شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   قـلـوب رومـانـسـيـة زائــرة (https://www.rewity.com/forum/f258/)
-   -   نبضة - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة: Nor Black {مكتملة & الروابط} (https://www.rewity.com/forum/t461682.html)

Nor BLack 06-11-19 08:52 PM

نبضة - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة: Nor Black {مكتملة & الروابط}
 

https://upload.rewity.com/uploads/15735009271931.gif

سعيدة بتواجدى هنا في قسم قلوب وسط الجميلات اتمنى كل عمل نزلته هنا يعجبكن حلواتى والشكر الكبير للجميله والكاتبة الرائعة ايمان عمر :eh_s(7)::eh_s(7)::eh_s(7)::eh_s(7)::eh_s(7):



https://upload.rewity.com/uploads/15735009272632.gif


https://upload.rewity.com/uploads/157350092745566.jpg


https://upload.rewity.com/uploads/157350092732273.gif


https://upload.rewity.com/uploads/157355147724931.jpg

كتابة وتدقيق: Nor Black
تصميم الفواصل والداخلي: شيماء صلاح
تصميم الغلاف: رفيدة مناصرة
تنزيل القصة: سمية سيمو
تعبئة الكتاب الإلكتروني: Just Faith



https://upload.rewity.com/uploads/157350092738284.gif

في المشاركة التالية

https://upload.rewity.com/uploads/157350092741975.gif


يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي



قراءة ممتعة:eh_s(7):
ولا تحرموا نورا من تعليقاتكم ودعمكم
دمتم برعاية الله

https://upload.rewity.com/uploads/157350092747597.gif


سمية سيمو 11-11-19 10:35 PM

الفصل الأول

هبطت من السيارة وأغلقت الباب خلفها بعنف, لتمنعه من رؤية دموع إحباطها, ظل طارق مكانه لعدة دقائق الى ان ولجت لمنزلها مباشرة . زفر بضيق يخالطه الندم,فمنذ يوم خطبتهما علم جيداً انه لم يمنحها ما تحتاجه من كلمات حب او غزل كأي خطيبين!!
ولكن ماذا يفعل في شخصيته الصارمة التي يفرضها عليه مجال عمله؟! لقد أصبحت الصرامة والوضوح جزء لا يتجزء من شخصيته, وحتى عندما رأى زهرته التي حركت أشياء بداخله لم يستطع لسانه ان يتفوه بما يخترق قلبه لتعلم به.
أخرج نفس حار وهو يشغل سيارته ليمضي في طريقه ثم ما لبث ان أخرج هاتفه مطاوعاً قلبه وضارباً بكل شئ عرض الحائط,فزهرته الصغيرة بالتأكيد تستحق ان يتنازل عن صرامته قليلاً,،
"ماذا تريد؟"
أتاه صوتها المتصنع الثبات رغم اختانقه بالبكاء على الطرف الأخر فأجبر نبرات صوته الاجشه ان ترق قائلا:
"أريدك أن لا تبكي.. لن اسمح لعينيكى البنيتين الجميلتين بالحزن بسببي"
لحظات صمت طويلة إلا صوت أنفاسها المتقطع بغصة بكاء تحاول الهدوء وتفشل,أخيراً أجابته ببعض الدهشة:
"عفوا !!هل طارق معي؟! منذ متى تهتم لحزني؟!!"
تحشرج صوته مرغماً رغم صرامته في القول:
"منذ ان زين إصبعك الجميل خاتمي,منذ ان سمحت لك بالدخول لحياتي,ضعى في عقلك الصغير انكِ زهرتي, ولن أسمح للحزن ان يدخل قلبك "
إرتبكت زهرة غير مصدقة ان من يتحدث هو نفسه طارق ذو الشخصية العسكرية الصارمة !! طارق خطيبها الذي أحبته بصدق منذ ان كانت تراه صدفة في المناسبات العائلية التي يحضرها في زيارات متقطعة.. لم يلتفت لها يوماً او حتى يمنحها اهتمام لبدء حديث او لإلقاء سلام,دائماً ما كان في بعيداًومترفعاً عن صخب جميع التجمعات الشبابية في هذه المناسبات, قطع طارق أفكارها وقال بخفوت رقيق:
"اتهامك لي اني لا أهتم او اني أُجبرت على تلك الخطبة من اكثر ما تفوهتى به حمقاً زهرتي الذكية,لم أقدِم على الزواج منك من أجل أحد او لأنك المناسبة بل لأنى أردتك,فهل أبعدتي تلك الترهات عن عقلك؟!"
ابتسمت من بين دموعها,ثم ما لبثت ان همست بهدوء:
"نعم سأفعل لأنك طلبت ذلك "
زفر طارق نفسا أخر كأنه أزاح هم ثقيل عن قلبه,،ثم اخبرها سريعاً: "غداً سأفعل المستحيل لأصطحبك من الجامعة ونخرج سوياً كما طلبتي,هل هذا سيرضى سخطك عليّ قليلاً "
قالت بلهفة:"نعم نعم,هذا سيكون أكثر من كافي,لا بل انت تحتاج للكثير لتعوضني جفائك خلال شهور الخطبة الماضية "
ضحك طارق بنبرة خشنة قبل ان يقول:
"لماذا اشعر ان تصرفاتك أصبحت كطفلة مندفعه؟"
ارتعش قلبها بين أضلعها مسحورة مبهورة وبعين الخيال كانت ترى وجهه الوسيم رغم جمود ملامحه يبتسم لها تلك الابتسامة الجانبية بعينين داكنتين تحكي الكثير رغم عدم تفوهه بكلمة.. همست بصوت مبحوح:
"انا لست طفلة,انا فقط أحب…."
صمتت مختنقه مره أخرى غير قادرة على إخباره بما تمرد فؤادها للصراخ به .
على الطرف الأخر وصله همسها فأنعش فؤاده الذي دق بنبضات متصارعه لم يجربها يوماً إلا بقربها,فقال مداعباً بنبره خفيضة: "انك ماذا زهرتي؟ قولي ما تريدين، وانا سأتظاهر بأني لم أسمع "
زفرت نفس مرتجف وقالت:"لا "
عاد يطالبها محتالاً:"من أجلي زهرة..ألا أستحق ان تفرحني اعترافاتك اثناء ضغوط العمل "
قالت محبطة بجفاء متصنع:"انت لا تفكر في اي شئ اثناء عملك يا طارق,حتى انا.. هل أذكرك كم مرة نسيت موعدك معي, كما حدث اليوم؟!"
كان يصر ان لا يدخل في جدال معاها فقال بنبرة هادئه:
"انا لا أنساكِ زهرتي ابداً ومع ذلك انا أحتاج لسماع ما كدتى ان تخبرينى به "
صمت لبرهة ثم أضاف بخشونه عاطفية:"انت أرق من أن ترفضي طلب ضابط مسكين يحتاج لتشجيع "
ارتجفت نبرتها استجابة لتحايله لأول مرة:
"انت تستحق كل شئ برغم جمودك وجفائك,لأني.. لأني "
اختنق صوتها المرتجف فأخذت نفس طويل ثم قالت سريعاً:
"لأني أحبك,أحبك من قبل ان تعلم انت بوجودي حتى "
قبل ان تمنحه فرصة للرد أغلقت الهاتف في وجهه..للحظات نظر الى الشاشة رافعاً حاجبيه بصدمة,ثم ما لبث ان انفجر في ضحكة أنعشت دواخله,هامساً لزهرته الرقيقة:"ربما لو صبرتي قليلا كنت أخبرتك,كم انتِ اصبحتِ مهمة لذلك الجامد حتى يكاد يتنازل عن وجهه الصخري من أجل ان يرى ابتسامة مُحياكِ الساحر "
………………………………
نظر الى ساعة يده فوجدها تعدت السابعة مساءً شتم بعنف من بين اسنانه ،، ها هو ينساها مره اخرى وسط غرقه فى عمله .
وقف طارق سريعاً يحرك كتفيه الذى تيبسا من إرهاق العمل الذى لم يتوقف للحظة واحده منذ الامس ،، ورغم انه لم يذق طعم النوم منذ اربعة وعشرون ساعة ولكنه لن يستطع ان يتخلى عن وعده لها ،، سحب سلاحة من فوق المكتب ليعلقه فى حزامه من الخلف ثم خطف مفاتيح سيارته ليخرج من المبنى ينوى المغادراً ..
فأوقفه صديقة وهو يقول مازحاً " لم كل هذا الاستعجال ،، هل ورائك موعد عاطفى "
لم يتوقف طارق وهو يقول بحزم " على ، انتبه لا افضل طريقة المزاح تلك"
مشى على بجواره وقال بابتسامة متوسعة غير مهتمه بحزمة المعتاد" لم اراك بهذا الاستعجال من قبل ،، لقد اصابنا اليأس من ان ننزعك قبل ان يتمكن منك الارهاق يا رجل "
عاد طارق يحرك رقبته وكتفيه يمين ويسار ربما يبعد ذلك التيبس الذى تمكن منه وقال بهدوء مبتسم " ربما ساجبر اخيرا ،، "
قال على سريعاً همساّ بتوأط متفهم مقصده " لا تكن متأكد من هذا ،، بل ربما ستغرق فى العمل أكثر متهرب من نزق زوجتك "
التفت له طارق رافع حاجب واحد شرير وقال محذراً " انتبه يا سيادة الرائد ،، لما تقول ،، لانى لن اتوانا فى اخبار ابنة عمى بانك تشكوها باستمرار تعلم جيدا انها تراقبك عبرى وانا لن أتردد للحظة فى قول الحقيقة"
ادعى على الرعب وهو يقول " لا ارجوك ،، الا هذا انا لم اقل شئ تذكرك صداقتنا يا رجل ، كما إننا ابناء سلك واحد وهذا يجبرك على عدم البوح بأسرارى تذكر قسمك "
هز طارق كتف واحد بعدم اهتمام ومد وجه قالاً " ربما قد افعل ، ولكن انت مدين لى بخدمة"
توسعت عينى على وقال " منذ متى تساوم ؟!
وضع طارق نظارته التى ذادته وسامه رغم ارهاقه قبل ان يغمز بعينه من تحتهم وقال " منذ ان قررت ان ادخل القفص الذهبي مثلك"
……………………..


