آخر 10 مشاركات
زهرة .. في غابة الأرواح (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )           »          6 - خذني - روبين دونالد - ق.ع.ق (الكاتـب : حنا - )           »          السيد والخادمة (104)- غربية- للكاتبة المبدعة: رووز [حصرياً]*مميزة*كاملة & الروابط (الكاتـب : رووز - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          61 - أنتِ لي - هيلين بيانشن - ع .ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Just Faith - )           »          في محراب العشق "مميزة","مكتملة" (الكاتـب : blue me - )           »          603 - يائسة من الحب - ق.ع.د.ن ( عدد جديد ) ***‏ (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          Harlequin Presents - March - 2014 (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree277Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-08-20, 11:09 PM   #1051

Nidal Bayrakdar

? العضوٌ??? » 442924
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 257
?  نُقآطِيْ » Nidal Bayrakdar is on a distinguished road
افتراضي


بالانتظار ياقمررررررررررر

Nidal Bayrakdar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-20, 11:43 PM   #1052

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,962
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضوووور لساندي العسل

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-20, 11:51 PM   #1053

Jinan_awad

? العضوٌ??? » 423610
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 183
?  نُقآطِيْ » Jinan_awad is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضوووووووور

Jinan_awad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-20, 11:58 PM   #1054

رحاب نبيل
 
الصورة الرمزية رحاب نبيل

? العضوٌ??? » 417929
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 193
?  نُقآطِيْ » رحاب نبيل is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضوررررر اين الفصل

رحاب نبيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-20, 12:04 AM   #1055

هدى هدهد

? العضوٌ??? » 472768
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 109
?  نُقآطِيْ » هدى هدهد is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير
تسجيل حضور


هدى هدهد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-20, 12:09 AM   #1056

Solly m

? العضوٌ??? » 434739
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 460
?  نُقآطِيْ » Solly m is on a distinguished road
افتراضي

مستنية الفصل 💞💞💞💞

Solly m غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-20, 12:17 AM   #1057

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي





البريق الثاني والعشرون ... الجزء الاول




بعد أيام

تحركت صدفة نحو باب الشقة بحذر وهى تسمع الطرقات الضعيفة فتعدل وشاحها الذي تلفه بعشوائية بيدها ، وهاتفها في يدها الأخرى تستعد للاتصال بمحمود عند أول لحظة شك

ليس أصعب من أن تحيا وسط الخوف ، تنام مغطاة ببراثنه وإحدى عينيها مفتوحة ، وغارقة بين وساوس الأفكار
فتحت الباب فتحة صغيرة تنظر منها ثم فتحته بقوة هاتفة بسعادة

" أبي "

ارتمت في حضن المهدي الذي وقف منحنياً مستندا على إطار الباب بتعب وإنهاك وبالكاد رفع ذراعيه يضمها وهى تسأل لهفةً

" هل أنت بخير أبي ؟ "

ارتاح رأسه على كتفها يرد بأنفاسه المتقطعة

" نعم .. المهم أنتِ وأمي .. ماذا فعلتما من دوني ؟.. لم يكن بيدي ترككما ولم اعرف ماذا حدث ؟! "

أسندته إلي الداخل وأغلقت الباب قائلة برفق

" لا بأس .. المهم أنك خرجت من هذه التهمة "

تأملت ملامحه وشعرت أن تجاعيد وجهه ازدادت غماً .. ويده باردة في يدها .. مهتزة وضعيفة وفاقدة الثقة .. فيزداد معها شعورها باحتياجها إلي ظهر وسند .. وعماد !

سأل المهدي بصوته المرهق

" كيف هى جدتكِ ؟ "

ردت وهى تحثه للجلوس على أقرب مقعد

" إنها بخير .. نائمة الآن "

رفض الجلوس ضائق الملامح هامسا باختناق وقهر

" أوصليني إلي الحمام صدفة .. لا أطيق نفسي و .. اريد أن اصلي "

أشفق وجهها على كبر سنه ومذلة وجهه فأحاطت ظهره بذراعها بالقول المرتجف

" تعال أبي .. على مهلك "

استند على الحوائط جواره حتى الحمام فدخله وأغلق الباب لترمي صدفة وشاحها على الأريكة وتبتعد إلي المطبخ الصغير تجهز له الطعام ولا تشعر بدموعها ..
لا تحتمل قهر الظلم وقسوة الطامعين ، ولا اللجوء لمَن يجلب لهم حقهم بلا صفة
تمسكت بحواف الرخام البارد ساكنة لكن قلبها يدق بقوة متألمة .. وغاضبة .. غضب يسري مع دمائها يجعل أنفاسها مضطربة وعينيها ملبدة بصقيع الشتاء

شعرت بأبيها يخرج من الحمام فانتبهت للطعام على نار الموقد الهادئة ، ثم اطفأتها وأفرغت الطعام بالأطباق لتحمل الصينية وهى تتماسك بكل عزمها تخفي الألم عنه
وجدت والدها ينهي صلاته فبادرته بابتسامة

" حرماً "

بالكاد سمعت همس صوته المبحوح

" جمعاً بإذن الله "

وضعت الصينية جوار السرير قائلة

" سخنت لك الطعام "

جلس المهدي على سريره ممسكا ظهره وركبته متأوهاً يرد

" لست جائعاً .. اريد فقط أن أنام في فراشي "

ازدردت ريقها بغصة مريرة لتساعده برفع ساقيه فيعلو تأوهه الموجوع بقوله

" آآه .. طوال تلك المدة لم أذق راحة النوم .. الحمد لله "

ربتت على كتفه تقول بهدوء جامد يخفي الغضب

" استرح أبي .. انس ما حدث "

نظر المهدي لسقف غرفته ثم دارت عيناه بالغرفة المرتبة النظيفة لا يصدق أنه عاد إليها فيقول حائرا مظلوما

