15-11-19, 02:40 AM | #1 | |||||||||||
مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| هى _ د.سيد زهران ليلة شتوية .. الثالثة بعد منتصف الليل .. طوارئ مستشفى كبير .. المشهد .. ممرض يتثاءب من قلة النوم ، وينهض يسب ويلعن ذلك الزائر الثقيل الذى عكر علية منامه . لكن يبدو أن تلك المرأة التي دخلت الطوارئ جادة في شكوتها ، ذلك جَعل المُمرض يلتزم الجدية .. ويبدى بعض الاهتمام .. كان مُعتاد على تقديم العلاج لغالبية الحالات دون استدعاء الطبيب .. -" خيرا يا سيدتي .. " بصعوبة شديدة تقول المرأة : -" نَفَسسِى .. لا استطيع أأأأخذ .. نفسسسى .. ألالالاالالام .. في كل جسدي .. " شعر أن الموضوع أكبر منه هذه المرة .. فلن يقتصر الأمر على أمبول مسكن أو تعليق محاليل .. لابد من استدعاء الطبيب .. يذهب بسرعة لمناداته من غرفة جانبية : -" حاله يا دكتور (طارق) .. " يفتح الأخير عينيه بصعوبة .. ثم ينهض .. كان يُجيد الفرز .. ويعرف جيدًا حالاته ، يعرف مَنْ يستحق الاهتمام الحقيقي .. ومَنْ يدعى الألم .. ومنذ الثانية الأولى شعر بعدم الارتياح تجاه تلك المرأة .. وأن هناك شيء ما غامض يحيط بها .. بدأ في التعامل معها روتينيا .. لكن ظلت لا تستجيب .. الألم يزداد .. وصوتها يعلو أكثر .. ضاقت عين (طارق) بلسان حال يقول : -" إنها جادة .. " بدأ التوتر يشمله .. رغم ثباته الخارجي .. أنفاس المرأة تضيع .. نظراتها تزيغ أكثر .. إنها تذهب .. -" سيدتي .. سيدتي .. " يصرخ (طارق) بأعلى صوته : -" كود بلو .. " تلك الكلمة تعنى إنذار بتوقف القلب .. ترن الأجراس في المستشفى .. الجميع يفقد إحساس تلذذه بالنوم .. طاقم عنايه مركزه يأتي مهرولا .. معه طاقم قلب .. وطاقم تخدير .. ينكب (طارق) على صدر المرأة يحاول إنعاشها .. الكل يعمل الأن معا .. لكن (طارق) كان هو أقرب شخص لعينيها الزائغة ، التي تريد الرحيل .. الوقت يمر ولا تعود .. أكثر من عشرة دقائق .. هنا يقول طبيب العناية المركزة بهدوء الحانوتية البارد : -" كفى .. " يتوقف الجميع عدى (طارق) .. -" قلت كفى .. ماتت .. " ينصاع الأخير لرغبته مصدوما كأنه لا يصدق أن ذلك يحدث .. وبعد عدة دقائق الكل يعود الى فراشه !.. يفكر ماذا سيكون إفطاره غدًا .. ليبقى (طارق) مع المرأة وحيدين ، ينظر إليها .. وإلى سماء الغرفة !.. كأنه يريد رؤية روحها !! شيئا ما في داخله .. جعله لا يريد ترك تلك المرأة وحيده هو الأخر .. من ينظر إلى وجهها وملابسها يستنتج منذ اللحظة الأولى ، أنها من تلك النوعية التي أتت للحياة من أجل المعاناة طيلة الوقت .. كانت صغيرة في السن .. ومعالم الاحتياج واضحه في كل تفاصيلها .. وحتما ذهبت لأحد المستشفيات العامة قبل قدومها ، وعندما لم تجد رعاية اضطرت لدخول ذلك المكان الاستثماري القاسي . بقايا المال .. وتذكرة الاستقبال التي في قبضة يدها يشون بذلك .. وقف (طارق) يتأملها بعين متحجرة .. وبلسان حال يردد : -" ترى هل ساهم دون قصد في وضع حد لتك المعاناة أم أزادها .. " مر على تلك الأحداث أكثر من أسبوعين .. و(طارق) لم يعد لسابق عهده .. لم يعد ذلك الشخص الذى يستطيع الاستيقاظ في الصباح .. وكأن شيئا لم يكن !.. فرغم تعدد الوجوه التي ماتت فوق تلك الطاولة بالاستقبال .. مازال يذكر تلك المرأة تحديدًا !!.. شيئا ما في نظراتها كان يستغيث به .. ولم يفهم !.. كانت تريد العودة .. أو قول شيئا ما ولم تستطيع !.. عَرف (طارق) أنها (35) عام .. وأم لطفلين .. لهذا السبب كانت تقاوم .. ولم تذهب مطمئنه ؟.. فحسب رؤيتها ؛ مهمتها لم تنتهى بعد ، لم تدرك أن الله عز وجل يختار لنا دائما الدور الأفضل !.. وأنه يسحب عباده عندما ينتهى الاختبار . ورغم إيمان (طارق) الشديد وقناعاته بتلك الأمور ، ظل يشعر أن طاقتها النفسية تملأ المكان .. وتلومه على أنه لم يتعامل معها بالجدية الكافيه .. مازال يراها ترقد على الطاولة .. وتنظر إليه .. -" هل قصد ذلك حقا ؟.. هل كان مقصرا .. " لم تعد الإجابة تعنيه في شيئا !.. بعدما فقد المكان إحساس العمل .. وتغلف بإحساس تلك المرأة ، التي لم يعرف اسمها قط .. فقرر الرحيل عن المستشفى . إنها المهنة عندما تتحول إلى لعنة !! ــــــــــــــ بقلم : د. سيد زهران Dr-Sayed Zahran | |||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|