإن تقابلت أقطاب العالم ..رغبت فقط أن تعلم أن العيب لم يكن فيها ،و أن العطب والظلام والقرف وكل ما أشعرتها به كان انعكاس لحقارتي وحدي ...نعم أنا أهتم جداً بما تشعر هي به"
قالت إسراء بنبرة متباعدة: "بل كل ما يهمك الآن هو امرأتك وابنتك ..مريم حسمت الأمر، واسمع المفاجأة كان لصالحك أنت، حررتني من حمل التنازع بينكما، ووقفت في وجه إيهاب تمنعه من إيذائك لخاطر أمل وحدها!"
جذب شعره من جديد بعصبية مفرطة والألم يغزوه من جديد يوجعه بفظاعة ..ما عاد القلب المثقل قادراً على تحمله ..ثم قال بقهر: "هل تظنين أنكِ تريحيني بذلك.. لقد أطلقت عليّ رصاصة وأصابتني بنزيف لن يتوقف ولن يمنحني يوماً الموت بسلام"
أخذت إسراء نفساً طويلاً قبل أن تهمس بحنان: "هوّن على نفسك ..لقد حدثت المعجزة أخيراً, كلاكما يعلم بوجود الآخر في وطن واحد ..وحسم ما يريده دون أحقاد"
ضحك ممدوح بعصبية مفرطة يتخللها شعور نازف بالخزي ثم همس: "حقد.. أتسمين ما تحمله نحوي حقداً؟! كم أصبحتِ رقيقة في صياغة الأمور"
عم الصمت للحظات ..قبل أن تقول إسراء أخيراً بصوتها الهادئ: "أنتَ محق ..لقد أخبرتني دون تجميل أنها إن رأتك أنتَ أمامها لن تتردد للحظة في قطع رأسك والتلاعب بدمائك بكل انتشاء ..كلب وانتهى فلِما عليها أن تشعر نحوك بأي أسى.. إلا أنها أيضاً عانت كفاية، فلما لا تمنحك حقاً في بناء حياتك ليس لأي شيء الا ان لا تعاني أمل مما عاشته هي بالماضي"
رفع ممدوح رأسه نحو سقف المنزل ينظر بفراغ لنقطة بعيدة، عيناه تلمعان بدموع رجولية تأبى الهبوط ..دموع رجل يتآكله الندم على أذى ألحقه بامرأة بغير حق ..دموع ندم لن يتركه قط ..ثم همس أخيراً باختناق: "لماذا قربتنا إذاً من بعضنا لهذا الحد؟ لما لم تلتزمي بجانبكِ من صفقة بقائي؟ حتى المدرسة التي ضمت أطفالنا واحدة"
تنهدت إسراء وهي تقول بصدق: "لم أرتب لكل هذا يا ممدوح ..هل تشك ولو لحظة أني أريد تصعيب الأمور عليك؟"
قال بخفوت شارد متقطع وهو يرفع حاجبيه ويخفضهما علّه يمنع تلك الدموع من الانسياب على وجهه: "لقد صعبتها كثيراً لتوكِ.. ابنتي تعرفها ..وتحب ابنتها في معجزة غريبة تبدر عن أمل"
قالت برقة: "ترفق بنفسك ولا تحملها ما لا طاقة لها به"
هتف بغير صبر: "ترفق ..ترفق ..أليس لديكِ غيرها ..أريد أن أعيش بسلام يا إسراء, هل كثير عليّ أن أطمع في حق بسيط كهذا؟ عندي ما يكفيني، أقسم بالله أن لديّ ما يكفيني من المشاكل وأنتِ تعلمين أنها أكثر مما يكفيني"
همست إسراء ببهوت: "الغريب ترديدك لما رددته مريم وهي تقطع علاقتها بي نهائياً"
هتف بغلظة: "إسراء، كفى استفزازاً"
قالت باستياء: "اسمع، الأمر انتهى ..تعامل معه وكأنه لم يكن، كان من حقها المعرفة بوجودك هنا ..لتستعد بأي لحظة لرؤية وجهك العكر"
رد ممدوح بسخط باتر: "سأحرص أن لا أريها إياه"
قالت إسراء ببرود: "إن كان يزعجك موضوع المدرسة..سهلة.. أمل على كل حال لم تكمل فيها الشهر، من الغد سأمنحك قائمة بعدة أماكن بنفس المستوى.."
صرخ بانزعاج: "ولماذا لم تفعلي منذ البداية؟"
