صولات وجولات: رحلتي من الإلحاد إلى اليقين (4) * مميزة *

[البوادر تكشّفت]

لا أبالغ حين أقول أن مراحل حياتي في مرحلة الإلحاد كانت جدّ ثقيلة على صدري، فكنتُ لا أهنأ بشراب ولا طعام ولا نوم ولا أمان، وكنتُ دائمَ الأسئلة، أطرحُ سؤالًا يؤيد ما أنا عليه بنسبة 100% ويردّ عليه سؤال آخر يفنّد ما أنا عليه بنسبة 100% كذلك!.

لم أدر ما أفعل، أسهبتُ في قراءة الكتب أكثر وأكثر، زدتُ علمًا في شتى المجالات، فقرأت عن العرب والمسلمين وتاريخهم، وعن الثقافة البشرية وما هي النفس وما الأخلاق، وقد ركزتُ في الأساس على مسألة الأخلاق الإنسانية، هل هي وليدة المجتمعات أم متأصلةٌ تأصلًا في النفس البشرية؟!

لم أستطع أن أقرر إجابة نهائية، كان لديّ بعض الأصدقاء الذين يدعون المعرفة في الرد على الملحدين، فكنتُ -على سبيل الفكاهة- أطرح عليهم سؤالًا يجلعهم يتلعثمون، ثم أجيبهم بردّ الإسلام على هذا السؤال وأتابع السير. نعم، لم أكن أريد نشر إلحادي، فقد كنتُ أحتفظ فيه لنفسي، إذ إن الفكرة الأساسية في الإلحاد أن الإنسان مادة مؤقتة تفنى بموتها ولا امتداد لها، فلمَ عليّ أن أقلق بشأن الآخرين؟

كانت لحظاتي الإلحادية قاتمة كثيرًا، فمن ناحية الطعام لم أستطع أن أستسيغ طعامًا في فمي، فكنت أقول أن ما هذا إلا تفاعلات لساني مع مجموعة من العناصر المركبة حتى أعطت لدماغي إشعارًا بهذا الطعم، وإن دماغي يصنف هذا الطعم على أنه "لذيذ" بينما هو في الحقيقة قد لا يكون كذلك .. وتستمر عاصفة عظيمة من الأسئلة حتى ما أنتهي من إجابتها إلا وقد أنهيت الأكل.

كنتُ أسأل عن فطرة الإنسان كثيرًا، مثل الشهوات الإنسانية والمال، كيف أن قطعة معدنية صغيرة تحدد مصير ملايين من الناس بين رخاء شديد وفقر شديد، وكيف أن مجموعة من الرجال يرتدون زيّاً موحدًا يقومون بسجن رجال آخرين تحت اسم الشرطة، أليس الطرفان بشرًا؟ كتلٌ عظيمة من الخلايا؟!، لم يمتلك أحدهم سلطة فوق أحد!!

رأيت في ذلك الحين العالم مجردًا من كل ثيابه، كنت وكأنني أراه كما ولد من بيضته الكونية الأولى، عالمٌ لا تسوده القواعد ولا الحدود، كل شيء في العالم جديد لا نألفه، كان عالمًا غريبًا ومظلمًا، وفيه بعض النور والعزاء أيضًا.

وبينما أنا أتصفح في صفحات الإنترنت، رأيتُ صفحةً غيرت مجرى القصة كلها عندي، رأيت منتدى التوحيد. . .

[رانو قنديل]

بانتظار لحظاتك مع منتدى التوحيد

والتي غيرت مجرى حياتك

[رانو قنديل]

لا عدمنا أقلامكم المبدعة دمتم متألقين