" لا اعلم ما حدث من الأساس صدفة .. فجأة وجدوا مخدرات بغرفتي .. وفجأة أيضا اعترف الرجل الذي قدم البلاغ أنه هو مَن وضعها لي .. بل .. بل عفيفي .. انتقم الله منه .. لكن .. قُبِضَ عليه .. ليس لذلك فقط .. اكتشفوا أنه يتاجر في المخدرات "

ركزت صدفة مع كل كلمة يقولها وهى تستنتج ما فعله عماد ثم عادت تمسح على كتفه وذراعه قائلة بحنان

" نم يا أبي الآن .. استرح "

أغمض عينيه واستكانت ملامحه العجوز فظلت صدفة واقفة تنظر إليه لحظات قبل أن تأخذ صينية الطعام وتخرج

بعد دقائق اطمأنت على نوم جدتها وجلست بصالة الشقة الضيقة تفكر .. خفت الغضب ، وظل الاحتياج .. والغرام المستحيل يعلن العصيان

شكره واجباً الآن ، لذلك أمسكت هاتفها لتتصل به ثم وضعته بتردد .. هل هى واثقة من قرارها حقاً ؟!.. هل ستحتمل الحياة وهو خادعها قبلا ؟!

طال الوقت وهى جالسة مكانها حتى سمعت آذان المغرب فنهضت توضأت وصلت .. دعت وتضرعت أن يدبر الله لها أمرها

مرت دقيقة صمت وطُرِقَ الباب مجددا فأجفلها على سجادة الصلاة
وقفت بإزار الصلاة وتلقائيا أمسكت هاتفها تتأكد أنه منضبط للاتصال بمحمود ثم اتجهت للباب .. طرقات أخرى انتبهت لها فتوقفت قدماها وقلبها يطرق معه .. خافتة لا تفزع .. منغمة ذات مغزى !

عادت تتحرك حتى أمسكت المقبض وأخذت نفسا عميقا ثم فتحت .. وانكتم النَفَس !

وقف عماد مستعدا لمواجهة والدها لكنه ما إن رآها وجدته يسترخي ويبتسم ويشتاق بلحظة واحدة .. عيناه تشرب من بحر عينيها وتمر على الإزار الوردي فتتسع ابتسامته
استند على إطار الباب قائلا بخفوت

" حمداً لله على سلامة الحاج مهدي "

أطلقت صدفة ذاك النفس بارتجاف وعفويا امتدت يدها تضع الهاتف على منضدة جوار الباب مطمئنة بوجوده .. وانسابت الحروف همساً صادقاً

" لا اعرف كيف اشكرك "

هادئة بمنتهى الرقة ، ملامحها قلقة لكنه قلق تمناه منذ وجدها .. عيناها شاردتين وهى مرفوعة لوجهه تحفظ تفاصيله .. وتجذبها فخامة حلته الرمادية وهى تضم رجولته ..
ولم يرد إلا هذه الثواني ليتأمل وجه القمر .. ويشعل قداحة قلبه بمعدلات نبضه الدائمة لها

نظر خلفها إلي داخل الشقة ثم أخفض رأسه قريبا منها يجيب

" بأن تصمتي وتدعيني ادخل لأطلب يدكِ منه "

تراجعت صدفة خطوة لتقول بتوتر

" لا .. أنا سأتحدث إليه أولاً "

خرجت من جواره وجذبت الباب قليلا لتضيف بنبرة منخفضة

" ثم ... هو وجدتي نائمين الآن "

اعتدل عماد غير مبالٍ بحاجز الخوف الذي تضعه ، لن يسمح لها بالتراجع بعد أن بات يحلم بقرب مناه .. يطمئنها مبتسما متعمدا الرضا والقبول لكل رغباتها

" أنا امزح .. اعلم إنه مؤكد يريد الراحة بعد عودته إلي بيته ولا يمكن أن اكلمه الآن "

نظرت أرضاً بارتباك ثم سارت بالسطح الواسع الخالي حيث تقع شقتهم الصغيرة لتتمسك بالطوب الأحمر المشبع برمادية الاسمنت للسور .. فتشعر كفاها بالنتوءات الحادة البارزة وتضغط عليها لتوازن نفسها من تأثيره .. ذلك المزيج بين الصحراء والحضارة .. مزيجاً يردده صوته وتتذكره كل يوم .. حين وعدها بليلة مقمرة فراشهما رمال وغطاؤهما رياح ..
فأي برية تنتظرها .. وصارت تتوق لتتحرر فيها ؟!

التفتت قليلا عندما لحق بها تسأل

" اخبرني أبي عما حدث .. كيف جعلت ذلك الرجل يغير كلامه ويعترف أنه مَن وضع المخدرات بشقتنا ؟! "

مال عماد بجذعه مستندا بمرفقيه على السور تدور عيناه بالبنايات المتكدسة والمارة السائرين بلا نسيان أن يلقوا نظرة حسرة على السيارة الفارهة التي يجلس فيها محمود حارساً ثم رد

" هناك شيئان بهذه الدنيا يجعلان أي خسيس يفعل أي شيء ... المال .. والخوف "

رفعت بصرها إلي جانب وجهه تستمد شعورها بالأمان الذي لم تجده عند رجل ، فالتفت إليها برأسه متابعاً بوعيد

" لم اجعله يعترف فقط .. بل جعلته يحضر الأدلة التي تورط الثور عفيفي وتثبت تجارته في المخدرات "

كان يتكلم بهدوء رغم غضبه الداخلي .. مسيطراً سلطانياً كأنه أصدر فرماناً وأطاع الجميع أمره

أخذت تجمع الخيوط ببعضها وتفكر ثم قالت بقلق

" لكن الآن مؤكد عفيفي عرف أنك وراء القبض عليه وقد ..... "

صمتت بخوف وهى تستدير للجهة الأخرى هاتفة

" أنا قلت لك لا تفعل أي شيء قد يؤذيك "

أغمض عينيه لحظة يوقف نزيف قلبه أمام خوفها ، لأنها اخر ما تبقى من براءة ..
وأجمل ما أنجبت الطبيعة من الأقحوان الأبيض ..