.
قال طارق بهدوء:"لا تتحركي من مكانك زهرة,أعلم اني تأخرت ولكن كالعادة غرفت قليلاً في العمل "
بنزق ردت:"هذة حجتك دائماً يا طارق,بدأت أشعر بأني لست بهذه الأهمية التي ادعيتها بالأمس "
رغم نارية أعصابه المعتاده,ولكن هذه المرة رغم ارهاقه كان مسترخي جدا ومُصر على منحها سبباً كافياً لتثق قليلاً برغبته فيها وليس كما تعتقد بأنها مجرد وجه اجتماعي جميل يناسب معايره المطلوبة فقال:
"لن أكرر إخبارك انكِ مهمة و تعني لي أكثر مما تعتقدين يازهرة..لذا إبقي مكانك حتى أقابلك"
لم تلين ملامحها ولا إحساسها المرير..ان كل أفعاله تأتي من احساسه بالمسؤلية اذ تعلم جيداً انها لم تكن من اختياره بل والدته من رشحتها له وهو وجدها مناسبة فلم يتردد في ارتباطه بها,ومنذ سبع شهور او أكثر بقليل دخلت في نوبة صراع معه لتحاول ان تجذب ذلك الجلمود ولكن لا فائدة يراضيها بكلمتين مهادنة ثم في اليوم التالي يعود لنسيانها تماماً,بتهور مندفع وانتقام طفولي غير مبرر أخبرته:"لن أبقى وسأغادر حالاً,وانت لا تحتاج لتكرر شئ لأني لن أصدقك مرة أخرى أبداً"
جز طارق على أسنانه قبل لن يقول بنبرة متسلطة:
"تجرئي وتخطي أمري, ولن تلومي إلا نفسك بعدها "
رغم الخوف الذي دب في أوصالها لكنها جاوبته بتمرد وهي تندفع لخارج أسوار الجامعة:
"انا لست أحد الضباط الصغار تحت إمرتك طارق,سأغادر الأن وأفعل ما يحلو لك,انا لا أخاف منك "
يعلم أنها رغم هدوئها ورقتها فتكاد ان لا تكون ملحوظة بين مجتمعهم..ربما لأنها وحيدة والديها اعتادت منذ صغرها على إحاطتها من كل جانب خوفاً وحرصا عليها,فنضجت على العزلة الحقيقية لن ينكر انه لم ينتبه لوجودها او يلاحظها إلا عندما رمى والديه بإسمها أمامه,،ورغم هذا عندما اقترب منها يحللها بعملية معتادة اكتشف ان تلك الزهرة تملك من الصلابة والعناد مما يجعله يكاد يفقد أعصابه ولكن استدعى كل انضباط انفعالى لديه وهو يقول مهادن:
"لن أفعل شئ,،زهرتي الحلوة, لأني قررت ان يكون اليوم من أجلك لذا انت ستبقين بمكانك حتى أحضر,لا تقودى وانت منفعله "
أتاه الصمت من الجانب الأخر,،رغم ان أنفاسها أخذت في الهدوء التدرجي إلا انها قالت بغصة بكاء متذبذبة:
"رباه انت تهدئني !! طارق انا لا أريد ان أتسبب لك بمشاكل أكثر ولكني لن استمر في استجداء الاهتمام منك "
سمع صوت محرك سيارتها يتخلل كلامها,و خبرته التي اكتسبها من عمله أجبرته على تحليل الكلام بدقة دون ان يغفل حتى عن نفس واحد تجنب تماما حديثها وهو يقول بقوة:"توقفي حالاً عند أول جانب متاح زهرة,قيادتك سيئة بالفعل,فكيف وانت مهتزه هكذا؟!"
"طارق,،طارق "'
صوتها أتاه بنبره منخضة مرتعبة,ثم ما لبث ان اصبح صراخ مستنجد هستيري ثم صمت كل شئ تماماً !!
………………………..