زفرت إسراء وقد عيل صبرها: "أخبرتك أني نسيت، من عمق فرحتي بقرار جنابك بوجودك جانبي تصرفت بعشوائية بحتة، راغبة أن تظل المبجلة ابنتك تحت عيني مع طاقم تعليمي تربطني بهم علاقة طيبة فأستطيع متابعة كوارث المصيبة ابنتك عن كثب ..وبالطبع تبقى تحت مراقبة صغاري الذين يشغلون نفس المكان"
ساد الصمت الثقيل من جديد وعيناه تشرد نحو أمل ،مدركاً أن ابنته منذ يوم أن ضمها إليه لم تتحدث عن أي أصدقاء بهذا الحماس مطلقاً ..بل أنها لا تتقبل أي أحد بسهولة ولا تستطيع كسب الناس أو الاندماج.. همس أخيراً بحلق جاف: "هل تعلمين ما هي سخرية القدر؟ أن تحصل أمل بعد كل هذا الوقت على صديقة تحبها دون مشاكل ..ابنتها هي من بين كل الأطفال"
تنهدت من جديد وهي تقول ببساطة: "الدم يحن، والأطفال جاهلون بما يحمله الكبار من أحق....."
قاطعها بحدة وهو يهتف بسوداوية: "إن ذكرتِ كلمة أحقاد مرة أخرى أقسم أن آتي إليكِ في التو واللحظة، وأهشم فمكِ قبل رأسكِ.."
امتعضت إسراء وهي تقول: "شكراً يا مهذب ..تريد مد يدك على أختك الكبرى"
همس ممدوح محذراً: "إسراء.."
أجابت بنبرة الدجاجة المحتوية لبيضها: "حبة عين إسراء!"
قال ممدوح بنبرة بطيئة طبيعية للغاية: " كان يومٌ أسود يوم أن أدخلتكِ لحياتي من جديد"
لوت إسراء فمها بامتعاض ثم قالت: "بناءً على النساء اللاتي تُدخِلهن في حياتك، فلون أيامك السوداء شيء مميز ...وهذا يعني أنك ما زلت تحبني بطريقةٍ ما"
"تباً لكِ"
كررت: "شكراً يا محترم.."
ثم رقت نبراتها وهي تقول: "لا تأخذ قراراً وأنت متوتر ،فكر في الأمر جيداً وتعاطى مع الصورة الجديدة ثم أخبرني"
أظلمت عيناه قليلاً وهو يتابع ابنته من الباب المفتوح ..إلا أنه قال أخيراً بصوتِ أجش: "لقد مرّت بالكثير من التغيرات في فترة قصيرة ..وليس من العدل أبداً أن أقلب عالمها من جديد بعد أن أرسته بالكاد"
قالت إسراء بهدوء شديد الدقة: "اسمع المدرسة ضخمة وبها مباني متعددة ..أو يمكنك طلب الفصل بينها وبين أولاد ابن عمك بسهولة وسأخبرهم لأسباب خاصة وأكثر أماناً للأطفال"
شيء من الارتباك وشعورٌ آخر غير مفسر اعترى نبرته وهو يقول بصوت أجش: "أمل وصفتها بالحلوة.. وتحكي عنها بحماس لم أره في صغيرتي من قبل ..هل الفتاة تملك روح أبيها؟"
صمتت إسراء لفترة ..ثم همست باختصار: "ابنة أبيها وأمها، تحمل من الملامح والروح الكثير منهما بحد عادل"
همس بصوت خافت وهو يراقب ابنته بمشاعر مختلطة:"جميلة إذاً حد أن تروض كائن كأمل"
زفرت إسراء وهي تقول: "الأرجح لتقارب العمر بينهما، وللطافة لوليتا التي أشهد لها بها، قد تكون مدللة لحد يثير الحنق، تشعر أنك ترغب بقوة بصفعها لتعتدل.. إلا أنك خلال لحظات تعشق هذا الدلال والميوعة بها ..بناتي يحببنها كثيراً.. طريفة بشكل يثير الضحك و الحنان ..رقيقة كالزهور.. عيناها يشع منهما دفء أبيها واحتوائه.. أما عن إياس فهو معجزة صغيرة اشتقت من ابن عمك"
قال بصوت رخيم اهتز: "أنتِ حزينة من حكمها بابتعادكِ عنهم؟"
قالت بخفوت: "نعم ..إلا أني لستُ نادمة, أنتَ أخي حبيبي وأمانة والدتي، العالم كله فداءً لبقائك معي..وهي.. هي تفهم الآن معنى هذا الرابط.. فقد عوضها الله"
همس بخذلان وخزي: "بعد أن شوهتها"
صححت: "شوهناها.. إلا أنها تثير الإعجاب، أعتقد أنها ورثت شموخ الجبال من جينات عائلة أبيها ..أوووه أنت لن تتخيل أبداً، كيف هن بنات الراوي"