وأصدق ما نُقِشَ بالدموع على مكاتيب العشاق

وأبرع حمامة طارت محملة برسائل المنهزمين والمنتصرين من الوديان إلي الوديان


اقترب خطوة وامتدت يداه للمس كتفيها لكنها وقعت فارغة بلا لمسة وهو يهمس

" شكراً أنكِ تخافين عليّ صدفة .. لن تعرفي قيمة هذا عندي "

تشابكت أصابعها بين برودة الغرق وحرارة الانتماء إليه ، أن تعود لحظات الماضي وهو يفقد نفسه لها .. تعيشها دون سائر الفتيات ..

وتقف أمام وعوده التي تصب جداولها بين كفيها .. حقول حناء .. مباخر مسك .. طيوب عنبر .. عائلة وقبيلة وحقيقة واسمٌ من غرب مصر رمزه الخيل الأدهم ..

وبرج عالٍ .. في الطابق العشرين يقرب عينيها للنجومِ نظراً

عاد يستند إلي سور السطح يراقب السماء وهى تظلم ببطء الغروب قائلا

" عامةً لا تخافي .. كل هذا حدث بدون أن اظهر في الصورة أو يأتي اسم والدكِ بالأمر .. بدا الأمر وكأن ذلك الكاذب الذي غير كلامه هو مَن فعل كل شيء وحده .. قلت لكِ أن المال والخوف كالسحر بهذا العالم "

كان وقتاً هادئاً كهدنة اتفق عليها جميع الناس ، أن تمر دقائق الغروب وهم يرتاحون من شقاء النهار ليستعدوا لشقاء الليل !.. والبعض يستعد لصخب نسيان النهار كي يواصل حياته الروتينية ككل يوم
وقفت جواره تنتبه لبعض الشرفات المفتوحة التي خرج أصحابها طلباً للهواء ، لكنهم طالبوا بهما مع الهواء في نظراتهم الفضولية الساخطة !

لم تهتم بالجيران فنظرتهم الآن اخر همها ، كيف ستكون نظرتهم بعد أن تكون الرابعة إذاً ؟!

أخرج عماد مظروفاً صغيرا من جيب سترته يمده إليها فأثارها غضبا بقولها

" مال مجددا يا عماد ؟!.. ألن تتوقف عن هذا ؟!.. أنت تجرحني هكذا "

ارتفع حاجبيه ينتظرها لتنهي كلامها لكنها ابتعدت خطوة تصيح بانزعاج

" انتظر لاحضر لك مالك السابق .. لم اصرف منه قرشاً "

مد ذراعه يقبض على مرفقها كاللص فارتدت إليه وهو يهتف

" انتظري هنا .. اصمتي قليلا "

رفعت وجهها لوجهه عابسة بحاجبيها الجميلين فأخذ يدها يضع بها المظروف قائلا بحنق

" إنه ليس مالاً "

فتحت صدفة المظروف لترى ما فيه فتفاجأت ملامحها وهى تطالع إيصالات الأمانة التي كتبها والدها لعفيفي .. رأتهم جميعاً ثم نظرت إليه متسائلة

" لا .. إنه مال بالفعل .. كيف حصلت عليهم ؟! "

رد عماد ببساطة حانقة

" عادي .. سددت المال وأخذت الإيصالات "

نظر أمامه وتركها تستوعب الأمر وهى تتأكد مجددا من الإيصالات وعددها ثم سألت باستغراب

" كيف وافق عفيفي أن يعطيهم لك ؟!.. إنهم ورقة الضغط علينا "

قبض يده مصدرا تمتمة معترضة يسب سراً كلما نطقت اسمه كأنه شيئا مسلماً به بحياتها ، فجأة استدار يغلق يدها على الإيصالات بيده قائلا بنبرة حازمة جافة

" عفيفي في النيابة الآن صدفة وربما لن يخرج إلا بعد خمس وعشرين سنة من هذه التهمة إن ظل على قيد الحياة .. انسيه .. الإيصالات أخذتها من زوجته باعتبار إني أحد أقاربكم .. وكان يمكنني أن اجلبها بطريقة أخرى بدون أن ندفع شيئا تعويضا عما فعله معكم لكن اعلم أن والدكِ قد يستحرم ألا يدفع المال لذلك سددته "

نظرت لأصابعه الملتفة على يدها والتي انسحبت ببطء للسور مجددا فمدت له الإيصالات بالقول الخافت

" لن آخذهم .. ابقهم معك .. حتى يسدد لك أبي المال "

شعر عماد أن أعصابه ستنفجر بأي لحظة فنظر لها نظرة نارية جعلتها تنكمش وهو يمسك بالإيصالات يمزقها لقطع صغيرة ثم يضربها على يدها المفرودة قائلا بغيظ

" لا تضعي اصبعكِ تحت ضرس أحد حتى ولو أقرب الناس .. تعلمي "

عيناها اتسعتا قليلا فتدفق النهر الأزرق منهما يذيب غضبه ويهدد احتماله .. ويجزم أنه لن يمسهما كحل ولا ظل يعكر صفوهما .. حقه

ويعلن أن الشمس التي تشرق على جبهتها ، والعشب الأسمر بحواف جفنيها .. حقه

وربى الياسمين على وجنتيها ، وثمار الكرز المتراصة بين شفتيها .. حقه

وجسد أفروديت المنحوت بلعنة الغرام ، ومشاعر إيزيس الشفافة الأسطورية .. حقه

ولتزيد غيظه أغلقت يدها على الورق الممزق لتنظر أمامها هامسة بلا تعبير

" شكرا "

لم تكن باردة منطفئة هكذا إلا بعدما عرفت خداعه .. يستحق !