سمية سيمو 11-11-19 10:37 PM

الفصل الثاني

بعد أسبوع
ظل طارق في جلسته دون ان يحاول التحرك من مكانه,نظر لوالد خطيبته بعينين مجهدتين لم تخلو من غضبه,وهو يستمع لما يقول الرجل بصوت تخلله القهر:
"انت لست مجبر على ترك عملك والجلوس هنا أكثر من ذلك..كلانا يعلم جيداً ما النهاية الطبيعية لهذا الارتباط,،ارحل بُني انا أحلك من إلتزامك "
قابل فريد سليمان صمت قاتل من صهره الجالس أمامه فأيقن ان خطيب ابنته يفكر في الأمر بالفعل وفقط ينتظر الفرصة .
أطرق طارق بوجهه ينظر للأرض كتفيه العارضتين انحنت بثقل غريب لم يجربه حتى وهو يتعرض لرصاص الموت في عمله الهام وألم يسكن قلبه دون قدرته على البوح به,أخذ عاتق الهدوء والصمت يتحمل جذع الجميع ودموعهم التي لا تتوقف, يستمع للجزم بموتها فتضرب الكلمات قلبه بلهب يحرق صدره,ولكن لا رد لا اعتراض ولا حتى بوح بغصته,رفع رأسه أخيراً وقال بجمود لا يفسر معانته ابداً:
"ليس من حقك مطالبتى بشئ, لم أعلن عنه, حتى اللحظة زهرة خطيبتى رسميا, ولن أتركها إلا عندما أقرر أنا "
قال فريد بملامح واهنه دون ان ينظر اليه:
"وليس من حقك ان تمنحها أمل وجودك عند استفاقتها,ثم ترحل متخلياً عنها فتقتل كل شئ بداخلها كما.. كما …"
أغمض فريد عينيه بقوة فتسللت من تحت جفنيه دموع المرارة على فلذة كبده وحيدته التي خرج بها من الدنيا,ثم أضاف بتحشرج:
"كما شوهت يا طارق فإبنتى تحطمت ولم تعد تصلح لك او لغيرك,فقط لا أتمنى في هذه اللحظة إلا ان يبتعد عنها شبح الموت "
وقف ببطئ من مجلسه ليقترب من فريد ولم تلين ملامحه المتحجرة وهو يتأمل وجه حماه,قبل ان يقول بهدوء:"ستنجو, لقد أكد الأطباء انها ستنجو,الغيبوبة التي دخلت فيها كانت إجبارية منهم حتى لا تشعر بالألم أثر الزجاج الذي اخترق جسدها دون رحمة "
ارتعش صوته عند شرحه الأخير فإبتلع ذلك الوجع قبل ان يضيف بنبرة أجشة:"كما انها لن تصلح لغيري بالفعل, سأتغاضى عن ذلك التطرّف منك وانت تتخيلها مع غيري,انها لي سيد فريد وانا لا أتخلى ابداً عن ما هو لي "
فتح فريد عيناه المجهدتين المتألمتين بنظرة فضحت ذلك الاستجداء منه,ومن يلومه لضعفه!! من يعتب عليه طلب الرحمه لصغيرته حتى وان توسل من أمامه ألا يتخلى عنها,ولكن همس بمحاولة أخيرة يمنحه فرصة الهرب قبل ان يكسر صغيرته:"نحن لا نعرف ما ينتظرنا,الطبيب قال انها ستفقد الكثير من معالمها فشظايا الزجاج لم ترحم معالمها جسدها"
جانب فمه اهتز بما يشبه الابتسامة قبل ان يقول بخشونه:"ولكنها لم تطل داخل زهرة التي عرفتها وقررت ربط مصيرى بها "
*********
"لقد أفاقت "
همسها طبيبها المعالج بعد ان طلب من طارق التحدث بإنفراد رائفةً بحال والديها .
أخذ طارق نفس عميق مسيطر,قبل ان يغلق جفنيه وهو يقول مقتضب:
"وبعد؟!"
صمت الطبيب طويلا يتلاعب بأوراقه متردد في إخبار من أمامه كل شئ صراحه يعلم جيدا ان من في مثل مركز طارق كضابط أمن وطني,لا يفضل المراوغة او اخفاء الحقائق بل يجب ان يكون كل شئ دقيق ومكشوف تماماً لذا قال مباشرة بحسم:
"تعلم من بداية طلبك لدخولها المسشفى العسكري ان حالتها صعبه, ليس خطورة علي حياتها بقدر الدمار الذي ستحيا فيه بعد استفاقتها واكتشافها ما فعله بها الارتطام"
بجمود رد طارق:
"الان وقد أفاقت, وانا هنا معك لسبب محدد , أريد ان أعرف كل شئ"
تنحنح الطبيب قبل ان يقول بخشونة:"الحادثة كانت قوية طارق والزجاج الأمامى تحطم ليسكن أماكن متفرقة في أنحاء جسدها,لذا هنا انت لن تعاني مع وجهها فقط,والذي رغم الترميم الذي حدث وسيحدث في وقت ليس بقريب نظراً لخطورة اجراء اي جراحات تجميلية حالياً,يتبقى لديك جروح منتشرة في ذراعيها وأحد ساقها وبشرة معدتها و..."
قاطعة مغمض العينين وأنفاسه تتخطى شفتيه بصعوبة وقال بتحفز ثقيل مهيب:
"لا أحتاج لسماعك تكرر ما أعرفه, ما مدى الضرر الداخلي, وما الذي تحتاجه مني تحديدا لتقوم بإصلاحه "
زفر الطبيب بحدة وكأنه كان يتوجس من ردة فعله..خائف من هروبه كما كان يتوقع الجميع, وقال:
"جرح بطنها لم يصل للرحم بل الخبر الجيد ان تسعين بالمئة من اصابتها ظاهرية وان كانت عميقة بحد خطر.. لذا أبقيتها مخدره الفترة الماضية لأنها لن تتحمل الألم,ولكن الأن يجب ان يكون هناك مسكن من نوع آخر ولا أحد يملكه إلا انت "
تخلل طارق شعره بعصبية قبل ان يقول بنبرة حزن يحرقه مرغماً:
"المشكلة لا تكمن بي كريم, هي من رفضت رؤيتي تماماً, لقد سمعت صراخها الأمر بخروجي من الغرفة "
بخفوت قال كريم:
"أعلم.. لذا استدعيتك فوجودك الدائم الفترة الماضية رغم صعوبة ان تأخذ اجازة من عملك,،جعلنى أجزم انك لن تتخلى عنها,رغم رؤيتك الضرر عندما أصررت ان تتواجد وانا أقوم بالتغيير على جراحها المغطاه"
كرر طارق بتصميم واصرار:
"أياً كانت معاير الجميع ورؤيتهم عمق أثار تلك الحادثة,إلا أني أعلم انها لم تطال ما لمسته بداخلها, لذلك بالتأكيد زواجى منها قائم "
رغم صلابة وعملية من أمامه والتي اشتهر بها منذ كانوا جميعاً في الثانوية العسكرية وإلا أنه يثق تماماً انه لن يتخلى عن جريح ورائه,فما باله ان كان هذا الجريح امرأة وعدها بالزواج!! "
قال كريم مطمئن تماماً على الحاله النفسية لمريضته:
"وهذا ما أريد تحديداً سماعه منك,الأمر يحتاج منا جميعاً الصبر فالتجربة التي ستمر بها زهرة ليست سهله "
هز رأسه موافقا,ثم ما لبث ان قال بحسم مهيب متسلط:
"انت لن تخبر احد ان تلك الجراح العميقه لن تشفى منها يوماً حتى وان خضعت لعمليات تجميل,بل تلتزم بالقول ان كل شئ سيختفي مع الوقت "
قال كريم بقوة:
"انت لم تختارني انا بالذات, لمتابعة حالتها بعشوائية بالتأكيد !! لذا اطمئن تماماً ان كل معلوماتها الطبية لن تتخطى تلك الغرفة "
*********
إنها المرة الأولى التي يشعر فيها بالخوف والتردد,خوف لا يزال طعمه في حلقه مر كالعلقم,عندما تذكر وصوله لمكان الحادث بعد عدة دقائق مرت كدهر ليلة سوداء ليس لها آخر, رغم قصر تلك الدقائق,ليجد سيارتها التي اصطدمت بسيارة أخرى ورغم عدم إصابة الأخر بضرر كبير إلا ان التحطم الأكبر كان من نصيبها,ومن يلوم وكيف يُتهم والخطاء الكامل كان من زهرته الغاضبة المتهوره !!
مد طارق يده يمسك بيدها المستريحة بجانبها يغطيها بكفه الضخم بثبات غير مبالي لمحاولتها المستميتة للفكاك منه,كانت تشيح بوجهها للطرف الأخر رافضة النظر اليه..لقد أجبرها والدها على الاستماع لطارق مره أخيرة,و أما هو فرض نفسه عليها بقوة من حديد فصمتت تماما مكتفية بإدعاء عدم وجوده في الغرفة,،قال بهدوء دون ان يفقد اعصابه:
"ليلة تعارفنا لأول مرة أخبرتك ان اكثر ما يزعجني, ان يفرض أحدهم عليّ شئ وأكره العناد, وانت بتهور ترسلين لي خاتم خطبتك, تقرري مصيرنا سوياً دون ان تمنحيني حق اتخاذ المصير مثلك "
سمع صوتها المختنق من أثر جراحها يأتي بصعوبة وتحشرج يعلم جيدا انه سيصاحبها لوقت طويل:
"وأذكر أيضاً قولك انك تريد عروس أشبه بالكمال, وهذا ما شجعك على الارتباط بي, وها انا فقدت أهم شروطك بجانب عدم مبادلتك لي المشاعر من الأساس لذا انا ايضاً أملك حق الحفاظ على كرامتي يا طارق "