أراد الصراخ: "كان لي النصيب الأكبر" ..إلا أنه ابتلع اعتراضه وهو يقول: "أعتقد أن لديّ فكرة، فقد تصادمت برجالهم"
تنهدت للمرة المئة ثم قالت ببساطة: "إن كان يشتهر رجالهم بالنمور فنساء هذه العائلة أمهات الفوارس"
:-"تتحدثين عنهم بإعجاب.."
"اقتربت منهم بما يكفي لأحكم بحيادية بعيداً عن أي إشاعات تطاردهم"
عم الصمت من جديد ..قبل أن تقول إسراء : "إذاً ما قرارك؟!"
قال بتخبط: "لا أعرف ..أنا تائه"
صمت قبل أن يضيف بنوع من الحزم: "إلا أني لن أتراجع عن قراري مطلقاً.. لن أجعلها ترى وجهي ولو صدفة"
قالت إسراء بهدوء: "سنرتبها إذاً.. لا تجعل شيء يشغلك وأنت في خطوة حساسة من حياتك ..بالمناسبة بحق الرحمن لماذا رفضت مساعدة مراد؟"
قال باقتضاب: "لأنه ساعدني بما يكفي ..إلى هنا وانتهى الأمر لن أقبل بدولار واحد شفقة من أحد"
صححت بطرافة: "جنيه"
:-"أنتِ أصبحتِ لا تطاقي.."
قالت من جديد ببرود: "أحاول تصحيح أخطائك ليس إلا، ألا يكفي لكنتك وشكلك الذي يثير الشبهة، لقد بتّ أقلق من الخروج معك"
عبس قليلاً وهو يتوجه لمرآة كبيرة تحتل جانب الباب أسفل مشذب الملابس، يتفحص ملامحه ببطء ويمرر أصابعه في شعره الأشقر ..ثم قال بتعجب: "ما به مظهري؟ ليس هناك شيء خاطئ، بني آدم مثل بقية البشر"
قالت مدعية الفضول: "هل حقاً تجهل سطوة ملامحك الغربية ومدى جاذبيتها؟!"
قال بعبوس: "يفترض أن الرجال لا يلفتوا النظر خاصةً في بلد متحفظ"
ضحكت وهي تقول بعبث: "صغيري الجاهل، في أي عام تعيش أنت؟ أم ما زلت تأخذ أفكارك من الصحف والأفلام الأمريكية التي تروج أننا ما زلنا نعيش في عصر الجمال.. والرجال يرتدون الجلباب المخطط والنساء تضع برقع على وجهها وترتدي شيء أشبه بملابس الجواري؟"
صمتت تبتلع ريقها قبل أن تضيف بتفكه: "أتعلم ما المضحك في الأمر؟ أن هذه الثقافة لم تكن شيئًا يميز مصر يوماً!"
قال بتهكم: "وأصبحتِ الآن أستاذة تاريخ!"
تجنبت سخريته وهي تقول بخبث: "ألا تغار لورين من انجذاب بعض الفتيات قليلات الحياء لك بأعينهن التي يُدَبّ فيها الرصاص؟"
هز كتفيه بلا معنى ..ثم قال ببساطة: " لورين لا تغار عليّ"
شهقت باستنكار: "لماذا إن شاء الله؟ هل أوصلتها لهذا الحد من الثقة بسلامتك, حد أنها لا تمنحك شعوراًطبيعياً كالغيرة على الرجل الذي يفترض أنها تحبه؟"
قال بهدوء: "إسراء!"
:-"يا نعم"
قال من جديد ببرود شديد: "أخرجي أنفكِ من شؤوني وعلاقتي بزوجتي, فالأمر لا يخصكِ مطلقاً، أنا أفعل ما يحلو ليّ وأمنحها ما أريد.. فهي تستحق أي شعور أغذيه فيها"
:-"فلتحترق ..لقد رفعت يدي"
أجاب باقتضاب: "وأخيراً شيء إجابي في هذا الحديث الهزلي معكِ"
سمعها تبرطم بشيء ..قبل أن يبعد الهاتف وهو يرى أمل تندفع كسيارة السباق نحوه هاتفة بتقافز فرح: "عفريت مرح يريدك ..لقد أخبرني أنه سيعيد ماما إن أعطيته مرح.. أعطه إياها أرجوك دوحا.. أرجوك وأعد لولو"
يفترض به أن يتقافز مثلها إن كان الأمر الذي فهمه صحيحاً بعودة زوجته ..إلا أنه في هذه اللحظة يريد ذرف الدموع التي منعها بكبرياء..
وبكل درامية تهاوى على ركبتيه صارخاً: "لماذا أنااااااا؟؟"