مفكرا في المشوار الطويل الذي سيخوضه لتسامحه قال محذرا

" المهم ألا تتهوري بغباء في المستقبل "

أظلمت السماء تماما وأضاءت مصابيح المحلات الصفراء بالشارع فألقت نظرة على باب الشقة المفتوح جزئيا تتأكد من الهدوء السائد بالداخل ثم تذكرت شيئا فسألت بنفس الغباء

" ما الذي جعلك تأتي إلي هنا الآن ؟! "

نظر عماد إليها لحظات على وشك التهور ثم أشاح بوجهه مستاءا .. لتتحرك قدمه خطوة مغادرا حين أوقفته بتردد

" أنا .. كنت خائفة ألا تستطيع أن تفعل شيئا .. خفت كثيرا كلما مرت أيام ولا يحدث شيء "

كانت مكشوفة للغاية أنها لا تريده أن يرحل ، فابتسم صامتا ويدها تحفر السور تنتظر رده المتأخر إلي أن سأل بتهكم

" هل خفتِ ألا استطيع إخراج والدكِ بعد أن تورطتِ ووافقتِ على الزواج ؟! "

ما إن ذكرها بالموضوع أخيرا حتى جمد صوتها

" خفت أن يظل أبي مسجوناً "

استدار عماد بتلك الابتسامة التي ضاعت في تفاصيلها لتضيع أكثر وهو يقترب الخطوة قائلا بصدق

" كل شيء وله حل صدفة .. لا اريدكِ أن تحزني أو أن تبكي عيناكِ على كتفي مجددا .. ورب الكون لو استطعت أن احضر نجمة من السماء لأحضرتها ووضعتها بين يديكِ "

ارتجفت أنفاسها وهى تنظر أرضا تدور دنياها مع نبض قلبها وهى تسمع اللهجة الرصينة والحروف العائمة البدوية .. نقطة ضعفها له ويدركها
لذلك اتخذت نقطة قوة لتفيق للواقع المرير ترد

" المال الذي دفعته .. هذا المال وغيره .. سنرده لك "

تجهم وجهه وهو يعود ناظرا للبنايات قابضا على السور يقول بضيق

" لا اريد شيئا .. اعتبريه جزءا من مهركِ "

نظرت ليدها المغلقة لتسأل بقتامة

" جزء !.. كل هذا جزء ؟! "

تنهد عماد شاعرا أن كلامها عن المال يخنقه ، ربما لأنه بالنسبة لها مالا ، لكن بالنسبة له هذه المبالغ الصغيرة لا تعني شيئا .. راتبه الكبير ، وربح أسهمه بشركة العامري ، وأرضه بالوادي ، ومزرعة الخيول التي يشارك فؤاد بها ، وبستان الفاكهة هدية الشيخ رشاد لزواجه من ليلة .. كل هذا لا يعادل لحظة سعادة جوارها

ومجددا يسأل .. كيف تتلخص الدنيا في امرأة ؟!

اقتربت كفه على السور تغطي يدها الأخرى مؤكدا

" مهركِ عندي أغلي مما تتصورين صدفة "

تتكسر وتسقط ويرتج قلبها فتسحب يدها لتطل برأسها أسفل البناية وبمقاومة واهية تسأل

" هل سيرحل محمود منذ الغد ؟ "

رد بنبرة عادية وهو يستند بمرفقيه على السور كأنهما يتسامران بتحضر

" بالطبع لا .. زوجة عماد زين الدين لا تتحرك بين المواصلات وشقاء الحافلات ... لكن ساضطر لتغيير محمود برجل أكبر سناً لأني أغار "

قالها كصباح عابر غير مدرك أنه يتسبب في الإخلال بكيانها لدرجة الشعور بذلك السقوط الحر لروحها أمامه كل مرة .. ألا تباً لك يا عشق !

بدا غير مقتنعا بالرجل الأكبر سناً أيضا ليلتفت برأسه قائلا

" فترة صغيرة حتى اعلمكِ القيادة "

وبكلمة منه ستكون سيارة تحت قدميها .. راحة مادية مذهلة .. خطواتها القادمة ستكون على أطباق الفضة التي تعشقها !.. أما الراحة النفسية فليحاول المال أن يشتريها .. لكنه لن يقدر !

تنفست بعمق تبتلع غصة الروح بحلقها لتسأل

" هل .. ستنفذ شروطي ؟ "

دقق عماد بخصلة سوداء تهرب خلسة من وشاح إزار الصلاة مجيبا

" مؤكد ... كلها "

راقب تغير ملامحها بين ضيق وعجب لتهتف باستنكار

" ستطلق الثلاثة ؟! "

عيناه تضيقان وتمكران يقرأها ويومئ برأسه بكل ثقة وجدية فغطت صدفة فمها بكفها عاجزة عن النطق .. صدرها يضيق بحمل ثقيل ودموعها سالت تبكي غيرها بلا وعي .. تبكي نساءً لا ذنب لهن
حتى قالت باختناق وغضب

" وافقت بهذه السهولة ؟!.. أي أنه لو أحببت غيري ستبيعني دون أن تلتفت خلفك للقلوب التي دهستها .. لم ادرك أنك بياع بهذا الشكل البشع "

وتبكيه هو .. تبكي الصورة الجميلة المثالية التي تتشوه داخلها له بين الكذب والخداع والبيع
رفع عماد يده يدخل خصلة شعرها الناعمة بحجابها ويؤكد لها بابتسامة ماكرة ما قالته له يوماً

" كلنا مصطفى أبو حجر ! "

نفر وجه صدفة تبعده عن يده بنظرة حادة لا تصدق تحولاته .. بين بداوة الأصل والشهامة وأنانية قد تبيع وتغدر وتطعن ..
لم يجبها .. هل سيحب غيرها ؟!.. هل سيبيع يوماً ؟!