قال بهدوء وكفه تشتد حول أصابعها:
"ومن الأحمق الذي أخبرك انك فقدتي أحد شروطى زهرة؟!"
صمت لبرهة مدعياً الحيرة ثم أردف بغلظه:
"ومن قال انك اقتربتى من الكمال, حتى؟! من يوم ان عرفتك درستك عن قرب, وكانت خطبتناً التي حولتيها لسيجال وتناطح كجبلين, حتى تلك الهيبة التي يدعي الجميع اني أفرضها دون أدنى جهد مني, لم توقفك عن انتقادى والشكوى لوالدتك مرة ولوالدتي مرة أخرى,ولرأيتِ المسكين الذي لم ينقصه بالتأكيد عدم ثقتك في حبه لكِ "
شعر طارق بإهتزاز جسدها الواضح الذي امتد لانتفاض أناملها تحت كفه, فوقف من مكانه يستدير حول السرير حتى يستطيع النظر لوجهها, فأوقفته بصرخة خرجت مكتومة خفيضة كلفتها الكثير والكثير من طاقتها,فرفعت كفيها المليئة بجروحها لتغطي وجهها الأكثر بشاعة وكل ما تتمناه في تلك اللحظة ان تتلاشى من الوجود,ان تختفي من هذا العالم قبل ان ترى نظرة اشمئزاز او حتى مجرد تعاطف على ما أوصلت نفسها اليه بخطوة متهورة ابداً لم تكن تحسب لها حساب:
"توقف أرجوك ارحمني وارحل من هنا,لم أعد أريد شئ منك, لا حبك ولا كرهك عاد يهمني أخرج من هنا يا طارق"
أحياناً الحزم والمواجهة المباشرة تأتى بنتيجة أكثر ضمان, من التعاطف,انه لم يعرف يوما الهروب وعدم المواجهة لذا زهرة مجبره للتعامل مبدئياً مع حقيقة ان بعض الجروح لا تُشفى إلا بلسعة أكثر الأدوية حرقة,حرقة تُلهب الجوف بالمرارة ولكنها بالتأكيد ستداوي الجراح التي ان تركها ستتعفن وتكون نهايتها الموت بأبشع الطرق,جلس أمامها حريص ان لا يتلامس مع جسدها حتى لا يسبب لها المزيد من الألم, وبقوة واصرار كان يعود ليمد كلا يديه ودون ان تهتز فيه عضلة واحده, وبعين خاليتين من المشاعر لحسن حظها كان يزيح كفيها عن وجهها ونظر بتجهم, لوهلة واحدة قتلته تلك النظرة الجريحة التي أطلت من حدقتيها البنيتين, ثم سارعت لإغلاق جفنيها بقوة تسببت في إجفالها نتيجة عن ألم شد بشرتها !!
عاد صوتها المختنق يتنفس بصعوبة هسترية وهي تأمره بحدة خرجت معاكسة تماما لصوت أشبه لطير صغير مجروح كسر جناحيه ويستسلم لمصير أسوأ من الموت:
"لا تنظر لي،هل تقصد إذلالي بعد ان أصبحت أشبه مسخ بشع الخلقة؟ "
لم يهتز ولم تؤثر به تلك الهستريا التي تتعامل بها,يتفهم تماما ما يحدث معها بل وينتظر الأسواء بكثير مما يحدث بالفعل .
بصوت جامد لا حياة فيه كان يأمرها بخفوت:
"أنظري لي "
كبح رعدة ألم مرت على طول عموده الفقري عندما أجابته وهي تئن ألما:
"أتعلم ما الأكثر ذبحاً لي الأن,اني لن استطيع ان أرفض بصمت طلبك,لأنى ببساطة..لن أستطيع هز رأسي, والأكثر اذلالا لي ان أكتم دموعى لأنها اذا هبطت على وجههي ستسبب لى ألم لا يُحتمل, فاتوسل الجميع بعض المسكنات بنبرات تأخذني للحضيض, وليتهم سيمنحوني ما أحتاجه "
كان يسري ألمها في جسده مثل النار, فلم يستطع منع نفسه, يعلم الله كم كان يحاول ان يحفظ حدوده, ان يراعي الله فيها كما وعد نفسه ان لا يلمسها قبل ان تدخل عصمته,وبدون تفكير او تردد كان ينحني بذراعين قويتين حازمتين وحنونتين حريصتين للإلتفاف حول جسدها المتوجع وضمها الى صدره..قاومته بضعف وهي تطلق تأوه مضنى,ثم سرعان ما استسلمت برد فعل غريزي متعبة تشبثت بطرف قميصه تخبره بحرقه:
"انا تدمرت تماما يا طارق ما عدت أنفع لك..أصبحت مسخ بشع المظهر"
بحرص شديد في التعامل كان يرفع ذراعه يضعها على ظهرها يمسده برفق,وقال برقة:
"كُفي عن تلقيب نفسك بهذا حبيبتي, فالانسان يرى نفسه في أعين محبيه, والتي لا تخضع بالتأكيد لأى معاير جمالية فانية "
شهقت بنفس عالٍ خرج من رئتيها ليسبب لها ألم فوق آلالمها,فلم تعد تحتمل وأطلقت لدموعها العنان والتي تلقاها فوق قميصه وعلى صدره,لهثت بصعوبة فقالت وبالكاد صوتها المختنق يخرج كلماتها واضحه:
"يجب ان أواجه نفسى بالحقائق, ارتباطي بك كان يخضع لعدة معاير اجتماعية أهمها ذلك الجمال الذي كنت أملكه وأصبح مجرد ذكرى في طَي النسيان, انت تشعر بالشفقة و بالمسؤلية, لذا تناديني الأن بحبييتي ببساطة شديدة وانت منذ سبعة أشهر لم تجاملني بكلمة حب واحدة,لذا انا لا أصدقك "
السؤال الأبدي الذي طرق عقله في تلك الحظة.. لماذا عقول النساء معقده؟!لما لا يستطعن تقبل الحقائق ببساطة؟ ما الذي يُفكرن فيه بالضبط حول مشاعر الرجل؟! هو ليس انسان مثالي و يستطيع ان يفكر ان هناك نوعية من الرجال ان كانت مكانه بالتأكيد ستفر هاربة, ولكن مؤكداً ان هناك مثله لن يتخلى عن امرأه منحته ثقتها ووافقت ان تعطيه حياتها, لذا كيف يستطيع ان يطلق على نفسه لقب رجل بثقه ان تصرف كأشباه الرجال؟!! وعلى تلك الزهرة التي فقدت الايمان في كل شئ وأولهم صدقه,ان تقتنع انه لن يتركها لمجرد أوهام تحتل عقلها الذي توقف عن التفكير السليم كما يبدو,بصوت اجش خشن قال:"كنت سأدعوك بها ليلة اعترافك لي بحبك, انتِ من تسرعتِي وأغلقتِي الهاتف في وجهي,بالمناسبة انا لم أحاسبك على فعلتك تلك,ولكن مؤكد سأفتعل معك عراك كبير بعد زواجناً,حتى لا تكرري الأمر "
شعر بيديها الواهنة تلتف حول خصره بصعوبة,ورأسها ينغرس في صدره كأنها تحاول ان تثبت لنفسها أنه هنا, انه لن يتخلى عنها فور تركها,،رغم الجمود الذي نطقته بصوت متقطع معاكس تماما لتشبثها المستميت فيه:
"انا لن أتزوجك,انت ستتركني حالاً وتستدير خارجاً من الغرفة ومن حياتي الى الأبد, ستنسى انك عرفتني في يوم من الأيام, وان كنت صادق في.. في …."
صمتت برهة واحده ثم أضافت بإختناق إشتعل بنار منصهرة تدفقت بحلقها حتى وصلت لقلبها الذي حطم بغير تدخل منه !!!
"أعني.. أقصد ان كنت أحببتني.. حاول ان تنسى صورتي اليوم تماما وتذكر فقط وجهي يوم خطبتناً "
لم يتحرك على الفور، رغم جسده الذي تحفز بالغضب كردة فعل تلقائية,ولكنه بذل جهد مضاعف أن لا يضغط عليها بذراعيه ان لا يصرخ فيها يأمرها ان تتوقف عن ما تفعله ؛ ثم,ثم ماذا؟؟ رحمتك يا الله رئفتك بخلقك الضعفاء..أمنحها السكينة وأمحو عنها الوجع,لأنها تستحق,بنفس المراعة لوجعها كان يفلتها من تشبثها به يبعدها عنه بحرص وحذر شديد..فأخفضت وجهها سريعاً ودموعها تنزل على جروح وجهها تلهبها اكثر مما هي محمرة ومتورمة أساساً حتى كادت ان تفقدها ملامحها, ولكن بالتأكيد لم يرى طارق ما يظهر على السطح بل بعقله وقلبه كان ينظر من خلفهم لوجه مستدير أبيض لا تشوبه شائبة و لعينين بنيتين واسعتين بأهداب كثيفة وأنف صغير منمق مع وجنتين محمرتين على الدوام ليكمل صورة وجهها التي ماثلت احدى جميلات آلهة الإغريق بفم كبير نسبيا لم يزيدها الا فتنة..
طوق وجهها بين كفيه بحذر ورفعه لتواجه عينيها المشتعله كجمرتين ساخطتين,بسطوة لم يستطع ان يتخلى عنها رغماً عنه,أمرها بحزم:
"اريد النظر في عينيكِ,وإلا لن أتحرك من هنا حتى للعام القادم "
ابتلعت ريقها بصعوبة وهمست:"لا أستطيع ……"
بصوت رجولى جامد كرر:
"تستطيعين لأني أريد..افتحي عينيكِ وانظري لي "
*********