فقد اكتشف لتوه أن ابنته قد تبيع أباها نفسه إن ساومها أي شخصٍ على شيء تريده.
*****
في أقل من ساعة كان قد ألبس أمل ملابس أنيقة ومشط لها شعرها وربطه في ذيل حصان طويل مرفوع أعلى رأسها.. يمنحها المظهر المثالي والجذاب كما تحافظ لورين دائماً أن تمنحها مظهراً لطيفاً ملفتاً..
وإن كانت طباع ابنته فور أن تتحدث وتلقي بعشوائيتها تزيل كل الجهد المضاعف الذي يبذلونه لتأنقها..
أما هو من عجلته لم يحاول أن يغير ملابسه الرياضية البسيطة.. فاللقاء المرتقب بعثر كل كيانه.. لقد عادت ولم تستغل محاولة هروبها الأولى وتبقى بعيداً عنهما..
لقد أخبره تميم عبر الهاتف عن عودتهما أخيراً واضطراره لظروف خارجة عن إرادته أن يأتي بها على الفور..وأجبرته أن لا يخبره بموعد الرجوع كما اتفقا أن يستقبلها في نفس المكان كما ودعها...
وبالطبع قصّ عليه كيف أنه فور دخوله للأراضي المصرية توجه للمطار المدني القريب وجاء بها على الفور ..إلا أن زوجته رفضت أن يصطحبها لبيت زوجها، بل طلبت أن تذهب لبيت والدها أولاً.. وها هو الآن يقف أمام العمارة السكنية التي يسكنها العم أيوب ..حتى يجهز منزله الذي اشتراه منذ وقت قريب لينقل إقامته الدائمة فيه مع ابنتيه..ليحصلوا أخيراً على استقرار اشتهته الأنفس الملوعة بالتهجير...
كان صوت أيوب قلق رغم جلوسه على مقعد خاص بباب المكان يرتل على مسبحته مراراً من شدة اضطرابه وهو يسأله: "بماذا أخبرتك؟ هل قصّت عليك أيّ شيء؟ هل هي بخير؟ أوجدت ضالتها؟"
كان ممدوح يستبد به القلق وهو يقف ‏كزنهار ممسكاً بيد ابنته التي تسأله عبر كل لحظة مشيرةً لكل سيارة تمر: "هل هذه لولو؟ لماذا تأخرت؟"
أجاب أخيراً: "لا.. لم أتحدث معها بعد ..وتميم كان مقتضباً في الحديث معي.."
أخذ أيوب يمرر مسبحته عبر أصابعه وهو يهز رأسه هامساً بشحوب: "خير إن شاء الله، المهم أنها عادت سالمة.. فالأوضاع حالياً في المنطقة التي قصدتها على حرفيّ جهنم"
استدار ممدوح نحوه ببطء ..وهو يحدق فيه بتوحش واتهام: "كيف عرفت المكان الذي تقصده؟! لقد أنكرت معرفته ..وقد أخبرتني منذ يومين أنها بعيداً كلياً عن مكان الاضطرابات.."
أمسك أيوب رأسه بيديه وهو يقول بصوت صعب متذبذب الجسد, مكبل التصرف: "لا أحد ينجو من احتلال العار...لا أحد ينفذ من القدم الهمجية!"
هل عليه أن يهلع في هذه اللحظة؟! أم يذكر نفسه أنها عادت إليه وعلى بعد دقائق بأن يضمها بقوة إليه ..ماحياً عنها كل ما قد تكون رأته؟!!
صوت مرح التي تقف تضم فرح تحت جناحها تدعمها هو ما سمعه وهي تسأل باختناق: "ما الذي يعنيه هذا يا أبي؟ هل تعرف مكانه؟!"
كل ما صدر عن أيوب في هذه اللحظة كانت تأوهاً خشناً.. آهٍ محترقة كالجمر.. آهٍ تنعى ولا تحل ..آهٍ للغربة ..آهٍ للفرقة ..آهٍ لرمز لن يضمه إليه ..آهٍ لفلذة كبد قرر مصيره وخط بيده كيف ستكون نهايته ..آهٍ على فلذة كبد ستثير العجائب وتفطر الكبد بمرارة الفراق.. آهٍ على رمزٍ لكل شيء مثل العزة والإباء, الكبرياء والاحتمال ..آهٍل مستقبل يحمل العلم ..لقد حكم، لقد حلق ومن هو ليقيد جناحي الصقر ويكسر البطل فيمنعه من خط أسطورة العجب؟!