مسحت دموعها أمام نظراته الصاخبة بالأحمال ليسألها هو

" هل تحاسبينني لأني اريد أن أعيش حياة طبيعية أخيراً مع الإنسانة التي اخترتها ؟! "

همست صدفة بعذاب

" وما ذنبهن ؟ "

وجهه القريب من وجهها يحكي شجن كلمة

" ce la vie "

هزت رأسها بلا استيعاب فاتسعت ابتسامته يوضح بنبرة غريبة .. حرة ومقبلة للدنيا

" إنها الحياة .. لابد أن تؤلم قلوبنا في تغيرها المستمر .. أنا تألم قلبي وانتهى دوري .. والآن جاء دورهن للألم لكي ارتاح أنا "

شفتاها ترتجف بألم وهى تهمس

" أنت أناني "

رد عماد بلا اكتراث .. فقط عيناه ونشوتها بالنظر لملامحها الوردية

" دعيني أكون أنانياً لأول مرة في حياتي واستغل الفرصة وإلا ساندم طوال عمري "

غطت عينيها بلا احتمال لهذه الدوامة ولا تعرف كيف نطقتها

" أنا خائفة منك "

احتدت عيناه وصدره يرتفع بغضب صامتاً بانفعال يتزايد ليهدر بقسوة رغم انخفاض نبرته

" تراجعي بكلمتكِ إذاً واطرديني وقولي لا اريد رؤية وجهك مثل كل مرة .. لكن إياكِ أن تعودي إليّ هذه المرة "

بعينيه خوف أن تتراجع لكن بصوته شراسة القيود تكبلها به .. يمنحها الخيار ويسرقه منها ، كأن يحولها للؤلؤة ويحبسها في محار محيطه
يزينها بأطواق الفضة ويظلم عليها الأنوار

وودت لو تنطقها

( اخبريه يا أمواجي : لا استطيع أن أكون لغيره .. أصبحت أخاف من كل الرجال .. وصرت مريضة به )

خدعها من البداية وتسلل لدمائها ثم بث سمه بلا ترياق .. والسم يسري بين العروق .. من الدم للدم

حين طال صمتها العاجز لانت ملامحه إشفاقا على براءتها ليقول

" أنا لم اوافق لإني بياع .. لكن كان هذا سيحدث حتماً في وقتٍ ما .. ليلة ووصال تعرفان إنها مسألة وقت .. أما روينة .... "

صمت دون أن يحسب حساب الصمت ، لم يعد نفسه لهذا الألم الذي شعره .. ولم يدرك يوماً أن هناك بعض الفراق شهياً وموجعاً بذات الوقت
روينة ستقبل بالألم بصدر رحب وابتسامة متفانية لأجل أن يسعد هو .. روينة ستضحي بدلا منه .. يعلم هذا لكن لا يحتمله لها

ابتسمت صدفة بمرارة وهى ترى حيرته لأول مرة .. مترددا أن يجرحهن .. لا أن يترك لأجلها

مرت عيناها بالسطح الخاوي الفقير وبعض النظرات البعيدة المتسائلة عن وقوف رجل وفتاة معا على سطح بناية !!..
فاستدارت بقلة حيلة تريد الخلاص مهما كانت العواقب فتقول بنبرة ميتة

" أنا لست خاربة بيوت .. إن كان هذا سيحدث يوماً ما فلن يكون بسببي أو بكلمتي ... اعتبر شرطي الأخير غير موجود "

وضع عماد يديه بخصره ينظر لظهرها تغادر وفكرة بغيضة تلح عليه ليعلو صوته يوقفها بجفاء

" لقد تعلمتِ التنازل !.. لكن ما زلت اتساءل لمَ الآن تحديدا ؟!.. لمَ وافقتِ الآن ؟ "

وقفت صدفة مكانها ترد بلا روح

" لأن عفيفي جاء قبلها وهددني بأبي لأسرع في أمر الزواج منه .. وجدت نفسي اريد أن أكون في حمايتك حتى لو قدمت تنازلات لا اقبلها "

وهو الخلاص .. والحماية .. والتنازل .. والفرصة الذهبية .. هو التناقض بكل معانيه

لكنها لم تدرك بمَ يفكر ؟!.. انكسرت تلك الشكوك الرجالية لوسواس المال !.. لطالما اغتر الرجل الشرقي ظناً أن كل نساء الدنيا طامعة به !!

اتجه إليها مباشرة يديرها من مرفقها يسأل بانفعال

" لماذا لم تخبري محمود ليتصرف ؟ "

أبعدت صدفة يدها تجيب

" لم أرد فضائح "

سمعت همسا ميزت منه ابن الـ ... وظل واقفاً ينظر إليها غضبا فتحركت إلي باب الشقة وقبل أن تدخل سألها

" كيف ستخبرين والدكِ عنا ؟ "

شعرت بالتعب يحل عليها فهمست

" لا اعلم "

هل صار كل شيء صعباً الآن بعدما تدفقت موافقته على شروطها وحل جميع العقد التي وضعتها بمنشارها ؟!