سمية سيمو 11-11-19 10:39 PM

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

سمية سيمو 11-11-19 10:41 PM

الفصل الرابع

بعد ثلاثة أشهر
كان طارق يرتدي ملابسه برتابة, وجمود أصبح لا يفارقه بعد ان تعشمت والدته قليلا ان ربما ابنها الجامد الصارم سيجد بهجة ما تدخل حياته وتمحنه القليل من التحفز والتشجيع ليعيش كمن في عمره,،هي تعلم جيدا ان من في مركز ابنها الحساس لا يجب ان يتصرف ابداً بصبيانية او اندفاع شباب معتاد ولكنها تعشمت ان يحصل مع زهرة على متنفس بعيدا عن أعينهم ليعيش حياته,ولكن كيف وقد خسر الأن تلك النسمة الناعمة التي دخلت عالمه ونشرت شذاها بإصرار …
"لقد حاولت زيارتها مرة أخرى ولكنها رفضت رؤيتي"
التفت رأسه بحده ينظر الى أمه ودون ان يسأل من ..انه يعلم جيدا من تقصد..وأمام عينينه المتوسعتين الحادتين قالت بإضطراب:
"كنت أريد التحدث معها..ان أخبرها أني لم أقصد ابداً جرحها في ذلك الوقت "
تحرك طارق من أمام خزانته وانحنى نحو حذائه ليترديه قبل ان يقول بجمود:
"لم يعد يهم أمي, لقد وقع الضرر بالفعل, وهي كانت في أشد حالتها النفسية حساسية وهشاشة "
عضت أمه على شفتيها بندم قبل ان تقول بتردد حذر:"ولكن انت أخذت قرارك بالوقوف جانبها وبعد ان تركتها, رغم انها لم تعد…..
هز رأسه وهو يقول بحزم منهياً حتى تلميحها للأمر:
"بل مازلت امى..مازلت لن يصلح لي غير زهرة,فبرغم انها اختياركم في البداية لكنها منذ اول نظرة أصبحت نبضة قلبي,لذا اصرارى المستميت لوصالها رغم سجالها العقيم أمامى بالرفض,،لا يعد ابداً تضحية او مجرد شهامة مني "
استقام في وقفته وهو يلتفت مغادراً,بينما يخبرها بقوة:
"انا أريدها, وفقط انتظر الوقت المناسب لتتحسن حالتها النفسية قليلا وأعاود مطالبتها بإتمام زواجناً "
نظرت والدته في اثره بقنوط هامسه بيأس:"لن استطع اخبارك اني أم تريد لك الأفضل ولكن انا اعلم بك واعرف قوة شكيماتك التي لن تنصاع لأحد أو أي جدال منا..أراح الله قلبك بني وقلبها "
……………………..
"متى,تعود الزهرة لتتفتح صباحاً وتنثر عطرها داخل صدري,،مشتاق يا زهرة"
ارتجفت على أثر الرسالة اليومية التي يبعثها طارق بشكل يومي ومنتظم منذ أن خرجت من المشفى بعد ان ظلت شهراً كاملاُ بها وعندما إلتئمت جروحها بشكل مرضي للأطباء,،
همست بضعف وهي تقرأ رسائله تباعاً:
"اسفة, لعدم ردي طارق وانا اشتقت جداً, وافتقدك أكثر حتى من زهرتك القديمة, ليتني أستطيع البوح لك ومبادلتك رسالك !!!"
تحركت زهرة ببطئ من أمام نافذة غرفتها التي أصبحت المنفذ الوحيد التي تستطيع ان ترى من خلفه العالم الخارجي..بتردد شديد كانت تمسد على بنطالها الجينز الازرق الباهت,،وقفت أمام مرآتها وبنفس الآلية اليومية تُجبر نفسها المضطربة وهي ترفع طرف بلوزتها نحو بشرة معدتها تنظر للجرح الطولي فيها,فتعض على شفتيها التي ارتعشت بين أسنانها..بينما عيناها تتبع أول وآخر الجرح,،ثم تنتقل لذراعيها لقد اختفى اللوان الأحمر المرعب الأن وخفت الأورام والانتفاخات حول الجروح ولكن آثاره تبقى واضحه,لتهشم أنوثتها وتمحي اي ثقة في نفسها او حب طارق لها كما حاول ان يثبت بشتى الطرق.
رفعت عينيها الضائعتين التي تدمرت الثقة فيهما لتحدق في وجهها بألم, تتبعت خطوطه.. لقد إلتئمت جراحها بعد عملية الترميم والتجميل التي قامت بها ولكن تبقت بالطبع بعض الجروح مختلفة الحجم..مدت أناملها تتلمس تلك الجروح التي سببتها شظايا الزجاج بأحد وجنتيها..لقد أخبروها ان هذه الشظايا اخترقت ذلك الجانب بالكامل لذا فهي تدرك جيداً انه حتى بعد العديد من الجراحات سيبقى أثرها لمدة طويلة،،
زفرت نفس حار ملتهب,وغلالات دموع القهر والوجع تهبط منها سريعة دون حساب:
"ربي اني رضيت بما حدث فإمنحني العون والصبر
اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه"
رنين هاتفها أنقذها من تلك الدوامة التي تغرق فيها،ودون حتى ان تنظر لرقم المتصل كانت على يقين انه هو، أخذت نفس عميق قبل ان تتجه لنافذة غرفتها ومن وخلف الستار نظرت مباشرة لحديقة منزلهم..لحظة رؤيتها له غرقت وضاعت في قامته الطويلة وبنيته القوية الصلبة فإنفرجت شفتيها بما يشبه الابتسامة, لم يختلف تأثيره يوماً على قلبها المسكين لطالما كانت المعجبة السرية به, دون ان تتجرأ وتلفت انتباهه, للحقيقة هي لم تتعود يوماً على لفت نظر أحد.. دائما كانت هادئة وغير ملحوظة حتى كادت ان تكون متلاشية تماما في جامعتها أيضاً ثم تمت خِطبتها لطارق, تذكرت أول مرة اعتصرها الخجل وهو يمررها خلال تلك الجلسة بعدة اختبارات حتى تناسب معايره, ابتسامتها زادت اتساع لتذكرها صراحته معها وهو يخبرها بكل ما لديه وبتلك الشروط التي اجتازتها بامتياز, على حد قوله.
للحظة واحده فقط تشربت تفاصيله وهي تتنهد بشوق إليه..للجدال معه..لمعاندته و لغضبها منه ثم اتصاله ليراضي أنوثتها, رغم رفضه التام ان يبوح بمكانتها لديه ورغم إهماله لها عندما يغرق في عمله..
وبلحظة ان رفعت عينيها عنه واستدارت مكتفية بملئ عينيها منه . رفع يده نحو أذنه وفمه,و تجهم وجهه بالغضب فهمست من بين أنفاسها:
"لا اريدك ان تراني.. ما الذي تفعله بنفسك وبي "
لم يتنازل عن وجهه المتجهم وبعين الخيال كانت تستطيع ان ترى الشرر المنبعث من عينيه الداكنتين..استطاعت ان تتبين من نافذة غرفتها المنخفضة شفتيه التي تتحرك بحنق ملوح بهاتفه بالترافق مع رنين هاتفها,تنهدت بتعب يائس قبل ان تترك مكانها وترفع هاتفها لتفتح الخط بينهم بصمت مطبق,،فأتاه صوته المحترق بغضبه:
"لم يحدث لي ابداً ان يُخرجني شخص عن طوري, كم مرة تحديداً تحتاجين الى ان أخبرك عندما أطلبك فلتجيبي فوراً "
قالت بهدوء:
"وكم مرة تحتاج ان اخبرك ان كل ما بيننا انتهي قبل ان يبدأ "
تصنع انه لم يسمعها كالمعتاد وهو يقول بنبرة رقت تلقائياً:
"انا مشتاق،يا زهرة جفائك وقسوة قلبك زادت بغير عدل منك "
ردت بصوت مرتجف:"منذ متى وانت تخبرنى بهذا؟!"
اسبل جفنيه يستند على مقدمة سيارته وعيناه لم تتنازل عن النظر لخيالها الضئيل الذي ظهر من خلف الستار:
"منذ ان اعترفت لي بحبك,فأردت الصراخ يومها انا الأخر بعشقك زهرتي "
سمعها تقول:
"هذا لن يجدي انت تظلم كلانا بما تفعل"'
عقد حاجبيه بحيرة وقال:
"ما هو تحديدا الظلم الذي وقع عليك منى "
همست من بين أنفاسها:
"تفوهك بحبي،شفقتك المستمرة عليّ وملاحقتي "
أرجع رأسه للخلف بتعب من جدالها الذي أصبح عادة سيئة لا تنتهي قبل ان يقول بنبرة رجولية عميقة:
"انا أحبك بالفعل,والشفقة ليس لها مجال في قاموسي, زهرتي وإلا كنت تركت سلك عملى قبل ان أبدأ فيه مشواري المرهق "
صمت منتظر منها أي مبادرة بالرد ولكنها لم تمنح شرف التنازل ومجادلته،فقط ما يصله صوت أنفاسها الغير منتظم..افتعل المرح وهو يعتدل من على سيارته قائلاً:
"فى الحقيقة زهرة انا أشفق ولكن بالتأكيد على نفسي فقط، لا أصدق ان أقف كل يوم تحت شباك غرفتك كمتسول غرام, وانت حتى لا تتعطفي وتمنحيني من حدائق زهرك "
أغمضت عينيها وهي تحاول تهدئة ضربات قلبها,وابتسامة صغيرة تزين محياها المتورد,ثم ما لبثت ان همست بتردد:
"يمكنني ان ألقي لك بما تريد, ان كان هذا سيجعلك تنصرف الى عملك "
سألها بهدوء:"وهل لديك ما يرضيني؟ "
استطاعت ان تملك بعض من الشجاعة وهي تحرك الستار تقف في مواجهته بتردد وذعر تلبسها ولكنها تمكنت من ترويضه وهي تقول بذات الارتجاف الذي يحتلها في حضرته:
"سأحاول ان أجده لك, انا …انا لدي العديد من الزهور احتفظ بها هناك, شخص ما يرسلها لى كل يوم "
سألها مجدداً:"هل تقرأي الرسالة؟!"
هزت رأسها بالنفى وهي تهمس:"لا "
اقترب اكثر تحت نافذتها مباشرة وقال:"لماذا؟!"
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تجيبها بحرقة:"خفت ان أضعف "
صمت للحظات طويلة,قبل ان تؤسر عيناه عينيها وقال بهيمنه:
"زهرتي التي أريدها هي انت, فهل تستطيعين ان تمنحينى إياها "
سالت الدموع من عينيها وصوتها يختنق وقالت:"زهرتك ذبلت وماتت في الأصيص قبل ان تتفتح على يديك "
أجابها على الفور بخشونه:
"زهرتي مازالت هنا أحدق في عينيها الجميلتين أخبرها اني رجل لن يكون لإمرأة سواها "
قالت بحرقة:"انا احبك ولن أستطيع ان أتخيلك مع غيري"
عبس وسألها مكرر بصبر:
"اذن تزوجيني,يا بنت الناس وارحمي تشتتي ولوعة قلبي "
راقب تعابير وجهها من بعيد بعينين صقريتين بشكل كاد ان يدفعه للضحك قبل ان تقول بعناد شابه الأطفال النزقه:"انا لن أتزوجك "
رفع حاجبيه للسماء متوسلاً الصبر قبل ان يقول بصوت تبينت فيه امتعاضة المازح:
"حسناً, لن تتزوجيني, ولن تسمحي لامرأة غيرك بالزواج مني, والداي بالتأكيد,لن يرضو لي بالعنوسة"
تغضنت ملامحها وهي تقول بتعجب:"عنوسة, هل تسخر مني؟؟"
أجابها بجدية مضحكة:"لا انا اخبرك الحقيقة الكاملة ولأكون صريح معكِ,انا أحترق للزواج, وربما كبتي هذا وعنوستي ستدفعني للانحراف،،هل يرضيك ان أنحرف يا زهرة؟! "
لم تملك إلا ان تضحك برقة وهي تخبره:
"هل اخبرتك من قبل ان دمك ثقيل للغاية ولكنك بطريقة ما تضحكني"
ارتجف قلبه مرغماً بينما عيناه تلمع كألف نجمة وهو يقول:
"نعم هكذا صغيرتي, أريني ضحتك التي تجعل شمس الدنيا تشرق في قلبي, أدام الله لى بسمتك زهرتي الناعمة "
………………………………..