نقلت مرح نظراتها الشاحبة بينهما قبل أن تهمس بصوت أشبه بصرخة انهيار: "إذا ما فهمته كان صحيحاً فكلاكما مذنبان وبشدة ..لقد أرسلت خائناً إليه ..أنت سلمته لخائن.. كيف ملكت القدرة لفعلها أيوب؟"
رفع أيوب كفاً منفرداً يهزها في وجهها وهو يهمس بقهر: "أصمتي.. أصمتي، جاهلةٌ أنتِ لا تفهمي شيئاً"
كان الموقف قاسياً ,مؤلماً حد أن أيوب لم ينتبه لجزمها واعترافها الضمني بمعرفة تميم الخطيب جيداً ..وليس كما أنكرت مراراً عندما أخضعها لجلسات اعتراف ..أقرت أنها تجهل تماماً ما يتحدث عنه ،وأنها تكذّب بكل وقاحة ما أخبره به ممدوح!
السيارة التي وقفت أخيراً أمام تجمعهم كانت كفيلة أن يقفز كل من مشاعره كما مكانه في لهفة.
هبط تميم أولاً من مقعد احتله بجانب السائق ...ينظر إليهم بتفحص ملقياً سلاماً غص به في حنجرته عندما تقابلت عيناه بعينين يسكنهما نواح أسود ..جعل قلبه يرتجف بين أضلعه كأول مرة رآها فيها ..وسقط في بئر ألغام لا سبيل للنجاة منه إلا بإحراقه وإحراقها معه..
الملامح المشبعة بالقرف والغل لم تكن أيضاً تخفى عن عينيه ..إلا أنه أجاد رسم السخرية وهو يرفع أحد حاجبيه متحدياً متلقياً تهديدها بوعيد مخيف ..وقد حان وقت قيامتها وانتهت ساعتها لتوها..
فتحت لورين باب السيارة فقطعت حرب النظرات الشعواء بينهما..
وفور أن هبطت بملامحها الحزينة جداً والمرهقة ..وجنتان غائرتان, عينان منتفختان من كثرة البكاء وقلب منفطر..ونال منها الكثير من لوعة حرمان قد طالته بعد التشبع..
اندفعت أمل نحو أمها تضم ساقها بقوة تتشممها كالقطط, تملئ عينيها بوداعة الحملان ..انحنت لورين من فورها تجذبها إلى صدرها وتضمها بقوة تشبع القلب والعين ..والجسد والروح من عطر طفولتها الزكية ..تنهمر عليها بقبلات اختلطت بدموع لم تنضب.. ولن تفعل..
:-"اشتقتكِ ماما جداً.. لقد تأخرتِ كثيراً ..لا تتركيني مجدداً"
كان كل ما يصدر عن لورين هي شهقات تتقطع وهي تغلق جفنيها بقوة, تضم ابنتها إليها بجنون دافعة شعور الخوف من فقد جديد.. حتى همست أخيراً بصوتٍ شاحب مضني: "لن أفعل ..لن أكسر وصيته فيكِ"
كان ممدوح يمنع نفسه بقوة تستحق الإعجاب حتى لا يتقدم ويجذبها إليه، يأخذ بخاطرها, يهدئ من روعها..يسكن كل خوفها قبل أن يفكر في طرح الأسئلة ..إلا أنه ترك المساحة لعائلتها ..لأبيها على وجه خاص ..الذي طلبت رؤياه دون غيره..
وتقدمت هي خطوة وهي تتشبث في صغيرتها حتى واجهت والدها ثم قالت بنبرة ثقيلة: "لقد طُرِدتُ منها من جديد.. ولكن هذه المرة بفرمان ووعد، لن أستطيع كسره لفترة إذ أني أعطيته وعدي.."
ارتعش فك أيوب ودمعت عيناه.. فاهماً ما تقصد..
شهقت من جديد وهي تكفكف دموعها بطرف ملابسها دون اهتمام ثم قالت من جديد بخشونة: "لقد تشبعت..رويت عطشي وجوعي فور أن لمست بقايا منزل جدي المحترق ..مُحِيت سنين العذاب.. وأزهر القلب بالورود فور أن رأيت جماله وبهاءه.."
رأت شفتيه تبتسم ودموعه تجري على وجنتيه وهو يسأل بصوتٍ ذي بحة شجن لرجل يتغزل في الحبيبة: "هل رأيتِ جمال أرضها؟"
اختنقت لورين وهي ترد بشجن: "جميلة هي كعروس ذات طلة بهية، ترتدي ثوبها الأخضر الذي حيك من شجر الزيتون ..أبية هي تلملم ثوبها وتحنو على عاشقيها ..تتألم بلادي وتصرخ ‏مستغيثة،"