وقفت ساكنة مخفضة رأسها فلمس ذقنها يرفع وجهها إليه واعداً

" صدفة .. اعدكِ أن يكون كل شيء كما تريدين .. اصبري معي قليلا فقط "

شعر بأنفاسها على يده فسأل

" هل نبدأ من جديد ؟! "

رمشت عيناها كأمواج البحر وهى تأخذ العهد من عينيه

" أنا عماد رشاد زين الدين .. ابن الشيخ رشاد كبير عائلة الزِيِن في الوادي و .... أحبكِ "







وضعت منى اخر أطباق الغداء على المائدة ثم جلست مكانها تقول

" شريف .. اريد زيارة أمي "

بدأ شريف في تناول طعامه دون النظر إليها يرد

" حسناً يا منى اذهبي "

ظلت تنظر إلي وجهه الجاد ذو الملامح الحازمة وتضغط على قطعة خبز بين أصابعها لتسأل

" إجازتك ستنتهي .. ألا تريدني أن أظل معك اليوم ؟ "

يقطع الدجاج ولا ينسى أن يضع لها نصيبها ذوقياً ثم يرد بلباقته

" لا اذهبي .. لا تتأخري عن والدتكِ "

نظرت منى إلي طبقها نظرات مشوشة بالدموع ، نفس الحركة يفعلها مع أمه وإخوته وأياً مَن يأكل معه .. حركة عادية اعتادها .. لكنه لم يعتد عليها هى فينسى كل مرة ماذا تحب أن تأكل

تغاضت عن الأمر وهى تنتظر منه أن يمنحها نظرة فتحاول جذب اهتمامه وهى تضع بطبقه بعض الطعام باسمة بحزن قولها

" حسنا .. لن اتأخر "

فما كان منه إلا أن رفع كفه يوقفها قبل أن ينزل الطعام لطبقه بإشارة أنه لا يريد المزيد وهو يقول

" براحتكِ "

أعادت الطعام لتهبط يدها بالملعقة على الطبق بقوة أصدرت رنينا مزعجا فنظر إليها باستغراب ظناً أنه بلا قصد منها وعاد يتناول طعامه

انخفضت عيناها لثوبها الليموني الجديد الذي لم يلاحظه وعلت أنفاسها وهى تكبت وتكتم ..

أعادت قطعة الدجاج التي وضعها لها لتأخذ أخرى وهو لا يعير الأمر اهتماما حتى انفجرت

" براحتي !.. وقضيت إجازتك بين والدتك وأصحابك وزيارات إخوتك .. واليوم تقول اذهبي براحتكِ ! "

تعجب شريف من ثورتها بلا سبب فيسأل

" هل تريدين أن امنعكِ عن أهلكِ منى ؟! "

ضربت على المائدة تهتف بغضب ثم نهضت

" ليس منعاً .. لكن أنا أكون وحدي وأنت في عملك ويمكنني زيارة أهلي بأي وقت .. والمفترض أن ترغب أن أظل معك حتى تسافر "

فهم الأمر !.. امرأة وتريد سبباً للنكد والشجار في يومٍ فارغ !!
أبعد شريف طبقه ليعتدل على كرسيه متسائلا

" هل كنتِ تسألين لأنكِ تريدين أن أرفض ؟! "

صاحت منى بعصبية وقلبها يلهث نبضاً موجوعاً

" كنت اريد أن اشعر برغبتك في بقائي معك .. كنت اريد الشعور بحبك لي "

لا مجرد الواجب والذوق واللباقة وكل الكلمات المنمقة التي يعاملها بها ، أمام الناس هى الملكة !
زوجة الضابط المحترمة من الجميع ، أمام أهلها هى الفائزة بالجاه والسلطة اللامعة .. أما له .. فهى في تأدية الدور الأسمى .. زوجة لطيفة لبقة تهتم ببيتها ..
أما لها .. تحيا بالواجب وللواجب !.. حتى علاقته الأشد خصوصية معها تكون واجباً حاراً !

وقف شريف بلا فهم لما أصابها يتساءل

" ماذا هناك منى ؟!.. ما الداعي لكل هذا ؟! "

اتسعت عيناها وأعصابها تغلي شاعرة أن كل مشاعرها تُهدَر بلا جدوى فقبضت يداها على ثوبها تشعر بحسرته معها تسأل بصوته وصوت وجع المرأة فيها

" أنت لم تحبني شريف .. لماذا تزوجتني ؟ "

صمت شريف قليلا ينظر لها ببرود ثم قال بصوت فاتر قبل أن يذهب للحمام

" عيب يا منى هذا الكلام .. أنتِ ما زلتِ عروساً زفافكِ كان منذ عدة أشهر فقط "

جلست منى مائلة للأمام تستند برأسها على كفيها وما إن شعرت به يخرج قالت بأسى

" لماذا تزوجتني وقلبك مع غيري ؟.. بل وأخذتني لعقد قرانها أيضاً كأني بلا إحساس .. "

قاطعها شريف بصرامة غاضبة

" منى .. اغلقي هذا الموضوع "

وصلت لاخر احتمالها فرفعت وجهها وصرخت باكية

" هل يؤلمك لهذه الدرجة ؟ "

شعت عيناه نار جرح غائر لكرامته ورجولته خاصة والجميع يعلم الأمر فهتف مهتاجاً

" لا داعي لهذا الكلام .. أنا كنت واضحا معكم منذ البداية .. زواجنا زواج صالونات وحدث إيجاب وقبول وتم الأمر .. حافظي على بيتكِ إذاً وعيشي "

وقفت منى تنظر له بوجه بائس ممتقع لينخفض صوتها بقهر

" أعيش !.. قد يكون زواجنا بالنسبة إليك مجرد زواج مناسب من امرأة مناسبة .. لكن لا تنس أننا من نفس الحي وكنت اعرفك قبل أن تتقدم للزواج مني "

زفر شريف محوقلاً يخفض بصره أرضا كي لا يشعر بالذنب أمام حزن وجهها ويسمعها تقول بيأس منه

" كنت اسمع عنك من كل الناس .. من والدتك إذا زارت والدتي .. اسمع عن شهامتك ورجولتك وطيبتك .. وأراك وأنت عائد بملابسك العسكرية تدخل الحي بهيبة والكل يلتفت إليك "