سمية سيمو 11-11-19 10:43 PM

الفصل الخامس

ومر أسبوع آخر,
استطاعت الأن ان تتجرأ وتخرج لحديقة المنزل,بل قررت ان تذهب لجامعتها, لتأدية إختبارتها النهائية, لتكون صريحة وواضحة مع نفسها هي تعلم انها لم تدرس بشكل جيد ولكن رغم كل شئ لن تضيع على نفسها سنتها الأخيرة, ورغم اعتراض والديها, وتشبث طارق بالرفض ولكنها ستذهب, هي لم تكن ملحوظة او مرئيه لأحدهم, فلماذا سيلتفتوا الان لها؟! على كل حال حجاب طويل ونضارة شمسية عريضة مع ملابسها المحتشمه أكثر من كافية لتحجيم اثر تلك الشظايا.
كانت تهم بالخروج بعد ان تأكدت من اختفاء ملامحها بشكل مرضي لها,
فأوقفها صوت والدتها للمرة الأخيرة برجاء:
"حبيبتي لما العناد؟كنت دائماً طفلة وديعة تعلم ان ما نخبرها اياه لمصلحتها"
همهمت متهربة, والألم النفسي يتعاقب على ملامحها:
"لن أجعل احد يراني امى,انا أحتاج ان اكمل دراستي وأمارس حياتي بالنهاية لم يتبقى لي إلا مستقبلي"
حاولت نجاة كبح وجعها ودموعها بشتى الطرق, تتبع الحديث المنظم ونصائح الطبيب النفسي, الذي أخبرهم ان ما تمر به سيكون متقلب, كئيب لفترة وستنذوي وحيدة رافضه ان يراها مخلوق, وبوقت أخر ستقدم على ان تظهر للعالم للتظاهر بأن شيئا ما لم يحدث معتقدة انها عندما لا يهتم أحد لجروحها وجمالها الذي فقدت ثقتها فيه تماماً,ستنول الرضا الداخلي.. مقتنعه انها مازلت بخير …انها ببساطة تتحايل على مصيبتها الخاصه!!
تنازلت أمها أخيراً تخبرها بثبات انفعالى:
"بل يتبقى لك الكثير حبيبتي, انا لن أحاول منعك عن الذهاب ومتابعة اختباراتك ولكن على الأقل انتظري خطيبك ليقوم بإيصالك"
قالت بعناد محتد:
"انا لست خطيبة احد أمي, سأذهب مع السائق كما اخبرت والدي بالأمس"
خرجت بعصبية رغم ثقتها التي عادت تضرب بشدة مواطن ثقتها الضعيفه ولكن بإصرار وعزيمة كانت تهمس:
"تشجعي لن يحدث شئ, منذ متى كان أحدهم يهتم بوجودك من الأساس ليهتم الأن, انت لن تظلي خلف نافذة غرفتك لأعوام حتى تضمد جراحك وتختفى زهرة"
…………..
بهدوء ظاهري كانت نجاة تقول:
"لقد أصرت على الذهاب وأنا رأيت ان من حقك ان تعلم "
تعلم انها تخترق الوعد الذي قطعت لصغيرتها وزوجها سويا ولكن هي ايضاً تعلم برقة ابنتها المفرطة وبخجلها المبالغ فيه بهدوء حد الإغاظة أحياناً وبإندفاعها عند الغضب وبعجزها عند تنمر أحد ما عليها، منذ الصغر لقد حاولت بكل الطرق ان تجعلها قوية بأسه تعتمد على نفسها تواجه العالم, ولكن يبقى لشخصيتها الهشة رأى أخر بطبيعتها المنزوية لم تحقق أي ما أرادوا لها هي ووالدها,،يكفيهم ان صغيرتها لديها يقين وايمان بالله جعلها تتحمل مصابها, وتحاول ان تتابع بثبات حياتها سمعت صوت طارق يأتي بهدوء شديد:"متى تحركت "
أجابته على الفور والرجاء في صوتها بأن يلحقها:
"منذ نصف ساعة تقريباً "
بنفس الهدوء كان يخبرها:
"سألحق بها, فلا داعي لقلقك "
ارتجف صوت نجاة وهي تقول بحرقه:
"أنا خائفة يا طارق من كلمةٍ ما قد يُلقيها أحدهم في وجهها..لقد حرصنا انا ووالدها ان ندفع الجميع بعيداً عن طريقها في تلك الفترة حتى لا نُعرضها لنظرة جارحة بغير قَصد, والأن تذهب لغابة الجامعة, ان لاحظ أحد اصابتها لن يرحمها, لن يتفهم أحد ابداً من هؤلاء التافهين,معنى ألم الإنسان الخاص والذي قد يقضي عليه نهائياً .
اشتدت قبضتي طارق بجانبه غضباً وقهراً من مجرد التخيل, ثم ما لبث ان قال مسيطراً:
"لن يحدث كل هذا زهرة تشبه نسمة صيف عابرة, رغم عطر شذاها ولكن لن يلاحظها أحد "
كَذِب ولكن ما الذي بيده ان يفعله غير الكذب على تلك المسكينة ونفسه.. "سامحك الله حبيبتي, لم تُصرين على وضع نفسك فيما لا طاقة لك به "لقد كانت حادثتها بالقرب من أسوار الجامعة وقد تجمع عدد كبير من الطلبة يومها حول جسدها الهامد الذي أخرجه بيديه ومؤكد ان هناك الكثير ينتظر بفضول ان يرى الى أي حد أثر الحادث بها خاصة بعد ان كشفت هوية وحيدة رجل الأعمال المشهور فريد صادق والتي كانت تتخفى بين أسوار الجامعة تحت ملابس بسيطة وحجاب يحجب نصف وجهها, لم تكن زهرة تملك صداقات قوية مع أحدهم, وعندما كان يذهب لإصطاحبها لم تكن تنتبه للعيون الفضولية التي تحاول استكشاف من هذا الوسيم الذي أوقعته الفتاة المنطوية..انه يتمنى فقط ان يلحقها قبل ان يتطاول عليها أحدهم..بالتأكيد باب السماء لم يكن مفتوح لتتحقق أمنيته.
لم تستطع إخفاء تنهيدة الارتياح التي أفلتت منها,عندما خطت الى داخل أسوار الجامعة خافضة وجهها, سريعة الخطوات كعادتها وأخيراً وصلت الى باب القاعة التي مقرر ان تؤدي ذلك الاختبار بها.. تمتمت بحمد لله هامسة وهي تهم بالدخول,ولكن ضاع كل ارتياحها في الهواء وتسمرت قدمها أرضاً عندما سمعت صوت انثوي حاد فضولى يقترب منها قائلاً: "زهرة, انت الفتاة التي سمعنا انها دُمرت بسبب ذلك الحادث"
أغمضت عينيها وهي تكبح رعدة ألم وارتياع غريزي من ان تتقدم تلك الفتاة منها لتنظر اليها او تجذب الانتباه لها..لم ترد وحاولت ان تخطو نحو باب القاعة عندما إلتف وقفت أمامها فجاءة بعض من الفتيات كسد منيع, كأنه اتفاق ما ضمني بينهن ان لا يسمحن لها بالمرور بسلام
عاد ذلك الصوت الانثوي الساخر ليخبرها:
"هااااي من كوكب الارض بساكنيه الطبيعين, لكوكب المريخ غريبى الاطوار,نحن هنا وننتظر اجابة "
اخفضت زهرة رأسها عميقاً حد كادت ان تتلاشى خوفاً ووجلاً,كل ما تتمناه في تلك اللحظة ان تختفي من هنا, من الجامعة..من العالم أجمع,كانت صامته شاحبة حتى اصبح وجهها لوح من الرخام الابيض البارد,بذلت جهداً خرافياً لتهرب من الموقف وهي تقول بصوت خفيض مضطرب:"أريد ان أمر، الاختبار على وشك البدء "
استدارت الاخرى نحوها بحركة أجفلت زهرة التي تقهقرت عدة خطوات للخلف هرباً من تلمسها عندما رفعت يدها تحاول ان تزيل عنها الحجاب الذي يخفي ملامحها,،وليتها لم تفعل..ليتها تلاشت قبل ان تسمع شهقات الفتيات المرتعبة المرافقة لحركة اشمئزازية,كانت تعلم جيداً انه مبالغ فيه كانت اول من نطقت مدعية الخوف والتقزز:
"يا إلهي,،لقد حولك الحادث لمسخ بشع المظهر؟!"
توقفت أنافس زهرة داخل رئتيها وعيناها تتوسع بشعور مريع قاسى مزق كل دواخلها,لم ترحمها وإحداهن تتولى الرد سريعاً بالقول القاسى: "لا اعتقد.. هل تذكرى ذلك الوسيم الذي كان يصطحبها,اعتقد انها حصلت على تلك الخريطة بوجهها بعد التصادم "
تسمرت زهرة مكانها بعجز موجع غير قادرة حتى على الحراك أو الصراخ وهن يضربن على موطن عقدتها الخاصه دون رحمه عندما تولت الرد تلك الحقيرة قائله بجزم:
"بالتأكيد تركها وذهب لأخرى,من الذي يستطيع ان يتعايش يوميا مع تلك البشاعة "
لم تستطع ان تستمع أكترو ارتفعت يديها غريزياً تصم اذنيها لتهمس وهي على حافة الانهيار بتوسل خرج رغم عنها:
"يكفى أرجوكن,أياً كان ما ترونه يمكنكن الهمس به بعيدا عني"