انقطع صوتها رهبةً وتدفق حنيناً وشوقاً وقد فارقتها منذ ساعات, فقط أكملت من بين نشيجها: "عروسٌ رائعة الحسن تحمل الأقصى فوق رأسها رافضةً أن تدنسه الأقدام الهمجية بالمزيد ..محاربة كما كل من فيها..رافضة التسليم بالقضية"
كتمت مرح وفرح فمهما بيديهما تبكيان بصمت ..بينما أيوب كانت دموعه تجري كالنهر حافرة أخاديد من نار على وجهه ..حتى نطقت من جديد: "لقد تشبعت ولِما لا وهي تعطيك حتى ترضى"
همس أيوب: "إذاً استقرت النفس؟"
تصلب وجه لورين لبرهة وهي تحاول إمساك دموعها ثم قالت بصوت أجش خشن: "كيف شككت بهذا وأنت قد جربته ..إلا أني لم آتي لأخبرك ما تعرفه، ولا رغبةً في أن أرتمي بين ذراعيك بل لهدف واحد.. أن أنظر داخل عينيك وأنا أسألك.."
صمتت من جديد وهي تبتلع ريقها بعنف ثم هتفت بغضب خافت: "كنت تعرف كل شيء يا أيوب"
الحمل يثقل وعيل الصبر من صبر أيوب, الذي قال بصبر أيوب: "وهل ظننتِ أنتِ ولو للحظة أن روحي كانت لتهدأ إن لم أضمه؟!"
هزت رأسها بيأس شديد ثم همست بألم: "إذاً قُضيَ الأمر يا أبي.. قُضيَ الأمر لا مجال لمزيد من القول"
لم تلقي نظرة واحدة نحو أحد من جديد بل مشطت عيناها سريعاً باحثة عن هدفها الأوحد ..سعيها الحقيقي حتى وجدته يقف هناك على بعد خطوتين ولكنما بالها شعرتها خطوات من عذاب ،وطريقاً طويلاً لا تطيق صبراً لتقطعه إلى ذراعي رجل تحتاجه بشدة ..إن المسافات ما تبقى أبداً بين الأحبة..
وضعت أمل ببطء على الأرض، ثم اعتدلت تنظر إليه بتوسل شديد ..بارتعاش أشد وكأن موجة برد حادة ضربت جسدها بشدة جعلت كل إنش منها ينتفض..
أما هو كان ينظر إليها بلهفة وحزن ..بتضامن مع آلامها..
همست شفتيها باسمه همساً لم يصل صداه إلا داخل قلبه.. حتى انفجرت أخيراً وهي تقطع بخطواتها خطواته المجنونة نحوها والتقيا أخيراً في المنتصف ..يصطدمان ببعضهما اصطداماً أسقط كل الموانع وحطم كل العقد وزرع نفحات من الحاجة وخطّ ملامح من الراحة..
اتحد الجسدان أخيراً يشكلان جسداً واحداً وقلباً واحداً، وهماً واحداً ..شكلاً ومعنى ..يرفرف حولهما عشقٌ لا يقبل التأويل..
تعلقت ذراعا لورين بعنقه بتشدد ..بينما ضمها هو إليه ويداه تدعم ظهرها, يرفعها عن الأرض قليلاً لتُلقِي كل حملها وحمولها فوقه..
وبكت ..بكت بنحيب من جديد.. بكت بسعادة مجذوبة..بكت ألماً يتخلل الأضلع ليجد له صدى في أضلعه..رأسها الذي دفنته بقوة على كتفه كان يصدر صوتاً مختنقاً هامسة بصوت لم يصل لسواه: "لقد سُدّد دينك ..لقد ضمني إليه، عوضني عن سنين طويلة من الحرمان ..إلا أنه كان قاسياً بشدة.. فور أن منحني ترياق الحياة.. سحبه مِنّي.. وترك في قلبي لوعة معرفة التغرب من جديد.."
ضمها إليه بشكل أعنف حتى مثلا صورة خيالية للتوحد..كفه ارتفع يربت على شعرها برقة وحنان ..امتزجت مع صوته الأجش كلحن عذب.. وهو يهمس: "كل شيء سيكون بخير.. أنا معكِ وأمل معنا ..وأنتِ عُدتِ إلينا يا حمامة أيوب ومفتاح قصته وقد اكتملت أخيراً بمنحة ملاك من الجنة"
"الجنة" رددت مبهورة وهي تتمسك فيه أكثر فأكثر, تبكي بانهيار وعنف متذكرة وصفها الدقيق فور أن تشبعت عينا الحداد خاصتها من عينيه التي تحت اللثام: "بلسم أرسل كمنحة رب العالمين على جناح ملاك هبط من الجنة"
********
انتهى
قراءة سعيدة