رفع عينيه نحوها عاقدا حاجبيه بشدة يدرك ما أشعرها به ، ليعلم أن الأمر يتجاوز ذلك الصالون الذي جلس به يطلب فتاة مناسبة لمداواة جرح كرامته بعد دموع
تواصل منى بتلك النبرة المؤثرة

" لن تعلم فرحتي حين اخبرتني أمي أن الحاجة كوثر تطلب يدكِ لابنها شريف .. شعرت إني سأملك الدنيا برجل مثلك "

أنهت كلامها واتجهت للمائدة ترفع الأطباق إلي المطبخ وترتب كل شيء كما كان ، دموعها تنهمر حتى صارت لكل دمعة بصمة بكل مكان اثناء حركتها

جلس شريف متفاجئا باعترافها يتابعها بنظراته الغائمة وهى تشعره بشعور مر .. شعور ينال من رجولته مجددا

بعد وقت قصير أنهت أعمالها كالعادة على أكمل وجه ، وأحضرت صينية الشاي أمامه ككل يوم بإجازته ، وجلست على الأريكة بعيدا تشاهد التلفاز بذلك الصمت المعتاد بينهما

ظل شريف ينظر إليها ليدرك كم قصر نحوها .. هل كان ليجلس بعيداً عن دموع هكذا ؟!
هل كانت هذه المسافة ضمن إحساسه بدموع .. أم أن دموع سرقت كل مشاعره كبشر لتتركه كآلة حرب لا تفقه إلا الإمساك بالأسلحة والاستعداد للصواعق القتالية ؟!

أطلق نفساً طويلا لينهض ويجلس جوارها يمسك بيدها الرقيقة يراضيها برفق

" منى .. أنا لم اقصد أن أحزنكِ أو أغضبكِ .. أنتِ غالية على قلبي جداً .. غالية ولكِ مكانة وحدكِ عندي .. يكفي اهتمامكِ بي وببيتكِ "

عيناها ثابتة على التلفاز لكنه شعر ارتجاف يدها بكفه ليواصل

" صحيح أن أمي هى مَن رشحتكِ عروساً لي لكن يجب أن تعلمي إني اخترتكِ أنتِ من بين كل الاسماء التي ذكرتها أمي .. اخترتكِ بالاسم .. قلت لها ساطلب يد منى .. ولا غيرها "

أغمضت عينيها لحظة بألم ، ثم تشبثت بتلك الكف أكثر أملاً أن تمس مشاعره قائلة بهدوء

" أنا آسفة إني ضايقتك .. لكن رغماً عني .. لأني أحبك "

رغم صدق صوتها شعر ببعض الفتور به لتكون لحظة قراره .. أن يلحق حاضره خوفاً أن يضيع كأماني الماضي ، فإن عرف شيئا عن منى فهو أن لها قدرة احتمال عالية ، لكنها بالنهاية امرأة ذات مشاعر مرهفة وكرامة حرة
لمس خدها مبتسما ليقولها بنبرة عادية

" وأنا أيضاً أحبكِ "

لم تشعرها .. مجرد كلمة من حروف مجاملة .. ورغم ذلك ابتسمت وهى تجدها برداً وسلاماً على قلبها ، لتتأمل قسمات وجهه الخشنة التي تحبها .. من عينيه الجادتين وحتى شاربه المهذب

أمسك شريف بيدها الأخرى يقول بقناعة بتلك الابتسامة النادرة على وجهه

" واريدكِ أن تعلمي شيئا .. منذ تم نقلي إلي الوحدة العسكرية بسيناء .. وأنا كل إجازة اقضي الوقت مع أمي وإخوتي وأصحابي .. وأنتِ أيضاً .. لاني اعلم اني ساغادر الدنيا قريبا .. لذلك اترك ذكريات مع الجميع لتتذكروني بها "

اعتدلت منى لتقابله هاتفة بلهفة

" لا تقل هذا شريف "

رد بنبرة عاتبة راضية تتمنى بصدق

" بدلاً من أن تدعي لي أن يرزقني الله بالاستشهاد "

هتفت منى بضيق

" اصمت أرجوك .. أدامك الله لنا "

مسح بيديه على كتفيها يمازحها ضاحكا

" حسنا .. لا تذهبي إلي أمكِ اليوم .. هى سبب كل هذه المشاكل ! "

صمتت لحظات بنظرة خائفة مما قال فضمت بطنها بذراعها ثم قالت وهى تركز بملامحه

" شريف ... أنا حامل "

مرت لحظة .. وضغط على كتفيها بعينين متسعتين ذهولا من الخبر الذي تأخر لشهور ..
خبر يُعجز اللسان عن النطق بشدة الفرحة .. حتى تجمعت حروفه

" حقاً ؟.. هل تأكدتِ ؟ "

اومأت برأسها مبتسمة دامعة تشعر صدق فرحته وفجأة ضمها بقوة ليكرر بلا توقف

" الحمد لله "

لم تستطع رفع ذراعيها لتعانقه هذه المرة ، فقط تركت نفسها تستمتع لأول مرة بأضلعه وهى تنبض على صدرها .. ولم ترَ عينيه الدامعتين لكنها سمعت صوته المتحشرج تأثرا

" إن كان ولداً سنسميه منسي .. وإن كانت فتاة فاختاري أنتِ اسمها "

فاضت دموع منى خوفاً وأمنية .. لقد شعرت بقرب تلك الحقيقة

منسي .. وغلاء الاسم يحكي .. عن بطلٍ أدى الأمانة ونال الشهادة
حياً في قلب مصر ، وعلى رمال سيناء .. الشهيد ( أحمد منسي ) مَن يُذكَر اسمه بكل السطور ويستحق

تحيةٌ لكل الأبطال الواقفين في ظهر الوطن

تحيةٌ لكل الرجال الساهرين على مستقبل شعب

تحيةٌ لكل الشهداء الاحياء في جنان الخلد.