إلتففن حولها مدعيات الحذر وكأنها جرثومة او وحش ما اكتشفنه فجاءة ويخافن ان يُعديهن او ينقض عليهن بتوحش,.غير معترفات إنهن من كُن ينهشن قلبها دون رحمه,،الشعور بالعجز..بالضعف والوهن..بأنك ريشة في مهب الريح قطعة من اللحم يلتف حولها كل ضاري محاولاً نهشها دون رحمه.. تتوجع بطعنة غدر داخل صدرها,كانت تشعر انها حيوان صغير ضعيف حشر في الزاوية أمام عدة وحوش لن تتردد لحظة في الفتك بها وما بين نبض الألم الذي نحر كل دواخلها كان يتردد اسمه داخل حنجرتها,ينبثق بداخل عقلها الضائع بالتوافق مع قلبها المتألم فيبدد شئ ما بداخلها,،تردد اسمه أصبح صدئ يخرج من بين شفتيها,،بحرقه:"ليتك هنا طارق ليتني استمعت لكلامك..وتيرة انتحابها زادت بشكل هستيري وانهارات دفاعتها بشكل مؤلم وكأن كبت شهور من الاختفاء وادعاء القوة انهار مفجرىً بداخلها كل شئ..كل شئ..
كان صوت أنينها يخرج بصوت يُحنن حتى قلب حجر من صوان ليفلقه لنصفين اختفت الأصوات وحتى هؤلاء السفاحين في هيئة إناث لم تنتبه لإرتباكهن وتوقفهن على تبادل السخرية عليها.. لم تكن تنتبه لشئ الا خروج اسمه بتوسل من شفتيها مع انتحابها العالى..
"أه,لم أؤلم احداهن يوماً,لم أحاول حتى ان أكون مرئية لهن. لماذا انا,لماذا انا "
كان كطلقة بقوة ألف ضربة مدفع عندما رأى دائرة من الطلبة بدأت تتجمع حول شئ ما قلبه الجذع كان يهرع اليها طواعية يجزم ان زهرته تعرضت لضربة مقص حاده,لم ترحم لا مصيبتها ولا رقتها "
لم يعلم متى تجاوزهم ولا متى كان يلتف بجسده كله حولها يلملمها داخل روحه قلب حرفياً وليس مجرد ذراعين فقط التفو حولها بحماية.. كانت تهمس بسؤالها المبعثر باهت الكلمات وكأن عقلها المسكين لم يسعفها لترتب جملة واحده:
"لم بعض البشر يملكون من الخسه والدناءة ان لا يرحموا..ألم الضعيف بينهم.. فأصحاب النفوس الدنيئة يجدون اللذة في فرض قواهم على من هم أعلى مكانة منهم ………….
كان يبذل جهداً خرافيا ليميل يهمس بجانب اذنها:"اهدئي انا هنا, لم يحدث شئ زهرتي مجرد نفوس ضعيفة, يجدون فرصتهم لينالن من جميلتي "
لم ترد بشئ كان الحدث المهيب بمرارته اعظم من ان تحاول حتى ان تحد الرد,
اخذ طارق نفس أخر مرتجفاً داخلياً ولكن عيناه قاسية..وجهه جامد مشاعره المتعاقبه بثبات انفعالي لا يفسر بل يثير الرعب والريبة حد الذعر في نفس كل من تجرأ وطال زهرته بسوء.
لم يحررها وقد ماتت اى مقاومة أخرى منها وذهب مع أول نسمة هواء لم تصمد هي أمامها انتهي كل شئ في عقله..بعد ان علمت انها لن تثق يوماً في سواه وطناً آمناً وصدرا منقذاً.
حرر طارق يد واحدة يبعد يدها اليسرى التي تقلصت أصابعها حول قميصه بإستماته,وبدون أدنى كلمة كان يدس خاتمه في بنصرها وهو يتمتم بجانب اذنها بهمس اجش:
"في كثير من الأحيان ابتعد, تعنى اقترب اكثر ولا تتركنى في مصابى وحدى زهرتي "
لم تكن حالتها تسمح بالكلام أوالتفكير فقط تريد ان تتلاشى فيه وتختفى من هذا المكان ورغم هذا همست بإرتجاف ضائع بأخر شئ يتوقع ان يسمعه منها:
"وربما هجري من خوف هجرك,وبُعدي كان من خوف بعدك!! فلا تتركني يا طارق مهما رأيت مني "
……………………………..
عندما أغلق طارق باب الغرفة ورائه أحس بقلبه يخفق في ترقب وقلق,،ومن بين حذره في التعامل كان قادر فعلياً ان يسمع خفقات قلبها العنيفة هي الأخرى تقف في زاوية الغرفة متجمدة الأطراف خافضة وجهها بالأرض غير قادرة على مواجهته تقدم منها طارق ليقف أمامها بهدوء حريص ان لا يبادر بلمسها مباشرة,،نطق بصوته الرخيم:
"مبارك حبيبتي, وأخيرا تخلصنا من صلابة رأسك "
لدقائق لم يأته الرد بل ظلت مكانها تفرك يديها بإرتباك مضطرب..لقد كان حادث الجامعة النقطه الفاصلة في قصتهم اذ لم تستطع زهرة معاندته او الشك في حبه الحقيقى نحوها..
لم يصل لمنزلها يومها الا و كان يطلب رقم صديقه وزوج ابنة عمه , يأمره تقريباً بتسلط ان يأتي له بأول مأذون شرعى يقابله,كان يطرق على الحديد وهو ساخن وخلال ساعة فقط أخيرا تمم زواجه بها أمام صدمة والدها الذي حاول ان يأجل الأمر قليلاً بعد انهيارها وسعادة والدتها,،ومباركة والديه الحذرة!! ولكن لا يهم,أياً كان رأي الأخرين..
بعد شهر من عقد القرآن استطاع أخيراً ان يتم الزفاف ويدخلها بيته بعد ان أجبرته بالطبع على وعدها بانه لن يقف في طريق علاجها الذي لم يكتمل,يعلم ان رحلتهم طويلة وبالتأكيد ستحمل لكليهما لحظات من الألم والحيرة والتخبط ولكن ابداً لن يسمح لها بأن تشعر بالخذلان طالما فيه نفس يتردد.
بهدوء وببطء..اقترب خطوة أخرى رفع وجهها بأطراف أنامله,قبل ان يقول بهدوء:"خائفه منى يا زهرة؟!"
هزت رأسها نفياً بتردد حذر بين يديه,فابتسم ابتسامة صغيرة وهو يسألها مجددا:"ربما خجلة؟"
صمت ثم أضاف ويده الأخرى تتجرأ اخيراً لتحيط بوجنتها وهو يقول بنبرة أجشة:
"حسناً الخجل شعور افضل من ارتعاشك المعتاد في قربي؟!
قضمت شفتيها بارتباك وهي تهمس دون تفكير:"خجلة وخائفه ولكن ليس منك,بل.. بل من نظرة عينيك لي "
انخفض صوتها في كلمتها الاخيرة بهمس كاد لا يسمع..ولكنه لم يهتم بل كان تركيزة الان في جعلها تشعر انه يرى أبعد بكثير من بعض الجروح التي إلتأمت بشكل كاف لعينيه على الأقل , انه لا يبصر من بين خطوط وجهها الا نبضة خرجت من قلبها كسهم لتؤثر نبضة متعالية قفزت من فؤاده مطالبه بها …
عادت تقضم شفتها السفلى محركة كل عواطفه..فرفع يديها يزيل طرحة زفافها وهو يقول ببساطة:"اتعلمين ليس من العدل ان اضمك مرتين اليّ متحايلين على الأعراف والقوانين,ولم ارى شعرك مرة واحدة ترى ما لونه زهرتي؟ "
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول متهربه من عينيه التي يثبتها فوقها:
"لقد رأيته يوم الحادث وطوال فترة تخديرى,انت كشفت كل شئ,والدتى اخبرتني "
أبعد عنها طرحة الزفاف بهدوء وهو يجيبها بصوت أجش ثقيل:"ليس كل شئ,لم أكن اسمح لنفسى بانتهاك حرمتك حتى وان كانت أسبابي فقط الاطمئنان عليك,انت زهرة لوتس زرقاء مقدسة عالية الثمن في قلبي,،غالية جداً جداً زهرتي "
ازدردت ريقها وهي تشيح بعينيها عنه..لن تنكر انها تحب نبرة التملك في صوته حديثه البسيط الغير منمق الذي يخرج منه سلس عذب يطيب جروحها بمادة سحرية فعاله أكثر من تلك الأدوية والمراهم الكميائية التي مازلت منتظمة في اخذها ووضعها …
أخفض رأسه وهو يقول بابتسامة مرتعشه وكأنه قرأ أفكارها بالفعل: "اعذريني زهرتي,لطلما كنت عاجز عن قول أشياء جميلة,،تأسر نبض قلبك كما انت تخلعي نبض قلبي صارخاً مطالباً بكِ "
رفعت يدها تضعها على كفه التي تحيط وجنتها المصابه وهي تهمس بحشرجه:
"انت تقول أشياء جميلة بالفعل, ولكنى مازلت خائفه ان يكون مجرد احساس بالشفقه او شهامة رجولية منك, فأنت قبلاً لم تمنحنى حتى اهتمام في جدول مواعيدك,قبل ما حدث "
انحنى رأسه ليضعها على جبهتها مغمض العينين وهو يقول بخفوت اجش "اريد منك رجاء هل باستطاعتك تحقيقة"
همست:"وان كانت روحي,سأمنحك إياها "
قال بصوت رخيم مهيمن:
"روحك لي بالفعل يا نبضة بل كلك لي وحدي,رغم كل الحماقات التي يتفوه بها فمك الجميل,والذي أكاد أجن بالمناسبة لتذوق معنى قبلة يمنحها لى؟!"