أعذرونى .... لانى لن أعرض أي شي مما حدث في فلسطين لحاجة في نفس يعقوب ....والسبب الأخر وبمنتهي الصراحة ..أن وجدت كمية سرقة غير طبيعية لكل ما تحدثت عنه وخاص بالقضية الفلسطينية ...تم سرقة تعبى وبحثى وجمل كاملة خاصة بىّ دون أو خجل من البعض ...

لذا لن يتم ذكر اى حدث من داخل الاراضى المحتلة حتى حين ❤️


ru'a and كريم الشيخ like this.

Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 03:49 AM   #7519

لايوجد اسم

? العضوٌ??? » 426088
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 26
?  نُقآطِيْ » لايوجد اسم is on a distinguished road
افتراضي

تسلم كتابتك حبيبتي رائعه بالتوفيق ❤️❤️❤️❤️❤️

لايوجد اسم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-21, 04:47 AM   #7520

ليلى عمرو

? العضوٌ??? » 470384
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » ليلى عمرو is on a distinguished road
Rewitysmile1

الفصل رروعه يانور بجد مفيش وصف اقد اوفي بيه جماله عيوني دمعت والقلب بك من الوجع علي قلب كل فلسطيني
وصف لورين لارض الزيتون وريت ظريف الطول
كان نفسي اعرف واعيش معاها. بس عندك حق في اخفاء
اي شي مم ابدائعك احسنتي 💜💜💜💜💜💜


ليلى عمرو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.