أغلق أكرم الملف على طاولة الاجتماعات في مكتب فؤاد ثم زفر باستياء ناظراً إلي فؤاد بعدائية .. رمقه فؤاد باستخفاف وبملامحه المتجمدة سأل ساخرا

" هل تأكدت من الأوراق يا ( باشمهندس ) أكرم ؟!.. تأكد فربما أكون سرقتكما ! "

نظرت ألماسة إليه وهى جالسة جوار أكرم بحلتها الزرقاء الداكنة في اجتماعهم الأول ، كما وعدها أوفى .. كانت لها عنده واحدة منذ أتم الصفقة السابقة وحده ، ووعدها أن تتم التالية في اجتماع عام قبل التعاقد

كان فؤاد ثابتاً مسترخياً بجلسته المعتادة .. يضع مرفقه على ذراع الكرسي ويستند بذقنه إلي يده بتلك النظرة المشتعلة دوماً .. مشتعلة عليها !

تشعرها طوال الوقت وهو ينظر إليها بحصار غريب وخانق .. كالآن !

لم يرد أكرم على ما قال بل قطع نظراتهما متسائلا ببرود

" المال سيوضع بحساب المجموعة أليس كذلك ؟ "

( هل شعرت يوماً حين ترى شخصاً أنك تراه كل مرة كأنها المرة الأولى ؟! )
تردد صوت عماد في عقله فجأة من حيث لا يدري ، جعل ملامحه تشتد وحاجبيه ينعقدان أكثر من طبيعتهما العابسة !

عيناه الحادة تراقب كل صادر منها بلا إرادة ليرد

" يجب أن تذهبا إلي البنك ليأخذ منكما صحة توقيع لكي تستطيعا التعامل مع حسابات المجموعة مثلي "

مال أكرم باتجاه ألماسة يسألها

" هل نذهب غدا ؟ "

ردت ألماسة بمنتهى الهدوء لأخيها

" بعد غد لأني سأذهب للجامعة غدا "

انقبضت يد فؤاد وهو ينقل بصره بينهما بنظرة مخيفة .. بعلاقة أخ وأخته أشعرته بالمزيد من النبذ الذي عاشه طوال حياته ، وشعور مثل .. مثل الغيرة !

ذلك الهدوء وتلك النظرة الساكنة التي تتحدث بها بأمان لأخيها .. وهو .. له كؤوس النار وتوابيت الحمم !

وقف أكرم يأخذ ملفه قائلا لها بلا اهتمام بفؤاد

" هيا "

رفعت وجهها إليه بابتسامة ناعمة تقول

" سآخذ مصاريف الجامعة واخرج "

وبرمشة عين منها انخطف نَفَس .. وارتجت نبضة !.. وتردد الصوت

( نفس اللهفة .. نفس الانبهار .. نفس التركيز بكل ما يقول ... أي كلمة مهما كانت بسيطة تشعر بأهميتها عندك )

لمس أكرم كتفها يسأل داعماً

" هل أظل معكِ ؟ "

فجأة علا صوت فؤاد العنيف بنبرة ساخرة

" هل سآكلها ؟! "

تجهم وجه أكرم بغضب وهو يلتفت نحوه ليضيف فؤاد بنبرة غريبة

" أختك ما شاء الله ... رجل ! "

رفعت ألماسة عينيها إليه بنظرة ما رآها منها يوماً .. طاعنة .. لتصحو النيران فائرة تحرق قلبه الذي صرخ صرخة واحدة .. تردد صداها حتى أعمق سراديب الظلام بروحه ...





انتهى

عذرا حبيباتي لعدم الرد على التعليقات السابقة وسوف يتم الرد عليها قبل الفصل القادم بإذن الله
دمتم في رعاية الرحمن


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 25-08-20, 12:26 AM   #1058

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,962
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

مسا الخيرات نزل الفصل اولسى

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-20, 12:28 AM   #1059

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 160 ( الأعضاء 63 والزوار 97)

ام زياد محمود, ‏rokkaa, ‏عبير سعد ام احمد, ‏أميرةالدموع, ‏نوور احمد, ‏شوشو العالم, ‏Um-ali, ‏ناي محمد, ‏Ektimal yasine, ‏MerasNihal, ‏houda4, ‏حسناء_, ‏تالن يوسف, ‏أمل و ترقب, ‏Hendalaa, ‏رغد فؤاد, ‏ماري ماري, ‏ايمان حمادة, ‏Rody Mohamed142, ‏Areej abdo, ‏Yasmin yousef, ‏رتوجججة, ‏Moon roro, ‏غرام العيون, ‏esraaalatar18, ‏نعيما, ‏همس البدر, ‏وردة الفرح, ‏asaraaa, ‏Waafa, ‏فديت الشامة, ‏عاشقة الحرف, ‏Solly m, ‏temoony, ‏ام سليم المراعبه, ‏Meem*, ‏rokaya, ‏ام جواد+, ‏Lazy4x, ‏رسوو1435, ‏awttare, ‏سوووما العسولة, ‏Omanas essam, ‏almoucha, ‏Jinan_awad, ‏رهف أوس, ‏رينو اسامة, ‏ريماسامى, ‏As.S, ‏Alanoud., ‏رواني♥, ‏mango20103, ‏nonyram1, ‏farah mum, ‏طوطه, ‏Just give me a reason, ‏Esha, ‏nada mbrk, ‏Nidal Bayrakdar, ‏دمعة شاردة


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 25-08-20, 12:37 AM   #1060

نوال ياسين

? العضوٌ??? » 450734
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 236
?  نُقآطِيْ » نوال ياسين is on a distinguished road
افتراضي

مسا الخير لاحلى كاتبة

نوال ياسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.