سمية سيمو 11-11-19 10:44 PM

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

سمية سيمو 11-11-19 10:47 PM

الخاتمة

بعد عام..
كانت زهرة شاردة تماما في أخر حديث لها مع طبيبها الخاص عندما رفض تماماً ان يقوم بأي جرحات أخرى,.فى وجهها,وأخبرها ان من الافضل لها الانتظار ربما عام أخر لقد شُفيت أثار الجروح على وجنتها بشكل مرضي لها ولكن جروح جبهتها وفمها لم تزول تماما,،ضحكت بخفوت وهي تعض تلك الشفاه خجلا متذكرة تعنت الحبيب وهو يخبرها بل الأدق يأمرها ان تتركه كما هو لانه يزيده شغف,وهي بين ذراعيه..
مسدت بكفيها على جروح ذراعيها وهي تزفر بإرتجاف:
"تعلم جيدا ان تلك الجروح وان خفت حدتها وان أصلح طبيب التجميل الكثير منها ستبقى اثارها..شعرت بلمسة خفيفة تزيح حمالة قميصها الرقيق جانباً,،وشفتيه الدافئه تدفن في جانب عنقها ذراعيه تلتف بحنان حول خَصرها فأغمضت عيناها مستمتعة بشوقه وشغفه الذي لم يقل لحظة اهتمامه وتنفيذه وعده لها رغم اعتراضه على قيامها بعملية التجميل الأخيرة:"اشتقت اليك "
غمغم لها من بين قبلاته:"أحبك"
رعدة سرت بين أوصالها كردة فعل تلقائية لا تزول أثر اعترافه الذي يمدها به بإصرار وحلم وصبر معدي ثقتها الحقيقة بنفسها..يديه تشتد حولها..بينما رائحتها الطبيعية تسكره,،وهو يقول:
"ماذا فعلتي من دوني اليومين الماضيين "
أرجعت رأسها للخلف تسندها على كتفه بتلقائية سامحة لنفسها بإستقبال جرعات حنانه وشغفه وهي تقول بهمس:
"لا شئ الا افتقادك واشتياقي اليك "
صمتت لبرهه بينما يديها ترتفع لتعانق كفيه التي تحيط خَصرها فهمست: "لم استطع النوم بشكل جيد لقد اعتدت ان انام بين ذراعيك..ان استنشقك راحتك,،ان تمنحنى قبلتك المتعطشه البلسم الشافي لجروحى"
ابتسم من فوق بشرتها,،بينما يرفعها عن الارض دون ان يديرها اليه ثم توجه لغرفتهم مباشرة وهو يقول:
"سأعمل على تعويضك عصفورتي, حتى تسامحينى على التقصير معك"
عندما وضعها على أرض الغرفه استدارت بين ذراعيه وهي تأخذ نفس عميق مهدئ قبل ان تقول:
"لا تحتاج لهذا,،عملك أهم حبيبي,ولكن هذة المرة ربما انا فقط كنت اتعجل تواجدك بالمنزل "
صمتت ثم رفعت احدى كفيها تحيط وجنته وعيناها تلمعان كألف نجمه بينما يدها الاخرى تثبت يده بإصرار فوق معدتها وهي تقول باسمة بإشراق:
"انا لا أريد المزيد من تلك العمليات يا طارق,،سأتبع مطالبتك لى بالتوقف وأحررك من ذلك العهد الذي قطعته منذ عام مضى,،انا سأراني بعينيك فقط وهذا أكثر من كافي لى"
تنهد وهو يقول بصوت ملأته العاطفة:
"والله,،هذا القرار ما زادك إلا حسناً في عيني يا عصفورة "
احست زهرة بقلبه يخفق بترقب وحدقتيها تحوم حول وجهه عندما قالت:"انا أحمل جزء منك بداخلي.. لقد توقفت منذ شهرين عن أخذ تلك الوسيلة و.."
"أه "
صرختها مذهوله عندما راقبت جلمودها الصخر في الماضي البعيد وذلك الضخم الحنون الرقيق منذ زواجها..يرفعها بين ذراعيه يحوم بها صارخاً. بسعادة ثم يلقى بنفسه على فراشهم يديرها تحته مخبرها بخشونة "اتعبتي قلبي,،وأخرجتيني عن كل ثوابتي وانا أطالب بعشقك,،الان فقط استطيع ان أعذبك كما أريد عصفورتي"
سألته بسعادة من بين أنفاسها التي تهبط وتعلو بإنفعال لاهث:
"ستعذب ام ابنك يا طارق!!"
اشتدت ذراعاه حولها..بينما يميل يقتطف فرولته الخاصة,،ورد عليها بكل ما يفيض في قلبه من عاطفة:
"نعم,،سأعذبها بنبض قلبي الى ان تتلاشى في كل نبضة راضية,.يا زهرة قلبي "


تمت بحمد الله


ترددت كثيرا ان اعترف ان الفكرة مأخوذة عن قَصه حقيقة قد سمعت عنها وانا صغيرة, عن رجل حقيقي من نفس مهنة طارق لم يتهرب من مسؤليته..ولم يترك خطيبته في محنتها العصيبة التي قد تُجبر أي أحد على الضعف والتخلي عنها…
أريد ان أهدي تلك القصة القصيرة لكل رجل حقيقي,،يحمل الأمانة والاخلاص,،والحنان والأمان الذي يمحنه لمن حوله بأفعاله الرجولية لا مجرد حديث يتبخر في الهواء عند أول أزمة حقيقية!!
ولكن كُرهي العظيم للرجال يجبرنى ان اقًول:
"تباً لهم كلهم مصطفى ابو حجر "
حتى وان كانو مخلصين محبين …..

sam2001 30-11-19 08:56 PM

تمت بحمد الله تمت بحمد الله

جودي الحب 30-11-19 09:54 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


الساعة الآن 03:43 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.